مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط

مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط
/ / / / / / /

Translate

السبت، 11 فبراير 2023

ج23.وج24.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

ج23.وج24.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

أولا:
 ج23. كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
 الحميد) في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحارث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : مثل المؤمن والكافر اختصامها في البعث.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن قال : هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا ونبينا قبل نبيكم ، وقال المؤمنون : نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا فكان ذلك خصومتهم في ربهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : اختصم المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم وقال المسلمون : إن كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء فنحن أولى بالله منكم فأفلج الله أهل الإسلام

على من ناوأهم فأنزل الله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} إلى قوله {عذاب الحريق}.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال : هما الجنة والنار اختصمتا فقالت النار : خلقني الله لعقوبته ، وقالت الجنة : خلقني الله لرحمته.
وأخرج ابن جرير عن جاهد {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} قال : الكافر قطعت له ثياب من نار والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الانهار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {قطعت لهم ثياب من نار} من نحاس وليس من الآنية شيء إذا حمي اشتد بأحر منه ، وفي قوله {يصب من فوق رؤوسهم الحميم} قال : النحاس يذاب على رؤوسهم ، وفي قوله {يصهر به ما في بطونهم} قال : تسيل أمعاؤهم والجلود قال : تتناثر جلودهم حتى يقوم كل عضو بحياله.


وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي أنه قرأ قوله {قطعت لهم ثياب من نار} قال : سبحان من قطع من النار ثيابا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أنه تلا هذه الآية فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ان الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدمه وهو الصهر ثم يعاد كما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : يأتيه الملك يحمل الاناء بكليتين من حرارته فاذا ادناه من وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه

فيضرب بها رأسه فيفذغ دماغه ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه ، فذلك قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن سعيد ابن جبير قال : إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد سقطت عنه الجلود و{يصهر به ما في بطونهم} يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ثم يضربون ، بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالويل والثبور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال : يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ، وفي قوله !

{ولهم مقامع من حديد} قال : يضربون بها فيقع كل عضو على حياله.
وأخرج ابن الانباري والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله {يصهر} قال : يذاب {ما في بطونهم} إذا شربوا الحميم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : سخنت صهارته فظل عثانه * في شيطل كعب به تتردد وظل مرتثيا للشمس تصهره * حتى اذا لشمس قامت جانبا عدلا.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {يصهر به ما في بطونهم والجلود} قال : يسقون ماء إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يصهر به ما في بطونهم} قال : يذاب إذابة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة {يصهر به} قال : يذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {يصهر به} قال : يذاب كما يذاب الشحم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ولهم مقامع} قال : مطارق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : كان عمر يقول : أكثروا ذكر النار فان حرها شديد وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم وابن

مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ما أقلوه في الأرض ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سلمان قال : النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبا ولا جمرها ، ثم قرأ {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر القاري أنه قرأ هذه الآية {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم}
فبكى وقال : أخبرني زيد بن أسلم في هذه الآية ان أهل النار في النار لا يتنفسون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض في الآية قال : والله ما طمعوا في الخروج لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة ولكن يرفعهم لهبا وتردهم مقامعها.


وأخرج البخاري ومسلم عن عمر قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
وأخرج النسائي والحاكم عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في الآخرة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، قال ابن الزبير من قبل نفسه : ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة لأن الله تعالى قال : {ولباسهم فيها حرير}.
وأخرج النسائي والحاكم ، وَابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وان دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه.


- قوله تعالى : وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد * إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم * وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع
لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وهدوا إلى الطيب} قال : ألهموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وهدوا إلى الطيب من القول} قال : في الخصومة إذ قالوا : الله مولانا ولا مولى لكم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إسماعيل بن أبي خالد {وهدوا إلى الطيب من القول} قال : القرآن {وهدوا إلى صراط الحميد} قال : الإسلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {وهدوا إلى الطيب من القول} قال : الإخلاص {وهدوا إلى صراط الحميد} قال : الإسلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وهدوا إلى الطيب من القول} قال : لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي قال (اليه يصعد الكلم الطيب).


وأخرج عبد حميد عن ابن عباس قال : الحرم كله هو المسجد الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال : خلق الله فيه سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {سواء} يعني شرعا واحدا {العاكف فيه} قال : أهل مكة في مكة أيام الحج {والباد} قال : من كان في غير أهلها من يعتكف به من الآفاق قال : هم في منازل مكة سواء فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا لهم حتى يقضوا مناسكهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال البادي وأهل مكة سواء في المنزل والحرم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد وعطاء {سواء العاكف فيه والباد} قال : سواء في تعظيم البلد وتحريمه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في الآية قال : {سواء} في جواره وأمنه وحرمته {العاكف فيه} أهل مكة {والباد} من يعتكفه من أهل الآفاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن حصين قال : سألت سعيد بن جبير : أعتكف بمكة قال : لا ، أنت معتكف ما أقمت ، قال الله {سواء العاكف فيه والباد}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في الآية قال : الناس بمكة سواء ليس أحد أحق بالمنازل من أحد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن عمرو قال : من أخذ من أجور بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء أنه كان يكره أن تباع بيوت مكة أو تكرى.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم أنه كان يكره اجارة بيوت مكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عمر أن عمر نهى أن تغلق أبواب دور مكة فان الناس كانوا ينزلون منها حيث وجدوا حتى كانوا يضربون فساطيطهم في الدور.
وأخرج ابن سعد عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال له عند المروة : يا أمير المؤمنين أقطعني مكانا لي ولعقبي ، فأعرض عنه عمر وقال : هو حرم الله {سواء العاكف فيه والباد}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : بيوت مكة لا تحل إجارتها.
وأخرج ابن أبي شية عن ابن جريج قال : أنا قرأت كتاب عمر بن عبد العزيز على الناس بمكة فنهاهم عن كراء بيوت مكة ودورها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم قال : من أكل شيئا من كراء مكة فإنما يأكل نارا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها

أبوابا حتى ينزل الحاج في عرصات الدور.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال : لم يكن للدور بمكة أبواب كان أهل مصر وأهل العراق يأتون فيدخلون دور مكة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال : البادي الذي يجيء من الحج والمقيمون سواء في المنازل ينزلون حيث شاؤوا ولا يخرج رجل من بيته.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى {سواء العاكف فيه والباد} قال : سواء المقيم والذي يرحل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف فيه والباد} قال : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : مكة مباحة لا تؤجر

بيوتها ولا تباع رباعها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن علقمة بن نضلة قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عمر أنه قال : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء.
وأخرج الدار قطني عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أكل كراء بيوت مكة أكل نارا.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن راهويه وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رفعه في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن

أبين لأذاقه الله تعالى عذابا أليما.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} قال : من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتى يعملها ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين : أحدهما مهاجري والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة ، فنزلت فيه {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} يعني من لجأ إلى الحرم {بإلحاد} يعني بميل عن الإسلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة

في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد} ، قال : من لجأ إلى الحرم ليشرك فيه عذبه الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : بشرك.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : هو أن يعبد فيه غير الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} يعني أن تستحل من الحرام ما حرم الله عليك من لسان أو قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك ، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم.
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : هم المحتكرون الطعام بمكة.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن يعلى بن أمية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : بيع الطعام بمكة إلحاد.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : احتكار الطعام بمكة إلحاد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن مجاهد قال : كان لعبد الله بن عمرو
فسطاطان : أحدهما في الحل والآخر في الحرم فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم واذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الذي في الحل ، فقيل له فقال : كنا نحدث أن من الالحاد فيه أن يقول الرجل : كلا والله وبلى والله.


وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآيه قال : شتم الخادم في الحرم ظلم فما فوقه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : تجارة الأمير بمكة إلحاد.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أقبل تبع بريد الكعبة حتى إذا كان بكراع الغميم بعث الله تعالى عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا بمشقة ، ويذهب القائم يقعد فيصرع وقامت عليه ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما : ما هذا الذي بعث علي قالا : أوتؤمنا قال : أنتم آمنون ، قالا : فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده قال : فما يذهب هذا عني قالا : تجرد في ثوبين ثم تقول : لبيك اللهم لبيك ثم تدخل فتطوف به فلا تهيج أحدا من أهله ، قال : فان اجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني قالا نعم ، فتجرد ثم لبى فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد

بظلم نذقه من عذاب أليم} قال : حدثنا شيخ من عقب المهاجرين والانصار أنهم أخبروه أن ايما أحد أراد به ما أراد أصحاب الفيل عجل لهم العقوبة في الدنيا وقال : إنما يؤتي استحلاله من قبل أهله ، فأخبرني عنهم أنه وجد سطران بمكة مكتوبان في المقام : أما أحدهما فكان كتابته : بسم الله والبركة وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر ومن دخله كان آمنا لا يحله إلا أهله ، قال : لولا أن أهله هم الذين فعلوا به ما قد علمت لعجل لهم في الدنيا العذاب ، قال : ثم أخبرني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قبل أن يستحل منه الذي يستحل قال : أجد مكتوبا في الكتاب الأول : عبد الله يستحل به الحرم وعنده عبد الله بن عمرو بن الخطاب وعبد الله بن الزبير ، فقال : عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب قال كل واحد منهما : لست قارا به إلا حاجا أو معتمرا أو حاجة لا بد منها ، وسكت عبد الله بن الزبير فلم يقل شيئا فاستحل من بعد ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، ولو أن رجلا كان بعدن أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت والالحاد فيه : أن يستحل فيه ما حرم الله عليه فمات قبل أن يصل إلى ذلك أذاقه الله من عذاب أليم.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك في قوله {ومن يرد فيه بإلحاد} قال : ان الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه وما عملها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : القتل والشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن أبي مليكة أنه سئل عن قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال : ما كنا نشك أنها الذنوب حتى جاء اعلاج من أهل البصرة إلى أعلاج من أهل الكوفة فزعموا أنها الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : ما من عبد يهم بذنب فيؤاخذه الله بشيء حتى يعمله إلا من هم بالبيت العتيق شراء فإنه من هم به شرا عجل الله له.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الحجاج في الآية قال : إن الرجل يحدث نفسه أن يعمل ذنبا بمكة فيكتبه الله عليه ذنبا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : رأيت عبد الله بن عمرو بعرفة ومنزله في الحل ومسجده في الحرم فقلت له : لم تفعل هذا قال : لأن العمل فيه أفضل والخطيئة فيه أعظم ، والله أعلم.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن عدي ، وَابن مردويه والديلمي بسند ضعيف عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دثر مكان البيت فلم يحجه هود ولا صالح حتى بوأه الله لابراهيم.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من طريق حارثه بن مضرب عن علي بن أبي طالب قال : لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه فقال : يا
إبراهيم ابن على ظلي أو على قدري ولا تزد ولا تنقص.


فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر ، وذلك حين يقول الله {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء بن أبي رياح قال : لما أهبط الله آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فيسمع كلام أهل السماء ودعاءهم فيأنس إليهم فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها فأخفضه الله إلى الأرض فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا إلى الله في دعائه وفي صلاته فوجه إلى مكة فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة فأنزل الله ياقوته من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطاف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوته حتى بعث الله إبراهيم فبناه ، فذلك قول الله {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة قال : وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله : يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي ، فاخرج إليه ، فخرج اليه آدم ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة ، فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك ، وأتى آدم فطاف به ومن بعده من الأنبياء.


قال معمر : وأخبرني أبان أن البيت أهبط ياقوته واحدة أو درة واحدة ، قال معمر : وبلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا حتى اذا أغرق الله قوم نوح فقدوا بقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك ، فذلك قول الله {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} ، قال معمر : قال ابن جريج : قال ناس : أرسل الله سبحانه سحابه فيها رأس فقال الرأس : يا ابرهيم إن ربك يأمرك أن تأخذ قدر هذه السحابة ، فجعل ينظر إليها ويخط قدرها ، قال الرأس : قد فعلت قال : نعم ، ثم ارتفعت فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض ، قال ابن جريج : قال مجاهد : أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم من الشام فقالت السكينة :
يا إبراهيم ريض على البيت ، قال : فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك من هذه الملوك إلا رأيت عليه السكينة والوقار ، قال ابن جريج : وقال ابن المسيب : قال علي بن أبي طالب : وكان الله استودع الركن أبا قبيس فلما بنى إبراهيم ناداه أبو قبيس فقال : يا إبراهيم هذا الركن في فخده ، فحفر عنه فوضعه فلما فرغ إبراهيم من بنائه قال : قد فعلت يا رب فأرنا مناسكنا ، أبرزها لنا وعلمناها ، فبعث الله جبريل فحج به حتى إذا رأى عرفة قال : قد عرفت ، وكان أتاها قبل ذلك مرة ، قال : فلذلك سميت عرفة حتى اذا كان يوم النحر عرض له الشيطان فقال : احصب.


فحصبه بسبع حصيات ، ثم اليوم الثاني فالثالث فسد ما بين الجبلين - يعني إبليس - فلذلك كان رمي الجمار ، قال : اعل على ثبير ، فعلاه فنادى : يا عباد الله أجيبوا الله ، يا عباد الله أطيعوا الله ، فسمع دعوته من بين الابحر السبع ممن كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ، فهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك قوله : لبيك اللهم لبيك ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : كان البيت غثاة - وهي الماء - قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما ومنه دحيت الأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن السدي قال : إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية فكنست لهما ما حول الكعبة من البيت الأول واتبعاها بالمعاول يحفران

حتى وضعا الأساس ، فذلك حين يقول الله {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن قال إبراهيم لإسماعيل : اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا ، قال : يا أبت اني كسلان لغب ، قال : علي ذلك ، فانطلق يطلب له حجرا فأتاه بحجر فلم يرضه فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا ، فانطلق يطلب له حجرا فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الجنة وكان أبيض ياقوته بيضاء مثل الثغامة وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنده الركن فقال : يا أبت من
جاءك بهذا قال : جاءني به من هو أنشط منك ، فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه فلما فرغا من البنيان أمره الله أن ينادي ، فقال {وأذن في الناس بالحج}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حوشب بن عقيل قال : سألت محمد بن عباد بن جعفر : متى كان البيت قال : خلقت الأشهر له ، قلت : كم كان طول بناء إبراهيم قال : ثمانية عشر ذراعا ، قلت : كم هو اليوم قال : ستة وعشرون ذراعا : قلت : هل بقي من حجارة بناء إبراهيم شيء قال : حشي به البيت إلا حجرين مما يليا الحجر.


وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال الله لنبيه {وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} قال : طواف قبل الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {للطائفين} قال : الذين يطوفون به {والقائمين} قال : المصلين عنده.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : القائمون المصلون.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن منيع ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : رب قد فرغت ، فقال {وأذن في الناس بالحج} قال : رب وما يبلغ صوتي قال : أذن وعلي البلاغ ، قال : رب كيف أقول قال : يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق ، فسمعه من بين السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون.

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله اليه أن أذن في الناس بالحج ، فقال : ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه ، فاستجاب له ماسمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب أو شيء ، فقالوا : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس فوضع أصبعيه في أذنيه ثم نادى : إن الله كتب
عليكم الحج فأجيبوا ربكم ، فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء وأول من أجابه أهل اليمن ، فليس حاج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ.
وأخرج الديلمي بسند واه عن علي رفعه : لما نادى إبراهيم بالحج لبى الخلق فمن لبى تلبية واحدة حج واحدة ومن لبى مرتين حج حجتين ومن زاد فبحساب ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأذن في الناس بالحج}

قال : قام إبراهيم عليه السلام على الحجر فنادى : يا أيها الناس كتب عليكم الحج ، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء فأجاب من آمن ممن سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {وأذن في الناس بالحج} قال : وقرت في كل ذكر وأنثى.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت أوحى الله إليه أن {وأذن في الناس بالحج} فخرج فنادى في الناس : يا أيها الناس ان ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه ، فلم يسمعه حينئذ من إنس ولا جن ولا شجرة ولا أكمة ولا تراب ولا جبل ولا ماء ولا شيء إلا قال : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج أبو الشيخ في كتاب الأذان عن عبد الله بن الزبير قال : أخذ الأذان من أذان إبراهيم في الحج {وأذن في الناس بالحج} قال : فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لما أمر إبراهيم عليه السلام بدعاء الناس إلى الله استقبل المشرق فدعا ثم استقبل المغرب فدعا ثم استقبل الشام فدعا ثم استقبل اليمن فدعا فأجيب : لبيك لبيك.


وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن {وأذن في الناس بالحج} فقام على الحجر فقال : يا أيها الناس إن الله يأمركم بالحج ، فأجابه من كان مخلوقا في الأرض يومئذ ومن كان في أرحام النساء ومن كان في أصلاب الرجال ومن كان في البحور فقالوا : لبيك اللهم لبيك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : قال جبريل لإبراهيم {وأذن في الناس بالحج} قال : كيف أؤذن قال : قل يا أيها الناس أجيبوا إلى ربكم ، ثلاث مرات ، فأجاب العباد فقالوا : لبيك اللهم ربنا لبيك لبيك اللهم ربنا لبيك ، فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : لما فرغ إبراهيم وإسماعيل من بناء البيت أمر إبراهيم أن يؤذن بالحج فقام على الصفا فنادى بصوت سمعه ما بين المشرق والمغرب يا أيها الناس أجيبوا إلى ربكم ، فأجابوه وهم في أصلاب آبائهم فقالوا : لبيك ، قال : فإنما يحج البيت اليوم من أجاب إبراهيم يومئذ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما أذن إبراهيم بالحج قال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فلبى كل رطب ويابس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام فنادى بصوت أسمع من بين المشرق والمغرب : يا أيها الناس أجيبوا

ربكم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : قال إبراهيم : كيف أقول قال : قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فما خلق الله من جبل ولا شجر ولاشيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك ، فصارت التلبيه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : قال إبراهيم : كيف أقول قال : قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فما خلق الله من جبل ولا شجر ولا شيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك ، فصارت التلبية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : تطاول به المقام حتى كان كأطول جبل في الأرض فأذن فيهم بالحج فأسمع من تحت البحور السبع وقالوا : لبيك أطعنا ، لبيك أجبنا ، فكل من حج إلى يوم القيامة ممن استجاب له يومئذ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : قيل لإبراهيم {وأذن في الناس بالحج} قال : يا رب كيف أقول قال : قل لبيك اللهم لبيك ، فكان إبراهيم أول من لبى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : لما أمر إبراهيم بالحج قام على المقام فنادى نداء سمعه جميع أهل الأرض : ألا إن ربكم قد وضع بيتا وأمركم أن تحجوه ، فجعل الله في أثر قدميه آية في الصخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء قال : صعد إبراهيم على الصفا
فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأسمع من كان حيا في أصلاب

الرجال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : أجاب إبراهيم كل جني وإنسي وكل شجر وحجر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس تواضعت له الجبال ورفعت له الأرض فقام فقال : يا أيها الناس اجيبوا ربكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : صعد إبراهيم أبا قبيس فقال : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن إبراهيم رسول الله ، أيها الناس إن الله أمرني أن أنادي في الناس بالحج ، أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأجابه من أخذ الله مثاقه بالحج إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : {وأذن في الناس بالحج} يعني بالناس أهل القبلة ألم تسمع أنه قال (ان أول بيت وضع للناس) إلى قوله (ومن دخله كان آمنا) (آل عمران آية 96) يقول : ومن دخله من الناس

الذين أمر أن يؤذن فيهم وكتب عليهم الحج.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {يأتوك رجالا} قال : مشاة {وعلى كل ضامر} قال : الإبل {يأتين من كل فج عميق} قال : بعيد.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت ابن عباس يقول : ما آسي على شيء إلا أني لم أكن حججت راجلا لأني سمعت الله يقول {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} وهكذا كان يقرأوها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما آسي على شيء فاتني إلا أني لم أحج ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالى يقول {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} فبدأ بالرجال قبل الركبان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل حجا وهما ماشيان.


وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم ، قيل : وما حسنات الحرم قال : بكل حسنة مائة ألف حسنة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ان للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم ، قيل : يا رسول الله وما حسنات الحرم قال : الحسنة مائة ألف حسنة.
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طان الملائكة لتصافح ركاب الحجاج وتعتنق المشاة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يأتوك رجالا} قال : على أرجلهم {وعلى كل ضامر} قال : الإبل {يأتين من كل فج

عميق} يعني مكان بعيد.
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانوا يحجون ولا يتزودون فأنزل الله (وتزودوا) (البقرة آية 197) ، وكانوا يحجون ولا يركبون فأنزل الله {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب والمتجر.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله {من كل فج عميق} قال : طريق بعيد قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : فساروا العناء وسدوا الفجاج * بأجساد عادلها آيدات.
وَأخرَج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} قال : هم المشاة والركبان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وعلى كل ضامر} قال : ما تبلغه المطي حتى تضمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كل فج عميق} قال : طريق بعيد.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه {من كل فج عميق} قال : مكان بعيد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبيد بن عمير قال : لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركبا يريدون البيت فقال : من أنتم فأجابه أحدثهم سنا فقال : عباد الله المسلمون ، فقال : من أين جئتم قال : من الفج العميق ، قال : أين تريدون قال : البيت العتيق ، فقال عمر رضي الله عنه : تأولها لعمر الله ، فقال عمر رضي الله عنه : من أميركم فأشار إلى شيخ منهم فقال عمر : بل أنت أميرهم لأحدثهم سنا الذي أجابه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ليشهدوا منافع لهم} قال : أسواقا كانت لهم ، ما ذكر الله منافع إلا الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ليشهدوا منافع لهم} قال : منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة ، فأما منافع الآخرة فرضوان الله عز وجل.
وَأَمَّا منافع الدنيا فما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {ليشهدوا منافع لهم} قال : الأجر في الآخرة والتجارة في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {ويذكروا اسم الله} قال : فيما ينحرون من البدن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويذكروا اسم الله} قال : كان يقال : إذا ذبحت نسيكتك فقل بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك عن فلان ثم كل وأطعم كما أمرك الله : الجار والأقرب فالأقرب.
وأخرج أبو بكر المروزي في كتاب العيدين ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأيام المعلومات أيام العشر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {في أيام معلومات} يعني أيام التشريق.


وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {في أيام معلومات} يعني أيام التشريق {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني البدن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام ، فالمعلومات يوم النحر ويومان بعده ، والمعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
وأخرج ابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {في أيام معلومات} قال : قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء ومجاهد رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات أيام العشر.
وأخرج عن سعيد بن جبير والحسن رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائح نسائكم

فأنزل الله {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} فرخص للمسلمين فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد في الآية قال : هي رخصة إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ، بمنزلة قوله : (واذ حللتم فاصطادوا) .
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء {فكلوا منها وأطعموا} قال : إذا ذبحتم فاهدوا وكلوا وأطعموا وأقلوا لحوم الأضاحي عندكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح الحنفي رضي الله عنه {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} قال : هي في الأضاحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه قال : إن شاء أكل من الهدي والأضحية وإن شاء لم يأكل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فكلوا منها} ان ابن مسعود كان يقول للذي يبعث : بهدية معه كل ثلثا وتصدق بالثلث واهد لآل عتبة ثلثا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن عبد الله قال : نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جزور

بضعة فجعلت في قدر فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي من اللحم وحسوا من المرق ، قال سفيان : لأن الله يقول {فكلوا منها}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأطعموا البائس} قال : الزمن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قول الله {وأطعموا البائس الفقير} قال : {البائس} الذي لم يجد شيئا من شدة الحاجة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت طرفة وهو يقول : يغشاهم البائس المدقع * والضيف وجار مجاور جنب.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة ومجاهد قالا {البائس} الذي يمد كفيه إلى الناس يسأل.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : {البائس} المضطر الذي عليه البؤس و{الفقير} الضعيف.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {البائس الفقير} قال : هما سواء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : {البائس الفقير} الذي به زمانه وهو فقير.


- قوله تعالى : ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه قال : التفث المناسك كلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التفث قضاء النسك كله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في التفث : حلق الرأس والأخذ من العارضين ونتف الابط وحلق العانة والوقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار وقص الأظفار وقص الشارب والذبح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم ليقضوا تفثهم} قال : يعني بالتفث : وضع إحرامهم من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظفار ، ونحو ذلك {وليوفوا نذورهم} قال : يعني نحر ما نذروا من البدن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ثم ليقضوا تفثهم} قال : التفث كل شيء أحرموا منه {وليوفوا نذورهم} قال : هو الحج.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : {ليقضوا تفثهم} قال : حلق الرأس والعانة ونتف الابط وقص الشارب والأظافر ورمي الجمار وقص اللحية : {وليوفوا نذورهم} قال : نذر الحج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال : التفث حلق العانة ونتف الابط وأخذ من الشارب وتقليم الأظافر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {وليوفوا نذورهم} مثقله بجزم اللام ، {وليطوفوا} بجزم اللام مثقلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وليطوفوا} قال : هو الطواف الواجب يوم النحر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وليطوفوا} قال : هو الطواف الواجب يوم النحر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وليطوفوا} قال : طواف الزيارة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وليطوفوا} قال : يعني زيارة

البيت ، ولفظ ابن جرير : هو طواف الزيارة يوم النحر.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما سمى الله البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة لم يدعه جبار قط ، وفي لفظ : فليس في الأرض جبار يدعي أنه له.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق في زمان نوح.


وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إنما سمي العتيق لأنه أول بيت وضع.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما جعل الطواف بالبيت ملاذا لأن الله لما خلق آدم أمر إبليس بالسجود له فأبى فغضب الرحمن فلاذت الملائكة بالبيت حتى سكن غضبه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية {وليطوفوا بالبيت العتيق} طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه.
وأخرج سفيان بن عيينة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : الحجر من البيت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من ورائه وقال الله {وليطوفوا بالبيت العتيق}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : طواف الوداع واجب وهو قول الله {وليطوفوا بالبيت العتيق}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال : قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج يقول الله {وليطوفوا بالبيت العتيق} قال : فان آخر المناسك الطواف بالبيت.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانوا ينفرون من منى إلى

وجوههم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهدهم بالبيت ورخص للحائض.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال : من طاف بهذا البيت سبعا لا يتكلم فيه إلا بتكبير أو تهليل كان عدل رقبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين كان مثل يوم ولدته أمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : من طاف بالبيت كان عدل رقبة.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من طاف بالبيت سبعا يحصيه كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وكان له عدل رقبة.
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي عقال قال : طفت مع أنس في مطرة

فقال لنا : استأنفوا العمل فقد غفر لكم طفت من نبيكم صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم فقال : استأنفوا العمل فقد غفر لكم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاف حول البيت أسبوعا لا يلغو فيه كان عدل رقبة يعتقها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : من طاف بالبيت خمسين أسبوعا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يابني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار.


وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء أنه طاف بالبيت بعد العصر وصلى ركعتين فقيل له فقال : انها ليست كسائر البلدان.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت استلم الحجر والركن في كل طواف.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الركن اليماني ووضع خده عليه.
وأخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عباس يقول : احفظوا هذا الحديث ، وكان يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويدعو به بين الركنين : رب قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة بخير.


وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ان الطواف بالبيت مثلا الصلاة إلا أنكم تتكلمون فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن عبد الأعلى التيمي قال : قالت خديجة رضي الله عنها : يا رسول الله ما أقول وأنا أطوف بالبيت قال : قولي : اللهم اغفر ذنوبي وخطئي وعمدي وإسرافي في أمري انك إن لا تغفر لي تهلكني.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أسمعت ابن عباس قال : إنما أمرتم بالطواف به ولم تؤمروا بدخوله ، قال : لم يكن نهانا عن دخوله ولكن سمعته يقول : أخبرني أسامة بن زيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل البيت فلما خرج ركع ركعتين في قبل البيت ، وقال : هذه القبلة.


وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس ثم رجع وهو حزين فقلت : يا رسول الله خرجت من عندي وأنت كذا وكذا ، قال : إني دخلت الكعبة ، وددت أني لم أكن فعلته إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أنها كانت تقول : عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة حين يرفع بصره قبل السقف يدع ذلك إجلالا لله وإعظاما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.
- قوله تعالى : ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور * حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ذلك ومن يعظم حرمات الله} قال : الحرمة الحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء وعكرمة {ذلك ومن يعظم حرمات الله} قالا : المعاصي.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ومن يعظم حرمات الله}

قال : الحرمات المشعر الحرام والبيت الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لن تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها - يعني مكة - فإذا ضيعوا ذلك هلكوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} يقول : اجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الاوثان {واجتنبوا قول الزور} يعني الافتراء على الله والتكذيب به.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أيمن بن خريم قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال : يا أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله ثلاثا ثم قرأ {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن داود ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب

عن خريم بن فاتك الاسدي قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قائما قال : عدلت شهادة
الزور الإشراك بالله ثلاثا ثم تلا هذه الآية {واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به}.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس - فقال : ألا وقول الزور ، إلا وشهادة الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والخرائطي في مكارم الاخلاق والبيهقي عن ابن مسعود قال : شهادة الزور تعدل بالشرل بالله ، ثم قرأ {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واجتنبوا قول الزور} قال : الكذب.


وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {واجتنبوا قول الزور} يعني الشرك بالكلام ، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت فيقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {حنفاء لله غير مشركين به} قال : حجاجا لله غير مشركين به ، وذلك أن الجاهلية كانوا يحجون مشركين فلما أظهر الله الإسلام قال الله للمسلمين : حجوا الآن غير مشركين بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق قال : كان الناس يحجون وهم مشركون فكانوا يسمونهم حنفاء الحجاج فنزلت {حنفاء لله غير مشركين به}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق قال : كان ناس من مضر وغيرهم يحجون البيت وهم مشركون وكان من لا يحج البيت من المشركين يقولون : قولوا حنفاء ، فقال الله {حنفاء لله غير مشركين به} يقول : حجاجا غير مشركين به.
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : ما كان في القرآن من حنفاء قال : مسلمين ، وما كان حنفاء مسلمين فهم حجاج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {حنفاء} قال : حجاجا.
وأخرج عن الضحاك مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد ! <

حنفاء} قال : متبعين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء} ، قال : هذا مثل ضربه الله لمن أشرك بالله في بعده من الهدى وهلاكه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {في مكان سحيق} قال : بعيد.
- قوله تعالى : ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب * لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق * ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : البدن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : الاستسمان والاستحسان والاستعظام ، وفي قوله {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى} قال : إلى أن تسمى بدنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : استعظام البدن

واستسمانها واستحسانها {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى} قال : ظهورها وأوبارها واشعارها وأصوافها إلى أن تسمى هديا ، فإذا سميت هديا ذهبت المنافع {ثم محلها} يقول : حين يسمى إلى البيت العتيق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك وعطاء في الأية قال : المنافع فيها الركوب عليها إذا احتاج وفي أوبارها
وألبانها ، والأجل المسمى : إلى أن تقلد فتصير بدنا {ثم محلها إلى البيت العتيق} قالا : إلى يوم النحر تنحر بمنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {ثم محلها إلى البيت العتيق} قال : إذا دخلت الحرم فقد بلغت محلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن موسى في قوله {ذلك ومن يعظم شعائر الله} قال : الوقوف بعرفة من شعائر الله وبجمع من شعائر الله والبدن من شعائر الله ورمي الجمار من شعائر الله والحلق من شعائر الله ، فمن يعظمها {فإنها

من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى} قال : لكم في كل مشعر منها منافع إلى أن تخرجوا منه إلى غيره {ثم محلها إلى البيت العتيق} قال : محل هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت العتيق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء أنه سئل عن شعائر الله قال : حرمات الله اجتناب سخط الله واتباع طاعته ، فذلك شعائر الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولكل أمة جعلنا منسكا} قال : عيدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولكل أمة جعلنا منسكا} قال : إهراق الدماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {ولكل أمة جعلنا منسكا} قال : ذبحا.
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر :

أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بعيد الأضحى جعله الله لهذه الأمة ، قال الرجل : فان لم نجد إلا ذبيحة أنثى أو شاة أعلي اذبحها قال : لا ولكن قلم أظفارك وقص شاربك واحلق عانتك فذلك تمام أضحيتك عند الله.
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي هريرة قال : نزل جبريل فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كيف رأيت عيدنا فقال : لقد تباهى به أهل السماء ، اعلم يا محمد ان الجذع من الضأن خير من السيد من المعز وان الجذع من الضأن خير من السيد من البقر وإن الجذع من الضأن خير من السيد من المعز وان الجذع من الضأن خير من السيد من البقر وإن الجذع من الضأن خير من السيد من الابل ، ولو علم الله خيرا منه فدى بها إبراهيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قال : في هذه الآية {ولكل أمة جعلنا منسكا} أنه مكة لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها.


أخرج أحمد وأبو داود والترمذي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للناس يوم النحر فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه وقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب ، عَن جَابر قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد فقال حين وجههما : وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ، اللهم منك ولك وعن محمد وأمته ، ثم سمى الله وكبر وذبح.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الاضاحي والبيهقي في الشعب عن علي أنه قال حين ذبح : وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي

ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين فسمى وكبر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا ذبح قال : بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك اللهم تقبل مني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {فله أسلموا} يقول : فله أخلصوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله {وبشر المخبتين} قال : المطمئنين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن عمرو بن أوس {وبشر المخبتين} قال : المخبتون الذين لا يظلمون الناس واذا ظلموا لم ينتصروا.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه {وبشر المخبتين} قال : المتواضعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وبشر المخبتين} قال : الوجلين.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان اذا رأى الربيع بن خثيم قال : {وبشر المخبتين} وقال له : ما رأيتك إلا ذكرت المخبتين.
- قوله تعالى : الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} عند ما يخوفون {والصابرين على ما أصابهم} من البلاء والمصيبات {والمقيمي الصلاة} يعني إقامتها بأداء ما استحفظهم الله فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {والبدن} خفيفة.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : لا نعلم البدن إلا من الابل والبقر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ذات الخف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ذات البدن من الابل والبقر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : ليس البدن إلا من الإبل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الكريم قال : اختلف عطاء والحكم فقال عطاء البدن من الابل والبقر ، وقال الحكم : من الابل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : البدن البعير والبقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : البدن من البقر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن يعقوب الرياحي عن أبيه قال أوصى الي رجل وأوصى ببدنة فأتيت ابن عباس - رضي الله عنهما - فقلت له : ان رجلا أوصى الي وأوصى الي ببدنة فهل تجزى ء عني بقرة قال : نعم ، ثم قال : ممن صاحبكم فقلت : من بني رياح ، قال : ومتى تقتني ، اقتنى بنو رياح البقر إلى الإبل [ ]

وهو صاحبكم وانما البقر للاسد وعبد القيس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : انما سميت البدن من قبل السمانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله {لكم فيها خير} قال : هي البدنة ، ان احتاج إلى ظهر ركب أو إلى لبن شرب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لكم فيها خير} قال : لكم أجر ومنافع للبدن.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قلنا يارسول الله ما هذه الضاحي قال : سنة أبيكم إبراهيم قال : فما لنا فيها يا رسول الله قال : بكل شعرة حسنة قالوا : فالصوف قال : بكل شعرة من

الصوف حسنة.
وأخرج ابن عدي والدار قطني والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد.
وأخرج الترمذي وحسنة ، وَابن ماجة والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله
عنها - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من هراقه دم وانها لتأتي يوم القيامة بقرونها واظلافها وأشعارها وان الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا.
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أب هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد سعة لان يصحي فلم يضح فلا يقربن مصلانا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : حج سعيد بن المسيب وحج معه ابن حرملة فاشترى سعيد كبشا فضحى به واشترى ابن حرملة بدنة بستة

دنانير فنحرها ، فقال له سعيد : اما كان لك فينا أسوة فقال : اني سمعت الله يقول : {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير} فاحببت ان آخذ الخير من حيث دلني الله عليه فاعجب ذلك ابن المسيب منه وجعل يحدث بها عنه.
وأخرج أبو نعيم الحلية عن ابن عيينة قال : حج صفوان بن سليم ومعه سبعة دنانير فاشترى بها بدنة فقيل له : ليس معك إلا سبعة دنانير تشتري بها بدنة فقال : اني سمعت الله يقول : {لكم فيها خير}.
وأخرج قاسم بن أصبغ ، وَابن عبد البر في التمهيد عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا أيها الناس ضحوا وطيبوا بها نفسا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يوجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة فان الدم ان وقع في التراب فانما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اعملوا قليلا تجزوا كثيرا.


وأخرج أحمد عن أبي الاشد السملي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن طاووس قال : ما أنفق الناس من نفقة أعظم أجرا من دم يهراق يوم النحر إلا رحما محتاجة يصلها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله {لكم فيها خير} قال : ان احتاج إلى اللبن شرب وان احتاج إلى الركوب ركب وان احتاج إلى الصوف أخذ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : قال رجل لابن عباس أيركب الرجل البدنة على غير مثقل قال : ويحلبها على غير مجهد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : يركب الرجل بدنته بالمعروف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا.
وأخرج ابن أبي شيبة عطاء رضي الله عنه : ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - رخص لهم أن يركبوها اذا احتاجوا اليها.
وأخرج مالك ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال : اركبها قال : انها بدنة ، قال : اركبها ويلك أو يحك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يسوق بدنة أو هدية فقال : اركبها فقال : انها بدنة - أو هدية ، قال : وان كانت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في الاضاحي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي ظبيان قال : سألت ابن عباس عن قوله {فاذكروا اسم الله عليها صواف} قال : اذا أردت أن تنحر البدنة فاقمها على ثلاث قوائم معقولة ثم قل : بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك.


وأخرج الفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {صواف} قال : قياما معقولة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر : أنه نحر بدنة وهي قائمة معقولة احدى يديها ، وقال : {صواف} كما قال الله عز وجل.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان رجلا أناخ بدنته وهو ينحرها فقال : ابعثها قيام مقيد سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يعقلون من البدنة اليسرى وينحروها قائمة على ما هي من قوائمها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه - أنه كان ينحرها وهي معقولة يدها اليمنى.


وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في الدنة كيف تنحر قال : تعقل يدها اليسرى وينحرها من قبل يدها اليمنى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد أنه كان يعقل يدها اليسرى اذا أراد أن ينحرها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : اعقل أي اليدين شئت.
وأخرج ابن الانباري في المصاحف والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما : إنه كان يقرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن).
وأخرج ابن الانباري عن مجاهد في قوله (صوافن) قال : معقولة على ثلاثة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الانباري عن قتادة قال : كان عبد الله بن مسعود يقرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن) أي معقولة قياما.


وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ميمون بن مهران بن مهران قال : في قراءة ابن مسعود : (صوافن) . يعني : قياما.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه : أنه كان يقرأها (صوافن) قال : رأيت ابن عمر ينحر بدنته وهي على ثلاثة قوائم قياما معقولة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : من قرأها (صوافن) قال : معقولة ، ومن قرأها {صواف} قال : يصف بين يديها ، ولفظ عَبد بن حُمَيد من قرأها {صواف} فهي قائمة مضمومة يديها ، ومن قرأها (صوافن) قياما معقولة ولفظ ابن أبي شيبة الصواف على أربع والصوافن على ثلاثة.
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرأها {صواف} قال : خاصلة ، لله تعالى قال : كانوا يذبحونها لاصنامهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافي) بالياء منتصبة ، وقال : خالصة لله من الشرك

لانهم كانوا يشركون في الجاهلية اذا نحروها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {فإذا وجبت} قال : سقطت على جنبها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فإذا وجبت} قال نحرت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {فإذا وجبت جنوبها} قال : اذا سقطت إلى الأرض.
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله ابن قرط قال : قدم إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بدنات خمس أو ست فطفقن يزدلفن اليه بأيتهن يبدأ فلما وجبت جنوبها قال : من شاء اقتطع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر انه : كان يطعم من بدنه قبل أن يأكل منها ويقول : {فكلوا منها وأطعموا} هما سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا لا يأكلون من شيء جعلوه لله ثم رخص لهم أن يأكلوا من الهدي والاضاحي وأشباهه.


وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد ولا مما جعل للمساكين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : لا يؤكل من النذر ولا من الكفارة ولا مما جعل للمساكين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان نطعم من الضحايا الجار والسائل والمتعفف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر : انه كان بمنى فتلا هذه الآية {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} وقال : لغلام معه هذه القانع الذي يقنع بما آتيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القانع المتعفف والمعتر السائل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس القانع الذي يقنع بما أوتي والمعتر الذي يعترض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القانع الذي يجلس في بيته.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس : ان نافع بن الازرق قال له :

اخبرني عن قوله {القانع والمعتر} قال : القانع الذي يقنع بما عطي والمعتر الذي يعتر من الابواب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : على مكثريهم حق من يعتريهم * وعند المقلين السماحة والبذل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس انه سئل عن هذه الآية قال : أما القانع فالقانع بما أرسلت اليه في بيته ، والمعتر الذي يعتريك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : القانع الذي يسأل والمعتر الذي يعترض لولا يسأل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : القانع السائل الذي يسأل ثم أنشد قول الشاعر : لمال المرء يصلحه فيبقى * معاقره أعف من القنوع

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : القانع الذي يقنع اليك بما في يديك والمعتر الذي يتصدى اليك لتطعمه ، ولفظ ابن أبي شيبة والمعتر الذي يعتريك ويريك نفسه ولا يسألك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : القانع الطامع بما قبلك ولا يسألك والمعتر الذي يعتريك ولا يسألك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : القانع الذي يسأل فيعطى في يديه والمعتر الذي يعتر فيطوف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : القانع أهل مكة ، والمعتر سائر الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : القانع السائل والمعتر معتر البدن.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : البائس الذي يسأل بيده اذا سأل والقانع الطامع الذي يطمع في ذبيحتك من جيرانك ، والمعتر الذي

يعتريك بنفسه ولا يسألك يتعرض لك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن القاسم بن أبي بزة أنه سئل عن هذه الآية ما الذي آكل وما الذي أعطي القانع والمعتر قال : اقسمها ثلاثة أجزاء ، قيل : ما القانع قال : من كان حولك ، قيل : وان ذبح قال : وان ذبح ، والمعتر : الذي يأتيك ويسألك.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كان المشركون اذا ذبحوا
استقبلوا الكعبة بالدماء فينضحون بها نحو الكعبة ، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فأنزل الله {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها ، فقال : أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنحن أحق أن ننضح ، فأنزل الله {لن ينال الله لحومها}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : النصب ليست بأصنام الصنم يصور وينقش وهذه حجارة تنصب ثلثمائة وستون حجرا فكانوا اذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من البيت وشرحوا اللحم وجعلوه على الحجارة ، فقال المسلمون : يا رسول الله كان أهل الجاهلية يعظمون البيت

بالدم فنحن أحق أن نعظمه ، فكأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - لم يكره ما قالوا ، فنزلت {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {لن ينال الله} قال : لن يرفع إلى الله {لحومها ولا دماؤها ولكن} نحر البدن من تقوى الله وطاعته ، يقول : يرفع إلى الله منكم : الأعمال الصالحة والتقوى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم {ولكن يناله التقوى منكم} قال : ما التمس به وجه الله تعالى.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {ولكن يناله التقوى منكم} يقول : ان كانت من طيب وكنتم طيبين وصل الي أعمالكم وتقبلتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {ولتكبروا الله على ما هداكم} قال : على ذبحها في تلك الأيام.
وأخرج الحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان نلبس أجود ما نجد وان نتطيب بأجود ما نجد وان نضحي بأسمن ما نجد والبقرة عن سبعة والجزور عن سبعة وان نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار والله أعلم.


- قوله تعالى : إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور.
أخرج عَبد بن حُمَيد عز عاصم أنه قرأ {إن الله يدافع} بالألف ورفع الياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} قال : والله ما يضيع الله رجلا قط حفظ له دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : ان الله لا يحب ، قال : لا يقرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن كفور يعني به الكفار.
- قوله تعالى : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير.
أخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما خرج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن القوم فنزلت {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية ، وكان ابن عباس يقرأها {آذن} قال أبو بكر : فعملت أنه

سيكون قتال ، قال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال : خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة إلى المدينة فاتبعهم كفار قريش فأذن لهم في قتالهم فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية ، فقاتلوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أن أول آية أنزلت في القتال حين ابتلى المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم ليفتنوهم عن الإسلام وأخرجوهم من ديارهم وتظاهروا عليهم فأنزل الله {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية ، وذلك حين أذن الله لرسوله بالخروج وأذن لهم بالقتال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن أبي هريرة قال : كانت أول آية نزلت في القتال {أذن للذين يقاتلون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أذن للذين يقاتلون} قال : أذن لهم في قتالهم بعدما عفى عنهم عشر سنين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أذن للذين

يقاتلون} قال النَّبِيّ : صلى الله عليه وسلم - وأصحابه {بأنهم ظلموا} يعني ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم من ديارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : أشرف عليهم عثمان من القصر فقال : ائتوني برجل قارى ء كتاب الله فأتوه بصعصعة بن صوحان فتكلم بكلام فقال : {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} فقال له عثمان : كذبت ليست لك ولا لأصحابك ولكنها لي ولأصحابي.
- قوله تعالى : الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور * وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس {الذين أخرجوا من ديارهم} أي من مكة إلى المدينة {بغير حق} يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عثمان بن عفان قال : فينا نزلت هذه الآية {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} والآية بعدها أخرجنا من ديارنا {بغير حق} ثم مكنا في الأرض فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر فهي لي ولأصحابي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ثابت بن

عوسجة الخضيري قال : حدثني سبعة وعشرون من أصحاب علي وعبد الله منهم لاحق بن الاقمر والعيزار بن جرول وعطية القرظي أن عليا قال : إنما نزلت هذه الآية في أصحاب محمد {ولولا دفع الله الناس} قال : لولا دفع الله بأصحاب محمد عن التابعين لهدمت صوامع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {ولولا دفع الله الناس} بغير الألف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {ولولا دفع الله الناس} ، قال : لولا القتال والجهاد.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية ، قال : دفع المشركون بالمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق وفيما يكون مثل هذا يقول : لولا هذا لهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لهدمت صوامع} ، قال : الصوامع التي تكون فيها الرهبان والبيع مساجد

اليهود وصلوات كنائس النصارى والمساجد مساجد المسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : البيع بيع النصارى وصلوات كنائس اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : صلوات كنائس اليهود يسمون الكنيسة صلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري أنه قرأ {وصلوات} قال : الصلوات دون الصوامع ، قال : وكيف تهدم الصلاة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية قال : البيع بيع النصارى والصلوات : بيع صغار للنصارى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : صوامع الرهبان وبيع النصارى وصلوات مساجد الصابئين : يسمونها بصلوات.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله !

{صوامع} قال : هي للصابئين وبيع للنصارى وصلوات كنائس اليهود ومساجد للمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية ، قال : الصوامع صوامع الرهبان وبيع كنائس وصلوات ومساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وصلوات أهل الإسلام تنقطع اذا دخل عليهم العدو ، تنقطع العبادة من المساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : {يذكر فيها اسم الله كثيرا} يعني في كل مما ذكر من الصوامع ، والصلوات والمساجد يقول : في كل هذا يذكر اسم الله ولم يخص المساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : هم الولاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله : {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : أرض المدينة {أقاموا الصلاة} قال : المكتوبة ، {وآتوا الزكاة} قال : المفروضة {وأمروا

بالمعروف} بلا اله إلا الله {ونهوا عن المنكر} قال : الشرك بالله {ولله عاقبة الأمور} قال : وعند الله ثواب ما صنعوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية ، قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الله وحده وعبادته لا شريك له وكان نهيهم أنهم نهوا عن عبادة الشيطان ، وعبادة الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {الذين إن مكناهم في الأرض} قال : هذا شرط الله على هذه الأمة والله أعلم.
- قوله تعالى : فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمه فهي خاويه على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {فهي خاوية على عروشها} قال : خربة ليس فها أحد {وبئر معطلة} قال : عطلها أهلها وتركوها {وقصر مشيد} قال شيدوه وحصنوه فهلكوا وتركوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وبئر معطلة} قال : التي تركت لا أهل لها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقصر مشيد} قال : هو المجصص.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله : {وقصر مشيد} قال : شيد بالجص والآجر ، قال : وهل تعرف

العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول : شاده مرمرا وجلله * كلسا فللطير في ذراه وكور.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {وقصر مشيد} قال : بالقصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق عن عطاء {وقصر مشيد} قال : مجصص.
- قوله تعالى : أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أوآذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر عن ابن دينار قال : أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن اتخذ نعلين من حديد وعصا ثم سح في الأرض فاطلب الآثار والعبر حتى تحفوا النعلان وتنكسر العصا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {فإنها لا تعمى الأبصار} قال : ما هذه الأبصار التي في الرؤوس فانها جعلها الله منفعة وبلغة وأما البصر النافع فهو في القلب ، ذكر لنا أنها نزلت في عبد الله بن زائدة يعني ابن أم مكتوم.


وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نصر السجزي في الإبانة في شعب الايمان والديلمي في مسند الفردوس عن عبد الله بن جراد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس الأعمى من يعمى بصره ولكن الأعمى من تعمى بصيرته.
- قوله تعالى : ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون * وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمه ثم أخذتها وإلي المصير.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {ويستعجلونك بالعذاب} قال : قال ناس من جهلة هذه الأمة {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} قال : من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : ما طول ذلك اليوم على المؤمن إلا كما

بين الأولى والعصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة الآف سنة فقد مضى منها ستة آلاف.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأمل عن سعيد بن جبير قال : انما الدنيا جمعة من جمع الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين عن رجل من أهل الكتاب أسلم قال : {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام} {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} وجعل أجل الدنيا ستة أيام وجعل
الساعة في اليوم السابع فقد مضت الستة الأيام وأنتم في اليوم السابع فمثل ذلك مثل الحامل اذا دخلت في شهرها ففي أية ساعة ولدت كان تماما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن صفوان بن سلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الاغنياء من المسلمين بنصف يوم ، قيل : وما نصف اليوم قال خمسمائة عام وتلا {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق ضمير بن نهار قال : قال أبو هريرة يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الاغنياء بنصف يوم ، قلت : وما مقدار

نصف يوم قال : أو ما تقرأ القرآن {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
وأخرج أحمد في الزهد عن ضمير بن نهار عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وتلا {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى على جنازة فانصرف قبل أن يفرغ منها كان له قيراط فان انتظر حتى يفرغ منها كان له قيراطان والقيراط مثل أحد في ميزانه يوم القيامة ثم قال ابن عباس : حق لعظمة ربنا أن يكون قيراطه مثل أحد ويومه كألف سنة.
وأخرج ابن عدي والديلمي عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدنيا كلها سبعة أيام من أيام الآخرة وذلك قول الله {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}.
- قوله تعالى : قل ياأيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين * فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم.
أخرج بن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : اذا سمعت الله

يقول {ورزق كريم} فهي الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {معاجزين} في كل القرآن يعني بألف وقال : مشاقين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {معاجزين} قال مراغمين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن الزبير أنه كان يقرأ (والذين سعوا في آياتنا معجزين) يعني مثبطين.
وأخرج بن أبي حاتم عن عروة بن الزبير : أنه كان يعجب من الذين يقرأون هذه الآية {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : ليس معاجزين من كلام العرب إنما هي (معجزين) يعني مثبطين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {في آياتنا معاجزين} قال : مبطئين يبطئون الناس عن اتباع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : كذبوا بآيات الله وظنوا أنهم يعجزون الله ولن يعجزوه.
- قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد * وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخيت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم * ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم * الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الانباري في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : ان فيما أنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} ولا محدث فنسخت محدث والمحدثون : صاحب يس ولقمان وهو من آل فرعون وصاحب موسى.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : النَّبِيّ وحده الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق السدي عن أبي صالح قال : قام

رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال المشركون : ان ذكر آلهتنا بخير ذكرنا آلهته بخير ف {ألقى الشيطان في أمنيته} {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} النجم آية 19 إنهن لفي الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، قال : فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} ، فقال ابن عباس : ان أمنيته أن يسلم قومه.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ففرح المشركون بذلك وقالوا : قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل فقال : اقرأ علي ما جئتك به فقرأ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، فقال : ما أتيتك بهذا هذا من الشيطان ، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند صحيح عن

سعيد بن جبير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة النجم فلما بلغ هذا الموضع {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ، قالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا
ثم جاءه جبريل بعد ذلك قال : اعرض علي ما جئتك به ، فلما بلغ : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، قال له جبريل : لم آتك بهذا هذا من الشيطان فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بينما هو يصلي اذ نزلت عليه قصة آلهة العرب فجعل يتلوها فسمعه المشركون فقالوا : إنا نسمعه يذكر آلهتنا بخير فدنوا منه فبينما هو يتلوها وهو يقول : {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} القى الشيطان : ان تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ، فعلق يتلوها فنزل جبريل فنسخها ثم قال : {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} إلى قوله {حكيم}.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ومن طريق أبي بكر الهذلي وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه ومن طريق

سليمان التيمي عمن حدثه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم وهو بمكة فأتى على هذه الآية {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} فألقى الشيطان على لسانه : إنهن الغرانيق العلى ، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق يونس عن ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قرأ سورة النجم فلما بلغ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} قال : ان شفاعتهن ترتجى وسها رسول الله صلى الله عليه وسلم - ففرح المشركون بذلك فقال : إلا إنما كان ذلك من الشيطان فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} حتى بلغ {عذاب يوم عقيم} مرسل صحيح الإسناد.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : لما أنزلت سورة النجم وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقرنناه وأصحابه ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم فكان يتمنى كف أذاهم فلما أنزل الله سورة النجم قال : {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة

الأخرى} القى الشيطان
عندها كلمات حين ذكر الطواغيت فقال : وانهن لهن الغرانيق العلى وان شفاعتهن لهي التي ترتجى ، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنه فوقعت هاتان الكلمتان في قلب مشرك بمكة وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا : ان محمد قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه ، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر النجم سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة ، فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} ، فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين واشتدوا عليه ، وأخرجه البيهقي في الدلائل عن موسى بن عقبة ولم يذكر ابن شهاب.
وأخرج الطبراني عن عروة مثله سواء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا : جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناد من أندية قريش كثير أهله فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فيتفرقون عنه ، فأنزل الله عليه (والنجم اذا هوى) (النجم آية 1) فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة

الثالثة الأخرى} النجم آية 19 ، ألقى الشيطان كلمتين : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ، فتكلم بها ثم مضى فقرأ السورة كلها ثم سجد في آخر السورة وسجد القوم جميعا معه ورضوا بما تكلم به فلما أمسى أتاه جبريل فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال : ما جئتك بهاتين الكلمتين ، فقال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - افتريت على الله وقلت ما لم يقل ، فأوحى الله إليه {وإن كادوا ليفتنونك} إلى قوله (نصيرا) (الإسراء آية 73 - 75) فما زال مغموما مهموما من شأن الكلمتين حتى نزلت {وما أرسلنا من قبلك} ، فسري عنه وطابت نفسه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك : ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة أنزل عليه في آلهة العرب فجعل يتلو اللات والعزى ويكثر ترديدها فسمعه أهل مكة وهو يذكر آلهتهم ففرحوا بذلك ودنوا يسمعون فألقى الشيطان في تلاوته : تلك الغرانيق
العلى منها الشفاعة ترتجى فقرأها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كذلك فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك} إلى قوله {حكيم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية قال : قال المشركون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو ذكرت آلهتنا في قولك قعدنا معك فانه ليس معك إلا أراذل الناس وضعفاؤهم فكانوا اذا رأونا عندك تحدث الناس بذلك فأتوك ، فقام يصلي فقرأ {والنجم} حتى بلغ {أفرأيتم اللات

والعزى ومناة الثالثة الأخرى} تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى ومثلهن لا ينسى فلما فرغ من ختم السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون ، فبلغ الحبشة : ان الناس قد أسلموا فشق ذلك على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك} إلى قوله {عذاب يوم عقيم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : نزلت سورة النجم بمكة فقالت قريش : يا محمد إنه يجالسك الفقراء والمساكين ويأتيك الناس من أقطار الأرض فان ذكرت آلهتنا بخير جالسناك فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة {النجم} فلما أتى على هذه الآية {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} النجم آية 19 ألقى الشيطان على لسانه : وهي الغرانيق العلى شفاعتهن ترتجى ، فلما فرغ من السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون إلا أبا احيحة سعيد بن العاص فانه أخذ كفا من تراب فسجد عليها وقال : قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا بالحبشة : ان قريشا قد أسلمت فأرادوا أن يقبلوا واشتد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه ما ألقى الشيطان على لسانه فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند المقام اذ

نعس فألقى الشيطان على لسانه كلمة فتكلم بها وتعلق بها المشركون عليه فقال {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} فألقى الشيطان على لسانه ونعس وان شفاعتهم لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلى فحفظها المشركون وأخبرهم الشيطان : ان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها فذلت بها ألسنتهم فأنزل الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} ، فدحر الله الشيطان ولقن نبيه حجته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد : ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فألقى الشيطان على فيه أحكم آياته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى} النجم آية 19 - 23 فألقى الشيطان على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك إذن في الغرانيق العلى تلك إذن شفاعة ترتجى ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجزع فأوحى الله إليه {وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا} النجم آية 26 ثم أوحى اليه ففرج عنه {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى قوله {حكيم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : خرج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد ليصلي فبينما هو يقرأ اذ قال : {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}

فألقى الشيطان على لسانه فقال : تلك الغرانقة العلى وان شفاعتهن ترتجى حتى اذا بلغ آخر السورة سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به بين قطري مكة يقولون : نبي بني عبد مناف حتى اذا جاءه جبريل عرض عليه فقرأ ذينك الحرفين فقال جبريل معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا فاشتد عليه فأنزل الله يطيب نفسه {وما أرسلنا من قبلك}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} يقول : اذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إذا تمنى} يعني بالتمني التلاوة والقراءة {ألقى الشيطان في أمنيته} في تلاوة النَّبِيّ {فينسخ الله} ينسخ جبريل بأمر الله {ما يلقي الشيطان} على لسان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {إذا تمنى} قال : تكلم في أمنيته قال : كلامه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض} قال : المنافقون {والقاسية قلوبهم} يعني المشركين !

{وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق}
قال : القرآن {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه} قال : من القرآن {عذاب يوم عقيم} قال : ليس معه ليلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في {مرية منه} قال : مما جاء به الخبيث إبليس لا يخرج من قلوبهم زادهم ضلالة.
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : {عذاب يوم عقيم} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : أربع كن يوم بدر {أو يأتيهم عذاب يوم عقيم} ذاك يوم بدر {فسوف يكون لزاما} الفرقان آية 77 ذاك يوم بدر {يوم نبطش البطشة الكبرى} الدخان آية 16 ذاك يوم بدر {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} السجدة آية 21 ذاك يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {عذاب يوم عقيم} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد عذاب {يوم عقيم} قال : يوم القيامة لا ليلة له.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك مثله.
- قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سلمان الفارسي : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من مات مرابطا أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر وأجرى عليه الرزق
وأمن الفتانين وأقرأوا ان شئتم {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا} إلى قوله : {حليم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي : - انه كان برودس - فمروا بجنازتين : أحدهما قتيل والآخر متوفى ، فمال الناس على القتيل فقال فضالة : ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا فقالوا : هذا لقتيل في سبيل الله فقال : والله ما ابالي من أي حفرتيهما بعثت ، اسمعوا كتاب الله {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا}.


وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {مدخلا يرضونه} قال : الجنة.
- قوله تعالى : ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور * ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير * ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير * له ما في السموات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : {ذلك ومن عاقب} الآية ، قال : ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية في ليلتين بقيتا من المحرم فلقوا المشركين فقال المشركون بعضهم لبعض : قاتلوا أصحاب محمد فانهم يحرمون القتال في الشهر الحرام وان أصحاب محمد : ناشدوهم وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم فانهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا من بادئهم وان المشركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ذلك ومن عاقب} ، قال : تعاون المشركون على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فأخرجوه فوعد الله ان ينصره وهو في القصاص أيضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} قال : الشيطان.
- قوله تعالى : ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم * وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور.
أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : اذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف ان يسطو بك فقل : الله أكبر الله أكبر من خلقه جميعا الله أعز ممن أخاف وأحذر أعوذ

بالله الذي لا اله إلا هو الممسك السموات السبع ان يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأشياعه من الجن والانس إلهي كن لي جارا من شرهم جل شأنك وعز جارك وتبارك إسمك ولا اله غيرك ثلاث مرات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : {إن الإنسان لكفور} قال : يعد المصيبات وينسى النعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن {إن الإنسان لكفور} يعني به الكفار والله أعلم.
- قوله تعالى : لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم * وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامه فيما كنتم فيه تختلفون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الأمة ما بين الاربعين إلى المائة فصاعدا.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن علي بن الحسين {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال : ذبحا هم ذابحوه ، حدثني أبو رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اذا ضحى : اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فاذا خطب وصلى ذبح احدهما ثم يقول : اللهم

هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ ثم أتى بالآخر فذبحه وقال : اللهم هذا عن محمد وآل محمد ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله منهما ، فمكثنا سنتين قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد من بني هاشم يضحي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {هم ناسكوه} يعني هم ذابحوه {فلا ينازعنك في الأمر} يعني في أمر الذبائح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال ذبحا هم ذابحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {منسكا هم ناسكوه} قال : اهراقه دم الهدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا} قال : ذبحا وحجا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فلا ينازعنك في الأمر} قول أهل الشرك ، أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال.


وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال : إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال : دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح.
وأخرج ابن المنذر عن جريج {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.
- قوله تعالى : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام وقال : للقلم - قبل ان يخلق الخلق وهو على العرش - اكتب قال : ما أكتب قال : علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع {إن ذلك} العلم {في كتاب} يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل ان يخلق السموات والارضين {إن ذلك على الله يسير} يعني هين.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه : ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : سيفتح الله على أمتي بابا من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء ويكفيكم من ذلك أن تقولوا : {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}.


وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعا مثله مرسلا.
- قوله تعالى : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يكادون يسطون} قال : يبطشون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {يكادون يسطون} قال : يبطشون ، كفار قريش والله أعلم.
- قوله تعالى : ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} قال : نزلت في صنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه {ضعف الطالب} آلهتكم {والمطلوب} الذباب.


وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : {لن يخلقوا ذبابا} يعني الصنم لا يخلق ذبابا {وإن يسلبهم الذباب شيئا} يقول : يجعل للاصنام طعام فيقع عليه الذباب فيأكل منه فلا يستطيع ان يستنقذه منه ثم رجع إلى الناس والى الاصنام {ضعف الطالب} الذي يطلب إلى هذا الصنم الذي لا يخلق ذبابا ولا يستطيع ان يستنقذ ما سلب منه وضعف {والمطلوب} اليه ، الذي لا يخلق ذبابا ولا يستنقذ ما سلب منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {إن الذين تدعون من دون الله} إلى قوله : {لا يستنقذوه منه} قال : الأصنام ، ذلك الشيء من الذباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه - في قوله : {ما قدروا الله حق قدره} قال : حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الايمان عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال : قال سلمان دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب ، قالوا : وما الذباب فرأى ذبابا على ثوب انسان فقال : هذا الذباب ، قالوا : وكيف ذلك قال : مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لهما : قربا

لصنمنا قربانا ، قالاك لا نشرك بالله شيئا ، قالوا : قربا ما شئتما ولو ذبابا ، فقال أحدهما لصاحبه : ما ترى قال أحدهما : لا أشرك بالله شيئا ، فقتل فدخل الجنة ، فقال الآخر : بيده على وجهه فاخذ ذبابا فالقاه على الصنم فخلوا سبيله فدخل النار.
- قوله تعالى : الله يصطفي من الملائكه رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور * ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رصي الله عنه في الآية قال : الذي {يصطفي} من الناس هم الانبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ان الله اصطفى موسى بالكلام وابراهيم بالخلة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : موسى بن عمران صفي الله.
وأخرج البغوي في معجمه والباوردي ، وَابن قانع والطبراني ، وَابن عساكر عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد المدينة فجعل يقول : اين فلان أين فلان فلم يزل يتفقدهم وينصب

اليهم حتى اجتمعوا عنده فقال : اني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم ان الله اصطفى من خلقه خلقا ثم تلا هذه الآية {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} خلقا يدخلهم الجنة واني مصطف منكم من أحب أن اصطفيه ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر ، فقام فجثا بين يديه ، فقال : ان لك عندي يدا ان الله يجزيك بها فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي وحرك قميصه بيده ، ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : كنت شديد الثغب علينا ابا حفص فدعوت الله ان يعز الدين بك أو بأبي جهل ففعل الله ذلك لك وكنت أحبهما الي فانت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة ، ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان بن عفان فقال : ادن يا عثمان ادن يا عثمان فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نظر اليه ثم نظر إلى السماء فقال : سبحان الله العظيم ثلاث مرات ثم نظر إلى عثمان فاذا ازراره محلولة فزرها رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بيده ثم قالك اجمع عطفي ردائك على نحرك فان لك شأنا في أهل السماء أنت ممن يرد علي

الحوض وأوداجه تشخب دما فاقول من فعل هذا بك فتقول فلان ، وذلك كلام جبريل وذلك اذا هتف من السماء : إلا ان عثمان أمير على كل خاذل ، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال : ادن ياأمين الله والامين في السماء يسلط الله على مالك بالحق أما ان لك عندي دعوة وقد أخرتها ، قالك خر لي يا رسول الله ، قال : حملتني يا عبد الرحمن أمانة أكثر
الله مالك ، وجعل يحرك يده ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان ثم دخل طلحة والزبير فقال : ادنوا مني فدنوا منه فقال : أنتما حواري كحواري عيسى بن مريم ، ثم آخى بينهما ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال : يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، ثم آخى بينهما ثم دعا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال : يا سلمان أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الاول والعلم الإخر والكتاب الاول والكتاب الآخر ، ثم قال إلا أنشدك يا أبا الدرداء قال : بلى يا رسول الله ، قال : ان تنقدهم ينقدوك وان تتركهم لا يتركوك وان تهرب منهم يدركوك فاقرضهم

عرضك ليوم فقرك ، فآخى بينهما ثم نظر في وجوه أصحابه فقال : ابشروا وقروا عينا فانتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف ، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال : الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي : يا رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت باصحابك غيري فان كان من سخط علي فلك العتبى والكرامة ، فقال : والذي بعثني بالحق وما أخرتك إلا لنفسي فانت عندي بمنزلة هرون من موسى ووارثي ، فقال : يا رسول الله ما أرث منك قال : ما ورثت الانبياء ، قال : وما ورثت الانبياء قبلك قال : كتاب الله وسنة نبيهم وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه ، الآية {إخوانا على سرر متقابلين} ، الاخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {يا أيها الذين آمنوا اركعوا} ، قال انما هي أدب وموعظة.
- قوله تعالى : وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير
أخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال لي عمر ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ {وجاهدوا في الله حق جهاده} في آخر الزمان كما جاهدتم في

أوله قلت : بلى ، فمتى هذا يا أمير المؤمنين قال : اذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء ، وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ، قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف فذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : جاهدوا عدو محمد حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : ان الرجل ليجاهد في الله حق جهاده وما ضرب بسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} يعني العمل أن يجتهدوا فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : يطاع فلا يعصى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال : لا تخافوا في الله لومة لائم {هو اجتباكم} قال : استخلصكم.
وأخرج ابن مردويه عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله عنها - انها سألت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الإية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال : من ضيق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد قال : قال أبو هريرة لابن عباس أما علينا في الدين من حرج في أن نسرق أو نزني قال : بلى ، قال : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال : الاصر الذي كان على بني اسرائيل وضع عنكم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب ان ابن عباس كان يقول : في
قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} توسعة الإسلام ما جعل الله من التوبة ومن الكفارات.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عثمان بن بشار عن ابن عباس {وما جعل عليكم في الدين من

حرج} قال : هذا في هلال رمضان اذا شك فيه الناس وفي الحج اذا شكوا في الهلال وفي الأضحى وفي الفطر وفي أشباهه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير أن ابن عباس سئل عن الحرج فقال : ادعوا لي رجلا من هذيل فجاءه فقال : ما الحرج فيكم فقال : الحرجة من الشجر التي ليس لها مخرج ، فقال ابن عباس : هذا الحرج الذي ليس له مخرج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عبيد الله بن أبي يزيد ان ابن عباس سئل عن الحرج فقال : ههنا احد من هذيل فقال رجل : أنا ، فقال : ما تعدون الحرجة فيكم قال : الشيء الضيق ، قال : هو ذاك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الحرج الضيق لم يجعله ضيقا ولكنه جعله واسعا أحل لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع {وما ملكت أيمانكم} {حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير}.


وأخرج محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات ، وَابن عساكر عن ابن شهاب قال : سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله عن هذه الآية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} فقال علي بن عبد الله : الحرج الضيق جعل الله الكفارات مخرجا من ذلك ، سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال : قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} ثم قال : ادعوا لي رجلا من بني مدلج ، قال عمر : ما الحرج فيكم قال : الضيق.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : غاب عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج فلما خرج سجد سجدة فظننا أن نفسه قد قبضت فلما رفع رأسه قال : ان ربي عز وجل إستشارني في أمتي ماذا أفعل بهم
فقلت : ما شئت أي رب هم خلقك وعبادك فاستشارني الثانية فقلت له كذلك فقال : لا أخزيك في أمتك يا محمد وبشرني : ان أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب ، ثم أرسل الي ادع تجب وسل تعط فقلت لرسوله : أو معطي ربي سؤلي قال :

ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخروأنا أمشي حياء وأعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلبوأعطاني الكوثر فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا وأعطاني : أني أول الانبياء أدخل الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة وأحل لنا كثيرا ممن شدد على من قبلنا ولم يجعل علينا من حرج فلم أجد لي شكرا إلا هذه السجدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله : {وما جعل عليكم في الدين من حرج} يقول : لم يضيق الدين عليكم ولكن جعله واسعا لمن دخله وذلك أنه ليس مما فرض عليهم فيه إلا ساق اليهم عند الاضطرار رخصة والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم رحمة منه اذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات وجعلها في السفر ركعتين وعند الخوف من العدو ركعة ثم جعل في وجهة رخصة ان يوميء إيماء ان لم يستطيع السجود في أي نحو كان وجهه لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ وجعل في الوضوء والغسل

رخصة اذا لم يجد الماء ان يتيمموا الصعيد وجعل الصيام على المقيم واجبا ورخص فيه للمريض والمسافر عدة من أيام أخر فمن لم يطق فإطعام مسكين مكان كل يوم وجعل في الحج رخصة ان لم يجد زادا أو حملانا أو حبس دونه وجعل في الجهاد رخصة ان لم يجد حملانا أو نفقة وجعل عند الجهد والاضطرار من الجوع : ان رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر ما يرد نفسه لا يموت جوعا في أشباه هذا في القرآن وسعة الله على هذه الأمة رخصة منه ساقها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : {ملة أبيكم إبراهيم} قال : دين أبيكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {هو سماكم المسلمين من قبل} قال الله عز وجل {سماكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {سماكم المسلمين من قبل} قال الكتب كلها وفي الذكر {وفي هذا} قال : القرآن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : {هو سماكم} قال الله {سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} أي في

كتابكم : {ليكون الرسول شهيدا عليكم} أنه قد بلغكم {وتكونوا شهداء على الناس} ان رسلهم قد بلغتهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {من قبل} قال : في التوراة والإنجيل {وفي هذا} قال : القرآن {ليكون الرسول شهيدا عليكم} قال : بأعمالكم {وتكونوا شهداء على الناس} قال : على الأمم بأن الرسل قد بلغتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : لم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة ذكرت بهما جميعا ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : {هو سماكم المسلمين} قال إبراهيم : ألا ترى إلى قوله {ربنا واجعلنا مسلمين لك} الآية : كلها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وَابن حبان والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي والموصلي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والباوردي ، وَابن قانع والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن الحارث الاشعري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من دعا بدعوى الجاهلية فانه من جثاء جهنم قال رجل : يا رسول الله وان صام وصلى قال : نعم ، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين

والمؤمنين عباد الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال : تسموا باسمائكم التي سماكم الله بها : بالحنيفية والإسلام والايمان.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحاق بن راهوية في مسنده عن مكحول : ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال : تسمى الله بأسمين سمى بهما أمتي : هو السلام وسمى أمتي المسلمين وهو المؤمن وسمى أمتي المؤمنين والله تعالى أعلم.
*

بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة المؤمنون.
مكية وآياتها ثماني عشرة ومائة.
مقدمة سورة المؤمنون.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة المؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق والشافعي وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن خزيمة والطحاوي ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن ثابت قال صلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : بمكة الصبح فاستفتح سورة المؤمنين حتى اذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع.
- قد أفلح المؤمنون.
أخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر والعقيلي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال : كان اذا انزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي

يسمع عند وجهه كدوي النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرض عنا وأرضنا ثم قال : لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ {قد أفلح المؤمنون} حتى ختم العشر.
وأخرج البخاري في الادب المفرد والنسائي ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة كيف كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كان خلقه القرآن ، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنون {قد أفلح المؤمنون} فقرأ حتى بلغ العشر فقالت : هكذا كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج ابن عدي والحاكم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده وقال لها : تكلمي ، فقالت {قد أفلح المؤمنون}.
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه من حديث ابن عباس مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {قد أفلح المؤمنون} قال : قال كعب : لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة ، خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس جنة عدن بيده ثم قال : تكلمي ، فقالت : {قد أفلح المؤمنون} لما علمت فيها من الكرامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لما غرس الله الجنة نظر اليها فقال : {قد أفلح المؤمنون}.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : لما خلق الله الجنة قال {قد أفلح المؤمنون} وأنزل الله به قرآنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {قد أفلح المؤمنون} يعني : سعد المصدقون بتوحيد الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن طلحة بن مصرف أنه كان يقرأ {قد أفلح المؤمنون} برفع أفلح.


وأخرج عن عاصم أنه قرأ بنصب (أفلح).
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله {قد أفلح المؤمنون} قال : فازوا وسعدوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد ، فاعقلي ان كنت ما تعقلي * ولقد أفلح من كان عقل.
- قوله تعالى : الذين هم في صلاتهم خاشعون.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد ابن سيرين قال : نبئت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اذا صلى يرفع بصره إلى السماء فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في مراسيله ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من وجه آخر عن ابن سيرين قال : كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اذا قام في

الصلاة نظر هكذا وهكذا يمينا وشمالا فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فحنى رأسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد ابن سيرين قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ويلتفتون يمينا وشمالا فأنزل الله {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} فقالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة ولم يلتفتوا يمينا ولا شمالا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربما ينظر إلى الشيء في الصلاة فرفع بصره حتى نزلت آية ان لم تكن هذه فلا أدري ما هي {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فوضع رأسه.
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان أذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فطأطأ رأسه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : كانوا اذا قاموا في الصلاة اقبلوا على صلاتهم وخفضوا

أبصارهم إلى موضع سجودهم وعلموا ان الله يقبل عليهم فلا يلتفتون يمينا لولا شمالا.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي أنه سئل عن قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : الخشوع في القلب وان تلين كنفك للمرء المسلم وان لا تلتفت في صلاتك.
وأخرج ابن جرير وان المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : خائفون ساكنون.
وأخرج الحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعوذوا بالله من خشوع النفاق ، قالوا يا رسول الله وما خشوع النفاق قال : خشوع البدن ونفاق القلب.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : استعيذوا بالله من خشوع النفاق ، قيل له : وما خشوع النفاق قال : ان

ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : الخشوع في القلب هو الخوف وغض البصر في الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : الخشوع في القلب ، وقال : ساكتون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : كان خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك أبصارهم وخفضوا لذلك الجناح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الزهري {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال : هو سكون المرء في صلاته.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الخشوع في الصلاة السكوت فيها.


وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير ، أنه كان يقوم للصلاة كأنه عود وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل ذلك ، وقال مجاهد : هو الخشوع في الصلاة.
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان والدة عائشة قالت : رآني أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي فزجرني زجرة كدت أنصرف من صلاتي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول اذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل اليهود فان سكون الاطراف في الصلاة من تمام الصلاة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى رجلا يعبث بحليته في صلاته فقال : لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه.
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة قال : سألت مسلم بن يسار عن الخشوع في الصلاة فقال : تضع بصرك حيث تسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس

يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه (اقعدوني اقعدوني فان عندي وديعة أودعتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يلتفت أحدكم في صلاته فان كان لا بد فاعلا ففي غير ما افترض الله عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة من طريق عطاء قال سمعت أبا هريرة يقول : اذا صليت فان ربك امامك وأنت مناجيه فلا تلتفت ، قال عطاء : وبلغني ان الرب يقول : يا ابن آدم إلى من تلتفت أنا خير لك ممن تلتفت إليه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : اياكم والالتفاف في الصلاة فانه لا صلاة للمتلفت واذا غلبتم على تطوع فلا تغلبوا على المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ان الله لا يزال مقبلا على العبد
ما دام في صلاته ما لم يحدث أو يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن منقذ قال : اذا قام الرجل إلى

الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فاذا التفت أعرض عنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : اذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ما لم يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : ان من تمام الصلاة ان لا تعرف من عن يمينك ولا من عن شمالك.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير بن عوف بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى السماء يوما فقال : هذا أوان ما يرفع العلم فقال له رجل من الأنصار يقال له ابن لبيد : يا رسول الله كيف يرفع وقد أثبت في الكتب ووعته القلوب فقال : ان كنت لا حسبك من أفقه أهل المدينة ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله قال : فلقيت شداد بن أوس فحدثته فقال : صدق عوف إلا أخبرك بأول ذلك ، قلت : بلى قال : الخشوع حتى لا ترى خاشعا.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال كنا

مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد : يا رسول الله وكيف يختلس العلم منا وقد قرأنا القرآن فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وابناءنا فقال : ثكلتك أمك يا زياد ان كنت لا عدك من فقهاء أهل المدينة هذا التوراة والانجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم فلقيت عبادة بن الصامت فقلت له : ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء وأخبرته ، فقال صدق وان شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس الخشوع ، يوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلا خاشعا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحاكم وصححه عن حذيفة قال : أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ولتنقضن عرا الإسلام عروة عروة وليصلين النساء وهن حيض ولتسلكن طريق من كان قبلكم حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل لا تخطو طريقهم ولا تخطى ء بكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول احداهما : ما بال الصلاة الخمس لقد ضل من كان قبلنا إنما قال الله {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} هود ، الآية 114 لا تصلوا إلا ثلاثا ، وتقول الأخرى : إنما المؤمنون بالله
كإيمان الملائكة لا فينا كافر ولا منافق حق على الله أن يحشرها مع الدجال.


وأخرج أحمد عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم ، وَابن ماجة ، عَن جَابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس بن مالك ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد في ذلك حتى قال : لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لينتهين أقوام

يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : أما يخشى أحدكم اذا رفع بصره إلى السماء أن لا يرجع إليه بصره يعني وهو في الصلاة.
- قوله تعالى : والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين هم عن اللغو معرضون} قال : الباطل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {والذين هم عن اللغو} قال : عن المعاصي.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة في قوله {والذين هم عن اللغو معرضون} قال : أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن الباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {والذين هم للزكاة فاعلون} يعني : الأموال {والذين هم لفروجهم حافظون} يعني : الفواحش {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} يعني ، ولا ئدهم !

{فإنهم غير ملومين} قال :
لا يلومون على جماع أزواجهم وولائدهم {فمن ابتغى وراء ذلك} يعني ، فمن طلب الفواحش بعد الازواج والولائد طلب ما لم يحل {فأولئك هم العادون} يعني : المعتدين في دينهم {والذين هم لأماناتهم} يعني ، بهذا ما ائتمنوا عليه فيما بينهم وبين الناس {وعهدهم} قال : يوفون العهد {راعون} قال : حافظون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إلا على أزواجهم} يعني ، إلا من امرأته {أو ما ملكت أيمانهم} قال : أمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : كل فرج عليك حرام إلا فرجين ، قال الله {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} يقول : من تعدى الحلال أصابه الحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الرحمن في قوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} قال : الزنا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة قال : سئلت عائشة عن متعة النساء فقالت : بيني وبينكم كتاب الله

وقرأت {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا.
وأخرج عبد الرزاق عن وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمدأنه سئل عن المتعة فقال : اني لا أرى تحريمها في القرآن ثم تلا {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال : تسرت امرأة غلاما لها فذكرت لعمر رضي الله عنه فسألها : ما حملك على هذا فقالت : كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجل من ملك اليمين ، فاستشار عمر رضي الله عنه فيها أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : تأولت كتاب الله على غير تأويله ، فقال عمر : لا جرم والله لا أحلك لحر بعده أبدا ، كأنه عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها وأمر العبد أن لا يقربها.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول : حضرت عمر ابن عبد العزيز جاءته امرأة من العرب بغلام لها رومي فقال : إني استسريته فمنعني بنو عمي وإنما أنا يمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها فأبى علي بنو عمي فقال لها عمر : أتزوجت قبله قالت : نعم ، قال : أما والله لولا منزلتك من

الجهالة
لرجمتك بالحجارة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أحلت جاريتها لزوجها فقال : لا يحل لك أن تطأ فرجا إلا فرجا ان شئت بعت وان شئت وهبت وان شئت أعتقت.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن وهب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : ان أمي كانت لها جارية وانه أحلتها ألي أطوف عليها ، فقال : لا تحل لك ألا أن تشتريها أو تهبها لك.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : اذا أحلت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته له جاريتها فليصبها وهي لها.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس أنه قال : هو أحل من الطعام فان ولدت فولدها للذي أحلت له وهي لسيدها الأول.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وأبيه والمرأة لزوجها ولقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه.


وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : الفرج لا يعار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : لا يعار الفرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : أي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : ماكان في القرآن {يحافظون} فهو على مواقيت الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : ان الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن {الذين هم على صلاتهم دائمون} المعارج الآية 23 {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : ذاك على مواقيتها ، قالوا ما كنا نرى ذلك إلا على تركها ، قال : تركها الكفر.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله {والذين هم على صلواتهم يحافظون} قال : المكتوبة ، والذي في سأل التطوع.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {والذين هم على صلاتهم يحافظون} قال : على المكتوبة.
- قوله تعالى : أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله {الوارثون} قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار ، فاذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله {أولئك هم الوارثون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس أن الربيع بنت النضر أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابنها الحارث بن سراقة أصيب يوم بدر أصابه سهم غرب فقالت : اخبرني عن حارثة فان كان أصاب الجنة احتسبت وصبرت وان كان لم يصب الجنة اجتهدت في

الدعاء فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا أم حارثة انها جنان في جنة وان ابنك أصاب الفردوس الاعلى والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها.
- قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفه علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال بدء آدم خلق من طين {ثم جعلناه نطفة} قال : ذرية آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال : هو الطين اذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة}
قال : استل استلالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من سلالة} قال : السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {من سلالة}

قال : من مني آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : الانسان خلق من طين وإنما تلين القلوب في الشتاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : ان النطفة اذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر فتمكث أربعين يوما ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة.
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعا النطفة التي يخلق منها الولد ترعد لها الاعضاء والعروق كلها اذا خرجت وقعت في الرحم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : سألنا ابن عباس عن العزل فقال : اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني واخبروني فسألوا ثم اخبروه أنهم قالوا أنها المؤودة الصغرى وتلا هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة} حتى فرغ منها ثم قال : كيف تكون من الموؤدة حتى تمر على هذه الخلق.


وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عزل النساء فقال : ذلك الوأد الخفي.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال في العزل : هي الموؤدة الخفيه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما}.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما}.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (فخلقنا المضغة عظما) بغير ألف (فكسونا العظام) على واحده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : نفخ فيه الروح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : جعل فيه الروح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد وعكرمة مثله.
وأخرج عبد حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : حين استوى به الشباب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال :

الاسنان والشعر قيل أليس قد يولد وعلى رأسه الشعر قال : فأين العانة والابط.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : نزلت هذه الآية على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال عمر {فتبارك الله أحسن الخالقين} فقال والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت يا عمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قال عزير : يا رب أمرت الماء فجمد في وسط الهواء فجعلت منه سبعا وسميتها السموات ثم أمرت الماء ينفتق على التراب وأمرت التراب أن يتميز من الماء فكان كذلك فسميت ذلك جميع الارضين وجميع الماء البحار ثم خلقت من الماء أعمى عين بصرته ومنها أصم آذان أسمعته ومنها ميت أنفس أحييته خلقت ذلك بكلمة واحدة منها ما عيشه الماء ومنها ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في الاجسام والألوان جنسته أجناسا وزوجته أزواجا وخلقت أصنافا والهمته الذي خلقته ثم خلقت من التراب والماء دواب الأرض

وما شيتها وسباعها {فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} النور الآية 45 ومنهم العظم الصغير ثم وعظته بكتابك وحكمتك ثم قضيت عليه الموت لا محالة ، ثم أنت تعيده كما بدأته وقال عزير : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد فجاء على مشيئتك مختلفا أكله ولونه وريحه وطعمه ومنه الحلو ومنه الحامض والمر والطيب ريحه والمنتن والقبيح والحسن وقال عزير : يا رب انما نحن خلقك وعمل يديك خلقت أجسادنا في أرحام أمهاتنا وصورتنا كيف تشاء بقدرتك ، جعلت لنا أركانا وجعلت فيها عظاما وفتقت لنا أسماعا وأبصارا ثم جعلت لنا في تلك الظلمة نورا وفي ذلك الضيق سعة وفي ذلك الفم روحا ثم هيأت لنا من فضلك رزقا متفاوتا على مشيئتك لم
تأن في ذلك مؤنة ولم تعي منه نصبا كان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك ولايسمع فيه

صوت إلا سمعك ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا يختلفنا بأمرك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله آدم كما شاء ومما شاء فكان كذلك {فتبارك الله أحسن الخالقين} خلق من التراب والماء فمنه شعره ولحمه ودمه وعظامه وجسده فذلك بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم ثم جعلت فيه النفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب ويتقي ما تتقي ثم جعلت فيه الروح فبه عرف الحق من الباطل والرشد من الغي وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر الامور كلها فمن التراب يبوسته ومن الماء رطوبته فهذا بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم كما أحب أن يكون ثم جعلت فيه من هذه الفطر الأربع أنواعا من الخلق أربعة في جسد ابن آدم فهي قوام جسده وملاكه باذن الله وهي : المرة السوداء والمرة الصفراء والدم والبلغم فيبوسته وحرارته من النفس ومسكنها في الدم وبرودته من قبل الروح ومسكنه في

البلغم فاذا اعتدلت هذه الفطر في الجسد فكان من كل واحد ربع كان جسدا كاملا وجسما صحيحا او ان كثر واحد منها على صاحبه قهرها وعلاها وأدخل عليها السقم من ناحيته وان قل عنها وأخذ عنها غلبت عليه وقهرته ومالت به وضعفت عن قوتها وعجزت عن طاقتها وأدخل عليها السقم من ناحيته فالطبيب العالم بالداء يعلم من الجسد حيث أتى سقمه أمن نقصان أم من زيادة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : اذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك فنفخ فيها الروح في الظلمات الثلاث فذلك قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يعني نفخ الروح فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يقول : خرج من بطن أمه بعد ما خلق فكان من بدء خلقه الآخر ان استهل ثم كان من خلقه ان دله على ثدي أمه ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد إلى أن حبا إلى أن قام على رجليه إلى أن مشى إلى أن فطم تعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام إلى أن بلغ الحلم إلى أن بلغ أن

يتقلب في البلاد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال : يقول
بعضهم هو نبات الشعر وبعضهم يقول : هو نفخ الروح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال : عيسى بن مريم يخلق.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي حاتم وان مردويه ، وَابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع ، قلت : يا رسول الله لو صليت خلف المقام ، فانزل الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} البقرة الآية 125 وقلت : يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا فانه يدخل عليك البر والفاجر ، فأنزل الله {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} الأحزاب الآية 53 وقلت : لازواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن ، فأنزلت {عسى ربه إن طلقكن} التحريم الآية 5 ، ونزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} ، إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} فقلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.


وأخرج ابن راهويه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {خلقا آخر} فقال معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ : ما اضحكك يا رسول الله قال : انها ختمت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال عمر : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين}.
- قوله تعالى : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق}

قال : السموات السبع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنا عن الخلق غافلين} قال : لو كان الله مغفلا شيئا أغفل ما تسفي الرياح من هذه الآثار يعني الخطا.
- قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون * فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون.
أخرج ابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ، سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم ، فذلك قوله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض} فاذا كان عند خروج ياجوج وماجوج أرسل الله جبريل فيرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر من ركن البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الانهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء ، فذلك قوله {وإنا على ذهاب به لقادرون} فاذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة.


وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عطاف قال : ان الله أنزل أربعة أنهار دجلة والفرات وسيحون وجيجون وهو الماء الذي قال الله {وأنزلنا من السماء ماء بقدر} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {فأنشأنا لكم به جنات} قال : هي البساتين.
- قوله تعالى : وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من طور سيناء} قال : هو الجبل الذي نودي منه موسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وشجرة تخرج} قال : هي الزيتون من طور

سيناء قال : جبل حسن {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال : جعل الله فيها دهنا وأدما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {من طور سيناء} قال : المبارك {تنبت بالدهن} قال : تثمر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس {وشجرة تخرج من طور سيناء} قال : هي الزيتون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وشجرة} قال : هي شجرة الزيتون تنبت بالزيت فهو دهن يدهن به وهو صبغ للآكلين يأكله الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال : سيناء اسم الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الطور الجبل وسينا الحجارة وفي لفظ وسينا الشجر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي {طور سيناء} قال : جبل ذو شجر.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تنبت بالدهن} قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} قال : يتادمون به ويصبغون به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (من طور سيناء) بنصب السين ممدودة مهموزة الألف (تنبت) بنصب التاء ورفع الباء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ {تنبت بالدهن} بنصب التاء ورفع الباء.
- قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون * وعليها وعلى الفلك تحملون * ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * فقال الملؤ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين * قال رب انصرني بما كذبون.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وإن لكم في الأنعام} قال : الابل والبقر والضأن والمعز {ولكم فيها منافع} قال : ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {وعلى الفلك} قال : السفن.
- قوله تعالى : فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاسلك فيها} الآية ، يقول : اجعل معك في السفينة من كل زوجين إثنين.
- قوله تعالى : وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وقل رب أنزلني منزلا مباركا} قال لنوح حين أنزل من السفينة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (أنزلني منزلا) بنصب الميم وخفض الزاي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين} قال : يعلمكم كيف تقولون اذا ركبتم وكيف تقولون اذا نزلتم اما عند الركوب {سبحان

الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} الزخرف الآية 13 {بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} هود الآية 41 وعند النزول {رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين}.
- قوله تعالى : إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين} قال : أي ابتلى الناس قبلكم.
- قوله تعالى : ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {قرنا} قال : أمة.
- قوله تعالى : هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحياوما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {هيهات هيهات} قال : بعيد بعيد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {هيهات لما توعدون} قال : تباعد ذلك في أنفسهم يعني ، البعث بعد الموت.
- قوله تعالى : فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين * ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين * ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فجعلناهم غثاء} قال : جعلوا

كالشيء الميت البالي من الشجر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فجعلناهم غثاء} قال : هو الشيء البالي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فجعلناهم غثاء} قال : كالرميم الهامد الذي يحتمل السيل ثمود احتملوا كذلك.
- قوله تعالى : ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون * ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم أرسلنا رسلنا تترا} قال : يتبع بعضهم بعضا ، وفي لفظ قال : بعضهم على أثر بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد وقتادة رضي الله عنه مثله والله أعلم.
- قوله تعالى : إلى فرعون وملإئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين * فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون * فكذبوهما فكانوا من المهلكين * ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وكانوا قوما عالين} قال : علوا على رسلهم وعصوا رسلهم ذلك علوهم ، وقرأ {تلك

الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} القصص الآية 83.
- قوله تعالى : وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} قال : ولدته مريم من غير أب هو له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} قال : عبرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وآويناهما} قال : عيسى وأمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وآويناهما} قال : عيسى وأمه حين أويا إلى الغوطة وما حولها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآويناهما إلى ربوة} الآية ، قال : الربوة المستوى والمعين الماء الجاري وهو النهر الذي قال الله {قد جعل ربك تحتك سريا} مريم الآية 24.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما !

{وآويناهما إلى ربوة} قال : هي المكان المرتفع من الأرض وهي أحسن ما يكون فيه النبات {ذات قرار} ذات خصب {ومعين} ماء ظاهر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {إلى ربوة} قال : مستوية {ذات قرار ومعين} قال : ماء جار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال الربوة المكان المرتفع وهو لبيت المقدس والمعين الماء الظاهر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه {وآويناهما إلى ربوة} قال : كنا نحدث ان الربوة بيت المقدس {ذات قرار} ذات ثمر كثير {ومعين} ماء جار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه !

{وآويناهما إلى ربوة} قال : هي مصر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {وآويناهما إلى ربوة} قال : وليس الربى إلا بمصر ، والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى لولا الربى لغرقت تلك القرى.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي الاسكندرية.
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى رجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه فعلمه أبا جاد فقال
عيسى : ما أبو جاد قال المعلم : لا أدري ، فقال عيسى : كيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم : إذن فعلمني ، فقال له عيسى : فقم من مجلسك فقام ، فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني فقال

المعلم : ما أبو جاد فقال عيسى : ألف آلاء الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله فعجب المعلم فكان أول من فسر أبا جاد عيسى عليه السلام وكان عيسى يرى العجائب في صباه الهاما من الله ففشا ذلك في اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنو اسرائيل فخافت أمه عليه فأوحى الله إليها : أن تنطلق به إلى أرض مصر فذلك قوله {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} فسئل ابن عباس : ألا قال آيتنان وهما آيتان : فقال ابن عباس : انما قال آية لأن عيسى من آدم ولم يكن من أب لم يشاركها في عيسى أحد فصار (آية ، واحدة) {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : يعني أرض مصر.
وأخرج وكيع والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وتمام الرازي في فضائل النبوة ، وَابن عساكر بسند صحيح عن ابن عباس في قوله {إلى ربوة} قال : أنبئنا بانها دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام في قوله : {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي دمشق.


وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن سخبرة الصحابي قال : دمشق هي الربوة المباركة.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أبي امامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : أتدرون أين هي قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة مدينة يقال لها دمشق هي خير مدن الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن المسيب {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي دمشق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن مرة البهزي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الرملة الربوة).


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم ، وَابن عساكر عن أبي هريرة في قوله {وآويناهما إلى ربوة} قال : هي الرملة في فلسطين وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعا.
وأخرج الطبراني ، وَابن السكن ، وَابن منده وأبو نعيم ، وَابن عساكر من طرق عن الاقرع بن شفي العكي رضي الله عنه قال دخل علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في مرض يعودني فقلت : لا أحسب إلا أني ميت من مرضي ، قال : كلا لتبقين ولتهاجرن منها إلى أرض الشام وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين ، فمات في خلافة عمر رضي الله عنه ودفن بالرملة.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة عن الحسن في قوله {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} قال : هي أرض ذات أشجار وأنهار يعني أرض دمشق ، وفي لفظ قال : ذات ثمار وكثرة ماء هي دمشق.
- قوله تعالى : ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم * وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.


أخرج أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس ان الله طيب لا يقبل إلا طيبا {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي من الحرام يمد يديث إلى السماء يارب يارب فاني يستجاب لذلك.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم فرد اليها رسولها اني لك هذا اللبن قال : من شاة لي ، فرد اليها رسولها انى لك الشاة فقالت : اشتريتها من مالي ، فشرب منه ، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت : يا رسول الله بعثت اليك بلبن فرددت إلى الرسول فيه فقال لها : بذلك أمرت الرسل قبلي ان لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا.
وأخرج عبدان في الصحابة عن حفص بن أبي جبلة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في

قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} الآية ، قال : ذاك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه مرسل حفص تابعي.
وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري مثله موقوفا عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي ميسرة عن عمر بن شرحبيل في قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} قال :
كان عيسى بن مريم عليه السلام يأكل من غزل أمه.
وأخرج البيهقي في الشعب عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن عبد الوهاب بن أبي حفص قال : امسى داود عليه السلام صائما فلما كان عند افطاره أتي بشربة لبن فقال : من أين لكم هذا اللبن قالوا : من شاتنا ، قال : ومن أين ثمنها قالوا : يا نبي الله من أين تسأل قال : انا معاشر الرسل أمرنا أن نأكل من الطيبات ونعمل صالحا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن حنظلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاءني جبريل ألا أمرني بهاتين الدعوتين ، اللهم ارزقني طيبا واستعملني صالحا.


وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} قال : هذه للرسل ثم قال للناس عامة و{إن هذه أمتكم أمة واحدة} الأنبياء الآية 92 يعني ، دينكم دين واحد.
- قوله تعالى : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون * فذرهم في غمرتهم حتى حين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : وقال الحسن : تقطعوا كتاب الله بينهم فحرفوه وبدلوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : كتب الله حيث فرقوها قطعا {كل حزب} يعني : كل قطعة وهؤلاء أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال : هذا ما اختلفوا فيه من الأديان {كل حزب} كل قوم {بما لديهم فرحون} معجبون برأيهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد !

{فذرهم في غمرتهم} قال : في ضلالتهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فذرهم في غمرتهم} قال : في ضلالتهم {حتى حين} قال : الموت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل {فذرهم في غمرتهم حتى حين} قال : يوم بدر.
- قوله تعالى : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أيحسبون} قال : قريش ، {أنما نمدهم به} قال : نعطيهم {من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات} نزيد لهم في الخير بل نملي لهم في الخير ولكن لا يشعرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن

اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح.
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة انه قرأ (نسارع لهم في الخيرات).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن الحسن ، ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا منكبيه فقال : الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم اعرابي من بني مدلج ، ثم قال : اللهم اني قد علمت ان رسولك قد كان حريصا على أن يصيب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك وخيارا اللهم أني أعوذ بك ان يكون هذا مكرا منك بعمر ثم تلا {أيحسبون أنما

نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال : أجد فيما أنزل الله على موسى أيفرح عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني أو يجزع عبدي المؤمن أن اقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين} {نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
- قوله تعالى : إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون * ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : ان المؤمن جمع احسانا وشفقة وان المنافق جمع اساءة وأمنا ثم تلا {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله {أنهم إلى ربهم راجعون} وقال المنافق {إنما أوتيته على علم عندي} القصص الآية 71.
وأخرج الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن أبي الدنيا في نعت الخائفين ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، قول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله قال : لا ولكن الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله ان لا يتقبل منه.


وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير ، وَابن الانباري في المصاحف ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي وفي لفظ : هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه قال : لا ولكن هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وقلوبهم وجلة.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : يعملون خائفين.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير عن ابن عمر في قوله {والذين يؤتون

ما آتوا} قال : الزكاة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عائشة {والذين يؤتون ما آتوا} قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال : مما يخافون مما بين أيديهم من الموقف وسوء الحساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {والذين يؤتون ما آتوا} قال : يعطون ما أعطوا {وقلوبهم وجلة} قال : المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن وقتادة انهما كانا يقرأان {يؤتون ما آتوا} قال : يعملون ما عملوا من الخيرات ويعطون ما أعطوا على خوف من الله عز وجل.
وأخرج ابن المبارك في الزهد بن حميد ، وَابن جَرِير عن الحسن {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قال : كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : لأن تكون هذه

الآية كما اقرأ أحب إلي من حمر النعم ، فقال لها ابن عباس : ما هي قالت : {والذين يؤتون ما آتوا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {والذين يؤتون ما آتوا} مقصور من المجيء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن اشته ، وَابن الانباري معا في المصاحف والدار قطني في الافراد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا} أو {والذين يؤتون ما آتوا} فقال : أيتهما أحب اليك قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا ، قالت : أيهما قلت {والذين يؤتون ما آتوا} فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرأها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
قال : سبقت لهم السعادة

من الله.
- قوله تعالى : بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : يعني بالغمرة الكفر والشك {ولهم أعمال من دون ذلك} يقول : أعمال سيئة دون الشرك {هم لها عاملون} قال : لا بد لهم من أن يعملوها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : في عمى من هذا القرآن {ولهم أعمال} قال : خطايا {من دون ذلك هم لها عاملون} قال : لا بد لهم أن يعملوها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال : في غفلة من أعمال المؤمنين {ولهم أعمال من دون ذلك} قال : هي شر من أعمال المؤمنين ذكر الله {الذين هم من خشية ربهم مشفقون} المؤمنون الآية 57 والذين والذين ثم قال للكافرين {بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال} من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين.


- قوله تعالى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذ هم يجأرون * لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون * قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مسيكبرين به سامرا تهجرون.
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} الآية ، قال : هم أهل بدر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : ذكر لنا انها نزلت في الذي قتل الله يوم بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : بالسيوف يوم بدر {إذا هم يجأرون} قال : الذين بمكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال : بالسيف يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم} قال : مستكبريهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا هم يجأرون} قال : يستغيثون ، وفي قوله : {فكنتم على أعقابكم

تنكصون} قال : تدبرون ، وفي قوله {سامرا تهجرون} قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {تنكصون} قال : تستأخرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {مستكبرين به} قال : بالبيت والحرام {سامرا} قال : كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من الأمن وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضا وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن {تهجرون} قال : يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال : وكان الحسن يقول {سامرا تهجرون} كتاب الله ونبي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

الحسن {مستكبرين به} قال : بحرمي {سامرا تهجرون} قال : القرآن وذكري ورسولي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {مستكبرين به} قال : مستكبرين بحرمي {سامرا} فيه مما لا ينبغي من القول ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مستكبرين به} قال : بمكة بالبلد (سامرا) قال : مجالسا {تهجرون} بالقول السيء في القرآن.
وأخرج عبد ابن حميد ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح {مستكبرين به} قال : بالقرآن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {سامرا تهجرون} قال : كانوا يهجرون على اللهو والباطل قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : وباتوا بشعب لهم سامرا * اذا خب نيرانهم أوقدوا

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به ويفتخرون به فأنزل الله {مستكبرين به سامرا تهجرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {سامرا تهجرون} قال : كانت قريش يستحلقون حلقا يتحدثون حول البيت.
وأخرج أبن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {مستكبرين به سامرا تهجرون} قال : كان المشركون يهجرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {سامرا تهجرون} بنصب التار ورفع الجيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة انه قرأ {سامرا تهجرون} وكانوا اذا سمروا هجروا في القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {سامرا تهجرون} قال : تهجرون الحق.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن

ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية {مستكبرين به سامرا تهجرون} قال : مستكبرين بالبيت تقولون : نحن أهله {تهجرون} قال : كانوا يهجرونه ولا يعمرونه.
- قوله تعالى : أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين * أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون * ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون * أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين * وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم * وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {أفلم يدبروا القول} قال : اذا والله كانوا يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه ، ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {أم لم يعرفوا رسولهم} قال : عرفوه ولكن حسدوه وفي قوله {ولو اتبع الحق أهواءهم} قال : الحق الله عز وجل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بل أتيناهم بذكرهم} قال : بينا لهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل أتيناهم بذكرهم} قال : هذا القرآن وفي قوله {أم تسألهم أجرا} يقول : أم تسألهم على ما أتيناهم به جعلا.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {خرجا} قال : أجرا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : الخرج وما قبلها من القصه لكفار قريش.
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم انه قرأ {أم تسألهم خرجا} بغير ألف {فخراج ربك} بالالف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن أنه قرأ {أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير}.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم} قال : ما فيه : عوج ، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له أسلم ، فتصعب له ذلك وكبر عليه ، فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث فلقيت رجلا تعرف وجهه وتعرف نسبه فدعاك إلى طريق واسع سهل أكنت تتبعه قال : نعم ، قال : فوالذي نفس محمد بيده انك لفي أوعر من ذلك الطريق لو كنت فيه ، واني لادعوك إلى أسهل من ذلك الطريق لو دعيت إليه ، وذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له : أسلم ، فصعده ذلك فقال له نبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت فتييك أحدهما ان

حدث صدقك وان امنته أدى اليك والآخر إن حدث كذبك وان ائتمنته خانك قال : بلى ، فتاي الذي اذا حدثني صدقني واذا أمنته أدى الي ، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : كذاكم أنتم عند ربكم.
وأخرج عبد بن الحميد عن مجاهد في قوله {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون} قال : عن الحق عادلون.
وأخرج ابن جرير في قوله {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر} قال : الجوع.
- قوله تعالى : ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون * حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون * وهو الذي أنشألكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون * وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون * وهو الذي يحيي ويميت وله أختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون * بل قالوا مثل ما قال الأولون * قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين.
أخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز -

يعني الوبر - بالدم ، فأنزل الله {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}.
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ، أن ثمامة بن أنال الحنفي لما أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز فجاء أبو سفيان إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين قال : بلى ، قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والابناء بالجوع ، فأنزل الله {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {ولقد أخذناهم بالعذاب} قال : بالسنة والجوع.
وأخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}
أي : لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا ولو خضعوا لله لاستجاب لهم.


وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : اذا أصاب الناس من قبل السلطان بلاء فإنما هي نقمة فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ولكن استقبلوها بالاستغفار واستكينوا وتضرعوا إلى الله وقرأ هذه الآية {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} قال : قد مضى كان يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} قال : لكفار قريش الجوع وما قبلها من القصة لهم أيضا.
- قوله تعالى : قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون * بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون * ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى الله عما يشركون * قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين * وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون.
أخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون قال : في مصحف أبي بن كعب {سيقولون لله} كلهن بغير ألف.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن عاصم الجحدري قال : في الإمام

مصحف عثمان بن عفان ، قال : الذي كتب للناس لله لله كلهن بغير ألف.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن زيد قال : في مصحف عثمان بن عفان {سيقولون لله} ثلاثتهن بغير ألف.
وأخرج عبد بن الحميد عن يحيى بن عتيق قال : رأيت في مصحف الحسن لله لله بغير ألف في ثلاثة مواضع.
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم أنه قرأ {لله} بغير ألف كلهن.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من بيده ملكوت كل شيء} قال : خزائن كل شيء.
- قوله تعالى : ادفع بالتي هي أحسن السيئه نحن أعلم بما يصفون.
أخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} يقول : اعرض عن أذاهم إياك.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال : بالسلام.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : نعمت والله الجرعة تتجرعها وأنت مظلوم فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} قال : قول الرجل لأخيه ما ليس فيه يقول ان كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك وان كنت صادقا فانا أسأل الله أن يغفر لي.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : أتى رجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أن لي قرابة أصلهم ويقطعون وأحسن اليهم ويسيئون الي ويجهلون علي واحلم عنهم ، قال : لئن كان كما تقول كأنما تسفهم الملل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.


- قوله تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الاسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع ، بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وأعوذ بك رب أن يحضرون} قال : يحضرون في شيء من أمري.
وأخرج أحمد عن خالد بن الوليد أنه قال يا رسول الله اني أجد وحشة قال : اذا أخذت مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنه لا يضرك وبالحري أن لا يضرك.
- قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون.


أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : اذا وضع الكافر في قبره مقعده من النار قال : {رب ارجعون} حتى أتوب أعمل صالحا فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا ، فيضيق عليه قبره فهو كالمنهوش ينام ويفزع تهوى اليه هوام الأرض ، حياتها وعقاربها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور يدخل عليهم في قبورهم حيات سود حية عند رأسه وحية عند رجليه يضربانه حتى يلتقيان في وسطه ، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {قال رب ارجعون} قال : هذا حين يعاين قبل أن يذوق الموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ان المؤمن اذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا فيقول : إلى دار الهموم والأحزان بل قدما إلى الله.
وَأَمَّا الكافر فيقولون له : نرجعك

فيقول :
{رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت}.
وأخرج الديلمي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ حضر الانسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحق فيحول بين عينيه فعند ذلك يقول {رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت}.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {لعلي أعمل صالحا فيما تركت} قال : لعلي أقول لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {لعلي أعمل صالحا} قال : أقول لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في قوله ومن ورائهم برزخ قال : أمامهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد في قوله {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} قال : هو ما بين الموت إلى البعث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : البرزخ الحاجز ما بين الدنيا والآخرة.


وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} قال : حاجز بين الميت والرجوع إلى الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : البرزخ ما بين الدنيا والآخرة ، ليس مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ولا مع أهل الآخرة يجازون باعمالهم.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن في الآية قال : البرزخ بين الدنيا والآخرة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : البرزخ بقية الدنيا.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة {ومن ورائهم برزخ} قال : أهل القبور في برزخ ما بين الدنيا والآخرة هم فيه إلى يوم يبعثون.
وأخرج عبد بن الحميد عن الربيع قال : البرزخ القبور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال : البرزخ المقابر ، لا هم في الدنيا ولا هم في الآخرة فهم مقيمون إلى يوم يبعثون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وسمويه في فوائده عن أبي أمامة انه شهد جنازة فلما دفن الميت قال :

هذا برزخ إلى يوم يبعثون.
وأخرج هناد عن أبي محلم قال : قيل للشعبي مات فلان قال : ليس هو في الدنيا ولا في الآخرة ، هو في البرزخ.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {ومن ورائهم برزخ} قال : ما بعد الموت.
- قوله تعالى : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال : حين ينفخ في الصور فلا يبقى حي إلا الله عز وجل.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن السدي {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال : في النفخة الأولى.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة في الآية قال : ليس أحد من الناس يسأل أحدا بنسبه ولا بقرابته شيئا.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : لا يسأل أحد يومئذ بنسب

شيئا ولا ينمي اليه برحم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن الحميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس انه سئل عن قوله {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} وقوله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} الصافات الآية 27 فقال : انها مواقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الاولى لا أنساب بينهم فيها اذا صعقوا فاذا كانت النفخة الآخرة فاذا هم قيام يتساءلون.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من وجه آخر عن ابن عباس انه سئل عن الآيتين فقال : اما قوله {ولا يتساءلون} فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء.
وَأَمَّا قوله {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} الصافات الآية 27 فانهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال : اذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين - وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأولين والآخرين - ثم ينادي مناد إلا أن هذا فلان بن فلان فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه - وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجى ء فليأخذ حقه - فيفرح - والله - المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وان كان صغيرا ، ومصداق ذلك في كتاب الله {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب

بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ليس شيء أبغض إلى الانسان يوم القيامة من أن يرى من يعرفه مخافة أن يدور له عليه شيء ثم قرأ {يوم يفر المرء من أخيه} عيسى الآية 34.
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الانساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري.
وأخرج البزار والطبراني والحاكم والبيهقي والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نسب

وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري.
- قوله تعالى : تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {تلفح وجوههم النار} قال تنقح.
وأخرج ابن مردويه والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {تلفح وجوههم النار} قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعصابهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ان جهنم لما سيق اليها أهلها تلقتهم بعنق فلفحتهم لفحة فلم تدع لحما على عظم إلا القته على العرقوب.


وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في قوله {تلفح وجوههم النار} قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحما على عظم إلا ألقته على أعقابهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد عن أبي الهذيل ، مثله.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مغيث بن سمى قال : اذا جيء بالرجل إلى النار قيل انتظر حتى تنحفك فيؤتى بكأس من سم الأفاعي والاساود اذا أدناها من فيه نثرت اللحم على حدة والعظم على حدة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة وهناد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله {وهم فيها كالحون} قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم

وتقلصت شفاههم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كالحون} قال : عابسون.
- قوله تعالى : قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} قال : شقوتهم التي كتبت عليهم.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن ، انه كان يقرأ (غلبت علينا شقاوتنا).
وأخرج عبد بن الحميد عن إسحاق قال : في قراءة عبد الله (شقاوتنا).
- قوله تعالى : قال اخسؤا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين.
أخرج ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون

الغصص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيرفع اليهم الحميم بكلاليب الحديد فاذا دنت من وجوههم شوت وجوههم واذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم فيقولون : ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم ان {ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب} غافر الآية 49 {فيقولون} {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} غافر الآيه 50 فيقولون ادعوا مالكا فيدعون مالكا فيقولون {يا مالك ليقض علينا ربك} الزخرف الآيه 77 فيجيبهم {إنكم ماكثون} فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} المؤمنون الآيتان 106 - 107 فيجيبهم {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} فعند ذلك يئوا من كل خير وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة والويل.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن أبي حاتم بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ان أهل جهنم ينادون مالكا {يا مالك ليقض علينا ربك} فيذرهم أربعين عاما لا يجيبهم ثم يجيبهم {إنكم ماكثون} ثم ينادون ربهم {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} فيذرهم مثلي الدنيا لا يجيبهم ثم يجيبهم {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : فيئس القوم بعدها وما هو إلا

الزفير والشهيق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الشعب عن محمد بن كعب قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله في أربعة فاذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا يقولون {ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل}
غافر الآية 11 فيجيبهم الله {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} غافر الآية 12 ثم يقولون {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون} السجدة الآية 12 فيجيبهم الله {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} السجدة الاية 14 ثم يقولون {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} إبراهيم الآية 44 فيجيبهم الله {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} ثم يقولون {ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل} فاطر الآية 37 فيجيبهم الله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم يقولون {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} المؤمنون الآية 106 فيجيبهم الله {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} فلا يتكلمون بعدها أبدا.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم أن {ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب} غافر الآية 49 فلم يجيبوهم ما شاء الله فلما أجابوهم بعد حين قالوا لهم {فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} غافر الآية 50 ثم نادوا {يا مالك} لخازن النار {ليقض علينا ربك} الزخرف الآية 77 فسكت عنهم مالك مقدار أربعين سنة ثم أجابهم فقال {إنكم ماكثون} ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} فسكت عنهم ، مقدار الدنيا ثم أجابهم بعد ذلك {اخسؤوا فيها ولا تكلمون}.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن في الآية قال : تكلموا قبل ذلك وخاصموا فلما كان آخر ذلك قال {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : منعوا الكلام آخر ما عليهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن زياد بن سعد الخرساني في قوله {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : فتنطبق عليهم فلا يسمع منها إلا مثل طنين الطست.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {اخسؤوا} قال : اصغروا.


وأخرج ابن جرير والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} قال : هذا قول الرب عز وجل حين انقطع كلامهم منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ان الله اذا قال لأهل النار {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} عادت وجوههم قطعة لحم ليس فيها أفوه ولا مناخير تردد النفس في أجوافهم.
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : ليس بعد الآية خروج {اخسؤوا فيها ولا تكلمون}.
- قوله تعالى : فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {فاتخذتموهم سخريا} قال : هما مختلفان ، سخريا يقول الله {ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} الزخرف الآية 32 قال : يسخرونهم والآخرون الذين يستهزؤن سخريا.
- قوله تعالى : قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين * قل إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون.


أخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله اذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال لأهل الجنة {كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قالوا {لبثنا يوما أو بعض يوم} قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم رحمتي ورضواني وجنتي اسكنوا فيها خالدين مخلدين ثم يقول : يا أهل النار {كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قالوا {لبثنا يوما أو بعض يوم} فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم ، ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فاسأل العادين} قال : الحساب.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فاسأل العادين} قال : الملائكة.
- قوله تعالى : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم.
أخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن السنى في عمل يوم وليلة وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مصاب {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} حتى

ختم السورة فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماذا قرأت في أذنه فاخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال.
وأخرج ابن السنى ، وَابن منده وأبو نعيم في المعرفة بسند من طريق محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول اذا نحن أمسينا وأصبحنا {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} فقرأناها فغنمنا وسلمنا والله أعلم.
- قوله تعالى : ومن يدعو مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون.
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لا برهان له} قال : لا بينة له.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة {لا برهان له} قال : لا بينة له.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {لا برهان له} قال : لا حجة.
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم انه قرأ (انه لا يفلح الكافرون) بكسر الألف في إنه.
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن أنه قرأ (انه لا يفلح الكافرون) بنصب

الألف في انه.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون} قال : ذاك حساب الكافر عند الله انه لا يفلح.
- قوله تعالى : وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن خزيمة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والبيهقي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي قال : قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وانه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك أنت الغفور الرحيم.
*

بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة النور.
مدنية وآياتها أربع وستون.
مقدمة سورة النور.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت سورة النور بالمدينة.
وأخرج عن ابن الزبير مثله.
وأخرج الحاكم والبيهقي في شعب الايمان ، وَابن مردويه عن عائشة مرفوعا لا تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة يعني النساء وعلموهن الغزل وسورة النور.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نسائكم سورة النور.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن حارثة بن مضرب قال : كتب الينا عمر بن الخطاب ، ان تعلموا سورة النساء والاحزاب والنور.


وأخرج الحاكم عن أبي وائل قال : حججت أنا وصاحب لي ، وَابن عباس على الحجن فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها فقال صاحبي : سبحان الله ، ماذا يخرج من رأس هذا الرجل لو سمعت هذا الترك لأسلمت.
- سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون.
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حارثة عن ابن عباس في قوله {سورة أنزلناها وفرضناها} قال : بيناها.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وفرضناها} قال : وفسرناها الأمر بالحلال والنهي عن الحرام.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وفرضناها} قال : فرض الله فيها فرائضه وأحل حلاله وحرم حرامه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن انه قرأ {وفرضناها} خفيفة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وأنزلنا فيها آيات

بينات} قال : الحلال والحرام والحدود.
- قوله تعالى : الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال : في الحد أن يقام عليهم ولا يعطل ، أما انه ليس بشدة الجلد.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال : في اقامة الحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال : في تعطيل الحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمران بن حدير قال : قلت لأبي مجلز {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال : انا لنرجم الرجل أو يجلد أو يقطع قال : ليس كذاك إنما اذا رفع للسلطان فليس له أن يدعهم رحمة لهم حتى يقيم عليهم الحد.


وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن الحسن {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال : الجلد الشديد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم وعامر {ولا تأخذكم بهما رأفة} قالا : شدة الجلد في الزنا ويعطى كل عضو منه حقه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن شعبة قال : قلت لحماد الزاني يضرب ضربا شديدا قال : نعم ويخلع عنه ثيابه قال الله {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قلت له : إنما ذلك في الحكم قال : في الحكم والجلد.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى الله ورسوله ان شهد أربعة على بكرين جلدا كما قال الله مائة جلدة وغربا سنة غير الأرض التي كانا بها وتغريبهما سنتي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، ان جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها
وظهرها فقلت {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} فقال : ان الله لم يأمرني أن أقتلها ، ولا أن أجلد رأسها وقد

أوجعت حيث ضربت.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي برزة الأسلمي أنه أتي بأمة لبعض أهله قد زنت وعنده نفر نحو عشرة فأمر بها فاجلست في ناحية ثم أمر بثوب فطرح عليها ثم اعطى السوط رجلا فقال : اجلد خمسين جلدة ليس باليسير ولا بالخضفة فقام فجلدها وجعل يفرق عليها الضرب ثم قرأ {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال الطائفة الرجل فما فوقه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال : الطائفة عشرة.


وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : الطائفة واحد إلى الألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : امر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ليكون ذلك عبرة وموعظة ونكالا لهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : ليحضر رجلان فصاعدا.
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال : الطائفة الثلاثة فصاعدا.
وأخرج عن ابن زيد في الآية قال : الطائفة أربعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نصر بن علقمة في قوله {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال : ليس ذلك للفضيحة إنما ذاك ليدعو الله لهما بالتوبة والرحمة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشيباني قال : قلت لابن أبي أوفى رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم ، قلت : بعدما أنزلت سورة النور أو قبلها قال : لا أدري.


- قوله تعالى : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن الحميد ، وَابن أبي شيبة
وابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه والبيهقي في "سُنَنِه" والضياء المقدسي في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال : ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع لا يزني بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين يعني الزنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم والمدينة غالية السعر شديدة الجهد وفي السوق زوان متعالنات من أهل الكتاب واما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي ونيسكة بنت أمية لرجل من الأنصار في بغايا من ولائد الانصار قد رفعت كل امرأة منهن علامة على بابها ليعرف انها زانية وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيرا فرغب أناس من مهاجري المسلمين فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد فاشار بعضهم على بعض لو تزوجنا بعض

هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهن فقال بعضهم : نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوه فقالوا : يا رسول الله قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوج منهن فنصيب من فضول ما يكتسبن فاذا وجدنا عنهن غني تركناهن فأنزل الله {الزاني لا ينكح} فحرم على المؤمنين ان يتزوجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال : كن نساء في الجاهلية بغيات فكانت منهن امرأة جميلة تدعى أم مهزول فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج احداهن فتنفق عليه من كسبها فنهى الله ان يتزوجهن أحد من المسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان بن يسار في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال : كن نساء في الجاهلية بغيات فنهى الله المسلمين عن نكاحهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء قال : كانت بغايا في الجاهليه بغايا آل فلان وبغايا آل فلان فقال الله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فأحكم الله ذلك من أمر

الجاهليه بالإسلام ، قيل له : أعن ابن عباس قال : نعم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال : رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زوان بغايا متعالنات كن كذلك في الجاهلية ، قيل لهم هذا حرام فارادوا نكاحهن فحرم الله عليهم نكاحهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : كان في بدء الإسلام قوم يزنون قالوا : أفلا نتزوج النساء التي كنا نفجر بهن ، فانزل الله {الزاني لا ينكح إلا زانية}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} قال إنما عني بذلك الزنا ولم يعن به التزويج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال : لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله أو مشركة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس

في هذه الآية قال : الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة أو مشركة من غير أهل القبلة والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة أو مشرك من غير أهل القبلة وحرم الزنا على المؤمنين.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : لما حرم الله الزنا فكان زوان عندهن جمال ومال فقال الناس حين حرم الزنا : لتطلقن فلنتزوجهن ، فانزل الله في ذلك {الزاني لا ينكح إلا زانية}.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" وأبو داود في ناسخه عن عبد الله بن عمر قال : كانت امرأة يقال لها أم مهزول وكانت تسافح الرجال وتشرط أن تنفق عليه فأراد رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها فأنزل الله {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة وابن

جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رجل يقال له مرثد يحمل الاسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة وكانت امرأة بمكة يقال لها عناق وكانت صديقة له وأنه وجد رجلا من أسارى مكة يحمله قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فجاءت عناق فابصرت سواد ظل تحت الحائط فلما انتهت الي عرفتني فقالت : مرثد ، فقلت : مرثد ، فقالت : مرحبا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة قلت : يا عناق حرم الله الزنا قالت : يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال : فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى غار أو كهف فدخلت فجاؤا حتى قاموا على رأسي فبالوا وظل بولهم على رأسي ونحاهم الله عني ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أنكح عناقا فأمسك فلم يرد علي شيئا حتى نزلت {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية

لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} فلا تنكحها.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمر في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال : كان نساء معلومات فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه فنهاهم الله عن ذلك.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن مردويه ، وَابن جَرِير والبيهقي عن ابن عباس ، أنها نزلت في بغايا معلنات كن في الجاهلية وكن زوان مشركات فحرم الله نكاحهن على المؤمنين.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق سعيد مولى ابن عباس قال : كنت مع ابن عباس فأتاه رجل فقال : اني كنت أتبع امرأة فاصبت منها ما حرم الله علي وقد رزقني الله منها توبة فاردت أن أتزوجها فقال الناس {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} فقال ابن عباس : ليس هذا موضع هذه الآية إنما كن نساء بغايا متعالنات يجعلن على أبوابهن رايات يأتيهن الناس يعرفن بذلك فأنزل

الله هذه الآية ، تزوجها فما كان فيها من إثم فعلي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
قال : كن نساء بغايا في الجاهلية كان الرجل ينكح المرأة في الإسلام فيصيب منها فحرم ذلك في الإسلام فأنزل الله {والزانية لا ينكحها إلا زان}.
وأخرج أبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن عدي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال : المحدود لا يتزوج إلا محدودة مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد منصور ، وَابن المنذر عن علي ان رجلا تزوج امرأة ثم انه زنى فأقيم عليه الحد فجاؤا به إلى علي ففرق بينه وبين

زوجته وقال له : لا تتزوج إلا مجلودة مثلك.
وأخرج أحمد والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر اليهم يوم القيامة ، العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث.
وأخرج ابن ماجة عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود وأبو عبيد معا في التاريخ ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال : يرون ان هذه الآية التي بعدها نسختها {وأنكحوا الأيامى منكم} فهن من أيامى المسلمين.
- قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا

بأربعة شهداء فاجلدوهم} يعني الحكام اذا رفع اليهم جلدوا القاذف ثمانين جلدة {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} يعني بعد الجلد ما دام حيا {وأولئك هم الفاسقون} العاصون فيما قالوه من الكذب.
وأخرج ابو داود في ناسخه ، وَابن المنذر عن ابن عباس {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} ثم استثنى فقال {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} فتاب الله عليهم من الفسوق وأما الشهادة فلا تجوز.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {والذين يرمون المحصنات} إلى {رحيم} فأنزل الله الجلد والتوبة تقبل والشهادة ترد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} قال : توبتهم اكذابهم أنفسهم فان كذبوا أنفسهم قبلت شهادتهم.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال : في سورة النور {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم} واستثنى من ذلك فقال (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) فاذا حلفا فرق

بينهما وان لم يحلفا أقيم الحد ، الجلد أو الرجم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} ثم قال {إلا الذين تابوا} قال : فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنا ونكل زياد فحد عمر الثلاثة وقال لهم : توبوا تقبل شهادتكم فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة فكان لا تقبل شهادته وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه فلما كان من أمر زياد ما كان حلف أبو بكرة أن لا يكلمه أبدا فلم يكلمه حتى مات.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطاء في الآية قال : اذا تاب القاذف وأكذب نفسه قبلت شهادته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي والزهري وطاوس ومسروق قالوا : إذا تاب القاذف قبلت شهادته ، وتوبته ان يكذب نفسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب والحسن قالا : القاذف اذا

تاب
فتوبته فيما بينه وبين الله ولا تجوز شهادته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول في القاذف اذا تاب لم تقبل شهادته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ممد بن سيرين قال : القاذف إذا تاب فإنما توبته فيما بينه وبين الله فأما شهادته فلا تجوز أبدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : لا شهادة له.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : توبته فيما بينه وبين ربه من العذاب العظيم ، ولا تقبل شهادته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} قال : كان الحسن يقول : لا تقبل شهادة القاذف أبدا ، توبته فيما بينه وبين الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : كل صاحب حد تجوز شهادته إلا القاذف فإن توبته فيما بينه وبين ربه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : لا تقبل للقاذف شهادة ، توبته بينه وبين ربه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عيسى بن عاصم قال : كان أبو بكرة اذا جاءه رجل يشهده قال : أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب قال : شهدت عمر بن الخطاب حين جلد قذفة المغيرة ، وَابن شعبة منهم أبو بكرة وماتع وشبل ثم دعا أبا بكرة فقال : ان تكذب نفسك تجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه ، ولم يكن عمر يجيز شهادتهما حتى هلكا فذلك قوله {إلا الذين تابوا} وتوبتهم اكذابهم أنفسهم.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى الله ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة ولا اثنين ولا واحد على الزنا ويجلدون ثمانين ثمانين ولا تقبل لهم شهادة أبدا حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح واصلاح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن جعفر بن يرقان قال : سألت ميمون بن مهران عن هذه الآية {والذين يرمون المحصنات} إلى قوله {إلا الذين تابوا} فجعل الله فيها توبته ، وقال في آية أخرى {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات

لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}
فقال : أما الأولى فعسى أن تكون قارفت وأما الأخرى فهي التي لم تقارف شيئا من ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : لما كان زمن العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة جعلت المرأة تخرج من أهل مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة في طلب الإسلام فقال المشركون : إنما انطلقت في طلب الرجال فأنزل الله {والذين يرمون المحصنات} إلى آخر الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : الزنا أشد من القذف والقذف أشد من الشرب.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر وجلد الفرية والخمر فوق الحد والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين * ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عاصم بن عدي قال : لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} قلت : يا رسول الله إلى أن يأتي الرجل بأربعة شهداء قد خرج الرجل فلم ألبث إلا أياما فاذا ابن عم لي معه امرأته ومعها ابن وهي تقول : منك ، وهو يقول : ليس مني ، فنزلت آية اللعان

قال عاصم : فانا أول من تكلم وأول من ابتلى به.
وأخرج أحمد وعبد الرزاق والطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} الآية قال سعد بن عبادة وهو
سيد الانصار : أهكذا أنزلت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الانصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم فقالوا : يا رسول الله لا تلمه فانه رجل غيور ، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد : يا رسول الله اني لأعلم انها حق وانها من الله ولكني تعجبت اني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى أتي بأربعة شهداء - فوالله - لا آتي بهم حتى يقضي حاجته قال : فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية ، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من أرضه عشاء فدخل على امرأته فوجد عندها رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنيه فلم يهجه حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد به واجتمعت الانصار فقالوا : قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية وأبطل

شهادته في المسلمين فقال هلال : والله اني لارجو أن يجعل الله لي منها مخرجا فقال : يا رسول الله اني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم اين لصادق وان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه اذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وكان اذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده فامسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم} فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فقال : ابشر يا هلال قد جعل الله لك فرجا ومخرجا فقال هلال : قد كنت أرجو ذلك من ربي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال : والله يا رسول الله لقد صدقت عليها فقالت : كذب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد ، فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين فلما كان في الخامسة قيل لهلال : فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وان هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها ، فشهد في الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ثم قيل لها اشهدي ، فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين ، فلما كانت في الخامسة قيل لها : اتقي الله فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وان هذه
الموجبة التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة فقالت : والله لا أفضح قومي

فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى أنه لا يدعى لاب ولا يرمي ولدها من أجل الشهادات الخمس وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ليس لها قوت ولا سكنى ولا عدة من أجل انها تفرقا من غير طلاق ولا متوفي عنها.
وأخرج البخاري والترمذي ، وَابن ماجة عن ابن عباس : ان هلال بن أمية قذف امرأته عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : البينة أوحد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله اذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال هلال : والذي بعثك بالحق اني لصادق ولينزلن الله ما يبرى ء ظهري من الحد فنزل جبريل فأنزل الله عليه {والذين يرمون أزواجهم} حتى بلغ {إن كان من الصادقين} فانصرف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأرسل اليهما فجاء هلال يشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : الله يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا : انها موجبة ، فتلكأت ونكصت حتى ظننا انها ترجع ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أبصروها فان جاءت به أكحل العينين سابغ الاليتين خدلج

الساقين فهو لشريك بن سحماء ، فجاءت به كذلك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرمى امرأته برجل ، فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يردده حتى أنزل الله {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} حتى فرغ من الآيتين فأرسل اليهما فدعاهما فقال : ان الله قد أنزل فيكما ، فدعا الرجل فقرأ عليه ، فشهد أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه فقال له : كل شيء أهون عليك من لعنة الله ، ثم أرسله فقال : لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ثم دعا بها فقرأ عليها ، فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبينن ثم أمر بها فأمسك على فيها فوعظها وقال : ويحك كل شيء أهون عليك من غضب الله ثم أرسلت فقالت : غضب الله عليها ان كان من الصادقين.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ان امرأتي زنت ، وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه منكس في الأرض ثم رفع رأسه فقال : قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فائت بها ، فجاءت فقال : قم فاشهد أربع شهادات فقام فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين ، فقال له : ويلك أو ويحك انها موجبة ، فشهد الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ثم قامت امرأته فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين ، ثم قال ويلك أو

ويحك انها موجبة ، فشهدت الخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين ، ثم قال له : اذهب فلا سبيل لك عليها فقال : يا رسول الله مالي ، قال : لا مال لك ان كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وان كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها.
وأخرج أحمد وعبد بن الحميد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : سألت عن المتلاعنين أيفرق بينهما فقال : سبحان الله نعم ، ان أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان قال : يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة فان تكلم تكلم بأمر عظيم وان سكت سكت على مثل ذلك فسكت فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال : ان الذين سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله هذه الآية في سورة النور {والذين يرمون أزواجهم} حتى بلغ {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} فبدأ بالرجل فوعظه وذكره وأخبره ان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال : والذي بعثك بالحق ما كذبتك ، ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها وأخبرها ان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت : والذي بعثك بالحق أنه لكاذب ، فبدأ بالرجل فشهد

أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن حبان ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عشية الجمعة في المسجد فجاء رجل من الانصار فقال : أحدنا اذا رأى مع امرأته رجلا فقتله
قتلتموه وان تكلم جلدتموه وان سكت سكت على غيظ والله لئن أصبحت صالحا لا سألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله فقال : يا رسول الله أحدنا اذا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه وان تكلم جلدتموه وان سكت سكت على غيظ ، اللهم احكم ، فنزلت آية اللعان فكان ذلك الرجل أول من ابتلى به.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن سهل بن سعد قال : جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع : فسأل عاصم

رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل فلقيه عويمر فقال : والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سألنه فاتاه فوجده قد أنزل عليه ، فدعا بهما فلاعن بينهما قال عويمر : أن انطلق بها يا رسول الله لقد كذبت عليها ففارقها قبل أن يخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فصارت سنة المتلاعنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبصروها فان جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الاليتين فلا أراه إلا قد صدق ، وان جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا ، فجاءت به على النعت المكروه.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه عن أنس قال : لاول لعان كان في الإسلام ان شريك بن سحماء رماه هلال بن أمية بامرأته فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربعة شهود والا فحد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله ان الله ليعلم اني لصادق ولينزلن الله ما يبرى ء ظهري من الجلد ، فأنزل الله آية اللعان {والذين يرمون أزواجهم} إلى آخر الآية فدعاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : اشهد بالله انك لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، فشهد بذلك أربع شهادات بالله ثم قال له في الخامسة : لعنة الله عليك أن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ، ففعل ، ثم دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قومي فاشهدي بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنا ، فشهدت بذلك أربع شهادات ثم قال لها في الخامسة وغضب الله عليك ان كان من الصادقين فيما رماك به من الزنا ، قال : فلما كان في الرابعة أو الخامسة سكتت سكتة حتى ظنوا انها ستعترف ، ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت على القول
ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال : انظروا فان جاءت به جعدا أخمش الساقين فهو لشريك بن سحماء وان جاءت به أبيض سبطا قصير العينين فهو لهلال بن أمية فجاءت به آدم جعدا أخمش الساقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا ما نزل فيهما من كتاب الله لكان لي ولها

شأن.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رجلا من الأنصار من بني زريق قذف امرأته فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرد ذلك عليه أربع مرات ، فأنزل الله آية الملاعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين السائل قد نزل من الله أمر عظيم فأبى الرجل إلا أن يلاعنها وأبت إلا تدرأ عن نفسها العذاب ، فتلاعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اما تجيء به أصفر أخمش مفتول العظام فهو للملاعن واما تجيء به اسود كالجمل الاورق فهو لغيره فجاءت به أسود كالجمل الاورق فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله لعصبة أمه وقال : لولا الآيات التي مضت لكان فيه كذا وكذا.
وأخرج البزار عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به قال : كنت - والله - فاعلا به شرا قال : فأنت يا عمر قال : كنت - والله - قاتله فنزلت {والذين يرمون أزواجهم} قلت : رجال إسناده ثقات إلا أن البزار كان يحدث من حفظه فيخطى ء.


وقد أخرجه ابن مردويه والديلمي من هذا الطريق وزاد بعد قوله كنت قاتله قال : فأنت يا سهيل بن بيضاء قال : كنت أقول لعن الله الأبعد فهو خبيث ولعن الله البعدى فهي خبيثة ولعن الله أو الثلاثة أخبر بهذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تأولت القرآن
يا ابن بيضاء {والذين يرمون أزواجهم} وهذا أصح من قول البزار فنزلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن زيد بن نفيع أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : أرأيت لو وجدت مع أهلك رجلا كيف كنت صانعا قال : اذا لقتلته ، ثم قال لعمر ، ، فقال مثل ذلك ، فتتابع القوم على قول أبي بكر وعمر ، ثم قال لسهيل بن البيضاء ، ، قال : كنت أقول لعنك الله فأنت خبيثة ولعنك الله فأنت خبيث ولعن الله أول الثلاثة منا يخرج هذا الحديث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تأولت القرآن يا ابن البيضاء لو قتله به ولو قذفه جلد ولو قذفها لاعنها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {والذين يرمون أزواجهم} قال : هو الرجل يرمي زوجته بالزنا {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} يعني ليس للرجل شهداء غيره ان امرأته قد زنت فرفع ذلك إلى الحكام فشهادة

أحدهم - يعني الزوج - يقوم بعد الصلاة في المسجد فيحلف أربع شهادات بالله يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن فلانة - يعني امرأته - زانية ، والخامسة ان لعنة الله عليه - يعني على نفسه - ان كان من الكاذبين في قوله ، ويدرأ يدفع الحكام عن المرأة العذاب - يعني الحد - ان تشهد أربع شهادات بالله أنه - يعني زوجها - لمن الكاذبين ، فتقوم المرأة مقام زوجها فتقول أربع مرات أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أني لست بزانية وان زوجي لمن الكاذبين ، والخامسة ان غضب الله عليها - يعني على نفسها - ان كان زوجها من الصادقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} قال : فان هي اعترفت رجمت وان هي أبت يدرأ عنها العذاب قال : عذاب الدنيا {أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} ، ثم يفرق بينهما وتعتد عدة المطلقة.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال : لا يجتمع المتلاعنان أبدا.
وأخرج عبد الرزاق عن علي ، وَابن مسعود ، مثله.


وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي قال : اللعان أعظم من الرجم.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : وجبت اللعنة على أكذبهما.
وأخرج البزار ، عَن جَابر قال : ما نزلت آية التلاعن إلا لكثرة السؤال.
وأخرج الخرائطي في مكارم الاخلاق عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية قال سعد بن عبادة : اني لو رأيت أهلي ومعها رجل انتظر حتى أتي بأربعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، قال : والذي بعثك بالحق لو رأيته لعاجلته بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الانصار اسمعوا ما يقول سيدكم ان سعدا لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني.
وأخرج ابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته ، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الاولين والآخرين.


- قوله تعالى : إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم.
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري وعبد بن الحميد ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فايتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل الحجاب وانا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى اذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل فدنونا من المدينة قافلين ، آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فاذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه وكان النساء اذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم انما تأكل المرأة

العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فيممت منزلي الذي كنت به فظنت أنهم سيفقدوني فيرجعون الي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فادلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين
عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة واحدة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطى ء على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد أن نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك في من هلك ، وكان الذي تولى الافك عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الافك لا أشعر

بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى انما يدخل علي فيسلم ثم يقولك كيف تيكم ثم ينصرف ، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهي متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط ، فكنا نتاذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت انا وأم مسطح فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي قد أشرعنا من ثيابنا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح فقلت لها : بئس ما قلت اتسبين رجلا شهد بدرا قالت : أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال قلت : وما قال ، فاخبرتني بقول أهل الافك فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال : كيف تيكم فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي قالت : - وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما - قالت : فاذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت لابوي فقلت لامي يا امتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فو الله لقلما كانت امرأة

قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا اكثرن عليها فقلت - سبحان الله - ولقد تحدث الناس بهذا فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب واسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله ، فأما أسامه فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله : أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله : لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وان تسأل الجارية تصدقك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال :
أي بريرة هل رأيت شيئا يريبك قالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق ان رأيت عليها أمرا أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي فقال وهو على المنبر : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في اهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي ، فقال سعد بن معاذ الانصاري فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه ان كان من الاوس ضربت عنقه وان كان من

إخواننا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحميه فقال لسعد : كذبت لعمر الله ما تقتله ولا تقدر على قتله ، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة : كذبت لنقتلنه فانك منافق تجادل عن المنافقين ، فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا ان يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت ، فبكيت يومي ذلك فلا يرقا لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقا لي دمع وأبواي يظنان ان البكاء فالق كبدي ، فبينما هما جالسان عندي وأنا ابكي فاستأذنت على امرأة من الانصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس ولم يجلس عندي منذ قيل في ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحي إليه في شأني بشيء فتشهد حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فانه بلغني عنك كذا وكذا ، فان كنت بريئه فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد اذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس

منه قطرة فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لامي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن : اني والله لقد علمت انكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم - وصدقتم به فلئن قلت لكم اني بريئة - والله يعلم اني بريئة - لا تصدقوني ولئن
اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقني والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} يوسف الآية 18 ، ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم اني بريئة وان الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن ان الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله بها قالت : فو الله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سري عنه وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : ابشري يا عائشة اما الله فقد برأك فقالت أمي : قومي إليه فقلت : والله لا أقوم اليه ولا

أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي ، وأنزل الله {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} العشر الآيات كلها ، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر : وكان ينفق على مسطح بن اثاثة لقرابته منه وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين} النور الآية 22 إلى قوله {رحيم} قال أبو بكر : والله اني أحب أن يغفر الله لي فرجع الي مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال : والله لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال : يا زينب ماذا علمت أو رأيت فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا قالت : وهي التي كانت تساميني من أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الافك.
وأخرج البخاري والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : لما ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطيبا فتشهد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد أشيروا علي في أناس أنبوا أهلي - وأيم الله - ما علمت على أهلي من سوء وأنبوهم بمن - والله -

ما علمت عليه من سوء قط ولا يدخل بيتي قط إلا وأنا حاضر ولا غبت في سفر إلا غاب معي
فقام سعد بن معاذ فقال : ائذن لي يا رسول الله ان تضرب أعناقهم وقام رجل من بني الخزرج وكانت أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل فقال : كذبت أما والله لو كانوا من الاوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم حتى كاد أن يكون بين الاوس والخزرج شرقي المسجد وما علمت ، فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطح فعثرت فقالت : تعس مسطح فقلت : أي أم تسبين ابنك فسكتت ثم عثرت الثالثة فقالت : تعس مسطح فقلت لها : أي أم تسبين إبنك ثم عثرت الثالثه فقالت : تعس مسطح فانتهرتها فقالت : والله لم أسبه إلا فيك فقلت : في أي شأني فقرأت لي الحديث ، فقلت وقد كان هذا قالت : نعم ، والله ، فرجعت إلى بيتي كأن الذي خرجت له لا أجد منه قليلا ولا كثيرا ووعكت فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام فدخلت الدار فوجدت أم رومان في السفل وأبا بكر فوق البيت يقرأ ، فقالت أمي : ما جاء بك يا بنية فاخبرتها وذكرت لها الحديث واذا هو لم يبلغ

منها مثل ما بلغ مني ، فقالت : يا بنية خففي عليك الشأن فانه - والله - لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا حسدتها وقيل : فيها ، قلت : وقد علم به أبي فقالت : نعم قلت : ورسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نعم ، فاستعبرت وبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل فقال لأمي : ما شأنها قالت : بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال : أقسمت عليك أي بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت ، ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسأل عني خادمي فقالت : لا والله ما علمت عليها عيبا إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل خميرها أو عجينها وانتهرها بعض أصحابه فقال : اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسقطوا لهابه فقالت - سبحان الله - ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الاحمر فبلغ إلى ذلك الرجل الذي قيل له فقال - سبحان الله - والله ما كشفت كنف أنثى قط قالت : فقتل شهيدا في سبيل الله قال : وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقد صلى العصر ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وشمالي
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد يا عائشة أن كنت قارفت سوأ أو ظلمت فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده ، قالت : وقد جاءت امرأة من الانصار فهي جالسة بالباب فقلت : ألا تستحي من هذه المرأة ان تذكر شيئا فوعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إلى أبي فقلت : أجبه قال : ماذا أقول فالتفت ألى أمي فقلت : أجيبيه قالت : أقول ماذا فلما يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت : أما بعد - فو الله - لئن قلت لكم أني لم أفعل - والله يشهد اني لصادقة - ما ذاك بنافعي عندكم وقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم ، وان قلت : اني فعلت - والله يعلم اني لم أفعل - لتقولن قد باءت به على نفسها واني - والله - لا أجد لي ولكم مثلا ، والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه إلا أبا يوسف حين قال {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} يوسف الآية 18 ، وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ساعته فسكتنا فرفع عنه ، واني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه ويقول : ابشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك قالت : وقد كنت أشد مما كنت غضبا فقال لي أبواي : قومي اليه فقلت : والله لا أقوم اليه ولا أحمده ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه وكانت عائشة تقول : أما زينب بنة جحش فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا وأما أختها حمنة

فهلكت فيمن هلك وكان الذي تكلم فيها مسطح وحسان بن ثابت والمنافق عبد الله بن أبي وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي كان تولى كبره منهم هو وحمنة قال : فحلف أبو بكر ان لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا فأنزل الله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم} النور الآية 22 ، إلى آخر الآية ، يعني أبا بكر ، {والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين} يعني مسطحا ، إلى قوله {ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} قال أبو بكر : بلى والله انا نحب ان يغفر الله لنا وعاد له كما كان يصنع.
وأخرج أحمد والبخاري وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أم رومان قال : بينا أنا عند عائشة اذ دخلت عليها امرأة فقالت : فعل الله بابنها وفعل فقالت عائشة : ولم قالت : انه كان فيمن حدث الحديث قالت عائشة : وأي حديث قالت : كذا وكذا قلت : وقد بلغ ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نعم.
قلت : وأبا بكر قالت : نعم ، فخرت عائشة مغشيا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض فقمت فزبرتها وجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما شأن هذه قلت : يا رسول الله

أخذتها حمى بنافض قال : فلعله من حديث تحدث به ، قالت واستوت عائشة قاعدة فقالت : والله لئن حلفت لا تصدقوني ، ولئن اعتذرت اليكم لا تعذروني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه {والله المستعان على ما تصفون} وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عذرها فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر فدخل فقال : يا عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت : بحمد الله لا بحمدك فقال لها أبو بكر : أتقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نعم ، قالت : وكان فيمن حدث الحديث رجل كان يعوله أبو بكر فحلف أبو بكر أن لا يصله فأنزل {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} إلى آخر الآية قال أبو بكر : بلى ، فوصله.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفر أقرع بين نسائه فأصاب عائشة القرعة في غزوة بني المصطلق فلما كان في جوف الليل انطلقت عائشة لحاجة فانحلت قلادتها فذهبت في طلبها وكان مسطح يتيما لأبي بكر وفي عياله فلما رجعت عائشة لم تر العسكر وكان صفوان بن المعطل السلمي يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والاداوة فيحمله فنظر فاذا عائشة فغطى وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها فانتهى إلى العسكر فقالوا : قولا : وقالوا فيه

قال : ثم ذكر الحديث حتى انتهى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء فيقوم على الباب فيقول : كيف تيكم حتى جاء يوما فقال : ابشري يا عائشة قد أنزل الله عذرك فقالت : بحمد الله لا بحمدك وأنزل في ذلك عشر آيات {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} فحد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسطحا وحمنة وحسان.
وأخرج ابن مردويه بسنده عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان اذا سافر جاء ببعض نسائه ، وسافر بعائشة وكان لها هودج وكان الهودج له رجال يحملونه ، ويضعونه فعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخرجت عائشة للحاجة فباعدت فلم يعلم بها فاستيقظ النَّبِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس قد ارتحلوا وجاء الذين يحملون الهودج
فحملوه فلم يعلموا إلا أنها فيه فساروا وأقبلت عائشة فوجدت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والناس قد ارتحلوا فجلست مكانها فاستيقظ رجل من الانصار يقال له صفوان بن معطل وكان لا يقرب النساء فتقرب منها ومعه بعير له فلما رآها وكان قد عرفها وهي صغيرة قال : أم المؤمنين ولى وجهه وحملها ثم أخذ بخطام الجمل وأقبل يقوده حتى لحق الناس ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نزل وفقد عائشة فأكثروا القول وبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فشق عليه حتى اعتزلها واستشار فيها زيد بن ثابت وغيره فقال : يا رسول الله دعها لعل الله أن يحدث أمره فيها فقال علي بن أبي طالب : النساء

كثير ، وخرجت عائشة ليلة تمشي في نساء فعثرت أم مسطح فقالت : تعس مسطح قالت عائشة : بئس ما قلت فقالت : انك لا تدري ما يقول فاخبريها ، فسقطت عائشة مغشيا عليها ثم أنزل الله {إن الذين جاؤوا بالإفك} الآيات ، وكان أبو بكر يعطي مسطحا ويصله ويبره فحلف أبو بكر لا يعطيه فنزل {ولا يأتل أولوا الفضل منكم} فأمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يأتيها ويبشرها فجاء أبو بكر فأخبرها بعذرها وما أنزل الله فيها فقالت : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسنده عن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ثلاثا فمن أصابته القرعة خرج بها معه فلما غزا بني المصطلق اقرع بينهن فأصابت عائشة وأم سلمة فخرج بهما معه فلما كانوا في بعض الطريق مال رحل أم سلمة فاناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها وكانت عائشة تريد قضاء حاجة فلما أبركوا ابلهم قالت عائشة : فقلت في نفسي إلى ما يصلح رحل أم سلمة أقضي حاجتي ، قالت : فنزلت من

الهودج ولم يعلموا بنزولي ، فأتيت خربة فانقطعت قلادتي فاحتبست في جمعها ونظامها وبعث القوم إبلهم ومضوا وظنوا اني في الهودج فخرجت ولم أر أحد فاتبعهم حتى أعييت ، فقلت في نفسي : ان القوم سيفقدوني ويرجعون في طلبي فقمت على بعض الطريق فمر بي صفوان بن المعطل وكان سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان يجعله على الساقة فجعله ، وكان اذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم فما سقط منهم من شيء حمله
حتى يأتي به أصحابه قالت عائشة : فلما مر بي ظن أني رجل فقال : يا نومان قم فان الناس قد مضوا فقلت : اني لست رجلا أنا عائشة قال : انا لله وانا اليه راجعون ثم أناخ بعيره فعقل يديه ثم ولى عني فقال يا امه : قومي فاركبي فاذا ركبت فآذنيني قالت : فركبت فجاء حتى حل العقال ثم بعث جمله فأخذ بخطام الجمل قال عمر : فما كلمها كلاما حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول للناس : فجربها ورب الكعبة وأعانه على ذلك حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة وشاع ذلك في العسكر فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكان في قلب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مما قالوا حتى رجعوا إلى المدينة وأشاع عبد الله بن أبي هذا الحديث في المدينة واشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عائشة : فدخلت ذات يوم أم مسطح فرأتني وأنا أريد المذهب

فحملت معي السطل وفيه ماء فوقع السطل منها فقالت : تعس مسطح قالت لها عائشة - سبحان الله - تسبين رجلا من أهل بدر وهو ابنك قالت لها أم مسطح : انه سال بك السيل وأنت لا تدرين واخبرتها بالخبر ، قالت : فلما اخبرتني اخذتني الحمى بنافض مما كان ولم أجد المذهب ، قالت عائشة : وقد كنت أرى من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل ذلك جفوة ولم ادر من أي شيء هو فلما حدثتني أم مسطح علمت أن جفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذاك فلما دخل علي قلت : تأذن لي أن أذهب إلى أهلي قال : اذهبي فخرجت عائشة حتى أتت أباها فقال لها : مالك قلت : اخرجني رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته قال لها أبو بكر : فأخرجك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته وآويك انا والله لا آويك حتى يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤويها فقال لها أبو بكر : والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط فكيف وقد اعزنا الله بالاسلام فبكت عائشة وامها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن وبكى معهم أهل الدار ، وبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه فقال : أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني فقام إليه سعد بن معاذ فسل سيفه وقال :

يا رسول الله أنا أعذرك منه ان يكن من الأوس اتيتك برأسه وان يكن من الخزرج امرتنا بأمرك
فيه فقام سعد بن عبادة فقال : كذبت والله ما تقدر على قتله انما طلبتنا بذحول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية فقال هذا : يال الاوس وقال هذا : يال الخزرج ، فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا فقام أسيد بن حضير فقال : فيم الكلام هذا رسول الله يأمرنا بأمره فنفعله عن رغم أنف من رغم ، ونزل جبريل وهو على المنبر فلما سري عنه تلا عليهم ما نزل به جبريل {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} الحجرات الآية 9 إلى آخر الآيات فصاح الناس : رضينا بما أنزل الله وقام وبعضهم إلى بعض وتلازموا وتصايحوا فنزل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن المنبر ، وأبطأ الوحي في عائشة فبعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وبريرة وكان اذا أراد أن يستشير في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة بن زيد بعد موت أبيه زيد فقال لعلي : ما تقول في عائشة فقد أهمني ما قال الناس قال : يا رسول الله قد قال الناس وقد حل لك طلاقها وقال لاسامة : ما تقول أنت قال - سبحان الله - ما يحل لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ، فقال لبريرة : ما تقولين

يا بريرة قالت والله يا رسول الله ما علمت على أهلك إلا خيرا إلا أنها امرأة نؤم تنام حتى تجيء الداجن فتأكل عجينها وان كان شيء من هذا ليخبرنك الله ، فخرج صلى الله عليه وسلم حتى أتى منزل أبي بكر فدخل عليها فقال : يا عائشة ان كنت فعلت هذا الامر فقولي لي حتى أستغفر الله لك فقالت : والله لا أستغفر الله منه أبدا ، ان كنت قد فعلته فلا غفر الله لي وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف اذهب اسم يعقوب من الأسف قال {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون} يوسف الآية 86 ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمها اذ نزل جبريل بالوحي فأخذت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نعسة فسري وهو يتبسم فقال : يا عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت : بحمد الله بحمدك ، فتلا عليها سورة النور إلى الموضع الذي انتهى إليه عذرها وبراءتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ك قومي إلى البيت فقامت ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فدعا أبا عبيدة بن الجراح فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله من البراءة لعائشة وبعث إلى عبد الله بن
أبي فجيء به فضربه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حدين وبعث إلى حسان ومسطح وحمنة فضربوا ضربا وجيعا ووجى ء في رقابهم قال ابن عمر : انما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله

بن أبي حدين لأنه من قذف أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعليه حدان ، فبعث أبو بكر إلى مسطح لا وصلتك بدرهم أبدا ولا عطف عليك بخير أبدا ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله ، ونزل القرآن {ولا يأتل أولوا الفضل منكم} إلى آخر الآية ، فقال أبو بكر : أما اذ نزل القرآن يأمرني فيك لاضاعفن لك ، وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل القرآن {الخبيثات} يعني امرأة عبد الله {للخبيثين} يعني عبد الله {والخبيثون للخبيثات} عبد الله وامرأته {والطيبات} يعني عائشة وأزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {للطيبين} يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي اليسر الانصاري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : يا عائشة قد أنزل الله عذرك قالت : بحمد الله لا بحمدك ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند عائشة فبعث إلى عبد الله بن أبي فضربه حدين وبعث إلى مسطح وحمنة فضربهم.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} يريد ان الذين جاؤا بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم {لا تحسبوه

شرا لكم بل هو خير لكم} يريد خيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبراءة لسيدة نساء المؤمنين وخير لأبي بكر وأم عائشة وصفوان بن المعطل {لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم} يريد اشاعته منهم يريد عبد الله بن أبي بن سلول {له عذاب عظيم} يريد في الدنيا جلده رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الآخرة مصيره إلى النار {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين} وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار فيها بريرة وأزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : خيرا وقالوا : هذا كذب عظيم {لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء} لكانوا هم والذين شهدوا كاذبين {فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} يريد الكذب بعينه {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد ولولا ما من الله به عليكم وستركم {هذا بهتان عظيم} يريد البهتان الافتراء مثل قوله في مريم بهتانا عظيما {يعظكم الله أن تعودوا لمثله} يريد مسطحا
وحمنة وحسان {ويبين الله لكم الآيات} التي أنزلها في عائشة والبراءة لها {والله عليم} بما في قلوبكم من الندامة فيما خضتم به {حكيم} في القذف ثمانين جلدة {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} يريد بعد هذا {في الذين آمنوا} يريد المحصنين

والمحصنات من المصدقين {لهم عذاب أليم} وجيع في الدنيا يريد الحد وفي الآخرة العذاب في النار {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} ما دخلتم فيه وما فيه من شدة العذاب وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا ، {ولولا فضل الله عليكم} يريد لولا ما تفضل الله به عليكم {ورحمته} يريد مسطحا وحمنة وحسان {وأن الله رؤوف رحيم} يريد من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق {يا أيها الذين آمنوا} يريد صدقوا بتوحيد الله {لا تتبعوا خطوات الشيطان} يريد الزلات {فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} يريد بالفحشاء عصيان الله والمنكر كل ما يكره الله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد ما تفضل الله به عليكم ورحمكم {ما زكا منكم من أحد أبدا} يريد ما قبل توبة أحد منكم أبدا {ولكن الله يزكي من يشاء} فقد شئت أن يتوب عليكم {والله سميع عليم} يريد سميع لقولكم عليم بما في أنفسكم من الندامة ، {ولا يأتل} يريد ولا يحلف {أولوا الفضل منكم والسعة}

يريد ولا يحلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح {أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا} فقد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله فسخطت يا أبا بكر على مسطح فله قرابة وله هجرة ومسكنة ومشاهد رضيتها منه يوم بدر {ألا تحبون} يا أبا بكر {أن يغفر الله لكم} يريد فاغفر لمسطح {والله غفور رحيم} يريد فاني غفور لمن أخطأ رحيم باوليائي ، {إن الذين يرمون المحصنات} يريد العفائف {الغافلات المؤمنات} يريد المصدقات بتوحيد الله وبرسله وقد قال حسان بن ثابت في عائشة : حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل فقالت عائشة : لكنك لست كذلك {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} يقول أخرجهم من الإيمان مثل قوله في سورة الأحزاب للمنافقين {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} الأحزاب الآية 61.
{والذي تولى كبره} يريد كبر القذف واشاعته عبد الله بن أبي الملعون {يوم تشهد

عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} يريد أن الله ختم على ألسنتهم فشهدت الجوارح وتكلمت على أهلها بذلك وذلك أنهم قالوا تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين فختم الله على ألسنتهم فتكلمت الجوارح بما عملوا ثم شهدت ألسنتهم عليهم بعد ذلك ، {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} يريد يجازيهم بأعمالهم بالحق كما يجازي أولياءه بالثواب كذلك يجازي أعداءه بالعقاب كقوله في الحمد {مالك يوم الدين} يريد يوم الجزاء {ويعلمون} يريد يوم القيامة {أن الله هو الحق المبين} وذلك ان عبد الله بن أبي كان يشك في الدنيا وكان رأس المنافقين فذلك قوله {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} ويعلم ابن سلول {أن الله هو الحق المبين} يريد انقطع الشك واستيقن حيث لا ينفعه اليقين ، {الخبيثات للخبيثين} يريد أمثال عبد الله بن أبي ومن شك في الله ويقذف مثل سيدة نساء العالمين {والطيبات للطيبين} عائشة طيبها الله لرسوله ، أتى بها جبريل في سرقة من حرير قبل أن تصور في رحم أمها فقال له : عائشة بنت أبي بكر زوجتك في الدنيا وزوجتك

في الجنة عوضا من خديجة وذلك عند موتها بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقر بها عيناه ، {والطيبون للطيبات} يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبه الله لنفسه وجعله سيد ولد آدم {والطيبات} يريد عائشة {أولئك مبرؤون مما يقولون} يريد برأها الله من كذب عبد الله بن أبي {لهم مغفرة} يريد عصمة في الدنيا {ومغفرة} في الآخرة {ورزق كريم} يريد الجنة وثواب عظيم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير {إن الذين جاؤوا بالإفك} الكذب {عصبة منكم} يعني عبد الله بن أبي المنافق وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش {لا تحسبوه شرا لكم} يقول لعائشة وصفوان : لا تحسبوا الذي قيل لكم من الكذب {شرا لكم بل هو خير لكم} لانكم تؤجرون على ذلك {لكل امرئ منهم} يعني ممن خاض في أمر عائشة {ما اكتسب من الإثم} على قدر ما خاض فيه من أمرها {والذي تولى كبره} يعني حظه منهم يعني القدفة وهو

ابن أبي رأس المنافقين وهو الذي قال : ما برئت منه وما برى ء منها {له عذاب عظيم}
وفي هذه الآية عبرة عظيمة لجميع المسلمين اذا كانت فيهم خطيئة فمن أعان عليها بفعل أو كلام أو عرض لها أو أعجبه ذلك أو رضي فهو في تلك الخطيئة على قدر ما كان منه واذا كان خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب ومن غاب ورضي فهو مثل شاهد ، {لولا إذ سمعتموه} قذف عائشة وصفوان {ظن المؤمنون والمؤمنات} لأن منهم حمنة بنت جحش هلا كذبتم به {بأنفسهم خيرا} هلا ظن بعضهم ببعض خيرا أنهم لم يزنوا {وقالوا هذا إفك مبين} إلا قالوا هذا القذف كذب بين {لولا جاؤوا عليه} يعني على القذف {بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك} يعني الذي قذفوا عائشة {عند الله هم الكاذبون} في قولهم {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة} من تأخير العقوبة {لمسكم فيما أفضتم فيه} يعني فيما قلتم من القذف {عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم} وذلك حين خاضوا في أمر عائشة فقال بعضهم : سمعت فلانا يقول كذا وكذا

وقال بعضهم : بل كان كذا وكذا فقال {تلقونه بألسنتكم} يقول : يرويه بعضكم عن بعض {وتقولون بأفواهكم} يعني بالسنتكم من قذفها {ما ليس لكم به علم} يعني من غير أن تعلموا ان الذي قلتم من القذف حق {وتحسبونه هينا} تحسبون ان القذف ذنب هين {وهو عند الله عظيم} يعني من الزور {لولا إذ سمعتموه} يعني القذف {قلتم ما يكون} يعني ألا قلتم ما يكون {ما يكون لنا أن نتكلم بهذا} ولم تره أعيننا {سبحانك هذا بهتان عظيم} يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الانصاري : وذلك ان سعدا لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال {سبحانك هذا بهتان عظيم} يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الانصاري : وذلك ان سعدا لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال {سبحانك هذا بهتان عظيم} والبهتان الذي يبهت فيقول ما لم يكن ، {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} يعني القذف {إن كنتم مؤمنين} يعني مصدقين {ويبين الله لكم الآيات} يعني ما ذكر من المواعظ {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} تفشوا ويظهر الزنا {لهم عذاب أليم في الدنيا} بالحد {في الآخرة عذاب النار} ، {ولولا فضل الله} لعاقبكم بما قلتم لعائشة {وأن الله رؤوف رحيم} حين عفا عنكم فلم يعاقبكم {ومن يتبع خطوات الشيطان} يعني تزيينه {فإنه يأمر بالفحشاء} يعني بالمعاصي {والمنكر} ما لا يعرف

مثل ما قيل لعائشة {ولولا فضل الله عليكم ورحمته}
يعني نعمته {ما زكا} ما صلح {ولكن الله يزكي} يصلح {من يشاء} ، فلما أنزل الله عذر عائشة وبرأها وكذب الذين قذفوها حلف أبو بكر ان لا يصل مسطح بن اثاثة بشيء أبدا لأنه كان فيمن ادعى على عائشة من القذف وكان مسطح من المهاجرين الاولين وكان ابن خالة أبي بكر وكان يتيما في حجره فقيرا فلما حلف أبو بكر ان لا يصله نزلت في أبي بكر {ولا يأتل} أي ولا يحلف {أولوا الفضل منكم} يعني في الغنى أبا بكر الصديق {والسعة} يعني في الرزق {أن يؤتوا أولي القربى} يعني مسطح ابن اثاثة قرابة أبي بكر ، وَابن خالته {والمساكين} يعني ان مسطحا كان فقيرا {والمهاجرين في سبيل الله} يعني ان مسطحا كان من المهاجرين {وليعفوا وليصفحوا} يعني ليتجاوزوا عن مسطح {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : أما تحب أن يغفر الله لك قال : بلى يا رسول الله قال : فاعف واصفح فقال أبو بكر : قد عفوت وصفحت لا أمنعه معروفا بعد اليوم ، {إن الذين يرمون المحصنات} يعني يقذفون بالزنا الحافظات لفروجهن العفائف {الغافلات} يعني عن الفواحش يعني عائشة {المؤمنات} يعني الصادقات {لعنوا} يعني جلدوا {في الدنيا والآخرة} يعذبون بالنار يعني عبد الله بن أبي لانه منافق له عذاب عظيم ، !

{يوم تشهد عليهم ألسنتهم} يعني من قذف عائشة يوم القيامة {يومئذ} يعني في الآخرة {يوفيهم الله دينهم الحق} حسابهم العدل لا يظلمهم {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} يعني العدل المبين {الخبيثات} يعني السيء من الكلام قذف عائشة {للخبيثين} من الرجال والنساء يعني الذين قذفوها {والخبيثون} يعني من الرجال والنساء {للخبيثات} يعني السيء من الكلام لأنه يليق بهم الكلام السيء {والطيبات} يعني الحسن من الكلام {للطيبين} من الرجال والنساء يعني الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرا {والطيبون} من الرجال والنساء {للطيبات} للحسن من الكلام لأنه يليق بهم الكلام الحسن {أولئك} يعني الطيبين من الرجال والنساء {مبرؤون مما يقولون} هم برآء من الكلام السيء {لهم مغفرة} يعني لذنوبهم {ورزق كريم}
يعني حسنا في الجنة فلما أنزل الله عذر عائشة ضمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسه وهي من أزواجه في الجنة.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أنزل الله عذري وكادت الامة تهلك في سببي فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج الملك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيك اذهب إلى ابنتك فاخبرها ان الله قد أنزل عذرها من

السماء قالت : فاتاني أبي وهو يعدو يكاد أن يعثر فقال : ابشري يا بنية بأبي وأمي فان الله قد أنزل عذرك قلت : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك الذي أرسلك ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول ذراعي فقلت بيده هكذا فأخذ أبو بكر النعل ليعلوني بها فمنعته أمي فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقسمت لا تفعل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : والله ما كنت أرجو أن ينزل في كتاب الله ولا أطمع فيه ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا فيذهب ما في نفسه وقد سأل الجارية الحبشية فقالت : والله لعائشة أطيب من طيب الذهب ولكنها ترقد حتى تدخل تدخل الشاة فتأكل عجينها والله لئن كان ما يقول الناس حقا ليخبرنك الله ، فعجب الناس من فقهها.
وأخرج الطبراني عن الحكم ابن عتيبة قال : لما خاض الناس في أمر عائشة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة فقال : يا عائشة ما يقول الناس فقالت : لا أعتذر من شيء قالوه حتى ينزل عذري من السماء ، فأنزل الله فيها خمس عشرة آية من سورة النور ثم قرأ حتى بلغ {الخبيثات للخبيثين}.


وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : نزلت ثمان عشرة آية متواليات بتكذيب من قذف عائشة وببراءتها.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح عن عائشة قالت : لما رميت بما رميت به هممت ان آتي قلبيا فاطرح نفسي فيه.
وأخرج البزار بسند صحيح عن عائشة : انه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها فقالت : إلا عذرتني فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ان قلت ما لا أعلم.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : لما نزلت عذري من السماء جاءني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاخبرني بذلك فقلت : بحمد الله لا بحمدك.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : لما نزل عذري قام رسول الله صلى الله عليه وسلم

على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل ، أمر برجلين وامرأة فضربوا حدين.
وأخرج ابن جرير عن محمد ابن عبد الله بن جحش قال : تفاخرت عائشة وزينب فقالت زينب : أنا التي نزل تزويجي وقالت عائشة : وأنا التي نزل عذري في كتابه حين حملني ابن المعطل فقالت لها زينب : يا عائشة ما قلت حين ركبتيها قالت : قلت حسبي الله ونعم الوكيل قالت : قلت كلمة المؤمنين.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن ابن عباس : أنه دخل على عائشة قبل موتها وهي مغلوبة فقال : كيف تجدينك قالت : بخير ان اتقيت قال : فأنت بخير ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكح بكرا غيرك ونزل عذرك من السماء.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت : خلال في تسع لم تكن

لاحد إلا ما آتى الله مريم جاء الملك بصورتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجني وأنا ابنة سبع سنين وأهديت اليه وأنا ابنة تسع وتزوجني بكرا وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد وكنت من أحب الناس اليه ونزل في آيات من القرآن كادت الامة تهلك فيها ورأيت جبريل ولم يره احد من نسائه غيري وقبض في بيتي لم يله أحد غير الملك إلا أنا.
وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت : فضلت على نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعشر ، قيل ما هن يا أم المؤمنين قالت : لم ينكح بكرا قط غيري ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري وأنزل الله براءتي من السماء وجاءه جبريل بصورتي من السماء في حريرة وقال تزوجها فانها امرأتك وكنت أغتسل أنا وهو من اناء واحد ولم يكن يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري ومات في الليلة التي كان يدور علي فيها ودفن في بيتي.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن مجاهد
في قوله {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} قال :

أصحاب عائشة عبد الله بن أبي ابن سلول ومسطح وحسان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : الذين افتروا على عائشة حسان ومسطح وحمنة بنت جحش وعبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عروة : أن عبد الملك بن مروان كتب اليه يسأله عن الذين جاؤا بالافك فكتب اليه أنه لم يسم منهم إلا حسان ومسطح وحمنة بنت جحش في آخرين لا علم لي بهم.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن الزهري قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك فقال : الذي تولى كبره منهم علي ، فقلت : لا ، حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود كلهم سمع عائشة تقول : الذي تولى كبره عبد الله بن أبي قال : فقال لي فما كان جرمه قلت : حدثني شيخان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر

بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنهما سمعا عائشة تقول : كان مسيئا في أمري ، وقال يعقوب بن شبة في مسنده : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ثنا الشافعي ثنا عمى قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال له : يا سليمان الذي تولى كبره من هو قال : عبد الله بن أبي قال : كذبت هو علي ، قال أمير المؤمنين أعلم بما يقول فدخل الزهري فقال : يا ابن شهاب من الذي تولى كبره فقال له : ابن أبي قال : كذبت ، هو علي قال : أنا أكذب - لا أبا لك - لو نادى مناد من السماء ان الله أحل الكذب ما كذبت ، حدثني عروة وسعيد وعبيد الله وعلقمة عن عائشة : ان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن مسروق قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة رضي الله عنها فشبب وقال : حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثي من لحوم الغوافل

قالت : لكنك لست كذلك قلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} فقالت : وأي عذاب أشد من العمى ولفظ ابن مردويه أو ليس في عذاب قد كف بصره.
وَأخرَج ابن جرير من طريق الشعبي عن عائشة أنها قالت : ما سمعت بشيء أحسن من شعر حسان وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة ، قوله لابي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم : هجوت محمدا وأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء فان أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء أتشتمه ولست له بكفء * فشركما لخيركما الفداء لساني صارم لا عيب فيه * وبحري لا تكدره الدلاء فقيل : يا أم المؤمنين أليس هذا لغوا قالت : لا انما اللغو ما قيل عند النساء قيل : أليس الله يقول {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} قالت : أليس قد أصابه عذاب أليم أليس قد أصيب بصره وكسع

بالسيف وتعني الضربة التي ضربها اياه صفوان بن المعطل حين بلغه عنه أنه تكلم في ذلك فعلاه بالسيف وكاد يقتله.
وَأخرَج محمد بن سعد عن محمد بن سيرين ، أن عائشة كانت تأذن لحسان بن
ثابت وتدعو له بالوسادة وتقول : لا تؤذوا حسان فانه كان ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه وقال الله {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} وقد عمي والله قادر أن يجعل ذلك العذاب العظيم عماه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {والذي تولى كبره منهم} يقول : الذي بدأ بذلك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد {والذي تولى كبره} قال : عبد الله بن أبي ابن سلول يذيعه.
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن الذي تولى كبره رجلان من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، أحدهما من قريش والآخر من الانصار ، عبد الله بن أبي

بن سلول ولم يكن شر قط إلا وله قادة ورؤساء في شرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين ، أن عائشة كانت تأذن لحسان بن ثابتن وتلقي له الوسادة وتقول ، لا تقولوا لحسان إلا خيرا فانه كان يرد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد قال الله {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} وقد عمي والعمى عذاب عظيم والله قادر على أن يجعله ذلك ويغفر لحسان ويدخله الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن مسروق قال في قراءة عبد الله (والذي تولى كبره منهم له عذاب أليم).
- قوله تعالى : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين * لولا جاؤا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخره لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن بعض الانصار ان امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الافك ما قالوا : ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة قال : بلى وذلك الكذب أكنت أنت فاعلة ذلك يا أم أيوب قالت : لا والله قال : فعائشة والله خير منك وأطيب انما هذا كذب وأفك باطل فلما نزل القرآن ذكر الله من قال من الفاحشة ما قال من أهل الافك ثم قال {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين} أي كما قال أبو أيوب وصاحبته.


وأخرج الواحدي ، وَابن عساكر والحاكم عن أفلح مولى أبي أيوب ان أم أيوب قالت : ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة قال : بلى وذلك الكذب أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك قالت : لا والله قال : فعائشة والله خير منك ، فلما نزل القرآن وذكر أهل الافك قال الله {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات}.
- قوله تعالى : إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.
أخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد أنه قرأ {إذ تلقونه بألسنتكم} قال : يرويه بعضكم عن بعض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {إذ تلقونه بألسنتكم} قال : يرويه بعضكم عن بعض.
وأخرج البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مليكة قال : كانت عائشة تقرأ {إذ تلقونه

بألسنتكم} وتقول : انما هو ولق القول ، والولق الكذب قال ابن أبي مليكة : هي أعلم به من غيرها لأن ذلك نزل فيها ، أما قوله تعالى {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض.
وأخرج الطبراني عن حذيفة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة.
- قوله تعالى : ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم.
أخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان أبو أيوب الانصاري حين أخبرته امرأته قالت : يا أبا أيوب ألا تسمع ما يتحدث الناس فقال (ما يكون لنا ان نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم) فأنزل الله {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم}.
وأخرج سنيد في تفسيره عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما

قيل في أمر عائشة قال : سبحانك هذا بهتان عظيم.
وأخرج ابن أخي سمي في فوائده عن سعيد بن المسيب قال : كان رجلان من
أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اذا سمعا شيئا من ذلك قالا : سبحانك هذا بهتان عظيم ، زيد بن حارثة وأبو أيوب.
- قوله تعالى : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين * ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} قال يحرج الله عليكم.
وأخرج الفريابي والطبراني عن مجاهد في قوله {يعظكم الله} قال : ينهاكم.
- قوله تعالى : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخره والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته أن الله رؤوف رحيم ، اخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن

مجاهد {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} قال : تظهر ، يحدث عن شأن عائشة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} قال : يحبون أن يظهر الزنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : من حدث بما أبصرت عيناه وسمعت أذناه فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : من أشاع الفاحشة فعليه النكال وان كان صادقا.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب قال : العامل الفاحشة والذي يشيع بها في الاثم سواء.
وأخرج البخاري في الأدب عن شبل بن عون قال : كان يقال من سمع بفاحشة فافشاها فهو فيها كالذي أبداها.
وأخرج أحمد عن ثوبان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذوا عباد الله ولا

تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم ، فانه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته.
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما زكا منكم} قال : ما اهتدى أحد من الخلائق لشيء من الخير.
- قوله تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يأتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا يأتل أولوا الفضل} يقول : لا تقسموا ان لا تنفقوا على أحد.
وأخرج ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان مسطح بن اثاثة ممن تولى كبره من أهل الأفك وكان قريبا لأبي بكر وكان في عياله فحلف أبو بكر رضي الله عنه ان لا ينيله خيرا أبدا فأنزل الله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} قالت : فأعاده أبو بكر إلى عياله وقال : لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا تحللتها وأتيت الذي هو خير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ولا يأتل أولوا

الفضل منكم} قال : نزلت هذه الآية في رجل من قريش يقال له مسطح كان بينه وبين أبي بكر قرابة وكان يتيما في حجره وكان ممن أذاع على عائشة ما
أذاع فلما أنزل الله براءتها وعذرها تألى أبو بكر لا يرزؤه خيرا فأنزل الله هذه الآية ، فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر فتلاها عليه فقال : ألا تحب أن يغفر الله لك قال : بلى قال : فاعف عنه وتجاوز فقال أبو بكر : لا جرم ، والله لا أمنعه معروفا كنت أوليه قبل اليوم.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : كان ذو قرابة لأبي بكر ممن كثر على عائشة فحلف أبو بكر لا يصله بشيء وقد كان يصله قبل ذلك فلما نزلت هذه الآية {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} إلى آخر الآية فصار أبو بكر يضعف له بعد ذلك بعدما نزلت هذه الآية ضعفي ما كان يعطيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : حلف أبو بكر لا ينفع مسطح بن أثاثة ولا يصله وكان بينه وبين أبي بكر قرابة من قبل النساء فاقبل إلى أبي بكر يعتذر فقال مسطح : جعلني الله فداءك والله الذي أنزل على محمد ما قذفتها وما تكلمت بشيء مما قيل لها أي خالي - وكان أبو بكر خاله - قال أبو بكر : ولكن قد ضحكت وأعجبك الذي قيل فيها قال : لعله يكون قد كان

بعض ذلك فأنزل الله في شأنه {ولا يأتل أولوا الفضل}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن محمد بن سيرين قال : حلف أبو بكر في يتيمين كانا في حجره كانا فيمن خاض في أمر عائشة ، أحدهما مسطح بن اثاثة قد شهد بدرا فحلف لا يصلهما ولا يصيبا منه خيرا ، فنزلت هذه الآية {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} قال : كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رموا عائشة بالقبيح وأفشوا ذلك وتكلموا فيها فأقسم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر ان لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من هذا ولا يصلوه قال : لا يقسم أولوا الفضل منكم والسعة ان يصلوا أرحامهم وان يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون قبل ذلك فأمر الله ان يغفر لهم وان يعفو عنهم.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة قط ، تصدقوا ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزا ، فاعفوا يعزكم
الله ولا فتح رجل على نفسه مسألة الناس إلا فتح الله له باب فقر.


إلا ان العفة خير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب والخرائطي في مكارم الأخلاق والحاكم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي وائل قال : رأيت عبد الله أتاه رجل برجل نشوان فأقام عليه الحد ثم قال للرجل الذي جاء به : ما أنت منه قال : عمه ، قال : ماأحسنت الأدب ولا سترته {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} ثم قال عبد الله : اني لأذكر أول رجل قطعه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتى رجل فلما أمر به لتقطع يده كأنما سف وجهه رمادا فقيل : يا رسول الله كان هذا شق عليك قال : لا ينبغي ان تكونوا للشيطان عونا على أخيكم فانه لا ينبغي للحاكم اذا انتهى اليه حد إلا أن يقيمه وان الله عفو يحب العفو ثم قرأ {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم}.
- قوله تعالى : إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس في

قوله {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : نزلت في عائشة خاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن خصيف قال : قلت لسعيد بن جبير أيما أشد ، الزنا أم القذف قال : الزنا ، قلت : ان الله يقول {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : إنما أنزل هذا في شأن عائشة خاصة.
وأخرج الطبراني عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في عائشة خاصة {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن الضحاك {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : إنما عني بهذا نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}
قال : هذه لأمهات المؤمنين خاصة ، وأخرجابن أبي حاتم عن سلمة بن نبيط {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال : هن نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.


وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس ، أنه قرأ سورة النور ففسرها فلما أتى على هذه الآية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات} قال : هذه في عائشة وأزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التوبة ثم قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله {إلا الذين تابوا} ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توبة ثم تلا هذه الآية {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فهم بعض القوم ان يقوم إلى ابن عباس فيقبل رأسه لحسن ما فسر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : رميت بما رميت به وأنا غافلة فبلغني بعد ذلك : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي جالس اذ أوحي إليه وهو جالس ثم استوى فمسح على وجهه وقال : يا عائشة ابشري فقلت : بحمد الله لا بحمدك فقرأ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} حتى بلغ {أولئك مبرؤون مما يقولون}.


- قوله تعالى : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
أخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم فيقال : هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول : كذبوا فيقال : أهلك وعشيرتك فيقول : كذبوا فيقال : احلفوا فيحلفون ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم السنتهم وأيديهم ثم يدخلهم النار.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته فما ينطق لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تغتاله أو توليه أو كلمة نحوها ويداه ورجلاه يشهدون
عليه بما كانوا يوليها ثم يدعى الرجل وخوله فمثل ذلك.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم تدعون مقدمة أفواهكم بالفدام وان أول ما يبين عن أحدكم فرجه وكفه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي امامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما ينطق من ابن آدم يوم القيامة فخذه.


وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يستنطق من ابن آدم جوارحه في محاقير عمله ، فيقول وعزتك يا رب ان عندي المضرات العظام.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن مردويه عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اني لأعلم آخر رجل من أمتي يجوز الصراط رجل يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه ، تزل يده مرة فتصيبها النار وتزل رجله مرة فتصيبها النار فتقول له الملائكة : أرأيت ان بعثك الله من مقامك هذا فمشيت سويا أتخبرنا بكل عمل عملته فيقول : أي وعزته لا أكتمكم من عملي شيئا فيقولون له : قم فامش سويا ، فيقوم فيمشي حتى يجاوز الصراط فيقولون له : اخبرنا باعمالك التي عملت فيقول في نفسه : ان اخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني فيقول : لا وعزته ما عملت ذنبا قط فيقولون : ان لنا عليك بينة فيلتفت يمينا وشمالا هل يرى من الآدميين ممن كان يشهد في الدنيا أحد ، فلا يراه فيقول : هاتوا بينتكم فيختم الله على فيه فتنطق يداه ورجلاه وجلده بعمله فيقول : أي وعزتك لقد عملتها وان عندي العظائم المضرات فيقول : اذهب فقد غفرتها لك.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول عظم

يتكلم من الانسان بعد ان يختم على فيه فخذه من جانبه الأيسر.
- قوله تعالى : يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} قال : حسابهم وكل شيء في القرآن الدين فهو الحساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن قتادة {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} أي أعمالهم الحق لحقهم وأهل الباطل لباطلهم {ويعلمون أن الله هو الحق المبين}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه قرأها (الحق) بالرفع.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ : (يومئذ يوفيه الله الحق دينهم).
- قوله تعالى : الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس

في قوله {الخبيثات} قال : من الكلام {للخبيثين} قال : من الرجال {والخبيثون} من الرجال {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام ، نزلت في الذين قالوا في زوجة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما قالوا من البهتان.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد في قوله {الخبيثات} قال من الكلام {للخبيثين} من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام {أولئك مبرؤون مما يقولون} قال : من كان طيبا فهو مبرأ من كل قول خبيث لقوله يغفر الله له ، ومن كان خبيثا فهو مبرأ من كل قول صالح يقوله يرده الله عليه لا يقبله منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والطبراني عن قتادة في قوله {الخبيثات} قال : من القول والعمل {للخبيثين} من الناس {والخبيثون}

من الناس {للخبيثات} من القول والعمل {والطيبات} من القول والعمل {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من القول والعمل {لهم مغفرة} لذنوبهم {ورزق كريم} هو الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {للخبيثات} قال : من الكلام
{للخبيثين} قال : من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من الكلام {والطيبات} من الكلام {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من الكلام وهؤلاء {مبرؤون مما} يقال لهم من السوء يعني عائشة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير عن الضحاك وابراهيم ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء {الخبيثات} قال : من القول {للخبيثين} من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} من القول {والطيبات} من القول {للطيبين} من الناس {والطيبون} من الناس {للطيبات} من القول ، ألا ترى أنك تسمع بالكلمة الخبيثة من الرجل الصالح فتقول غفر الله لفلان ما هذا من خلقه ولا من شيمه ولا مما يقول ، قال الله {أولئك مبرؤون مما

يقولون} ان يكون ذلك من شيمهم ولا من أخلاقهمن ولكن الزلل قد يكون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى الجزار قال : جاء أسير بن جابر إلى عبد الله فقال : قد سمعت الوليد بن عقبة اليوم تكلم بكلام اعجبني فقال عبد الله : ان الرجل المؤمن يكون في فيه الكلمة غير طيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها رجل عنده مثلها فيضمها اليها ، وان الرجل الفاجر تكون في قلبه الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها الرجل الذي عنده مثلها فيضمها اليها ، ثم قرأ عبد الله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن زيد في قوله {الخبيثات للخبيثين} قال : نزلت في عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذلك وكان عبد الله بن أبي هو الخبيث فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثه ويكون لها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبا وكان أولى أن تكون له الطيبة وكانت عائشة الطيبة فكانت أولى أن يكون لها الطيب وفي قوله {أولئك مبرؤون مما يقولون} قال : ههنا برئت عائشة.


وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : لقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة وعند طيب ولقد وعدت مغفرة وأجرا عظيما.
وأخرج الطبراني عن ذكوان حاجب عائشة قال : دخل ابن عباس على عائشة
فقال : ابشري ما بينك وبين أن تلقي محمدا والاحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله ولم يكن يحب رسول الله إلا طيبا وسقطت قلادتك ليلة الابواء فأنزل الله أن {فتيمموا صعيدا طيبا} النساء الآية 43 وكان ذلك بسببك وما أنزل الله لهذه الامة من الرخصة وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات جاء بها الروح الامين فأصبح وليس مسجد من مساجد الله يذكر الله يذكر الله فيه إلا هي تتلى فيه آناء الليل وآناء النهار قالت : دعني منك يا ابن عباس فو الذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اذا كان يوم القيامة حد الله الذين قذفوا عائشة ثمانين ثمانين على رؤوس الخلائق فيستوهب ربي المهاجرين منهم فاستأمرك يا عائشة فسمعت عائشة الكلام وهي في البيت فبكت ثم قالت : والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب إلى من سروري فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال : انها ابنة أبيها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي

والنسائي ، وَابن ماجه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام.
وأخرج الحاكم عن الزهري قال : لو جمع علم الناس كلهم ثم علم أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لكانت عائشة أوسعهم علما.
وأخرج الحاكم عن عروة قال ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة رضي الله عنها.
وأخرج الحاكم عن موسى بن طلحة قال : ما رأيت أحدا أفصح من عائشة رضي الله عنها.
وأخرج أحمد في الزهد والحاكم عن الاحنف قال : سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخطباء هلم جرا فما سمعت الكلام من فم

مخلوق أفخم ولا أحسن منه من عائشة رضي الله عنها.
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم عن مسروق أنه سئل أكانت عائشة تحسن الفرائض فقال : لقد رأيت الاكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض.
وأخرج الحاكم عن عطاء قال : كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسلمالبطين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة زوجتي في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : خلال في سبع لم تكن في أحد من الناس إلا ما أتى الله مريم بنت عمران ، والله ما أقول هذا لكي أفتخر على صواحبي قيل : وما هن قالت : نزل الملك بصورتي وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع سنين وأهديت إليه وأنا بنت تسع سنين وتزوجني بكرا لم يشركه في أحد من الناس وأتاه الوحي وأنا واياه في لحاف واحد وكنت من أحب الناس إليه ونزل في آيات من القرآن كادت الامة تهلك فيهن ورأيت جبريل لم يره

أحد من نسائه غيري وقبض لم يله أحد غير الملك وأنا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لها : ان جبريل يقرأ عليك السلام قالت عائشة : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق أبي بكر محمد بن عمر البغدادي الحنبلي عن أبيه ثنا محمد بن الحسن الكاراني حدثني إبراهيم الخرجي قال : ضاق بي شيء من أمور الدنيا فدعوت بدعوات يقال لها دعاء الفرج فقلت : وما هي فقال : حدثني أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل حدثني سفيان بن عيينة ثنا محمد بن واصل الانصاري عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند أم المؤمنين عائشة لأقر عينيها بالبراءة وهي تبكي فقالت : والله لقد هجرني القريب والبعيد حتى هجرتني الهرة وما عرض علي طعام ولا شراب فكنت أرقد وأنا جائعة ظامئة فرأيت في منامي فتى فقال لي : ما لك فقلت : حزينة مما ذكر الناس فقال : ادعي بهذه يفرج عنك فقلت : وما هي فقال : قولي يا سابغ النعم ودافع النقم ويا فارج الغمم ويا كاشف

الظلم يا أعدل من حكم يا حسيب من ظلم يا ولي من ظلم يا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية يا من له اسم بلا كنية اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا قالت : فانتبهت وأنا ريانة شبعانة وقد أنزل الله منه فرجي قال ابن النجار : خبر غريب.
المجلد الحادي عشر- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن ام تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم * ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون.
أخرج الفريابي ، وَابن جَرِير من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الانصار قال : قالت : امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد ولد ولا والد فيأتيني الآتي فيدخل علي فكيف أصنع ولفظ ابن جرير : وانه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} الآية.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} قال : أخطأ الكاتب انما هي حتى تستأذنوا.

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن إبراهيم قال : في مصحف عبد الله (حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : هي في قراءة أبي (حتى تسلموا وتستأذنوا).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حتى تستأنسوا} قال : حتى تستأذنوا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الاستئناس ، الاستئذان.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه
عن أبي أيوب قال : قلت يا رسول الله أرأيت قول الله {حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} هذا التسليم قد عرفناه فما الاستئناس قال : يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل

البيت.
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الاستئناس ، أن تدعو الخادم حتى يستأنس أهل البيت الذين يسلم عليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حتى تستأنسوا} قال : تنحنحوا وتنخموا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق ربعي قال : حدثنا رجل من بني عامر استأذن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال : أألج فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لخادمه : اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقيل له : قل السلام عليكم ، أأدخل.


وأخرج ابن جرير عن عمرو بن سعد الثقفي أن رجلا استأذن على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أألج فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة ، قومي إلى هذا فعلميه فانه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم ، أأدخل.
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في شعب الايمان من طريق كلدة ، ان صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلياي وصقانيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال : فدخلت عليه ولم أسلم ولم استأذن فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ارجع فقل السلام عليكم ، أأدخل.
وأخرج قاسم بن أصبغ ، وَابن عبد البر في التمهيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : استأذن عمر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : السلام على رسول الله السلام عليكم.


أيدخل عمر.
وَأخرَج ابن وهب في كتاب المجالس ، وَابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : أرسلني أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت : أألج فقال : ادخل ، فلما دخلت قال : مرحبا يا ابن أخي لا تقل أألج ولكن قل السلام عليكم فاذا قالوا وعليك فقل ، أأدخل فان قالوا ادخل فأدخل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أم أياس قالت : كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت : ندخل فقالت : لا ، فقالت واحدة : السلام عليكم ، أندخل قالت : ادخلوا ثم قالت {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}.
وأخرج الترمذي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام قبل الكلام.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن أبي هريرة ، فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : اذا دخل ولم يقل

السلام عليكم فقل : لا ، حتى تأتي بالمفتاح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : كان عبد الله اذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن مسعود قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم واخواتكم.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اذا دخل البصر فلا اذن له.
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستئذان في البيوت فقال من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله ولا أذن له.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من كان يشهد أني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس ويسلم فاذا نظر في قعر البيت فقد دخل.


وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في شعب الايمان عن هذيل قال : جاء سعد فوقف على باب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستأذن فقام على الباب فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هكذا عنك فإنما الاستئذان من النظر.
وأخرج البخاري في الادب وأبو داود عن عبد الله بن بشر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
اذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الايمن أو الايسر ويقول : السلام عليكم السلام عليكم وذلك ان الدور لم يكن عليها يومئذ ستور.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن سهل بن سعد قال : اطلع رجل من حجر في حجرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه مدري يحك بها رأسه فقال لو أعلم انك تنظر لطعنت بها في عينك انما جعل

الاستئذان من أجل البصر ، وفي لفظ : إنما جعل الله الاذن من أجل البصر.
وأخرج الطبراني عن سعد بن عبادة قال : جئت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فقمت مقابل الباب فاستأذنت فأشار الي أن تباعد وقال هل الاستئذان إلا من أجل النظر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في قوله {حتى تستأنسوا} قال : هو الاستئذان قال : وكان يقال الاستئذان ثلاث فمن لم يؤذن له فيهن فليرجع ، اما الاولى فيسمع الحي.
وَأَمَّا الثانية فيأخذوا حذرهم ، واما الثالثة فان شاؤا أذنوا وان شاؤا ردوه.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كنت جالسا في مجلس من مجالس الانصار فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له : ما افزعك قال : أمرني عمر أن آتيه فأتيته فأستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال : ما منعك أن تأتيني قلت : قد جئت فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له

فليرجع قال : لتأتيني على هذا بالبينة فقالوا : لا يقوم إلا أصغر القوم فقام أبو سعيد معه فشهد له فقال عمر لأبي موسى : اني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} يعني بيوتا ليست لكم {حتى تستأنسوا وتسلموا} فيها تقديم يعني حتى تسلموا ثم تستأذنوا والسلام قبل الاستئذان {ذلكم} يعني الاستئذان والتسليم {خير لكم} يعني أفضل من أن تدخل من غير أذن ان لا تأثموا ويأخذ أهل البيت حذرهم {لعلكم تذكرون} {فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم} يعني في
الدخول {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} يعني لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس {هو أزكى لكم} يعني الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم {والله بما تعملون عليم} يعني بما يكون عليم {ليس عليكم جناح} يعني لا حرج عليكم {أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} يعني ليس بها ساكن ، وهي الخانات التي على طرق الناس للمسافر لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان ولا تسليم {فيها متاع لكم} يعني منافع من البرد والحر.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن لم تجدوا فيها أحدا} يقول : ان لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن وفي قوله {ليس عليكم جناح} قال : كانوا يضعون بطريق المدينة اقتابا وامتعات في بيوت ليس فيها أحد فأحلت لهم أن يدخلوها بغير أذن.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال : هي بالبيوت التي منزلها السفر لا يسكنها أحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن محمد بن الحنفية في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال : هي هذه الخانات التي في الطرق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {فيها متاع لكم} قال : الخلاء والبول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال : هي البيوت الخربة لقضاء الحاجة.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله {فيها متاع لكم} يعني الخانات ، ينتفع بها من المطر والبرد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال : هي البيوت التي ينزلها الناس في أسفارهم لا أحد فيها وفي قوله {فيها متاع لكم} قال : بلغة ومنفعة.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رجل من المهاجرين : لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها ، ان استأذن على بعض
اخواني فيقول لي : ارجع ، فارجع وأنا مغتبط لقوله تعالى {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان الرجل في الجاهلية اذا لقي صاحبه لا يسلم عليه يقول : حييت صباحا ، وحييت مساء ، وكان ذلك تحية القوم بينهم وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول : قد دخلت ، فيشق ذلك على الرجل ولعله يكون مع أهله فغير الله

ذلك كله في ستر وعفة فقال {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} فلما نزلت آية التسليم في البيوت والاستئذان فقال أبو بكر : يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيهم سكان فرخص الله في ذلك ، فأنزل الله {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} بغير اذن.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في الناسخ ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} ففسح واستثنى من ذلك فقال {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم}.
- قوله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.
أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : مر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه فوسوس لهما الشيطان : انه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا اعجابا به فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط ينظر اليها اذ استقبله الحائط فشق أنفه فقال : والله لا اغسل الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمه أمري فأتاه فقص عليه قصته فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : هذا عقوبة ذنبك وأنزل الله {قل للمؤمنين يغضوا

=============

ج24. كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي



من أبصارهم} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} الآية أي عما لا يحل لهم {ويحفظوا فروجهم} أي عما لا يحل لهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} قال : من شهواتهم عما يكره الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} يعني أبصارهم فمن هنا صلة في الكلام ، يعني يحفظوا أبصارهم عما لا يحل لهم النظر إليه ويحفظوا فروجهم عن الفواحش {ذلك أزكى لهم} يعني غض البصر وحفظ الفرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كل آية يذكر فيها حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية في النور {ويحفظوا فروجهم} {ويحفظن فروجهن} فهو ان يراها.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والترمذي

والنسائي ، وَابن ماجه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قلت : يا نبي الله اذا كان القوم بعضهم في بعض قال : ان استطعت ان لا يراها أحد فلا يرينها قلت : اذا كان أحدنا خاليا قال : الله أحق ان يستحي منه من الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن العلاء بن زياد قال : كان يقال لا تتبعن بصرك حسن رداء امرأة فان النظر يجعل شبقا في القلب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الشيطان من الرجل على ثلاثة منازل ، على عينيه وقلبه وذكره وهو من المرأة على ثلاثة ، على عينها وقلبها وعجزها.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن جرير البجلي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاة

فأمرني ان أصرف بصري.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والبيهقي في "سُنَنِه" عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي لاتتبع النظرة النظرة فان لك الاولى وليست لك الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه من حديث علي مثله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا تجلسوا في المجالس فان كنتم لابد فاعلين فردوا السلام وغضوا الابصار واهدوا السبيل وأعينوا على الحمولة.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم والجلوس على الطرقات قالوا : يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا ، نتحدث فيها فقال : ان أبيتم فاعطوا الطريق حقه قالوا : وما حق الطريق

يا رسول الله قال : غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأخرج أبو القاسم البغوي في معجمه والطبراني عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة ، اذا حدث أحدكم فلا يكذب واذ ائتمن فلا يخن واذا وعد فلا يخلف غضوا أبصاركم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم.
وأخرج أحمد والحكيم في نوادر الاصول والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من مسلم ينظر إلى امرأة أول رمقة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق وزنا الاذنين الاستماع وزنا اليدين البطش وزنا الرجلين الخطو والنفس تمنى وتشتهي والفرج

يصدق ذلك أو يكذبه.
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النظرة سهم من سهام ابليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه ايمانا يجد حلاوته في قلبه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله وعينا سهرت في سبيل الله وعينا خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله.
- قوله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت
أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا - والله أعلم - ان جابر بن عبد الله الانصاري حدث : ان أسماء بنت مرشد كانت في نخل لها في بني حارثة

فجعل النساء يدخلن عليها غير مؤتزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل ويبدو صدورهن وذوائبهن فقالت أسماء : ما أقبح هذا ، فأنزل الله في ذلك {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الآية.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن مسعود في قوله {ولا يبدين زينتهن} قال : الزينة ، السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة {إلا ما ظهر منها} قال : الثياب والجلبات.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الزينة زينتان ، زينة ظاهرة وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج فاما الزينة الظاهرة : فالثياب.
وَأَمَّا الزينة الباطنة : فالكحل والسوار والخاتم ولفظ ابن جرير فالظاهرة منها : الثياب ، وما يخفي : فالخلخالان والقرطان والسوارن.


وأخرج أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة استعطرت فخرجت فمرت على قوم فيجدوا ريحها فهي زانية.
وأخرج ابن المنذر عن أنس في قوله {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال : الكحل والخاتم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال : الكحل والخاتم والقرط والقلادة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : هو خضاب الكف والخاتم.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : وجهها وكفاها والخاتم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : رقعة الوجه وباطن الكف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة رضي الله عنها انها سئلت عن الزينة الظاهرة فقالت : القلب والفتخ وضمت طرف كمها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : الوجه وثغره النحر.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : الوجه والكف.
وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله {إلا ما ظهر منها} قال الكفان والوجه.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال : المسكتان والخاتم والكحل قال قتادة : وبلغني ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى ههنا ويقبض نصف الذراع.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن المسور بن مخرمة في قوله {إلا ما ظهر منها} قال : القلبين يعني السوار والخاتم والكحل.
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير عن ابن جريج قال : قال ابن عباس في قوله {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال : الخاتم والمسكة قال ابن جريج ، وقالت عائشة رضي الله عنها : القلب والفتخة ، قالت عائشة : دخلت على ابنة أخي لامي عبد الله بن الطفيل مزينة فدخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأعرض فقالت عائشة رضي الله عنها : انها ابنة أخي وجارية فقال اذا عركت المرأة لم يحل لها ان تظهر إلا وجهها
والا ما دون هذا وقبض على ذراع نفسه فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى.


وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن أم سلمة إنها كانت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وميمونة فقالت : بينا نحن عنده أقبل ابن أبي مكتوم فدخل عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجبا عنه فقالت : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا فقال أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه.
وأخرج أبو داود ، وَابن مردويه والبيهقي عن عائشة : ان أسماء بنت أبي بكر دخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال يا أسماء ان المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح ان يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفه.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن قتادة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ان الجارية اذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل والله أعلم.
وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة قالت : رحم الله نساء المهاجرات الاول ، لما أنزل الله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} أخذ النساء أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : لما نزلت هذه الآية {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن أكتف مروطهن فاختمرن به.
وأخرج الحاكم وصححه عن أم سلمة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي تختمر فقال : لية لا ليتين.
وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن صفية بنت شيبة قالت : بينا نحن عند عائشة فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة :

ان نساء قريش لفضلي واني والله ما رأيت أفضل من نساء الانصار أشد تصديقا لكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} انقلب رجالهن اليهن يتلون عليهن ما أنزل اليهن فيها ويتلو الرجل على امرأته وبنته
وأخته وعلى ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله في كتابه فاصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبح متعجرات كأن على رؤوسهن الغربان.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه عن عائشة : ان امرأة دخلت عليها وعليها خمار رقيق يشف جبينها فأخذته عائشة فشقته ثم قالت : ألا تعلمين ما أنزل الله في سورة النور فدعت لها بخمار فكستها اياه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وليضربن} وليشددن {بخمرهن على جيوبهن} يعني النحر والصدر فلا يرى منه شيء.
وأخرج أبو داود في الناسخ عن ابن عباس قال : في سورة النور {ولا

يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وقال {يدنين عليهن من جلابيبهن} ثم استثنى فقال {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} والمتبرجات اللاتي يخرجن غير نحورهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} والزينة الظاهرة ، الوجه وكحل العينين وخضاب الكف والخاتم فهذا تظهره في بيتها لمن دخل عليها ثم قال : {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن} والزينة التي تبديها لهؤلاء قرطاها وقلادتها وسوارها فأما خلخالها ومعضدها ونحرها وشعرها فانها لا تبديه إلا لزوجها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ولا يبدين زينتهن} يعني ولا يضعن الجلباب وهو القناع من فوق الخمار {إلا لبعولتهن أو آبائهن} قال : فهو محرم ، وكذلك العم والخال {أو نسائهن} يعني نساء المؤمنات {أو ما ملكت أيمانهن} يعني عبد المرأة.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الشعبي وعكرمة في هذه الآية {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} حتى فرغ منها قال : لم يذكر العم والخال لأنهما ينعتان لابنائهما فلا تضع خمارها عند العم والخال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {أو نسائهن} قال : من المسلمات لا تبديه ليهودية ولا لنصرانية وهو النحر والقرط والوشاح وما حوله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد قال : لا تضع المسلمة خمارها أي لا تكون قابلة عند مشركة ولا تقبلها لأن الله تعالى يقول {أو نسائهن} فلسن من نسائهن.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي عبيده أما بعد ، فانه بلغني أن نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك

فانه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أو ما ملكت أيمانهن} يعني عبد المرأة لا يحل لها أن تضع جلبابها عند عبد زوجها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : لا بأس أن يرى العبد شعر سيدته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : تضع المرأة الجلباب عند المملوك.
وأخرج أبو داود ، وَابن مردويه والبيهقي عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب اذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها واذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال : انه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اذا

كان لأحداكن مكاتب وكان له ما يؤدي فلتحتجب منه.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان العبيد يدخلون على أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أو ما ملكت أيمانهن} قال : في
القراءة الأولى ، الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، عَن طاووس ومجاهد قال : لا ينظر المملوك لشعر سيدته قالا : وفي بعض القراءة (أو ما ملكت أيمانكم الذين لم يبلغوا الحلم).
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سئل : هل يرى غلام المرأة رأسها وقدمها قال : ما أحب ذلك إلا أن يكون غلاما يسرا فأما رجل ذو لحية فلا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : لا تغرنكم هذه الاية {أو

ما ملكت أيمانهن} انما عني بها الاماء ولم يعن بها العبيد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : تستتر المرأة من غلامها.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة وعبد بن بن حميد ، وَابن جريرعن ابن عباس في قوله {أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال} قال : هو الذي لا يستحي منه النساء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {أو التابعين غير أولي الإربة} قال : هذا الرجل يتبع القوم وهو مغفل في عقله لا يكترث للنساء ولا يشتهي النساء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال} قال كان الرجل يتبع الرجل في الزمان الأول لا يغار عليه ولا ترهب المرأة أن تضع خمارها عنده وهو الأحمق الذي لا حاجة له في النساء.


وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، عَن طاووس {غير أولي الإربة} قال : هو الأحمق الذي ليس له في النساء أرب ولا حاجة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والمنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {غير أولي الإربة} قال : هو الأبله الذي لا يعرف أمر النساء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {غير أولي الإربة} قال : هو المخنث الذي لا يقوم زبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {غير أولي الإربة من الرجال} قال : هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق النساء.
وأخرج عبد بن الحميد {غير أولي الإربة} هو العنين ، ، وعَبد بن حُمَيد ابن المنذر عن الكلبي {غير أولي الإربة} قال : هو الخصي والعنين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال هو الذي

لا يقوم زبه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : هو المعتوه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : هو الذي لم يبلغ أربه ان يطلع على عورات النساء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : كان رجل يدخل على أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الأربة فدخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة قال : اذا أقبلت أقبلت باربع واذا أدبرت أدبرت بثمان فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا أرى هذا يعرف ما ههنا لا يدخلن عليكم فحجبوه.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان يدخل على أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هيت وانما كن يعددنه من غير أولي الأربة من الرجال فدخل رسول الله

صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو ينعت امرأة يقول : انها اذا أقبلت أقبلت باربع واذا أدبرت أدبرت بثمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أسمع هذا يعلم ما ههنا لا يدخلن عليكم فأخرجه فكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد في قوله {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} قال : هم الذين لا يدرون ما النساء من الصغر قبل الحلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} قال : الغلام الذي لم يحتلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها ، والله أعلم.


وأخرج أبن جرير عن حضرمي : ان امرأة اتخذت معرنين من فضة واتخذت جزعا فمرت على القوم فضربت برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصوت فانزل الله {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا يضربن بأرجلهن} وهو أن تقرع الخلخال بالاخر عند الرجال أو تكون على رجليها خلاخل فتحركهن عند الرجال ، فنهى الله عن ذلك لأنه من عمل الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {ولا يضربن بأرجلهن} قال : كانت المرأة تضرب برجلها ليسمع قعقعة الخلخال فيها فنهى عن ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} قال : الخلخال ، نهى ان تضرب برجلها ليسمع صوت الخلخال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة قال : كن نساء الجاهلية يلبسن

الخلاخيل الصم فانزل الله هذه الآية {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كانت المرأة تمر على المجلس في رجلها الخرز فاذا جاوزت المجلس ضربت برجلها فنزلت {ولا يضربن بأرجلهن}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : ان المرأة كانت يكون في رجلها الخلخال فيه الجلاجل فاذا دخل عليها غريب تحرك رجلها عمدا ليسمع صوت الخلخال فقال : {ولا يضربن} يعني لا يحركن أرجلهن {ليعلم ما يخفين} يعني ليعلم الغريب اذا عليها ما تخفي من زينتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود {ليعلم ما يخفين من زينتهن} قال : الخلخال.
وأخرج الترمذي عن ميمونة بنت سعد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها.


وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ومسلم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن الاغر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ياأيها الناس توبوا إلى الله جميعا فاني أتوب اليه كل يوم مائة مرة.
وأخرج أحمد عن حذيفة قال : كان في لساني ذوب إلى أهلي فلم أعده إلى غيره فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : أين أنت من الاستغفار يا حذيفة اني لاستغفر الله في كل يوم مائة مرة وأتوب إليه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن أبي رافع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : كم للمؤمنين من ستر قال : هي أكثر من أن يحصى ولكن المؤمن اذا عمل خطيئة هتك منها سترا فاذا تاب رجع اليه ذلك الستر وتسعة معه واذا لم يتب هتك عنه منها ستر واحد حتى اذا لم يبق عليه منها شيء قال الله تعالى لمن يشاء من ملائكته : ان

بني آدم يعيرون ولا يغفرون فحفوه باجنحتكم فيفعلون به ذلك فان تاب رجعت اليه الاستار كلها واذا لم يتب عجبت منه الملائكة فيقول الله لهم ، اسلموه ، فيسلموه حتى لا يستر منه عورة.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مغفل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الندم توبة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن مسعود قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : الندم توبة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : الندم توبة.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أبن عباس انه سئل : عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها فقال : أوله سفاح وآخره نكاح وتوبتهما الي جميعا أحب من توبتهما الي متفرقين ان الله يقول {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون}.
- قوله تعالى : وأنكحوا الأيامى منك والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وأنكحوا الأيامى منكم} قال : قد أمركم الله - كما تسمعون - ان تنكحوهن فانه أغض لابصارهم واحفظ لفروجهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن انه قال : وانكحوا الصالحين من عبيدكم وامائكم.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انكحوا الصالحين والصالحات فما تبعهم بعد ذلك فهو حسن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وأنكحوا الأيامى منكم} الآية ، قال : أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه وأمرهم ان

يتزوجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم في ذلك الغنى فقال {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق قال : أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : ذكر لنا ان عمر بن الخطاب قال : ما رأيت كرجل لم يلتمس الغنى في الباءة وقد وعده الله فيها ما وعده فقال {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة معا في المصنف عن عمر بن الخطاب قال : ابتغوا الغنى في الباءة ، وفي لفظ اطلبوا الفضل في الباءة وتلا {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : التمسوا الغنى في النكاح ، يقول الله {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.


وأخرج الديلمي عن ابن عباس ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : التمسوا الرزق بالنكاح.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه والديلمي من طريق عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكحوا النساء فانهن يأتينكم بالمال وأخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود في مراسيله عن عروة مرفوعا مرسلا.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حق على الله عونهم الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الاداء والغازي في سبيل الله.


وأخرج الخطيب في تاريخه ، عَن جَابر قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يشكو اليه الفاقة فأمره ان يتزوج.
- قوله تعالى : وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين بيتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وأتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدني ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا} قال : هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي فإن كانت له امرأة فليذهب اليها فليقض حاجته منها وان لم تكن له امرأة فلينظر في ملكوت السموات والارض حتى يغنيه الله من فضله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق {وليستعفف} يقول : عما حرم الله عليهم حتى يرزقهم الله.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا} الآية قال : ليتزوج من لا يجد فان الله سيغنيه.
وأخرج ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال : كنت مملوكا لحويطب بن عبد العزى ، فسألته الكتاب فأبى فنزلت !

{والذين يبتغون الكتاب}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والذين يبتغون الكتاب} يعني الذين يطلبون المكاتبة من المملوكين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {فكاتبوهم} قال : هذا تعليم ورخصة وليست بعزيمة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عامر الشعبي {فكاتبوهم} قال : ان شاء كاتب وان شاء لم يكاتب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أنس بن مالك قال : سألني سيرين المكاتبة فأبيت عليه فأتى عمر بن الخطاب فأقبل علي بالدرة وقال : كاتبه وتلا {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فكاتبته.
وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي في "سُنَنِه" عن يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} قال : ان علمتم فيهم حرفة ولا ترسلوهم كلا على الناس.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال : المال.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد مثله.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال : أمانة ووفاء.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} ان علمت ان مكاتبك يقضيك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن جريج قال : قلت لعطاء ما قوله {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} الخير المال أم الصلاح أم كل ذلك قال ما أراه إلا المال كقوله !

{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا} الخير ، المال.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني {إن علمتم فيهم خيرا} قال : ان علمتم عندهم أمانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة وابراهيم وأبي صالح ، مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر والبيهقي عن نافع قال : كان ابن عمر يكره ان
يكاتب عبده اذا لم يكن له حرفة ويقول : يطعمني من أوساخ الناس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد وطاوس في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال : مالا وأمانة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الحسن مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس

في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال : ان علمتم لهم حيلة ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} يعني ضعوا عنهم من مكاتبتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والروياني في مسنده والضياء المقدسي في المختارة عن بريدة {وآتوهم من مال الله} قال : حث الناس عليه أن يعطوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {وآتوهم من مال الله} قال : حث الناس عليه مولى وغيره.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : يترك للمكاتب طائفة من كتابته ، وعبد بن الحميد ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس {وآتوهم من مال الله} أمر الله المؤمنين ان يعينوا في الرقاب قال علي بن أبي طالب : أمر الله السيد أن يدع للمكاتب الربع من ثمنه وهذا تعليم من الله ليس بفريضة ولكن فيه أجر.


وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي ان علي بن أبي طالب قال في قوله {إن علمتم فيهم خيرا} قال : مالا ، {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال : يترك للمكاتب الربع.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والديلمي ، وَابن المنذر والبيهقي ، وَابن مردويه من طرق عن عبد الله بن حبيب عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال : يترك للمكاتب الربع.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : يترك له العشر من كتابته.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر أنه كاتب عبدا له يكنى أبا أمية فجاء بنجمه حين حل قال : يا أبا أمية اذهب

فاستعن به في مكاتبتك قال : يا أمير المؤمنين لو تركت حتى يكون من آخر نجم قال : أخاف ان لا أدرك ذلك ثم قرأ {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عمر اذا كان له مكاتب لم يضع عنه شيئا من أول نجومه مخافة أن يعجز فترجع اليه صدقته ولكنه اذا كان في آخر مكاتبته وضع عنه ما أحب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {وآتوهم من مال الله} قال : ذلك على الولاة ، يعطوهم من الزكاة يقول الله {وفي الرقاب} التوبة الآية 60.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وسعيد بن منصور والبزار والدار قطني ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق أبي سفيان ، عَن جَابر بن عبد الله قال : كان عبد الله بن أبي يقول لجارية له : اذهبي

فابغينا شيئا وكانت كارهة فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} هكذا كان يقرأها.
وأخرج مسلم من هذا الطريق ، عَن جَابر : ان جارية لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة ، وأخرى يقال لها أميمة ، فكان يريدهما على الزنا فشكيا ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم}.
وأخرج النسائي والحاكم وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر قال : كانت مسيكة لبعض الأنصار فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ان سيدي يكرهني على البغاء فنزلت {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه عن أنس قال : كانت جارية لعبد الله بن أبي

يقال لها معاذة ، يكرهها على الزنا فلما جاء الإسلام نزلت {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ، مثله.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
قال : كان أهل الجاهلية يبغين اماؤهم فنهوا عن ذلك في الإسلام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانوا في الجاهلية يكرهون اماءهم على الزنا يأخذون أجورهم فنزلت الآية.
وأخرج الطيالسي والبزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس ان جارية لعبد الله بن أبي كانت تزني في الجاهليه فولدت له أولاد من الزنا فلما حرم الله الزنا قال لها : ما لك لا تزنين قالت : لا والله لا أزني أبدا فضربها فأنزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.


وأخرج سعيد بن منصور والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة ان عبد الله بن أبي كانت له أمتان ، مسيكة ومعاذة وكان يكرههما على الزنا فقالت احداهما : ان كان خيرا فقد استكثرت منه وان كان غير ذلك فانه ينبغي ان أدعه ، فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي مالك في قوله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال : نزلت في عبد الله بن أبي وكانت له جارية تكسب عليه فأسلمت وحسن إسلامها فارادها ان تفعل كما كانت تفعل فأبت عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان لعبد الله بن أبي جارية تدعى معاذة فكان اذا نزل به ضيف أرسلها اليه ليواقعها ارادة الثواب منه والكرامة له فاقبلت الجارية إلى أبي بكر فشكت ذلك اليه فذكره أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره بقبضها فصاح عبد الله بن أبي : من يعذرنا من محمد يغلبنا على مماليكنا فنزلت الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الزهري

ان رجلا من قريش أسر يوم بدر وكان عند عبد الله بن أبي أسيرا وكانت لعبد الله بن أبي جارية يقال لها معاذة وكان القرشي الأسير يريدها على نفسها وكانت مسلمة فكانت تمتنع منه لإسلامها وكان عبد الله بن أبي يكرهها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي فيطلب فداء ولد فانزل الله {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}.
وأخرج الخطيب في رواة مالك من طريق مالك عن ابن شهاب ان عمر بن ثابت أخا بني الحرث بن الخزرج حدثه : ان هذه الآية في سورة النور {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
نزلت في معاذة جارية عبد الله بن أبي بن سلول وذلك أن عباس بن عبد المطلب كان عندهم أسيرا فكان عبد الله بن أبي يضربها على أن تمكن عباسا من نفسها رجاء ان تحمل منه فيأخذ ولده فداء فكانت تأبى عليه وقال : ذلك الغرض الذي كان ابن أبي يبتغي.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كانوا يأمرون ولائدهم ان يباغوا فكن يفعلن ذلك ويصبن فيأتين بكسبهن قال : وكان لعبد الله بن أبي جارية فكانت تباغي وكرهت ذلك وحلفت ان لا بفعله

فأكرهها فانزل الله الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا - والله أعلم - أن هذه الآية نزلت في رجلين كانا يكرهان أمتين لهما إحداهما اسمها مسيكة وكانت للأنصاري والأخرى أميمة أم مسيكة لعبد الله بن أبي وكانت معاذة وأروى بتلك المنزلة فاتت مسيكة وامها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرتا ذلك له فانزل الله في ذلك {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} يعني الزنا.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن رافع بن خديج أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كسب الحجام خبيث ومهر البغي خبيث..
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغي.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن أبي مسعود وأبي هريرة ، مثله ..


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال : لا تكرهوا اماءكم على الزنا فان فعلتم فان الله لهن غفور رحيم واثمهن على من يكرههن.
:.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : في قراءة ابن مسعود (فان الله من بعد اكراههن لهن غفور رحيم) قال : للمكرهات على الزنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {إن أردن تحصنا} أي عفة واسلاما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} يعني كسبهن وألادهن من الزنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} قال : للمكرهات على الزنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} قال : لهن وليست لهم.
- قوله تعالى : ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات} يعني ما فرض عليهم في هذه السورة.


وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير انه كان يقرأ {فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}.
- قوله تعالى : الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجه الزجاجه كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم.
أخرج البخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تهجد في الليل يدعو اللهم لك الحمد أنت رب السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيام السموات والارض ومن فيهن أنت الحق وقولك حق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق الله لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت واليك أنبت وبك خاصمت واليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت الهي لا إله إلا أنت.


وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن زيد بن أرقم قال سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول في دبر صلاة الغداة وفي دبر الصلاة اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد بأنك انت الرب وحدك لا شريك لك اللهم ربنا ورب كل شيء انا شهيد ان محمدا عبدك ورسولك اللهم ربنا ورب كل شيء انا شهيد ان العباد كلهم اخوة اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصا لك وأهلي في كل ساعة في الدنيا والآخرة ذا الجلال والأكرام اسمع واستجب الله أكبر الله أكبر الله نور السموات والأرض الله أكبر الله أكبر حسبي الله ونعم الوكيل الله أكبر الله أكبر.
وأخرج الطبراني عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عباس يقول : اللهم اني أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض ان تجعلني في حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك.


وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {الله نور السماوات والأرض} يدبر الأمر فيهما ، نجومهما وشمسهما وقمرهما.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} الذي أعطاه المؤمن {كمشكاة} مثل الكوة {فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية} في سفح جبل لا تصيبها الشمس اذا طلعت ولا اذا غربت {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور} فذلك مثل قلب المؤمن نور على نور {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} قال : أعمال الكفار اذا جاؤا رأوها مثل السراب اذا أتاه الرجل قد احتاج إلى الماء فأتاه فلم يجد شيئا ، فذلك مثل عمل الكافر يرى أن له

ثوابا وليس له ثواب {أو كظلمات في بحر لجي} إلى قوله {لم يكد يراها} فذلك مثل قلب الكافر ظلمة فوق ظلمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الانباري في المصاحف عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب / {مثل نور المؤمن كمشكاة > /.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {الله نور السماوات والأرض} يقول : مثل نور من آمن بالله كمشكاة قال : وهي النقرة يعني الكوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {مثل نوره} قال : هي خطأ من الكاتب ، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة قال : مثل نور المؤمن كمشكاة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات من طريق علي عن ابن عباس {الله نور السماوات

والأرض} قال : هادي أهل السموات والأرض {مثل نوره} مثل هداه في قلب المؤمن {كمشكاة} يقول : موضع الفتيلة يقول : كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار اذا مسته النار ازداد ضوأ على ضوئه كذلك يكون قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم فاذا أتاه العلم ازداد هدى على هدى ونورا على نور.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن أبي العالية قال : هي في قراءة أبي بن كعب مثل نور من آمن به ، أو قال مثل من آمن به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي بن كعب {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال : هو المؤمن الذي جعل الايمان والقرآن في صدره فضرب

الله مثله فقال {الله نور السماوات والأرض} فبدأ بنور نفسه ثم ذكر نور المؤمن فقال : مثل نور من آمن به فكان أبي بن كعب يقرؤها : مثل نور من آمن به فهو المؤمن جعل الايمان والقرآن في صدره {كمشكاة} قال : فصدر المؤمن المشكاة {فيها مصباح} والمصباح : النور وهو القرآن والايمان الذي جعل في صدره {في زجاجة} والزجاجة : قلبه ، {كأنها كوكب دري} فقلبه مما استنار فيه القرآن والايمان كأنه كوكب دري يقول : كوكب مضيء ، {يوقد من شجرة مباركة} والشجرة المباركة : أصل المبارك الاخلاص لله وحده ، وعبادته لا شريك له ، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال : فمثله كمثل شجرة التف بها الشجرن فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أي حالة كانت لا اذا طلعت ولا اذا غربت فكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يصله شيء من الفتن وقد ابتلي بها فثبته الله فيها فهو بين اربع خلال ، ان قال صدق وان حكم عدل وان اعطي شكر وان ابتلي صبر ، فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي بين قبور الأموات {نور على نور} فهو يتقلب في خمسة من
النور ، فكلامه نور

ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيامة إلى الجنة ، ثم ضرب مثل الكافر فقال : {والذين كفروا أعمالهم كسراب} قال : وكذلك الكافر يجيء يوم القيامة وهو يحسب أن له عند الله خيرا فلا يجده ويدخله الله النار قال : وضرب مثلا آخر للكافر فقال {أو كظلمات في بحر لجي} فهو يتقلب في خمس من الظلم ، فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومخرجه ظلمة ومدخله ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار ، فكذلك ميت الاحياء يمشي في الناس لا يدري ماذا له وماذا عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ان اليهود قالوا لمحمد : كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة} والمشكاة : كوة البيت ، {فيها مصباح} وهو السراج يكون في الزجاجة ، وهو

مثل ضربه الله لطاعته فسمى طاعته نورا ثم سماها انواعا شتى {لا شرقية ولا غربية} قال : هي وسط الشجرة لا تنالها الشمس اذا طلعت ولا اذا غربت وذلك لوجود الزيت {يكاد زيتها يضيء} يقول : بغير نار {نور على نور} يعني بذلك ايمان العبد وعمله {يهدي الله لنوره من يشاء} هو مثل المؤمن.
وأخرج الطبراني ، وَابن عدي ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله {كمشكاة فيها مصباح} قال : المشكاة : جوف محمد صلى الله عليه وسلم ، والزجاجة : قلبه ، والمصباح : النور الذي في قلبه ، {يوقد من شجرة مباركة} الشجرة : إبراهيم ، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} لا يهودية ولا نصرانية ثم قرأ {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} آل عمران الآية 67.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن شمر بن عطية قال : جاء ابن عباس رضي الله عنهما إلى كعب الأحبار فقال : حدثني عن قول الله {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال : مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم كمشكاة قال : المشكاة الكوة ، ضربها مثلا لفمه {فيها مصباح} والمصباح : قلبه ، {في زجاجة} والزجاجة صدره ، {كأنها كوكب

دري} شبه صدر محمد صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري ثم رجع إلى المصباح إلى قلبه فقال : توقد من شجرة مباركة
زيتونة يكاد زيتها يضيء قال : يكاد محمد صلى الله عليه وسلم يبين للناس ولو لم يتكلم انه نبي كما يكاد ذلك الزيت انه يضيء ولو لم تمسسه نار.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الله نور السماوات والأرض} قال : الله هادي أهل السموات والأرض {مثل نوره} يا محمد في قلبك كمثل هذا المصباح في هذه المشكاة فكما هذا المصباح في هذه المشكاة كذلك فؤادك في قلبك ، وشبه قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري الذي لا يخبو [ توقد من شجرة مباركة زيتونة ] تأخذ دينك عن إبراهيم عليه السلام ، وهي الزيتونة {لا شرقية ولا غربية} ليس بنصراني فيصلي نحو المشرق ولا يهودي فيصلي نحو المغرب {يكاد زيتها يضيء} فيقول : يكاد محمد ينطق بالحكمة قبل أن يوحى اليه بالنور الذي جعل الله في قلبه.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {مثل نوره} قال : محمد صلى الله عليه وسلم {يكاد زيتها يضيء} قال : يكاد من رأى محمد صلى الله عليه وسلم يعلم انه رسول الله وان لم يتكلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمه رضي الله عنه {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال مثل نور المؤمن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه {مثل نوره} قال : مثل هذا القرآن في القلب {كمشكاة} قال : ككوة.
وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : ان الهي يقول ان نوري هداي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {كمشكاة} قال : هي موضع الفتيلة من القنديل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {كمشكاة} قال : ككوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عمر رضي الله عنه قال {كمشكاة} الكوة.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المشكاة بلسان الحبشة ، الكوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : المشكاة الكوة بلغة الحبشة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن عياض {كمشكاة} قال : ككوة بلسان الحبشة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {كمشكاة} قال : الكوة التي ليست بنافذة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال المشكاة الكوة التي ليس لها منفذ والمصباح السراج.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {مثل نوره} قال : مثل نور الله في قلب المؤمن {كمشكاة} قال : الكوة {كأنها كوكب دري} قال : منير يضيء {زيتونة لا شرقية ولا غربية}

قال : لا يفي عليها ظل شرقي ولا غربي كنا نتحدث انها صاحبة الشمس ، وهو أصفى الزيت وأطيبه وأعذبه هذا مثل ضربه الله للقرآن أي قد جاءكم من الله نور وهدى متظاهر أن المؤمن يسمع كتاب الله ، فوعاه وحفظه وانتفع بما فيه وعمل به فهذا مثل المؤمن.
وأخرج عبد بن الحميد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {كمشكاة} قال : الصفر الذي في جوف القنديل {فيها مصباح} قال : السراج {في زجاجة} قال : القنديل {لا شرقية ولا غربية} قال : هي الشمس من حين تطلع إلى أن تغرب ليس لها ظل وذلك أضوأ لزيتها وأحسن لهن وأنور له {نور على نور} قال : النار على الزيت جاورته.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {كأنها كوكب دري} قال : يعني الزهرة ، ضرب الله مثل المؤمن مثل ذلك النور يقول :

قلبه نور وجوفه نور ويمشي في نور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {كوكب دري} قال : ضخم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله
{زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال : قلب إبراهيم لا يهودي ولا نصراني.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا شرقية ولا غربية} قال : شجرة لا يظلمها كهف ولا جبل ولا يواريها شيء وهو أجود لزيتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنه ومحمد بن سيرين ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا شرقية ولا غربية} قال : ليست شرقية ليس فيها غرب ولا غربية ليس فيها شرق ولكنها شرقية غربية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم

عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لا شرقية ولا غربية} قال : هي في وسط الشجر لا تصيبها الشمس في شرق ولا غرب وهي من وجوه الشجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك ومحمد بن كعب ، مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية ، ولكنه مثل ضربه الله لنوره.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما {يوقد من شجرة مباركة} قال : رجل صالح {لا شرقية ولا غربية} قال : لا يهودي ولا نصراني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في مسنده والترمذي ، وَابن ماجه عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ائتدموا بالزيت وادهنوا به فانه يخرج من شجرة مباركة.
وَأخرَج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في "شعب الايمان " عن

أبي أسيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " ..
وأخرج البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها انها ذكر عندها الزيت فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر ان يؤكل ويدهن ويستعط به ويقول انه من شجرة مباركة.
وأخرج الطبراني عن شريك بن سلمة قال : ضفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة فأطعمني كسورا من رأس بعير بارد وأطعمنا زيتا ، وقال : هذا الزيت المبارك الذي قال الله لنبيه.


وأخرج عبد بن الحميد عن عكرمة {يكاد زيتها يضيء} يقول : من شدة النور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الضوء إشراق الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {نور على نور} قال : نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا ، وكذلك نور القرآن ونور الايمان.
وأخرج ابن مردويه عن أبي العالية {نور على نور} قال : أتى نور الله تعالى على نور محمد.
- قوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال : هي المساجد تكرم ونهى عن اللغو فيها {ويذكر فيها اسمه} يتلى فيها كتابه يسبح : يصلي له فيها بالغدوة : صلاة الغداة والآصال : صلاة العصر وهما أول ما فرض الله من الصلاة وأحب أن يذكرهما ويذكرهما عباده.


وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فينادي مناد : سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع : ثم يقول : أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ثم يقول : أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال : هي المساجد ، أذن الله في بنيانها ورفعها وأمر بعمارتها وبطهورها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال : في مساجد ان تبنى.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله {أذن الله أن ترفع} يقول :
ان تعظم بذكره {يسبح} يصلي له فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال : هي بيوت النبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال : إنما هي أربع مساجد لم يبنهن إلا نبي ، الكعبة بناها إبراهيم واسمعيل وبيت المقدس بناه داود وسليمان ومسجد المدينة بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء أسس على التقوى بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {في بيوت أذن الله أن ترفع} فقام اليه رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول الله قال : بيوت الأنبياء ، فقام اليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها البيت علي وفاطمة قال : نعم ، من أفاضلها.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه

عن ابن بريدة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : من دعا إلى الجمل الأحمر في المسجد فقال : لا وجدته ثلاثا إنما بنيت هذه المساجد للذي بنيت له : وقال أبو سنان الشيباني في قوله {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال : تعظم.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجه عن عائشة قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وان تنظف وتطيب.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ان نصنع المساجد في دورنا وان نصلح صنعتها ونطهرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى عن ابن عمر ، ان عمر كان يجمر

المسجد في كل جمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البزاق في المسجد خطيئة ودفنه حسنة.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه.
وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه.
وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعث النخامة يوم القيامة في القبلة وهي في وجه صاحبها.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من بزق في قبلة ولم يوارها جاءت يوم القيامة أحمى ما تكون حتى تقع بين عينيه.


وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال من صلى فبزق تجاه القبلة جاءت البزقة يوم القيامة في وجهه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال اذا بزق في القبلة جاءت أحمى ما تكون يوم القيامة حتى تقع بين عينيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : ان المسجد لينزوي من المخاط أو النخامة كما تنزوي الجلدة من النار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن العباس بن عبد الرحمن الهاشمي قال : أول ما خلقت المساجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المسجد نخامة فحكها ثم أمر بخلوق فلطخ مكانها قال فخلق الناس المساجد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في قبلة المسجد نخامة فقام اليها فحكها بيده ثم دعا بخلوق فقال الشعبي : هو سنة.


وأخرج ابن أبي شيبة عن يعقوب بن زيد ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يتبع غبار المسجد بجريدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : كان المسجد يرش ويقم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الانصار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها.
وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال لا ينبغين في
المسجد ، لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يقبض فيه بقوس ولا يتخذ سوقا.
وأخرج ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم واقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها

المطاهر وبخروها في الجمع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجه عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مر أحدكم بالنبل في المسجد فليمسك على نصولها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء في المسجد وعن تناشد الاشعار ولفظ ابن أبي شيبة عن انشاد الضوال.
وأخرج الطبراني عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا له فض الله فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاث مرات ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولا :

لا أربح الله تجارتك.
وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتسل السيوف ولا تنثر النبل في المساجد ولا يحلف بالله في المساجد ولا تمنع القائلة في المساجد مقيما ولا مضيفا ولا تبنى التصاوير ولا تزين بالقوارير فإنما بنيت بالامانة وشرفت بالكرامة.
وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقام الحدود في المساجد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس انه قال لرجل أخرج حصاة من المسجد : ردها والا خاصمتك يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : ان الحصاة اذا اخرجت من المسجد تناشد صاحبها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : اذا خرجت الحصاة من المسجد

صاحت أو سبحت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : الحصاة تسب وتلعن من يخرجها من المسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن يسار قال : الحصاة اذا خرجت من المسجد تصيح حتى ترد إلى موضعها.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن ماجه عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل المسجد يقول : بسم الله والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، واذا خرج قال : بسم الله والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اعطوا المساجد حقها قيل : وما حقها قال : ركعتان قبل ان تجلس.


وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من أشراط الساعة ان تتخذ المساجد طرقا ، والله أعلم ، أما قوله تعالى : {يسبح له فيها بالغدو والآصال}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ (يسبح) بنصب الباء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال : ان صلاة الضحى لفي القرآن وما يغوص عليها الاغواص ، في قوله {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال}.
- قوله تعالى : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب.
أخرج أحمد عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خير مساجد النساء قعر بيوتهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي حميد الساعدي عن أبيه عن جدته أم حميد قالت : قلت يا رسول الله تمنعنا

أزواجنا ان نصلي معك
ونحب الصلاة معك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاتكن في بيوتكن أفضل من صلاتكن في حجركن وصلاتكن في حجركن أفضل من صلاتكن في الجماعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ما صلت امرأة قط صلاة أفضل من صلاة تصليها في بيتها إلا ان تصلي عند المسجد الحرام ، إلا عجوز في منقلبها يعني حقبها.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال : هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال : هم

الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال : كانوا رجالا يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فاذا سمعوا النداء بالصلاة القوا ما بأيديهم وقاموا إلى المسجد فصلوا.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال : أما والله ولقد كانوا تجارا فلم تكن تجارتهم ولا بيعهم يلهيهم عن ذكر الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في الآية قال : ضرب الله هذا المثل قوله {مثل نوره كمشكاة} لأولئك القوم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وكانوا اتجر الناس وأبيعهم ولمن لم تكن تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال : عن شهود الصلاة المكتوبة.


وأخرج الفريابي عن عطاء مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر :
انه كان في السوق فاقيمت الصلاة فاغلقوا حوانيتهم ثم دخلوا المسجد فقال ابن عمر : فيهم نزلت {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود انه رأى ناسا من أهل السوق سمعوا الاذان فتركوا أمتعتهم وقاموا إلى الصلاة فقال : هؤلاء الذين قال الله {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال : هم في أسواقهم يبيعون ويشترون فاذا جاء وقت الصلاة لم يلههم البيع والشراء عن الصلاة {يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} قال : تتقلب في الجوف ولا تقدر تخرج حتى تقع في الحنجرة فهو قوله {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} غافر الآية 18.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن اسلم في قوله {يخافون يوما} قال يوم

القيامة.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي الدرداء قال : أحب ان ابايع على هذا الدرج وأربح كل يوم ثلثمائة دينار وأشهد الصلاة في الجماعة اما أنا لا ازعم ان ذلك ليس بحلال ولكنني أحب أن أكون من الذين قال الله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}.
وأخرج هناد بن السري في الزهد ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أسماء بنت يزيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، فيقوم مناد فينادي : أين الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يعود فينادي أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب فيعود فينادي أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يقوم سائر الناس فيحاسبون.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان

عن عقبة بن عامر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : يجمع الناس في صعيد واحد
ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فنادي مناد : سيعلم أهل الموقف لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ثم يقول : أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة إلى آخر الآية ، ثم يقول : أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم.
وأخرج أحمد وأبو يعلى ، وَابن حبان عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الرب عز وجل سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم فقيل : ومن أهل الكرم يا رسول الله قال : أهل الذكر في المساجد.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن قال : اذا كان يوم القيامة نادى مناد : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم يناادي مناد : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون

فيتخطون رقاب الناس ثم ينادي أيضا فيقول : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم ، أين الحمادون لله على كل حال فيقومون وهم كثير ، ثم تكون التبعة والحساب على من بقي.
- قوله تعالى : والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين كفروا أعمالهم كسراب} الآية ، قال : هو مثل ضربه الله لرجل عطش فاشتد عطشه فرأى سرابا فحسبه ماء فظن انه قدر عليه حتى أتى فلما أتاه لم يجده شيئا وقبض عند ذلك يقول الكافر : كذلك ان عمله يغني عنه أو نافعه شيئا ، ولا يكون على شيء حتى يأتيه الموت فأتاه الموت لم يجد عمله أغنى عنه شيئا ولم ينفعه إلا
كما يقع العطشان المشتد إلى السراب {أو كظلمات في بحر لجي} قال : يعني بالظلمات : الأعمال ، وبالبحر اللجي : قلب الانسان ، {يغشاه موج} يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر.


وأخرج أبن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كسراب بقيعة} يقول : أرض مستوية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {كسراب بقيعة} قال : بقاع من الأرض والسراب عمل الكافر {حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} واتيانه اياه ، موته وفراقه الدنيا {ووجد الله عنده} ووجد الله عند فراقه الدنيا {فوفاه حسابه}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {كسراب بقيعة} قال : بقيعة من الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبيه عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال : ان الكفار يبعثون يوم القيامة ردا عطاشا فيقولون : أين الماء فيمثل لهم السراب فيحسبونه ماء فينطلقون اليه فيجدون الله عنده فيوفيهم حسابهم ، والله سريع الحساب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جرير

وابن أبي حاتم عن قتادة {أو كظلمات في بحر لجي} قال : اللجي : العميق القعر ، {يغشاه موج من فوقه موج} قال : هذا مثل عمل الكافر ف ضلاضلات ليس له مخرج ولا منفذ ، أعمى فيها لا يبصر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : {إذا أخرج يده لم يكد يراها} قال : أما رأيت الرجل يقول : والله ما رأيتها وما كدت ان أراها.
وأخرج ابن المنذر عن أبي أمامة انه قال : أيها الناس انكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ويوشك ان تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر ، بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنقلون إلى مواطن يوم القيامة وانكم لفي بعض المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون إلى منزل آخر فيغشى ظلمة
شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطى شيئا وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه {أو كظلمات في بحر لجي} الى قوله {فما له من نور} فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير.


- قوله تعالى : ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون * لله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير.
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله {ألم تر أن الله يسبح له} إلى قوله {كل قد علم صلاته وتسبيحه} قال : الصلاة للانسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {والطير صافات} قال : بسط أجنحتهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {والطير صافات} قال : صافات بأجنحتها.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مسعر في قوله {والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} قال : قد سمى لها صلاة ولم يذكر ركوعا ولا سجودا.
- قوله تعالى : ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار * يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فترى الودق} قال : المطر.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {فترى الودق} قال : القطر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بجيلة عن أبيه قال : {الودق} البرق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {من خلاله} قال : السحاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس انه قرأها (من خلله) بفتح الخاء من غير ألف.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال : لو أن الجليد ينزل من السماء الرابعة لم يمر بشيء إلا أهلكه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يكاد سنا برقه} يقول : ضوء برقه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن

قوله : {يكاد سنا برقه} قال : السنا الضوء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث وهو يقول : يدعو إلى الحق لا ينبغي به بدلا * يجلو بضوء سناه داجي الظلم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {يكاد سنا برقه} قال : لمعان البرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب ان كعبا سأل عبد الله بن عمرو عن البرق قال : هو ما يسبق من البرد ، وقرأ / {جبال فيها من برد يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار > /.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يقلب الله الليل والنهار} قال : يأتي الليل ويذهب بالنهار ويأتي بالنهار ويذهب بالليل.
- قوله تعالى : والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير * لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {والله خلق كل دابة من ماء} قال : النطفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن مغفل انه قرأ / {والله خالق كل دابة

من ماء > /.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : كل شيء يمشي على أربع إلا الانسان والله أعلم.
- قوله تعالى : ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون * أنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون.
أَخْرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين} قال : أناس من المنافقين أظهروا الايمان والطاعة وهم في ذلك يصدون عن سبيل الله وطاعته وجهاد مع رسوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : ان الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا دعي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو محق اذعن وعلم ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أعرض وقال : انطلق إلى فلان فانزل الله {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} إلى قوله {هم الظالمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم [ حاكم ] من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له.


وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له.
- قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أتى قوم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله لو أمرتنا ان نخرج من أموالنا لخرجنا فانزل الله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن} قال : ذلك من شأن الجهاد {قل لا تقسموا} قال : يأمرهم ان لا يحلفوا على شيء {طاعة معروفة} قال : أمرهم ان يكون منهم طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يقسموا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {طاعة معروفة} يقول قد عرفت طاعتكم أي أنكم تكذبون به.
- قوله تعالى : قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فإنما عليه ما حمل} فيبلغ ما أرسل به اليكم {وعليكم ما حملتم} قال : ان تطيعوه

وتعملوا بما أمركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الزبير ، عَن جَابر أنه سئل : ان كان على امام فاجر فلقيت معه أهل ضلالة أقاتل أم لا ليس بي حبه ولا مظاهرة قال : قاتل أهل الضلالة اينما وجدتهم وعلى الامام ما حمل وعليك ما حملت.
وأخرج البخاري في تاريخه عن وائل أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ان كان علينا أمراء يعملون بغير طاعة الله تعالى فقال : عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير في تهذيبه ، وَابن مردويه عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال : قدم يزيد بن سلمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت ان كان عليناا امراء يأخذوا منا الحق ولا يعطونا فقال : إنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن قانع والطبراني عن علقمة بن وائل الحضرمي عن سلمة بن يزيد الجهني قال : قلت يا رسول الله أرأيت ان كان علينا امراء

من بعدك يأخذونا بالحق الذي علينا ويمنعونا الحق الذي جعله الله لنا نقاتلهم ونبغضهم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.
- قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون * وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون * لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن البراء في قوله {وعد الله الذين آمنوا منكم} الآية ، قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وعبادته وحده لا شريك له سرا وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموا المدينة فأمرهم الله بالقتال وكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح فغيروا بذلك ما شاء الله ثم ان رجلا من أصحابه قال : يا رسول الله أبد الدهر نحن خائفون هكذا أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع فيه السلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تغيروا إلا قليلا

حتى يجلس الرجل منكم في املأ العظيم محتبيا ليست فيهم جديدة فأنزل الله {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض} إلى آخر الآية ، فاظهر الله نبيه على جزيرة العرب فأمنوا ووضعوا السلاح ثم ان الله قبض نبيه فكانوا كذلك آمنين في امارة أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا وكفروا النعمة فأدخل الله عليهم الخوف الذي
كان رفع عنهم واتخذوا الحجر والشرط وغيروا فغير ما بهم.
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن أبي بن كعب قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيهن فقالوا : أترون انا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله فنزلت {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات}.


وأخرج أحمد ، وَابن مردويه واللفظ له والبيهقي في الدلائل عن أبي بن كعب قال : لما نزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} قال : بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (ليستخلفهم) بالياء (في الأرض كما استخلف) برفع التاء وكسر اللام (وليمكنن) بالياء مثقلة (وليبدلنهم) مخففة بالياء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض} قال : أهل بيت ههنا وأشار بيده إلى القبلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة !

{وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم} قال : هو الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس {يعبدونني لا يشركون بي شيئا} قال : لا يخافون أحدا غيري.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {يعبدونني لا يشركون بي شيئا} قال : لا يخافون أحدا غيري {ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} قال : العاصون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية {ومن كفر بعد ذلك} قال : كفر بهذه النعمة ليس الكفر بالله ، ، وعَبد بن حُمَيد ابن مردويه عن أبي الشعثاء قال : كنت جالسا مع حذيفة ، وَابن مسعود فقال حذيفة : ذهب النفاق إنما كان النفاق على عهذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو
اليوم الكفر بعد الايمان فضحك ابن مسعود ثم قال : بم تقول قال : بهذه الآية {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} إلى آخر الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض} قال : سابقين في الأرض والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم * وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم.


أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ابن حيان قال : بلغنا ان رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فقالت أسماء : يا رسول الله ما أقبح هذا انه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد كل منهما بغير اذن فأنزل الله في ذلك {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} من العبيد والاماء {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال : من أحراركم من الرجال والنساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في هذه الآية قال : كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم ان يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا باذن.
وأخرج ابن مردويه عن ثعلبة القرظي عن عبد الله بن سويد قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث فقال اذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة لم يلج علي أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم ولا أحد من الاجراء إلا باذن واذا وضعت ثيابي بعد صلاة العشاء ومن قبل

صلاة الصبح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في الأدب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه ركب عبد الله بن سويد أخي بني حارثة بن الحارث يسأله عن العورات الثلاث وكان يعمل لهن فقال : ما تريد قال : أريد أن أعمل بهن فقال : اذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي بلغ الحلم إلا باذني إلا أن أعدوه فذلك اذنه ولا اذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى تصلي الصلاة ولا اذا صليت العشاء الآخرة ووضعت ثيابي حتى أنام ، قال : فتلك العورات الثلاث.
وأخرج ابن سعد عن سويد بن النعمان أنه سئل عن العورات الثلاث فقال : اذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي إلا أن أدعوه فذلك اذنه واذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى يصلي الصبح واذا صليت العشاء وضعت ثيابي فتلك العورات الثلاث.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأبو داود ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : آية لم يؤمن بها أكثر الناس ، آية الاذن

لآمر جاريتي هذه الجارية قصيرة قائمة على رأسه ان تستأذن علي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : هذه الآية تهاون الناس بها {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} وما نسخت قط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال : ليست منسوخة ، قيل فان الناس لا يعملون بها قال : الله المستعان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : يمكث الناس في الساعات الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} والآية التي في سورة النساء {وإذا حضر القسمة} النساء الآية 8 والآية التي في الحجرات {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات الآية 13.


وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال : اذا خلا الرجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا بإذنه حتى يصلي الغداة واذا خلا
بأهله عند الظهر فمثل ذلك ورخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير اذن ، وهو قوله {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن} فاما من بلغ الحلم فانه لا يدخل على الرجل وأهله إلا باذن على كل حال ، وهو قوله {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم}.
وأخرج أبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن عباس ان رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن فقال ابن عباس : ان الله ستير يحب الستر وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله ، فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله ثم جاء الله بعد بالستور وبسط الله عليهم في الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الحجال فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستذان الذي أمروا به.


وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمر في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال هو على الذكور دون الاناث.
وأخرج الفريابي عن ابن عمر في قوله {ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم} قال : هو للاناث دون الذكور ان يدخلوا بغير اذن.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال : نزلت في النساء ان يستأذن علينا.
وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب في قوله {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال : النساء فان الرجال يستأذنون.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمى في هذه الآية قال : هي في النساء خاصة ، الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار.
وأخرج الفريابي عن موسى بن أبي عائشة قال : سألت الشعبي عن هذه

الآية {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} أمنسوخة هي قال : لا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال : أبناءكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {طوافون عليكم} قال : يعني بالطوافين : الدخول والخروج غدوة وعشية بغير اذن ، وفي قوله {وإذا بلغ الأطفال} يعني الصغار {منكم الحلم} يعني من الاحرار من ولد الرجل وأقاربه {فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} يعني كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {كما استأذن الذين من قبلهم} قال : كما استأذن الذين بلغوا الحلم من قبلهم الذين أمروا بالاستئذان على كل حال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : ليستأذن الرجل على أمة فانما نزلت {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والبيهقي في السنن عن ابن

مسعود ان رجلا سأله استأذن على أمي فقال : نعم ، ما على كل أحيانها تحب أن تراها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب ، عَن جَابر قال : ليستأذن الرجل على ولده وأمه - وان كانت عجوزا - وأخيه وأخته وأبيه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عطاء أنه سأل ابن عباس استأذن على أختي قال : نعم ، قلت انها في حجري واني أنفق عليها وانها معي في البيت استأذن عليها قال : نعم ، ان الله يقول {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم} فلم يؤمر هؤلاء بالاذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث قال : {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من

قبلهم} فالاذن واجب على خلق الله أجمعين.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استأذن على أمي قال : نعم ، أتحب أن تراها عريانة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في السنن عن عطاء بن يسار أن رجلا قال : يا رسول الله استأذن على أمي قال : نعم ، قال : إني معها في البيت قال : استأذن عليها قال : اني خادمها أفاستأذن عليها كلما دخلت قال : أفتحب أن تراها عريانة قال : لا ، قال : فاستأذن عليها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب والبيهقي عن حذيفة انه سئل أيستأذن الرجل على والدته قال : نعم ، ان لم تفعل رأيت منها ما تكره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين في قوله {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال : كانوا يعلمونا اذا جاء أحدنا ان نقول السلام عليكم ، أيدخل فلان.


وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم قال الله تعالى {ومن بعد صلاة العشاء} وإنما العتمة عتمة الإبل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنما هي في كتاب الله العشاء وإنما يعتم بحلاب الإبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ (ثلاث عورات) بالنصب.
- قوله تعالى : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينه وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم.
أخرج أبو داود والبيهقي في السنن عن ابن عباس {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} فنسخ واستثنى من ذلك {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله {والقواعد من النساء} قال : هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس

في بيتها بدرع وخمار وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج لما يكره الله وهو قوله {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}.
وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وَابن المنذر ، وَابن الانباري في المصاحف والبيهقي في السنن عن ابن عباس انه كان يقرأ {أن يضعن ثيابهن} ويقول : هي الجلباب.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في السنن عن ابن مسعود في قوله {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} قال : الجلباب والرداء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عمر في الآية قال : تضع الجلباب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {والقواعد من النساء} يقول : المرأة اذا قعدت عن النكاح.


وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والقواعد من النساء} يعني المرأة الكبيرة التي لا تحيض من الكبر {اللاتي لا يرجون نكاحا} يعني تزويجا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {اللاتي لا يرجون نكاحا} قال : لا يردنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : أخبرني مسلم مولى امرأة حذيفة بن اليمان انه خضب رأس مولاته فدخلت عليها فسألتها فقالت : نعم يا بني اني من {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} وقد قال الله في ذلك ما سمعت.
وأخرج ابن المنذر عن ميمون بن مهران قال : في مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود (فليس عليهن جناح ان يضعن جلابيبهن غير متبرجات).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن ابن عباس انهما كانا يقرآن (فليس عليهم جناح ان يضعن جلابيبهن خير متبرجات).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، وَابن عباس انهما كانا يقرآن (فليس عليهن جناح ان يضعن جلابيبهن غير متبرجات).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة انها سئلت : عن الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال وخاتم الذهب وثياب الرقاق فقال : يا معشر النساء

قصتكن كلها واحدة أحل الله لكن الزينة غير متبرجات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأن يستعففن خير لهن} قال : يلبسن جلابيبهن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في السنن عن عاصم الأحول قال :
دخلت على حفصة بنت سيرين وقد ألقت عليها ثيابها فقلت أليس يقول الله {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} قال : اقرأ ما بعده {وأن يستعففن خير لهن} وهو ثياب الجلباب.
- قوله تعالى : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء الآية 29 قالت الانصار : ما بالمدينة مال أعز من الطعام ، كانوا يتحرجون أن يأكلوا مع الأعمى يقولون : انه لا يبصر موضع الطعام وكانوا يتحرجون الأكل مع الأعرج يقولون : الصحيح يسبقه إلى المكان ولا يستطيع ان يزاحم ويتحرجون الأكل مع المريض يقولون : لا يستطيع أن يأكل مثل الصحيح وكانوا يتحرجون ان

يأكلوا في بيوت أقربائهم فنزلت {ليس على الأعمى حرج} يعني في الأكل مع الأعمى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقسم قال : كانوا يكرهون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج والمريض لأنهم لا ينالون كما ينال الصحيح فنزلت {ليس على الأعمى حرج} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وابراهيم ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد قال : كان الرجل يذهب بالأعمى أو
الأعرج والمريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيت عمه أو بيت عمته أو بيت خاله أو بيت خالته فكان الزمني يتحرجون من ذلك يقولون : إنما يذهبوا بنا إلى بيوت غيرهم فنزلت هذه الآية رخصة لهم.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، وَابن النجار عن عائشة قالت : كان المسلمون يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدفعون مفاتيحهم إلى أمنائهم ويقولون لهم : قد أحلننا لكم أن تأكلوا مما احتجتم اليه فكانوا

يقولون : انه لا يحل لنا أن نأكل انهم أذنوا لنا من غير طيب أنفسهم وانما نحن أمناء فانزل الله {ولا على أنفسكم أن تأكلوا} إلى قوله {أو ما ملكتم مفاتحه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله ابن عبد الله ، وَابن مسيب انه كان رجال من أهل العلم يحدثون إنما أنزلت هذه الآية في أمناء المسلمين كانوا يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله فيعطون مفاتيحهم أمناءهم ويقولون لهم : قد أحللنا لكم ان تأكلوا مما في بيوتنا فيقول الذين استودعوهم المفاتيح : والله ما يحل لنا مما في بيوتهم شيء وان أحلوه لنا حتى يرجعوا الينا وانها لامانة ائتمنا عليها فلم يزالوا على ذلك حتى أنزل الله هذه الآية فطابت أنفسهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء الآية 29 قال المسلمون : ان الله قد نهانا ان نأكل أموالنا بيننا

بالباطل والطعام هو من أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا ان يأكل من عند أحد ، فكف الناس عن ذلك فأنزل الله {ليس على الأعمى حرج} إلى قوله {أو ما ملكتم مفاتحه} وهو الرجل يوكل الرجل بضيعته والذي رخص الله ان يأكل من ذلك الطعام والتمر وشرب اللبن وكانوا أيضا يتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره فرخص الله لهم فقال {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كان أهل المدينة قبل ان يبعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام فنزلت رخصة في مؤاكلتهم.
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس قال : خرج الحارث غازيا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف على أهله خالد بن زيد فحرج أن يأكل من طعامه

وكان مجهودا فنزلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في مراسيله ، وَابن جَرِير والبيهقي عن الزهري انه سئل عن قوله {ليس على الأعمى حرج} الآية ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا فقال : أخبرنا عبيد الله ان المسلمين كانوا اذا غزوا أقاموا أوصاتهم وكانوا يدفعون اليهم مفاتيح أبوابهم يقولون : قد أحللنا لكم ان تأكلوا مما في بيوتنا وكانوا يتحرجون من ذلك يقولون : لا ندخلها وهم غيب فانزلت هذه الآية رخصة لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان هذا الحي من بني كنانة بن خزيمة يرى أحدهم ان عليه مخزاة أن يأكل وحده في الجاهلية حتى ان كان الرجل يسوق الذود الحفل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فأنزل الله {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا}.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطرمة وأبي صالح قالا : كانت الأنصار اذا نزل بهم الضيف لا يأكلون معه حتى يأكل معهم الضيف فنزلت رخصة لهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أو صديقكم} قال : اذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته ثم أكلت من طعامه بغير اذنه لم يكن بذلك بأس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أو صديقكم} قال : هذا شيء قد انقطع إنما كان هذا في أوله ولم يكن لهم أبواب وكانت الستور مرخاة فربما دخل الرجل البيت وليس فيه أحد فربما وجد الطعام وهو جائع فسوغ له الله أن يأكله قال : وذهب ذلك ، اليوم البيوت فيها أهلها فاذا خرجوا أغلقوا فقد ذهب ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} يقول : اذا دخلتم

بيوتا فسلموا على أهلها تحية من عند الله ، وهو السلام لأنه اسم الله وهو تحية أهل الجنة.
وأخرج البخاري في الادب ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر بن عبد الله قال : اذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة قال أبو الزبير : ما رأيته إلا أوجبه.
وأخرج الحاكم ، عَن جَابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها واذا طعمتم فاذكروا اسم الله واذا سلم أحدكم حين يدخل بيته وذكر اسم الله على طعامه يقول الشيطان لاصحابه : لا مبيت لكم ولا عشاء واذا لم يسلم أحدكم ولم يسم يقول الشيطان لاصحابه : أدركتم المبيت والعشاء.


وأخرج البخاري في الأدب ، عَن جَابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء فاذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم المبيت وان لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان : أدركتم المبيت والعشاء.
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا دخل بيته يقول السلام علينا من ربنا التحيات الطيبات المباركات لله سلام عليكم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عطاء قال : اذا دخلت على أهلك فقل : السلام عليكم تحية من عند الله مباركة طيبة فاذا لم يكن فيه أحد فقل : السلام علينا من ربنا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ماهان في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال : يقول السلام علينا من ربنا.


وأخرج الطبراني عن أبي البختري قال : جاء الاشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان فقالا : جئناك من عند أخيك أبي الدرداء قال : فأين هديته التي أرسلها معكما فالا : ما أرسل معنا بهدية قال : اتقيا الله واديا الامانة ما جاءني أحد من عنده إلا جاء معه بهدية قالا : والله ما بعث معنا شيئا إلا أنه قال : اقرؤوه مني السلام قال : فأي هدية كنت أريد منكما غير هدية وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة
وأخرج الطبراني عن سلمان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من سره ان لا يجد الشيطان عنده طعاما ولا مقيلا ولا مبيتا فليسلم اذا دخل بيته وليسم على طعامه.
وأخرج ابن عدي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام أحدكم على حجرته ليدخل فليسم الله فانه يرجع قرينه من الشيطان الذي معه ولا يدخل فاذا دخلتم فسلموا فانه يخرج ساكنه منهم واذا وضع الطعام فسموا فانكم تدحرون الخبيث ابليس عن أرزاقكم ولا يشرككم فيها واذا ارتحلتم دابة فسموا الله حين تضعون أول حلس فان كل دابة معتقدة

وانكم اذا سميتم حططتموه عن ظهرها وان نسيتم ذلك شرككم في مراكبكم ، ولا تبيتوا منديل الغمر معكم في البيت فانه بيت الشيطان ومضجعه ولا تتركوا العمامة ممسية اذا جمعت في جانب الحجرة فانها مقعد الشيطان ولا تسكنوا بيوتا غير مغلقة ولا تفترشوا الزبالا التي تفضي إلى ظهور الدواب ولا تبيتوا على سطح ليس بمحجور واذا سمعتم نباح الكلاب أو نهيق الحمار فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم فانهما لا يريان الشيطان إلا نبح الكلب ونهق الحمار.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال للاسلام ضياء وعلامات كمنار الطريق فرأسها وجماعها شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وتمام الوضوء

والحكم بكتاب الله وسنة نبيه وطاعة ولاة الامر وتسليمكم على أنفسكم وتسليمكم اذا دخلتم بيوتكم وتسليمكم على بني آدم إذا لقيتموهم.
وأخرج البزار ، وَابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : أوصاني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بخمس خصال قال أسبغ الوضوء يزد في عمركن وسلم على من لقيك من أمتي تكثر حسناتك واذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك وصل صلاة الضحى فانها صلاة الاوابين قبلك يا انس ارحم الصغير ووقر الكبير تكن من رفقائي يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال : هو المسجد اذا دخلته فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن أبي مالك قال : اذا دخلت بيتا فيه ناس من المسلمين فسلم عليهم وان لم يكن فيه

أحد أو كان فيه ناس من المشركين فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن ابن عمر قال : اذا دخل البيت غير المسكون أو المسجد فيلقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : اذا دخلت بيتك وليس فيه أحد أو بيت غيرك فقل : بسم الله والحمد لله السلام علينا من ربنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة في قوله {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال : اذا دخلت بيتك فسلم على أهلك واذا دخلت بيتا لا أحد فيه فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فانه كان يؤمر بذلك وحدثنا ان الملائكة ترد عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

الحسن في قوله {فسلموا على أنفسكم} قال : ليسلم بعضكم على بعض كقوله {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء الآية 29.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {فسلموا على أنفسكم} قال : اذا دخل المسلم على المسلم سلم عليه مثل قوله {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء الآية 29 انما هو لا تقتل أخاك المسلم وقوله {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} البقرة الآية 85 قال : يقتل بعضكم بعضا ، قريظة والنضير ، وقوله {جعل لكم من أنفسكم أزواجا} الروم الآية 21 كيف يكون زوج الانسان من نفسه انما هي جعل لكم أرواحاا من بني آدم ولم يجعل من الابل والبقر وكل شيء في القرآن على هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {فسلموا على أنفسكم} قال : بعضكم على بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما أخذت التشهد إلا من كتاب الله
سمعت الله يقول {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} فالتشهد في الصلاة التحيات المباركات الطيبات لله.
وأخرج سعيد بن منصور عن ثابت بن عبيد قال : أتيت ابن عمر قبل الغداة.


وهو جالس في المسجد فقال لي : ألا سلمت حين جئت فانها تحية من عند الله مباركة.
- قوله تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفرلهم الله إن الله غفور رحيم * لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي قالا : لما أقبلت قريش عام الاحزاب نزلوا بمجمع الاسيال من بئر رومة بالمدينة قائدها أبو سفيان وأقبلت غطفان حتى نزلوا بتغمين إلى جانب أحد وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وضرب الخندق على المدينة وعمل فيه وعمل المسلمون فيه وابطأ رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اذن وجعل الرجل من المسلمين اذا نابته النائبة من الحاجة التي لابد منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق لحاجته فيأذن له فاذا قضى حاجته رجع فأنزل الله في أولئك المؤمنين {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع} إلى قوله {والله بكل شيء عليم} النور الآية 64.


وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه}
قال : ذلك في الغزو والجمعة واذن الامام يوم الجمعة : ان يشير بيده.
وأخرج الفريابي عن مكحول في قوله {وإذا كانوا معه على أمر جامع} قال : اذا جمعهم لأمر حزبهم من الحرب ونحوه لم يذهبوا حتى يستأذنوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : هي في الجهاد والجمعة والعيدين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {على أمر جامع} قال : من طاعة الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن سيرين قال : كان الناس يستأذنون في الجمعة ويقولون : هكذا ويشيرون بثلاث أصابع ، فلما كان زياد

كثر عليه فاغتم فقال : من أمسك على أذنه فهو أذنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مكحول في الاية قال : يعمل بها الآن في الجمعة والزحف.
وأخرج سعيد بن منصور عن إسمعيل بن عياش قال : رأيت عمرو بن قيس السكوني يخطب الناس يوم الجمعة فقام اليه أبو المدله اليحصبي في شيء وجده في بطنه فأشار إليه عمرو بيده أي انصرف فسألت عمرا وأبا المدله فقال : هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعون.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} قال : كانوا يقولون : يا محمد ، يا أبا القاسم ، فنهاهم الله عن ذلك اعظاما لنبيه صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا نبي الله يا رسول الله.


وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} يعني كدعاء أحدكم اذا دعا أخاه باسمه ولكن وقروه وعظموه وقولوا له : يا رسول الله ، ويا نبي الله.
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره وأبو نعيم في تفسيره عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} يريد ولا تصيحوا به من
بعيد : يا أبا القاسم ، ولكن كما قال الله في الحجرات {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله} الحجرات الآية 3.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : أمرهم الله ان يدعوه : يا رسول الله ، في لين وتواضع ولا يقولوا : يا محمد ، في تجهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أمر الله أن يهاب نبيه وان يبجل وان يعظم وان يفخم ويشرف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال : لا تقولوا يا محمد ، ولكن

قولوا يا رسول الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير والحسن ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم} يقول : دعوة الرسول عليكم موجبة فاحذرها.
وأخرج سعيد بن منصور عن الشعبي في الآية قال : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم على بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} قال : هم المنافقون ، كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة - ويعني بالحديث الخطبة - فيلوذون ببعض الصحابة حتى يخرجوا من المسجد وكان لا يصلح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بعدما يأخذ في الخطبة وكان اذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل لأن الرجل منهم كان اذا تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بطلت جمعته.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل قال : كان لا يخرج أحد

لرعاف أو احداث حتى يستأذن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يشير إليه بأصبعه التي تلى الابهام فيأذن له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يشير إليه بيده وكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد فكان اذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج فأنزل الله {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} قال : يتسللون عن نبي الله وعن كتابه وعن ذكره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لواذا} قال : خلافا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سفيان {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} قال : يتسللون من الصف في القتال {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة} قال : أن يطبع على قلوبهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال : اني لخائف على من ترك المسح على الخفين أن يكون داخلا في هذه الآية {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن أبي كثير قال : نهي

رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقاتلوا ناحية من خيبر فانصرف الرجال عنهم وبقي رجل فقاتلهم فرموه فقتلوه فجيء به إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أبعد ما نهينا عن القتال فقالوا : نعم ، فتركه ولم يصل عليه.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : أشد حديث سمعناه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قوله في سعد بن معاذ في أمر القبر ، ولما كانت غزوة تبوك قال لا يخرج معنا إلا رجل مقو فخرج رجل على بكر له صعب فصرعه فمات فقال الناس : الشهيد الشهيد ، فأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بلالا ان ينادي في الناس لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يدخل الجنة عاص.
وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه ذات يوم وهو مستقبل العدو : لا يقاتل أحد منكم فعمد رجل منهم ورمي العدو وقاتلهم فقتلوه فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم اسشتهد فلان فقال : أبعد ما نهيت عن القتال قالوا : نعم ، قال لا يدخل الجنة عاص.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله {لا يستأذنك الذين يؤمنون

بالله} قال : كان لا يستأذنه اذا غزا إلا المنافقون ، فكان لا يحل لاحد أن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يتخلف بعده اذا غزا ولا تنطلق سرية إلا بإذنه ولم يجعل الله للنبي صلى الله عليه وسلم ان يأذن لاحد حتى نزلت الآية {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع}
يقول : أمر طاعة {لم يذهبوا حتى يستأذنوه} فجعل الإذن إليه يأذن لمن يشاء ، فكان اذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لأمر يأمرهم وينهاهم صبر المؤمنون في مجالسهم وأحبوا ما أحدث لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوحي إليه وبما أحبوا وكرهوا فاذا كان شيء مما يكره المنافقون خرجوا يتسللون يلوذ الرجل بالرجل يستتر لكي لا يراه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال الله تعالى : ان الله تعالى يبصر الذين يتسللون منكم لواذا.
- قوله تعالى : ألا إن لله مافي السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {قد يعلم ما أنتم عليه} الآية ، قال : ما كان قوم قط على أمر ولا على حال إلا كاانوا بعين الله والا كان عليهم شاهد من الله.
وأخرج أبو عبيد في فضائله والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية ، يعني خاتمة سورة النور ، وهو عاجل أصبعيه تحت عينيه يقول ، (والله بكل شيء بصير) والله أعلم.
*

- سورة الفرقان.
مكية وآياتها سبع وسبعون * مقدمة سورة الفرقان.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة الفرقان بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت بمكة سورة الفرقان.
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمر بن الخطاب قال : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : كذبت ، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : اني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهشام : اقرأ.


فقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت ثم قال : اقرأ يا عمر ، فقرأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت ، ان هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه.
وأخرج ابن الانباري في المصاحف عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح فقرأ سورة الفرقان فاسقط آية فلما سلم قال : هل في القوم أبي فقال أبي : ها أنا يا رسول الله فقال : ألم أسقط آية قال : بلى ، قال : فلم لم تفتحها علي قال : حسبتها آية نسخت قال : لا ، ولكني أسقطتها ، والله تعالى أعلم.
- بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا * الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء
فقدره تقديرا * واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولانفعا ولا يملكون موتا ولاحياة ولا نشورا * وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا * وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما * وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا * تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا * بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : تبارك تفاعل من البركة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} قال : هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به بين الحق والباطل {ليكون للعالمين نذيرا} قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه

بمن خلا قبلكم {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} قال : بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم ، {واتخذوا من دونه آلهة} قال : هي هذه الاوثان التي تعبد من دون الله {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} وهو الله الخالق الرازق وهذه الاوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا {وقال الذين كفروا إن هذا} هذا قول مشركي العرب {إلا إفك} هو الكذب {افتراه وأعانه عليه} أي على حديثه هذا
وأمره {قوم آخرون فقد جاؤوا} فقد أتوا {ظلما وزورا} {وقالوا أساطير الأولين} قال : كذب الاولين وأحاديثهم {وقالوا ما لهذا الرسول} قال : عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول {يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها} قال الله يرد عليهم {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} يقول : خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة {جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} قال : وانه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كل شيء في القرأن افك فهو كذب.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأعانه عليه قوم آخرون} قال : يهود {فقد جاؤوا ظلما وزورا} قال : كذبا.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس ، ان عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحارث وأبا البختري والاسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف والعاصي بن وائل ونبيه بن الحجاج ، اجتمعوا فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه فبعثوا إليه ان أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك قال : فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : يا محمد انا بعثنا إليك لنعذر منك ، فان كنت انما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا وان كنت تطلب الشرف فنحن نسودك وان كنت تريد ملكا ملكناك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالي مما تقولن : ما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك

عليكم ولكن الله بعثني اليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فان تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم ، قالوا : يا محمد فان كنت غير قابل منا شيئا مما عرضنا عليك قالوا :
فاذا لم تقبل هذا فسل لنفسك وسل ربك ان يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله أن يجعل لك جنانا وقصورا من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي - فانك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش ، كما نلتمسه - حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك ان كنت رسولا كما تزعم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنا بفاعل ، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا ، وما بعثت اليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فأنزل الله في قولهم ذلك {وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام} إلى قوله {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ولو شئت ان أجعل الدنيا مع رسولي فلا تخالفوه لفعلت.


وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وقال الظالمون إن تتبعون} قاله الوليد بن المغيرة وأصحابه يوم دار الندوة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا} قال : مخرجا يخرجهم من الامثال التي ضربوا لك وفي قوله {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري} قال : حوائط {ويجعل لك قصورا} قال : بيوتا مبينة مشيدة ، كانت قريش ترى البيت من حجارة قصرا كائنا ما كان.
وأخرج الواحدي ، وَابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة قالوا {ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق} حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فنزل جبريل فقال : ان ربك يقرئك السلام ويقول {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} ثم أتاه رضوان خازن الجنان ومعه سفط من نور يتلألأ فقال : هذه مفاتيح خزائن

الدنيا فنظر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير له فضرب جبريل إلى الأرض أن تواضع فقال : يا رضوان لا حاجة لي فيها فنودي : أن أرفع بصرك فرفع فاذا السموات فتحت أبوابها إلى العرش وبدت جنات عدن فرأى منازل الانبياء وعرفهم واذا منازله فوق منازل الانبياء فقال : رضيت ، ويرون ان هذه الآية أنزلها رضوان {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك}.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن خيثمة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : ان شئت أعطيناك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك ولا يعطاه أحد بعدك ولا ينقصك ذلك مما لك عند الله شيئا وان شئت جمعتها لك في الآخرة قال : اجمعها لي في الآخرة فأنزل الله {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما جبريل عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اذ

قال هذا ملك تدلى من السماء إلى الأرض ، ما نزل إلى الأرض قط قبلها استأذن ربه في زيارتك فأذن له فلم يلبث ان جاء فقال : السلام عليك يا رسول الله قال : وعليك السلام قال : ان الله يخبرك ان شئت أن يعطيك من خزائن كل شيء ومفاتيح كل شيء لم يعط أحد قبلك ولا يعطيه أحدا بعدك ولا ينقصك مما دخر لك عنده شيئا فقال : لا بل يجمعهما لي في الآخرة جميعا فنزلت {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك}.
- قوله تعالى : إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا ونفيرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إذا رأتهم من مكان بعيد} قال : من مسيرة مائة عام.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه من طريق مكحول عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعدا من بين عيني جهنم قالوا : يا رسول الله وهل لجهنم من عين قال : نعم ، أما سمعتم الله

يقول {إذا رأتهم من مكان بعيد} فهل تراهم إلا بعينين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق خالد بن دريك عن رجل من الصحابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقل علي ما لم أقل أو ادعى إلى غير والديه أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا ، قيل : يا رسول الله وهل لها من عينين قال : نعم ، أما سمعتم الله يقول {إذا رأتهم من مكان بعيد}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس قال : ان العبد ليجر الى النار فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف وان الرجل من أهل النار ما بين شحمة أذنيه وبين منكبيه مسيرة سبعين سنة وان فيها لأودية من قيح تكال ثم تصب في فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير في قوله {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} قال : ان جهنم

لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا ترعد فرائصه حتى ان إبراهيم عليه السلام ليجثوا على ركبتيه ويقول : يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي.
وأخرج ابن وهب في الاهوال عن العطاف بن خالد قال : يؤتى بجهنم يومئذ يأكل بعضها بعضا يقودها سبعون ألف ملك فاذا رأت الناس فذلك قوله {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا} زفرت زفرة لا يبقى نبي ولا صديق إلا برك لركبتيه ويقول : يا رب نفسي نفسي ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمتي ، أمتي.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مغيث بن سمي قال : ما خلق الله من شيء إلا وهو يسمع زفير جهنم غدوة وعشية إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب.
وأخرج آدم بن أبي اياس في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إذا رأتهم من مكان بعيد} قال : من مسيرة مائة عام وذلك اذا أتي بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام يشد بكل زمام سبعون ألف ملك لو تركت لأتت على كل بر وفاجر {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} تزفر زفرة لا يبقى قطرة من دمع إلا بدرت ثم تزفر الثانية فتقطع القلوب من أماكنها وتبلغ القلوب الحناجر.


وأخرج أبو نعيم في الحلية عن كعب قال : اذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة صفوفا فيقول الله لجبريل : ائت بجهنم فيأتي بها تقاد بسبعين ألف زمام حتى اذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق ثم تزفر زفرة ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى لركبتيه ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهل العقول فيفزع كل أمرئ إلى عمله حتى ان إبراهيم عليه السلام يقول : بخلتي لا أسألك إلا نفسي ، ويقول موسى : بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي ، ويقول عيسى :
بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني ، ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول : أمتي ، أمتي ، لا أسألك اليوم نفسي ، فيجيبه الجليل جل جلاله ألا ان أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فوعزتي لا قرن عينك في أمتك ثم تقف الملائكة بين يدي الله تعالى ينتظرون ما يؤمرون.
- قوله تعالى : وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا * لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا.
أخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي أسيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين} قال والذي نفسي بيده أنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط.


وأخرج ابن أبي حاتم من طرق عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمر {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا} قال : مثل الزج في الرمح.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق قتادة في الآية قال ذكر لنا أن عبد الله كان يقول : ان جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج على الرمح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {مقرنين} قال : مكتفين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {دعوا هنالك ثبورا} قال : دعوا بالهلاك فقالوا : واهلاكاه ، واهلكتاه ، فقيل لهم : لا تدعوا اليوم بهلاك واحد ولكن ادعوا بهلاك كثير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث بسند صحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده وهو ينادي : يا ثبوراه ويقولون : يا ثبورهم حتى يقف على النار فيقول : يا ثبوراه ، ويقولون : واثبورهم فيقال لهم {لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا}.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {دعوا هنالك ثبورا} قال : ويلا وهلاكا.
- قوله تعالى : قل أذلك خيرأم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا * لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كانت لهم جزاء} أي من الله {ومصيرا} أي منزلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار قال : قال كعب الاحبار : من مات وهو يشرب الخمر لم يشربها في الآخرة وان دخل الجنة قال عطاء : فقلت له : فان الله تعالى يقول {لهم فيها ما يشاؤون} قال كعب : أنه

ينساها فلا يذكرها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كان على ربك وعدا مسؤولا} يقول : سلوا الذي وعدتكم تنجزوه.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن هلال عن محمد بن كعب القرظي في قوله {كان على ربك وعدا مسؤولا} قال : ان الملائكة تسأل لهم ذلك في قولهم {وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم} غافر الآية 8 قال سعيد : وسمعت أبا حازم يقول : اذا كان يوم القيامة قال المؤمنون ربنا عملنا لك بالذين أمرتنا فانجز لنا ما وعدتنا ، فذلك قوله {وعدا مسؤولا}.
- قوله تعالى : ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا * فقد كذبوا بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا.
أخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي} قال : عيسى وعزير والملائكة.


وأخرج الحاكم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل عن قول الله {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} أو نتخذ فقال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {أن نتخذ} بنصب النون فسألته عن {الم غلبت الروم} الروم الآيتان 1 - 2 أو غلبت قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {غلبت الروم}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك قال : قرأ رجل عند علقمة {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك} برفع النون ونصب الخاء فقال علقمة {أن نتخذ} بنصب النون وخفض الخاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير أنه كان يقرؤها {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك} برفع النون ونصب الخاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} قال : هذا قول الالهة {ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا} قال : البور : الفاسد ، وانه ما نسي الذكر

قوم قط إلا باروا وفسدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قوما بورا} قال : هلكى.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له أخبرني عن قوله عز وجل {قوما بورا} قال : هلكى بلغة عمان وهم من اليمن قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكم * وكافوا به فالكفر بور لصانعه.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : البور : بكلام عمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {بورا} قال قاسين لا خير فيهم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قوما بورا} قال : هالكين {فقد كذبوكم بما تقولون} يقول الله للذين كانوا يعبدون

عيسى وعزيرا والملائكة حين قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم فقد كذبوكم بما تقولون عيسى وعزيرا والملائكة حين يكذبون المشركين بقولهم {فما تستطيعون صرفا ولا نصرا} قال : المشركون لا يستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم.
أما قوله تعالى {ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قرأت اثنين وسبعين كتابا كلها نزلت من السماء ما سمعت كتابا أكثر تكريرا فيه الظلم معاتبة عليه من القرآن ، وذلك ان الله علم أن فتنة هذه الأمة تكون في الظلم وأما الاخر فان أكثر معاتبته اياهم في الشرك وعبادة الاوثان.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله {ومن يظلم منكم} قال هو الشرك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {ومن يظلم منكم} قال : يشرك.


- قوله تعالى : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنه أتصبرون وكان ربك بصيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} يقول : ان الرسل قبل محمد كانوا بهذه المنزلة {ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال : بلاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن الحسن {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال : يقول الفقير : لو شاء الله لجعلني غنيا مثل فلان ، ويقول السقيم : لو شاء الله لجعلني صحيحا مثلا فلان ، ويقول الاعمى : لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال : هو التفاضل في الدنيا والقدرة والقهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} قال : يمسك على هذا ويوسع على هذا فيقول : لم يعطني ربي ما أعطى فلانا ، ويبتلي بالوجع فيقول : لم يجعلني ربي

صحيحا مثل فلان ، في أشباه ذلك
من البلاء ليعلم من يصبر ممن يجزع {وكان ربك بصيرا} بمن يصبر ومن يجزع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لو شاء الله لجعلكم أغنياء كلكم لا فقير فيكم ، ولو شاء الله لجعلكم فقراء كلكم لا غني فيكم ، ولكن ابتلى بعضكم ببعض.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : قال رجل : يا رسول الله كيف ترى في رقيقنا ، أقوام مسلمين يصلون صلاتنا ويصومون صومنا نضربهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم توزن ذنوبهم وعقوبتكم اياهم فان كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم قال : أفرأيت سبا اياهم قال ، يوزن ذنبهم واذا كم اياهم فان كان اذا كم أكثر أعطوا منكم قال الرجل : ما أسمع عدوا أقرب الي منهم فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} فقال الرجل : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم قال : انك لاتتهم في ولدك فلا تطيب نفسا تشبع ويجوع ولا تكتسي ويعروا.


- قوله تعالى : وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وقال الذين لا يرجون لقاءنا} قال : هذا قول كفار قريش {لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا} فيخبرنا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير في قوله {وقال الذين لا يرجون لقاءنا} قال لا يسألون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {لولا أنزل علينا الملائكة} أي نراهم عيانا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وعتوا عتوا كبيرا} قال : شدة الكفر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال العتو في كتاب الله التجبر.
- قوله تعالى : يوم يرون الملائكه لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يوم يرون الملائكة} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله {لا بشرى يومئذ للمجرمين}

قال : اذا كان يوم القيامة يلقى المؤمن بالبشرى فاذا رأى ذلك الكفار قالوا للملائكة : بشرونا قالوا : حجرا محجورا ، حراما محرما ان نتلقاكم بالبشرى.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ويقولون حجرا محجورا} قال : عوذا معاذا الملائكة تقوله ، وفي لفظ قال : حراما محرما أن تكون البشرى اليوم إلا للمؤمنين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {ويقولون حجرا محجورا} قال : تقول الملائكة : حراما محرما على الكفار البشرى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك {ويقولون حجرا محجورا} قال : تقول الملائكة : حراما محرما على الكفار البشرى حين رأيتمونا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري {ويقولون حجرا محجورا} قال : حراما محرما أن نبشركم بما نبشر به المتقين.


وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله {ويقولون حجرا محجورا} قال : هي كلمة كانت العرب تقولها ، كان الرجل اذا نزلت به شدة قال : حجرا محجورا حراما محرما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : كانت المرأة اذا رأت الشيء تكرهه تقول : حجر من هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : لما جاءت زلازل الساعة فكان من زلازلها ان السماء انشقت فهي يومئذ واهية والملك على ارجائها : على سعة كل شيء تشقق ، فهي من السماء فذلك قوله {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا} حراما محرما أيها المجرمون أن تكون لكم البشرى اليوم حين رأيتمونا.
- قوله تعالى : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا.
أخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

وابن أبي حاتم عن مجاهد {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل} قال : قدمنا إلى ما عملوا من خير ممن لا يتقبل منه في الدنيا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله {هباء منثورا} قال : الهباء : شعاع الشمس الذي يخرج من الكوة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : الهباء : ريح الغبار يسطع ثم يذهب فلا يبقى منه شيء فجعل الله أعمالهم كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الهباء : الذي يطير من النار اذا اضطرمت يطير منها الشرر فاذا وقع لم يكن شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {هباء منثورا} قال : الماء المهراق.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {هباء منثورا} قال : الشعاع في كوة أحدهم ، لو ذهبت تقبض عليه لم تستطع.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {هباء منثورا} قال : شعاع الشمس من الكوة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة {هباء منثورا} قال : شعاع الشمس الذي في الكوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك وعامر في الهباء المنثور : شعاع الشمس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك {هباء منثورا} قال : الغبار.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {هباء منثورا} قال : هو ما تذروه الرياح من حطام هذا الشجر.


وأخرج ابن أبي حاتم عن معلى بن عبيدة قال : الهباء : الرماد.
وأخرج سمويه في فوائده عن سالم مولى أبي حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجاء يوم القيامة بقوم معهم حسنات مثال جبال تهامة حتى اذا جيء بهم جعل الله تعالى أعمالهم هباء ثم قذفهم في النار قال سالم : بأبي وأمي يا رسول الله حل لنا هؤلاء القوم قال : كانوا يصلون ويصومون ويأخذون سنة من الليل ولكن كانوا اذا عرض عليهم شيء من الحرام وثبوا عليه فادحض الله تعالى أعمالهم.
- قوله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} قال : أحسن منزلا وخير مأوى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأحسن مقيلا} قال :

مصيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {خير مستقرا وأحسن مقيلا} قال : في الغرف من الجنة ، وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم عرضة واحدة وذلك الحساب اليسير وذلك مثل قوله {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا}.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء ، ثم قرأ {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} وقرأ / {ثم ان مقيلهم لالى الجحيم > /.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : انما هي ضحوة فيقيل أولياء الله على الاسرة مع الحور العين ويقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين.


وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس يوم القيامة نصف النهار فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار فذلك قوله {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن الصواف قال : بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وانهم ليقيلون في رياض الجنة
حين يفرغ الناس من الحساب ، وذلك قوله {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} أي مأوى ومنزلا قال قتادة : حدث صفوان ابن محرز قال : انه ليجاء يوم القيامة برجلين ، كان أحدهما ملكا في الدنيا فيحاسب فاذا عبد لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار ، والآخر كان صاحب كساه في الدنيا فيحاسب فيقول : يا رب ما أعطيتني من شيء

فتحاسبني به فيقول : صدق عبدي فارسلوه فيؤمر به إلى الجنة ثم يتركان ما شاء الله ثم يدعى صاحب النار فاذا هو مثل الحممة السوداء فيقال له : كيف وجدت مقيلك فيقول : شر مقيل ، فيقال له : عد ، ثم يدعى صاحب الجنة فاذا هو مثل القمر ليلة البدر فيقال له : كيف وجدت مقيلك فيقول رب خير مقيل فيقال : عد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اني لاعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة وأهل النار النار : الساعة التي يكون فيها ارتفاع الضحى الاكبر اذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة ، فينصرف أهل النار إلى النار وأما أهل الجنة فينطلق بهم الجنة فكانت قيلولتهم في الجنة وأطعموا كبد الحوت فاشبعهم كلهم فذلك قوله {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}.
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة أنه سئل عن يوم القيامة أمن الدنيا هو أم

من الآخرة فقال : صدر ذلك اليوم من الدنيا وآخرة من الآخرة.
- قوله تعالى : ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا * الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في الاهوال ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس أنه قرأ {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} قال : يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد ، الجن والأنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق فتشقق السماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في
الأرض من الجن والانس وجميع الخلق فيحيطون بالجن والانس وجميع الخلق فيقول أهل الأرض : أفيكم ربنا فيقولون : لا ، ثم تشقق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن الجن والانس وجميع الخلق فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والانس وجميع الخلق ، ثم ينزل أهل السماء الثالثة فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والانس وجميع الخلق ، ثم ينزل أهل السماء الرابعة وهم أكثر من أهل الثالثة والثانية والأولى وأهل الأرض ثم ينزل أهل السماء الخامسة وهم أكثر ممن تقدم ثم أهل السماء السادسة كذلك ثم أهل السماء السابعة ، وهم أكثر من أهل السموات وأهل الأرض ثم ينزل ربنا في ظلل من

الغمام وحوله الكروبيون وهم أكثر من أهل السموات السبع والانس والجن وجميع الخلق لهم قرون ككعوب القنا وهم حملة العرش لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتقديس لله تعالى ومن أخمص قدم أحدهم إلى كعبة مسيرة خمسمائة عام ومن كعبه إلى ركبته خمسمائة عام ومن ركبته إلى فخذه مسيرة خمسمائة عام ومن فخذه إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام وما فوق ذلك خمسمائة عام.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {ويوم تشقق السماء بالغمام} قال : هو قطع السماء اذا انشقت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ويوم تشقق السماء بالغمام} قال : هو الذي قال {في ظلل من الغمام} البقرة الآية 120 الذي

يأتي الله فيه يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية ، يقول : تشقق عن الغمام الذي يأتي الله فيه ، غمام زعموا في الجنة.
- قوله تعالى : ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا * وقال الرسول يا رب إن قومي
اتخذوا هذا القرآن مهجورا * وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا.
أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان أبا معيط كان يجلس مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه وكان رجلا حليما وكان بقية قريش اذا جلسوا معه آذوه وكان لابي معيط خليل غائب عنه بالشام فقالت قريش : صبا أبو معيط وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته : ما فعل محمد مما كان عليه فقالت : أشد مما كان أمرا أبو معيط فحياه فلم يرد عليه التحية فقال : مالك ، لا ترد علي تحيتي فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت قال : أوقد فعلتها قريش قال : نعم ، قال فما يبرى ء صدورهم ان أنا فعلت قال : نأتيه في مجلسه وتبصق في وجهه وتشمته باخبث ما تعلمه من الشتم ، ففعل فلم يزد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان مسح وجهه من البصاق ثم التفت اليه فقال : ان وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا ، فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى

أن يخرج فقال له أصحابه : أخرج معنا قال : قد وعدني هذا الرجل ان وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا : لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليهن فخرج معهم فلما هزم الله المشركين وحل به جمله في جدد من الأرض فاخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيرا في في سبعين من قريش وقدم اليه أبو معيط فقال : تقتلني من بين هؤلاء قال : نعم ، بما بصقت في وجهي فانزل الله في أبي معيط {ويوم يعض الظالم على يديه} إلى قوله {وكان الشيطان للإنسان خذولا}.
وأخرج أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا اليه أهل مكة كلهم وكان يكثر مجالسة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويعجبه حديثه وغلب عليه الشقاء فقدم ذات يوم من سفر فصنع طعاما ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه فقال : ما أنا بالذي آكل من
طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فقال : أطعم يا ابن أخي ، قال : ما أنا بالذي أفعل حتى تقول ، فشهد بذلك وطعم من طعامه ، فبلغ ذلك أبي خلف فاتاه فقال : أصبوت يا عقبة - وكان خليله - فقال : لا والله ما صبوت ، ولكن دخل على رجل فابى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل ان

يطعم فشهدت له فطعم ، فقال : ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتبصق في وجهه ، ففعل عقبة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف فاسر عقبة يوم بدر فقتل صبرا ولم يقتل من الاسارى يومئذ غيره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : كان أبي بن خلف يحضر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فزجره عقبة بن أبي معيط فنزل {ويوم يعض الظالم على يديه} إلى قوله {وكان الشيطان للإنسان خذولا}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس قال : ان عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف الجمحي التقيا فقال عقبة بن ابي معيط لابي بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية وكان أبي قد أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإسلام فلما سمع بذلك عقبة قال : لا أرضى عنك حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه وتشمته وتكذبه ، قال : فلم يسلطه الله على ذلك ، فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الاسارى فامر به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علي بن ابي طالب أن يقتله فقال عقبة : يا محمد أمن بين هؤلاء أقتل قال : نعم ، قال : بم قال : بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله فقام اليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.
وَأَمَّا أبي بن خلف فقال : والله لا قتلن محمدا ، فبلغ ذلك

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل أنا أقتله ان شاء الله ، فافزعه ذلك فوقعت في نفسه لانهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولا إلا كان حقا فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه ، فيحول رجل من المسلمين بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبينه ، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه : خلوا عنه فاخذ الحربة فرماه بها فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه كبير دم واحتقن الدم في جوفه فخار كما يخور الثور فاتى
أصحابه حتى احتملوه وهو يخور وقالوا : ما هذا فوالله ما بك إلا خدش فقال : والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني اليس قد قال : أنا أقتله والله لو كان الذي بي باهل ذي المجاز لقتلهم ، قال : فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار وأنزل الله فيه {ويوم يعض الظالم على يديه} إلى قوله {وكان الشيطان للإنسان

خذولا}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن سابط قال : صنع أبي بن خلف طعاما ثم أتى مجلسا فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : قوموا ، فقاموا غير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا أقوم حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فتشهد ، فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقيه عقبة بن أبي معيط فقال : قلت : كذا وكذا قال : انما أردت لطعامنا فذلك قوله {ويوم يعض الظالم على يديه}.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : عقبة بن أبي معيط دعا مجلسا فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لطعام فابى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان ياكل وقال : لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فلقيه أميه بن خلف فقال : أقد صبوت فقال : ان أخاك على ما تعلم ولكن صنعت طعاما فابى ان ياكل حتى قلت ذلك فقلته وليس من نفسي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : ياكل كفيه ندامة حتى يبلغ منكبه لا يجد مسها.


وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : ياكل يده ثم تنبت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : بلغني انه يعضه حتى يكسر العظم ثم يعود.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : هذا عقبة ، {لم أتخذ فلانا خليلا} قال : أمية وكان عقبة خدنا لامية فبلغ أمية أن عقبة يريد الإسلام فاتاه وقال : وجهي من وجهك حرام أن أسلمت أن أكلمك أبدا.
ففعل فنزلت هذه الآية فيهما.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي مالك في قوله {لم أتخذ فلانا خليلا} قال : عقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف كانا متواخيين في الجاهلية يقول أمية بن خلف : ياليتني لم اتخذ عقبة بن أبي معيط خليلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : نزلت في عقبة بن ابي معيط وابي بن خلف دخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على عقبة في حاجة وقد صنع طعاما للناس فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى طعامه قال : لا ، حتى تسلم ، فاسلم فاكل ، وبلغ الخبر أبي بن خلف فاتى عقبة

فذكر له ما صنع فقال له عقبة : أترى مثل محمد يدخل منزلي وفيه طعام ثم يخرج ولا ياكل قال : فوجهي من وجهك حرام حتى ترجع عما دخلت فيه ، فرجعز فنزلت الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال {ويوم يعض الظالم على يديه} قال : أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط ، وهما الخليلان في جهنم على منبر من نار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا من قريش كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه رجل من قريش - وكان له صديقا - فلم يزل به حتى صرفه وصده عن غشيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله فيهما ما تسمعون.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} قال : الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وكان الشيطان للإنسان خذولا} قال : خذل يوم القيامة وتبرأ منه {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} هذا قول نبيكم يشتكي قومه إلى ربه قال الله يعزي نبيه : {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} يقول : ان الرسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرن عليك.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد وابنجرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال : يهجرون فيه بالقول السيء ، يقولون : هذا سحر.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن
أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله {اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قالوا : فيه هجيرا غير الحق ، ألم تر المريض اذا هذى قيل : هجر أي قال : غير الحق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} قال : لم يبعث نبي قط إلا كان المجرمون له أعداء ، ولم يبعث نبي قط إلا كان بعض المجرمين أشد عليه من بعض.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} قال : كان عدو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبو جهل وعدو موسى قارون وكان قارون ابن عم موسى.


وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} قال : يوطن محمد صلى الله عليه وسلم انه جاعل له عدوا من المجرمين كما جعل لمن قبله.
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا * ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قال المشركون : ان كان محمد كما يزعم نبيا فلم يعذبه ربه ، إلا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ينزل عليه الآية والآيتين والسورة ، فانزل الله على نبيه جواب ما قالوا {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} إلى {وأضل سبيلا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} يقولون : كما أنزل على موسى وعلى عيسى قال الله {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال : بيناه تبيينا {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} قال : أحسن تفصيلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله !

{كذلك لنثبت به فؤادك} قال : كان الله ينزل عليه الآية فاذا علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت آية
أخرى ليعلمه الكتاب عن ظهر قلبه ويثبت به فؤادك {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} يقول : احسن تفصيلا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {كذلك لنثبت} قال : لنشدد به فؤادك ونربط على قلبك {ورتلناه ترتيلا} قال : رسلناه ترسيلا يقول : شيئا بعد شيء {ولا يأتونك بمثل} يقول : لوأنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سالوك لم يكن عندك ما تجيب ، ولكنا نمسك عليك فاذا سالوك أجبت.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قالت قريش ما للقرآن لم ينزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جملة واحدة قال الله في كتابه {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال : قليلاز قليلا ، كيما لا يجيؤك بمثل إلا جئناك بما ينقض عليهم فانزلناه عليك تنزيلا قليلا قليلا ، كلما جاؤا بشيء جئناهم بما هو أحسن منه تفسيرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن

في قوله {ورتلناه ترتيلا} قال : كان ينزل عليه الآية ، والآيتان ، والآيات ، كان ينزل عليه جوابا لهم ، اذا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء أنزل الله جوابا لهم وردا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيما تكلموا به وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال : كان ينزل عليه القرآن جوابا لقولهم ، ليعلم ان الله هو يجيب القوم عما يقولون {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق} قال : لا ياتيك الكفار إلا جئناك بما ترد به ما جاؤك به من الامثال التي جاؤا بها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي {ورتلناه ترتيلا} يقول : أنزل متفرقا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ورتلناه ترتيلا} قال : فصلنا تفصيلا ، وأخرجابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وأحسن تفسيرا} قال : تفصيلا.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأحسن تفسيرا} قال : بيانا.
- قوله تعالى : الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أولئك شر مكانا} يقول : من أهل الجنة {وأضل سبيلا} قال : طريقا.
- قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا * فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا * وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية واعتدنا للظالمين عذابا أليما * وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا} قال : عونا وعضدا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فدمرناهم تدميرا} قال : أهلكناهم بالعذاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {وعادا وثمود} ينون ثمود.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال {الرس} قرية من ثمود.


وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال {الرس} بئر باذربيجان.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله {وأصحاب الرس} قال : قوم شعيب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأصحاب الرس} قال : حدثنا ان أصحاب الرس كانوا أهل فلج باليمامة وآبار كانوا عليها.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال {الرس} بئر كان عليها قوم يقال لهم : أصحاب الرس.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال {وأصحاب الرس} رسوا نبيهم في بئر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس انه سأل كعبا عن أصحاب الرس قال : صاحب البئر الذي {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فرسه قومه في بئر بالحجار.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال {الرس} بئر قتل به صاحب يس.


وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي ، وَابن عساكر عن جعفر بن محمد بن علي : ان امرأتين سألتاه هل تجد غشيان المرأة المرأة محرما في كتاب الله قال : نعم ، هن اللواتي كن على عهد تبعن وهن صواحب الرس وكل نهر وبئر رس ، قال : يقطع لهن جلباب من نار ودرع من نار ونطاق من نار وتاج من نار وخفان من نار ومن فوق ذلك ثوب غليظ جاف جلف منتن من نار قال جعفر : علموا هذا نساءكم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن واثلة بن الاسقع رفعه قال : سحاق النساء زنا بينهن.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكبة والمركوبة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : أن أصحاب الايكة ، وأصحاب الرس ، كانتا أمتين فبعث الله اليهما نبيا واحدا شعيبا وعذبهما الله بعذابين.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن محمد بن كعب القرظي قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الاسود وذلك ان الله تعالى بعث نبيا إلى أهل قريته فلم يؤمن به من أهلها أحد إلا ذلك الاسود ثم ان أهل القرية عدوا على النَّبِيّ فحفروا له بئر فالقوه فيها ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره ثم يأتي بحطبه فيبيعه فيشتري به طعاما وشرابا ثم ياتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة فيعينه الله عليها فيدلي طعامه وشرابه ثم يردها كما كانت ما شاء الله أن يكون ، ثم انه ذهب يحتطب كما كان يصنع فجمع حطبه وحزم حزمته وفرغ منها فلما أراد أن يحتملها وجد سنة فاضطجع فنام فضرب على أذنه سبع سنين نائما ثم انه هب فتمطى فتحول لشقه الآخر فاضطجع فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى ثم
انه هب فاحتم حزمته ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار فجاء إلى القرية فباع حزمته ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع ثم ذهب إلى الحفرة في موضعها التي كانت فيه فالتمسه فلم يجده وفد كان بدا لقومه بداء فاستخرجوه فامنوا به وصدقوه ، وكان النَّبِيّ يسألهم عن ذلك الاسود ما فعل فيقولون له : ما ندري ، حتى قبض ذلك النَّبِيّ فاهب الله الاسود من نومته بعد ذلك ، ان ذلك لاول من يدخل الجنة.


وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول بعد عدنان بن أدد بن زين بن البراء واعراق الثرى ، قالت : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلك {وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا} {لا يعلمهم إلا الله} قالت : واعراق الثرى : اسمعيل وزيد وهميسع وبرانيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وقرونا بين ذلك كثيرا} قال : كان يقال ان القرن سبعون سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زرارة بن أوفى قال : القرن مائة وعشرون عاما قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرن كان آخره العام الذي مات فيه يزيد بن معاوية.


وأخرج ابن مردويه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون وبين نوح وابراهيم عشرة قرون قال أبوسلمة : القرن مائة سنة.
وأخرج الحاكم ، وَابن مردويه عن عبد الله بن بسر قال : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي فقال : هذا الغلام يعيش قرنا ، فعاش مائة سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق محمد بن القاسم الحمصي عن عبد الله بسر المازني قال : وضع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يده على رأسي وقال : سيعيش هذا الغلام قرنا قلت : يا رسول الله كم القرن قال : مائة سنة ، قال محمد بن القاسم : ما زلنا نعد له حتى تمت مائة سنة ، ثم مات.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الهيثم بن دهر الاسلمى قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
القرن خمسون سنة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمتي خمس قرون القرن أربعون سنة.


وأخرج ابن المنذر عن حماد بن إبراهيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القرن أربعون سنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القرن أربعون سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال القرن ستون سنة.
وأخرج الحاكم في الكنى عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انتهى إلى معد بن عدنان أمسك ، ثم يقول : كذب النسابون قال الله تعالى {وقرونا بين ذلك كثيرا}.
- قوله تعالى : وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا * ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا * وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا * إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا} قال : كل قد أعذر الله اليه وبين له ثم انتقم منه {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء} قال : قرية لوط {بل كانوا لا يرجون نشورا} قال : بعثا ولا حسابا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله !

{وكلا تبرنا تتبيرا} قال : تبر الله كلا بالعذاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال {تبرنا} بالنبطية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولقد أتوا على القرية} قال : هي سدوم قرية قوم لوط {التي أمطرت مطر السوء} قال : الحجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {ولقد أتوا على القرية} قال : قرية لوط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ولقد أتوا على القرية} قال : هي بين الشام والمدينة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {لا يرجون نشورا} قال : بعثا وفي قوله {لولا أن صبرنا عليها} قال : ثبتنا.
- قوله تعالى : أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {أرأيت من

اتخذ إلهه هواه} قال : كان الرجل يعبد الحجر الابيض زمانا من الدهر في الجاهلية فاذا وجد حجرا أحسن منه رمى به وعبد الآخر فانزل الله الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي رجاء العطاردي قال : كانوا في الجاهلية ياكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر فاذا وجدوا ما هو أحسن منه رموا به وعبدوا الآخر فاذا فقدوا الآخر أمروا مناديا فنادى : أيها الناس ان الهكم قد ضل فالتمسوه ، فانزل الله هذه الآية {أرأيت من اتخذ إلهه هواه}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال : لا يهوى شيئا إلا تبعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {أرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال : كلما هوى شيئا ركبه وكلما اشتهى شيئا أتاه ، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن انه قيل له : في أهل القبلة شرك فقال : نعم ، المنافق مشرك ان المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله وان

المنافق عند هواه ، ثم تلا هذه الآية {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا}.
وأخرج الطبراني عن أبي امامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تحت ظل السماء من اله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون} قال : مثل الذين كفروا كمثل البعير والحمار والشاة ، ان قلت لبعضهم كل لم يعلم ما تقول غير انه يسمع صوتك ، كذلك الكافر ان أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير انه يسمع صوتك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {بل هم أضل سبيلا} قال : أخطأ السبيل.
- قوله تعالى : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا * ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا * وهو الذي جعل لكم اليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا.


أخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال : بعد الفجر قبل ان تطلع الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} الآية ، قال : ألم تر انك اذا صليت الفجر كان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها ظلا ثم بعث الله عليه الشمس دليلا فقبض الله الظل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال : ما بين طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال : دائما {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} يقول : طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال : سريعا.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال : ظل الغداة قبل طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال : لا تصيبه الشمس ولا يزول {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} قال : تحويه {ثم قبضناه إلينا} فاجوينا الشمس اياه {قبضا يسيرا} قال : خفيفا.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال : مده من المشرق إلى المغرب فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكنا} قال : تركه كما هو ظلا ممدودا ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال : الأرض كلها ظل ، ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} قال : قليلا قليلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم التيمي والضحاك وأبي مالك الغفاري في قوله {كيف مد الظل} قالوا : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ثم جعلنا الشمس عليه دليلا} قالوا : على الظل !

{ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} يعني ما تقبض الشمس من الظل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية {كيف مد الظل} قال : من حين يطلع الفجر إلى حين تطلع الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {جعلنا الشمس عليه دليلا} قال : يتبعه فيقبضه حيث كان.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وجعل النهار نشورا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : ان النهار اثنتا عشرة ساعة فاول الساعة ما بين طلوع الفجر إلى أن ترى شعاع الشمس ثم الساعة الثانية اذا رأيت شعاع الشمس إلى أن يضيء الاشراق ، عند ذلك لم يبق من قرونها شيء وصفا لونها فاذا كانت بقدر ما تريك عينك قيد رحمين فذلك أول الضحى وذلك أو ساعة من ساعات الضحى ثم من بعد ذلك الضحى ساعتين ثم الساعة السادسة حين نصف النهار ، فاذا زالت الشمس عن نصف النهار فتلك ساعة صلاة الظهر وهي التي قال الله {أقم

الصلاة لدلوك الشمس} ثم من بعد ذلك العشى ساعتين
ثم الساعة العاشرة ميقات صلاة العصر وهي الآصال ثم من بعد ذلك ساعتين إلى الليل.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وجعل النهار نشورا {وجعل النهار نشورا} قال : ينشر فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وجعل النهار نشورا} قال : لمعايشهم وحوائجهم وتصرفهم.
- قوله تعالى : وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا * لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء أنه قرأ {وهو الذي أرسل الرياح} على الجمع بشرا بالباء ورفع الباء بنون فيهما خفيفة.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مسروق أنه قرأ {الرياح بشرا} بالنون ونصب النون منونة ومخففة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب في قوله {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} قال : لا ينجسه شيء.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والدار قطني عن سعيد بن المسيب قال : أنزل الله الماء طهورا لا ينجسه شيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الماء لا ينجسه شيء ، يطهر ولا يطهره شيء فان الله قال {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}.
وأخرج الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والدار قطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن ، فقال : ان الماء طهورا لاينجسه شيء.


وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن القاسم بن أبي بزة قال : سأل رجل عبد الله بن الزبير عن طين المطر قال : سألتني عن طهورين جميعا قال الله تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
- قوله تعالى : ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا * ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا * فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولقد صرفناه بينهم} يعني المطر تسقى هذه الأرض وتمنع هذه {ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا} قال عكرمة : قال ابن عباس : قولهم مطرنا بالانواء ، فأنزل الله في الواقعة {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} الواقعة الآية 82.
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج عن مجاهد {ولقد صرفناه بينهم} قال : المطر ، ينزله في الأرض ولا ينزله في أخرى {فأبى أكثر الناس إلا كفورا} قولهم مطرنا بنوء كذا وبنوء

كذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} قال : ان الله قسم هذا الرزق بين عباده وصرفه بينهم ، قال : وذكر لنا ان ابن عباس كان يقول : ما كان عام قط أقل مطرا من عام ولكن الله يصرفه بين عباده ، قال قتادة : فترزقه الأرض وتحرمه الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : ما من عام بأقل مطرا من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء ، ثم قرأ هذه الآية {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} الآية.
وأخرج الخرائطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : كان جبريل في موضع الجنائز فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يا جبريل اني أحب أن أعلم أمر السحاب ، فقال جبريل : هذا ملك السحاب فسأله فقال : تأتينا صكاك مختتمة

أسقوا بلاد كذا وكذا قطرة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطاء الخرساني في قوله {ولقد صرفناه بينهم} قال : ألا ترى إلى قوله {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا}.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وجاهدهم به} قال : بالقرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وجاهدهم به جهادا كبيرا} قال : هو قوله {واغلظ عليهم} التوبة الآية 73 والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {وهو الذي مرج البحرين} الآية ، يعني خلع أحدهما على الآخر فليس يفسد العذب المالح وليس يفسد المالح العذب.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وهو الذي مرج البحرين} قال : أفاض أحدهما في الآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {مرج البحرين} قال : بحر في السماء وبحر في الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {فرات} قال : العذب ، وفي قوله {أجاج} قال : الاجاج : المالح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وهذا ملح أجاج} قال : المر.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : هما بحران فتوضأ

بأيهما شئت ، ثم تلا هذه الآية {هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وجعل بينهما برزخا} قال : هو اليبس.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {برزخا} قال : هو اليبس.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وجعل بينهما برزخا} قال : محبسا لا يختلط البحر العذب بالبحر الملح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجعل بينهما برزخا} قال : التخوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن مجاهد في قوله {وجعل بينهما برزخا} قال : حجازا لا يختلط العذب بالملح ولا يختلط بحر الروم وفارس ، وبحر الروم ملح قال ابن جريج : فلم أجد بحرا عذبا إلا الانهار العذاب ، فان دجلة تقع في البحر فلا

تمور فيه يجعل فيه بينهما مثل الخيط الابيض فاذا رجعت لم يرجع في طريقهما من البحر شيء ، والنيل زعموا ينصب في البحر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الكلبي في قوله {وجعل بينهما برزخا} قال : حاجزا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وحجرا محجورا} يقول : حجر أحدهما عن الآخر بأمره وقضائه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وحجرا محجورا} قال : ان الله حجر الملح عن العذب والعذب عن الملح أن يختلط بلطفه وقدرته.
- قوله تعالى : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن المغيرة قال : سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن نسب وصهر فقال : ما أراكم إلا قد عرفتم النسب ، فأما الصهر : فالاختان والصحابة.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فجعله نسبا وصهرا} قال : النسب الرضاع والصهر الختونة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فجعله نسبا وصهرا} قال : ذكر الله الصهر مع النسب
وحرم أربع عشرة امرأة ، سبعا من النسب وسبعا من الصهر ، فاستوى تحريم الله في النسب والصهر.
- قوله تعالى : ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا.
أخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وكان الكافر على ربه ظهيرا} يعني أبا الحكم : الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل ابن هشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {وكان الكافر على ربه} قال : أبو جهل.
وأخرج ابن المنذر عن عطية في قوله {وكان الكافر على ربه ظهيرا} قال : هو أبو جهل.


وأخرج ابن أبي شيبه وسعيد بن منصور والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وكان الكافر على ربه ظهيرا} قال : معينا للشيطان على معاصي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن والضحاك ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وكان الكافر على ربه ظهيرا} قال : عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {وكان الكافر على ربه ظهيرا} قال : معينا للشيطان على عداوة ربه.
- قوله تعالى : وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا * قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا} قال : مبشرا بالجنة ونذيرا من النار ، وفي قوله {إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا} قال : بطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قل ما أسألكم عليه من أجر} قال : قل لهم يا محمد لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من أجر يقول : عرض من عرض الدنيا.


- قوله تعالى : وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا.
أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن عتبة بن أبي ثبيت قال : مكتوب في التوراة لا تتوكل على ابن آدم فان ابن آدم ليس له قوام ولكن توكل على الحي الذي لا يموت.
- قوله تعالى : الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا * وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا.
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فاسأل به خبيرا} قال : ما أخبرتك من شيء فهو ما أخبرتك به.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن شمر بن عطية في قوله {الرحمن فاسأل به خبيرا} قال : هذا القرآن خبير به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} قال : قالوا ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة ، فأنزل الله !

{وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} البقرة الآية 163.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين الجحفي في قوله {قالوا وما الرحمن} قال : جوابها {الرحمن علم القرآن} الرحمن الآيتان 1 - 2.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن إبراهيم قال : قرأ الاسود {أنسجد لما تأمرنا} فسجد فيها قال : وقرأها يحيى {أنسجد لما تأمرنا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان قال : قرأ إبراهيم في الفرقان (أنسجد لما يأمرنا) بالياء ، وقرأ سليمان كذلك.
- قوله تعالى : تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا.
أخرج الخطيب في كتاب النجوم عن ابن عباس في قوله {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} قال : هي هذه الاثنا عشر برجا ، أولها الحمل ثم الثثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الاسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} قال : قصورا على أبواب السماء فيها الحرس.
وأخرج هناد عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن يحيى بن رافع {جعل في السماء بروجا} قال : قصورا في السماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطية {جعل في السماء بروجا} قال : القصور ، ثم تأول هذه الآية {ولو كنتم في بروج مشيدة} النساء الآية 78.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {جعل في السماء بروجا} قال : البروج النجوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {جعل في السماء بروجا} قال : النجوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي صالح {جعل في السماء بروجا} قال : النجوم الكبار.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} قال : هي النجومز وقال عكرمة : ان أهل السماء يرون نور مساجد الدنيا كما يرون أهل الدنيا نجوم السماء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {وجعل فيها سراجا} قال : هي الشمس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {وجعل فيها سراجا} بكسر السين على معنى الواحد.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن : أنه كان يقرأ {سراجا}.
وَأخرَج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي : أنه كان يقرأ {وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا}.
- قوله تعالى : وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وهو الذي جعل الليل والنهار

خلفة} قال : أبيض وأسود.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {جعل الليل والنهار خلفة} قال : هذا يخلف هذا وهذا يخلف هذا {لمن أراد أن يذكر} قال : يذكر نعمة ربه عليه فيهما {أو أراد شكورا} قال : شكور نعمة ربه عليه فيهما.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {جعل الليل والنهار خلفة} قال : يختلفان ، هذا اسود وهذا أبيض وان المؤمن قد ينسى بالليل ويذكر بالنهار وينسى بالنهار ويذكر بالليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {جعل الليل والنهار خلفة} يقول : من فاته شيء من الليل أن يعمله أدركه بالنهار ومن فاته شيء من النهار أن يعمله أدركه بالليل.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي حاتم عن الحسن : أن عمر أطال صلاة

الضحى فقيل : له : صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه فقال : انه بقي علي من وردي شيء وأحببت ان أتمه ، أو قال اقضيه ، وتلا هذه الآية {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {جعل الليل والنهار خلفة} يقول : جعل الليل خلفا من النهار والنهار خلفا من الليل لمن فرط في عمل أن يقضيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {جعل الليل والنهار خلفة} قال : ان لم يستطع عمل الليل عمله بالنهار وان لم يستطع عمل النهار عمله بالليل ، فهذا خلفة لهذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن في قوله {جعل الليل والنهار خلفة} قال : من عجز بالليل كان له في أول النهار مستعتب ومن عجز بالنهار كان له في الليل مستعتب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة ، أن سلمان جاءه رجل فقال : لا أستطيع قيام الليل قال : ان كنت لا تستطيع قيام اللهيل فلا تعجز بالنهار قال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفس محمد بيده أن في كل ليلة ساعة ، لا يوافقها رجل مسلم يصلي فيها يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه اياه قال قتادة : فأروا الله من أعمالكم خيرا في هذا الليل والنهار فانهما مطيتان

تحملان الناس إلى آجالهم تقربان كل بعيد وتبليان كل جديد وتجيئان بكل موعود إلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (لمن أراد أن يذكر) مشددة.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ (لمن أراد أن يذكر).
- قوله تعالى : وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما * والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعباد الرحمن} قال : هم المؤمنون {الذين يمشون على الأرض هونا} قال : بالطاعة والعفاف والتواضع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يمشون على الأرض هونا} قال : علماء حكماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {هونا}

قال : بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {هونا} قال : حلماء بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله {هونا} قال : حلماء بالسريانية.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} قال : بالوقار والسكينة {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال : سدادا من القول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة ، مثله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {يمشون على الأرض هونا} قال : لا يشتدون.


وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة ، وَابن النجار عن ابن عباس قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن.
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن الفضيل بن عياض في قوله {الذين يمشون على الأرض هونا} قال : بالسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال : ان جهل عليه حلم وان أسيء اليه أحسن وان حرم أعطى وان قطع وصل.
وأخرج الآمدي في شرح ديوان الاعشى بسنده عن عمر بن الخطاب : انه رأى غلاما يتبختر في مشيته فقال : ان البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله وقد مدح الله أقواما فقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} فاقصد في مشيتك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الذين يمشون على الأرض هونا} قال : تواضعا لله لعظمته {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال : كانوا لا يجهلون على أهل الجهل.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن علي الباقر قال : سلاح اللئام

قبيح الكلام.
وأخرج أحمد عن النعمان بن مقرن المزني : ان رجلا سب رجلا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعل الرجل المسبوب يقول : عليك السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ان ملكا بينكما يذب عنك كلما شتمك هذا قال له : بل أنت ، وأنت أحق به واذا قلت له : عليك السلام قال : لا ، بل لك أنت أحق به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وإذا خاطبهم الجاهلون} قال : السفهاء {قالوا سلاما} يعني ردوا معروفا {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} يعني يصلون بالليل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {يمشون على الأرض هونا} قال : يمشون حلماء متواضعين لا يجهلون على أحد وان جهل عليهم جاهل لم يجهلوا ، هذا نهارهم اذا انتشروا في الناس {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} قال : هذا ليلهم اذا خلوا بينهم وبين ربهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : كان يقال : ابن آدم عف عن

محارم الله تكن عابدا وأرض بما قسم الله لك تكن غنيا وأحسن مجاورة من جاورك من الناس تكن مسلما وصاحب الناس بالذي تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا وإياك وكثرة الضحك فان كثرة الضحك تميت القلب ، انه قد كان يديكم أقوام يجمعون كثيرا ويبنون شديدا ويأملون بعيدا فأين هم أصبح جمعهم بورا وأصبح عملهم غرورا وأصبحت مساكنهم قبورا ، ابن آدم انك مرتهن بعملك وأنت على أجلك معروض على ربك فخذ مما في يديك لما بين يديك عند الموت يأتيك من الخير ، يا ابن آدم طأ الأرض بقدمك فانها عن قليل قبرك انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك ، يا ابن آدم خالط الناس وزايلهم : خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك وعملك ، يا ابن آدم أتحب أن تذكر بسحناتك وتكره أن تذكر بسيئاتك وتبغض على الظن وتقيم على اليقين ، وكان يقال : أن المؤمنين لما جاءتهم هذه الدعوة من الله صدقوا بها ، وافضاء بعينها خضعت لذلك قلوبهموأبدانهم وأبصارهم كنت والله اذا رأيتهم قوما كأنهم رأى عين ، والله ما كانوا بأهل جدل وباطل ولكن جاءهم من الله أمر فصدقوا به فنعتهم الله في

القرآن أحسن نعت فقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}
قال : الحسن والهون في كلام العرب : اللين والسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال : حلماء لا يجهلون وان جهل عليهم حلموا ، يصاحبون عباد الله نهارهم مما تسمعون ، ثم ذكر ليلهم خير ليل قال {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ينتصبون لله على أقدامهم ويفترشون وجوههم سجدا لربهم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم ، قال الحسن : لأمر ما سهر ليلهم ولأمر ما خشع نهارهم {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما} قال : كل شيء يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام انما الغرام اللازم له ما دامت السموات والأرض قال : صدق القوم ، والله الذي لا إله إلا هو فعلموا ولم يتمنوا ، فاياكم وهذه الاماني يرحمكم الله فان الله لم يعط عبد بالمنية خيرا في الدنيا والآخرة قط ، وكان يقول : يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {إن عذابها كان غراما . قال : الدائم" .

وأخرج الطسي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : (إن عذابها كان غراما)} قال : ملازما شديدا كلزوم الغريم الغريم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول بشر بن أبي حازم ويوم النسار ويوم الجفار * كانا عذابا وكانا غراما.
وَأخرَج ابن الانباري عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله {كان غراما} ما الغرام قال : المولع ، قال فيه الشاعر : وما أكلة ان نلتها بغنيمة * ولا جوعة ان جعتها بغرام.
وَأخرَج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن عذابها كان غراما} قال : قد علموا ان كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} قال : هم

المؤمنون ، لا يسرفون فيقعوا في معصية الله ولا يقترون فيمنعون حقوق الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ (ولم يقتروا) بنصب الياء ورفع التاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} قال : الاسراف النفقة في معصية الله والاقتار الامساك عن حق الله قال : وان الله قد فاء لكم فيئة فانتهوا إلى فيئة الله ، قال في المنفق {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} الاحزاب الآية 70 قال : قولوا صدقا عدلا ، وقال للمؤمنين {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} النور الآية 30 عما لا يحل لهم ، وقال في الاستماع {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} الزمر الآية 18 وأحسنه طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله {لم يسرفوا ولم يقتروا}

قال لا ينفقه في باطل ولا يمنعه من حق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} قال : اولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما يريدون به نعيما ولا يلبسون ثوبا يريدون به جمالا كانت قلوبهم على قلب واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الاعمش في قوله {بين ذلك قواما} قال : عدلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال القوام أن لا تنفق من غير حق ولا تمسك من حق هو عليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن وهب بن منبه {وكان بين ذلك قواما} قال : الشطر من أموالهم.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن مرة الجعفي قال : العلم خير من العمل والحسنة بين السيئين ، يعني اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وخير

الامور أوساطها.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن في قوله {لم يسرفوا ولم يقتروا} ان عمر بن الخطاب قال : كفى سرفا أن الرجل لا يشتهي شيئا إلا اشتراه فأكله.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من فقه الرجل رفقه في معيشته.
- قوله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما * يضاعف له
العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيآتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما * ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا.
أخرج الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت : ثم أي قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت : ثم أي قال : أن تزاني حليلة جارك فأنزل الله تصديق ذلك {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون}.


وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن ناسا من أهل الشرك قد قتلوا فأكثروا وزنوا ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا : ان الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزل {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} ونزلت {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الزمر الآية 53.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر من طريق القاسم بن أبي بزة أنه سأل سعيد بن جبير هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة فقرأت عليه {ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق} فقال سعيد : قرأتها على ابن عباس كما قرأتها علي فقال : هذه مكية نسختها آية مدنية التي في سورة النساء.
وأخرج ابن المبارك عن شفي الاصبحي قال : ان في جهنم جبلا يدعى : صعودا ، يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه وان في جهنم قصرا يقال له : هوى ، يرمى الكافر من أعلاه فيهوى أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله ، قال تعالى {ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} طه الآية 81 وان في جهنم واديا

يدعى : أثاما ، فيه حيات وعقارب في فقار احداهن مقدار سبعين قلة من السم والعقرب منهن مثل البغلة الموكفة وان في جهنم واديا يدعى : غيا ، يسيل قيحا ودما.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاعمال أفضل قال : الصلوات لمواقيتهن ، قلت : ثم أي قال : بر الوالدين قلت : ثم أي قال : ثم الجهاد في سبيل الله ولو استزدته لزادني ، وسألته أي الذنب أعظم عند الله قال : الشرك بالله قلت : ثم أي قال : أن تقتل ولدك أن يطعم معك فما لبثنا إلا يسيرا حتى أنزل الله {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون}.
وأخرج ابن مردويه عن عون بن عبد الله قال : سألت الاسود بن يزيد هل كان ابن مسعود يفضل عملا على عمل قال : نعم ، سألت ابن مسعود قال : سألتني عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أي الاعمال

أحبها إلى الله وأقربها من الله قال : الصلاة لوقتها قلت : ثم ماذا على اثر ذلك قال : ثم بر الوالدين قلت : ثم ماذا على أثر ذلك قال : الجهاد في سبيل الله ولو استزدته لزادني قلت : فأي الاعمال أبغضها إلى الله وأبعدها من الله قال : ان تجعل لله ندا وهو خلقك وان تقتل ولدك أن يأكل معك وان تزاني حليلة جارك ثم قرأ {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ان الله ينهاك ان تعبد المخلوق وتذر الخالق وينهاك أن تقتل ولدك وتغذو كلبك وينهاك أن تزني بحليلة جارك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر في قوله {يلق أثاما} قال : واد في جهنم.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {يلق أثاما} قال : واد في جهنم من قيح ودم.


وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اثام أودية في جهنم فيها الزناة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {يلق أثاما} قال : نكالا ، وكنا نحدث أنه واد في جهنم وذكر لنا أن لقمان كان يقول : يا بني اياك والزنا فان أوله مخافة وآخره ندامة.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن شفي الاصبحي قال : ان في جهنم واديا يدعى : أثاما ، فيه حيات وعقارب في فقار احداهن مقدار سبعين قلة من السم والعقرب منهن مثل البغلة الموكفة.
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {يلق أثاما} ما الاثام قال : الجزاء قال فيه عامر بن الطفيل : وروينا الاسنة من صداء * ولا قت حمير منا أثاما.
وَأخرَج الطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {ومن يفعل ذلك يلق أثاما}.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {يضاعف} بالرفع {له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه} بنصب الياء ورفع اللام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ويخلد فيه} يعني في العذاب {مهانا} يعني يهان فيه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} اشتد ذلك على المسلمين فقالوا : ما منا أحد إلا أشرك وقتلن وزنى فأنزل الله {يا عبادي الذين أسرفوا} الزمر الآية 53 ، يقول لهؤلاء الذين أصابوا هذا في الشرك ثم نزلت بعده {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} فأبدلهم الله بالكفر الإسلام وبالمعصية الطاعة وبالانكار المعرفة وبالجهالة العلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : نزلت آية من تبارك بالمدينة في شأن قاتل حمزة وحشي

وأصحابه كانوا يقولون : انا لنعرف الإسلام وفضله فكيف لنا بالتوبة وقد عبدنا الاوثان وقتلنا أصحاب محمد وشربنا الخمور ونكحنا المشركات فأنزل الله فيهم {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} الآية ، ثم نزلت توبتهم {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} فابدلهم الله بقتال المسلمين قتال المشركين ونكاح المشركات نكاح المؤمنات وبعبادة الاوثان عبادة الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عامر أنه سئل عن هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر}
قال : هؤلاء كانوا في الجاهلية فأشركوا وقتلوا وزنوا ، فقالوا : لن يغفر الله لنا ، فأنزل الله {إلا من تاب} ، قال : كانت التوبة والايمان والعمل الصالح وكان الشرك والقتل والزنا ، كانت ثلاث مكان ثلاث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك قال : لما نزلت {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} قال بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : كنا أشركنا في الجاهلية وقتلنا فنزلت {إلا من تاب}.
وأخرج ابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : قرأنا على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سنين {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا

يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما} ثم نزلت {إلا من تاب وآمن} فما رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرح بشيء قط فرحه بها وفرحه ب {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} الفتح الآية 1.
وأخرج أبو داود في تاريخه عن ابن عباس {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما} ثم استثنى {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة ثم انصرفت فاذا امراة عند بابي فقالت : جئتك أسألك عن عمل عملته هل ترى لي منه توبة قلت : وما هو قالت : زنيت وولد لي وقتلته قلت : لا ، ولا كرامة ، فقامت وهي تقول : واحسرتاه ، أيخلق هذا الجسد للنار فلما صليت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الصبح من تلك الليلة قصصت عليه أمر المرأة قال : ما قلت لها قلت لا ، ولا كرامة قال : بئس ما قلت ، أما كنت تقرأ هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} إلى قوله {إلا من تاب} الآية ، قال

أبو هريرة : فخرجت فما بقيت دار بالمدينة ولا خطة إلا وقفت عليها فقلت : ان كان فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة فلتأت ولتبشر ، فلما انصرفت من العشي اذا هي عند بابي فقلت : ابشري اني ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ما قلت لي وما قلت لك فقال : بئس ما قلت أما كنت تقرأ هذه الآية وقرأتها عليها فخرت ساجدة وقالت : أحمد الله الذين جعل لي توبة ومخرجا أشهد أن هذه الجارية لجارية معها ، وَابن لها حران لوجه الله واني قد تبت مما عملت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : هم المؤمنون ، كانوا من قبل ايمانهم على السيئات فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات فابدلهم مكان السيئات الحسنات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {إلا من تاب} قال : من ذنبه {وآمن} قال : بربه ، {وعمل صالحا} قال : فيما بينه وبين ربه !

{فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : إنما التبديل طاعة الله بعد عصيانه وذكر الله بعد نسيانه والخير تعمله بعد الشر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : التبديل في الدنيا يبدل الله بالعمل السيء العمل الصالح وبالشرك اخلاصا وبالفجور عفافا ونحو ذلك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : الايمان بعد الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : اذا تابعوا جعل الله ما عملوا من سيئاتهم حسنات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علي بن الحسين {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : في الآخرة وقال الحسن : في الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي عثمان النهدي قال : ان المؤمن يعطي كتابه في ستر من الله فيقرأ سيئاته فاذا قرأ تغير لها لونه حتى يمر بحسناته فيقرأها فيرجع اليه لونه ثم ينظر فاذا سيئاته قد بدلت حسنات فعند ذلك يقول {هاؤم اقرؤوا كتابيه} الحاقة الآية 19.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سلمان قال : يعطي رجل يوم القيامة صحيفة فيقرأ اعلاها فاذا سيئاته فاذا كاد يسوء ظنه نظر في

أسفلها فاذا حسناته ثم ينظر في أعلاها فاذا هي قد بدلت حسنات.
وأخرج أحمد وهناد ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه
صغار ذنوبه فيعرض عليه صغارها وينحى عنه كبارها فيقال : عملت يوم كذا وكذا ، كذا وكذا وهو مقر ليس ينكر وهو مشفق من الكبار أن تجيء فيقال : اعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتين ناس يوم القيامة ودوا انهم استكثروا من السيئات قبل : ومن هم يا رسول الله قال : الذين بدل الله سيئاتهم حسنات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن ميمون {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : حتى يتمنى العبد أن سيئاته كانت أكثر مما هي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية انه قيل له : ان اناسا يزعمون

انهم يتمنون ان يستكثروا من الذنوب قال : ولم ذاك قال : يتأولون هذه الآية {يبدل الله سيئاتهم حسنات} فقال أبو العالية : وكان اذا أخبر بما لا يعلم قال : آمنت بما أنزل الله من كتاب ، ثم تلا هذه الآية {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : جاء شيخ كبير فقال : يا رسول الله رجل غدر وفجر فلم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه ولو قسمت خطيئته بين أهل الأرض ولا وبقتهم ، فهل له من توبة فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أسلمت ، ، قال : نعم ، قال : فإن الله غافر لك ومبدل سيئاتك حسنات قال : يا رسول الله وغدارتي ، وفجراتي ، ، قال : وغدراتك وفجراتك.
وأخرج الطبراني عن سلمة بن جهيل قال : جاء شاب فقال : يا رسول الله أرأيت من لم يدع سيئة إلا عملها ولا خطيئة إلا ركبها ولا أشرف له سهم فما

فوقه إلا اقتطعه بيمينه ومن لو قسمت خطاياه على أهل المدينة لغمرتهم فقال النَّبِيّ : صلى الله عليه وسلم أأسلمت ، قال : أما أنا فاشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله قال : اذهب فقد بدل الله سيئاتك حسنات قال : يا رسول الله وغدارتي ، وفجراتي ، ، قال : وغدارتك وفجراتك ثلاثا ، فولى الشاب وهو يقول : الله أكبر.
وأخرج البغوي ، وَابن قانع والطبراني عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها فذكر نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : التبديل يوم القيامة اذا وقف العبد بين يدي الله والكتاب بين يديه ينظر في السيئات والحسنات فيقول : قد غفرت لك ويسجد بين يديه فيقول : قد بدلت فيسجد فيقول : قد بدلت فيسجد فيقول الخلائق : طوبى لهذا العبد الذي لم يعمل سيئة قط.
وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا

نام ابن آدم قال الملك للشيطان : أعطني صحيفتك فيعطيه اياها فما وجد في صحيفته من حسنة محا بها عشر سيئات من صحيفة الشيطان وكتبهن حسنات فاذا أراد أحدكم ان ينام فليكبر ثلاثا وثلاثين تكبيرة ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ويسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة فتلك مائة.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول في قوله {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال : يجعل مكان السيئات شال : فرأيت مكحولا غضب حتى جعل يرتعد.
- قوله تعالى : والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما * والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا * والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال : ان الزور كان صنما بالمدينة يلعبون حوله كل سبعة أيام وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مروا به مروا كراما لا ينظرون اليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {والذين لا يشهدون الزور} قال : أعياد المشركين .

وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك (والذين لا يشهدون الزور) . قال : الشرك ، (وإذا مروا باللغو) قال : بالشرك ..
وأخرج الخطيب عن ابن عباس في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال : أعياد المشركين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {والذين لا يشهدون الزور} قال : الكذب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {والذين لا يشهدون الزور} قال : لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالؤنهم فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس الملائي {والذين لا يشهدون الزور} قال : مجالس السوء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {والذين لا يشهدون الزور} قال : لعب كان في الجاهليلة.


وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد بن الحنفية {والذين لا يشهدون الزور} قال : الغناء واللهو.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الجحاف {والذين لا يشهدون الزور} قال : الغناء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {والذين لا يشهدون الزور} قال : الغناء النياحة.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغضب ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن مجاهد {والذين لا يشهدون الزور} قال : مجالس الغناء {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال : اذا أوذوا صفحوا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال : يعرضون عنهم لا يكلمونهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال : هي مكية.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن إبراهيم بن ميسرة رضي الله عنه قال : بلغني ان

ابن مسعود مر معرضا ولم يقف فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لقد أصبح ابن مسعود أو أمسى كريما ثم تلا إبراهيم {وإذا مروا باللغو مروا كراما}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن الضحاك {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال : لم يكن اللغو من حالهم ولا بالهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وإذا مروا باللغو} قال : اللغو كله المعاصي.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} قال : كانوا اذا أتوا على ذكر النكاح كفوا عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا} قال : لم يصموا عن الحق ولم يعموا عنه هم قوم عقلوا عن الله فانتفعوا بما سمعوا من كتاب الله.


وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لم يخروا عليها صما وعميانا} قال : كم من قارى ء يقرأها بلسانه يخر عليها أصم أعمى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال : يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة ، {واجعلنا للمتقين إماما} قال : أئمة هدى يهتدي بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال لأهل السعادة {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} الأنبياء الآية 73 ولأهل الشقاوة {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} القصص الآية 41.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال : لم يريدوا بذلك صباحة ولا

جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين.
وأخرج ابن المبارك في البر والصلة وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن الحسن انه سئل عن هذه الآية {هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} أهذه القرة أعين في الدنيا أم في الآخرة قال : لا والله بل في الدنيا ، قيل : وما هي قال : هي أن يرى الرجل المسلم من زوجته من ذريته من أخيه من حميمه طاعة الله ولا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولدا أو والدا أو حميما أو أخا مطيعا لله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}
قال : يحسنون عبادتك ولا يجرون عليها الجرائر {واجعلنا للمتقين إماما} قال : اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن المقداد بن الاسود قال : لقد بعث الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبيا من الأنبياء في

قومه من جاهلية ما يرون ان دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق به بين الوالد وولده حتى ان كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه بالايمان ويعلم انه ان هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار ، انها للتي قال الله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ (هب لنا من أزواجنا وذريتنا واحدة).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {واجعلنا للمتقين إماما} يقول : قادة في الخير ودعاة وهداة يؤتم بهم في الخير.
وأخرج الفريابي عن أبي صالح في قوله {واجعلنا للمتقين إماما} قال : أئمة يقتدى بهدانا والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما.
أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سهل بن سعد عن

النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {أولئك يجزون الغرفة} قال : هي من ياقوته حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء ليس فيها قصم ولا وهم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {أولئك يجزون الغرفة} قال : الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر في قوله {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} قال : على الفقر في دار الدنيا.
وأخرج زاهر بن طاهر الشحامي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان في الجنة لغرفا ليس فيها مغاليق من فوقها ولا عماد من تحتها قيل : يا رسول الله وكيف يدخلها أهلها قال : يدخلونها أشباه الطير قيل يا رسول الله : لمن هي قال : لأهل الاسقام والأوجاع والبلوى.


وأخرج أحمد عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى والناس نيام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {أولئك} يعني الذين في هؤلاء الآيات {يجزون الغرفة} يعني في الآخرة {الغرفة} الجنة {بما صبروا} على أمر ربهم {ويلقون فيها} يعني تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام {خالدين فيها} لا يموتون {حسنت مستقرا} يعني مستقرهم في الجنة {ومقاما} يعني مقام أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم قال : لقي ابن سيرين رجل فقال : حياك الله فقال : ان أفضل التحية تحية أهل الجنة السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ (أولئك يجزون الغرفة (واحدة) بما صبروا ويلقون) خفيفة منصوبة الياء والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {قل ما

يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} يقول : لولا ايمانكم ، فاخبر الله انه لا حاجة له بهم اذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كنت له بهم حاجة لحبب اليهم الايمان كما حببه إلى المؤمنين {فسوف يكون لزاما} قال : موتا.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {قل ما يعبأ بكم ربي} قال : ما يفعل {لولا دعاؤكم} قال : لولا دعاؤه اياكم لتعبدوه وتطيعوه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الوليد بن أبي الوليد قال :
بلغني ان تفسير هذه الآية {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} أي ما خلقتكم لي بكم حاجة إلا أن تسألوني فاغفر لكم وتسألوني فاعطيكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الزبير انه قرأ في صلاة الصبح الفرقان فلما أتى على هذه الآية قرأ (فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما).


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن الانباري في المصاحف عن ابن عباس انه قرأ (فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما).
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {فسوف يكون لزاما} قال : موتا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتاده {فسوف يكون لزاما} قال أبي بن كعب : هو القتل يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال (اللزام) هو القتل الذي أصابهم يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : قد مضى اللزام كان يوم بدر ، قتلوا سبعين وأسروا سبعين.


وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : خمس قد مضين : الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : كنا نحدث ان (اللزام) يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {فسوف يكون لزاما} قال : يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فسوف يكون لزاما} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : مضى خمس آيات وبقي خمس منها ، انشقاق القمر وقد رأيناه ومضى الدخان ومضت البطشة الكبرى ومضى اليوم العقيم ومضى اللزام والله أعلم.
*

بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة الشعراء.
مكية وآياتها سبع وعشرون ومائتان.
- مقدمة سورة الشعراء.
أَخْرَج ابن ضريس ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة {طسم} الشعراء ، بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة الشعراء بمكة.
وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : سورة الشعراء نزلت بمكة سوى خمس آيات من آخرها نزلت بالمدينة {والشعراء يتبعهم الغاوون} إلى آخرها.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن معدي كرب قال : أتينا عبد الله بن مسعود نسأله عن {طسم} الشعراء ، قال : ليست معي ولكن عليكم ممن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بأبي عبد الله خباب بن الأرت.
- طسم.


أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : اسم من أسماء القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {طسم} قال : الطاء من ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن.
- قوله تعالى : تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون * أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيزالرحيم.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لعلك باخع نفسك} قال : لعلك قاتل نفسك {ألا يكونوا مؤمنين}
{إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال : لو شاء الله أنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوى أحدهم عنقه إلى معصية الله {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} يقول : ما يأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه {فسيأتيهم} يعني يوم القيامة {أنباء} ما استهزأوا به من كتاب الله وفي قوله {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} قال : حسن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق سأله عن قوله !

{فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال : العنق الجماعة من الناس قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الحرث بن هشام وهو يقول ويذكر أبا جهل : يخبرنا المخبر ان عمرا * امام القوم من عنق مخيل.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال : ذليلين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الخاضع : الذليل.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} قال : من نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} قال : الناس من نبات الأرض ، فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : كل شيء في الشعراء من قوله !

{العزيز الرحيم} فهو ما هلك ممن مضى من الامم يقول {عزيز} حين انتقم من أعدائه {رحيم} بالمؤمنين حين أنجاهم مما أهلك به أعداءه.
- قوله تعالى : وإذ نادى ربك موسى أن إئت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون * قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا
معكم مستمعون * فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين * أن أرسل معنا بني إسرائيل * قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين * قال فعلتها إذا وأنا من الضالين * ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين * وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل * قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب آبائكم الأولين * قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك بشيء مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين * قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون * قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات يوم معلوم * وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين * فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئنا لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين * قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون * فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون * فألقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون * قال أآمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحرفلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من
خلاف ولأصلبنكم أجمعين * قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا إن كنا أول المؤمنين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وإذ نادى ربك موسى} قال : حين نودي من جانب الطور الايمن.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولهم علي ذنب} قال : قتل النفس التي قتل فيهم وفي قوله {وفعلت فعلتك التي فعلت} قال : قتل النفس ايضا ، وفي قوله {فعلتها إذا وأنا من الضالين} قال : من الجاهلين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولهم علي ذنب} قال : قتل النفس ، وفي قوله {ألم نربك فينا وليدا} قال : التقطه آل فرعون فربوه وليدا حتى كان رجلا {وفعلت فعلتك التي فعلت} قال : قتلت النفس التي قتلت {وأنت من الكافرين} قال : فتبرأ من ذلك نبي الله قال : {فعلتها إذا وأنا من الضالين} قال : من الجاهلين ، قال : وهي في بعض القراءة {إذا وأنا من

الضالين} فإنما هو شيء جهله ولم يتعمده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين} قال : من فرعون على موسى حين رباه ، يقول : كفرت نعمتي.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل} قال : قهرتهم واستعملتهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين} قال : للنعمة ، ان فرعون لم يكن يعلم ما الكفر وفي قوله {قال فعلتها إذا وأنا من الضالين} قال : من الجاهلين.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال في قراءة ابن مسعود (فعلتها اذن وأنا من الجاهلين).
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فوهب لي ربي حكما} قال :

النبوة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وتلك نعمة تمنها علي} قال : يقول موسى لفرعون : أتمن علي يا فرعون بان اتخذت بني اسرائيل عبيدا وكانوا أحرارا فقهرتهم واتخذتهم عبيدا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قال فرعون وما رب العالمين} إلى قوله {إن كنتم تعقلون} قال : فلم يزده إلا رغما.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين} يقول : مبين له خلق حية {ونزع يده} يقول :.
وَأخرَج موسى يده من جيبه {فإذا هي بيضاء} تلمع {للناظرين} ينظر إليها ويراها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أقبل موسى بأهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليلا فتضيف على أمه وهو لا يعرفهم في ليلة كانوا يأكلون منها الطقشيل فنزل في جانب الدار فجاء هرون فلما أبصر ضيفه

سأل عنه أمه فأخبرته انه ضيف فدعاه فأكل معه فلما قعدا فتحدثا فسأله هرون من أنت قال : أنا موسى ، فقام كل واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه فلما أن تعارفا قال له موسى : يا هرون انطلق بي إلى فرعون فان الله قد أرسلنا اليه ، قال هرون : سمعا وطاعة فقامت أمهما فصاحت وقالت : أنشدكما بالله ان لا تذهبا الى فرعون فيقتلكما فابيا فانطلقا اليه ليلا فاتيا الباب فضرباه ففزع فرعون وفزع البواب فقال فرعون : من هذا الذي يضرب ببابي هذه الساعة فأشرف عليهما البواب فكلمهما فقال له موسى : {إنا رسول رب العالمين} ففزع البواب فأتى فرعون فأخبره فقال : ان ههنا انسانا مجنونا يزعم انه رسول رب العالمين فقال : أدخله فدخل فقال : انه رسول رب العالمين ، {قال فرعون وما رب العالمين} قال : {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} طه الآية 50 قال : {إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين} الأعراف الآية 106 والثعبان الذكر من الحيات فاتحة فمها لحيها الاسفل في الأرض والأعلى على سورة القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه فلما رآها ذعر
منها ووثب فاحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك وصاح : يا موسى خذها وأنا أوؤمن بك وأرسل معك بني اسرائيل ، فأخذها

موسى فصارت عصا فقالت السحرة في نجواهم {إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما} طه الآية 63 فالتقى موسى وأمير السحرة فقال له موسى : أرأيت ان غلبتك غذا أتؤمن بي وتشهد ان ما جئت به حق قال الساحر : لآتين غدا بسحر لا يغلبه شيء فو الله لئن غلبتني لأؤمنن بك ولأشهدن انك حق ، وفرعون ينظر اليهما.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وقيل للناس هل أنتم مجتمعون} قال : كانوا بالاسكندرية قال : ويقال بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ قال : وهزموا وسلم فرعون وهمت به فقال : خذها يا موسى ، وكان مما بلى الناس به منه انه كان لا يضع على الأرض شيئا فاحدث يومئذ تحته وكان ارساله الحية في القبة الخضراء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون} قال : فوجدوا الله أعز منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشر بن منصور قال : بلغني انه لما تكلم ببعض هذا {وقالوا بعزة فرعون} قالت الملائكة : قصمه ورب الكعبة فقال الله

تالون علي قد أمهلته أربعين عاما.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {لا ضير} قال : يقولون لا يضرنا الذي تقول وان صنعت بنا وصلبتنا {إنا إلى ربنا منقلبون} يقول : انا إلى ربنا راجعون ، وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك ايانا وثباتنا على توحيده والبراءة من الكفر به وفي قوله {أن كنا أول المؤمنين} قال : كانوا كذلك يومئذ أول من آمن بآياته حين رآها.
- قوله تعالى : وأوحينا إلى موسى أن أسري بعبادي إنكم متبعون * فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون * فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك
وأورثناها بني إسرائيل * فاتبعوهم مشرقين * فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ثم ان الله أمر موسى ان يخرج ببني اسرائيل فقال {فأسر بعبادي ليلا} فأمر موسى بني اسرائيل أن يخرجوا وأمرهم أن يستعيروا الحلى من القبط وأمر ان لا ينادي أحد منهم صاحبه وان يسرجوا في بيوتهم حتى الصبح وان من خرج منهم امام بابه يكب من دم حتى يعلم انه قد خرج وان الله قد أخرج كل ولد زنا

في القبط من بني اسرائيل إلى بني اسرائيل.
وَأخرَج كل ولد زنا في بني اسرائيل من القبط إلى القبط حتى أتوا آباءهم ، ثم خرج موسى ببني اسرائيل ليلا والقبط لا يعلمون وألقى على القبط الموت فمات كل بكر رجل منهم فاصبحوا يدفنونهم فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس وخرج موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا ، لا يعدون ابن عشرين لصغره ولا ابن ستين لكبره وانما عدوا ما بين ذلك سوى الذرية ، وتبعهم فرعون على مقدمة هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان فيها ماذيانة وذلك حين يقول الله {فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون} فكان موسى على ساقه بني اسرائيل وكان هرون امامهم يقدمهم فقال المؤمن لموسى : أين أمرت قال : البحر ، فأراد ان يقتحم فمنعه موسى ، فنظرت بنو اسرائيل إلى فرعون قد ردفهم قالوا : يا موسى {إنا لمدركون} قال موسى {كلا إن معي ربي سيهدين} يقول : سيكفين ، فتقدم هرون فضرب البحر فأبى البحر أن ينفتح وقال : من هذا الجبار الذي يضربني حتى أتاه موسى فكناه أبا خالد وضربه {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} يقول : كالجبل العظيم فدخلت بنو اسرائيل

وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكانت الطرق اذا انفلقت بجدران فقال كل سبط : قد قتل أصحابناز فلما رأى ذلك موسى عليه الصلاة والسلام دعا الله فجعلها لهم قناطر كهيئة الطبقات ينظر آخرهم إلى أولهم حتى خرجوا جميعا ثم دنا فرعون وأصحابه فلما نظر
فرعون إلى البحر منفلقا قال : ألا ترون إلى البحر منفلقا قد فرق منى فانفتح لي حتى أدرك أعدائي فاقتلهم فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله ان تقتحم فنزل على ماذيانة فشامت الحصن ريح الماذيانة فاقتحمت في أثرها حتى اذا هم أولهم ان يخرج ودخل آخرهم ، أمر الله البحر أن يأخذهم فالتطم عليهم وتفرد جبريل بفرعون يمقله من مقل البحر فجعل يدسها في فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} قال : ذكر لنا أن بني اسرائيل الذين قطع بهم موسى البحر كانوا ستمائة ألف

مقاتل وعشرين الفا فصاعدا ، واتبعهم فرعون على ألف ألف حصان ومائتي ألف حصان.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} قال ستمائة ألف وسبعون ألفا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير عن أبي عبيدة ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} قال : كانوا ستمائة ألف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لشرذمة} قال : قطعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {لشرذمة} قال : الفريد من الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أصحاب موسى الذين جاوزوا البحر اثني عشر سبط فكان في كل طريق اثنا عشر ألفا كلهم ولد يعقوب عليه السلام.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {إن هؤلاء

لشرذمة قليلون} قال : هم يومئذ ستمائة ألف ، ولا يحصى عدد أصحاب فرعون.
وأخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فرعون عدو الله حيث غرقه الله هو وأصحابه في سبعين قائد مع كل قائد سبعون ألفا ، وكان موسى مع سبعين ألفا حين عبروا البحر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : أوحى الله إلى موسى : أن أجمع بني اسرائيل كل أربعة أبيات من بني اسرائيل في بيت ثم اذبح أولاد الضان
فاضرب بدمائها على كل باب فاني سآمر الملائكة ان لا تدخل بيتا على بابه دم وسآمر الملائكة فتقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأهليهم ثم اخبزوا خبز فطيرا فانه أسرع لكم ثم سر حتى تأتي البحر ثم قف حتى يأتيك أمري ، فلما ان أصبح فرعون قال : هذا عمل موسى وقومه قتلوا ابكارنا من أنفسنا وأهلينا.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر عن يحيى بن عروة بن الزبير قال : ان الله أمر موسى أن يسير ببني اسرائيل وقد كان موسى وعد بني اسرائيل أن يسير بهم إذا طلع القمر فدعا الله أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ فلما سار موسى ببني

اسرائيل أذن فرعون في الناس {إن هؤلاء لشرذمة قليلون}.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب قال : خرج موسى من مصر ومعه ستمائة ألف من بني اسرائيل لا يعدون فيهم أقل من ابن عشرين ولا ابن أكثر من أربعين سنة فقال فرعون : {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} وخرج فرعون على فرس حصان أدهم ومعه ثمانمائة ألف على خيل أدهم سوى ألوان الخيل وكان جبريل عليه السلام على فرس شائع يسير بين يدي القوم ويقول : ليس القوم بأحق بالطريق منكم ، وفرعون على فرس أدهم حصان ، وجبريل على فرس أنثى ، فاتبعها فرس فرعون وكان ميكائيل في أخرى القوم يقول : الحقوا اصحابكم حتى دخل آخرهم وأراد أولهم أن يخرجوا فاطبق عليهم البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال : لما أراد موسى أن يخرج ببني اسرائيل من مصر بلغ ذلك فرعون فقال : أمهلوهم حتى اذا صاح الديك فأتوهم ، فلم يصح في تلك الليلة الديك فخرج موسى ببني اسرائيل وغدا فرعون فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتي بها فأمر بها أن تذبح ثم قال : لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي خمسمائة ألف فارس ، فاجتمعوا اليه

فاتبعهم فلما انتهى موسى إلى البحر قال له : وصيه يا نبي الله أين أمرت قال : ههنا في البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان طلائع فرعون الذين بعثهم في أثرهم ستمائة ألف ليس فيهم أحد إلا على بهيم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت سيما خيل فرعون الخرق البيض في أصداغها وكانت جريدته مائة ألف حصان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف وهم ستة وثمانون انسانا ذكرهم وأنثاهم ، فخرج بهم موسى يوم خرج وهم ستمائة الف ونيف ، وخرج فرعون على أثرهم يطلبهم على فرس أدهم على لونه من الدهم ثمانمائة ألف أدهم سوى ألوان الخيل وحالت الريح الشمال ، وتحت جبريل فرس وريق وميكائيل يسوقهم لا يشذ منهم شاذة إلا ضمه فقال القوم : يا رسول الله قد كنا نلقى من فرعون من التعس والعذاب ما

نلقى فكيف ان صنعا ما صنعنا فاين الملجأ قال : البحر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس ، انه قرأ {وإنا لجميع حاذرون} قال : مؤدون مقرون.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الاسود بن يزيد انه كان يقرأها {وإنا لجميع حاذرون} يقول : رادون مستعدون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن

جبير ، انه كان يقرأ {وإنا لجميع حاذرون} يقول : ما دون في السلاح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن دينار قال : قرأ عبيد {وإنا لجميع حاذرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {وإنا لجميع حاذرون} يعني شاكي السلاح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود {وإنا لجميع حاذرون} قال : مؤدون مقوون في السلاح والكراع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم ، انه كان يقرأها {وإنا لجميع حاذرون}.
وأخرج ابن الانباري في الوقف عن ابن عباس ، ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {وإنا لجميع حاذرون} ما الحاذرون قال : التامون السلاح قال فيه النجاشي : لعمر أبي أتاني حيث أمسى * لقد تأذت به أبناء بكر

خفيفة في كتاب حاذرات * يقودهم أبو شبل هزبر
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم} قال : كانوا في ذلك في الدنيا فاخرجهم الله من ذلك وأورثها بني اسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ومقام كريم} قال : المنابر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأتبعوهم مشرقين} قال : اتبعهم فرعون وجنوده حين أشرقت الشمس {قال أصحاب موسى إنا لمدركون} قال موسى وكان أعلمهم بالله {كلا إن معي ربي سيهدين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {فأتبعوهم مشرقين} مهموزة مقطوعة الألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فأتبعوهم مشرقين} قال : خرج أصحاب موسى ليلا

فكسف القمر ليلا وأظلمت الأرض فقال أصحابه : ان يوسف كان أخبرنا : انا سننجى من فرعون وأخذ علينا العهد لنخرجن بعظامه معنا فخرج موسى من ليلته يسأل عن قبره فوجد عجوزا سألها على قبره فأخرجته له بحكمها فكان حكمها ان قالت له : احملني فاخرجني معك فجعل عظام يوسف في كساء ثم حمل العجوز على كساء فجعله على رقبته وخيل فرعون في ملء أعنتها خضراء في أعينهم ولا يبرح حسه عن موسى وأصحابه حتى برزوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن عبد الله القسري : ان مؤمن آل فرعون كان امام القوم قال : يا نبي الله أين أمرت قال : امامك ، قال : وهل امامي إلا البحر قال : والله ما كذبت ولا كذبت ، ثم سار ساعة فقال مثل ذلك فرد عليه موسى مثل ذلك قال موسى وكان أعلم القوم بالله !

{كلا إن معي ربي سيهدين}.
- قوله تعالى : فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كالطود} قال : كالجبل.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {كالطود} قال : كالجبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال الطود الجبل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأزلفنا ثم الآخرين} قال : هم قوم فرعون قربهم الله حتى أغرقهم في البحر.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أعلمك الكلمات التي قالهن موسى حين انفلق البحر قلت : بلى ، قال : اللهم لك الحمد واليك المتكل وبك المستغاث وأنت المستعان

ولا حول ولا قوة إلا بالله قال ابن مسعود : فما تركتهن منذ سمعتهن من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام : ان موسى لما انتهى إلى البحر قال : يا من كان قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد كل شيء اجعل لنا مخرجا ، فأوحى الله اليه {أن اضرب بعصاك البحر}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كان البحر ساكنا لا يتحرك فلما كان ليلة ضربه موسى بالعصا صار يمد ويجزر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قيس بن عباد قال : لما انتهى موسى ببني اسرائيل إلى البحر قالت بنو اسرائيل لموسى : أين ما وعدتنا هذا البحر بين أيدينا وهذا فرعون وجنوده قد دهمنا من خلفنا ، فقال موسى للبحر : انفرق أبا خالد فقال : لن أفرق لك يا موسى انا أقدم منك وأشد خلقا فنودي {أن اضرب بعصاك البحر}.


وأخرج أبو العباس محمد بن اسحاق السراج في تاريخه ، وَابن عبد البر في التمهيد من طريق يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : كتب صاحب الروم إلى معاوية يسأله عن أفضل الكلام ما هو والثاني ، والثالث ، والرابع ، وعن أكرم الخلق على الله وأكرم الأنبياء على الله وعن أربعة من الخلق لم يركضوا في رحم وعن قبر سار بصاحبه وعن المجرة وعن القوس وعن مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع
قبله ولا بعده فلما قرأ معاوية الكتاب قال : أخزاه الله وما علمي ما ههنا فقيل له : اكتب إلى ابن عباس فسله ، فكتب اليه يسأله ، فكتب اليه ابن عباس : ان أفضل الكلام لا إله إلا الله كلمة الاخلاص لا يقبل عمل إلا بها والتي تليها سبحان الله وبحمده أحب الكلام إلى الله والتي تليها الحمد لله كلمة الشكر والتي تليها الله أكبر فاتحة الصلوات والركوع والسجود وأكرم الخلق على الله آدم عليه السلام وأكرم اماء الله مريم.
وَأَمَّا الأربعة التي لم يركضوا في رحم فآدم وحواء والكبش الذي فدى به اسمعيل وعصا موسى حيث ألقاها فصار ثعبانا مبينا.
وَأَمَّا القبر الذي سار بصاحبه

فالحوت حين التقم يونس وأما المجرة فباب السماء وأما القوس فانها أمان لأهل الأرض من الغرق بعد قوم نوح وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس لم تطلع قبله ولا بعده فالمكان الذي انفرج من البحر لبني اسرائيل ، فلما قرأ عليه الكتاب أرسل به إلى صاحب الروم فقال : لقد علمت ان معاوية لم يكن له بهذا علم وما أصاب هذا إلا رجل من أهل بيت النبوة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : جاء موسى إلى فرعون وعليه جبة من صوف ومعه عصا فضحك فرعون ، فالقى عصاه فانطلقت نحوه كانها عنق بختي فيها أمثال الرماح تهتز ، فجعل فرعون يتأخر وهو على سريره فقال فرعون : خذها واسلم ، فعادت كما كانت وعاد فرعون كافرا ، فأمر موسى أن يسير إلى البحر فسار بهم في ستمائة ألف فلما أتى البحر أمر البحر اذا ضربه موسى بعصاه ان ينفرج له فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق منه اثنا عشر طريقا لكل سبط منهم طريق وجعل لهم فيها أمثال الكوى ينظر بعضهم إلى بعض ، واقبل فرعون في ثمانمائة ألف حتى أشرف على البحر ، فلما رآه هابه وهو على حصان له وعرض له ملك وهو على فرس له أنثى فلم يملك فرعون فرسه حتى أقحمه وخرج آخر بني اسرائيل

وولج أصحاب فرعون حتى اذا صاروا في البحر فاطبق عليهم فغرق فرعون بأصحابه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى
الله إلى موسى : أن اسر بعبادي ليلا انكم متبعون ، فاسرى موسى ببني اسرائيل ليلا فاتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الاناث وكان موسى في ستمائة ألف فلما عاينهم فرعون قال {إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون} الشعراء الآية 54 - 56 فاسرى موسى ببني اسرائيل حتى هجموا على البحر فالتفتوا فاذا هم برهج دواب فرعون فقالوا : يا موسى {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا} الأعراف الآية 129 هذا البحر أمامنا وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه قال : {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} الأعراف الآية 129 {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر} ، وأوحى إلى البحر : أن اسمع لموسى وأطع اذا ضربك ، فثاب البحر له أفكل يعني رعدة لا يدري من أي جوانبه يضرب ، فقال يوشع لموسى : بماذا أمرت قال : أمرت أن أضرب البحر ، قال : فاضربه :

فضرب موسى البحر بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريق كل طريق كالطود العظيم فكان لكل سبط فيهم طريق يأخذون فيه فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض : ما لنا لا نرى أصحابنا ، فقالوا لموسى : ان أصحابنا لا نراهم قال : سيروا فانهم على طريق مثل طريقكم قالوا : لن نؤمن حتى نراهم قال موسى : اللهم أعني على أخلاقكم السيئة ، فأوحى الله اليه : ان قل بعصاك هكذا وأومأ بيده يديرها على البحر ، قال موسى بعصاه على الحيطان هكذا فصار فيها كوات ينظر بعضهم إلى بعض فساروا حتى خرجوا من البحر ، فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه وكان فرعون على فرس أدهم حصان فلما هجم على البحر هاب الحصان ان يقتحم في البحر فتمثل له جبريل على فرس أنثى فلما رآها الحصان اقتحم خلفها وقيل لموسى {واترك البحر رهوا} الدخان الآية 24 قال : طرقا على حاله ، ودخل فرعون وقومه في البحر فلما دخل آخر قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى أطبق البحر على فرعون وقومه فاغرقوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه ان

موسى حين أسرى ببني اسرائيل بلغ فرعون فأمر بشاة فذبحت ثم قال : لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع الي ستمائة ألف من القبط ، فانطلق موسى حتى انتهى إلى
البحر فقال له : انفرق ، فقال له البحر : لقد استكثرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم ومع موسى رجل على حصان له فقال أين أمرت يا نبي الله بهؤلاء قال : ما أمرت إلا بهذا الوجه ، فاقتحم فرسه فسبح به ثم خرج فقال : اين أمرت يا نبي الله قال : ما أمرت إلا بهذا الوجه ، قال : ما كذبت ولا كذبت ، فأوحى الله إلى موسى : أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه موسى بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق يترأون فلما خرج أصحاب موسى وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم.


وأخرج عَبد بن حُمَيد والفريابي ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ان موسى لما أراد ان يسير ببني اسرائيل أضل الطريق فقال لبني اسرائيل : ما هذا فقال له علماء بني اسرائيل : ان يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا ان لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا فقال لهم موسى : أيكم يدري اين قبره فقالوا : ما يعلم أحد مكان قبره إلا عجوز لبني اسرائيل ، فارسل اليها موسى فقال : دلينا على قبر يوسف فقالت : لا والله حتى تعطيني حكمي قال : وما حكمك قالت : أن أكون معك في الجنة ، فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له : اعطها حكمها ، فانطلقت بهم إلى بحيرة مشقشقة ماء فقالت لهم : انضبوا عنها الماء ففعلوا قالت : احفروا ، فحفروا فاستخرجوا قبر يوسف فلما احتملوه اذا الطريق مثل ضوء النهار.
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن سماك بن حرب ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما أسرى موسى ببني اسرائيل غشيتهم غمامة حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه ، وقيل لموسى : لن تعبر إلا ومعك عظام يوسف قال : واين موضعها قالوا : ابنته عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها

في الديار ، فرجع موسى فلما سمعت حسه قالت : موسى قال : موسى ، قالت : ما وراءك قال : أمرت أن أحمل عظام يوسف ، قالت : ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم قال : دليني على عظام يوسف قالت : لا أفعل إلا ان تعطيني ما سألتك قال : فلك ما سألت قالت : خذ بيدي ، فأخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطى ء النيل في أصله سكة من حديد موتدة فيها
سلسلة فقالت : انا دفناه من ذلك الجانب ، فاخصب ذلك الجانب وأجدب ذاك الجانب فحولناه إلى هذا الجانب وأجدب ذاك فلما رأينا ذلك جمعنا عظامه فجعلناها في صندوق من حديد وألقيناه في وسط النيل فاخصب الجانبان جميعا ، فحمل الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فالحقها بالعسكر وقال لها : سلي ما شئت قالت : فاني أسألك أن أكون انا وأنت في درجة واحدة في الجنة ويرد علي بصري وشبابي حتى اكون شابة كما كنت ، قال : فلك ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : أوصى يوسف عليه السلام ان جاء نبي من بعدي فقولوا له : يخرج عظامي من هذه القرية ، فلما كان من أمر موسى ما كان يوم قرعون فمر بالقرية التي فيها قبر يوسف فسأل عن قبره فلم

يجد أحد يخبره فقيل له : ههنا عجوز بقيت من قوم يوسف ، فجاءها موسى عليه السلام فقال لها : تدليني على قبر يوسف فقالت : لا أفعل حتى تعطيني ما اششترط عليك ، فأوحى الله إلى موسى : ان اعطها شرطها قال لها : وما تريدين قالت : أكون زوجتك في الجنة ، فاعطاها فدلته على قبره ، فحفر موسى القبر ثم بسط رداءه.
وَأخرَج عظام يوسف فجعله في وسط ثوبه ثم لف الثوب بالعظام فحمله على يمينه فقال له الملك الذي على يمينه : الحمل يحمل على اليمين قال : صدقت هو على الشمال وانما فعلت ذلك كرامة ليوسف.
وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان يوسف عليه السلام قد عهد عند موته ان يخرجوا بعظامه معهم من مصر ، قال : فتجهز القوم وخرجوا فتحيروا فقال لهم موسى : انما تحيركم هذا من أجل عظام يوسف فمن يدلني عليها فقالت عجوز يقال لها شارح ابنة آي بن يعقوب : أنا رأيت عمي يوسف حين دفن فما تجعل لي ان دللتك عليه قال : حكمك ، فدلته عليه فأخذ عظام يوسف ثم قال : احتكمي قالت : أكون معك حيث كنت في الجنة.
وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.


ان الله أوحى إلى موسى : أن اسر بعبادي ، وكان بنو اسرائيل استعاروا من قوم فرعون
حليا وثيابا ، أن لنا عيدا نخرج اليه فخرج بهم موسى ليلا وهم ستمائة ألف وثلاثة آلاف ونيف ، فذلك قول فرعون {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} وخرج فرعون ومقدمته خمسمائة ألف سوى الجنبين والقلب فلما انتهى موسى إلى البحر أقبل يوشع بن نون على فرسه فمشى على الماء واقتحم غيره بخيولهم فوثبوا في الماء وخرج فرعون في طلبهم حين أصبح وبعدما طلعت الشمس فذلك قولهل {فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون} فدعا موسى ربه فغشيتهم ضبابة حالت بينهم وبينه وقيل له : اضرب بعصاك البحر ، ففعل {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} يعني الجبل ، فانفلق منه اثنا عشر طريقا فقالوا : انا نخاف ان توحل فيه الخيل ، فدعا موسى ربه فهبت عليهم الصبا فجف فقالوا : انا نخاف ان يغرق منا ولا نشعر فقال بعصاه فنقب الماء فجعل بينهم كوى حتى يرى بعضهم بعضا ثم دخلوا حتى جاوزوا البحر ، وأقبل فرعون حتى انتهى إلى الموضع الذي عبر منه موسى وطرقه على حالها فقال له أدلاؤه : ان موسى قد سحر البحر حتى صار كما ترى وهو قوله {واترك البحر رهوا} الدخان الآية 24 يعني كما هو ، فحذ ههنا حتى نلحقهم وهو مسيرة

ثلاثة أيام في البر ، وكان فرعون يومئذ على حصان فأقبل جبريل على فرس أنثى في ثلاثة وثلاثين من الملائكة ففرقوا الناس وتقدم جبريل فسار بين يدي فرعون وتبعه فرعون وصاحت الملائكة في الناس : الحقوا الملك ، حتى اذا دخل آخرهم ولم يخرج أولهم ، التقى البحر عليهم فغرقوا ، فسمع بنو اسرائيل وجبة البحر حين التقى فقالوا : ما هذا قال موسى : غرق فرعون وأصحابه ، فرجعوا ينظرون فالقاهم البحر على الساحل.
وأخرج ابن عبد الحكم ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان جبريل بين الناس ، بين بني اسرائيل وبين آل فرعون فيقول : رويدكم ليلحقكم آخركم ، فقالت بنو اسرائيل : ما رأينا سائقا أحسن سياقا من هذا ، وقال آل فرعون : ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا ، فلما انتهى موسى وبنو اسرائيل إلى البحر قال مؤمن آل فرعون ، يا نبي الله أين أمرت هذا البحر أمامك وقد غشينا آل فرعون فقال :
أمرت بالبحر ، فاقتحم مؤمن آل فرعون فرسه فرده التيار فجعل موسى لا يدري كيف يصنع وكان الله قد أوحى إلى البحر : ان أطع موسى وآية ذلك اذا ضربك بعصا فأوحى الله إلى موسى : أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} فدخل

بنو اسرائيل واتبعهم آل فرعون فلما خرج آخر بني اسرائيل ودخل آخر آل فرعون أطبق الله عليهم البحر.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : نزل جبريل يوم غرق فرعون وعليه عمامة سوداء.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن أبي الدرداء قال جعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصفق بيديه ويعجب من بني اسرائيل وتعنتهم لما حضروا البحر وحضرهم عدوهم ، جاؤا موسى فقالوا : قد حضرنا العدو فماذا أمرت قال : ان أنزل ههنا فاما ان يفتح لي ربي ويهزمهم وأما ان يفرق لي هذا البحر ، فضربه فتاطط كما تتاطط الفرش ثم ضربه الثانية فانصدع فقال : هذا من سلطان ربي ، فاجازوا البحر فلم يسمع بقوم أعظم ذنبا ولا أسرع توبة منهم.


- قوله تعالى : واتل عليهم نبأ إبراهيم * إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون * قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فنظل لها عاكفين} قال : عابدين {قال هل يسمعونكم إذ تدعون} يقول : هل تجيبكم آلهتكم اذا دعوتموهم.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {هل يسمعونكم} قال : هل يسمعون أصواتكم.
- قوله تعالى : الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين *
رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان يقال أول نعمة الله على عبده حين خلقه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} قال : قوله {إني سقيم} الصافات الآية 29 وقوله {بل فعله كبيرهم هذا} الأنبياء الآية 63 وقوله لسارة : انها أختي ، حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وألحقني بالصالحين} يعني أهل الجنة.


وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} قال : يؤمن بابراهيم كل ملة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر ، وَابن مردويه من طريق الحسن عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توضأ العبد لصلاة مكتوبة فاسبغ الوضوء ثم خرج من باب داره يريد المسجد فقال حين يخرج : بسم الله الذي خلقني فهو يهدين ، هداه الله للصواب - ولفظ ابن مردويه : لصواب الاعمال - والذي هو يطعمني ويسقين ، أطعمه الله من طعام الجنة وسقاه من شراب الجنة واذا مرضت فهو يشفين ، شفاه الله وجعل مرضه كفارة لذنوبه والذي يميتني ثم يحيين ، أحياه الله حياة السعداء وأماته ميتة الشهداء والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، غفر الله خطاياه كلها وان كانت أكثر من زبد البحر رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ، وهب الله له حكما وألحقه بصالح من مضى وصالح من بقي واجعل لي لسان صدق في الآخرين ، كتب في ورقة بيضاء ان فلان بن فلان

من الصادقين ثم وفقه الله بعد ذلك للصدق واجعلني من ورثة جنة النعيم ، جعل الله له القصور والمنازل في الجنة وكان الحسن يزيد فيه - واغفر لوالدي كما ربياني صغيرا.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عائشة انها قالت : يا رسول الله أن ابن جدعان كان يقري الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل ، أينفعه ذلك قال : لا ، انه لم يقل يوما قط : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.
- قوله تعالى : واغفر لأبي إنه كان من الضالين * ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واغفر لأبي} قال : امنن عليه بتوبة يستحق بها مغفرتك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولا تخزني يوم يبعثون} قال : ذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ليجيئن رجل يوم القيامة من المؤمنين آخذا بيد أب له مشرك حتى يقطعه النار ويرجو أن يدخله الجنة فيناديه مناد : انه لا يدخل الجنة مششرك ، فيقول : رب أبي ،.


ووعدت أن لا تخزيني ، قال : فما يزال متشبثا به حتى يحوله الله في صورة سيئة وريح منتنة في سورة ضبعان فاذا رآه كذلك تبرأ منه وقال : لست بأبي قال : فكنا نرى أنه يعني إبراهيم وما سمى به يومئذ.
وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصيني فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم : رب انك وعدتني ان لا تخزيني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الابعد ، فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال : يا إبراهيم ما تحت رجليك فاذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار.
وأخرج أحمد عن رجل من بني كنانة قال : صليت خلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عام الفتح فسمعته يقول اللهم لا تخزني يوم القيامة.
- قوله تعالى : إلا من أتى الله بقلب سليم.


أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس في قوله {إلا من أتى الله بقلب سليم} قال : شهداة أن لا إله إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إلا من أتى الله بقلب سليم} قال : كان يقال : سليم من الشرك.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {إلا من أتى الله بقلب سليم} قال : من الشرك ، ليس فيه شك في الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عون قال : ذكروا الحجاج عند ابن سيرين فقال : غير ما تقولون أخوف على الحجاج عندي منه قلت : وما هو قال : ان كان لقي الله بقلب سليم فقد أصاب الذنوب خير منه قلت : وما القلب السليم قال : ان يعلم انه لا إله إلا الله.
- قوله تعالى : وأزلفت الجنة للمتقين * وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأزلفت الجنة للمتقين} قال : قربت لأهلها.


وأخرج ابن أبي شيبه عن نبيح ابن امرأة كعب قال : تزلف الجنة ثم تزخرف ثم ينظر اليها من خلق الله ، من مسلم أو يهودي أو نصراني إلا رجلان ، رجلا قتل مؤمنا متعمدا أو رجلا قتل معاهدا متعمدا.
- قوله تعالى : فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فكبكبوا فيها} قال : جمعوا فيها {هم والغاوون} قال : مشركوا العرب والآلهة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فكبكبوا} قال : رموا.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن السدي {فكبكبوا فيها} قال : في النار {هم} قال : الآلهة {والغاوون} قال : مشركو قريش {وجنود إبليس} قال : ذرية ابليس ومن ولد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والغاوون} قال : الشياطين.


وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الناس يمرون يوم القيامة على الصراط : والصراط دحض مزلة يتكفأ بأهله ، والنار تأخذ منهم وان جهنم لتنطف عليهم مثل الثلج اذا وقع لها زفير وشهيق ، فبينما هم كذلك اذا جاءهم نداء من الرحمن : عبادي من كنتم تعبدون في دار الدنيا فيقولون : رب أنت تعلم انا اياك كنا نعبد ، فيجيبهم بصوت لم يسمع الخلائق مثله قط : عبادي حق علي ان لا أكلكم اليوم إلى أحد غيري فقد عفوت عنكم ورضيت عنكم ، فتقوم الملائكة عند ذلك بالشفاعة فينحون من ذلك المكان فيقول الذين تحتهم في النار {فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين} إبراهيم الآية 43 قال الله {فكبكبوا فيها هم والغاوون} قال ابن عباس : ادخروا فيها إلى آخر الدهر).
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أمتي ستحشر يوم القيامة فبينما هم وقوف اذ جاءهم مناد من الله : ليعتزل سفاكو الدماء بغير حقها ، فيميزون على حدة فيسيل عندهم سيل من دم ثم يقول لهم الداعي : اعيدوا هذه الدماء

في أجسادها فيقول : احشروهم إلى النار ، فبينما هم يجرون إلى النار اذ نادى مناد فقال : ان القوم قد كانوا يهللون ، فيوقفون منها مكانا يجدون وهجها حتى يفرغ من حساب أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يكبكبون في النار {هم والغاوون} {وجنود إبليس أجمعون}.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي امامة أن عائشة قالت : يا رسول الله يكون يوم لا يغنى عنا فيه من الله شيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ، في ثلاث مواطن عند الميزان وعند النور والظلمة وعند الصراط ، من شاء الله سلمه وأجازه ومن شاء كبكبه في النار قالت : يا رسول الله وما الصراط قال : طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليه مثل حد الموسى والملائكة صافون يمينا وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون : سلم سلم {وأفئدتهم هواء} إبراهيم الآية 43 فمن شاء الله سلمه ومن شاء كبكبه في النار.
- قوله تعالى : وما أضلنا إلا المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما أضلنا إلا المجرمون} يقول : الاولون الذين كانوا قبلنا اقتدينا بهم فضللنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة {وما أضلنا إلا

المجرمون} قال : ابليس ، وَابن آدم القاتل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {فما لنا من شافعين} قال : من أهل السماء {ولا صديق حميم} قال : من أهل الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {ولا صديق حميم} قال : شفيق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فلو أن لنا كرة} قال : رجعة إلى الدنيا {فنكون من المؤمنين} قال : حتى تحل لنا الشفاعة كما حلت لهؤلاء ، والله أعلم.
- قوله تعالى : كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * فاتقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين * قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين * فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس {قالوا أنؤمن لك} قالوا : أنصدقك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {واتبعك الأرذلون} قال : الحواكون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {واتبعك الأرذلون} قال : سفلة الناس وأراذلهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة {واتبعك الأرذلون} قال :

الحواكون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {إن حسابهم إلا على ربي} قال : هو أعلم بما في أنفسهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لتكونن من المرجومين} قال : بالحجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {لتكونن من المرجومين} قال : بالشتيمة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فافتح بيني وبينهم فتحا} قال : اقض بيني وبينهم قضاء.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح ، مثله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {الفلك المشحون} قال : السفينة الموقورة الممتلئة ، قال : وهل

تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبيد بن الأبرص : شحنا أرضهم بالخيل حتى * تركناهم أذل من الصراط.
وَأخرَج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس انه قال : تدرون ما المشحون قلنا : لا ، قال هو الموقر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الفلك المشحون} قال : الممتلى ء.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {الفلك المشحون} قال : المملوء المفروغ منه تحميلا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {في الفلك المشحون} قال : المحمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {في الفلك المشحون} كنا نحدث : انه الموقر.


وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الشعبي {في الفلك المشحون} قال : المثقل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح {في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح.
- قوله تعالى : كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العلمين * أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين * فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {أتبنون بكل ريع} قال : طريق {آية} قال : علما {تعبثون} قال : تلعبون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أتبنون بكل ريع} قال : شرف.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {أتبنون بكل ريع} قال : طريق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال : الريع الجبال والأمكنة المرتفعة من الأرض .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الريع ما استقبل الطريق بين الجبال والظراب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جرير
وابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أتبنون بكل ريع} قال : بكل فج بين جبلين {آية} قال : بنيانا {وتتخذون مصانع} قال : بروج الحمام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {تعبثون} قال : تلعبون.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وتتخذون مصانع} قال : قصورا مشيدة وبنيانا مخلدا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وتتخذون مصانع} قال : مآخذ للماء قال : وكان في بعض القراءة (وتتخذون مصانع كأنكم خالدون).


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لعلكم تخلدون} قال : كأنكم تخلدون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} قال : بالسوط والسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بطشتم جبارين} قال : أقوياء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بطشتم جبارين} قال : أقوياء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن هذا إلا خلق الأولين} قال : دين الاولين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن هذا إلا خلق الأولين} قال : أساطير الأولين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود انه كان يقرأ {إن هذا إلا خلق

الأولين} يقول شيء اختلقوه وفي لفظ يقول / {اختلاق الاولين > /.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {إن هذا إلا خلق الأولين} قال : كذبهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علقمة {إن هذا إلا خلق الأولين} قال : اختلاقهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {إن هذا إلا خلق الأولين} مرفوعة الخاء مثقلة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن هذا إلا خلق الأولين} قال : هكذا خلقت الاولون وهكذا كان الناس يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث عليهم ولا حساب {وما نحن بمعذبين} أي إنما نحن مثل الاولين نعيش كما عاشوا ثم نموت لا حساب ولا عذاب علينا ولا بعث.
- قوله تعالى : كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتتركون فيما هاهنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فرهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * وأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.


أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ونخل طلعها هضيم} قال : معشب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له أخبرني عن قوله عز وجل {طلعها هضيم} قال : منضم بعضه إلى بعض قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول أمرى ء القيس : دار لبيضاء العوارض طفلة * مهضومة الكشحين ريا المعصم
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن يزيد بن أبي زياد {ونخل طلعها هضيم} قال : هو الرطب وفي لفظ قال : المذنب الذي قد رطب بعضه.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {طلعها هضيم} قال : لين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {طلعها هضيم} قال : الرخو.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك قال الهضيم اذا بلغ البسر في عذوقه فعظم ، فذلك الهضم.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {طلعها هضيم} قال : يتهشم تهشما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {طلعها هضيم} قال : الطلعة اذا مسستها تناثرت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن {طلعها هضيم} قال : ليس فيه نوى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال الهضيم الرطب اللين.


وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {وتنحتون} بكسر الحاء (الجبال بيوتا فارهين) بالالف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فارهين} قال : حاذقين.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {فارهين} قال : حاذقين بنحتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة {فارهين} قال : حاذقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فارهين} قال : أشرين.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي

حاتم عن مجاهد في قوله {فارهين} قال : شرهين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية في قوله {فارهين} قال : متجبرين.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عبد الله بن شداد في قوله {فارهين} قال : يتجبرون.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فارهين} قال : معجبين بصنعكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ولا تطيعوا أمر المسرفين} قال : هم المشركون وفي قوله {إنما أنت من المسحرين} قال : هم الساحرون.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {إنما أنت من المسحرين} قال : المسحورين.


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والخطيب ، وَابن عساكر من طرق عن ابن عباس في قوله {إنما أنت من المسحرين} قال : من المخلوقين ثم أنشد قول لبيد بن ربيعة : ان تسألينا فيم نحن فاننا * عصافير من هذا الانام المسحر.
وَأخرَج ابن الانباري في الوقف والابتداء عن أبي صالح ومجاهد في قوله {من المسحرين} قالا : من المخدوعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ {إنما أنت من المسحرين} مثقلة وقال : المسحر : السوقة الذي ليس بملك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس ، ان صالحا بعثه الله إلى قومه فآمنوا به ثم انه لما مات كفر قومه ورجعوا عن الإسلام فاحيا الله لهم صالحا وبعثه اليهم فقال : أنا صالح فقالوا : قد مات صالح ان كنت صالحا {فأت بآية إن كنت من الصادقين} فبعث الله الناقة فعقروها وكفروا فاهلكوا وعاقرها رجل نساج يقال له قدار بن سالف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة قال {هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} قال : كانت اذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله

فاذا كان يوم شربهم كان لانفسهم ومواشيهم وأرضهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اذا كان يومها أصدرتهم لبنا ما شاؤا.
- قوله تعالى : كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاعلى رب العالمين * أتأنون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون * قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من الخرجين * قال إني لعملكم من القالين * رب نجني وأهلي مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين * ثم دمرنا الآخرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} قال : تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال وأدبار النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} قال : ما أصلح لكم يعني القبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} يقول : ترك أقبال النساء إلى أدبار الرجال.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {بل أنتم قوم عادون} قال : متعدون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله (وواعدناه أن نؤمنه أجمعين إلا عجوزا في الغابرين).


وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {إلا عجوزا في الغابرين} قال : هي امرأة لوط غبرت في عذاب.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله {في الغابرين} قال : في الباقين قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبيد بن الابرص : ذهبوا وخلفني المخلف فيهم * فكانني في الغابرين غريب
- قوله تعالى : كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر أن أجري إلا على رب العالمين * وأوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين * قالوا إنما أنتمن المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ليكة قال {الأيكة}.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال : كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون ، وكان أصحاب الايكة مع

ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين ، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من
تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى اذا كانوا تحتها جميعا ، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والجبلة الأولين} قال : الخلق الاولين.


وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {والجبلة الأولين} قال : الخليقة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فأسقط علينا كسفا من السماء} قال : قطعا من السماء.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : ان أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب ، أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا عليهم ، فارسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل قال : ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا ابرد هلموا أيها الناس فدخلوا جميعا تحت الظلة فصاح فيهم صيحة واحدة فماتوا جميعا.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : {أصحاب الأيكة} أصحاب شجر وهم قوم شعيب وأصحاب الرس : أصحاب آبار وهم قوم شعيب.
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : بعث شعيبا إلى أصحاب الايكة - والايكة غيضة - فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة ، قال : فتح الله عليهم بابا من أبواب جهنم فغشيهم من حره ما لم يطيقوه فتبردوا بالماء وبما قدروا

عليه فبينما هم كذلك اذا رفعت لهم سحابة فيها ريح باردة طيبة فلما وجدوا بردها ساروا نحو الظلة فاتوها يتبردون بها فخرجوا من كل شيء كانوا فيه فلما تكاملوا تحتها طبقت عليهم بالعذاب ، فذلك قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : سلط الله الحر على قوم شعيب سبعة أيام ولياليهن حتى كانوا لا ينتفعون بظل بيت ولا ببرد ماء ثم رفعت لهم
سحابة في البرية فوجدوا تحتها الروح فجعلوا يدعوا بعضهم بعضا ، حتى اذا اجتمعوا تحتها أشعلها الله عليهم نارا ، فذلك قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس انه سئل عن قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة} فقال : بعث الله عليهم وهدة وحرا شديدا فاخذ بانفاسهم فدخلوا أجواف

البيوت فدخل عليهم أجواف البيوت فاخذ بانفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية ، فبعث الله عليهم سحابة فاظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى اذا اجتمعوا تحتها أسقطها الله عليهم نارا ، فذلك قوله {عذاب يوم الظلة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال : ذكر لنا أنه سلط الله عليهم الحر سبعة أيام لا يظلهم ظل ولا ينفعهم منه شيء فبعث الله عليهم سحابة فلحقوا اليها يلتمسون الروح في ظلها ، فجعلها الله عليهم عذابا فاحرقتهم ، بعثت عليهم نارا فاضطرمت فاكلتهم ، فذلك عذاب يوم الظلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علقمة {فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال : أصابهم الحر حتى أقلقهم من بيوتهم فخرجوا ورفعت لهم سحابة فانطلقوا

اليها فلما استظلوا بها أرسلت اليهم فلم ينفلت منهم أحد.
وأخرج الحاكم عن زيد بن أسلم قال : كان ينهاهم عن قطع الدراهم {فأخذهم عذاب يوم الظلة} حتى اذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة وأحمى عليهم الشمس فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن مجاهد في قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال : ظلل من العذاب اتاهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال : من حدثك من العلماء : ما عذاب يوم الظلة ، فكذبه.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال : من حدثك من العلماء ما عذاب يوم الظلة قال : أخذهم حر أقلقهم من بيوتهم

فانشئت لهم سحابة فاتوها فصيح بهم فيها والله أعلم.
- قوله تعالى : وإنه لتنزيلرب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين * وإنه لفي زبر الأولين * أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل * ولو أنزلناه على بعض الأعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين * كذلك سلكناه في قلوب المجرمين * لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم * فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون * فيقولوا هل نحن منظرون * أفبعذابنا يستعجلون * أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون * وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون * ذكرى وما كنا ظالمين * وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون * فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وإنه لتنزيل رب العالمين} قال : هذا القرآن {نزل به الروح الأمين} قال : جبريل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {نزل به الروح الأمين} قال : الروح الامين : جبريل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن كعب القرظي قال : الروح الأمين جبريل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ : (نزل به) مثقلة ، (الروح الأمين) منصوبتان .

وأخرج أبو الشيخ في " العظمة" ، وَابن مردويه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : (نزل به الروح الأمين) قال : الروح الأمين جبريل، رأيت له ستمائة جناح من لؤلؤ قد نشرها فهم مثل ريش الطواويس.
وأخرج ابن مردويه عن الحسن أظنه عن سعد قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الاوان الروح الامين نفث في روعي انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وان ابطا عليها.
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس انه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا قد أمرتكم به وانه ليس شيء يقربكم من النار ويبعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه وان الروح الامين نفث في روعي انه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على ان تطلبوه بمعاصي الله فانه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته.


وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {بلسان عربي مبين} قال : بلسان قريش ، ولو كان غير عربي ما فهموه.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن ابن عباس والبيهقي في شعب الايمان عن بريدة في قلوه {بلسان عربي مبين} قال : بلسان جرهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن بريدة ، مثله.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن سلام قال : كان نفر من قريش من أهل مكة قدموا على قوم من يهود من بني قريظة لبعض حوائجهم فوجدوهم يقرأون التوراة فقال القرشيون : ماذا نلقى ممن يقرأ توراتكم هذه لهؤلاء أشد علينا من محمد وأصحابه ، فقال اليهود : نحن من أولئك برآء ، وأولئك يكذبون على التوراة وما أنزل الله في الكتب انما أرادوا عرض

الدنيا ، فقال القرشيون : فاذا لقيتموهم فسودوا وجوههم وقال المنافقون : وما يعلمه إلا بشر مثله ، وأنزل الله {وإنه لتنزيل رب العالمين} إلى قوله {وإنه لفي زبر الأولين} يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته وأمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {وإنه لفي زبر الأولين} يقول : في الكتب التي أنزلها على الاولين.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنه لفي زبر الأولين} قال : كتب الاولين {أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} قال : يعني بذلك اليهود والنصارى كانوا يعلمون أنهم يجدون محمدا مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل انه رسول الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم انه قرأ (أو لم يكن لهم آية) بالياء.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} قال : عبد الله بن سلام وغيره من علمائهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كان

عبد الله بن سلام من علماء بني اسرائيل وكان من خيارهم فآمن بكتاب محمد فقال لهم الله {أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد القرشي في قوله {أو لم يكن لهم آية}
يقول : أو لم يكن لهم القرآن آية.
وأخرج ابن سعد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية العوفي في قوله {أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} قال : كانوا خمسة ، أسد وأسيد ، وَابن يامين وثعلبة وعبد الله بن سلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} قال : يقول لو نزلنا هذا القرآن على بعض الاعجمين لكانت العرب أشر الناس فيه ، لا يفهمونه ولا يدرون ما هو.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} قال : لو أنزله الله عجميا لكانوا أخسر الناس به لانهم لا يعرفون العجمية.


وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} قال : الفرس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله {كذلك سلكناه} قال : الشرك جعلناه {في قلوب المجرمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال رؤي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانه متحير فسألوه عن ذلك فقال : ولم ، رأيت عدوي يلون أمر أمتي من بعدي ، فنزلت {أفرأيت إن متعناهم سنين} {ثم جاءهم ما كانوا يوعدون} {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} فطابت نفسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سليمان بن عبد الملك ، انه كان لايدع ان يقول في خطبته كل جمعة : انما أهل الدنيا فيها على وجل لم تمض لهم نية ولم تطمئن لهم دار حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ، لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجعاتها ولا يبقى فيها شيء ثم يتلو {أفرأيت إن متعناهم سنين} {ثم جاءهم ما كانوا يوعدون} {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}.


وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال : الرسل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال : ما أهلك
الله من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله ، ولله الحجة على طلقة {ذكرى} قال : تذكرة لهم وموعظة وحجة لله {وما كنا ظالمين} يقول : ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر ، حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله {وما تنزلت به الشياطين} يعني القرآن {وما ينبغي لهم} أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه {إنهم عن السمع لمعزولون} قال : عن سمع السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وما تنزلت به الشياطين} قال : زعموا أن الشياطين تنزلت به على محمد ، فاخبرهم الله انها لا تقدر على ذلك ولا تسطيعه وما ينبغي لهم ان ينزلوا بهذا وهو محجور عليهم.


- قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين.
أخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان وفي الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا وعم وخص فقال يا معشر قريش أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني كعب بني لؤي أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني قصي أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني عبد مناف أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا بني عبد المطلب أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لا أملك لك ضرا ولا نفعا إلا ان لكم رحما وسابلها ببلالها.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها

قالت : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا فاطمة ابنة محمد يا صفية ابنة عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عروة مرسلا ، مثلا.
وأخرج مسدد ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير والبغوي في معجمه والباوردي والطحاوي وأبو عوانة ، وَابن قانع والطبراني ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن قبيصة بن مخارق وزفير بن عمرو قالا : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربوة من جبل فعلا أعلاها حجرا ثم قال يا بني عبد مناف أني نذير لكم انما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يريد أهله فخشي أن يسبقوه إلى أهله فجعل يهتف : يا صباحاه ،.


يا صباحاه ، أتيتم ، أتيتم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي موسى الاشعري قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه في اذنيه ورفع صوته وقال يا بني عبد مناف يا صباحاه ،.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جمع أهله فقال يا بني عبد مناف أنقذوا انفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، ثم التفت إلى فاطمة فقال : يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا اغنى عنكم من الله شيئا غير ان لكم رحما سابلها ببلالها.
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال : لما نزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ربوة من جبل فنادى يا صباحاه ، فاجتمعوا فحذرهم وانذرهم ثم قال : لا أملك لكم من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا أملك من الله شيئا.


وأخرج ابن مردويه عن الزبير بن العوام قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} صاح على أبي قبيس يا آل عبد مناف أني نذير ، فجاءته قريش فحذرهم ، وأنذرهم.
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذكر قريشا فقال {وأنذر عشيرتك الأقربين} يعني : قومي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} جعل يدعوهم قبائل قبائل.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ، وَابن مردويه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} ورهطك منهم المخلصين خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى صعد على الصفا فنادى يا صباحاه ، فقالوا من هذا الذي يهتف قالوا : محمد ، فاجتمعوا اليه فجعل الرجل اذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكم لو اخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقا قال : فاني نذير لكم

بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت {تبت يدا أبي لهب وتب} المسد الآية 1 - 2.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نادى على الصفا بأفخاذ عشيرته ، فخذا فخذا يدعوهم إلى الله ، فقال في ذلك المشركون : لقد بات هذا الرجل يهوت منذ الليلة قال : وقال الحسن رضي الله عنه : جمع نبي الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته قبل موته فقال إلا ان لي عملي ولكم عملكم إلا اني لا أغني عنكم من الله شيئا إلا ان أوليائي منكم المتقون ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تاتون بالدنيا تحملونها على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة ، يا صفية بنت عبد المطلب يا فاطمة بنت محمد اعملا فاني لا أغني عنكما من الله شيئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني هاشم ويا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لا أغني عنكم من الله شيئا ، اياكم ان يأتي الناس يحملون الآخرة وتأتون أنتم تحملون الدنيا وانكم تردون على الحوض ذات الشمال وذات اليمين فيقول القائل منكم : يا رسول الله أنا فلان بن فلان ، فاعرف الحسب وانكر الوصف فاياكم ان يأتي أحدكم يوم القيامة وهو

يحمل على ظهره فرسا ذات جمعمة أبو بعيرا له رغاء أو شاة لها ثغاء أو يحمل قشعا من أدم فيختلجون من دوني ويقال لي : أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فاطيبوا نفسا واياكم ان ترجعوا القهقرى من بعدي قال عكرمة رضي الله عنه : انما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول حيث انزل الله عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين}.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم فاجلسهم على الباب وجمع نساءه وأهله فاجلسهم في البيت ثم اطلع عليهم فقال يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم أو افتكوها بانفسكم من الله فاني لا أملك لكم من الله شيئا ثم أقبل على أهل بيته فقال : يا عائشة بنت أبي بكر ويا حفصة بنت عمر ويا أم سلمة ويا فاطمة بنت محمد ويا أم الزبير عمة رسول الله اشتروا أنفسكم من الله واسعوا في فكاك رقابكم فاني لا أملك لكم من الله شيئا ولا أغني فبكت عائشة رضي الله عنها وقالت : وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شئيا قال : نعم ، في ثلاثة مواطن ، يقول الله {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} الأنبياء الآية 47 فعند ذلك لا أغني عنكم من الله شيئا ولا أملك لكم من الله شيئا وعند النور من شاء

الله أتم له نوره ومن شاء أكبه في الظلمات يغمه فيها فلا أملك لكم من الله شيئا ولا أغني عنكم ، من الله شيئا وعند الصراط من شاء الله سلمه ومن شاء أجازه ومن شاء كبكبه في النار ، قالت : عائشة قد علمنا الموازين : هي الكفتان ، فيوضع في هذه اليسرى فترجح احداهما وتخف الاخرى وقد علمنا النور والظلمة فما الصراط قال : طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليها وهو مثل حد الموس والملائكة حفافه يمينا وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون : رب سلم سلم {وأفئدتهم هواء} فمن شاء الله سلمه ومن شاء كبكبه فيها.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا علي ان الله أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين فضقت ذرعا وعرفت اني مهما أبادئهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره ، قصمت عليها حتى جاء جبريل فقال : يا محمد انك ان لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك فاصنع

لي صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة
واجعل لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتعوا اليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها باسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال : كلوا بسم الله ، فاكل القوم حتى تهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم ، والله ان كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم قال : اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا ، وايم الله ان كان الرجل منهم ليشرب مثله ، فلما أراد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لقد سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ولم يكلمهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فلما كان الغد قال : يا علي ان هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل ان أكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالامس من

الطعام والشراب ثم اجمعهم لي ، ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالامس فاكلوا وشربوا حتى نهلوا ثم تكلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا بني عبد المطلب اني والله ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله ان أدعوكم اليه فايكم يوازرني على أمري هذا فقلت وأنا احدثهم سنا : انه أنا ، فقام القوم يضحكون.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا منهم العشرة ياكلون المسنة ويشربون العس وامر عليا برجل شاة صنعها لهم ثم قربها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذ منها بضعة فاكل منها ثم تتبع بها جوانب القصعة ثم قال ادنوا بسم الله ، فدنا القوم عشرة ، عشرة ، فاكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منها جرعة فناولهم

فقال : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا عن آخرهم فقطع كلامهم رجل فقال لهم : ما سحركم مثل هذا الرجل
فاسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ فلم يتكلم ، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم بدرهم بالكلام فقال : يا بني عبد المطلب اني انا النذير اليكم من الله والبشير قد جئتكم بما لم يجيء به احد ، جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال : امر الله محمدا صلى الله عليه وسلم ان ينذر قومه ويبدأ باهل بيته وفصيلته قال : {وكذب به قومك وهو الحق} الانعام الآية 66.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة أنه كان يقرأ (وأنذر عشيرتك الاقربين ورهطك منهم المخلصين).
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر والديلمي عن عبد الواحد الدمشقي قال : رأيت ابا الدرداء يحدث الناس ويفتيهم ، وولده وأهل بيته جلوس في جانب الدار يتحدثون فقيل له : يا أبا الدرداء ما بال الناس يرغبون فيما عندك من

العلم وأهل بيتك جلوس لاهين فقال : اني سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول أن ازهد الناس في الانبياء واشدهم عليهم ، الاقربون وذلك فيما انزل الله {وأنذر عشيرتك الأقربين} إلى آخر الآية ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم وانه يشفع في أهله وجيرانه فاذا مات خلا عنهم من مردة الشياطين اكثر من عدد ربيعة ومضر قد كانوا مشتغلين به فاكثروا التعوذ بالله منهم.
وأخرج ابن عساكر عن محمد بن جحادة ، ان كعبا لقي أبا مسلم الخولاني فقال : كيف كرامتك على قومك قال : اني عليهم لكريم ، قال : اني أجد في التوراة غير ما تقول قال : وما هو قال : وجدت في التوراة انه لم يكن حكيم في قوم إلا كان أزهدهم فيه قومه ثم الاقرب فالاقرب وان كان في حبسه شيء عيروه به وان كان عمل برهة من دهره ذنبا عيروه به.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن كعب انه قال لابي مسلم : كيف تجد قومك لك قال : مكرمين مطيعين ، قال : ما صدقتني التوراة اذن ما كان رجل حكيم في قوم إلا بغوا عليه وحسدوه.
- قوله تعالى : واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم.


أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} بدأ بأهل بيته وفصيلته فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {واخفض جناحك لمن اتبعك} يقول ذلك لهم وفي قوله {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} وقال : أمره بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم.
- قوله تعالى : الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذي يراك حين تقوم} قال : للصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {الذي يراك حين تقوم} قال : من فراشك او من مجلسك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {الذي يراك حين تقوم} قال : أينما كنت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير {الذي

يراك حين تقوم} قال : في صلاتك {وتقلبك في الساجدين} قال : كما كانت تقلب الانبياء قبلك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} قال : قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الذي يراك حين تقوم}
قال : يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك {وتقلبك في الساجدين} قال : قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الذي يراك حين تقوم} قال : يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك {وتقلبك في الساجدين} قال : في الصلاة يراك وحدك ويراك في الجميع.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وتقلبك في الساجدين} قال : في المصلين.
وأخرج الفريابي عن مجاهد ، مثله.


وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} يقول : قيامك وركوعك وسجودك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وتقلبك في الساجدين} قال : يراك وأنت مع الساجدين تقوم وتقعد معهم.
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصوروعبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله
{وتقلبك في الساجدين} قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وتقلبك في الساجدين} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اذا قام إلى الصلاة رأى من خلفه كما يرى من بين يديه.
وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ترون قبلتي ههنا فو الله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم واني لا راكم من وراء ظهري.
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده والبزار ، وَابن أبي حاتم

والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله {وتقلبك في الساجدين} قال : من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبيا.
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مرديوه والبيهقي في الادئل عن مجاهد {وتقلبك في الساجدين} قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله {وتقلبك في الساجدين} قال : ما زال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الانبياء حتى ولدته أمه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : بأبى أنت وأمي أين كنت وآدم في الجنة فتبسم حتى بدت نواجده ثم قال اني كنت في صلبه وهبط إلى الأرض وأنا في صلبه وركبت السفينة في صلب أبي نوح وقذفت في النار في صلب أبي إبراهيم ولم يلتق أبواي قط على سفاح لم يزل الله ينقلني من الإصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما ، قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالاسلام هداني وبين في التوراة والانجيل ذكري وبين كل شيء من صفتي في شرق الأرض وغربها وعلمني كتابه ورقي بي في سمائه وشق لي من أسمائه فذو العرش محمود وانا محمد ووعدني أن يحبوني بالحوض وأعطاني الكوثر ، وأنا أو شافع وأول مشفع ثم أخرجني في خير قرون أمتي وأمتي

الحمادون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
- قوله تعالى : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن وهب قال : كنت عند عبد الله بن الزبير فقيل له : ان المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال ابن الزبير : صدق ثم تلا {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {على كل أفاك أثيم} قال : كذاب من الناس {يلقون السمع} قال : ما سمعه الشيطان ألقاه {على كل أفاك} كذاب من الناس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تنزل على كل أفاك أثيم} قال : الافاك : الكذاب ، وهم الكهنة تسترق الجن السمع ثم يأتون به إلى أوليائهم من الأنس ، وفي قوله {يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} قال : كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتسمع ثم تنزل إلى الكهنة فتخبرهم فتحدث الكهنة بما أنزلت به الشياطين من السمع وتخلط الكهنة كذبا كثيرا فيحدثون به الناس ، فأما ما كان من سمع السماء فيكون حقا وأما ما خلطوا به من

الكذب فيكون كذبا.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : سأل أناس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال انهم ليسوا بشيء فقالوا : يا رسول الله انهم يحدثوننا أحيانا بالشيء يكون حقا ، قال : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الملائكة تحدث في العنان - والعنان : الغمام - بالأمر في الأرض ، فيسمع الشيطان الكلمة فيقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة فيزيدون معها مائة كذبة.
- قوله تعالى : والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحدهما من الانصار ، والآخر من قوم آخرين وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء ، فأنزل الله {والشعراء يتبعهم الغاوون} الآيات.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، مثله.


وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : تهاجى شاعران في الجاهلية وكان مع كل واحد منهما فئام من الناس ، فأنزل الله {والشعراء يتبعهم الغاوون}.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن عروة قال : لما نزلت {والشعراء} إلى قوله {ما لا يفعلون} قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله قد علم الله أني منهم ، فأنزل الله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله {ينقلبون}.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي حسن سالم البراد قال : لما نزلت {والشعراء} جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت وهم يبكون فقالوا : يا رسول الله لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم انا شعراء أهلكنا فأنزل الله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم عن أبي الحسن مولى بني نوفل ، أن عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الشعراء يبكيان وهو يقرأ {والشعراء يتبعهم الغاوون} حتى بلغ {إلا الذين آمنوا وعملوا

الصالحات} قال : أنتم {وذكروا الله كثيرا} قال : أنتم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال : أنتم {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} قال : الكفار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس {يتبعهم الغاوون} قال : هم الكفار ، يتبعون ضلال الجن والانس {في كل واد يهيمون} في كل لغو يخوضون {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} أكثر ولهم مكذبون ثم استثنى منهم فقال {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا} في كلامهم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال : ردوا على الكفار الذين كانون يهجون المؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس {والشعراء} قال : المشركون منهم الذين كانوا يهجون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {يتبعهم الغاوون} غواة الجن {في كل واد يهيمون} في كل فن من الكلام يأخذون ثم استثنى فقال {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} يعني حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك كانوا يذبون عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه هجاء المشركين.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {يتبعهم

الغاوون} قال : هم الرواة.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال {والشعراء يتبعهم الغاوون} فنسخ من ذلك واستثنى فقال {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا}.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عباس {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا} قال : أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن رواحة.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى ، وَابن مردويه عن كعب بن مالك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ان الله قد أنزل في الشعراء ما أنزل فكيف ترى فيه فقال ان المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه - والذي نفسي بيده - لكانما بوجههم مثل نضج النبل.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي سعيد قال : بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ عرض شاعر ينشد فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأن يمتلى ء جوف

أحدكم قيحا خير له من أن يمتلى ء شعرا.
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود مرفوعا : الشعراء الذين يموتون في الإسلام يأمرهم الله أن يقولوا شعرا تتغنى به الحور العين لازواجهن في الجنة والذين ماتوا في الشرك يدعون بالويل والثبور في النار.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من الشعر حكمة قال : وأتاه قرظة بن كعب وعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت فقالوا : انا نقول الشعر وقد نزلت هذه الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا {والشعراء} إلى قوله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال : أنتم هم {وذكروا الله كثيرا} قال : أنتم هم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال : أنتم هم.
وأخرج الفريابي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال : كان الشاعران يتقاولان ليكون لهذا تبع ولهذا تبع.


وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال : هم عصاة الجن.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال : الشياطين {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} قال : يمدحون قوما بباطل ويشتمون قوما بباطل.
وأخرج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال : الشياطين {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} قال : في كل فن يفتنون {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال : عبد الله بن رواحة وأصحابه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال : هذه ثنية الله من الشعراء ومن غيرهم {وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال : في بعض

القراءة {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال : نزلت هذه الآية في رهط من الانصار هاجوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم كعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت {وسيعلم الذين ظلموا} من الشعراء وغيرهم {أي منقلب ينقلبون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال : نزلت في عبد الله بن رواحة ، وفي شعراء الانصار.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت أهج المشركين فان جبريل معك.
وأخرج ابن سعد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله ان أبا سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يهجوك فقام ابن رواحة فقال : يا رسول الله أئذن لي فيه قال : أنت الذي تقول ثبت الله قال : نعم ، يا رسول الله قلت : ثبت الله ما أعطاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصرا قال : وأنت يفعل الله بك مثل ذلك ثم وثب كعب فقال : يا رسول

الله ائذن لي فيه فقال : أنت الذي تقول همت قال : نعم يا رسول الله قلت : همت سخينة ان تغالب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب قال : أما ان الله لم ينس لك ذلك ثم قام حسان الحسام فقال : يا رسول الله ائذن لي فيه.
وَأخرَج لسانا له اسود فقال : يا رسول الله ائذن لي فيه فقال : اذهب إلى
أبي بكر فليحدثك القوم وأيامهم وأحسابهم واهجهم وجبريل معك.
وأخرج ابن سعد عن ابن بريدة ، ان جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحته النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بسبعين بيتا.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن أبي هريرة قال : مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه ، فنظر إليه فقال : قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير

منك ، فسكت ، ثم التفت حسان إلى أبي هريرة فقال : أنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عني اللهم أيده بروح القدس قال : نعم.
وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وهم في سفر أين حسان بن ثابت فقال : لبيك يا رسول الله وسعديك قال : أحد ، فجعل ينشده ويصغي إليه حتى فرغ من نشيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا أشد عليهم من وقع النبي.
وأخرج ابن عساكر عن حسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة ما الشعر قال : شيء يختلج في صدر الرجل فيخرجه على لسانه شعرا.
وأخرج ابن سعد عن مدرك بن عمارة قال : قال عبد الله بن رواحة : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تقول الشعر اذا أردت أن تقول - كأنه يتعجب لذاك - قلت : انظر في ذاك ثم أقول ، قال : فعليك بالمشركين.
وأخرج ابن سعد ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحمي أعراض المسلمين فقال عبد الله بن رواحة : أنا ، وقال كعب بن

مالك : أنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انك تحسن الشعر ، وقال حسان بن ثابت : أنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهجهم فان روح القدس سيعينك.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اذا نصر القوم بسلاحهم أنفسهم فالسنتهم أحق ، فقام رجل فقال : يا رسول الله أنا ، قال : لست هناك ، فجلس فقام آخر فقال : يا رسول الله أنا ، فقال بيده معنى أجلس ، فقام حسان فقال : يا رسول الله ما يسرني به مقولا بين صنعاء وبصرى وانك ما سببت قوما قط بشيء هو أشد عليهم من شيء يعرفونه فمر بي إلى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم حتى أضع لساني فأمر به إلى أبي بكر.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثلاثة من كفار قريش ، أبو سفيان بن الحرث وعمرو بن العاص ، وَابن الزبعري قال قائل : لعلي أهج عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا فقال علي : ان أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلت ، فقال : الرجل : يا رسول الله أئذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين هجونا فقال : ليس هناك ، ثم قال للانصار : ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي{ار الكتاب والحمد لله رب العالمين}

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ج35. كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر ال...