مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط

مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط
/ / / / / / /

Translate

السبت، 11 فبراير 2023

ج27.وج28.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

ج27.وج28.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

ج27. كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم ، ان يؤخذوا فتضرب أعناقهم {سنة الله في الذين خلوا من قبل} كذلك كان يفعل بمن مضى من الأمم {ولن تجد لسنة الله تبديلا} قال : فمن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقتل فليس على قاتله دية لأنه مكابر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لنغرينك بهم} قال : لنسلطنك عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله {لئن لم ينته المنافقون} قال : لا أعلم أغري بهم حتى مات.
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال
له : اخبرني عن قوله {لنغرينك بهم} قال : لنولعنك قال الحارث بن حلزة : لا تخلنا على غرائك انا * قلما قد رشى بنا الأعداء.
- قوله تعالى : يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا * إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنل الرسولا.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل شيء في

القرآن {وما يدريك} فلم يخبره به وما كان {ما أدراك} فقد أخبره.
- قوله تعالى : وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} أي رؤوسنا في الشر والشرك {ربنا آتهم ضعفين من العذاب} يعني بذلك جهنم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {سادتنا وكبراءنا} قال : منهم أبو جهل بن هشام.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي ، وَابن جَرِير وابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى عليه السلام كان رجلا حييا ستيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فاذاه من أذاه من بني اسرائيل وقالوا ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده ، اما برص واما أدرة وأما آفة وان الله أراد أن يبرئه مما قالوا وان موسى عليه السلام خلا يوما وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ

أقبل إلى ثيابه ليأخذها وان الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عليه السلام عصاه وطلب الحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني اسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه فوالله ان بالحجر لندبا من أثر ضربه ، ثلاثا ، أو أربعا أو خمسا ، فذلك قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}.
وأخرج البزار ، وَابن الانباري في المصاحف وة عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان موسى رجلا حييا وانه أتى ليغتسل فوضع ثيابه على صخرة وكان لا يكاد تبدو عورته فقالت بنو اسرائيل : ان موسى عليه السلام آدر به آفة - يعنون انه لا يضع ثيابه - فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني اسرائيل فنظروا إلى موسى عليه السلام كأحسن الرجال فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.


وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى بن عمران كان اذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء.
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} قال : قال له قومه : انه آدر ، فخرج ذات يوم يغتسل فوضع ثيابه على صخرة فخرجت الصخرة تشتد بثيابه فخرج موسى عليه السلام يتبعها عريانا حتى انتهت به إلى مجالس بني اسرائيل فرأوه وليس بآدر فذلك قوله {فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.
وأخرج ابن منيع ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} قال : صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون عليه السلام فقالت بنو اسرائيل لموسى عليه السلام : أنت قتلته كان أشد حبا لنا منك وألين فآذوه من ذلك فأمر الله الملائكة عليهم السلام فحملته فمروا به على مجالس بني اسرائيل وتكلمت الملائكة عليهم السلام بموته فبرأه الله من ذلك فانطلقوا به فدفنوه ولم يعرف قبره إلا الرخم وان الله جعل أصم أبكم.


وأخرج الحاكم وصححه من طريق السدي رضي الله عنه عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن مرة عن ابن مسعود رضي الله عنه وناس من الصحابة ، ان الله أوحى إلى موسى عليه السلام : اني متوف هارون فائت به جبل كذا وكذا ، فانطلقا نحو الجبل فاذا هم بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيب فلما نظر هارون عليه السلام إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه قال : يا موسى أني أحب أن أنام على هذا السرير قال : نم عليه قال : نم معي ، فلما ناما أخذ هارون عليه السلام الموت فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير إلى السماء فلما رجع موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل قالوا : قتل هارون عليه السلام وحسده حب بني اسرائيل له وكان هارون عليه السلام أكف عنهم وألين لهم وكان موسى عليه السلام فيه بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال : ويحكم انه كان أخي أفتروني أقتله فلما أكثروا عليه قام يصلي ركعتين ثم دعا الله فنزلت الملائكة بالسرير حتى نظروا اليه بين السماء والارض فصدقوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} قال : لا تؤذوا محمدا كما آذى قوم موسى ، موسى.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قسم

رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقال رجل : ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه ثم قال رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وكان عند الله وجيها} قال : مستجاب الدعوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سنان عمن حدثه في قوله {وكان عند الله وجيها} قال : ما سأل موسى عليه السلام ربه شيئا قط إلا أعطاه إياه إلا النظر.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما *.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ثم قال على مكانكم اثبتوا ثم أتى الرجال فقال : ان الله أمرني أن آمركم ان تتقوا الله وان تقولوا قولا سديدا ثم أتى النساء فقال : ان الله أمرني ان آمركن ان تتقين الله وان تقلن قولا سديدا.


وأخرج أحمد في الزهد وأبو داود في المراسيل عن عروة رضي الله عنه قال : أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر إلا سمعته يقول {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج سمويه في فوائده عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خطب الناس أو علمهم لا يدع هذه الآية أن يتلوها {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} إلى قوله {فقد فاز فوزا عظيما}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : ما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر قط إلا تلا هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن قوله {قولا سديدا} قال : قولا عدلا حقا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب :
أمين على ما استودع الله قلبه * فان قال قولا كان فيه مسددا

وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد رضي الله عنه في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : صدقا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قولا سديدا} قال : عدلا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قولا سديدا} قال : سدادا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : قولوا لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : قولوا لا إله إلا الله ،.
- قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما.


أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في كتاب الأضداد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا عرضنا الأمانة} الآية ، قال : الامانة الفرائض عرضها الله على السموات والأرض والجبال ان أدوها أثابهم وان ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك واشفقوا من غير معصية ولكن تعظيما لدين الله ان لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها ، وهو قوله {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} يعني غرا بأمر الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض} قال : الأمانة : ما أمروا به
ونهوا عنه ، وفي قوله {وحملها الإنسان} قال : آدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم قال : ان الله عرض الأمانة على السماء الدنيا فأبت ثم التي تليها حتى فرغ منها ثم الأرض ثم الجبال ثم عرضها على آدم عليه السلام فقال : نعم ، بين أذني وعاتقي قال الله فثلاث آمرك بهن فانهن لك عون ، اني جعلت لك بصرا وجعلت لك شفرتين ففضهما عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك لسانا بين لحيين فكفه عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك فرجا وواريته فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك.


وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري عن ابن جريج رضي الله عنه في الاية قال : بلغني ان الله تعالى لما خلق السموات والأرض والجبال قال اني فارض فريضة وخالق جنة ونارا وثوابا لمن أطاعني وعقابا لمن عصاني فقالت السماء : خلقتني فسخرت في الشمس والقمر والنجوم والسحاب والريح والغيوب فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الأرض خلقتني وسخرتني فجرت في الأنهار فأخرجت مني الثمار وخلقتني لما شئت فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الجبال : خلقتني رواسي الأرض فأنا على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا ابغي ثوابا ولا عقابا فلما خلق الله آدم عرض عليه فحمله {إنه كان ظلوما} ظلمه نفسه في خطيئته {جهولا} بعاقبة ما تحمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لما خلق الله السموات والأرض والجبال عرض الأمانة عليهن فلم يقبلوها فلما خلق آدم عليه السلام عرضها عليه قال : يا رب وما هي قال : هي ان أحسنت أجرتك وان أسأت عذبتك قال : فقد تحملت يا رب قال : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج إلا قدر ما بين الظهر والعصر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جرير

وابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في كتاب الاضداد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا عرضنا الأمانة} قال : عرضت على آدم عليه السلام فقيل : خذها بما فيها فان أطعت غفرت لك وان عصيت عذبتك قال :
قبلتها بما فيها فما كان إلا قدر ما بين الظهر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أشوع في الآية قال عرض عليهن العمل وجعل لهن الثواب فضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن فقلن : ربنا لا طاقة لنا بالعمل ولا نريد الثواب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن الآزواعي ان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عرض العمل على محمد بن كعب فأبى فقال له عمر رضي الله عنه : أتعصي فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تعالى حين عرض {الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} هل كان ذلك منها معصية قال : لا ، فتركه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ان الله قال لآدم عليه السلام اني عرضت الامانة على السموات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها قال : أي رب وما فيها قال : ان حملتها

أجرت وان ضيعتها عذبت قال : قد حملتها بما فيها قال : فما عبر في الجنة إلا قدر ما بين الأولى والعصر حتى أخرجه ابليس من الجنة قيل للضحاك : وما الأمانة قال : هي الفرائض وحق على كل مؤمن ان لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير فمن فعل فقد خان أمانته ومن انتقص من الفرائض شيئا فقد خان أمانته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال} قال : يعني به الدين والفرائض والحدود {فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} قيل لهن : ان تحملنها وتؤدين حقها ، فقلنا : لا نطيق ذلك {وحملها الإنسان} قيل له : أتحملها قال : نعم ، قيل : أتؤدي حقها فقال : أطيق ذلك قال الله {إنه كان ظلوما جهولا} أي ظلوما بها جهولا عن حقها {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} قال : هذا اللذان خاناها {ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات} قال : هذا اللذان أدياها {وكان الله غفورا رحيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {إنا عرضنا

الأمانة} قال : الفرائض.
وأخرج الفريابي عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إنا عرضنا الأمانة} قال : الدين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمانة ثلاث ، الصلاة والصيام والغسل من الجنابة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : من الأمانة ان ائتمنت المرأة على فرجها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الورع والحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو قال : أول ما خلق الله من الانسان فرجه ثم قال : هذه أمانتي عندك فلا تضيعها إلا في حقها ، فالفرج أمانة والسمع أمانة والبصر أمانة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : من تضييع الامانة : النظر في الحجرات والدور.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ومن الأمانة إلا ومن الخيانة ان يحدث الرجل أخاه بالحديث فيقول : اكتم عني ، فيفشيه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من أعظم الامانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر سرها.
وأخرج الطبراني وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه وأبو يعلى والبيهقي والضياء ، عَن جَابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ليعذب الله المنافقين} قال : هما اللذان ظلماها واللذان خاناها : المنافق والمشرك.
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب

النبي
صلى الله عليه وسلم قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء فارسلوا به فمنهم رسول الله ومنهم نبي ومنهم نبي رسول الله ونزل القرآن وهو كلام الله ونزلت العربية والعجمية فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم ولن يدع الله شئيا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينت لهم فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب لعالم يعلمها وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها حتى وصل الي والى أمتي فلا يهلك على الله إلا هالك ولا يغفله إلا تارك والحذر أيها الناس واياكم والوسواس الخناس فانما يبلوكم أيكم أحسن عملا والله أعلم.

* بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة سبأ.
مكية وآياتها أربع وخمسون.
- مقدمة سورة سبأ.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنه قال : نزلت سورة سبأ بمكة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة سبأ مكية.
- الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور * وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم * ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون
بالآخرة في العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهو الحكيم الخبير} قال {حكيم} في أمره {خبير} بخلقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يعلم ما يلج في الأرض} قال : من المطر {وما يخرج منها} قال : من النبات {وما ينزل من السماء} قال : الملائكة {وما يعرج فيها} قال : الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} قال : يقول : بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه

في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال : مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع ، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال : أصحاب محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ويرى الذين أوتوا العلم} قال : الذين أوتوا الحكمة {من قبل} قال : يعني المؤمنين من أهل الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم} قال : قال ذلك مشركو قريش {إذا مزقتم كل ممزق} يقول : اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا ، وتقطعتكم السباع والطير {إنكم لفي خلق جديد} انكم ستحيون وتبعثون قالوا : ذلك تكذيبا به {أفترى على الله كذبا أم به جنة} قال : قالوا : إما أن يكون يكذب على الله واما أن يكون مجنونا {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض}
قال : انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن

كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه : وكان الحسن رضي الله عنه يقول : ان الزبد لمن جنود الله {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} قال قتادة : تائب مقبل على الله عز وجل.
- قوله تعالى : ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير.
أخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أوبي معه} قال : سبحي معه.
وأخرج ابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه {أوبي معه} قال : سبحي معه بلسان الحبشة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أوبي معه} قال : سبحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وأبي عبد الرحمن.


مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يا جبال أوبي معه والطير} أيضا يعني يسبح معه الطير.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه انه قرأ

(الطير) بالنصب بجملة قال : سخرنا له الطير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وألنا له الحديد} قال : كالعجين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنهما في قوله {وألنا له الحديد} قال : لين الله له الحديد فكان يسرده حلقا بيده يعمل به كما يعمل بالطين من غير ان يدخله النار ولا يضربه بمطرقة وكان داود عليه السلام أول من صنعها وانما كانت قبل ذلك صفائح من حديد يتحصنون بها من عدوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وألنا له الحديد} فيصير في يده مثل العجين فيصنع منه الدروع.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقدر في السرد} قال : حلق الحديد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقدر في السرد} قال : السرد المسامير التي في الحلق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقدر في السرد} قال : لا تدق المسامير ، وتوسع الحلق فتسلسل ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلق فتنقصم واجعله قدرا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وقدر في السرد} قال : قدر المسامير والحلق لا تدق المسمار فيسلسل ولا تحلها فينقصم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن أبي حاتم عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يرفع في كل يوم درعا فيبيعها بستة آلاف درهم ، ألفين له

ولأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني اسرائيل الخبز الحواري.
- قوله تعالى : ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ولسليمان الريح) رفع الحاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر} قال : تغدو مسيرة شهر وتروح مسيرة شهر في يوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الريح مسيرها شهران في يوم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ان سليمان عليه السلام لما شغلته الخيل فاتته صلاة العصر غضب لله فعقر الخيل فأبدله الله مكانها خيرا منها وأسرع الريح تجري بأمره كيف شاء فكان غدوها شهرا ورواحها شهرا وكان يغدو من ايليا فيقيل بقريرا ويروح من قريرا فيبيت

بكابل.
وأخرج الخطيب في رواية مالك عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يركب الريح من اصطخر فيتغدى ببيت المقدس ثم يعود فيتعشى باصطخر.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {غدوها شهر ورواحها شهر} قال : كان سليمان عليه السلام يغدو من بيت المقدس فيقيل باصطخر ثم يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خراسان.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : النحاس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : أعطاه الله عينا من صفر تسيل كما يسيل الماء قال : وهل تعرف العرف ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :

فالقى في مراجل من حديد * قدور القطر ليس من البرام.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وأسلنا له عين القطر} قال : عين النحاس كانت باليمنوان ما يصنع الناس اليوم مما أخرج الله لسليمان عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : أسال الله تعالى له القطر ثلاثة أيام يسيل كما يسيل الماء قيل : إلى أين قال : لا أدري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {القطر} النحاس ، لم يقدر عليها أحد بعد سليمان عليه السلام وإنما يعمل الناس بعد فيما كان أعطى سليمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {عين القطر} قال : الصفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ليس كل الجن صخر له كما تسمعون {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه

ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال : يعدل عما يأمره سليمان عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال : من الجن.
- قوله تعالى : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} قال : من شبه ورخام.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : بنيان دون القصور {وتماثيل} قال : من نحاس {وجفان} قال : صحاف كالجوابي قال : الجفنة مثل الجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال : عظام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في الآية قال المحاريب القصور ، والتماثيل الصور {وجفان كالجواب} قال : كالجوبة من الأرض.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : قصور ومساجد {وتماثيل} قال : من رخام وشبه {وجفان كالجواب} كالحياض {وقدور راسيات} قال : ثابتات لا يزلن عن مكانهن كن يرين بأرض اليمن.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتماثيل} قال : اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال : يا رب انفخ فيها الروح فانها أقوى على الخدمة فنفخ الله فيها الروح فكانت تخدمه وكان اسفيديار من بقاياهم فقيل لداود عليه السلام {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : المساجد {وتماثيل} قال : الصور {وجفان كالجواب} قال : كحياض الإبل العظام {وقدور راسيات} قال : قدرو عظام كانوا ينحتونها من الجبال.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجفان كالجواب} قال : كالجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال : أثافيها منها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {وجفان كالجواب} قال : كالحياض الواسعة تسع الجفنة الجزور
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول : كالجوابي لا هي مترعة * لقرى الأضياف أو للمحتضر وقال أيضا : يجبر المجروب فينا ماله * بقباب وجفان وخدم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {وجفان كالجواب} قال : كالحياض !

{وقدور راسيات} قال : القدور العظام التي لا تحول من مكانها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {وقدور راسيات} قال : عظام تفرغ افراغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : إعملوا شكرا لله على ما أنعم به عليكم.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن شهاب في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : قولوا الحمد لله.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : بلغنا ان داود عليه السلام جزأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وانسان قائم من آل داود يصلي فعمتهم هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود لسليمان عليهما السلام : قد ذكر الله الشكر فاكفني قيام النهار أكفك قيام الليل ، قال : لا أستطيع قال : فاكفني صلاة النهار ، فكفاه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : الشكر تقوى الله والعمل بطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك قال : الآن شكرتني حين علمت أن النعم مني.
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الايمان عن المغيرة بن عتبة قال : قال داود عليه السلام : يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول
ذكرا لك مني فأوحى الله اليه : نعم ، الضفدع وأنزل الله تعالى على داود عليه السلام : يا رب كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر ، فالنعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك قال : يا داود الآن عرفتني حق معرفتي.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الايمان عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام انه قال : اي رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك قال : فأتاه الوحي : ان يا داود أليس تعلم ان الذي بك من النعم مني قال : بلى

يارب . قال: فإني أرضى بذلك منك شكرا.
وَأخرَج ابن أبي شيبة وأحمد عن الحسن قال : قال داود عليه السلام : الهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر كله ما قضيت حق نعمة واحدة من نعمك علي.
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : لم ينفك منهم مصل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لما قيل لهم {اعملوا آل داود شكرا} لم يأت على القوم ساعة إلا ومنهم يصلي.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على المنبر وقرأ هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا} قال : ثلاث من أوتيهن فقد أوتي ما أوتي آل داود قيل : وما هن يا رسول الله قال : العدل في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وذكر الله في السر والعلانية ، وأخرجه ابن مردويه من طريق عطاء بن يسار عن حفصة رضي الله عنها مرفوعا به وأخرجه الحكيم الترمذي من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه.


مرفوعا به ، وأخرجه ابن النجار في تاريخه من طريق عطاء بن يسار عن أبي ذر رضي الله عنه ، مرفوعا به ، وقال خشية الله في السر والعلانية والله أعلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقليل من عبادي الشكور} يقول : قليل من عبادي الموحدين توحيدهم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : قال رجل عند عمر رضي الله عنه : اللهم اجعلني من القليل ، فقال عمر رضي الله عنه : ما هذا الدعاء الذي تدعو به قال : اني سمعت الله يقول {وقليل من عبادي الشكور} فأنا أدعوا الله أن يجعلني من ذلك القليل فقال عمر رضي الله عنه : كل الناس أعلم من عمر.


- قوله تعالى : فلما قضينا عليه بالموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر ويدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي مات فيها وكان بدء ذلك انه لم يكن يوما يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة فيأتيها فيسالها ما اسمك فتقول : الشجرة اسمي كذا وكذا ، فيقول لها : لأي شيء نبت فتقول : نبت لكذا وكذا ، فيأمر بها فتقطع ، فان كانت نبتت لغرس غرسها وان كانت نبتت دواء قالت : نبت دواء لكذا وكذا ، فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها : لأي شيء نبت قالت : نبت لخراب هذا المسجد فقال سليمان عليه السلام : ما كان الله ليخربه وأنا حي أنت الذي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها فغرسها في حائط له ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصا فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك وهم يعملون له مخافة أن يخرج فيعاقبهم ، وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون وكان المحراب له كوا من بين يديه ومن خلفه وكان الشيطان المريد الذي يريد ان يخلع يقول : ألست جليدا ان دخلت فخرجت من ذلك الجانب فيدخل حتى يخرج من

الجانب
الآخر فدخل شيطان من أولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان إلا احترق فمر ولم يسمع صوت سليمان ثم رجع فلم يسمع صوته ثم عاد فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق ونظر إلى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس : ان سليمان قد مات ففتحوا عنه فأخرجوه فوجدوا منسأته - وهي العصا بلسان الحبشة - قد أكلتها الارضة ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الارضة على العصا فأكلت منها يوم وليلة ثم حسبوا على نحو ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة ، وهي في قراءة ابن مسعود (فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا) فأيقن الناس عند ذلك ان الجن كانوا يكذبون ولو انهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له ولو كنت تشربين أتيناك بأطيب الشراب ولكننا ننقل اليك الطين والماء فهم ينقلون اليها حيث كانت ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو مما يأتيها الشياطين شكرا لها.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {دابة الأرض تأكل منسأته} عصاه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لبث سليمان عليه السلام على عصاه حولا بعدما مات ثم خر على رأس الحول فأخذت الأنس عصا مثل عصاه ودابة مثل دابته فأرسلوها عليها فأكلتها في سنة ، وكان ابن عباس يقرأ (فلما خر تبينت الأنس ان لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة) قال سفيان : وفي قراءة ابن مسعود (وهم يدأبون له حولا).
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن السنى في الطب النبوي ، وَابن مردويه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان سليمان عليه السلام اذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما أسمك فتقول : كذا وكذا ، فان كانت لغرس غرست وان كانت لدواء نبتت ، فصلى ذات يوم فاذا شجرة نابتة

بين يديه فقال : لها : ما أسمك قالت : الخرنوب ، قال : لأي شيء أنت قالت : لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام : اللهم عم عن الجن موتي
حتى يعلم الأنس ، ان الجن لا يعلمون الغيب فأخذ عصا فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكيء فمكث حينا ميتا والجن تعمل فأكلتها الارضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته فتبينت الأنس ، ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ، وكان ابن عباس يقرأها كذلك فشكرت الجن الأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء.
وأخرج البزار والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس ، موقوفا.
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم ، مرفوعا ، يقول الله أني تفضلت على عبادي بثلاث ، ألقيت الدابة على الحبة ولولا ذلك لكنزتها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة ، وألقيت النتن على الجسد ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه وأسليت الحزين ولولا ذلك لذهب التسلي.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : كانت الجن تخبر الأنس انهم يعلمون من الغيب أشياء وانهم يعلمون ما في غد فابتلوا بموت سليمان عليه الصلاة والسلام فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته وهم مسخرون تلك السنة ويعملون دائبين {فلما خر تبينت الجن} وفي بعض القراءة (فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولا بعد موته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنس تقول في زمن سليمان عليه السلام : ان الجن تعلم الغيب فلما مات سليمان عليه السلام مكث قائما على عصاه ميتا حولا والجن تعمل بقيامه (فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) كان ابن عباس رضي الله عنهما كذلك يقرأها قال قيس بن سعد رضي الله عنه : وهي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : قال سليمان عليه السلام لملك الموت : اذا أمرت بي فاعلمني فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس عليه باب فقام يصلي فاتكأ على عصاه فدخل عليه ملك الموت عليه السلام فقبض
روحه وهو متكيء على عصاه ولم يصنع ذلك فرارا من الموت قال : والجن تعمل بين يديه وينظرون يحسبون انه حي فبعث الله {دابة الأرض} دابة تأكل العيدان يقال لها : القادح فدخلت فيها فأكلتها حتى اذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر ميتا فلما

رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا ، فذلك قوله {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما رد الله الخاتم اليه لم يصل صلاة الصبح يوما إلا نظر وراءه فاذا هو بشجرة خضراء تهتز فيقول : يا شجرة أما يأكلنك جن ولا أنس ولا طير ولا هوام ولا بهائم فتقول : اني لم أجعل رزقا لشيء ولكن دواء من كذا ، ودواء من كذا ، فقام الأنس والجن يقطعونها ويجعلونها في الدواء فصلى الصبح ذات يوم والتفت فاذا بشجرة وراءه قال : ما أنت يا شجرة قالت : أنا الخرنوبة قال : والله ما الخرنوبة إلا خراب بيت المقدس والله لا يخرب ما كنت حيا ولكني أموت فدعا بحنوط فتحنط وتكفن ثم جلس على كرسيه ثم جمع كفيه على طرف عصاه ثم جعلها تحت ذقنه ومات فمكث الجن سنة يحسبون أنه حي وكانت لا ترفع أبصارها اليه وبعث الله الارضة فأكلت طرف العصا فخر منكبا على وجهه فعلمت الجن أنه قد مات ، فذلك قوله {تبينت الجن} ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب ولكن في القراءة الأولى (تبينت الأنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بلغت نصف العصا فتركوها في النصف الباقي فأكلتها في حول فقالوا : مات عام أول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : مكث سليمان بن داود عليه السلام حولا على عصاه متكئا حتى أكلتها الأرضة فخر.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إلا دابة الأرض تأكل منسأته} قال : عصاه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : الارضة أكلت عصاه حتى خر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {تأكل منسأته} قال : العصا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن المنسأة قال : هي العصا وأنشد فيها شعرا قاله عبد المطلب : أمن أجل حبل لا أبالك صدته * بمنسأة قد جر حبلك أحبلا.
وَأخرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال : المنسأة العصا بلسان الحبشة.
- قوله تعالى : لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط واثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين * فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور.


أخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم فاذن لي في قتالهم وأمرني فلما خرجت من عنده أرسل في أثري فردني فقال ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث اليك وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل : يا رسول الله وما سبأ أرض أم امرأة قال : ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم
ستة وتشاءم منهم أربعة فاما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة.
وَأَمَّا الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار ، فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار قال : الذين منهم خثعم وبجيلة.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن سبأ أرجل هو أو امرأة أم أرض فقال : بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير.
وَأَمَّا الشاميون فلخم وجذام وعاملة

وغسان.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {لقد كان لسبإ في مسكنهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (لقد كان لسبأ) بالخفض منونة مهموزة (في مساكنهم) على الجماع بالألف.


وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه يقرأها {لقد كان لسبإ في مسكنهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لسأ جنتان بين جبلين فكانت المرأة تمر ومكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين فتمتليء فاكهة وما مسته بيدها فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها : الجرذ فنقب عليهم فغرقهم فما بقي منهم إلا أثل وشيء من سدر قليل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ، قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وان الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فما هو إلا أن ينظروا إلى بيوتها فتموت تلك الدواب وان كان الانسان ليدخل الجنتين فيمسك القفة على رأسه ويخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة

من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بلدة طيبة ورب غفور} قال : هذه البلد طيبة وربكم غفور لذنوبكم ، وفي قوله {فأعرضوا} قال : بطر القوم أمر الله وكفروا نعمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان أهل سبأ أعطوا ما لم يعطه أحد من أهل زمانهم فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها فلا تبلغ مكانها الذي تريد حتى يمتليء مكتلها من أنواع الفاكهة فأجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم وقد كان السيل يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم فيجمع الماء من تلك السيول والجبال في ذلك الوادي وكانوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وكانوا يفتحون اذا شاؤا من ذلك الماء فيسقون جنانهم اذا شاءوا فلما غضب الله عليهم وأذن في هلاكهم دخل رجل إلى جنته - وهو عمرو بن عامر

فيما بلغنا وكان كاهنا - فنظر إلى جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال : ما نقلت هذه أولادها من ههنا إلا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب ويقدر أنها خرقت ذلك العرم فنقبت نقبا فسال ذلك النقب ماء إلى جنته فأمر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد فأصبح وقد انفجر بأعظم ما كان فأمر به أيضا فسد ثم انفجر بأعظم ما كان فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال : اذا أنا جلست العشية في نادي قومي فائتني فقل : علام تحبس علي مالي فاني سأقول ليس لك عندي مال ولا ترك أبوك شيئا وانك لكاذب ، فاذا أنا كذبتك فكذبني وأردد على مثل ما قلت لك فاذا فعلت ذلك فاني سأشتمك فاشتمني ، فاذا أنت شتمتني لطمتك فاذا أنا لطمتك فقم فالطمني ، قال : ما كنت لاستقبلك بذلك يا عم قال : بلى ، فافعل فاني أريد بها صلاحك وصلاح أهل بيتك فقال الفتى فلطمه فقال الشيخ : يا معشر بني فلان الطم فيكم لا سكنت في بلد لطمني فيه فلان أبدا من يبتاع مني ، فلما عرف القوم منه الجد أعطوه فنظر إلى أفضلهم عطية فأوجب له البيع

فدعا بالمال فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته فتفرقوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في سبأ كهنة وكانت الشياطين يسترقون السمع فأخبروا الكهنة بشيء من أخبار السماء وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال أنه أخبر ان زوال أمرهم قد دنا وان العذاب قد أظلهم فلم يدر كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر فقال لرجل
من بنيه وهو أعزهم أخوالا : اذا كان غدا وأمرتك بأمر فلا تفعله فاذا نهرتك فانتهرني فاذا تناولتك فالطمني قال : يا أبت لا تفعل ان هذا أمر عظيم وأمر شديد قال : يا بني قد حدث أمر لا بد منه فلم يزل حتى هيأه على ذلك فلما أصبحوا واجتمع الناس قال : يا بني افعل كذا وكذا ، فأبى فأنتهره أبوه فأجابه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه فوثب على أبيه فلطمه فقال : ابني يلطمني علي بالشفرة قالوا : وما تصنع بالشفرة قال : اذبحه قالوا : تذبح ابنك الطمه واصنع ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه فأرسلوا إلى أخواله فاعلموهم بذلك فجاء أخواله فقالوا : خذ منا ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه قالوا : فلتموتن قبل أن تدعوه قال :

اشتروا مني دوري اشتروا مني أرضي فلم يزل حتى باع دوره وأرضه وعقاره ، فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال : أي قوم ان العذاب قد أظلكم وزوال أمركم قد دنا فمن أراد منكم دارا جديدا وجملا شديدا وسفرا فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى ، ومن أراد منكم الراسخات في الوحل المطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق بيثرب ذات نخل فأطاعه قوم فخرج أهل عمان إلى عمان وخرجت غسان إلى بصرى وخرجت الاوس والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى يثرب فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب : هذا مكان صالح لا نبتغي به بدلا فأقاموا فلذلك سموا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ} ، قال : كان لهم مجلس مشيد بالمرمر فأتاهم ناس من النصارى فقالوا : أشكروا الله الذي أعطاكم هذا قالوا : ومن أعطاناه إنما كان لآبائنا

فورثناه فسمع ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ان لم تأت غدا وأنا في مجلس قومي فتصك وجهي ففعل ذلك فقال : لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها إلا من بيتاع مني مالي فابتدره الناس فابتاعوه
فبعث الله جرذا أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم وذهب الماء بالجنتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنيانا أبدا وهو الذي كان يرد عنهم السيل اذا جاء أن يغشى أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم انه إنما يخرب سدهم ذلك فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطو عندها هرة فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التفريق أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرر فساورنها حتى استأخرت عنها الهرة فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت بالسد فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون فلما ان جاء السيل وجد عللا فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها

إلا ما ذكر عن الله تبارك وتعالى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : كانت أودية اليمن تسيل إلى وادي سبأ وهو واد بين جبلين فعمد أهل سبأ فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وتركوا ما شاءوا لجناتهم فعاشوا بذلك زمانا من الدهر ثم انهم عتوا وعملوا بالمعاصي فبعث الله على ذلك السد جرذا فنقبه عليهم فعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمكان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وائل الاثل القصير من الشجر الذي يصنعون منه الأقداح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سيل العرم} قال : الشديد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه {سيل العرم} قال : المنساة بلحن اليمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} قال : {العرم}

بالحبشة وهي المنساة التي يجتمع فيها الماء ثم ينشف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال {العرم} اسم الوادي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {سيل العرم} قال : واد كان باليمن كان يسيل إلى مكة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : وادي سبأ يدعى {العرم}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهمه وحفر الوادي عن الجنتين فارتفعا وغار عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الاحمر من السد كان شيئا أرسله الله عليهم ، وفي قوله {أكل خمط} قال : الخمط الاراك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أرسله الله عليهم ، وفي قوله (أكل خمط) قال : (الخمط) الاراك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أكل خمط} قال : الاراك {وأثل} قال : الطرفاء.


وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {أكل خمط} قال : الاراك قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : ما معول فود تراعى بعينها * أغن غضيض الطرف من خلل الخمط.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه في قوله {وأثل} قال الاثل شجر لا يأكلها شيء وانما هي حطب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ، قال : قوم أعطاهم الله نعمة وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته قال الله {فأعرضوا} قال : ترك القوم أمر الله {فأرسلنا عليهم سيل العرم} ذكر لنا {العرم} وادي سبأ كانت تجتمع اليه مسايل من أودية شتى فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبوابا وكانوا يأخذون من مائة ما احتاجوا اليه ويسدون عنهم ما لم يعبؤا به من مائة فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذا فنقبه من أسفله فاتسع حتى غرق الله به حروثهم وخرب به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}
والخمط الاراك و{أكل} بربرة و{وأثل وشيء من سدر قليل} بينما شجر القوم من خير الشجر اذ صيره الله من شر الشجر عقوبة

بأعمالهم قال الله {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} ان الله اذا أراد بعبد كرامة أو خيرا تقبل حسناته واذا أراد بعبد هوانا أمسك عليه بذنبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الخمط هو الاراك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وأبي مالك ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وهل نجازي إلا الكفور} قال : تلك المناقشة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس {وهل نجازي إلا الكفور} قال : هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذب وهو الكافر لا يغفر له.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

مجاهد : (وهل يجازى) قال : هل يعاقب إلا الكفور.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن أبي حيوة وكان من أصحاب علي قال : جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والمنغص في اللذة قيل : وما المنغص قال : لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {القرى التي باركنا فيها} قال : الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} قال : هي قرى الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} قال : كان فيما بين اليمن إلى الشام قرى متواصلة و{القرى التي باركنا

فيها} الشام ، كان الرجل يغدو فيقبل في القرية ثم يروح فيبيت في القرية الاخرى وكانت المرأة تخرج وزنبيلها على رأسها فما تبلغ حتى يمتلى ء من كل الثمار.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي ملكية في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة}
قال : كانت قراهم متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وثمرهم متدل فبطروا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {وقدرنا فيها السير} قال : دانينا فيها السير.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله {وجعلنا بينهم} يعني بين مساكنهم {وبين القرى التي باركنا فيها} يعني الأرض المقدسة {قرى} فيما بين منازلهم مساكنهم وبين أرض الشام {سيروا فيها} يعني اذا ظعنوا من منازلهم إلى أرض الشام

من الأرض المقدسة.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله {ظاهرة} قال : قرى بالشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} قال : لا يخافون جوعا ولا ظمأ انما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا : أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلى ء قبل أن ترجع إلى أهلها وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا فبطروا النعمة {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وجعلوا أحاديث.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} قال : قالوا يا ليت هذه القرى يبعد بعضها عن بعض فنسير على نجائبنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين

أسفارنا) مثقلة قال : لم يدعوا على أنفسهم ولكن شكوا ما أصابهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين أسفارنا) مثقلة على معنى فعل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه انه قرأ (بعد بين أسفارنا) بنصب الباء ورفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ربنا) بالنصب (باعد) بنصب الباء وكسر العين على الدعاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في
قوله {ومزقناهم كل ممزق} قال : أما غسان فلحقوا بالشام وأما الانصار فلحقوا بيثرب وأما خزاعة فلحقوا بتهامة وأما الازد فلحقوا بعمان ، فمزقهم الله كل ممزق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال : مطرف في قوله {إن في ذلك لآيات} نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر واذا ابتلي صبر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله : (لكل صبار شكور) قال: صبار في الكريهة ، شكور عند الحسنة ..
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن عامر رضي الله عنه قال : الشكر نصف الايمان والصبر نصف الايمان واليقين الايمان كله.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : ان الله قال : يا عيسى بن مريم اني باعث بعدك أمة ان أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وان أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم ، قال : يا رب كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم قال : أعطيهم من حلمي وعلمي.
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الايمان والدارمي ، وَابن حبان عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجبا لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير ان أصابته سراء شكر كان خيرا وان أصابته ضراء صبر كان خيرا.
وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : عجبت للمؤمن ان أعطي قال الحمد لله فشكر وان ابتلي قال الحمد لله فصبر فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه.
وأخرج البيهقي في الشعب وابو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو تحته كتبه الله صابرا وشاكرا ومن نظر في الدين إلى من هو تحته ونظر في الدنيا إلى من هو فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا والله سبحانه وتعالى أعلم.
- قوله تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريق من المؤمنين * وما كان لهم عليه من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال ابليس : ان آدم خلق من تراب ومن طين ومن حمأ مسنون خلقا ضعيفا واني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} الاسراء الآية 62 قال : فصدق ظنه عليهم فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين قال : هم المؤمنون كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأها {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} مشددة قال : ظن بهم ظنا فصدقه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال : على الناس إلا من أطاع ربه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} ظن بهم فوافق ظنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة ومعه حواء عليها السلام هبط ابليس فرحا بما أصاب منهما وقال : اذا أصبت من الابوين ما أصبت فالذرية أضعف وكان ذلك ظنا من ابليس عند ذلك فقال : لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الروح أغره وأمنيه وأخدعه فقال الله تعالى : وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ولا يدعوني إلا أجبته ولا يسألني إلا أعطيته ولا يستغفرني إلا غفرت له.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وما كان لي عليكم من سلطان} قال : والله ما ضربهم
بعصا ولا سيف ولا سوط وما أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم اليها فاجابوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إلا لنعلم} قال : انما كان بلاء ليعلم الله الكافر من المؤمن.
- قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما لهم فيهما من شرك} يقول : ما لله من شريك في السموات ولا في الأرض {وما له منهم} قال : من الذين دعوا من دونه {من ظهير} يقول : من عون بشيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما له منهم من ظهير} يقول : من عون من الملائكة.
- قوله تعالى : ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن لهحتى إذا فزع عن قلويهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير * قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين * قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون * قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم * قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فزع عن

قلوبهم} قال : خلى.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أوحى الجبار إلى محمد صلى الله عليه وسلم دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي فسمعت الملائكة عليهم السلام صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سئلوا عما قال الله فقالوا : الحق ، وعلموا أن الله تعالى لا يقول إلا حقا قال ابن عباس رضي الله عنهما : وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوا خروا سجدا فلما رفعوا رؤوسهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان اذا نزل الوحي كان صوته كوقع الحديد على الصفوان فيصعق أهل السماء {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالت الرسل عليهم السلام {الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينزل الامر إلى السماء الدنيا له وقع كوقعة السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل السموات فيقولون {ماذا قال ربكم} ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون {الحق وهو العلي الكبير}.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في نفر من أصحابه فرمى بنجم فاستنار قال : ما كنتم تقولون اذا كان هذا في الجاهلية قالوا : كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال : فانها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش فيقول الذين يلون حملة العرش {ماذا قال ربكم} فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء وتخطف الجن السمع فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو محق ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه قال معمر : قلت للزهري : أكان يرمي بها في الجاهلية قال : نعم ، قال أرأيت {وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} الجن الآية 9 قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن
ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان يفزعهم ذلك {إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالوا الذي قال {الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها مسترقوا السمع ومسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر ، وصف سفيان بيده وفرج وبين أصابعه نصبها بعضها فوق بعض ، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل ان يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا ، وكذا ، وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.


وأخرج ابن جرير ، وَابن خزيمة ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا أراد الله أن يوحي بامر تكلم بالوحي فاذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى فاذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلمه الله من وحيه بما أراد فيمضي به جبريل عليه السلام على الملائكة عليهم السلام كلما مر بسماء سماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل فيقول {قالوا الحق وهو العلي الكبير} فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل عليه السلام فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله من السماء والارض.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ (فرغ عن قلوبهم) يعني بالراء والغين والمعجمة.
وأخرج البيهقي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله عز وجل {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : كان لكل قبيل من الجن مقعد في السماء يستمعون منه الوحي وكان اذا نزل الوحي

سمع له صوت كامرار السلسلة على الصفوان فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} وان كان مما يكون في الأرض من أمر
الغيب أو موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا : يكون كذا ، وكذا ، فسمعته الشياطين فنزلوا به على أوليائهم يقولون : يكون العام كذا ويكون كذا فيسمعه الجن فيخبرون الكهنة به والكهنة تخبر به الناس يقولون : يكون كذا وكذا ، فيجدونه كذلك فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم دحروا بالنجوم فقالت العرب حين لم يخبرهم الجن بذلك : هلك من في السماء فجعل صاحب الابل ينحر كل يوم بعيرا وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة وصاحب الغنم شاة حتى أسرعوا في اموالهم فقالت ثقيف : وكانت أعقل العرب : أيها الناس أمسكوا عليكم أموالكم فانه لم يمت من في السماء وان هذا ليس بانتشاء ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار قال : فقال ابليس لقد حدث اليوم في الأرض حدث فائتوني من تربة كل أرض فاتوه بها فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال : من ههنا جاء الحديث منتشرا فنقبوا

فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث.
وأخرج أبو داود والبيهقي في الاسماء والصفات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا جاءهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} فيقولون يا جبريل : ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فيقولون : الحق ، الحق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا اتاهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} قالوا يا جبريل : ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فينادون الحق الحق.
وَأخرَج البخاري والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قرأ : (فرغ عن قلوبهم) يعني : بالراء والغين المعجمة ..
وأخرج ابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما نزل جبريل بالوحي على رسول الله فزع أهل السموات لا نحطاطه وسمعوا صوت الوحي كاشد ما يكون من صوت الحديد على الصفا فكلما مر بأهل سماء
{فزع عن قلوبهم} فيقولون : يا جبريل بماذا أمرت فيقول : نور العزة العظيم كلام الله بلسان عربي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : يوحي الله إلى جبريل عليه السلام فتفزع الملائكة عليهم السلام من مخافة أن يكون شيء من أمر الساعة فاذا خلى عن قلوبهم وعلموا ان ذلك ليس من أمر الساعة {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق}.
وأخرج أبو نصر السجزي في الابانة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت جبريل عليه السلام وزعم ان اسرافيل عليه السلام يحمل العرش وان قدمه في الأرض السابعة والالواح بين عينيه فاذا أراد ذو العرش أمرا سمعت الملائكة كجر السلسلة على الصفا فيغشى عليهم فاذا قاموا {قالوا ماذا قال ربكم} قال

من شاء الله {الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة والكلبي رضي الله عنهما في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالا : لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي مثل صوت الحديد فافزع الملائكة عليهم السلام ذلك {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالوا : اذا جلى عن قلوبهم {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم في الآية قال : زعم ابن مسعود أن الملائكة المعقبات الذين يختلفون إلى أهل الأرض يكتبون أعمالهم اذا أرسلهم الرب تبارك وتعالى فانحدروا سمع لهم صوت شديد فيحسب الذي أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة فيخرون سجدا وهكذا كلما مروا عليهم فيفعلون ذلك من خوف ربهم تبارك وتعالى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اذا قضى الله تبارك وتعالى أمرا رجفت

السموات والارض والجبال وخرت الملائكة كلهم سجدا حسبت الجن أن أمرا يقضى فاسترقت فلما قضي الامر رفعت الملائكة رؤوسهم ، وهي هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن الانباري عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأ {حتى إذا فزع عن قلوبهم}
ثم يفسره حتى اذا انجلى عن قلوبهم.
وأخرج ابن أبي شيبه من طريق آخر رضي الله عنه أنه كان يقرأ {فزع عن قلوبهم} قال : ما فيها من الشك والتكذيب.


وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : فزع الشيطان عن قلوبهم ففارقهم وأمانيهم وما كان يضلهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} قال : وهذا في بني آدم عند الموت أقروا حين لا ينفعهم الاقرار.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : كشف الغطاء عنها يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم والضحاك أنهما كانا يقراآن {حتى إذا فزع عن قلوبهم} يقولان : جلى عن قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين أنه سأل كيف تقرأ هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم} أو {فزع عن قلوبهم} قال {إذا فزع عن قلوبهم} قال :

فان الحسن يقول برأيه أشياء أهاب أن أقولها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ حتى (اذا فزع عن قلوبهم) بالعين مثقلة الزاي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ثم أمره الله أن يسأل الناس فقال {قل من يرزقكم من السماوات والأرض}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} قال {إنا} نحن لعلى هدى وانكم في ضلال مبين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنا أو إياكم} قال : قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين والله ما نحن وأنتم على أمر واحد ان أحد الفريقين مهتد ، وفي قوله !

{قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا} أي يقضي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الفتاح} قال : القاضي.
- قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما أرسلناك إلا كافة للناس} قال : إلى الناس جميعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {كافة للناس} قال : للناس عامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أرسلناك إلا كافة للناس} قال : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم فاكرمهم على الله أطوعهم له.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، بعثت إلى الناس كافة إلى كل أبيض وأحمر وأطعمت أمتي المغنم لم يطعم أمة قبل أمتي ونصرت بالرعب بين يدي من مسيرة

شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا واعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي يوم القيامة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، بعثت إلى الناس كافة الاحمر والاسود وانما كان النَّبِيّ يبعث إلى قومه ونصرت بالرعب يرعب مني عدوي على مسيرة شهر وأطعمت المغنم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي إلى يوم القيامة وهي ان شاء الله نائلة من لا يشرك لبالله شيئا.
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى غذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن} قال : هذا قول مشركي العرب كفروا بالقرآن {ولا بالذي بين يديه} من الكتب والانبياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولا بالذي بين يديه}

قال : التوراة والانجيل وفي قوله {يقول الذين استضعفوا} قال : هم الاتباع {للذين استكبروا} قال : هم القادة وفي قوله {بل مكر الليل والنهار} يقول : غركم اختلاف الليل والنهار.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بما في الليل والنهار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بما في الليل والنهار يا أيها العظماء والرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله تعالى.
أما قوله تعالى : {وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا}.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب.


فحدث به أبو سليمان الداراني رضي الله عنه فبكى ثم قال : فكيف به لو جمع هذا كله عليه فجعل القيد في رجليه والغل في يديه والسلسلة في عنقه ثم أدخل الدار وأدخل المغار.
- قوله تعالى : وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون * وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين * قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان رجلان شريكان خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر فلما بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ، ما فعل فكتب اليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم فترك تجارته واتى صاحبه فقال له : دلني عليه وكان يقرأ الكتب فاتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إلام تدعو قال إلى كذا وكذا ، قال : أشهد أنك رسول الله قال : ما علمك بذلك قال : انه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم ، فنزلت هذه الآية {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها} الآيات ، فارسل اليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان الله قد أنزل تصديق ما قلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن

قتادة في قوله {إلا قال مترفوها} قال : هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وقادتهم في الشر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إلا قال مترفوها} قال : جبابرتها.
- قوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون * والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {عندنا زلفى} قال : قربى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : لا تعتبروا الناس بكثرة المال والولد وان الكافر يعطى المال وربما حبسه عن المؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن طاووس أنه كان يقول : اللهم ارزقني الايمان والعمل وجنبني المال والولد فاني سمعت فيما أوحيت {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}.
وأخرج أحمد ومسلم ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : ان الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا} قال : بالواحد عشرا وفي سبيل الله بالواحد سبعمائة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : اذا كان المؤمن غنيا تقيا آتاه الله أجره مرتين ، وتلا هذه الآية {وما أموالكم} إلى قوله {فأولئك لهم جزاء الضعف} قال : تضعيف الحسنة ، أما قوله تعالى : {وهم في الغرفات آمنون}.
أخرج ابن أبي شيبه والترمذي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ، قالوا : لمن هي قال : لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام.
- قوله تعالى : قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين.
أخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه أنه سأل عن قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} النفقة في سبيل الله قال : لا ، ولكن نفقة الرجل على نفسه وأهله فالله بخلفه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الادب المفرد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : في غير اسراف ولا تقتير.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

ما أنفقتم على أهليكم في غير اسراف ولا تقتير فهو في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : من غير اسراف ولا تقتير.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : اذا كان لاحدكم شيء فليقتصد ولا يتاول هذه الآية {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} فان الرزق مقسوم يقول : لعل رزقه قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : ما كان من خلف فهو منه وربما أنفق الانسان ماله كله في الخير ولم يخلف حتى يموت ، ومثلها {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} هود الآية 6 يقول : ما آتاهم من رزق فمنه وربما لم يرزقها حتى تموت.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : كل ما أنفق العبد نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا نفقة في بنيان أو معصية.
وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي من وجه آخر عن محمد بن المنكدر ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة وما أنفق

المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقي به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة انفقها مؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان ، قيل لابن المنكدر : وما أراد بما وقي به المرء عرضه كتب له به صدقة قال : ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا ان بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا يعض الموسر على ما في يده حذر الانفاق قال الله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل : أنفق يا ابن آدم أنفق عليك.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة ثم قال : اقرؤا مواضع الخلف فاني سمعت الله يقول {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} اذا لم تنفقوا كيف يخلف.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال : ان المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة.
وأخرج الحكيم والترمذي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : جئت حتى جلست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بطرف عمامتي من ورائي ، ثم قال : يا زبير إني رسول الله إليك خاصة وإلى الناس عامة أتدرون ماذا قال ربكم قلت : الله ورسوله أعلم قال : ربكم حين استوى على عرشه فنظر خلقه : عبادي أنتم خلقي وأنا ربكم أرزاقكم بيدي فلا تتبعوا فيما تكفلت لكم فاطلبوا مني أرزاقكم أتدرون ماذا قال ربكم قال الله تبارك وتعالى : أنفق أنفق عليك وأوسع أوسع عليك ولا تضيق أضيق عليك ولا تصر فأصر عليك ولا تحزن فأحزن
عليك إن باب الرزق مفتوح من فوق سبع سموات متواصل إلى العرش لا يغلق ليلا ولا نهارا ينزل الله منه الرزق على كل امرئ بقدر نيته وعطيته وصدقته ونفقته فمن أكثر أكثر له ومن أقل أقل له ومن أمسك أمسك عليه يا زبير فكل وأطعم ولا توك فيوكى عليك ولا تحص فيحصى عليك ولا تقتر فيقتر عليك ولا تعسر فيعسر عليك يا زبير إن

الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار وإن السخاء من اليقين والبخل من الشك فلا يدخل النارمن أيقن ولا يدخل الجنة من شك ، يا زبير إن الله يحب السخاوة ولو بفلقة تمرة والشجاعة ولو بقتل عقرب أو حيه ، يا زبير إن الله يحب الصبر عند زلزلة الزلازل واليقين النافذ عند مجيء الشهوات والعقل الكامل عند نزول الشبهات والورع الصادق عند الحرام والخبيثات ، يا زبير عظم الإخوان وجلل الأبرار ووقر الأخيار وصل الجار ولا تماشي الفجار ، من فعل ذلك دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب هذه وصية الله إلي ووصيتي إليك.
- قوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون * فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون * وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين * وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير * وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} قال : استفهام كقوله لعيسى عليه السلام {أأنت قلت للناس} المائده الآيه 116.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بل كانوا يعبدون الجن} قال : الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما آتيناهم من كتب

يدرسونها} قال : لم يكن عندهم كتاب يدرسونه فيعلمون أن ما جئت به حق أم باطل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وما آتيناهم من كتب يدرسونها} أي يقرؤونها {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} وقال : {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} فاطر الآيه 24 ولا ينقص هذا هذا ولكن كلما ذهب نبي فمن بعده في نذارته حتى يخرج النَّبِيّ الآخر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول : من القدرة في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال : القرون الأولى {وما بلغوا} أي الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم {معشار ما آتيناهم} من القوه والإجلال والدنيا والأموال.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال : كذب الذين قبل هؤلاء {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} قال : يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك {فكيف كان نكير} يقول : فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأخلد ، قوله تعالى : قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : بطاعة الله {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} قال : واحد واثنين.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : بلا إله إلا الله.


وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : لا إله إلا الله ، وفي قوله {أن تقوموا لله} قال : ليس بالقيام على الأرجل كقوله {كونوا قوامين بالقسط} النساء الآيه 135 ، واخرج ابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآيه قال : يقوم الرجل مع الرجل أو وحده فيتفكر ما بصاحبكم من جنة يقول : إنه ليس بمجنون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامه رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول أعطيت ثلاثا لم يعطهن نبي قبلي ولا فخر ، أحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي كانوا يجمعون غنائمهم فيحرقونها ، وبعثت إلى كل أحمر وأسود وكان كل نبي يبعث إلى قومه وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة قال الله تعالى {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي.


- قوله تعالى : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد * قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب * قل جاء الحق وما يبددئ الباطل وما يعيد * قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {قل ما سألتكم من أجر} أي من جعل {فهو لكم} يقول : لم أسألكم
على الإسلام جعلا وفي قوله {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدئ الباطل} قال : الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يقذف بالحق} قال : ينزل بالوحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {جاء الحق} قال : جاء القرآن {وما يبدئ الباطل وما يعيد} قال : ما يخلق إبليس شيئا ولا يبعثه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عمر بن سعد رضي الله عنه {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي} قال : أؤخذ بخيانتي.


- قوله تعالى : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : في الدنيا عند الموت حين عاينوا الملائكه ورأوا بأس الله {وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} غافر الآيه 84 قال : لا سبيل لهم إلى الإيمان كقوله {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين} قال : قد كانوا يدعون إليه وهم في دعه ورخاء فلم يؤمنوا به {ويقذفون بالغيب} يرجعون بالظن يقولون إنه لا جنة ولا نار ولا بعث {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : اشتهوا طاعة الله لو أنهم عملوا بها فحيل بينهم وبين ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال يوم القيامه {فلا فوت} فلم يفوتوا ربك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال في القبور من الصيحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : هذا يوم بدرحين ضربت أعناقهم فعاينوا العذاب فلم يستطيعوا فرارا من

العذاب ولا رجوعا إلى التوبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والضحاك رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هو يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هم قتلى المشركين من أهل بدر نزلت فيهم هذه الآيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب} قال : هو جيش السفياني قال : من أين أخذ قال : من تحت أقدامهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطيه رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : قوم خسف بهم أخذوا من تحت أقدامهم.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ناس إلى المدينه حتى إذا كانوا ببيداء بعث الله عليهم جبريل عليه السلام فضربهم برجله ضربة فيخسف الله بهم فذلك قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من

مكان قريب}.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هم الجيش الذين يخسف بهم بالبيداء يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي معقل رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : أخذوا فلم يفوتوا.
وأخرج أحمد عن نفيره امرأة القعقاع بن أبي حدره رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم بجيش قد خسف به فقد أطلت الساعة.
وَأخرَج أحمد ومسلم والحاكم عن حفصه أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف أوساطهم فينادي أولهم آخرهم فيخسف بهم خسفا فلا ينجو إلا

الشريد الذي يخبر عنهم.
وَأخرَج أحمد عن حفصه رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم ، قلت : يا رسول الله فكيف بمن كان مستكرها قال : يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل امرئ على نيته.
وَأخرَج ابن أبي شيبه وأحمد عن صفيه أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزوه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم قلت : يا رسول الله أرأيت المكره قال : يبعثهم الله على ما في أنفسهم.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشه رضي الله عنها قالت : بينما رسول

الله صلى الله عليه وسلم [ ].
وَأخرَج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أم سلمه رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعوذ عائذ بالحرم فيبعث إليه بعث فإذا كان ببيداء من الأرض خسف بهم قلت : يا رسول الله فكيف بمن يخرج كارها قال : يخسف به معهم ولكنه يبعث على نيته يوم القيامه.
وَأخرَج ابن ابي سيبه والطبراني عن أم سلمه قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام فيأتيهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب فيهزمهم الله قال : وكان يقال إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المحروم من حرم غنيمة كلب ولو عقالا والذي نفسي بيده لتباعن نساؤهم على درج دمشق حتى ترد المرأة من كسر بساقها.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا تنته البعوث عن غزو بيت الله حتى يخسف بجيش منهم.
وَأخرَج الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعده تحارب القبائل وعامئذ ينهب الحاج وتكون

ملحمه بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بين الركن والمقام وهو كاره يبايعه مثل عدة أهل بدر يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فيجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة ويخرج رجل من أهل بيتي فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمه فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحذركم سبع فتن فتنه تقبل من المدينه وفتنه بمكه وفتنه باليمن وفتنه تقبل من الشام وفتنه تقبل من المشرق وفتنه تقبل من المغرب وفتنه من بطن الشام وهي السفياني ، فقال ابن مسعود رضي الله عنه : منكم من يدرك أولهاومن هذه الأمه من يدرك آخرها قال الوليد بن عياش رضي الله عنه : فكانت فتنة المدينه من قبل طلحه والزبير وفتنة مكه فتنة ابن الزبير وفتنة الشام من قبل بني أميه وفتنة المشرق من

قبل هؤلاء.
وَأخرَج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب قال : فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق ، وجيشا إلى المدينة ،حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة فيقتلون أكثر من ثلاثة ألاف ويبقرون بها أكثر من مائة إمرأة ، ويقتلون بها ثلاثة مائة كبش من بني العباس ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام ، فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويخلى جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها ،ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبريل فيقول : ياجبريل اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم فذلك قوله عزوجل في سورة "سبأ" (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت) الآية . فلا ينفلت منهم إلا رجلان أحدهما بشير والأخر نذير وهما من جهينة " فلذلك جاء القول 000000وعند جهينة الخبر اليقين ..


- قوله تعالى : وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد * وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالوا آمنا به} قال : الله {وأنى لهم التناوش} قال : التناول كذلك {من مكان بعيد} قال : ما كان بين الآخرة والدنيا {وقد كفروا به من قبل} قال : كفروا بالله في الدنيا {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} قال : في الدنيا قولهم هو ساحر بل هو كاهن بل هو شاعر بل هو كذاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه {وأنى لهم التناوش} الرد {من مكان بعيد} قال : من الآخره إلى الدنيا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأنى لهم التناوش} قال : كيف لهم الرد {من مكان بعيد} قال : يسألون الرد وليس حين رد.


وأخرج ابن المنذر عن التيمي قال : أتيت ابن عباس قلت : ما التناوش قال : تناول الشيء وليس بحين ذاك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتاده رضي الله عنه {وأنى لهم التناوش} قال : التوبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (التناؤش) ممدوده مهموزه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ويقذفون بالغيب} قال : يرجمون بالظن أنهم كانوا في الدنيا يكذبون بالآخرة ويقولون : لا بعث ولا جنه ولا نار.
- قوله تعالى : وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : حيل بينهم وبين الإيمان.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : من مالأو ولد أو زهرة أو أهل {كما فعل بأشياعهم من قبل} قال : كما فعل بالكفار من قبلهم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن السدي رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : التوبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : كان رجل من بني إسرائيل فاتحا أي الله فتح له مالا فورثه ابن له تافه - أي فاسد - فكان يعمل في مال أبيه بمعاصي الله فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعزلوه ولاموه فضجر الفتى فباع عقاره بصامت ثم رحل فأتى عينا تجاهه فسرح فيها ماله وابتنى قصرا ، فبينما هو ذات يوم جالس إذ شملت عليه ريح بامرأة من أحسن الناس وجهاوأطيبهم ريحا فقالت : من أنت يا عبد الله قال : أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت : فلك هذا القصر وهذا المال قال : نعم ، [ قالت ] فهل لك من زوجة قال : لا ، قالت : فكيف يهنيك العيش ولا زوجة لك قال : قد كان ذاك فهل لك من

بعل قالت : لا ، قال : فهل لك أن أتزوجك قالت : إني امرأة منك على مسيرة ميل فإذا كان غد فتزود زاد يوم وأتني وإن رأيت في طريقك هولا قال : نعم ، قالت : إنه لا بأس عليك فلا يهولنك ، فلما كان من الغد تزود زاد يوم وانطلق إلى قصر فقرع بابه فخرج إليه شاب من أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا فقال : من أنت يا عبد الله قال : أنا الإسرائيلي قال : فما حاجتك قال : دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها قال : صدقت فهل رأيت في طريقك هولا قال : نعم ولولا أخبرتني أن لا بأس علي لهالني الذي رأيت أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذ أنا بكلبة فاتحة فاها ففزعت فوثبت فإذا أنا من ورائها وإذا جروها ينحر على صدرها قال : لست تدرك هذا هذا يكون آخر الزمان يقاعد الغلام المشيخه فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حديثهم ، ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل وإذا بمائة أعنز حفل وإذا فيها جدي يمصها فإذا أتى عليها فظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس

الزيادة قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان ملك يجمع صامت الناس كلهم حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس الزيادة قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر فأردت برجل معه منجل يحصد ما بلغ وما لم يبلغ قال له : لو حصدت ما بلغ وتركت ما لم يبلغ قال له : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا.
قطعه فنادتني شجرة أخرى : يا عبد الله مني فخذ ، حتى ناداني الشجر : يا عبد الله منا فخذ ، قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان يقل الرجال ويكثر النساء حتى أن الرجل ليخطب المرأة فتدعوه العشرة والعشرون إلى أنفسهن ، قال : ثم أقبلت حتى انفرج بي السبيل فإذا أنا برجل قائم على عين يغرف لكل إنسان من الماء فإذا تصدعوا عنه صب الماء في جرته فلم تعلق جرته من الماء بشيء قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان القاضي يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يميح على قليب كلما أخرج دلوه صبه في الحوض فانساب الماء راجعا إلى القليب قال : هذا رجل رد الله عليه صالح عمله فلم يقبله ، ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يبذر بذرا فيستحصد فإذا حنطة طبيه قال : هذا رجل قبل الله صالح عمله وأزكاه له ، قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيلإذا أنا بعنز وإذا قوم قد أخذوا بقوائمها وإذا رجل آخذ بقرنيها وإذا رجل آخذ بذنبها وإذا رجل قد ركبها وإذا رجل يحلبها فقال : أما العنز فهي الدنيا والذين أخذوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الذي قد أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقا وأما الذي قد أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه وأما الذي ركبها فقد تركها وأما الذي يتحلبها ، فبخ ، بخ ذهب ذاك بها

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل مستلق على قفاه فقال : يا عبد الله ادن مني فخذ بيدي واقعدني فوالله ما قعدت منذ خلقني الله فأخذت بيده فقام يسعى حتى ما أراه فقال له الفتى : هذا عمرك فقد وأنا ملك الموت وأنا المرأة التي أتيتك أمرني الله بقبض روحك في هذا المكان ثم أصيرك إلى جهنم ، قال ففيه نزلت هذه الآيه {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات بسند ضعيف من طريق عكرمه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تهتكوا سترا فإنه كان رجل في بني إسرائيل وكان له إمرأه وكانت إذا قدمت إليه الطعام ثم قامت على رأسه ثم تقول : هتك الله ستر
امرأة تخون زوجها بالغيب فبعث إليها يوما بسمكة ثم قامت على رأسه فقالت : هتك الله ستر امرأة تخون زوجها بالغيب فقهقهت السمكة حتى

سقطت من القصعة ، فعل ذلك ثلاث مرات كل ذلك تقهقه السمكة وتضرب حتى تسقط من الخوان ، فأتى عالم بني إسرائيل فأخبره فقال : إنطلق فاذكر ربك وكل طعامك واخس الشيطان عنك فقال له : اخف الناس انطلق إلى إبنه فإنه أعلم منه فانطلق فأخبره فقال : ائتني بكل من في دارك ممن لم تر عورتهفأتاه فنظر في وجوههم ثم قال : اكشف عن هذه الحبشيه فكشف عنها فإذا مثل ذراع البكر فقال : من هذا أتيت ، فمات أبو الفتى العالم وهتك بهتكه ذلك الستر واحتاج إليه الناس فأتاه بني إسرائيل فقالوا ويحك ، أنت كنت أعلمناوأميننا ، فلما أن أكثروا عليه هرب منهم إلى أن بلغ إلى أقصى موضع بني إسرائيل من أرض البلقاء فأتيح له امرأة جميلة تستفتيه فقال لها : هل لك أن تمكنيني من نفسك وأهب لك مائة دينار قالت : أوخير من ذلك تجيء إلى أهلي تتزوجني واكون لك حلالا أبدا ، قال : فأين منزلك فوصفت له فطابت عليه تلك الليله ، فمضى فإذا هو بكلبة تنبح في بطنها جراؤها قال : ما أعجب هذا قيل له : امض ، لا تكونن مكلفا فسوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يحمل حجارة كلما ثقلت عليه وسقطت منه زاد عليها فقال له : أنت لا تستطيع تحمل هذا تزيد عليه قال :

امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا ، فمضى فإذا هو برجل يستقي من بئر ويصبه في حوض إلى جنب البئر وفي الحوض ثقب فالماء يرجع إلى البئر قال له : لو سددت الجحر استمسك لك الماء قال : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو بظبية ورجل راكب عليها وآخر يحلبها وآخر يمسك بقرنيها وآخرون يمسكون بقوائمها قال : ما أعجب هذا قال له : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يبذر بذرا فلا يقع على الأرض حتى ينبت ثم مضى فإذا هو
فمضى فإذا هو بالقصر الذي وعدته وإذا دونه نهر وإذا رجل جالس على سرير فقال له : كيف الطريق إلى هذا القصر ولقد رأيت في ليلتي أعاجيب قال : ما هي فذكر الكلبه ، قال : يأتي على الناس زمان يثب الصغير على الكبير والوضيع على الشريف والسفيه على الحليم ، وذكر له الذي يحمل الحجارة قال : يأتي على الناس زمان يكون عند الرجل الأمانه فلا يقدر يؤديها ويزيد عليها ، وذكر له الذي يستقي قال : يأتي على الناس زمان يتزوج الرجل المرأة لا يتزوجها لدينها ولا حسب ولا جمال إنما يريد مالها وتكون لا تلد فيكون كل شيء منه يرجع فيها ، وذكر له الظبيه قال : هي الدنيا ، أما الراكب عليها فالملك.
وَأَمَّا الذين يحلبونها فهو

أطيب الناس عيشا.
وَأَمَّا الذي يمسك بقرنيها فمن أيبس الناس عيشا ، واما الذي يمسك ذنبها فالذي لا يأتيه رزقه إلا قوتا ، والذين يمسكون بقوائمها فسفلة الناس ، وذكر له البذر قال : يأتي على الناس زمان لا يدري متى يتزوج الرجل ومتى يولد المولود ومتى قد بلغ ، وذكر له الذي يحصد فقال : ذاك ملك الموت يحصد الصغير والكبير وأنا هو بعثني الله إليك لأقبض روحك على أسوء أحوالك.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه ، أنه شرب ماء بارد فبكى فقيل له : ما يبكيك فقال : ذكرت آية في كتاب الله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله {أفيضوا علينا من الماء} الأعراف الآيه 50.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتاده في قوله {إنهم كانوا في شك مريب} قال : إياكم والشك والريبه فإنه من مات على شك بعث عليهومن مات على يقين بعث عليه ، والله أعلم | 7

* بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة فاطر.
مكية وآياتها خمس وأربعون.
مقدمة سورة فاطر.
أخرج ابن الضريس والبخاري ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة فاطر بمكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة الملائكة مكية.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي ملكية قال : كنت أقوم بسورة الملائكة في ركعة.
الآية 1.
أَخرَج أبو عبيد في فضائله ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت لا أدري ما {فاطر السماوات والأرض} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها قال : ابتدأتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال : بديع السموات والأرض.


وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كل شيء في القرآن {فاطر السماوات والأرض} فهو خالق السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {جاعل الملائكة رسلا} قال : إلى العباد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال : خالق السموات والأرض {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} قال : بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة وبعضهم له أربعة أجنحة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أولي أجنحة مثنى} قال : للملائكة الأجنحة من اثنين إلى ثلاثة إلى اثني عشر وفي ذلك وتر الثلاثة الأجنحة والخمسة والذين على الموازين فطران وأصحاب الموازين أجنحتهم عشرة ، عشرة ، وأجنحة الملائكة زغبة ولجبريل ستة أجنحة ، جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناحان على عينيه وجناحان ، منهم من

يقول على ظهره ومنهم من يقول متسرولا بهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} يزيد في أجنحتهم وخلقهم ما يشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : الصوت الحسن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : حسن الصوت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة ، أنه سمع أبا التياح يؤذن فقال : من يرد الله أن يجعل رزقه في صوته فعل.
وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : الملاحة في العينين.
الآيات 2 - 4

أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس} قال : ما يفتح الله للناس من باب توبة {فلا مرسل له من بعده} وهم لا يتوبون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} يقول (ليس لك من الأمر شيء) (آل عمران 128).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة} أي من خير {فلا ممسك لها} قال : فلا يستطيع أحد حبسها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} قال : المطر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال : سمعت مالكا يحدث أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا أصبح في الليلة التي يمطرون فيها وتحدث مع أصحابه قال : مطرنا الليلة بنوء الفتح ثم يتلو {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.


وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس رضي الله عنه قال : أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله {أنعام} وسيجعل الله بعد عسر يسرا {الطلاق} وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها {هود}.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عروة يقول في ركوب المحمل : هي والله رحمة فتحت للناس ثم يقول {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرزقكم من السماء والأرض} قال : الرزق من السماء : المطر ومن الأرض : النبات.
الآيات 5 - 7.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الغرة في الحياة الدنيا أن يغتر بها وتشغله عن الآخرة ، أن يمهد لها ويعمل لها كقول العبد إذا أفضى إلى الآخرة (يا ليتني قدمت لحياتي) (الفجر 24) والغرة بالله : أن يكون العبد في معصية الله ويتمنى على الله المغفرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه

في قوله {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} قال : عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته وعداوته أن يعاديه بطاعة الله ، وفي قوله {إنما يدعو حزبه} قال : أولياءه {ليكونوا من أصحاب السعير} أي ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {إنما يدعو حزبه} الآية ، قال يدعو حزبه إلى معاصي الله وأصحاب معاصي الله أصحاب السعير وهؤلاء حزبه من الأنس ألا تراه يقول : (أولئك حزب الشيطان) (المجادلة 19) قال : والحزب ولاية الذين يتولاهم ويتولونه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لهم مغفرة وأجر كبير} قال : كل شيء في القرآن {لهم مغفرة وأجر كبير} ورزق كريم فهو الجنة.
الآية 8
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي قلابة أنه سئل عن هذه الآية {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} أهم عمالنا هؤلاء الذين يصنعون قال : ليس هم ، إن هؤلاء ليس أحدهم يأتي شيئا مما لا يحل له إلا قد عرف إن ذلك حرام عليه ، إن

أتى الزنا فهو حرام أو قتل النفس فهو حرام إنما أولئك أهل الملل ، اليهود والنصارى والمجوس وأظن الخزارج منهم لأن الخارجي يخرج بسيفه على جميع أهل البصرة وقد عرف أنه ليس ينال حاجته منهم وأنهم سوف يقتلونه ولولا أنه من دينه ما فعل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله {أفمن زين له سوء عمله} قال : الشيطان زين لهم - والله - الضلالات {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} أي لا تحزن عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} قال : هذا المشرك {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} كقوله (لعلك باخع نفسك) (الكهف 6).
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} حيث قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اللهم

أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فهدى الله عمر رضي الله عنه وأضل أبا جهل ، ففيهما أنزلت.
الآية 9.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور} قال : أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك يبعث الناس يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق لله في السموات والأرض (إلا ما شاء الله) (الأعلى الآية 7) ثم يرسل الله من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت أجسامهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) ويكون بين النفختين ما شاء الله ثم يقوم ملك فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال :

قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال : أما مررت بأرض مجدبة ثم مررت بها مخصبة تهتز خضراء قال : بلى ، قال : كذلك يحيي الله الموتى وكذلك النشور.
الآية 10.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كان يريد العزة} قال : بعبادة الأوثان {فلله العزة جميعا} قال : فليتعزز بطاعة الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله ، إن العبد المسلم إذا قال سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه ثم يصعد بهن إلى السماء فلا يمر

بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن
حتى يجيء بهن وجه الرحمن ثم قرأ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : ذكر الله {والعمل الصالح يرفعه} قال : أداء الفرائض فمن ذكر الله في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله فصعد به إلى الله ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه وكلامه على عمله وكان عمله أولى به.
وأخرج آدم بن أبي أياس والبغوي والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه {إليه يصعد الكلم الطيب

والعمل الصالح يرفعه} قال : هو الذي يرفع الكلام الطيب.
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : الدعاء.
وأخرج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله ويعرض القول على العمل فإن وافقه رفع وإلا رد.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.


وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن شهر بن حوشب في الآية قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن سعد قال : إن الرجل ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله وقد أضاع ما سواها فما زال الشيطان يمنيه فيها ويزين له حتى ما يرى شيئا دون الجنة فقبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ما تريدون بها فإن كانت خالصة لله فامضوها وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم ولا شيء لكم
فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا فإنه قال تبارك وتعالى {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والعمل الصالح يرفعه} قال : لا يقبل قول إلا بعمل ، وقال الحسن : بالعمل قبل الله.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة رضي الله عنه {والعمل الصالح يرفعه} قال : يرفع الله العمل لصاحبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن الحسن رضي الله عنه

قال : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتخلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ، من قال حسنا وعمل غير صالح رده الله على قوله ، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل ذلك لأن الله قال {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه سئل : أتقطع المرأة والكلب والحمار الصلاة فقال {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فما يقطع هذا ولكنه مكروه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : هم أصحاب الرياء وفي قوله {ومكر أولئك هو يبور} قال : الرياء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن شهر بن حوشب في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : يراؤن {ومكر أولئك هو يبور} قال : هم أصحاب

الرياء لا يصعد عملهم.
وأخرج عن ابن زيد في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : هم المشركون {ومكر أولئك هو يبور} قال : بار فلم ينفعهم ولم ينتفعوا به وضرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : يعملون السيئات {ومكر أولئك هو يبور} قال : يفسد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومكر أولئك هو يبور} قال : يهلك فليس له ثواب في الآخرة.
الآية 11.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والله خلقكم من تراب} يعني خلق آدم من تراب {ثم من نطفة} يعني ذريته

(ثم ذكرانا وأناثا) (الشورى الآية 50).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما يعمر من معمر} الآية ، يقول : ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد قضيت له ذلك فإنما ينتهي له الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتب له ، فذلك قوله {ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} يقول : كل ذلك في كتاب عنده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد ، لهذا عمر ولهذا عمر هو أنقص من عمره كل ذلك مكتوب لصاحبه بالغ ما بلغ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال : ما من يوم يعمر في الدنيا إلا ينقص من أجله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن

أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال : ليس يوم يسلبه من عمره إلا في كتاب كل يوم في نقصان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} إلا في كتاب قال : مكتوب في أول الصحيفة عمره كذا وكذا ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على آخر عمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسان بن عطية في قوله {ولا ينقص من عمره} قال : كل ما ذهب من يوم وليلة فهو نقصان من عمره.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر} إلا كتب الله له أجله في بطن أمه {ولا ينقص من

عمره} يوم تضعه أمه بالغا ما بلغ يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد ، لذا عمر ولذا عمر هو أنقص من عمر هذا وكل ذلك مكتوب لصاحبه بالغا ما بلغ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : ألا ترى الناس يعيش الإنسان مائة سنة ، وآخر يموت حين يولد فهو هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : ليس من مخلوق إلا كتب الله له عمره جملة فكل يوم يمر به أو ليلة يكتب : نقص من عمر فلان كذا وكذا ، حتى يستكمل بالنقصان عدة ما كان له من أجل مكتوب فعمره جميعا في كتاب ونقصانه في كتاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني في الآية قال : لا يذهب من عمر إنسان يوم ولا شهر ولا ساعة إلا ذلك مكتوب محفوظ معلوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أما العمر فمن بلغ ستين سنة.
وَأَمَّا الذي ينقص من عمره فالذي يموت قبل أن يبلغ ستين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر} قال :

في بطن أمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولا ينقص من عمره} قال : ما لفظت الأرحام من الأولاد من غير تمام.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمسة وأربعين
ليلة فيقول : أي رب أشقي أم سعيد أذكر أم أنثى فيقول الله ، ويكتبان ثم يكتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ثم تنطوي الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص منها.
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم والنسائي وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود قال : قالت أم حبيبة : اللهم أمتعني بزوجي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فإنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة ولن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله

ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيرا وأفضل.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان في بني إسرائيل أخوان ملكان على مدينتين وكان أحدهما بارا برحمه عادلا على رعيته ، وكان الآخر عاقا برحمه جائرا على رعيته ، وكان في عصرهما نبي فأوحى الله إلى ذلك النَّبِيّ إنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين وبقي من عمر هذا العاق ثلاثون سنة فأخبر النَّبِيّ رعية هذا ورعية هذا فأحزن ذلك رعية العادل وأفرح ذلك رعية الجائر ففرقوا بين الأمهات والأطفال وتركوا الطعام والشراب وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل ويزيل عنهم الجائر فأقاموا ثلاثا فأوحى الله إلى ذلك النَّبِيّ : أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم وأجبت دعاءهم فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر وما بقي من عمر الجائر لهذا البار فرجعوا إلى بيوتهم ومات العاق لتمام ثلاث سنين وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير.
الآيات 12 - 13

أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي جعفر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج} قال : الأجاج المر {ومن كل تأكلون لحما طريا} أي منهما جميعا {وتستخرجون حلية تلبسونها} هذا اللؤلؤ {وترى الفلك فيه مواخر} قال : السفن مقبلة ومدبرة تجري بريح واحدة {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} قال : نقصان الليل في زيادة النهار ونقصان النهار في زيادة الليل {وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى} قال : أجل معلوم وحد لا يتعداه ولا يقصر دونه {ذلكم الله ربكم} يقول : هو الذي سخر لكم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن سنان بن سلمة أنه سأل ابن عباس عن ماء البحر فقال : بحران لا يضرك من أيهما توضأت ، ماء البحر وماء الفرات.


وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن كل تأكلون لحما طريا} قال : السمك {وتستخرجون حلية تلبسونها} قال : اللؤلؤ من البحر الأجاج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يملكون من قطمير} قال : القطمير القشر وفي لفظ الجلد الذي يكون على ظهر النواة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {من قطمير} قال : الجلدة البيضاء التي على النواة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : لم أنل منهم بسطا ولا زبدا * ولا فوفة ولا قطميرا
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء قال : القطمير الذي بين النواة والتمرة القشر الأبيض.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قطمير} قال : لفافة النواة كسحاة البصلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك في قوله {من قطمير} قال : رأس التمرة يعني القمع.
الآيات 14 - 17.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم} أي ما قبلوا ذلك منكم {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} قال : لا يرضون ولا يقرون به {ولا ينبئك مثل خبير} والله هو الخبير أنه سيكون هذا من أمرهم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إن تدعوهم لا يسمعوا

دعاءكم} قال : هي الآلهة ، لا تسمع دعاء من دعاها وعبدها من دون الله تعالى {ولو سمعوا ما استجابوا لكم} قال : ولو سمعت الآلهة دعاءكم ما استجابوا لكم بشيء من الخير {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} قال : بعبادتكم إياهم.
الآيات 18 – 26
أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجة عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في حجة الوداع ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لأبي : ابنك هذا قال : أي ورب الكعبة قال : أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} قال : إن تدع نفس مثقلة من الخطايا ذا قرابة أو غير

ذي قرابة {لا يحمل} عنها من خطاياها شيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} يكون عليه وزر لا يجد أحدا يحمل عنه من وزره شيئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} كنحو {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول : يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة فيقول له : يا مؤمن إن لي عندك يدا قد عرفت كيف كنت في الدنيا وقد احتجت إليك اليوم فلا يزال المؤمن يشفع له إلى ربه حتى يرده إلى منزلة دون منزلة وهو في النار ، وأن الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول : يا بني أي والد كنت لك فيثني خيرا فيقول : يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى فيقول له ولده : يا أبت

ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ، ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة أي زوج كنت لك فتثني خيرا فيقول لها : فإني أطلب إليك حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين ، قالت : ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت ، يقول الله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} ، ويقول الله (يوم لا يجزي والد عن ولده) (لقمان 133) و(يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه) (عيسى 34).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} أي إلى ذنوبها {لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} قال : قرابة قريبة لا يحمل من ذنوبه شيئا ويحمل عليها غيرها من ذنوبها شيئا {إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب} أي يخشون النار والحساب ، وفي قوله {ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه} أي من عمل عملا صالحا فإنما يعمل لنفسه ، وفي قوله {وما يستوي} ، قال : خلق فضل بعضه على بعض فأما المؤمن فعبد حي الأثر حي البصر حي النية حي العمل ، والكافر عبد ميت الأثر ميت البصر ميت

القلب ميت العمل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وما يستوي الأعمى والبصير} قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول : كما لا يستوي هذا وهذا كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما يستوي الأعمى والبصير} قال : الكافر والمؤمن {ولا الظلمات} قال : الكفر {ولا النور}
قال : الإيمان {ولا الظل} قال : الجنة {ولا الحرور} قال : النار {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} قال : المؤمن والكافر {إن الله يسمع من يشاء} قال : يهدي من يشاء.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (فإنك لا تسمع الموتى) (الروم 52) {وما أنت بمسمع من في القبور} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقف على القتلى يوم بدر ويقول : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا يا فلان بن فلان ، ألم تكفر بربك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رحمك فقالوا : يا رسول الله أيسمعون ما نقول قال : ما أنتم بأسمع منهم لما أقول ، فأنزل الله (فإنك لا تسمع الموتى) {وما أنت بمسمع من في القبور} ومثل

ضربة الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أنت بمسمع من في القبور} فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع ، وفي قوله {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله ، وفي قوله {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم} قال : يعزي نبيه {جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير} قال : شديد والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار.
الآيات 27 - 28.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها} قال : أحمر وأصفر {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} أي جبال حمر {وغرابيب سود} والغرابيب السود يعني لونه كما
اختلفت ألوان هذه الجبال

وألوان الناس والدواب والأنعام كذلك {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : كان يقال كفى بالرهبة علما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثمرات مختلفا ألوانها} قال : الأبيض والأحمر والأسود وفي قوله {ومن الجبال جدد بيض} قال : طرائق بيض يعني الألوان.
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال أيصبغ ربك قال نعم ، صبغا لا ينقض ، أحمر ، وأصفر ، وأبيض.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {جدد} قال : طرائق ، طريقة بيضاء وطريقة خضراء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : قد غادر السبع في صفحاتها جددا * كأنها طرق لاحت على أكم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن الجبال

جدد بيض} قال : طرائق بيض {وغرابيب سود} قال : جبال سود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الغرابيب الأسود الشديد السواد.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {مختلفا ألوانها} قال : منها الأحمر والأبيض والأخضر والأسود وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض وكذلك الدواب والأنعام.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ومن الجبال جدد} قال : طرائق تكون في الجبل بيض وحمر فتلك الجدد {وغرابيب سود} قال : جبال سود {ومن الناس والدواب والأنعام} ، قال : كذلك اختلاف الناس والدواب والأنعام كاختلاف الجبال ، ثم قال {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فلا فضل لما قبلها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ومن الجبال جدد بيض} قال : طرائق مختلفة كذلك اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب

والأنعام كذلك كما اختلفت هذه الأنعام تختلف الناس في خشية الله كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الخشية والإيمان
والطاعة والتشتت في الألوان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : العلماء بالله الذين يخافونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم من كثرة الحديث ولكن العلم من الخشية.


وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل رضي الله عنه في قوله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : أعلمهم بالله أشدهم له خشية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال العلماء ثلاثة ، عالم بالله وعالم بأمر الله وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله ، فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض ، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية إنما العلم نور يقذفه الله في القلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الإيمان من خشي الله بالغيب ورغب فيما رغب الله فيه وزهد فيما أسخط الله ، ثم تلا {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق قال : كفى بالمرء علما أن يخشى الله

وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كفى بخشية الله علما وكفى باغترار المرء جهلا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن العباس العمي قال : بلغني أن داود عليه السلام قال : سبحانك تعاليت فوق عرشك وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يطع أمرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العلم علمان ، علم في القلب فذاك العلم النافع ، وعلم على

اللسان فتلك حجة الله على خلقه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : بحسب المرء من العلم أن يخشى الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس يفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائنا إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخلطون وبخشوعه إذا الناس يختالون وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخابا ولا صياحا ولا حديدا.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع

عكرمة أقود ابن عباس رضي الله عنهما بعدما ذهب بصره حتى دخل المسجد الحرام فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة فقال : أمل بي إلى حلقة المراء فانطلقت به حتى أتاهم فسلم عليهم فأرادوه على الجلوس فأبى عليهم وقال : انتسبوا إلي أعرفكم فانتسبوا إليه فقال : أما علمتم أن لله عبادا أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم إنهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء العلماء بأيام الله غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت عقولهم من ذلك وانكسرت قلوبهم وانقطعت ألسنتهم حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية فأين أنتم منهم ثم تولى عنهم فلم ير بعد ذلك رجلان.
وأخرج الخطيب فيه أيضا عن سعيد بن المسيب قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثماني عشرة كلمة حكم كلها قال : ما عاقبت من عصى الله فيك مثل أن تطيع الله فيه وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا أنت تجد لها في الخير محملا ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به ، من كتم سره كانت الخيرة في يده وعليك بأخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء عدة في البلاء

وعليك بالصدق وإن قتلك ولا تعرض فيما لا يعني ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغلا عما لم يكن ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك ولا تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله ولا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله وتخشع عند القبور وذل عند الطاعة واستعصم عند المعصية واستشر الذين يخشون الله فإن الله تعالى يقول (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العالم والعابد فقال : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ثم تلا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ثم قال إن الله وملائكته وأهل السماء وأهل الأرض والنون في البحر ليصلون على معلمي الخير).
الآيات 29 - 31.
أَخرَج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس ، أن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزلت فيه {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة} الآية.


وأخرج
عبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يرجون تجارة لن تبور} قال : الجنة {لن تبور} لا تبيد {ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} قال : هو كقوله (ولدينا مزيد) (طه 35) {إنه غفور} قال : لذنوبهم {شكور} لحسناتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرجون تجارة لن تبور} قال : لن تهلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة} ، قال كان مطرف بن عبد الله يقول : هذه آية القراء.
الآيات 32 - 36.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ورثهم الله كل كتاب أنزل فظالمهم مغفور له ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا وسابقهم يدخل

الجنة بغير حساب.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
وابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : في هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة.
وأخرج الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} فأما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة بغير حساب.
وَأَمَّا الذين اقتصدوا فأولئك الذين يحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين

ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلقاهم الله برحمة فهم الذين يقولون {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} قال البيهقي : إن أكثر الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم ، وَابن مردويه عن عقبة بن صهبان قلت لعائشة : أرأيت قول الله {ثم أورثنا الكتاب} ، قالت : أما السابق فقد مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة.
وَأَمَّا المقتصد فمن اتبع أمرهم فعمل بمثل أعمالهم حتى يلحق بهم.
وَأَمَّا الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا ، وكل في الجنة.
وأخرج الطبراني والبيهقي في البعث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق

بالخيرات} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلهم من هذه الأمة وكلهم في الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمتي ثلاثة أثلاث ، فثلث يدخلون الجنة بغير حساب ، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة ، وثلث يمحصون ويكسفون ثم تأتي الملائكة فيقولون : وجدناهم يقولون : لا إله إلا الله وحده فيقول الله : أدخلوهم الجنة بقولهم لا إله إلا الله وحده واحملوا خطاياهم على أهل التكذيب وهي التي قال الله وليحملن أثقالهم وأثقالا
مع أثقالهم وتصديقا في التي ذكر الملائكة قال الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فجعلهم ثلاثة أنواع {فمنهم ظالم لنفسه} فهذا الذي يكسف ويمحص !

{ومنهم مقتصد} وهو الذي يحاسب حسابا يسيرا {ومنهم سابق بالخيرات} فهو الذي يلج الجنة بغير حساب ولا عذاب بإذن الله ، يدخلونها جميعا لم يفرق بينهم {يحلون فيها من أساور من ذهب} إلى قوله {لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : هذه الآية ثلاثة أثلاث يوم القيامة ، ثلث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا وثلث يحبسون بذنوب عظام إلا أنهم لم يشركوا ، فيقول الرب (أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي) ثم قرأ {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية قال : ألا أن سابقنا سابق ومقتصنا ناج وظالمنا مغفور له.
وأخرج العقيلي ، وَابن لال ، وَابن مردويه والبيهقي من

وجه آخر عن عمر بن الخطاب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سابقنا سابق ومتقصدنا ناج وظالمنا ناج وظالمنا مغفور له وقرأ عمر {فمنهم ظالم لنفسه}.
وأخرج ابن النجار عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب ، والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عثمان بن عفان : أنه نزع بهذه الآية قال : إن سابقنا أهل جهاد ، ألا وأن مقتصدنا ناج أهل حضرنا ألا وأن ظالمنا أهل بدونا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} قال : أشهد على الله أنه يدخلهم

الجنة جميعا.
وأخرج الفريابي ، وَابن مردويه عن البراء قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية
{ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال : كلهم ناج وهي هذه الأمة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب} ، قال : هي مثل الذي في الواقعة (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون) صنفان ناجيان وصنف هالك.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} ، قال {ظالم لنفسه} هو الكافر والمقتصد أصحاب اليمين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي عن كعب الأحبار أنه تلا هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} إلى قوله {لغوب} قال : دخلوها ورب الكعبة وفي لفظ قال :

كلهم في الجنة ، ألا ترى على أثره (والذين كفروا لهم نار جهنم) فهؤلاء أهل النار فذكر ذلك للحسن فقال : أبت ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة فقال مسورون بالذهب والفضة مكللة بالدر وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة وعليهم تاج كتاج الملوك جرد مرد مكحلون.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن حذيفة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يبعث الله الناس على ثلاثة أصناف وذلك في قول الله {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} فالسابق بالخيرات يدخل الجنة بلا حساب والمقتصد يحاسب حسابا يسيرا والظالم لنفسه يدخل الجنة برحمة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب} قال : جعل الله أهل الإيمان على ثلاثة منازل

كقوله (أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال) (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) (والسابقون السابقون) (أولئك المقربون) (الواقعة 8 - 11) فهم على هذا المثال.
وأخرج ابن مردويه عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} قال : الكافر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فمنهم ظالم لنفسه} قال : هذا المنافق {ومنهم مقتصد} قال : هذا صاحب اليمين {ومنهم سابق بالخيرات} قال : هذا المقرب قال قتادة : كان الناس ثلاث منازل عند الموت وثلاث منازل في الدنيا وثلاث منازل في الآخرة ، فأما الدنيا فكانوا مؤمن ومنافق ومشرك.
وَأَمَّا عند الموت فإن الله قال : (فأما إن كان من المقربين) (الواقعة 88) (وأما إن كان من أصحاب اليمين) (الواقعة 90) (وأما إن كان من المكذبين الضالين) (الواقعة 92).
وَأَمَّا الآخرة فكانوا أزواجا ثلاثة (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون السابقون أولئك المقربون).
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن الحسن {فمنهم ظالم لنفسه} قال : هو المنافق سقط والمقتصد والسابق بالخيرات في

الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي عن عبيد بن عمير في الآية قال : كلهم صالح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن صالح أبي الخليل قال : قال كعب يلومني أحبار بني إسرائيل : إني دخلت في أمة فرقهم الله ثم جمعهم ثم أدخلهم الجنة ثم تلا هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} حتى بلغ {جنات عدن يدخلونها} قال : قال فأدخلهم الله الجنة جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : العلماء ثلاثة ، منهم عالم لنفسه ولغيره فذلك أفضلهم وخيرهم ، ومنهم عالم لنفسه محسن ، ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره فذلك شرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مسلم الخولاني قال : قرأت في كتاب الله إن هذه الأمة تصنف يوم القيامة على ثلاثة أصناف ، صنف منهم يدخلون الجنة بغير حساب ، وصنف يحاسبهم الله حسابا يسيرا ويدخلون الجنة ، وصنف يوقفون ويؤخذ منهم ما شاء الله ثم يدركهم عفو الله وتجاوزه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب في قوله {جنات عدن يدخلونها} قال : دخلوها ورب الكعبة فأخبر الحسن بذلك فقال : أبت والله ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن
الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} ، نجوا كلهم ثم قال : تحاكت مناكبهم ورب الكعبة ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن الحنفية قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم تعطها أمة كانت قبلها {فمنهم ظالم لنفسه} مغفور له {ومنهم مقتصد} في الجنان {ومنهم سابق} بالمكان الأعلى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} قال : هم أصحاب المشئمة {ومنهم مقتصد} قال : هم أصحاب الميمنة {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} قال : هم السابقون من الناس كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ذلك هو الفضل الكبير} قال : ذاك من نعمة الله.


وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلا قول الله {جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} فقال : إن عليهم التيجان ، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أهل الجنة حين دخلوا الجنة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : هم قوم كانوا في الدنيا يخافون الله ويجتهدون له في العبادة سرا وعلانية وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت منهم فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت ، فعندها {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} غفر لنا العظيم وشكر لنا القليل من أعمالنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزن النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذي أذهب عنا الحزن} قال : ما كانوا يعملون.


وأخرج الحاكم وأبو نعيم ، وَابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المهاجرون هم السابقون المدلون على ربهم والذي نفس محمد بيده أنهم ليأتون يوم القيامة على عواتقهم السلاح فيقرعون باب الجنة فتقول لهم الخزنة من أنتم فيقولون : نحن المهاجرون فتقول لهم الخزنة : هل حوسبتم فيجثون على ركبهم ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون : أي رب أبهذه نحاسب قد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد فيمثل الله لهم أجنحة من ذهب مخوصة بالزبرجد والياقوت فيطيرون حتى يدخلوا الجنة فذلك قوله {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} إلى قوله {ولا يمسنا فيها لغوب} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دخلوا الجنة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزنهم هو الحزن.


وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : الجوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : طلب الخبز في الدنيا فلا نهتم له كاهتمامنا له في الدنيا طلب الغداء والعشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : ينبغي لمن يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} وينبغي لمن يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم (قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) (الطور الآية 26).
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزن الطعام {إن ربنا لغفور شكور} قال : غفر لهم الذنوب التي عملوها وشكر لهم الخير الذي دلهم عليه فعملوا به فأثابهم عليه.


وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : يأتي يوم القيامة العبد
بدواوين ثلاث ، بديوان فيه النعم ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه حسناته ، فيقال لأصغر نعمة عليه : قومي فاستوفي ثمنك من حسناته فتقوم فتستوهب تلك النعمة حسناته كلها وتبقى بقية النعم عليه وذنوبه كاملة ، فمن ثم يقول العبد إذا أدخله الله الجنة {إن ربنا لغفور شكور}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن ربنا لغفور شكور} يقول {غفور} لذنوبهم {شكور} لحسناتهم {الذي أحلنا دار المقامة من فضله} قال : أقاموا فلا يتحولون ولا يحولون {لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} قال : قد كان القوم ينصبون في الدنيا في طاعة الله وهم قوم جهدهم الله قليلا ثم أراحهم كثيرا فهنيئا لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله إن النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا فهل في الجنة من نوم قال : لا إن النوم شريك الموت وليس في الجنة موت قال : يا رسول الله فما راحتهم فأعظم ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال : ليس فيها لغوب كل أمرهم راحة فنزلت {لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها

لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {لا يمسنا فيها نصب} أي وجع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لغوب} قال : إعياء.
الآيات 37 - 38.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهم يصطرخون فيها} قال : يستغيثون فيها.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : ستين سنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه

والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعذر الله إلى امرى ء أخر عمره حتى بلغ ستين سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.


وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال : العمر الذي عمرهم الله به ، ستون سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر ، يريد {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.
وأخرج الترمذي ، وَابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : العمر ستون سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : هو ست وأربعون سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أولم

نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : أربعين سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
اعلموا أن طول العمر حجة فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر ، قال : نزلت وإن فيهم لابن ثمان عشرة سنة ، وفي قوله {وجاءكم النذير} قال : احتج عليهم بالعمر والرسل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ (هذا نذير من النذر الأولى) (النجم 56).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : الشيب.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجاءكم النذير} قال : الشيب.
الآيات 39 - 40.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال : أمة بعد أمة.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال : أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ، وفي قوله {أروني ماذا خلقوا من الأرض} قال : لا شيء والله خلقوا منها ، وفي قوله {أم لهم شرك في السماوات}
قال : لا والله ما لهم فيهما من شرك {أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه} يقول : أم آتيناهم كتابا فهو يأمرهم أن لا يشركوا بي.
الآية 41.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل فأرسل الله ملكا إليه فارقه ثلاثا وأعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يتحفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه يلتقيان ثم يستيقظ فيحبس أحداهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطقت يداه وانكسرت القارورتان قال : ضرب الله له مثلا

أن الله تبارك وتعالى لو كان ينام ما كان يمسك السماء ولا الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خرشة بن الحر رضي الله عنه قال : حدثني عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال : يا جبريل هل ينام ربك فقال جبريل : يا رب إن عبدك موسى يسألك هل تنام فقال الله : يا جبريل قل له فليأخذ بيده قارورتين وليقم على الجبل من أول الليل حتى يصبح فقام على الجبل وأخذ قارورتين فصبر فلما كان آخر الليل غلبته عيناه فسقطتا فانكسرتا فقال : يا جبريل انكسرت القارورتان فقال الله : يا جبريل قل لعبدي إني لو نمت لزالت السموات والأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق عن عكرمة قال : أسر موسى عليه السلام إلى الملائكة هل ينام رب العزة قال : فسهر موسى أربعة أيام ولياليهن ثم قام على المنبر يخطب ورفع إليه القارورتين في كل يد قارورة وأرسل الله عليه النعاس وهو يخطب إذ أدنى يده من الأخرى وهو يضرب القارورة

على الأخرى ففزع ورد يده ثم خطب ثم أدنى يده فضرب بها على الأخرى ففزع ثم قال : (لا إله إلا الله الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) قال عكرمة : السنة التي يضرب برأسه وهو جالس والنوم الذي يرقد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه ، أن موسى عليه السلام قال له قومه : أينام ربك قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين فأوحى الله إلى موسى أن خذ قارورتين فاملأهما ماء ، ففعل فنعس فنام فسقطتا من يده فانكسرتا فأوحى الله إلى موسى أني أمسك السموات والأرض أن تزولا ولو نمت لزالتا قال البيهقي رضي الله عنه هذا أشبه أن يكون هو المحفوظ.
وأخرج الطبراني في كتاب السنة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل ينام ربنا الخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف أن يسطو عليك فقل : الله أكبر ألله

أعز من خلقه جميعا الله أعز مما أخاف وأحذر أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والأنس ، اللهم كن لي جارا من شرهم ، جل ثناؤك وعز جارك وتبارك اسمك ولا إله غيرك ، ثلاث مرات.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد إذا دخل بيته وأوى إلى فراشه ابتدره ملكه وشيطانه ، يقول شيطانه : أختم بشر ، ويقول الملك : أختم بخير ، فإن ذكر الله وحده طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه وإن هو انتبه من منامه ابتدره ملكه وشيطانه ، يقول له الشيطان : افتح بشر ، ويقول الملك : افتح بخير ، فإن هو قال الحمد لله الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي {يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا} وقال الحمد لله الذي (يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم) (الحج الآية 56) قال : فإن خرج من فراشه فمات كان شهيدا وإن قام يصلي صلى).


وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرض على حوت
والسلسلة على أذن الحوت في يد الله تعالى فذلك قوله {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} قال : من مكانهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أن كعبا كان يقول : إن السماء تدور على نصب مثل نصب الرحا ، فقال حذيفة بن اليمان : كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن شقيق قال : قيل لابن مسعود إن كعبا يقول : أن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا في عمود على منكب ملك فقال : كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} وكفى بها زوالا أن تدور.


من آية 42 - 45.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن أبي هلال أنه بلغه أن قريشا كانت تقول : إن الله بعث منا نبيا ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا ، فأنزل الله (لو أن عندنا ذكرا من الأولين) (الصفات 168) (ولو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم) (الأنعام 157) {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم}
وكانت اليهود تستفتح به على الأنصار فيقولون : إنا نجد نبيا يخرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {فلما جاءهم نذير} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء} وهو الشرك {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} أي الشرك {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال : عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} قال : قريش {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} قال : أهل الكتاب ، وفي قوله تعالى {ومكر السيء} قال : الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب

قال : ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به ، من مكر أو بغي أو نكث ، ثم قرأ {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم {يونس} ومن نكث فإنما ينكث على نفسه {الفتح}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والمكر السيء فإنه {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ولهم من الله طالب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال : هل ينظرون إلا أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما كان الله ليعجزه} قال : لن يفوته ، قوله تعالى {ولو يؤاخذ الله الناس}.
وأخرج الفريابي ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : إن كان الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم ثم قرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} والله أعلم.


* بسم الله الرحمن الرحيم * (36)- سورة يس.
مكية وآياتها ثلاث وثمانون.
مقدمة سورة يس.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة يس بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة يس بمكة.
وأخرج الدارمي والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء قلبا وقلب القلب (يس) ومن قرأ (يس) كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات.
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن (يس).


وأخرج الدارمي وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر الله له تلك الليلة.
وأخرج ابن حبان عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له.
وأخرج الدارمي عن الحسن قال : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له وقال : بلغني أنها تعدل القرآن كله.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ومحمد بن نصر ، وَابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن معقل بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يس قلب القرآن لا يقرأها عبد يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه فاقرأوها على موتاكم.


وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
سورة (يس) تدعى في التوراة (المعمة) تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة ، وتدعى (المدافعة القاضية) تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة ، من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة ونزعت عنه كل غل وداء قال البيهقي تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن رفاع الجندي وهو منكر.
وأخرج الخطيب من حديث أنس ، مثله.


وأخرج الخطيب عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع سورة (يس) عدلت له عشرين دينارا في سبيل الله ومن قرأها عدلت له عشرين حجة ومن كتبها وشربها أدخلت جوفه ألف يقين وألف نور وألف بركة وألف رحمة وألف رزق ونزعت منه كل غل وداء.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي عثمان النهدي قال أبو برزة : من قرأ (يس) مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات وقال أبو سعيد : من قرأ (يس) مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين قال أبو برزة : تحدث أنت بما سمعت وأحدث أنا بما سمعت.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي يعني (يس).
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من داوم على قراءة (يس) كل ليلة ثم مات مات شهيدا.


وأخرج الدارمي عن عطاء بن أبي رباح قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ (يس) في صدر النهار قضيت حوائجه.
وأخرج الدارمي عن ابن عباس قال : من قرأ يس حين يصبح أعطى يسر يومه حتى يمسي ومن قرأها في صدر ليله أعطى يسر ليله حتى يصبح.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من ميت يقرأ عنده (يس) إلا هون الله عليه.
وأخرج أبو الشيخ في فضائل القرآن والديلمي من حديث أبي ذر ، مثله.
وأخرج ابن سعد وأحمد في مسنده عن صفوان بن عمرو قال : كانت المشيخة يقولون : إذا قرأت (يس) عند الميت خفف عنه بها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابة قال : من قرأ (يس) غفر له ومن قرأها عند طعام خاف قلته كفاه ومن قرأها عند ميت هون عليه ومن قرأها عند امرأة عسر عليها ولدها يسر عليها ومن قرأها فكأنما

قرأ القرآن إحدى عشرة مرة ولكل شيء قلب وقلب القرآن (يس) قال البيهقي : هكذا نقل إلينا عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين ولا يقول ذلك إن صح عنه إلا بلاغا.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي جعفر محمد بن علي قال : من وجد في قلبه قسوة فليكتب (يس والقرآن الحكيم) في جام من زعفران ثم يشربه.
وأخرج سعيد بن منصور من طريق سماك بن حرب عن رجل من أهل المدينة عمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغداة ، فقرأ (بقاف والقرآن المجيد) (سورة ق الآية 1) و(يس والقرآن الحكيم) (سورة يس الآية 1).
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) فكأنما قرأ القرآن عشر مرات.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل شيء قلب وقلب القرآن (يس) ومن قرأ (يس) فكأنما قرأ القرآن عشر مرات.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة وأنس ، مثله.
وأخرج ابن سعد عن عمار بن ياسر ، أنه كان يقرأ كل يوم جمعة على المنبر (يس) .

وأخرج ابن الضريس عن يحيي بن أبي كثير قال : من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح ختى يمشي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ، أخبرنا من جرب ذلك قال : هي قلب القرآن.
وَأخرَج ابن الضريس عن جعفر قال : قرأ سعيد بن جبير على رجل مجنون سورة "يس" فبرأ.
وَأخرَج أبو الشيخ في " العظمة" عن محمد بن سهل المقرىء عن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمرو الدباغ عن أبيه قال : سلكت طريقا فيه غول فإذا امرأة عليها ثياب معصفرة على سرير وقناديل وهي تدعوني ، فلما رأيت ذلك أخذت في قرأءة "يس" فطفئت قناديلها ، وهي تقول : يا عبدالله ما صنعت بي ، ياعبدالله ما صنعت بي . منها . قال المقرىء : فلا يصيبكم شىء من خوف أو مطالبة من سلطان أو عدو إلا قرأتم "يس" فإنه يدفع عنكم بها ..
وأخرج محمد بن عثمان ، وَابن أبي شيبة في تاريخه والطبراني ، وَابن عساكر عن خريم بن فاتك قال : خرجت في طلب ابل لي وكنا إذا نزلنا بواد نقول : نعوذ بعزيز هذا الوادي فتوسدت ناقة وقلت : أعوذ بعزيز هذا الوادي فإذا هاتف يهتف بي ويقول :

ويحك عذ بالله ذي الجلال * منزل الحرام والحلال ووحد الله ولا تبالي * ما كيد ذا الجن من الأهوال إذ يذكر الله على الأميال * وفي سهول الأرض والجبال وصار كيد الجن في سفال * إلا التقى وصالح الأعمال
فقلت له : أيها القائل ما تقول * أرشد عندك أم تضليل فقال : هذا رسول الله ذا الخيرات * جاء بياسين وحاميمات وسور بعد مفصلات * يأمر بالصلاة والزكاة ويزجر الأقوام عن هنات * فذاك في الأنام نكرات فقلت له : من أنت قال : ملك من ملوك الجن بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن نجد ، قلت : أما كان لي من يؤدي إبلي هذه إلى أهلي ، لآتيه حتى أسلم قال : فأنا أؤديها فركبت بعيرا منها ثم تقدمت فإذا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على المنبر فلما رآني قال : ما فعل الرجل الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك أما إنه قد أداها سالمة.


وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح ب {يس}.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعة فقرأ عندها (يس) غفر الله له بعدد كل حرف منها.
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله يدعى صاحبها الشريف عند الله يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر ، وهي سورة {يس}.
وأخرج الترمذي والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب يا رسول الله إن القرآن ينفلت من صدري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته قال : نعم بأبي أنت وأمي قال : صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ويس ، وفي الثانية بفاتحة الكتاب

(وحم) الدخان ، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب (وألم تنزيل) السجدة ، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب (وتبارك) المفصل ، فإذا فرغت من التشهد فأحمد الله وأثن عليه وصل على النبيين واستغفر للمؤمنين ثم قل : اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني ما لا أتكلف ما لا
يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني وأسألك أن تنور بالكتاب بصري وتطلق به لساني وتفرج به عن قلبي وتشرح به صدري وتستعمل به بدني وتقويني على ذلك وتعينني عليه ، فإنه لا يعينني على الخير غيرك ولا يوفق له إلا أنت فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله ، وما أخطأ مؤمنا قط فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد سبع جمع فأخبره بحفظه القرآن والحديث فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن علم أبا حسن.
الآيات 1 - 11.
أَخْرَج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال {يس} محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ قال : يا محمد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن محمد بن

الحنفية في قوله {يس} قال : يا محمد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {يس} قال : يا إنسان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وعكرمة والضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يس} قال : يا إنسان بالحبشية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشهب قال : سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس فقال : ما أراه ينبغي لقوله {يس والقرآن الحكيم} يقول : هذا اسمي تسميت به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الله {يس والقرآن الحكيم} قال : يقسم الله بما يشاء ثم نزع بهذه الآية {سلام على إل ياسين} الصافات 130 كأنه يرى أنه سلم على رسوله.


وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير في قوله {يس والقرآن الحكيم} قال : يقسم بألف عالم {إنك لمن المرسلين}.
وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار في قوله {يس} قال : هذا قسم أقسم به ربك قال يا محمد إنك لمن المرسلين قبل أن أخلق الخلق بألفي عام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} قال : أقسم كما تسمعون أنه {لمن المرسلين على صراط مستقيم} أي على الإسلام {تنزيل العزيز الرحيم} قال : هو القرآن {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} قال : قريش لم يأت العرب رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم يأتهم ولا آباءهم رسول قبله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} قال : قد أنذر آباؤهم .

وأخرج ابن جرير عن قتادة : (لتنذر قوما ما أنذر أباؤهم) قال: قال بعضهم {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} ما أنذر الناس من قبلهم وقال بعضهم {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} أي هذه الأمة لم يأتهم نذير حتى جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لقد حق القول على أكثرهم} قال : سبق في علمه.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة حتى تأذى به ناس من قريش حتى قاموا ليأخذوه وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم وإذا هم لا يبصرون فجاؤا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم ، فنزلت {يس والقرآن الحكيم}
إلى قوله {أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال : فلم يؤمن من ذلك النفر أحد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا لأفعلن ، ولأفعلن ، فنزلت {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} إلى قوله {لا يبصرون} فكانوا يقولون : هذا محمد فيقول : أين هو أين هو ، لا يبصره.


وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا} قال : كفار قريش غطاء {فأغشيناهم} يقول : ألبسنا أبصارهم {فهم لا يبصرون} النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيؤذونه وذلك أن ناسا من بني مخزوم تواطؤا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة ، فبينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يسمعون قراءته فأرسلوا إليه الوليد ليقتله فانطلق حتى أتى المكان الذي يصلي فيه فجعل يسمع قراءته ولا يراه فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك فأتوه فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه سمعوا قراءته فيذهبون إليه فيسمعون أيضا من خلفهم فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا ، فذلك قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن محمد بن كعب القرظي قال : اجتمع قريش ، وفيهم أبو جهل على باب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا على بابه : إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار

تحرقون فيها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده قال : نعم ، أقول ذلك وأنت أحدهم وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات {يس والقرآن الحكيم} إلى قوله {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات فلم يبق رجل إلا وضع على رأسه ترابا فوضع كل رجل منهم يده على رأسه وإذا عليه تراب فقالوا : لقد كان صدقنا الذي حدثنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {الأغلال} ما بين الصدر إلى الذقن {فهم مقمحون} كما تقمح الدابة باللجام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه قرأ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {مقمحون} قال : مجموعة أيديهم إلى أعناقهم تحت الذقن.


وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {مقمحون} قال المقمح : الشامخ بأنفه المنكس برأسه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : ونحن على جوانبها قعود * نغض الطرف كالإبل القماح.
وَأخرَج الخرائطي في مساوى ء الأخلاق عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال : البخل ، أمسك الله أيديهم عن النفقة في سبيل الله {فهم لا يبصرون}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال : في بعض القراءآت إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) قال : مغلولون عن كل خير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فهم مقمحون} قال : رافعوا رؤوسهم وأيديهم موضوعة على أفواههم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن

خلفهم سدا برفع السين فيهما {فأغشيناهم} بالغين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرون خروجه ليؤذوه فشق ذلك عليه فأتاه جبريل بسورة {يس} وأمره بالخروج عليهم فأخذ كفا من تراب وخرج وهو يقرأوها ويذر التراب على رؤوسهم فما رأوه حتى جاز فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم قالوا : ننتظر محمدا فقال : لقد رأيته داخلا المسجد قالوا : قوموا فقد سحركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا : ائت هذا الرجل فقل له إن قومك يقولون : إنك جئت بأمر عظيم ولم يكن عليه آباؤنا ولا يتبعك عليه أحلامنا وإنك إنما صنعت هذا أنك ذو حاجة
فإن كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك فدع ما تريد

وعليك بما كان عليه آباؤك فانطلق إليه عتبة فقال له : الذي أمروه فلما فرغ من قوله وسكت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم) (فصلت 1 - 2) فقرأ عليه من أولها حتى بلغ (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) (فصلت 13) فرجع عتبة فأخبرهم الخبر فقال : لقد كلمني بكلام ما هو بشعر ولا بسحر وإنه لكلام عجيب ما هو بكلام الناس فوقعوا به وقالوا نذهب إليه بأجمعنا فلما أرادوا ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمدهم حتى قام على رؤوسهم وقال بسم الله الرحمن الرحيم {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} فضرب الله بأيديهم على أعناقهم فجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأخذ ترابا فجعله على رؤوسهم ثم انصرف عنهم ولا يدرون ما صنع بهم فعجبوا وقالوا : ما رأينا أحدا قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ائتمر ناس من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم ليسطوا عليه فجاؤا يريدون ذلك فجعل الله {من بين أيديهم سدا} قال : ظلمة {ومن خلفهم سدا} قال : ظلمة {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} قال : فلم يبصروا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : كان

ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم لبعض : لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا وكذا فأتاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهم في حلقة في المسجد فوقف عليهم فقرأ {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {لا يبصرون} ثم أخذ ترابا فجعل يذره على رؤوسهم فما يرفع إليه رجل طرفه ولا يتكلم كلمة ثم جاوز النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم والله ما سمعنا والله ما أبصرنا والله ما عقلنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا} قال : عن الحق {فهم} يترددون {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} هدى ولا ينتفعون به.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : جعل هذا السد
بينهم وبين الإسلام والإيمان فلم يخلصوا إليه ، وقرأ {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} من منعه الله لا يستطيع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا بنصب السين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة أنه قرأ {فأغشيناهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إنما تنذر من اتبع الذكر} قال : اتباع الذكر اتباع القرآن {وخشي الرحمن بالغيب} قال : خشي عذاب الله وناره {فبشره بمغفرة وأجر كريم} قال : الجنة.
الآية 12.
أَخرَج عبد الرزاق والترمذي وحسنه والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال : كان بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه يكتب

آثاركم ثم قرأ عليهم الآية فتركوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : الخطا.
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنصار منازلهم بعيدة من المسجد فأرادوا أن ينتقلوا قريبا من المسجد فنزلت {ونكتب ما قدموا وآثارهم} فقالوا : بل نمكث مكاننا.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريبا من المسجد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بني سلمة دياركم نكتب آثاركم.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ، وَابن مردويه عن أنس قال : أراد بنو سلمة أن يبيعوا دورهم ويتحولوا قريب المسجد فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكره أن تعرى المدينة فقال يا بني سلمة أما تحبون أن تكتب آثاركم إلى المسجد

قالوا : بلى ، فأقاموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : هذا في الخطو يوم الجمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب قال : كان رجل ما يعلم من أهل المدينة ممن يصلي القبلة أبعد منزلا منه من المسجد فكان يشهد الصلاة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقيل له لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء والظلمات فقال والله ما يسرني أن منزلي بلصق المسجد فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال : يا رسول الله كيما يكتب أثري وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطاك الله ذلك كله وأعطاك ما احتسبت أجمع.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حين يخرج أحدكم من منزله إلى منزل رجل يكتب له حسنة ويحط

عنه سيئة).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق قال : ما خطا رجل خطوة إلا كتب الله له حسنة أو سيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ونكتب ما قدموا} قال : أعمالهم {وآثارهم} قال : خطاهم بأرجلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : لو كان مغفلا شيئا من أثر ابن آدم لأغفل هذا الأثر التي تعفها الرياح ولكن أحصر على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصي هذا الأثر فيما هو في طاعة الله أو معصيته فمن استطاع منكم أن

يكتب أثره في طاعة الله فليفعل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : ما سنوا من سنة فعملوا بها من بعد موتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا} قال : ما قدموا من خير {وآثارهم} قال : ما أورثوا من الضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيء ، ثم تلا هذه الآية {ونكتب ما قدموا وآثارهم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله !

{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : أم الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : كل شيء من إمام عند الله محفوظ يعني في كتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم رضي الله عنه {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : كتاب.
الآيات 13 – 27
أخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} قال : هي أنطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة {أصحاب القرية} قال : أنطاكية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال : أنطاكية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال : ذكر لنا أنها قرية من قرى الروم بعث عيسى بن مريم إليها رجلين فكذبوهما.


وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان موسى بن عمران عليه السلام بينه وبين عيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ولم يكن بينهما وإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل ثم من أرسل من غيرهم وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون
سنة بعث في أولها ثلاثة أنبياء ، وهو قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} والذي عززبه : شمعون ، وكان من الحواريين وكانت الفترة التي ليس فيها رسول أربعمائة سنة وأربعة وثلاثين سنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} قال : بلغني أن عيسى بن مريم بعث إلى أهل القرية - وهي أنطاكية - رجلين من الحواريين وأتبعهم بثالث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} قال : لكي تكون عليهم الحجة أشد فأتوا أهل القرية فدعوهم إلى الله وحده وعبادته لا شريك له فكذبوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : اسم الرسولين اللذين قالا !

{إذ أرسلنا إليهم اثنين} شمعون ، ويوحنا ، واسم (الثالث) بولص.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فعززنا بثالث} مخففة.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} ، ، قال : اسم الثالث الذي عزز به سمعون بن يوحنا ، والثالث بولص فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعا وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} وكان نجارا ألقوه في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قالوا إنا تطيرنا بكم} قال : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم} بالحجارة {قالوا طائركم معكم} أي أعمالكم معكم {أئن ذكرتم} يقول : أئن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {لنرجمنكم} قال : لنشتمنكم قال والرجم في القرآن كله الشتم وفي قوله {طائركم معكم أئن ذكرتم} يقول : ما كتب عليكم واقع بكم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {طائركم معكم} قال : شؤمكم معكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيي بن وثاب أنه قرأها أئن ذكرتم بالخفض وقرأها زر بن حبيش أن ذكرتم بالنصب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : هو حبيب النجار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال : كان اسم صاحب (يس) حبيب بن مري.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : اسم صاحب (يس) حبيب وكان الجذام قد أسرع فيه.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفرالذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال : تسألون أجرا فقالوا : لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال : فرجموه بالحجارة فجعل يقول : رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال : فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الحكم في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : بلغنا أنه كان قصارا.


وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل} كان حراثا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال : إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث}
وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى {ادخل الجنة} قال {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : لما قال صاحب (يس) {يا قوم اتبعوا المرسلين} خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قيل ادخل الجنة} قال : وجبت له الجنة {قال يا ليت

قومي يعلمون} قال : هذا حين رأى الثواب.
الآيات 28 - 29.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وما أنزلنا على قومه} قال : ما استعنت عليهم جندا من السماء ولا من الأرض.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : في قراءة ابن مسعود إن كانت إلا رتقة واحدة وفي قراءتنا {إن كانت إلا صيحة واحدة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فإذا هم خامدون} قال : ميتون.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السبق ثلاثة ، فالسابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب يس ، والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.


وأخرج ابن عساكر من طريق صدقة القرشي عن رجل قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أبو بكر الصديق خير أهل الأرض إلا أن يكون نبي وإلا مؤمن آل ياسين وإلا مؤمن آل فرعون.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر : ثلاثة ما كفروا بالله قط ، مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون.
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصديقون ثلاثة ، حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب.
وأخرج أبو داود وأبو نعيم ، وَابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصديقون ثلاثة ، حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال {يا قوم اتبعوا المرسلين} وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) (غافر الآية 28) وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : قدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأذن ليرجع إلى قومه فقال له

رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قاتلوك قال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني فرجع إليهم فدعاهم إلى الإسلام فعصوه وأسمعوه من الأذى فلما طلع الفجر قام على غرفة فأذن بالصلاة ، وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتله : مثل عروة ، مثل صاحب يس ، دعا قومه إلى الله فقتلوه).
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن شعبة موصولا ، نحوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن مقسم عن ابن عباس ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث عروة بن مسعود إلى الطائف إلى قومه ثقيف فدعاهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم فقتله فقال : ما أشبهه بصاحب (يس).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : شبه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته قال دحية الكلبي يشبه جبريل وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى بن مريم وعبد العزى يشبه الدجال).
الآية 30
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يا حسرة على العباد} يقول : يا ويلا للعباد.


وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قال {يا حسرة على العباد}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {يا حسرة على العباد} قال : كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يا حسرة على العباد} يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضيعت من أمر الله وفرطت في جنب الله تعالى قال : وفي بعض القراءة يا حسرة العباد على أنفسها ما يأتيهم من رسول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يا حسرة على العباد} قال : الندامة على العباد الذين {وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون} يقول : الندامة عليهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يا حسرة على العباد} قال : يا حسرة لهم.


وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هارون قال : في حرف أبي بن كعب يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن.
الآيات 31 - 34.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} قال : عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هارون عن الأعرج وأبي عمرو في قوله {أنهم إليهم لا يرجعون} قالا : ليس في مدة اختلاف هذا من رجوع الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي إسحاق قال : قيل لابن عباس إن ناسا يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ، فسكت ساعة ثم قال : بئس القوم نحن إن كنا أنكحنا نساءه واقتسمنا ميراثه أما تقرأون {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}.
آية 35.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ {وما عملته

أيديهم >.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : (وما عملته أيديهم) ! قال : وجدوه معمولا لم تعمله أيديهم ، يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ وأشباهها {أفلا يشكرون} لهذا ، والله أعلم.
آية 36.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} قال : الأصناف كلها ، الملائكة زوج والأنس زوج والجن زوج وما تنبت الأرض زوج وكل صنف من الطير زوج ثم فسر فقال {مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} الروح لا يعلمه الملائكة ولا خلق الله ولم يطلع على الروح أحد وقوله {ومما لا يعلمون} لا يعلم الملائكة ولا غيرها.
آية 37

أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال : يخرج أحدهما من الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال : كقوله (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) (الحج الآية 61).
آية 38.
أَخرَج عَبد بن حميد والبخاري والترمذي ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال : يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال : مستقرها تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله !

{والشمس تجري لمستقر لها} قال : مستقرها تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي ذر قال : دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها وكأنها قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ وذلك مستقر لها قال : وذلك قراءة عبد الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر في الآية قال {لمستقر لها} أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت فلا يؤذن لها فتقول : إن السير بعيد وإني لم يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال اطلعي من حيث غربت ، قال : فمن يومئذ إلى يوم القيامة (لا ينفع نفسا إيمانها) (الأنعام 158).


وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وَابن الأنباري في المصاحف وأحمد عن ابن عباس أنه كان يقرأ والشمس تجري لمستقر لها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : لو أن الشمس تجري مجرى واحدا من أهل الأرض فيخشى منها ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر ، ولو أنها طلعت في الصيف لقطعهم البرد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي راشد رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال : موضع سجودها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري

لمستقر لها} قال : لوقتها ولأجل لا تعدوه.
آية 39.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والقمر قدرناه منازل} الآية ، قال : قدره الله منازل فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة فشبهه بذلك.
وأخرج الخطيب في كتب النجوم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} قال : في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في شهر ، أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية ، فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك ، وهو آخر الشامية والعقرب والزبابين والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر اليمانية ، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا {عاد كالعرجون القديم} كما كان في أول الشهر.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كالعرجون القديم} يعني أصل العذق القديم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : عرجون النخل اليابس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : هو عذق النخلة اليابس المنحني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : كعذق النخلة إذا قدم فانحنى.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن بن الوليد قال : أعتق رجل كل غلام له عتيق قديم فسئل يعقوب فقال : من كان لسنة فهو حر ، قال الله {حتى عاد كالعرجون القديم} وكان لسنة.
آية 40.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال : لا يشبه ضوء

أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك ، وذلك {ولا الليل سابق النهار} قال : يتطالبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال : ذاك ليلة الهلال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ] [ في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لكل واحد منهما سلطان ، للقمر سلطان بالليل ، وللشمس سلطان بالنهار فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل ، وقوله
{ولا الليل سابق النهار} يقول : لا ينبغي إذا كان ليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار.


وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال : لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال : في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه فتذهب ظلمته ، وفي قضاء الله وعلمه أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يسبق هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : لا يعلو هذا ضوء هذا ولا هذا على هذا.
الآيات 41 - 48
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل

زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : هذه السفن مثل خشبها وصنعتها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : يعني السفن الصغار وقال : الحسن رضي الله عنه : هي الإبل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني الإبل خلقها الله تعالى كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قالا : الإبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : الأنعام ، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال : لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال : إلى الموت ، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال : من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال : من أمر الساعة ، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله} ، قال : نزلت في الزنادقة كانوا

لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} قال ما مضى وما بقي من الذنوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال : اليهود تقوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إسمعيل عن أبي خالد رضي الله عنه في قوله {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال : يهود تقوله.
الآيات 49 - 50.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : تهيج الساعة الناس والرجل يسقي ماشيته والرجل يصلح حوضه والرجل يقيم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه فتهيج بهم وهم كذلك {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون} قال : أعجلوا عن ذلك.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} قال : هذا مبتدأ يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وهم يخصمون} قال : يتكلمون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : لينفخن في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهي التي قال الله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الآية قال : تقوم الساعة والناس في أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب ويحلبون اللقاح وفي حوائجهم {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن

المنذر عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : إن الساعة تقوم والرجل يذرع الثوب والرجل يحلب الناقة ثم قرأ {فلا يستطيعون توصية}.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {تأخذهم وهم يخصمون} قال : تذرهم في أسواقهم وطرقهم {فلا يستطيعون توصية} قال : لا يوصي بعضهم إلى بعض ، والله أعلم.
الآيات 51 - 54.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث} قال : النفخة الأخيرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
{فإذا هم من الأجداث} يعني من القبور {إلى ربهم ينسلون} قال :

يخرجون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {من الأجداث} قال : القبور قال : هل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : حينا يقولون اذ مروا على جدثي * أرشده يا رب من غاز وقد رشدا قال أخبرني عن قوله {إلى ربهم ينسلون} قال : النسل المشي الخبب قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت نابغة بن جعدة وهو يقول : عملان الذنب أمشي فاريا * يرد الليل عليه فنسل.
وَأخرَج ابن الأنباري في المصاحف عن علي رضي الله عنه أنه قرأ {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.


وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ينامون نومة قبل البعث فيجدون لذلك راحة فيقولون {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {من بعثنا من مرقدنا} قال : ينامون قبل البعث نومة.
وأخرج هناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن مجاهد قال : للكافر هجعة يجدون فيها طعم النوم قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور يقول الكافر {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} فيقول المؤمن إلى جنبه {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : يقول المشركون {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} فيقول المؤمن {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال : أولها للكفار وآخرها للمسلمين ، قال الكفار {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} وقال المسلمون {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال : كانوا يرون أن العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين فلما كانت النفخة الثانية قالوا ، {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وأخرج ابن أبي حاتم رضي الله عنه في الآية قال : ينامون قبل البعث نومة فإذا بعثوا قال الكفار {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال : فتجيبهم الملائكة {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فإذا هم جميع لدينا محضرون} قال : عند الحساب.
الآيات 55 - 56.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم

عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : يعجبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : شغلهم النعيم عما فيه أهل النار من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {في شغل فاكهون} قال : في افتضاض الأبكار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : شغلهم افتضاض العذارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وقتادة ، مثله.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن
المؤمن

كلما أراد زوجة وجدها عذراء.
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا.
وأخرج المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أنطؤ في الجنة قال : نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {في شغل فاكهون} قال : ضرب الأوتار قال أبو حاتم : هذا خطأ من السمع إنما هو افتضاض الأبكار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : (فاكهون) . قال : فرحون .

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأزواجهم} قال : حلائلهم.
الآية 57.
أَخْرَج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء إليه الإبريق فيقع في يده فيشرب فيعود إلى مكانه.
الآية 58.
أَخْرَج ابن ماجة ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار ، وَابن أبي حاتم والآجري في الرؤية ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قول الله {سلام قولا من رب رحيم}
قال : فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتوا إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سلام قولا من

رب رحيم} قال : فإن الله هو يسلم عليهم.
وأخرج ابن جرير عن البراء رضي الله عنه في قوله {سلام قولا من رب رحيم} قال : يسلم عليهم عند الموت.
وأخرج ابن جرير وأبو نصر السجزي في الإبانة عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله {سلام قولا من رب رحيم} قال : يأتيهم تبارك وتعالى في درجاتهم فيسلم عليهم فيردون عليه السلام فيقول سلوني فيقولون : ما نسألك وعزتك وجلالك لو أنك قسمت علينا رزق الثقلين الجن والإنس لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم ولا ينقصنا ذلك شيئا ، فيقول : إن لدي مزيدا فيقول ذلك بأهل كل درجة حتى ينتهي ثم يأتيهم التحف من الله تحمله إليهم الملائكة.
الآية 59.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس على تل رفيع ثم نادى مناد : امتازوا اليوم أيها المجرمون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رواد بن الجراح رضي الله عنه في الآية قال : إذا كان يوم القيامة

نادى مناد : أن ميزوا المسلمين من المجرمين إلا صاحب الأهواء ، يعني يترك صاحب الهوى مع المجرمين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} فرق وبكى وقال : ما سمع الناس قط بنعت أشد منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} قال : عزلوا عن كل خير.
الآيات 60 - 64.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ألم أعهد إليكم} يقول : ألم أنهكم.
وأخرج ابن المنذر عن مكحول رضي الله عنه في قوله {أن لا تعبدوا الشيطان} قال : إنما عبادته طاعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {جبلا كثيرا} قال : خلقا كثيرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا بكسر الجيم مثقلة اللام أفلم يكونوا يعقلون بالياء.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن هذيل رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا) مخففة.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ ولقد أضل منكم جبلا مخففة.
الآية 65.
أَخرَج أحمد ومسلم والنسائي ، وَابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه في قوله {اليوم نختم على أفواههم} قال كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه قال : أتدرون ممن ضحكت قلنا : لا يا رسول الله قال : من مخاطبة العبد ربه فيقول : يا رب ألم
تجرني من الظلم فيقول : بلى ، فيقول : إني لا أجيز علي إلا شاهدا مني فيقول : كفى بنفسك عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه : أنطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل.


وأخرج مسلم والترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يلقى العبد ربه فيقول الله : أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول : بلى أي رب فيقول : أفطنت أنك ملاقي فيقول : لا ، فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول : مثل ذلك ، ثم يلقى الثالث فيقول له : مثل ذلك فيقول : آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول : ألا نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه : انطقي ، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه ، بعمله ما كان ذلك يعذر من نفسه وذلك بسخط الله عليه.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول عظم من الإنسان يتكلم

يوم يختم على الأفواه ، فخذه من الرجل الشمال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ليعترف فيقول : أي رب عملت ، عملت عملت فيغفر الله له ذنوبه ويستره منها قال : فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئا وتبدو حسناته فود أن الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض ربه عليه عمله فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا فيقول : لا وعزتك ، أي رب ما عملته فإذا فعل ذلك ختم على فيه فإني أحسب أول ما ينطق منه لفخذه اليمنى ثم تلا {اليوم نختم على أفواههم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن بسرة وكانت
من المهاجرات قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن واعقدن بالأنامل

فإنهن مسؤولات ومستنطقات).
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : يقال للرجل يوم القيامة : عملت كذا وكذا ، فيقول : ما عملته ، فيختم على فيه وتنطق جوارحه فيقول لجوارحه : أبعدكن الله ما خاصمت إلا فيكن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أسماء بن عبيد رضي الله عنه قال : يؤتى بابن آدم يوم القيامة ومعه جبل من صحف لكل ساعة صحيفة فيقول الفاجر : وعزتك لقد كتبوا علي ما لم أعمل فعند ذلك يختم على أفواههم ويؤذن لجوارحهم في الكلام فيكون أول ما يتكلم من جوارح ابن آدم فخذه اليسرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {نختم على أفواههم} قال : فلا يتكلمون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : كانت خصومات وكلام وكان هذا آخره أن ختم على أفواههم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أول ما ينطق من الإنسان فخذه اليمنى.


الآيات 66 - 67.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} قال : أعميناهم وأضللناهم عن الهدى {فأنى يبصرون} فكيف يهتدون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستبقوا الصراط} قال : الطريق {فأنى يبصرون} وقد طمسنا على أعينهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} قال : أهلكناهم {على مكانتهم} قال : في مساكنهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} يقول : لجعلناهم حجارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو نشاء لطمسنا} ، قال : لو شاء الله لتركهم عميا يترددون {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال : لو نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون} قال : فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا.
الآية 68

أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال : هو الهرم ، يتغير سمعه وبصره وقوته كما رأيت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال : نرده إلى أرذل العمر.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {ومن نعمره ننكسه} قال : ثمانين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن نعمره} يقول : من نمد له في العمر {ننكسه في الخلق} كيلا يعلم من بعد علم شيئا {الحج} يعني الهرم.
الآيات 69 - 70.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما علمناه الشعر} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} قال : محمد صلى الله عليه وسلم عصمه الله من ذلك {إن هو إلا ذكر} قال : هذا القرآن {لينذر من كان حيا} قال : حي القلب حي البصر {ويحق القول على الكافرين} بأعمالهم أعمال السوء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : بلغني أنه قيل لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر قالت : كان أبغض الحديث إليه غير أنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس يجعل أخره أوله وأوله آخره ويقول : ويأتيك من لم تزود

بالأخبار فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ليس هكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل ببيت طرفة : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وَأخرَج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم والمرزباني في معجم الشعراء عن الحسن رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت : كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا

فقال أبو بكر رضي الله عنه : أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك.
وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس : أرأيت قولك :
أصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راويه ولا ينبغي لك ، إنما قال : بين عيينة والأقرع.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" بسند فيه من يجهل حاله عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا : يقال بما نهوى يكن فلقا * يقال لشيء كان إلا يحقق

قالت عائشة رضي الله عنها : فقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا.
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لينذر من كان حيا} قال : عاقلا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن نوفل بن عقرب قال : سألت عائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامع عنده الشعر قالت : كان أبغض الحديث إليه.
الآيات 71 - 76.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {مما عملت أيدينا} قال : من صنعتنا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله
عنه في قوله {فهم لها مالكون} قال : ضابطون {وذللناها لهم فمنها ركوبهم} يركبونها ويسافرون عليها {ومنها يأكلون} لحومها {ولهم فيها منافع} قال : يلبسون أصوافها {ومشارب} يشربون ألبانها {أفلا يشكرون}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن عروة رضي الله عنه قال في مصحف عائشة رضي الله عنها فمنها ركوبتهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هارون رضي الله عنه قال في حرف أبي بن كعب رضي الله عنه فمنها ركوبتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن هارون رضي الله عنه قال : قراءة الحسن والأعرج وأبي عمرو والعامة {فمنها ركوبهم} يعني ركوبتهم حمولتهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واتخذوا من دون الله آلهة} قال : هي الأصنام.


وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لعلهم ينصرون} قال : يمنعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لا يستطيعون نصرهم} قال : لا تستطيع الآلهة نصرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا يستطيعون نصرهم} قال : نصر الآلهة ولا تستطيع الآلهة نصرهم {وهم لهم جند محضرون} قال : المشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم سوء إنما هي أصنام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وهم لهم جند محضرون} قال : هم لهم جند في الدنيا وهم {محضرون} في النار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وهم لهم جند محضرون} لآلهتهم التي يعبدون يدفعون عنهم ويمنعونهم.
الآيات 77 - 83.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والإسمعيلي في معجمه

والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته بيده فقال يا محمد أيحيي الله هذا بعد ما أرى قال : نعم ، يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم ، فنزلت الآيات من آخر يس {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء عبد الله بن أبي وفي يده عظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله وهو رميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الله هذا ويميتك ثم يدخلك جهنم ، قال الله {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف وفي يده عظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله وهو رميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبعث الله هذا ويميتك ثم يدخلك جهنم ، قال الله {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.


وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف
الجمحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم نخر فقال : أتعدنا يا محمد إذا بليت عظامنا فكانت رميما أن الله باعثنا خلقا جديدا ثم جعل يفت العظم ويذره في الريح فيقول : يا محمد من يحيي هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، يميتك الله ثم يحييك ويجعلك في جهنم ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مالك قال : جاء أبي بن خلف بعظم نخرة فجعل يفته بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من يحيي العظام وهي رميم فأنزل الله {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى قوله {وهو بكل شيء عليم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشام جاء بعظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذراه فقال : من يحيي العظام وهي رميم فقال الله : يا محمد {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وضرب لنا مثلا} قال : أبي بن خلف ، جاء بعظم فقال :

يا محمد أتعدنا أنا إذا متنا ، فكنا مثل هذا العظم البالي في يده ففته وقال : من يحيينا إذا كنا مثل هذا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وضرب لنا مثلا} قال : نزلت في أبي بن خلف جاء بعظم نخر فجعل يذره في الريح فقال : أنى يحيي الله هذا قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : نعم ، يحيي الله هذا ويدخلك النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} قال : نزلت في أبي بن خلف ، أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه عظم قد دثر فجعل يفته بين أصابعه ويقول : يا محمد أنت الذي تحدث أن هذا سيحيا بعد ما قد بلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، ليميتن الآخر ثم ليحيينه ثم ليدخلنه النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : جاء أبي بن خلف إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم حائل فقال : يا محمد أنى يحيي الله هذا فأنزل الله {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلقها قبل أن تكون أعجب من إحيائها وقد كانت.


وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، إن الناس يحاسبون بأعمالهم ومبعوثون يوم القيامة أنكروا ذلك إنكارا شديدا ، فعمد أبي بن خلف إلى عظم حائل قد نخر ففته ثم ذراه في الريح ثم قال : يا محمد إذا بليت عظامنا إنا لمبعوثون خلقا جديدا فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من استقباله إياه بالتكذيب والأذى في وجهه وجدا شديدا فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا} يقول : الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه ، وفي قوله {أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر} ، قال : هذا مثل قوله {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} قال : ليس من كلام العرب أهون ولا أخف من ذلك ، فأمر الله كذلك.


* بسم الله الرحمن الرحيم * (37)- سورة الصافات.
مكية وآياتها ثنتان وثمانون ومائة.
مقدمة سورة الصافات.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الصافات بمكة.
وأخرج النسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات.
وأخرج ابن أبي داود في فضائل القرآن ، وَابن النجار في تاريخه عن نهشل بن سعيد الورداني عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ يس والصافات يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل والسلفي في الطيوريات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم أهل حضرموت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو وليعة حمزة

ومحرش ومشرح وأبصعة وأختهم العمردة وفيهم الأشعث بن قيس وهو أصغرهم فقالوا : أبيت اللعن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لست ملكا أنا محمد بن عبد الله قالوا : نسميك باسمك قال : لكن الله سماني وأنا أبو القاسم قالوا : يا أبا القاسم إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو ذا كانوا خبؤا لرسول الله صلى الله عليه وسلم جرادة في حمية سمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، إنما يفعل هذا بالكاهن وإن الكاهن والكهانة والتكهن في النار فقالوا : يا رسول الله كيف نعلم أنك رسول الله فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصى فقال : هذا يشهد أني رسول الله ، فسبح الحصى في يده قالوا : نشهد أنك رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني بالحق وأنزل علي كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أثقل في الميزان من الجبل العظيم وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب ، قالوا : فأسمعنا منه فتلا رسول الله

صلى الله عليه وسلم {والصافات صفا} حتى بلغ {ورب المشارق}
ثم سكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن روعه فما يتحرك منه شيء ودموعه تجري على لحيته فقالوا : أنا نراك تبكي أفمن مخافة من أرسلك تبكي قال : إن خشيتي منه أبكتني بعثني على صراط مستقيم في مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت ، ثم تلا (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) (الإسراء 86) إلى آخر الآية.
الآيات 1 - 5.
أَخرَج عَبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه {والصافات صفا} قال : الملائكة {فالزاجرات زجرا} قال : الملائكة {فالتاليات ذكرا} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور عن مسروق رضي الله عنه قال : كان يقال في الصافات والمرسلات والنازعات هي الملائكة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{والصافات صفا فالزاجرات زجرا} قال : هم الملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {فالزاجرات زجرا} قال : ما زجر الله عنه في القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {فالتاليات ذكرا} قال : الملائكة يجيؤن بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والصافات صفا} قال : الملائكة صفوف في السماء {فالزاجرات زجرا} قال : ما زجر الله عنه في القرآن {فالتاليات ذكرا} قال : ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة {إن إلهكم لواحد} قال : وقع القسم على هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ورب المشارق} قال : المشارق ثلاثمائة وستون مشرقا {والمغارب} ثلاثمائة وستون مغربا في

السنة قال والمشرقان مشرق الشتاء ومشرق الصيف والمغربان مغرب الشتاء ومغرب الصيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {المشارق} ثلاثمائة وستون مشرقا {والمغارب} مثل ذلك تطلع الشمس كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ورب المشارق} قال : عدد أيام السنة كل يوم مطلع ومغرب.
من آية 6 - 10.
أَخرَج عَبد بن حميد عن ابن مسعود أنه كان يقرأ (بزينة الكواكب) منونة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عياش قال : قال عاصم رضي الله عنه من قرأها بزينة الكواكب مضافا ولم ينون فلم يجعلها زينة

للسماء وإنما جعل الزينة للكواكب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وحفظا} قال : جعلناها حفظا {من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى} قال : منعوا بها ، يعني بالنجوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى} مخففة وقال : أنهم كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى}
قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويقذفون من كل جانب} قال : يرمون من كل مكان {دحورا} قال : مطر ودين {ولهم عذاب واصب} قال : دائم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ويقذفون من كل جانب دحورا} قال : قذفا بالشهب {ولهم عذاب واصب} قال : دائم.


وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {عذاب واصب} قال : دائم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إلا من خطف الخطفة} يقول : إلا من استرق السمع من أصوات الملائكة {فأتبعه شهاب} يعني الكواكب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا رمي الشهاب لم يخطء من رمي به وتلا {فأتبعه شهاب ثاقب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فأتبعه شهاب ثاقب} قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون ولكنها تحرق وتخبل

وتجرح من غير قتل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم في قوله : (فأتبعه شهاب ثاقب) قال : إن الجني يجيء فيسترق فإذا سرق السمع فرمي بالشهاب قال للذي يليه : كان كذا وكذا ،.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي في قوله {شهاب ثاقب} قال : يثقب الشيطان حتى يخرج من الجانب الآخر فذكر ذلك لأبي مجلز رضي الله عنه فقال : ليس ذاك ولكن ثقوبه ضوءه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {شهاب ثاقب} قال : ضوءه إذا نقض فأصاب الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الثاقب} المتوقد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله {ثاقب} قالا : مضيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {الثاقب} المحرق.
الآيات 11 - 21.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه

في قوله {أهم أشد خلقا أم من خلقنا} قال : السموات والأرض والجبال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أم من خلقنا} قال : أم من عددنا عليك من خلق السموات والأرض قال الله تعالى (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) (غافر 57).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه أنه قرأ أهم أشد خلقا أم من عددنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {أم من خلقنا} قال : من الأموات والملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من طين لازب} قال : ملتصق.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله {من طين لازب} قال : الملتزق قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت النابغة وهو يقول :

فلا تحسبون الخير لا شر بعده * ولا تحسبون الشر ضربة لازب.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {من طين لازب} قال : اللزب الجيد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة رضي الله عنه {من طين لازب} قال : لازج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من طين لازب} قال : اللازب والحمأ والطين واحد ، كان أوله ترابا ثم صار حمأ منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله منه آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال اللازب الذي يلزق بعضه إلى بعض.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : اللازب الذي يلزق باليد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله !

{طين لازب} قال : لازم منتن.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ بل عجبت ويسخرون بالرفع.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق الأعمش عن شقيق بن سلمة عن شريح رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذه الآية بل عجبت ويسخرون بالنصب ويقول إن الله لا يعجب من الشيء إنما يعجب من لا يعلم قال الأعمش : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي رضي الله عنه فقال : إن شريحا كان معجبا برأيه وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان أعلم منه كان يقرأها {بل عجبت}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {بل عجبت}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل عجبت ويسخرون} قال : عجبت من كتاب الله ووحيه {ويسخرون} بما

جئت به.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {بل عجبت} قال النبي
صلى الله عليه وسلم : عجبت بالقرآن حين أنزل ويسخر منه ضلال بني آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل عجبت} قال : عجب محمد صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن حين أعطيه وسخر منه أهل الضلالة {ويسخرون} يعني أهل مكة {وإذا ذكروا لا يذكرون} أي لا ينتفعون ولا يبصرون {وإذا رأوا آية يستسخرون} أي يسخرون منه ويستهزؤن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يستسخرون} قال : يستهزؤن ، وفي قوله {فإنما هي زجرة} قال : صيحة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فإنما هي زجرة

واحدة} قال : نفخة واحدة وهي النفخة الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هذا يوم الدين} قال : يدين الله فيه العباد بأعمالهم {هذا يوم الفصل} يعني يوم القيامة.
الآيات 22 - 23.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : تقول الملائكة للزبانية {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أمثالهم الذين هم مثلهم يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر ، أزواج في الجنة وأزواج في النار.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وعبد بن حميد

وابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أشباههم ، وفي لفظ نظراءهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير وعكرمة رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أزواجهم في الأعمال وقرأ (وكنتم أزواجا ثلاثة) (الواقعة 7) الآية (فأصحاب الميمنة) (الواقعة 8) زوج (وأصحاب المشئمة) (الواقعة 9) زوج (والسابقون) (الواقعة 10) زوج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أمثالهم ، القتلة مع القتلة والزناة مع الزناة وأكلة الربا مع أكلة الربا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أشباههم من الكفار مع الكفار {وما كانوا يعبدون من دون الله} قال : الأصنام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{فاهدوهم إلى صراط الجحيم} قال : سوقوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاهدوهم} قال : دلوهم {إلى صراط الجحيم} قال : طريق النار.
آية 24.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقفوهم إنهم مسؤولون} قال : احبسوهم إنهم محاسبون.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والدارمي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه وإن دعا رجل
رجلا ، ثم قرأ {وقفوهم إنهم مسؤولون}.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله {وقفوهم إنهم مسؤولون} قال : يقفون يوم القيامة حتى يسألوا عن أعمالهم.


وأخرج ابن أبي حاتم عن عثمان بن زائدة رضي الله عنه قال : كان يقال إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن جلسائه.
الآيات 25 - 44.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لكم لا تناصرون} قال : لا تمانعون منا {بل هم اليوم مستسلمون} مسخرون {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} أقبل بعضهم يلوم بعضا قال : الضعفاء للذين استكبروا {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقدرة عليكم {قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} في علم الله {وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين} مشركين في علم الله {فحق علينا قول ربنا} فوجب علينا قضاء ربنا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزة {فإنهم يومئذ} قال : كلهم {في العذاب مشتركون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه

في قوله {ما لكم لا تناصرون} قال : لا يدفع بعضكم بعضا {بل هم اليوم مستسلمون} في عذاب الله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : الأنس على الجن قالت الأنس للجن {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} قال : من قبل الخير أفتهنونا عنه ، قالت الجن للأنس {بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا} قال : هذا قول الجن {فأغويناكم إنا كنا غاوين} هذا قول الشياطين لضلال بني آدم {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم {بل جاء بالحق وصدق المرسلين} أي صدق من كان قبله من المرسلين {إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين} قال : هذه ثنية الله {أولئك لهم رزق معلوم} قال : الجنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كنتم تأتوننا عن اليمين} قال : كانوا يأتونهم عند كل خير ليصدوهم عنه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {تأتوننا عن اليمين} قال : عن الحق الكفار تقوله للشياطين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي شيبه ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لم تكونوا مؤمنين} قال : لو كنتم مؤمنين منعتم منا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأغويناكم} قال : الشياطين تقول {فأغويناكم} في الدنيا {إنا كنا غاوين} {فإنهم يومئذ} ومن أغووا في الدنيا {في العذاب مشتركون}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} لا يعقل قال : فحكى الله صدقه فقال {بل جاء بالحق وصدق المرسلين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ، وأنزل الله في كتابه وذكر قوما استكبروا فقال {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} وقال (إذ جعل

الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) (الفتح الآية 26) وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله ، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية ، يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج البخاري في تاريخه عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه قيل له : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال : بلى ، ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان فمن جاء بأسنانه فتح له ومن لا لم يفتح له.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ {إلا عباد الله المخلصين}.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم رزق معلوم} قال : في الجنة.
الآيات 45 - 49.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عني به الخمر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بكأس من معين} قال : كأس من خمر لم تعصر والمعين هي الجارية {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم ولا تصدع رؤوسهم ولا توجع بطونهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {بكأس من معين} هو الجاري.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {بيضاء} قال : في قراءة عبد الله صفراء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يطاف عليهم بكأس من معين} قال : الخمر {لا فيها غول} قال : ليس فيها صداع {ولا هم عنها ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، فنزه الله خمر الجنة عنها !

{لا فيها غول} لا تغول عقولهم من السكر {ولا هم عنها ينزفون} لا يقيؤن عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها والقيء مستكره.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {لا فيها غول} قال : ليس فيها نتن ولا كراهية كخمر الدنيا قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت أمرؤ القيس وهو يقول : رب كاس شربت لا غول فيها * وسقيت النديم منها مزاجا قال أخبرني عن قوله {ولا هم عنها ينزفون} قال : لا يسكرون قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وهو يقول : ثم لا ينزفون عنها ولكن * يذهب الهم عنهم والغليل.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {لا فيها غول} قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا فيها غول} قال : وجع بطن {ولا هم عنها

ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بكأس من معين} قال : المعين الخمر {لا فيها غول} قال : وجع بطن {ولا هم عنها ينزفون} لا مكروه فيها ولا أذى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {وعندهم قاصرات الطرف} يقول : عن غير أزواجهن {كأنهن بيض مكنون} قال : اللؤلؤ المكنون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {وعندهم قاصرات الطرف} يقول : عن غير أزواجهن قال : قصرن طرفهن على أزواجهن {عين} قال : حسان العيون.


وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {عين} قال : العين العظام الأعين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : بياض البيضة ينزع عنها فوقها وغشاؤها الذي يكون في العرف.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : كأنهن بطن البيض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : بياض البيض حين ينزع قشره.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : هو السخاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في

قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض في عشه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وعندهم قاصرات الطرف} قال : قصرن طرفهن على أزواجهن ، فلا يردن غيرهم {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض الذي لم تلوثه الأيدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : محصون لم تمرته الأيدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض الذي يكنه الريش مثل بيض النعام الذي أكنه الريش من الريح فهو أبيض إلى الصفرة فكانت تترقرق فذلك المكنون.
الآيات 50 - 61.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : أهل الجنة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن

أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال : شيطان.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : كان رجلان شريكين وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فأشترى بألف دينار أرضا فقال صاحبه : اللهم إن فلانا اشترى بألف دينار أرضا وإني أشتري منك بألف دينار أرضا في الجنة ، فتصدق بألف دينار ثم ابتنى صاحبه دارا بألف دينار فقال هذا : اللهم إن فلانا ابتنى دارا بألف دينار وإني أشتري منك دارا في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار فقال : اللهم إن فلانا تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ثم أشترى خدما ومتاعا بألف دينار وإني أشتري منك خدما ومتاعا في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ، ثم أصابته حاجة شديدة فقال : لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف فجلس على طريقه فمر به في حشمه وأهله فقام إليه الآخر فنظر فعرفه فقال فلان ، فقال : نعم ، فقال : ما شأنك فقال : أصابتني بعدك

حاجة فأتيتك لتصيبني بخير قال : فما فعل فقد اقتسمناه مالا واحدا فأخذت شطره وأنا شطره ، فقال : اشتريت دارا بألف دينار ففعلت أنا كذلك وفعلت أنا كذلك ، فقص عليه القصة فقال : إنك لمن المصدقين بهذا أذهب فو الله لا أعطيك شيئا فرده فقضي لهما أن توفيا فنزلت فيهما {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} حتى بلغ {أئنا لمدينون} قال : لمحاسبون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال : ذكر لي أن رجلين كان شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار فكان أحدهما ليس له حرفة والآخر له حرفة فقال : إنه ليس لك حرفة فما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثم فارقه ، ثم إن أحد الرجلين أشترى دارا كانت لملك بألف دينار فدعا صاحبه ثم قال : كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار فقال : ما أحسنها فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار وإني أسألك دارا من الجنة ، فتصدق بألف دينار ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال : إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين ، فتصدق بألف دينار

ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه وقال : إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار وإني أسألك بستانين في الجنة ، فتصدق بألفي دينار ، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما فانطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله البستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا ، وكذا ، ، قال : فإنه ذلك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة فقال {إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} قيل لهك فإنه في الجحيم قال {هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم} فقال عند ذلك {تالله إن كدت

لتردين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كانا شريكين في
بني إسرائيل ، أحدهما مؤمن ، والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ، ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أضربت به شيئا اتجرت به في شيء قال له المؤمن : لا ، فما صنعت أنت قال : اشتريت به نخلا وأرضا وثمارا وأنهارا بألف دينار فقال له المؤمن : أو فعلت قال : نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل فصلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت ويتركها غدا ، اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة ، ثم أصبح فقسمها للمساكين ، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت أضربت به في شيء أتجرت به قال : لا ، قال : فما صنعت أنت قال : كانت ضيعتي قد اشتد على مؤنتها فأشتريت رقيقا

بألف دينار يقومون لي ويعملون لي فيها ، فقال المؤمن : أو فعلت قال : نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعا بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدا فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار رقيقا في الجنة ، ثم أصبح فقسمها بين المساكين ، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك أضربت به في شيء أتجرت به في شيء قال : لا ، فما صنعت أنت قال : كان أمري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن : أو فعلت قال : له نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية فوضعها بين يديه وقال : اللهم إن فلانا تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة ، ثم أصبح فقسمها بين المساكين فبقي المؤمن ليس عنده شيء.
فلبس قميصا من قطن وكساء من صوف ثم جعل يعمل ويحفر

بقوته فقال رجل : يا عبد الله أتؤجر نفسك مشاهرة ، شهرا بشهر تقوم على دواب لي قال : نعم ، فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له : سرقت شعير هذه البارحة ، فلما رأى المؤمن الشدة قال : لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه يطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا ، فأنطلق يريده فانتهى إلى بابه وهم ممس فإذا قصر في السماء وإذا حوله البوابون فقال لهم : استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنكم إن فعلتم ذلك سره فقالوا له : إنطلق فإن كنت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه فوقه ثم نام فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له فخرج شريكه وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف فسلم عليه وصافحه ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك قال : لا تسألني عنه قال : فما جاء بك قال : جئت أعمل في أرضك هذه تطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال : لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال : أقرضته من الملأ الوفي قال : من قال : الله ربي وهو مصافحه

فأنتزع يده ثم قال {أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون} وتركه فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع وتركه يعيش المؤمن في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان ، فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وأنهار وثمار فيقول : لمن هذا فيقال : هذا لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول : لمن هذا فيقال : هؤلاء لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عين فيقول : لمن هذه فيقال : هذه لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يذكر شريكه الكافر فيقول {إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} فالجنة عالية والنار هاوية فيريه الله شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول {قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون}
بمثل ما قدمت عليه قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر أشد عليه من الموت.


وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أئنا لمدينون} قال : لمحاسبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هل أنتم مطلعون} يقول : مطلعون إليه حتى أنظر إليه في النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {في سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : رماهم بسهم فاستوى في سوائها * وكان قبولا للهوى والطوارق.
وَأخرَج ابن أبي شيبه وهناد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله !

{فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال : اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : في الجنة كوى فإذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فأزداد شكرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال : سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول : في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال : فلان ، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه ، لقد تغير خبره وسبره ، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول : لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال : في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال : هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : علموا أن كل نعيم بعد

الموت يقطعه فقالوا {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل : لا ، قالوا {إن هذا لهو الفوز العظيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقول الله تعالى لأهل الجنة : (كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون) (المرسلات 43) قال : قول الله (هنيئا) أي لا تموتون فيها ، فعندها قالوا {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون}.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر ثم جثا على ركبتيه فجعل يبكي حتى بل الثرى ثم قال {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
الآيات 62 - 68.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال :

لما ذكر الله شجرة الزقوم افتتن بها الظلمة فقال أبو جهل : يزعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجر {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أي غذيت بالنار ومنها خلقت {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} قال : يشبهها بذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنا جعلناها فتنة للظالمين} قال : قول أبي جهل : إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه في قوله {طلعها كأنه رؤوس الشياطين}
قال : شعور الشياطين قائمة إلى السماء.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد ، وَابن المنذر عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : بلغنا أن ابن آدم لا ينهش من شجرة الزقوم نهشه إلا نهشت منه مثلها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فلما نفد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى) (القيامة 34 - 35) فسمع أبو جهل فقال : من توعد يا محمد قال : إياك فقال : بم توعدني فقال : أوعدك بالعزيز الكريم فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز

الكريم فأنزل الله (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) (الدخان 43) إلى قوله (ذق إنك أنت العزيز الكريم) فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه فأخرج إليهم زبدا وتمرا فقال : تزقموا من هذا فو الله ما يتوعدكم محمدا إلا بهذا فأنزل الله {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} إلى قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} فقال : في الشوب إنها تختلط باللبن فتشوبه بها فإن لهم على ما يأكلون {لشوبا من حميم}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا} قال : لمزجا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} قال : يختلط الحميم والغساق قال له : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :

تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا.
وَأخرَج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لشوبا من حميم} قال : يخلط طعامهم ويشاب بالحميم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا
ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء أهل الجنة وأهل النار وقرأ ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} قال : مزجا {ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم} قال : فهم في عناء وعذاب بين نار وحميم ، وتلا هذه

الآية (يطوفون بينها وبين حميم آن) (الرحمن 44).
الآيات 69 - 74.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنهم ألفوا آباءهم} قال : وجدوا آباءهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنهم ألفوا آباءهم} قال : وجدوا آباءهم {ضالين فهم على آثارهم يهرعون} أي مسرعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنهم ألفوا آباءهم ضالين} قال : جاهلين {فهم على آثارهم يهرعون} قال : كهيئة الهرولة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب الله.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا عباد الله

المخلصين} قال : الذين استخلصهم الله سبحانه وتعالى.
الآيات 75 - 101.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قال : أجابه الله تعالى.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى في بيتي فمر بهذه الآية {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قال : صدقت ربنا أنت أقرب من دعي وأقرب من يعطي فنعم المدعي ونعم المعطي ونعم المسؤول ونعم المولى وأنت ربنا ونعم النصير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} قال : من غرق الطوفان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : فالناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام {وتركنا عليه في الآخرين} قال : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرة.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} يقول : لم يبق إلا ذرية نوح عليه السلام {وتركنا عليه في الآخرين} يقول : يذكر بخير.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : سام وحام ويافث.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وحسنه وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد نوح ثلاثة ، سام وحام ويافث ، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير منهم.
وَأَمَّا ولد حام القبط

والبربر والسودان.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : ولد نوح ثلاثة ، فسام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن نوحا عليه السلام اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال : تنظر إلي وأنا أغتسل حار الله لونك ، فأسود فهو أبو السودان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتركنا عليه في الآخرين} قال : لسان صدق للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {وتركنا عليه في الآخرين} قال : هو السلام كما قال {سلام على نوح في العالمين}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه {وتركنا عليه في الآخرين} قال : الثناء الحسن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : (وتركنا عليه في الآخرين) قال : السلام والثناء الحسن .

قوله تعالى : (وإن من شيعته لإبراهيم) الآيات.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن من شيعته} قال : من أهل ذريته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن من شيعته لإبراهيم} قال : من شيعة نوح إبراهيم ، على منهاجه وسننه {إذ جاء ربه بقلب سليم} قال : ليس فيه شك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن من شيعته لإبراهيم} قال : على دينه {إذ جاء ربه بقلب سليم} من الشرك (أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين) إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : رأى نجما طالعا فقال {إني سقيم} قال كايديني في النجوم قال : كلمة من كلام العرب يقول الله عز دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : كلمة من كلام العرب يقول إذا تفكر ، نظر في النجوم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : في السماء {فقال إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني سقيم} قال : مريض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : طعين

وكانوا يفرون من المطعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : أرسل إليه ملكهم
فقال : إن غدا عيدنا فأخرج قال : فنظر إلى نجم فقال : إن ذا النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي {فتولوا عنه مدبرين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فتولوا عنه مدبرين} قال : فنكصوا عنه منطلقين {فراغ} قال : فمال {إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون} يستنطقهم منطلقين {ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين} أي فأقبل عليهن فكسرهن {فأقبلوا إليه يزفون} قال : يسعون {قال أتعبدون ما تنحتون} من الأصنام {والله خلقكم وما تعملون} قال : خلقكم وخلق ما تعملون بأيديكم {فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين} قال : فما ناظرهم الله بعد ذلك حتى أهلكهم {وقال إني ذاهب إلى ربي} قال : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : خرج قوم إبراهيم عليه السلام إلى عيد لهم وأرادوا إبراهيم عليه السلام على الخروج فأضطجع على ظهره و{فقال إني سقيم} لا أستطيع الخروج وجعل ينظر إلى السماء فلما خرجوا أقبل على آلهتهم فكسرها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{فأقبلوا إليه يزفون} قال : يجرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فأقبلوا إليه يزفون} قال : ينسلون ، والزفيف النسلان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {يزفون} قال : يسعون.
وأخرج البخاري في خلق أفعال العباد والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله صانع كل صانع وصنعته ، وتلا عند ذلك {والله خلقكم وما تعملون}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال {قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم} قال : فحبسوه في بيت وجمعوا له حطبا حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول :

لئن عافاني الله لأجمعن حطبا لإبراهيم فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب حتى إن كانت
الطير لتمر بها فتحترق من شدة وهجها فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان فرفع إبراهيم عليه السلام رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة إبراهيم يحرق فيك فقال : أنا أعلم به وإن دعاكم فأغيثوه ، وقال إبراهيم عليه السلام حين رفع رأسه إلى السماء : اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض ولد يعبدك غيري حسبي الله ونعم الوكيل فناداها (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) (الأنبياء 69).
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} قال : حين هاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {رب هب لي من الصالحين} قال : ولدا صالحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : بولادة إسحاق عليه السلام.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فبشرناه بغلام حليم} قال : بشر بإسحاق قال : ولم يثن الله بالحلم على أحد إلا على إبراهيم وإسحاق عليهما السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسماعيل عليه السلام قال : وبشره الله بنبوة إسحاق بعد ذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر من طريق الزهري عن القاسم رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك بمنى ، وقال كعب رضي الله عنه : هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك ببيت المقدس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : إسماعيل عليه السلام.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسحاق عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسحاق عليه السلام.


من آية 102 - 111.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بلغ معه السعي} قال : العمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فلما بلغ معه السعي} قال : أدرك معه العمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلما بلغ معه السعي} قال : لما مشى مع أبيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {فلما بلغ معه السعي} قال : لما مشى فأسر في نفسه حزنا في قراءة عبد الله {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فلما بلغ معه السعي} قال : لما شب حتى أدرك سعيه سعي إبراهيم في العمل {فلما أسلما} قال : سلما ما أمرا به {وتله للجبين} قال : وضع وجهي للأرض ، ففعل فلما أدخل يده ليذبحه {وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}

فأمسك
يده ورفع رأسه فرأى الكبش ينحط إليه حتى وقع عليه فذبحه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي فشده فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}.
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ ثم أتى به الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع فساخ فلما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق عليهما السلام قال لأبيه : يا أبت أوثقني لا أضطرب فينتضح عليك دمي إذا ذبحتني فشده فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه ، نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما !

{وإن من شيعته لإبراهيم} قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه {بلغ معه السعي} شب حتى بلغ سعيه سعي إبراهيم في العمل {فلما أسلما} سلما ما أمرا به {وتله} وضع وجهه للأرض فقال : لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني فلا تجهز علي وأن أجزع فأنكص فأمتنع منك ولكن أربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي إلى الأرض فلما أدخل يده ليذبحه فلم تصل المدية حتى نودي {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فأمسك يده فذلك قوله {وفديناه بذبح عظيم} بكبش {عظيم} متقبل ، وزعم ابن عباس رضي الله عنهما أن الذبيح إسماعيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا الأنبياء وحي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء وحي ، ثم تلا هذه الآية {إني أرى في المنام أني

أذبحك فانظر ماذا ترى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء عليهم السلام
حق ، إذا رأوا شيئا فعلوه.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أمر إبراهيم عليه السلام بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم عليه السلام ثم ذهب به جبريل عليه السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات {وتله للجبين} وعلى إسماعيل عليه السلام قميص أبيض فقال : يا أبت ليس لي ثوب تكفني فيه غيره فأخلعه حتى تكفني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فالتفت فإذا كبش أبيض أعين أقرن فذبحه.
وأخرج ابن جرير والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال : المفدى إسماعيل وزعمت اليهود إنه إسحاق ، وكذبت اليهود.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم

وصححه من طريق الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد ويوسف بن ماهك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق يوسف بن مهران وأبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قالا : الذي أراد إبراهيم عليه السلام ذبحه إسماعيل عليه السلام.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي ومجاهد والحسن ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش.
وأخرج ابن جرير والآمدي في مغازيه والخلعي في فوائده والحاكم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن سعيد

الصنايجي قال : حضرنا مجلس معاوية بن أبي
سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق أيهما الذبيح فقال معاوية : سقطتم على الخبير كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه إعرابي فقال : يا رسول الله خلفت الكلأ يابسا والماء عابسا هلك العيال وضاع المال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه فقال القوم : من الذبيحان يا أمير المؤمنين قال : إن عبد المطلب لما حفر زمزم نذر لله أن سهل حفرها أن ينحر بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا : أرض ربك وأفد ابنك ، ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح وإسماعيل الثاني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله وذلك أن الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح {وبشرناه بإسحاق} وقال (فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) (هود الآية 71) بابن ، وَابن ابن فلم يكن يأمر بذبح إسحاق وله فيه موعود بما

وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال سألت خوات بن جبير رضي الله عنه عن ذبيح الله قال : إسماعيل عليه السلام لما بلغ سبع سنين رأى إبراهيم عليه السلام في النوم في منزله بالشام أن يذبحه فركب إليه على البراق حتى جاءه فوجده عند أمه فأخذ بيديه ومضى به لما أمر به وجاء الشيطان في صورة رجل يعرفه فذبح طرفي حلقه فإذا هو نحر في نحاس فشحذ الشفرة مرتين أو ثلاثا بالحجر ولا تحز قال إبراهيم : إن هذا الأمر من الله فرفع رأسه فإذا هو بوعل واقف بين يديه فقال إبراهيم : قم يا بني قد نزل فداؤك فذبحه هناك بمنى.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي من طريق عطاء بن يسار رضي الله عنه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : الذبيح إسماعيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد والحسن رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل.


وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة رضي
الله عنه يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : إن الذي أمر بذبحه إسماعيل.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن محمد بن كعب رضي الله عنه ، أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أرسل إلى رجل كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان من علمائهم فسأله : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وأن اليهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأجعلني رابعا قال : إن إبراهيم ألقي في النار فصبر من أجلي وإن إسحاق جاد لي بنفسه وأن يعقوب غاب عنه يوسف وتلك بلية لم تنلك).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب يقولون يا رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب لأي شيء يقولون ذلك قال : لأن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا إختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بنفسه فهو على ما سواه أجود وأما

يعقوب فما ابتليت ببلاء إلا ازداد بي حسن الظن.
وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن داود سأل ربه مسأله فقال : اجعلني مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأوحى الله إليه أني : ابتليت إبراهيم بالنار فصبر وابتليت إسحاق بالذبح فصبر وابتليت يعقوب فصبر).
وأخرج الدارقطني في الأفراد والديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن مردويه عن بهار وكانت له صحبة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إسحاق ذبيح.


وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن أبي الأحوص قال : فاخر أسماء بن خارجة عند ابن مسعود فقال : أنا ابن الأشياخ الكرام فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس قال يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأمتي ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لعجلت دعوتي إن الله لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له : يا ابا إسحاق سل تعطيه قال : أما والله لا تعجلها قبل نزغات الشيطان اللهم من مات لا يشرك بك شيئا قد أحسن فأغفر له.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه ، أنه قال

لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق قال : بلى ، قال : رأى إبراهيم أن يذبح إسحاق قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذه آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا فتمثل الشيطان رجلا يعرفونه فأقبل حتى خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارة فقال : أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق قالت : لبعض حاجته قال : لا والله قالت : فلم غدا قال : ليذبحه قالت : لم يكن ليذبح ابنه قال : بلى والله قالت سارة : فلم يذبحه قال : زعم أن ربه أمره بذلك قالت : قد أحسن أن يطيع ربه إن كان أمره بذلك ، فخرج الشيطان فأدرك إسحاق وهو يمشي على أثر أبيه قال : أين أصبح أبوك غاديا قال : لبعض حاجته قال : لا والله بل غدا بك ليذبحك قال : ما كان أبي ليذبحني قال : بلى قال : لم قال : زعم إن الله أمره بذلك قال إسحاق : فوالله لئن أمره ليطيعنه ، فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم فقال أين أصبحت غاديا بابنك قال : لبعض حاجتي قال : لا والله ما غدوت به إلا لتذبحه ، قال : ولم أذبحه قال : زعمت أن الله أمرك بذلك فقال : والله لئن كان الله أمرني لأفعلن ، قال فتركه ويئس أن يطاع فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق عافاه الله وفداه بذبح عظيم ، فقال : قم أي بني فإن الله قد عافاك فأوحى الله إلى إسحاق : إني قد
أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها قال : فإني أدعوك أن تستجيب لي ، أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة .

وأخرج ابن جرير عن ابن أبي الهذيل وأبي ميسرة ، وَابن سابط قالوا : الذبيح إسحاق ..
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال الذبيح إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق .

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ذبح إسحاق سار به من منزله إلى المنحر بمنى مسيرة شهر في غداة واحدة فلما صرف عنه الذبح وأمر بذبح الكبش ذبحه ثم راح به وراحا إلى منزله في عشية واحدة مسيرة شهر طويت له الأودية والجبال.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ، أن يذبح إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مسروق رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن عساكر عن نوح بن حبيب قال : سمعت الشافعي يقول كلاما ما سمعت قط أحسن منه سمعته يقول : قال خليل الله إبراهيم لولده في وقت ما قص عليه ما رأى ماذا ترى أي ماذا تشير به ليستخرج

بهذه اللفظة منه ذكر التفويض والصبر والتسليم والإنقياد لأمر الله لا لمواراته لدفع أمر الله تعالى {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} قال الشافعي رضي الله عنه والتفويض هو الصبر والتسليم هو الصبر والإنقياد هو ملاك الصبر فجمع له الذبيح جمع ما ابتغاه بهذه اللفظة اليسيرة.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن فضيل بن عياض قال : أضجعه ووضع
الشفرة فأقلب جبريل الشفرة فقال : يا أبت شدني فإني أخاف أن ينتضح عليك من دمي ثم قال : يا أبت حلني فإني أخاف أن تشهد علي الملائكة إني جزعت من أمر الله تعالى ،.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أتي إبراهيم في النوم فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت ، أن الله رزقك غلاما من سارة أن تذبحه ، فقال : يا إسحاق انطلق فقرب قربانا إلى الله فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق به حتى إذا ذهب به بين الجبال قال الغلام : يا أبت أين قربانك {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} قال له إسحاق : يا أبت اشدد رباطي

حتى لا أضطرب وأكفف عني ثيابك حتى لا ينضح عليها من دمي شيء فتراه سارة فتحزن وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي فإذا أتيت سارة فأقرأ عليها السلام مني ، فأقبل عليه إبراهيم بقلبه وهو يبكي وإسحاق يبكي ثم أنه جر السكين على حلقه فلم تنحر وضرب الله على حلق إسحاق صفيحة من نحاس فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه وحز من قفاه ، وذلك قول الله {فلما أسلما} يقول : سلما لله الأمر {وتله للجبين} فنودي يا إبراهيم (قد صدقت الرؤيا) بإسحاق فالتفت فإذا هو بكبش فأخذه وحل عن ابنه وأكب عليه يقبله وجعل يقول : اليوم يا بني وهبت لي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه قال له : يا بني خذ الشفرة فقال الشيطان : هذا أوان أصيب حاجتي من آل إبراهيم فلقي إبراهيم متشبها بصديق له فقال له : يا إبراهيم أين تعمد قال : لحاجة قال : والله ما تذهب إلا لتذبح ابنك من أجل رؤيا رأيتها والرؤيا تخطى ء وتصيب وليس في رؤيا رأيتها ما تذهب إسحاق فلما رأى أنه

لم يستفد من إبراهيم شيئا ، لقي إسحاق فقال : أين تعمد يا إسحاق قال : لحاجة إبراهيم قال : إن إبراهيم إنما يذهب بك ليذبحك فقال إسحاق : وما شأنه يذبحني وهل رأيت أحدا يذبح ابنه قال : يذبحك لله قال : فإن يذبحني لله أصبر والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد من إسحاق شيئا جاء إلى سارة فقال : أين يذهب إسحاق قالت : ذهب مع إبراهيم
لحاجته فقال : إنما ذهب به ليذبحه فقالت : وهل رأيت أحدا يذبح ابنه قال : يذبحه لله قالت : فإن ذبحه لله فإن إبراهيم وإسحاق لله والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد منهما شيئا أتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي ومع إبراهيم الملك فقال الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن طريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية فانتفخ حتى سد الوادي فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فأفرج له عن الطريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثالثة فانتفخ حتى سد الوادي عليه فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن الطريق حتى أتى المنحر.


وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما سميت تروية وعرفة لأن إبراهيم عليه السلام أتاه الوحي في منامه : أن يذبح ابنه فرأى في نفسه أمن الله هذا أم من الشيطان فأصبح صائما فلما كان ليلة عرفة أتاه الوحي فعرف أنه الحق من ربه فسميت عرفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلما أسلما} قال : أسلم هذا نفسه لله وأسلم هذا ابنه لله {وتله} أي كبه لفيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {فلما أسلما} قال : اتفقا على أمر واحد {وتله للجبين} قال : أكبه للجبين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتله للجبين} قال : أكبه على وجهه.


وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتله للجبين} قال : صرعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه قال : يا أبتاه خذ بناصيتي واجلس بين كتفي حتى لا أؤذيك إذا مسني حر السكين ففعل فانقلبت السكين قال : مالك يا أبتاه قال : انقلبت
السكين قال : فاطعن بها طعنا قال : فتثنت قال : مالك يا أبتاه قال : تثنت فعرف الصدق ففداه الله بذبح عظيم وهو إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتله للجبين} قال : ساجدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما أن وضع السكين على حلقه انقلبت صارت نحاسا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عثمان بن حاضر قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق ترك أمه سارة في مسجد الخيف وذهب بإسحاق معه فلما بلغ حيث أراد أن يذبحه قال إبراهيم لمن كان معه : استأخروا مني وأخذ بيد ابنه إسحاق فعزله فقال : يا بني {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا

ترى} قال له إسحاق : يا أبت ربي أمرك قال إبراهيم : نعم يا إسحاق قال إسحاق : {افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما} لأمر الله {وتله} قال إسحاق لأبيه : يا أبت أوثقتني لأطيش بك نودي {يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} وهبط عليه الكبش من ثبير وقد قيل : إنه ارتعى في الجنة أربعين سنة فلما كشف عن إسحاق دعا ربه ورغب إليه وحمده وأوحى إليه : أن أدع فإن دعاءك مستجاب فقال : اللهم من خرج من الدنيا لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة ، قال ابن خاضر : إن إبراهيم كان قال لربه : يا رب أي ولدي أذبح فأوحى الرب إليه : أحبهما إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه : أن داود قال : يا رب إن الناس يقولون رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني لهم رابعا ، فأوحى الله إليه : إن تلك بلية لم تصل إليك بعد ، إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني ووفى بجميع ما أمرته ، وإن إسحاق جاد لي بنفسه ، وأن يعقوب أخذت خاصته غيبته عنه طول الدهر فلم ييأس من روحي.
وأخرج سعد بن منصور ، وَابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : خرج

إبراهيم عليه السلام بابنه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام فتمثل له الشيطان في صورة رجل فقال له : أين تذهب فقال إبراهيم : عليه السلام ما لك ولذلك ،.
أذهب في حاجتي قال : فإنك تزعم أنك تذهب بابنك فتذبحه قال : والله إن كان الله أمرني بذلك إني لحقيق أن أطيع ربي ثم ذهب إلى ابنه وهو وراءه يمشي فقال له : أين تذهب قال : أذهب مع أبي فقال : إن أباك يزعم أن الله أمره بذبحك فقال له مثل ما قال إبراهيم ثم انطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كانوا على جبل قال لابنه {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} ويا أبت أوثقني رباطا لا ينتضح عليك من دمي فقام إليه إبراهيم بالشفرة فبرك عليه فجعل ما بين لبته إلى منحره نحاسا لا تحيك فيه الشفرة ثم إن إبراهيم التفت وراء فإذا هو بالكبش فقال له : أي بني قم فإن الله فداك فذبح إبراهيم الكبش وترك ابنه ثم إن إبراهيم عليه السلام قال : يا بني إن الله قد أعطاك بصبرك اليوم فسل ما شئت تعطى قال : فإني أسأل الله أن لا يلقاه له عبد مؤمن به يشهد أن لا إله إلا الله وحده

لا شريك له إلا غفر له وأدخله الجنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : كبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا.
وأخرج البخاري في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال : هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم من هذه الخيبة على يسار الجمرة الوسطى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي التي ذبح عليها إبراهيم عليه السلام فدى ابنه إسحاق هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه وكان مخزونا في الجنة حتى فدي به إسحاق عليه السلام.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن امرأة من بني سليم قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة فسألت عثمان لما

دعاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : قال إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت الكعبة فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فدى الله إسماعيل عليه السلام بكبشين أملحين أقرنين أعينين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وفديناه بذبح عظيم} قال : بكبش متقبل.
وأخرج البغوي عن عطاء بن السائب رضي الله عنه قال : كنت قاعدا بالمنحر مع رجل من قريش فحدثني القرشي قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إن الكبش الذي نزل على إبراهيم في هذا المكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : خرج عليه كبش من الجنة وقد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا فأرسل إبراهيم عليه السلام ابنه واتبع الكبش فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات فأفلته عنده فجاء الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع

حصيات ثم أفلته عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان اسم كبش إبراهيم ، جرير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال له رجل : نذرت لأنحرن نفسي فقال ابن عباس رضي الله عنهما (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (الأحزاب 21) ثم تلا {وفديناه بذبح عظيم} فأمره بكبش فذبحه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نذر أن يذبح نفسه فليذبح كبشا ثم تلا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه لما فدى الله إسحاق من الذبح أتاه

جبريل عليه السلام فقال : يا إسحاق إنه لم يصبر أحد من الأولين
والآخرين يشهد أن لا إله إلا الله فاغفر له ، سبقني أخي إسحاق عليه السلام إلى الدعوة.
الآيات 112 - 122.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} قال : إنما بشر به نبيا حين فداه الله من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة حين مولده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وبشرناه بإسحاق} قال : بشرى نبوة ، بشر به مرتين حين ولد ، وحين نبى ء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال : قلت لابن المسيب {وفديناه بذبح عظيم} هو إسحاق قال معاذ الله ، ولكنه إسماعيل عليه السلام فثوب بصبره إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وبشرناه بإسحاق نبيا} قال : بشر به بعد ذلك نبيا ، بعدما كان هذا

من أمره لما جاد لله بنفسه {وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين} أي مؤمن وكافر ، وفي قوله {ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم}
أي من آل فرعون {وآتيناهما الكتاب المستبين} قال : التوراة {وهديناهما الصراط المستقيم} قال : الإسلام {وتركنا عليهما في الآخرين} قال : أبقى الله عليهما الثناء الحسن في الآخرين.
الآيات 123 - 132.
أَخْرَج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن إلياس لمن المرسلين} الآيات ، قال : إنما سمي بعلبك لعبادتهم البعل وكان موضعهم البدء فسمي بعلبك.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وإن إلياس} قال : إن الله تعالى بعث إلياس إلى بعلبك وكانوا قوما يعبدون الأصنام وكانت ملوك بني إسرائيل متفرقة على العامة كل ملك على ناحية يأكلها وكان الملك الذي كان إلياس معه يقوم له أمره ويقتدي برأيه وهو على هدى من بين أصحابه حتى وقع إليهم قوم من عبدة الأصنام فقالوا له : ما يدعوك إلا إلى الضلالة والباطل وجعلوا يقولون له : أعبد هذه الأوثان التي تعبد الملوك ودع ما أنت عليه . فقال الملك لإلياس : يا إلياس

والله ما تدعو إلا إلى الباطل إني أرى ملوك بني إسرائيل كلهم قد عبدوا الأوثان التي تفيد الملوك ، وهم على ما نحن عليه ، يأكلون ويشربون وهم في ملكهم يتقلبون وما تنقص دنياهم ، من ربهم الذي تزعم أنه باطل وما لنا عليهم من فضل ، فاسترجع إلياس فقام شعر رأسه وجلده فخرج عليه إلياس ، قال الحسن رضي الله عنه : وإن الذي زين لذلك الملك امرأته وكانت قبله تحت ملك جبار وكان من الكنعانيين في طول وجسم وحسن فمات زوجها فاتخذت تمثالا
على صورة بعلها من الذهب وجعلت له حدقتين من ياقوتتين وتوجته بتاج مكلل بالدر والجوهر ثم أقعدته على سرير تدخل عليه فتدخنه وتطيبه وتسجد له ثم تخرج عنه فتزوجت بعد ذلك هذا الملك الذي كان إلياس معه وكانت فاجرة قد قهرت زوجها ووضعت البعل في ذلك البيت وجعلت سبعين سادنا فعبدوا البعل فدعاهم إلياس إلى الله فلم يزدهم ذلك إلا بعدا ، فقال إلياس : اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك وعبادة غيرك فغير ما بهم من نعمتك فأوحى الله إليه : إني قد جعلت أرزاقهم بيدك ، فقال : اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين فأمسك الله عنهم القطر وأرسل إلى الملك فتاه اليسع فقال : قل له إن إلياس يقول لك إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله واتبعت هوى

امرأتك فاستعد للعذاب والبلاء فانطلق اليسع فبلغ رسالته للملك فعصمه الله تعالى من شر الملك وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدواب وجهد الناس جهدا شديدا ، وخرج إلياس إلى ذروة جبل فكان الله يأتيه برزقه وفجر له عينا معينا لشرابه وطهوره حتى أصاب الناس الجهد فأرسل الملك إلى السبعين فقال لهم : سلوا البعل أن يفرج ما بنا فأخرجوا أصنامهم فقربوا لها الذبائح وعطفوا عليها وجعلوا يدعون حتى طال ذلك بهم فقال لهم الملك : إن إله إلياس كان أسرع إجابة من هؤلاء فبعثوا في طلب إلياس فأتى فقال : أتحبون أن يفرج عنكم قالوا : نعم ، قال : فأخرجوا أوثانكم فدعا إلياس عليه السلام ربه أن يفرج عنهم فارتفعت سحابة مثل الترس ، وهم ينظرون ثم أرسل الله عليهم المطر فأغاثهم فتابوا ورجعوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال {إلياس} هو إدريس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان يقال أن {إلياس} هو

إدريس عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : أربعة أنبياء اليوم أحياء ، اثنان في الدنيا ، إلياس والخضر ، واثنان في السماء ، عيسى وإدريس.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : الخضر عليه السلام من وفد فارس وإلياس عليه السلام من بني إسرائيل يلتقيان كل عام بالموسم.
وأخرج ابن عساكر عن وهب رضي الله عنه قال : دعا إلياس عليه السلام ربه أن يريحه من قومه فقيل له : أنظر يوم كذا وكذا ، فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس فإذا رأيت دابة لونها مثل لون النار فاركبها فجعل يتوقع ذلك اليوم فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس لونه كلون النار حتى وقف بين يديه فوثب عليه فانطلق به فكان آخر العهد به فكساه الله الريش وكساه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار في الملائكة عليهم السلام.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : إلياس عليه السلام موكل بالفيافي ، والخضر عليه السلام بالجبال وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى وإنهما يجتمعان

كل عام بالموسم.
وأخرج الحاكم عن كعب رضي الله عنه قال : كان إلياس عليه السلام صاحب جبال وبرية يخلو فيها يعبد ربه عز وجل وكان ضخم الرأس خميص البطن دقيق الساقين في صدره شامة حمراء وإنما رفعه الله تعالى إلى أرض الشام لم يصعد به إلى السماء وهو الذي سماه الله ذا النون.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخضر هو إلياس.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وضعفه عن أنس رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفورة المثاب لها فأشرفت على الوادي فإذا طوله ثلثمائة ذراع وأكثر ، فقال : من أنت قلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أين هو قلت : هو ذا يسمع كلامك قال : فأته وأقره مني السلام وقل له أخوك إلياس يقرئك السلام ، فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كل سنة

=========

ج28. كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور

المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي



يوما وهذا يوم فطري فكل أنت وأنا فنزلت عليهما مائدة من السماء وخبز وحوت وكرفس فأكلا وأطعماني وصليا العصر ثم ودعني وودعه ثم رأيته مر على
السحاب نحو السماء قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وقال الذهبي : بل هو موضوع قبح الله من وضعه ، قال : وما كنت أحسب ولا أجوز أن الجهل يبلغ بالحاكم أن يصحح هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أتدعون بعلا} قال : صنما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أتدعون بعلا} قال : ربا.
وأخرج ابن أبي حاتم وإبراهيم الحربي في غريب الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه أبصر رجلا يسوق بقرة فقال : من بعل هذه فدعاه فقال : ممن أنت قال : من أهل اليمن ، فقال : هي لغة {أتدعون بعلا} أي ربا.
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد رضي الله عنه ، استام بناقة رجل من

حمير فقال له : أنت صاحبها قال : أنا بعلها فقال ابن عباس {أتدعون بعلا} أتدعون ربا ، ممن أنت قال : من حمير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : مر رجل يقول : من يعرف البقرة فقال رجل : أنا بعلها فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : تزعم أنك زوج البقرة قال الرجل : أما سمعت قول الله {أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين} قال : تدعون بعلا وأنا ربكم فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : صدقت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أتدعون بعلا} قال : ربا بلغة ازدة شنوأة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {أتدعون بعلا} قال : صنما لهم كانوا يعبدونه في بعلبك وهي وراء دمشق فكان بها البعل الذي يعبدونه.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أتدعون بعلا} قال : ربا باليمانية يقول الرجل للرجل : من بعل الثوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قيس بن سعد قال : سأل
رجل ابن عباس رضي الله عنه عن قوله {أتدعون بعلا} فسكت عنه ابن عباس رضي الله عنهما ثم

سأله فسكت عنه فسمع رجلا ينشد ضالة فسمع آخر يقول : أنا بعلها ، فقال ابن عباس : أين السائل اسمع ما يقول السائل ، أنا بعلها ، أنا ربها {أتدعون بعلا} أتدعون ربا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {سلام على إل ياسين} قال : هو إلياس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ سلام على ادراسين وقال : هو مثل إلياس مثل عيسى والمسيح ومحمد وأحمد وإسرائيل ويعقوب.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سلام على إل ياسين} قال : نحن آل محمد {إل ياسين}.
الآيات 133 - 138.
أَخْرَج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {إلا عجوزا في الغابرين} يقول : إلا امرأته تخلفت فمشخت حجرا وكانت تسمى هيشفع.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا عجوزا في الغابرين} قال : الهالكين {وإنكم لتمرون عليهم} قال : في أسفاركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل} قال : نعم ، صباحا ومساء من أخذ من المدينة إلى الشام أخذ على سدوم قرية قوم لوط.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل} قال {لتمرون عليهم مصبحين} قال : على قرية قوم لوط {أفلا تعقلون} قال : أفلا تتفكرون أن يصيبكم ما أصابهم.
الآيات 139 - 148.
أَخرَج عَبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، عَن طاووس في قوله {وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون} قال : قيل ليونس عليه السلام إن قومك يأتيهم العذاب يوم كذا وكذا ، فلما كان يومئذ خرج يونس عليه السلام ففقده قومه فخرجوا بالصغير والكبير والدواب

وكل شيء ، ثم عزلوا الوالدة عن ولدها والشاة عن ولدها والناقة والبقرة عن ولدها فسمعت لهم عجيجا فأتاهم العذاب حتى نظروا إليه ثم صرف عنهم ، فلما لم يصبهم العذاب ذهب يونس عليه السلام مغاضبا فركب في البحر في سفينة مع أناس حتى إذا كانوا حيث شاء الله تعالى ركدت السفينة فلم تسر فقال صاحب السفينة : ما يمنعنا أن نسير إلا أن فيكم رجلا مشؤوما قال : فاقترعوا ليلقوا أحدهم فخرجت القرعة على يونس فقالوا : ما كنا لنفعل بك هذا ، ثم اقترعوا أيضا فخرجت القرعة عليه ثلاثا فرمى بنفسه فالتقمه الحوت قال طاووس : بلغني أنه لما نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم نبتت عليه شجرة من يقطين واليقطين الدباء فمكث حتى إذا رجعت إليه نفسه يبست الشجرة فبكى يونس عليه السلام حزنا عليها فأوحى الله إليه : أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل قريته فردوا عليه ما جاءهم به فامتنعوا منه فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه : إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا ، فاخرج من بين
أظهرهم فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم فقالوا : ارمقوه فإن هو خرج من بين

أظهركم فهو الله كائن ما وعدكم ، فلما كانت الليلة التي وعدوا العذاب في صبيحتها أدلج فرآه القوم فحذروا فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم وفرقوا بين كل دابة وولدها ، ثم عجوا إلى الله وأنابوا واستقالوا فأقالهم وانتظر يونس عليه الخبر عن القرية وأهلها ، حتى مر مار فقال : ما فعل أهل القرية قال : فعلوا أن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ثم عجوا إلى الله وتابوا إليه فقبل منهم وأخر عنهم العذاب ، فقال يونس عليه السلام عند ذلك : لا أرجع إليهم كذابا أبدا ومضى على وجهه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال : لما خرج يونس عليه السلام مغاضبا أتى السفينة فركبها فامتنعت أن تجري فقال أصحاب السفينة : ما هذا إلا لحدث أحدثتموه فقال بعضهم لبعض : تعالوا حتى نقترع فمن وقعت عليه القرعة فالقوه في الماء فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس عليه السلام ثم عادوا فوقعت القرعة عليه في الثالثة فلما رأى يونس ذلك قال : هو أنا فخرج فطرح نفسه فإذا حوت قد رفع رأسه من الماء قدر ثلاثة أذرع فذهب ليطرح نفسه فاستقبله الحوت فإذا هوى إليه ليأخذه فتحول إلى

الجانب الآخر فإذا الحوت قد استقبله فلما رأى يونس عليه السلام ذلك عرف أنه أمر من الله فطرح نفسه فأخذه الحوت قبل أن يمر على الماء فأوحى الله إلى الحوت أن لا تهضم له عظما ولا تأكل له لحما حتى آمر بأمري بكذا وكذا وكذا ، حتى ألزقه بالطين فسمع تسبيح الأرض فذلك حين نادى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما ألقى يونس عليه سلام نفسه في البحر التقمه الحوت هوى به حتى انتهى إلى مفجر من الأرض أو كلمة تشبهها فسمع تسبيح الأرض (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (الأنبياء الآية 87) فأقبلت الدعوة تحوم العرش فقالت الملائكة : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا من بلاد غربة قال : وتدرون ما ذا كم قالوا : لا يا ربنا قال : ذاك عبدي يونس قالوا : الذي كنا لا
نزال نرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة قال : نعم ، قالوا : يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء وتنجيه عند البلاء ، قال : بلى فأمر الحوت فحفظه.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن لفظه حين لفظه في أصل يقطينة وهي الدباء فلفظه وهو كهيئة الصبي وكان يستظل بظلها وهيأ الله له أرواة من الوحش فكانت تروح عليه بكرة وعشية فتفشخ رجليها فيشرب من لبنها حتى نبت لحمه.
وأخرج ابن إسحاق والبزار ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أراد الله حبس يونس عليه السلام في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فأخذه ثم أهوى به إلى مسكنه في البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه : ما هذا ، فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب الأرض فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة عليهم السلام تسبيحه فقالوا : ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غربة قال : ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم عمل صالح قال : نعم ، فشفعوا له عند ذلك فأمره

فقذفه في الساحل كما قال الله {وهو سقيم}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن يونس عليه السلام كان وعد قومه العذاب وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ففرقوا بين كل والدة وولدها ثم خرجوا فجأروا إلى الله واستغفروه فكف الله عنهم العذاب وغدا يونس عليه السلام ينتظر العذاب فلم ير شيئا وكان من كذب ولم يكن له بينة قتل ، فانظلق مغاضبا حتى أتى قوما في سفينة فحملوه وعرفوه فلما دخل السفينة ركدت والسفن تسير يمينا وشمالا فقال : ما بال سفينتكم قالوا : ما ندري قال : ولكني أدري ، إن فيها عبدا أبق من ربه وإنها والله لا تسير حتى تلقوه قالوا : أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك ، فقال لهم يونس عليه السلام : اقترعوا فمن قرع ، فليقع فاقترعوا فقرعهم يونس عليه السلام ثلاث مرات فوقع
وقد وكل به الحوت فلما وقع ابتلعه فأهوى به إلى قرار الأرض فسمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (الأنبياء 87) قال : ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل قال {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} قال كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش وأنبت الله عليه شجرة من يقطين فكان يستظل بها ويصيب منها فيبست فبكى عليها حين يبست

فأوحى الله إليه : أتبكي على شجرة أن يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم فخرج فإذا هو بغلام يرعى غنما فقال : ممن أنت يا غلام قال : من قوم يونس قال : فإذا رجعت إليهم فأقرئهم السلام وأخبرهم إنك لقيت يونس فقال له الغلام : إن تكن يونس فقد تعلم أنه من كذب ولم يكن له بينة قتل فمن يشهد لي قال : تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة ، فقال الغلام ليونس : مرهما فقال لهما يونس عليه السلام : إذا جاءكما هذا الغلام فأشهدا له ، قالتا : نعم ، فرجع الغلام إلى قومه وكان له أخوة فكان في منعة فأتى الملك فقال : إني لقيت يونس وهو يقرأ عليكم السلام فأمر به الملك أن يقتل فقال : إن له بينة فأرسل معه فانتهوا إلى الشجرة والبقعة فقال لهما الغلام : نشدتكما بالله هل أشهدكما يونس قالتا : نعم ، فرجع القوم مذعورين يقولون : تشهد لك الشجرة والأرض فأتوا الملك فحدثوه بما رأوا فتناول الملك يد الغلام فأجلسه في مجلسه وقال : أنت أحق بهذا المكان مني وأقام لهم أمرهم ذلك الغلام أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : إن يونس بن متى كان عبدا صالحا وكان في خلقه ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة ، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل ، تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل فقذفها من

يده وخرج هاربا منها ، يقول الله لنبيه (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تكن كصاحب الحوت) (الأحقاف 35).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فساهم فكان من المدحضين} قال : من المسهومين قال : اقترع فكان من المدحضين قال : من المسهومين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه {فساهم فكان من المدحضين} قال : احتبست السفينة فعلم القوم إنها احتبست من حدث أحدثوه فتساهموا فقرع يونس عليه السلام فرمى بنفسه {فالتقمه الحوت وهو مليم} أي مسيء فيما صنع {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : كان كثير الصلاة في الرخاء فنجا وكان يقال في الحكمة ، إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر وإذا ما صرع ، وجد متكأ {للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} يقول : لصارت له قبر إلى يوم القيامة.


وأخرج ابن أبي شيبة عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه جلس هو وطاوس ونحوهم من أهل ذلك الزمان فذكروا أي أمر الله أسرع فقال بعضهم : قول الله تعالى (كلمح البصر) (النحل 77) وقال بعضهم : السرير حين أتي به سليمان ، فقال ابن منبه : أسرع أمر الله أن يونس على حافة السفينة إذا أوحى الله تعالى إلى نون في نيل مصر فما خر من حافتها إلا في جوفه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال التقمه حوت يقال له نجم فجرى به في بحر الروم ثم النيل ثم فارس ثم في دجلة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهو مليم} مسيء.
وأخرج ابن الأنباري والطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله {وهو مليم} قال : المليم المسيء والمذنب قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : بريء من الآفات ليس لها * بأهل ولكن المسيء هو المليم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وهو مليم} قال :

مذنب.
وأخرج أحمد في الزهد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : لولا أنه حلاله عمل صالح {للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} قال : وفي الحكمة ، أن العمل الصالح يرفع صاحبه.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : من المصلين قبل أن يدخل بطن الحوت.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : ما كان إلا صلاة أحدثها في بطن الحوت ، فذكر ذلك لقتادة رضي الله عنه فقال : لا ، إنما كان يعمل في الرخاء.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : من المصلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {فلولا أنه كان من المسبحين}

قال : العابدين الله قبل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : لولا أنه كان له سلف من عبادة وتسبيح تداركه الله به حين أصابه ما أصابه نعمه في بطن الحوت أربعين من بين يوم وليلة ثم أخرجه وتاب عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : نعلم والله أن التضرع في الرخاء استعدادا لنزول البلاء ويجد صاحبه متكأ إذا نزل به وأن سالف السيئة تلحق صاحبها وإن قدمت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه قال : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة فإن يونس عليه السلام كان عبدا صالحا ذاكرا لله فلما وقع في بطن الحوت قال الله {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وإن فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا لذكر الله فلما أدركه الغرق قال : (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) (يونس 90) فقيل له (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين).


وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : كان يكثر الصلاة في الرخاء فلما حصل في بطن الحوت ظن أنه الموت فحرك رجليه فإذا هي تتحرك فسجد
وقال : يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يسجد فيه أحد.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن الشعبي قال : التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية ما بات في بطنه.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مكث يونس عليه السلام في بطن الحوت أربعين يوما.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن مردويه عن ابن جريج قال : بقي يونس في بطن الحوت أربعين يوما.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك رضي الله عنه قال : لبث يونس عليه السلام في بطن الحوت أربعين يوما.


وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لبث يونس في بطن الحوت سبعة أيام فطاف به البحار كلها ثم نبذه على شاطى ء دجلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال {فالتقمه الحوت} يقال له نجم وإنه لبث ثلاثا في جوفه وفي قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : كان كثير الصلاة في الرخاء فنجا {للبث في بطنه} قال : لصار له بطن الحوت قبرا {إلى يوم يبعثون} قال : إلى يوم القيامة ، وفي قوله {فنبذناه بالعراء} قال : شط دجلة ، ونينوى على شط دجلة مكث في بطنه أربعين يوما يتردد به في دجلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {فنبذناه بالعراء} قال : ألقيناه بالساحل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : انطلق يونس عليه السلام مغضبا فركب مع قوم في سفينة فوقفت السفينة لم تسر فساهمهم فتدلى في البحر فجاء الحوت يبصبص بذنبه فنودي الحوت أنا لم نجعل يونس لك رزقا إنما جعلناك له حرزا ومسجدا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما ذهب
مغاضبا فكان في بطن الحوت قال من بطن الحوت : إلهي من البيوت أخرجتني ومن رؤوس الجبال أنزلتني وفي البلاد سيرتني وفي البحر قذفتني وفي بطن الحوت سجنتني فما تعرف مني عملا صالحا تروح به عني ، قالت الملائكة عليهم السلام : ربنا صوت معروف من مكان غربة فقال لهم الرب : ذاك عبدي يونس قال الله {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وكان في بطن الحوت أربعين يوما فنبذه الله {بالعراء وهو سقيم} وأنبت {عليه شجرة من يقطين} قال : اليقطين الدباء فاستظل بظلها وأكل من قرعها وشرب من أصلها ما شاء الله ، ثم أن الله تعالى أيبسها وذهب ما كان فيها فحزن يونس عليه السلام فأوحى الله إليه : حزنت على شجرة أنبتها ثم أيبستها ولم تحزن على قومك حين جاءهم العذاب فصرف عنهم ثم ذهبت مغاضبا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن حميد بن هلال قال : كان يونس عليه السلام يدعو قومه فيأبون عليه فإذا خلا دعا الله لهم بالخير وقد بعثوا عليه عينا فلما أعيوه دعا الله عليهم فأتاهم عينهم فقال : ما كنتم صانعين فاصنعوا فقد أتاكم العذاب فقد دعا عليكم فانطلق ولا يشك أنه يسأتيهم العذاب فخرجوا قد ولهوا البهائم عن أولادها فخرجوا تائبين

فرحمهم الله تعالى وجاء يونس عليه السلام ينظر بأي شيء أهلكها فإذا الأرض مسودة منهم بدون عذاب وذاك حين ذهب مغاضبا فركب مع قوم في سفينة فجعلت السفينة لا تنفذ ولا ترجع فقال بعضهم لبعض ماذا إلا لذنب بعضكم فاقترعوا أيكم نلقيه في الماء ونخلي وجهنا فاقترعوا فبقي سهم يونس عليه السلام في الشمال فقالوا : لا نفتدي من أصحابنا بنبي الله فقال يونس عليه السلام : ما يراد غيري فاقذفوني ولا تنكسوني ولكن صبوني على رجلي صبا ففعلوا وجاء الحوت شاحبا فاه فالتقمه فاتبعه حوت أكبر من ذلك ليلتقمهما فسبقه فكان يونس في بطن الحوت حتى رق العظم وذهب اللحم والبشر والشعر وكان سقيما فدعا بما دعا به فنبذ بالعراء وهو سقيم فأنبت الله {عليه شجرة من يقطين} فكان فيها غذاه حتى اشتد العظم ونبت اللحم والشعر والبشر فعاد كما كان فبعث الله عليها ريحا فيبست فبكى عليها فأوحى الله إليه يا يونس أتبكي على شجرة

جعل
الله لك فيها غذاء ولا تبكي على قومك أن يهلكوا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما بعث الله يونس عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى الله وعبادته وأن يتركوا ما هم فيه أتاهم فدعاهم فأبوا عليه فرجع إلى ربه فقال : رب إن قومي قد أبوا علي وكذبوني قال : فأرجع إليهم فإن هم آمنوا وصدقوا وإلا فأخبرهم إن العذاب مصبحهم غدوة فأتاهم فدعاهم فأبوا عليه قال : فإن العذاب مصبحكم غدوة ثم تولى عنهم فقال القوم بعضهم لبعض والله ما جربنا عليه من كذب منذ كان فينا فانظروا صاحبكم فإن بات فيكم الليلة ولم يخرج من قريتكم ولم يبت فيها فاعلموا أن العذاب مصبحكم حتى إذا كان في جوف الليل أخذ مخلاة فجعل فيها طعيما له ثم خرج فلما رأوه فرقوا بين كل والدة وولدها من بهيمة أو إنسان ثم عجوا إلى الله مؤمنين ومصدقين بيونس عليه السلام وبما جاء به فلما رأى الله ذلك منهم بعد ما كان قد غشيهم العذاب كما يغشى القبر بالثوب كشفه عنهم ومكث ينظر ما أصابهم من العذاب فلما أصبح رأى القوم يخرجون لم يصبهم شيء من العذاب قال : لا والله لا آتيهم وقد جربوا علي كذبة فخرج فذهب مغاضبا لربه فوجد قوما يركبون في سفينة فركب معهم فلما جنحت بهم السفينة

تكفت ووقفت فقال القوم : إن فيكم لرجلا عظيم الذنب فاستهموا لا تغرقوا جميعا فاستهم القوم فسهمهم يونس عليه السلام قال القوم : لا نلقي فيه نبي الله اختلطت سهامكم فأعيدوها فأسهموا فسهمهم يونس فلما رأى يونس عليه السلام ذلك قال للقوم : فألقوني لا تغرقوا جميعا فألقوه فوكل الله تعالى به حوتا فالتقمه لا يكسر له عظما ولا يأكل له لحما فهبط به الحوت إلى أسفل البحر فلما جنه الليلنادى في الظلمات ثلاث ، ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر (أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (الأنبياء 87) فأوحى الله إلى الحوت : أن ألقيه في البر فارتفع الحوت فألقاه في البر لا شعر له ولا جلد ولا ظفر فلما طلعت عليه الشمس أذاه حرها فدعا الله فأنبتت {عليه شجرة من يقطين} وهي الدباء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : لما ألقي
يونس عليه السلام في بطن الحوت طاف في البحور كلها سبعة أيام ثم انتهى به إلى شط دجلة فقذفه على شط دجلة فأنبت الله {عليه شجرة من يقطين} قال من نبات البرية فأرسله {إلى مائة ألف أو يزيدون} قال : يزيدون بسبعين ألفا وقد كان أظلهم العذاب ففرقوا بين كل ذات رحم

ورحمها من الناس والبهائم ثم عجوا إلى الله فصرف عنهم العذاب ومطرت السماء دما.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن وهب قال : أمر الحوت أن لا يضره ولا يكلمه ، قال الله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : من العابدين قبل ذلك فذكر بعبادته فلما خرج من البحر نام نومة فأنبت الله {عليه شجرة من يقطين} وهي الدباء فأظلته فبلغت في يومها فرآها قد أظلته ورأى خضرتها فأعجبته ثم نام نومة فاستيقظ فإذا هي قد يبست فجعل يحزن عليها فقيل أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن عليها ، وأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون ثم رحمتهم فشق عليك.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن قسيط أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : طرح بالعراء فأنبت الله عليه يقطينة فقلنا يا أبا هريرة : ما اليقطينة قال : شجرة الدباء ، هيأ الله تعالى له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض فتفشخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة ، حتى نبت وقال

ابن أبي الصلت قبل الإسلام في ذلك بيتا من شعر : فأنبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله ألفى ضاحيا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال : القرع.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {شجرة من يقطين} قال : القرع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أنها الدباء هذا القرع الذي رأيتم أنبتها الله عليه يأكل منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {شجرة من يقطين} قال : القرع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة وسعيد بن جبير في

قوله {شجرة من يقطين} قالا : هي الدباء.
وأخرج الديلمي عن الحسن بن علي رفعه كلوا اليقطين فلو علم الله عز وجل شجرة أخف منها لأنبتها على يونس عليه السلام وإذا اتخذ أحدكم مرقا فليكثر فيه من الدباء فإنه يزيد في الدماغ وفي العقل.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال : أنبت الله شجرة من يقطين وكان لا يتناول منها ورقة فيأخذها إلا أروته لبنا ، أو قال : يشرب منها ما شاء حتى نبت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال : غير ذات أصل من الدباء أو غيره من شجرة ليس لها ساق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال : كل شيء نبت ثم يموت من عامه.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما بال البطيخ من القرع هو كل شيء يذهب على وجه الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كل شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين والذي يكون على وجه الأرض من البطيخ والقثاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه سئل عن اليقطين أهو القرع قال : لا ، ولكنها شجرة سماها الله اليقطين أظلته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأرسلناه} قبل أن يلتقمه الحوت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله {وأرسلناه} قالا بعثه الله تعالى قبل أن يصيبه ما أصابه أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما كانت رسالة يونس عليه السلام بعدما نبذه الحوت ثم تلا !

{فنبذناه بالعراء} إلى قوله {وأرسلناه إلى مائة ألف}.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال : يزيدون عشرين ألفا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو يزيدون} قال : يزيدون ثلاثين ألفا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو يزيدون} قال : يزيدون بضعة وثلاثين ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلى مائة ألف أو يزيدون} قال : كانوا مائة ألف وبضعة وأربعين ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {مائة ألف أو يزيدون} قال : يزيدون بسبعين ألفا.


وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن نوف في قوله {مائة ألف أو يزيدون} قال : كانت زيادتهم سبعين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فآمنوا فمتعناهم إلى حين} قال : الموت.
الآيات 149 – 160
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاستفتهم} قال : فسلهم يعني مشركي قريش {ألربك البنات ولهم البنون} قال : لأنهم قالوا : لله البنات ولهم البنون وقالوا : إن الملائكة أناث فقال {أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون} كذلك {ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون أصطفى البنات على البنين} فكيف يجعل لكم البنين ولنفسه البنات {ما لكم كيف تحكمون} إن هذا لحكم جائر {أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين} أي عذر مبين {فأتوا بكتابكم} أي بعذركم {إن كنتم صادقين وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا > قال : قد قالت اليهود : إن الله صاهر الجن فخرجت بينهما الملائكة .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا) . ! قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى أنه هو وإبليس اخوان.
وأخرج آدم بن أبي إياس ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قال كفار قريش الملائكة بنات الله فقال لهم أبو بكر الصديق : فمن أمهاتهم فقالوا : بنات سروات الجن ، فقال الله {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} يقول : أنها ستحضر الحساب قال : والجنة الملائكة.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية في ثلاثة أحياء من قريش ، سليم وخزاعة وجهينة {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قالوا صاهر إلى كرام الجن الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قالوا الملائكة بنات الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قالوا صاهر إلى كرام الجن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه قال {الجنة} الملائكة.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه قال : إنهم سموا الجن لأنهم كانوا على الجنان والملائكة كلهم أجنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} قال : في النار {سبحان الله عما يصفون} قال : عما يكذبون {إلا عباد الله المخلصين} قال : هذه ثنيا الله من الجن والأنس.
الآيات 161 - 163.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {فإنكم} يا معشر المشركين {وما تعبدون} يعني الآلهة {ما أنتم عليه بفاتنين} بمصلين {إلا من هو صال الجحيم} يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} يقول : لا تضلون أنتم ولا أضل منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما أنتم عليه بفاتنين} قال : بمضلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه {ما أنتم عليه بفاتنين} قال : بمضلين {إلا من هو صال الجحيم} إلا من قدر له أن يصلى الجحيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم التيمي وعمر بن عبد العزيز والضحاك ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يفتنون إلا من يصلى الجحيم ولا يفتنون المؤمن ولا يسلطون عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس ثم قرأ {ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : يا بني إبليس
أنكم لن تقدروا أن تفتنوا أحدا من عبادي إلا من سيصلى الجحيم.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : لا يفتنون {إلا من هو صال الجحيم}.
الآيات 164 - 166.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما منا إلا له مقام معلوم} قال : الملائكة {وإنا لنحن الصافون} قال الملائكة {وإنا لنحن المسبحون} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ذاك قول جبريل عليه السلام.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {وما منا إلا له مقام معلوم} قال : الملائكة ، ما في السماء موضع إلا عليه ملك إما ساجدا أو قائما حتى تقوم الساعة.


وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجدا أو قائم وذلك قول الملائكة عليهم السلام {وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون}.
وأخرج محمد بن نصر ، وَابن عساكر عن العلاء بن سعد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لجلسائه : أطت السماء وحق لها أن تئط ليس منها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ، ثم قرأ {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو ساجدا ، ثم قرأ {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} قال : أطت السماء وما تلام أن تئط إن في

السماء لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله.
وأخرج ابن مردويه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل تسمعون ما أسمع قلنا يا رسول الله ما تسمع قال : أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : كانوا يصلون الرجال والنساء جميعا حتى نزلت {وما منا إلا له مقام معلوم} فتقدم الرجال وتأخر النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن مالك رضي الله عنه قال : كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله {وإنا لنحن الصافون} فأمرهم أن يصفوا.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حدثت أنهم كانوا لا يصفون حتى نزلت {وإنا لنحن الصافون}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن الوليد بن عبد الله

بن أبي مغيث رضي الله عنه قال : كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت {وإنا لنحن الصافون}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الحسن رضي الله عنه قال : (كانت أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} فقام جبريل عليه السلام بين يديه ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ثم صف النساء من خلفه والنساء خلف الرجال فصلى بهم الظهر أربعا حتى إذا كان عند العصر قام جبريل عليه السلام ففعل مثلها ثم جاءه حين غربت
الشمس فصلى بهم ثلاثا يقرأ في الركعتين الأولتين يجهر فيهما ولم يسمع في الثالثة ، حتى إذا كان عند العشاء وغاب الشفق جاء جبريل عليه السلام فصلى بالناس أربع ركعات يجهر بالقراءة في ركعتين ، حتى إذا أصبح ليلته ، أتاه فصلى ركعتين يجهر فيهما ويطول القراءة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال : استووا وتراصوا يريد الله بكم هدى الملائكة " وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإنا لنحن الصافون ، وإنا لنحن المسبحون) ..
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال كان عمر بن الخطاب إذا أقيمت الصلاة قال : استووا، تقدم يا فلان تأخر يا

فلان أقيموا صفوفكم يريد الله بكم هدي الملائكة ، ثم يتلو {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ، عَن جَابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ، قال : يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف.
وأخرج مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضلنا على الناس بثلاث ، جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من ورائي ، قال أنس رضي الله عنه : لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : لقد رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقوم

الصفوف كما تقوم القداح فأبصر يوما صدر رجل خارجا من الصف فقال : لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقيموا صفوفكم لا يتخللكم الشيطان كأولاد الحذف ، قيل يا رسول الله وما أولاد الحذف قال : ضأن سود يكون بأرض اليمن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقيموا صفوفكم فإن من حسن الصلاة إقامة الصف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا

فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إذا قمتم إلى الصلاة فأعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج فإني أراكم من وراء ظهري.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سد فرجة في صف رفعه الله بها درجة وبنى له بيتا في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم وأحسنوا ركوعكم وسجودكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : استووا تستوي قلوبكم وتراصوا ترحموا.
وأخرج محمد بن نصر عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية (إن ربك

يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل) (المزمل 20) إلى قوله (علم أن لن تحصوه) قال جبريل عليه السلام : أشق ذلك عليكم قال : نعم ، قال {وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإنا لنحن الصافون} قال : صفوف في السماء {وإنا لنحن المسبحون} أي المصلون هذا قول الملائكة يبينون مكانهم من العباد.
الآيات 166 - 179
أخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لو أن عندنا ذكرا من الأولين} قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب {فسوف يعلمون}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وإن كانوا ليقولون} قال : قالت هذه الأمة ذلك قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم قول أهل الشرك من أهل مكة فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله !

{وإن كانوا ليقولون} قال : قالت هذه الأمة ذلك قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم {فكفروا به فسوف يعلمون} وفي قوله {ولقد سبقت كلمتنا} قال : كانت الأنبياء تقتل وهم منصورون والمؤمنون يقتلون وهم منصورون نصروا بالحجج في الدنيا والآخرة ولم يقتل نبي قط ولا قوم يدعون إلى الحق من المؤمنين فتذهب تلك الأمة والقرن حتى يبعث الله قرنا ينتصر بهم منهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى حين} قال : إلى الموت {وأبصرهم فسوف يبصرون} قال : أبصروا حين لم ينفعهم البصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى

حين} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى حين} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى حين} قال : يوم بدر ، وفي قوله {فإذا نزل بساحتهم} قال : بدارهم {فساء صباح المنذرين} قال : بئسما يصبحون.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به عجله لنا فنزلت {أفبعذابنا يستعجلون}.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس
رضي الله عنه قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد خرجوا بالمساحي فلما نظروا إليه قالوا : محمد والخميس ، فقال : الله أكبر خربت خيبر إنا أنزلنا بساحة قوم {فساء صباح المنذرين} فأصبنا حمرا خارجة من القرية فطبخناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله ينهاكم عن الحمر الأهلية فإنها رجس من عمل الشيطان.


وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتول عنهم حتى حين} قال : قيل له أعرض عنهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {وأبصر فسوف يبصرون} قال : يقول يوم القيامة ما صنعوا من أمر الله وكفرهم بالله ورسوله وكتابه قال {أبصر} وأبصرهم واحد.
الآيات 180 - 182.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سبحان ربك رب العزة} قال : يسبح نفسه إذ كذب عليه وقيل عليه البهتان {عما يصفون} قال : عما يكذبون {وسلام على المرسلين} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين قال أبو العوام رضي الله عنه : كان قتادة يذكر هذا الحديث إذا تلا هذه الآية {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.


وأخرج ابن سعد ، وَابن مردويه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سلمتم على المرسلين فسلموا علي فإنما أنا بشر من المرسلين.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى ، وَابن مردويه عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج الدارقطني في الأفراد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذه الآيات {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج الخطيب عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بعد أن يسلم {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على

المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال دبر كل صلاة {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين} ثلاث مرات فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر).
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج البغوي في تفسيره من وجه آخر متصل عن علي موقوفا.
وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقرأ هذه الآية ثلاث مرات {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.


* بسم الله الرحمن الرحيم * (38)- سورة ص.
مكية وآياتها ثمان وثمانون.
مقدمة سورة ص.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة بمكة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ، ويقول ويقول ، فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس فخشي أبو جهل أن جلس إلى أبي طالب أن يكون أرق عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عند الباب فقال له أبو طالب : أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول ، ، قال وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب

وتؤدي إليهم بها العجم الجزية ففزعوا لكلمته ولقوله ، فقال القوم : كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا قالوا : فما هي قال : لا إله إلا الله فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} فنزل فيهم {ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق} إلى قوله {بل لما يذوقوا عذاب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي ، أن ناسا من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى أبي طالب نكلمه فيه فلينصفنا منه فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبد فإننا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا شيء فتعيرنا العرب يقولون : تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه ، فبعثوا رجلا منهم يسمى المطلب فاستأذن لهم علي أبي طالب فقال : هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك قال : أدخلهم ، فلما دخلوا عليه قالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك فمره فليكف عن شتم آلهتنا ونعده وإلهه فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا ابن أخي

هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم قد سألوك النصف ، أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك فقال : أي عم أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها قال : وإلام تدعوهم قال : أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة يدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم فقال أبو جهل من بين القوم : ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها قال : تقول لا إله إلا الله ، فنفروا وقالوا سلنا غير هذه قال : لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها فغضبوا وقاموا من عنده غضابا وقالوا : والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} إلى قوله {اختلاق}.
الآيات 1 - 3.
أَخرَج عَبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله ، وَابن عباس رضي الله عنهما عن {ص} فقالا : ما ندري ما هو.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ص} قال : حادث القرآن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله أنه كان يقرأ {ص والقرآن} بخفض الدال وكان يجعلها من المصاداة يقول عارض القرآن قال عبد الوهاب :

أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرآن.
وأخرج ابن مردويه عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ص} يقول : إني أنا الله الصادق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ص} قال : صدق الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {ص} محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {ص والقرآن ذي الذكر} قال : نزلت في مجالسهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ص والقرآن ذي الذكر} قال : ذي الشرف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن الأنباري في المصاحف عن قتادة {بل الذين كفروا في عزة} قال : ههنا وقع القسم {في عزة وشقاق} قال : في حمية وفراق.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {بل الذين كفروا في عزة وشقاق} قال : معازين {شقاق} قال : عاصين وفي قوله {فنادوا ولات حين مناص} قال : ما هذا بحين فرار.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن التميمي قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله {فنادوا ولات حين مناص} قال : ليس بحين تزور ولا فرار.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {ولات حين} قال : ليس بحين فرار قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : تذكرت ليلى لات حين تذكر * وقد تبت عنها والمناص بعيد.
وَأخرَج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما {فنادوا ولات حين مناص} قال : نادوا والنداء حين لا ينفعهم وأنشد

تذكرت.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس {ولات حين مناص} قال : لا حين فرار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولات حين مناص} قال : ليس بحين مغاث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {ولات حين مناص} ليس بحين جزع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {ولات حين مناص} قال : وليس حين نداء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله {ولات حين مناص} قال : نادوا بالتوحيد والعقاب حين مضت الدنيا

عنهم فاستناصوا التوبة حين زالت الدنيا عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فنادوا ولات حين مناص} قال : نادى القوم على غير حين نداء وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب الله فلم ينفعهم ولم يقبل منهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ولات حين مناص} قال : ليس حين انقلاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن وهب بن منبه {ولات حين مناص} قال : إذا أراد السرياني أن يقول وليس يقول ولات.
الآيات 4 - 16
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم} يعني محمدا صلى الله عليه وسلم {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} قال : عجب المشركون أن دعوا إلى الله وحده وقالوا : إنه لا يسمع حاجتنا جميعا إله واحدا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال : قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل هم الملأ وتلا {وانطلق الملأ منهم}.


وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وانطلق الملأ منهم} قال : نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وانطلق الملأ منهم} قال : أبو جهل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا} قال : هو عقبة بن أبي معيط ، وفي قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : النصرانية قالوا : لو كان هذا القرآن حقا لأخبرتنا به النصارى.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : ملة عيسى عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : النصرانية.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : النصرانية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} أي في ديننا هذا ولا في زماننا هذا {إن هذا إلا اختلاق} قال : قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه ، وفي قوله {أم عندهم خزائن

رحمة ربك العزيز الوهاب} قال : لا والله ما عندهم منها شيء ولكن الله يختص برحمته من يشاء {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} قال : في السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال : في السماء.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال {الأسباب} أدق من الشعر وأحد من الحديد وهو بكل مكان غير أنه لا يرى.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال : طرق السماء أبوابها ، وفي قوله {جند ما هنالك} قال : قريش {من الأحزاب} قال : القرون الماضية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال : وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر ، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها ، وفي قوله !

{إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال : هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32).
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما لها من فواق} قال : رجوع {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال : عذابنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لها من فواق} قال : من رجعة {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال : سألوا الله أن يعجل لهم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله

تعالى {عجل لنا قطنا} قال : القط الجزاء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : ولا الملك النعمان يوم لقيته * بنعمة يعطيني القطوط ويطلق
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال : عقوبتنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال : كتابنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {عجل لنا قطنا} قال : حظنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه في قوله {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال : هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار وهو الذي قال (سأل سائل بعذاب واقع) (المعارج 1) قال : سأل بعذاب هو واقع به فكان الذي سأل أن قال (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) قال عطاء رضي الله عنه : لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عجل لنا قطنا} قال : نصيبنا من الجنة.
الآية 17

أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {داود ذا الأيد} قال : القوة في العمل في طاعة الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ذا الأيد} قال : القوة في العبادة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واذكر عبدنا داود ذا الأيد} قال : أعطي قوة في العبادة وفقها في الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {ذا الأيد} قال : القوة في العبادة والبصر في الهدى.
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال : كان أعبد البشر.
وأخرج الديلمي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي

لأحد أن يقول إني أعبد من داود.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يطيل الصلاة من الليل فيركع الركعة ثم يرفع رأسه فينظر إلى أديم السماء ثم يقول : إليك رفعت رأسي يا عامر السماء نظر العبيد إلى أربابها.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب قال : ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها ثم يأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول : اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.


وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب المسبح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب المسبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه قال : الأواب المسبح بلغة الحبشة.
وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي الله عنه قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنه فقال هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنه أواب} قال : منيب راجع عن الذنوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب التائب الراجع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {إنه أواب} قال : كان مطيعا لربه كثير الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب الموقن.


الآية 18.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن} قال : يسبحن معه إذا سبح {بالعشي والإشراق} قال : إذا أشرقت الشمس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {بالعشي والإشراق} قال : إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : لم ينم ليلة التمام لكي * يصيح حتى إضاءة الإشراق.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال : لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية {سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلي الضحى ويقول : أين هي في القرآن حتى قال بعد هي قول الله {يسبحن بالعشي والإشراق} هي الإشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية {يسبحن بالعشي والإشراق} قال : رأيت الناس يصلون الضحى.


وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أمر بهذه الآية {يسبحن بالعشي والإشراق} فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي طالب رضي الله عنها ، ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات فقال ابن عباس رضي الله عنهما : قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى {يسبحن بالعشي والإشراق}.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحارث قال : دخلت على أم هانيء رضي الله
عنها فحدثتني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى فخرجت فلقيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت : انطلق إلى أم هانيء فدخلنا عليها فقلت : حدثني ابن عمك عن صلاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الضحى فحدثته فقال : تأول هذه الآية صلاة الإشراق وهي صلاة الضحى.
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانى ء بنت أبي

طالب رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار فأمر بقصعة فإني أنظر إلى أثر العجين فسكبت فيها فأمر بثوب فيما بيني وبينه فاستتر فقام فأفاض عليه الماء ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد : فحدثت ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال : هي صلاة الإشراق.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه قال : سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فلم أجد أحدا أثبت لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أم هانيء قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها مرة واحدة ثمان ركعات يوم الفتح في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه لم أره صلاها قبلها ولا بعدها ، فذكرت ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال : إني كنت لأمر على هذه الأية {يسبحن بالعشي والإشراق} فأقول أي صلاة صلاة الإشراق فهذه صلاة الإشراق.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما ، كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانيء فقلنا لها : أخبري ابن عباس رضي الله عنهما بما أخبرتنا به ، فقالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فصلى الضحى ثمان ركعات ، فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : لقد قرأت ما بين اللوحين فما عرفت صلاة الإشراق إلا الساعة {يسبحن بالعشي والإشراق}.


وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : طلبت صلاة الضحى في القرآن فوجدتها {بالعشي والإشراق}.
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب هي صلاة الأوابين.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أنس صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء وهم يصلون الضحى ، وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحافظ على

سبحة الضحى إلا أواب.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصرا من ذهب.
وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين.
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه.
وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبد الله السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من صلى الصبح في مسجد جماعة ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى كان له كأجر حاج أو

معتمر قام له حجته وعمرته.
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر.
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم ومن صلى ثمانيا كتب من القانتين ومن صلى اثنتي عشرة بنى الله له بيتا في الجنة.
وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين وإن صليتها أربعا كنت من المحسنين وإن صليتها ستا كتبت من القانتين وإن صليتها ثمانيا كتبت من الفائزين وإن صليتها عشرا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب وإن صليتها اثنتي عشرة بنى الله لك بيتا في الجنة.


وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
الآيات 19 - 20.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {والطير محشورة} قال : مسخرة له {كل له أواب} قال : مطيع {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة} أي السنة {وفصل الخطاب} قال : البينة على الطالب واليمين على المطلوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه {وشددنا ملكه} قال : كان أشد ملوك أهل الدنيا لله سلطانا {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} قال : ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام [ قتل ولده فسأل ] (ما بين القوسين [ قتل ولده فسأل ] زيادة اقتضاها اتمام المعنى) الرجل على ذلك فجحده فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام : قوما حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده

فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له : أقتل الرجل الذي استعدى فقال : إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت فأتي الليلة الثانية في منامه فقيل له : أقتل الرجل فلم يفعل ، ثم أتي الليلة الثالثة فقيل له : أقتل الرجل أو تأتيك العقوبة من الله تعالى فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال : إن الله أمرني أن أقتلك فقال : تقتلني بغير بينة ولا
تثبت قال : نعم ، والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل : لا تعجل علي حتى أخبرك ، إني ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أخذت فأمر به داود عليه السلام فقتل فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه ، فهو قول الله تعالى {وشددنا ملكه}.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وشددنا ملكه} قال : كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله {وآتيناه الحكمة} قال : النبوة {وفصل الخطاب} قال : علم القضاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآتيناه الحكمة} قال : أعطي الفهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وآتيناه الحكمة} قال : الصواب {وفصل الخطاب} قال : الإيمان والشهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال :

اصابة القضاء وفهمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : فصل القضاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : الفهم في القضاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : الشهود والإيمان.
وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام أمر بالقضاء فقطع به فأوحى الله تعالى إليه : أن استحلفهم باسمي وسلهم البينات قال : فذلك {وفصل الخطاب}.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {وفصل الخطاب} قال : هو قول الرجل : أما بعد.


وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : أول من قال أما بعد داود عليه السلام وهو فصل الخطاب.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول {وفصل الخطاب} الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد.
الآيات 21 - 24.
أَخْرَج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم فقيل له إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك فقيل له : هذا اليوم الذي تبتلى فيه فأخذ الزبور ودخل المحراب وأغلق باب المحراب وأدخل الزبور في حجره وأقعد منصفا على الباب وقال لا تأذن لأحد علي اليوم ، فبينما هو يقرأ الزببور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير فيه من كل لون فجعل يدرج بين يديه فدنا منه فأمكن أن يأخذه فتناوله بيده ليأخذه فطار فوقه على كوة المحراب فدنا

منه ليأخذه فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض فلما رأت ظله حركت رأسها فغطت جسدها أجمع بشعرها وكان زوجها غازيا في سبيل الله فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة ، انظر فاجعله في حملة التابوت أما أن يفتح عليهم وإما أن يقتلوا ، فقدمه في حملة التابوت فقتل ، فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده وأشهدت عليه خمسا من بني إسرائيل وكتبت عليه بذلك كتابا فأشعر بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان عليه الصلاة والسلام وشب فتسور عليه الملكان المحراب فكان شأنهما ما قص الله تعالى في كتابه وخر داود عليه السلام ساجدا فغفر الله له وتاب عليه.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما

قال : ما أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه ، وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك يصلي لك أو يسبح أو يكبر وذكر أشياء فكره الله ذلك فقال يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي فلولا عوني ما قويت عليه ، وجلالي لآكلك إلى نفسك يوما ، قال : يا رب فأخبرني به فأصابته الفتنة ذلك اليوم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل وأوصى صاحب الجيش فقال : إذا حضر العدو تضرب فلانا بين يدي التابوت وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم منه الجيش ، فقتل وتزوج المرأة ونزل الملكان على داود عليه السلام فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده : رب زل داود زلة

أبعد مما بين المشرق والمغرب ، رب إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده ، فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال : يا داود إن الله قد غفر لك وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال : يا رب دمي الذي عند داود قال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك فإن شئت لأفعلن فقال : نعم ، ففرح جبريل وسجد داود عليه السلام فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال : قد سألت
الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه ، فقال : قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول هب لي دمك الذي عند داود فيقول : هو لك يا رب فيقول : فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة وإنما كانت خطيئته أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها فأتاه الخصمان فتسورا في المحراب فلما أبصرهما قام إليهما فقال : أخرجا عني ما جاء بكما إلي فقالا : إنما نكلمك بكلام يسير {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة} وأنا {ولي نعجة واحدة} وهو يريد أن يأخذها مني فقال داود عليه السلام : والله أنا أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه ، يعني من أنفه إلى صدره فقال

رجل : هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام أنما عني بذلك وعرف ذنبه فخر ساجدا لله عز وجل أربعين يوما وأربعين ليلة وكانت خطيئته مكتوبة في يده ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه فنودي أجائع فتطعم أم عار فتكسى أم مظلوم فتنصر قال : فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه فعند ذلك غفر له فإذا كان يوم القيامة قال له ربه : كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي ، فيقول الله : كن خلفي فيقول له : خذ بقدمي فيأخذ بقدمه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال : إن داود عليه السلام قال : يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله ، قال الله عز وجل إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال : نعم ، قال له : فاعمل حتى أرى بلاءك ، فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها

فجاءته فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها
ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا ، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال : لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال : إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن بطشت وبطش كان أشد مني ، فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام : أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء ، يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل ، ذكروا فقالوا : هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة ، فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها اعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا ، مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام ، فتزوجها ، فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا : {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط}
أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني قال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه

وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال : سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه : إني قد غفرت لك ، قال : رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال إني أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال : الآن طابت نفسي وعلمت أن قد غفرت لي ، قال الله تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم} فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر {أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب} فعجب داود عليه السلام وقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأغلظ له أحدهما وارتفع ، فعرف داود إنما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فأتاه ملك فقال : يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت

لك فقال : يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال : يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك إنك تأتيني يوم القيامة ، وَابن صوريا تختصمان إلي فأقضي له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال : إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام ، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال : يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي ، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم ، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها ، ابتلي
إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك ، قال : رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه : إنك مبتلى فاحترس ، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو

قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا ، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره ، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا ، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا ، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته ، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع

منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول : لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال : قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر : وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال : يا أخي أنت على ذلك بقادر قال : فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا ، يعني طرف الأنف والجبهة ، قال : يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا ، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته ، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال : يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت
لي وأنت

حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال : رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه ، نحوه.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذ تسوروا المحراب} قال : المسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي الأحوص قال : دخل الخصمان على داود عليه السلام وكل واحد منهما آخذ برأس صاحبه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ففزع منهم} قال : كان الخصوم يدخلون من الباب ففزع من تسورهما.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ولا تشطط} أي لا تمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {إن هذا أخي} قال : على ديني.


وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال {أكفلنيها}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فقال أكفلنيها} قال : فما زاد داود عليه السلام على أن قال : تحول لي عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال : انزل لي عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {أكفلنيها} قال : أعطنيها طلقها لي أنكحها وخل سبيلها {وعزني في الخطاب} قال : قهرني ذلك العز الكلام والخطاب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أكفلنيها} قال :
أعطنيها {وعزني في الخطاب} قال : إذا تكلم كان أبلغ مني وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين : ما جزاؤه قال : يضرب

ههنا وههنا وههنا ، ووضع يده على جبهته ثم على أنفه ثم تحت الأنف قال : ترى ذلك جزاءه ، فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك وخرج الملك فخر داود ساجدا قال : ذكر أنه لم يرفع رأسه أربعين صباحا يبكي حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون صباحا زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقليل ما هم} يقول : قليل الذين هم فيه ، وفي قوله {أنما فتناه} قال : اختبرناه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظن داود} قال : علم داود.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظن داود أنما فتناه} قال : ظن إنما ابتلي بذلك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر.


وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وخر راكعا} قال : ساجدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب رضي الله عنه قال : سجد داود نبي الله أربعين يوما وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال : يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء فلما ابتليتني لم أصبر فإن تعذبني فأنا أهل ذاك وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك ، قال : وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه قال : يا داود إن الله قد غفر لك فارفع رأسك فلم يلتفت إليه وناجى ربه وهو ساجد فقال : يا رب كيف تغفر لي وأنت الحكم العدل قال إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا ثم استوهبك منه فيهبك لي وأثيبه الجنة قال : يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي فذهب يرفع رأسه فإذا هو يابس لا يستطيع فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط فأوحى الله تعالى إليه بعد ذلك : يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا فتزوجها فولدت له سليمان عليه
الصلاة والسلام ، لم تلد قبله ولا بعده) قال كعب رضي الله عنه : فو الله لقد كان داود بعد ذلك يظل صائما اليوم

الحار فيقرب الشراب إلى فيه فيذكر خطيئته فينزل دمعه في الشراب حتى يفيضه ثم يرده ولا يشربه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة حتى نبت العشب حوله من دموعه ثم قال : يا رب قرح الجبين ورقا الدمع وخطيئتي علي كما هي فنودي : أن يا داود أجائع فتطعم أم ظمآن فتسقى أم مظلوم فتنصر فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة فغفر له عند ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضرا من دموعه فأوحى الله إليه : أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك وولدك وعمرك فقال : يا رب أبهذا ترد علي أريد أن تغفر لي.
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض.


وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال : ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد عن صفوان بن محرز قال : كان لداود عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول : أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله قيل لا أوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أوحى الله إلى داود عليه السلام : ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق ولست بظلام للعبيد ورجل ظلمته غصبته قتلته فأوحى الله تعالى إليه : بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي فأقضي له عليك فإذا برز

الحق عليك أستوهبك منه فوهبك لي وأرضيته من قبلي وأدخلته الجنة فرفع
داود رأسه وطابت نفسه وقال : نعم ، يا رب هكذا تكون المغفرة.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : لما أصاب داود الخطيئة ? {خر ساجدا > ? أربعين ليلة حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ثم نادى رب قرح الجبين وجمدت العين وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء ، فنودي أجائع فتطعم أم مريض فتشفى أم مظلوم فتنصر فنحب نحبا هاج منه نبت الوادي كله فعند ذلك غفر له وكان يؤتى بالإناء فيشرب فيذكر خطيئته فينتحب فتكاد مفاصله تزول بعضها من بعض فما يشرب بعض الإناء حتى يمتلى ء من دموعه وكان يقال دمعة داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول : ذنبي ذنبي ، فيقول رب قدمني فيتقدم فلا يأمن ويتأخر فلا يأمن حتى يقول تبارك وتعالى : خذ بقدمي.


وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله.
وأخرج أحمد عن إسمعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء فيقول : ذروني أبكي قبل يوم البكاء قبل تحريق العظام واشتعال اللحى وقبل أن يؤمر بي (ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم 6).
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها وكان إذا رآها اضطربت يداه.


وأخرج عن مجاهد قال : يحشر داود عليه السلام وخطيئته منقوشة في كفه.
وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاتكة قال : كان من دعاء داود عليه السلام ، سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي روحي سبحانك إلهي فكلهم [ رآني ] (ما بين قوسين زيادة اقتضاها أتمام المعنى فأثبتها المصحح) عليل بذنبي.
وأخرج أحمد عن ثابت قال : اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد وحشاهن من الرماد ثم بكى حتى أنفذها دموعا ولم يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال داود : رب لا صبر لي على حر شمسك فكيف صبري على حر نارك ؟ رب لا صبر لي على صوت رحمتك يعني الرعد- فكيف صبري على صوت عذابك ؟

وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه واعتزل النساء وبكى حتى رعش.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : إذا خرج داود عليه السلام من قبره فرأى الأرض نارا وضع يده على رأسه وقال : خطيئتي اليوم موبقتي.
وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير ، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة فخلصني منها ثلاث مرات وما أنزلت في هذا اليوم من خير فائتني منه نصيبا ثلاث مرات وإذا أمسى قال مثل ذلك فلم ير بعد ذلك مكروها.
وأخرج أحمد عن معمر ، أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال : رب كنت أبغض الخطائين فأنا اليوم أحب أن تغفر لهم.
وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال ، أن داود عليه السلام كان يعوده الناس وما يظنون إلا أنه مريض وما به إلا شدة الفرق من الله سبحانه وتعالى.
وأخرج ابن أبي شيبه عن كعب قال : كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة ، وقال : اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثا

وإذا طلع حاجب الشمس قال : اللهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثا.
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه قال : في السجود في {ص} ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه بسند جيد عن ابن عباسط أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سجد في {ص} وقال : سجدها داود ونسجدها شكرا.
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال : سألت ابن عباس من أين سجدت فقال : أو ما تقرأ (ومن ذريته
داود وسليمان) (الأنعام 84) إلى قوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدى به فسجد بها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

لا يسجد في ص حتى نزلت (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (الأنعام 90) فسجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة وكأني قرأت سورة السجدة فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك ذكرا وضع عني بها وزرا واجعلها إلي عندك ذخرا وأعظم بها أجرا وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود ، قال ابن عباس فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص.
وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال : صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة ص فسجد فيها فلما قضى الصلاة قال له رجل : يا أمير المؤمنين ومن عزائم السجود هذه فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.


وأخرج ابن مردويه عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص.
وأخرج الدارمي وأبو داود ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي سعيد الخدري قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان آخر يوم قرأها فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال : إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود فنزل فسجد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة ص وهوعلى المنبر فلما أتى على السجدة قرأها ثم نزل فسجد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير ، أن عمر بن الخطاب كان يسجد في ص.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر قال : في ص سجدة.


وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود ، أنه كان لا يسجد في ص ويقول : إنما هي توبة نبي ذكرت.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي العالية قال : كان بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسجد في ص وبعضهم لا يسجد فأي ذلك شئت فافعل.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي مريم قال : لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام فصلى فيه فقرأ سورة ص فلما انتهى إلى السجدة سجد.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد ، أنه رأى رؤيا أنه يكتب ص فلما أنتهى إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا فقصها على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد.
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال : رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة وكأن الشجرة تقرأ ص فلما أتت على السجدة سجدت فقالت في سجودها : اللهم اغفر بها اللهم حط عني بها وزرا واحدث لي

بها شكرا وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال سجدت أنت يا أبا سعيد فقلت : لا فقال ، أنت أحق بالسجود من الشجرة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ص ثم أتى على السجدة وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها.
وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال السجدة التي في ص سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : دخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في سفره وهو يقرأ ص فسجد فيها.
آية 25.
أَخرَج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مالك
بن دينار في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال : مقام داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش ثم يقول الرب جل وعلا يا داود مجدني

اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول : يا رب كيف وقد سلبته فيقول : إني راده عليك اليوم فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال {وإن له عندنا لزلفى} أول الكائن يوم القيامة داود ، وابنه عليهما السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن السدي بن يحيى قال : حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد فينادي المنادي داود فيسقي على رؤوس العالمين فهو الذي ذكر الله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنه ذكر يوم القيامة فعظم شأنه ، وشدته قال : ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود : يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي.


فيقول خذ بقدومي فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر قال فتلك {لزلفى} التي قال الله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال : يدنو حتى يضع يده عليه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فغفرنا له ذلك الذنب {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال حسن المنقلب.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال : يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته في كفه فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجا إلا أن يلجأ إلى رحمة الله تعالى ثم يرى فيقلق ، فيقال له : ههنا ، فذلك قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.


من الآيات 26 - 27.
أَخرَج الثعلبي من طريق العوام بن حوشب قال : حدثني رجل من قومي شهد عمر رضي الله عنه أنه سأل طلحة والزبير وكعبا وسلمان ما الخليفة من الملك قال طلحة والزبير : ما ندري فقال سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل في الرعية ويقسم بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله ويقضي بكتاب الله تعالى ، فقال كعب : ما كنت أحسب أحدا يعرف الخليفة من الملك غيري.
وأخرج ابن سعد من طريق مردان عن سلمان رضي الله عنه : أن عمر رضي الله عنه قال له : أنا ملك أم خليفة فقال له سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل أن أتت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة فاستعبر عمر رضي الله عنه.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك قال قائل : يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا قال : ما هو قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضعه إلا في حق وأنت

الحمد لله كذلك ، والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا.
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن الإمارة ما ائتمرتها وأن الملك ما غلب عليه بالسيف.
وأخرج الثعلبي عن معاوية رضي الله عنه ، أنه كان يقول إذا جلس على المنبر : يا أيها الناس أن الخلافة ليست بجمع المال ولكن الخلافة العمل بالحق والحكم بالعدل وأخذ الناس بأمر الله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سالم مولى أبي جعفر قال : خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى بيت المقدس فلما دخل وشق بعث إلى الأوزاعي فأتاه فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي الله عنه ما في قوله {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} قال : إذا ارتفع إليك الخصمان فكان لك في أحدهما هوى فلا تشته في نفسك الحق له فيفلح على صاحبه فأمحو اسمك من نبوتي ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة ، يا أمير المؤمنين حدثنا حسان بن عطية عن جدك قال : من كره الحق فقد كره الله لأن الحق هو الله ، يا أمير المؤمنين حدثني

حسان بن عطية عن جدك في قوله (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة) (الكهف 49) قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك فكيف ما جنته الأيدي.
وَأخرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {فاحكم بين الناس بالحق} يعني بالعدل والإنصاف {ولا تتبع الهوى} يقول : ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل فتزوغ عن الحق فيضلك عن سبيل الله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} قال : هذا من التقديم والتأخير ، يقول : لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي السليل رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يدخل المسجد فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل فيجلس إليهم ثم يقول : مسكينا بين

ظهراني مساكين.
وأخرج أحمد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه ، أن ابنا لداود مات فأشتد عليه جزعه فقيل ما كان يعدل عندك قال : كان أحب إلي من ملء الأرض ذهبا ، فقيل له : إن الأجر على قدر ذلك.
وأخرج عبد الله في زوائده عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود عليه السلام ، سبحان مستخرج الشكر بالعطاء ومستخرج الدعاء بالبلاء.
وأخرج عبد الله عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه
السلام ألا أعلمك علمين إذا عملتهما ألقيت وجوه الناس إليك وبلغت بهما رضاي ، قال : بلى يا رب قال احتجز فيما بيني وبينك بالورع وخالط الناس بأخلاقهم.


وأخرج أحمد عن يزيد بن منصور رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام إلا ذاكر لله فاذكر معه إلا مذكر فاذكر معه.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها فيأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول : اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.
وأخرج أحمد عن عثمان الشحام أبي سلمة قال : حدثني شيخ من أهل البصرة كان له فضل وكان له سن قال : بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه قال : يا رب كيف لي أن أمشي لك في ألأرض بنصح وأعمل لك فيها بنصح قال يا داود تحب من يحبني من أحمر وأبيض ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فراش الغيبة قال : رب كيف لي أن تحببني في أهل الدنيا البر والفاجر قال : يا داود تصانع أهل الدنيا لدنياهم وتحب أهل الآخرة لآخرتهم وتختار إليك دينك بيني وبينك فإنك إذا فعلت ذلك لا يضرك من

ضل إذا اهتديت قال : رب فأرني أضيافك من خلقك من هم قال : نقي الكفين نقي القلب يمشي تماما ويقول صوابا.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام لإبنه سليمان عليه السلام : أتدري ما جهد البلاء قال شراء الخبز من السوق والانتقال من منزل إلى منزل.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وسمعي وبصري وأهلي ومن الماء البارد.
وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام رب أي عبادك أحب إليك قال : مؤمن حسن الصورة قال : فأي عبادك أبغض إليك قال كافر حسن الصورة شكر هذا وكفر هذا قال : يا رب فأي عبادك أبغض إليك قال عبد استخارني في أمر فخرت له فلم يرض به.
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي لا تجعل لي أهل سوء فأكون رجل سوء.


وأخرج أحمد عن عبد الرحمن قال : بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام : اللهم لا تفقرني فأنسى ولا تغنني فأطغى.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب قال : ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه ، أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود أنذر عبادي الصديقين لا يعجبن بأنفسهم ولا يتكلن على أعمالهم فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب وأقيم عليه عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه وبشر الخاطئين أنه لا يتعاظم ذنب أن أغفره وأتجاوز عنه.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام أمر مناديا فنادى : الصلاة جامعة فخرج الناس وهم يرون أنه سيكون منه يومئذ موعظة وتأديب ودعاء فلما رقي مكانه قال : اللهم اغفر لنا وانصرف فأستقبل آخر الناس أوائلهم قالوا : ما لكم قالوا : إن النَّبِيّ إنما دعا بدعوة واحدة فأوحى الله تعالى إليه : أن أبلغ قومك عني فإنهم قد استقلوا دعاءك ، إني من أغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام أصبر الناس على البلاء وأحلمهم وأكظمهم للغيظ.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام يا رب كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة قال : تكثر ذكري وتحب من أحبني من أبيض وأسود وتحكم للناس كما تحكم لنفسك وتجتنب فراش الغيبة.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي عبد الله الجدلي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول : اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني ، إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أشاعه.
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود عليه

السلام : اللهم أني أعوذ بك من الجار السوء.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن بريدة رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني وهم يرديني وفقر ينسيني وغنى يطغيني.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : أحبب عبادي وحببني إلى عبادي قال : يا رب هذا أحبك وأحب عبادك فكيف أحببك إلى عبادك قال تذكرني عندهم فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن.
وأخرج أحمد عن أبي الجعد رضي الله عنه قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال : إلهي ما جزاء من عزى حزينا لا يريد به إلا وجهك قال : جزاؤه أن ألبسه لباس التقوى قال : إلهي ما جزاء من شيع جنازة لا يريد بها إلا وجهك قال : جزاؤه أن تشيعه ملائكتي إذا مات وأن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي ما جزاء من أسند يتيما أو أرملة لا يريد بها إلا وجهك قال جزاؤه أن أظله تحت ظل

عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر وأن أقي وجهه فيح جهنم.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام أنه قال : إلهي ما جزاء من يعزي الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك قال : جزاؤه أن أكسوه رداء من أردية الإيمان أستره به من النار وأدخله الجنة قال : إلهي فما جزاء من شيع الجنازة ابتغاء مرضاتك قال : جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت إلى قبره وأن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي فما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء مرضاتك قال : جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي فما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه قال :
جزاؤه أن أحرم وجهه على النار وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام لسليمان : كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع تحصد وأعلم أن

خطيئة [ إمام ] (ما بين قوسين زيادة إقتضاها إتمام المعنى فأثبتناها) القوم كالمسيء عند رأس الميت واعلم أن المرأة الصالحة لأهلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب واعلم أن المرأة السوء لأهلها كالشيخ الضعيف على ظهره الحمل الثقيل وما أقبح الفقر بعد الغنى وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى وإن وعدت صاحبك فأنجز ما وعدته فإنك إن لا تفعل تورث بينك وبينه عداوة ونعوذ بالله من صاحب إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول : اللهم لا مرض يفنيني ولا صحة تنسيني ولكن بين ذلك.
وأخرج عبد الله بن زيد بن رفيع قال : نظر داود عليه السلام مبخلا يهوي بين السماء والأرض فقال : يا رب ما هذا قال : هذه لعنتي أدخلها بيت كل ظلام.


وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبزي رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : نعم العون اليسار على الدين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب طال عمري وكبر سني وضعف ركني فأوحى الله إليه يا داود طوبى لمن طال عمره وحسن عمله.
وأخرج الخطيب من طريق الأوزاعي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : أعطي داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى إن كان الطير والوحش حوله حتى تموت عطشا وجوعا وإن الأنهار لتقف ، والله أعلم.
الآية 28.
أَخْرَج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض}
قال {الذين آمنوا} علي وحمزة وعبيدة بن الحارث والمفسدين في الأرض عتبة وشيبة والوليد وهم تبارزوا يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا

الصالحات} إلى قوله {كالفجار} قال : لعمري ما استووا لقد تفرق القوم في الدنيا عند الموت ، أما قوله تعالى : {أم نجعل المتقين كالفجار}.
أخرج أبو يعلى عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا تنال الفجار منازل الأبرار.
الآية 29.
أَخرَج سعيد بن منصور عن الحسين رضي الله عنه في قوله {ليدبروا آياته} اتباعه بعمله.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {أولوا الألباب} قال : أولوا العقول من الناس.
الآيات 30 - 33.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : لما وهب الله لداود سليمان قال له : يا بني ما أحسن قال : سكينة الله والإيمان قال : فما أقبح قال : كفر بعد

إيمان قال : فما أحلى قال : روح الله بين عباده قال : فما أبرد قال : عفو الله عن الناس وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام : فأنت نبي.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام ، إني سائل ابنك عن سبع كلمات ، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة فقال له داود عليه السلام : إن الله أوحى إلي أن أسألك عن سبع كلمات فإن أخبرتني ورثتك العلم والنبوة قال : سلني عما شئت قال : أخبرني ما أحلى من العسل وما أبرد من الثلج وما ألين من الخز وما لا يرى أثره في الماء وما لا يرى أثره في الصفاء وما لا يرى أثره في السماء ومن يسمن في الخصب والجدب ، قال : أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله.
وَأَمَّا ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله.
وَأَمَّا ما ألين شيئا من الخز فحكمة الله تعالى إذا

أنشدها أولياء الله بينهم.
وَأَمَّا ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها.
وَأَمَّا ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها.
وَأَمَّا ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر وإذا ابتلاه صبر فقلبه أجرد أزهر ، قال : أنظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة فسأله فقال : ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام : أخبرني يا بني أين موضع العقل منك قال : الدماغ قال : أين موضع الحياء منك قال : العينان قال : أين موضع الباطل منك قال : الأذنان قال : أين باب الخطايا منك قال : اللسان قال : أين الطريق منك قال : المنخران قال : أين موضع الأدب والبيان منك قال : الكلوتان قال : أين باب الفظاظة والغلظة منك قال : الكبد قال : أين بيت الريح منك قال : الرئة قال : أين باب الفرح منك قال : الطحال قال : أين باب الكسب منك قال : اليدان قال : أين باب النصب منك قال : الرجلان قال : أين باب الشهوة منك قال : الفرج

قال : أين باب الذرية منك قال : الصلب قال : أين باب العلم والفهم والحكمة منك قال : القلب ، إذا صلح القلب صلح ذلك كله وإذا فسد القلب فسد ذلك كله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} قال : كان مطيعا لله كثير الصلاة {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد}
قال : يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها {فقال إني أحببت حب الخير} أي المال {عن ذكر ربي} عن صلاة العصر {حتى توارت بالحجاب}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه {الصافنات الجياد} قال : الخيل خيل خلقت على ما شاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {الصافنات} قال : صفون الفرس : رفع إحدى يديه حتى يكون على أطراف الحافر ، وفي قوله الجياد قال : السراع.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن وقتادة رضي الله عنهما في قوله {الصافنات الجياد} قال : الخيل إذا صفن قيامها عقرها تطلع أعناقها وسوقها ، وفي قوله {أحببت حب الخير عن ذكر ربي} قال : الخير المال والخيل من ذلك فقوله شغلته عن الصلاة قال : لا والله لا تشغلني عن عبادة الله تعالى جرها عليك فكشف عراقيبها وضرب أعناقها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عوف رضي الله عنه قال : بلغني أن الخيل التي عقر سليمان عليه السلام كانت خيلا ذات أجنحة أخرجت له من البحر لم تكن لأحد قبله ولا بعده.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حب الخير} قال : المال وفي قوله {ردوها علي} قال : الخيل {فطفق مسحا} قال : عقرا بالسيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الصلاة التي فرط فيها سليمان عليه السلام صلاة العصر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه

في قوله {حتى توارت بالحجاب} قال : حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق فمنه أخضرت السماء التي يقال لها السماء الخضراء وأخضر البحر من السماء فمن ثم يقال : البحر الأخضر.
وأخرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنهما قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة
تبوك أو خيبر فجئت فكشفت ناحية الستر عن بنات لعب لعائشة فقال : ما هذا يا عائشة قالت : بناتي ، ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن قالت : فرس له جناحان قال : وما هذا الذي عليه فقلت : جناحان قال : فرس له جناحان قالت : أما سمعت أن لسليمان عليه السلام خيلا لها أجنحة فضحك حتى رؤيت نواجذه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} قال : كانت عشرين ألف فرس ذات أجنحة فعقرها.


وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {حتى توارت بالحجاب} قال {توارت} من وراء قرية خضرة السماء منها.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان سليمان عليه السلام لا يكلم اعظاما له فلقد فاتته صلاة العصر وما استطاع أحد أن يكلمه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عن ذكر ربي} يقول : من ذكر ربي {فطفق مسحا} يقول : جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها.
وأخرج الطبراني في الأوسط والإسماعيلي في معجمه ، وَابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {فطفق مسحا بالسوق والأعناق} قال : قطع سوقها وأعناقها بالسيف.
الآية 34.
أَخرَج الفريابي والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} قال : هو الشيطان الذي

كان على كرسيه يقضي بين الناس أربعين يوما وكان لسليمان عليه السلام امرأة يقال لها جرادة وكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة فقضى بينهم بالحق إلا أنه ود أن الحق كان لأهلها ، فأوحى الله تعالى إليه : إنه سيصيبك بلاء فكان لا يدري يأتيه من السماء أم من الأرض.
وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم بسند قوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أراد سليمان عليه السلام أن يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت جرادة امرأته وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها : هاتي خاتمي فأعطته فلما لبسه دانت له الجن والأنس والشياطين فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها : هاتي خاتمي ، فقالت : قد أعطيته سليمان قال : أنا سليمان قالت : كذبت لست سليمان ، فجعل لا يأتي أحدا يقول أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة فلما رأى ذلك عرف أنه من أمر الله عز وجل وقام الشيطان يحكم بين الناس ، فلما أراد الله تعالى أن يرد على سليمان عليه السلام سلطانه ألقى في قلوب الناس انكار ذلك الشيطان فأرسلوا إلى نساء سليمان عليه السلام فقالوا لهن : أيكون من سليمان شيء قلنا : نعم ، أنه يأتينا ونحن حيض وما كان يأتينا قبل ذلك ، فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له ظن أن أمره قد انقطع فكتبوا كتبا فيها سحر ومكر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أثاروها وقرأوها على الناس

قالوا : بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم فأكفر الناس سليمان فلم يزالوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان بالخاتم فطرحه في البحر فتلقته سمكة فأخذته وكان سليمان عليه السلام يعمل على شط البحر بالأجر فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فدعا سليمان عليه السلام فقال : تحمل لي هذه السمك ثم انطلق إلى منزله فلما انتهى الرجل إلى باب داره أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فأخذها سليمان عليه السلام فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها فأخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين وعاد إلى حاله وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر فأرسل سليمان عليه السلام في طلبه وكان شيطانا مريدا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما نائما فجاؤا فنقبوا عليه بنيانا من رصاص فاستيقظ فوثب فجعل لا يثبت في مكان من البيت إلا أن دار معه الرصاص فأخذوه وأوثقوه وجاؤا به إلى سليمان عليه السلام فأمر به
فنقر له في رخام ثم أدخل في جوفه ثم سد بالنحاس ثم أمر به فطرح في البحر ، فذلك قوله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على

كرسيه جسدا} يعني الشيطان الذي كان تسلط عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي حتى سألت عنهن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله (قوم تبع) (الدخان 73) في القرآن ولم يذكر تبع فقال : إن تبعا كان ملكا وكان قومه كهانا وكان في قومه قوم من أهل الكتاب وكان الكهان يبغون على أهل الكتاب ويقتلون تابعهم فقال أهل الكتاب لتبع : إنهم يكذبون علينا فقال تبع : إن كنتم صادقين فقربوا قربانا فأيكم كان أفضل أكلت النار قربانه ، فقرب أهل الكتاب والكهان فنزلت نار من السماء فأكلت قربان أهل الكتاب فأتبعهم تبع فأسلم ، فلهذا ذكر الله قومه في القرآن ولم يذكره قال ابن عباس رضي الله عنه وسألته عن قوله {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه فقذف به في البحر فوقع في بطن سمكة فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه بتلك السمكة فاشتواها فأكلها فإذا فيها خاتمه فرجع إليه ملكه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال : صخر الجني ، مثل على كرسيه

على صورته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : أمر سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس فقيل له : ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد فطلب ذلك فلم يقدر عليه فقيل له إن شيطانا يقال له صخر شبه المارد فطلبه وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة فنزح ماءها وجعل فيها خمرا فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر فقال : إنك لشراب طيب تصيب من الحليم وتزيد من الجاهل جهلا ثم جفل حتى عطش عطشا شديدا ثم أتاها فشربها حتى غلب على عقله فأوتي بالخاتم فختم بين كتفيه فذل وكان ملكه في خاتمه فأتي به سليمان فقال : أنا قد أمرنا ببناء هذا البيت فقيل لنا : لا تسمعن فيه صوت حديد فأتى ببيض الهدهد فجعل عليه زجاجة فجاء
الهدهد فدار حولها فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه فذهب فجاء بألماس فوضعها عليه فقطعها حتى أفضى إلى بيضه فأخذوا الماس فجعلوا يقطعون به الحجارة ، وكان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخل بخاتمه ، فانطلق يوما إلى الحمام وذلك الشيطان صخر

معه فدخل الحمام وأعطى الشيطان خاتمه فألقاه في البحر فالتقمته سمكة ونزع ملك سليمان عليه السلام منه وألقي على الشيطان شبه سليمان فجاء فقعد على كرسيه وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه فجعل يقضي بينهم أربعين يوما حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في بطن السمكة فأقبل فجعل لا يستقبله جني ولا طير إلا سجد له حتى انتهى إليهم {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : هو الشيطان صخر {ثم أناب} قال : تاب ثم أقبل يعني سليمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : شيطانا يقال له آصف ، فقال له سليمان : كيف تفتنون الناس قال أرني خاتمك أخبرك ، فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر فساح سليمان عليه السلام وذهب ملكه وقعد آصف على كرسيه ومنعه الله تعالى نساء سليمان عليه السلام فلم يقربهن ولا يقربنه وأنكرنه وأنكر الناس أمر سليمان عليه السلام ، وكان سليمان عليه السلام يستطعم فيقول : أتعرفوني أنا سليمان فيكذبوه حتى أعطته امرأة يوما حوتا وطيب بطنه فوجد خاتمه في بطنه فرجع إليه ملكه وفر الشيطان فدخل البحر فارا

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الشيطان الذي جلس على كرسي سليمان كان اسمه حبقيق ..
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد لسليمان ولد فقال للشيطان : تواريه من الموت قالوا نذهب به إلى المشرق ، فقال يصل إليه الموت ، قالوا فإلى المغرب ، قال يصل إليه ، قالوا إلى البحار ، قال يصل إليه الموت ، قال نضعه بين السماء والأرض ونزل عليه ملك الموت فقال : إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في البحار وطلبتها في تخوم الأرض ، فلم أصبها فبينا أنا صاعد أصبتها فقبضتها وجاء جسده حتى وقع على
كرسي سليمان فهو قول الله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} ، وقال ابن سعد رضي الله عنه أخبرنا الواقدي حدثنا معشر عن المقبري : أن سليمان بن داود عليه السلام قال : لأطوفن الليلة بمائة امرأة من نسائي فتأتي كل امرأة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله ، ولم يستثن ولو استثنى لكان فطاف على مائة امرأة فلم تحمل امرأة إلا امرأة واحدة حملت بشق إنسان قال : ولم يكن شيء أحب إلى سليمان من تلك الشقة ، قال وكان أولاده يموتون فجاء ملك الموت في صورة رجل فقال له سليمان عليه السلام : إن استطعت أن تؤخر ابني هذا ثمانية أيام إذا جاءه أجله فقال : لا.


ولكن أخبرك قبل موته بثلاثة أيام ، قال لمن عنده من الجن : أيكم يخبى ء لي ابني هذا قال أحدهم أنا أخبؤه لك في المشرق قال : ممن تخبؤه قال : من ملك الموت ، قال يبصره ، قال آخر : أنا أخبؤه لك بين قرينين لا يريان ، قال سليمان عليه السلام إن كان شيء فهذا ، فلما جاء أجله نظر ملك الموت في الأرض فلم يره في مشرقها ولا في مغربها ولا شيء من البحار ورآه بين قرينين فجاءه فأخذه فقبض روحه على كرسي سليمان ، فذلك قوله {ولقد فتنا سليمان} وهو قول الله {وألقينا على كرسيه جسدا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : بينما سليمان بن داود جالسا على شاطى ء البحر وهو يعبث بخاتمه إذ سقط منه في البحر وكان ملكه في خاتمه فانطلق وخلف شيطانا في أهله فأتى عجوزا فأوى إليها فقالت له العجوز : إن شئت أن تنطلق فتطلب

وأكفيك عمل البيت وإن شئت أن تكفيني عمل البيت وأنطلق فألتمس ، قال : فانطلق يلتمس فأتى قوما يصيدون السمك فجلس إليهم فنبذوا سمكات فانطلق بهن حتى أتى العجوز فأخذت تصلحه فشقت بطن سمكة فإذا فيها الخاتم فأخذته وقالت لسليمان عليه السلام : ما هذا فأخذه سليمان عليه السلام فلبسه فأقبلت إليه الشياطين والإنس والجن والطير والوحش وهرب الشيطان الذي خلف في أهله فأتى جزيرة في البحر فبعث إليه الشياطين فقالوا : لا نقدر عليه إنه يرد عينا في جزيرة في البحر في سبعة أيام ولا نقدر عليه حتى يسكر.
قال فصب له في تلك العين خمرا فأقبل فشرب فسكر فأروه الخاتم فقال : سمعا وطاعة فأوثقه سليمان عليه السلام ثم بعث به إلى جبل فذكروا أنه جبل الدخان فالدخان الذي يرون من نفسه والماء الذي يخرج من الجبل بوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : هو الشيطان ، دخل سليمان عليه السلام الحمام فوضع خاتمه عند امرأة من أوثق نسائه في نفسه فأتاها الشيطان فتمثل لها على صورة سليمان عليه السلام فأخذ الخاتم منها فلما خرج سليمان عليه السلام أتاها فقال لها : هاتي الخاتم فقالت : قد دفعته إليك ، قال ما فعلت ، فهرب سليمان عليه السلام وجلس الشيطان على ملكه وانطلق سليمان عليه السلام

هاربا في الأرض يتتبع ورق الشجر خمسين ليلة فأنكر بنو إسرائيل أمر الشيطان فقال بعضهم لبعض : هل تنكرون من أمر ملككم ما ننكر عليه قالوا : نعم ، قال أما لقد هلكتم أنتم العامة وأما قد هلك ملككم فقالوا : والله أن عندكم من هذا الخبر نساؤه معكم فاسألوهن فإن كن أنكرن ما أنكرنا فقد ابتلينا ، فسألوهن فقلن : أي والله لقد أنكرنا ، فلما انقضت مدته انطلق سليمان عليه السلام حتى أتى ساحل البحر فوجد صيادين يصيدون السمك فصادوا سمكا كثيرا غلبهم بعضه فألقوه فأتاهم سليمان عليه السلام فاستطعمهم فأعطوه تلك الحيتان قال : لا بل أطعموني من هذا فأبوا فقال : أطعموني فإني سليمان فوثب إليه بعضهم بالعصا فضربه غضبا لسليمان فأتى إلى تلك الحيتان التي ألقوا فأخذ منها حوتين فانطلق بهما إلى البحر فغسلهما فشق بطن أحدهما فإذا فيه الخاتم فأخذه فجعله في يده فعاد في ملكه فجاءه الصيادون يبيعون إليه فقال لهم : لقد كنت استطعمتكم فلم تطعموني فلم أظلمكم إذا هنتموني ولم أحمدكم إذا أكرمتموني.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنه ما قال : كان سليمان عليه السلام إذا دخل الخلاء أعطى خاتمه أحب نسائه إليه فإذا هو قد خرج وقد وضع له وضوء فدفع خاتمه إلى امرأته فلبث ما شاء الله ، وخرج عليها شيطان في صورة سليمان فدفعت الخاتم إليه فضاق درعا به فألقاه في البحر فالتقمته سمكة فخرج سليمان عليه السلام على امرأته فسألها
الخاتم فقالت : قد دفعته إليك ، فعلم سليمان عليه السلام أنه قد ابتلي فخرج وترك ملكه ولزم البحر فجعل يجوع فأتى يوما على صيادين قد صادوا سمكا بالأمس فنبذوه وصادوا يومهم سمكا فهو بين أيديهم فقام عليهم سليمان عليه السلام فقال : أطعموني بارك الله فيكم فإني ابن سبيل فلم يلتفتوا إليه ثم عاد فقال لهم : مثل ذلك فرفع رجل منهم رأسه إليه فقال : أئت ذلك السمك فخذ منه سمكة فأتاه سليمان عليه السلام فأخذ منه أدنى سمكة فلما أخذها إذا فيها ريح فأتى بها البحر فغسلها وشق بطنها فإذا هو بخاتمه فحمد الله وأخذه فتختم به ونطق كل شيء كان حوله من جنوده وفزع الصيادون لذلك فقاموا إليه وحيل بينهم ولم يصلوا إليه ورد الله إليه ملكه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن سليمان بن داود عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله إليه أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور العباد ولم

تنصف مظلوما من ظالم ، وكان ملكه في خاتمه وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه فجاء الشيطان فأخذه فأقبل الناس على الشيطان فقال سليمان : يا أيها الناس أنا سليمان نبي الله فدفعوه فساح أربعين يوما فأتى أهل سفينة فأعطوه حوتا فشقها فإذا هو بالخاتم فيها فتختم به ثم جاء فأخذ بناصيته فقال عند ذلك (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) ، قال وكان أول من أنكره نساؤه ، فقال بعضهم لبعض : أتنكرون منه شيئا قلن : نعم ، وكان يأتيهن وهن حيض فقال علي : فذكرت ذلك للحسن فقال : ما كان الله يسلطه على نسائه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال : إنه كان في قومه رجل كعمر بن الخطاب في أمتي فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه أرسل إلى أفاضل نسائه فقال : هل تنكرن من صاحبكن شيئا قلن : نعم ، كان لا يأتينا حيضا وهذا يأتينا حيضا فاشتمل على سيفه ليقتله فرد الله على سليمان ملكه فأقبل
فوجده في مكانه فأخبره بما يريد.


وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع سليمان عليه السلام إليه خاتمه فقذفه في البحر وكان ملك سليمان عليه السلام في خاتمه وكان اسم الجني صخرا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع إليه سليمان خاتمه شيطانا يقال له آصف.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما ، كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة وهي آثر نسائه عنده وآمنهن وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولم يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها فجاءته يوما من الأيام فقالت : أن أخي بينه وبين فلان خصومة وأنا أحب أن تقضي له إذا جاءك فقال : نعم ، ولم يفعل وابتلي فأعطاها خاتمه ودخل المخرج فخرج الشيطان في صورته فقال : هات الخاتم ، فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان عليه السلام بعد فسألها أن تعطيه خاتمه فقالت : ألم تأخذه قبل قال : لا ، قال وخرج مكانه تائها ومكث الشيطان

يحكم بين الناس أربعين يوما فأنكر الناس أحكامه فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم فجاؤا حتى دخلوا على نسائه فقالوا : إنا قد أنكرنا هذا وأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا فقرأوا التوراة فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر ، وأقبل سليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع فاستطعمه من صيدهم فأعطاه سمكتين فقام إلى شط البحر فشق بطونهما فوجد خاتمه في بطن أحدهما فأخذه فلبسه فرد الله عليه بهاءه وملكه ، فأرسل إلى الشيطان فجيء به فأمر به فجعل في صندوق من حديد ثم أطبق عليه وأقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه ثم أمر به فألقي في البحر ، فهو فيه
حتى تقوم الساعة وكان اسمه حبقيق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ثم أناب} قال : دخل سليمان على امرأة تبيع السمك فاشترى منها سمكة فشق بطنها فوجد خاتمه فجعل لا يمر على شجرة ولا على شيء إلا سجد له حتى أتى ملكه وأهله ، فذلك قوله {ثم أناب} يقول : ثم رجع.
الآيات 35 - 40

أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى الوهاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} يقول : لا أسلبه كما سلبته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} قال : لا تسلبنيه كما سلبتنيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : عرض لي الشيطان في مصلاي الليلة كأنه هركم هذا فأردت أن أحبسه حتى

أصبح فذكرت دعوة أخي سليمان {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فتركته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن
عفريتا جعل يتلفت علي البارحة ليقطع علي صلاتي وإن الله تعالى أمكنني منه فلقد هممت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فرده الله خاسئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا قائم أصلي اعترض الشيطان فأخذت حلقه فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على إبهامي فيرحم الله سليمان لولا دعوته لأصبح مربوطا تنظرون إليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خرجت لصلاة الصبح فلقيني شيطان في السدة ، سدة المسجد فزحمني حتى إني لأجد مس شعره فاستمكنت منه فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على يدي فلولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح مقتولا تنظرون إليه.
وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قام يصلي صلاة الصبح فقرأ فألبست عليه القراءة فلما فرغ من صلاته قال : لو رأيتموني وإبليس.


فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين الإبهام والتي تليها ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد فتلاعب به صبيان المدينة.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مر علي الشيطان فتناولته فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي فقال : أوجعتني أوجعتني ، ولولا ما دعا به سليمان لأصبح مناطا إلى أسطوانة من أساطين المسجد ينظر إليه ولدان أهل المدينة.


وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : رآى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيطانا وهو في الصلاة فأخذه فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فقال : لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقا حتى يراه الناس .
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخلت البيت فإذا خلف الباب شيطان فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدى ولولا دعوة العبد الصالح لأصبح موثقا بالبقيع يراه الناس .
وأخرج مسلم والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال :قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك " ثم قال : ألعنك بلعنة الله " ثلاثا ثم بسط يده كأنه يتناول شيئا لم نسمعك تقوله فبل ذلك ورأيناك بسطت يدك. فقال : إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت : أعوذ بالله منك. فلم يستأخر ، ثم قلت ذلك فلم يستأخر ثم أردت أخذه فلولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة.
وَأخرَج الطبراني ، عَن جَابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن

الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي ، وأيم الله لولا ما سبق إليه أخي سليمان لربطته إلى سارية من سواري المسجد حتى به ولدان أهل المدينة.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن عمر بن علي بن حسين قال : مشيت مع عمي
وأخي جعفر فقلت : زعموا أن سليمان عليه السلام سأل ربه أن يهبه ملكا قال : حدثني أبي عن أبيه عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لن يعمر ملك في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من العمر في أمته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب بن منبه رضي الله عنه ، أنه ذكر من ملك سليمان وتعظيم ملكه أنه كان في رباطه اثنا عشر ألف حصان وكان يذبح على غدائه كل يوم سبعين ثورا سوى الكباش والطير والصيد فقيل لوهب أكان يسع هذا ماله قال : كان إذا ملك الملك

على بني إسرائيل اشترط عليهم أنهم رقيقه وأن أموالهم له ، ما شاء أخذ منها وما شاء ترك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي خالد البجلي رضي الله عنه قال : بلغني أن سليمان عليه السلام ركب يوما في موكبه فوضع سريره فقعد عليه وألقيت كراسي يمينا وشمالا فقعد الناس عليها يلونه والجن وراءهم ومردة الجن والشياطين وراء الجن ، فأرسل إلى الطير فأظلته بأجنحتها وقال للريح : احملينا يريد بعض مسيره فاحتملته الريح وهو على سريره والناس على كراسيهم يحدثهم ويحدثونه لا يرتفع كرسي ولا يتضع والطير تظلهم ، وكان موكب سليمان يسمع من مكان بعيد ورجل من بني إسرائيل آخذ مسحاته في زرع له قائما يهيئه إذ سمع الصوت فقال : إن هذا الصوت ما هو إلا لموكب سليمان وجنوده فحان من سليمان التفاتة وهو على سريره فإذا هو برجل يشتد يبادر الطريق فقال عليه السلام في نفسه : إن هذا الرجل ملهوف أو

طالب حاجة فقال للريح حين وقفت به : قفي ، فوقفت به وبجنود حتى انتهى إليه الرجل وهو منبهر فتركه سليمان حتى ذهب بهره ثم أقبل عليه فقال ألك حاجة وقد وقف عليه الخلق فقال : الحاجة جاءت بي إلى هذا المكان يا رسول الله ، إني رأيت الله أعطاك ملكا لم يعطه أحدا قبلك ولا أراه يعطيه أحدا بعدك فكيف تجد ما مضى من ملكك هذه الساعة قال : أخبرك عن ذاك إني كنت نائما فرأيت رؤيا ثم تنبهت فعبرتها قال : ليس إلا ذاك قال : فأخبرني كيف تجد ما بقي من ملكك الساعة قال : تسألني عن شيء لم أره قال : فإنما هي هذه الساعة ثم انصرف عنه موليا.
فجلس سليمان عليه السلام ينظر في قفاه ويتفكر فيما قاله ثم قال للريح امضي بنا فمضت به قال الله {رخاء حيث أصاب} قال : الرخاء التي ليست بالعاصف ولا باللينة وسطا قال الله تعالى (غدوها شهر ورواحها شهر) (سورة سبأ 12) ليست بالعاصف التي تؤذيه ولا باللينة التي تشق عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن سلمان بن عامر الشيباني رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أرأيتم سليمان وما أعطاه الله تعالى من ملكه فلم يكن يرفع طرفه إلى السماء تخشعا حتى قبضه الله تعالى.


وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعا حيث أعطاه الله تعالى ما أعطاه.
وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يعمل الخوص بيده ويأكل خبز الشعير ويطعم بني إسرائيل الحواري.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن صالح بن سمار رضي الله عنه قال : بلغني أنه لما مات داود عليه السلام أوحى الله تعالى إلى سليمان عليه الصلاة والسلام سلني حاجتك قال : أسألك أن تجعل قلبي يخشاك كما كان قلب أمي وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي ، فقال : أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته فكانت حاجته أن اجعل قلبه يخشاني وأن أجعل قلبه يحبني

لأهبن له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده قال الله تعالى {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب} والتي بعدها مما أعطاه وفي الآخرة لا حساب عليه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فسخرنا له الريح} قال : لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : لما عقر سليمان عليه السلام الخيل أبدله الله خيرا منها وأمر الريح تجري بأمره كيف يشاء {رخاء} قال : ليست بالعاصف ولا باللينة بين ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تجري بأمره رخاء} قال : مطيعة له حيث أراد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {رخاء

حيث أصاب} قال : حيث شاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {رخاء} قال : لينة {حيث أصاب} قال : حيث أراد {والشياطين كل بناء} قال : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل {وغواص} قال : يستخرجون له الحلي من البحر {وآخرين مقرنين في الأصفاد} قال : مردة الشياطين في الأغلال.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {رخاء} قال : الطيبة {والشياطين كل بناء وغواص} قال : يغوص للحلية وبناء بنوا لسليمان قصرا على الماء فقال : اهدموه من غير أن تمسه الأيدي ، فرموه بالفادقات حتى وضعوه فبقيت لنا منفعته بعدهم فكان من عمل الجن وبقيت لنا منفعة السياط كان يضرب الجن بالخشب فيكسر أيديها وأرجلها فقالوا هل توجعنا فلا تكسرنا قال : نعم ، فدلوه على السياط والتمويه أمر الجن فموهت

على ثم أمر به فألقى على الأساطين تحت قوائم خيل بلقيس والقارورة لما أخرج الأعور شيطان البحر حيث أراد بناء بيت المقدس قال الأعور : ابتغوا لي بيضة هدهد ثم قال اجعلوا عليها قارورة فجاء الهدهد فجعل يرى بيضته وهو لا يقدر عليها ويطيف بها فانطلق فجاء بماسة مثل هذه فوضعها على القارورة فانشقت فانشق بيت المقدس بتلك الماسة والقذافة ، وكان في البحر كنز فدلوا عليه سليمان عليه السلام وزعموا أن سليمان عليه السلام يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين سنة لما أعطي من الملك في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {هذا عطاؤنا} قال : كل هذا أعطاه إياه بعد رد الخاتم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فامنن} يقول : اعتق من الجن من شئت {أو أمسك} منهم من شئت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هذا عطاؤنا} قال الحسن : الملك الذي أعطيناك فأعط ما شئت وامنع ما

شئت فليس لك تبعة ولا حساب . وقال قتادة : هؤلاء الشياطين احبس ما شئت منهم في وثاقك هذا وفي عذابك ورح من شئت منهم فاتخذ عندهم يدا اصنع ما شئت لا حساب عليك في ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} قال : بغير حرج إن شئت أمسكت وإن شئت أعطيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ما أعطيت أو أمسكت فليس عليك فيه حساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : ما من نعمة أنعم الله على عبد إلا وقد سأله فيها الشكر إلا سليمان بن داود عليه السلام ، قال الله لسليمان عليه السلام فامنن أو أمسك بغير حساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : إن الله أعطى سليمان عليه السلام ملكا هنيئا فقال الله {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} قال : إن أعطى أجر وأن لم يعط لم يكن عليه تبعة.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} أي حسن مصير.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال : الزلفى القرب {وحسن مآب} قال : المرجع.
الآيات 41 - 44.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} قال : ذهاب الأهل والمال والضر الذي أصابه في جسده ، قال : ابتلي سبع سنين وأشهرا فألقي على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده ففرج الله عنه وأعظم له الأجر وأحسن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بنصب وعذاب} قال {بنصب} الضر في الجسد {وعذاب} قال : في المال.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن الشيطان عرج إلى السماء قال : يا رب سلطني على أيوب عليه السلام قال الله : قد سلطتك على ماله وولده ولم أسلطك على جسده ، فنزل فجمع جنوده فقال

لهم : قد سلطت على أيوب عليه السلام فأروني سلطانكم فصاروا نيرانا ثم صاروا ماء فبينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق فأرسل طائفة منهم إلى زرعه وطائفة إلى أهله وطائفة إلى بقره وطائفة إلى غنمه وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف ، فأتوه بالمصائب بعضها على بعض ، فجاء صاحب الزرع فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك عدوا فذهب به وجاء صاحب الإبل فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على إبلك عدوا فذهب بها ثم جاءه صاحب البقر فقال : ألم تر إلى ربك أرسل على بقرك عدوا فذهب بها وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم ، فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم.


فقال له أيوب أنت الشيطان ثم قال له أنا اليوم كيوم ولدتني أمي فقام فحلق رأسه وقام يصلي فرن إبليس رنة سمع بها أهل السماء وأهل الأرض ثم خرج إلى السماء فقال : أي رب إنه قد اعتصم فسلطني عليه فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال : قد سلطتك على جسده ولم أسلطك على قلبه ، فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه فصار قرحة واحدة وألقي على الرماد حتى بدا حجاب قلبه فكانت امرأته تسعى إليه حتى قالت له : أما ترى يا أيوب نزل بي والله من الجهد والفاقة ما أن بعت قروني برغيف ، فأطعمك فأدع الله أن يشفيك ويريحك قال : ويحك ، كنا في النعيم سبعين عاما فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عاما فكان في البلاء سبع سنين ودعا
فجاء جبريل عليه السلام يوما فأخذ بيده ثم قال : قم.


فقام فنحاه عن مكانه وقال {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فركض برجله فنبعت عين فقال : اغتسل ، فأغتسل منها ثم جاء أيضا فقال {اركض برجلك} فنبعت عين أخرى ، فقال له : اشرب منها وهو قوله {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} وألبسه الله تعالى حلة من الجنة فتنحى أيوب فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت : يا عبد الله أين المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به والذئاب وجعلت تكلمه ساعة فقال : ويحك ، أنا أيوب قد رد الله علي جسدي ورد الله عليه ماله وولده عيانا {ومثلهم معهم} وأمطر عليهم جرادا من ذهب فجعل يأخذ الجراد بيده ثم يجعله في ثوبه وينشر كساءه فيجعل فيه فأوحى الله إليه : يا أيوب أما شبعت قال : يا رب من ذا الذي يشبع من فضلك ورحمتك.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أن إبليس قعد على الطريق فأتخذ تابوتا يداوي الناس فقالت امرأة أيوب : يا عبد الله أن ههنا مبتلى من أمره كذا وكذا ، فهل لك أن تداويه قال : نعم ، بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غيره ، فأتت أيوب عليه السلام فذكرت ذلك له فقال : ويحك ، ذاك الشيطان لله علي إن شفاني الله تعالى أن أجلدك مائة جلدة فلما شفاه الله تعالى أمره أن يأخذ

ضغثا فأخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضرب بها ضربة واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم قال : الشيطان الذي مس أيوب يقال له مسوط ، فقالت امرأة أيوب أدع الله يشفيك فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني إسرائيل فقال بعضهم لبعض : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه فعند ذلك قال : (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) (الأنبياء 83).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {اركض برجلك هذا} الماء {مغتسل بارد وشراب} قال : ركض رجله اليمنى فنبعت عين وضرب بيده اليمنى خلف ظهره فنبعت عين فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : ضرب برجله

أرضا يقال لها الحمامة فإذا عينان ينبعان فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه أن نبي الله أيوب عليه السلام لما اشتد به البلاء إما دعا وإما عرض بالدعاء فأوحى الله تعالى إليه {اركض برجلك} فنبعت عين فاغتسل منها فذهب ما به ثم مشى أربعين ذراعا ثم ضرب برجله فنبعت عين فشرب منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن نبي الله أيوب عليه السلام لما أصابه الذي أصابه قال إبليس : يا رب ما يبالي أيوب أن تعطيه أهله ومثلهم معهم وتخلف له ماله وسلطانه سلطني على جسده قال : اذهب فقد سلطتك على جسده وإياك يا خبيث ونفسه قال فنفخ فيه نفخة سقط لحمه فلما أعياه صرخ صرخة اجتمعت إليه جنوده قالوا يا سيدنا ما أغضبك فقال ألا أغضب أني أخرجت آدم من الجنة وأن ولده هذا الضعيف قد غلبني فقالوا : يا سيدنا ما فعلت امرأته فقال : حية فقال : أما هي فقد كفيك أمرها فقال

له : فإن أطلقتها فقد أصبت وإلا فأعطه فجاء إليها فاستبرأها فأتت أيوب فقالت له : يا أيوب إلى متى هذا البلاء كلمة واحدة ثم استغفر ربك فيغفر لك فقال لها : فعلتها أنت أيضا ، ثم قال لها أما والله لئن الله تعالى عافاني لأجلدنك مائة جلدة فقال {ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} قأتاه جبريل عليه السلام فقال {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فرجع إليه حسنه وشبابه ثم جلس على تل من التراب فجاءته امرأته بطعامه فلم تر له أثرا فقالت لأيوب عليه السلام وهو على التل : يا عبد الله هل رأيت مبتلى كان ههنا فقال لها : إن رأيتيه تعرفينه فقالت له لعلك أنت هو قال : نعم ، فأوحى الله إليه أن {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} قال : والضغث أن يأخذ الحزمة من السياط فيضرب بها الضربة الواحدة.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : ابتلي أيوب عليه السلام بماله وولده وجسده وطرح في المزبلة فجعلت امرأته تخرج فتكتسب عليه ما تطعمه فحسده الشيطان بذلك فكان يأتي أصحاب الخير والغنى الذين

كانوا يتصدقون عليها فيقول : اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها إنها تأتيكم وتغشاكم
فجعلوا لا يدنونها منهم ويقولون : تباعدي عنا ونحن نطعمك ولا تقربينا فأخبرت بذلك أيوب عليه السلام فحمد الله تعالى على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب فيقول : لج صاحبك وأبى إلا ما أبى الله ولو تكلم بكلمة واحدة تكشف عنه كل ضر ولرجع إليه ماله وولده ، فتجيء فتخبر أيوب فيقول لها : لقيك عدو الله فلقنك هذا الكلام لئن أقامني الله من مرضي لأجلدنك مائة ، فلذلك قال الله تعالى {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} يعني بالضغث القبضة من الكبائس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وخذ بيدك ضغثا} قال : الضغث القبضة من المرعى الطيب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وخذ بيدك ضغثا} قال :

حزمة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وخذ بيدك ضغثا} قال : عود فيه تسعة وتسعون عودا والأصل تمام المائة ، وذلك أن امرأته قال لها الشيطان : قولي لزوجك يقول كذا وكذا ، فقالت له ، فحلف أن يضربها مائة فضربها تلك الضربة فكانت تحلة ليمينه وتخفيفا عن امرأته.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أنه بلغه أن أيوب عليه السلام حلف ليضربن امرأته مائة في أن جاءته في زيادة على ما كانت تأتي به من الخبز الذي كانت تعمل عليه وخشي أن تكون قارفت من الخيانة فلما رحمه الله وكشف عنه الضر علم براءة امرأته مما اتهمها به فقال الله عز وجل {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} فأخذ ضغثا من ثمام وهو مائة عود فضرب به كما أمره الله تعالى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخذ بيدك ضغثا} قال : هي لأيوب عليه السلام خاصة وقال عطاء : هي للناس عامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه {وخذ بيدك ضغثا} قال :
جماعة من الشجر وكانت لأيوب عليه السلام خاصة وهي لنا عامة.


وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخذ بيدك ضغثا} ، وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثا فيه مائة طاق من عيدان القت فيضرب به امرأته لليمين التي كان يحلف عليها قال : ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء عليهم السلام.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها : ممن حملك قالت : من فلان المقعد فسأل المقعد فقال صدقت فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : خذوا له عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة ففعلوا.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن عساكر من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال : كان في أبياتنا إنسان ضعيف مجدع فلم يرع أهل الدار إلا وهو على أمة من إماء أهل الدار يعبث بها وكان مسلما فرفع سعد رضي الله عنه شأنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال : اضربوه حده فقالوا يا رسول الله : أنه أضعف من ذلك إن ضربناه مائة قتلناه قال : فخذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة وخلوا سبيله).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان رضي الله عنه ، أن رجلا أصاب فاحشة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض على شفا موت فأخبر أهله بما صنع فأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقنو فيه مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة.
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتي بشيخ قد ظهرت عروقه قد زنى بامرأة فضربه بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة ، أما قوله تعالى : {إنا وجدناه صابرا نعم العبد}.
أخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أيوب عليه السلام رأس الصابرين يوم القيامة.


وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاصي رضي الله عنه قال : نودي أيوب عليه السلام يا أيوب لولا أفرغت مكان كل شعرة منك صبرا ما صبرت.
وأخرج ابن عساكر عن ليث بن أبي سليمان رضي الله عنه قال : قيل لأيوب عليه السلام لا تعجب بصبرك فلولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبرا ما صبرت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أيوب قالت : يا أيوب إنك رجل مجاب الدعوة فأدع الله أن يشفيك فقال : ويحك ، كنا في النعماء سبعين عاما فدعينا نكون في البلاء سبع سنين.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : زوجة أيوب عليه السلام رحمة رضي الله عنها بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان أيوب عليه السلام كلما أصابه مصيبة قال : اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مهما تبقى نفسك

أحمدك على حسن بلائك.
الآيات 45 - 48.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {واذكر عبادنا إبراهيم} ويقول : إنما ذكر إبراهيم ثم ذكر بعده ولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {واذكر عبادنا} على الجمع إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولي الأيدي} قال : القوة في العبادة {والأبصار} قال : البصر في أمر الله.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {أولي الأيدي والأبصار}
قال : أما اليد فهو القوة في العمل وأما الأبصار فالبصر ما هم فيه من أمر دينهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أولي الأيدي} قال : القوة في أمر الله {والأبصار} قال : العقل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {أولي الأيدي والأبصار} قال : أولي القوة في العبادة ونصرا في الدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (أولي الأيدي) قال : النعمة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن : (أولي الأيدي والأبصار) قال : أولي الأيدي على الناس بالمعروف.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال : أخلصوا بذكر دار الآخرة أن يعملوا لها ..


وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار). قال : أخلصوا بذلك وبذكرهم دار يوم القيامة.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد : (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) قال : بذكر الآخرة وليس لهم هم ولا ذكر غيرها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال : لهذه أخلصهم الله تعالى كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال : بفضل أهل الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير {ذكرى الدار} قال : عقبى الدار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ واليسع خفيفة ، وعن الأعمش أنه قرأ اليسع مشددة.


الآيات 49 - 61
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} قال : يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ، يقال لها انفتحي وانغلقي تكلمي فتفهم وتتكلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله {وعندهم قاصرات الطرف أتراب} قال : قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهن {أتراب} قال : سن واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله {أتراب} قال : أمثال.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} أي من انقطاع {هذا فليذوقوه حميم وغساق} قال : كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين جلده ولحمه {وآخر من شكله أزواج} قال : من نحوه أزواج من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي رزين قال : الغساق ما يسيل من صديدهم.
وأخرج هناد عن عطية في قوله {وغساق} قال : الذي يسيل من جلودهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وغساق} قال : الزمهرير {وآخر من شكله} قال : نحوه {أزواج} قال : ألوان من العذاب.
وأخرج هناد بن السري في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : الغساق الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده.


وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن بريدة قال : الغساق المنتن وهو بالطخاوية.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن دلو من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن كعب قال {وغساق} عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غيرها فليستنقع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال : الزمهرير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مرة قال : ذكروا الزمهرير فقال عبد الله ! ذلك

قول الله {وآخر من شكله أزواج} فقالوا لعبد الله : إن للزمهرير بردا فقرأ هذه الآية (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) (النبأ 24 - 25).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال : ألوان من العذاب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ذكر الله العذاب فذكر السلاسل والأغلال وما يكون في الدنيا ثم قال {وآخر من شكله أزواج} قال : آخر لم ير في الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد أنه قرأ وآخر من شكله برفع الألف ونصب الخاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ وآخر من شكله ممدودة منصوبة الألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {هذا فوج مقتحم معكم} إلى قوله {فبئس القرار} قال : هؤلاء الأتباع يقولونه

للرؤوس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله {فزده عذابا ضعفا في النار} قال : أفاعي وحيات.
الآيات 62 - 64
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن مجاهد في قوله {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال : ذلك قول أبي جهل بن هشام في النار : ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وخباب وفلانا ، {أتخذناهم سخريا} وليسوا كذلك {أم زاغت عنهم الأبصار} أم هم في النار ولا نراهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال : عبد الله بن مسعود ومن معه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن شمر بن عطية {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا} قال أبو جهل في النار : أين خباب أين صهيب أين بلال أين عمار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال : فقدوا أهل الجنة {أتخذناهم سخريا

أم زاغت عنهم الأبصار} قال : أم هم معنا في النار ولا نراهم {زاغت} أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار.
الآيات 65 - 66.
أَخرَج النسائي ومحمد بن نصر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل قال : لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار.
من آية 67 - 70.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نصر السجزي في
الإبانة عن مجاهد في قوله {قل هو نبأ عظيم} قال : القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في الإبانة ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وَابن جَرِير عن قتادة {قل هو نبأ عظيم} قال : إنكم تراجعون نبأ عظيما فأعقلوه عن الله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} قال : هم الملائكة عليهم السلام كانت خصومتهم في شأن آدم عليه السلام (إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض

خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الماء) إلى قوله (إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (البقرة 30) ففي هذا اختصم الملأ الأعلى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى} قال : الملائكة حين شووروا في خلق آدم عليه السلام فاختصموا فيه : قالوا أتجعل في الأرض خليفة.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} قال : هي الخصومة في شأن آدم {أتجعل فيها من يفسد فيها}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تدرون فيم يختصم الملاء الأعلى قالوا : الله ورسوله أعلم قال : يختصمون في الكفارات الثلاث ، إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر رضي الله عنه في كتاب الصلاة قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : أتاني ربي الليلة في أحسن صورة أحسبه قال في المنام قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض ثم قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملاء الأعلى قلت : نعم ، في الكفارات والمكث في المسجد بعد الصلوات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكاره ومن فعل ذلك عاش بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه وقل يا محمد إذا صليت : اللهم إني أسألك فعل
الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ، قال : والدرجات ، إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام.
وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من

صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم دعا بسوطه فقال : على مصافكم كما أنتم ، ثم انفتل إلينا ثم قال : أما إني أحدثكم ما حبسني عنكم الغداة ، إني قمت الليلة فقمت وصليت ما قدر لي ونعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال : يا محمد قلت لبيك ربي قال : فيم يختصم الملاء الأعلى قلت : لا أدري ، فوضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفته فقال : يا محمد قلت لبيك رب قال : فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : في الدرجات والكفارات فقال : ما الدرجات فقلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام ، قال : صدقت فما الكفارات قلت : إسباغ الوضوء في المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة ونقل الأقدام إلى الجماعات ، قال : صدقت قل يا محمد : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير

مفتون ، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : تعلموهن وادرسوهن فأنهن حق.
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيم يختصم الملائكة قلت : يا رب ما لي به علم ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فما سألني عن شيء إلا علمته قلت : في الدرجات والكفارات وإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام).
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت ربي في أحسن صورة قال : يا محمد فقلت لبيك ربي
وسعيدك ثلاث مرات ، قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : لا ، فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ففهمت الذي سألني عنه فقلت : نعم يا رب ، يختصمون في الدرجات والكفارات ، قلت : الدرجات : إسباغ الوضوء بالسبرات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة والكفارات : إطعام الطعام وإفشاء

السلام والصلاة بالليل والناس نيام.
وأخرج الطبراني في السنة والشيرازي في الألقاب ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : أصبحنا يوما فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرنا فقال : أتاني ربي البارحة في منامي في أحسن صورة فوضع يده بين ثدي وبين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمني كل شيء قال : يا محمد قلت : لبيك رب وسعديك قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : نعم يا رب في الكفارات والدرجات قال : فما الكفارات قلت : إفشاء السلام وإطعام الكعام والصلاة والناس نيام ، قال : فما الدرجات قلت : إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة.


وأخرج ابن نصر والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أتاني ربي في أحسن صورة فقال : يا محمد فقلت : لبيك وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري فوضع يده بين ثديي فعلمت في منامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت في الدرجات والكفارات فأما الدرجات : فإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، قال : صدقت من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه.
وَأَمَّا الكفارات : فإطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام والصلاة والناس نيام ، ثم قال : اللهم إني أسألك فعل الحسنات وترك السيئات وحب المساكين ومغفرة وأن تتوب علي وإذا أردت في قوم فتنة فنجني غير مفتون.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال : سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيم يختصم الملأ الأعلى قال : في الدرجات والكفارات ، فأما
الدرجات : فإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام.


وأما الكفارات : فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سري بي إلى السماء السابعة قال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى فذكر الحديث.
وأخرج الطبراني في السنة والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما كان ليلة أسري بي رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : في الكفارات والدرجات ، قال : وما الكفارات قلت : إسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وإنتظار الصلاة بعد الصلاة قال : فما الدرجات قلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام ، ثم قال : قل ، قلت : فما أقول قال : قل اللهم إني أسألك عملا بالحسنات وترك المنكرات وإذا أردت بقوم فتنة وأنا فيهم فاقبضني إليك غير مفتون.


وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والطبراني في السنة عن عبد الرحمن بن عابس الحضرمي رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال له قائل : ما رأيناك أسفر وجها منك الغداة قال : وما لي لا أكون كذلك وقد رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد فقلت : في الكفارات ، قال : وما هن قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد لانتظار الصلوات ووضع الوضوء أماكنه في المكان قال : وفيم قلت : في الدرجات ، قال : وما هن قال : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام ، ثم قال : يا محمد قل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين فو الذي نفسي بيده إنهن حق.


وأخرج ابن نصر والطبراني في السنة عن ثوبان رضي الله عنه قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال : إن ربي عز وجل أتاني الليلة في أحسن صورة فقال لي : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت : لا أعلم يا رب.
قال فوضع كفيه بين كتفي حتى وجدت أنامله في صدري فتجلى لي بين السماء والأرض قلت : نعم يا رب يختصمون في الكفارات والدرجات قال : فما الدرجات قلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام وقيام الليل والناس نيام.
وَأَمَّا الكفارات : فمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في الكراهيات وجلوس في المساجد خلف الصلوات ، ثم قال : يا محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني إليك وأنا غير مفتون ، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يبلغني إلى حبك.
الآيات 71 - 74.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} {إذ قال ربك للملائكة} قال : هذه الخصومة.
من آية 75 - 83

أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلق الله ثلاثة أشياء بيده ، خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس الفردوس بيده ، ثم قال : وعزتي لا يسكنها مدمن خمر ولا ديوث ، قالوا : يا رسول الله قد عرفنا مدمن الخمر فما الديوث قال : الذي يشير لأهله السوء.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خلق الله أربعا بيده ، العرش وجنات عدن والقلم وآدم ، ثم قال لكل شيء كن فكان ، واحتجب من خلقه بأربعة ، بنار وظلمة ونور [ ].
وأخرج هناد عن ميسرة رضي الله عنه قال : خلق الله أربعة بيده ، خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده وخلق القلم بيده.
وأخرج هناد عن إبراهيم رضي الله عنه ، مثله.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب قال : إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء ، خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : الرجيم اللعين ، قوله {إلا عبادك منهم المخلصين} قال : المخلصين بالنصب ، فقلت كل شيء في القرآن هكذا نقرأوها قال : نعم.
الآيات 84 - 85.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {فالحق والحق أقول} قال : أنا الحق أقول الحق.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه قال {فالحق} رفع {والحق} نصب {أقول} رفع.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأها فالحق بالرفع والحق
أقول نصبا قال : يقول الله أنا الحق والحق أقول.
الآيات 86 - 87.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : قل يا محمد {ما أسألكم} على ما أدعوكم إليه من أجر عرض من الدنيا.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه قال : بينما رجل يحدث في المسجد فقال فيما يقول (يوم تأتي السماء بدخان) يكون يوم القيامة يأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال : فقمنا حتى دخلنا على عبد الله رضي الله عنه وهو في بيته فأخبرناه وكان متكئا فاستوى قاعدا فقال : أيها الناس من علم منكم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله

أعلم ، فإن من العلم أن يقول العالم لما لايعلم : الله أعلم قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}.
وأخرج الديلمي ، وَابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إني لا ألى من التكلف وصالحوا أمتي.
وأخرج أحمد ، وَابن عدي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن شقيق رضي الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي الله عنه فقرب إلينا خبزا وملحا فقال : لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن التكلفت لتكلف لكم فقال صاحبي لو كان في ملحتنا صعتر فبعث مطهرته فرهنها فجاء الصعتر فلما أكلنا قال صاحبي : الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا ، فقال سلمان رضي الله عنه : لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة عند البقال.


وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف.
وأخرج البيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم ما حضر.
وأخرج ابن عدي عن أبي برزة رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بأهل الجنة قلنا بلى يا رسول الله قال : الرحماء بينهم ، ألا أنبئكم بأهل النار قلنا بلى ، قال : هم الآيسون والقانطون والكذابون والمتكلفون.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر قال : آية المتكلف ثلاث ، تكلف فيما لا يعلم وينازل من فوقه ويتعاطى ما لا ينال.
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : من علم علما فليعلمه ولا يقولن ما ليس له به علم فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين.


الآية 88.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال : بعد الموت وقال الحسن رضي الله عنه : يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال بعضهم : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه} قال : صدق هذا الحديث نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة وقرأ (لكل نبأ مستقر) (الأنعام الآية 67) قال : وهو الآخرة يستقر فيها الحق ويبطل فيها الباطل.
*

بسم الله الرحمن الرحيم * (39)- سورة الزمر.
مكية وآياتها خمس وسبعون.
مقدمة سورة الزمر.
أَخْرَج ابن الضريس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة الزمر بمكة.
وأخرج النحاس في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) إلى ثلاث آيات.
الآيات 1 - 4.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرآن {فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص} قال : شهادة أن لا إله إلا الله {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال : ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله تعالى.
وأخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي رضي الله عنه ، أن رجلا قال : يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : لا ط. قال : يارسول الله إنما نعطي أموالنا التماس الأجر والذكرفهل لنا أجر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الله لا يقبل إلا من أخلص له ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ألا لله الدين الخالص}.
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما {والذين اتخذوا من دونه أولياء} قال : أنزلت في ثلاثة أحياء ، عامر وكنانة وبني سلمة ، كانوا يعبدون الأوثان ويقولون الملائكة بناته ، فقالوا {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال : قريش يقولون للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزيز.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه قال كان عبد الله رضي الله عنه يقرأ {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأها قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
الآية 5

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يكور الليل على النهار} قال : يحمل الليل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال : هو غشيان أحدهما على الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}
قال : يغشي هذا هذا وهذا هذا.
آية 6.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {خلقكم من نفس واحدة} يعني آدم {وخلق منها زوجها} خلقها من ضلع من أضلاعه و{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} قال : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما ثم أنبت الشعر أطوارا {في ظلمات

ثلاث} قال : البطن والرحم والمشيمة {فأنى تصرفون} قال : كقوله (فأنى تؤفكون) (الزخرف 87).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} من الإبل والبقر والضان والمعز ، وفي قوله {من بعد خلق} قال : نطفة ثم ما يتبعها حتى يتم خلقه {في ظلمات ثلاث} قال : البطن والرحم والمشيمة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {خلقا من بعد خلق} قال : علقة ثم مضغة ثم عظاما {في ظلمات ثلاث} قال : ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه في ظلمات ثلاث قال البطن

والرحم والمشيمة.
الآية 7
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن تكفروا فإن الله غني عنكم} يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فيقولون لا إله إلا الله ، ثم قال {ولا يرضى لعباده الكفر} وهم عباده المخلصون الذين قال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (الحجر 42) فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ولا يرضى لعباده الكفر} قال : لا يرضى لعباده المسلمين الكفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : والله ما رضي الله لعبده ضلالة ولا أمره بها ولا دعا إليها ولكن رضي لكم طاعته وأمركم بها ونهاكم عن معصيته.
الآية 8.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {دعا ربه منيبا إليه} قال : أي مخلصا إليه.
الآية 9

أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه تلا هذه الآية {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} قال : ذاك عثمان بن عفان ، وفي لفظ نزلت في عثمان بن عفان.
وأخرج ابن سعد في طبقاته ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما} قال : نزلت في عمار بن ياسر.
وأخرج جويبر عن عكرمة ، مثله.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في ابن مسعود وعمار وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يحذر الآخرة} يقول : يحذر عذاب الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، أنه كان يقرأ أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر

عذاب الآخرة والله تعالى أعلم ، أما قوله تعالى : {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}.
أخرج الترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال كيف تجدك قال : أرجو وأخاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو وأمنه الذي يخاف.
الآيات 10 - 14.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأرض الله واسعة} قال : أرضي واسعة فهاجروا واعتزلوا الأوثان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال : لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم ولكن يزادون على ذلك.


وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أحب عبدا أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صبا ويحثه عليه حثا فإذا دعا قالت الملائكة عليهم السلام : صوت معروف قال جبريل عليه السلام : يا رب عبدك فلان اقض حاجته ، فيقول الله تعالى : دعه إني أحب أن أسمع صوته ، فإذا قال يا رب ، ، قال الله تعالى لبيك عبدي وسعديك ، وعزتي لا تدعوني بشيء إلا استجبت لك ولا تسألني شيئا إلا أعطيتك ، إما أن أعجل لك ما سألت وإما أن أدخر لك عندي أفضل منه وإما أن أدفع عنك من البلاء أعظم منه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وتنصب الموازين يوم القيامة فيأتون بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصيام فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية أنهم كانوا في الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل ، وذلك قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر ، وَابن مردويه عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة فلا يرفع لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان

يصب عليهم الأجر صبا ، وقرأ {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض.
الآية 15.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} الآية ، قال : هم الكفار الذين خلقهم الله للنار زالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} قال {أهليهم} من أهل الجنة كانوا أعدوا لهم لو عملوا بطاعة الله فغبنوهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} يخسرونها فيتحسرون في النار أحياء ويخسرون أهليهم فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} قال : ليس أحد إلا قد أعد الله تعالى له أهلا في الجنة إن أطاعه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
الآية 16.
أَخْرَج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم من فوقهم ظلل} قال : غواش {ومن تحتهم ظلل} قال : مهاد.
وأخرج ابن أبي شيبه عن سويد بن غفلة قال : إذا أراد الله أن يعذب أهل النار جعل لكل إنسان منهم تابوتا من نار على قدره ثم أقفل عليه بأقفال من نار فلا
يعرف منه عرق إلا وفيه مسمار ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار ثم يقفل بأقفال من نار ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره ، فذلك قوله {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} وقوله (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) (الأعراف 41).
الآيات 17 - 18

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} قال : نزلت هاتان الآيتان في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله ، في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان سعيد بن زيد وأبو ذر وسلمان يتبعون في الجاهلية أحسن القول وأحسن القول والكلام لا إله إلا الله ، قالوا بها فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم {يستمعون القول فيتبعون أحسنه} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الطاغوت} الشيطان هو ههنا واحد وهي جماعة ، مثل قوله (يا أيها الإنسان ما غرك) (الانتصار 6) قال : هي للناس كلهم الذين قال لهم الناس إنما هو واحد ، وخ عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {والذين اجتنبوا الطاغوت} قال : الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وأنابوا إلى الله لهم البشرى} قال : أقبلوا إلى الله {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال : أحسنه طاعة الله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الضحاك في قوله !

{فيتبعون أحسنه} قال : ما أمر الله تعالى النبيين عليهم السلام من الطاعة.
وأخرج سعيد بن منصور عن الكلبي في قوله {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال : لولا ثلاث يسرني أن أكون قد مت ، لولا أن أضع جبيني لله وأجالس قوما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقطون طيب الثمر والسير في سبيل الله.
وأخرج جويبر ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لما نزلت (لها سبعة أبواب) (الحجر 44) ، أتى رجل من الأنصار إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي سبعة مماليك وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا ، فنزلت هذه الآية {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، فاستقبل عمر الرسول فرده فقال : يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلم الناس قدر رحمة الله لاتكلوا ولو يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم.


الآيات 19 - 20.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم غرف من فوقها غرف} قال : علالي.
الآية 21
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض} قال : ما أنزل الله من السماء ولكن عروق في الأرض تغمره فذلك قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} أصله من السماء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض}

قال : عيونا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكبي رضي الله عنه قال : العيون والركايا مما أنزل الله من السماء {فسلكه ينابيع في الأرض} والله أعلم.
الآية 22.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن شرح الله صدره للإسلام} الآية ، قال : ليس المشروح صدره كالقاسية قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} قالوا : يا رسول الله فهل ينفرج الصدر قال : نعم ، قالوا : هل لذلك علامة قال : نعم ، التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه

الآية {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} فقلنا يا رسول الله كيف انشراح صدره قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ، قلنا يا رسول الله فما علامة ذلك قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رجلا قال : يا نبي الله أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكر للموت وأحسنهم له استعدادا وإذا دخل النور القلب انفسح واستوسع ، فقالوا ما آية ذلك يا نبي الله قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت ثم أخرج عن أبي جعفر عبد الله بن المسور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد فيه {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} ، أما قوله تعالى : {فويل للقاسية قلوبهم}.
وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه ، وَابن شاهين في الترغيب في الذكر في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القاسي.


وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد رضي الله عنه ، أن عيسى عليه السلام أوصى إلى الحواريين : أن لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم وإن القاسي قلبه بعيد من الله ولكن لا يعلم.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل العباد ونومهم عليه قسوة في قلوبهم.
وأخرج العقيلي والطبراني في الأوسط ، وَابن عدي ، وَابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يورث القسوة في القلب ثلاث خصال ، حب الطعام وحب النوم وحب الراحة ، والله أعلم.
الآية 23
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا : يا رسول الله لو حدثتنا فنزل {الله نزل أحسن الحديث}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الله نزل أحسن الحديث كتابا

متشابها مثاني} قال : القرآن كله مثاني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مثاني} قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ويرد بعضه إلى بعض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {كتابا متشابها} حلاله وحرامه لا يختلف شيء منه ، الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف {مثاني} قال : يثني الله فيه الفرائض والحدود والقضاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {كتابا متشابها} قال : القرآن كله مثاني ، قال : من ثناء الله إلى عبده.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {متشابها} قال : يفسر بعضه بعضا ويدل بعضه على بعض.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : سألت الحسن رضي الله عنه عن قول الله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} قال : ثنى الله فيه القضاء ، تكون في هذه السورة الآية وفي السورة الآية الأخرى تشبه بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي رضي الله عنه قال : سأل عكرمة رضي الله عنه عنها وأنا أسمع فقال : ثنى الله فيه القضاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} هذا نعت أولياء الله نعتهم الله تعالى قال : تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى ، ولم ينعتهم الله تعالى بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع وإنما هو من الشيطان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} قال : إذا سمعوا ذكر الله والوعيد اقشعروا {ثم تلين جلودهم}
إذا سمعوا ذكر الجنة واللين {يرجون رحمة الله}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : قلت لجدتي أسماء رضي الله عنها كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأوا القرآن قالت : كانوا كما نعتهم الله تعالى

تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم ، قلت : فإن ناسا ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية فقالت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : جئت أمي فقلت : وجدت قوما ما رأيت خيرا منهم قط يذكرون الله تعالى فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله فقالت : لا تقعد معهم ، ثم قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ورأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرآن فلا يصيبهم هذا ، أفتراهم أخشى من أبي بكر وعمر.
وَأخرَج ابن أبي شيبه عن قيس بن جبير رضي الله عنه قال : الصعقة من الشيطان.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن إبراهيم رضي الله عنه في الرجل يرى الضوء قال : من الشيطان لو كان يرى خيرا لأوثر به أهل بدر.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما

يتحات عن الشجرة البالية ورقها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ليس من عبد على سبيل ذكر سنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله تعالى إلا كان مثله مثل شجرة يبس ورقها وهي كذلك فأصابتها ريح تحات ورقها كما تحات عن الشجرة البالية ورقها وليس من عبد على سبيل وذكر سنة وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبدا.
الآيات 24 - 27
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة} قال : يجر على وجهه في النار وهو مثل قوله (أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة) (فصلت الآية 40).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينطلق به إلى النار مكتوفا ثم يرمى فيها فأول ما تمس وجهه النار.
الآية 28.
أَخرَج الآجري في الشريعة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير مخلوق.


وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير مخلوق.
وأخرج ابن شاهين في السنة عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال القرآن كلام الله غير مخلوق.
وأخرج ابن أبي حاتم في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن الفرج بن زيد الكلاعي رضي الله عنه قال : قالوا لعلي رضي الله عنه : حكمت كافرا ومنافقا فقال : ما حكمت مخلوقا ما حكمت إلا القرآن.
وأخرج البيهقي ، وَابن عدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : القرآن كلام الله وليس كلام الله بمخلوق.
وأخرج البيهقي عن عكرمة رضي الله عنه قال : صلى ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فلما وضع الميت في قبره قال له رجل : اللهم رب القرآن اغفر له ، فقال
له ابن عباس رضي الله عنه : مه لا تقل مثل هذا منه بدا وإليه يعود ، وفي لفظ فقال ابن عباس : ثكلتك

أمك ، إن القرآن منه.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : القرآن كلام الله.
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون : القرآن كلام الله ليس بمخلوق.
وأخرج البيهقي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : سأل علي بن الحسين عن القرآن فقال : ليس بخالق ولا بمخلوق وهو كلام الخالق.
وأخرج البيهقي عن قيس بن الربيع قال سألت جعفر بن محمد رضي الله عنه عن القرآن فقال : كلام الله قلت : مخلوق قال : لا ، قلت : فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق قال : يقتل ولا يستتاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير ذي سلس.
الآية 29.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ضرب الله

مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون} قال : الرجل يعبد آلهة شتى ، فهذا مثل ضربه الله تعالى لأهل الأوثان {ورجلا سلما} يعبد الها واحدا ضرب لنفسه مثلا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون} قال : هو المشرك تنازعه الشياطين لا يعرفه بعضهم لبعض {ورجلا سلما لرجل} قال : هذا المؤمن أخلص لله الدعوة والعبادة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل} قال : آلهة الباطل وإله الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {شركاء متشاكسون} يعني الصنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ورجلا سلما} قال : ليس لأحد فيه شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها ورجلا سلما لرجل بغير

ألف يعني : ورجلا سالما.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأها : (ورجلا سلما لرجل) بغير ألف منصوبة اللام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد القرشي رضي الله عنه قال : قراءة عبد الله بن عمر رضي الله عنه {ورجلا سلما لرجل} قال : خالصا ، فإنما يعني مستسلما لرجل.
الآيات 30 - 31.
أَخرَج عَبد بن حميد والنسائي ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين من قبل {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلنا : كيف نختصم ونبينا واحد وكتابنا واحد حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن

ابن عمر رضي الله عنهما قال : عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى هذه الآية نزلت فينا {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فقلت : لم نختصم ، أما نحن فلا نعبد إلا الله وأما ديننا فالإسلام وأما كتابنا فالقرآن لا نغيره أبدا ولا نحرف الكتاب وأما قبلتنا فالكعبة وأما حرمنا فواحد وأما نبينا فمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف نختصم حتى كفح بعضنا وجه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : نزلت علينا الآية {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري ما تفسيرها ولفظ عَبد بن حُمَيد : وما ندري فيم نزلت قلنا ليس بيننا خصومة فما التخاصم حتى وقعت الفتنة فقلنا : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن عساكر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري فيم نزلت قلنا : ليس بيننا خصومة قالوا وما خصومتنا ونحن إخوان فلما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه قالوا : هذه خصومة ما بيننا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الفضل بن عيسى رضي الله عنه قال : لما قرأت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قيل : يا رسول الله فما الخصومة قال : في الدماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنك ميت وإنهم ميتون} قال : نعى لنبيه صلى الله عليه وسلم نفسه ونعى لكم أنفسكم.
وأخرج عبد الرزاق واحمد ، وَابن منيع ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في البعث والنشور عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : لما نزلت {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلت : يا رسول الله أينكر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب قال : نعم ، لينكرن ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه ، قال الزبير رضي الله عنه : فو الله إن الأمر لشديد.


وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : لما أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير رضي الله عنه : يا رسول الله يكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، ليكرر ذلك عليكم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه قال الزبير رضي الله عنه : إن الأمر لشديد.
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد فما
هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم ، هو هذا.
وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتين فيما انتطحتا.


وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي أيوب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته ، والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت لزوجها وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها ، ثم يدعى الرجل وخادمه بمثل ذلك ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئآت هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال : أوردوهم إلى النار ، فو الله ما أدري يدخلونها أو كما قال الله (وإن منكم إلا واردها) (مريم الآية 71).
وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول خصمين يوم القيامة جاران.
وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية ، فيفلجون عليه فيقال له: سد ركنا من أركان جهنم " ..


وأخرج ابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يختصم الناس يوم القيامة حتى يختصم الروح مع الجسد ، فتقول الروح للجسد أنت فعلت ويقول الجسد للروح أنت أمرت وأنت سولت ، فيبعث الله تعالى ملكا فيقضي بينهما فيقول لهما : إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وآخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير : أني أرى ههنا ثمارا ولكن لا أصل إليها ، فقال له الضرير : اركبني فتناولها فركبه فتناولها فأيهما المعتدي فيقولان : كلاهما فيقول لهما الملك : فإنكما قد حكمتما على أنفسكما ، يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} يقول : يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أن رجلا أبصر جنازة فقال : من هذا قال : أبو الدرداء رضي الله عنه : هذا أنت هذا أنت ، يقول الله {إنك ميت وإنهم ميتون}.
الآيات 32 - 35.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة

في قوله {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق} أي بالقرآن {وصدق به} قال : المؤمنون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {والذي جاء بالصدق} يعني بلا إله إلا الله {وصدق به} يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم {أولئك هم المتقون} يعني اتقوا الشرك.
وأخرج ابن جرير والباوردي في معرفة الصحابة ، وَابن عساكر من طريق أسيد بن صفوان وله صحبة عن علي بن أبي طالب قال {والذي جاء بالصدق} محمد {وصدق به} أبو بكر رضي الله عنه هكذا الرواية {بالحق} ولعلها قراءة لعلي رضي الله عنه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة {والذي جاء بالصدق} قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم {وصدق به > . أبو بكر !.
وَأخرَج ابن عساكر عن مجاهد في قوله : (والذي جاء بالصدق) قال :

رسول الله صلى الله عليه وسلم (وصدق به). قال : علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {والذي جاء بالصدق} قال : هو جبريل عليه السلام {وصدق به} قال : هو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
عن مجاهد أنه كان يقرأ والذي جاء بالصدق وصدقوا به قال : هم أهل القرآن يجيئون بالقرآن يوم القيامة يقولون : هذا ما أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه.
الآيات 36 - 37.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أليس الله بكاف عبده} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة قال : قال لي رجل : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لتكفن عن شتم آلهتنا أو لتأمرنها فلتخبلنك ، فنزلت {ويخوفونك

بالذين من دونه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن جَرِير عن قتادة {ويخوفونك بالذين من دونه} قال : بالآلهة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد ليكسر العزى فقال سادنها : - وهو قيمها - يا خالد إني أحذركها لا يقوم لها شيء فمشى إليها خالد بالفأس وهشم أنفها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد {ويخوفونك بالذين من دونه} قال : الأوثان ، والله أعلم.
الآيات 38 - 41
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله} يعني الأصنام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {هل هن كاشفات ضره} مضاف لآمنون كاشفات ، وممسكات رحمته مثلها.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وما أنت عليهم بوكيل} قال : بحفيظ ، والله أعلم.
الآية 42.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس} الآية ، قال : نفس وروح بينهما شعاع الشمس فيتوفى الله النفس في منامه ويدع الروح في جسده وجوفه يتقلب ويعيش فإن بدا لله أن يقبضه قبض الروح فمات أو أخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها} الآية قال : يلتقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام فيتساءلون بينهم ما شاء الله تعالى ثم يمسك الله أرواح الأموات ويرسل أرواح الأحياء إلى
أجسادها {إلى أجل مسمى} لا يغلط

بشيء من ذلك ، فذلك قوله {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها} قال : كل نفس لها سبب تجري فيه فإذا قضى عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب {والتي لم تمت} تترك.
وأخرج جويبر عن ابن عباس في الآية قال : سبب ممدود بين السماء والأرض فأرواح الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب فتعلق النفس الميتة بالنفس الحية فإذا أذن لهذه الحية بالأنصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن فرقد قال : ما من ليلة من ليالي الدنيا إلا والرب تبارك وتعالى يقبض الأرواح كلها مؤمنها وكافرها ، فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار وهو أعلم ثم يدعو ملك الموت فيقول : اقبض هذا واقبض هذا من قضى عليه الموت {ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سليم بن عامر أن عمر بن الخطاب قال : العجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على

باله فتكون رؤياه كأخذ باليد ويرى الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئا فقال علي بن أبي طالب : أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين يقول الله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} فالله يتوفى الأنفس كلها فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها ، فعجب عمر من قوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان نازلا عليه في بيته حين أراد أن يرقد قال كلاما لم نفهمه قال : فسألته عن ذلك فقال اللهم أنت تتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فتمسك التي قضي عليها الموت وترسل الأخرى إلى أجل مسمى أنت خلقتني وأنت تتوفاني فإن أنت توفيتني فاغفر لي وأن أنت أخرتني فاحفظني.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا

أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليقل : اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه أن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال : إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم ليلة الوادي : إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : من يكلؤنا الليلة فقلت : أنا ، فنام ونام الناس ونمت فلم نستيقظ إلا بحر الشمس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إن هذه الأرواح عارية

في أجساد العباد فيقبضها إذا شاء ويرسلها إذا شاء.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس فأقام الصلاة ثم صلى بهم ، ثم قال : إذا رقد أحدكم فغلبته عيناه فليفعل هكذا ، فإن الله سبحانه وتعالى {يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}.
الآيات 43 - 45
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أم اتخذوا من دون الله شفعاء} قال : الآلهة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قل لله الشفاعة جميعا} قال : لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت} قال : انقبضت قال : هو يوم قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

عليهم {والنجم} عند باب الكعبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال : قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون بالآخرة : أبو جهل بن هشام والوليد بن عتبة وصفوان وأبي بن خلف {وإذا ذكر الذين من دونه} اللات والعزى {إذا هم يستبشرون}.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال : نفرت قلوب الكافرين من ذكر الله سبحانه وتعالى قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت عمرو بن كلثوم الثعلبي وهو يقول : إذا غض النفاق لها اشمأزت * وولته عشورته زبونا

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال : استكبرت ونفرت {وإذا ذكر الذين من دونه} قال : الآلهة.
الآيات 46 - 48
أخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل {فاطر السماوات والأرض} عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلفت من الحق بإذنك أنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
الآيات 49 - 52.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم إذا خولناه نعمة منا} قال : أعطيناه {قال إنما أوتيته على علم} أي على شرف أعطانيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم إذا خولناه نعمة منا} قال : أعطيناه ، وعن قتادة

في قوله {إنما أوتيته على علم} قال : قال : على خبر عندي {بل هي فتنة} قال : بلاء.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {قد قالها الذين من قبلهم} الأمم الماضية {والذين ظلموا من هؤلاء} قال : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
الآية 53.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} في مشركي أهل مكة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر رضي الله عنهما فكتبتها بيدي ثم بعثت إلى هشام بن العاصي.


وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند لين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي بن حرب قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام فأرسل إليه : يا محمد كيف تدعوني وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنى (يلق أثاما) (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) (الفرقان 69) وأنا صنعت ذلك فهل تجد لي من رخصة فأنزل الله (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئآتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) (الفرقان 70) فقال وحشي : هذا شرط شديد (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) (الفرقان 70) فلعلي لا أقدر على هذا ، فأنزل الله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء 48) فقال وحشي : هذا أرى بعد مشيئة فلا يدري يغفر لي أم لا فهل غير هذا فأنزل الله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الآية قال وحشي : هذا فهم ، فأسلم فقال الناس : يا رسول الله : إنا أصبنا ما أصاب وحشي قال : بلى للمسلمين عامة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي سعيد قال : لما أسلم وحشي أنزل الله (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) (الفرقان 68) قال وحشي وأصحابه : فنحن قد إرتكبنا هذا كله ، فأنزل الله {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الآية.


وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن وحشي قال : لما كان في أمر حمزة
ما كان ألقى الله خوف محمد صلى الله عليه وسلم في قلبي خرجت هاربا أكمن النهار وأسير الليل حتى صرت إلى أقاويل حمير فنزلت فيهم فأقمت حتى أتاني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني إلى الإسلام قلت : وما الإسلام قال : تؤمن بالله ورسوله وتترك الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وشرب الخمر والزنا والفواحش كلها وتستحم من الجنابة وتصلي الخمس ، قال : إن الله قد أنزل هذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فصافحني وكناني بأبي حرب.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة قال : خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ثم انصرف وبكى القوم فأوحى الله إليه : يا محمد لم تقنط عبادي فرجع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال : أبشروا وقربوا وسددوا.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمر بن الخطاب قال : اتفقت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى

المدينة ، فخرجت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى المدينة ، فخرجت أنا وعياش وفتن هشام فافتتن فقدم على عياش أخوه أبو جهل والحارث بن هشام فقالا : إن أمك قد نذرت أن لا يظلها ظل ولا يمس رأسها غسل حتى تراك ، فقلت : والله إن يريداك إلا أن يفتناك عن دينك وخرجا به ، وفتنوه فافتتن قال : فنزلت {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} قال : عمر رضي الله عنه : فكتبت إلى هشام فقدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} وذلك أن أهل مكة قالوا : يزعم محمد أن من عبد الأوثان ودعا مع الله إلها آخر وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا الآلهة وقتلنا النفس ونحن أهل الشرك فأنزل الله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} وقال (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) وإنما يعاتب الله أولي الألباب وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان فإياهم عاتب وإياهم أمر إذا أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة الله وأن يتوب ولا يضن بالتوبة على لك الإسراف
والذنب الذي عمل وقد ذكر الله تعالى في سورة آل عمران المؤمنين حين سألوا المغفرة فقالوا : (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا

في أمرنا) (آل عمران 147) فينبغي أن يعلم أنهم كانوا يصيبون الأمرين فأمرهم بالتوبة.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحشي وأصحابه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله (وأنتم لا تشعرون) (النساء 110).
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول : لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا ، أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه فنزلت هؤلاء الآيات وكان عمر بن الخطاب كاتبا فكتبها بيده ثم كتب بها إلى عياش والوليد وإلى أولئك النفر ، فأسلموا وهاجروا.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى آخر الآية ، فقال رجل : يا رسول الله فمن أشرك فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إلا ومن أشرك ثلاث مرات.


وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف والحاكم ، وَابن مردويه عن أسماء بنت يزيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في حسن الظن ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود أنه مر على قاص يذكر الناس فقال : يا مذكر الناس لا تقنط الناس ثم قرأ {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}.
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : قال علي أي آية أوسع فجعلوا يذكرون آيات من القرآن (من يعمل سوء أو يظلم نفسه) (النساء 110).


ونحوها ، فقال علي
رضي الله عنه : ما في القرآن أوسع آية من {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} ، قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعم أن المسيح ابن الله ومن زعم أن عزيرا ابن الله ومن زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة ، يقول الله تعالى لهؤلاء (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم) (المائدة 74) ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء ، من قال (أنا ربكم الأعلى) (النازعات 24) وقال (ما علمت لكم من إله غيري) (القصص 38) قال ابن عباس رضي الله عنهما : من آيس العباد من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : إن إبليس قال : يا رب زدني قال : صدوركم مساكن لكم وتجرون منهم مجرى الدم قال : يا رب زدني ، قال : (اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) (الإسراء 64) فقال آدم عليه السلام : يا رب قد سلطته علي

وإني لا أمتنع منه إلا بك فقال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء ، قال : يا رب زدني ، قال : الحسنة عشرا أو أزيد والسيئة واحدة أو أمحوها قال : يا رب زدني قال : باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد ، قال : يا رب زدني قال {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
وأخرج أحمد وأبو يعلى والضياء عن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم لغفر لكم ، والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم.
وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى داود عليه
السلام : يا داود إن العبد من عبيدي ليأتيني بالحسنة فأحكمه في ، قال داود عليه السلام : وما تلك الحسنة قال : كربة فرجها عن

مؤمن قال داود عليه السلام : اللهم حقيق على من عرفك حق معرفتك أن لا يقنط منك.
وأخرج الحكيم الترمذي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لي جبريل عليه السلام : يا محمد إن الله يخاطبني يوم القيامة فيقول : يا جبريل ما لي أرى فلان بن فلان في صفوف أهل النار فأقول : يا رب أنا لم نجد له حسنة يعود عليه خيرها اليوم ، فيقول الله : إني سمعته في دار الدنيا يقول : يا حنان يا منان فأته فاسأله فيقول وهل من حنان ومنان غيري فآخذ بيده من صفوف أهل النار فأدخله في صفوف أهل الجنة.
وأخرج ابن الضريس وأبو القسام بن بشير في أماليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله تعالى ولم يرخص لهم في معاصيه ولم يؤمنهم عذاب الله ولم يدع القرآن رغبة منه إلى غيره إنه لا خير في عبادة لا علم فيها ولا علم لا فهم فيه ولا قراءة لا تدبر فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : إن للمتقنطين جسرا يطأ

الناس يوم القيامة على أعناقهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ألم أحدث أنك تعظ الناس قال : بلى ، قالت : فإياك وإهلاك الناس وتقنيطهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رجلا كان في الأمم الماضية يجتهد في العبادة ويشدد على نفسه ويقنط الناس من رحمة الله تعالى ثم مات فقال : أي رب ما لي عندك قال : النار قال : فأين عبادتي واجتهادي فقيل له كنت تقنط الناس من رحمتي وأنا أقنطك اليوم من رحمتي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن ناسا أصابوا في الشرك عظاما فكانوا يخافون أن لا يغفر لهم فدعاهم الله لهذه الاية {يا عبادي الذين أسرفوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز لاحق بن حميد السدوسي قال : لما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}
إلى آخر الآية قام نبي الله صلى الله عليه وسلم فخطب

الناس وتلا عليهم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله والشرك بالله فسكت فأعاد ذلك ما شاء الله فأنزل الله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء 48).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) (الزمر 54) قال عكرمة رضي الله عنه : قال ابن عباس رضي الله عنهما فيها علقة (وأنيبوا إلى ربكم).
الآيات 54 - 59.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} قال : أقبلوا إلى ربكم.
وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن يعلى رضي الله عنه قال : الإنابة الدعاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت} الآيات ، قال أخبر الله سبحانه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعلموه (ولا ينبئك مثل خبير) (فاطر 14) {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين} يقول المحلوقين {أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} يقول : من المهتدين ، فأخبر الله سبحانه
وتعالى : أنهم لو ردوا لم يقدروا

على الهدى قال الله تعالى (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) (الأنعام 38) وقال (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) (الأنعام 110) قال : ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة في الدنيا.
وأخرج آدم بن أبي إياس ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {على ما فرطت في جنب الله} قال : في ذكر الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين} قال : فلم يكفه أن ضيع طاعة الله تعالى حتى جعل يسخر بأهل طاعة الله ، قال : هذا قول صنف منهم {أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين} قال : هذا قول صنف منهم آخر {أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} قال : لو رجعت إلى الدنيا قال : هذا قول صنف آخر ، يقول الله ردا لقولهم وتكذيبا لهم {بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت

من الكافرين}.
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول {لو أن الله هداني} فيكون عليه حسرة وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيحمد الله فيكون له شكرا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما جلس قوم مجلسا لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن كانوا من أهل الجنة يرون ثواب كل مجلس ذكروا الله فيه ولا يرون ثواب ذلك المجلس فيكون عليهم حسرة.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها

واستكبرت وكنت من الكافرين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ بلى قد جاءتك آياتي بنصب الكاف فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين بنصب التاء فيهن كلهن وينجي الله الذين اتقوا بمفازاتهم على الجماع.
الآيات 60 - 61.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان ، يساقون إلى سجن في جهنم ، يشربون من عصارة أهل

النار طينة الخبال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المتكبرين يوم القيامة يجعلون في توابيت من نار يطبق عليهم ويجعلون في الدرك الأسفل من النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : يحشر المتكبرون يوم القيامة رجالا في صور الذر ، يغشاهم الذل من كل مكان ، يسلكون في نار الأنيار ، يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يجاء بالجبارين والمتكبرين رجالا في صور الذر يطؤهم الناس من هوانهم على الله حتى يقضى بين الناس ثم يذهب بهم إلى نار الأنيار ، قيل يا رسول الله وما نار الأنيار قال : عصارة أهل النار.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه {وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم} قال : بأعمالهم.


الآية 62.
أَخرَج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يسألوكم هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله فإن سئلتم فقولوا : الله كان قبل كل شيء وهو خالق كل شيء وهو كائن بعد كل شيء ، والله أعلم.
الآية 63.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {له مقاليد السماوات والأرض} قال : مفاتيحها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {له مقاليد السماوات} قال : مفاتيح بالفارسية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة والحسن رضي الله عنهما {له مقاليد السماوات والأرض} مفاتيحها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة

فقال : إني رأيت في غداتي هذه كأني أتيت بالمقاليد والموازين ، فأما المقاليد : فالمفاتيح.
وَأَمَّا الموازين : فموازينكم هذه التي تزنون بها ، وجيء بالموازين فوضعت ما بين السماء والأرض ثم وضعت في كفة ، وجيء بالأمة فوضعت في الكفة الأخرى فرجحت بهم ، ثم جيء بأبي بكر فوضع في كفة فوزن بهم ثم جيء بعمر فوضع في كفة والأمة في كفة فوزنهم ثم رفعت الميزان.
وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في "سُنَنِه" وأبو الحسن القطان في المطولات ، وَابن السني في عمل يوم وليلة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى {له مقاليد السماوات والأرض}
قال : لا إله إلا الله والله أكبر سبحان الله والحمد لله ، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، يا عثمان من قالها كل يوم مائة مرة أعطي بها عشر خصال ، أما أولها فيغفر له ما تقدم من ذنبه.
وَأَمَّا الثانية فيكتب له براءة من النار.
وَأَمَّا الثالثة فيوكل به ملكان يحفظانه في ليله ونهاره من الآفات

والعاهات.
وَأَمَّا الرابعة فيعطى قنطارا من الأجر.
وَأَمَّا الخامسة فيكون له أجر من أعتق مائة رقبة محررة من ولد إسمعيل.
وَأَمَّا السادسة فيزوج من الحور العين.
وَأَمَّا السابعة فيحرس من إبليس وجنوده.
وَأَمَّا الثامنة فيعقد على رأسه تاج الوقار.
وَأَمَّا التاسعة فيكون مع إبراهيم.
وَأَمَّا العاشرة فيشفع في سبعين رجلا من أهل بيته ، يا عثمان إن استطعت فلا يفوتك يوما من الدهر تفز بها من الفائزين وتسبق بها الأولين والآخرين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه جاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : أخبرني عن {مقاليد السماوات والأرض} فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، يا عثمان من قالها إذا أصبح عشر مرات وإذا أمسى أعطاه الله ست

خصال ، أما أولهن فيحرس من إبليس وجنوده.
وَأَمَّا الثانية فيعطى قنطارا من الأجر.
وَأَمَّا الثالثة فيتزوج من الحور العين.
وَأَمَّا الرابعة فيغفر له ذنوبه.
وَأَمَّا الخامسة فيكون مع إبراهيم.
وَأَمَّا السادسة فيحضره اثنا عشر ملكا عند موته يبشرونه بالجنة ويزفونه من قبره إلى الموقف فإن أصابه شيء من أهاويل يوم القيامة قالوا له : لا تخف أنك من الآمنين ثم يحاسبه الله حسابا يسيرا ثم يؤمر به إلى الجنة يزفونه إلى الجنة من موقفه كما تزف العروس حتى يدخلوه الجنة بإذن الله والناس في شدة الحساب.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه عن {مقاليد السماوات والأرض} فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم من كنوز العرش.
وأخرج العقيلي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن عثمان رضي الله عنه سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن تفسير {له مقاليد السماوات والأرض} فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما سألني عنها أحد تفسيرها لا إله إلا الله والله

أكبر وسبحان الله والله أكبر وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه {له مقاليد السماوات والأرض} له مفاتيح خزائن السموات والأرض.
الآيات 64 - 66.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن قريشا دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء ويطأون عقبه ، فقالوا له : هذا لك عندنا يا محمد وتكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك فدلوه قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون الآية 1) إلى آخر السورة وأنزل الله عليه {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الحسن رضي الله عنه قال : قال المشركون للنبي

صلى الله عليه وسلم : إياك وأجدادك يا محمد ، فأنزل الله {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} إلى قوله {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}.
الآية 67
أخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والدارقطني في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إنا نجد أن الله يحمل السموات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}.


وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس قال : كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه وأشار بالسبابة والأرضين على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه ، كل ذلك يشير بأصابعه فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : تكلمت اليهود في صفة الرب فقالوا ما لم يعلموه وما لم يروا ، فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اليهود نظروا في خلق السموات والأرض والملائكة فلما زاغوا أخذوا يقدرونه ، فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : لما نزلت (وسع كرسيه السموات والأرض) (البقرة الآية 255) قالوا : يا رسول الله هذا الكرسي هكذا فكيف بالعرش فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جرير
وابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في السماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا الكريم ، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به).
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والحاكم وصححه وابن

مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثتني عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} قال : يقول أنا الجبار أنا أنا ، ويمجد نفسه فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى أن قلنا ليخرن به قالوا : فأين الناس يومئذ يا رسول الله قال : على جسر جهنم.
وأخرج البزار ، وَابن عدي وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر {وما قدروا الله حق قدره} حتى بلغ {عما يشركون} فقال : المنبر هكذا ، فذهب وجاء ثلاث مرات.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله السموات السبع والأرضين السبع في قبضته ثم يقول أنا الله أنا الرحمن أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا

الجبار أنا المتكبر أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذي أعيدها أين الملوك ، أين الجبارون ،.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن جرير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفر من أصحابه : أنا قارى ء عليكم آيات من آخر الزمر فمن بكى منكم وجبت له الجنة ، فقرأها من عند {وما قدروا الله حق قدره} إلى آخر السورة فمنا من بكى ومنا من لم يبك فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك فقال : إني سأقرأوها عليكم فمن لم يبك فليتباك.
وأخرج الطبراني بسند مقارب وأبو الشيخ في العظمة عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول : ثلاث خلال غيبتهن عن عبادي لو رآهن رجل ما عمل سوء أبدا ، لو كشفت غطائي فرآني حتى استيقن ويعلم كيف أعمل بخلقي إذا أمتهم ، وقبضت السموات بيدي ثم قبضت الأرضين ثم قلت : أنا الملك من ذا الذي له الملك دوني ، ثم أريهم الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنوا بها وأريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوا بها ، ولكن عمدا غيبت عنهم ذلك لأعلم

كيف يعملون وقد بينته لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ليهودي إذ ذكر من عظمة ربنا فقال : السموات على الخنصر والأرضون على البنصر والجبال على الوسطى والماء على السبابة وسائر الخلق على الإبهام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يطوي الله السموات بما فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة ، يطوي كله بيمينه يكون ذلك في يده بمنزلة خردلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {والسماوات مطويات بيمينه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك رضي الله عنه {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} قال : كلهن في يمينه.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن شيبان النحوي رضي الله عنه {وما

قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} قال : لم يفسرها قتادة.
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل ما وصف الله من نفسه في كتابه ، فتفسيره تلاوته والسكوت عليه.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدري ما الكرسي قلت : لا ، ما في السموات وما في الأرض وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض وما الماء في الريح إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة وما جميع ذلك في قبضة الله عز وجل إلا كحبة وأصغر من الحبة في كف
أحدكم وذلك قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما في السموات السبع والأرضين السبع في يد الله عز وجل إلا كخردلة في يد أحدكم.


وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} فأين الناس يومئذ قال : على الصراط.
وأخرج ابن جرير عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود فقال : أرأيت إذ يقول الله عز وجل في كتابه {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} فأين الخلق عند ذلك قال : هم كرتم الكتاب.
الآية 68.
أَخرَج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل من اليهود بسوق المدينة : والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه قال : أتقول هذا وفينا رسول الله فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قال الله {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فأكون أول من يرفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله عز وجل.


وأخرج أبو يعلى والدار قطني في الأفراد ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سئل جبريل عليه السلام عن هذه الآية {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} من الذين لم يشاء الله أن يصعقهم قال : هم الشهداء مقلدون بأسيافهم حول عرشه تتلقاهم الملائكة عليهم السلام يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت أزمتها الدر برحائل السندس والإستبرق نمارها ألين من الحرير
مد خطاها مد أبصار الرجل يسيرون في الجنة يقولون عند طول البرهة : انطلقوا بنا إلى ربنا ننظر كيف يقضي بين خلقه يضحك إليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : هم الشهداء ثنية الله تعالى.


وأخرج سعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {إلا من شاء الله} قال : هم الشهداء ثنية الله متقلدي السيوف حول العرش.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد وأبو نصر السجزي في الإبانة ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين استثنى الله قال جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل وحملة العرش ، فإذا قبض الله أرواح الخلائق قال لملك الموت : من بقي وهو أعلم فيقول : رب سبحانك ، رب تعاليت ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ، فيقول : خذ نفس ميكائيل ، فيقع كالطود العظيم ، فيقول : يا ملك الموت من بقي فيقول سبحانك رب ، ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وملك الموت ، فيقول مت يا ملك الموت فيموت فيقول

يا جبريل من بقي فيقول : سبحانك ، يا ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وهو من الله بالمكان الذي هو به ، فيقول : يا جبريل ما بد من موتك ، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول : سبحانك رب ، تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام أنت الباقي وجبريل الميت الفاني ويأخذ روحه في الخفقة التي يخفق فيها فيقع على حيز من فضل خلقه على خلق ميكائيل كفضل الطود العظيم.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس رفعه في قوله {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : فكان ممن استثنى الله جبريل وميكائيل وملك الموت فيقول الله - وهو أعلم : يا ملك الموت من بقي فيقول بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل وميكائيل وملك
الموت ، فيقول : توف نفس

ميكائيل ، ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي فيقول بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل وملك الموت ، فيقول توف نفس جبريل ، ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي فيقول : بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك ملك الموت وهو ميت ، فيقول : مت ، ثم ينادي أنا بدأت الخلق وأنا أعيده فأين الجبارون المتكبرون فلا يجيبه أحد ، ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول هو لله الواحد القهار {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}.
وأخرج ابن المنذر ، عَن جَابر {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : استثنى موسى عليه السلام لأنه كان صعق قبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {إلا من شاء الله} قال : هم حملة العرش.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ما يبقى أحد إلا مات وقد استثنى والله أعلم مثنياه.
وأخرج أحمد ومسلم عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين يوما أو أربعين عاما أو أربعين شهرا أو أربعين ليلة فيبعث الله عيسى بن مريم عليه السلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيطلبه فيهلكه الله تعالى ثم يلبث الناس بعده سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يبعث الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته حتى لو كان أحدهم في كبد جبل لدخلت عليه ، يبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون فيأمرهم بالأوثان فيعبدوها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا صغى ، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق ثم لا يبقى أحد إلا صعق ، ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}
ثم يقال : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم (وقفوهم إنهم مسؤلون) (الصافات 24) ثم يقال : أخرجوا بعث النار فيقال : من كم فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فذلك (يوم يجعل الولدان شيبا) (المزمل 17) وذلك (يوم يكشف عن ساق) (القلم 42).


وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بين النفختين أربعون ، قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما قال : أبيت قالوا : أربعون شهر قال : أبيت قالوا : أربعون عاما قال : أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل وليس من الإنسان شيء ألا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
وأخرج أبو داود في البعث ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينفخ في الصور والصور كهيئة القرن فصعق من في السموات ومن في الأرض ، وبين النفختين أربعون عاما فيمطر الله في تلك الأربعين مطرا فينبتون من الأرض كما ينبت البقل ومن الإنسان عظم لا تأكله الأرض ، عجب ذنبه ومنه يركب جسده يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ينبت ويرسل الله ماء الحياة فينبتون منه نبات الخضر حتى إذا خرجت الأجساد أرسل الله الأرواح فكان كل روح أسرع إلى صاحبه من الطرف ثم ينفخ في الصور {فإذا هم قيام

ينظرون}.
وأخرج ابن المبارك عن الحسن قال : بين النفختين أربعون سنة ، الأولى يميت الله بها كل حي والأخرى يحيي الله بها كل ميت.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو ، أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {الصور} فقال : قرن ينفخ فيه.
وأخرج مسدد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال {الصور} كهيئة القرن ينفخ فيه.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه وأبو يعلى ، وَابن حبان ، وَابن خزيمة ، وَابن المنذر والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ قال المسلمون : كيف نقول يا رسول الله

قال : قالوا (حسبنا الله ونعم الوكيل) على الله توكلنا.
وأخرج أبو الشيخ وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعدا ينظر العرش مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وهو صاحب الصور يعني إسرافيل.
وأخرج ابن ماجة والبزار ، وَابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صاحبي الصور بأيديهما قرنان يلاحظان النظر حتى يؤمران.
وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من صباح

إلا وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان.
وأخرج أحمد والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : النافخان في السماء الثانية ، رأس أحدهما بالمشرق ، ورجلاه بالمغرب ، ينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن الحارث قال : كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعب رضي الله عنه فذكر إسرافيل عليه السلام فقالت عائشة : أخبرني عن إسرافيل عليه السلام قال : له أربعة أجنحة ، جناحان في الهواء وجناح قد تسرول به وجناح على كاهله والقلم على أذنه ، فإذا نزل الوحي كتب القلم ودرست الملائكة وملك الصور أسفل منه جاث على إحدى ركبتيه وقد نصب الأخرى فالتقم الصور فحنى ظهره وطرفه إلى إسرافيل ضم جناحيه أن ينفخ في الصور.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بكر الهذلي قال : إن ملك الصور

الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة وهو جاث على ركبتيه شاخص ببصره إلى
إسرافيل عليه السلام ما طرف ، منذ خلقه الله ينظر متى يشير إليه فينفخ في الصور.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : خلق الله الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة ثم قال للعرش : خذ الصور فتعلق به ثم قال كن فكان إسرافيل فأمره أن يأخذ الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة لا يخرج روحا من ثقب واحد وفي وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض ، وإسرافيل عليه السلام واضع فمه على تلك الكوة ، ثم قال له الرب عز وجل : قد وكلتك بالصور فأنت للنفخة وللصيحة فدخل إسرافيل في مقدمة العرش فأدخل رجله اليمنى تحت العرش وقدم اليسرى ولم يطرف منذ خلقه الله تعالى لينظر ما يؤمر به.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه نفخة الصور وفيه الصعقة.


وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : كأني أنفض رأسي من التراب أول خارج فالتفت فلا أرى أحدا إلا موسى متعلقا بالعرش فلا أدري أممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة فبعث قبلي.
وأخرج ابن جرير عن السدي {فصعق} قال : مات {إلا من شاء الله} قال : جبريل وإسرافيل وملك الموت ثم نفخ فيه أخرى قال : في الصور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عمران الجوني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما بعث الله إلى صاحب الصور فأخذه فأهوى بيده إلى فيه فقدم رجلا وأخر رجلا حتى يؤمر فينفخ فاتقوا النفخة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فإذا هم قيام ينظرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : أتاني ملك فقال : يا محمد اختر نبيا ملكا أو نبيا عبدا قال : فأومأ إلي جبريل أن تواضع فقلت : نبيا عبدا فأعطيت خصلتين ، أن جعلت أول من تنشق عنه
الأرض ، وأول شافع فأرفع رأسي فأجد موسى آخذا بالعرش فالله أعلم أصعق لهذه الصعقة الأولى أم أفاق قبلي (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون).


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم عن أبيه قال : كنت جالسا عند عكرمة فذكروا الذين يغرقون في البحر فقال عكرمة : الحمد لله الذين يغرقون في البحار فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتقبلها الأمواج حتى تلقيها إلى البر فتمكث العظام حينا حتى تصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها ثم تسير الإبل فتبعر ثم يجيء بعدهم قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر فيوقدونه في تلك النار فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة قال الله {فإذا

هم قيام ينظرون} فخرج أولئك وأهل القبور سواء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن العاصي قال : ينفخ في الصور النفخة الأولى من باب إيليا الشرقي ، أو قال الغربي ، والنفخة الثانية من باب آخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بين النفختين أربعون يقول الحسن فلا ندري أربعين سنة أو أربعين شهرا أو أربعين ليلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بين النفختين أربعون قال أصحابه : فما سألناه عن ذلك وما زاد ، غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة قال : وذكر لنا أنه يبعث في تلك الأربعين مطر يقال له مطر الحياة ، حتى تطيب الأرض وتهتز وتنبت أجساد الناس نبات البقل ثم ينفخ النفخة الثانية {فإذا هم قيام ينظرون}.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ونفخ في الصور} قال : {الصور} مع إسرافيل عليه السلام وفيه أرواح كل شيء يكون فيه {ثم نفخ فيه} نفخة الصعقة فإذا نفخ فيه نفخة البعث قال الله بعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده

قال : ودارة منها أعظم من سبع سموات ومن الأرض ، فحلق الصور على إسرافيل وهو شاخص ببصره إلى العرش حتى يؤمر بالنفخة فينفخ في الصور.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ونفخ في الصور} قال : الأولى من الدنيا والأخيرة من الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في المطولات ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو موسى المديني كلاهما في المطولات وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وعنده طائفة من أصحابه : إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى السماء فينظر متى يؤمر فينفخ فيه ، قلت : يا رسول الله وما الصور قال : القرن قلت فكيف هو قال : عظيم ، والذي بعثني

بالحق إن عظم دارة فيه لعرض السموات والأرض فينفخ فيه النفخة الأولى فيصعق من في السموات ومن في الأرض ثم ينفخ فيه أخرى {فإذا هم قيام ينظرون} لرب العالمين فيأمر الله إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا يفتر وهو الذي يقول الله (ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق) (ص 15) فيسير الله الجبال فتكون سرابا وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر تضربها الرياح تنكفأ بأهلها كالقناديل المعلقة بالعرش تميلها الرياح وهي التي يقول الله (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة) (النازعات 5 - 8) فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع وتولي الناس به مدبرين ينادي بعضهم بعضا ، فبينما على ذلك إذ تصدعت الأرض كل صدع من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله وأخذهم لذلك من

الكرب والهول ما الله به عليم ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت وانتثرت نجومها وخسف شمسها وقمرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك فقلت : يا رسول الله فمن استثنى الله حين يقول {ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وهو الذي يقول الله (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) (الحج 1) إلى قوله (ولكن عذاب الله شديد) (الحج 2) ، فينفخ الصور فيصعق أهل السمموات وأهل الأرض {إلا من شاء الله} فإذا
هم خمود ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت ، فيقول - وهو أعلم - فمن بقي فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا ، فيقول الله : ليمت جبريل وميكائيل وإسرافيل وينطق الله العرش فيقول : يا رب تميت جبريل وميكائيل وإسرافيل فيقول الله له : اسكت فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي ، فيموتون ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات جبريل وميكائيل وإسرافيل

فيقول الله عز وجل - وهو أعلم - فمن بقي فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا ، فيقول الله له : ليمت حملة عرشي ، فيموتون ويأمر الله العرش فيقبض الصور ثم يأتي ملك الموت الرب عز وجل فيقول : يا رب مات حملة عرشك فيقول الله - وهو أعلم - فمن بقي فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقيت أنا ، فيقول الله له : أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار الصمد الذي لم يلد ولم يولد كان آخرا كما كان أولا طوى السموات والأرض كطي السجل للكتاب ، ثم قال بهما فلفهما ، ثم قال : أنا الجبار أنا الجبار أنا الجبار ثلاث مرات ، ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم لمن الملك اليوم لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد ، ثم يقول لنفسه : لله الواحد القهار (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات) (إبراهيم 48) فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي (لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) (طه الآية 107) ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها ، ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش فيأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم إثني عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال الله : ليحيى حملة العرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول الله : ليحيى جبريل وميكائيل فيحييان ، ثم يدعو الله بالأرواح
فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا

والأخرى ظلمة فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض ، فيقول : وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم ، وأنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر حفاة عراة غلفا غرلا ، فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم ، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السموات السبع ، ثم ينزل الجبار (في ظلل من الغمام) (البقرة 210) والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة ، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسموات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت

سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت ، فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف بصوته فيقول : يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومك هذا ، أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي ، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ثم يقول (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) (يس 60) إلى قوله (وامتازوا اليوم أيها
المجرمون) (يس 59) فيميز بين الناس وتجثو الأمم قال (وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها) (الجاثية الآية 28) ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وأن يبلغ الأذقان منهم ، فيصيحون ويقولون : من يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام فيطلبون ذلك إليه فيأبى ويقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤا نبيا أبى عليهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حتى يأتوني

فأنطلق حتى أتي فأخر ساجدا قال : أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول لي : يا محمد فأقول : نعم يا رب : ما شأنك - وهو أعلم - فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرجع فأقف مع الناس فيقضي الله بين الخلائق فيكون أول من يقضى فيه في الدماء ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان ، فيقول الله - وهو أعلم - أقتلتم فيقولون : يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك ، فيقول الله لهم : صدقتم ، فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان ، فيقول : لم - وهو أعلم - فيقولون : لتكون العزة لك فيقول الله : تعستم ثم ما يبقى نفس

قتلها إلا قتل بها ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها ، وكان في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم ، حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف أن يخلص اللبن من الماء ، فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله ، فلا يبقى أحد عبد من دون الله شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه ويجعل يومئذ من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملك
من الملائكة على صورة عيسى فيتبع هذا اليهود وهذا النصارى ثم يعود بهم آلهتهم إلى النار ، فهي التي قال الله (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون) (الأنبياء الآية 99) فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم : يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره فيقال لهم : الثانية ، والثالثة فيقولون : مثل ذلك فيقول : أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق ويريهم الله ما شاء من الآية أن يريهم فيعرفون أنه ربهم فيخرون له سجدا لوجوههم ويخر كل منافق

على قفاه يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ثم يأذن الله لهم فيرفعون رؤوسهم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر وكحد السيف عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين وكلمح البرق وكمر الريح وكجياد الخيل وكجياد الركاب وكجياد الرجال فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوش على وجهه في جهنم ، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها ، فو الذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذ دخلوا الجنة ، فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشى ء الله في الجنة واثنتين آدميتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما في الدنيا ، فيدخل على الأولى منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون زوجا من سندس ، واستبرق ثم إنه يضع يده بين كتفيها فينظر إلى يدها من صدرها ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها ، وإنه لينظر

إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة كبدها له مرآة ، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا يألمان ، فبينما هو كذلك إذ نودي فيقال له : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل وإن لك أزواجا غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة كلما جاء واحدة قالت له : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ولا شيئا في الجنة أحب إلي منك ، قال وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم
الله صورهم على النار ، فينادون في النار فيقولون : من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم فينطلق المؤمنون إلى آدم فيقولون : خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وكلمك ، فيذكر آدم ذنبه فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله فيأتون نوحا عليه السلام ويذكرون ذلك إليه فيذكر ذنبا فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا ، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه ، فيذكر ذنبا فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وكلمه وأنزل عليه التوراة ، فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول :

ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام ، فيؤتى عيسى بن مريم عليه السلام فيطلب ذلك إليه فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن فأنطلق حتى آتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فاستفتح فيفتح لي فأخر ساجدا فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه ثم يقول : ارفع رأسك يا محمد اشفع تشفع وسل تعطه ، فإذا رفعت رأسي قال لي - وهو أعلم - ما شأنك فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني ، فأقول يا رب من وقع في النار من أمتي فيقول الله : أخرجوا من عرفتم صورته فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد ثم يأذن الله بالشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع فيقول الله : أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار من خير فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع ، حتى أن إبليس ليتطاول في النار لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له ثم يقول الله : بقيت وأنا أرحم الراحمين فيقبض قبضة فيخرج منها ما لا يحصيه غيره فينبتهم على نهر يقال له نهر

الحيوان فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فما يلي الشمس أخضر وما يلي الظل أصفر فينبتون كالدر مكتوب في رقابهم : الجهنميون عتقاء الرحمن لم يعملوا لله خيرا قط يقول مع التوحيد فيمكثون في الجنة
ما شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم ثم يقولون : يا ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحوه عنهم.
من الآيات 69 - 70.
أَخْرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {وأشرقت الأرض} قال : أضاءت {ووضع الكتاب} قال : الحساب.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وأشرقت الأرض بنور ربها} قال : فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه {وجيء بالنبيين والشهداء} قال : الذين استشهدوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال : النبيون الرسل {والشهداء} الذين يشهدون بالبلاغ ليس فيهم طعان ولا لعان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال : يشهدون بتبليغ الرسالة وتكذيب الأمم إياهم.
الآيات 71 – 72
أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن جهنم إذا سيق إليها أهلها تلفحهم بعنق منها لفحة لم تدع لحما على عظم إلا ألقته على العرقوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ولكن حقت كلمة

العذاب على الكافرين} قال : بأعمالهم أعمال السوء ، والله أعلم.
الآية 73.
أَخرَج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك .
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة

وعشية.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان فعمدوا إلى إحدهما فشربوا منها فذهب ما في بطونهم من أذى أو قذى وباس ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم فلن تغير أبشارهم بعدها أبدا ولن تشعث أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان ثم انتهوا

إلى خزنة الجنة فقالوا {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} ثم تلقاهم الولدان يطوفون بهم كما يطيف أهل الدنيا بالحميم فيقولون : ابشر بما أعد الله لك من الكرامة ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقول : قد جاء فلان باسمه الذي يدعى به في الدنيا فتقول : أنت رأيته فيقول : أنا رأيته فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها فإذا انتهى إلى منزله نظر شيئا من أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه أخضر وأصفر وأحمر من كل لون ، ثم رفع رأسه فنظر إلى
سقفه فإذا مثل البرق ، ولولا أن الله تعالى قدر أنه لا ألم لذهب ببصره ، ثم طأطأ برأسه فنظر إلى أزواجه (وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة) (الغاشية 14 - 16) فنظر إلى تلك النعمة ثم اتكأ على أريكة من أريكته ثم قال (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن

هدانا الله) (الأعراف 43) ، ثم ينادي مناد : تحيون فلا تموتون أبدا وتقيمون فلا تظعنون أبدا وتصحون فلا تمرضون أبدا ، والله تعالى أعلم ، أما قوله تعالى : {وفتحت أبوابها}.
أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون.
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان

من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله فهل يدعى أحد منها كلها قال : نعم وأرجو أن تكون منهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للجنة ثمانية أبواب ، سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : للجنة ثمانية أبواب ، باب للمصلين وباب للصائمين وباب للحاجين وباب للمعتمرين وباب للمجاهدين وباب للذاكرين وباب للشاكرين.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل عمل أهل من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل.
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة دعي الإنسان بأكبر عمله فإذا كانت الصلاة أفضل دعي بها وإن
كان

صيامه أفضل دعي به وإن كان الجهاد أفضل دعي به ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحد يدعى بعملين قال : نعم ، أنت.
وأخرج الطبراني في الأوسط والخطيب في المتفق المفترق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة بابا يقال له الضحى فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله.
وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون عاما وليأتين عليهم يوم وأنه لكظيظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين

مكة وبصرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه خطب فقال : إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لمسيرة أربعين عاما وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفا للراكب المجد وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال إن الرجل ليوقف على باب الجنة مائة عام بالذنب عمله وأنه ليرى أزواجه وخدمه.
وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الطيالسي والدارمي ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

مفاتيح الجنة الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم من أحد يسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له من الجنة ثمانية أبواب من أيها شاء دخل.


وأخرج النسائي والحاكم ، وَابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية ، من أيها شاء دخل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له بنتان أو أختان أو عمتان أو خالتان فعالهن فتحت له أبواب الجنة.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة اتقت ربها وحفظت فرجها فتحت لها ثمانية أبواب الجنة فقيل لها : أدخلي من حيث شئت.
وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله بها قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سلام عليكم طبتم} قال : كنتم طيبين بطاعة الله.
الآيات 74 - 75
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأورثنا الأرض} قال : أرض الجنة.
وأخرج هناد عن أبي العالية رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {نتبوأ من الجنة حيث نشاء} قال : انتهت مشيئتهم إلى ما أعطوا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أرض الجنة قال : هي بيضاء نقية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : أرض الجنة رخام من فضة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال : مديرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال : محدقين به.
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : جبل الخليل والطور والجودي يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض ، يعني يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه ويضع عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار {الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله !

{وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} قال : افتتح أول الخلق بالحمد وختم بالحمد فتح بقوله {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} وختم بقوله {وقيل الحمد لله رب العالمين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب رضي الله عنه قال : من أراد أن يعرف قضاء الله في خلقه فليقرأ آخر سورة الزمر.

المجلد الثالث عشربسم الله الرحمن الرحيم
(40)- سورة غافر.
مكية وآياتها خمس وثمانون.
مقدمة سورة غافر.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت الحواميم السبع بمكة.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : أخبرني مسروق رضي الله عنه أنها أنزلت بمكة.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : نزلت الحواميم جميعا بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت حم (المؤمن) بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أعطاني السبع مكان التوراة وأعطاني الراآت

إلى الطواسين ، مكان الإنجيل وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور وفضلني بالحواميم والمفصل ، ما قرأهن نبي قبلي.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن لكل شيء لبابا وإن لباب القرآن الحواميم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن الضريس ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الحواميم ديباج القرآن.
وأخرج أبو عبيد ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا وقعت في الحواميم وقعت في روضات أتأنق فيهن.
وأخرج محمد بن نصر وحميد بن زنجويه ، من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر
بأثر غيث فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات فقال : عجبت من الغيث الأول فهذا أعجب وأعجب ، فقيل له : إن مثل الغيث الأول

كمثل عظم القرآن وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات مثل آل حم في القرآن.
وأخرج أبو الشيخ وأبو النعيم والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحواميم ديباج القرآن.
وأخرج الديلمي ، وَابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعا الحواميم روضة من رياض الجنة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع تجيء كل حم منها تقف على باب من هذه الأبواب تقول : اللهم لا تدخل من هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأني.
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر عن سعد بن إبراهيم قال : كن الحواميم

يسمين العرائس.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن سعد ومحمد بن نصر والحاكم عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أنه بنى مسجدا فقيل له : ما هذا فقال لآل حم.
وأخرج الترمذي والبزار ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (حم) إلى (وإليه المصير) (غافر الآية 1 - 3) وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح.
الآية 1 - 3.
أَخْرَج ابن الضريس عن إسحاق بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل شجرة ثمرا وأن ثمرات القرآن ذوات (حم) من روضات
مخصبات معشبات ومتجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم ومن قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ومن قرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك في يوم وليلة فكأنما وافق ليلة القدر ومن قرأ إذا زلزلت الأرض زلزالها فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون

فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إذن نستكثر من القصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكثر وأطيب ومن قرأ أقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس لم يبق شيء من البشر إلا قال : أي رب أعذه من شري ومن قرأ أم القرآن فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ ألهاكم التكاثر فكأنما قرأ ألف آية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال {حم} اسم من أسماء الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن المهلب بن أبي صفرة رضي الله عنه قال : حدثني من سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن قلتم الليلة (حم) لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنكم تلقون عدوكم غدا فليكن شعاركم {حم} لا ينصرون.


وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : انهزم المسلمون بخيبر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب حفنها في وجوههم وقال {حم} لا ينصرون فانهزم القوم وما رميناهم بسهم ولا طعن برمح.
وأخرج البغوي والطبراني عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه قال : لما كان يوم خيبر تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحصى ينفخ في وجوههم وقال : شاهت الوجوه {حم} لا ينصرون.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يزيد بن الأصم رضي الله عنه أن رجلا كان ذا بأس وكان من أهل الشام وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له : في الشراب فدعا عمر رضي الله عنه كاتبه فقال له : اكتب : من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان ،.
سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} ثم دعا وأمن من عنده فدعوا له أن يقبل الله عليه بقلبه وأن يتوب الله عليه ، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول {غافر الذنب} قد وعدني أن يغفر لي {وقابل التوب شديد العقاب} قد حذرني الله عقابه {ذي الطول} الكثير الخير {إليه المصير} فلم يزل يرددها على نفسه حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع ، فلما بلغ عمر رضي الله عنه أمره قال : هكذا فافعلوا إذا رأيتم حالكم في زلة فسددوه ووفقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان شاب بالمدينة صاحب عبادة وكان عمر رضي الله عنه يحبه فانطلق إلى مصر فانفسد فجعل لا يمتنع من شر فقدم على عمر رضي الله عنه بعض أهله فسأله حتى سأله عن الشاب فقال : لا تسألني عنه قال : لم قال : لأنه قد فسد وخلع فكتب إليه عمر رضي الله عنه : من عمر إلا فلان {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} فجعل يقرأها على نفسه فأقبل بخير.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله {غافر الذنب وقابل التوب} قال {غافر الذنب} لمن لم يتب {وقابل التوب} لمن تاب.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن أبي إسحاق السبيعي قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين إن قتلت فهل لي من توبة فقرأ عليه {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب} وقال : اعمل ولا تيأس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن

ابن عباس رضي الله عنهما {ذي الطول} السعة والغنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي الغنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي النعم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي المن.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {غافر الذنب وقابل التوب} قال {غافر الذنب} لمن يقول لا إله إلا الله {وقابل التوب} لمن يقول لا إله إلا الله {شديد العقاب} لمن لا يقول لا إله إلا الله {ذي الطول} ذي الغنى {لا إله إلا هو} كانت كفار قريش لا يوحدونه فوحد نفسه {إليه المصير} مصير من يقول لا إله إلا هو فيدخله الجنة ومصير من لا يقول لا إله إلا هو فيدخله النار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : كنت مع مصعب بن الزبير رضي الله عنه في سواد الكوفة فدخلت حائطا أصلي ركعتين فافتتحت !

{حم} المؤمن حتى بلغت {لا إله إلا هو إليه المصير} فإذا خلفي رجل على بغلة شهباء عليه مقطنات يمنية فقال : إذا قلت {وقابل التوب} فقل : يا قابل التوب اقبل توبتي وإذا قلت {شديد العقاب} فقل : يا شديد العقاب لا تعاقبني ولفظ ابن أبي شيبة اعف عني وإذ قلت {ذي الطول} فقل : يا ذا الطول طل علي بخير قال : فقلتها ثم التفت فلم أر أحدا فخرجت إلى الباب فقلت : مر بكم رجل عليه مقطنات يمينة قالوا : مارأينا أحدا ، كانوا يقولون أنه إلياس.
الآيات 4 - 6
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} ونزلت في الحرث بن قيس السلمي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جدالا

في القرآن كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مراء في القرآن كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي جهم رضي الله عنه قال : اختلف رجلان من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في آية فقال أحدهما : تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخر أنا تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال : أنزل القرآن على سبعة أحرف وإياكم والمراء فيه فإن المراء كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جدال في القرآن كفر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} قال : إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم ، وفي قوله {والأحزاب من بعدهم} قال : من بعد قوم نوح عاد وثمود وتلك

القرون ، كانوا أحزابا على الكفار {وهمت كل أمة برسولهم} ليأخذوه فيقتلوه {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا} قال : حق عليهم العذاب بأعمالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} قال : فسادهم فيها وكفرهم {فأخذتهم فكيف كان عقاب} قال : والله شديد العقاب ، أما قوله تعالى : {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق}.
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله.
الآيات 7 - 9.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن مردويه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت وأين

تكون.
وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات بسند صحيح ، عَن جَابر رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حبان بن عطية رضي الله عنه قال : حملة العرش ثمانية ، أقدامهم مثقفة في الأرض السابعة ورؤوسهم قد جاوزت السماء السابعة وقرونهم مثل طولهم عليها العرش.
وأخرج أبو الشيخ عن ذاذان رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في التخوم لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن هرون

بن رباب رضي الله عنه قال : حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت رخيم ، يقول أربعة منهم : سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك ، وأربعة منهم يقولون : سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن أبي حاتم من طريق أبي قبيل أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول : حملة العرش ثمانية ، ما بين موق أحدهم إلى مؤخرة عينيه مسيرة خمسمائة عام.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش الذي يحملونه لكل ملك منهم أربعة وجوه وأربعة أجنحة جناحان على وجهه ينظر إلى العرش فيصعق وجناحان يطير بهما ، أقدامهم في الثرى والعرش على أكتافهم ، لكل واحد منهم وجه ثور ووجه أسد ووجه إنسان ووجه نسر ، ليس لهم كلام إلا أن يقولوا : قدوس الله القوي ملأت عظمته السموات والأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش أربعة فإذا كان يوم

القيامة أيدوا بأربعة آخرين ، ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في أرزاقهم وملك منهم في صورة نسر يشفع للطير في أرزاقهم وملك منهم في صورة ثور يشفع للبهائم في أرزاقهم وملك في صورة أسد يشفع للسباع في أرزاقهم ، فلما حملوا العرش وقعوا على ركبهم من عظمة الله فلقنوا لا حول ولا قوة إلا بالله فاستووا قياما على أرجلهم.
وأخرج أبو الشيخ عن مكحول رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في حملة العرش أربعة أملاك ، ملك على صورة سيد الصور وهو ابن آدم وملك على صورة سيد السباع وهو الأسد وملك على صورة سيد الأنعام وهو الثور فما زال غضبان مذ يوم العجل إلى ساعتي هذه وملك على صورة سيد الطير وهو النسر.
وأخرج ابن مردويه عن أم سعد رضي الله عنها قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول العرش على ملك من لؤلؤة على صورة ديك رجلاه في تخوم الأرض وجناحاه في الشرق وعنقه تحت العرش.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : حملة العرش كلهم على صور ، قيل : يا عكرمة وما صور فأمال خده قليلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميسرة رضي الله عنه قال : لا تستطيع الملائكة الذين يحملون العرش أن ينظروا إلى ما فوقهم من شعاع النور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : حملة العرش ما بين منكب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام وذكر : أن خطوة تلك الملك ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميسرة رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من أهل السماء السابعة وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها وأهل السماء التي تليها أشد خوفا من التي تليها.
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان ومنهم من صورته صورة النسر ومنهم من صورته صورة الثور ومنهم من صورته صورة الأسد.


وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال : ما جمعكم قالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته فقال : لن تدركوا التفكر في عظمته ، ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم قيل : بلى يا رسول الله قال : إن ملكا من حملة العرش يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله ، قد مرقت قدماه في الأرض السابعة السفلى ومرق رأسه من السماء السابعة في مثله من خليقة ربكم تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة الذين يحملون العرش فالذين حوله الملائكة يسبحون بحمد ربهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويستغفرون للذين آمنوا} قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : وجدنا أنصح عباد الله لعباده الملائكة عليهم السلام ووجدنا أغش عباد الله لعباده الشياطين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة {الذين يحملون العرش} في قوله فاغفر للذين

تابوا من الشرك واتبعوا سبيلك قال : طاعتك وفي قوله {وأدخلهم جنات عدن} قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا كعب ما عدن قال : قصور من ذهب في الجنة
يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل وفي قوله {وقهم السيئات} قال : العذاب.
الآية 10.
أَخرَج عَبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : إذا كان يوم القيامة فرأوا ما صاروا إليه مقتوا أنفسهم فقيل لهم {لمقت الله} إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} اليوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : مقتوا أنفسهم لما دخل المؤمنون الجنة وأدخلوا النار فأكلوا أناملهم من المقت قال : ينادون في النار {لمقت الله} إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} في النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} الآية قال : مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم

ومقت الله إياهم في الدنيا إذ يدعون إلى الايمان فيكفرون أكبر ..
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) الآية . يقول : لمقت الله أهل الضلالة حين يعرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه وأبو أن يقبلوا أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن زر الهمداني رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : هذا شيء يقال لهم يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم فيقال لهم {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم الآن حين علمتم أنكم من أصحاب النار.
الآيات 11 - 13
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : هي مثل التي في البقرة (كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) (البقرة الآية 28) كانوا أموتا في أصلاب آبائهم ثم أخرجهم فأحياهم ثم يميتهم ثم يحييهم بعد الموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !

{أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : كنتم أمواتا قبل أن يخلقكم فهذه ميتة ثم أحياكم فهذه حياة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة فهما ميتتان وحياتان ، فهو كقوله (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) (البقرة الآية 28).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه قال : كانوا أمواتا فأحياهم الله تعالى فأماتهم ثم يحييهم الله تعإلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى في الدنيا ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما حياتان وموتتان {فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل} فهل إلى كرة إلى الدنيا من سبيل.
الآية 14.
أَخرَج مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن

الزبير رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيء قدير ، ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
الآيات 15 - 16
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يلقي الروح من أمره} قال : الوحي والرحمة {لينذر يوم التلاق} قال : يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه {يوم هم بارزون} ولا يسترهم جبل ولا شيء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (لينذر يوم التلاق) قال : يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لينذر يوم التلاق) قال يوم القيامة ، يلتلقي فيها آدم وأخر ولده .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: يوم التلاق ويوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} قال : واليوم لا يخفى على الله منهم شيء ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون بجبل ولا مدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد بين يدي الساعة : يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينادي مناد بين الصيحة : يا أيها الناس أتتكم الساعة - ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات - وينزل الله إلى السماء الدنيا ثم ينادي مناد : لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار.
الآية 17

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الأية قال : ينادي بالجبارين فيجعلون في توابيت من نار ثم يقال : لمن الملك اليوم ؟ فيقال : لله الواحد القهار . قوله تعالى : (اليوم تجزى كل نفس) الآية ..
أَخرَج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : بلغني حديث عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في القصاص فأتيت بعير فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت له : حديث بلغني عنك في القصاص فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يحشر الله العباد حفاة عراة غرلا ، قلنا ما هما قال : ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ، أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة ، قلنا كيف وإن نأتي الله غرلا بهما قال :

بالحسنات والسيئآت وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذنوب ثلاثة ، فذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب لا يترك منه شيء ، فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له وأما النذب الذي لا يغفر فالشرك وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه ، ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها ، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} فأول ما يبدؤن به من الخصومات الدماء فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول : سل عبدك هذا فيم قتلتني فيقول : نعم ، فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها ليست له

ويبوء بإئمه فيقتله ، ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا.
وأخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم ، حفاة عراة غرلا ، فقالت عائشة رضي الله عنها : واسوأتاه ، ينظر بعضنا إلى بعض فضرب على منكبها وقال : يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة ، لا يأكلون ولا يشربون ولا يتكلمون سامين أبصارهم إلى السماء ، يلجمهم العرق فمنهم من بلغ العرق قدميه ومنهم من بلغ ساقيه ومنهم من بلغ فخذيه ، وبطنه ومنهم من يلجمه العرق.
ثم يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين فيحملون عرش الرب عز وجل حتى يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وذلك أول يوم نظرت عين إلى الله تعالى ، ثم تقوم الملائكة (حافين من حول العرش) (الزمر 75) ثم ينادي مناد

فينادي بصوت يسمع الثقلين الجن والإنس يستمع الناس لذلك الصوت ثم يخرج الرجل من الموقف فيعرق الناس كلهم ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة ويعرف الناس تلك الحسنات فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال : أين أصحاب المظالم فيقول له الرحمن تعالى : أظلمت فلان بن فلان في كذا وكذا ، فيقول : نعم يا رب وذلك (يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (النور 24) فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه ، وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت فإذا لم يبق حسنة قال : من بقي يا ربنا ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا قيل : لا تعجلوا فيؤخذ من سيئآتهم عليه فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} ولا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد إلا ظن أنه

لم ينج لما رأى من شدة الحساب.
الآية 18.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال : الساعة {إذ القلوب لدى الحناجر} قال : وقعت في حناجرهم من المخافة فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إذ القلوب لدى الحناجر} قال : إذا عاين أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم فلا تخرج فيموتون ولا ترجع
إلى أماكنها من أجوافهم ، وفي قوله {كاظمين} قال : باكين.
الآيات 19 - 20.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} قال : الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها وإذا غفلوا لحظ إليها وإذا نظروا غض بصره عنها وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى

عورتها.
وأخرج أبو نعيم في الحلية ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال : نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال : إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : يعلم همزه واضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : نظر العين إلى ما نهي عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : كان الرجل يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة فيرفع رأسه فيلحظ

إليها ثم ينكس.
وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال : أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فأختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به
فقال : يا رسول الله بايع عبد الله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى يبايعه ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا : ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال : أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين.
وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {والله يقضي بالحق} قال : قادر على أن يقضي بالحق !

{والذين يدعون من دونه} لا يقدرون على أن يقضوا بالحق.
من آية 21 - 22.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وما كان لهم من الله من واق} قال : من واق يقيهم ولا ينفعهم.
من آية 23 - 27
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا} ، قال : هذا بعد القتل الأول ولفظ عَبد بن حُمَيد هذا قتل غير القتل الأول الذي كان.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقال فرعون ذروني أقتل موسى} قال : أنظر من يمنعه مني.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} قال : أن يقتلوا

أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم} أي أمركم الذي أنتم عليه {أو أن يظهر في الأرض الفساد} والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) قال : المشرك أسرف على نفسه بالشرك.
الآية 28.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن في آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى عليه
السلام ، الذي قال : أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) قال ابن المنذر أخبرت أن اسمه حزقيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال : كان سم الرجل الذي آمن من آل فرعون حبيب.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من طريق عروة رضي الله عنه قال : قلت

لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه ودفعه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان أشد من أن طاف بالبيت ضحى فلقوه حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا قال : أنا ذاك ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} رافعا صوته بذلك وعيناه يسحان حتى أرسلوه.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول

ربي الله} قالوا : من هذا قال : هذا ابن أبي قحافة.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، نحوه.
وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس أخبروني بأشجع الناس قالوا : أنت ، قال : لا ، قالوا : فمن قال : أبو بكر رضي الله عنه ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش ، هذا يحثه وهذا يبلبله وهم يقولون : أنت الذي جعلت الآلهة آلها واحدا قال : فوالله ما دنا منا أحد
إلا أبو بكر رضي الله عنه ، يضرب هذا ويجاهد هذا وهو يقول ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} ثم رفع علي رضي عنه بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال : أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم

أبو بكر رضي الله عنه خير من مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.
الآية 29 - 31.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن عباس {مثل دأب} مثل حال.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {مثل دأب قوم نوح} قال : هم الأحزاب {قوم نوح وعاد وثمود}.
الآيات 32 - 33.
أَخْرَج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن بها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ، فصفوا صفا دون صف ثم ينزل الملك الأعلى ليسري جهنم فإذا رأها أهل الأرض هربوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة

صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله {يوم التناد} يعني بتشديد الدال {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم}
وذلك قوله (وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم) (الفجر الآية 22 - 23) وقوله (يا معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) (الرحمن الآية 33) وقوله (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها) (الحاقة الآية 17) يعني ما تشقق فيها ، فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يوم التناد} قال : ينادى كل قوم بأعمالهم ، فنادي أهل النار أهل الجنة ، وأهل الجنة أهل النار {يوم تولون مدبرين} إلى النار {ما لكم من الله من عاصم} أي من ناصر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد}

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي{ار الكتاب والحمد لله رب العالمين}

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ج35. كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر ال...