مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط

مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط
/ / / / / / /

Translate

السبت، 11 فبراير 2023

ج17.وج18.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثورعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

ج17.وج18.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثورعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الآية 61.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {إذ تفيضون فيه} قال : إذ تفعلون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما يعزب} قال : ما يغيب.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة} قال : لا يغيب عنه وزن ذرة {ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} قال : هو الكتاب الذي عند الله.
الآيات 62 - 63
أخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب قال : قال الحواريون : يا عيسى من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال عيسى عليه السلام : الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها وأماتوا

منها ما يخشون أن يميتهم وتركوا ما علموا أن سيتركهم فصار استكثارهم منها استقلالا وذكرهم إياها فواتا وفرحهم بما أصابوا منها حزنا وما عارضهم من نائلها رفضوه وما عارضهم من رفعتها بغير الحق وضعوه خلقت الدنيا عندهم فليس يجددونها وخربت بينهم فليس يعمرونها وماتت في صدورهم فليس يحبونها يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ويرفضونها فكانوا برفضها هم الفرحين وباعوها فكانوا ببيعها هم المربحين ونظروا إلى أهلها صرعى قد خلت فيهم المثلات فأحبوا ذكر الموت وتركوا ذكر الحياة يحبون الله تعالى ويستضيئون بنوره ويضيئون به لهم خبر عجيب وعندهم الخبر العجيب بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا وبهم علم الكتاب وبه علموا وليس يرون نائلا مع ما نالوا ولا أماني دون ما يرجون ولا خوفا دون ما يحذرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قيل : من هم يارب ؟ قال : (الذين أمنوا وكانوا يتقون)

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله : (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) قال : هم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا وموقوفا {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال هم الذين إذا رؤوا يذكر الله لرؤيتهم.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال يذكر الله لرؤيتهم.
وأخرج ابن المبارك والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله من أولياء الله قال الذين إذا رؤوا ذكر الله

وأخرج أبو الشيخ من طريق مسعر عن سهل بن الأسد رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله قال الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج ابن مردويه من طريق مسعر بن بكر بن الأخنس عن سعد رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله قال الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى رضي الله عنه في قوله {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال : هم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة والحكيم الترمذي ، وَابن مردويه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخياركم قالوا : بلى ، قال : خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة بقربهم ومجلسهم منه فجثا أعرابي على ركبيته فقال : يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا ، قال : قوم من أفناء الناس من نزاع القبائل تصادقوا في الله وتحابوا في الله يضع الله لهم

يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم يخاف الناس ولا يخافون هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحق للعبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله تعالى فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاء من الله وإن أوليائي من عبادي وأحبأئي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه يبلغ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله وشر عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون البرآء العنت.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خياركم من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقه ورغبكم في الآخرة عمله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل : يا رسول الله أي

جلسائنا خير قال : من ذكركم الله رؤيته وزاد في أعمالكم منطقه وذكركم الآخرة عمله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله أينا
أفضل كي نتخذه جليسا معلما قال : الذي إذا رئي ذكر الله برؤيته.
وأخرج أبو داود وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله ناسا يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل : من هم يا رسول الله قال : قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب لا يفزعون إذا فزع الناس ولا يحزنون إذا حزنوا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله ، قيل : من هم يا رسول الله قال : قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب

وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله ، قال أعرابي يا رسول الله انعتهم لنا ، قال : هم أناس من أبناء الناس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافوا في الله يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها يفزع الناس ولا هم يفزعون وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتجالسين في الذين يعمرون مساجدي بذكري ويعلمون الناس الخير ويدعونهم إلى طاعتي أولئك أوليائي الذين أظلهم في ظل عرشي وأسكنهم في جواري وآمنهم من عذابي وأدخلهم الجنة قبل الناس

بخمسمائة عام يتنعمون فيها وهم فيها خالدون ثم قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال الذين يتحابون في الله.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال هم الذين يتحابون في الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي مسلم رضي الله عنه قال : لقيت معاذ بن جبل رضي الله عنه بحمص فقلت : والله إني لأحبك لله ، قال : أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم لمكانهم النبيون والشهداء ثم خرجت فلقيت عبادة بن الصامت رضي الله عنه فحدثته بالذي قال معاذ فقال عبادة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه عز وجل أنه قال : حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون

وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن مسعود رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للمتحابين في الله تعالى عمودا من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة يضيء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا يقول بعضهم لبعض : انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله فإذا أشرفوا عليها أضاء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا عليهم ثياب خضر من سندس مكتوب على جباههم هؤلاء المتحابون في الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط رضي الله عنه أنبئت أن عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - قوما على منابر من نور وجوههم نور عليهم ثياب خضر تغشي أبصار الناظرين رؤيتهم ليسوا بأنبياء ولا شهداء قوم تحابوا في جلال الله حين عصي الله في الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة عن العلاء بن زياد رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال عباد من عباد الله ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة يقربهم من الله على منابر من نور يقول الأنبياء والشهداء : من هؤلاء فيقول : هؤلاء كانوا يتحابون في الله على غير أموال يتعاطونها ولا أرحام كانت بينهم

وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المتحابين لنرى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي فيقال : من هؤلاء فيقال : المتحابون في الله تعالى.
الآية 64.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر قال : سألت أبا الدرداء رضي الله عنه عن قول الله تعالى {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} فقال : ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت ، هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له فهي بشراه في الحياة الدنيا وبشراه في الآخرة الجنة.
وأخرج الطيالسي وأحمد والدارمي والترمذي ، وَابن ماجة والهيثم بن كليب الشامي والحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله {لهم البشرى في الحياة

الدنيا} قال هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال الرؤيا الصالحة يبشر بها المؤمن وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة فمن رأى ذلك فليخبر بها وادا ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليحزنه فلينفث عن يساره ثلاثا وليسكت ولا يخبر بها أحدا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له وفي الآخرة الجنة.
وأخرج ابن سعد والبزار ، وَابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق من طريق الكلبي عن أبي صالح ، عَن جَابر بن عبد الله بن رباب وليس بالأنصاري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو الشيخ ، وَابن مردويه وأبو القاسم بن منده في كتاب سؤال القبر من طريق أبي جعفر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أتى رجل من أهل البادية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله {الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} فهي الرؤيا الحسنة ترى للمؤمن فيبشر بها في دنياه وأما قوله {وفي الآخرة} فإنها بشارة المؤمن عند الموت إن الله قد غفر لك ولمن حملك إلى قبرك.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي سفيان ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال ما سألني عنها أحد : هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له وفي الآخرة الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال : هي الرؤيا الحسنة يراها المسلم لنفسه أو لبعض إخوانه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي

وابن ماجة ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كشف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الستارة في مرضه الذي مات فيه والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه فقال : إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وَابن مردويه عن أبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبوة بعدي إلا بالمبشرات ، قيل يا رسول الله : وما المبشرات قال : الرؤيا الصالحة.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي وبقيت المبشرات رؤيا المسلم الحسنة يراها المسلم أو ترى له.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرسالة والنبوة قد انقطعتا فلا رسول بعدي ولا نبي ولكن المبشرات ، قالوا : يا رسول الله وما المبشرات قال : رؤيا المسلم هي جزء من أجزاء النبوة

وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة بشرى من الله وهي جزء من أجزاء النبوة.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يبقى بعدي شيء من النبوة إلا المبشرات ، قالوا : يا رسول الله وما المبشرات قال : الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له.
وأخرج ابن ماجة ، وَابن جَرِير عن أم كند الكعبية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذهبت النبوة وبقيت المبشرات.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاث ، فالرؤيا الصالحة بشرى من الله والرؤيا مما تحزن الشيطان والرؤيا مما يحدث بها الرجل نفسه وإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم وليتفل ولا يحدث به الناس وأحب القيد في النوم وأكره الغل القيد ثبات في الدين ، ولفظ ابن ماجة : فإذا رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقصها إن شاء وإن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم يصلي.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : رؤيا المؤمن جزء من

ستة وأربعين جزءا من النبوة.
وأخرج البخاري والترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها
وليحدث بها وإذا رأى غيره مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا ، ولفظ ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة : جزء من سبعين جزءا من النبوة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم يبق

من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات قال : الرؤيا الصالحة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : الرؤيا من المبشرات وهي جزء من سبعين جزءا من النبوة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال : هي الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال : هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه عن حميد بن عبد الله رضي الله عنه ، أن رجلا سأل عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} فقال عبادة رضي الله عنه : سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له وهو كلام يكلم به ربك عبده في المنام.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أنه كان يقول : إذا أصبح من رأى رؤيا صالحة فليحدثنا بها لأن يرى لي رجل مسلم أسبغ وضوءه رؤيا صالحة أحب إلي من كذا وكذا

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، وَابن ماجة عن أبي رزين رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها فإذا حدث بها وقعت.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن أبي قتادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرؤيا من الله والحلم من الشيطان فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات ثم ليستعذ بالله من الشيطان فإنها لا تضره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا على ثلاثة ، تخويف من الشيطان ليحزن به ابن آدم ومنه الأمر يحدث به نفسه في اليقظة فيراه في المنام ومنه جزء من ستة وأربعين جزءا النبوة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سمير بن أبي واصل رضي الله عنه

قال : كان يقال : إذا أراد الله بعبده خيرا عاتبه في نومه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال : هو قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) (الأحزاب الآية 47).
وأخرج ابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : آيتان يبشر بهما المؤمن عند موته {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وقوله (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) (فصلت الآية 30).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في ذكر الموت ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو القاسم بن منده في كتاب سؤال القبر عن الضحاك في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال : يعلم أين هو قبل أن يموت.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الزهري وقتادة رضي الله عنه في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قالا : البشارة عند الموت.
وأخرج ابن جرير والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن نافع رضي الله عنه قال : خطب الحجاج فقال : إن ابن الزبير بدل كتاب الله ، فقال ابن عمر رضي الله عنهما : لا

تستطيع ذلك أنت ولا ابن الزبير {لا تبديل لكلمات الله}.
الآيات 65 - 66.
أَخرَج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما لم ينتفعوا بما جاءهم من الله وأقاموا على كفرهم كبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء من الله فيما يعاتبه {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم} يسمع ما يقولون ويعلمه فلو شاء بعزته لانتصر عليهم.
الآيات 67 - 70.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والنهار مبصرا} قال : منيرا.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن عندكم من سلطان بهذا} يقول ما عندكم من سلطان بهذا.
الآيات 71 - 74
أخرج ابن أبي حاتم عن الأعرج رضي الله عنه في قوله {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} يقول : فاحكموا أمركم وادعوا شركاءكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} أي فلتجمعوا أمرهم معكم

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثم لا يكن أمركم عليكم غمة} قال : لا يكبر عليكم أمركم ثم اقضوا ما أنتم قاضون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ثم اقضوا إلي} قال : انهضوا إلي {ولا تنظرون} يقول : ولا تؤخرون.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {ثم اقضوا إلي} قال : ما في أنفسكم.
الآيات 75 - 82
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لتلفتنا} قال : لتلوينا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {لتلفتنا} قال : لتصدنا عن آلهتنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتكون لكما الكبرياء في الأرض} قال : العظمة والملك والسلطان

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم رضي الله عنه قال : بلغني أن هذه الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى يقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور الآية التي في يونس {فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله} إلى قوله {ولو كره المجرمون} وقوله (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) (الأعراف الآية 118) إلى آخر أربع آيات وقوله (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) (طه الآية 69).
وأخرج ابن المنذر عن هرون رضي الله عنه قال : في حروف أبي بن كعب ما أتيتم به سحر وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه ما جئتم به سحر.
الآيات 83 – 86
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فما آمن لموسى إلا ذرية} قال : الذرية القليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ذرية من قومه} قال : من بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه} قال : أولاد الذين أرسل إليهم موسى من طول الزمان ومات آباؤهم

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الذرية التي آمنت بموسى من أناس بني إسرائيل من قوم فرعون منهم امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون وخازن فرعون وامرأة خازنه.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ونعيم بن حماد في الفتن وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين} قال : لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين} قال : لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك فيقول قوم فرعون : لو كانوا على الحق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم فيفتنون بنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي قلابة رضي الله عنه في قول موسى عليه السلام {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين} قال : سأل ربه أن لا يظهر علينا عدونا فيحسبون أنهم أولى بالعدل فيفتنون بذلك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين} قال : لا تظهرهم علينا فيروا أنهم

خير منا.
الآية 87.
أَخرَج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا} قال : ذلك حين منعهم فرعون الصلاة وأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم وأن يوجهوها نحو القبلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا} قال : مصر الإسكندرية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال : كانوا لا يصلون إلا في البيع حتى خافوا من آل فرعون فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال : أمروا أن يتخذوا في بيوتهم مساجد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا يفرقون من فرعون وقومه أن يصلوا فقال {واجعلوا بيوتكم قبلة} ، قال : قبل الكعبة وذكر أن آدم عليه السلام فمن بعده كانوا يصلون قبل الكعبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال : يقابل بعضها بعضا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي رافع رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خطب فقال : إن الله أمر موسى وهرون أن يتبوآ لقومهما بيوتا وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقربوا فيه النساء إلا هرون وذريته ولا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجدي هذا ولا يبيت فيه جنب إلا علي وذريته.
الآية 88
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} يقول : دمر على أموالهم وأهلكها {واشدد على قلوبهم} قال : إطبع {فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} وهو الغرق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب

القرظي رضي الله عنه قال : سألني عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن قوله {ربنا اطمس على أموالهم} فأخبرته أن الله طمس على أموال فرعون وآل فرعون حتى صارت حجارة ، فقال عمر : كما أنت حتى آتيك ، فدعا بكيس مختوم ففكه فإذا فيه الفضة مقطوعة كأنها الحجارة والدنانير والدراهم وأشباه ذلك من الأموال حجارة كلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اطمس على أموالهم} قال : أهلكها {واشدد على قلوبهم} قال : بالضلالة {فلا يؤمنوا} بالله فيما يرون من الآيات {حتى يروا العذاب الأليم}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال : بلغنا أن زروعهم وأموالهم تحولت حجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال : صارت دنانيرهم ودراهمهم ونحاسهم وحديدهم حجارة منقوشة {واشدد على قلوبهم} يقول : أهلكهم كفارا.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم}

قال : صارت حجارة.
وأخرج أبو الشيخ عن القرظي رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال : اجعل سكرهم حجارة.
الآية 89.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قد أجيبت دعوتكما ، قال : فاستجاب ربه له وحال بين فرعون وبين الإيمان.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان موسى عليه السلام إذا دعا أمن هرون على دعائه يقول : آمين ، قال أبو هريرة رضي الله عنه : وهو اسم من أسماء الله تعالى فذلك قوله {قد أجيبت دعوتكما}.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد أجيبت دعوتكما} قال : دعا موسى عليه السلام وأمن هرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان موسى عليه السلام يدعو ويؤمن هرون عليه السلام فذلك قوله {قد أجيبت دعوتكما}.
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : كان موسى يدعو وهرون يؤمن والداعي والمؤمن شريكان

وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : دعا موسى وأمن هرون.
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح وأبي العالية والربيع مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال : كان هرون عليه السلام يقول : آمين ، فقال الله {قد أجيبت دعوتكما} فصار التأمين دعوة صار شريكه فيها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يزعمون أن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ، مثله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قال قد أجيبت دعوتكما} قال : بعد أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه {فاستقيما} فامضيا لأمري وهي الاستقامة.
الآيات 90 - 91.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : العدو والعلو والعتو في كتاب الله

تجبر.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما خرج آخر أصحاب موسى ودخل آخر أصحاب فرعون أوحي إلى البحر أن أطبق عليهم فخرجت أصبع فرعون بلا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، قال جبريل عليه السلام : فعرفت أن الرب رحيم وخفت أن تدركه الرحمة فدمسته بجناحي وقلت {آلآن وقد عصيت قبل} فلما خرج موسى وأصحابه قال : من تخلف في المدائن من قوم فرعون ما غرق فرعون ولا أصحابه ولكنهم في جزائر البحر يتصيدون فأوحي إلى البحر أن الفظ فرعون عريانا فلفظه عريانا أصلع أخنس قصيرا فهو قوله {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} لمن قال : إن فرعون لم يغرق وكانت نجاته عبرة لم تكن نجاة عافية ثم أوحي إلى البحر أن الفظ ما فيك فلفظهم على الساحل وكان البحر لا يلفظ غريقا يبقى في بطنه حتى يأكله السمك فليس يقبل البحر غريقا إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أغرق الله عز وجل فرعون {قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال لي جبريل : يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة.
وأخرج الطيالسي والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في في فرعون مخافة أن تدركه الرحمة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام قال : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه حتى لا يتابع الدعاء لما أعلم من فضل رحمة الله.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال

قال لي جبريل : ما كان على الأرض شيء أبغض إلي من فرعون فلما آمن جعلت أحشو فاه حمأة وأنا أغطه خشية أن تدركه الرحمة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل : يا محمد لو رأيتني وأنا أغط فرعون بإحدى يدي وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه الرحمة فيغفر له.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال لي جبريل : ما غضب ربك على أحد غضبه على فرعون إذ قال (ما علمت لكم من إله غيري) (القصص الآية 38) (وإذ قال أنا ربكم الأعلى) (النازعات الآية 24) فلما أدركه الغرق استغاث وأقبلت أحشو فاه مخافة أن تدركه الرحمة.
أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كانت عمامة جبريل عليه السلام يوم غرق فرعون سوداء.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل : ما أبغضت شيئا من خلق الله ما أبغضت إبليس يوم أمر بالسجود فأبى أن يسجد وما أبغضت شيئا أشد بغضا من فرعون فلما كان يوم الغرق خفت أن

يعتصم بكلمة الإخلاص فينجو فأخذت قبضة من حمأة فضربت بها في فيه فوجدت الله عليه أشد غضبا مني فأمر ميكائيل فأنبه وقال {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : بعث الله إليه ميكائيل ليعيره فقال {آلآن وقد عصيت قبل}.
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : أخبرت أن فرعون كان أثرم.
الآية 92
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : أنجى الله فرعون لبني إسرائيل من البحر فنظروا إليه بعدما غرق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : بجسدك كذب بعض بني إسرائيل بموت فرعون فألقي على ساحل البحر حتى يراه بنو إسرائيل أحمر قصيرا كأنه ثور

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي الله عنه {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : جسده ألقاه البحر على الساحل.
وأخرج ابن الأنباري عن محمد بن كعب رضي الله عنه {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : بدرعك وكانت درعه من لؤلؤ يلاقي فيه الحروب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صخر رضي الله عنه {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : البدن الدرع الحديد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جهيم موسى بن سالم رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : كان لفرعون شيء يلبسه يقال له البدن يتلألأ.
وأخرج ابن الأنباري وأبو الشيخ عن يونس بن حبيب النحوي رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال : نجعلك على نجوة من الأرض كي ينظروا فيعرفوا أنك قد مت.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} الآية ، قال : لما أغرق الله فرعون لم تصدق طائفة من الناس بذلك فأخرجه الله ليكون عظة وآية

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لتكون لمن خلفك آية} قال : لبني إسرائيل.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود أنه قرأ فاليوم ننجيك بندائك.
وأخرج ابن الأنباري عن محمد بن السميقع اليماني ويزيد البربري أنهما قرآ فاليوم ننحيك ببدنك بحاء غير معجمه.
الآية 93.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه في وقه {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق} قال : بؤأهم الله الشام وبيت المقدس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في وقوله {مبوأ صدق} قال : منازل صدق مصر والشام

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {فما اختلفوا حتى جاءهم العلم} قال : العلم كتاب الله الذي أنزله وأمره الذي أمرهم به.
الآيات 94 - 95.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال : لم يشك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسأل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا أشك ولا أسأل.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال : التوراة
والإنجيل الذين أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فآمنوا به يقول : سلهم إن كنت في شك بأنك مكتوب عندهم.
وأخرج أبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سماك الحنفي قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما إني أجد في نفسي ما لا أستطيع أن أتكلم به

فقال : شك قلت : نعم ، قال : ما نجا من هذا أحد حتى نزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} الآية ، فإذا أحسست أو وجدت من ذلك شيئا فقل (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) (الحديد الآية 3).
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الحسن رضي الله عنه قال : خمسة أحرف في القرآن (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) (إبراهيم الآية 26) معناه وما كان مكرهم لتزول منه الجبال (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) (الأنبياء الآية 17) معناه ما كنا فاعلين (قل إن كان للرحمن ولد) (الزخرف الآية 81) معناه ما كان للرحمن ولد (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) (الأحقاف الآية 26) معناه في الذين ما مكناكم فيه {فإن كنت في شك مما أنزلنا} معناه فما كنت في شك.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله {فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال : سؤالك إياهم نظرك في كتابي كقولك : سل عن آل المهلب دورهم.
الآيات 96 - 97.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون}

قال : حق عليهم سخط الله بما عصوه.
الآيات 98 - 99.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : بلغني أن في حرف ابن مسعود رضي الله عنه فهلا كانت قرية آمنت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {فلولا كانت قرية آمنت} يقول : فما كانت قرية آمنت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه قال : كل ما في القرآن فلولا فهو فهلا إلا في حرفين في يونس {فلولا كانت قرية آمنت} والآخر (فلولا كان من القرون من قبلكم) (هود الآية 116).
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلولا كانت قرية آمنت} قال : فلم تكن قرية آمنت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {فلولا كانت قرية آمنت} الآية ، يقول : لم يكن هذا في الأمم قبل قوم يونس لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين عاينت العذاب إلا قوم يونس عليه السلام فاستثنى الله قوم يونس وذكر لنا أن قوم يونس كانوا بنينوى من أرض الموصل فلما

فقدوا نبيهم عليه السلام قذف الله تعالى في قلوبهم التوبة فلبسوا المسوح وأخرجوا المواشي وفرقوا بين كل بهيمة وولدها فعجوا إلى الله أربعين صباحا فلما عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف عنهم العذاب بعد ما تدلى عليهم لم يكن بينهم وبين العذاب إلا ميل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلولا كانت قرية آمنت} الآية ، قال : لم تكن قرية آمنت فنفعها الإيمان إذا نزل بها بأس الله ، إلا قرية : يونس.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال في قوله {إلا قوم يونس لما آمنوا} قال : لما دعوا.
وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن الحذر لا يرد القدر وإن الدعاء يرد القدر وذلك في كتاب الله : {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي}.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الدعاء ليرد القضاء وقد نزل من السماء اقرأوا إن شئتم {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم} فدعوا صرف عنهم العذاب

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن يونس دعا قومه فلما أبوا أن يجيبوه وعدهم العذاب فقال : إنه يأتيكم يوم كذا وكذا ، ثم خرج عنهم - وكانت الأنبياء عليهم السلام إذا وعدت قومها العذاب خرجت - فلما أظلهم العذاب خرجوا ففرقوا بين المرأة وولدها وبين السخلة وأولادها وخرجوا يعجبون إلى الله علم الله منهم الصدق فتاب عليهم وصرف عنهم العذاب وقعد يونس في الطريق يسأل عن الخبر فمر به رجل فقال : ما فعل قوم يونس فحدثه بما صنعوا فقال : لا أرجع إلى قوم قد كذبتهم ، وانطلق مغاضبا يعني مراغما.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن العذاب كان هبط على قوم يونس حتى لم يكن بينهم وبينه إلا قدر ثلثي ميل فلما دعوا كشف الله عنهم.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : غشي قوم يونس العذاب كما يغشى القبر بالثوب إذا أدخل فيه صاحبه وأمطرت السماء دما.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إلا قوم يونس لما آمنوا} قال : بلغنا أنهم خرجوا فنزلوا على تل وفرقوا

بين كل بهيمة وولدها فدعو الله أربعين ليلة حتى تاب عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال : تيب على قوم يونس عليه السلام يوم عاشوراء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : بعث يونس عليه السلام إلى قرية يقال لها نينوى على شاطئ دجلة.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي الخلد رضي الله عنه قال : لما غشي قوم يونس عليه السلام العذاب مشوا إلى شيخ من بقية علمائهم فقالوا له : ما ترى قال : قولوا يا حي حين لا حي ويا حي محيي الموت ويا حي لا إله إلا أنت ، فقالوا فكشف عنهم العذاب.
وأخرج ابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينجي حذر من قدر وإن الدعاء يدفع من البلاء وقد قال الله في كتابه {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين}.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما دعا يونس على قومه أوحى الله إليه أن العذاب مصبحهم ، فقالوا : ما كذب يونس وليصبحنا العذاب فتعالوا حتى نخرج سخال كل شيء فنجعلها مع أولادنا فلعل الله أن يرحمهم

فأخرجوا النساء معهن الولدان وأخرجوا الإبل معها فصلانها وأخرجوا البقر معها عجاجيلها وأخرجو الغنم معها سخالها فجعلوه أمامهم وأقبل العذاب فلما أن رأوه جأروا إلى الله ودعوا وبكى النساء والولدان ورغت الإبل وفصلانها وخارت البقر وعجاجيلها وثغت الغنم وسخالها فرحمهم الله فصرف عنهم العذاب إلى جبال آمد فهم يعذبون حتى الساعة.
الآيات 100 – 106
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ويجعل الرجس} قال : السخط.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {ويجعل الرجس} قال : الرجس الشيطان والرجس العذاب.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {وما تغني الآيات والنذر عن قوم} يقول : عند قوم لا يؤمنون نسخت قوله (حكمة بالغة فما تغني النذر) (القمر الآية 5).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم} قال : وقائع الله في الذين

خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في قوله {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين} قال : خوفهم الله عذابه ونقمته وعقوبته ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر نجى الله رسله والذين آمنوا فقال {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا}.
الآية 107.
أَخرَج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {وإن يردك بخير} يقول : بعافية.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : ثلاث آيات وجدتها في كتاب الله تعالى اكتفيت بها عن جميع الخلائق قوله {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عامر بن قيس رضي الله عنه قال : ثلاث آيات في كتاب الله اكتفيت بهن عن جميع الخلائق : أولهن {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله} والثانية (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له) (فاطر الآية 2) والثالثة (وما من دابة في الأرض إلا على الله

رزقها) (هود الآية 6).
وأخرج أبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اطلبوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله تعالى فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوه أن يستر عوراتكم ويؤمن من روعاتكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفا ، مثله سواء.
الآيات 108 - 109.
أَخرَج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قد جاءكم الحق من ربكم} و{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله} يونس الآية 107 هو الحق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {واصبر حتى يحكم الله} قال : هذا منسوخ أمره بجهادهم والغلظة عليهم .

المجلد الثامن

* مقدمة سورة هود.
أَخرَج النحاس في تاريخه وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة هود بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت سورة هود بمكة.
وأخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا هود يوم الجمعة.
وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب ، قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتسألون وإذا الشمس كورت.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه من طريق أنس رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :

قلت : يا رسول الله عجل إليك الشيب ، قال : شيبتني هود وأخواتها والواقعة والحاقة وعم يتسألون وهل أتاك حديث الغاشية.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه ، أنه قال : ما شيب رأسك يا رسول الله قال : هود وأخوانها شيبتني قبل الشيب ، قال : وما أخواتها قال : إذا وقعت الواقعة وعم يتسألون وإذا الشمس كورت.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد عجل إليك الشيب ، قال : شيبتني هود وأخواتها من المفصل.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر من طريق يزيد الرقاشي عن أنس رضي الله عنه قال : قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله أسرع إليك الشيب ، قال : أجل شيبتني هود وأخواتها : الواقعة والقارعة والحاقة وإذا الشمس كورت وسأل سائل.
وأخرج ابن عساكر من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، سمعت أنسا يقول : قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله شبت ، قال : شيبتني هود والواقعة

وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله قد شبت ، قال : شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتسألون وإذا الشمس كورت وأخرجه سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عكرمة مرسلا.
وأخرج ابن عساكر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب ، قال : أجل شيبتني هود وأخواتها ، قال عطاء رضي الله عنه : أخواتها : اقتربت الساعة والمرسلات وإذا الشمس كورت.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله أسرع إليك الشيب قال : شيبتني هود وأخواتها الواقعة وعم يتسألون وإذا الشمس كورت.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قلت

يا رسول الله لقد شبت قال : شيبتنش هود والواقعة وعم يتسألون وإذا الشمس كورت.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن أبا بكر رضي الله عنه قال : يا رسول الله ما شيبك قال : هود والواقعة.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أن رجلا قال : يا رسول الله قد شبت ، قال : شيبتني هود وأخواتها.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شيبتني هود وأخواتها : الواقعة والحاقة وإذا الشمس كورت.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : قد شبت ، قال : شيبتني هود وإذا الشمس كورت وأخواتهما.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله نراك قد شبت ، قال : شيبتني هود وأخواتها

وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن عمران بن حصين رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه : قد أسرع إليك الشيب ، قال : شيبتني هود وأخواتها من الفصل.
وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبلي.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : شيبتني هود وأخواتها وذكر يوم القيامة وقصص الأمم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي علي السري رضي الله عنه قال : رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله روي عنك أنك قلت : شيبتني هود ، قال : نعم ، فقلت : ما الذي شيبك منه قصص الأنبياء وهلاك الأمم قال : لا ولكن قوله (فاستقم كما أمرت) (هود الآية 112).
بسم الله الرحمن الرحيم * (11)- سورة هود.
مكية وآياتها ثلاث وعشرون ومائة.
الآيات 1 - 4

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه أنه قرأ {الر كتاب أحكمت آياته} قال : هي كلها مكية محكمة يعني سورة هود {ثم فصلت} قال : ثم ذكر محمدا صلى الله عليه وسلم فحكم فيها بينه وبين من خالفه وقرأ مثل الفريقين الآية كلها ثم ذكر قوم نوح ثم قوم هود فكان هذا تفصيل ذلك وكان أوله محكما ، قال : وكان أبي رضي الله عنه يقول ذلك : يعني زيد بن أسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت} قال : أحكمت بالأمر والنهي وفصلت بالوعد والوعيد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم فصلت} قال : فسرت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت} قال : أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بعلمه فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته وفي قوله {من لدن حكيم} يعني من عند حكيم ، وفي قوله {يمتعكم متاعا حسنا} قال : فأنتم في ذلك المتاع فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه فإن الله منعم يحب الشاكرين وأهل الشكر في مزيد من الله وذلك قضاؤه الذي قضى وفي قوله {إلى أجل مسمى} يعني الموت وفي قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} أي في الآخرة

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} قال : ما احتسب به من ماله أو عمل بيديه أو رجليه أو كلامه أو ما تطول به من أمره كله.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذت من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
الآية 5.
أَخرَج البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طريق محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قرأ {ألا إنهم يثنون صدورهم} وقال أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه من طريق عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : قرأ ابن

عباس رضي الله عنهما ألا إنهم تثنوا في صدورهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول ألا إنهم تثنوا في صدورهم قال : كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ألا إنهم يثنون صدورهم} قال : الشك في الله وعمل السيئات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن شداد بن الهاد رضي الله عنه في قوله {ألا إنهم يثنون صدورهم} قال : كان المنافقون إذا مر أحدهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وتغشى ثوبه لكيلا يراه فنزلت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يثنون صدورهم} قال : تضيق شكا وامتراء في الحق {ليستخفوا منه} قال : من الله إن استطاعوا

وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ألا حين يستغشون ثيابهم} قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي رزين رضي الله عنه في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشي بثوبه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه
في الآية قال : كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله ، قال تعالى {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون} وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا حنى ظهره واستغشى بثوبه وأضمر همه في نفسه فإن الله لا يخفي ذلك عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ألا إنهم يثنون صدورهم} يقول : يكتمون ما في قلوبهم {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم} ما علموا بالليل والنهار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله {يثنون صدورهم} يقول : يطأطئون رؤوسهم ويحنون ظهورهم.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله {ألا حين يستغشون

ثيابهم} قال : في ظلمة وظلمة اللحاف.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ألا إنهم يثنون صدورهم} قال : يكبون {ألا حين يستغشون ثيابهم} قال : يغطون رؤوسهم.
الآية 6.
أَخرَج أبو الشيخ عن أبي الخير البصري رضي الله عنه قال : أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : تزعم أنك تحبني وتسيء بي الظن صباحا ومساء أما كانت لك عبرة إن شققت سبع أرضين فأريتك ذرة في فيها برة لم أنسها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} يعني كل دابة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} يعني ما جاءها من رزق فمن الله وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا ولكن ما كان لها من رزق فمن الله

وأخرج الحكيم الترمذي عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن الأشعريين أبا موسى وأبا مالك وأبا عامر في نفر منهم لما هاجروا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أرملوا من الزاد فأرسلوا رجلا منهم إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسأله فلما انتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه يقرأ هذه الآية {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} فقال الرجل : ما الأشعريون بأهون الدواب على الله ، فرجع ولم يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابه : أبشروا أتاكم الغوث ولا يظنون إلا أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعده فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجلان يحملان قصعة بينهما مملؤة خبزا ولحما فأكلوا منها ما شاؤوا ثم قال بعضهم لبعض : لو أنا رددنا هذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي به حاجته فقالا للرجلين : اذهبا بهذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا قضينا حاجتنا ثم إنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ما رأينا طعاما أكثر ولا أطيب من طعام أرسلت به ، قال : ما أرسلت إليكم طعاما فأخبروه أنهم أرسلوا صاحبهم ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما صنع وما قال لهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك شيء رزقكموه الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ

عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ويعلم مستقرها} قال : حيث تأوي {ومستودعها} قال : حيث تموت.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال : مستقرها بالليل ومستودعها حيث تموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ويعلم {مستقرها} قال : يأتيها رزقها حيث كانت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ويعلم مستقرها ومستودعها} قال : مستقرها في الأرحام ومستودعها حيث تموت.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني.
الآية 7

أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال أهل اليمن : يا رسول الله أخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان قال : كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء وخلق السموات والأرض فنادى مناد : ذهبت ناقتك يا ابن الحصين فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب فوالله لوددت أني كنت تركتها.
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال : كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء قال الترمذي رضي الله عنه : العماء : أي ليس معه شيء.
وأخرج مسلم والترمذي والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والحاكم ، وَابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : دخل قوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : جئنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتفقه في الدين ونسأله عن بدء هذا الأمر ، فقال : كان الله ولا شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق سبع سموات ثم أتاني آت فقال : هذه ناقتك قد ذهبت ، فخرجت والسراب ينقطع دونها فلوددت أني كنت تركتها.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله
عنهما ، أنه سئل عن قوله تعالى {وكان عرشه على الماء} على أي شيء كان قال : على متن الريح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وكان عرشه على الماء} قال : قبل أن يخلق شيئا

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كان عرشه على الماء فلما خلق السموات والأرض قسم ذلك الماء قسمين فجعل صفاء تحت العرش وهو البحر المسجور فلا تقطر منه قطرة حتى ينفخ في الصور فينزل منه مثل الطل فتنبت منه الأجسام وجعل النصف الآخر تحت الأرض السفلى.
وأخرج داود بن المحبر في كتاب العقل ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم في كتاب التاريخ ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} فقلت : ما معنى ذلك يا رسول الله قال : ليبلوكم أيكم أحسن عقلا ثم قال : وأحسنكم عقلا أورعكم عن محارم الله وأعلمكم بطاعة الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {ليبلوكم} قال : يعني الثقلين

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ليبلوكم} قال : ليختبركم {أيكم أحسن عملا} قال : أيكم أتم عقلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} قال : أزهد في الدنيا ، أما قوله تعالى : {ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا} الآية.
أَخرَج أبو الشيخ عن زائدة رضي الله عنه قال : قرأ سليمان بن موسى في هود عند سبع آيات {لساحر مبين}.
الآيات 8 - 14
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : لما نزل (اقترب للناس حسابهم) (الأنبياء الآية 1) قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا فتناهى القوم قليلا ثم عاودا إلى أعمالهم أعمال السوء فأنزل الله (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) (النحل الآية 1) فقال أناس أهل الضلالة : هذا أمر الله قد أتى فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم مكر السوء فأنزل الله هذه الآية {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر إلى أمة معدودة قال : إلى أجل

معدود.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ليقولن ما يحبسه} قال : للتكذيب به وأنه ليس بشيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون} يقول : وقع العذاب الذي استهزؤا به.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة} الآية ، قال : يا ابن آدم إذا كانت بك نعمة من الله من السعة والأمن والعافية فكفور لما بك منها وإذا نزعت منك يبتغي لك فراغك فيؤوس
من روح الله قنوط من رحمته كذلك أمر المنافق والكافر ، وفي قوله {ولئن أذقناه نعماء} إلى قوله {ذهب السيئات عني} قال : غره بالله وجرأه عليه أنه لفرح والله لا يحب الفرحين فخور لما أعطي لا يشكر الله ثم استثنى فقال {إلا الذين صبروا} يقول : عند

البلاء {وعملوا الصالحات} عند النعمة {أولئك لهم مغفرة} لذنوبهم {وأجر كبير} قال : الجنة {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} أن تفعل فيه ما أمرت وتدعو إليه كما أرسلت {أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز} لا ترى معه مالا {أو جاء معه ملك} ينذر معه {إنما أنت نذير} فبلغ ما أمرت به فإنما أنت رسول {أم يقولون افتراه} قد قالوه {فأتوا بعشر سور مثله} مثل القران {وادعوا شهداءكم} يشهدون أنها مثله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فهل أنتم مسلمون} قال لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
الآيات 15 - 16.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في قوله {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} قال : نزلت في اليهود والنصارى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن معبد رضي الله عنه قال : قام رجل إلى علي رضي الله عنه فقال : أخبرنا عن هذه الآية {من كان يريد الحياة الدنيا} إلى قوله {وباطل ما كانوا يعملون} قال : ويحك ، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد

الآخرة.
وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما {من كان يريد الحياة الدنيا} أي ثوابها {وزينتها} مالها {نوف إليهم} نوفر لهم ثواب أعمالهم بالصحة والسرور في الأهل والمال والولد {وهم فيها لا يبخسون} لا ينقضون ثم نسخها (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء) (الإسراء الآية 18) الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : من عمل صالحا التماس الدنيا صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل لا يعلمه إلا لالتماس الدنيا يقول الله : أو فيه الذي التمس في الدنيا من المثابة وحبط عمله الذي كان يعمل وهو في الآخرة من الخاسرين.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {من كان يريد الحياة الدنيا} قال : هو الرجل يعمل العمل للدنيا لا يريد به الله

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : نزلت في أهل الشرك.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : هم أهل الرياء.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أول من يدعى يوم القيامة رجل جمع القرآن يقول الله تعالى له : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي فيقول : بلى يا رب ، فيقول : فماذا عملت فيما علمتك فيقول : يا رب كنت أقوم به الليل والنهار ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء ثم يدعى صاحب المال فيقول الله : عبدي ألم أنعم عليك ألم أوسع عليك فيقول : بلى يا رب ، فيقول : فماذا عملت فيما آتيتك فيقول : يا رب كنت أصل الأرحام وأتصدق وأفعل ، فيقول الله له : كذبت بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذلك اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء ، ويدعى المقتول فيقول الله له : عبدي فيم قتلت فيقول : يا رب فيك وفي سبيلك ، فيقول الله له : كذبت وتقول الملائكة : كذبت بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أولئك الثلاثة شر خلق الله يسعر بهم النار يوم القيامة ، فحدث معاوية بهذا إلى قوله {وباطل ما كانوا يعملون}.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
كان يوم القيامة صارت أمتي ثلاثة فرق ، فرقة يعبدون الله خالصا : وفرقة يعبدون الله رياء وفرقة يعبدون الله يصيبون به دنيا فيقول للذي كان يعبد الله للدنيا : بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي فيقول : الدنيا ، فيقول : لا جرم لا ينفعك ما جمعت ولا ترجع إليه انطلقوا به إلى النار ويقول للذي يعبد الله رياء : بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي قال : الرياء ، فيقول : إنما كانت عبادتك التي كنت ترائي بها لا يصعد إلي منها شيء ولا ينفعك اليوم انطلقوا به إلى النار ويقول للذي يعبد الله خالصا : بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي فيقول : بعزتك وجلالك لأنت أعلم به مني كنت أعبدك لوجهك ولدارك ، قال : صدق عبدي انطلقوا به إلى الجنة.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤتى يوم القيامة بناس بين الناس إلى الجنة حتى إذا دنوا منها استنشقوا

رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها فيقولون : يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من الثواب وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون ، قال : ذاك أردت بكم كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظيم وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين ولم تجلوني وتركتم للناس ولم تتركوا إلي فاليوم أذيقكم العذاب الأليم مع ما حرمتم من الثواب.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون} قال : يؤتون ثواب ما عملوا في الدنيا وليس لهم في الآخرة من شيء وقال : هي مثل الآية التي في الروم (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربوا عند الله) (الروم الآية 39).
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} الآية ، يقول : من كانت الدنيا همه وسدمه وطلبته ونيته وحاجته جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة ليس له فيها حسنة وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة {وهم فيها لا يبخسون} أي لا يظلمون.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {من كان يريد الحياة الدنيا} قال : من عمل للدنيا لا يريد به الله وفاه الله ذلك العمل في الدنيا أجر ما عمل

فذلك قوله {نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون} أي لا ينقصون أي يعطوا منها أجر ما عملوا.
وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : من كان يريد أن يعلم ما منزلته عند الله فلينظر في عمله فإنه قادم على عمله كائنا ما كان ولا عمل مؤمن ولا كافر من عمل صالح إلا جاء الله به فأما المؤمن فيجزيه به في الدنيا والآخرة بما شاء وأما الكافر فيجزيه في الدنيا ثم تلا هذه الآية {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله {نوف إليهم أعمالهم} قال : طيباتهم.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {نوف إليهم أعمالهم فيها} قال : نعجل لهم فيها كل طيبة لهم فيها وهم لا يظلمون بما لم يعجلوا من طيباتهم لم يظلمهم لأنهم لم يعلموا إلا الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {نوف إليهم أعمالهم فيها} قال : تعجل لمن لا يقبل منه.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {وحبط ما صنعوا فيها} قال : حبط ما علموا من خير {وبطل} في الآخرة ليس لهم فيها جزاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وحبط} يعني بطل

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن أبي بن كعب أنه قرأ وباطلا ما كانوا يعملون.
الآية 17.
أَخْرَج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له
رجل : ما نزل فيك قال : أما تقرأ سورة هود {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن علي رضي الله عنه في الآية قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفمن كان على بينة من ربه أنا ويتلوه شاهد منه قال : علي.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم رضي الله عنه {أفمن كان على بينة من ربه} قال : محمد صلى الله عليه وسلم

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ عن محمد بن علي بن أبي طالب قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله {ويتلوه شاهد منه} أنك أنت التالي ، قال : وددت أني أنا هو ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن علي بن الحنفية {أفمن كان على بينة من ربه} قال : محمد صلى الله عليه وسلم {ويتلوه شاهد منه} قال : لسانه.
وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه {أفمن كان على بينة من ربه} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {ويتلوه شاهد منه} قال : أما الحسن رضي الله عنه فكان يقول : اللسان ، وذكر عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه جبريل عليه السلام ، ووافقه سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : هو جبريل.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه {ويتلوه شاهد منه} قال : هو اللسان ، ويقال : أيضا جبريل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما {أفمن كان على بينة من ربه} قال : محمد {ويتلوه شاهد منه} قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلو من كتاب الله الذي أنزل على محمد {ومن قبله كتاب موسى} قال : ومن قبله تلا التوراة على لسان موسى كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {أفمن كان على بينة من ربه} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {ويتلوه شاهد منه} قال : ملك يحفظه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن عساكر عن الحسين بن علي في قوله {ويتلوه شاهد منه} قال : محمد هو الشاهد من الله.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال : المؤمن على بينة من ربه.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم {ومن قبله كتاب موسى} قال : ومن جاء بالكتاب إلى موسى.
وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ومن يكفر به من الأحزاب} قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ومن يكفر به من الأحزاب} قال : من اليهود والنصارى

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلم يؤمن بي إلا كان من أهل النار ، قال سعيد : فقلت ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلا هو في كتاب الله فوجدت {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار ، فجعلت أقول : أين تصديقها في كتاب الله وقلما سمعت حديثا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلا وجدت تصديقه في القرآن حتى وجدت هذه الآية {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} قال : الأحزاب الملل كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس

محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.
الآية 18.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي جريج في قوله {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا} قال : الكافر والمنافق {أولئك يعرضون على ربهم} فيسألهم عن أعمالهم {ويقول الأشهاد} الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} حفظوه شهدوا به عليهم يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {ويقول الأشهاد} قال : الملائكة.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال {الأشهاد} الملائكة يشهدون على بني آدم بأعمالهم.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يدني المؤمن حتى يضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له : أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول : أي رب أعرف ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني قد سترتها عليك في

الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته وأما الكفار والمنافقون {ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين}.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي الله بالمؤمن يوم القيامة فيقربه منه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق فيقول له : اقرأه ، فيعرفه ذنبا ذنبا فيقول : أتعرف أتعرف فيقول : نعم نعم ، فيلتفت العبد يمنة ويسرة فيقول له الرب : لا بأس عليك يا
عبدي أنت كنت في ستري من جميع خلقي وليس بيني وبينك اليوم من يطلع على ذنوبك اذهب فقد غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتني به ، فيقول : يا رب ما هو قال : كنت لا ترجو العفو من أحد غيري فهانت علي ذنوبك وأما الكافر فيقرأ ذنوبه على رؤوس الأشهاد {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أنه لا يخزى يومئذ أحد فيخفي خزيه على أحد من الخلائق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم رضي الله عنه قال : هذا

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن فقال : إن الله كره الظلم ونهى عنه وقال {ألا لعنة الله على الظالمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : إن الرجل ليصلي ويلعن نفسه في قراءته فيقول {ألا لعنة الله على الظالمين} وإنه لظالم.
الآية 19.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {الذين يصدون عن سبيل الله} هو محمد صلى الله عليه وسلم صدت قريش عنه الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ويبغونها عوجا} يعني يرجون بمكة غير الإسلام دينا.
الآية 20.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فإنه
قال : ما كانوا يستطيعون السمع وفي طاعته وما كانوا يبصرون وأما في الآخرة فإنه قال : لا يستطيعون خاشعة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما كانوا

يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيرا فينتفعوا به ولا يبصروا خيرا فيأخذوا به.
الآيات 21 - 22.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {أولئك الذين خسروا أنفسهم} قال : غبنوا أنفسهم.
الآية 23.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأخبتوا} قال : خافوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الإخبات الإنابة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : الإخبات الخشوع والتواضع.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {وأخبتوا إلى ربهم} قال : اطمأنوا إلى ربهم

الآية 24
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مثل الفريقين كالأعمى والأصم} قال : الكافر {والبصير والسميع} قال : المؤمن.
الآيات 25 - 35.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي} قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إن كنت على بينة من ربي} قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره وأنه لا إله إلا هو {وآتاني رحمة من عنده} قال : الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أنلزمكموها} قال : أما والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه ولكنه لم يستطع ذلك ولم يملكه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه كان يقرأ أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها

كارهون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ أنلزمكموها من شطر قلوبنا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن أجري} قال : جزائي.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وما أنا بطارد الذين آمنوا} قال : قالوا له : يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطردهم وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء ، وفي قوله {إنهم ملاقوا ربهم} قال : فيسألهم عن أعمالهم {ولا أقول لكم عندي خزائن الله} التي لا يفنيها شيء فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها بملكه أي عليها {ولا أعلم الغيب} لا أقول اتبعوني على علمي بالغيب {ولا أقول إني ملك} نزلت من السماء برسالة ? {ما أنا إلا بشر مثلكم > ?.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولا أقول للذين تزدري أعينكم} قال : حقرتموهم

وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {لن يؤتيهم الله خيرا} قال : يعني إيمانا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قالوا يا نوح قد جادلتنا} قال : ماريتنا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه {فأتنا بما تعدنا} قال : تكذيبا بالعذاب وإنه باطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فعلي إجرامي} قال : عملي {وأنا بريء مما تجرمون} أي مما تعملون.
الآيات 36 - 37.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} وذلك حين دعا عليهم نوح عليه السلام (قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (نوح الآية 26).
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : إن نوحا لم يدع على قومه حتى نزلت عليه الآية {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم فدعا عليهم

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : لما استنقذ الله من أصلاب الرجال وأرحام النساء كل مؤمن ومؤمنة قال : يا نوح {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن نوحا عليه السلام كان يضرب ثم يلف في لبد فيلقى في بيته يرون أنه قد مات ثم يخرج فيدعوهم حتى إذا أيس من إيمان قومه جاءه رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا فقال : يا بني أنظر هذا الشيخ لا يغرنك ، قال : يا أبت أمكني من العصا ثم أخذ العصا ثم قال : ضعني في الأرض ، فوضعه فمشى إليه فضربه فشجه موضحة في رأسه وسالت الدماء قال نوح عليه السلام : رب قد ترى ما يفعل بي عبادك فإن يكن لك في عبادك حاجة فاهدهم وإن يكن غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين ، فأوحى الله إليه وآيسه من إيمان قومه وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن قال {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون}
يعني لا تحزن عليهم (واصنع الفلك) (نوح الآية 37) قال : يا رب وما الفلك قال : بيت من خشب يجري على وجه الماء فأغرق أهل معصيتي وأطهر أرضي منهم ، قال : يا رب وأين الماء قال : إني على ما أشاء قدير

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلا تبتئس} قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أن اصنع الفلك} قال : السفينة {بأعيننا ووحينا} قال : كما نأمرك.
وأخرج ابن أبو حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واصنع الفلك بأعيننا} قال : بعين الله ووحيه.
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : ما وصف الله تبارك به نفسه في كتابه فقراءته تفسيره ليس لأحد أن يفسره بالعربية ولا بالفارسية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يعلم نوح عليه السلام كيف يصنع الفلك فأوحى الله إليه أن يصنعها على مثل جؤجؤ الطائر.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولا تخاطبني في الذين ظلموا} يقول : لا تراجعني تقدم إليه لا يشفع لهم عنده.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : نهى الله نوحا

عليه السلام أن يراجعه بعد ذلك في أحد.
الآيات 38 - 39.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وضعفه الذهبي ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله حتى كان آخر زمانه
غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعل يعملها سفينة ويمرون فيسألونه فيقول : أعملها سفينة فيسخرون منه ويقولون : تعمل سفينة في البر وكيف تجري قال : سوف تعلمون ، فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبا شديدا فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كانت سفينة نوح عليه السلام لها أجنحة وتحت الأجنحة إيوان.
وأخرج ابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم وذكر أن طول السفينة كان

ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان طول سفينة نوح ثلثمائة ذراع وطولها في السماء ثلاثون ذراعا.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نوحا لما أمر أن يصنع الفلك قال : يا رب وأين الخشب قال : اغرس الشجر فغرس الساج عشرين سنة وكف عن الدعاء وكفوا عن الاستهزاء فلما أدرك الشجر أمره ربه فقطعها وجففها فقال : يا رب كيف اتخذ هذا البيت قال : اجعله على ثلاثة صور ، رأسه كرأس الديك وجؤجؤه كجؤجؤ الطير وذنبه كذنب الديك واجعلها مطبقة واجعل لها أبوابا في جنبها وشدها بدسر - يعني مسامير الحديد - وبعث الله جبريل عليه السلام يعلمه صنعة السفينة فكانوا يمرون به ويسخرون منه ويقولون : ألا ترون إلى هذا المجنون يتخذ بيتا ليسير به على الماء وأين الماء ويضحكون ، وذلك قوله {وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه} فجعل السفينة ستمائة ذراع طولها وستين ذراعا في الأرض وعرضها ثلثمائة ذراع وثلاثة وثلاثون وأمر أن يطليها بالقار

ولم يكن في الأرض قار ففجر الله له عين القار حيث تنحت السفينة تغلي غليانا حتى طلاها فلما فرغ منها جعل لها ثلاثة أبواب وأطبقها فحمل فيها السباع والدواب فألقى الله على الأسد الحمى وشغله بنفسه عن الدواب وجعل الوحش والطير في الباب الثاني ثم أطبق عليها وجعل ولد آدم أربعين رجلا وأربعين امرأة في الباب الأعلى ثم أطبق عليهم وجعل الدرة معه في الباب الأعلى لضعفها أن لا تطأها الدواب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها وذكر لنا أنها استقلت بهم في عشر خلون من رجب وكانت في الماء خمسين ومائة يوم ثم استقرت بهم على الجودي وأهبطوا إلى الأرض في عشر ليال خلون من المحرم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : كان طول سفينة نوح عليه السلام ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال الحواريون لعيسى بن مريم عليهما السلام لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من

تراب فأخذ كفا من ذلك التراب قال : أتدرون ما هذا قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا كعب حام بن نوح فضرب الكثيب بعصاة قال : قم بإذن الله ، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب قال له عيسى عليه السلام : هكذا هلكت ، قال : لا مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة قامت فمن ثم شبت قال : حدثنا عن سفينة نوح قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع كانت ثلاث طبقات ، فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح : أن اغمز ذنب الفيل ، فغمز فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فلما وقع الفار يخرب السفينة بقرضه أوحى الله إلى نوح أن أضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخره سنور وسنوره فأقبلا على الفار فقال له عيسى عليه السلام : كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ، ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان فمن ثم تألف البيوت فقالوا : يا روح الله ألا تنطلق
بنا إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ثم قال : عد بإذن الله فعاد ترابا

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان طول سفينة نوح عليه السلام أربعمائة ذراع وعرضها في السماء ثلاثون ذراعا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : قال سليمان الفرائي ، عمل نوح عليه السلام السفينة أربعمائة سنة وأنبت الساج أربعين سنة حتى كان طوله أربعمائة ذراع والذراع إلى المنكبين.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم رضي الله عنه ، أن نوحا عليه السلام مكث يغرس الشجر ويقطعها وييبسها ثم مائة سنة يعملها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه ، أن نوحا عليه السلام لما أمر أن يصنع الفلك قال : رب لست بنجار قال : بلى ، فإن ذلك بعيني فخذ القادوم فجعلت يده لا تخطئ فجعلوا يمرون به ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي قد صارا نجارا فعملها أربعين سنة.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن ميناء ، أن كعبا رضي الله عنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني عن أول شجرة نبتت على الأرض قال عبد الله : الساج

وهي التي عمل منها نوح السفينة فقال كعب رضي الله عنه : صدقت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من يأتيه عذاب يخزيه} قال : هو الغرق {ويحل عليه عذاب مقيم} قال : هو الخلود في النار.
الآية 40.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفار التنور} نبع الماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وفار التنور} قال : إذا رأيت تنور أهلك يخرج منه الماء فإنه هلاك قومك.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : كان تنورا من حجارة كان لحواء عليها السلام حتى صار إلى نوح عليه السلام فقيل له : إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان بين دعوة نوح عليه السلام وبين هلاك قومه ثلاثمائة سنة وكان فار التنور بالهند وطافت سفينة نوح عليه السلام بالبيت

أسبوعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وفار التنور} قال : العين التي بالجزيرة عين الوردة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة.
وأخرج أبو الشيخ عن حبة العربي قال : جاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال : إني قد اشتريت راحلة وفرغت من زادي أريد بيت المقدس لأصلي فيه فإنه قد صلى فيه سبعون نبيا ومنه فار التنور يعني مسجد الكوفة.
وأخرج أبو الشيخ من طريق الشعبي رضي الله عنه عن علي رضي الله عنه قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إن مسجدكم هذا لرابع أربعة من مساجد المسلمين ولركعتان فيه أحب إلي من عشر فيما سواه إلا المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وإن من جانبه الأيمن مستقبل القبلة فار التنور.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي بن إسماعيل الهمداني قال : لقد نجر نوح

سفينته في وسط هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - وفار التنور من جانبه الأيمن وإن البرية منه لعلى اثني عشر ميلا من حيث ما جنبه ولصلاة فيه أفضل من أربع في غيره إلا المسجدين مسجد الحرام ومسجد الرسول بالمدينة وإن من جانبه الأمين مستقبل القبلة فار التنور.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التنور وجه الأرض قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك والعرب تسمي وجه الأرض تنور الأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه {وفار التنور} قال : وجه الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التنور أعلى الأرض وأشرفها وكان علما فيما بين نوح وبين ربه عز وجل.
وأخرج أبو الشيخ عن بسطام بن مسلم قال : قلت لمعاوية بن قرة إن قتادة رضي الله عنه إذا أتى على هذه الآية قال : هي أعلى الأرض وأشرفها فقال : الله أعلم أما أنا فسمعت منه حديثين فالله أعلم ، قال بعضهم : فار منه الماء ، وقال بعضهم

فارت من النار وفار التنور بكل لغة التنور.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه {وفار التنور} قال : طلع الفجر ، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي {وفار التنور} قال : تنور الصبح.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين} قال : في كلام العرب ويقولون للذكر والأنثى : زوجان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم بن يسار رضي الله عنه قال : أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين ومعه ملك فجعل يقبض زوجا زوجا وبقي العنب فجاء إبليس فقال : هذا كله لي ، فنظر نوح عليه السلام إلى الملك فقال : إنه لشريكك فأحسن شركته ، فقال : نعم لي الثلثان ولي الثلث قال : إنه شريكك فأحسن شركته فقال : لي النصف وله النصف ، فقال إبليس : هذا كله لي ، فنظر إلى الملك فقال : إنه شريكك فأحسن شركته ، قال : نعم لي الثلث وله الثلثان قال : أحسنت وأني محسان أنت تأكله عنبا وتأكله زبيبا وتشربه عصيرا ثلاثة أيام ، قال مسلم : وكان يرون أنه إذا شربه كذلك

فليس للشيطان نصيب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : لما ركب نوح عليه السلام السفينة كتب له تسمية ما حمل معه فيها فقال : إنكم قد كتبتم الحبلة وليست ههنا ، قالوا : صدقت أخذها الشيطان وسنرسل من يأتي بها ، فجيء بها وجاء الشيطان معها فقيل لنوح : إن شريكك فأحسن شركته ، فذكر مثله وزاد بعد قوله : تشربه عصيرا وتطبخه فيذهب ثلثاه خبثا وحظ الشيطان منه ويبقى ثلثه فتشربه.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما حمل نوح عليه السلام
الأسد في السفينة قال : يا رب إنه يسالني الطعام من أين أطعمه قال : إني سوف أعقله عن الطعام ، فسلط الله عليه الحمى فكان نوح عليه السلام يأتيه بالكبش فيقول : ادر يا كل فيقول الأسد : آه.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر ، وَابن النجار في تاريخهما عن مجاهد رضي الله عنه قال : مر نوح عليه

السلام بالأسد وهو في السفينة فضربه برجله فخمشه الأسد فبات ساهرا فبكى نوح من ذلك فأوحي إليه إنك ظلمته وإني لا أحب الظلم.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا مر نوح بأسد رابض فضربه برجله فرفع الأسد رأسه فخمش ساقه فلم يبت ليلته مما جعلت تضرب عليه وهو يقول : يا رب كلبك عقرني ، فأوحى الله إليه أن الله لا يرضى الظلم أنت بدأته ، قال ابن عدي : هذا الحديث بهذا الإسناد باطل وفيه جعفر بن أحمد الغافقي يضع الحديث.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : استصعبت على نوح الماعزة أن تدخل السفينة فدفعها في ذنبها فمن ثم انكسر ذنبها فصار معقوقا وبدا حياها ومضت النعجة حتى دخلت فمسح على ذنبها فستر حياها.
وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد قال : أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين فحمل معه من اليمن العجوة واللوز

وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال : لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين قال : كيف أصنع بالأسد والبقرة وكيف أصنع بالعناق والذئب وكيف أصنع بالحمام والهر قال : من ألقى بينهما العداوة قال : أنت يا رب ، قال : فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضارون.
وأخرج ابن عساكر عن خالد رضي الله عنه قال : لما حمل نوح في السفينة ما حمل جاءت العقرب تحجل قالت : يا نبي الله أدخلني معك ، قال : لا أنت تلدغين الناس وتؤذينهم قال : لا أحملني معك فلك علي أن لا ألدغ من يصلي عليك الليلة.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
قال حين يمسي : صلى الله على نوح وعلى نوح السلام لم تلدغه عقرب تلك الليلة.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن عذاء والضحاك ، أن إبليس جاء ليركب السفينة فدفعه نوح فقال : يا نوح إني منظر ولا سبيل لك علي ، فعرف أنه صادق فأمره أن يجلس على خيزران السفينة وكان آدم قد أوصى ولده أن يحملوا جسده فورثهم في ذلك نوح فتوارث الوصية ولده حتى حملها نوح فوضع جسد آدم عليه السلام بين الرجال والنساء

وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن عساكر في مكايد الشيطان عن أبي العالية قال : لما رست السفينة سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوتل السفينة ، فقال له نوح عليه السلام : ويلك قد غرق أهل الأرض من أجلك ، قال له إبليس : فما أصنع قال : تتوب ، قال : فسل ربك هل لي من توبة فدعا نوح ربه فأوحى إليه أن توبته أن يسجد لقبر آدم ، قال : قد جعلت لك توبة قال : وما هي قال : تسجد لقبر آدم ، قال : تركته حيا وأسجد له ميتا.
وأخرج النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن نوحا عليه السلام نازعه الشيطان في عود الكرم قال : هذا لي ، وقال : هذا لي ، فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن علي رضي الله عنه مرفوعا أن نوحا عليه السلام حمل معه في السفينة من جميع الشجر.
وأخرج إسحاق بن بشر أخبرنا رجل من أهل العلم ، أن نوحا عليه السلام حمل في السفينة من الهدهد زوجين وجعل أم الهدهد فضلا على زوجين فماتت في السفينة قبل أن تظهر الأرض فحملها الهدهد فطاف بها الدنيا ليصيب لها مكانا ليدفنها فيه فلم يجد طينا ولا ترابا فرحمه ربه فحفر لها في قفاه قبرا فدفنها فيه فذلك الريش الناتئ في قفا الهدهد موضع القبر

فذلك ثناء أقفية الهداهد ، وأخرجه ابن عساكر.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أعطى الله نوحا عليه السلام في السفينة خرزتين إحدها بياضها كبياض النهار والأخرى سوادها كسواد الليل فإذا أمسوا غلب سواد هذه بياض هذه وإذا أصبحوا غلب بياض هذه سواد هذه على قدر الساعات
الاثني عشر فأول من قدر الساعات الاثني عشر لا يزيد بعضها على بعض نوح عليه السلام في السفينة ليعرف بها مواقيت الصلاة فسارت السفينة من مكانه حتى أخذت إلى اليمين فبلغت الحبشة ثم عدلت حتى رجعت إلى جدة ثم أخذت على الروم ثم جاوزت الروم فأقبلت راجعة على حيال الأرض المقدسة وأوحى الله إلى نوح عليه السلام : أنها تستوي على رأس جبل فعلت الجبال لذلك فتطلعت لذلك وأخرجت أصولها من الأرض وجعل جودي يتواضع لله عز وجل فجاءت السفينة حتى جاوزت الجبال كلها فلما انتهت إلى الجودي استوت ورست فشكت الجبال إلى الله

فقالت : يا رب إنا تطلعنا وأخرجنا أصولنا من الأرض لسفينة نوح وخنس جودي فاستوت سفينة نوح عليه ، فقال الله : إني كذلك من تواضع لي رفعته ومن ترفع لي وضعته ، ويقال : إن الجودي من جبال الجنة ، فلما أن كان يوم عاشوراء استوت السفينة عليه وقال الله : يا أرض ابلعي ماءك بلغة الحبشة ويا سماء أقلعي أي أمسكي بلغة الحبشة فابتلعت الأرض ماءها وارتفع ماء السماء حتى بلغ عنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه فأوحى الله إليه : أن أرجع فإنك رجس وغضب ، فرجع الماء فملح وحم وتردد فأصاب الناس منه الأذى فأرسل الله الريح فجمعه في مواضع البحار فصار زعاما مالحا لا ينتفع به وتطلع نوح فنظر فإذا الشمس قد طلعت وبدا له اليد من السماء وكانت ذلك آية ما بينه وبين ربه عز وجل أمان من الغرق واليد القوس الذي يسمونه قوس قزح ونهي أن يقال له قوس قزح لأن قزح شيطان وهو قوس الله وزعموا أنه كان يمتد وتروسهم قبل ذلك في السماء فلما جعله الله تعالى أمانا لأهل الأرض من الغرق نزع الله الوتر والسهم ، فقال نوح عليه السلام عند ذلك : رب إنك وعدتني أن تنجي معي أهلي وغرق ابني و(إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (هود الآية 46)

يقول : إنه ليس من أهل دينك إن عمله كان غير صالح ، قال : اهبط بسلام منا ، فبعث نوح عليه السلام من يأتيه بخبر الأرض فجاء الطير الأهلي وقال : أنا ، فأخذها وختم جناحيها فقال : أنت مختومة بخاتمي لا تطير أبدا ينتفع بك ذريتي ، فبعث الغراب فأصاب جيفة فوقع عليها فاحتبس
فلعنه فمن ثم يقتل في الحرم وبعث الحمامة وهي القمري فذهبت فلم تجد في الأرض قرارا فوقعت على شجرة بأرض سبا [ سبأ ] فحملت ورقة زيتون فرجعت إلى نوح فعلم أنها لم تستمكن من الأرض ثم بعثها بعد أيام فخرجت حتى وقعت بوادي الحرم فإذا الماء قد نضب وأول ما نضب موضع الكعبة وكانت طينتها حمراء فخضبت رجليها ثم جاءت إلى نوح فقالت : البشرى استمكن الأرض فمسح يده على عنقها وطوقها ووهب لها الحمرة في رجليها ودعا لها وأسكنها الحرم وبارك عليها فمن ثم شفق بها الناس ثم خرج فنزل بأرض الموصل وهي قرية الثمانين لأنه نزل في ثمانين فوقع فيهم الوباء فماتوا إلا نوح وسام وحان ويافث ونساؤهم وطبقت الأرض منهم وذلك قوله (وجعلنا ذريته هم الباقين).
وأخرج ابن عساكر عن خالد الزيات قال : بلغنا أن نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب وقال لمن معه من الجن والإنس : صوموا هذا اليوم فإنه من صامه

منكم بعدت عنه النار مسيرة سنة ومن صام منكم سبعة أيام أغلقت له أبواب جهنم السبعة ومن صام منكم ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية ومن صام منكم عشرة أيام قال الله له : سل تعطه ومن صام منكم خمسة عشر يوما قال الله له : استأنف العمل فد غفرت لك ما مضى ومن زاد زاده الله ، فصام نوح عليه السلام في السفينة رجب وشعبان ورمضان وشوالا وذا القعدة وذا الحجة وعشرا من المحرم فأرست السفينة يوم عاشوراء فقال نوح عليه السلام لمن معه من الجن والإنس : صوموا هذا اليوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ركب نوح عليه السلام في السفينة في عشرة خلون من رجب نزل عنها في عشر خلون من المحرم فصام هو وأهله من الليل إلى الليل.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما حمل نوح عليه السلام في السفينة من كل شيء حمل الأسد وكان يؤذي أهل السفينة فألقيت عليه الحمى.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال : لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين لم يستطع أن يحمل الأسد حتى ألقيت

عليه الحمى فحمله فأدخله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال له أصحابه : وكيف مطمئن ومعنا الأسد فسلط الله عليه الحمى ، فكانت أول حمى نزلت الأرض ، ثم شكوا الفأرة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان نوح عليه السلام في السفينة قرض الفأر حبال السفينة فشكا إلى الله عز وجل ذلك فأوحى الله إليه فمسح جبهة الأسد فخرج سنوران وكان في السفينة عذرة فشكا نوح إلى الله فأوحى الله إليه فمسح ذنب الفيل فخرج خنزيران فأكلا العذرة.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : تأذى أهل السفينة بالفأر فعطس الأسد فخرج من منخره سنوران ذكر وأنثى فأكلا الفأر إلا ما أراد الله أن يبقى منه وأوذوا بأذى أهل السفينة فعطس الفيل فخرج من منخره خنزيران ذكر

وأنثى فأكلا أذى أهل السفينة قال ولما أراد أن يدخل الحمار السفينة أخذ نوح بأذني الحمار وأخذ إبليس بذنبه فجعل نوح عليه السلام يجذبه وجعل إبليس يجذبه فقال نوح : ادخل شيطان فدخل الحمار ودخل إبليس معه فلما سارت السفينة جلس في أذنابها يتغنى فقال له نوح عليه السلام : ويلك من أذن لك ، قال : أنت ، قال : متى ، قال : أن قلت للحمار ادخل يا شيطان فدخلت بإذنك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول ما حمل نوح في الفلك من الدواب الدرة وآخر ما حمل الحمار فلما دخل الحمار أدخل صدره فتعلق إبليس بذنبه فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول : ويحك ، ادخل يا شيطان ، فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح : ويحك ، ادخل وإن كان الشيطان معك - كلمة زلت على لسانه - فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح : ما أدخلك يا عدو الله قال : ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك قال : اخرج عني ، قال : مالك بد من أن تحملني فكان كما يزعمون في ظهر الفلك

وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : مكث نوح عليه السلام يدعو
قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله يسره إليهم ثم يجهر به لهم ثم أعلن قال مجاهد رضي الله عنه : الإعلان الصياح : فجعلوا يأخذونه فيخنقونه حتى يغشي عليه فيسقط الأرض مغشيا عليه ثم يفيق فيقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، فيقول الرجل منهم لأبيه : يا أبت ما لهذا الشيخ يصيح كل يوم لا يفتر فيقول : أخبرني أبي عن جدي أنه لم يزل على هذا منذ كان فلما دعا على قومه أمره الله أن يصنع الفلك فصنع السفينة فعملها في ثلاث سنين كاما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه يعجبون من نجارته السفينة فلما فرغ منها جعل له ربه آية إذا رأيت التنور قد فار فاجعل في السفينة من كل زوجين اثنين وكان التنور فيما بلغني في زاوية من مسجد الكوفة فلما فار التنور جعل فيها كل ما أمره الله قال : يا رب كيف بالأسد والفيل قال : سألقي عليهم الحمى إنها ثقيلة فحمل أهله وبنيه وبناته وكنائنه ودعا ابنه فلما أبى عليه وفرغ من كل شيء يدخله السفينة طبق السفينة الأخرى عليهم ولولا ذلك لم يبق في السفينة شيء إلا هلك لشدة وقع الماء حين يأتي من السماء قال

الله تعالى (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) (القمر آية 11) فكان قدر كل قطرة مثل ما يجري من فم القربة فلم يبق على ظهر الأرض شيء إلا هلك يومئذ إلا ما في السفينة ولم يدخل الحرم منه شيء.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن عبد الله بن زياد بن سمعان عن رجال سماهم ، أن الله أعقم رجالهم قبل الطوفان بأربعين عاما وأعقم نساءهم فلم يتوالدوا أربعين عاما منذ يوم دعا نوح عليه السلام حتى أدرك الصغير وأدرك الحنث وصارت لله عليهم الحجة ثم أرسل الله السماء عليه بالطوفان.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال : يزعم الناس أن من أغرق الله من الولدان مع آبائهم وليس كذلك إنما الولد بمنزلة الطير وسائر من أغرق الله بغير ذنب ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم والمدركون من الرجال والنساء كان الغرق عقوبة لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ ، وَابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : لما أصاب قوم نوح الغرق قام الماء على

رأس
كل جبل خمسة عشر ذراعا فأصاب الغرق امرأة فيمن أصاب معها صبي لها فوضعته على صدرها فلما بلغها الماء وضعته على منكبيها فلما بلغها الماء وضعته على يديها ، فقال الله : لو رحمت أحدا من أهل الأرض لرحمتها ولكن حق القول مني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : بلغني أن نوحا عليه السلام قال لجاريته : إذا فار تنورك ماء فأخبريني فلما فرغت من آخر خبزها فار التنور فذهبت إلى سيدها فأخبرته فركب هو ومن معه بأعلى السفينة وفتح الله السماء بماء منهمر وفجر الأرض عيونا.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريقه أنا عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما نبع الماء حول سفينة نوح خرج رجل من تلك الأمة إلى فرعون من فراعنتهم فقال : هذا الذي تزعمون أنه مجنون قد أتاكم بما كان يعدكم فجاء يسير في موكب له وجماعة من أصحابه حتى وقف من نوح غير بعيد فقال لنوح : ما تقول قال : قد أتاكم ما كنتم توعدون ، قال : ما علامة ذلك قال : اعطف برأس برذونك ، فعطف برذونه فنبع الماء من

تحت قوائمه فخرج يركض إلى الجبل هاربا من الماء.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن عساكر عن جعفر بن محمد رضي الله عنه قال : فار الماء من التنور من دار نوح عليه السلام من تنور تختبز فيه ابنته وكان نوح يتوقع ذلك إذ جاءته ابنته فقالت : يا أبت قد فار الماء من التنور ، فآمن بنوح النجارون إلا نجارا واحدا فقال له : أعطني أجري قال : أعطيتك أجرك على أن تركب معنا ، قال : فإن ودا وسواع ويغوث ونسرا سينجوني ، فأوحى الله إليه أن أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول وكان ممن سبق عليه القول امرأته والقة وكنعان ابنه فقال : يا رب هؤلاء قد حملتهم فكيف لي بالوحش والبهائم والسباع والطير قال : أنا أحشرهم عليك : فبعث جبريل عليه السلام فحشرهم فجعل يضرب بيديه على الزوجين فجعل يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيدخله السفينة حتى أدخل عدة ما أمره الله تعالى به فلما جمعهم في السفينة رأت البهائم والوحش والسباع العذاب فجعلت تلحس قدم نوح عليه السلام وتقول : احملنا معك ، فيقول : إنما أمرت من كل زوجين اثنين

وأخرج ابن عساكر عن الزهري قال : إن الله بعث ريحا فحمل إليه من كل زوجين اثنين من الطير والسباع والوحش والبهائم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كل زوجين اثنين} قال : ذكر وأنثى من كل صنف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : الذكر زوج والأنثى زوج.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه {إلا من سبق عليه القول} قال : العذاب هي امرأته كانت في الغابرين.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحكم {وما آمن معه إلا قليل} قال : نوح وبنوه ثلاثة وأربع كنائنه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج قال : حدثت أن نوحا حمل معه بنيه الثلاثة وثلاث نسوة لبنيه وأصاب حام زوجته في السفينة فدعا نوح أن تغير نطفته فجاء بالسودان

وأخرجه ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن أبي صالح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حمل نوح عليه السلام معه في السفينة ثمانين إنسانا ، أحدهم جرهم وكان لسانه عربيا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم وكانوا في السفينة مائة وخمسين يوما وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما ثم وجهها إلى الجودي فاستوت عليه فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بالخبر فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين فعرف نوح عليه السلام أن الماء نضب فهبط إلى أسفل الجودي فابتنى قرية وسماها ثمانين فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة أحدها اللسان العربي فكان لا يفقه بعضهم كلام بعض وكان نوح عليه السلام يعبر عنهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، وَابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما ركب نوح عليه السلام في السفينة وحمل فيها من كل زوجين اثنين كما
أمر رأى في السفينة شيخا لم يعرفه فقال له : من أنت قال : إبليس دخلت لأصيب

قلوب أصحابك فتكون قلوبهم معي وأبدانهم معك ثم قال : خمس أهلك بهن الناس وسأحدثك منهن بثلاثة ولا أحدثك بالثنتين ، فأوحي إلى نوح : لا حاجة لك بالثلاث مره يحدثك بالثنتين ، قال : الحسد وبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما والحرص أبيح آدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه بالحرص.
وأخرج ابن المنذر عن الحكم قال : خرج القوس قزح بعد الطوفان أمانا لأهل الأرض أن يغرقوا جميعا.
الآية 41.
أَخرَج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما ركب نوح عليه السلام في السفينة فجرت به فخاف فجعل ينادي : إلا ها اتقن قال يا الله أحسن.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {بسم الله مجراها ومرساها} قال : حين يركبون ويجرون ويرسون

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله ، فأرست وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله ، فجرت.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ {مجراها ومرساها}.
وأخرج أبو يعلى والطبراني ، وَابن السني ، وَابن عدي وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن الحسين بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن {بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا : بسم الله (وما قدروا الله حق قدره) (سورة الأنعام الآية 91) الآية {بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم}

وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه ما من رجل يقول إذا ركب السفينة : بسم الله الملك الرحمن {بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} {وما قدروا الله حق قدره} سورة الأنعام الآية 91 الآية إلا أعطاه الله أمانا من الغرق حتى يخرج منها.
الآيات 42 - 43.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل ، ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه في قوله {ونادى نوح ابنه} قال : هي بلغة طيئ لم يكن ابنه وكان ابن امرأته

وأخرج ابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه أنه قرأ ونادى نوح ابنها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} قال : لا ناج إلا أهل السفينة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن القاسم بن أبي بزة في قوله {وحال بينهما الموج} قال : بين ابن نوح والجبل.
وأخرج الحاكم عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن حميد بن هلال قال : جعل نوح لرجل من قومه جعلا على أن يعينه على عمل السفينة فعمل معه حتى إذا فرغ قال له نوح : خير أي ذلك شئت إما أن أوفيك أجرك وإما أن نوقيك من القوم الظالمين ، قال : حتى أستأمر قومي ، فاستأمر قومه فقالوا له : اذهب إلى أجرك فخذه ، فأتاه فقال : أجري ، فوفاه أجره ، فأقبل : فما أخذ جاوز ذلك الرجل إلى

حيث ينظر إليه حتى أمر الله الماء بما أمره به فأقبل ذلك الرجل يخوض الماء فقال : خذ الذي جعلت لي ، قال : لك ما رضيت به ، فغرق فيمن غرق.
الآية 44.
أَخْرَج ابن سعد ، وَابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان للمك يوم ولد نوح اثنان وثمانون سنة ولم يكن أحد في ذلك الزمان ينتهي عن منكر فبعث الله نوحا إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة ثم دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة ثم أمره بصنعة السفينة فصنعها وركبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق ثم مكث بعد السفينة ثلاثمائة وخمسين سنة فولد نوح سام وفي ولده بياض وأدمة وحام وفي ولده سواد وبياض ويافث وفيهم الشقرة والحمرة وكنعان وهو الذي غرق والعرب تسمية بام وأم هؤلاء واحدة وبجل فود نجر نوح السفينة ، ومن ثم بدأ الطوفان فركب نوح السفينة معه بنوه هؤلاء ونساء بنيه هؤلاء وثلاثة وسبعون من بني شيث ممن آمن به فكانوا ثمانين في السفينة وحمل معه من كل زوجين اثنين وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراع جد

أبي نوح وعرضها خمسين ذراعا وطولها في السماء ثلاثين ذراعا وخرج منها من الماء ستة أذرع وكانت مطبقة وجعل لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض فأرسل الله المطر أربعين يوما فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والدواب والطير كلها إلى نوح وسخرت له فحمل منها كما أمره الله من كل زوجين اثنين وحمل معه جسد
آدم عليه السلام فجعل حاجزا بين النساء والرجال فركبوا فيها لعشر مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم فلذلك صام من صام يوم عاشوراء وخرج الماء مثل ذلك نصفين نصف من السماء ونصف من الأرض فذلك قول الله (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) (سورة القمر آية 11) يقول : منصب (وفجرنا الأرض عيونا) (سورة القمر آية 12) يقول : شققنا الأرض فالتقى الماء (على أمر قد قدر) (سورة القمر 12) وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا فسارت بهم السفينة فطافت بهم الأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء حتى أتت الحرم فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام رفع من الغرق وهو البيت المعمور والحجر الأسود على أبي قبيس ، فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي وهو جبل بالحضين من أرض الموصل فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السنة فقيل بعد الستة أشهر :

بعدا للقوم الظالمين فلما استوت على الجودي قيل : {يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي} يقول : احبسي ماءك {وغيض الماء} نشفته الأرض فصار ما نزل من السماء هذه البخور التي ترون في الأرض فآخر ماء بقي في الأرض من الطوفان ماء يحسى بقي في الأرض أربعين سنة بعد الطوفان ثم ذهب فهبط نوح عليه السلام إلى قرية فبنى كل رجل منهم بيتا فسميت سوق الثمانين فغرق بنو قابيل كلهم وما بين نوح إلى آدم من الآباء كانوا على الإسلام ودعا نوح على الأسد أن يلقى عليه الحمى [ و] للحمامة بالإنس وللغراب بشقاء المعيشة وتزوج نوح امرأة من بني قابيل فولدت له غلاما سماه يوناطن فلما ضاقت بهم سوق الثمانين تحولوا إلى بابل فبنوها وهي بين الفرات والصراة فمكثوا بها حتى بلغوا مائة ألف وهم على الإسلام ولما خرج نوح من السفينة دفن آدم عليه السلام ببيت المقدس.
وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : بعث نوح عليه السلام الحمامة فجاءت بورق الزيتون فأعطيت الطوق الذي في عنقها وخضاب رجليها

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد رضي الله عنه قال خرجت أريد أن أشرب ماء المر قال : لا تشرب ماء المر فإنه لما كان زمن الطوفان أمر الله الأرض أن تبلع ماءها وأمر السماء أن تقلع فاستعصى عليه بعض البقاع فلعنه فصار ماؤه مرا وترابه سبخا لا ينبت شيئا.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : لما أمرت الأرض أن تغيض الماء غاضت الأرض ما خلا أرض الكوفة فلعنت فسائر الأرض تكون على نورين وأرض الكوفة على أربع.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {يا أرض ابلعي} قال : هو بالحبشة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه {وقيل يا أرض ابلعي ماءك} بالحبشية قال : ازرديه.
وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله {يا أرض ابلعي

ماءك} قال : اشربي بلغة الهند.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ويا سماء أقلعي} قال : أمسكي {وغيض الماء} قال : ذهب.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وغيض الماء} قال : نغض {وقضي الأمر} قال : هلاك قوم نوح ، أما قوله تعالى : {واستوت على الجودي}.
أخرج أحمد وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال : ما هذا الصوم فقالوا : هذا اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق وأغرق فيه فرعون وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكرا لله ، فقال صلى الله عليه وسلم : أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم فصامه وأمر أصحابه بالصوم.
وأخرج ابن جرير عن عبد العزيز بن عبد الغفور عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في أول يوم من رجب ركب نوح السفينة فصام هو وجميع من معه

وجرت بهم السفينة ستة أشهر فانتهى ذلك إلى المحرم فأرست السفينة على الجودي يوم عاشوراء فصام نوح وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا لله تعالى.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يوم عاشوراء اليوم الذي تاب الله فيه على آدم واليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي واليوم الذي فرق الله فيه البحر لبني إسرائيل واليوم الذي ولد فيه عيسى صيامه يعدل سنة مبرورة.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما استقرت السفينة على الجودي لبث ما شاء الله ثم إنه أذن له فهبط على الجبل فدعا الغراب فقال : ائتني بخبر الأرض فانحدر الغراب وفيها الغرقى من قوم نوح فأبطأ عليه فلعنه ودعا الحمامة فوقع على كف نوح فقال : اهبطي فائتيني بخبر الأرض فانحدر فلم يلبث إلا قليلا حتى جاء ينفض ريشه في منقاره فقال : اهبط فقد أبينت الأرض ، قال نوح : بارك الله فيك وفي بيت يؤويك وحببك إلى الناس لولا أن يغلبك الناس على نفسك لدعوت الله أن يجعل رأسك من ذهب

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال : الجودي جبل بالجزيرة تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت وتواضع هو لله تعالى فلم يغرق وأرسلت عليه سفينة نوح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عطاء قال : بلغني أن الجبل تشامخ في السماء إلا الجودي فعرف أن أمر الله سيدركه فسكن ، قال : وبلغني أن الله تعالى استخبا أبا قبيس الركن الأسود.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : الجودي جبل بالموصل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : أبقاها الله بالجودي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى رآها أوئل هذه الأمة كم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت.
الآية 45.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي} وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي وإن ابني من أهلي

وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما بغت امرأة نبي قط وقوله {إنه ليس من أهلك} يقول : إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك.
الآيات 46 - 47.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين وكان يقرؤها {إنه عمل غير صالح} يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك.
وأخرج أبو الشيخ من طريق سعيد عن قتادة في الآية قال : إنه لما نهاه أن يرجعه في أحد كان العمل غير صالح مراجعة ربه في قراءة عبد الله {فلا تسألن ما ليس لك به علم} وعن غير قتادة : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان وقال قتادة : خالف نوحا في النية والعمل.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي جعفر الرازي قال : سألت زيد بن أسلم قلت : كيف تقرأ هذا الحرف قال : {عمل غير صالح}

وأخرج الحاكم في الكنى عن أبي العالية قال : سمعت أبي بن كعب يقرؤها : (إنه عمل غير صالح)..
وأخرج ابن المنذر عن علقمة قال : في قراءة عبد الله {إنه عمل غير صالح}.
وأخرج ابن جرير {إنه عمل غير صالح} يقال : سؤالك عما ليس لك به علم.
وأخرج الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {إنه عمل غير صالح}.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها {إنه عمل غير صالح}

قال عَبد بن حُمَيد : أم سلمة رضي الله عنها هي أسماء بنت يزيد كلا الحديثين عندي واحد.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن مردويه والخطيب من طرق عن عائشة رضي الله عنها أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {إنه عمل غير صالح}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {إنه عمل غير صالح}.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : في بعض الحروف إنه عمل عملا غير صالح.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {إنه عمل غير صالح} قال : كان عمله كفرا بالله.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، أنه قرأ عمل غير صالح قال : معصية نبي الله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلا تسألن ما ليس لك به علم} قال : بين الله لنوح عليه السلام أنه ليس بابنه

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} قال : أن تبلغ بك الجهالة أني لا أفي بوعد وعدتك حتى تسألني ، قال : فإنها خطيئة رب إني أعوذ بك أن أسالك الآية ، وأخرخ أبو الشيخ عن ابن المبارك رضي الله عنه قال : لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتق شيئا واحدا لم يكن من المتقين ولو تورع من مائة شيء ولم يتورع من شيء واحدا لم يكن ورعا ومن كان فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين أما سمعت إلى ما قال نوح عليه السلام {إن ابني من أهلي} قال الله {إني أعظك أن تكون من الجاهلين}.
وأخرج أبو الشيخ عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال : بلغني أن نوحا عليه السلام لما سأل ربه فقال : يا رب إن ابني من أهلي ، فأوحى الله إليه ، يا نوح إن سؤالك إياي أن ابني من أهلي عمل غير صالح {فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين} قال : فبلغني أن نوحا عليه السلام بكى على قول الله {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} أربعين عاما.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهيب بن الورد الحضرمي قال : لما عاتب الله نوحا
عليه السلام في ابنه وأنزل عليه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} بكى ثلاثمائة حتى صارت تحت عينيه مثل الجدول من البكاء

الآية 48.
أَخرَج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {قيل يا نوح اهبط بسلام منا} الآية ، قال : اهبطوا والله عنهم راض واهبطوا بسلام من الله كانوا أهل رحمته من أهل ذلك ثم أخرج منهم نسلا بعد ذلك أمما منهم من رحم ومنهم من عذب وقرأ {وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم} قال : إنما افترقت الأمم من تلك العصابة التي خرجت من ذلك الماء وسلمت.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك} قال : فما زال الله يأخذ لنا بسهمنا وحظنا وكذلك يذكرنا من حيث لا نذكر أنفسنا كلما هلكت أمة جعلنا في أصلاب من ينجو بلطفه حتى جعلنا في خير أمة أخرجت للناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن السني في الطب النبوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول شجر غرس نوح عليه السلام حين خرج من السفينة الآس.
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان بن أبي العاتكة ، أن أول شيء تكلم به نوح عليه السلام حين استقرت به قدماه على الأرض حين خرج من السفينة أن قال :

يا مور أتقن كلمة بالسريانية : يعني يا ملاي أصلح.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن عساكر عن وهب بن منبه قال : لما أغرق الله قوم نوح أوحى إلى نوح عليه السلام إني خلقت خلقا بيدي وأمرتهم بطاعتي فعصوني واستأثروا غضبي فعذبت من لم يعصني من خلفي بذنب من عصاني فبي حلفت وأي شيء مثلي لا أعذب بالغرق العامة بعد هذا وإني جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي من الغرق إلى يوم القيامة وكانت القوس فيها سهم ووتر فلما فرغ الله من هذا القول إلى نوح نزع الوتر والسهم من القوس وجعلها أمانا لعباده وبلاده من الغرق.
وأخرج ابن عساكر عن خصيف قال : لما هبط نوح من السفينة وأشرف من جبل حسماء رأى تل حران بين نهرين فأتى حران فخطها ثم أتى دمشق فخطها فكانت حران أول مدينة خطت بعد الطوفان ثم دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : أول حائط وضع على وجه الأرض بعد الطوفان حائط حران ودمشق ثم بابل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن

كعب القرظي قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ودخل في ذلك المتاع والعذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {وعلى أمم ممن معك} يعني ممن لم يولد أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعاد {وأمم سنمتعهم} يعني متاع الحياة الدنيا ثم يمسهم منا عذاب أليم لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب رضي الله عنه قال : لم يزل بعد نوح عليه السلام في الأرض أربعة عشر يدفع بهم العذاب.
الآية 49.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه {تلك} يعني هذه {من أنباء} يعني أحاديث.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال : {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك} يعني العرب من قبل هذا القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} أي من قبل القرآن وما علم محمد صلى الله عليه وسلم

وقومه بما صنع نوح وقومه لولا ما بين الله عز وجل له في كتابه.
الآيات 50 - 60.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {إلا على الذي فطرني} أي خلقني.
وأخرج ابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أمسك عن عاد القطر ثلاث سنين فقال لهم هود {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا} فأبوا إلا تماديا.
وأخرج ابن سعد في الطبقات وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر وأبن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في "سُنَنِه" عن الشعبي رضي الله عنه قال :
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى يرجع ، فقيل له : ما رأيناك استسقيت قال : لقد طلبت المطر بمخاديج السماء التي يستنزل بها المطر ثم قرأ {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا} و(استغفروا ربكم إنه كان غفارا) (يرسل السماء عليكم مدرارا) (سورة نوح الآية 10 - 11)

وأخرج أبو الشيخ عن هرون التيمي في قوله {يرسل السماء عليكم مدرارا} قال : يدر ذلك عليهم مطرا ومطرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ويزدكم قوة إلى قوتكم} قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} قال : أصابتك بالجنون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {اعتراك بعض آلهتنا بسوء} قال : أصابتك الأوثان بجنون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ما يحملك على ذم آلهتنا إلا أنه قد أصابك منها سوء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصا عاديا أو

سبعا ضاريا أو شيطانا ماردا فيتلو هذه الآية {إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {إن ربي على صراط مستقيم} قال : الحق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {عذاب غليظ} قال : شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {كل جبار عنيد} المشرك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {كل جبار عنيد} الميثاق.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي عنيد قال : تمالت عن الحق

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة} قال : لم يبعث نبي بعد عاد إلا لعنت عاد على لسانه.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة} قال : لعنة أخرى.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله لعنة في الدنيا ولعنة في الآخرة.
الآيات 61 - 68.
أَخرَج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {هو أنشأكم من الأرض} قال : خلقكم من الأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {واستعمركم فيها} قال : أعمركم فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه {واستعمركم فيها} قال : استخلفكم فيها.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {فما تزيدونني غير تخسير} يقول : ما تزدادون أنتم إلا خسارا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء الخراساني {فما تزيدونني غير

تخسير} قال : ما تزيدونني بما تصنعون إلا شرا لكم وخسرانا تخسرونه.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {ثلاثة أيام} قال : كان بقي من أجل قوم صالح عند عقر الناقة ثلاثة أيام فلم يعذبوا حتى أكملوها.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {نجينا صالحا والذين آمنوا} الآية ، قال : نجاه الله برحمة منه ونجاه من خزي يومئذ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} قال : ميتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال : كأن لم يعيشوا فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {كأن لم يغنوا فيها} قال : كأن لم يعمروا فيها.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {كأن لم يغنوا فيها}

قال : كأن لم يكونوا فيها يعني في الدنيا حين عذبوا ولم يعمروا فيها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : وغنيت شيئا قبل نحري وأحسن * لو كان للنفس اللجوج خلود.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال : كأن لم ينعموا فيها.
الآية 69.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن عثمان بن محسن رضي الله عنه في ضيف إبراهيم كانوا أربعة ، جبريل عليه السلام وميكائيل وإسرافيل ورفائيل.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ قالوا سلاما قال سلام وكل شيء سلمت عليه الملائكة فقالوا سلاما قال سلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بعجل

حنيذ} قال : نضيج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حنيذ} قال : مشوي.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بعجل حنيذ} قال : سميط.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {بعجل حنيذ} قال : الحنيذ النضيج ما يشوى بالحجارة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : لهم راح وفار المسك فيهم * وشاوهم إذا شاوا حنيذ.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {بعجل حنيذ} قال : الحنيذ الذي أنضج بالحجارة.
وأخرج أبو الشيخ عن شمر بن عطية قال : الحنيذ الذي شوي وهو يسيل منه الماء.
الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال : بلغنا أن إبراهيم

عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول : ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال : ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا : (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال : ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال : يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال : يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا : لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال : إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك}

إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81) ، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال : على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما رأى إبراهيم أنه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم وإنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول : إذا أكرمت بطعامه حرم علي أذاه فخاف إبراهيم أن يريدوا به سوءا فاضطربت مفاصله وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم فضحكت سارة وإنما ضحكت أنها قالت : يا إبراهيم وما تخاف إنهم ثلاثة نفر وأنت وأهلك وغلمانك قال لها جبريل : أيتها الضاحكة أما أنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق ومن ورائه غلام يقال له يعقوب {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} فأقبلت والهة تقول : واويلتاه ، ووضعت يدها على وجهها استحياء ، فذلك قوله {فصكت

وجهها} و{قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال : لما بشر إبراهيم بقول الله {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} بإسحاق {يجادلنا في قوم لوط} وإنما كان جداله أنه قال : يا جبريل أين تريدون وإلى من بعثتم قال : إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم ، فقال إبراهيم (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم : إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم قال جبريل : لا ، قال : فإن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل : لا قال : فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل : لا حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن قال جبريل : لا فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنا واحدا قال : (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه ، أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل

الناس فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله فقال : أنا أخوها ، فقال : زوجينها ، فكان على ذلك حتى بات ليلة فجاءه حلم فخنقه
وخوفه فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها فدعا إبراهيم فقال : ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك فقال : إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال : فقال لوط لإبراهيم : إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت ، قال إبراهيم : ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك ، قال لوط عليه السلام : لا بل أنا أحق أن أخف عنك ، ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله ، فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من

أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا : مكانك ، قال : بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير ، {قالوا أتعجبين من أمر الله} فإنه قادر على ما يشاء وقد وهبه الله لكم فأبشروا به ، فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا وسألهم قال : أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم قالوا : إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد

استغنوا بالرجال عن النساء ، قال إبراهيم : إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء قالوا : وكم فيها قال : أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا ، قالوا : إذن لا نعذبهم ، قال : إن كان فيهم أربعون قالوا : إذن لا
نعذبهم ، فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة ثم قال : فأهل بيت قالوا : فإن كان فيها بيت صالح ، قال : فلوط وأهل بيته قالوا : إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين ، فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم فدخلوا على لوط عليه السلام فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل ، فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران فلقيهم لوط عليه السلام فقال : يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم ، قالوا : لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا فضاق به الأمر {قال لو أن

لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا : إن ركنك لشديد وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا : سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل فكان من أمرهم ما قص الله في القرآن فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض ثم حمل قراهم فقلبها عليهم ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا فأهلكهم الله تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد البصري رضي الله عنه في قوله {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه} قال : لم ير لهم أيديا فنكرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {نكرهم} الآية قال : كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وأنه يحدث نفسه بشر ثم حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته.
وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : لما تضيفت الملائكة عليهم السلام إبراهيم عليه السلام قدم

لهم العجل فقالوا : لا نأكله إلا بثمن ، قال : فكلوا وأدوا ثمنه ، قالوا : وما ثمنه قال : تسمون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم ، قال : فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا : لهذا اتخذك الله خليلا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما بعث الله الملائكة عليهم السلام لتهلك
قوم لوط أقبلت تمشي في صورة رجال شباب حتى نزلوا على إبراهيم السلام فضيفوه فلما رآهم أجلهم فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فذبحه ثم شواه في الرضف فهو الحنيذ وأتاهم فقعد معهم وقامت سارة رضي الله عنها تخدمهم فذلك حين يقول {وامرأته قائمة} وهو جالس في قراءة ابن مسعود / {فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون > / قالوا : يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن ، قال : فإن لهذا ثمنا ، قالوا : وما ثمنه قال : تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره ، فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال : حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا ، فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه يقول : لا يأكلون فزع منهم وأوجس منهم خيفة فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ضحكت وقالت : عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا ، قال لها جبريل : أبشري بولد اسمه إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، فضربت وجهها عجبا فذلك قوله {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز

وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال سارة رضي الله عنها : ما آية ذلك فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر ، فقال إبراهيم عليه السلام : هو لله إذن ذبيحا.
وأخرج ابن المنذر عن المغيرة رضي الله عنه قال : في مصحف ابن مسعود وامرأته قائمة وهو جالس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وامرأته قائمة} قال : في خدمة أضياف إبراهيم عليه السلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته تعجبا مما فيه قوم لوط من الغفلى ومما أتاهم من العذاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {فضحكت} قال : فحاضت وهي بنت ثمان وتسعين سنة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {فضحكت} قال : حاضت

وكانت ابنة بضع وتسعين سنة وكان إبراهيم عليه السلام ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فضحكت} قال : حاضت ، قال الشاعر : إني لأتي العرس عند طهورها * وأهجرها يوما إذا هي ضاحك.
وَأخرَج ابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه قال : كان اسم سارة يسارة فلما قال لها جبريل عليه السلام : يا سارة ، قالت : إن اسمي يسارة فكيف تسمينني سارة قال الضحاك : يسارة العاقر التي لا تلد وسارة الطالق الرحم التي تلد ، فقال لها جبريل عليه السلام : كنت يسارة لا تحملين فصرت سارة تحملين الولد وترضعينه ، فقالت سارة رضي الله عنها : يا جبريل نقصت اسمي قال جبريل : إن الله قد وعدك بأن يجعل هذا الحرف في اسم ولد من ولدك في آخر الزمان وذلك إن اسمه عند الله حي فسماه يحيى.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان حسن سارة رضي الله عنها حسن حواء عليها

السلام.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سارة بنت ملك من الملوك وكانت قد أوتيت حسنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال : هو ولد الولد.
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء عن حسان بن أبحر قال : كنت عند ابن عباس فجاءه رجل من هذيل فقال له ابن عباس : ما فعل فلان قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء ، فقال ابن عباس : {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال : ولد الولد.
وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {ومن وراء إسحاق يعقوب} قال : ولد الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ضمرة بن حبيب ، أن سارة لما بشرها الرسل بإسحاق قال : بينا هي تمشي وتحدثهم حين أتت بالحيضة فحاضت قبل أن

تحمل بإسحاق فكان من قولها للرسل حين بشروها : قد كنت شابة وكان إبراهيم شابا فلم أحبل فحين كبرت وكبر أألد قالوا : أتعجبين من ذلك يا سارة فإن الله قد صنع
بكم ما هو أعظم من ذلك إن الله قد جعل رحمته وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد.
وأخرج ابن الأنباري وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال : وهي يومئذ ابنة سبعين وهو يومئذ ابن تسعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {بعلي} قال : زوجي.
وأخرج أبو الشيخ عن ضرار بن مرة عن شيخ من أهل المسجد قال : بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي الله عنه قال : قالت سارة رضي الله عنها لما بشرتها الملائكة عليهم السلام {يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقالت الملائكة ترد على سارة {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال : فهو كقوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه) (الزخرف الآية 28) بمحمد صلى الله عليه وسلم وآله من عقب إبراهيم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب

الإيمان عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال : كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فسلم عليه فقلت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ، فقال ابن عباس : انته إلى ما انتهيت إليه الملائكة ثم تلا {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت}.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة رضي الله عنها فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته وصلواته ومغفرته فقال ابن عباس : انتهوا بالتحية إلى ما قال الله {رحمة الله وبركاته}.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن عطاء قال : كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما فجاء سائلا فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته وصلواته ، فقال ابن عباس : ما هذا السلام وغضب حتى احمرت وجنتاه إن
الله حد للسلام حدا ثم انتهى ونهى عما وراء ذلك ثم قرأ {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد}.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رجلا قال له : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ، فانتهره ابن عمر وقال : حسبك إذا انتهيت إلى وبركاته إلى ما قال الله

الآية 74.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} قال : الغرق {يجادلنا في قوم لوط} قال : يخاصمنا.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلما ذهب عن إبراهيم الروع} قال : الخوف {وجاءته البشرى} بإسحاق.
وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة {وجاءته البشرى} قال : حين أخبروه أنهم أرسلوا إلى قوم لوط وأنهم ليسوا إياه يريدون {يجادلنا في قوم لوط} قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين قالوا : إن كان فيها خمسون لم نعذبهم ، قال : أربعون قالوا : وأربعون ، قال : ثلاثون قالوا : وثلاثون حتى بلغ عشرة قالوا : وإن كان فيها عشرة قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ، قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان أو ما شاء الله من ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يجادلنا في قوم

لوط} قال : لما جاء جبريل ومن معه إلى إبراهيم عليه السلام وأخبره أنه مهلك قوم لوط قال : أتهلك قرية فيها أربعمائة مؤمن قال : لا ، قال : ثلثمائة مؤمن قال : لا ، قال : فمائتا مؤمن قال : لا ، قال : فمائة قال : لا ، قال : فخمسون مؤمنا قال : لا ، قال : فأربعون مؤمنا قال : لا ، قال : فأربعة عشر مؤمنا قال : لا ، وظن إبراهيم أنهم أربعة عشر بامرأة لوط وكان فيها ثلاثة عشر مؤمنا وقد عرف ذلك جبريل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب.
الآية 75 - 76.
أَخرَج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الحلم يجمع لصاحبه شرف الدنيا والآخرة ألم تسمع الله وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بالحلم فقال {إن إبراهيم لحليم أواه منيب}.
وأخرج أبو الشيخ عن ضمرة رضي الله عنه قال : الحلم أرفع من العقل لأن الله عز وجل تسمى به.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال : الأواه الرحيم والحليم الشيخ

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} قال : كان إذا قال : قال الله وإذا عمل عمل لله وإذا نوى نوى لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المنيب المقبل إلى طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : المنيب إلى الله المطيع لله الذي أناب إلى طاعة الله وأمره ورجع إلى الأمور التي كان عليها قبل ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : المنيب المخلص في عمله لله عز وجل.
الآية 77.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا} قال : ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه وقال {هذا يوم عصيب} يقول : شديد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في الآية قال : ساء ظنا بقومه يتخوفهم على أضيافه وضاق ذرعا بأضيافه مخافة عليهم

وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {يوم عصيب} قال : يوم شديد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : هم ضربوا قوانس خيل حجر * بجنب الردء في يوم عصيب وقال عدي بن زيد : فكنت لو أني خصمك لم أعود * وقد سلكوك في يوم عصيب.
الآيات 78 - 83.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال : يسرعون {ومن قبل كانوا يعملون السيئات} قال : يأتون الرجال

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال : ويسعون إليه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {يهرعون إليه} قال : يقبلون إليه بالغضب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول :
أتونا يهرعون وهم أسارى * سيوفهم على رغم الأنوف.
وَأخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ومن قبل كانوا يعملون السيئات} قال : ينكحون الرجال.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله {قال يا قوم هؤلاء بناتي} قال : ما عرض لوط عليه السلام بناته على قومه لا سفاحا ولا نكاحا إنما قال : هؤلاء بناتي نساؤكم لأن النَّبِيّ إذا كان بين ظهري قوم فهو أبوهم قال الله في القرآن وأزواجه أمهاتهم (الأحزاب الآية 6) وهو أبوهم في قراءة أبي رضي الله عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {هؤلاء بناتي} قال : لم تكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما دعاهم إلى نسائهم وكل نبي أبو أمته.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن عساكر عن السدي في قوله {هؤلاء بناتي} قال : عرض عليهم نساء أمته كل نبي فهو أبو أمته وفي قراءة عبد الله النَّبِيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم (الأحزاب الآية 6).
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما سمعت الفسقة بأضياف لوط جاءت إلى باب لوط فأغلق لوط عليهم الباب دونهم ثم اطلع عليهم فقال : هؤلاء بناتي ، فعرض عليهم بناته بالنكاح والتزويج ولم يعرضها عليهم للفاحشة وكانوا كفارا وبناته مسلمات فلما رأى البلاء وخاف الفضيحة عرض عليهم التزويج وكان اسم ابنتيه إحداهما رغوثا والأخرى وميثا ويقال : ديونا إلى قوله {أليس منكم رجل رشيد} أي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فلما لم يتناهوا ولم يردهم قوله ولم يقبلوا شيئا مما عرض عليهم من أمر بناته قال {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يعني عشيرة أو شيعة تنصرني

لحلت بينكم وبين هذا فكسروا الباب ودخلوا عليه وتحول جبريل في صورته التي يكون فيها في السماء ثم قال : يا لوط لا تخف نحن الملائكة لن يصلوا إليك وأمرنا بعذابهم ، فقال لوط : يا جبريل الآن تعذبهم - وهو شديد الأسف عليهم - قال جبريل : موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ، قال ابن عباس
رضي الله عنهما : إن الله يعبي العذاب في أول الليل إذا أراد أن يعذب قوما ثم يعذبهم في وجه الصبح ، قال : فهيئت الحجارة لقوم لوط في أول الليل لترسل عليهم غدوة الحجارة وكذلك عذبت الأمم عاد وثمود بالغداة فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها ونسائها وثمارها وطيرها فحواها وطواها ثم قلعها من تخوم الثرى ثم احتملها من تحت جناحه ثم رفعها إلى السماء الدنيا فسمع سكان سماء الدنيا أصوات الكلاب والطير والنساء والرجال من تحت جناح جبريل ثم أرسلها منكوسة ثم أتبعها بالحجارة وكانت الحجارة للرعاة والتجار ومن كان خارجا عن مدائنهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : عرض عليهم بناته تزويجا وأراد أن يقي أضيافه بتزويج بناته.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} قال : أمرهم هود بتزويج النساء وقال : هن أطهر

لكم.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {ولا تخزون في ضيفي} يقول : ولا تفضحوني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه {أليس منكم رجل رشيد} قال : رجل يأمر بمعروف وينهى عن المنكر.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {أليس منكم رجل رشيد} قال : رجل يأمر بمعروف وينهى عن المنكر.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {أليس منكم رجل رشيد} قال : واحد يقول لا إله إلا الله.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} قال : إنما نريد الرجال {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يقول : إلى جند شديد لقاتلتكم.
وأخرج ابن أبي حاتم إلى ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو آوي إلى ركن

شديد} قال : عشيرة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه {أو آوي إلى ركن شديد} قال : العشيرة.
وأخرج أبو الشيخ عن علي رضي الله عنه ، أنه خطب فقال عشيرة الرجل للرجل خير من الرجل لعشيرته ، إنه إن كف يدا واحدة وكفوا عنه أيديا كثيرة مع مودتهم وحفاظتهم ونصرتهم حتى لربما غضب الرجل للرجل وما يعرفه إلا بحسبه وسأتلو عليكم بذلك آيات من كتاب الله تعالى فتلا هذه الآية {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} قال علي رضي الله عنه : والركن الشديد : العشيرة ، فلم يكن للوط عليه السلام عشيرة فوالذي لا إله غيره ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال : بلغني أنه لم يبعث نبي بعد لوط إلا في ثروة من قومه حتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه ، أن هذه الآية لما نزلت {لو أن لي بكم قوة

أو آوي إلى ركن شديد} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد فلأي شيء استكان.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال : رحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد وذكر لنا أن الله لم يبعث نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه حتى بعث الله نبيكم صلى الله عليه وسلم في ثروة من قومه.
وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه قال لوط عليه السلام {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل وقالوا : يا لوط إن ركنك لشديد.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في عز من قومه.
وأخرج البخاري في الأدب والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله لوطا كان يأوي إلى ركن شديد - يعني

الله تعالى - فما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ، وَابن مردويه من طريق الأعرج عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يغفر الله للوط إنه كان ليأوي إلى ركن شديد.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الناس كانوا أنذروا قوم لوط فجاءتهم الملائكة عشية فمروا بناديهم فقال قوم لوط بعضهم لبعض : لا تنفروهم ولم يروا قوما قط أحسن من الملائكة فلما دخلوا على لوط عليه السلام راودوه عن ضيفه فلم يزل بهم حتى عرض عليهم بناته فأبوا فقالت الملائكة {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} قال : رسل ربي قالوا : نعم ، قال لوط : فالآن كذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : لما أرسلت الرسل إلى قوم لوط ليهلوكهم قيل لهم : لا تهلكوا قوم لوط حتى يشهد عليهم لوط ثلاث مرات وكان طريقهم على

إبراهيم خليل الرحمن {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} وكانت مجادلته إياهم قال : أرأيتم إن كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونهم قالوا : لا ، قال : فأربعون قالوا : لا ، حتى انتهى إلى عشرة أو خمسة قال : فأتوا لوطا وهو في أرض له يعمل فيها فحسبهم ضيفانا فأقبل حتى أمسى إلى أهله فمشوا معه فالتفت إليهم فقال : ما ترون ما يصنع هؤلاء قالوا : وما يصنعون قال : ما من الناس أحد شر منهم ، فمشوا معه حتى قال ذلك ثلاث مرات فانتهى بهم إلى أهله فانطلقت عجوز السوء امرأته فأتت قومه فقالت : لقد تضيف لوط الليلة قوما ما رأيت قط أحسن ولا أطيب ريحا منهم فأقبلوا إليه يهرعون فدافعوه بالباب حتى كادوا يغلبون عليه ، فقال ملك بجناحه فسفقه دونهم وعلا وعلوا معه فجعل يقول {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله} إلى قوله {أو آوي إلى ركن شديد} فقالوا {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فذلك حين علم أنهم رسل الله وقال ملك بجناحه فما عشى تلك الليلة أحد بجناحه إلا عمي فباتوا بشر ليلة عميا ينتظرون العذاب فاستأذن جبريل عليه السلام في هلاكهم فأذن له فاحتمل الأرض التي كانوا عليها وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صغاء كلابهم وأوقد تحتهم نارا ثم
قلبها بهم فسمعت

امرأة لوط الوجبة وهي معهم فالتفت فأصابها العذاب وتبعت سفارهم الحجارة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما جاءت رسل الله لوطا عليه السلام ظن أنهم ضيفان لقومه فأدناهم حتى أقعدهم قريبا وجاء ببناته وهن ثلاثة فأقعدهن بين ضيفانه وبين قومه فجاءه قومه يهرعون إليه فلما رآهم قال {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي} قالوا {ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فالتفت إليه جبريل عليه السلام فقال {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فلما دنو طمس أعينهم فانطلقوا عميا يركب بعضهم بعضا حتى إذا خرجوا إلى الذين بالباب قالوا : جئناكم من عند أسحر الناس ثم رفعت في جوف الليل حتى إنهم يسمعون صوت الطير في جو السماء ثم قلبت عليهم فمن أصابته الائتفاكة أهلكته ومن خرج منها اتبعته حيث كان حجرا فقتلته فارتحل ببناته حتى بلغ مكان كذا من الشام ماتت ابنته الكبرى فخرجت عندها عين ثم انطلق حيث شاء الله أن يبلغ فماتت الصغرى

فخرجت عندها عين فما بقي منهن إلا الوسطى.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أغلق لوط على ضيفه الباب فجاؤا فكسروا الباب فدخلوا فطمس جبريل أعينهم فذهبت أبصارهم قالوا : يا لوط جئتنا بسحرة فتوعدوه فأوجس في نفسه خيفة إذا قد ذهب هؤلاء يؤذونني ، قال جبريل {يا لوط إنا رسل ربك} إن موعدهم الصبح قال لوط : الساعة ، قال جبريل {أليس الصبح بقريب} قال : الساعة ، فرفعت حتى سمع أهل سماء الدنيا نبيح الكلاب ثم أقبلت ورموا بالحجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأسر بأهلك} يقول : سر بهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بقطع من الليل} قال : جوف الليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بقطع} قال سواد من الليل

وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {بقطع من الليل} قال : بطائفة من الليل.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق رضي الله عنه قال له : أخبرني عن قول الله {فأسر بأهلك بقطع من الليل} ما القطع قال : آخر الليل سحر ، قال مالك بن كنانة : ونائحة تقوم بقطع ليل * على رجل أهانته شعوب.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا يلتفت منكم أحد} قال : لا يتخلف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا يلتفت منكم أحد} قال : لا ينظر وراءه أحد {إلا امرأتك}.
وأخرج ابو عبيد ، وَابن جَرِير عن هرون رضي الله عنه قال : في حرف ابن مسعود رضي الله عنه فاسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أنها كانت مع لوط لما خرج من الطرية فسمعت الصوت فالتفت فأرسل الله عليها حجرا

فأهلكها ، فهي معلوم مكانها شاذة عن القوم وهي في مصحف عبد الله ولقد وفينا إليه أهله كلهم إلا عجوزا في الغبر قال : ولما قيل له إن موعدهم الصبح ، قال : إني أريد أعجل من ذلك ، قال {أليس الصبح بقريب}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : قال لوط : أهلكوهم الساعة ، قالوا : إنا لن نؤمر إلا بالصبح {أليس الصبح بقريب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قال له لوط : أهلكوهم الساعة ، قال له جبريل عليه السلام {إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} فأنزلت على لوط {أليس الصبح بقريب} قال : فأمره أن يسري بأهله بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأته فسار فلما كانت الساعة التي أهلكوا فيها أدخل جبريل عليه السلام جناحه فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب فجعل عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت : واقوماه ، فأدركها حجر فقتلها

وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر عن أبي الحلة قال : رأيت امرأة لوط قد مسخت حجر تحيض عند كل رأس شهر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها} قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم فنقلها من أركانها ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحيه بما فيها ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ثم قلبها فكان أول ما سقط منها سرادقها فلم يصب قوما ما أصابهم إن الله طمس على أعينهم ثم قلب قريتهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال : لما أصبحوا نزل جبريل عليه السلام فاقتلع الأرض من سبع أرضين فحملها حتى بلغ السماء الدنيا ثم أهوى بها جبريل إلى الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح ، أن جبريل عليه السلام أتى قرية لوط فأدخل يده تحت القرية ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب

وأصوات ديوكها ثم قلبها.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن وهب بن وهب بن منبه أن جبريل قلع الأرض يوم قوم لوط حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وأصوات الدياك وأمطر الله عليهم الكبريت والنار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه ، أن جبريل عليه السلام اجتث مدينة قوم لوط من الأرض ثم رفعها بجناحه حتى بلغ بها حيث شاء الله ثم جعل عاليها سافلها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : حدثت أن الله تعالى بعث جبريل عليه السلام إلى المؤتفكة مؤتفكة قوم لوط فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى إن أهل السماء ليسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثم أتبعها الله بالحجارة يقول الله تعالى {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل} فأهلكها الله ومن حولها من المؤتفكات فكن خمسا صنعة وصغرة وعصرة

ودوما وسدوم وهي القرية العظمى.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أنها ثلاث قرى فيها من العدد ما شاء الله أن يكون من الكثرة ذكر لنا أنه كان منها أربعة آلاف ألف وهي سدوم قرية بين المدينة والشام.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حجارة من سجيل} قال : من طين ، وفي قوله {مسومة} قال : السوم بياض في حمرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {حجارة من سجيل} قال : هي بالفارسية سنك وكل حجر وطين ، وفي قوله {مسومة} قال : معلمة.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال : بالفارسية أولها حجارة وآخرها طين ، وفي قوله {مسومة} قال : معلمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {حجارة من سجيل} قال : هي

كلمة أعجمية عربت سنك وكل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {حجارة من سجيل} قال : حجارة فيها طين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {حجارة من سجيل} قال : من طين {منضود} مصفوفة {مسومة} مطوقة بها نصح من حمرة {وما هي من الظالمين ببعيد} لم يدرأ منها ظالم بعدهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع رضي الله عنه في قوله {منضود} قال : قد نضد بعضه على بعض ، وفي قوله {مسومة} قال : عليها سيما خطوط صفر.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حجارة مسومة لا تشاكل حجارة الأرض.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال : السماء الدنيا والسماء الدنيا اسمها سجيل

وأخرج ابن شيبة عن ابن سابط رضي الله عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال : هي بالفارسية.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه ، أنه سأل هل بقي من قوم لوط أحد قال : لا إلا رجل بقي أربعين يوما كان تاجرا بمكة فجاءه حجر ليصيبه في الحرم فقامت إليه ملائكة الحرم فقالوا للحجر ارجع من حيث جئت فإن الرجل في حرم الله ، فرجع الحجر فوقف خارجا من الحرم أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته فلما خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم ، يقول الله {وما هي من الظالمين ببعيد} يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما هي من الظالمين ببعيد} قال : يرهب بها قريشا أن يصيبهم ما أصاب القوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وما هي من الظالمين ببعيد} يقول : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا أن يعذبوا بها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع في الآية قال : كل ظالم فيما سمعنا قد جعل بحذائه حجر ينتظر متى يؤمر أن يقع به فخوف الظلمة فقال :

وما هي من الظالمين ببعيد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {وما هي من الظالمين ببعيد} قال : من ظالمي هذه الأمة ثم يقول : والله ما أجار الله منها ظالما بعد.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن المنكدر ويزيد بن حفصة وصفوان بن سليم ، أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قد وجد رجلا في بعض نواحي العرب ينكح كما كانت تنكح المرأة وقامت عليه بذلك البينة فاستشار أبو بكر رضي الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن هذا ذنب لم يعص الله به أمة من الأمم إلا أمة واحدة فصنع الله بها ما قد علمتمأرى أن تحرقه بالنار فاجتمع أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أن يحرقوه بالنار فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد رضي الله عنه أن أحرقه بالنار ثم حرقهم ابن الزبير رضي الله عنه في إمارته ثم حرقهم هشام بن عبد الملك.
وأخرج ابن المنذر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي قال : عذب الله قوم لوط فرماهم بحجارة من سجيل فلا ترفع تلك العقوبة عمن عمل عمل قوم لوط

الآيات 84 - 88
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني أراكم بخير} قال : رخص السعر {وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} قال : غلاء السعر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {بقية الله} قال : رزق الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {بقية الله خير لكم} يقول : حظكم من ربكم خير لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بقية الله} يقول : طاعة الله.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع رضي الله عنه في قوله {بقية الله} قال : وصية الله {خير لكم}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {بقية الله} قال : رزق الله خير لكم من بخسكم الناس.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه في قوله {أصلاتك تأمرك} قال : أقراءتك

وأخرج ابن عساكر عن الأحنف رضي الله عنه ، أن شعيبا كان أكثر الأنبياء صلاة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يا شعيب أصلاتك تأمرك} الآية ، قال : نهاهم عن قطع هذه الدنانير والدراهم فقالوا : إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء إن شئنا قطعناها وإن شئنا أحرقناها وإن شئنا طرحناها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم وهو قوله {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم رضي الله عنه {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال : قرض الدراهم وهو من الفساد في الأرض.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : قطع الدراهم والدنانير المثاقيل التي قد جازت بين الناس وعرفوها من الفساد في الأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة بن أبي هلال ، أن ابن الزبير عاقب في قرض الدرهم

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنك لأنت الحليم الرشيد} قال : يقولون : إنك لست بحليم ولا رشيد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {إنك لأنت الحليم الرشيد} استهزاء به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ورزقني منه رزقا حسنا} قال : الحلال.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول : لم أك لأنهاكم عن أمر وأركبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه ، أن امرأة جاءت إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقالت : أتنهى عن المواصلة قال : نعم ، قالت : فلعله في بعض نسائك فقال : ما حفظت إذا وصية العبد الصالح {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}.
وأخرج أحمد عن معاوية القشيري ، أن أخاه مالكا قال : يا معاوية إن محمدا أخذ جيراني فانطلق إليه فانطلقت معه إليه فقال : دع لي جيراني

فقد كانوا أسلموا فأعرض عنه فقال : ألا والله إن الناس يزعمون أنك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره ، فقال : أو قد فعلوها لئن فعلت ذلك لكان علي وما كان عليهم.
وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} قال : بلغني أنه يدعى يوم القيامة بالمذكر الصادق فيوضع على رأسه تاج الملك ثم يؤمر به إلى الجنة فيقول : إلهي إن في مقام القيامة أقواما قد كانوا يعينوني في الدنيا على ما كنت عليه ، قال : فيفعل بهم مثل ما فعل به ثم ينطلق يقودهم إلى الجنة لكرامته على الله.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي إسحاق الفزاري رضي الله عنه قال : ما أردت أمرا قط فتلوت عنده هذه الآية إلا عزم لي على الرشد {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإليه أنيب} قال : إليه أرجع.
وأخرج أبو نعيم في الحلية ، عَن عَلِي ، قال : قلت : يا رسول الله أوصني قال قل ربي الله ثم استقم ، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، قال : ليهنك العلم أبا الحسن لقد شربت العلم شربا

ونهلته نهلا ، في إسناده محمد بن يونس الكريمي.
الآيات 89 - 97
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {لا يجرمنكم شقاقي} لايحملنكم فراقي.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال {شقاقي} قال : عدواني.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس ، أن شعيبا قال لقومه : يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود {وما قوم لوط منكم ببعيد} وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب وكانوا أقربهم عهدا بالهلاك {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم} لمن تاب إليه من الذنب {ودود} يعني يحبه ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده ، فردوا عليه {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا} كان أعمى {ولولا رهطك} يعني عشيرتك التي أنت بينهم {لرجمناك} يعني لقتلناك {وما أنت علينا بعزيز} {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله} قالوا : بل الله ، قال فأتخذتم الله وراءكم {ظهريا} يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه غير أن علم ربي أحاط بكم {إن ربي بما تعملون محيط} قال ابن عباس : وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها فبدا شعيب

فدعاهم إلى عبادة الله وكف الظلم وترك ما سوى ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خلف بن حوشب قال : هلك قوم شعيب من شعيرة إلى شعيرة كانوا يأخذون بالرزينة ويعطون بالخفيفة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي} الآية ، قال : لا يحملنكم عدواتي على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وما قوم لوط منكم ببعيد} قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن أبي ليلى الكندي رضي الله عنه قال : أشرف عثمان رضي الله عنه على الناس من داره وقد أحاطوا به فقال {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد} يا قوم لا تقتلوني إنكم إن قتلتموني كنتم هكذا وشبك بين أصابعه.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال : كان أعمى وإنما عمي من بكائه من حب الله عز وجل

وأخرج الواحدي ، وَابن عساكر عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى شعيب عليه السلام من حب الله حتى عمي فرد الله عليه بصره وأوحى الله إليه : يا شعيب ما هذا البكاء أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار فقال : لا ولكن اعتقدت حبك بقلبي فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي فأوحى الله إليه : يا شعيب إن يكن ذلك حقا فهنيأ لك لقائي يا شعيب لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والخطيب ، وَابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال : كان ضرير البصر.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال : كان أعمى وكان يقال له : خطيب الأنبياء عليهم السلام.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا}

قال : إنما أنت واحد.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولولا رهطك لرجمناك} قال : لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك.
وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : لو كان للوط مثل أصحاب شعيب لجاهد بهم قومه.
وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال : كان مكفوفا فنسبوه إلى الضعف {ولولا رهطك لرجمناك} قال علي : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال : نبذتم أمره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال : قضاء قضى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} يقول : لا تخافونه

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال : جعلتموه خلف ظهوركم فلم تطيعوه ولم تخافوه.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال : تهاونتم به.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال : الظهري الفضل مثل الجمال يحتاج معه إلى إبل ظهري فضل لا يحمل عليها شيئا إلا أن يحتاج إليها فيقول : إنما ربكم عندكم هكذا إن احتجتم إليه فإن لم تحتاجوا فليس بشيء.
الآية 98 - 99.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يقدم قومه يوم القيامة} يقول : أضلهم فأوردهم النار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يقدم قومه يوم القيامة} قال : فرعون يمضي بين يدي قومه حتى يهجم بهم على النار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأوردهم النار} قال الورود الدخول

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الورود في القرآن أربعة ، في هود {وبئس الورد المورود} وفي مريم (وإن منكم إلا واردها) (مريم الآية 71) وفيها أيضا (ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) (مريم الآية 86) وفي الأنبياء (حصب جهنم أنتم لها واردون) (الأنبياء الآية 98) قال : كل هذا الدخول.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة} أردفوا وزيدوا بلعنة أخرى فتلك لعنتان {بئس الرفد المرفود} اللعنة في أثر اللعنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بئس الرفد المرفود} قال : لعنة الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : لم يبعث نبي بعد فرعون إلا لعن على لسانه ويوم القيامة يزيد لعنة أخرى في النار.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {بئس الرفد المرفود} قال : بئس اللعنة بعد اللعنة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول :

لا تقدمن بركن لا كفاء له * وإنما تفك الأعداء بالرفد.
الآية 100.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {منها قائم} يعني بها قرى عامرة {وحصيد} يعني قرى خامدة.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك} قال : قال الله ذلك لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {قائما} يرى مكانه {وحصيد} إلا يرى له أثر وقال في آية أخرى (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) (مريم الآية 98).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {منها قائم} خاو على عروشه {وحصيد} ملصق بالأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {منها قائم وحصيد} قال : الحصيد الذي قد خرب ودمر.
الآية 101.
أَخرَج أبو الشيخ عن الفضل بن مروان رضي الله عنه في قوله {وما ظلمناهم} قال : نحن أغنى من أن نظلم.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي عاصم رضي الله عنه {فما أغنت عنهم آلهتهم} قال :

ما نفعت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {وما زادوهم غير تتبيب} يعني غير تخسير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وما زادوهم غير تتبيب} قال : تخسير.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {وما زادوهم غير تتبيب} أي هلكة.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {وما زادوهم غير تتبيب} قال : وما زادوهم إلا شرا وقرأ (تبت يدا أبي لهب وتب) (المسد الآية 1) وقال : التب الخسران والتتبيب ما زادوهم غير خسران وقرأو (لا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) (فاطر 39).
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {وما زادوهم غير تتبيب} قال : غير تخسير ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت بشر بن أبي حازم الشاعر وهو يقول : هم جدعوا الأنوف فأرعبوها * وهم تركوا بني سعد تبابا

الآية 102.
أَخرَج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سبحانه ليملي للظالم حتى إذا أخذته لم يفلته ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : لا يغرنكم طول النسيئة ولا حسن الطلب فإن أخذه أليم شديد.
وأخرج ابن أبي داود عن سفيان رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله كذلك أخذ ربك بغير واو.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه قرأها وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى بظلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال : إن الله تعالى حذر هذه الأمة سطوته بقوله {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}.
الآيات 103 - 104

أخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة} يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدنا في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : ذاك يوم القيامة يجتمع فيه الخلق كلهم ويشهده أهل السماء وأهل الأرض.
الآية 105.
أَخرَج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله يوم يأت قال ذلك اليوم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه قال : كلام الناس يوم القيامة السريانية

وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمر بن ذر ، أنه قرأ / {يوم يأتون لا تكلم منهم دابة إلا بإذنه > /.
وأخرج الترمذي وحسنه وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما نزلت {فمنهم شقي وسعيد} قلت : يا رسول الله فعلام نعمل على شيء قد فرغ منه أو على شيء لم يفرغ منه قال بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر ولكن كل ميسر لما خلق له.
الآيات 106 - 108.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هاتان من المخبآت قول الله {فمنهم شقي وسعيد} ويوم يجمع الله الرسل
فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا) (المائدة الآية 109) أما قوله {فمنهم شقي وسعيد} فهم قوم من أهل الكبائر من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم ثم يأذن في الشفاعة لهم فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} حين أذن في الشفاعة لهم وأخرجهم من النار وأدخلهم الحنة

وهم هم {وأما الذين سعدوا} يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه {ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} يعني الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن قتادة ، أنه تلا هذه الآية {فأما الذين شقوا} فقال : حدثنا أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فأما الذين شقوا} إلى قوله {إلا ما شاء ربك} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن خالد بن معدان في قوله {إلا ما شاء ربك} قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {إلا ما شاء ربك} قال : إلا ما استثنى من أهل القبلة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي نضرة ، عَن جَابر بن عبد الله الأنصاري أو عن أبي سعيد الخدري أو رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

في قوله {إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله يقول : حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن أبي نضرة قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية {إن ربك فعال لما يريد}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وأما الذين سعدوا} الآية ، قال : هو
في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة يقول : خالدين في الجنة {ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} يقول : إلا ما مكثوا في النار حتى أدخلوا الجنة.
وأخرج أبو الشيخ عن سنان قال : استثنى في أهل التوحيد ثم قال {عطاء غير مجذوذ}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما دامت السماوات والأرض} قال : لكل جنة سماء وأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ما دامت السماوات والأرض} قال : سماء الجنة وأرضها

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ما دامت السماوات والأرض} قال : تبدل سماء غير هذه السماء وأرض غير هذه الأرض فما دامت تلك السماء وتلك الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : إذا كان يوم القيامة أخذ الله السموات السبع والأرضين السبع فطهرهن من كل قذر ودنس وفصيرهن أرضا بيضاء فضة نورا يتلألأ فصيرهن أرضا للجنة والسموات والأرض اليوم في الجنة كالجنة في الدنيا يصيرهن الله على عرض الجنة ويضع الجنة عليها وهي اليوم على أرض زعفرانية عن يمين العرش فأهل الشرك خالدين في جهنم ما دامت أرضا للجنة.
وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله {إلا ما شاء ربك} قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأما الذين شقوا} قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله فنسخها فأنزل الله بالمدينة (إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا) (النساء الآية 168) إلى آخر الآية ، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها وأوجب لهم خلود الأبد ، وقوله {وأما الذين سعدوا} الآية ، قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها فأنزل بالمدينة (والذين آمنوا وعملوا الصالحات

سندخلهم جنات) (النساء الآية 122) إلى قوله (ظلا ظليلا) فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إلا ما شاء ربك} قال : استثنى الله أمر النار أن تأكلهم.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن عن عمر رضي الله عنه قال : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه.
وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال : سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرأ {فأما الذين شقوا} الآية.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال : ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية {خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} قال : وقال ابن مسعود ليأتين عليها زمانا تخفق أبوابها.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : حهنم أسرع الدارين عمرانا وأسرعهما خرابا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إلا ما شاء ربك} قال : الله أعلم بمشيئته على ما وقعت

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قد أخبر الله بالذي شاء لأهل الجنة فقال {عطاء غير مجذوذ} ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار.
وأخرج ابن المنذر عن أبي وائل ، أنه كان إذا سئل عن الشيء من القرآن قال : قد أصاب الله به الذي أراد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لهم فيها زفير وشهيق} قال : الزفير الصوت الشديد في الحلق والشهيق الصوت الضعيف في الصدر ، وفي قوله {غير مجذوذ} قال : غير مقطوع ، وفي لفظ : غير منقطع.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {لهم فيها زفير وشهيق} ما الزفير قال : زفير كزفير الحمار ، قال فيه أوس بن حجر : ولا عذران لاقيت أسماء بعدها * فيغشى علينا إن فعلت وتعذر فيخبرها أن رب يوم وقفته * على هضبات السفح تبكي وتزفر
الآيات 109 - 111.
أَخْرَج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سلوا الله العافية فإنه لم يعط أحد أفضل من معافاة بعد يقين وإياكم والريبة

فإنه لم يعط أحد أشر من ريبة بعد كفر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} قال : ما قدر لهم من خير وشر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإنا لموفوهم نصيبهم} قال : موفوهم نصيبهم من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه {وإنا لموفوهم نصيبهم} قال : من الرزق.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يوفي كل عبد ما كتب له من الرزق فأجملوا في المطلب دعوا ما حرم وخذوا ما حل.
الآيات 112 - 113.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاستقم كما

أمرت} الآية ، قال : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستقيم على أمره ولا يطغى في نعمته.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان رضي الله عنه في قوله {فاستقم كما أمرت} قال : استقم على القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} قال : شمروا شمروا فما رؤي ضاحكا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ومن تاب معك} قال : آمن.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن العلاء بن عبد الله بن بدر رضي الله عنه في قوله {ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} قال : لم يرد به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إنما على الذين يجيئون من بعدهم.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {ولا تطغوا} يقول : لا تظلموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : الطغيان خلاف أمره وركوب معصيته.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} قال : يعني الركون إلى الشرك

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تركنوا} قال : لا تميلوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تركنوا} قال : لا تذهبوا.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} أن تطيعوهم أو تودوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} قال : لا ترضوا أعمالهم.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : خصلتان إذا صلحتا للعبد صلح ما سواهما من أمره الطغيان في النعمة والركون إلى الظلم ثم تلا هذه الآية {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}.
الآيات 114 – 115
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال : صلاة المغرب والغداة {وزلفا من الليل} قال : صلاة العتمة

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال : الفجر والعصر {وزلفا من الليل} قال : هما زلفتان صلاة المغرب وصلاة العشاء ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هما زلفتا الليل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال : صلاة الفجر وصلاتي العشاء يعني الظهر والعصر {وزلفا من الليل} قال : المغرب والعشاء.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وزلفا من الليل} قال : ساعة بعد ساعة يعني صلاة العشاء الآخرة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس ، أنه كان يستحب تأخير العشاء ويقرأ {وزلفا من الليل}.
وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه عن ابن مسعود في قوله {إن الحسنات يذهبن السيئات} قال : الصلوات الخمس

وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ومحمد بن نصر ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إن الحسنات يذهبن السيئات} قال : الصلوات الخمس {والباقيات الصالحات} قال : الصلوات الخمس.
وأخرج ابن حبان عن ابن مسعود قال : قال رجل : يا رسول الله إني لقيت امرأة في البستان فضممتها إلي وقبلتها وباشرتها وفعلت بها كل شيء إلا أني لم أجامعها فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه فقال عمر : يا رسول الله أله خاصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل للناس كافة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن حبان عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من
امرأة قبلة فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها فأنزلت عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال : يا رسول الله ألي هذه قال : هي لمن عمل بها من أمتي

وأخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني وجدت امرأة في البستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فذهب الرجل فقال عمر : لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه ، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فقال ردوه عليه ، فردوه فقرأ عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار} الآية ، فقال معاذ بن جبل : يا رسول الله أله وحده أم للناس كافة فقال : بل للناس كافة.
وأخرج الترمذي وحسنه والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي اليسر قال أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت : إن في البيت تمرا أطيب منه ، فدخلت معي البيت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له قال : استر على نفسك وتب ، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال : استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا ، فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا

تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا حتى أوحى الله إليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} إلى قوله {للذاكرين} قال أبو اليسر : فأتيته فقرأها علي فقال أصحابه : يا رسول الله ألهذا خاصة قال : بل للناس كافة.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه ، أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أقم في حد الله مرة أو مرتين ، فأعرض عنه ثم أقيمت الصلاة فلما فرغ قال أين الرجل قال : أنا ذا ، قال : أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا قال : نعم ، قال : فإنك من خطيئتك كما ولدتك أمك فلا تعد وأنزل الله حينئذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وأقم الصلاة طرفي النهار} الآية.
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ والدارقطني والحاكم
وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما ترى في رجل لقي امرأة لا يعرفها فليس يأتي الرجل من امرأته شيئا إلا أتى فيها غير أنه لم يجامعها فأنزل الله {وأقم الصلاة طرفي النهار} الآية ، فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل ، قال معاذ : فقلت يا رسول الله : أله خاصة أم للمؤمنين عامة قال : للمؤمنين عامة.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال جاء رجل إلى

النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن امراة جاءت تبايعني فأدخلتها فأصبت منها ما دون الجماع فقال : لعلها مغيبة في سبيل الله قال : أظن ، قال : ادخل ، فدخل فنزل القرآن {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} الآية ، فقال الرجل : ألي خاصة أم للمؤمنين عامة فضرب عمر في صدره وقال : لا ولا نعمة عين ولكن للمؤمنين عامة ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : صدق عمر هي للمؤمنين عامة

وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إني نلت من امرأة ما دون نفسها فأنزل الله {وأقم الصلاة} الآية.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن رجلا كان يحب امرأة فاستأذن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حاجة فأذن له فانطلق في يوم مطير فإذا هو بالمرأة على غدير ماء تغتسل فلما جلس منها مجلس الرجل من المرأة ذهب يحرك ذكره فإذا هو كأنه هدبة فندم فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صل أربع ركعات فأنزل الله {وأقم الصلاة طرفي النهار}.
وأخرج ابن مردويه عن بريدة قال جاءت امرأة من الأنصار إلى رجل يبيع التمر بالمدينة وكانت امرأة حسناء جميلة فلما نظر إليها أعجبته وقال : ما أرى عندي ما أرضى لك ههنا ولكن في البيت حاجتك فانطلقت معه حتى إذا دخلت راودها على نفسها فأبت وجعلت تناشده فأصاب منها من غير أن يكون أفضى إليها فانطلق الرجل وندم على ما صنع حتى أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأخبره فقال : ما حملك على ذلك قال : الشيطان ، فقال له : صل معنا ونزل {وأقم الصلاة طرفي النهار} يقول : صلاة الغداة والظهر والعصر {وزلفا من الليل} المغرب والعشاء {إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال الناس : يا رسول الله لهذا خاصة أم للناس عامة

قال : بل هي للناس عامة.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال : أقبلت امرأة حتى جاءت إنسانا يبيع الدقيق لتبتاع منه فدخل بها البيت فلما خلا بها قبلها فسقط في يده فانطلق إلى أبي بكر فذكر ذلك له فقال : انظر لا تكون امرأة رجل غاز ، فبينما هم على ذلك نزل في ذلك {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} قيل لعطاء : المكتوبة هي قال : نعم.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال جاء فلان بن مقيب رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله دخلت على امرأة فنلت منها ما ينال الرجل من أهله إلا أني لم أواقعها فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيبه حتى نزلت هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار} فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه.
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال : ضرب رجل على كفل امرأة ثم أتى إلى أبي بكر وعمر فسألهما عن كفارة ذلك فقال كل منهما : لا أدري ثم أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله فقال لا أدري حتى أنزل الله {وأقم الصلاة}

الآية.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان ، أن رجلا من بني تميم دخلت عليه امرأة فقبلها ووضع يده على دبرها فجاء إلى أبي بكر ثم إلى عمر ثم إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {وأقم الصلاة} إلى قوله {ذلك ذكرى للذاكرين} فلم يزل الرجل الذي قبل المرأة يذكر فذلك قوله {ذكرى للذاكرين}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن يحيى بن جعدة ، أن رجلا أقبل يريد أن يبشر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمطر فوجد امرأة جالسة على غدير فدفع صدرها وجلس بين رجليها فصار ذكره مثل الهدبة فقام ثم أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنع فقال له استغفر ربك وصل أربع ركعات وتلا عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار} الآية.
وأخرج الطيالسي وأحمد والدارمي ، وَابن جَرِير والطبراني والبغوي في معجمه ، وَابن مردويه عن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصنا يابسا من شجرة فهزه حتى تحات ورقه ثم قال : إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما يتحات هذا

الورق ثم تلا هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار} الآية ، إلى قوله {للذاكرين}.
وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي مالك الأشعري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الصلوات كفارات لما بينهن فإن الله تعالى قال {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة.
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند صحيح عن عثمان قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم قال من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما كان بينه وبين صلاة الصبح ثم صلى العصر غفر له ما كان بينه وبين صلاة الظهر ثم صلى المغرب غفر له ما كان بينه وبين صلاة العصر ثم

صلى العشاء غفر له ما كان بينه وبين صلاة المغرب ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء وهن الحسنات يذهبن السيئات قالوا : هذه الحسنات فما الباقيات يا عثمان قال : هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيئا قالوا : لا يا رسول الله ، قال : كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الذنوب والخطايا.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكن السيء بالحسن.
وأخرج الحكيم الترمذي والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أحسن إدراكا من حسنة حديثة

لسيئة قديمة {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج أحمد عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : يا معاذ اتبع السيئة الحسنة تمحها.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله أوصني ، قال : اتق الله إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها ، قال : قلت : يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله قال : هي أفضل الحسنات.
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد لا إله إلا الله في ساعة من ليل أو نهار إلا طلست ما في الصحيفة من السيئات حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات.
وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله : ما تركت من حاجة ولا داجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قال : نعم ، قال : فإن هذا يأتي على ذلك

وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يعمل الحسنات على أثر السيئات كمثل رجل عليه درع من حديد ضيقة تكاد تخنقه فكلما عمل سيئة فك حتى يحل عقده كلها.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال : إن الصلاة من الحسنات وكفارة ما بين الأولى إلى العصر صلاة العصر وكفارة ما بين صلاة العصر إلى المغرب صلاة المغرب وكفارة ما بين المغرب إلى العتمة صلاة العتمة ثم يأوي المسلم إلى فراشه لا ذنب له ما اجتنبت الكبائر ثم قرأ {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن علي رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام الرجل فأعاد القول فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أليس قد صليت معنا هذه الصلاة وأحسنت لها الطهور قال : بلى ، قال : فإنها كفارة ذلك.
وأخرج مالك ، وَابن حبان عن عثمان بن عفان أنه قال : لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكموه ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرئ يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي الصلاة إلا غفر الله له ما

بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها ، قال مالك : أراه يريد هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج ابن حبان عن واثلة بن الأسقع قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ، فأعرض عنه ثم أقيمت الصلاة فلما سلم قال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل توضأ ثم أقبلت قال : نعم ، قال : وصليت معنا قال : نعم ، قال : فاذهب فإن الله قد غفر لك.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال : كنت عند النبي
صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ، فلم يسأله عنه وحضرت الصلاة فصلى مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قام إليه رجل فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم علي كتاب الله ، قال أليس قد صليت معنا قال : نعم ، قال : فإن الله قد غفر لك ذنبك

وأخرج البزار وأبو يعلى ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه عن أنس بن مالك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : مثل الصلوات الخمس كمثل نهار جار عذب غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فماذا يبقين من درنه قال : ودرنه إثمه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فما يبقى من درنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الصلوات الخمس نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم فماذا يبقين من الدرن

وأخرج أحمد ، وَابن خزيمة ومحمد بن نصر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت سعدا وناسا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقولون : كان رجلان أخوان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحدهما أفضل من الآخر فتوفي الذي هو أفضلهما وعمر الآخر بعده أربعين ليلة ثم توفي فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الأول على الآخرة قال ألم يكن يصلي قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يدريكم ما بلغت به صلاته ثم قال عند ذلك : إنما مثل الصلوات كمثل نهر جار بباب أحدكم غمر عذب يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فماذا ترون يبقى من درنه.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب يجري عند باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فماذا يبقى عليه من الدرن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي برزة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما

صليت صلاة إلا وأنا أرجو أن تكون كفارة لما أمامها.
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرئ تحضر صلاة مكتوبة فيقوم فيتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي فيحسن الصلاة إلا غفر له ما بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه.
وأخرج البزار والطبراني عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصلوات الخمس كفارة ما بينها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت لو أن رجلا كان يعتمل وكان بين منزله ومعتمله خمسة أنهار فإذا أتى معتمله عمل فيه ما شاء الله فأصابه الوسخ أو العرق فكلما مر بهر اغتسل ما كان يبقى من درنه فكذلك الصلاة كلما عمل خطيئة صلى صلاة فدعا واستغفر الله غفر الله له ما كان قبلها.
وأخرج البزار عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تعالى ملكا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فأطفئوها

وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يبعث مناد عند حضرة كل صلاة فيقول : يا بني آدم قوموا فأطفئوا عنكم ما أقدتم على أنفسكم فيقومون فيتطهرون ويصلون فيغفر لهم ما بينهما فإذا حضرت العصر فمثل ذلك فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك فإذا حضرت العتمة فمثل ذلك فينامون فيغفر لهم فمدلج في خير ومدلج في شر.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة الباهلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصلاة المكتوبة تكفر ما قبلها إلى الصلاة الأخرى والجمعة تكفر ما قبلها إلى الجمعة الأخرى وشهر رمضان يكفر ما قبله إلى شهر رمضان والحج يكفر ما قبله إلى الحج.
وأخرج الطبراني عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس والحمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وأخرج البزار والطبراني عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم يصلي وخطاياه مرفوعة على رأسه كلما سجد تحاتت عنه فيفرغ من صلاته وقد تحاتت عنه خطاياه

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد إذا قام يصلي جمعت ذنوبه على رقبته فإذا ركع تفرقت.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ثم يصلي ركعتين أو أربعا مفروضة أو غير مفروضة ثم يستغفر الله إلا غفر الله له.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود موقوفا والبزار والطبراني عنه مرفوعا قال الصلوات الحقائق كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : مثل الصلوات الخمس مثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فماذا يبقين بعد عليه

من درنه.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء ، مثل الصلوات الخمس مثل رجل على بابه نهر يغتسل منه كل يوم خمس مرات فماذا يبقيي ذلك من درنه.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : تكفير كل لحاء ركعتان.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير عن ابن مسعود قال : يحترقون فإذا صلوا الظهر غسلت ثم يحترقون فإذا صلوا العصر غسلت ثم يحترقون فإذا صلوا المغرب غسلت حتى ذكر الصلوات كلهن.
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يكتب حتى تستيقظوا

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عبيدة بن الجراح ، أنه قال : بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات فلو أن أحدكم أخطأ ما بينه وبين السماء والأرض ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : استعينوا على السيئات القديمات
بالحسنات الحديثات وإنكم لن تجدوا شيئا أذهب لسيئة قديمة من حسنة حديثة وتصديق ذلك في كتب الله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ذلك ذكرى للذاكرين} قال : هم الذين يذكرون الله في السراء والضراء والشدة والرخاء والعافية والبلاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر فذلك قوله {ذلك ذكرى للذاكرين}.
الآية 116.
أَخْرَج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض}.
وأخرج ابن أبي مالك في قوله {فلولا} قال : فهلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : أي

لم يكن من قبلكم من ينهى عن الفساد في الأرض إلا قليلا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {إلا قليلا ممن أنجينا منهم} يستقلهم الله من كل قوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه} قال : في ملكهم وتجبرهم وتركهم الحق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس {أترفوا فيه} نظروا فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه} من دنياهم وإن هذه الدنيا قد تعقدت أكثر الناس وألهتهم عن آخرتهم.
الآية 117
أخرج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والديلمي عن جرير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن تفسيرها هذه الآية {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلها

ينصف بعضهم بعضا وأخرجه ابن أبي حاتم والخرائطي في مساوي الأخلاق عن جرير موقوفا.
الآيات 118 - 119.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن الضحاك {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا يزالون مختلفين} قال : أهل الحق وأهل الباطل {إلا من رحم ربك} قال : أهل الحق {ولذلك خلقهم} قال : للرحمة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك} قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال {ولا يزالون مختلفين} في الهوى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح !

{ولا يزالون مختلفين} أي اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية وهم الذين رحم ربك الحنيفية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك غير مختلف {ولذلك خلقهم} قال : للإختلاف.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {ولا يزالون مختلفين} قال : أهل الباطل {إلا من رحم ربك} قال : أهل الحق {ولذلك خلقهم} قال : للرحمة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة {ولا يزالون مختلفين} قال : اختلاف الملل {إلا من رحم ربك} قال : أهل القبلة {ولذلك خلقهم} قال : للرحمة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : أهل رحمة الله أهل الجماعة وإن تفرقت

ديارهم وأبدانهم وأهل معصيته أهل فرقة وإن اجتمعت أبدانهم {ولذلك خلقهم} للرحمة والعبادة ولم يخلقهم للإختلاف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن ابن عباس {ولذلك خلقهم} قال : خلقهم فريقين : فريقا يرحم فلا يختلف وفريقا لا يرحم يختلف ، وكذلك قوله {فمنهم شقي وسعيد} (هود الآية 105).
وأخرج ابن المنذر عن قريش قال : كنت عند عمرو بن عبيد فجاء رجلان فجلسا فقالا : يا أبا عثمان ما كان الحسن يقول في هذه الآية {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} قال : كان يقول (فريق في الجنة وفريق في السعير) (الشورى الآية 7).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {ولذلك خلقهم} قال : خلق هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لعذابه.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن أبي نجيح ، أن رجلين تخاصما إلى طاووس فاختلفا عليه فقال : اختلفتما علي فقال أحدهما لذلك خلقنا ، قال : كذبت ، قال : أليس الله يقول {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك

ولذلك خلقهم} قال : إنما خلقهم للرحمة والجماعة.
الآية 120.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل من قبلك من أممهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس {وجاءك في هذه الحق} قال : في هذه السورة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي موسى الأشعري {وجاءك في هذه الحق} قال : في هذه السورة.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {وجاءك في هذه الحق} قال : في هذه الدنيا.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد قال : كان قتادة يقول في هذه السورة وقال

الحسن : في الدنيا.
وأخرج أبو الشيخ من طريق أبي رجاء عن الحسن {وجاءك في هذه الحق} قال : في هذه السورة.
الآيات 121 - 123.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {اعملوا على مكانتكم} أي منازلكم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وانتظروا إنا منتظرون} قال : يقول : انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم ، وفي قوله {وإليه يرجع الأمر كله} قال : فيقضي بينهم بحكمه العدل.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام وخاتمة التوراة هود {ولله غيب السماوات والأرض} إلى قوله {بغافل عما تعملون}

* بسم الله الرحمن الرحيم * (12)- سورة يوسف.
مكية وآياتها إحدى عشرة ومائة.
مقدمة سورة يوسف.
أَخرَج النحاس وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة يوسف بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : أنزلت سورة يوسف بمكة.
وأخرج الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي أنه خرج هو ، وَابن خالته معاذ بن عفراء حتى قدما مكة وهذا قبل خروج الستة من الأنصار فأتيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : فقلت أعرض علي فعرض عليه الإسلام وقال من خلق السموات والأرض والجبال قلنا الله قال : فمن خلقكم قلنا الله قال : فمن عمل هذه الأصنام التي تعبدون قلنا نحن ، قال : فالخالق أحق بالعبادة أم المخلوق فأنتم أحق أن يعبدوكم وأنتم عملتموها والله أحق أن تعبدوه من شيء عملتموه وأنا أدعوكم إلى عبادة الله وإلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وصلة الرحم وترك العدوان وبغض الناس ، قلنا : لو كان الذي تدعونا إليه باطلا لكان من معالي الأمور ومحاسن الأخلاق ، أمسك راحلتينا حتى نأتي البيت فجلس عنده معاذ بن عفراء قال : فطفت وأخرجت سبعة أقداح فجعلت له منها قدحا فاستقبلت البيت فضربت بها وقلت : اللهم إن كان ما يدعو إليه محمد حقا فأخرجه قدحه سبع مرات قال :

فضربت فخرج سبع مرات فصحت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فاجتمع الناس علي وقالوا : مجنون رجل صبأ ، قلت : بل رجل مؤمن ثم جئت إلى أعلى مكة فلما رآني معاذ قال : لقد جاء رافع بوجه ما ذهب بمثله ، فجئت وآمنت وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يوسف و(اقرأ باسم ربك) (سورة العلق الآية 1) ثم رجعنا إلى المدينة.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة أن مصعب بن عمير لما قدم المدينة يعلم الناس القرآن بعث إليهم عمرو بن الجموح : ما هذا الذي جئتمونا به فقالوا : إن شئت جئناك فأسمعناك القرآن قال : نعم ، فواعدهم يوما فجاء فقرأ عليه القرآن {الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}.
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن حبرا من اليهود دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقه وهو يقرأ سورة يوسف فقال يا محمد من علمكها قال : الله علمنيها فعجب الحبر لما سمع منه فرجع إلى اليهود فقال لهم : والله إن محمدا ليقرأ القرآن كما أنزل في التوراة فانطلق بنفر منهم حتى دخلوا عليه ، فعرفوه بالصفة ونظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه فجعلوا يستمعون إلى قراءته بسورة

يوسف فتعجبوا منه وأسلموا عند ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : سمعت عمر رضي الله عنه يقرأ في الفجر بسورة يوسف.
الآية 1.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الر تلك آيات الكتاب المبين} قال : أي والله يبين بركته وهداه ورشده ، وفي لفظ يبين الله رشده وهداه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {الر تلك آيات الكتاب المبين} قال : يبين حلاله وحرامه.
وأخرج ابن جرير عن خالد بن معدان عن معاذ رضي الله عنه أنه قال في قول الله {الر تلك آيات الكتاب المبين} قال : يبين الله الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم وهي ستة أحرف.
الآية 2

أخرج الطبراني وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب العرب لثلاث : لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي.
وأخرج الحاكم ، عَن جَابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا {قرآنا عربيا} ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألهم إسماعيل هذا اللسان العربي إلهاما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : نزل القرآن بلسان قريش وهو كلامهم.
الآية 3.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فنزلت {نحن نقص عليك أحسن القصص}

وأخرج إسحاق بن راهويه والبزار وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : أنزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم القرآن فتلا عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو قصصت علينا فأنزل الله {الر تلك آيات الكتاب المبين} هذه السورة ثم تلا عليهم زمانا فأنزل الله (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) (الحديد الآية 16).
وأخرج ابن مردويه من طريق عون بن عبد الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فنزلت {نحن نقص عليك أحسن القصص}.
وأخرج ابن جرير عن عون بن عبد الله رضي الله عنه قال : مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا : يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى (الله نزل أحسن الحديث) (الزمر آية 23) ثم ملوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل الله {الر تلك آيات الكتاب المبين} هذه السورة فأرادوا الحديث فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص

فدلهم على أحسن القصص.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ونصر المقدسي في الحجة والضياء في المختارة عن خالد بن عرفطة قال : كنت جالسا عند عمر إذ أتاه رجل من عبد القيس فقال له عمر : أنت فلان العبدي قال نعم ، فضربه بقناة معه فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين قال اجلس فجلس فقرأ عليه بسم الله الرحمن الرحيم {الر تلك آيات الكتاب المبين} إلى قوله {لمن الغافلين} فقرأها عليه ثلاثا وضربه ثلاثا فقال له الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال ، قال : مرني بأمرك أتبعه قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة ثم قال : اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت به في أديم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذا في يدك يا عمر فقلت يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتاه ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم السلاح ، فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية

فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون قال عمر رضي الله عنه : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبك رسولا ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن الضريس عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : كان بالكوفة رجل يطلب كتب دانيال وذلك الضرب فجاء فيه كتاب من
عمر بن الخطاب أن يدفع إليه فلما قدم على عمر رضي الله عنه علاه بالدرة ثم جعل يقرأ عليه {الر تلك آيات الكتاب المبين} حتى بلغ {الغافلين} قال : فعرفت ما يريد فقلت يا أمير المؤمنين دعني ، فوالله لا أدع عندي شيئا من تلك الكتب إلا حرقته ، قال فتركه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {نحن نقص عليك أحسن القصص} قال : من الكتب الماضية وأمور الله السالفة في الأمم {وإن كنت من قبله} أي من قبل هذا القرآن {لمن الغافلين}.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {نحن نقص عليك أحسن القصص} قال القرآن

الآية 4.
أَخرَج أحمد والبخاري عن ابن عمر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني رأيت أحد عشر كوكبا} قال رؤيا الأنبياء وحي.
وأخرج سعيد بن منصور والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والعقيلي ، وَابن حبان في الضعفاء وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في دلائل النبوة ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : جاء بستاني يهودي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف عليه السلام ساجدة له ما أسماؤها فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم يجبه بشيء ، فنزل جبريل عليه السلام فأخبره

بأسمائها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البستاني اليهودي فقال : هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها قال : نعم ، قال : حرثان والطارق
والذيال وذو الكفتان وقابس ودثان وهودان والفيلق والمصبح والضروح والفريخ والضياء والنور رآها في أفق السماء ساجدة له فلما قص يوسف على يعقوب قال : هذا أمر مشتت يجمعه الله من بعد فقال اليهودي : أي والله إنها لأسماؤها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أحد عشر كوكبا} قال : إخوته ، والشمس : قال أمه والقمر : قال أبوه ولأمه راحيل ثلث الحسن

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أحد عشر كوكبا والشمس والقمر} قال : الكواكب أخوته والشمس والقمر أبواه.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنهفي قوله {إني رأيت أحد عشر كوكبا} الآية ، قال : رأى أباه وإخوته سجودا له.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : قال إخوته - وكانوا أنبياء - ما رضي أن يسجد له إخوته حتى سجد له أبواه حين بلغهم.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن منبه عن أبيه قال : كانت رؤيا يوسف عليه السلام ليلة القدر.
الآيات 5 - 6.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {وكذلك يجتبيك ربك} قال يصطفيك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه

في قوله {ويعلمك من تأويل الأحاديث} قال : عبارة الرؤيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ويعلمك من تأويل الأحاديث} قال : تأويل العلم والحلم ، قال : وكان يومئذ أعبر الناس.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق} قال : فنعمته على إبراهيم نجاه من النار وعلى إسحاق أن نجاه من الذبح.
الآية 7.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لقد كان في يوسف وإخوته آيات} قال عبرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} يقول : من سأل عن ذلك فهو كذا ما قص الله عليكم وأنبأكم به

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} قال : من كان سائلا عن يوسف وإخوته فهذا نبؤهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحاق رضي الله عنه قال : إنما قص الله على محمد صلى الله عليه وسلم خبر يوسف وبغي إخوته عليه وحسدهم إياه حين ذكر رؤياه ، لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بغي قومه عليه وحسدهم إياه حين أكرمه الله بنبوته ليتأسى به.
الآيات 8 - 9.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان يعقوب عليه السلام نازلا بالشام وكان ليس له هم إلا يوسف وأخوه بنيامين فحسده إخوته مما رأوا من حب أبيه له ، ورأى يوسف عليه السلام في النوم رؤيا أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له فحدث أباه بها فقال له يعقوب عليه السلام : {يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا} فبلغ إخوة يوسف
الرؤيا فحسدوه فقالوا {ليوسف وأخوه} بنيامين {أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة} - كانوا عشرة - {إن أبانا لفي ضلال مبين} قالوا : في ضلال من أمرنا ، {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين} يقول : تتوبون مما صنعتم به ، {قال قائل منهم} وهو يهوذا {لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين} ، فلما أجمعوا أمرهم على ذلك أتوا أباهم فقالوا له {يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف} قال : لن أرسله معكم إني {وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم

عنه غافلون قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون} فأرسله معهم فأخرجوه وبه عليه كرامة ، فلما برزوا إلى البرية أظهروا له العداوة فجعل يضربه أحدهم فيستغيث بالآخر فيضربه فجعل لا يرى منهم رحيما فضربوه حتى كادوا يقتلونه فجعل يصيح ويقول : يا أبتاه يا يعقوب لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء ، فلما كادوا يقتلونه قال يهوذا : أليس قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه ، فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه فيه فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال : يا إخوتاه ردوا علي قميصي أتوارى به في الجب ، فقالوا له : أدع الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر يؤنسوك ، قال : فإني لم أر شيئا ، فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت فكان في البئر ماء فسقط فيه فلم يضره ثم أوى إلى صخرة في البئر فقام عليها فجعل يبكي فناداه إخوته فظن أنها رقة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فقام يهوذا فمنعهم وقال : قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه فكان يهوذا يأتيه بالطعام ، ثم إنهم رجعوا إلى أبيهم فأخذوا جديا من الغنم فذبحوه ونضحوا دمه على القميص ثم أقبلوا إلى أبيهم عشاء يبكون فلما سمع أصواتهم فزع وقال : يا بني ما لكم هل أصابكم في غنمكم شيء ، قالوا : لا ، قال : فما فعل يوسف : {قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا} يعني بمصدق لنا {ولو كنا صادقين}

فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته ثم قال : أين القميص ثم جاؤوا بقميصه وعليه دم كذب فأخذ القميص وطرحه على وجهه ثم بكى حتى خضب وجهه من دم القميص ثم قال : إن هذا الذئب يا بني لرحيم فكيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه ، وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه فتعلق يوسف عليه السلام
بالحبل فخرج فلما رآه صاحب الدلو دعا رجلا من أصحابه يقال له بشراي فقال : يا بشراي هذا غلام ، فسمع به إخوة يوسف عليه السلام فجاؤوا فقالوا : هذا عبد لنا آبق ورطنوا له بلسانهم فقالوا : لئن أنكرت أنك عبد لنا لنقتلنك أترانا نرجع بك إلى يعقوب عليه السلام وقد أخبرناه أن الذئب قد أكلك ، قال : يا إخوتاه ارجعوا بي إلى أبي يعقوب فأنا أضمن لكم رضاه ولا أذكر لكم هذا أبدا ، فأبوا فقال الغلام : أنا عبد لهم ، فلما اشتراه الرجلان فرقا من الرفقة أن يقولا اشتريناه فيسألونهما الشركة فيه فقالا : نقول إن سألونا ما هذا نقول هذه بضاعة استبضعناها من البئر ، فذلك قوله {وأسروه بضاعة} {وشروه

بثمن بخس دراهم معدودة} - وكانت عشرين درهما - وكانوا في يوسف من الزاهدين ، فانطلقوا به إلى مصر فاشتراه العزيز - ملك مصر - فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} فأحبته امرأته فقالت له : يا يوسف ما أحسن شعرك ، ، قال : هو أول ما يتناثر من جسدي ، قال : يا يوسف ما أحسن عينيك قال : هما أول ما يسيلان إلى الأرض من جسدي ، قالت : يا يوسف ما أحسن وجهك قال : هو للتراب يأكله {وقالت هيت لك} قال هلم لك - وهي بالقبطية - قال معاذ الله إنه ربي قال : سيدي أحسن مثواي فلا أخونه في أهله ، فلم تزل به حتى أطمعها فهمت به وهم بها فدخلا البيت {وغلقت الأبواب} فذهب ليحل سراويله فإذا هو بصورة يعقوب عليه السلام قائما

في البيت قد عض على أصبعه يقول : يا يوسف لا تواقعها فإنما مثلك مثل الطير في جو السماء لا يطاق ومثلك إذا وقعت عليها مثله إذا مات فوقع على الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ومثلك مثل الثور الصعب الذي لم يعمل عليه ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات فدخل الماء في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ، فربط سراويله وذهب ليخرج فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته حتى أخرجته منه وسقط وطرحه يوسف واشتد نحو الباب وألفيا سيدها جالسا عند الباب هو ، وَابن عم المرأة فلما رأته المرأة {قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم} إنه راودني عن نفسي فدفعته عني فشققت قميصه ، فقال يوسف : لا بل هي راودتني عن نفسي فأبيت وفررت منها فأدركتني فأخذت بقميصي فشقته علي ، فقال ابن عمها : في القميص تبيان الأمر انظروا
إن كان القميص قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما أتي بالقميص وجده قد قد من دبر فقال {إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك} يقول : لا تعودي لذنبك ، {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها

حبا} والشغاف جلدة على القلب يقال لها لسان القلب يقول دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب - فلما سمعت بمكرهن - يقول بقولهن - أرسلت إليهن واعتدت لهن متكأ يتكئن عليه وآتت كل واحدة منهن سكينا وأترجا تأكله وقالت ليوسف : اخرج عليهن ، فلما خرج ورأى النسوة يوسف أعظمنه وجعلن يحززن أيديهن وهم يحسبن أنهن يقطعن الأترج ويقلن {حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} قالت : {فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} بعدما كان حل سراويله ثم لا أدري ما بدا له ، قال يوسف {رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه} من الزنا ، ثم إن المرأة قالت لزوجها : إن العبد العبراني قد فضحني في الناس إنه يعتذر إليهم ويخبرهم أني راودته عن نفسه ولست أطيق أن أعتذر بعذري فإما أن تأذن لي فأخرج فاعتذر كما يعتذر وإما أن تحبسه كما حبستني فذلك قوله {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} وهو شق القميص وقطع الأيدي {ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان} غضب الملك على خبازه أنه يريد

أن يسمه فحبسه وحبس الساقي وظن أنه مالأه على السم ، فلما دخل يوسف عليه السلام السجن قال : إني أعبر الأحلام ، قال أحد الفتيين : هلم فلنجرب هذا العبد العبراني فتراءيا من غير أن يكونا رأيا شيئا ولكنهما خرصا فعبر لهما يوسف خرصهما فقال الساقي : رأيتني أعصر خمرا ، وقال الخباز : رأيتني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه ، قال يوسف عليه السلام : لا يأتيكما طعام ترزقانه في النوم إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة ثم قال : {يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا} فيعاد على مكانه {وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه} ففزعا وقالا : والله ما رأينا شيئا ، قال يوسف عليه السلام : {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} إن هذا كائن لا بد منه وقال يوسف عليه السلام للساقي : {اذكرني عند ربك} ، ثم إن الله أرى الملك رؤيا في منامه هالته فرأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر يأكلهن سبع يابسات
فجمع السحرة والكهنة والعافة - وهم القافة - والحاذة - وهم الذين يزجرون الطير - فقصها عليهم فقالوا : أضعاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ، {وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يكن السجن في المدينة فانطلق الساقي إلى يوسف عليه السلام

فقال {أفتنا في سبع بقرات} إلى قوله {لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون} تأويلها {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله} قال هو أبقى له {إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون} قال : مما ترفعون {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} قال : العنب فلما أتى الملك الرسول وأخبره قال : {ائتوني به فلما جاءه الرسول} فأمره أن يخرج إلى الملك أبى يوسف وقال : {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} ، قال السدي : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه ما زالت في نفس العزيز منه حاجة يقول هذا الذي راود امرأته ، قال الملك ائتوني بهن {قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء} ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه ودخل معها البيت وحل سراويله ثم شده بعد ذلك ولا تدري ما بدا له ، فقالت امرأة العزيز {الآن حصحص الحق} قال تبين ، {أنا راودته عن نفسه} قال يوسف - وقد جيء به - ذلك ليعلم العزيز {أني لم أخنه بالغيب} في أهله {وأن الله لا يهدي كيد الخائنين} ، فقالت امرأة العزيز : يا يوسف ولا حين حللت السراويل قال يوسف عليه السلام : {وما أبرئ نفسي} ، فلما وجد الملك له عذرا قال : {ائتوني به أستخلصه لنفسي} فأستعمله على مصر فكان صاحب أمرها هو الذي يلي البيع والأمر فأصاب الأرض الجوع وأصاب بلاد يعقوب التي كان فيها فبعث بنيه إلى مصر وأمسك

بينامين أخا يوسف فلما دخلوا على يوسف {فعرفهم وهم له منكرون} فلما نظر إليهم أخذهم وأدخلهم الدار - دار الملك - وقال لهم : أخبروني ما أمركم فإني أنكر شأنكم ، قالوا : نحن من أرض الشام ، قال : فما جاء بكم قالوا : نمتار طعاما ، قال : كذبتم أنتم عيون كم أنتم قالوا نحن عشرة ، قال أنتم عشرة آلاف كل رجل منكم أمير ألف فأخبروني خبركم ، قالوا : إنا أخوة بنو رجل
صديق وإنا كنا اثني عشر فكان يحب أخا لنا وإنه ذهب معنا إلى البرية فهلك منا وكان أحبنا إلى أبينا ، قال : فإلى من يسكن أبوكم بعده ، قالوا إلى أخ له أصغر منه ، قال : كيف تحدثوني أن أباكم صديق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون} قال : فإني أخشى أن لا تأتوني به فضعوا بعضكم رهينة حتى ترجعوا ، فارتهن شمعون عنده فقال لفتيته وهو يكيل لهم : اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون إلي ، فلما رجع القوم إلى أبيهم كلموه فقالوا : يا أبانا إن ملك مصر أكرمنا كرامة لو كان رجلا منا من بني يعقوب ما أكرمنا كرامته وإنه ارتهن شمعون وقال : ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك حتى أنظر إليه فإن لم تأتوني به فلا تقربوا بلادي أبدا ، فقال لهم يعقوب عليه السلام : إذا أتيتم

ملك مصر فأقرؤوه مني السلام وقولوا : إن أبانا يصلي عليك ويدعو لك بما أوليتنا ولما فتحوا رحالهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم أتوا أباهم {قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا} ، فقال أبوه حين رأى ذلك : {لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم} ، فحلفوا له {فلما آتوه موثقهم} قال يعقوب : {الله على ما نقول وكيل} ، ورهب عليهم أن يصيبهم العين إن دخلوا مصر فيقال هؤلاء لرجل واحد قال : {يا بني لا تدخلوا من باب واحد} - يقول من طريق واحد - فلما دخلوا على يوسف عرف أخاه فأنزلهم منزلا وأجرى عليهم الطعام والشراب فلما كان الليل أتاهم بمثل قال : لينم كل أخوين منكم على مثال حتى بقي الغلام وحده فقال يوسف عليه السلام : هذا ينام معي على فراشي فبات مع يوسف فجعل يشم ريحه ويضمه إليه حتى أصبح وجعل يقول روبيل : ما رأينا رجلا مثل هذا إن نحن نجونا منه ، {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه} والأخ لا يشعر فلما ارتحلوا {أذن مؤذن} قبل أن يرتحل العير : {أيتها العير إنكم لسارقون} فانقطعت ظهورهم {وأقبلوا عليهم} يقولون : {ماذا تفقدون} إلى قوله {فما جزاؤه} {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} يقول تأخذونه فهو لكم {فبدأ بأوعيتهم

قبل وعاء أخيه} فلما بقي رحل أخيه الغلام قال : ما كان هذا الغلام ليأخذها ، قالوا والله لا يترك حتى
تنظروا في رحله ونذهب وقد طابت نفوسكم فأدخل يده في رحله فاستخرجها من رحل أخيه ، يقول الله {كذلك كدنا ليوسف} يقول صنعنا ليوسف {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} يقول في حكم الملك {إلا أن يشاء الله} ولكن صنعنا لشأنهم قالوا فهذا جزاؤه ، قال : فلما استخرجها من رحل الغلام انقطعت ظهورهم وهلكوا وقالوا : ما يزال لنا منكم بلاء يا بني راحيل حتى أخذت هذا الصواع ، قال بنيامين : بنو راحيل لا يزل لنا منكم بلاء ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية وما وضع هذا الصواع في رحلي إلا الذي وضع الدراهم في رحالكم قالوا لا تذكر الدراهم فتؤخذ بها فوقعوا فيه وشتموه فلما أدخلوهم على يوسف دعا بالصواع ثم نقر فيه ثم أدناه من أذنه ثم قال : إن صواعي هذا يخبرني أنكم كنتم اثني عشر أخا وإنكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموه ، فلما سمعها بنيامين قام فسجد ليوسف وقال : أيها الملك سل صواعك هذا أحي أخي ذاك أم لا فنقرها يوسف ثم قال : نعم هو حي وسوف تراه ، قال : اصنع بي ما شئت فإنه أعلم بي ، فدخل يوسف عليه السلام فبكى ثم توضأ ثم خرج ، فقال بنيامين : أيها الملك إني أراك تضرب بصواعك الحق فسله من صاحبه فنقر فيه ثم قال : إن صواعي هذا غضبان يقول :

كيف تسألني من صاحبي وقد رأيت مع من كنت وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا فغضب روبيل فقام فقال : أيها الملك والله لتتركنا أو لأصيحن صيحة لا تبقى امرأة حامل بمصر إلا طرحت ما في بطنها وقامت كل شعرة من جسد روبيل فخرجت من ثيابه فقال يوسف لابنه مرة : مر إلى جنب روبيل فمسه فمسه فذهب غضبه فقال روبيل : من هذا ، إن في هذه البلاد لبزرا من بزر يعقوب ، قال يوسف عليه السلام : ومن يعقوب فغضب روبيل فقال : أيها الملك لا تذكرن يعقوب فإنه بشرى لله ابن ذبيح الله ابن خليل الله فقال يوسف عليه السلام : أنت إذا كنت صادقا فإذا أتيتم أباكم فاقرؤوا عليه مني السلام وقولوا له : إن ملك مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف حتى يعلم أبوكم أن في الأرض صديقين مثله ، فلما أيسوا منه.
وَأخرَج لهم شمعون وكان قد ارتهنه خلوا بينهم نجيا يتناجون بينهم قال كبيرهم - وهو روبيل ولم يكن بأكبرهم سنا ولكن كان كبيرهم في العلم - : {ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين}
فأقام روبيل بمصر وأقبل التسعة إلى يعقوب عليه السلام

فأخبروه الخبر فبكى وقال : يا بني ما تذهبون من مرو إلا نقصتم واحدا ، ذهبتم فنقصتم يوسف ثم ذهبتم الثانية فنقصتم شمعون ثم ذهبتم الثالثة فنقصتم بنيامين وروبيل {فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} من الغيظ ، {قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين} الميتين ، {قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون} ، قال : أتى يوسف جبريل عليه السلام وهو في السجن فسلم عليه وجاءه في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح نقي الثياب فقال له يوسف : أيها الملك الحسن الوجه الكريم على ربه الطيب ريحه حدثني كيف يعقوب قال حزن عليك حزنا شديدا ، قال فما بلغ من حزنه قال حزن سبعين مثكلة ، قال فما بلغ من أجره قال أجر سبعين شهيدا ، قال يوسف عليه السلام : فإلى من أوى بعدي قال إلى أخيك بينامين ، قال فتراني ألقاه قال نعم ، فبكى يوسف عليه السلام لما لقي أبوه بعده ثم قال : ما أبالي بما لقيت إن الله أرانيه ، قال : فلما أخبروه بدعاء الملك أحست نفس يعقوب وقال : ما يكون في الأرض صديق إلا ابني فطمع وقال : لعله يوسف ، قال : {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه} بمصر {ولا تيأسوا من روح الله} ، قال : من

فرج الله أن يرد يوسف فلما رجعوا إليه {قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل} بها كما كنت تعطينا بالدراهم الجيدة {وتصدق علينا} تفضل ما بين الجياد والرديئة ، قال لهم يوسف - ورحمهم عند ذلك - : {ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي} ، فاعتذروا إليه {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم} لا أذكر لكم ذنبكم {يغفر الله لكم} ، ثم قال ما فعل أبي بعدي قالوا عمي من الحزن ، فقال {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين} ، فقال يهوذا أنا ذهبت بالقميص إلى يعقوب عليه السلام وهو متلطخ بالدماء وقلت : إن يوسف قد أكله الذئب وأنا أذهب بالقميص وأخبره أن يوسف عليه السلام حي فأفرحه كما أحزنته ، فهو كان البشير ، فلما {فصلت العير} من مصر
منطلقة إلى الشام وجد يعقوب عليه السلام ريح يوسف عليه السلام فقال لبني بنيه : {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} ، قال له بنو بنيه {تالله إنك لفي ضلالك القديم} من شأن يوسف {فلما أن جاء البشير} وهو يهوذا ألقى القميص على وجهه {فارتد بصيرا} ، قال لبنيه {ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون} ثم حملوا أهلهم وعيالهم فلما بلغوا مصر كلم يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه

فخرج هو والملك يتلقونهم فلما لقيهم قال : {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} ، فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه أباه وخالته ورفعهما {على العرش} ، قال : السرير فلما حضر يعقوب الموت أوصى إلى يوسف أن يدفنه عند إبراهيم ، فمات فنفح فيه المر ثم حمله إلى الشام وقال يوسف عليه السلام {رب قد آتيتني من الملك} إلى قوله {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما هذا أول نبي سأل الله الموت وأخرجه ابن جرير ، وَابن أبي حاتم مفرقا في السورة.
وأخرج ابن جرير ثنا وكيع ثنا عمرو بن محمد العبقري عن أسباط عن السدي وقال ابن أبي حاتم حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا

الحسين بن علي ثنا عامر بن الفرات عن أسباط عن السدي به.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله في قوله {إذ قالوا ليوسف وأخوه} يعني بينامين وهو أخو يوسف لأبيه وأمه ، وفي قوله {ونحن عصبة} قال العصبة ما بين العشرة إلى الأربعين.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ونحن عصبة} قال : العصبة الجماعة ، وفي قوله {إن أبانا لفي ضلال مبين} قال : لفي خطأ من رأيه.
الآية 10.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف} قال : كنا نحدث أنه روبيل وهو أكبر إخوته وهو ابن خالة يوسف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف} قال : هو شمعون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ان عباس رضي الله عنهما في قوله {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب} قال : قاله كبيرهم الذي تخلف ، قال : والجب بئر بالشام {يلتقطه بعض السيارة} قال : التقطه ناس من الأعراب

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وألقوه في غيابة الجب} يعني الركية.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : الجب البئر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وألقوه في غيابة الجب} قال : هي بئر ببيت المقدس ، يقول في بعض نواحيها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : الجب الذي جعل فيه يوسف عليه السلام بحذاء طبرية بينه وبينها أميال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ تلتقطه بعض السيارة بالتاء.
الآيات 11 - 12.
أَخْرَج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي قاسم رضي الله عنه قال : قرأ أبو رزين ما لك لا تتمنا على يوسف قال له عبيد بن نضلة لحنت قال : ما لحن من

قرأ بلغة قومه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أرسله معنا غدا نرتع ونلعب قال : نسعى وننشط ونلهو.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن هرون رضي الله عنه قال : كان أبو عمرو يقرأ / {نرتع ونلعب > / بالنون فقلت لأبي عمرو : كيف يقولون : نرتع ونلعب وهم أنبياء ، ، قال : لم يكونوا يومئذ أنبياء.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب} هو يعني بالياء.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه أنه قرأ {يرتع} بالياء وكسر العين ، قال يرعى غنمه ينظر ويعقل ويعرف ما يعرف الرجل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه

أنه قرأ / {نرتع > / بالنون وكسر العين ، قال يحفظ بعضنا بعضا نتكالأ نتحارس.
وأخرج أبو الشيخ عن الحكم بن عمر الرعيني قال : بعثني خالد القسري إلى قتادة أسأله عن قوله نرتع ونلعب فقال قتادة رضي الله عنه لا نرتع ونلعب بكسر العين ، ثم قال : الناس لا يرتعون إنما ترتع الغنم.
وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن حيان رضي الله عنه ، أنه كان يقرؤوها أرسله معنا غدا نلهو ونلعب.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعرج رضي الله عنه ، أنه قرأ نرتعي بالنون والياء {ويلعب} بالياء.
الآيات 13 - 14.
أَخرَج أبو الشيخ ، وَابن مردويه والسلفي في الطيوريات عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلقنوا الناس فيكذبوا فإن بني يعقوب لم يعلموا أن الذئب يأكل الناس فلما لقنهم أبوهم كذبوا فقالوا أكله الذئب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز رضي الله عنه قال : لا ينبغي لأحد أن يلقن ابنه الشر فإن بني يعقوب لم يدروا أن الذئب يأكل الناس حتى قال لهم أبوهم إني (أخاف أن يأكله الذئب).
الآية 15

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إليه} الآية ، قال : أوحى إلى يوسف عليه السلام وهو في الجب لتنبئن إخوتك بما صنعوا وهم لا يشعرون بذلك الوحي.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إليه} الآية ، قال : أوحى الله إليه وحيا وهو في الجب أن ستنبئهم بما صنعوا وهم - أي إخوته - لا يشعرون بذلك الوحي فهون ذلك الوحي عليه ما صنع به.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهم لا يشعرون} قال : لا يشعرون أنه أوحي إليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وهم لا يشعرون} يقول : لا يشعرون أنه يوسف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما دخل إخوة يوسف على يوسف فعرفهم وهم له منكرون ، جيء بالصواع فوضعه على يده ثم

نقره فطن فقال : إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف يدين دينكم وأنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب فأتيتم أباكم فقلتم أن الذئب أكله وجئتم على قميصه بدم كذب ، فقال بعضهم لبعض إن هذا الجام ليخبره خبركم ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلا نرى هذه الآية نزلت إلا في ذلك {لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما ألقي يوسف في الجب أتاه جبريل عليه السلام فقال له : يا غلام من ألقاك في هذا الجب قال : إخوتي ، قال : ولم قال : لمودة أبي إياي حسدوني ، قال : تريد الخروج من ههنا قال : ذاك إلى إله يعقوب ، قال : قل اللهم إني أسألك باسمك المخزون والمكنون يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام أن تغفر لي ذنبي وترحمني وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وأن ترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب ، فقالها فجعل الله له من أمره فرجا ومخرجا ورزقه ملك مصر من حيث لا يحتسب فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألظوا بهؤلاء الكلمات فإنهن دعاء المصطفين الأخيار.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي بكر بن عياش رضي الله عنه قال : كان يوسف عليه السلام في الجب ثلاثة أيام

الآيات 16 - 17.
أَخْرَج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى شريح رضي الله عنه تخاصم في شيء فجعلت تبكي فقالوا : يا أبا أمية أما تراها تبكي فقال : قد جاء إخوة يوسف أباهم عشاء يبكون.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {وما أنت بمؤمن لنا} قال بمصدق لنا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} قال : نزلت على كلام العرب ، كقولك : لا تصدق بالصدق ولو كنت صادقا.
الآية 18.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجاؤوا على قميصه بدم كذب} قال : كان دم سخلة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بدم كذب} قال : كان ذلك الدم كذبا لم يكن دم يوسف كان دم سخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : أخذوا ظبيا فذبحوه فلطخوا به القميص فجعل يعقوب عليه السلام يقلب القميص فيقول : ما أرى أثر أثر ناب ولا ظفر إن هذا السبع رحيم ، فعرف أنهم كذبوه

وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجاؤوا على قميصه بدم كذب} قال : لما أتي يعقوب
بقميص يوسف عليه السلام فلم ير فيه خرقا قال كذبتم لو كان كما تقولون أكله الذئب لخرق القميص.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لما جيء بقميص يوسف عليه السلام إلى يعقوب عليه السلام جعل يقلبه فيرى أثر الدم ولا يرى فيه شقا ولا خرقا فقال : يا بني والله ما كنت أعهد الذئب حليما إذ أكل ابني وأبقى قميصه.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : ذبحوا جديا ولطخوه بدمه فلما نظر يعقوب إلى القميص صحيحا عرف أن القوم كذبوه فقال لهم : إن كان هذا الذئب لحليما حيث رحم القميص ولم يرحم ابني.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : لما أتوا نبي الله يعقوب بقميصه قال : ما أرى أثر سبع ولا طعن ولا خرق.
وأخرج أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجرجاني في أماليه عن ربيعة رضي الله عنه قال : لما أتى يعقوب عليه السلام فقيل : إن يوسف عليه السلام أكله الذئب ، دعا الذئب فقال : أكلت قرة عيني وثمرة فؤادي ، قال : لم أفعل ، قال : فمن أين جئت ومن أين تريد قال : جئت من أرض مصر وأريد أرض جرجان ، قال : فما يعنيك

بها قال : سمعت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلك يقولون : من زار حميما أو قريبا كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة وحط عنه ألف سيئة يرفع له ألف درجة ، فدعا بنيه فقال : اكتبوا هذا الحديث فأبى أن يحدثهم ، فقال : ما لك لا تحدثهم فقال : إنهم عصاة.
وأخرج أبو الشيخ عن مبارك قال : سئل ابن سيرين عن رجل رأى في المنام أنه يستاك كلما أخرج السواك رأى عليه دما ، قال : اتق الله ولا تكذب ، وقرأ {وجاؤوا على قميصه بدم كذب}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بل سولت لكم أنفسكم أمرا} قال : أمرتكم أنفسكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل سولت لكم أنفسكم أمرا}
يقول : بل زينت لكم أنفسكم أمرا {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} أي على ما تكذبون.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حيان بن أبي حيلة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله {فصبر جميل} قال : لا شكوى فيه من بث ولم يصبر

وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فصبر جميل} قال : ليس فيه جزع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الصبر الجميل الذي ليس فيه شكوى إلا إلى الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الثوري عن بعض الصحابة قال : يقال ثلاثة من الصبر : أن لا تحدث بما يوجعك ولا بمصيبتك ولا تزكي نفسك.
الآية 19.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن الضحاك في الآية قال : جاءت سيارة فنزلت على الجب فأرسلوا واردهم فاستقى من الماء فاستخرج يوسف فاستبشروا بأنهم أصابوا غلاما لا يعلمون علمه ولا منزلته عند ربه فزهدوا فيه فباعوه وكان بيعه حراما وباعوه بدراهم معدودة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأرسلوا واردهم} يقول : فأرسلوا رسولهم فأدلى دلوه فتشبث

الغلام بالدلو فلما خرج قال : يا بشراي هذا غلام تباشروا به حين استخرجوه : وهي بئر ببيت المقدس معلوم مكانها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق في قوله [ يا بشراي ] قال : يا بشارة.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي عبيد قال : سمعت الكسائي يحدث عن حمزة عن الأعمش وأبي بكر عن عاصم أنهما قرآ {يا بشرى} بإرسال الياء غير مضاف إليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {يا بشرى} قال : كان اسم صاحبه بشرى ، قال : يا بشرى كما تقول يا زيد.
وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي في قوله {يا بشرى} قال كان اسمه بشرى.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأسروه بضاعة} يعني إخوة يوسف أسروا شأنه وكتموا أن يكون أخاهم وكتم يوسف مخافة أن يقتله إخوته واختار البيع فباعه إخوته بثمن بخس

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {وأسروه بضاعة} قال : أسروا بيعه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {وأسروه بضاعة} قال : أسره التجار بعضهم من بعض.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأسروه بضاعة} قال : صاحب الدلو ومن معه فقالوا لأصحابهم : إنا استبضعناه خفية أن يستشركوكم فيه إن عملوا به وأتبعهم إخوته يقولون للمدلي وأصحابه : استوثقوا منه لا يأبقن حتى وثقوه بمصر فقال : من يبتاعني ويستسر فابتاعه الملك والملك مسلم.
الآية 20.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وشروه} قال : إخوة يوسف باعوه حين أخرج المدلي دلوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{وشروه} قال : بيع بينهما بثمن بخس ، قال : حرام لم يحل لهم بيعه ولا أكل ثمنه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {وشروه بثمن بخس} قال : هم السيارة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {وشروه بثمن بخس} قال : باعوه بثمن حرام كان بيعه حراما وشراؤه حراما.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وشروه بثمن بخس} قال : البخس هو الظلم ، وكان بيع يوسف عليه السلام وثمنه حراما عليهم وبيع بعشرين درهما.
وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه قضى في اللقيط أنه حر {وشروه بثمن بخس}.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه أنه كره الشراء والبيع للبدوي وتلا هذه الآية {وشروه بثمن بخس}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بثمن بخس} قال البخس القليل

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال : البخس القليل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إنما اشتري يوسف عليه السلام بعشرين درهما وكان أهله حين أرسل إليهم بمصر ثلثمائة وتسعين إنسانا رجالهم أنبياء ونساؤهم صديقات والله ما خرجوا مع موسى عليه السلام حتى بلغوا ستمائة ألف وسبعين ألفا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {دراهم معدودة} قال : عشرون درهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {دراهم معدودة} قال : اثنان وعشرون درهما لأخوة يوسف أحد عشر رجلا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن نوف الشامي البكالي مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطية رضي الله عنه في قوله {دراهم معدودة} قال : عشرون درهما كانوا عشرة اقتسموا درهمين

درهمين.
وأخرج أبو الشيخ عن نعيم بن أبي هند {دراهم معدودة} قال : ثلاثون درهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {بثمن بخس} قال : البخس القليل ، {دراهم معدودة} قال : أربعون درهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وكانوا فيه من الزاهدين} قال : إخوته زهدوا فيه لم يعلموا بنبوته ولا بمنزلته من الله ومكانه.
الآية 21.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال : الذي

اشتراه ظيفر بن روحب وكان اسم إمراته راعيل بنت رعائيل.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما باع يوسف صاحبه الذي باعه من العزيز - واسمه مالك بن ذعر - قال حين باعه : من أنت - وكان مالك من مدين - فذكر له يوسف من هو ، وَابن من هو فعرفه فقال : لو كنت أخبرتني لم أبعك ، ادع لي فدعا له يوسف فقال : بارك الله لك في أهلك ، قال : فحملت امرأته اثني عشر بطنا في كل بطن غلامان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أكرمي مثواه} قال : منزلته.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة مثله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أفرس الناس ثلاثة : العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته : أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا والمرأة التي أتت موسى فقالت لأبيها : يا أبت استأجره وأبو بكر حين استخلف عمر

وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : بلغنا أن العزيز كان يلي عملا من أعمال الملك ، وقال الكلبي : كان خبازه وصاحب شرابه وصاحب دوائه وصاحب السجن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولنعلمه من تأويل الأحاديث} قال : عبارة الرؤيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {والله غالب على أمره} قال : فعال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {والله غالب على أمره} قال : لغة عربية.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {والله غالب على أمره} قال : لما يريد أن يبلغ يوسف.
الآية 22.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في

قوله {ولما بلغ أشده} قال : ثلاثا وثلاثين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {بلغ أشده} قال : خمسا وعشرين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {بلغ أشده} قال : ثلاثين سنة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {ولما بلغ أشده} قال : عشرين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بلغ أشده} قال : عشر سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ربيعة في قوله {بلغ أشده} قال : الحلم

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال : لأشد الحلم إذا كتبت له الحسنات وكتبت عليه السيئات.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {آتيناه حكما وعلما} قال : هو الفقه والعلم والعقل قبل النبوة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {وكذلك نجزي المحسنين} يقول : المهتدين.
الآية 23.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وراودته التي هو في بيتها} قال : هي امرأة العزيز.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه} قال : حين بلغ مبلغ الرجال.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي وائل رضي الله عنه قال : قرأها عبد الله {هيت لك} بفتح الهاء والتاء فقلنا له : إن ناسا يقرؤونها {هيت لك} فقال : دعوني فإني أقرأ كما أقرئت أحب إلي.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ {هيت

لك} بنصب الهاء والتاء ولا يهمز.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {هيت لك} يعني هلم لك.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ كما يقرأ عبد الله {هيت لك} وقال : هلم لك تدعوه إلى نفسها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هيت لك} قال : هلم لك وهي بالحورانية.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {هيت لك} قال : هلم لك وهي بالقبطية هنا

وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {هيت لك} قال : تعال.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هيت لك} قال : ألقت نفسها واستلقت له ودعته إلى نفسها وهي لغة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هيت لك} قال : ألقت بنفسها واستلقت له لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن يحيى بن وثاب أنه قرأها {هيت لك} يعني بكسر الهاء وضم التاء يعني تهيأت لك.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ / {هئت لك > / مكسورة الهاء مضمومة التاء مهموزة ، قال : تهيأت لك.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله

عز وجل {هيت لك} قال : تهيأت لك ، قم فاقض حاجتك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت أحيحة الأنصاري وهو يقول : به أحمي المصاب إذا دعال * إذا ما قيل للأبطال هيتا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي وائل رضي الله عنه أنه كان يقرأ / {هئت لك > / رفع أي تهيأت لك.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة عن زر بن حبيش رضي الله عنه أنه كان يقرأ {هيت لك} نصبا أي هلم لك ، وقال أبو عبيد كذلك ، كان الكسائي يحكيها قال : هي لغة لأهل نجد وقعت إلى الحجاز معناها : تعال.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن عبد الله بن عامر اليحصبي رضي الله عنه أنه قرأ {هيت لك} بكسر الهاء وفتح التاء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنه ربي} قال : سيدي يعني زوج المرأة

وأخرج ابن المنذر عن أبي بكر بن عياش رضي الله عنه في قوله {إنه ربي} قال : يعني زوجها.
الآية 24.
أَخرَج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما همت
به تزينت ثم استلقت على فراشها وهم بها وجلس بين رجليها يحل تبانه نودي من السماء : يا بن يعقوب لا تكن كطائر ينتف ريشه فبقي لا ريش له فلم يتعظ على النداء شيئا حتى رأى برهان ربه جبريل عليه السلام في صورة يعقوب عاضا على أصبعيه ففزع فخرجت شهوته من أنامله فوثب إلى الباب فوجده مغلقا فرفع يوسف رجله فضرب بها الباب الأدنى فانفرج له واتبعته فأدركته فوضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه فألفيا سيدها لدى الباب.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ قال : حل الهميان - يعني السراويل - وجلس منها مجلس الخاتن فصيح به يا يوسف لا تكن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {ولقد همت به وهم بها} قال : طمعت فيه وطمع فيها وكان من الطمع أن هم بحل التكة فقامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه فقال : أي شيء تصنعين فقالت : أستحي من إلهي أن يراني على هذه الصورة ، فقال يوسف عليه السلام : تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت ، ثم قال : لا تنالينها مني أبدا ، وهو البرهان الذي رأى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وهم بها} قال : حل سراويله حتى بلغ ثنته وجلس منها مجلس الرجل من امرأته فمثل له يعقوب عليه السلام فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله ..
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : مثل له يعقوب فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لولا أن رءا برهان ربه) قال : رأى صورة أبيه يعقوب في وسط البيت عاضا على إبهامه فأدبر هاربا وقال : وحقك يا أبت لا أعود أبدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة وسعيد بن جبير في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن فرأى صورة فيها وجه يعقوب عاضا على أصابعه فدفع صدره فخرجت الشهوة من
أنامله فكل ولد يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدا إلا يوسف عليه السلام فإنه نقص بتلك الشهوة ولدا ولم يولد له غير أحد عشر ولدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : تمثل له يعقوب عليه السلام فضرب في صدر يوسف عليه السلام فطارت شهوته من أطراف أنامله فولد لكل ولد يعقوب اثنا عشر ذكرا غير يوسف لم يولد له إلا غلامان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : رأى يعقوب عاضا على أصابعه يقول : يوسف يوسف

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : رأى آية من آيات ربه حجزه الله بها عن معصيته ، ذكر لنا أنه مثل له يعقوب عاضا على أصبعيه وهو يقول له : يا يوسف أتهم بعمل السفهاء وأنت مكتوب في الأنبياء فذلك البرهان فانتزع الله كل شهوة كانت في مفاصله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : مثل له يعقوب عليه السلام عاضا على أصبعيه يقول : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن اسمك في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء ،.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : رأى صورة يعقوب عليه السلام في الجدار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : زعموا أن سقف البيت انفرج فرأى يعقوب عاضا على أصبعيه

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} قال : لما هم قيل له : يوسف ارفع رأسك ، فرفع رأسه فإذا هو بصورة في سقف البيت تقول : يا يوسف أنت مكتوب في الأنبياء فعصمه الله عز وجل.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه قال : رأى صورة يعقوب في سقف البيت تقول : يوسف يوسف.
وأخرج ابن جرير من طريق الزهري أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام هو يعقوب.
وأخرج ابن جرير عن القاسم بن أبي بزة قال : نودي : يا ابن يعقوب لا تكونن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش ، فلم يعرض للنداء وقعد فرفع رأسه فرأى وجه يعقوب عاضا على أصبعه فقام مرعوبا استحياء من أبيه.
وأخرج ابن جرير عن علي بن بديمة قال : كان يولد لكل رجل منهم اثنا عشر اثنا عشر إلا يوسف عليه السلام ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته

وأخرج ابن جرير عن شمر بن عطية قال : نظر يوسف إلى صورة يعقوب عاضا على أصبعه يقول : يا يوسف فذاك حيث كف وقام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : يزعمون أنه مثل له يعقوب عليه السلام فاستحيا منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : رأى آية من كتاب الله فنهته مثلت له في جدار الحائط.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : البرهان الذي رأى يوسف عليه السلام ثلاث آيات من كتاب الله (وإن عليكم لحافظون كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) (الإنفطار الآيات 10 - 11 - 12) وقول الله (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه) (يونس الآية 61 - 62) وقول الله (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) (الرعد الآية 33).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال : رأى في البيت في ناحية الحائط مكتوبا (ولا تقربوا الزنا إنه كان

فاحشة وساء سبيلا) (الإسراء الآية 32).
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما خلا يوسف وامرأة العزيز خرجت كف بلا جسد بينهما مكتوب عليه بالعبرانية (أفمن هو قائم على كل نفس ما كسبت) (الرعد الآية 33) ثم انصرفت الكف وقاما مقامهما ثم رجعت الكف بينهما مكتوب عليها بالعبرانية (إن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) (الإنفطار الآيات 10 - 11 - 12) ثم انصرفت الكف وقاما مقامهما فعادت الكف الثالثة مكتوب عليها (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) (الإسراء الآية 32) وانصرفت الكف وقاما مقامهما فعادت الكف الرابعة مكتوب عليها بالعبرانية (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) (البقرة الآية 281) فولى يوسف عليه السلام هاربا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لولا أن رأى برهان ربه} قال : آيات ربه رأى تمثال الملك.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد رضي الله عنه قال : لما دخل يوسف عليه السلام معها البيت وفي البيت صنم من ذهب قالت : كما أنت حتى أغطي الصنم فإني أستحي منه ، فقال يوسف عليه السلام : هذه تستحي من الصنم أنا أحق أن أستحي من الله ، فكف عنها وتركها

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر رضي الله عنه في قوله {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} قال : الزنا والثناء القبيح.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {إنه من عبادنا المخلصين} قال : الذين لا يعبدون مع الله شيئا.
الآية 25
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واستبقا الباب} قال : استبق هو والمرأة الباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله [ ووجدا سيدها ].
وأخرج ابن جرير عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : السيد الزوج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وألفيا سيدها} قال : زوجها ، {لدى الباب} قال : عند الباب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الشامي رضي الله عنه قال : ما كان يوسف عليه السلام يريد أن يذكره حتى {قالت ما جزاء من أراد بأهلك

سوءا} فغضب يوسف عليه السلام وقال {هي راودتني عن نفسي}.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا أن يسجن أو عذاب أليم} قال : القيد.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : عثر يوسف عليه السلام ثلاث عثرات : حين هم بها فسجن وحين قال : اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين فأنساه الشيطان ذكر ربه وحين قال : إنكم لسارقون ، قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل.
الآيات 26 - 28.
أَخْرَج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وشهد شاهد} قال : حكم حاكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : صبي في المهد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه {وشهد شاهد من أهلها} قال : صبي أنطقه الله كان في الدار.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما عن

النبي صلى الله عليه وسلم قال : تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى بن مريم.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عيسى وصاحب يوسف وصاحب جريج تكلموا في المهد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جريج ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : كان صبيا في المهد.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : كان رجلا ذا لحية.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : كان من خاصة الملك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد

من أهلها} قال : رجل له عقل وفهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : ابن عم لها كان حكيما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : ذكر لنا أنه رجل حكيم من أهلها ، قال : القميص يقضي بينهما إن كان قميصه قد إلى آخره.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد من أهلها} قال : ليس بإنسي ولا جان هو خلق من خلق الله ، وفي لفظ قال : قميصه مشقوق من دبر فتلك الشهادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله
عنه قال : كان في قميص يوسف عليه السلام ثلاث آيات : حين قد قميصه من دبر وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرا وحين جاؤوا على قميصه بدم كذب عرف أن الذئب لو أكله خرق قميصه

الآية 29.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يوسف أعرض عن هذا} قال : عن هذا الأمر والحديث {واستغفري لذنبك} أيتها المرأة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يوسف أعرض عن هذا} قال : لا تذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين} قال : حلما.
الآية 30.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد شغفها حبا} قال غلبها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد شغفها} قال : قتلها حب يوسف ، الشغف الحب القاتل والشغف حب دون

ذلك ، والشغاف حجاب القلب.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {قد شغفها حبا} قال : الشغاف في القلب في النياط قد امتلأ قلبها من حب
يوسف ، قال وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول : وفي الصدر حب دون ذلك داخل * وحول الشغاف غيبته الأضالع.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد شغفها حبا} قال : قد علقها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأها {قد شغفها حبا} قال : بطنها حبا ، قال : وأهل المدينة يقولون بطنها حبا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {قد شغفها حبا} قال : الشغوف المحب والمشغوف المحبوب

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {قد شغفها حبا} ويقول : الشغف شغف الحب ، والشغف شغف الدابة حين تذعر.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية رضي الله عنه أنه قرأ / {قد شعفها حبا > / بالعين المهملة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {قد شغفها حبا} قال : هو الحب اللازق بالقلب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه قال : الشغاف جلدة رقيقة تكون على القلب بيضاء حبه خرق ذلك الجلد حتى وصل إلى القلب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد قال : إن الشعف والشغف يختلفان فالشعف في البغض والشغف في الحب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد العباداني قال : قال رجل ليوسف عليه السلام : إني أحبك ، فقال له يوسف : لا أريد أن يحبني أحد غير الله من حب أبي ألقيت في

الجب ومن حب امرأة العزيز ألقيت في السجن.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {قد شغفها حبا} قال : دخل حبه في شغافها.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {قد شغفها حبا} قال : دخل حبه تحت الشغاف.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {قد شغفها حبا} يقول : هلكت عليه حبا.
وأخرج ابن جرير عن الأعرج رضي الله عنه أنه قرأ / {قد شعفها حبا > / بالعين المهملة وقال {شغفها حبا} يعني بالغين معجمة إذا كان هو يحبها.
الآية 31.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فلما سمعت بمكرهن} قال : بحديثهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {سمعت بمكرهن} قال :

يعملهن ، وقال : كل مكر في القرآن فهو عمل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه في قوله {وأعتدت لهن متكأ} قال : هيأت لهن مجلسا وكان سنتهم إذا وضعوا المائدة أعطوا كل إنسان سكينا يأكل بها ، فلما رأينه قال : فلما خرج عليهن يوسف عليه السلام {أكبرنه} قال : أعظمنه ونظرن إليه وأقبلن يحززن أيديهن بالسكاكين وهن يحسبن أنهن يقطعن الطعام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأعتدت لهن متكأ} قال : أعطتهن أترنجا وأعطت كل واحدة منهن سكينا فلما رأين يوسف أكبرنه وجعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطع الأترنج.
وأخرج مسدد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المتكأ الأترنج وكان يقرؤها خفيفة

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {متكأ} قال : هو الأترنج.
وأخرج أبوعبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه
ثالث عن مجاهد رضي الله عنه قال : من قرأ {متكأ} شدها فهو الطعام ، ومن قرأ متكا خففها فهو الأترنج.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمة بن تمام أبي عبد الله القسري رضي الله عنه قال : {متكأ} بكلام الحبش يسمون الأترنج متكا.
وأخرج أبو الشيخ عن أبان بن تغلب رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {وأعتدت لهن متكأ} مخففة ، قال : الأترنج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وأعتدت لهن متكأ} قال : طعام وشراب وتكاء.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه مثله

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {متكأ} قال : كل شيء يقطع بالسكين.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه قال : أعطتهن ترنجا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين ويأكلن بالعسل فلما قيل له اخرج عليهن خرج ، فلما رأينه أعظمنه وتهيمن به حتى جعلن يحززن أيديهن بالسكين وفيها الترنج ولا يعقلن لا يحسبن إلا أنهن يحززن الأترنج قد ذهبت عقولهن مما رأين وقلن {حاش لله ما هذا بشرا} ما هكذا يكون البشر ما هذا إلا ملك كريم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق دريد بن مجاشع عن بعض أشياخه قال : قالت للقيم : أدخله عليهن وألبسه ثيابا بيضا فإن الجميل أحسن ما يكون في البياض ، فأدخله عليهن وهن يحززن ما في أيديهن فلما رأينه حززن أيديهن وهن لا يشعرن من النظر إليه فنظرن إليه مقبلا ثم أومأت إليه أن ارجع ، فنظرن إليه مدبرا وهن يحززن أيديهن بالسكاكين لا يشعرن بالوجع من نظرهن إليه فلما خرج نظرن إلى أيديهن وجاء الوجع فجعلن يولولن ، وقالت لهن :

أنتن من ساعة واحدة هكذا صنعتن فكيف أصنع أنا ، {وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}.
وأخرج أبو الشيخ من طريق عبد العزيز بن الوزير بن الكميت بن زيد بن الكميت الشاعرقال : حدثني أبي عن جدي قال : سمعت جدي الكميت يقول في قوله {فلما رأينه أكبرنه} قال : أمنين ، وأنشد في ذلك :
لما رأته الخيل من رأس شاهق * صهلن وأكبرن المني المدفقا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلما رأينه أكبرنه} قال : لما خرج عليهن يوسف حضن من الفرح وقال الشاعر : نأتي النساء لدى إطهارهن ولا * نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلما رأينه أكبرنه} قال : أعظمنه {وقطعن أيديهن} قال : حزا بالسكين حتى ألقينها {وقلن حاش لله} قال :

معاذ الله.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف والخطيب في تالي التلخيص عن أسيد بن يزيد أن في مصحف عثمان {وقلن حاش لله} ليس فيها ألف.
وأخرج ابن جرير عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأها {ما هذا بشرا} أي ما هذا بمشترى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن هذا إلا ملك كريم} قال : قلن ملك من الملائكة من حسنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أساس رضي الله عنه قال : لما قررن وطابت أنفسهن قالت لقيمها : آتهن ترنجا وسكينا ، فأتاهن بهن فجعلن يقطعن ويأكلن فقالت : هل لكن في النظر إلى يوسف قلن : ما شئت فأمرت قيمها فأدخله عليهن فلما رأينه جعلن يقطعن أصابعهن مع الأترنج وهن لا يشعرن

فلا يجدن ألما مما رأين من حسنه فلما ولى عنهن قالت : هذا الذي لمتنني فيه فلقد رأيتكن تقطعن أيديكن وما تشعرن ، قال : فنظرن إلى أيديهن فجعلن يصحن ويبكين ، قالت : فكيف أصنع فقلن : {حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} وما نرى عليك من لوم بعد الذي رأينا.
وأخرج أبو الشيخ عن منبه عن أبيه قال : مات من النسوة اللاتي قطعن أيديهن تسع عشرة امرأة كمدا.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أعطي يوسف وأمه شطر الحسن.
وأخرج ابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان وجه يوسف مثل

البرق وكانت المرأة إذا أتت لحاجة ستر وجهه مخافة أن تفتن به.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أوتي يوسف عليه السلام وأمه ثلث حسن خلق الإنسان : في الوجه والبياض وغير ذلك.
وأخرج أبو الشيخ عن إسحاق بن عبد الله قال : كان يوسف عليه الصلاة والسلام إذا سار في أزقة مصر تلألأ وجهه على الجدران كما يتلألأ الماء والشمس على الجدران.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل الدنيا وأعطي الناس الثلثين.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قسم الله الحسن عشرة أجزاء فجعل منها ثلاثة أجزاء في حواء وثلاثة أجزاء في سارة وثلاثة أجزاء في يوسف وجزأ في سائر الخلق وكانت سارة من أحسن نساء الأرض

وكانت من أشد النساء غيرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه قال : قسم الله الحسن نصفين فجعل ليوسف وسارة النصف وقسم النصف الآخر بين سائر الناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : قسم الحسن ثلاثة أقسام فأعطي يوسف الثلث وقسم الثلثان بين الناس وكان أحسن الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان فضل حسن يوسف على الناس كفضل القمر ليلة البدر على نجوم السماء.
وأخرج الحاكم عن كعب رضي الله عنه قال : قسم الله ليوسف عليه السلام من الجمال الثلثين وقسم بين عباده الثلث وكان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه الله
تعالى فلما عصى آدم عليه السلام نزع منه النور والبهاء والحسن ووهب له ثلث من الجمال مع التوبة فأعطى الله ليوسف عليه السلام ذلك الثلثين وأعطاه تأويل الرؤيا ، وإذا تبسم رأيت النور من ضواحكه.
الآية 32

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاستعصم} قال : امتنع.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاستعصم} قال : فاستعصى.
الآية 33.
أَخرَج سنيد في تفسيره ، وَابن أبي حاتم عن ابن عيينة رضي الله عنه قال : إنما يوفق من الدعاء للمقدر أما ترى يوسف عليه السلام قال {رب السجن أحب إلي} ، ، قال : لما قال اذكرني عند ربك أتاه جبريل عليه السلام فكشف له عن الصخرة فقال : ما ترى قال : أرى نملة تقضم ، قال : يقول ربك أنا لم أنس هذه أنساك أنا حبستك ، أنت قلت {رب السجن أحب إلي}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإلا تصرف عني كيدهن} قال : إن لا يكن منك أنت القوي والمنعة لا تكن مني ولا عندي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أصب إليهن} يقول : اتبعهن

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {أصب إليهن} قال : أطاوعهن.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة رضي الله عنه قال : من أتى ذنبا عمدا
أو خطأ فهو جاهل حين يأتيه ، ألا ترى إلى قول يوسف عليه الصلاة والسلام {أصب إليهن وأكن من الجاهلين} قال : فقد عرف يوسف أن الزنا حرام وإن أتاه كان جاهلا.
الآية 34.
أَخْرَج ابن المنذر عن بكر بن عبيد الله رضي الله عنه قال : دخلت امرأة العزيز على يوسف عليه السلام فلما رأته عرفته وقالت : الحمد لله الذي صير العبيد بطاعته ملوكا وجعل الملوك بمعصيته عبيدا.
الآية 35.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} ، قال : ما سألني عنها أحد قبلك ، من الآيات : قد القميص وأثرها في جسده وأثر السكين وقالت امرأة العزيز : إن أنت لم تسجنه ليصدقنه الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : من الآيات : شق في القميص وخمش في الوجه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم بدا لهم من بعد ما

رأوا الآيات} قال : قد القميص من دبر.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {من بعد ما رأوا الآيات} قال : من الآيات كلام الصبي.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الآيات جزهن أيديهن وقد القميص.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال رجل ذو رأي منهم للعزيز إنك متى تركت هذا العبد يعتذر إلى الناس ويقص عليهم أمره وامرأة في بيتها لا تخرج إلى الناس عذروه وفضحوا أهلك ، فأمر به فسجن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم
وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : عوقب يوسف عليه السلام ثلاث مرات أما أول مرة فبالحبس لما كان من همه بها والثانية لقوله : اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين عوقب بطول الحبس ، والثالثة حيث قال {أيتها العير إنكم لسارقون} فاستقبل في وجهه {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {ليسجننه حتى حين} قال : سبع سنين

وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء والخطيب في تاريخه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه عن أبيه قال : سمع عمر رضي الله عنه رجلا يقرأ هذا الحرف {ليسجننه حتى حين} فقال له عمر رضي الله عنه : من أقرأك هذا الحرف قال : ابن مسعود رضي الله عنه ، فقال عمر رضي الله عنه {ليسجننه حتى حين} ثم كتب إلى ابن مسعود رضي الله عنه : سلام عليك أما بعد ، فإن الله أنزل القرآن فجعله قرآنا عربيا مبينا وأنزله بلغة هذا الحي من قريش فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل.
الآية 36.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ودخل معه السجن فتيان} قال : أحدهما خازن الملك على طعامه والآخر ساقيه على شرابه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال : في قوله {ودخل معه السجن فتيان} قال : غلامان كانا للملك الأكبر الريان بن الوليد كان أحدهما على شرابه والآخر على بعض أمره في سخطة سخطها

عليهما اسم أحدهما مجلب والآخر نبوا الذي كان على الشراب ، فلما رأياه قالا : يا فتى
والله لقد أحببناك حين رأيناك قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه أن يوسف عليه الصلاة والسلام قال لهما حين قالا له ذلك : أنشدكما بالله أن لا تحباني فوالله ما أحبني أحد قط إلا دخل علي من حبه بلاء ، قد أحبتني عمتي فدخل علي من حبها بلاء ثم أحبني أبي فدخل علي بحبه بلاء ثم أحبتني زوجة صاحبي فدخل علي بمحبتها إياي بلاء ، فلا تحباني بارك الله فيكما فأبيا إلا حبه وألفه حيث كان وجعل يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله ، وقد كانا رأيا حين أدخلا السجن رؤيا فرأى مجلب أنه رأى فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ورأى نبوا أن يعصر خمرا فاستفتياه فيها وقالا له {نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} إن فعلت فقال لهما {لا يأتيكما طعام ترزقانه} يقول في نومكما {إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} ثم دعاهما إلى الله وإلى الإسلام فقال {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} أي

خير أن تعبدوا إلها واحدا أم آلهة متفرقة لا تغني عنكم شيئا ، ثم قال لمجلب : أما أنت فتصلب فتأكل الطير من رأسك ، وقال لنبوا أما أنت فترد على عملك ويرضى عنك صاحبك {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان}.
وأخرج وكيع في الغرر عن عمرو بن دينار قال : قال يوسف عليه السلام : ما لقي أحد في الحب ما لقيت أحبني أبي فألقيت في الجب وأحبتني امرأة العزيز فألقيت في السجن.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني أراني أعصر خمرا} قال : عنبا.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ [ إني أراني أعصر عنبا ] وقال : والله لقد أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إني أراني أعصر خمرا} يقول : أعصر عنبا وهو بلغة أهل عمان يسمون العنب خمرا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {نبئنا بتأويله} قال :

عبارته.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إني أراني أعصر خمرا} قال : هو بلغة عمان ، وفي قوله {إنا نراك من المحسنين} قال : كان إحسانه فيما ذكر لنا أنه كان يعزي حزينهم ويداوي مريضهم ورأوا منه عبادة واجتهادا فأحبوه به وقال لما انتهى يوسف عليه السلام إلى السجن وجد فيه قوما قد انقطع رجاؤهم واشتد بلاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول : أبشروا اصبروا تؤجروا إن لهذا أجرا إن لهذا ثوابا ، فقالوا : يا فتى بارك الله فيك ، ما أحسن وجهك وأحسن خلقك وأحسن خلقك ، لقد بورك لنا في جوارك إنا كنا في غير هذا منذ حبسنا لما تخبرنا من الأجر والكفارة والطهارة فمن أنت يا فتى ، ، قال : أنا يوسف ابن صفي الله يعقوب ابن ذبيح الله إسحاق بن خليل الله إبراهيم عليهم الصلاة والسلام وكانت عليه محبة ، وقال له عامل السجن : يا فتى والله لو استطعت لخليت سبيلك ولكن سأحسن جوارك وأحسن آثارك فكن في أي بيوت السجن شئت.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دعا يوسف عليه السلام لأهل السجن فقال :

اللهم لا تعم عليهم الأخبار وهون عليهم مر الأيام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك رضي الله عنه ، أنه سئل عن قوله {إنا نراك من المحسنين} ما كان إحسان يوسف عليه السلام قال : كان إذا مرض إنسان في السجن قام عليه وإذا ضاق عليه المكان أوسع له ، وإذا احتاج جمع له.
الآية 37.
أَخرَج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لا يأتيكما طعام ترزقانه} قال : كره العبارة كلها فأجابهما بغير جوابهما ليريهما أن عنده علما وكان الملك إذا أراد قتل إنسان صنع له طعاما معلوما فأرسل
به إليه ، فقال يوسف عليه السلام {لا يأتيكما طعام ترزقانه} إلى قوله {تشكرون} فلم يدعه صاحب الرؤيا حتى يعبر لهما فكرة العبارة فقال {يا صاحبي السجن أأرباب} إلى قوله {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} قال : فلم يدعاه فعبر لهما.
الآية 38.
أَخرَج الترمذي وحسنه والحاكم ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن

أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي الأحوص رضي الله عنه قال : فاخر أسماء بن خارجة الفزاري رجلا فقال : أنا من الأشياخ الكرام فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله.
وأخرج الحاكم عن عمر رضي الله عنه ، أنه استأذن عليه رجل فقال : استأذنوا لابن الأخيار فقال عمر : ائذوا له فلما دخل قال : من أنت قال : فلان بن فلان بن فلان فعد رجالا من أشراف الجاهلية فقال له عمر رضي الله عنه : أنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم قال : لا ، قال : ذاك من الأخيار وأنت في الأشرار إنما تعد لي جبال أهل النار.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يجعل الجد أبا ويقول : من شاء لاعناه عند الحجر ما ذكر الله جدا ولا جدة قال الله إخبارا عن يوسف عليه السلام {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب}

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ذلك من فضل الله علينا} قال : أن جعلنا أنبياء {وعلى الناس} قال : أن جعلنا رسلا إليهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس} قال : إن المؤمن ليشكر ما به من نعمة الله ويشكر ما في الناس من نعمة الله ذكر لنا أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يقول : يا رب شاكر نعمة غير منعم عليه لا يدري ويا رب حامل فقه غير فقيه.
الآيات 39 - 40.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية ، قال لما عرف نبي الله يوسف عليه السلام أن أحدهما مقتول دعاهما إلى حظهما من ربهما وإلى نصيبهما من آخرتهما.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {يا صاحبي السجن} يوسف يقوله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} قال : أسس الدين على الإخلاص لله وحده لا شريك له

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ذلك الدين القيم} قال : العدل.
الآية 41.
أَخْرَج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : أتاه فقال : رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبة من عنب فنبتت فخرج فيه عناقيد فعصرتهن ثم سقيتهن الملك ، فقال : تمكث في السجن ثلاثة أيام ثم تخرج فتسقيه خمرا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {فيسقي ربه خمرا} قال : سيده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما رأى صاحبا سجن يوسف عليه السلام شيئا إنما تحاكما إليه ليجربا علمه فلما أول رؤياهما قالا : إنما كنا نلعب ولم نر شيئا فقال {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} يقول : وقعت العبارة فصار الأمر على ما عبر يوسف عليه السلام

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي مجلز رضي الله عنه قال : كان أحد اللذين قصا على يوسف الرؤيا كاذبا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} قال عند قولهما : ما رأينا رؤيا إنما كنا نلعب ، قال : قد وقعت الرؤيا على ما أولت.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : قال يوسف عليه السلام للخباز : إنك تصلب فتأكل الطير من رأسك ، وقال لساقيه : أما أنت فترد على عملك فذكر لنا أنهما قالا حين عبر : لم نر شيئا ، قال {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان}.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ {أما أحدكما فيسقي ربه خمرا}.
الآية 42.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن سابط رضي الله عنه {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} قال : عند ملك الأرض.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {اذكرني عند ربك} يعني بذلك الملك

وأخرج ابن جرير عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال لما انتهى به إلى باب
السجن قال له : أوصني بحاجتك ، قال : حاجتي أن تذكرني عند ربك ، ينوي الرب الذي ملك يوسف عليه السلام.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقال للذي ظن أنه ناج} قال إنما عبارة الرؤيا بالظن فيحق الله ما يشاء ويبطل ما يشاء.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتب العقوبات ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم يقل يوسف عليه السلام الكلمة التي قالها : ما لبث في السجن طول ما لبث ، حيث يبتغي الفرج من عند غير الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أنه يعني يوسف قال الكلمة التي قال ما لبث في السجن طول ما لبث.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله يوسف لو لم يقل : اذكرني عند ربك ما لبث في السجن طول ما لبث.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله يوسف لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث قوله اذكرني عند ربك ثم بكى الحسن رضي الله عنه وقال : نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النَّبِيّ اله صلى الله عليه وسلم قال : لولا أن يوسف استشفع على ربه ما لبث في السجن طول ما لبث ، ولكن إنما عوقب باستشفاعه على ربه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه قال : أوحي إلى يوسف : من استنقذك من القتل حين هم إخوتك أن يقتلوك قال : أنت يا رب ، قال : فمن استنقذك من الجب إذ ألقوك فيه قال : أنت يا رب ، قال : فمن استنقذك من المرأة إذ هممت بها قال : أنت يا رب ، قال : فما لك نسيتني وذكرت آدميا قال :

===========*

ج18.

كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير.

جزعا وكلمة تكلم بها لساني ، قال : فوعزتي لأخلدنك في السجن بضع سنين ، فلبث في السجن بضع سنين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لما قال يوسف عليه السلام للساقي : اذكرني عند ربك قيل له يا يوسف اتخذت من دوني وكيلا لأطيلن حبسك : فبكى يوسف عليه السلام وقال : يا رب تشاغل قلبي من كثرة البلوى فقلت كلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} قال يوسف للذي نجا من صاحبي السجن : اذكرني للملك فلم يذكره حتى رأى الملك الرؤيا وذلك أن يوسف أنساه الشيطان ذكر ربه وأمره بذكر الملك وابتغاء الفرج من عنده فلبث في السجن بضع سنين عقوبة لقوله {اذكرني عند ربك}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في

قوله {فلبث في السجن بضع سنين} قال : بلغنا أنه لبث في السجن سبع سنين.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : أصاب أيوب عليه السلام البلاء سبع سنين وترك يوسف عليه السلام في السجن سبع سنين وعذب بخت نصر خون في السباع سبع سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلبث في السجن بضع سنين} اثنتي عشرة سنة.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن الكلبي رضي الله عنه قال : قال يوسف عليه السلام كلمة واحدة حبس بها سبع سنين قال أبو بكر : وحبس قبل ذلك خمس سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن طاووس والضحاك في قوله {فلبث في السجن بضع سنين} قالا : أربع عشرة سنة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : البضع دون العشرة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : عثر يوسف عليه السلام ثلاث عثرات : قوله اذكرني عند ربك وقوله لإخوته إنكم لسارقون وقوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ، فقال له جبريل عليه السلام ولا حين هممت فقال : وما أبرئ نفسي.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : ذهب يوسف عليه السلام وهو ابن سبع عشرة ولبث في الجب سبعا وفي السجن سبعا وجمع الطعام في سبعا فيرون أنه التقى هو وأبوه عند ذلك.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي المليح رضي الله عنه قال : كان دعاء يوسف عليه السلام في السجن اللهم إن كان خلق وجهي عندك فإني أتقرب إليك بوجه يعقوب أن تجعل لي فرجا ومخرجا ويسرا وترزقني من حيث لا أحتسب.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد الله مؤذن

الطائف قال : جاء جبريل عليه السلام إلى يوسف عليه السلام فقال : يا يوسف اشتد عليك الحبس قال نعم ، قال : قل اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني من أمر دنياي وأمر آخرتي فرجا ومخرجا وارزقني من حيث لا أحتسب واغفر لي ذنبي وثبت رجائي واقطعه من سواك حتى لا أرجو أحدا غيرك.
الآيات 43 - 46
أخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال يوسف عليه الصلاة والسلام للساقي {اذكرني عند ربك} أي الملك الأعظم ومظلمتي وحبسي في غير شيء ، قال : أفعل ، فلما خرج الساقي رد على ما كان عليه ورضي عنه صاحبه وأنساه الشيطان ذكر الملك الذي أمره يوسف عليه السلام أن يذكره له فلبث يوسف عليه السلام بعد ذلك في السجن بضع سنين ثم إن الملك ريان بن الوليد رأى رؤياه التي أرى فيها فهالته وعرف أنها رؤيا واقعة ولم يدر ما تأويلها فقال للملأ حوله من أهل مملكته {إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات} فلما سمع نبوا من الملك ما سمع منه ومسألته عن تأويلها ذكر يوسف عليه السلام وما كان عبر له ولصاحبه وما جاء من ذلك على ما قال من قوله فقال {أنا أنبئكم بتأويله}

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أضغاث أحلام} قال : من الأحلام الكاذبة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه مثله.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أضغاث أحلام} قال : أخلاط أحلام.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وادكر بعد أمة} قال : بعد حين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد والحسن وعكرمة وعبد الله بن كثير

والسدي - رضي الله تعالى عنهم - مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وادكر بعد أمة} يقول : بعد سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {وادكر بعد أمة} يقول : بعد سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - أنه قرأ {وادكر بعد أمة} قال : بعد أمة من الناس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ {وادكر بعد أمة} - بالفتح والتخفيف يقول بعد نسيان.
وأخرج ابن جرير وعكرمة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك - رضي الله عنهم - أنهم قرأوا {بعد أمة} أي بعد نسيان.
وأخرج ابن جرير عن حميد - رضي الله عنه - قال : قرأ مجاهد رضي الله عنه {وادكر بعد أمة} مجزومة

مخففة.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون - رضي الله عنه - قال في قراءة أبي بن كعب / {أنا آتيكم بتأويله > /.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ / {أنا آتيكم بتأويله > / فقيل له : أنا أنبئكم ، قال : أهو كان ينبئهم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أفتنا في سبع بقرات} الآية ، قال : أما السمان فسنون فيها خصب.
وَأَمَّا السبع العجاف فسنون مجدبة ، وسبع سنبلات خضر هي السنون المخاصيب تخرج الأرض نباتها وزرعها وثمارها ، وأخر يابسات المحول الجدوب لا تنبت شيئا.
الآيات 47 - 49.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه - والله

يغفر له - حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه - والله يغفر له - حين أتاه الرسول لبادرتهم الباب ، ولكنه أراد أن يكون له العذر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال : لم يرض يوسف عليه السلام أن أفتاهم بالتأويل حتى أمرهم بالرفق فقال : {تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله} لأن الحب إذا كان في سنبله لا يؤكل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فذروه في سنبله} قال : أراد يوسف عليه السلام البقاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {فذروه في سنبله} قال : في بعض القراءة الأولى : هو أبقى له لا يؤكل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام في زمانه كان يصنع لرجل طعام اثنين فيقربه إلى الرجل فيأكل نصفه ويدع نصفه حتى إذا كان يوما قربه له فأكله فقال له يوسف عليه السلام : هذا أول يوم من السبع الشداد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد} قال : هن السنون المحول الجدوب

وفي قوله {يأكلن ما قدمتم لهن} يقول : يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت {إلا قليلا مما تحصنون} أي مما تدخرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {مما تحصنون} يقول : تخزنون ، وفي قوله {وفيه يعصرون} يقول : الأعناب والدهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عام فيه يغاث الناس} يقول : يصيبهم فيه غيث {وفيه يعصرون} يقول : يعصرون فيه العنب ويعصرون فيه الزيت ويعصرون من كل الثمرات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفيه يعصرون} يحتلبون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنهما - في قوله {وفيه يعصرون} يحتلبون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ثم

يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس} قال : يغاث الناس بالمطر {وفيه يعصرون} الثمار والأعناب والزيتون من الخصب ، وهذا علم آتاه الله علمه لم يكن فيما سئل عنه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك عام} الآية ، قال : زادهم يوسف عليه السلام علم سنة لم يسألوه عنه.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك عام} قال : أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه وكان الله تعالى قد علمه إياه {فيه يغاث الناس} بالمطر {وفيه يعصرون} السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه {فيه يغاث الناس} قال : بالمطر {وفيه يعصرون} قال : يعصرون أعنابهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - {فيه يغاث الناس} قال : يغاث الناس بالمطر {وفيه يعصرون} قال : الزيت

وأخرج ابن جرير عن علي بن طلحة - رضي الله عنه - قال : كان ابن عباس - رضي الله عنه - يقرأ / {وفيه تعصرون > / بالتاء يعني تحتلبون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عبدان المروزي - رضي الله عنه - عن عيسى بن عبيد عن عيسى بن عمير الثقفي - رضي الله عنه - قال : سمعته يقرأ / {فيه يغاث الناس وفيه تعصرون > / بالتاء يعني الغياث المطر ثم قرأ {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}.
الآيات 50 - 53
أخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} فقال : لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر

وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يرحم الله يوسف إن كان لذا أناة حليما لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعا.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه - والله يغفر له - حيث أرسل إليه ليستفتى في الرؤيا وإن كنت أنا لم أفعل حتى أخرج وعجبت من صبره وكرمه - والله يغفر له - أتي ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره ولو كنت أنا لبادرت الباب ولكنه أحب أن يكون له العذر.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله أخي يوسف لو أنا أتاني الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة حين قال {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} قال : أراد يوسف عليه السلام العذر قبل أن يخرج من السجن

وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما جمع الملك النسوة قال لهن : أنتن راودتن يوسف عن نفسه {قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين} قال يوسف : {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فغمزه جبريل عليه السلام فقال : ولا حين هممت بها فقال {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الآن حصحص الحق} قال : تبين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة والضحاك ، وَابن زيد والسدي مثله.
وأخرج الحاكم في تاريخه ، وَابن مردويه والديلمي عن أنس رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال لما قالها يوسف عليه السلام قال له جبريل عليه السلام : يا يوسف اذكر همك ، قال {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : لما قال يوسف عليه السلام {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال له جبريل عليه السلام : ولا يوم هممت بما هممت به فقال {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : لما قال يوسف عليه السلام {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال الملك - وطعن في جنبه - يا يوسف ولا حين هممت قال {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن حكيم بن جابر في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال : قال له جبريل : ولا حين حللت السراويل فقال عند ذلك {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ذلك ليعلم

أني لم أخنه بالغيب} قال : هو قول يوسف لمليكه حين أراه الله عذره.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : أراد يوسف عليه السلام العذر قبل أن يخرج من السجن فقال {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم} {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال ابن جريج : وبين هذا وبين ذلك ما بينه قال : وهذا من تقديم القرآن وتأخيره.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال يوسف - يقول - لم أخن سيدي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال هذا قول يوسف عليه السلام لم يخن العزيز في امرأته ، قال : فقال له جبريل عليه السلام : ولا حين حللت السراويل فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال : قال له جبريل عليه السلام : اذكر همك ، قال {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فقال له الملك أو جبريل : ولا حين هممت بها فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فقال له الملك أو جبريل ولا حين ههمت بها فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال فقال له الملك : ولا حين ههمت فقال {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - قال : ذكر لنا أن الملك الذي كان مع يوسف عليه السلام قال : اذكر ما هممت به ، قال {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال : خشي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يكون زكى نفسه فقال {وما أبرئ نفسي} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وما أبرئ

نفسي} قال : يعني همته التي هم بها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد العزيز بن عمير - رضي الله عنه - قال : النفس أمارة بالسوء فإذا جاء العزم من الله كانت هي التي تدعو إلى الخير.
الآية 54.
أَخْرَج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : فأتاه الرسول فقال له : ألق عنك ثياب السجن وألبس ثيابا جددا وقم إلى الملك فدعا له أهل السجن - وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة - فلما أتاه رأى غلاما حدثا ، فقال : أيعلم هذا رؤياي ولا يعلمها
السحرة والكهنة ، وأقعده قدامه وقال له : لا تخف وألبسه طوقا من ذهب وثياب حرير وأعطاه دابة مسرجة مزينة كدابة الملك وضرب الطبل بمصر أن يوسف عليه السلام خليفة الملك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أستخلصه لنفسي} قال : أتخذه لنفسي

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن زيد العمى - رضي الله عنه - قال : لما رأى يوسف عليه السلام عزيز مصر قال : اللهم إني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بعزتك من شره.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي ميسرة - رضي الله عنه - قال : لما رأى العزيز لبق يوسف وكيسه وظرفه دعاه فكان يتغدى معه ويتعشى دون غلمانه فلما كان بينه وبين المرأة ما كان قالت : لم تدني هذا من بين غلمانك ، مره فليتغد مع الغلمان ، قال له : اذهب فتغد مع الغلمان ، فقال له يوسف : أترغب أن تأكل معي ، أنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله ، وأخؤج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال الملك ليوسف : إني أحب أن تخالطني في كل شيء إلا في أهلي وأنا آنف أن تأكل معي ، فغضب يوسف عليه السلام فقال : أنا أحق أن آنف أنا ابن إبراهيم خليل الله وأنا ابن إسحاق ذبيح الله وأنا ابن يعقوب

نبي الله.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : أسلم الملك الذي كان معه يوسف عليه السلام.
الآية 55.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : استعملني عمر - رضي الله عنه - على البحرين ثم نزعني وغرمني اثني عشر ألفا ثم دعاني بعد إلى العمل فأبيت فقال : ولم وقد سأل يوسف عليه السلام العمل وكان خيرا منك ، فقلت : إن يوسف عليه السلام نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي
وأنا ابن أميمة وأنا أخاف أن أقول بغير حلم وأن أفتي بغير علم وأن يضرب ظهري ويشتم عرضي ويؤخذ مالي.
وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : كان يوسف عليه السلام لا يشبع فقيل له : ما لك لا تشبع وبيدك خزائن الأرض ، قال : إني إذا شبعت نسيت الجائع.
وأخرج وكيع في الغرر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن - رضي الله عنه - قال : قيل ليوسف عليه السلام : تجوع وخزائن الأرض بيدك قال : إني أخاف أن أشبع فأنسى الجيعان

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن شيبة بن نعامة الضبي - رضي الله عنه - في قوله {اجعلني على خزائن الأرض} يقول : على جميع الطعام إني حفيظ لما استودعتني عليهم بسنين المجاعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {اجعلني على خزائن الأرض} قال : كان لفرعون خزائن كثيرة غير الطعام فأسلم سلطانه كله له وجعل القضاء إليه أمره وقضاؤه نافذ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إني حفيظ} قال : لما وليت {عليم} بأمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني حفيظ عليم} قال : حفيظ للحساب عليم بالألسن.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الأشجعي - رضي الله عنه - مثله.
الآية 56.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وكذلك مكنا

ليوسف في الأرض} قال : ملكناه فيما يكون فيها {حيث يشاء} من تلك الدنيا يصنع - فيها ما يشاء فوضت إليه ، قال : لو شاء أن يجعل فرعون من تحت يده ويجعله من فوق لفعل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض - رضي الله عنه - قال : وقفت امرأة العزيز على ظهر الطريق حتى مر يوسف عليه السلام فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته وجعل الملوك عبيدا بمعصيته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن إسحاق - رضي الله عنه - قال : ذكروا أن أطيفر هلك في تلك الليالي وأن الملك الريان زوج يوسف عليه السلام امرأته راعيل فقال لها حين أدخلت عليه : أليس هذا خيرا مما كنت تريدين فقال : أيها الصديق لا تلمني ، فإني كنت امرأة كما ترى حسناء جملاء ناعمة في ملك ودنيا وكان صاحبي لا يأتي النساء وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك فغلبتني نفسي على ما رأيت فيزعمون أنه وجدها عذراء فأصابها فولدت له رجلين.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد العزيز بن منبه عن أبيه قال : تعرضت امرأة

العزيز ليوسف عليه السلام في الطريق حتى مر بها فقالت : الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيته عبيدا وجعل العبيد بطاعته ملوكا فعرفها فتزوجها فوجدها بكرا وكان صاحبها من قبل لا يأتي النساء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : أصابت امرأة العزيز حاجة لها فقيل لها ، لو أتيت يوسف بن يعقوب فسألته فاستشارت الناس في ذلك فقالوا : لا تفعلي فإنا نخاف عليك ، قالت : كلا إني لا أخاف ممن يخاف الله ، فدخلت عليه فرأته في ملكه فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ثم نظرت إلى نفسها فقالت : الحمد لله الذي جعل الملوك عبيدا بمعصيته فقضى لها جميع حوائجها ثم تزوجها فوجدها بكر فقال لها : أليس هذا أجمل مما أردت قالت : يا نبي الله إني ابتليت فيك بأربع : كنت أجمل الناس كلهم وكنت أنا أجمل أهل زماني وكنت بكر وكان زوجي عنينا.
وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام تزوج امرأة العزيز فوجدها بكر وكان زوجها عنينا.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن أبي الدنيا في الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وأسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم.
الآية 57.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال : سألت الحسن - رضي الله عنه - فقلت : يا أبا سعيد قوله {ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون} ما هي قال : يا مالك اتقوا المحارم خمصت بطونهم ، تركوا المحارم وهم يشتهونها.
الآية 58.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن إخوة يوسف لما دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون جاء بصواع الملك الذي كان يشرب فيه فوضعه على يده فجعل ينقره ويطن وينقره ويطن فقال : إن هذا الجام ليخبرني عنكم خبرا ، هل كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف وكان أبوه يحبه دونكم وإنكم انطلقتم به فألقيتموه في الجب وأخبرتم أباكم أن الذئب أكله وجئتم على قميصه بدم كذب ، قال : فجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويعجبون إنه هذا الجام ليخبر خبرهم فمن أين يعلم هذا

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الجلد - رضي الله عنه - قال : قال يوسف عليه السلام لإخوته : إن أمركم ليريبني كأنكم جواسيس قالوا : يا أيها العزيز إن أبانا شيخ صديق وإنا قوم صديقون وإن الله ليحيي بكلام الأنبياء القلوب كما يحيي وابل السماء الأرض ويقول لهم - وفي يده الإناء وهو يقرعه القرعة - كأن هذا يخبر عنكم بأنكم جواسيس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عون قال : قلت للحسن - رضي الله عنه - ترى يوسف عرف إخوته قال : لا والله ما عرفهم حتى تعرفوا إليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {فعرفهم وهم له منكرون} قال : لا يعرفونه.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب - رضي الله عنه - قال : لما جعل يوسف عليه السلام ينقر الصاع ويخبرهم قام إليه بعض إخوته فقال : أنشدك الله أن لا تكشف لنا عورة.
الآيات 59 - 66.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ائتوني بأخ لكم من

أبيكم} قال : يعني بنيامين وهو أخو يوسف لأبيه وأمه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وأنا خير المنزلين} قال : خير من يضيف بمصر.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وأنا خير المنزلين} قال : خير المضيفين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - {وأنا خير المنزلين} قال يوسف عليه السلام : أنا خير من يضيف بمصر.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم أنه كان يقرأ / {وقال لفتيته > / أي لغلمانه {اجعلوا بضاعتهم} أي أوراقهم

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحاق قال : كان منزل يعقوب وبنيه فيما ذكر لي بعض أهل العلم بالعربات من أرض فلسطين بغور الشام ، وبعض كان يقول بالأدلاج من ناحية شعب أسفل من جسمي وما كان صاحب بادية له بها شاء وإبل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن المغيرة عن أصحاب عبد الله {فأرسل معنا أخانا نكتل}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - {فأرسل معنا أخانا} يكتل له بعيرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مغيرة عن أصحاب عبد الله - رضي الله عنه - {فالله خير حافظا}.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد ، وَابن المنذر عن علقمة أنه كان يقرأ {ردت إلينا} بكسر الراء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا} يقول : ما نبغي هذه أوراقنا ردت

إلينا وقد أوفى لنا الكيل {ونزداد كيل بعير} أي حمل بعير ، واخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ونزداد كيل بعير} قال : حمل حمار ، قال : وهي لغة ، قال أبو عبيد يعني مجاهد أن الحمار يقال له في بعض اللغات بعير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {إلا أن يحاط بكم} قال : إلا أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك.
الآيات 67 - 68.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد} قال : رهب يعقوب عليهم العين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب - رضي الله عنه - في قوله {لا تدخلوا من باب واحد} قال : خشي عليهم العين

وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {لا تدخلوا من باب واحد} قال : خشي يعقوب على ولده العين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا تدخلوا من باب واحد} قال : خاف عليهم العين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا تدخلوا من باب واحد} قال : كانوا قد أوتوا صورا وجمالا فخشي عليهم أنفس الناس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم النخعي - رضي الله عنه - في قوله {وادخلوا من أبواب متفرقة} قال : أحب يعقوب أن يلقى يوسف أخاه في خلوة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} قال : خيفة العين على بنيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وإنه لذو علم لما علمناه} قال : إنه لعامل بما علم ومن لا يعمل لا يكون عالما

الآيات 69 - 76.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {آوى إليه أخاه} قال : ضمه إليه وأنزله معه ، وفي قوله {فلا تبتئس} قال : لا تحزن ولا تيأس ، وفي قوله {فلما جهزهم بجهازهم} قال : لما قضى حاجتهم وكال لهم طعامهم ، وفي قوله {جعل السقاية} قال : هو إناء الملك الذي يشرب منه {في رحل أخيه} قال : في متاع أخيه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {جعل السقاية} قال : هو الصواع وكل شيء يشرب منه فهو صواع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : السقاية والصواع شيء واحد يشرب منه يوسف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : السقاية هو الصواع وكان كأسا من ذهب على ما يذكرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله !

{أيتها العير} قال : كانت العير حميرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري وأبو الشيخ ، وَابن منده في غرائب شعبة ، وَابن مردويه والضياء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {صواع الملك} قال : شيء يشبه المكوك من فضة كانوا يشربون فيه.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {صواع الملك} قال : الصواع الكأس الذي يشرب فيه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : له درمك في رأسه ومشارب * وقدر وطباخ وصاع وديسق.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {صواع الملك} قال : هو المكوك الذي يلتقي طرفاه كانت تشرب فيه الأعاجم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {صواع الملك}

قال : كان من فضة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {صواع الملك} قال : كان من نحاس.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ {نفقد صواع الملك} بضم الصاد مع الألف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن الأنباري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ صاع الملك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرؤها صوغ الملك بالغين المعجمة ، قال : كان صيغ من ذهب أو فضة سقايته التي كان يشرب فيها.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي رجاء - رضي الله عنه - أنه قرأ {نفقد صواع الملك} بعين غير معجمة وصاد مفتوحة.
وأخرج عن عبد الله بن عون - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ صوع الملك بصاد مضمومة

وأخرج عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ صياع الملك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ولمن جاء به حمل بعير} قال : حمل حمار طعام وهي لغة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {حمل بعير} وقر بعير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وأنا به زعيم} قال كفيل.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وأنا به زعيم} قال : الزعيم هو المؤذن الذي قال {أيتها العير}.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نافع بن

الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {وأنا به زعيم} ما الزعيم ، قال : الكفيل ، قال فيه فروة بن مسيك : أكون زعيمكم في كل عام * بجيش جحفل لجب لهام.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - في قوله {ما جئنا لنفسد في الأرض} يقول : ما جئنا لنعصي في الأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {قالوا فما جزاؤه} قال : عرفوا الحكم في حكمهم فقالوا {جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} وكان الحكم عند الأنبياء يعقوب وبنيه عليهم السلام أن يؤخذ السارق بسرقته عبدا يسترق.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الكلبي - رضي الله
عنه - قال : أخبروه بما يحكم في بلادهم أنه من سرق أخذ عبدا ، فقالوا {جزاؤه من وجد في رحله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {فبدأ بأوعيتهم} الآية ، قال : ذكر لنا أنه كان كلما فتح متاع رجل استغفر تأثما مما صنع حتى بقي متاع الغلام قال : ما أظن أن هذا

أخذ شيئا ، قالوا : بلى فاستبره.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {كذلك كدنا ليوسف} قال : كذلك صنعنا ليوسف {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} يقول : في سلطان الملك ، قال : كان في دين ملكهم أنه من سرق أخذت منه السرقة ومثلها معها من ماله فيعطيه المسروق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} يقول : في سلطان الملك.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي - رضي الله عنه - في الآية ، قال : دين الملك لا يؤخذ به من سرق أصلا ولكن الله تعالى كاد لأخيه حتى تكلموا بما تكلموا به فآخذهم بقولهم وليس في قضاء الملك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} قال : لم يكن ذلك في دين الملك أن يأخذ من سرق عبدا

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الكلبي - رضي الله عنه - قال : كان حكم الملك أن من سرق ضاعف عليه الغرم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {إلا أن يشاء الله} قال : إلا بعلة كادها الله ليوسف عليه السلام فاعتل بها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق مالك بن أنس - رضي الله عنه - قال : سمعت زيد بن أسلم - رضي الله عنه - يقول في هذه الآية {نرفع درجات من نشاء} قال : بالعلم ، يرفع الله به من يشاء في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {نرفع درجات من نشاء} قال : يوسف وإخوته أوتوا علما ، فرفعنا يوسف فوقهم في العلم درجة.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفوق كل ذي علم عليم} قال : يكون هذا أعلم من هذا وهذا أعلم من هذا والله فوق كل عالم

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال : كنا عند ابن عباس - رضي الله عنهما - فحدث بحديث فقال رجل عنده {وفوق كل ذي علم عليم} فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - بئس ما قلت الله العليم الخبير هو فوق كل عالم.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب - رضي الله عنه - قال : سأل رجل عليا - رضي الله عنه - عن مسألة فقال فيها ، فقال الرجل : ليس هكذا ولكن كذا وكذا قال علي - رضي الله عنه - : أحسنت وأخطأت {وفوق كل ذي علم عليم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {وفوق كل ذي علم عليم} قال : علم الله فوق كل عالم.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {وفوق كل ذي علم عليم} قال : الله أعلم من كل أحد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : ليس عالم إلا فوقه عالم حتى ينتهي العلم إلى الله.
وَأخرَج أبو الشيخ عن الضحاك : (وفوق كل ذي علم عليم)

قال : يعني الله بذلك نفسه.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وفوق كل ذي علم عليم) قال : هكذا حتى ينتهي العلم إلى الله ، منه بدأ وإليه يعود ، وفي قراءة عبد الله وفوق كل عالم عليم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وفوق كل ذي علم عليم} قالا : هو ذلك أيضا يوسف وإخوته هو فوقهم في العلم.
الآيات 77 - 79.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} قال : يعنون يوسف.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : كان أول ما دخل على يوسف عليه السلام من البلاء فيما بلغني أن عمته وكانت أكبر ولد إسحاق عليه السلام وكانت إليها منطقة إسحاق ، فكانوا يتوارثونها بالكبر وكان يعقوب حين ولد له يوسف عليه السلام قد حضنته عمته فكان معها وإليها ، فلم يحب أحد شيئا من الأشياء كحبها إياه حتى ترعرع وقعت نفس يعقوب عليه السلام عليه فأتاها فقال : يا أخية سلمي إلي يوسف فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة ، قالت :

فوالله ما أنا بتاركته فدعه عندي أياما أنظر إليه لعل ذلك يسليني عنه ، فلما خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحاق عليه السلام فحزمتها على يوسف عليه السلام من تحت ثيابه ثم قالت : فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها ومن أصابها فالتمست ثم قالت : اكشفوا أهل البيت ، فكشفوهم فوجدوها مع يوسف عليه السلام فقالت : والله إنه لسلم لي أصنع فيه ما شئت فأتاها يعقوب عليه السلام فأخبرته الخبر فقال لها : أنت وذاك إن كان فعل ذلك فهو سلم لك ما أستطيع غير ذلك فأمسكته فما قدر عليه حتى ماتت عليها السلام ، فهو الذي يقول إخوة يوسف عليهم السلام حين صنع بأخيه ما صنع : {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : سرق مكحلة لخالته.
وأخرج أبو الشيخ عن عطية - رضي الله عنه - قال : سرق في صباه ميلين من ذهب.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} قال : سرق يوسف عليه السلام صنما لجده أبي أمه من ذهب وفضة فكسره وألقاه في الطريق فعيره بذلك إخوته

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - في الآية قال : كانت أم يوسف عليه السلام أمرت يوسف عليه السلام أن يسرق صنما لخاله كان يعبده وكانت مسلمة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - قال : سرقته التي عابوه بها : أخذ صنما كان لأبي أمه وإنما أراد بذلك الخير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - قال : كان يوسف عليه السلام غلاما صغيرا مع أمه عند خال له وهو يلعب مع الغلمان فدخل كنيسة لهم فوجد تمثالا لهم صغيرا من ذهب فأخذه ، قال : وهو الذي عيره إخوته به {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عطية - رضي الله عنه - في الآية قال : كان يوسف عليه السلام معهم على الخوان فأخذ شيئا من الطعام فتصدق به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - أنه سئل : كيف أخاف يوسف أخاه بأخذ الصواع وقد كان أخبره أنه أخوه وأنتم تزعمون أنه لم يزل متنكرا لهم ، مكايدهم حتى رجعوا فقال : إنه لم يعترف له بالنسب ولكنه قال : أنا أخوك مكان أخيك الهالك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم} قال : أسر في نفسه ، قوله {أنتم شر

مكانا والله أعلم بما تصفون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {شر مكانا} قال يوسف : يقول {والله أعلم بما تصفون} قال : تقولون.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن شيبة - رضي الله عنه - قال : لما لقي
يوسف أخاه قال : هل تزوجت بعدي قال : نعم ، قال : وما شغلك الحزن علي قال : إن أباك يعقوب عليه السلام قال لي : تزوج لعل الله أن يذرأ منك ذرية يثقلون أو قال يسكنون الأرض بتسبيحة.
الآية 80.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن إسحاق - رضي الله عنه - {فلما استيأسوا منه} قال : أيسوا ورأوا شدته في الأمر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {خلصوا نجيا} قال : وحدهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {قال كبيرهم} قال : شمعون الذي تخلف

أكبرهم عقلا وأكبر منه في الميلاد روبيل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {قال كبيرهم} هو روبيل وهو الذي كان نهاهم عن قتله وكان أكبر القوم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أو يحكم الله لي} قال : أقاتل بالسيف حتى أقتل.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب - رضي الله عنه - قال : إن شمعون كان أشد بني يعقوب بأسا وإنه كان إذا غضب قام شعره وانتفخ فلا يطفئ غضبه شيء إلا أن يمسه أحد من آل يعقوب وأنه كان قد أغار مرة على أهل قرية فدمرهم ، وإنه غضب يوم أخذ بنو يعقوب بالصواع غضبا شديدا ، حتى انتفخ فأمر يوسف عليه السلام ابنه أن يمسه فسكن غضبه وبرد وقال : قد مسني يد من آل يعقوب.
الآيات 81 - 83.
أَخرَج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ {إن ابنك سرق}.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال : قال يعقوب عليه السلام لبنيه : ما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلا بقولكم ، قالوا : ما شهدنا إلا بما علمنا لم نشهد أن السارق يؤخذ بسرقته إلا وذاك الذي علمنا

وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم - رضي الله عنه - أنه كره أن يكتب الرجل شهادته فإذا استشهد شهد ويقرأ {وما شهدنا إلا بما علمنا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وما كنا للغيب حافظين} قال : لم نعلم أنه سيسرق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {وما كنا للغيب حافظين} قال : ما كنا نعلم أن ابنك يسرق.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وما كنا للغيب حافظين} قال : يقولون ما كنا نظن أن ابنك يسرق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {واسأل القرية} قال : مصر ، وفي قوله {عسى الله أن يأتيني بهم

جميعا} قال : بيوسف وأخيه وروبيل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {عسى الله أن يأتيني بهم جميعا} قال : بيوسف وأخيه وكبيرهم الذي تخلف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق - رضي الله عنه - قال : لما حبس يوسف عليه السلام أخاه بسبب السرقة كتب إليه يعقوب عليه السلام : من يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الله إلى يوسف عزيز فرعون أما بعد فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء إن أبي إبراهيم عليه السلام ألقي في النار في الله فصبر فجعلها الله عليه بردا وسلاما وإن أبي إسحاق عليه السلام قرب للذبح في الله فصبر ففداه الله بذبح عظيم ، وإن الله كان وهب لي قرة عين فسلبنيه فأذهب حزنه بصري وأيبس لحمي على عظمي فلا ليلي ليل ولا نهاري نهار والأسير الذي في يديك بما ادعي عليه من السرق أخوه لأمه فكنت إذا ذكرت أسفي عليه قربته مني فيسلي عني بعض ما كنت أجد ، وقد بلغني أنك حبسته بسبب سرقة فخل سبيله فإني لم ألد سارقا وليس بسارق والسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الجلد - رضي الله عنه - قال : قال له أخوه : يا أيها العزيز لقد ذهب لي أخ ما رأيت أحدا أشبه به منك لكأنه الشمس ، فقال له يوسف عليه السلام : اسأل إله يعقوب أن يرحم صباك وأن يرد إليك أخاك.
الآية 84

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله {يا أسفى على يوسف} قال : يا حزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يا أسفى على يوسف} قال : يا حزنا على يوسف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {يا أسفى على يوسف} قال : يا جزعا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن سعيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن يونس - رضي الله عنه - قال : لما مات سعيد بن الحسن حزن عليه الحسن حزنا شديدا فكلم الحسن في ذلك فقال : ما سمعت الله عاب على يعقوب عليه السلام الحزن.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال : كان منذ خرج يوسف عليه السلام من عند يعقوب عليه السلام إلى يوم رجع ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه ودموعه تجري على خديه ، ولم يزل يبكي حتى ذهب بصره ، والله ما على وجه الأرض يومئذ خليقة أكبر على الله من يعقوب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال : لم يعط أحد الاسترجاع غير هذه الأمة ولو أعطيها أحد لأعطيها

يعقوب عليه السلام ، ألا تستمعون إلى قوله {يا أسفى على يوسف}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحنف بن قيس - رضي الله عنه - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن داود قال : يا رب إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني لهم رابعا ، فأوحى الله إليه أن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر وتلك بلية لم تنلك ، وإن إسحاق بذل مهجة دمه في سببي فصبر وتلك بلية لم تنلك وإن يعقوب أخذت منه حبيبه حتى ابيضت عيناه من الحزن فصبر وتلك بلية لم تنلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {فهو كظيم} قال : حزين.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {فهو كظيم} ما الكظيم قال : المغموم ، قال فيه قيس بن زهير : فإن أك كاظما لمصاب شاس * فإني اليوم منطلق لساني.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {فهو كظيم} قال : كظم الحزن

وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {فهو كظيم} قال : كظم على الحزن فلم يقل إلا خيرا أو في لفظ : يردد حزنه في جوفه ولم يتكلم بسوء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - في قوله {فهو كظيم} قال : فهو مكروب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {كظيم} قال : مكروب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال : الكظيم الكمد.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - {فهو كظيم} قال : مكمود.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه قال : الكظيم الذي لا يتكلم بلغ به الحزن حتى كان لا يكلمهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم - رضي الله عنه - أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف عليه السلام في السجن فعرفه فقال له : أيها الملك الكريم على ربه هل لك علم بيعقوب قال نعم ، قال : ما فعل قال : ابيضت

عيناه من الحزن عليك ، قال : فماذا بلغ من حزنه قال : حزن سبعين مثكلة ، قال : هل له على ذلك من أجر قال : نعم ، أجر مائة شهيد.
وأخرج ابن جرير من طريق ليث عن ثابت البناني - رضي الله عنه - مثله سواء.
وأخرج ابن جرير من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : حدثت أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف عليه السلام وهو بمصر في صورة رجل فلما رآه يوسف عليه السلام عرفه فقام إليه فقال : أيها الملك الطيب ريحه الطاهر ثيابه الكريم على ربه هل لك بيعقوب من علم قال : نعم ، قال : فكيف هو ، فقال : ذهب بصره ، قال : وما الذي أذهب بصره قال : الحزن عليك ، قال : فما أعطي على ذلك قال : أجر سبعين شهيدا.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي جعفر - رضي الله عنه - قال : دخل جبريل عليه السلام على يوسف عليه السلام في السجن فقال له يوسف : يا جبريل ما بلغ من حزن أبي قال : حزن سبعين ثكلى ، قال : فما بلغ أجره من الله قال : أجر مائة شهيد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن خلف بن حوشب مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : لما أتى جبريل عليه السلام يوسف عليه

السلام بالبشرى وهو في السجن قال : هل تعرفني أيها الصديق قال : أرى صورة طاهرة وريحا طيبة لا تشبه أرواح الخاطئين ، قال : فإني رسول رب العالمين وأنا الروح الأمين ، قال : فما الذي أدخلك إلى مدخل المذنبين وأنت أطيب الطيبين ورأس المقربين وأمين رب العالمين ، قال : ألم تعلم يا يوسف أن الله يطهر البيوت بمطهر النبيين وأن الأرض التي تدخلونها هي أطيب الأرضين وأن الله قد طهر بك السجن وما حوله بأطهر الطاهرين ، وَابن المطهرين إنما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبائك الصالحين المخلصين ، قال : كيف تسميني بأسماء الصديقين وتعدني من المخلصين وقد دخلت مدخل المذنبين وسميت بالضالين المفسدين ، قال : لم يفتن قلبك الحزن ولم يدنس حريتك الرق ولم تطع سيدتك في معصية ربك فلذلك سماك الله بأسماء الصديقين وعدك مع المخلصين وألحقك بآبائك الصالحين ، قال : هل لك علم بيعقوب قال : نعم وهب الله له الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم ، قال : فما قدر حزنه قال : قدر سبعين ثكلى ، قال : فماذا له من الأجر قال : قدر مائة شهيد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : أتى جبريل عليه السلام يوسف عليه السلام وهو في السجن فسلم عليه فقال له يوسف : أيها الملك الكريم على

ربه الطيب ريحه الطاهر ثيابه هل لك علم بيعقوب قال : نعم ما أشد حزنه ، ، قال : ماذا له من الأجر قال : أجر سبعين ثكلى ، قال : أفتراني لاقيه قال : نعم ، فطابت نفس يوسف.
وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه سئل ما بلغ وجد يعقوب على ابنه قال : وجد سبعين ثكلى ، قيل فما كان له من الأجر قال : أجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة من ليل أو نهار.
وأخرج أحمد في الزهد عن عمرو بن دينار أنه ألقي على يعقوب عليه السلام حزن سبعين مثكل ومكث في ذلك الحزن ثمانين عاما.
الآيات 85 - 86.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {تالله تفتأ تذكر يوسف} قال : لا تزال تذكر يوسف {حتى تكون حرضا} قال : دنفا من المرض {تكون من الهالكين} قال الميتين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه -

في قوله {قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف} قال : لا تزال تذكر يوسف لا تفتر عن حبه {حتى تكون حرضا} قال : هرما {أو تكون من الهالكين} قال : أو تموت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - {حتى تكون حرضا} قال : الحرض الشيء البالي {أو تكون من الهالكين} قال الميتين.
وأخرج ابن الأنباري والطستي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {تفتأ تذكر يوسف} قال : لا تزال تذكر يوسف ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول :

لعمرك لا تفتأ تذكر خالدا * وقد غاله ما غال تبع من قبل قال : أخبرني عن قوله {حتى تكون حرضا} قال : الحرض المدنف الهالك من شدة الوجع ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : أمن ذكر ليلى إن نأت قرية بها * كأنك حم للأطباء محرض.
وَأخرَج ابن جرير عن طلحة بن مصرف الأيامي قال : ثلاثة لا تذكرهن واجتنب ذكرهن : لا تشك مرضك ولا تشك مصيبتك ولا تزك نفسك ، قال : وأنبئت أن يعقوب عليه السلام دخل عليه جار له فقال : يا يعقوب ما لي أراك قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك قال : هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من هم يوسف وذكره ، فأوحى الله إليه يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي فقال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي ، قال : فإني قد غفرت لك ، فكان بعد ذلك إذا سئل قال {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن مسلم بن يسار - رضي الله عنه - يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من بث لم يصبر ثم قرأ {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بث لم يصبر ثم قرأ {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كنوز البر اخفاء الصدقة وكتمان المصائب والأمراض ومن بث لم يصبر

وأخرج البيهقي من وجه آخر عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب - رضي الله عنه - قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كنوز البر : كتمان الصدقة وكتمان المصيبة وكتمان المرض.
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على ربه ، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو الله ومن تضعضع لغني لينال من دنياه أحبط الله ثلثي عمله ، ومن أعطي القرآن فدخل النار فأبعده الله.
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعا مثله.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : ثلاث من ملاك أمرك : أن لا تشكو مصيبتك وأن لا تحدث بوجعك وأن لا تزكي نفسك بلسانك.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : وجدت في التوراة أربعة أسطر متوالية : من شكا مصيبته فإنما يشكو ربه ومن تضعضع لغني ذهب ثلثا دينه ومن حزن على ما في يد غيره فقد سخط قضاء ربه ومن قرأ كتاب الله فظن أن لا يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن - رضي الله عنه - قال : من ابتلي ببلاء

فكتمه ثلاثا لا يشكو إلى أحد أتاه الله برحمته.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حبيب بن أبي ثابت : أن يعقوب عليه السلام كان قد سقط
حاجباه على عينيه من الكبر فكان يرفعهما بخرقة ، فقيل له : ما بلغ بك هذا قال طول الزمان وكثرة الأحزان ، فأوحى الله إليه يا يعقوب أتشكوني قال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نصر بن عربي قال : بلغني أن يعقوب عليه السلام لما طال حزنه على يوسف ذهبت عيناه من الحزن ، فجعل العواد يدخلون عليه فيقولون : السلام عليك يا نبي الله كيف تجدك فيقول : شيخ كبير قد ذهب بصري ، فأوحى الله إليه يا يعقوب شكوتني إلى عوادك قال : أي رب هذا ذنب عملته لا أعود إليه فلم يزل بعد يقول {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنما أشكو بثي} قال : همي.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في

قوله {أشكو بثي} قال : حاجتي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وأعلم من الله ما لا تعلمون} يقول : أعلم أن رؤيا يوسف عليه السلام صادقة وأني سأسجد له.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال : سمعت نشيج عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وإني لفي آخر الصفوف في صلاة الصبح وهو يقرأ {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علقمة بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال : صليت خلف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - العشاء فقرأ سورة يوسف عليه السلام فلما أتى على ذكر يوسف عليه السلام نشج حتى سمعت نشيجه وأنا في مؤخر الصفوف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - قال : ذكر لنا أن يعقوب عليه السلام ولم تنزل به شدة بلاء قط إلا أتاه حسن ظنه بالله من وراء

بلائه.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الرزاق - رضي الله عنه - قال : بلغنا أن يعقوب
عليه السلام قال : يا رب أذهبت ولدي وأذهبت بصري ، قال : بلى وعزتي وجلالي وإني لأرحمك ولأردن عليك بصرك وولدك ، وإنما ابتليتك بهذه البلية لأنك ذبحت جملا فشويته فوجد جارك ريحه فلم تنله.
وأخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان ليعقوب عليه السلام أخ مؤاخ فقال له ذات يوم : يا يعقوب ما الذي أذهب بصرك وما الذي قوس ظهرك قال : أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف.
وَأَمَّا الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال : يا يعقوب إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك : ما تستحي تشكوني إلى غيري قال يعقوب عليه السلام {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} فقال جبريل عليه السلام ، الله أعلم بما تشكو يا يعقوب ، ثم قال يعقوب : أما ترحم الشيخ الكبير أذهبت بصري وقوست ظهري فأردد علي ريحانتي أ

شمه شمة قبل الموت ثم اصنع بي ما أردت ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال : يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك : أبشر وليفرح قلبك فوعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك ، فاصنع طعاما للمساكين فإن أحب عبادي إلي : الأنبياء والمساكين ، وتدري لم أذهبت بصرك وقوست ظهرك وصنع إخوة يوسف به ما صنعوا إنكم ذبحتم شاة فأتاكم مسكين وهو صائم فلم تطعموه منها شيئا ، فكان يعقوب عليه السلام إذا أراد الغداء أمر مناديا ينادي ألا من أراد الغداء من المساكين فليتغد مع يعقوب وإذا كان صائما أمر مناديا ألا من كان صائما من المساكين فليفطر مع يعقوب.
الآية 87.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن النصر بن عربي - رضي الله عنه - قال : بلغني أن يعقوب عليه السلام مكث أربعة وعشرين عاما لا يدري أحي يوسف عليه السلام أم
ميت حتى تخلل له ملك الموت فقال له : من أنت قال : أنا ملك الموت ، قال : فأنشدك بإله يعقوب هل قبضت روح يوسف عليه السلام قال : لا ، فعند ذلك قال {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله} فخرجوا إلى مصر فلم دخلوا عليه

لم يجدوا كلاما أرق من كلام استقبلوه به ، {قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ولا تيأسوا من روح الله} قال : من رحمة الله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {ولا تيأسوا من روح الله} قال : من فرج الله يفرج عنكم الغم الذي أنتم فيه.
الآية 88.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر} أي الضر في المعيشة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وجئنا ببضاعة} قال : دراهم {مزجاة} قال : كاسدة غير طائلة.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير وابن

أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : رثة المتاع خلق الحبل والغرارة والشيء.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {ببضاعة مزجاة} قال : الورق الردية الزيوف التي لا تنفق حتى يوضع فيها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : قليلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : دراهم زيوف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير وعكرمة - رضي الله عنهما - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال أحدهما : ناقصة ، وقال الآخر : فلوس رديئة

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن الحارث - رضي الله عنه - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : متاع الأعراب الصوف والسمن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح - رضي الله عنه - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : حبة الخضراء وصنوبر وقطن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : ببعيرات وبقرات عجاف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {مزجاة} قال : كاسدة.
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ببضاعة مزجاة} قال : سويق المقل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن أجر الكيالين : أيؤخذ من المشتري قال : الصواب - والذي يقع في قلبي - أن يكون على البائع ، وقد قال إخوة يوسف عليهم السلام : {فأوف لنا الكيل وتصدق علينا} ، وكان يوسف عليه السلام هو الذي يكيل

وأخرج ابن جرير عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : في مصحف عبد الله ((فأوف لنا الكيل وأوقر ركابنا)).
وأخرج ابن جرير عن سفيان بن عيينة - رضي الله عنه - أنه سئل : هل حرمت الصدقة على أحد الأنبياء قبل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أم تسمع قوله {فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الأنبياء عليهم السلام لا يأكلون الصدقة إنما كانت دراهم نفاية لا تجوز بينهم فقالوا : تجوز عنا ولا تنقصنا من السعر لأجل رديء دراهمنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {وتصدق علينا} قال : اردد علينا أخانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أن رجلا قال له : تصدق علي تصدق الله عليك بالجنة فقال : ويحك إن الله لا يتصدق ولكن الله يجزي المتصدقين.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - أنه سئل : أيكره أن يقول

الرجل في دعائه : اللهم تصدق علي فقال : نعم إنما الصدقة لمن يبتغي الثواب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت البناني - رضي الله عنه - قال : قيل لبني يعقوب : إن بمصر رجلا يطعم المسكين ويملأ حجر اليتيم ، قالوا : ينبغي أن يكون هذا منا أهل البيت فنظروا فإذا هو يوسف بن يعقوب.
الآيات 89 - 90.
أَخرَج أبو الشيخ عن الأعمش - رضي الله عنه - قال : قرأ يحيى بن وثاب - رضي الله عنه - أنك لأنت يوسف بهمزة واحدة.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - قال : في حرف عبد الله {قال أنا يوسف وهذا أخي} بيني وبينه قربى {قد من الله علينا}.
وأخرج أبو الشيخ في قوله {إنه من يتق} الزنا {ويصبر} على العزوبة فإن الله {لا يضيع أجر المحسنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : مكتوب في الكتاب الأول أن الحاسد لا يضر بحسده إلا نفسه ليس ضارا
من حسد ، وأن الحاسد ينقصه حسده وأن المحسود إذا صبر نجاه الله بصبره لأن الله يقول !

{إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.
الآية 91.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} وذلك بعدما عرفهم نفسه لقوا رجلا حليما لم يبث ولم يثرب عليهم أعمالهم.
الآيات 92 - 93.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لا تثريب} قال : لا تعيير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {لا تثريب} قال لا إباء.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : لما استفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة التفت إلى الناس فقال : ماذا تقولون وماذا تظنون ، قالوا : ابن عم كريم ، فقال {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أهل مكة ماذا تظنون ماذا

تقولون قالوا : نظن خيرا ونقول خيرا : ابن عم كريم قد قدرت قال : فإني أقول كما قال أخي يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي
الباب فقال : ماذا تقولون وماذا تظنون قالوا : نقول ابن أخ ، وَابن عم حليم رحيم فقال : أقول كما قال يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - قال : طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها إلى الشيوخ ، ألم تر إلى قول يوسف {لا تثريب عليكم اليوم} وقال يعقوب عليه السلام {سوف أستغفر لكم ربي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني - رضي الله عنه - قال : أما والله ما سمعنا بعفو قط مثل عفو يوسف.
وأخرج الحكيم الترمذي وابو الشيخ عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : لما كان من

أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب إلى يوسف - وهو لا يعلم أنه يوسف - بسم الله الرحمن الرحيم ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد : فإنا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء ، كان جدي إبراهيم خليل الله عليه السلام ألقي في النار في طاعة ربه فجعلها عليه الله بردا وسلاما ، وأمر الله جدي أن يذبح له أبي ففاده الله بما فداه الله به ، وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ففقدته ، فأذهب حزني عليه نور بصري وكان له أخ من أمه كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري ، فأذهب عني وهو المحبوس عندك في السرقة وإني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقا ، فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب بكى وصاح وقال {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا}.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله {اذهبوا بقميصي هذا} إن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار نزل إليه جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يتحدث فأوحى الله إلى النار (كوني بردا وسلاما على إبراهيم) (سورة الأنبياء الآية 69) ولولا أنه قال : وسلاما لآذاه البرد ولقتله البرد.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا خير البشر

فقال : ذاك يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله ، إن الله كسا إبراهيم ثوبا من الجنة فكساه إبراهيم إسحاق فكساه إسحاق يعقوب فأخذه يعقوب فجعله في قصبة حديد وعلقه في عنق يوسف ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه فلما أراد الله أن يرد يوسف على يعقوب وكان بين رؤياه وتعبيرها أربعين سنة أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل فوجد يعقوب ريحه فقال {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} فلما ألقاه على وجهه ارتد بصيرا وليس يقع شيء من الجنة على عاهة من عاهات الدنيا إلا أبرأها بإذن الله تعالى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن المطلب بن عبد الله بن حنطب - رضي الله عنه - قال : لما ألقي إبراهيم في النار كساه الله تعالى قميصا من الجنة فكساه إبراهيم إسحاق وكساه إسحاق يعقوب وكساه يعقوب يوسف فطواه وجعله في قصبة فضة فجعله في عنقه وكان في عنقه حين ألقي في الجب : وحين سجن وحين دخل عليه إخوته.
وأخرج القميص من القصبة فقال {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا} فشم يعقوب عليه السلام ريح الجنة وهو بأرض كنعان بأرض فلسطين فقال {إني لأجد ريح يوسف}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : كان أهله حين

أرسل إليهم فأتوا مصر ثلاثة وتسعين إنسانا رجالهم أنبياء ونساؤهم صديقات والله ما خرجوا مع موسى عليه السلام حتى بلغوا ستمائة ألف وسبعين ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : خرج يعقوب عليه السلام إلى يوسف عليه السلام بمصر في اثنين وسبعين من ولده وولد ولده فخرجوا منها مع موسى عليه السلام وهم ستمائة ألف.
الآيات 94 - 95
أخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ولما فصلت العير} قال : خرجت العير هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف قال {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} تسفهون ، قال : فوجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {إني لأجد ريح يوسف} قال : وجد ريحه من مسيرة عشرة أيام

وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل من كم وجد يعقوب عليه السلام ريح القميص قال : وجده من مسيرة ثمانين فرسخا.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه - قال : وجد ريح يوسف من مسيرة شهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : وجد يعقوب عليه السلام ريح يوسف من مسيرة ستة أيام.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب - رضي الله عنه - قال : وجد ريحه من مسيرة سبعة أيام.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {لولا أن تفندون} يقول : تجهلون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {لولا أن تفندون} قال : تكذبون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {لولا أن تفندون} قال : تهرمون تقولون قد ذهب عقلك

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - في الآية قال : المفند الذي ليس له عقل ، يقولون : لا يعقل ، قال : وقال الشاعر : مهلا فإن من العقول مفندا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الربيع - رضي الله عنه - في قوله {لولا أن تفندون} قال : لولا أن تحمقون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إنك لفي ضلالك القديم) يقول : خطئك القديم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (لفي ضلالك القديم . يقول : جنونك القديم.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : (لفي ضلالك القديم) قال : حبك القديم . قوله تعالى : (فلما أن جاء البشير) الآية.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فلما أن جاء

البشير) قال : البشير البريد.
وَأخرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك مثله.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (فلما أن جاء البشير) قال :؛ البشير يهوذا بن يعقوب.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سفيان قال : البشير هو يهوذا قال : وكان ابن مسعود يقرأ : (وجاء البشير من بين يدي العير).
وَأخرَج أبو الشيخ عن الحسن قال : لما جاء البشير إلى يعقوب عليه السلام قال : ما وجدت عندنا شيئا وما اختبرنا منذ سبعة أيام ولكن هون الله عليك سكرة الموت.
وَأخرَج عبدالله بن أحمد في " زوائد الزهد " ، وَابن أبي حاتم عن لقمان الحنفي قال : بلغنا أن يعقوب عليه السلام لما أتاه البشير قال له : ما أدري ما أثيبك اليوم ولكن هون الله عليك سكرة الموت .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لما أن جاء البشير إلى يعقوب فألقى عليه القميص قال : على أي دين خلفت يوسف ؟ قال : على الإسلام قال : الآن تمت النعمة .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال : لما بعث يوسف عليه السلام القميص إلى يعقوب عليه السلام أخذه فشمه ثم وضعه على بصره فرد الله عليه بصره ثم حملوه إليه فلما دخلوا ويعقوب متكئ على ابن له يقال له يهودا استقبله يوسف عليه السلام في الجنود والناس فقال يعقوب : يا يهودا هذا فرعون مصر ، قال : لا يا أبت ولكن هذا ابنك يوسف قيل له إنك قادم فتلقاك في أهل مملكته والناس فلما لقيه ذهب يوسف عليه السلام ليبدأه بالسلام فمنع من ذلك ليعلم أن يعقوب أكرم على الله منه فاعتنقه وقبله وقال : السلام عليك أيها الذاهب بالأحزان عني.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - قال : إن يعقوب عليه السلام لقي ملك الموت عليه السلام فقال : هل قبضت نفس يوسف فيمن قبضت قال : لا ، فعند ذلك {قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ عن عمر بن

يونس اليمامي قال : بلغني أن يعقوب عليه السلام كان أحب أهل الأرض إلى ملك الموت وأن ملك الموت استأذن ربه في أن يأتي يعقوب عليه السلام فأذن له فجاءه فقال له يعقوب عليه السلام : يا ملك الموت أسألك بالذي خلقك : هل قبضت نفس يوسف فيمن قبضت من النفوس قال : لا ، قال له ملك الموت : يا يعقوب ألا أعلمك كلمات لا تسأل الله شيئا إلا أعطاك قال : بلى ، قال : قل : يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصيه غيرك ، فدعا بها يعقوب عليه السلام في تلك الليلة فلم يطلع الفجر حتى طرح القميص على وجهه فارتد بصيرا.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسن أنه حدث أن ملكا من ملوك العمالق خطب إلى يعقوب ابنته رقية فأرسل إليه يعقوب أن المرأة المسلمة المعزوزة لا تحل للكافر الأغرل فغضب ذلك الملك وقال : لأقتلنه ولأقتلن ولده فبعث إليهم جيشا فغزا يعقوب ومعه بنوه فجلس لهم على تل مرتفع ثم قال : أي بني أي ذلك أحب إليكم أن تقتلوهم بأيديكم قتلا أو يكفيكموهم الله فإني قد سألت الله ذلك فأعطانيه ، قالوا نقتلهم بأيدينا هو أشفى لأنفسنا ، قال : أي بني أو تقبلون كفاية الله قال : فدعا الله عليهم يعقوب عليه السلام فخسف بهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {إنك لفي ضلالك القديم} يقول : خطئك القديم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {لفي ضلالك القديم} يقول : جنونك القديم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {لفي ضلالك القديم} قال : حبك القديم.
الآية 96.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه} قال : البريد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {فلما أن جاء البشير} قال : البشير يهودا بن يعقوب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سفيان - رضي الله عنه - قال : البشير هو يهودا ، قال : وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقرأ : [ وجاء البشير من بين يدي العير ].
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال : لما جاء البشير إلى يعقوب عليه السلام قال : ما وجدت عندنا شيئا وما اختبزنا منذ سبعة أيام ، ولكن هون الله عليك سكرة الموت.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن لقمان الحنفي - رضي الله عنه - قال : بلغنا أن يعقوب عليه السلام لما أتاه البشير قال له : ما أدري ما أثيبك اليوم ولكن هون الله عليك سكرات الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - قال : لما أن جاء البشير إلى يعقوب عليه السلام فألقى عليه القميص قال : على أي دين خلفت عليه يوسف عليه السلام قال : على الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة.
الآيات 97 - 98

أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في قوله (سأستغفر لكم ربي) قال : إن يعقوب عليه السلام أخر بنيه إلى السحر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {سوف أستغفر لكم ربي} قال : أخرهم إلى السحر وكان يصلي بالسحر.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل : لم أخر يعقوب بنيه في الاستغفار ، قال : أخرهم إلى السحر لأن دعاء السحر مستجاب.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : في قصة قول أخي يعقوب لبنيه {سوف أستغفر لكم ربي} يقول : حتى تأتي ليلة الجمعة.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال جاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال بأبي أنت وأمي

تفلت هذا القرآن من صدري ، فما أجدني أقدر عليه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع الله بهن من علمته ويثبت ما تعلمت في صدرك ، قال : أجل يا رسول الله فعلمني ، قال : إذا كانت ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم ثلث الليل الأخير فإنه ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب ، وقد قال أخي يعقوب لبنيه {سوف أستغفر لكم ربي} يقول : حتى تأتي ليلة الجمعة فإن لم تستطع فقم في وسطها فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب وآلم تنزيل السجدة وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأحسن الثناء على الله وصل علي وعلى سائر النبيين واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين
سبقوك بالإيمان ثم قل في آخر ذلك : اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني

وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني ، اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرج به عن قلبي وأن تشرح به صدري وأن تغسل به بدني فإنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا أبا الحسن تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا بإذن الله تعالى والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - فوالله ما مكث علي - رضي الله عنه - إلا خمسا أو سبعا حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس قال يا رسول الله كنت فيما خلا لا آخذ الأربع آيات ونحوهن فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية ونحوها فإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلت ، وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : مؤمن ورب الكعبة أبا الحسن ،.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عمرو بن قيس - رضي الله عنه - في قوله {سوف

أستغفر لكم ربي} قال : في صلاة الليل.
وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : إن الله لما جمع ليعقوب عليه السلام شمله ببنيه وأقر عينه خلا ولده نجيا ، فقال بعضهم لبعض : ألستم قد علمتم ما صنعتم وما لقي منكم الشيخ فجلسوا بين يديه ويوسف إلى جنب أبيه قاعد قالوا : يا أبانا أتيناك في أمر لم نأتك في مثله قط ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله حتى حركوه - والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أرحم البرية - فقال : ما لكم يا بني ، قالوا : ألست قد علمت ما كان منا إليك وما كان منا إلى أخينا يوسف قالا : بلى ، قالوا : أفلستما قد عفوتما قالا : بلى ، قالوا : فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا إن كان الله لم يغن عنا ، قال : فما تريدون يا بني قالوا : نريد أن تدعو الله فإذا جاءك من عند الله بأنه قد عفا قرت أعيننا واطمأنت قلوبنا ، وإلا فلا قرة عين في الدنيا لنا أبدا ، قال : فقام الشيخ فاستقبل القبلة وقام يوسف خلف أبيه وقاموا خلفهما أذلة خاشعين فدعا وأمن يوسف فلم يجب فيهم عشرين سنة حتى إذا كان رأس العشرين نزل جبريل عليه السلام على يعقوب عليه السلام فقال : إن الله بعثني أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك وأنه قد عفا عما صنعوا وأنه قد

اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال : لما جمع الله ليعقوب عليه السلام بنيه قال ليوسف : حدثني ما صنع بك إخوتك قال : فابتدأ يحدثه فغشي عليه جزعا ، فقال : يا أبت إن هذا من أهون ما صنعوا بي فقال لهم يعقوب عليه السلام : يا بني أما لكم موقف بين يدي الله تخافون أن يسألكم عما صنعتم قالوا يا أبانا قد كان ذاك فاستغفر لنا وقال : وقد كان الله تبارك وتعالى عود يعقوب عليه السلام إذا ساله حاجة أن يعطيها إياه في أول يوم أو في الثاني أو الثالث لا محالة - فقال : إذا كان السحر فأفيضوا عليكم من الماء ثم البسوا ثيابكم التي تصونوها ثم هلموا إلي : ففعلوا فجاؤوا فقام يعقوب أمامهم ويوسف عليه السلام خلفه وهم خلف يوسف إلى أن طلعت الشمس لم تنزل عليهم التوبة ثم اليوم الثاني ثم اليوم الثالث فلما كانت الليلة الرابعة ناموا فجاءهم يعقوب عليه السلام فقال : يا بني تنامون والله عليكم ساخط فقوموا ، فقام وقاموا عشرين سنة يطلبون إلى الله الحاجة فأوحى الله إلى يعقوب عليه السلام : إني قد تبت عليهم وقبلت توبتهم ، قال : يا رب النبوة قال : قد أخذت ميثاقهم في النبيين.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عائشة قال : ما تيب على ولد يعقوب إلا بعد عشرين سنة وكان أبوهم بين أيديهم فما تيب عليهم حتى نزل جبريل عليه السلام فعلمه

هذا الدعاء : يا رجاء المؤمنين لا تقطع رجاءنا يا غياث المؤمنين أغثنا ، يا مانع المؤمنين امنعنا ، يا مجيب التائبين تب علينا ، قال : فأخره إلى السحر فدعا به فتيب عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الليث بن سعد أن يعقوب وإخوة يوسف أقاموا عشرين سنة يطلبون فيما فعل إخوة يوسف بيوسف لا يقبل ذلك منهم حتى لقي
جبريل يعقوب فعلمه هذا الدعاء : يا رجاء المؤمنين لا تخيب رجائي ويا غوث المؤمنين أغثني ، ويا عون المؤمنين أعني ، يا حبيب التوابين تب علي ، فاستجيب لهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {سوف أستغفر لكم ربي} إلى قوله {إن شاء الله آمنين} قال يوسف : أستغفر لكم ربي إن شاء الله ، وبين هذا وبين ذاك ما بينه قال : وهذا من تقديم القرآن وتأخيره ، قال أبو عبيد : ذهب ابن جريج إلى أن الاستثناء في قوله {إن شاء الله} من

كلام يعقوب عليه السلام حين قال : ادخلوا مصر.
وأخرج ابن جرير عن أبي عمران الجوني - رضي الله عنه - قال : ما قص الله علينا نبأهم يعيرهم بذلك إنهم أنبياء من أهل الجنة ولكن قص علينا نبأهم لئلا يقنط عبده.
الآيات 99 - 100.
أَخرَج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال : دخل يعقوب عليه السلام مصر في ملك يوسف عليه السلام وهو ابن مائة وثمانين سنة وعاش في ملكه ثلاثين سنة ، ومات يوسف عليه السلام وهو ابن مائة وعشرين سنة ، قال أبو هريرة - رضي الله عنه - وبلغني أنه كان عمر إبراهيم خليل الله مائة وخمسة وتسعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {آوى إليه أبويه} قال : أبوه وأمه ضمهما.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - في
قوله {ورفع أبويه على العرش} قال : أبوه وخالته وكانت توفيت أم يوسف في نفاس أخيه بنيامين

وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عينية {ورفع أبويه} قال : كانت الخالة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ورفع أبويه على العرش} قال : السرير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ورفع أبويه على العرش} قال : السرير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {ورفع أبويه على العرش} قال : مجلسه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - في قوله {وخروا له سجدا} قال : كان تحية من كان قبلكم السجود بها يحيي بعضهم بعضا وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل

الجنة كرامة من الله عجلها لهم ونعمة منه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {وخروا له سجدا} قال : ذلك السجود تشرفة كما سجدت الملائكة عليهم السلام تشرفة لآدم عليه السلام وليس بسجود عبادة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وخروا له سجدا} قال : بلغنا أن أبويه وإخوته سجدوا ليوسف عليه السلام إيماء برؤوسهم كهيئة الأعاجم وكانت تلك تحيتهم كما يصنع ذلك ناس اليوم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك وسفيان - رضي الله عنهما - قالا : كانت تلك تحيتهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال : كان بين رؤيا يوسف عليه السلام وبين تأويلها أربعون سنة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ والبيهقي عن عبد الله بن شداد -
رضي الله عنه - قال : كان بين رؤيا يوسف عليه السلام وتأويلها أربعون سنة ، وإليه ينتهي أقصى

الرؤيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - قال : بينهما خمسة وثلاثون عاما.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن - رضي الله عنه - قال : كان بين الرؤيا والتأويل ثمانون سنة.
وأخرج ابن جرير والحاكم ، وَابن مردويه عن الفضيل بن عياض - رضي الله عنه - قال : كان بين فراق يوسف بن يعقوب إلى أن التقيا ثمانون سنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج - رضي الله عنه - قال : كان بينهما سبع وسبعون سنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن عبد الحكم في فتوح مصر ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم ، وَابن مردويه عن الحسن - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام ألقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ولقي أباه بعد ثمانين سنة وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة

وأخرج ابن مردويه عن زياد يرفعه قال : لبث يوسف عليه السلام في العبودية بضعة وعشرين سنة.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : كان بين فراق يوسف يعقوب عليهما السلام إلى أن لقيه سبعون سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طلحة - رضي الله عنه - في قوله {وجاء بكم من البدو} قال : كان يعقوب وبنوه بأرض كنعان أهل مواش وبرية.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وجاء بكم من البدو} قال : كانوا أهل بادية وماشية وبلغنا أن بينهم يومئذ ثمانين فرسخا وقد كان فارقه قبل ذلك ببضع وسبعين سنة.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {إن ربي لطيف لما يشاء}
قال :

لطف بيوسف وصنع له حين أخرجه من السجن وجاء بأهله من البدو ونزع من قلبه نزغ الشيطان وتحريشه على إخوته.
وأخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني - رضي الله عنه - قال : لما قدم يعقوب على يوسف عليه السلام تلقاه يوسف عليه السلام على العجل ولبس حلية الملوك وتلقاه فرعون إكراما ليوسف فقال يوسف لأبيه : إن فرعون قد أكرمنا فقل له ، فقال له يعقوب : لقد بوركت يا فرعون.
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال : لما التقى يوسف ويعقوب عانق كل واحد منهما صاحبه وبكى ، فقال يوسف : يا أبت بكيت علي حتى ذهب بصرك ألم تعلم أن القيامة تجمعنا قال : بلى يا بني ولكن خشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك.
وأخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني - رضي الله عنه - قال : لما حضر يعقوب عليه السلام الموت قال : ليوسف عليه السلام ، إني أسألك خصلتين وأعطيك خصلتين أسألك أن تعفو عن إخوتك ولا تعاقبهم بما صنعوا بك وأسألك إذا أنا مت أن تحملني فتدفنني مع آبائي إبراهيم وإسحاق وأعطيك أن تغمضني عند الموت وأن ادخل ابنين لك في الأسباط فما وضع يوسف عليه السلام يده على وجه أبيه ليغمضه فتح عينيه ثم قال : يا بني إن هذا من الأبناء للآباء عند الله عظيم.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر بن عياش - رضي الله عنهما - قال : لما مات يعقوب النَّبِيّ عليه السلام أقيم عليه النوائح أربعة أشهر

وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - أن يعقوب عليه السلام قال لما ثقل لابنه يوسف عليه السلام : أدخل يدك تحت صلبي فاحلف لي برب يعقوب لتدفنني مع آبائي فإني قد أشركتهم في العمل فأشركني معهم في قبورهم ، فلما توفي يعقوب عليه السلام فعل ذلك يوسف حتى أتى به أرض كنعان فدفنه معهم.
الآية 101
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الأعمش - رضي الله عنه - قال : لما قال يوسف عليه السلام {رب قد آتيتني من الملك} إلى قوله {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} شكر الله له ذلك فزاده في عمره ثمانين عاما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال : اشتاق إلى لقاء الله وأحب أن يلحق به وبآبائه فدعا الله أن يتوفاه وأن يلحقه بهم ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ولم يسأل نبي قط الموت غير يوسف عليه السلام فقال {رب قد آتيتني من الملك} الآية ، قال ابن جريج - رضي الله عنه - وأنا أقول : في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ما سأل نبي الوفاة غير يوسف.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} يقول : توفني على طاعتك واغفر لي إذا توفيتني.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {وألحقني بالصالحين} قال : يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} قال : يعني أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : لما أوتي يوسف عليه السلام من الملك ما أوتي تاقت نفسه إلى آبائه قال {رب قد آتيتني من الملك} إلى قوله {وألحقني بالصالحين} قال : بآبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما قدم على يوسف أبوه وإخوته وجمع الله شمله وأقر عينيه - وهو يومئذ مغموس في نعيم من الدنيا - اشتاق إلى آبائه الصالحين : إبراهيم وإسحاق

ويعقوب فسأل الله القبض ولم يتمن الموت أحد قط نبي ولا غيره إلا يوسف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام لما حضرته الوفاة قال : يا إخوتاه إني لم أنتصر من أحد
ظلمني في الدنيا وإني كنت أحب أن أظهر الحسنة وأخفي السيئة فذلك زادي من الدنيا ، يا إخوتاه إني أشركت آبائي في أعمالهم فأشركوني معهم في قبورهم وأخذ عليهم الميثاق فلم يفعلوا حتى بعث الله موسى عليه السلام فسأل عن قبره فلم يجد أحدا يخبره إلا امرأة يقال لها شارخ بنت شيرا بن يعقوب فقالت : أدلك عليه على أن أشترط عليك ، قال ذاك لك قالت : أصير شابة كلما كبرت ، قال : ذلك لك ، قال : وأكون معك في درجتك يوم القيامة ، فكأنه امتنع فأمر أن يمضي لها ذلك ففعل فدلته عليه فأخرجه فكانت كلما كانت بنت خمسين سنة صارت مثل ابنة ثلاثين ، حتى عمرت عمر نسرين ألف وستمائة سنة أو ألف وأربعمائة حتى أدركها سليمان بن داود عليه السلام فتزوجها

وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال : إن الله حين أمر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل أمره أن يحتمل معه عظام يوسف عليه السلام وأن لا يخلفها بأرض مصر وأن يسير بها حتى يضعها بالأرض المقدسة فسأل موسى عليه السلام عمن يعرف موضع قبره فما وجد إلا عجوزا من بني إسرائيل فقالت : يا نبي الله إني أعرف مكانه إن أنت أخرجتني معك ولم تخلفني بأرض مصر دللتك عليه ، قال : أفعل ، وقد كان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر فدعا ربه أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف ففعل ، فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل في الماء فاستخرجه موسى عليه السلام صندوقا من مرمر فاحتمله.
الآيات 102 – 106
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} قال : هم بنو يعقوب إذ يمكرون بيوسف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {وما كنت لديهم} يعني

محمدا صلى الله عليه وسلم يقول {وما كنت لديهم} وهم يلقونه في غيابة الجب {وهم يمكرون} بيوسف.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - {وكأين من آية} - قال : كم من آية في السماء يعني شمسها وقمرها ونجومها وسحابها ، وفي الأرض ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال في مصحف عبد الله [ وكأين من آية في السموات والأرض يمشون عليها ] والسماء والأرض آيتان عظيمتان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال : سلهم من خلقهم ومن خلق السموات والأرض ، فيقولون : الله ، فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال : كانوا يعلمون أن الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم وكانوا مع ذلك يشركون

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال : إيمانهم قولهم : الله خلقنا وهو يرزقنا ويميتنا فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال : كانوا يشركون به في تلبيتهم يقولون : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال : ذاك المنافق يعمل بالرياء وهو مشرك بعمله.
الآية 107.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {غاشية من عذاب الله} قال : تغشاهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {غاشية من عذاب الله} قال : واقعة تغشاهم

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {غاشية} قال : عقوبة من عذاب الله.
الآية 108.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {قل هذه سبيلي} قال : دعوتي.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {قل هذه سبيلي} قال : صلاتي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {قل هذه سبيلي} قال : أمري وسنتي ومنهاجي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {على بصيرة} أي على هدى {أنا ومن اتبعني}.
الآية 109
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما أرسلنا من قبلك إلا

رجالا نوحي إليهم من أهل القرى} أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم} قال : إنهم قالوا (ما أنزل الله على بشر من شيء) (الأنعام الآية 91) وقوله (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (وما تسألهم عليه من أجر) وقوله (وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها) وقوله (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) وقوله {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} قال : كل ذلك قال لقريش أفلم يسيروا في الأرض فينظروا في آثارهم فيعتبروا ويتفكروا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى} قال : ما نعلم أن الله أرسل رسولا قط إلا من أهل القرى لأنهم كانوا أعلم وأحكم من أهل العمود

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} قال : فينظروا كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب.
الآية 110.
أَخرَج أبو عبيد والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طريق عروة أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال : قلت : أكذبوا أم كذبوا قالت عائشة - رضي الله عنها - بل (كذبوا) يعني بالتشديد قلت : والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن ، قالت : أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك ، فقلت لعلها {وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة ، قالت : معاذ الله لم تكن الرسل لتظن ذلك بربها ، قلت : فما هذه الآية قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم
وصدقوهم وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد

كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عبد الله بن أبي مليكة - رضي الله عنه - أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأها عليه {وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة ، يقولوا أخلفوا وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - وكانوا بشرا وتلا (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) (البقرة الآية 214) قال ابن أبي مليكة : فذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - إلى أنهم يئسوا وضعفوا فظنوا أنهم قد أخلفوا قال ابن أبي مليكة : وأخبرني عروة عن عائشة أنها خالفت ذلك وأبته وقالت : ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم وكانت تقرؤها {وظنوا أنهم قد كذبوا} مثقلة للتكذيب.
وأخرج ابن مردويه من طريق عروة عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتشديد.
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرة عن عائشة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قرأ {وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طريق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة ، قال : يئس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم فيما جاؤوهم به {جاءهم نصرنا} قال : جاء الرسل نصرنا.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ عن تميم بن حرام قالت : قرأت على ابن مسعود - رضي الله عنه - القرآن فلم يأخذ علي إلا حرفين (كل أتوه داخرين) فقال : أتوه مخففة ، وقرأت عليه {وظنوا أنهم قد كذبوا} فقال : {كذبوا} مخففة قال : {استيأس الرسل} من إيمان قومهم أن يؤمنوا لهم وظن قومهم حين أبطأ الأمر {أنهم قد كذبوا}.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة يوسف {وظنوا أنهم قد كذبوا} خفيفة

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ربيعة بن كلثوم قال : حدثني أبي أن مسلم بن يسار - رضي الله عنه - سأل سعيد بن جبير - رضي الله عنه - فقال : يا أبا عبد الله آية قد بلغت مني كل مبلغ {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} فهذا الموت أن نظن الرسل أنهم قد كذبوا أو نظن أنهم قد كذبوا مخففة ، فقال سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {حتى إذا استيأس الرسل} من قومهم أن يستجيبوا لهم وظن قومهم أن الرسل كذبتهم {جاءهم نصرنا} فقام مسلم إلى سعيد فاعتنقه وقال : فرج الله عنك كما فرجت عني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن إبراهيم عن أبي حمزة الجزري قال : صنعت طعاما فدعوت ناسا من أصحابنا منهم سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم فسأل فتى من قريش سعيد بن جبير - رضي الله عنه - فقال : يا أبا عبد الله كيف تقرأ هذا الحرف فإني إذا أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السورة {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال : نعم {حتى إذا استيأس الرسل} من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل {قد كذبوا} فقال الضحاك - رضي الله عنه - لو رحلت في هذه إلى اليمن لكان قليلا

وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - أنه قرأها {كذبوا} بفتح الكاف والتخفيف ، قال : استيأس الرسل أن يعذب قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا {جاءهم نصرنا} قال : جاء الرسل نصرنا ، قال مجاهد : قال في المؤمن (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم) (غافر آية 83) قال قولهم : نحن أعلم منهم ولن نعذب وقوله (وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) (الزمر آية 48) قال : حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {فنجي من نشاء} قال : فننجي الرسل ومن نشاء {ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين} وذلك أن الله تعالى بعث الرسل يدعون قومهم فأخبروهم أنه من أطاع الله نجا ومن عصاه
عذب وغوى.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {جاءهم نصرنا} قال : العذاب.
وأخرج أبو الشيخ عن نصر بن عاصم - أنه قرأ [ فنجا من نشاء ].
وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر - أنه قرأ / {فننجي من نشاء > /.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي - {ولا يرد بأسنا} قال : عذابه

الآية 111.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {لقد كان في قصصهم عبرة} قال : يوسف وإخوته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {لقد كان في قصصهم عبرة} قال : معرفة {لأولي الألباب} قال : لذوي العقول.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخعن قتادة - رضي الله عنه - {ما كان حديثا يفترى} والفرية الكذب {ولكن تصديق الذي بين يديه} قال : القرآن يصدق الكتب التي كانت قبله من كتب الله التي أنزلها قبله على أنبيائه فالتوراة والإنجيل والزبور يصدق ذلك كله ويشهد عليه أن جميعه حق من عند الله {وتفصيل كل شيء} فصل الله به بين حرامه وحلاله وطاعته ومعصيته.
وأخرج ابن السني والديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ إناء نظيف وكتب عليه (كأنهم يوم يرون ما يوعدون) (الأحقاف الآية 35) إلى آخر الآية (وكأنهم يوم

يرونها) (النازعات الآية 46) إلى آخر الآية {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} إلى آخر الآية ثم تغسل وتسقى المرأة منه وينضح على بطنها وفرجها

* بسم الله الرحمن الرحيم * (13)- سورة الرعد.
مدنية وآياتها ثلاث وأربعون.
مقدمة سورة الرعد.
أَخرَج النحاس في ناسخه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : سورة الرعد نزلت بمكة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال : سورة الرعد مكية.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نزلت سورة الرعد بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير - رضي الله عنه - قال : نزلت الرعد بالمدينة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - قال : سورة الرعد مدنية إلا آية مكية {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة}.
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في الجنائز ، عَن جَابر بن زيد - رضي الله عنه - قال : كان يستحب إذا حضر الميت أن يقرأ عنده سورة الرعد فإن ذلك يخفف عن الميت فإنه أهون لقبضه وأيسر لشأنه.
الآية 1

أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {المر} قال : أنا الله أرى.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {تلك آيات الكتاب} قال : التوراة والإنجيل {والذي أنزل إليك من ربك الحق} قال : القرآن.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {تلك آيات الكتاب} قال : الكتب التي كانت قبل القرآن {والذي أنزل إليك من ربك الحق} أي هذا القرآن.
الآيات 2 - 3.
أَخْرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : قلت لابن عباس - رضي الله عنهما - إن فلان يقول : إنها على عمد يعني السماء ، فقال : اقرأها {بغير عمد ترونها} أي لا ترونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {رفع السماوات بغير

عمد ترونها} قال : وما يدريك لعلها بعمد لا ترونها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {بغير عمد ترونها} يقول : لها عمد ولكن لا ترونها ، يعني الأعماد.
وأخرج ابن جرير عن اياس بن معاوية - رضي الله عنه - في قوله {رفع السماوات بغير عمد ترونها} قال : السماء مقبية على الأرض مثل القبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : السماء على أربعة أملاك كل زاوية موكل بها ملك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنهما - في قوله {بغير عمد ترونها} قال : هي بعد لا ترونها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن وقتادة - رضي الله عنهما - أنهما كانا يقولان : خلقها بغير عمد ، قال لها : قومي فقامت

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن معاذ قال : في مصحف أبي [ بغير عمد ترونه ].
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} قال : أجل معلوم وحد لا يقصر دونه ولا يتعدى.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {كل يجري لأجل مسمى} قال : الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {يدبر الأمر} قال : يقضيه وحده.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {لعلكم بلقاء ربكم توقنون} قال : إن الله إنما أنزل كتابه وبعث رسله ليؤمن بوعده ويستيقن بلقائه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد الله مولى غفرة ، أن كعبا قال لعمر بن الخطاب : إن الله جعل مسيرة ما بين المشرق والمغرب خمسمائة سنة ، فمائة سنة في المشرق لا يسكنها شيء من الحيوان لا جن ولا إنس ولا دابة ولا شجرة ، ومائة سنة في المغرب بتلك المنزلة وثلثمائة فيما بين المشرق والمغرب يسكنها الحيوان

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر : والدنيا مسيرة خمسمائة عام أربعمائة عام خراب ومائة عمار في أيدي المسلمين من ذلك مسيرة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : ما العمارة في الدنيا في الخراب إلا كفسطاط في البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الجلد - رضي الله عنه - قال : الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ فالسودان اثنا عشر ألفا والروم ثمانية ولفارس ثلاثة وللعرب ألف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن مضرب - رضي الله عنه - قال : الأرض مسيرة خمسمائة سنة ثلثمائة عمار ومائتان خراب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حسان بن عطية - رضي الله عنه - قال : سعة الأرض مسيرة خمسمائة سنة والبحار ثلثمائة ومائة خراب ومائة عمران.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : الأرض سبعة أجزاء : ستة أجزاء فيها يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - قال : ذكر لي أن الأرض أربعة وعشرون ألف

فرسخ اثنا عشر ألفا منه أرض الهند وثمانية الصين وثلاثة آلاف المغرب وألف العرب.
وأخرج ابن المنذر عن مغيث بن سمي - رضي الله عنه - قال : الأرض ثلاثة أثلاث ثلث فيه الناس والشجر وثلث فيه البحار وثلث هواء ، أما قوله تعالى : {وجعل فيها رواسي}.
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الله تبارك وتعالى حين أراد أن يخلق الخلق خلق الريح فنشجت الريح فأبدت عن حشفة فهي تحت الأرض ، ومنها دحيت الأرض حيث ما شاء في العرض والطول فكانت تميد فجعل الجبال الرواسي.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : لما خلق الله الأرض قمصت وقالت : أي رب تجعل علي بني آدم يعملون علي الخطايا ويجعلون علي الخبث فأرسل الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون فكان إقرارها كاللحم ترجرج

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن عطاء - رضي الله عنه - قال : أول جبل وضع في الأرض أبو قبيس.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {جعل فيها زوجين اثنين} قال : ذكرا وأنثى من كل صنف.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يغشي الليل النهار} أي يلبس الليل النهار.
الآية 4.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : يريد الأرض الطيبة العذبة التي تخرج نباتها بإذن ربها تجاورها السبخة القبيحة المالحة التي لا تخرج وهما أرض واحدة وماؤهما شيء ملح وعذب ، ففضلت إحداهما على الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ليس في الأرض ماء إلا ما نزل من السماء ولكن عروق في الأرض تغيره فمن أراد أن يعود الملح عذبا فليصعد

الماء من الأرض.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : السبخة والعذبة والمالح والطيب.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : قرى متجاورات ، قريب بعضها من بعض.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : فارس والأهواز والكوفة والبصرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : الأرض تنبت حلوا والأرض تنبت حامضا ، وهي متجاورات تسقى بماء واحد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيج عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود وبعضه أكبر حملا من بعض وبعضه حلو وبعضه حامض وبعضه أفضل من بعض.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم وأبو ا
لشيخ ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في قوله {صنوان وغير صنوان} قال : الصنوان ما كان أصله واحدا وهو متفرق وغير صنوان التي تنبت وحدها ، وفي لفظ {صنوان} النخلة في النخلة ملتصقة {وغير صنوان} النخل المتفرق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {صنوان} قال : مجتمع النخيل في أصل واحد {وغير صنوان} قال : النخل المتفرق.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وفي الأرض قطع متجاورات} قال : طينها عذبها ، وخبيثها السباخ ، وفي قوله {وجنات من أعناب} قال : جنات وما معها ، وفي قوله {صنوان} قال : النخلتان وأكثر في أصل واحد {وغير صنوان} وحدها تسقى {بماء واحد} قال : ماء السماء كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحد ، وكذلك النخلة أصلها واحد وطعامها مختلف ، وهو يشرب بماء واحد

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {صنوان وغير صنوان} قال : مجتمع وغير مجتمع {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال : العنب الأبيض والأسود والأحمر والتين الأبيض والأسود والنخل الأحمر والأصفر.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - {صنوان} قال : ثلاث نخلات في أصل واحد كمثل ثلاثة من بني أب وأم يتفاضلون في العمل كما يتفاضل ثمر هذه النخلات الثلاث في أصل واحد.
وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال : مثل ضربه الله عز وجل لقلوب بني آدم كما كانت الأرض في يد الرحمن طينة واحدة فسطحها وبطحها فصارت الأرض قطعا متجاورة فينزل عليها الماء من السماء فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتخرج نباتها وتحيي موتاها وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها وكلتاهما {يسقى بماء واحد} فلو كان الماء مالحا قيل إنما استبخت هذه من قبل الماء كذلك الناس خلقوا من آدم فينزل عليهم من السماء
تذكرة فترق قلوب فتخشع وتخضع وتقسو قلوب فتلهو وتسهو

وتجفو قال الحسن - رضي الله عنه - والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان ، قال الله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) (الإسراء آية 82).
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة - رضي الله عنه - {صنوان} قال : الصنوان النخلة التي يكون فيها نخلتان أو ثلاث أصلهن واحد ، قال : وحدثني رجل أنه كان بين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وبين العباس قول فأسرع إليه العباس فجاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : يا نبي الله ألم تر عباسا فعل بي وفعل فأردت أن أجيبه فذكرت مكانك منه فكففت عنه ، فقال : يرحمك الله إن عم الرجل صنو أبيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن مجاهد - رضي الله عنه - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي وإن عم الرجل صنو أبيه.
وأخرج ابن جرير عن عطاء - رضي الله عنه - ، وَابن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر : يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي ، وَابن مردويه ، عَن جَابر - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا علي الناس من شجر شتى وأنا وأنت

يا علي من شجرة واحدة ثم قرأ النَّبِيّ {وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان}.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {ونفضل بعضها على بعض} بالنون.
وأخرج الترمذي وحسنه والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال : الدقل والفارسي والحلو والحامض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال : هذا حامض وهذا حلو وهذا دقل وهذا فارسي.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {ونفضل بعضها على بعض في الأكل} قال : هذا حلو وهذا مر وهذا حامض كذلك بنو آدم أبوهم واحد ومنهم المؤمن والكافر.
الآية 5.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وإن تعجب فعجب قولهم} قال : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك {فعجب قولهم}

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في الآية قال : إن تعجب من تكذيبهم وهم رأوا من قدرة الله وأمره وما ضرب لهم من الأمثال وأراهم حياة الموتى والأرض الميتة فتعجب من قولهم {أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد} أو لا يرون أنه خلقهم من نطفة أشد من الخلق من تراب وعظام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وإن تعجب فعجب قولهم} قال : عجب الرحمن من تكذيبهم بالبعث.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وأولئك الأغلال في أعناقهم}.
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم والخطيب عن الحسن - رضي الله عنه - قال : إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب ولكنها جعلت في أعناقهم لكي إذا طغا بهم اللهب أرسبتهم في النار

الآية 6
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة} قال : بالعقوبة قبل العافية {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال : وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال {المثلات} ما أصاب القرون الماضية من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال :

الأمثال.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي - رضي الله عنه - في قوله {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال : القردة والخنازير هي المثلات.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ولولا وعيده ، وعقابه لاتكل كل أحد.
الآية 7.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه} قال : هذا قول مشركي العرب {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} لكل قوم داع يدعوهم إلى الله

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {ولكل قوم هاد} قال : داع.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال : المنذر محمد صلى الله عليه وسلم {ولكل قوم هاد} نبي يدعوهم إلى الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله
عنه - في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال : محمد المنذر والهادي الله عز وجل

وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال : المنذر محمد صلى الله عليه وسلم والله عز وجل هادي كل قوم ، وفي لفظ ، رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنذر وهو الهادي.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - وأبي الضحى في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قالا : محمد صلى الله عليه وسلم هو المنذر وهو الهادي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي ، وَابن عساكر ، وَابن النجار قال : لما نزلت {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي - رضي الله عنه - فقال : أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي.
وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {إنما أنت منذر} ووضع يده على صدر نفسه ثم وضعها على صدر علي ويقول : لكل قوم هاد

وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر أنا والهادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر وأنا الهادي ، وفي لفظ الهادي : رجل من بني هاشم ، يعني نفسه.
الآية 8.
أَخْرَج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} قال : يعلم ذكر هو أو أنثى {وما تغيض الأرحام} قال : هي المرأة ترى الدم في حملها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال : خروج الدم {وما تزداد} قال :

استمساكه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال : أن ترى الدم في حملها {وما تزداد} قال : في التسعة أشهر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال : ما تزداد على التسعة وما تنقص من التسعة ، قال الضحاك - رضي الله عنه - وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين وولدتني قد خرجت ثنيتي.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال : ما دون تسعة أشهر وما تزداد فوق التسعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام} يعني السقط {وما تزداد} يقول : ما زادت في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماما وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ومنهن من تحمل تسعة أشهر ومنهن من تزيد في الحمل ومنهن من تنقص ، فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى وكل ذلك بعلمه تعالى

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - قال : ما دون التسعة أشهر فهو غيض وما فوقها فهو زيادة.
وأخرج ابن جرير عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحول فلكة مغزل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : ما غاضت الرحم بالدم يوما إلا زاد في الحمل يوما حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال : السقط.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في الآية قال : إذا رأت الدم هش الولد ، وإذا لم تر الدم عظم الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول - رضي الله عنه - قال : الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها فمن ثم لا تحيض

الحامل فإذا وقع إلى الأرض استهل ، واستهلاله استنكار لمكانه فإذا قطعت سرته حول الله رزقه إلى ثدي أمه حتى لا يطلب ولا يغتم ولا يحزن ثم يصير طفلا يتناول الشيء بكفه فيأكله فإذا بلغ قال : أنى لي بالرزق يا ويحك غذاك وأنت في بطن أمك وأنت طفل صغير حتى إذا اشتددت وعقلت قلت : أنى لي بالرزق ثم قرأ مكحول - رضي الله عنه - {يعلم ما تحمل كل أنثى} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وكل شيء عنده بمقدار} أي بأجل حفظ أرزاق خلقه وآجالهم وجعل لذلك أجلا معلوما.
الآيات 9 - 10.
أَخْرَج ابن ابي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {عالم الغيب والشهادة} قال : السر والعلانية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} قال : من أسره وأعلنه عنده سواء {ومن هو مستخف

بالليل} راكب رأسه في المعاصي {وسارب بالنهار} قال : ظاهر بالنهار بالمعاصي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} قال : كل ذلك عنده سواء السر عنده علانية والظلمة عنده ضوء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال : يعلم من السر ما يعلم من العلانية ويعلم من العلانية ما يعلم من السر ويعلم من الليل ما يعلم من النهار ويعلم من النهار ما يعلم من الليل.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وسارب بالنهار} قال : الظاهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار} قال : هو صاحب ريبة {مستخف بالليل} وإذا خرج بالنهار أرى الناس أنه بريء من الإثم.
الآية 11

أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الكبير ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء بن يسار - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أربد بن قيس وعامر بن الطفيل قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيا إليه وهو جالس فجلسا بين يديه فقال عامر : ما تجعل لي إن أسلمت قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ، قال : أتجعل لي إن أسلمت الأمر من بعدك قال : ليس لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل ، قال : فجعل لي الوبر ولك المدر ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا ، فلما قفى من عنده قال : لأملأنها عليك خيلا ورجالا ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يمنعك الله ، فلما خرج أربد وعامر قال عامر : يا أربد إني سألهي محمدا عنك بالحديث فاضربه بالسيف فإن الناس إذا قتلت محمدا لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ويكرهوا الحرب فسنعطيهم الدية ، فقال أربد : أفعل ، فأقبلا راجعين فقال عامر : يا محمد قم معي أكلمك ، فقام معه فخليا إلى الجدار ووقف معه عامر يكلمه وسل أربد السيف فلما وضع يده على سيفه يبست على قائم السيف فلا يستطيع سل سيفه وأبطأ أربد على عامر بالضرب فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فرأى أربد وما يصنع فانصرف عنهما ، وقال عامر
لأربد ما لك حشمت قال وضعت يدي على قائم السيف فيبست فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانا بحرة واقم نزلا ، فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقال : اشخصا يا عدوي الله لعنكما الله ووقع بهما ، فقال عامر : من هذا يا سعد فقال سعد : هذا أسيد بن حضير الكتائب قال : أما والله إن كان حضير صديقا لي حتى إذا كانا بالرقم أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته وخرج عامر حتى إذا كان بالخريب أرسل الله عليه قرحة فأدركه الموت فيها : فأنزل الله {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} إلى قوله {له معقبات من بين يديه} قال : المعقبات من أمر الله يحفظون محمدا صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر أربد وما قتله فقال {هو الذي يريكم البرق}

إلى قوله {وهو شديد المحال}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وألطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه} قال : هذه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال : عن أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال : ذلك الحفظ من أمر الله بأمر الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} قال : الملائكة {يحفظونه من أمر الله} قال : بإذن الله.
وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال : الملائكة

وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} الآية قال : الملائكة من أمر الله.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال : الملائكة {يحفظونه من أمر الله} قال : حفظهم إياه بأمر الله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال : بأمر الله ، قال : وفي بعض القراءة [ يحفظونه بأمر الله ].
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} الآية ، يعني ولي السلطان يكون عليه الحراس يحفظونه من بين يديه ومن خلفه يقول الله يحفظونه من أمري ، فإني إذا أردت بقوم سوء فلا مرد له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} الآية ، قال : الملوك يتخذون الحرس يحفظونه من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله يحفظونه من القتل ، ألم تسمع أن الله تعالى يقول {وإذا أراد الله بقوم سوءا}

لم يغن الحرس عنه شيئا.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال : هؤلاء الأمراء.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} قال : هم الملائكة تعقب بالليل والنهار وتكتب على بني آدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال : الحفظة.
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال : الملائكة تعقب الليل والنهار تكتب على ابن آدم ، وبلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجتمعون فيكم عند صلاة الصبح وصلاة العصر من بين يديه مثله قوله (عن اليمين وعن الشمال) (سورة ق آية 17) الحسنات من بين يديه والسيئات من خلفه

الذي على يمينه يكتب الحسنات والذي على يساره لا يكتب إلا بشهادة الذي على يمينه فإذا مشى كان أحدهما أمامه والآخر وراءه وإن قعد كان أحدهما على يمينه والآخر على يساره وإن رقد كان أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه {يحفظونه من أمر الله} قال : يحفظون عليه.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - {له معقبات} قال : هم الكرام الكاتبون حفظة من الله على ابن آدم أمروا به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم - رضي الله عنه - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال : من الجن.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدره خلوا عنه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : ما من عبد إلا به ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال

وراءك ، إلا شيئا يأذن الله فيه فيصيبه.
وأخرج ابن جرير عن كعب الأحبار - رضي الله عنه - قال : لو تجلى لابن آدم كل سهل وحزن لرأى على كل شيء من ذلك شياطين لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذا لتخطفتكم.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز - رضي الله عنه - قال : جاء رجل من مراد إلى علي - رضي الله عنه - وهو يصلي فقال : احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك ، فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنة حصينة.
وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - في الآية قال : ليس من عبد إلا له معقبات من الملائكة ملكان يكونان معه في النهار فإذا جاء الليل صعدا وأعقبهما ملكان فكانا معه ليله حتى يصبح يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ولا يصيبه شيء

لم يكتب عليه إذا غشي من ذلك شيء دفعاه عنه ، ألم تره يمر بالحائط فإذا جاز سقط فإذا جاء الكتاب خلوا بينه وبين ما كتب له ، وهم {من أمر الله} أمرهم أن يحفظوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه [ له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه يحفظونه من أمر الله ].
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ [ له معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه ].
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الجارود بن أبي
سبرة - رضي الله عنه - قال : سمعني ابن عباس - رضي الله عنهما - أقرأ {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} فقال : ليست هناك ولكن [ له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه ].
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن علي - رضي الله عنه - {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} قال : ليس من عبد إلا ومعه ملائكة يحفظونه من أن يقع عليه حائط أو يتردى في بئر أو يأكله سبع أو غرق أو حرق فإذا جاء القدر خلوا بينه وبين القدر

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان والطبراني والصابوني في المائتين عن أبي أمامة - رضي الله عنها - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل بالمؤمن ثلثمائة وستون ملكا يدفعون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك ، لبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل من الذباب في اليوم الصائف وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كلهم باسط يديه فاغر فاه وما لو وكل العبد فيه إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين.
وأخرج أبو داود في القدر ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن عساكر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخر عليه حائط أو يتردى في بئر أو تصيبه دابة حتى إذا جاء القدر الذي قدر له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله أن يصيبه ، وفي لفظ لأبي داود : وليس من الناس أحد إلا وقد وكل به ملك فلا تريده دابة ولا شيء إلا قال اتقه اتقه فإذا جاء القدر خلى عنه.
وأخرج ابن جرير عن كنانة العدوي - رضي الله عنه - قال : دخل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك فقال : ملك عن يمينك على حسناتك وهو أمين على الذي على الشمال إذا

عملت حسنة كتبت عشرا فإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين : أكتب قال : لا لعله يستغفر الله ويتوب فإذا قال ثلاثا قال : نعم اكتبه أراحنا الله منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله وأقل استحياؤه منه يقول الله (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (سورة ق آية 18) وملكان من
بين يديك ومن خلفك يقول الله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل بني آدم ينزل ملائكة الليل على ملائكة النهار لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} لا يغير ما بهم من النعمة حتى يعملوا بالمعاصي فيرفع الله عنهم النعم

وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب العرش وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي ما من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل ببادية كانوا على ما كرهته من معصيتي ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي وما من أهل بيت ولا قرية ولا رجل ببادية كانوا على ما أحببت من طاعتي ثم تحولوا إلى ما كرهت من معصيتي إلا تحولت لهم عما يحبون من رحمتي إلى ما يكرهون من غضبي.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال : أتى عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عامر : ما تجعل لي إن اتبعتك قال : أنت فارس أعطيك أعنة الخيل ، قال : فقط قال : فما تبغي قال : لي الشرق ولك الغرب ولي الوبر ولك المدر ، قال : لا ، قال : لأملأنها إذا عليك خيلا ورجالا ، قال : يمنعك الله ذلك ، وأتيا قبيلة تدعى الأوس والخزرج فخرجا فقال عامر لأربد : إن كان الرجل لنا يمكنا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان

ولرضوا بأن نعقله لهم وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمر قد وقع فقال الآخر : إن شئت ، فتشاورا وقال : أرجع أنا أشغله عنك بالمجادلة وكن وراءه فاضربه بالسيف ضربة واحدة فكانا كذلك واحد وراء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والآخر قال : اقصص علي قصصك ، قال : ما تقول قال : قرأتك فجعل
يجادله ويستبطئه حتى قال له ما لك أحشمت قال : وضعت يدي على قائم السيف فيبست فما قدرت على أن أحلى ولا أمري فجعل يحركها ولا تتحرك ، فخرجا فلما كانا بالحرة سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فخرجا إليه على كل واحد منهما لأمته ورمحه بيده وهو متقلد سيفه فقال أسيد لعامر بن الطفيل : يا أعور الخبيث أنت الذي تشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لولا أنك في أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رمت المنزل حتى ضربت عنقك ، فقال : من هذا قالوا : أسيد بن حضير ، قال : لو كان أبوه حيا لم يفعل بي هذا ، ثم قال عامر لأربد : اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عذبة.
وَأخرَج أنا إلى محمد فأجمع الرجال فنلتقي عليه فخرج أربد حتى

إذا كان بالرقم بعث الله سحابة من الصيف فيها صاعقة فأحرقته وخرج عامر حتى إذا كان بوادي الحريد أرسل الله عليه الطاعون فجعل يصيح : يا آل عامر اغدة كغدة البعير تقتلني وموت أيضا في بيت سلولية وهي امرأة من قيس فذلك قوله {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} إلى قوله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} هذا مقدم ومؤخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المعقبات من أمر الله {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} حتى بلغ {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} وقال لبيد في أخيه أربد وهو يبكيه : أخشى على أربد الحتوف ولا * أرهب نوء السماء والأسد فجعتني الرعد والصواعق بالفا * رس [ بالفارس ] يوم الكريهة النجد.
وَأخرَج أبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {إن الله لا يغير ما بقوم حتى

يغيروا ما بأنفسهم} قال : إنما يجيء التغيير من الناس والتيسير من الله فلا تغيروا ما بكم من نعم الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك أنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون إلى معصية الله إلا تحول الله مما يحبون إلى ما يكرهون ثم قال : إن تصديق ذلك في كتاب الله تعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي هلال - رضي الله عنه - قال : بلغني أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام لما أسرع قومه في المعاصي قال لهم : اجتمعوا إلي لأبلغكم رسالة ربي فاجتمعوا إليه وفي يده فخارة فقال : إن الله تبارك وتعالى يقول لكم إنكم قد عملتم ذنوبا قد بلغت السماء وإنكم لا تتوبون منها وتنزعون عنها إلا إن كسرتكم كما تكسر هذه ، فألقاها فانكسرت فتفرقت ثم قال : وأفرقكم حتى لا ينتفع بكم ثم أبعث عليكم من لا حظ له فينتقم لي منكم ثم أكون الذي أنتقم لنفسي بعد.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال : إن الحجاج عقوبة فلا تستقبلوا

عقوبة الله بالسيف ولكن استقبلوها بتوبة وتضرع واستكانة.
وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال : كلما أحدثتم ذنبا أحدث الله لكم من سلطانكم عقوبة.
وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال : قرأت في بعض الكتب : إني أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي فلا تشغلوا قلوبكم بسب الملوك وادعوني أعطفهم عليكم.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - {وما لهم من دونه من وال} قال : هو الذي تولاهم فينصرهم ويلجئهم إليه.
الآية 12.
أَخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا} قال : خوفا للمسافر يخاف أذاه ومشقته {وطمعا} للمقيم يطمع في رزق الله ويرجو بركة المطر ومنفعته.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {يريكم البرق خوفا وطمعا} قال {خوفا} لأهل البحر {وطمعا} لأهل البر.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {يريكم البرق خوفا

وطمعا} قال : الخوف : ما يخاف من الصواعق والطمع : الغيث.
وأخرج ابن جرير عن أبي جهضم موسى بن سالم مولى ابن عباس - رضي
الله عنهما - قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن البرق فقال : البرق : الماء.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {يريكم البرق} قال شعيب الجياني في كتاب الله : الملائكة حملة العرش أسماؤهم في كتاب الله الحيات لكل ملك وجه إنسان وأسد ونسر فإذا حركوا أجنحتهم فهو البرق ، قال أمية بن أبي الصلت : رجل وثور تحت رجل يمينه * والنسر للأخرى وليث مرصد.
وَأخرَج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {يريكم البرق} قال : ملائكة تمصع بأجنحتها فذلك البرق ، زعموا أنها تدعى الحيات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم - رضي الله عنه - قال : بلغنا أن البرق له أربعة وجوه : وجه إنسان ووجه ثور ووجه نسر ووجه أسد فإذا مصع بذنبه فذلك البرق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : البرق

مصع ملك يسوق السحاب.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المطر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : البرق ملك يترايا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في "سُنَنِه" من طرق عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : البرق مخاريق من نار بأيدي ملائكة السحاب يزجرون به السحاب.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : البرق مخاريق يسوق به الرعد السحاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : البرق اصطفاق البرد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن كعب - رضي الله عنه - قال : البرق تصفيق الملك البرد ولو ظهر لأهل الأرض لصعقوا

وأخرج الشافعي عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال : إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشر إليه وليصف ولينعت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وينشئ السحاب الثقال} قال : الذي فيه الماء.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب المطر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن النطق ويضحك أحسن الضحك ، قال إبراهيم بن سعد : النطق الرعد ، والضحك البرق.
وأخرج العقيلي وضعفه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشئ الله السحاب ثم ينزل فيه الماء ، فلا شيء أحسن من ضحكه ولا شيء أحسن من منطقه ومنطقه الرعد وضحكه البرق

وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن بجاد الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسم السحاب عند الله العنان والرعد ملك يزجر السحاب ، والبرق طرف ملك يقال له روقيل.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن خزيمة بن ثابت - وليس بالأنصاري - رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن منشأ السحاب فقال : إن ملكا موكل بالسحاب يلم القاصية ويلحم الدانية في يده مخراق فإذا رفع برقت وإذا زجر رعدت وإذا ضرب صعقت.
الآية 13.
أَخرَج أحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا
أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبئتانا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك ، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قال (والله على ما نقول وكيل) (سورة القصص آية 28) قال : هاتوا ، قالوا : أخبرنا عن علامة النَّبِيّ ، قال : تنام عيناه ولا ينام قلبه ، قالوا : أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال : يلتقي الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت ، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت ، قالوا : أخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه فقال : كان يشتكي عرق

النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا - يعني الإبل - فحرم لحومها ، قالوا : صدقت قالوا : أخبرنا ما هذا الرعد قال : ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب بيديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله قالوا : فماذا الصوت الذي نسمع قال : صوته ، قالوا : صدقت إنما بقيت واحدة وهي التي نتابعك إن أخبرتنا أنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك قال : جبريل ، قالوا : جبريل ، ذلك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والمطر لكان ، فأنزل الله (قل من كان عدوا لجبريل) (سورة البقرة آية 97) إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المطر ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" والخرائطي في مكارم الأخلاق عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : الرعد ملك ، والبرق ضربه السحاب بمخراق من حديد.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والخرائطي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الحادي الإبل بحدائه

وأخرج البخاري في الأدب المفرد ، وَابن أبي الدنيا في المطر ، وَابن جَرِير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان إذا سمع صوت الرعد قال : سبحان الذي سبحت له وقال : إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :
الرعد ملك من الملائكة اسمه الرعد وهو الذي تسمعون صوته والبرق سوط من نور يزجر به الملك السحاب.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما قال : الرعد ملك اسمه الرعد وصوته هذا تسبيحه فإذا اشتد زجره احتك السحاب واصطدم من خوفه فتخرج الصواعق من بينه.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : الرعد ملك يزجر السحاب بالتسبيح والتكبير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : ما خلق الله شيئا أشد سوقا من السحاب ملك يسوقه ، والرعد صوت الملك يزجر به والمخاريق يسوقه بها.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن عمرو أنه سئل عن الرعد فقال :

ملك وكله الله بسياق السحاب فإذا أراد الله أن يسوقه إلى بلد أمره فساقه فإذا تفرق عليه زجره بصوته حتى يجتمع كما يرد أحدكم ركانه ثم تلا هذه الآية {ويسبح الرعد بحمده}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : الرعد ملك ينشئ السحاب ودويه صوته.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {ويسبح الرعد بحمده} قال : هو ملك يسمى الرعد وذلك الصوت تسبيحه.
وأخرج ابن جرير والخرائطي وأبو الشيخ عن أبي صالح - رضي الله عنه - {ويسبح الرعد بحمده} قال : ملك من الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : إن الرعد ملك من الملائكة وكل بالسحاب يسوقها كما يسوق الراعي الإبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ في العظمة عن شهر بن حوشب - رضي الله عنه - قال : إن الرعد ملك يزجر السحاب كما يحث الراعي الإبل فإذا

شذت سحابة ضمها فإذا اشتد غضبه طار من فيه النار فهي الصواعق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد أن رجلا سأله عن الرعد فقال : ملك يسبح بحمده.
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : الرعد الملك والبرق الماء.
وأخرج الخرائطي عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : الرعد ملك يزجر السحاب بصوته.
وأخرج الخرائطي عن مجاهد - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عمرو بن أبي عمرو عن الثقة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : هذا سحاب ينشئ الله عز وجل فينزل الله منه الماء فما من منطق أحسن من منطقه ولا من ضحك أحسن من ضحكه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم منطقه الرعد وضحكه البرق.
وأخرج أحمد والحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن ربكم

يقول : لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليه الشمس بالنهار ولم أسمعهم صوت الرعد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم ، وَابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال : اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفع الحديث أنه كان إذا سمع الرعد قال : سبحان من يسبح الرعد بحمده.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح أو سمع صوت الرعد تغير لونه حتى عرف ذلك في وجهه ثم يقول للرعد : سبحان من سبحت له ويقول للريح : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا.
وأخرج الشافعي عن المطلب بن حنطب - رضي الله عنه - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه

وأخرج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكرا.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن عبيد الله بن أبي جعفر - رضي الله عنه - أن قوما سمعوا الرعد فكبروا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم الرعد فسبحوا ولا تكبروا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان إذا سمع الرعد قال : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
وأخرج ابن جرير عن علي - رضي الله عنه - أنه كان إذا سمع صوت الرعد قال : سبحان من سبحت له.
وأخرج مالك ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبخاري في الأدب ، وَابن المنذر والخرائطي وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن الزبير : إنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال : سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثم يقول : إن هذا الوعيد لأهل الأرض شديد

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الرعد وعيد من الله فإذا سمعتموه فأمسكوا عن الحديث.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : من سمع صوت الرعد فقال : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير فإن أصابته صاعقة فعلي ديته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن عبد الله بن أبي زكريا - رضي الله عنه - قال : بلغني أن من سمع صوت الرعد فقال : سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة.
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أحمد بن داود - رضي الله عنه - قال : بينما سليمان بن داود عليه السلام يمشي مع أبويه وهو غلام إذا سمع صوت الرعد فخر فلصق بفخذ أبيه فقال : يا بني هذا صوت مقدمات رحمته فكيف لو سمعت صوت مقدمات عضبه.
وَأخرَج أبو الشيخ في العظمة عن كعب - رضي الله عنه - قال : من قال
حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع الرعد فقال : أتدرون ما يقول فقلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنه يقول : موعدك لمدينة كذا.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما رجل في فلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة : اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا هو رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته فقال له : يا عبد الله ما اسمك فقال : فلان - للاسم الذي سمع في السحابة - فقال له : لم سألتني عن اسمي قال : سمعت في السحاب الذي هذا ماؤه اسق حديقة فلان لاسمك بما تصنع فيها ، قال : أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيه ثلثه.
وأخرج النسائي والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعث رجلا من أصحابه إلى رأس من رؤساء المشركين يدعوه إلى الله فقال المشرك : هذا الإله الذي تدعوني إليه أمن ذهب هو أم من فضة أم من نحاس فتعاظم مقالته فرجع إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : ارجع إليه فرجع إليه فأعاد عليه القول الأول فرجع فأعاده الثالثة فبينما هما يتراحعان الكلام بينهما إذ بعث الله سحابة حيال رأسه فرعدت وأبرقت ووقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه فأنزل الله تعالى
{ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} الآية.
وأخرج ابن جرير والخرائطي في مكارم الأخلاق عن عبد الرحمن بن صحار العبدي أنه بلغه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى جبار يدعوه فقال : أرأيتم ربكم أذهب هو أم فضة هو أم لؤلؤ هو قال : فبينما هو يجادلهم إذ بعث الله سحابة فرعدت فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقحف رأسه ، فأنزل الله هذه الآية {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال}

وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني عن ربك من ذهب هو أم من لؤلؤ أم ياقوت فجاءته الصاعقة فأخذته فأنزل الله {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} الآية.
وأخرج ابن جرير عن علي - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد حدثني عن إلهك هذا الذي تدعو إليه أياقوت هو أذهب هو أم ما هو ، فنزلت على السائل صاعقة فأحرقته ، فأنزل الله تعالى {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي كعب المكي - رضي الله عنه - قال : قال خبيث من خبثاء قريش : أخبرونا عن ربكم من ذهب هو أم من فضة أم من نحاس فقعقعت السماء قعقعة فإذا قحف رأسه ساقط بين يديه فأنزل الله تعالى {ويرسل الصواعق} الآية.
وأخرج ابن جرير والخرائطي عن قتادة - رضي الله عنه - ذكر لنا أن رجلا أنكر القرآن وكذب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته فأنزل الله تعالى فيه {وهم يجادلون في الله} الآية

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {ويرسل الصواعق} قال : نزلت في عامر بن الطفيل وفي أربد بن قيس أقبل عامر فقال : إن لي حاجة فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اقترب فاقترب حتى جثا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وسل أربد بعض سيفه فلما رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بريقه تعوذ بآية من القرآن كان يتعوذ بها فأيبس الله يد أربد على السيف وأرسل عليه صاعقة فاحترق ، فذلك قول أخيه : أخشى على أربد الحتوف ولا * أرهب نوء السماك والأسد فجعني البرق والصواعق بالفا * رس [ بالفارس ] يوم الكريهة النجد.
وَأخرَج ابن أبي حاتم والخرائطي وأبو الشيخ في العظمة عن أبي عمران الجوني قال : إن بحورا من النار دون العرش يكون فيها الصواعق.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال : الصواعق نار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان - رضي الله عنه - قال : الصواعق من نار السموم وهذا صوت الحجب التي بحرها ما بيننا وبينه من الحجاب يسوق السحاب

وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن دينار - رضي الله عنه - قال : لم أسمع أحدا ذهب البرق ببصره لقول الله تعالى (يكاد البرق يخطف أبصارهم) (سورة البقرة آية 20) والصواعق تحرق لقول الله تعالى {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء}.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن أبي نجيح - رضي الله عنه - قال : رأيت صاعقة أصابت نخلتين بعرفة فأحرقتهما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي جعفر - رضي الله عنه - قال : الصاعقة تصيب المؤمن والكافر ولا تصيب ذاكر الله.
وأخرج أبو الشيخ عن نصر بن عاصم الثقفي - رضي الله عنه - قال : من قال : سبحان الله شديد المحال لم تصبه عقوبة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وهو شديد المحال} قال : شديد القوة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وهو شديد المحال} قال : شديد المكر شديد القوة.
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس - رضي الله عنهما - {وهو شديد المحال} قال : شديد

الحول.
وأخرج ابن جريرعن علي - رضي الله عنه - {وهو شديد المحال} قال : شديد الأخذ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - {وهو شديد المحال} قال : شديد الانتقام.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - {وهو شديد المحال} قال : شديد الحقد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {وهو شديد المحال} قال : شديد القوة والحيلة.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - {وهو شديد المحال} قال : شديد الحول والقوة.
الآية 14.
أَخْرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قوله {له دعوة الحق} قال : التوحيد لا إله إلا الله

وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له دعوة الحق} قال : شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {له دعوة الحق} قال : لا إله إلا الله ليست تنبغي لأحد غيره لا ينبغي أن يقال فلان إله بني فلان.
وأخرج ابن جرير عن علي - رضي الله عنه - في قوله {إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه} قال : كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {كباسط كفيه إلى الماء} قال : يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا كذلك لا يستجيب من هو دونه.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه} وليس ببالغه حتى يتمزع عنقه ويهلك عطشا ، قال الله تعالى {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال}

فهذا مثل ضربه الله تبارك وتعالى إن هذا الذي يدعون من دون الله
هذا الوثن وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء في الدنيا ولا يسوق إليه خيرا ولا يدفع عنه سوءا حتى يأتيه الموت كمثل هذا الذي يبسط ذراعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل ذلك إليه حتى يموت عطشا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله {والذين يدعون من دونه} الآية ، قال : الرجل يقعد على شفة البئر فيبسط كفيه إلى قعر البئر ليتناول بهما فيده لا تبلغ الماء والماء لا ينزو إلى يده فكذلك لا ينفعهم ما كانوا يدعون من دون الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكير بن معروف - رضي الله عنه - قال : لما قتل قابيل أخاه جعله الله بناصيته في البحر ليس بينه وبين الماء إلا أصبع وهو يجد برد الماء من تحت قدميه ولا يناله ، وذلك قول الله {إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه} فإذا كان الصيف ضرب عليه سبع حيطان من سموم وإذا كان الشتاء ضرب عليه سبع حيطان من ثلج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه} قال : هذا مثل المشرك الذي عبد مع الله غيره فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد هو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه

الآية 15.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والأصال) قال : ظل المؤمن يسجد طوعا وهو الطائع لله ، وظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة : (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها) . قال : أما المؤمن فيسجد طائعا، وأما الكافر فيسجد كارها ، يسجد ظله.
وَأخرَج أبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في الآية قال الطائع المؤمن والكاره ظل الكافر
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال} قال : ظل المؤمن يسجد {طوعا} وهو طائع لله وظل الكافر يسجد {كرها} وهو كاره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها} قال : أما المؤمن فيسجد طائعا.
وَأَمَّا الكافر فيسجد كارها يسجد ظله.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في الآية قال : الطائع المؤمن ، والكاره ظل الكافر.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال : يسجد من في السموات طوعا ومن في الأرض طوعا وكرها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد - رضي الله عنه - في الآية قال : من دخل طائعا هذا طوعا ، وكرها : من لم يدخل إلا بالسيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن منذر قال : كان ربيع بن خيثم إذا سجد في سجدة الرعد قال : بل طوعا يا ربنا

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وظلالهم بالغدو والآصال} يعني حين يفيء ظل أحدهم عن يمينه أو شماله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {وظلالهم بالغدو والآصال} قال : ذكر لنا أن ظلال الأشياء كلها تسجد لله وقرأ (سجدا لله وهم داخرون) (سورة النحل آية 48) قال : تلك الظلال تسجد لله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وظلالهم بالغدو والآصال} قال : ظل الكافر يصلي وهو لا يصلي.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في الآية قال : إذا طلعت الشمس يسجد ظل كل شيء نحو المغرب ، فإذا زالت الشمس سجد ظل كل شيء نحو المشرق حتى تغيب.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - أنه سئل عن قوله {وظلالهم} قال : ألا ترى إلى الكافر فإن ظلاله جسده كله أعضاؤه لله مطيعة غير قلبه.
الآية 16
أخرج ابن مردويه عن أنس - رضي الله عنه - قال : قالوا يا رسول الله إنا نكون عندك على حال فإذا فارقناك كنا على غيره فنخاف أن يكون ذلك النفاق ، قال : كيف أنتم وربكم قالوا : الله ربنا في السر والعلانية ، قال : كيف أنتم ونبيكم قالوا : أنت نبينا في السر والعلانية ، قال : ليس ذاكم بالنفاق

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {هل يستوي الأعمى والبصير} قال : المؤمن والكافر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - {قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} قال : أما الأعمى والبصير فالكافر والمؤمن.
وَأَمَّا الظلمات والنور فالهدى والضلال.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم} قال : {خلقوا كخلقه} فحملهم ذلك على أن شكوا في الأوثان.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه} قال : ضربت مثلا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله تعالى {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه} قال : فأخبرني ليث بن أبي سليم عن ابن محمد عن حذيفة بن اليمان عن أبي بكر إما حضر ذلك حذيفة من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وإما حدثه إياه أبو بكر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، قال أبو

بكر : يا رسول الله وهل الشرك إلا ما عبد من دون الله أو ما دعي مع الله ، قال : ثكلتك أمك ، الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ألا أخبرك بقول يذهب صغاره وكباره أو قال : لصغيره وكبيره قال : بلى ، قال : تقول كل يوم ثلاث مرات ، اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم ، والشرك أن تقول أعطاني الله وفلان والند أن يقول الإنسان : لولا فلان قتلني فلان.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال : انطلقت مع أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل فقال أبو بكر - رضي الله عنه - وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب قليله وكثيره قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم.
الآيات 17 - 18.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {أنزل من السماء ماء} الآية قال : هذا مثل ضربه الله تعالى احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها فأما الشك فما ينفع معه العمل.
وَأَمَّا اليقين فينفع الله به أهله ، وهو قوله {فأما الزبد فيذهب جفاء

وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} وهو اليقين كما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه به ويترك خبيثه في النار كذلك يقبل الله تعالى اليقين ويترك الشك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {فسالت أودية بقدرها} قال : الصغير قدر صغيره ، والكبير قدر كبيره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في
الآية قال : هذا مثل ضربه الله تعالى بين الحق والباطل يقول : احتمل السيل ما في الوادي من عود ودمنة ومما توقدون عليه في النار فهو الذهب والفضة والحلية والمتاع النحاس والحديد وللنحاس والحديد خبث فجعل الله تعالى مثل خبثه كمثل زبد الماء فأما ما ينفع الناس فالذهب والفضة.
وَأَمَّا ما ينفع الأرض فما شربت من الماء فأنبتت ، فجعل ذلك مثل العمل الصالح الذي يبقى لأهله ، والعمل السيء يضمحل من محله فما يذهب هذا الزبد فذلك الهدى والحق جاء من عند الله تعالى فمن عمل بالحق كان له ، وما بقي كما يبقى ما ينفع الناس في الأرض ، وكذلك الحديد لا

يستطيع أن يعمل منه سكين ولا سيف حتى يدخل النار فتأكل خبثه فيخرج جيده فينتفع به كذلك يضمحل الباطل وإذا كان يوم القيامة وأقيم الناس وعرضت الأعمال فيرفع الباطل ويهلك وينتفع أهل الحق بالحق.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح من طريق مرة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في قوله {فسالت أودية بقدرها} الآية ، قال : فمر السيل على رأسه من التراب والغثاء حتى استقر في القرار وعليه الزبد فضربته الريح فذهب الزبد جفاء إلى جوانبه فيبس فلم ينفع أحدا وبقي الماء الذي ينتفع به الناس فشربوا منه وسقوا أنعامهم ، فكما ذهب الزبد فلم ينفع فكذلك الباطل يضمحل يوم القيامة فلا ينفع أهله وكما نفع الماء فكذلك ينفع الحق أهله ، هذا مثل ضربه الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله {أنزل من السماء ماء} قال : هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر {فسالت أودية بقدرها} حتى جرى الوادي وامتلأ بقدر ما يحمل {فاحتمل السيل زبدا رابيا} قال : زبد الماء ، {ومما يوقدون عليه في النار} قال : زبد ما توقدون عليه من

ذلك حلية وما سقط فهو مثل زبد الماء وهو مثل ضرب للحق والباطل ، فأما خبث الحديد والذهب وزبد الماء فهو الباطل وما تصنعوا من الحلية والماء والحديد فمثل الحق.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - قال : ضرب الله تعالى مثل الحق والباطل ، فضرب مثل الحق السيل الذي يمكث في الأرض فينتفع
الناس به ، ومثل الباطل مثل الزبد الذي لا ينفع الناس ، ومثل الحق مثل الحلي الذي يجعل في النار فما خلص منه انتفع به أهله ، وما خبث منه فهو مثل الباطل علم أن لا ينفع الزبد وخبث الحلي أهله فكذلك الباطل لا ينفع أهله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} قال : الصغير بصغره والكبير بكبره {فاحتمل السيل زبدا رابيا} قال : عاليا {ومما يوقدون} إلى قوله {فيذهب جفاء} والجفاء ما يتعلق بالشجر {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} هذه ثلاثة أمثال ضربها الله تعالى في مثل واحد يقول : كما اضمحل هذا الزبد فصار جفاء لا ينتفع به ولا يرجى بركته كذلك يضمحل الباطل عن أهله ، وكما مكث هذا الماء في الأرض فأمرعت وربت بركته وأخرجت نباتها كذلك يبقى الحق لأهله ، وقوله {ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية} كما يبقى خالص هذا الذهب والفضة حين أدخل النار كذلك فيذهب خبثه كذلك يبقى

الحق لأهله ، وكما اضمحل خبث هذا الذهب والفضة حين أدخل في النار كذلك يضمحل الباطل عن أهله ، وقوله {أو متاع زبد مثله} يقول : هذا الحديد وهذا الصفر حين دخل النار وذهبت بخبثه كذلك يبقى الحق لأهله كما بقي خالصهما.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {فسالت أودية بقدرها} قال : الكبير بقدره والصغير بقدره {زبدا رابيا} قال : ربا فوق الماء الزبد {ومما يوقدون عليه في النار} قال : هو الذهب إذا أدخل النار بقي صفوه وذهب ما كان فيه من كدر ، وهذا مثل ضربه الله للحق والباطل {فأما الزبد فيذهب جفاء} يتعلق بالشجر ولا يكون شيئا هذا مثل الباطل {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} هذا يخرج النبات وهذا مثل الحق {أو متاع زبد مثله} قال : المتاع الصفر والحديد.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} قال : بملئها ما أطاقت {فاحتمل السيل زبدا رابيا} قال : انقضى الكلام ثم استقبل فقال {ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله} قال : المتاع الحديد والنحاس والرصاص وأشباهه !

{زبد مثله} قال : خبث ذلك
الحديد والحلية مثل زبد السيل {وأما ما ينفع الناس} من الماء {فيمكث في الأرض} وأما الزبد {فيذهب جفاء} قال : جمودا في الأرض قال فكذلك مثل الحق والباطل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {أنزل من السماء ماء} الآية ، قال : ابتغاء حلية الذهب والفضة أو متاع الصفر والحديد ، قال : كما أوقد على الذهب والفضة والصفر والحديد فخلص خالصه كذلك بقي الحق لأهله فانتفعوا به.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عيينة - رضي الله عنه - في قوله {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} قال : أنزل من السماء قرآنا فاحتمله عقول الرجال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {للذين استجابوا لربهم الحسنى} قال : الحياة والرزق.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {للذين استجابوا لربهم الحسنى} قال : هي الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

فرقد السبخي - رضي الله عنه - قال : قال لي شهر بن حوشب - رضي الله عنه - {سوء الحساب} أن لا يتجاوز له عن شيء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن فرقد السبخي - رضي الله عنه - قال : قال لي إبراهيم النخعي - رضي الله عنه - : يا فرقد أتدري ما سوء الحساب قلت : لا ، قال : هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال : {سوء الحساب} أن يؤخذ العبد بذنوبه كلها ولا يغفر له منها ذنب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي الجوزاء - رضي الله عنه - في الآية قال {سوء الحساب} المناقشة في الأعمال.
الآية 19
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق} قال : هؤلاء قوم انتفعوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووعوه ، {كمن هو أعمى} قال : عن الحق فلا يبصروه ولا يعقله {إنما يتذكر أولوا الألباب} فبين من هم فقال : {الذين يوفون بعهد الله}

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {أولوا الألباب} يعني من كان له لب أو عقل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - قال : إنما عاتب الله تعالى أولي الألباب لأنه يحبهم ، ووجدت ذلك في آية من كتاب الله تعالى {إنما يتذكر أولوا الألباب}.
الآيات 20 - 21.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق} فعليكم بالوفاء بالعهد ولا تنقضوا الميثاق فإن الله قد نهى عنه وقدم فيه أشد التقدمة وذكره في بضع وعشرين آية ، نصيحة لكم وتقدمة إليكم وحجة عليكم وإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل وأهل العلم بالله وذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن البر والصبر ليخففان سوء العذاب يوم القيامة ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه – في
قوله {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} يعني من إيمان بالنبيين وبالكتب كلها {ويخشون ربهم} يعني يخافون في قطعية ما أمر الله به أن يوصل {ويخافون سوء الحساب} يعني شدة الحساب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : اتقوا الله وصلوا الأرحام فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة وذكر لنا أن رجلا من خثعم أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فقال : أنت الذي تزعم أنك رسول الله قال : نعم ، قال : فأي الأعمال أحب إلى الله قال : الإيمان بالله ، قال : ثم ماذا قال : صلة الرحم وكان عبد الله بن عمرو يقول : إن الحليم ليس من ظلم ثم حلم حتى إذا هيجه قوم اهتاج ولكن الحليم من قدر ثم عفا وإن الوصول ليس من وصل ثم وصل فتلك مجازاة ولكن الوصول من قطع ثم وصل وعطف على من لا يصله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) قال : بلغنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا لم تمش إلى ذي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته.
الآيات 22 - 24

أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {والذين صبروا} يعني على أمر الله {ابتغاء وجه ربهم} يعني إبتغاء رضا ربهم {وأقاموا الصلاة} يعني وأتموها {وأنفقوا من ما رزقناهم} يعني من الأموال {سرا وعلانية} يعني في حق الله وطاعته {ويدرؤون} يعني يدفعون {بالحسنة السيئة} يعني يردون معروفا على من يسيء إليهم {أولئك لهم عقبى الدار} يعني دار الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - {ويدرؤون بالحسنة السيئة} قال : يدفعون بالحسنة السيئة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {ويدرؤون بالحسنة السيئة} قال : يدفعون الشر بالخير لا يكافئون الشر بالشر ولكن يدفعونه بالخير ، أما قوله تعالى : {جنات عدن}.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة قصرا يقال له عدن حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب عند كل باب خمسة آلاف حيرة لا يدخله أو لا

يسكنه إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عادل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : قرأ عمر - رضي الله عنه - على المنبر {جنات عدن} فقال : يا أيها الناس هل تدرون ما جنات عدن قصر في الجنة له عشرة آلاف باب على كل باب خمسة وعشرون ألفا من الحور العين لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في قوله {جنات عدن} قال : بطنان الجنة يعني وسطها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه - قال : {جنات عدن} وما يدريك ما جنات عدن ، ، قال : قصر من ذهب لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {جنات عدن} قال : مدينة وسط الجنة فيها الرسل الأنبياء والشهداء وأئمة الهدى والناس حولهم بعد والجنات حولها

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن - رضي الله عنه - أن عمر قال لكعب : ما عدن قال : هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جنة عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال : كن فكان ، أما قوله تعالى : {يدخلونها ومن صلح من آبائهم} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال : يدخل الرجل الجنة فيقول : أين أمي أين ولدي أين زوجتي ، فيقال : لم يعملوا مثل عملك ، فيقول : كنت أعمل لي ولهم ثم قرأ {جنات عدن يدخلونها ومن صلح} يعني من آمن بالتوحيد بعد هؤلاء {من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم} يدخلون معهم {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب} قال : يدخلون عليهم على مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات معهم التحف من الله ما ليس لهم في جنات عدن يقولون لهم : {سلام عليكم بما صبرتم} يعني على أمر الله تعالى {فنعم عقبى الدار} يعني دار الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - {ومن صلح من آبائهم} قال : من آمن في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز - رضي الله عنه - في الآية قال : علم الله تعالى أن المؤمن يحب أن

يجمع الله تعالى له أهله وشمله في الدنيا فأحب أن يجمعهم له في الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قرأ {جنات عدن يدخلونها ومن صلح} حتى ختم الآية قال : إنه لفي خيمة من درة مجوفة ليس فيها صدع ولا وصل طولها في الهواء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ومال ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب يقوم على كل باب منها سبعون ألفا من الملائكة مع كل ملك هدية من الرحمن ليس مع صاحبه مثلها لا يصلون إليه إلا بإذن بينه وبينهم حجاب.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أخس أهل الجنة منزلا يوم القيامة له قصر من درة جوفاء فيها سبعة آلاف غرفة لكل غرفة سبعون ألف باب يدخل عليه من كل باب سبعون ألفا من الملائكة بالتحية والسلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي

عمران
الجوني - رضي الله عنه - في قوله {سلام عليكم بما صبرتم} قال : على دينكم {فنعم عقبى الدار} قال : فنعم ما أعقبكم الله تعالى من الدنيا الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {سلام عليكم بما صبرتم} قال : صبروا على فضول الدنيا.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن نصر الحارثي - رضي الله عنه - {سلام عليكم بما صبرتم} قال : على الفقر في الدنيا.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول من يدخل الجنة من خلق الله تعالى فقراء المهاجرين الذين تسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء فيقول الله تعالى لمن يشاء من الملائكة : ائتوهم فحيوهم ، فتقول الملائكة : ربنا نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم ، قال الله تعالى : إن هؤلاء عبادي كانوا يعبدونني في الدنيا ولا يشركون بي شيئا وتسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب {سلام عليكم بما

صبرتم فنعم عقبى الدار}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة وعنده سماطان من خدم وعند طرف السماطين باب مبوب فيقبل الملك فيستأذن فيقول أقصى الخدم للذي يليه : ملك يستأذن ويقول الذي يليه للذي يليه : ملك يستأذن حتى يبلغ المؤمن فيقول : ائذنوا له ، فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا ، ويقول الذي يليه للذي يليه : ائذنوا حتى تبلغ أقصاهم الذي عند الباب فيفتح له فيدخل فيسلم عليه ثم ينصرف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن أنس - رضي الله عنه - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي أحدا كل عام فإذا تفوه الشعب سلم على قبور الشهداء فقال {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : كان النبي
صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} وأبو بكر وعمر وعثمان

الآيات 25 - 26.
أَخرَج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران - رضي الله عنه - قال : قال لي عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - : لا تؤاخين قاطع رحم فإني سمعت الله لعنهم في سورتين : في سورة الرعد وسورة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ولهم سوء الدار} قال : سوء العاقبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الرحمن بن سابط - رضي الله عنه - في قوله {وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع} قال : كان الرجل يخرج في الزمان الأول في إبله أو غنمه فيقول لأهله : متعوني ، فيمتعونه فلقلة الخبز أو التمر ، فهذا مثل ضربه الله للدنيا

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {إلا متاع} قال : قليل ذاهب.
وأخرج الترمذي والحاكم عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك ، فقال : ما لي وللدنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها.
الآيات 27 - 29

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ويهدي إليه من أناب} أي من تاب ، وفي قوله {وتطمئن قلوبهم بذكر الله} قال : هشت إليه واستأنست به.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله} يقول : إذا حلف لهم بالله صدقوا {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قال : تسكن القلوب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قال : محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين نزلت هذه الآية {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} : هل تدرون ما معنى ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : من أحب الله ورسوله أحب أصحابي.
وأخرج ابن مردويه عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قال : ذاك من أحب الله ورسوله وأحب أهل بيتي صادقا غير كاذب وأحب المؤمنين شاهدا وغائبا ألا بذكر الله يتحابون

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {طوبى لهم} قال : فرح وقرة عين.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : نعم ما لهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : غبطة لهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي اللله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : حسنى لهم ، وهي كلمة من كلام العرب.
وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : هذه كلمة عربية يقول الرجل طوبى لك أي أحببت خيرا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن إبراهيم - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : الخير والكرامة الذي أعطاهم الله سبحانه وتعالى

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : الجنة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : الجنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال طوبى اسم الجنة بالحبشية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال {الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب} وذلك حين أعجبته.
وأخرج جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن مسجوح - رضي الله عنه - قال {طوبى} اسم الجنة بالهندية.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال {طوبى} اسم الجنة بالهندية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : {طوبى} اسم شجرة في الجنة

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : {طوبى} شجرة في الجنة يقول الله تعالى لها : تفتقي لعبدي عما شاء ، فتنفتق له عن الخيل بسروجها ولجمها وعن الإبل برحالها وأزمتها وعما شاء من الكسوة.
وأخرج ابن جرير من طريق معاوية بن قرة - رضي الله عنه - عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى شجرة غرسها الله تعالى بيده ونفخ فيها من
روحه تنبت بالحلى والحلل وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن عتبة بن عبد - رضي الله عنه - قال : جاء أعرابي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله في الجنة فاكهة قال : نعم فيها شجرة تدعى طوبى هي نطاق الفردوس ، قال : قال

أي شجر أرضنا تشبه قال : ليس تشبه شيئا من شجر أرضك ، ولكن أتيت الشام قال : لا ، قال : فإنها تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة تنبت على ساق واحد ثم ينشر أعلاها ، قال : ما عظم أصلها قال : لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتاها هرما ، قال فهل فيها عنب قال : نعم ، قال : ما عظم العنقود منه قال : مسيرة شهر للغراب الأبقع.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن رجلا قال : يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك قال : {طوبى} لمن رآني وآمن وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني ، قال رجل : وما طوبى ، قال : شجرة في الجنة مسيرة مائة عام تخرج من أكمامها

وأخرج ابن أبي شيبة في صفة الجنة ، وَابن أبي حاتم عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى فتنفتح له أكمامها فيأخذ له من أي ذلك شاء ، إن شاء أبيض وإن شاء أحمر وإن شاء أخضر وإن شاء أصفر وإن شاء أسود ، مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين - رضي الله عنه - قال : شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي وليس في الجنة حجرة إلا وفيها غصن من أغصانها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر رجل من أهل الشام قال : إن ربك أخذ لؤلؤة فوضعها ثم دملجها ثم فرشها وسط الجنة فقال لها

امتدي حتى تبلغي مرضاتي ، ففعلت ثم أخذ شجرة فغرسها وسط اللؤلؤة ثم قال لها : امتدي ففعلت فلما استوت تفجرت من أصولها أنهار الجنة وهي طوبى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن فرقد السبخي - رضي الله عنه - قال : أوحى الله
إلى عيسى ابن مريم عليه السلام في الإنجيل : يا عيسى جد في أمري ولا تهزل واسمع قولي وأطع أمري ، يا ابن البكر البتول إني خلقتك من غير فحل وجعلتك وأمك آية للعالمين فإياي فاعبد وعلي فتوكل وخذ الكتاب بقوة ، قال عيسى عليه السلام : أي رب أي كتاب آخذ بقوة ، قال : خذ كتاب الإنجيل بقوة ففسره لأهل السريانية وأخبرهم أني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم البديع الدائم الذي لا زوال له فآمنوا بالله ورسوله النَّبِيّ الأمي الذي يكون في آخر الزمان فصدقوه واتبعوه صاحب الجمل والمدرعة والهراوة والتاج الأنجل العين المقرون الحاجبين صاحب الكساء الذي إنما نسله من المباركة - يعني خديجة - يا عيسى لها بيت من لؤلؤ من قصب موصل بالذهب لا يسمع فيه أذى ولا نصب لها ابنة - يعني فاطمة ولها ابنان فيستشهدان - يعني الحسن والحسين - طوبى

لمن سمع كلامه وأدرك زمانه وشهد أيامه ، قال عيسى عليه السلام : يا رب وما طوبى قال : شجرة في الجنة أنا غرستها بيدي وأسكنتها ملائكتي أصلها من رضوان وماؤها من تسنيم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - قال {طوبى} في الجنة حملها مثال ثدي النساء فيه حلل أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء ، وَابن أبي حاتم عن خالد بن معدان - رضي الله عنه - قال : إن في الجنة شجرة يقال له طوبى ضروع كلها ترضع صبيان أهل الجنة فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى وإن سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم القيامة فيبعث ابن أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن شهر بن حوشب قال {طوبى} شجرة في الجنة كل شجرة في الجنة منها أغصانها من وراء سور الجنة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها زهرها رياط

وورقها برود وقضبانها عنبر وبطحاؤها ياقوت وترابها كافور ووحلها مسك يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل وهي مجلس من مجالس أهل الجنة ومتحدث بينهم ، فبينما هم في مجلسهم إذ أتتهم ملائكة من ربهم يقودون خيما مزمومة بسلاسل من ذهب وجوهها كالمصابيح من حسنها
ووبرها كخد المرعزي من لينه عليها رحال ألواحها من ياقوت ودفوفها من ذهب وثيابها من سندس واستبرق فينيخونها ويقولون : ربنا أرسلنا إليكم لتزوره ، فيركبوها فهي أسرع من الطائر وأوطأ من الفراش نجباء من غير مهنة يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه لا يصيب أذن راحلة منها أذن صاحبتها ولا تزل راحلة بزلل صاحبتها حتى أن الشجرة لتنحى عن طرقهم لئلا يفرق بين الرجل وأخيه ، فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه فإذا رأوه قالوا : اللهم أنت السلام ومنك السلام وحق لك الجلال والإكرام ، ويقول عز وجل عند ذلك : أنا السلام ومني السلام وعليكم حقت رحمتي ومحبتي مرحبا بعبادي الذين خشوني بالغيب وأطاعوا أمري ، فيقولون : ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدرك حق قدرك فأذن لنا في السجود قدامك ، فيقول الله عز وجل : إنها ليست بدار

نصب ولا عبادة ولكنها دار ملك ونعيم وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم فإن لكل رجل منكم أمنيته ، فيسألونه حتى إن أقصرهم أمنية ليقول : رب تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها ، رب فائتني كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا فيقول الله عز وجل : لقد قصرت بك أمنيتك ولقد سألت دون منزلتك هذا لك مني وسأتحفك بمنزلتي لأنه ليس في عطائي نكد ولا تصريد ثم يقول : اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم ولم يخطر على بال ، فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم التي في أنفسهم فيكون فيما يعرضون عليهم : براذين مقرنة على كل أربعة منهم سرير من ياقوتة واحدة على كل منها قبة من ذهب مفرغة في كل قبة منها فرش من فرش الجنة مظاهرة في كل قبة منها جاريتان من الحور العين على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة وليس في الجنة ألوان إلا وهو فيهما ولا ريح طيبة إلا وقد عبقتا به ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة حتى يظن من يراهما أنهما من دون القبة يرى مخهما من فوق أسرتهما كالسلك الأبيض من ياقوتة حمراء يريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل ، ويرى هو لهما مثل ذلك ثم يدخل إليهما فيجيئآنه ويقبلانه ويعانقانه ويقولان له : والله ما ظننا أن الله يخلق مثل ذلك ، ثم يأمر الله تعالى الملائكة

فيسيرون بهم صفا في الجنة حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزله الذي أعد له.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - عن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى لو يسير الراكب الجواب في ظلها لسار فيه مائة عام قبل أن يقطعه وورقها برود خضر وزهرها رياط صفر وأقتادها سندس واستبرق وثمرها حلل خضر وصمغها زنجبيل وعسل وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر وترابها مسك وعنبر وكافور أصفر وحشيشها زعفران منبع والأجوج ناججان في غير وقود ينفجر من أصلها ، أنهارها السلسبيل والمعين في الرحيق وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة يألفونه

ومتحدث يجمعهم ، فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون إذ جاءتهم ملائكة يقودون نجبا جبلت من الياقوت ثم نفخ فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وبرها خز أحمر ومرعز أحمر يخترطان ، لم ينظر الناظرون إلى مثله حسنا وبهاء ولا من غير مهانة عليها رحال ألواحها من الدر والياقوت مفضضة باللؤلؤ والمرجان فأناخوا إليهم تلك النجائب ثم قالوا لهم : ربكم يقرئكم السلام ويستزيركم لتنظروا إليه وينظر إليكم وتحيونه ويحييكم وتكلمونه ويكلمكم ويزيدكم من فضله وسعته إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم ، فتحول كل رجل منهم على راحلته حتى انطلقوا صفا واحدا معتدلا لا يفوت منه شيء ولا يفوت أذن ناقة أذن صاحبتها ولا بركة ناقة بركة صاحبها ولا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفتهم بثمرها ورجلت لهم عن طريقها كراهية أن تثلم صفهم أو تفرق بين رجل ورفيقه

فلما دفعوا إلى الجبار تعالى سفر لهم عن وجهه الكريم وتجلى لهم في عظمته العظيم يحييهم بالسلام ، فقالوا : ربنا أنت السلام ومنك السلام لك حق الجلال والإكرام ، قال لهم ربهم : أنا السلام ومني السلام ولي حق الجلال والإكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني بالغيب وكانوا مني على كل حال مشفقين ، قالوا : أما وعزتك وعظمتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك ولا أدينا إليك كل حقك فأذن لنا بالسجود لك ، قال لهم ربهم : إني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت لكم أبدانكم طالما نصبتم لي الأبدان وأعنتم لي الوجوه فالآن أفضتم إلى روحي ورحمتي وكرامتي وطولي وجلالي وعلو مكاني وعظمة شأني ، فما يزالون في الأماني والعطايا والمواهب حتى أن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل
جميع الدنيا منذ يوم خلقها الله تعالى إلى يوم يفنيها ، قال لهم ربهم : لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وألحقت بكم

وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم ، فانظروا إلى مواهب ربكم التي وهبكم ، فإذا بقباب في الرفيق الأعلى وغرف مبنية من الدر والمرجان أبوابها من ذهب وسررها من ياقوت وفرشها من سندس واستبرق ومنابرها من نور يفور من أبوابها وأعراصها نور مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضيء وإذا بقصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهر نورها ، فلولا أنه مسخر إذن لالتمع الأبصار فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير الأبيض ، وما كان منها من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري ، وما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر ، وما كان منها من الياقوت الأصفر فهو مفروش بالأرجوان الأصفر مبوبة بالزمرد الأخضر والذهب الأحمر والفضة البيضاء ، قواعدها وأركانها من الجوهر وشرفها قباب من لؤلؤ وبروجها غرف من المرجان ، فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم قربت لهم براذين من ياقوت أبيض منفوخ فيها الروح بجنبها الولدان المخلدون بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء منظومة بالدر والياقوت سروجها

سرر موضونة مفروشة بالسندس والاستبرق فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم وتطأ رياض الجنة ، فلما انتهوا إلى منازلهم وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنوهم كرامة ربهم ، فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تطاول به عليهم ربهم مما سألوا وتمنوا وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربعة جنان {جنتان} {ذواتا أفنان} وجنتان {مدهامتان} و(فيهما عينان نضاختان) (سورة الرحمن آية 66) وفيهما من كل فاكهة زوجان و(حور مقصورات في الخيام) (سورة الرحمن آية 72) فلما تبوأوا منازلهم واستقروا قرارهم قال لهم ربهم : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا : نعم وربنا ، قال : هل رضيتم بثواب ربكم قالوا : ربنا رضينا فارض عنا ، قال : برضاي عنكم حللتم داري ونظرتم إلى وجهي وصافحتم
ملائكتي فهنيئا هنيئا لكم عطاء غير مجذوذ ليس فيه تنغيص ولا تصريد فعند ذلك قالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب إن ربنا لغفور شكور

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد مولى بني مخزوم قال : سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول : إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها واقرؤوا إن شئتم (وظل ممدود) فبلغ ذلك كعبا - رضي الله عنه - فقال : صدق والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم ، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما ، إن الله عز وجل غرسها بيده ونفخ فيها من روحه وإن أفنانها من وراء سور الجنة وما في الجنة نهر إلا يخرج من أصل تلك الشجرة.
وأخرج ابن جرير عن مغيث بن سمي - رضي الله عنه - قال : {طوبى} شجرة في الجنة لو أن رجلا ركب قلوصا جذعا أو جذعة ثم دار بها لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هرما ، وما من أهل الجنة منزل إلا غصن من تلك الشجرة متدل عليهم فإذا أرادوا أن يأكلوا من الثمرة تدلى إليهم فيأكلون ما شاؤوا ، ويجيء الطير فيأكلون منه قديدا وشويا ما شاؤوا ثم يطير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح - رضي الله عنه - قال : {طوبى} شجرة في الجنة لو أن راكبا

ركب حقة أو جذعة فأطاف بها ما بلغ ذلك الموضع الذي ركب فيه حتى يقتله الهرم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : ذكر عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {طوبى} فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر هل بلغك طوبى قال : الله تعالى ورسوله أعلم ، قال : {طوبى} شجرة في الجنة لا يعلم طولها إلا الله تعالى يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا ، ورقها الحلل يقع عليها الطير كأمثال البخت ، قال أبو بكر - رضي الله عنه - : إن ذلك الطير ناعم قال : أنعم منه من يأكله وأنت منهم يا أبا بكر إن شاء الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى شجرة في الجنة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت الحلي والثمار منهدلة على أفواهها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد بن السري في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مغيث بن سمي - رضي الله عنه - قال : {طوبى} شجرة في الجنة ليس في الجنة دار إلا يظلها غصن من أغصانها فيه من ألوان الثمر ، ويقع عليها طير أمثال البخت فإذا اشتهى الرجل طيرا دعاه فيقع على خوانه فيأكل من إحدى جانبيه شواء والآخر قديدا ثم يصير طائرا فيطير

فيذهب.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء ، وَابن أبي حاتم عن خالد بن معدان - رضي الله عنه - قال : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى كلها ضروع فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {طوبى لهم} قال : غبطة {وحسن مآب} قال : حسن مرجع.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - {وحسن مآب} قال : حسن منقلب.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - مثله.
الآية 30.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وهم يكفرون بالرحمن} قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية - حين صالح قريش كتب في الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقالت قريش : أما الرحمن فلا نعرفه وكان أهل الجاهلية يكتبون : باسمك اللهم ، فقال أصحابه : دعنا نقاتلهم ، قال : لا ولكن اكتبوا كما

يريدون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : هذا لما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا في الحديبية كتب بسم الله الرحمن الرحيم ، فقالوا : لا
نكتب الرحمن وما ندري ما الرحمن ، وما نكتب إلا باسمك اللهم فأنزل الله تعالى {وهم يكفرون بالرحمن} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - {وإليه متاب} قال : توبتي.
الآيات 31 - 34.
أَخرَج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كان كما تقول فأرنا أشياخنا الذين من الموتى نكلمهم وأفسح لنا هذه الجبال - جبال مكة - التي قد ضمتنا ، فنزلت {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عطية العوفي - رضي الله عنه - قال : قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم لو سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها أو قطعت لنا

الأرض كما كان سليمان عليه السلام يقطع لقومه بالريح أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى عليه السلام يحيي الموتى لقومه ، فأنزل الله تعالى {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال} الآية إلى قوله {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال : أفلم يتبين
الذين آمنوا قالوا : هل تروي هذا الحديث عن أحد من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال المشركون من قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو وسعت لنا أودية مكة وسيرت جبالها فاحترثناها وأحييت من مات منا واقطع به الأرض أو كلم به الموتى ، فأنزل الله {ولو أن قرآنا}.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الدلائل ، وَابن مردويه عن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال : لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) (سورة الشعراء آية 214) صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قبيس : يا آل عبد مناف إني نذير فجاءته قريش فحذرهم وأنذرهم ، فقالوا : تزعم أنك نبي يوحى إليك وإن سليمان عليه السلام سخرت له الريح والجبال وإن موسى عليه السلام سخر له البحر وإن عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ويفجر لنا الأرض أنهارا فنتخذها محارث فنزرع ونأكل وإلا فادع الله أن يحيي لنا الموتى فنكلمهم

ويكلمونا وإلا فادع الله أن يجعل هذه الصخرة التي تحتك ذهبا فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف فإنك تزعم أنك كهيئتهم ، فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي فلما سري عنه الوحي قال : والذي نفسي بيده لقد أعطاني الله ما سألتم ولو شئت لكان ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة ولا يؤمن مؤمنكم فاخترت باب الرحمة ويؤمن مؤمنكم وأخبرني إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم يعذبكم عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ، فنزلت (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا إن كذب بها الأولون) (سورة الإسراء آية 59) حتى قرأ ثلاث آيات ، ونزلت {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال} الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أن هذه الآية {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى} مكية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال} الآية قال : قول كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم : سير جبالنا تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة أو قرب لنا الشام فإنا نتجر إليها أو أخرج لنا آباءنا من

القبور نكلمهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قالوا : سير بالقرآن الجبال قطع بالقرآن الأرض أخرج به موتانا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - قال : قال كفار مكة لمحمد صلى الله عليه وسلم : سير لنا الجبال كما سخرت لداود وقطع لنا الأرض كما قطعت لسليمان عليه السلام فاغد بها شهرا ورح بها شهرا أو كلم لنا الموتى كما كان عيسى عليه السلام يكلمهم ، يقول : لم أنزل بهذا كتابا ولكن كان شيئا أعطيته أنبيائي ورسلي.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي - رضي الله عنه - قال : قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت نبيا كما تزعم فباعد عن مكة أخشبيها هذين مسيرة أربعة أيام أو خمسة أيام فإنها ضيقة حتى نزرع فيها أو نرعى وابعث لنا آبائنا من الموتى حتى يكلمونا ويخبرونا أنك نبي أو احملنا إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى الحيرة حتى نذهب ونجيء في ليلة كما زعمت أنك فعلته ، فأنزل الله تعالى {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال} الآية

وأخرج إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {بل لله الأمر جميعا} لا يصنع من ذلك إلا ما يشاء ولم يكن ليفعل.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ {أفلم ييأس الذين آمنوا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ [ أفلم يتبين الذين آمنوا ] فقيل له : إنها في المصحف {أفلم ييأس} فقال : أظن الكاتب كتبها وهو ناعس.
وأخرج ابن جرير عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ [ أفلم يتبين الذين آمنوا ]

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {أفلم ييأس} يقول : يعلم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال : أفلم يعلم بلغة بني مالك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت مالك بن عوف يقول : لقد يئس الأقوام أني أنا ابنه * وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا.
وَأخرَج ابن الأنباري عن أبي صالح - رضي الله عنه - قال : في قوله {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال : أفلم يعلم بلغة هوازن ، وأنشد قول مالك بن عوف النضري : أقول لهم بالشعب إذا ييئسونني * ألم تعلم أني ابن فارس زهدم.
وَأخرَج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال : أفلم يعلم الذين آمنوا.
وَأخرَج أبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال : ألم

يعرف الذين آمنوا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - {أفلم ييأس} قال : أفلم يعلم ، ومن الناس من يقرؤها ((أفلم يتبين)) وإنما هوكالاستنقاء أفلم يعقلوا ليعلموا أن الله يفعل ذلك لم ييأسوا من ذلك وهم يعلمون أن الله تعالى لو شاء فعل ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية - رضي الله عنه - {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال : قد يئس الذين آمنوا أن يهدوا ولو شاء الله {لهدى الناس جميعا}.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه من طريق عكرمة - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال : السرايا.
وأخرج الطيالسي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال : سرية {أو تحل قريبا من دارهم} قال : أنت يا محمد {حتى يأتي وعد الله} قال فتح مكة

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد - رضي الله عنه - في قوله {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال : سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم {أو تحل} يا محمد {قريبا من دارهم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : {القارعة} السرايا {أو تحل قريبا من دارهم} قال : الحديبية {حتى يأتي وعد الله} قال : فتح مكة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {ولا يزال الذين كفروا} الآية ، قال : نزلت بالمدينة في سرايا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، {أو تحل} أنت يا محمد {قريبا من دارهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال : نكبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال : عذاب من السماء {أو تحل قريبا من دارهم} يعني نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وقتاله إياهم

وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {أو تحل قريبا من دارهم} قال : أو تحل القارعة قريبا من دارهم {حتى يأتي وعد الله} قال : يوم القيامة ، أما قوله تعالى : {ولقد استهزئ برسل من قبلك}.
وَأخرَج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كان رجل خلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلمطه فرآه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : كذلك فكن ، فرجع إلى أهله فلبط به مغشيا شهرا ثم أفاق حين أفاق وهو كما حاكى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال : يعني بذلك نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال : الله تعالى قائم بالقسط والعدل

وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال : ذلكم ربكم تبارك وتعالى قائم على بني آدم بأرزاقهم وآجالهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال : الله عز وجل القائم على كل نفس {بما كسبت} على رزقها وعلى عملها ، وفي لفظ : قائم على كل بر وفاجر يرزقهم ويكلؤهم ثم يشرك به منهم من أشرك {وجعلوا لله شركاء} يقول : آلهة معه {قل سموهم} ولو سموا آلهة لكذبوا وقالوا في ذلك غير الحق لأن الله تعالى واحد لا شريك له {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض} يقول : لا يعلم الله تعالى في الأرض إلها غيره {أم بظاهر من القول} يقول : أم بباطل من القول وكذب.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} يعني بذلك نفسه يقول {قائم على كل نفس} على كل بر وفاجر {بما كسبت} وعلى رزقهم وعلى طعامهم فأنا على ذلك وهم عبيدي ثم جعلوا لي شركاء {قل سموهم} ولو سموهم كذبوا في ذلك لا يعلم الله تعالى من إله غير الله فذلك قوله {أم تنبئونه بما لا يعلم

في الأرض}.
وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة الجرشي - رضي الله عنه - أنه قام في الناس يوما فقال : اتقوا الله في السرائر وما ترخى عليه الستور ، ما بال أحدكم ينزع عن الخطيئة للنبطي يمر به والأمة من إمائه والله تعالى يقول {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} ويحكم فأجلوا مقام الله سبحانه وتعالى : ما يؤمن أحدكم أن يمسخه قردا أو خنزيرا بمعصيته إياه فإذا هو خزي في الدنيا وعقوبة في الآخرة ، فقال رجل من القوم : والله الذي لا إله إلا هو ليكونن ذاك يا ربيعة فنظر القوم من الحالف فإذا هو عبد الرحمن بن غنم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أم بظاهر من القول} قال : بظن {بل زين للذين كفروا مكرهم} قال : قولهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أم بظاهر من القول} قال : الظاهر من القول هو الباطل.
الآية 35.
أَخْرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {مثل الجنة} قال : نعت الجنة ليس للجنة مثل

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم التيمي - رضي الله عنه - في قوله {أكلها دائم} قال : لذتها دائمة في أفواههم.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن خارجة بن مصعب - رضي الله عنه - قال : كفرت الجهمية بآيات من القرآن قالوا : إن الجنة تنفد ومن قال تنفد فقد كفر بالقرآن ، قال الله تعالى (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) (سورة ص آية 54) وقال : (لا مقطوعة ولا ممنوعة) (سورة الواقعة آية 33) فمن قال أنها تنقطع فقد كفر ، وقال : عطاء غير مجذوذ فمن قال أنها تنقطع فقد كفر ، وقال {أكلها دائم وظلها} فمن قال أنها لا تدوم فقد كفر.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مالك بن أنس - رضي الله عنه - قال : ما من شيء من ثمار الدنيا أشبه بثمار الجنة من الموز لأنك لا تطلبه في صيف ولا شتاء إلا وجدته ، قال الله تعالى {أكلها دائم}.
الآيات 36 – 40
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} قال : أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرحوا بكتاب الله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وصدقوا به {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} يعني اليهود والنصارى والمجوس.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} قال : هذا من آمن برسول الله

صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب يفرحون بذلك ، وقرأ (ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به) (سورة يونس آية 40) {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} قال : الأحزاب الأمم اليهود والنصارى والمجوس منهم من آمن به ومنهم من أنكره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ومن الأحزاب} قال : من أهل الكتاب {من ينكر بعضه} قال : بعض القرآن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وإليه مآب} قال : إليه مصير كل عبد.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {ما لك من الله من ولي ولا واق} قال : من أحد يمنعك من عذاب الله تعالى.
وأخرج ابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبتل وقرأ قتادة - رضي الله عنه - {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك

وجعلنا لهم أزواجا وذرية}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سعد بن هشام قال : دخلت على عائشة - رضي الله عنها - فقلت : إني أريد أن أتبتل ، قالت : لا تفعل أما سمعت الله يقول {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربع من سنن المرسلين : التعطر والنكاح والسواك والختان ، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف بلفظ الختان والسواك والتعطر والنكاح من سنتي.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {لكل أجل كتاب} يقول : لكل كتاب ينزل من السماء أجل فيمحو الله من ذلك ما يشاء {ويثبت وعنده أم الكتاب}

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : قالت قريش حين أنزل {وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله} ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ من الأمر ، فأنزلت هذه الآية تخويفا لهم ووعيدا لهم {يمحو الله ما يشاء ويثبت} إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا ويحدث الله تعالى في كل رمضان فيمحو الله ما يشاء {ويثبت} من أرزاق الناس ومصائبهم وما يعطيهم وما يقسم لهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : ينزل الله تعالى في كل شهر رمضان إلى سماء الدنيا يدبر أمر السنة إلى السنة في ليلة القدر فيمحو ما يشاء ويثبت إلا الشقوة والسعادة والحياة والممات.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {يمحو الله ما يشاء} هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ثم يعود لمعصية الله تعالى فيموت على ضلاله فهو الذي يمحو والذي يثبت الرجل الذي يعمل بمعصية الله تعالى وقد سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله سبحانه وتعالى

وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : من أحد الكتابين هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت {وعنده أم الكتاب} أي جملة الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام من درة بيضاء له دفتان من ياقوت والدفتان لوحان لله كل يوم ثلاث وستون لحظة يمحو ما يشاء {ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينسخ الذكر في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت ، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهي داره التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها من بني آدم غير ثلاثة : النبيين والصديقين والشهداء ثم يقول : طوبى لمن نزلك ، ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته فتنتفض فيقول : قومي

بعزتي ثم يطلع إلى عباده فيقول : هل من مستغفر فأغفر له هل من داع فأجيبه حتى يصلى الفجر وذلك قوله (إن قرآن الفجر كان مشهودا) (سورة الإسراء آية 78) يقول : يشهده الله وملائكة الليل والنهار.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عمر - رضي الله عنهما - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {يمحو الله ما يشاء ويثبت} إلا الشقوة والسعادة والحياة والموت.
وأخرج ابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن الكلبي - رضي الله عنه - في الآية قال : يمحو من الرزق ويزيد فيه ويمحو من الأجل ويزيد فيه ، فقيل له : من حدثك بهذا قال : أبو صالح ، عَن جَابر بن عبد الله بن رباب الأنصاري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : ذلك كل ليلة القدر يرفع ويخفض ويرزق غير الحياة والموت والشقاوة والسعادة فإن ذلك لا يزول.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن علي - رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال له لأقرن عينيك بتفسيرها ولأقرن عين أمتي بعدي بتفسيرها الصدقة على وجهها وبر الوالدين واصطناع المعروف يحول الشقاء سعادة ويزيد في العمر ويقي مصارع السوء.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لا ينفع الحذر من القدر ولكن الله يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر.
وأخرج ابن جرير عن قيس بن عباد - رضي الله عنه - قال : العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن قيس بن عباد - رضي الله عنه - قال : لله أمر في كل ليلة العاشر من أشهر الحرم أما العشر من الأضحى فيوم النحر.
وَأَمَّا العشر من المحرم فيوم عاشوراء.
وَأَمَّا العشر من رجب ففيه {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : ونسيت ما قال

في ذي القعدة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال وهو يطوف بالبيت : اللهم إن كنت كتبت علي شقاوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي الدنيا في الدعاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : ما دعا عبد قط بهذه الدعوات إلا وسع الله له في معيشته يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول لا إله إلا أنت ظهر اللاجين وجار المستجيرين ومأمن الخائفين إن كنت كتبتني في أم الكتاب شقيا فامح عني اسم الشقاء وأثبتني عندك سعيدا وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروما مقترا علي رزقي فامح حرماني ويسر رزقي وأثبتني عندك سعيدا موفقا للخير فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن السائب بن ملجان من أهل الشام - وكان قد أدرك الصحابة رضي الله عنهم - قال : لما دخل عمر – رضي
الله عنه - الشام حمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا خطيبا كقيامي فيكم فأمر بتقوى الله وصلة الرحم وصلاح ذات البين وقال : عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة وإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد ، لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ومن ساءته سيئته وسرته حسنته فهو أمارة المسلم المؤمن وأمارة المنافق الذي لا تسوءه سيئته ولا تسره حسنته إن عمل خيرا لم يرج من الله في ذلك ثوابا وإن عمل شرا لم يخف من الله في ذلك الشر عقوبة وأجملوا في طلب الدنيا فإن الله قد تكفل بأرزاقكم وكل سيتم له عمله الذي كان عاملا استعينوا الله على أعمالكم فإنه يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب صلى الله على نبينا محمد وآله وعليه السلام ورحمة الله السلام عليكم ، قال البيهقي - رضي الله عنه - : هذه خطبة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على أهل الشام أثرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان أبو رومي من شر أهل زمانه وكان لا يدع شيئا من المحارم إلا ارتكبه وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول :

لئن رأيت أبا رومي في بعض أزقة المدينة لأضربن عنقه وإن بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتاه ضيف له فقال لامرأته : اذهبي إلى أبي رومي فخذي لنا منه بدرهم طعاما حتى ييسره الله تعالى ، فقالت له : إنك تبعثني إلى ابي رومي وهو من أفسق أهل المدينة ، ، فقال : اذهبي فليس عليك منه بأس إن شاء الله تعالى فانطلقت إليه فضربت عليه الباب فقال : من هذا قالت : فلانة ، قال : ما كنت لنا بزوارة ففتح لها الباب فأخذها بكلام رفث ومد يده إليها فأخذها رعدة شديدة ، فقال لها : ما شأنك قالت : إن هذا عمل ما عملته قط ، قال أبو رومي : ثكلت أبا رومي أمه هذا عمل عمله منذ هو صغير لا تأخذه رعدة ولا يبالي على أبي رومي عهد الله إن عاد لشيء من هذا أبدا فلما أصبح غدا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : مرحبا بأبي رومي وأخذ

يوسع له بالمكان وقال له يا ابا رومي ما عملت البارحة فقال : ما عسى أن أعمل يا نبي الله أنا شر أهل الأرض ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الله قد حول مكتبك إلى الجنة ، فقال {يمحو الله ما يشاء ويثبت}.
وأخرج يعقوب بن سفيان وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان أبو رومي من شر أهل زمانه وكان لا يدع شيئا من المحارم إلا ارتكبه فلما غد على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما رآه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من بعيد قال : مرحبا بأبي رومي وأخذ يوسع له المكان فقال : يا أبا رومي ما عملت البارحة قال : ما عسى أن أعمل يا نبي الله أنا شر أهل الأرض فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الله قد حول مكتبك إلى الجنة فقال {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : إن الله ينزل كل شيء يكون في السنة في ليلة القدر فيمحو ما يشاء من الآجال والأرزاق والمقادير إلا الشقاء والسعادة فإنهما ثابتان.
وأخرج ابن جرير عن منصور - رضي الله عنه - قال : سألت مجاهدا - رضي الله عنه - فقلت : أرأيت دعاء أحدنا يقول : اللهم إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم وإن كان في الأشقياء فامحه منهم واجعله في السعداء ، فقال : حسن ، ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر من ذلك فسألته عن ذلك فقال (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أم حكيم) (سورة الدخان آية 3 و4) قال : يعني في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، فأما كتاب الشقاء والسعادة فهو ثابت لا يغير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {يمحو الله ما يشاء

ويثبت} قال : إلا الحياة والموت والشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران.
وأخرج ابن جرير عن شقيق بن أبي وائل قال : كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الدعوات : اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود - رضي الله - أنه كان يقول : اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني في السعداء وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء وأثبتني في السعداء فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن كعب - رضي الله عنه - أنه قال لعمر - رضي الله عنه - يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة ، قال : وما هي قال : قول الله {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - في الآية قال : يقول : أنسخ ما شئت

وأصنع في الآجال ما شئت وإن شئت زدت فيها وإن شئت نقصت {وعنده أم الكتاب} قال : جملة الكتاب وعلمه يعني بذلك ما ينسخ منه وما يثبت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في المدخل عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : يبدل الله ما يشاء من القرآن فينسخه ويثبت ما يشاء فلا يبدله {وعنده أم الكتاب} يقول : وجملة ذلك عنده في أم الكتاب الناسخ والمنسوخ وما يبدل وما يثبت كل ذلك في كتاب الله تعالى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : هي مثل قوله (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) (سورة البقرة آية 106) وقوله {وعنده أم الكتاب} أي جملة الكتاب وأصله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال {يمحو الله

ما يشاء} : مما ينزل على الأنبياء {ويثبت} ما يشاء مما ينزل على الأنبياء {وعنده أم الكتاب} لا يغير ولا يبدل.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج - رضي الله عنه - {يمحو الله ما يشاء} قال : ينسخ {وعنده أم الكتاب} قال : الذكر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : يمحو الله الآية بالآية {وعنده أم الكتاب} قال : أصل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {لكل أجل كتاب} قال : أجل بني آدم في كتاب {يمحو الله ما يشاء} قال : من جاء أجله {ويثبت} قال : من لم يجيء أجله بعد فهو يجري إلى أجله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال : {يمحو الله} رزق هذا الميت {ويثبت} رزق هذا المخلوق الحي.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال : يثبت في البطن الشقاء والسعادة وكل شيء هو كائن فيقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء.
وأخرج الحاكم عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {يمحو الله ما

يشاء ويثبت} مخففة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وعنده أم الكتاب} قال : الذكر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - {وعنده أم الكتاب} قال : الذكر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن سيار عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سأل كعبا رضي الله عنه عن أم الكتاب فقال : علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون ، فقال لعلمه : كن كتابا ، فكان كتابا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي - رضي الله عنه - {وعنده أم الكتاب} يقول : عنده الذي لا يبدل.
الآيات 41 - 42.
أَخْرَج ابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {ننقصها من أطرافها} قال : ذهاب العلماء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن وابن

جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ننقصها من أطرافها} قال : موت علمائها وفقهائها وذهاب خيار أهلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ننقصها من أطرافها} قال : موت العلماء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال : كان عكرمة يقول : هو قبض الناس ، وكان الحسن يقول : هو ظهور المسلمين على المشركين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال : أو لم يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الأرض بعد الأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} يعني بذلك ما فتح الله على محمد صلى الله عليه وسلم فذلك نقصانها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن

أبي حاتم عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال : يعني أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان ينتقص له ما حوله من الأرضين فينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون ، وقال الله في سورة الأنبياء عليهم السلام (ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون) (سورة الأنبياء آية 44) قال : بل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم الغالبون.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عطية - رضي الله عنه - في الآية قال : نقصها الله من المشركين للمسلمين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي - رضي الله عنه - في قوله {ننقصها من أطرافها} قال : نفتحها لك من أطرافها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك - رضي الله عنه - {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال : أو لم يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم أرضا بعد أرض.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله {ننقصها من أطرافها} يقول : نقصان أهلها وبركتها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال : إنما تنقص الأنفس والثمرات وأما الأرض فلا تنقص

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي - رضي الله عنه - في الآية قال : لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك ولكن تنقص الأنفس والثمرات.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - في الآية قال : هو الموت ، لو كانت الأرض تنقص لم تجد مكانا تجلس فيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال : أو لم يروا إلى القرية تخرب حتى يكون العمران في ناحية منها.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ننقصها من أطرافها} قال : خرابها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أبي مالك - رضي الله عنه - {ننقصها من أطرافها} قال : القرية التي تخرب ناحية منها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - {والله يحكم لا معقب لحكمه} ليس أحد يتعقب حكمه فيرده كما يتعقب أهل الدنيا بعضهم حكم بعض فيرده

أما قوله تعالى : {فلله المكر جميعا}.
وَأخرَج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء : رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى علي.
الآية 43.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقف من اليمن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجدني في الإنجيل رسولا
قال : لا ، فأنزل الله {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} يقول : عبد الله بن سلام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال : قال عبد الله بن سلام : قد أنزل الله في القرآن {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير عن جندب - رضي الله عنه - قال : جاء عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - حتى أخذ بعضادتي باب المسجد ثم قال : أنشدكم بالله

أتعلمون أني أنا الذي أنزلت فيه {ومن عنده علم الكتاب} قالوا : اللهم نعم.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - أنه لقي الذين أرادوا قتل عثمان - رضي الله عنه - فناشدهم فيمن تعلمون نزل {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} قالوا : فيك.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ {ومن عنده علم الكتاب} قال : هو عبد الله بن سلام.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {ومن عنده علم الكتاب} قال : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في الآية قال : كان من أهل الكتاب قوم يشهدون بالحق ويعرفونه منهم عبد الله بن سلام والجارود وتميم الداري وسلمان الفارسي.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه ، وَابن عدي بسند ضعيف عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {ومن عنده علم الكتاب} قال : من عند الله علم الكتاب

وأخرج تمام في فوائده ، وَابن مردويه عن عمر - رضي الله عنه - أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {ومن عنده علم الكتاب} قال : من عند الله علم الكتاب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ {ومن عنده علم الكتاب} يقول : ومن عند الله علم الكتاب.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - أنه سئل عن قوله {ومن عنده علم الكتاب} أهو عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال : وكيف وهذه السورة مكية.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي - رضي الله عنه - قال : ما نزل في عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - شيء من القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {ومن عنده علم الكتاب} قال : جبريل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - {ومن عنده علم الكتاب} قال : هو الله عز وجل

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الزهري - رضي الله عنه - قال : كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شديدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق يوما حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسمعه وهو يقرأ (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لرتاب المبطلون) حتى بلغ (الظالمون) (سورة العنكبوت آية 48 - 49) وسمعه وهو يقرأ {ويقول الذين كفروا لست مرسلا} إلى قوله {علم الكتاب} فانتظره حتى سلم فأسرع في أثره فأسلم ، | 5

* مقدمة سورة إبراهيم.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال نزلت سورة إبراهيم عليه السلام بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن الزبير - رضي الله عنه - قال : نزلت سورة إبراهيم عليه السلام بمكة.
وأخرج النحاس في تاريخه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : سورة إبراهيم عليه السلام نزلت بمكة سوى آيتين نزلتا بالمدينة وهما : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} الآيتين نزلتا في قتلى بدر من المشركين ، (14)- سورة إبراهيم.
مكية وآياتها ثنتان وخمسون.
آية 1 - 4
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} قال : من الضلالة إلى الهدى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك - رضي الله عنه - في قوله : {يستحبون} قال : يختارون

وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الله فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء عليهم السلام ، قيل : ما فضله على أهل السماء قال : إن الله قال لأهل السماء : (ومن يقل منهم أني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم) (سورة الأنبياء آية 29) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم : (ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر) (سورة الفتح آية 2) فكتب له براءة من النار قيل له : فما فضله على الأنبياء قال : إن الله تعالى يقول {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم : (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (سورة سبأ آية 28) فأرسله إلى الإنس والجن.
وَأخرَج أحمد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يبعث الله نبيا إلا بلغة قومه.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان جبريل عليه السلام يوحى إليه بالعربيه وينزل هو إلى كل نبي بلسان قومه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} قال : بلغة قومه إن كان عربيا فعربيا وإن كان عجميا فعجميا وإن كان سريانيا فسريانيا ليبين لهم الذي أرسل الله إليهم ليتخذ بذلك الحجة علهم.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عمر - رضي الله - عنهما {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} قال : أرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي.
وأخرج ابن مردويه عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (إلا بلسان قومه) قال : نزل القرآن بلسان قريش.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : نزل القرآن بلسان قريش.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال : لم ينزل وحي إلا بالعربية ثم يترجم كل نبي لقومه بلسانهم ، قال : لسان يوم القيامة السريانية ومن دخل الجنة تكلم بالعربية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر - رضي الله عنهما - قال : لا تأكلوا ذبيحة المجوس ولا ذبيحة نصارى العرب أترونهم أهل الكتاب فإنهم ليسوا بأهل كتاب ، قال الله تعالى : {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين

لهم} وإنما أرسل عيسى عليه السلام بلسان قومه وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي فلا لسان عيسى عليه السلام أخذوا ولا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم اتبعوا فلا تأكلوا ذبائحهم فإنهم ليسوا بأهل كتاب.
آية 5 - 6.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد وعطاء وعبيد بن عمير في قوله : {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا} قال : بالبينات التسع : الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا ويده والسنين ونقص من الثمرات.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في
قوله : {أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور} قال : من الضلالة إلى الهدى.
وأخرج النسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وذكرهم بأيام الله} قال : بنعم الله وآلائه

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {وذكرهم بأيام الله} قال : نعم الله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : لما نزلت {وذكرهم بأيام الله} قال : وعظهم.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن سلمة عن علي أو الزبير قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك في وجهه كأنما يذكر قوما يصبحهم الأمر غدوة أو عشية وكان إذا كان حديث عهد بجبريل عليه السلام لم يبتسم ضاحكا حتى يرتفع عنه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {وذكرهم بأيام الله} قال : بالنعم التي أ نعم بها عليهم أنجاهم من آل فرعون وفلق لهم البحر وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع - رضي الله عنه - في قوله : {وذكرهم بأيام الله} قال : بوقائع الله في القرون الأولى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال : نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح - رضي الله عنه - في قوله : {لكل صبار شكور} قال : وجدنا أصبرهم أشكرهم وأشكرهم أصبرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي ظبيان عن علقمة عن ابن مسعود - رضي الله عنه قال : الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله ، قال : فذكرت هذا الحديث للعلاء بن يزيد - رضي الله عنه - فقال : أوليس هذا في القرآن {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} إن في ذلك لآيات للموقنين.
آية 7 - 8.
أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع - رضي الله عنه - في قوله : {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} قال : أخبرهم موسى عليه السلام عن ربه عز وجل أنهم إن شكروا النعمة زادهم من فضله وأوسع لهم في الرزق وأظهرهم على العالمين.
وأخرج عبد الله بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} قال : حق على الله أن يعطي من سأله ويزيد من شكره والله منعم يحب الشاكرين فاشكروا لله نعمه.
وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله : (لئن شكرتم لأزيدنكم)

قال : من طاعتي.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمانعن علي بن الصالح - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - في قوله {لئن شكرتم لأزيدنكم} قال : لا تذهب أنفسكم إلى الدنيا فإنها أهون على الله من ذلك ، ولكن يقول {لئن شكرتم} هذه النعمة إنها مني {لأزيدنكم} من طاعتي.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي زهير يحيى بن عطارد بن مصعب عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أعطي أحد أربعة فمنع أربعة ما أعطي أحد الشكر فمنع الزيادة لأن الله تعالى يقول : {لئن شكرتم لأزيدنكم} وما أعطي أحد الدعاء فمنع الإجابة لإن الله يقول : (ادعوني استجب لكم) وما أعطي أحد الاستغفار فمنع المغفرة لإن الله يقول : (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) (سورة نوح آية 10) وما أعطي أحد التوبة فمنع التقبل لإن الله يقول : (وهوالذي يقبل التوبة عن عباده) (سورة الشورى آية 25).

وأخرج أحمد والبيهقي عن أنس - رضي الله عنه - قال : أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها وأتاه آخر فأمر له بتمرة فقبلها وقال : تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال للجارية : اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهما التي عندها.
وأخرج البيهقي عن أنس - رضي الله عنه - : أن سائلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة فقال الرجل سبحان الله ، نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثيرة فأتاه آخر فسأله فأعطاه فقال تمرة من نبي لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت ولا أزال أرجو بركتها أبدا ، فأمر له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمعروف وما لبث الرجل أن استغنى.
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق مالك بن أنس عن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين قال - لما قال له سفيان الثوري - رضي الله عنه - : لا أقوم حتى تحدثني - قال جعفر - رضي الله عنه - : أما إني أحدثك وما كثرة الحديث بخير لك يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها فإن الله تعالى قال في كتابه : {لئن شكرتم لأزيدنكم} وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فإن الله قال في كتابه : (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين) (سورة نوح الآيات 10 - 11 - 12) يعني في الدنيا والآخرة (ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) (الشورى آية 25)

ياسفيان إذا أحزنك أمر من سلطان أوغيره فأكثر من لاحول ولا قوة إلا بالله فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربع من أعطيهن لم يمنع من الله أربعا : من أعطي الدعاء لم يمنع الاجابة قال الله : (ادعوني أستجب لكم) ومن أعطي الاستغفار لم يمنع المغفرة قال الله تعالى : (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) ومن أعطي الشكر لم يمنع الزيادة قال الله : {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن أعطي التوبة لم يمنع القبول قال الله : (وهوالذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات).
وأخرج ابن مرويه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة لإن الله تعالى يقول : {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول لإن الله يقول : (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده).
وأخرج البخاري في تاريخه والضياء المقدسي في المختارة عن أنس - رضي الله عنه - قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ألهم خمسة لم يحرم خمسة من ألهم الدعاء لم يحرم الإجابة لأن الله يقول : (ادعوني أستجب لكم) ومن ألهم التوبة لم يحرم القبول لأن الله يقول : (وهو الذي يقبل التوبة عن

عباده) ومن ألهم الشكر لم يحرم الزيادة لأن الله تعالى يقول : {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن ألهم الاستغفار لم يحرم المغفرة لأن الله تعالى يقول : (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) ومن ألهم النفقة لم يحرم الخلف لأن الله تعالى يقول : (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) (سورة سبأ آية 29).
آية 9.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقرؤها وعادا وثمودا والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال : كذب النسابون.
وأَخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عمرو بن ميمون - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج ابن الضريس عن أبي مجلز - رضي الله عنه - قال : قال رجل لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أنا أنسب الناس ، قال : إنك لا تنسب الناس ، قال : بلى ، فقال له علي - رضي الله عنه - أرأيت قوله تعالى : (وعادا وثمودا
وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا) (سورة الفرقان آية 38) قال : أنا أنسب ذلك الكثير ، قال : أرأيت قوله : {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} فسكت.
وأخرج أبو عيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال : ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان.

وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم {وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} يقولون : لا نصدقكم فيما جئتم به فإن عندنا فيه شكا قويا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم} قال : كذبوا رسلهم بما جاؤوهم من البينات فردوه عليهم بأفواههم وقالوا : {وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} وكذبوا ما في الله عز وجل شك أفي من فطر السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وأظهر لكم من النعم والآلاء الظاهرة ما لا يشك في الله عز وجل.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {فردوا أيديهم في أفواههم} قال : ردوا عليهم قولهم وكذبوهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - {فردوا أيديهم

في أفواههم} قال : عضوا عليها ، وفي لفظ : عضوا على أناملهم غيظا على رسلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن يزيد - رضي الله عنه - في قوله : {فردوا أيديهم في أفواههم}
قال : أدخلوا أصابعهم في أفواههم ، قال : وإذا غضب الإنسان عض على يده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي - رضي الله عنه - في قوله : {فردوا أيديهم في أفواههم} قال : هو التكذيب.
آية 10 - 12.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {ويؤخركم إلى أجل مسمى} قال : ما قد خط من الأجل فإذا جاء الأجل من الله لم يؤخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {ويؤخركم إلى أجل مسمى} قال : ما قد خط الأجل فإذا جاء الأجل من الله لم يؤخر.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي الد داء - رضي الله عنه - مرفوعا : إذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وما لنا ألا نتوكل على الله}
الآية ثم ترش حول فراشك.
وأخرج المستغفري في الدعوات عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : وإذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وما لنا ألا نتوكل على الله} الآية ، فإن كنتم مؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عنا ثم ترشه حول فراشك فإنك تبيت آمنا من شرها

آية 13 - 16.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنه - في الآية قال : كانت الرسل والؤمنون يستضعفهم قومهم ويقهرونهم ويكذبونهم ويدعونهم إلى أن يعودوا في ملتهم فأبى الله لرسله والؤمنين أن يعودوا في ملة الكفر وأمرهم أن يتوكلوا على الله وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم فأنجز الله لهم وعدهم واستفتحوا كما أمرهم الله أن يستفتحوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {ولنسكننكم الأرض من بعدهم} قال : وعدهم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، فبين اله تعالى من يسكنها من عباده فقال : (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (سورة الرحمن آية 46) وإن لله مقاما هو قائمه وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ودأبوا الليل والنهار.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) (سورة التحريم آية 6) تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة فخر فتى مغشيا عليه فوضع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو يتحرك فقال : يا فتى قل لا إله إلا الله ، فقالها
فبشره بالجنة فقال أصحابه : يا رسول الله أمن بيننا قال : أما سمعتم قوله تعالى : {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدنيا عن عبد العزيز بن أبي رواد - رضي الله عنه قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية (ياأيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) (سورة التحريم آية 6) ولفظ الحكيم لما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم هذه الآية تلاها على أصحابه وفيهم شيخ ، ولفظ الحكيم فتى ، فقال : يارسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا فقال : النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا ، فوقع مغشيا عليه فوضع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه فقال : قل لا إله إلا الله ، فقالها فبشره بالجنة : فقال أصحابه : يا رسول الله أمن بيننا فقال : نعم يقول الله عز وجل (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (سورة الرحمن آية 46) {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}.
وأخرج الحاكم من طريق حماد بن أبي حميد عن مكحول عن عياض بن سليمان - رضي الله عنه - وكانت له صحبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خيار أمتي فيما أنبأني الملأ الأعلى قوم يضحكون جهرا في سعة رحمة ربهم ويبكون سرا من خوف عذاب ربهم يذكرون ربهم بالغداة والعشي في البيوت الطيبة والمساجد ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا ويسألونه بأيدهم خفضا ورفعا ويقبلون بقلوبهم عودا وبدءا فمؤنتهم على الناس خفيفة وعلى أنفسهم ثقيلة يدبون بالليل حفاة على أقدامهم كدبيب النمل بلا روح ولا

بذخ يقرؤن القرآن ويقربون القربان ويلبسون الخلقان عليهم من الله تعالى شهود حاضرة وعين حافظة يتوسمون العباد ويتفكرون في البلاد أرواحهم في الدنيا وقلوبهم في الآخرة ليس لهم هم إلا أمامهم ، أعدوا الجواز لقبورهم والجواز لسلبهم والاستعداد لمقامهم ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} قال الذهبي - رضي الله عنه - هذا حديث عجيب منكر وأحسبه أدخل علي بن السماك - رضي الله - عنه يعني
شيخ الحاكم الذي حدثه به ، قال : ولا وجه لذكره في هذا الكتاب - يعني المستدرك - قال وحماد ضعيف ولكن لا يحتمل مثل هذا ومكحول مدلس وعياض لا يدري من هو ، انتهى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {واستفتحوا} قال للرسل كلها ، يقول : استنصروا ، وفي قوله : {وخاب كل جبار عنيد} قال : معاند للحق مجانب له.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {واستفتحوا} قال : استنصرت الرسل على قومها {وخاب كل جبار

عنيد} يقول : بعيد عن الحق معرض عنه أبى أن يقول لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي - رضي الله عنه - في قوله : {عنيد} قال : هوالناكب عن الحق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب - رضي الله عنه - قال : يجمع الله الخلق في صعيد واحد يوم القيامة : الجن والإنس والدواب والهوام فيخرج عنق من النار فيقول وكلت بالعزيز الكريم والجبار العنيد الذي جعل مع الله إلها آخر ، قال : فيلقطهم كما يلقط الطيرالحب فيحتوي عليهم ثم يذهب بهم إلى مدينة من النار يقال لها كيت وكيت فيثوون فيها عام قبل القضاء.
وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق فيقول : إني وكلت بثلاثة : بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج عنق من النار يوم القيامة فيتكلم بلسان طلق ذلق له عينان يبصر بهما ولسان يتكلم به فيقول : إني أمرت بكل جبار عنيد ومن دعا مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا

بغير نفس فتنضم عليهم فتقذفهم في النار قبل الناس بخمسمائة سنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : إن في جهنم واديا يقال له : هبهب حق على الله أن يسكنه كل جبار.
وأخرج الطستي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {كل جبار عنيد} قال : الجبار العيار والعنيد الذي يعند عن حق الله تعالى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : مصر على الحنث لا تخفى شواكله * يا ويح كل مصر القلب جبار.
وَأخرَج أحمد والترمذي والنسائي ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {ويسقى من ماء صديد يتجرعه} قال : يقرب إليه فيتكرهه فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره ، يقول

الله تعالى : (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) (سورة محمد آية 15) قال : (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) (سورة الكهف آية 29).
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {من ماء صديد} قال : ما يسيل بين جلد الكافر ولحمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله : {ويسقى من ماء صديد} قال : القيح والدم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن مجاهد في قوله : {من ماء صديد} قال : دم وقيح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {ويسقى من ماء صديد} قال : ماء يسيل من بين لحمه وجلده.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن - رضي الله عنه - قال لو أن دلوا من صديد جهنم دلي من السماء فوجد أهل الأرض ريحه لأفسد عليهم الدنيا.

آية - 17.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله : {ويأتيه الموت من كل مكان} قال : أنواع العذاب ، وليس منها نوع إلا الموت يأتيه منه لو كان يموت ولكنه لا يموت لأن الله لا يقضي عليهم فيموتوا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت} قال : تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فيجد لذلك راحة فتنفعه الحياة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران - رضي الله عنه - في قوله : {ويأتيه الموت من كل مكان} قال : من كل عظم وعرق وعصب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب - رضي الله عنه - في قوله : {ويأتيه الموت من كل مكان} قال : من كل عضو ومفصل.
وأخرج بن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي - رضي الله عنه - {ويأتيه الموت من كل مكان} قال : من كل موضع شعرة في جسده {ومن ورائه عذاب غليظ} قال : الخلود.
وأخرج ابن المنذر عن فضيل بن عياض في قوله : {ومن ورائه عذاب غليظ} قال حبس الأنفاس

آية 18 - 20.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد} قال : الذين كفروا بربهم عبدوا غيره
فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لايقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم كما لا يقدر على الرماد إذا أرسل في يوم عاصف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي - رضي الله عنه - في الآية قال : مثل أعمال الكفار كرماد ضربته الريح فلم ير منه شيء فكما لم ير ذلك الرماد ولم يقدر منه على شيء كذلك الكفار لم يقدروا من أعمالهم على شيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله : {كرماد اشتدت به الريح} قال : حملته الريح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {ويأت بخلق جديد} قال : بخلق آخر.
آية - 21.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله : {فقال

الضعفاء} قال : الأتباع {للذين استكبروا} قال : للقادة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - في قوله : {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا} قال : جزعوا مئة سنة وصبروا مئة سنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد - رضي الله عنه - في الآية قال : إن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا نبك ونتضرع إلى الله تعالى فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله ، فبكوا فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : تعالوا نصبر فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر ، فصبروا صبرا لم ير مثله فلما ينفعهم ذلك ، فعند ذلك قالوا : {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيما أحسب في قوله : {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} قال : يقول أهل النار : هلموا فلنصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما
رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : هلموا فلنجزع ، فيبكون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص}.
آية - 22

أخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذاجمع الله الأولين والآخرين وقضى بينهم وفرغ من القضاء يقول المؤمنون : قد قضى بيننا ربنا وفرغ من القضاء فمن يشفع لنا إلى ربنا فيقولون : آدم خلقه الله بيده وكلمه ، فيأتونه فيقولون : قد قضى ربنا وفرغ من القضاء قم أنت فاشفع إلى ربنا ، فيقول : ائتوا نوحا فيأتون نوحا عليه السلام فيدلهم على إبراهيم عليه السلام فيأتون إبراهيم عليه السلام فيدلهم على موسى عليه السلام فيأتون موسى عليه السلام فيدلهم على عيسى عليه السلام فيأتون عيسى عليه السلام فيقول : أدلكم على العربي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم إليه فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط ، حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ، ويقول الكافرون عند ذلك : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ما هو إلا إبليس ، فهو الذي أضلنا ، فيأتون إبليس فيقولون : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم قم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا ، فيقوم إبليس فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ثم يعظم لجهنم ويقول عند ذلك {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} ، الآية.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي - رضي الله عنه - في قوله : {وقال الشيطان لما

قضي الأمر} الآية ، قال إبليس يخطبهم فقال : {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله : {ما أنا بمصرخكم}
يقول : بمغن عنهم شيئا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال : فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم فنودوا (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) (سورة غافر 10) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - قال إذا كان يوم القيامة قام إبليس خطيبا على منبر من نار فقال : {إن الله وعدكم وعد الحق} إلى قوله : {وما أنتم بمصرخي} قال : بناصري {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال : بطاعتكم إياي في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي - رضي الله عنه - في هذه الآية قال : خطيبان يقومان يوم القيامة إبليس وعيسى بن مريم فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول.
وَأَمَّا عيسى عليه السلام فيقول : (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) ، (سورة المائدة آية 117).
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : إن من الناس من يذلله الشيطان كما يذلل أحدكم قعوده من الأبل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي اله عنه - في قوله : {ما أنا بمصرخكم وما أنتم

بمصرخي} قال : ما أنا بنافعكم وما أنتم بنافعي {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال : شركة عبادته.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {ما أنا بمصرخكم} قال : ما أنا بمغيثكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {بمصرخي} قال : بمغيثي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} يقول : عصيت الله فيكم.
آية - 23.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله : {تحيتهم فيها سلام} قال : الملائكة يسلمون عليهم في الجنة.
آية 24 - 26.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة} شهادة أن لا إله إلا الله إلا الله {كشجرة طيبة} وهومؤمن {أصلها ثابت} يقول : لا إله إلا الله {ثابت} في قول المؤمن {وفرعها في

السماء} يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء {ومثل كلمة خبيثة} وهي الشرك {كشجرة خبيثة} وهي الكافر {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} يقول الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان له ولا يقبل الله مع الشرك عملا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {ألم تر كيف ضرب الله مثلا} الآية ، قال : يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ، ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} يقول : يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار ، وفي قوله : {ومثل كلمة خبيثة} قال : ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر يقول : إن الشجرة الخبيثة {اجتثت} من فوق الأرض {ما لها من قرار} يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله تعالى فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء يقول : ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله : {كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت} في الأرض وكذلك كان يقرؤها ، قال : ذلك المؤمن ضرب

مثله ، قال : الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له {أصلها ثابت} قال : أصل عمله ثابت في الأرض {وفرعها في السماء} قال : ذكره في السماء {تؤتي أكلها كل حين} قال : يصعد عمله أول النهار وآخره {ومثل كلمة خبيثة} قال : هذا الكافر ليس له عمل في الأرض ولا ذكر في السماء {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} قال : أعمالهم يحملون أوزارهم على ظهورهم.
وأخرج ابن جرير عن عطية العوفي في قوله : {ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال : ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} قال : ذلك مثل الكافر لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله - عنه في قوله : {كشجرة طيبة} إلى قوله : {تؤتي أكلها كل حين} قال : تجتمع ثمرتها كل حين ، وهذا مثل المؤمن يعمل كل حين وكل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل وفي الشتاء وفي الصيف بطاعة الله ، قال : وضرب الله مثل الكافر {كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} يقول : ليس لها أصل ولا فرع وليست لها ثمرة وليست لها منفعة ، كذلك الكافر ليس يعمل خيرا ولا يقوله ولم يجعل الله تعالى

فيه بركة ولا منفعة له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : إن الله جعل طاعته نورا ومعصيته ظلمة ، إن الإيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع وإنه قد ضرب مثل الإيمان فقال : {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة} إلى قوله : {وفرعها في السماء} وإنما هي الأمثال في الإيمان والكفر ، فذكر أن العبد المؤمن المخلص هو الشجرة ، إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء ، إن الأصل الثابت الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له ثم إن الفرع هي الحسنة ، ثم يصعد عمله أول النهار وآخره فهي {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} ثم هي أربعة
أعمال إذا جمعها العبد : الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له وخشيته وحبه وذكره ، إذاجمع ذلك فلا تضره الفتن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - أن رجلا قال : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ، فقال : أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا فركب بعضها إلى بعض أكان يبلغ السماء ، أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء تقول : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله عشر مرات في دبر كل صلاة ، فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء.
أخرج الترمذي والنسائي والبراز وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي

حاتم ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أنس - رضي الله عنه - قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر فقال : {مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} حتى بلغ {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} قال : هي النخلة {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} حتى بلغ {ما لها من قرار} قال : هي الحنظلة.
وأخرج عبد الرزاق والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والرامهرمزي في الأمثال عن شعيب بن الحجاب - رضي الله عنه - قال : كنا عند أنس فأتينا بطبق عليه رطب فقال أنس - رضي الله عنه لأبي العالية - رضي الله عنه - كل يا أبا العالية فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله في كتابه ضرب الله مثلا طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها قال : هكذا قرأها يومئذ أنس ، قال الترمذي - رضي الله عنه - : هذا الموقوف أصح.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه بسند جيد عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {كشجرة طيبة} قال : هي التي لا ينقص ورقها ، هي النخلة

وأخرج البخاري ، وَابن جريروابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : اخبروني مثل الرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، قال عبد الله - رضي الله عنه - : فوقع في نفسي أنها النخلة فأردت أن أقول : هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم ، وثم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فلما لم يتكلما بشيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : لما نزلت هذه
الآية {ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون أي شجرة هذه قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هي النخلة ، قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فقلت والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لقد وقع في نفسي أنها النخلة ولكني كنت أصغر القوم لم أحب أن أتكلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هل تدرون ما الشجرة الطيبة قال ابن عمر - رضي الله عنهما - : فأردت أن أقول هي النخلة فمنعني مكان عمر ، فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن مسعود في قوله : !

{كشجرة طيبة} قال : هي النخلة.
وَأخرَج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {كشجرة طيبة} قال : هي النخلة {تؤتي أكلها كل حين} قال بكرة وعشية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : {كشجرة طيبة} قال : هي النخلة ، وقوله : {كشجرة خبيثة} قال : هي الحنظلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والرامهرمزي عن عكرمة - رضي الله عنهما - في قوله : {كشجرة طيبة} قال : هي النخلة لا يزال فيها شيء ينتفع به أما ثمرة وأما حطب ، قال : وكذلك الكلمة الطيبة تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {تؤتي أكلها كل حين} قال : كل ساعة بالليل والنهار والشتاء والصيف ، وذلك مثل المؤمن يطيع ربه بالليل والنهار والشتاء والصيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عباس - رضي الله عنهما - {تؤتي أكلها} قال : يكون أخضر ثم يكون أصفر

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {تؤتي أكلها كل حين} قال : جذاذ النخل.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين فقال : إن من الحين حينا يدرك ومن الحين حينا لا يدرك ، فالحين الذي لا يدرك قوله : (ولتعلمن نبأه بعد حين) (ص آية 88) والحين الذي يدرك {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} وذلك من حين تصرم النخلة إلى حين تطلع وذلك ستة أشهر.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني حلفت أن لا أكلم أخي حينا ، فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : أوقت شيئا ، قال : لا ، قال : فإن الله تعالى يقول : {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} فالحين سنة.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن علي - رضي الله عنه - قال : الحين ستة أشهر.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : الحين قد يكون غدوة وعشية.

وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن رجل حلف لا يكلم أخاه حينا ، قال : الحين ستة أشهر ، ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صرامها ستة أشهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق عكرمة قال : قال ابن عباس - رضي الله عنهما - الحين حينان : حين يعرف وحين لا يعرف ، فأما الحين الذي لا يعرف فقوله : (ولتعلمن نبأه بعد حين) (ص آية 88) وأما الحين الذي يعرف فقوله : {تؤتي أكلها كل حين}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {كل حين} قال : كل سنة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - قال أرسل إلي عمر بن عبد العزيز فقال : يامولى ابن عباس إني حلفت أن ل اأفعل كذا وكذا حينا فما
الحين الذي يعرف به فقلت إن من الحين حينا لا يدرك فقول الله : (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) (الإنسان آية 1) والله ما ندري كم أتى له إلى أن خلق وأما الذي يدرك فقوله : {تؤتي أكلها كل حين} فهو مابين العام إلى العام المقبل فقال : أصبت يا مولى ابن عباس ما أحسن ما قلت ،.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي

عن سعيد ابن المسيب قال : الحين يكون شهرين والنخلة إنما يكون حملها شهرين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - {تؤتي أكلها كل حين} قال : تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف.
وأخرج البيهقي عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {تؤتي أكلها كل حين} قال : في كل سبعة أشهر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {تؤتي أكلها كل حين} قال : هوشجر جوز الهند لا يتعطل من ثمر يحمل في كل شهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {كشجرة طيبة} قال : هي شجرة في الجنة ، وفي قوله : {كشجرة خبيثة} قال : هذا مثل ضربه الله لم يخلق الله هذه الشجرة على وجه الأرض.
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قلب العباد ظهرا وبطنا فكان خير العرب قريشا ، وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه : !

{مثلا كلمة طيبة} يعني القرآن {كشجرة طيبة} يعني بها قريشا {أصلها ثابت} يقول : أصلها كبير {وفرعها في السماء} يقول : الشرف الذي شرفهم الله بالإسلام الذي هداهم الله له وجعلهم من أهله.
وأخرج ابن مردويه من طريق حيان بن شعبة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله : {كشجرة خبيثة} قال : الشريان ، قلت لأنس : وما الشريان قال : الحنظل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر حميد بن زياد الخراط في الآية قال : الشجرة الخبيثة التي تجعل في المسكر.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قعد ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا هذه الآية {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} فقالوا : يا رسول الله نراه الكمأة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ، والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {اجتثت من فوق الأرض} قال : استؤصلت من فوق الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : اعقلوا من الله الأمثال.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : أن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال : ما تقول في الكلمة الخبيثة فقال : ما أعلم لها في الأرض مستقرا ولا في السماء مصعدا إلا أن تلزم صاحبها حتى يوافي بها القيامة

وأخرج ابن جرير من طريق قتادة رضي الله عنه عن أبي العالية : أن رجلا خالجت الريح رداءه فلعنها ، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تلعنها فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة على صاحبها.
آية - 27.
أخرج الطيالسي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله سبحانه : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه في قول الله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال : ذلك في القبر إن كان صالحا وفق وإن كان لا خير فيه وجد أثلة.

وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة في المصنف وأحمد بن حنبل وهناد بن السري في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه
والحاكم في صححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله - وكأن على رؤوسنا الطير - وفي يده عودا ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت ثم يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، قال : فتخرج ، تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء وإن كنتم ترون غير ذلك فيأخذها فاذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها أطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونها في الدنيا وحتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى تنتهي به إلى السماء السابعة فيقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ، فتعاد

روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك فيقول : ربي الله ، فيقولان له : ما دينك فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول : هو رسول الله ، فيقولان له : وما علمك فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ، فينادي مناد من السماء ان صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول له : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير ، فيقول له : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة ، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي ، قال : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل
إليه من السماء ملائكة سوء الوجوه معهم مسوح ، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه يقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة ، إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ، فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تفتح لهم أبواب السماء) (الحج آية 31) فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحا ، ثم قرأ

رسول الله صلى الله عليه وسلم {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} (الحج آية 31) فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك فيقول : من ربك هاه ، هاه ، لا أدري ، فيقولان له : ما دينك فيقول : هاه ، هاه لا أدري فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول : هاه ، هاه ، لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ، فوجهك الوجه يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب لا تقم الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن البراء بن عازب رضي الله عنه {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} قال : التثبيت في الحياة الدنيا إذا جاء الملكان إلى الرجل والقبر فقالا له : من ربك قال : ربي الله ، قالا : وما دينك قال : ديني الإسلام قالا : ومن نبيك قال : نبيي محمد فذلك التثبيت في الحياة الدنيا.

وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال : {في الآخرة} القبر.
وأخرج ابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال : المخاطبة في القبر : من ربك وما دينك ومن نبيك ،.
وَأخرَج ابن مردويه عن عائشة قالت : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قول الله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال : هذا في القبر.
وأخرج البيهقي في عذاب القبر عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بي يفتن أهل القبور وفيه نزلت {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}.

وأخرج البزار عن عائشة قالت : قلت يارسول الله تبتلى هذه الأمة في قبورها فكيف بي وأنا امرأة ضعيفة قال : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال وذكر قبض روح المؤمن : فيأتيه آت فيقول : من ربك فيقول : الله ، فيقول : وما دينك فيقول : الإسلام ، فيقول : ومن نبيك فيقول : محمد ، ثم يسأل الثانية فيقول مثل ذلك ثم يسأل الثالثة ويؤخذ أخذا شديدا فيقول مثل ذلك ، فذلك قول الله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في عذاب القبر عن ابن عباس قال : إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة فسلموا عليه وبشروه بالجنة فإذا مات مشوا معه في جنازته ثم صلوا عليه مع الناس فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له : من ربك فيقول : ربي الله ، فيقال له : من رسولك فيقول : محمد ، فيقال له : ما شهادتك فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : {يثبت الله الذين آمنوا} الآية ، فيوسع له في قبره مد بصره.
وَأَمَّا الكافر فتنزل الملائكة فيبسطون أيديهم - والبسط هو الضرب - يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت فإذا دخل قبره أقعد فقيل له من ربك فلم يرجع
إليهم شيئا ، وأنساه الله ذكر ذلك ، وإذا قيل له : من

الرسول الذي بعث إليكم لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئا ، فذلك قوله : {ويضل الله الظالمين}.
وأخرج ابن جرير والطبراني والبيهقي في عذاب القبر عن ابن مسعود قال : إن المؤمن اذا مات أجلس في قبره فيقال له : من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول : ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد ، فيوسع له في قبره ويفرج له فيه ، ثم قرأ {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} الآية ، وإن الكافر إذا دخل قبره أجلس فقيل له : من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول لا أدري ، فيضيق عليه قبره ويعذب فيه ، ثم قرأ ابن مسعود (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) (طه آية 124).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن منده والطبراني في الأوسط عن أبي قتادة الأنصاري قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره فيقال له : من ربك فيقول : الله ، فيقال له : من نبيك فيقول : محمد بن عبد الله ، فيقال له ذلك ثلاث مرات ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له : انظر إلى منزلتك لو زغت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له انظر إلى منزلك في الجنة أن ثبت ، وإذا مات الكافر أجلس في قبر فيقال : من ربك من نبيك ، فيقول : لا أدري ، كنت أسمع الناس يقولون ، فيقال له : لا دريت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له انظر إلى منزلك لو ثبت ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له : انظر إلى منزلك إذ زغت ، فذلك قوله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة

الدنيا} قال : لا إله إلا الله {وفي الآخرة} قال : المسألة في القبر.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في ذكر الموت ، وَابن أبي عاصم في السنة والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والبيهقي في عذاب القبر بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة فقال : ياأ يها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه جاءه ملك في يده مطراق فأقعده قال : ما تقول في هذا الرجل فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول له : صدقت ، ثم يفتح له باب إلى النار
فيقول له : هذا كان منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت فهذا منزلك ، فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقول له : اسكن ، ويفسح له في قبره ، وإن كان كافرا أو منافقا قيل له : ما تقول في هذا الرجل فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا ، فيقول لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول : هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت به فإن الله أبدلك منه هذا ويفتح له باب إلى النار ثم يقمعه مقمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلها غيرالثقلين ، فقال بعض القوم : يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هبل عند ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}.

وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : شهدنا جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من دفنها وانصرف الناس قال : إنه الآن يسمع خفق نعالكم أتاه منكر ونكير ، عيناهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما مثل الرعد فيجلسانه فيسألانه ما كان يعبد ومن نبيه ، فإن كان ممن يعبد الله قال : كنت أعبد الله ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه ، فذلك قوله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} فيقال له : على اليقين حييت وعليه مت وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ويوسع له في حفرته ، وإن كان من أهل الشك قال : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، فيقال له : على الشك حييت وعليه مت وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى النار ويسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئا تنهشه وتؤمر الأرض فتنضم عليه حتى تختلف أضلاعه.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده إن الميت إذا وضع في قبره إنه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه والزكاة عن يمينه والصوم عن شماله ، وفعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس من قبل رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة : ليس

قبلي مدخل ، فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة : ليس قبلي مدخل ، ويؤتى من قبل شماله فيقول الصوم : ليس قبلي
مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس : ليس قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، فيجلس وقد مثلت له الشمس قد قربت للغروب فيقال : أخبرنا عما نسألك ، فيقول : دعني حتى أصلي ، فيقال : إنك ستفعل فأخبرنا عما نسألك ، فيقول : عم تسألوني فيقال له : ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم - يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - فيقول : أشهد أنه رسول الله جاءنا بالبينات من عند ربنا فصدقنا واتبعنا ، فيقال له : صدقت ، على هذا حييت وعلى هذا مت وعليه تبعث إن شاء الله ، ويفسح له في قبره مد بصره ، فذلك قول الله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} ويقال : افتحوا له بابا إلى النار فيقال : هذا كان منزلك لو عصيت الله ، فيزداد غبطة وسرور فيعاد الجسد إلى ما بدا منه من التراب ويجعل روحه في النسيم الطيب وهي طير خضر تعلق في شجر في الجنة.
وَأَمَّا الكافر فيؤتى في قبره من قبل رأسه فلا يوجد شيء ، فيؤتى من قبل رجليه فلا يوجد شيء ، فيجلس خائفا مرعوبا ، فيقال له : ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم وما تشهد به فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول سمعت الناس يقولون شيئا فقلت كما قالوا : فيقال له : صدقت ، على هذا

حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، فذلك قوله تعالى : (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) (طه آية 124) ، فيقال : افتحوا له بابا إلى الجنة ، فيفتح له باب إلى الجنة ، فيقال هذا منزلك وما أعد الله لك لو كنت أطعته فيزداد حسرة وثبورا ، ثم يقال : افتحوا له بابا إلى النار فيفتح له باب إليها فيقال له : هذا منزلك وما أعد الله لك فيزداد حسرة وثبورا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن أبي هر يرة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال : ذاك إذا قيل في القبر : من ربك وما دينك فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى من الله فآمنت به وصدقت ، فيقال له : صدقت على هذا عشت وعليه مت وعليه تبعث.

وأخرج ابن جرير ، عَن طاووس في قوله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} الآية ، هي فتنة القبر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن المسيب بن رافع رضي الله عنه في قوله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} الآية ، قال : نزلت في صاحب القبر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : نزلت في الميت الذي يسأل في قبره عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {يثبت الله الذين آمنوا} الآية ، قال : هذا في القبر ومخاطبته.
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس رضي الله عنه {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} قال : لا إله إلا الله {وفي الآخرة} قال المسألة في القبر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}

قال : أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح.
وَأَمَّا قوله : {وفي الآخرة} ففي القبر.
وَأخرَج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : {يثبت الله الذين آمنوا} قال : هو المؤمن في قبره عند محنته يأتيه

ممتحناه فيقولان : من ربك وما دينك ومن نبيك ، فيقول : الله ربي وديني الإسلام ، فيقولان : ثبتك الله لما يحب ويرضى ، ويفسحان له في قبره مد البصر ويفتحان له بابا إلى الجنة ويقولان : نم قرير العين نومة الشاب النائم الآمن في خير مقيل ، وفيه نزلت (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) (الفرقان آية 24).
وَأَمَّا الكافر فإنهما يقولان : من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول : لا أدري ، فيقولان : لا دريت ولا اهتديت ، فيضربانه بسوط من النار يذعر لها كل دابة ما خلا الجن والإنس ثم يفتحان له بابا إلى النار ويضيق عليه قبره حتى يخرج دماغه من بين أظفاره ولحمه.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضع الميت في قبره جاءه ملكان فسألاه فقالا : كيف تقول في هذا الرجل الذي
كان بين أظهركم الذي يقال له محمد فلقنه الله الثبات وثبات القبر خمس : أن يقول العبد : ربي الله وديني الإسلام ، ونبيي محمد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم قالا له : اسكت فإنك عشت مؤمنا ومت مؤمنا وتبعث مؤمنا ، ثم أرياه منزله من الجنة يتلألأ بنور عرش الرحمن.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن مردويه من طريق قتادة رضي الله عنه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا وضع في قبر وتولى

عنه أصحابه : إنه ليسمع قرع نعالهم يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل - زاد ابن مردويه : - الذي كان بين أظهركم الذي يقال له محمد صلى الله عليه وسلم قال : فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فيراهما جميعا قال قتادة رضي الله عنه : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا.
وَأَمَّا المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : لا أدري كنت أقول كما يقول الناس ، فيقال له لا دريت ولا تليت ، ويضرب بمطراق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن مردويه والبيهقي في عذاب القبر عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذه الأمة تبتلى في قبورها وإن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فسأله : ما كنت تعبد فإن الله هداه قال : كنت أعبد الله ، فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول هو عبد الله ورسوله ، فما يسأل عن شيء بعدها فينطلق إلى بيت كان له في النار فيقال له : هذا بيتك كان لك في النار ولكن الله عصمك ورحمك فأبدلك بيتا في الجنة ، فيقول : دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي ، فيقال له : اسكن ، وإن الكافر

إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له : ماكنت تعبد فيقول : لا أدري ، فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : كنت أقول ما يقول الناس ، فيضربونه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق إلا الثقلين.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط والبيهقي من طريق ابن الزبير رضي الله عنه أنه سأل جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن فتاني القبر
فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا أدخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه جاءه ملك شديد الانتهار فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول المؤمن : أقول إنه رسول الله وعبده ، فيقول الملك : انظر إلى مقعدك الذي كان من النار قد أنجاك الله منه وأبدله بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنة ، فيراهما كليهما فيقول المؤمن : دعوني أبشر أهلي ، فيقال له : اسكن.
وَأَمَّا المنافق فيقعد إذا تولى عنه أهله فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : لا أدري ، أقول ما يقول الناس ، فيقال له : لا دريت ، هذا مقعدك الذي كان لك من الجنة قد أبدلك الله مكانه مقعدك من النار ، قال جابر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يبعث كل عبد في القبر على ما مات المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه.

وأخرج ابن أبي عاصم في السنة ، وَابن مردويه والبيهقي من طريق أبي سفيان ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضع المؤمن في قبره أتاه ملكان فانتهراه فقام يهب كما يهب النائم فيقال له : من ربك فيقول : الله ربي والإسلام ديني ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي ، فينادي مناد أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة فيقول : دعوني أخبر أهلي ، فيقال له : اسكن.
وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنت ياعمر إذا انتهى بك إلى الأرض فحفر لك ثلاثة أذرع وشبر في ذراع وشبر ثم أتاك منكر ونكير أسودان يجران شعرهما كأن أصواتهما الرعد القاصف وكأن أعينهما البرق الخاطف يحفران الأرض بأنيابهما فأجلساك فزعا فتلتلاك وتوهلاك ، فقال : يا رسول الله وأنا يومئذ على ما أنا عليه قال : نعم ، قال : أكفيكهما بإذن الله يا رسول الله.

وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون ثم يجلس فيقال له : من ربك فيقول الله ربي ، ثم يقال له : ما دينك فيقول : الإسلام ، ثم يقال له من نبيك فيقول : محمد ، فيقال : وما علمك فيقول : عرفته وآمنت به وصدقت بما جاء به من الكتاب ، ثم يفسح له في قبره مد البصر ويجعل روحه مع أرواح المؤمنين.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : اسم الملكين اللذين يأتيان في القبر منكر ونكير.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة ، وَابن عدي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتاني القبر فقال عمر رضي الله عنه : أترد إلينا عقولنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم كهيئتكم اليوم ، فقال عمر بفيه الحجر.

وأخرج ابن أبي داود في البعث والحاكم في التاريخ والبيهقي في عذاب القبر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنت إذا كنت في أربعة أذرع في ذراعين ورأيت منكر ونكير قلت : يا رسول الله وما منكر ونكير ، قال : فتانا القبر يبحثان الأرض بأنيابهما ويطآن في أشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف ، معهما مرزبة لو أجتمع عليهما أهل منى لم يطيقوا رفعها هي أيسر عليهما من عصاي هذه فامتحناك فإن تعاييت أو تلويت ضرباك ضربة تصير بها رمادا ، قلت يا رسول وأنا على حالي هذه قال : نعم ، قلت : إذا أكفيكهما.
وَأخرَج الترمذي وحسنه ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن أبي عاصم والآجري والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر والآخر نكير ، فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول ما كان يقول : هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله ، فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ، ثم

يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه فيقال له : نم ، فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولون : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك فإن كان منافقا قال : سمعت الناس يقولون فقلت مثله لا أدري ، فيقولون : قد كنا نعلم أنك كنت تقول ذلك ، فيقال للأرض : التئمي عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : كيف أنت إذا رأيت منكرا ونكيرا قال : وما منكر ونكير
قال : فتانا القبر أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن في أشعارهما ويحفران بأنيابهما ، معهما عصا من حديد لو أجتمع عليها أهل منى لم يقلوها.
وأخرج البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور فيقال ما علمكم بهذا الرجل فأما المؤمن أوالموقن فيقول : هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا ، فيقال له : قد علمنا إن كنت لمؤمنا ثم

صالحا.
وَأَمَّا المنافق أو المرتاب فيقول لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلت.
وأخرج أحمد عن أسماء رضي الله عنهاعن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا أدخل الإنسان قبره فإن كان مؤمنا أحف به عمله الصلاة والصيام ، فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده ومن نحو الصيام فيرده فيناديه : اجلس ، فيجلس فيقول له : ما تقول في هذا الرجل - يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - قال من قال محمد قال أشهد أنه رسول الله ، فيقول : وما يدريك أدركته قال : أشهد أنه رسول ، فيقول : على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث ، وإن كان فاجرا أو كافرا جاءه الملك وليس بينه وبينه شيء يرده فأجلسه وقال : ما تقول في هذا الرجل قال : أي رجل قال : محمد ، فيقول : والله ما أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، فيقول له الملك : على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث ، ويسلط عليه دابة في قبره معها سوط ثمرته جمرة مثل عرف البعير يضربه ما شاء الله ، لا تسمع صوته فترحمه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت يهودية فاستطعمت

على بابي فقالت : أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر فلم أزل أحسبها حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يارسول الله ما تقول هذه اليهودية ، قال : وما تقول قلت : تقول أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر ثم قال : أما فتنة الدجال فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته وسأحذركموه بحديث لم يحدثه نبي أمته إنه أعور والله ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن.
وأما فتنة القبر فبي تفتنون وعني تسألون فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشغوف ثم يقال له : فيم كنت فيقول : في الإسلام فيقال : ما هذا الرجل الذي كان فيكم فيقول : محمد رسول الله جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه ، فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال : هذا مقعدك منها ، ويقال : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ، وإذا كان الرجل السوء جلس في

قبره فزعا مشغوفا فيقال له : فيم كنت فيقول : لا أدري ، فيقال : ماهذا الرجل الذي كان فيكم فيقول : سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال : انظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا ويقال : هذا مقعدك منها على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية ، عَن طاووس رضي الله عنه قال : إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام.
وأخرج ابن جرير في مصنفه عن الحارث بن أبي الحرث عن عبيد بن عمير قال : يفتن رجلان : مؤمن ومنافق فأما المؤمن فيفتن سبعا.
وَأَمَّا المنافق فيقتن أربعين صباحا.
وأخرج ابن شاهين في السنة عن راشد بن سعد رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : تعلموا حجتكم فإنكم مسؤولون حتى إنه كان أهل البيت من الأنصار يحضر الرجل منهم الموت فيوصونه والغلام إذا عقل فيقولون له : إذا

سألوك : من ربك فقل : الله ربي ، وما دينك فقل الإسلام ديني ، ومن نبيك فقل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبونعيم عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على قبر رجل من أصحابه حين فرغ منه فقال له : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم نزل بك وأنت خير منزول به جاف الأرض عن جنبيه وافتح أبواب السماء لروحه واقبله منك بقبول حسن وثبت عند المسائل منطقه.
وأخرج أبو داود والحاكم والبيهقي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : مر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة عند قبره وصاحبه يدفن فقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على القبر بعدما يسوى عليه فيقول : اللهم نزل بك صاحبنا وخلف الدنيا خلف ظهره اللهم ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله في قبره بما لا طاقة به.

وأخرج الطبراني ، وَابن منده عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب عليه فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل : يا فلان بن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب ثم يقول : يا فلان بن فلانة فإنه يستوي قاعدا ثم يقول : يا فلان بن فلانة فإنه يقول : ارشدنا رحمك الله ولكن لا يشعرون فليقل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما ، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما يقعدنا عند من لقن حجته فيكون حجيجه دونهما ، قال رجل : يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال : ينسبه إلى حواء يا فلان ابن حواء.
وأخرج ابن منده عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إذا مت فدفنتموني فليقم إنسان عند رأسي فليقل : ياصدي بن عجلان اذكر ما كنت عليه في الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
وأخرج سعيد بن منصور عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب

وحكيم بن عمير قالوا : إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه كان يستحب أن يقال للميت عند قبره : يا فلان قل لا إله إلا الله ثلاث مرات يا فلان قل ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عمرو بن مرة رضي الله عنه قال : كانوا يستحبون إذا وضع الميت في اللحد أن يقال : اللهم أعذه من الشيطان الرجيم.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال : إذا سئل الميت من ربك ترايا له الشيطان في صورة فيشير إلى نفسه أني أنا ربك.
وأخرج النسائي عن راشد بن سعد رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ، فقال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : خدم رسول الله رجل من الأشعريين

سبع حجج فقال : إن لهذا علينا حقا ادعوه فليرفع إلينا حاجته فدعوه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفع إلينا حاجتك ، فقال : يا رسول الله دعني حتى أصبح فأستخير الله ، فلما أصبح دعاه فقال : يا رسول الله أسألك الشفاعة يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ميمون بن أبي شبيب رضي الله عنه قال : أردت الجمعة في زمان الحجاج فتهيأت للذهاب وقلت : أين أذهب أصلي خلف هذا فقلت مرة أذهب ومرة لا أذهب فناداني مناد من جهة البيت (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) (الجمعة آية 9) قال : وجلست مرة أكتب كتابا فعرض لي شيء إن أنا كتبته زين كتابي وكنت قد كذبت وإن أنا تركته كان في كتابي بعض القبح وكنت قد صدقت ، فقلت : مرة أكتبه وقلت : مرة لا أكتبه ، فأجمع رأيي على تركه فتركته فناداني مناد من جانب البيت {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} الآية

آية 29 - 34
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم كفار أهل مكة.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هما الأفجران من قريش : بنو المغيرة وبنو أمية ، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر.
وَأَمَّا بنو أمية فمتعوا إلى حين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين هذه الآية {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم الأفجران من قريش : أخوالي وأعمامك ، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر.
وَأَمَّا أعمامك فأملى الله لهم إلى حين.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والحاكم وصححه من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : !

{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر.
وَأَمَّا بنو أمية فمتعوا إلى حين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي الطفيل رضي الله عنه أن ابن الكواء رضي الله عنه سأل عليا رضي الله عنه من {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم الفجار من قريش كفيتهم يوم بدر ، قال :
فمن (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) (الكهف آية 104) قال : منهم أهل حروراء.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : بنو أمية وبنو مخزوم رهط أبي جهل.
وأخرج ابن مردويه عن ارطأة رضي الله عنه : سمعت عليا رضي الله عنه على المنبر يقول : {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} الناس منها برآء غير قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي حسين رضي الله عنه قال : قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه

فقال ألا أحد يسألني عن القرآن فوالله لو أعلم اليوم أحد أعلم به مني وإن كان من وراء البحور لأتيته ، فقام عبد الله بن الكواء رضي الله عنه فقال : من {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم مشركو قريش أتتهم نعمة الله الإيمان فبدلوا قومهم دار البوار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم في الكنى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم كفار قريش الذين نحروا يوم بدر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال هم المشركون من أهل بدر.
وأخرج مالك في تفسيره عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله : {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآية في الذين قتلوا من قريش يوم بدر {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال : هم قريش ، ومحمد النعمة ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي{ار الكتاب والحمد لله رب العالمين}

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ج35. كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر ال...