ج1.ج2.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
المجلد الأول
مقدمة المؤلف.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله : أحيا بما شاء مآثر الآثار بعد الدثور ووفق
لتفسير كتابه العزيز بما وصل إلينا بالإسناد العالي من الخبر المأثور وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تضاعف لصاحبها الأجور وأشهد أن سيدنا محمدا
عبده ورسوله الذي أسفر فجره الصادق فمحا ظلمات أهل الزيغ والفجور صلى الله وسلم
عليه وعلى آله وصحبه ذوي العلم المرفوع والفضل المشهور صلاة وسلاما دائمين ممر
الليالي والدهور.
وبعد : فلما ألفت كتاب ترجمان القرآن وهو التفسير المسند
عن رسول الله وأصحابه رضي الله عنهم وتم بحمد الله في مجلدات فكان ما أوردته فيه من
الآثار بأسانيد الكتب المخرج منها واردات رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله ورغبتهم
في الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله فخلصت منه هذا المختصر مقتصرا
فيه على متن الأثر مصدرا
بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر وسميته : الدر
المنثور في التفسير بالمأثور والله أسأل أن يضاعف لمؤلفه الأجور ويعصمه من الخطأ
والزور بمنه وكرمه إنه البر الغفور.
مقدمة سورة الفاتحة.
أخرج عَبد بن حُمَيد في تفسيره عن إبراهيم قال : سألت
الأسود عن فاتحة الكتاب أمن القرآن هي قال : نعم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب
الصلاة ، وَابن الانباري في المصاحف عن محمد بن سيرين ، وَابن الأنباري في المصاحف
أن أبي كعب كان يكتب فاتحة الكتاب والمعوذتين واللهم إياك نعبد واللهم إياك نستعين
ولم يكتب ابن مسعود شيئا منهن ، وكتب عثمان بن عفان فاتحة الكتاب والمعوذتين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم قال : كان عبدالله
لايكتب فاتحة الكتاب في المصحف وقال : لو كتبتها لكتبت في أول كل شيء
.
وأخرج الواحدي في أسباب النزول والثعلبي في تفسيره عن
علي رضي الله عنه قال : نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو نعيم والبيهقي كلاهما
في دلائل النبوة والواحدي والثعلبي عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله قال
لخديجة إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا فقالت : معاذ
الله ، ماكان الله ليفعل بك ، فوالله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث ،
فلما دخل أبو بكر وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت خديجة حديثه لها
وقالت : إذهب مع محمد إلى ورقة فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر
بيده فقال : انطلق بنا إلى ورقة فقال : ومن أخبرك قال : خديجة ، فانطلقا إليه فقصا
عليه فقال : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يامحمد يامحمد ، فأنطلق هاربا في الأرض
، فقال : لاتفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع مايقول ثم ائتني
فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل {بسم الله الرحمن
الرحيم الحمد لله رب العالمين} حتى بلغ {ولا الضالين} قال : قل لاإله إلا الله ،
فأتى ورقة فذكر ذلك له ، فقال له ورقة : أبشر ثم أبشر فإني أشهد أنك الذي بشر به
ابن مريم وأنك على مثل
ناموس موسى وأنك نبي مرسل.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق ابن إسحاق حدثني بن
يسار عن رجل من بني سلمة قال : لما أسلم بني سلمة وأسلم ولد عمرو بن الجموح قالت
امرأة عمرو له : هل لك أن تسمع من ابنك ماروي عنه فقال : أخبرني ما سمعت من كلام
هذا الرجل ، فقرأ عليه {الحمد لله رب العالمين} إلى قوله {الصراط المستقيم} فقال : ماأحسن هذا
وأجمله وكل كلامه مثل هذا فقال : ياأبتاه وأحسن من هذا وذلك قبل الهجرة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو سعيد بن الأعرابي في
معجمه والطبراني في الأوسط من طريق مجاهد عن أبي هريرة ، أن إبليس رن حين أنزلن
فاتحة الكتاب ، وأنزلت بالمدينة.
وأخرج وكيع والفريابي في تفسيريهما وأبو عبيد في فضائل
القرآن ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر في تفسيره وأبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف وأبو الشيخ في
العظمة وأبو نعيم في الحلية من طرق عن مجاهد قال : نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة.
وأخرج وكيع في تفسيره عن مجاهد قال : نزلت فاتحة الكتاب
بالمدينة.
وأخرج أبو بكر بن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال :
نزلت فاتحة الكتاب بمكة.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أيوب أن مجمد بن
سيرين كان يقول : يكره أن يقول : أم القرآن ، ويقول : قال الله (وعنده أم الكتاب)
ولكن فاتحة الكتاب.
وأخرج الدارقطني وصححه والبيهقي في السنن عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأتم {الحمد} فاقرؤا
{بسم الله الرحمن الرحيم} إنها أم القرآن وأم الكتاب
والسبع المثاني {بسم الله الرحمن الرحيم} إحدى آياتها
وأخرج البخاري والدارمي في مسنده وأبو داود والترمذي ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {الحمد لله رب العالمين} أم القرآن وأم الكتاب
والسبع المثاني.
وَأخرَج أحمد في مسنده ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قال لأم القرآن : هي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني
وهي القرآن العظيم.
وَأخرَج الثعلبي عن عبد الجبار بن العلاء قال : كان
سفيان بن عيينة يسمي فاتحة الكتاب : الوافية
.
وأخرج الثعلبي عن عفيف بن سالم قال : سألت عبد الله بن
يحيى بن أبي كثير عن قراءة الفاتحة خلف الإمام فقال : عن الكافية تسأل قلت : وما
الكافية قال الفاتحة أما علمت أنها عن سواها ولايكفي سواها عنها.
وأخرج الثعلبي عن الشعبي أن رجلا شكا إليه وجع الخاصرة
فقال : عليك بأساس القرآن قال : وما أساس القرآن قال : فاتحة الكتاب.
وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن بسند صحيح عن عبد خير
قال : سئل علي رضي الله عنه عن السبع المثاني فقال {الحمد لله رب العالمين} فقيل
له : إنما هي ست آيات فقال {بسم الله الرحمن الرحيم} آية.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه في تفسيره
والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {الحمد لله رب العالمين} سبع
آيات {بسم الله الرحمن الرحيم} إحداهن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وهي أم
القرآن وهي الفاتحة الكتاب
.
وأخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة إن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم كان إذا قرأ - وهو يؤم الناس - افتتح {بسم الله الرحمن الرحيم} قال
أبو هريرة : آية من كتاب الله اقرؤا إن شئتم فاتحة الكتاب فإنها الآية المسابعة.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أم سلمة قالت قرأ رسول
الله صلى الله عليه وسلم {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن
الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين
أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} وقال : هي سبع يا أم سلمة
وأخرج أحمد والبخاري والدارمي وأبو داود والنسائي ،
وَابن جَرِير ، وَابن حبان ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد بن المعلى قال :
كنت أصلي فدعاني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم أجبه فقال ألم يقل الله
(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) (الأنفال الآية 24) ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة
في القرآن قبل أن تخرج من المسجد فأخذ بيدي فلما أردنا أن نخرج قلت : يارسول الله إنك
قلت لأعلمنك
أعظم سورة في القرآن قال {الحمد لله رب العالمين} هي
السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
وأخرج أبو عبيد وأحمد والدارمي والترمذي وصححه النسائي ،
وَابن خزيمة ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو ذر الهروي في فضائل
القرآن والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وخرج على أبي بن كعب فقال : ياأبي - وهو يصلي - فالتفت أبي فلم يجبه ، فصلى
أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يارسول
الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مامنعك أن تجبني إذ دعوتك فقال : يارسول الله إني
كنت في الصلاة قال : أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما
يحييكم) (الأنفال الآية 24) قال : بلى ، ولا أعود إن شاء قال : أتحب أن أعلمك سورة
لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها قال : نعم
يا رسول الله :
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تقرأ في الصلاة
فقرأ بأم الكتاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ما أنزل في
التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها السبع من
المثاني ، أو قال : السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته.
وأخرج الدارمي والترمذي وحسنه والنسائي وعبد الله بن
أحمد بن حنبل في زوائد المسند ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ، وَابن جَرِير ،
وَابن خزيمة والحاكم وصححه من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في
الفرقان مثل أم القرآن ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيت وهي مقسومة
بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل
.
وأخرج مسلم والنسائي ، وَابن حبان والطبراني والحاكم عن
ابن عباس قال بينما
رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده جبريل إذ سمع
نقيضا من السماء من فوق فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال : يامحمد هذا ملك قد نزل
لم ينزل إلى الأرض قط قال : فأتى النَّبِيّ فسلم عليه فقال : أبشر بنورين قد
أوتيتهما لم يؤتهما نبي من قبلك ، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ حرفا
إلا أوتيته.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي زيد وكانت له
صحبة قال كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بعض فجاج المدينة فسمع رجلا
يتهجد ويقرأ بأم القرآن ، فقام النَّبِيّ فاستمع حتى ختمها ثم قال : ما في الأرض
مثلها.
وأخرج أبو عبيدة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير في "تهذيب الأثار"
والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكبا فنزلنا بقوم من العرب فسألناهم أن
يضيفونا فأبوا فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا : فيكم أحد يرقي من العقرب فقلت : نعم أنا
، ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئا قالوا : فإنا نعطيكم ثلاثين شاة فقال : فقرأت
عليها {الحمد} سبع مرات فبرأ فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها فكففنا حتى أتينا
النَّبِيّ فذكرنا ذلك له قال أما علمت أنها رقية اقتسموها واضربوا لي معكم بسهم.
وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس ، أن
نفرا من أصحاب رسول الله مروا بماء فيه لديغ أو سليم فعرض لهم رجل من أهل الحي
فقال : هل فيكم من راق إن في الماء رجلا لديغا أو سليما ،
فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ فجاء
بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا
: أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا :
يارسول الله أخذ على كتاب الله أجرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحق ما
أخذتم عليه أجرا ، كتاب الله.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند جيد عن عبد
الله بن جابر أن رسول الله قال له ألا أخبرك بأخير سورة نزلت في القرآن قلت : بلى
يا رسول الله قال : فاتحة الكتاب ، وأحسبه قال : فيها شفاء من كل داء.
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني في الأفراد ، وَابن
عساكر بسند ضعيف عن السائب بن يزيد قال : عوذني رسول الله صلى الله عليه وسلم
بفاتحة الكتاب تفلا.
وأخرج سعيد بن منصور في "سُنَنِه" والبيهقي في
شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال فاتحة الكتاب شفاء من
السم.
وأخرج أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب من وجه آخر عن
أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعا ، مثله.
وأخرج الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان بسند رجاله ثقات
عن عبد الملك بن عمير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب شفاء من
كل داء.
وأخرج الثعلبي من طريق معاوية بن صالح عن أبي سلمان قال
: مر أصحاب رسول الله في بعض غزوهم على رجل قد صرع فقرأ بعضهم في أذنه بأم القرآن
فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أم الكتاب وهي شفاء من كل داء.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن السني في عمل
اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن خارجة بن الصلت التميمي عن
عمه ، أنه أتى رسول الله
ثم أقبل راجعا من عنده ، فمر على قوم عندهم رجل مجنون
موثق بالحديد فقال أهله : أعندك ماتداوي به هذا فإن صاحبكم قد جاء بخير قال :
فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام في كل يوم مرتين غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم
أتفل فبرأ فأعطوني مائة شاة ، فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له
فقال كل فمن أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق.
وأخرج البزار في مسنده بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت (فاتحة الكتاب وقل هو
الله أحد) فقد أمنت من كل شيء إلا الموت.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ (أم القرآن) و(قل هو الله أحد) (الإخلاص
الآية 1) فكأنما قرأ ثلث القرآن
وأخرج الفيزيائي في "تفسيره" عن ابن عباس قال:
فاتحة الكتاب ثلثا القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في مسنده بسند ضعيف عن ابن عباس
يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن.
وأخرج الحاكم وصححه وأبو ذر الهروي في فضائله والبيهقي
في الشعب عن أنس قال كان صلى الله عليه وسلم في مسير له فنزل فمشى رجل من أصحابه
إلى جنبه فاتفت إليه النَّبِيّ فقال : ألا أخبرك بأفضل القرآن فتلا عليه {الحمد
لله رب العالمين}.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن والبيهقي في الشعب عن
أنس عن النَّبِيّ قال إن الله أعطاني فيما من به علي أني أعطيتك فاتحة الكتاب وهي
من كنوز عرشي ثم قسمتها بيني وبينك نصفين.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده عن علي ، أنه سئل عن
فاتحة
الكتاب فقال : حدثنا نبي الله صلى الله عليه وسلم أنها
أنزلت من كنز تحت العرش.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه في تفسيره وأبو ذر
الهروي في فضائله والبيهقي في الشعب عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة
البقرة من تحت العرش والمفصل نافلة.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن عمران بن حصين ، فاتحة
الكتاب وآية الكرسي لايقرؤهما عبد في دار فتصيبهم في ذلك اليوم عين إنس أو جن ،
أوخرج أبو الشيخ في الثواب والطبراني ، وَابن مردويه والديلمي والضياء المقدسي في
المختارة عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع أنزلن من كنز
تحت العرش لم ينزل منه شيء غيرهن أم الكتاب وآية
الكرسي وخواتم سورة البقرة والكوثر.
وأخرج ابن الضريس عن أبي أمامة موقوفا ، مثله.
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن أبي الدرداء قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب تجزى ء مالا يجزى ء شيء من القرآن ، ولو أن
فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان وجعل القرآن في الكفة الأخرى لفضلت فاتحة الكتاب
على القرآن سبع مرات.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من قرأ فاتحة الكتاب فكأنما قرأ التوراة والانجيل والزبور
والفرقان.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن قال : أنزل الله
مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها ، التوراة والانجيل والزبور والفرقان ثم
أودع علوم التوارة والانجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع
المفصل فاتحة الكتاب ، فمن علم تفسيرها كان
كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
وأخرج وكيع في تفسيره ، وَابن الآنباري في المصاحف وأبو
الشيخ في العظمة وأبو
نعيم في الحلية عن مجاهد قال : رن إبليس أربعا ، حين
نزلت فاتحة الكتاب وحين لعن وحين هبط إلى الأرض وحين بعث محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن الضريس عن مجاهد قال : لما نزلت {الحمد لله رب
العالمين} شق على إبليس مشقة شديدة ورن رنة شديدة ونخر نخرة شديدة ، قال مجاهد :
فمن أن أو نخر فهو ملعون.
وأخرج ابن الضريس عن عبد العزيز بن ربيع قال : لما نزلت
فاتحة الكتاب رن إبليس كرنته يوم لعن.
وأخرج أبو عبيد عن مكحول قال : أم القرآن قراءة ومسألة
ودعاء.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن عطاء قال : إذا أردت حاجة
فاقرأ
بفاتحة الكتاب حتى تختمها تقضى إن شاء الله.
وأخرج ابن قانع في معجم الصحابة عن رجاء الغنوي قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه
وبما مدح الله به نفسه ، قلنا : وماذاك يا نبي الله قال (الحمد لله) و(قل هو الله
أحد) (الإخلاص الآية 1) فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله.
وأخرج أبو عبيد عن أبي المنهال سيار بن سلامة أن عمر بن
الخطاب سقط عليه رجل من المهاجرين وعمر يتهجد من الليل يقرأ بفاتحة الكتاب لايزيد
عليها ويكبر ويسبح ثم يركع ويسجد ، فلما أصبح الرجل ذكر ذلك لعمر فقال عمر : لامك [ لأمك ] الويل ،
أليست تلك صلاة الملائكة قلت : فيه أن الملائكة أذن لهم في قراءة الفاتحة فقط فقد
ذكر ابن الصلاح أن قراءة القرآن خصيصة أوتيها البشر دون الملائكة وأنهم حريصون على
سماعه من الإنس
.
وأخرج ابن الضريس عن أبي قلابة يرفعه إلى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : من شهد فاتحة الكتاب حين يستفتح كان كمن شهد فتحا في سبيل
الله ومن شهد حتى تختم كمن شهد الغنائم حتى تقسم.
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن شداد بن أوس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أحدكم مضجعه ليرقد فليقرأ بأم القرآن وسورة
، فإن الله يوكل به ملكا يهب معه إذا هب.
وأخرج الشافعي في الأم ، وَابن أبي شيبة في المصنف وأحمد
في مسنده والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة والبيهقي في
السنن عن عبادة بن الصامت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لم
يقرأ بفاتحة الكتاب.
وأخرج الدارقطني والحاكم عن عبادة بن الصامت قال : قال
رسول الله
صلى الله عليه وسلم أم القرآن عوض عن غيرها وليس غيرها
عوضا عنها.
وأخرج أحمد والبيهقي في سنه عن أبي هريرة قال : أمرني
رسول الله قال كل صلاة لايقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداع.
وأخرج مالك في الموطأ وسفيان بن عيينة في تفسيره وأبو
عبيد في فضائله ، وَابن أبي شيبة وأحمد في مسنده والبخاري في جزء القراءة ومسلم في
صحيحه وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن الأنباري
في المصاحف ، وَابن حبان والدارقطني والبيهقي في السنن عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج فهي
خداج ثلاث مرات ، غير
تام ، قال أبو السائب : فقلت ياأبا هريرة إني أحيانا
أكون وراء الإمام ، فغمز ذراعي وقال :
اقرأ بها يا فارسي في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي
ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرؤا ، يقول
العبد {الحمد لله رب العالمين} فيقول الله : حمدني عبدي ، ويقول العبد {الرحمن الرحيم}
فيقول الله : أثنى علي عبدي ، ويقول العبد {مالك يوم الدين} فيقول الله مجدني عبدي
ويقول العبد {إياك نعبد وإياك نستعين} فيقول الله : هذا بيني وبين عبدي أولها لي
وآخرها لعبدي وله ماسأل ، ويقول العبد {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب
عليهم ولا الضالين} فيقول الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل
وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن بسند ضعيف عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : قسمت هذه الصلاة
بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد {بسم الله الرحمن الرحيم} يقول الله : ذكرني
عبدي ، فإذا قال {الحمد لله رب العالمين} يقول الله : حمدني عبدي ، فإذا قال {الرحمن الرحيم}
يقول الله : أثنى علي عبدي ، فإذا قال {مالك يوم الدين} يقول الله :
مجدني عبدي ، فإذا قال {إياك نعبد وإياك نستعين} قال :
هذه الآية بيني وبين عبدي نصفين وآخر السورة لعبدي ولعبدي ماسأل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم في تفسيرهما ، عَن
جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله : قسمت الصلاة
بيني وبين عبدي نصفين وله ما سأل ، فإذا قال العبد {الحمد لله رب العالمين} قال :
حمدني عبدي ، وإذا قال {الرحمن الرحيم} قال : أثنى علي عبدي ، ثم قال : هذا لي وله
مابقي.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي بن كعب قال : قرأ رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب ثم قال قال ربكم : ابن آدم أنزلت عليك سبع آيات ، ثلاث
لي وثلاث لك وواحدة بيني وبينك ، فأم التي لي {الحمد لله
رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين} والتي بيني
وبينك {إياك نعبد وإياك نستعين} منك العباده وعلي العون لك.
وَأَمَّا التي لك {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين
أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}.
1 - سورة الفاتحة (مكية وآياتها سبع).
1 - قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم %.
أخرج أبو عبيد ، وَابن سعد في الطبقات ، وَابن أبي شيبة
وأحمد وأبو داود ، وَابن خزيمة ، وَابن الأنباري في المصاحف والدارقطني والحاكم
وصححه والبيهقي والخطيب ، وَابن عبد البر كلاهما في كتاب المسألة عن أم سلمة أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط
الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قطعها آية آية
وعددها عد الاعراب وعد بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعد
عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والدارقطني والبيهقي في
"سُنَنِه" بسند ضعيف عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري ، قال
: فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد فأخرج احدى رجليه من أسكفة المسجد وبقيت
الأخرى في المسجد ، فقلت بيني وبين نفسي : نسي ذلك ، فأقبل علي بوجهه فقال : بأي
شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة قلت {بسم الله الرحمن الرحيم} قال : هي هي ،
ثم خرج.
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال {بسم الله الرحمن
الرحيم} آية.
وأخرج سعيد بن منصور في "سُنَنِه" ، وَابن
خزيمة في كتاب البسملة والبيهقي عن ابن عباس قال : استرق الشيطان من الناس.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
عن ابن عباس قال : أغفل الناس آية من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم إلا أن يكون سليمان بن داود عليهما السلام {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج الدارقطني بسند ضعيف عن ابن عمر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول مايلقي علي {بسم الله الرحمن
الرحيم}.
وأخرج الواحدي عن ابن عمر قال : نزلت {بسم الله الرحمن
الرحيم} في كل سورة
وأخرج أبو داود والبزار والطبراني والحاكم وصححه
والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لايعرف
فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة - حتى ينزل عليه {بسم الله الرحمن الرحيم} زاد
البزار والطبراني فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن
ابن عباس قال : كان المسلمون لايعرفون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن
الرحيم} فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت.
وأخرج أبو عبيد عن سعيد بن جبير أنه في عهد النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم كانوا لايعرفون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن
الرحيم} فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى
واخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان
عن ابن عباس ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ {بسم الله
الرحمن الرحيم} علم أنها سورة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والواحدي عن ابن مسعود قال
: كنا لانعلم فصل مابين السورتين حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان يقرأ
في الصلاة {بسم الله الرحمن الرحيم} فإذا ختم السورة قرأها يقول : ماكتبت في
المصحف إلا لتقرأ.
وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله علمني
جبريل
الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}
فيما يجهر به في كل ركعة.
وأخرج الثعلبي عن علي بن يزيد بن جدعان أن العبادلة
كانوا يستفتحون القراءة ب {بسم الله الرحمن الرحيم} يجهرون بها ، عبد الله بن عباس وعبد
الله بن عمر وعبد الله بن الزبير
وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال : كنت مع النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل رجل يصلي فافتتح الصلاة وتعوذ ثم قال {الحمد لله
رب العالمين} فسمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال يارجل قطعت على نفسك الصلاة
أما علمت أن {بسم الله الرحمن الرحيم} من الحمد ، فمن تركها فقد ترك آية ، ومن ترك
آية فقد أفسد عليه صلاته.
وأخرج الثعلبي عن علي أنه كان إذا افتتح السورة في
الصلاة يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} وكان يقول من ترك قراءتها فقد نقص وكان يقول
هي تمام السبع المثاني.
وأخرج الثعلبي عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من ترك {بسم الله الرحمن الرحيم} فقد ترك آية من كتاب الله.
وأخرج الشافعي في الأم والدارقطني والحاكم وصححه
والبيهقي عن معاوبة أنه قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}
ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع ، فناداه المهاجرون
والأنصار حين سلم : يا معاوية أسرقت صلاتك أين {بسم الله
الرحمن الرحيم} وأين التكبير فلما صلى بعد ذلك قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} لام
القرآن وللسوره التي بعدها وكبر حين يهوي ساجدا.
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : من سنة الصلاة أن تقرأ {بسم الله
الرحمن الرحيم} وإن أول من أسر {بسم الله الرحمن الرحيم} عمرو بن سعيد بن العاص
بالمدينة وكان رجلا حييا.
أخرج أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس
قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ب {بسم الله الرحمن الرحيم}
وأخرج البزار والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان من
طريق أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب وعمار يقولان : أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يجهر في
المكتوبات ب {بسم الله الرحمن الرحيم} في فاتحة الكتاب.
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن نافع ،
أن ابن عمر إذا افتتح الصلاة يقرأ ب {بسم الله الرحمن الرحيم} في أم القرآن وفي
السورة التي تليها ويذكر أنه سمع ذلك من رسول الله.
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن ابي هريرة قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} في الصلاة
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه عن نعيم المجمر
قال : كنت وراء أبي هريرة فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ (بأم القرآن) حتى
بلغ {ولا الضالين} قال : آمين ، وقال الناس : آمين ، ويقول كلما سجد : الله أكبر
وإذا قام من الجلوس قال الله أكبر ويقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم
صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال : كان النَّبِيّ
يجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} في السورتين جميعا.
وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال : قال النَّبِيّ
كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة قلت {الحمد لله رب العالمين} قال : قل {بسم الله
الرحمن الرحيم}.
وأخرج الدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر
قال : قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقرأ إذا قمت إلى
الصلاة قلت : أقرأ {الحمد لله رب العالمين} قال : قل {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر قال : صليت خلف النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج الدارقطني عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمني جبريل عليه السلام عند الكعبة فجهر ب {بسم الله الرحمن
الرحيم}.
وأخرج الدارقطني عن الحكم بن عمير وكان بدريا قال صليت
خلف النبي
صلى الله عيه وسلم فجهر في الصلاة {بسم الله الرحمن
الرحيم} في صلاة الليل وصلاة الغداة وصلاة الجمعة.
وأخرج الدارقطني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يجهر ب !
{بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال : فاتحة
الكتاب سبع آيات ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم في المستدرك وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان وأبو ذر الهروي في فضائله والخطيب البغدادي في تاريخه عن
ابن عباس ، أن عثمان بن عفان سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن {بسم الله
الرحمن الرحيم} فقال هو اسم من أسماء الله تعالى ومابينه وبين اسم الله الأكبر إلا
كما بين سواد العين وبياضها من القرب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن عدي في الكامل ، وَابن مردويه
وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر في تاريخ دمشق والثعلبي بسند ضعيف جدا عن أبي
سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عيسى بن مريم أسلمته أمه
إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم : اكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} قال له عيسى :
وما باسم الله قال المعلم : لا أدري فقال له عيسى الباء بهاء الله والسين سناؤه
والميم مملكته {والله} إله الآلهة والرحمن رحمان
الدنيا والآخرة والرحيم رحيم الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك ، مثل قوله.
وأخرج ابن جريج ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال أول ما
نزل جبريل على محمد قال له جبريل {بسم الله} يا محمد ، يقول : اقرأ بذكر الله :
و{الله} ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين والرحمن الفعلان من الرحمة
و{الرحيم} الرفيق الرقيق بمن أحب أن يرحمه والبعيد الشديد على من أحب أن يضعف عليه
العذاب.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم ،
هو الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه ، وَابن الضريس
في
فضائله ، وَابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن يزيد قال : اسم
الله الأعظم ، هو الله ألا ترى أنه في جميع
القرآن يبدأ به قبل كل اسم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في الدعاء الشعبي
قال : اسم الله الأعظم ، يا الله.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال {الرحمن} اسم ممنوع.
وأخرج ابن أبي حاتم قال {الرحيم} اسم لايستطيع الناس أن
ينتحلوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال {الرحمن} لجميع الخلق
و{الرحيم} بالمؤمنين خاصة.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال
{الرحمن} وهو الرفيق {الرحيم} وهو العاطف على خلقه بالرزق
وهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر.
وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني قال : كان الرحمن فلما
اختزل الرحمن من اسمه كان {الرحمن الرحيم}.
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن
عائشة قالت : قال لي أبي : ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال :
وكان عيسى يعلمه للحواريين - لوكان عليك مثل أحد ذهبا لقضاه الله عنك قلت : بلى ،
قال : قولي : اللهم فارج الهم كاشف الغم - ولفظ البزار وكاشف الكرب - مجيب دعوة
المضطرين رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني رحمة تغنني بها عمن سواك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلمهن اللهم فارج الهم وكاشف
الكرب ومجيب المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني فارحمني رحمة تغنني
بها عمن سواك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلمهن ، اللهم فارج الهم وكاشف
الكرب ومجيب المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمها ارحمني اليوم
رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن سليمان عن
الضحاك عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله أنزل علي سورة لم
ينزلها على أحد من الأنبياء والرسل من قبلي ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : قسمت هذه السورة بيني وبين عبادي فاتحة الكتاب جعلت نصفها لي : ونصفها لهم وآية
بيني وبينهم فإذا قال العبد {بسم الله الرحمن الرحيم} قال الله : عبدي دعاني
باسمين رقيقين ، أحدهما أرق من الآخر ، فالرحيم أرق من الرحمن ، وكلاهما رقيقان
فإذا قال {الحمد لله} قال الله : شكرني عبدني وحمدني ، فإذا قال {رب العالمين} قال
الله شهد عبدي أني رب العالمين ، رب الإنس والجن والملائكة والشياطين ورب الخلق
ورب كل شيء فإذا قال {الرحمن
الرحيم}
يقول مجدني عبدي ، وإذا قال {مالك يوم الدين} - يعني
بيوم الدين : يوم الحساب - ، قال الله تعالى : شهد عبدي أنه لا مالك ليومه أحد
غيري ، وإذا قال {مالك يوم الدين} فقد أثنى علي عبدي ، {إياك نعبد} يعني الله أعبد
وأوحد {وإياك نستعين} قال الله : هذا بيني وبين عبدي إياي يعبد فهذه لي واياي
نستعين فهذه له ولعبدي بعد ماسأل ، بقية السورة {اهدنا} أرشدنا {الصراط المستقيم}
يعني دين الإسلام لأن كل دين غير الإسلام فليس بمستقيم الذي ليس فيه التوحيد {صراط
الذين أنعمت عليهم} يعني به النبيين والمؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالإسلام
والنبوة {غير المغضوب عليهم} يقول : أرشدنا غير دين هؤلاء الذين غضبت عليهم وهم
اليهود {ولا الضالين} وهم النصارى أضلهم اله بعد الهدى فبمعصيتهم غضب الله عليهم
(وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا) (المائدة الآية 60) في
الدنيا والآخرة ، يعني شر منزلا من النار (وأضل عن سواء السبيل) (المائدة الآية
60) من المؤمنين ، يعني أضل عن قصد السبيل المهدى من المسلمين قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم : فإذا قال الإمام {ولا الضالين} فقولوا آمينن يحبكم الله ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم قال لي يا محمد هذه نجاتك
ونجاة أمتك ومن اتبعك على دينك من النار قال البيهقي : قوله : رقيقان ، قيل هذا تصحيف وقع في الأصل
وإنما هو رفيقان ، والرفيق : من أسماء الله تعالى.
وأخرج ابن مردويه والثعلبي ، عَن جَابر بن عبد الله قال
: لما نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الريح وهاج البحر
وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين من السماء وحلف الله بعزته وجلاله أن لا
يسمى على شيء إلا بارك فيه.
وأخرج وكيع والثعلبي عن ابن مسعود قال : من أراد أن
ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ليجعل الله له
بكل حرف منها جنة من كل واحد.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعا إن
المعلم
إذا قال للصبي قل {بسم الله الرحمن الرحيم} كتب للمعلم
وللصبي ولأبويه براءة من النار.
وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة والديلمي عن علي
مرفوعا إذا وقعت في ورطة فقل {بسم الله الرحمن الرحيم} لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم ، فإن الله يصرف بها ما يشاء من أنواع البلاء.
وأخرج الحافظ عن عبد القادر الرهاوي في الأربعين بسند
صحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ب
{بسم الله الرحمن الرحيم} أقطع.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو نعيم في الحلية عن عطاء
قال : إذا تناهقت الحمر من الليل فقولوا {بسم الله الرحمن الرحيم} أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن صفوان بن سليم قال : الجن
يستمتعون بمتاع الإنس وثيابهم فمن أخذ منكم أو وضعه فليقل {بسم الله} فإن اسم الله
طابع.
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن عائشة قالت : لما نزلت {بسم
الله الرحمن الرحيم} ضجت الجبال حتى سمع أهل مكة دويها فقالوا : سحر محمد الجبال
فبعث الله دخانا حتى أظل على أهل مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ
{بسم الله الرحمن الرحيم} موقنا سبحت معه الجبال إلا أنه لايسمع ذلك منها.
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} كتب له بكل حرف أربعة آلاف حسنة
ومحي عنه أربعة آلاف سيئة ورفع له أربعة آلاف درجة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والدارقطني والحاكم
والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال : كانت
مدا ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} يمد {بسم الله}
ويمد {الرحمن} ويمد {الرحيم}.
وأخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في الجامع عن أبي
جعفر محمد بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {بسم الله الرحمن الرحيم}
مفتاح كل كتاب.
وأخرج الخطيب في الجامع عن سعيد بن جبير قال : لايصلح كتاب
إلا أوله {بسم الله الرحمن الرحيم} وإن كان شعرا.
وأخرج الخطيب عن الزهري قال : قضت السنة أن لايكتب في
الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو بكر بن أبي داود والخطيب في
الجامع عن الشعبي قال : كانوا يكرهون أن يكتبوا أمام الشعر {بسم الله الرحمن
الرحيم}.
وأخرج الخطيب عن الشعبي قال أجمعوا أن لايكتبوا أمام
الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وَأخرَج أبوعبيد ، وَابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد
والشعبي أنهما كرها أن يكتب الجنب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج أبونعيم في تاريخ أصبهان ، وَابن اشته في المصاحف
بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتب {بسم الله الرحمن
الرحيم} مجودة تعظيما لله غفر الله له.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال :
تنوق رجل في {بسم الله الرحمن الرحيم} فغفر له.
وأخرج السلفي في جزء له عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لاتمد الباء إلى الميم حتى ترفع السين
وأخرج الخطيب في الجامع عن الزهري قال : نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن تمد {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج الخطيب ، وَابن اشته في المصاحف عن محمد بن سيرين
، أنه كان يكره أن يمد الباء إلى الميم حتى يكتب السين.
وأخرج الديلمي في مشند الفردوس ، وَابن عساكر في تارخ
دمشق عن يزيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كتبت {بسم الله الرحمن
الرحيم} فبين السين فيه.
وأخرج الخطيب في الجامع والديلمي عن أنس عن النَّبِيّ
قال إذا كتب أحدكم {بسم الله الرحمن الرحيم} فليمد الرحمن.
وأخرج الديلمي عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم يامعاوية ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولاتغور الميم
وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك.
وأخرج الخطيب عن مطر الوراق قال كان معاوية بن أبي سفيان
كاتب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يجمع بين حروف
الباء والسين ثم يمده إلى الميم ثم يجمع حروف الله الرحمن الرحيم ولايمد شيئا من
أسماء الله في كتابه ولاقراءته.
وأخرج أبوعبيد عن مسلم بن يسار أنه كان يكره أن يكتب
(بم) حين يبدأ قيسقط السين.
وأخرج أبوعبيد عن ابن عون أنه كتب لابن سيرين (بم) فقال
: مه ، اكتب سينا ، اتقوا أن يأثم أحدكم وهو لايشعر.
وأخرج أبوعبيد عن عمران بن عون ، أن عمر بن عبد العزيز
ضرب كاتبا كتب الميم قبل السين ، فقيل له : فيم ضربك أمير المؤمنين فقال : في سين.
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن جويرية بنت أسماء ، أن عمر
بن عبد العزيز عزل كاتبا له في هذا كتب (بم) ولم يجعل السين
وأخرج ابن سعيد عن محمد بن سيرين أنه كان يكره أن يكتب
الباء ثم يمدها إلى الميم حتى يكتب السين ويقول فيه قولا شديدا.
وأخرج الخطيب عن معاذ بن معاذ قال : كتبت عند سوار {بسم
الله الرحمن الرحيم} فممدت الباء ولم أكتب السين فأمسك يدي وقال : كان محمد والحسن
يكرهان هذا.
وأخرج الخطيب عن عبد الله بن صالح قال : كتبت {بسم الله
الرحمن الرحيم} ورفعت الباء فطالت فأنكر ذلك الليث وكرهه وقال : غيرت المعنى يعني
لأنها تصير لاما.
وأخرج أبوداود في مراسيله عن عمر بن عبد العزيز أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مر على كتاب في الأرض فقال لفتى معه ما في هذا قال
{بسم الله} قال : لعن من فعل هذا لاتضعوا {بسم الله} إلا في موضعه.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن أنس مرفوعا من رفع
قرطاسا من الأرض فيه {بسم الله الرحمن الرحيم} إجلالا له أن
يداس كتب عند الله من الصديقين وخفف عن والديه وإن كانا
كافرين.
وأخرج ابن أبي داود في البعث عن أم خالد بن خالد بن سعيد
بن العاص قال : إني أول من كتب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
قال قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمكة فقال {بسم الله الرحمن الرحيم} فقالت
قريش : دق الله فاك.
وأخرج أبوداود في مراسيله عن سعيد بن جبير قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يجهر {بسم الله الرحمن الرحيم} بمكة وكان أهل مكة يدعون
مسيلمة الرحمن ، فقالوا : إن محمدا يدعو إلى إله اليمامة فأمر رسول الله بإخفائها
فما جهر بها حتى مات.
وأخرج الطبراني من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال
كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}
هزأ منه المشركون وقالوا : محمد يذكر إله اليمامة وكان مسيلمة يتسمى الرحمن ، فلما نزلت
هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يجهر بها.
وأخرج الطبراني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يسر {بسم الله الرحمن الرحيم} وأبو بكر وعمر.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن
ماجه والبيهقي عن ابن عبد الله بن مغفل قال : سمعني أبي وأنا أقرأ {بسم الله
الرحمن الرحيم} فقال : أي بني محدث صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم جهر {بسم الله
الرحمن الرحيم}.
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : الجهر
{بسم الله الرحمن الرحيم} قراءة الأعراب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : جهر الإمام {بسم
الله الرحمن الرحيم}
بدعة.
وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن عتيق قال : كان الحسن يقول
: اكتبوا في أول الإمام {بسم الله الرحمن الرحيم} واجعلوا بين كل سورتين خطا.
2 - قوله تعالى : الحمد لله (رب العالمين).
أخرج عبد الرزاق في المصنف والحكيم الترمذي في نوادر
الأصول والخطابي في الغريب والبيهقي في الأدب والديلمي في مسند الفردوس والثعلبي
عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {الحمد} رأس الشكر فما شكر
الله عبد لايحمده.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن النواس بن سمعان
قال : سرقت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لئن ردها الله لأشكرن ربي
فوقعت في حي من أحياء العرب فيهم امرأة مسلمة فوقع في خلدها أن تهرب عليها فرأت من
القوم غفلة فقعدت عليها ثم حركتها فصبحت بها المدينة فلما رآها المسلمون فرحوا بها
ومشوا بمجئها حتى أتوا رسول الله فلما رآها قال {الحمد لله} فانتظروا هل يحدث رسول
الله صلى الله عليه وسلم صوما أو صلاة فظنوا أنه نسي فقالوا : يارسول الله قد كنت قلت لئن ردها الله
لأشكرن ربي ، قال : ألم أقل {الحمد لله}.
وأخرج ابن جرير والحاكم في تاريخ نيسابور والديلمي بسند
ضعيف عن الحكم بن عمير وكانت له صحبة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا قلت {الحمد لله رب العالمين} فقد شكرت الله فزادك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق
عن ابن عباس قال {الحمد لله} كلمة الشكر إذا قال العبد {الحمد لله} قال الله شكرني
عبدي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
{الحمد} هو الشكر والاستحذاء لله والإقرار بنعمه وهدايته وابتدائه ، وغير ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال عمر : قد
علمنا سبحان الله ولاإله إلا الله فما الحمد قال علي : كلمة رضيها الله لنفسه وأحب
أن
تقال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن كعب قال {الحمد لله}
ثناء على الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال {الحمد}
رداء الرحمن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن
الجبائي قال : الصلاة شكر والصيام شكر وكل خير تفعله لله شكر وأفضل الشكر {الحمد}.
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن حبان
والبيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء {الحمد لله}.
وأخرج ابن ماجه والبيهقي بسند صحيح عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم الله على عبده نعمة فقال {الحمد لله} إلا
كان
الذي أعطى أفضل مما أخذه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد ينعم عليه بنعمة إلا كان {الحمد} أفضل
منها.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم الله على عبد نعمة يحمد الله عليها إلا كان
كان حمد الله أعظم منها كائنة ما كانت.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن الدنيا كلها بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم
قال {الحمد لله} لكان الحمد أفضل من ذلك.
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن أبي موسى الأشعري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان {والحمد لله} تملأ الميزان وسبحان الله
تملآن - أو تملأ - مابين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة
برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو
فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وحسنه ، وَابن
مردويه عن رجل من بني سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبحان الله نصف
الميزان والحمد لله تملأ الميزان والله أكبر يملأ مابين السماء والأرض والطهور نصف
الميزان والصوم نصف الصبر.
وأخرج الترمذي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملؤه ولا إله إلا الله ليس
لها دون الله حجاب حتى تخلص إليه.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم
وصححه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن الأسود بن سريع التميمي قال
قلت : يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت بها
ربي تبارك وتعالى قال : أما أن ربك يحب الحمد.
وأخرج ابن جرير عن الأسود بن سريع أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال ليس شيء أحب إليه الحمد من الله ولذلك أثنى على نفسه فقال {الحمد
لله}.
وأخرج البيهقي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال التأني من الله والعجلة من الشيطان وما شيء أكثر معاذير من الله وما شيء أحب
إلى الله من الحمد.
وأخرج ابن شاهين في السنة والديلمي من طريق أبان عن أنس
قال : قال رسول الله التوحيد ثمن الجنة و{الحمد لله} ثمن كل قطعة ويتقاسمون الجنة
بأعمالهم.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص من طريق ثابت عن أنس
مرفوعا التوحيد ثمن الجنة والحمد وفاء شكر كل نعمة.
وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن حبان
والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه
بحمد الله فهو أقطع.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال : إذا
عطس أحدكم فقال {الحمد لله} قال الملك : رب العالمين فإذا قال رب العالمين قال
الملك يرحمك الله.
وأخرج البخاري في الأدب ، وَابن السني وأبو نعيم كلاهما
في الطب النبوي عن علي ابن أبي طالب قال : من قال عند كل عطسة سمعها {الحمد لله رب
العالمين} على كل حال ما كان ، لم يجد وجع الضرس والأذن أبدا.
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثله بن الأسقع قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من بادر العاطس بالحمد لم يضره شيء من داء البطن
وأخرج الحكيم الترمذي عن موسى بن طلحة قال : أوحى الله
إلى سليمان : إن عطس عاطس من وراء سبعة أبحر فاذكرني.
وأخرج البيهقي ، عَن عَلِي ، قال : بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم سرية من أهله فقال : اللهم لك علي إن رددتهم سالمين أن أشكرك حق
شكرك ، فما لبثوا أن جاؤا سالمين فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم {الحمد لله} على سابغ نعم
الله فقلت يا رسول الله ألم تقل إن ردهم الله أن أشكره حق شكره فقال أو لم أفعل.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر ، وَابن مردويه
والبيهقي من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده قال بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعثا من الأنصار وقال : إن سلمهم الله وأغنهم فإن لله علي في
ذلك شكرا ، فلم يلبثوا أن غنموا وسلموا فقال بعض أصحابه : سمعناك تقول إن سلمهم
الله وأغنهم فإن لله علي في ذلك شكرا قال : قد فعلت قلت : اللهم شكرا ولك الفضل
المن فضلا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية والبيهقي عن جعفر بن محمد قال
: فقد
أبي بغلته فقال : لئن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد
يرضاها فما لبث أن أتى بها بسرجها ولجامها فركبها فلما استوى عليها رفع رأسه إلى
السماء فقال {الحمد لله} لم يزد عليها فقيل له : في ذلك ، فقال : وهل تركت شيئا أو
أبقيت شيئا جعلت الحمد كله لله عز وجل.
وأخرج البيهقي من طريق منصور بن إبراهيم قال : يقال إن
{الحمد لله} أكثر الكلام تضعيفا.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي عن محمد بن حرب قال : قال
سفيان الثوري : {الحمد لله} ذكر وشكر وليس شيء يكون ذكرا وشكرا غيره.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله
بن عمرو بن العاص قال : إن العبد إذا قال : سبحان الله فهي صلاة الخلائق وإذا قال
{الحمد لله} فهي كلمة الشكر التي لم يشكر عبد قط حتى يقولها وإذا قال لا إله إلا
الله فهي كلمة الإخلاص التي لم يقبل الله من عبد قط عملا حتى يقولها وإذا قال :
الله أكبر ملأ مابين السماء والأرض وإذا قال : لاحول
ولا قوة إلا بالله قال الله : أسلم واستسلم.
2 - قوله تعالى : (الحمد لله) رب العالمين.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله {رب العالمين} قال :
الجن والإنس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{رب العالمين} قال : الجن والإنس.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{رب العالمين} قال : إله الخلق كله ، السموات كلهن ومن فيهن والأرضون كلهن ومن
فيهن ومن بينهن مما يعلم ومما لايعلم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلى في
مسنده ، وَابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب
الإيمان والخطيب في التاريخ بسند ضعيف ، عَن جَابر بن
عبد الله قال : قل الجراد في سنة من سني عمر التي ولي فيها فسأل عنه فلم يخبر بشيء
فاغتم لذلك فأرسل راكبا يضرب إلى كداء وآخر إلى الشام وآخر إلى العراق يسأل هل رؤي
من الجراد شيء أولا فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد فألقاها بين
يديه ، فلما رآها كبر ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خلق الله
ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد
فإذا أهلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه.
وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله {رب العالمين} قال : كل
صنف عالم
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن تتبع الجهري قال :
العالمون ألف أمة ، فستمائة في البحر وأربعمائة في البر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله
{رب العالمين} قال : الإنس عالم والجن عالم وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من
الملائكة وللأرض أربع زوايا في كل زاوية ثلاثة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم
لعبادته.
وأخرج الثعلبي من طريق شهر بن حوشب عن أبي كعب قال :
العالمون الملائكة وهم ثمانون ثمانية عشر ألف ملك منهم أربعمائة أو خمسمائة ملك
بالمشرق ومثلها بالمغرب ومثلها بالكتف الثالث من الدنيا ومثلها بالكتف الرابع من
الدنيا مع كل ملك من الأعوان ما لا يعلم عددهم إلا الله.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال : إن
لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم ، الدنيا منها عالم واحد.
3 - قوله تعالى : الرحمن الرحيم
أخرج عَبد بن حُمَيد من طريق مطر الوراق عن قتادة في قول
الله {الحمد لله رب العالمين} قال : ماوصف من خلقه ، وفي قوله {الرحمن الرحيم} قال
: مدح نفسه {مالك يوم الدين} قال : يوم يدان بين الخلائق ، أي هكذا فقولوا {إياك نعبد
وإياك نستعين} قال : دل على نفسه {اهدنا الصراط المستقيم} أي الصراط المستقيم
{صراط الذين أنعمت عليهم} أي طريق الأنبياء {غير المغضوب عليهم} قال : اليهود
{ولا الضالين} قال : النصارى.
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أم سلمة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة {بسم الله الرحمن الرحيم} فعدها آية {الحمد
لله رب العالمين} آيتين {الرحمن الرحيم} ثلاث آيات {مالك يوم الدين} أربع آيات
وقال : هكذا {إياك نعبد وإياك نستعين} وجمع خمس أصابعه.
4 - قوله تعالى : ملك يوم الدين [ وفي قراءة : مالك يوم
الدين ]
أخرج الترمذي ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن الأنباري
كلاهما في كتاب المصاحف عن أم سلمة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ
{مالك يوم الدين} بغير ألف.
وَأخرَج ابن الأنباري عن أنس قال : قرأ رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل
{مالك يوم الدين} بغير ألف.
وأخرج أحمد في الزهد والترمذي ، وَابن أبي داود ، وَابن
الأنباري عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا
يقرؤون {مالك يوم الدين} بالألف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي داود في المصاحف من
طريق سالم عن أبيه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا
يقرؤون {مالك يوم الدين}.
وأخرج وكيع في تفسيره ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود وابنه
"في المصاحف"
عن الزهري ، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرؤونها
{مالك يوم الدين} وأول من قرأها ملك يوم الدين بغير ألف مروان.
وأخرج ابن أبي داود والخطيب من طريق ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب والبراء بن عازب قالا : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر
{مالك يوم الدين}.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب ، أنه بلغه أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد كانوا يقرؤون {مالك
يوم الدين}
قال ابن شهاب : وأول من أحدث ملك مروان.
وأخرج ابن أبي داود ، وَابن الأنباري عن الزهري ، أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {مالك يوم الدين} وأبا بكر وعمر وعثمان
وطلحة والزبير ، وَابن مسعود ومعاذ بن جبل.
وأخرج ابن أبي داود ، وَابن الأنباري عن أنس قال : صليت
خلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي كلهم كان يقرأ / {ملك
يوم الدين > /.
وأخرج ابن أبي داود ، وَابن أبي مليكة عن بعص أزواج
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ {مالك يوم
الدين}.
وأخرج ابن أبي داود ، وَابن الأنباري والدارقطني في
الأفراد ، وَابن جميع في معجمه عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان
يقرأ / {ملك يوم الدين > /.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يقرأ !
{مالك يوم الدين}.
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير عن ابن مسعود ، أنه قرأ
رسول الله صلى الله عليه وسلم {مالك يوم الدين} بالألف {غير المغضوب عليهم} خفض.
وأخرج وكيع والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور ، وعَبد
بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طرق عن عمر بن الخطاب ، أنه كان يقرأ {مالك يوم
الدين} بالألف.
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور عن أبي قلابة أن أبي بن كعب
كان يقرأ {مالك يوم الدين}.
وأخرج وكيع والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
داود عن أبي هريرة أنه كان يقرؤها {مالك يوم الدين} بالألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عبيدة أن عبد الله قرأها
{مالك يوم
الدين}.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود وأناس من
الصحابة في قوله {مالك يوم الدين} قال : هو يوم الحساب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{مالك يوم الدين} يقول : لايملك أحد معه في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا ، وفي قوله
{يوم الدين} قال : يوم حساب الخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم ، إن خيرا فخير
وإن شرا فشر إلا من عفا عنه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله
{مالك يوم الدين} قال : يوم يدين اله العباد بأعمالهم.
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت
شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضعه في
المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه فخرج حين بدا حاجب الشمس فقعد على
المنبر فكبر وحمد الله ثم قال : إنكم شكوتم جدب دياركم
واستئخار المطر عن أبان زمنه عنكم وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم
ثم قال {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين} لا إله إلا الله
يفعل ما يريد اللهم أنت لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل
ما أنزل قوة وبلاغا إلى حين ، قال أبو داود : حديث غريب إسناده جيد ، أهل المدينة
يقرؤون / {ملك يوم الدين > /
وهذا الحديث حجة لهم.
5 - قوله تعالى : إياك نعبد وإياك نستعين.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{إياك نعبد} يعني إياك نوحد ونخاف ونرجو ربنا لا غيرك {وإياك نستعين} على طاعتك
وعلى أمورنا كلها
وأخرج وكيع والفريابي عن أبي رزين قال : سمعت عليا قرأ
هذا الحرف وكان قرشيا عربيا فصيحا {إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا} يرفعهما جميعا.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي رزين أن عليا قرأ {إياك
نعبد وإياك نستعين} فهمز ومد وشد.
وأخرج أبو القاسم البغوي والماوردي معا في معرفة الصحابة
والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال : كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو فلقي العدو فسمعته يقول : يا {مالك يوم
الدين إياك نعبد وإياك نستعين} قال : فلقد رأيت الرجال تصرع تضربها الملائكة من
بين يديها ومن خلفها.
6 - قوله تعالى : اهدنا الصراط المستقيم.
أخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي هريرة ، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قرأ {اهدنا الصراط المستقيم} بالصاد
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في
تاريخه ، وَابن الأنباري عن ابن عباس ، أنه قرأ / {اهدنا السراط > / بالسين.
وأخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن كثير ، أنه كان يقرأ
/ {السراط > / بالسين.
وأخرج ابن الأنباري عن الفراء قال : قرأ حمزة / {الزراط > / بالزاي قال
الفراء : و/ {الزراط > / باخلاص الزاي ، لغة لعذرة وكلب وبني العين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اهدنا الصراط
المستقيم} يقول : ألهمنا دينك الحق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {اهدنا الصراط
المستقيم} قال : ألهمنا الطريق الهادي وهو دين الله الذي لا عوج له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال {الصراط}
الطريق.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر والمحاملي في أماليه من نسخة المصنف والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن عبد الله
في قوله {اهدنا الصراط المستقيم} قال : هو الإسلام وهو أوسع مما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن جريج عن ابن عباس قال {الصراط المستقيم}
الإسلام.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة {الصراط
المستقيم} الإسلام.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ضرب الله صراطا
مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى
الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول : ياأيها الناس أدخلوا الصراط جميعا
ولاتتفرقوا ، وداع يدعو من فوق : الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك
الأبواب قال : ويحك ، لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط ، الإسلام
والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب
الله والداعي من فوق واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر وأبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب
الإيمان عن عبد الله بن مسعود في قوله {اهدنا الصراط المستقيم}
قال : هو كتاب الله.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال : إن هذا الصراط
محتضر تحضره الشياطين ، ياعباد الله هذا الصراط فاتبعوه {الصراط المستقيم} كتاب
الله فتمسكوا به.
وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي وضعفه ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه والبيهقي في
شعب الإيمان ، عَن عَلِي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستكون
فتن قلت : وما المخرج منها قال : كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم
ما بينكم هو الفصل وليس بالهزل وهو حبل الله المتين وهو ذكره الحكيم وهو الصراط
المستقيم.
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن مسعود قال {الصراط
المستقيم} الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود
قال {الصراط المستقيم} تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه والطرف الآخر في
الجنة.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد عن رجل عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال القران هو النور المبين والذكر الحكيم والصراط
المستقيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريج ، وَابن أبي حاتم ،
وَابن عدي ، وَابن عساكر من
طريق عاصم الأحول عن أبي العالية في قوله {الصراط
المستقيم} قال : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده قال : فذكرنا
ذلك للحسن فقال : صدق أبو العالية ونصح.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق أبي العالية عن ابن عباس في
قوله {الصراط المستقيم} قال : هو رسول الله وصاحباه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية الرياحي قال :
تعلموا الإسلام فإذا
علمتموه فلا ترغبوا عنه وعليكم بالصراط المستقيم فإن
{الصراط المستقيم} الإسلام ولا تحرفوا يمينا وشمالا.
وأخرج سعيد بن منصور في "سُنَنِه" ، وَابن
المنذر والبيهقي في كتاب الرؤية عند سفيان قال : ليس في تفسير القرآن اختلاف إنما
هو كلام جامع يراد به هذا وهذا ،.
وَأخرَج ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية عن أبي
قلابة قال : قال أبو الدرداء : إنك لاتفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس يحدث عن
الخوارج الذين أنكروا الحكومة فاعتزلوا علي بن أبي طالب قال : فاعتزل منهم اثنا
عشر ألفا فدعاني علي فقال : اذهب إليهم فخاصهم وادعهم إلى الكتاب والسنة ولا
تحاجهم بالقرآن فإنه ذوو وجوه ولكن خاصهم بالسنة
وأخرج ابن سعد عن عمران بن مناح قال : فقال ابن عباس :
يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم ، في بيوتنا نزل فقال : صدقت ولكن
القرآن جمال ذو وجوه يقول ، ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصا
، فخرج ابن عباس إليهم فحاججهم بالسنن فلم يبق بأيديهم حجة.
7 - قوله تعالى : صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب
عليهم ولا الضالين.
أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي داود ، وَابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق عمر بن
الخطاب ، أنه كان يقرأ / {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين > /
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي داود ،
وَابن الأنباري عن عبد الله بن الزبير قرأ / {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب
عليهم وغير الضالين > / في الصلاة.
وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ / {عليهمي > / بكسر الهاء
والميم واثبات الياء.
وأخرج ابن الأنباري عن الأعرج أنه كان يقرأ / {عليهمو > / بضم الهاء
والميم وإلحاق الواو.
وأخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن كثير أنه كان يقرأ /
{أنعمت عليهمو > / بكسر الهاء وضم الميم مع إلحاق الواو.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن إسحاق أنه قرأ {عليهم} بضم
الهاء والميم من غير إلحاق واو.
وأخرج ابن أبي داود عن إبراهيم قال : كان عكرمة والأسود
يقرآنها / {صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين > /.
وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال {أنعمت عليهم} الآية
السادسة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{صراط الذين أنعمت عليهم} يقول : طريق من أنعمت عليهم من الملائكة والنبيين والصديقين
والشهداء والصالحين الذين أطاعوك وعبدوك.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {صراط الذين أنعمت
عليهم} قال : المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله {صراط الذين} قال :
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله {صراط
الذين أنعمت عليهم} قال : النبيون {غير المغضوب عليهم} قال : اليهود !
{ولا الضالين} قال : النصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {غير المغضوب عليهم} قال
: اليهود {ولا الضالين} قال : النصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {غير المغضوب
عليهم ولا الضالين}
قال : اليهود والنصارى.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير والبغوي في معجم الصحابة ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن
شقيق قال : أخبرني من سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى على فرس
له وسأله رجل من بني العين فقال : من المغضوب عليهم يا رسول الله قال : اليهود قال : فمن الضالون قال
: النصارى.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عبد
الله بن شقيق العقيلي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاصر أهل وادي
القرى فقال له رجل : من
هؤلاء قال : هؤلاء {المغضوب عليهم} يعني اليهود قال : يا
رسول الله فمن هؤلاء الطائفة الأخرى قال : هؤلاء {الضالون} يعني النصارى.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي ذر
قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {المغضوب عليهم} قال : اليهود ، قلت
{الضالين} قال : النصارى.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبد الله بن شقيق عن رجل
من بلعين عن ابن عم له أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى
فقلت : من هؤلاء عندك قال : {المغضوب عليهم} اليهود {ولا الضالين} النصارى.
وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور عن
اسمعيل بن أبي أبي خالد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال {المغضوب عليهم} اليهود
والضالون هم النصارى.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان في صحيحه عن عدي بن حاتم قال
: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن {المغضوب عليهم} اليهود
وإن {الضالين} النصارى.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن حبان والحاكم وصححه
والطبراني عن الشريد قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا وقد
وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على الية يدي قال : أتقعد قعدة المغضوب عليهم.
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال {المغضوب عليهم} اليهود
و{الضالين} النصارى
وأخرج ابن جريج عن مجاهد ، مثله ، قال ابن أبي حاتم : لا
أعلم خلافا بين المفسرين في تفسير {المغضوب عليهم} باليهود {الضالين} بالنصارى.
ذكر آمين.
أخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال : لما أقرأ
جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب فبلغ {ولا الضالين} قال : قل
آمين فقال : آمين.
وأخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة وأحمد وأبوداود والترمذي
وحسنه والنسائي ، وَابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن وائل بن حجر
الحضرمي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {غير المغضوب عليهم ولا
الضالين} فقال {آمين} يمد بها صوته.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن وائل بن حجر أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم حين قال {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال : رب اغفر
لي {آمين}.
وأخرج الطبراني عن وائل بن حجر قال : رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم دخل في الصلاة فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال {آمين} ثلاث مرات.
وأخرج ابن ماجه عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا قال {ولا الضالين} قال {آمين}.
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي
شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ - يعني
الإمام - {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا {آمين} يحبكم الله.
وأخرج مالك والشافعي ، وَابن أبي شيبة وأحمد والبخاري
ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين
الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه
وأخرج أبو يعلى في مسنده ، وَابن مردويه بسند جيد عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم
ولا الضالين} قال الذين خلفه {آمين} التقت من أهل السماء وأهل الأرض ومن لم يقل {آمين} كمثل
رجل غزا مع قوم فاقترعوا سهامهم ولم يخرج سهمه فقال : ما لسهمي لم يخرج قال : إنك
لم تقل {آمين}.
وأخرج أبو داود بسند حسن عن أبي زهير النميري وكان من
الصحابة أنه كان إذا دعا الرجل بدعاء قال : اختمه بآمين فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة
وقال أخبركم عن ذلك خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألح في المسألة فوقف النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم يسمع منه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أوجب إن ختم ، فقال رجل من
القوم : بأي شيء يختم قال
بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه والبيهقي في
"سُنَنِه" عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما حسدتكم
اليهود على شيء ما حسدتكم على التأمين.
وأخرج ابن ماجه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من
قول {آمين}.
وأخرج ابن عدي في الكامل عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن اليهود قوم حسد حسدوكم على ثلاثة أشياء إفشاء السلام
وإقامة الصف وآمين.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن معاذ بن جبل أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال : إن اليهود قوم حسد ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث ، رد
السلام وإقامة الصفوف وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة
{آمين}.
وأخرج الحارث بن أسامة في مسنده والحكيم الترمذي في
نوادر الأصول ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت
ثلاث خصال ، أعطيت صلاة الصفوف وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة وأعطيت {آمين}
ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم إلا أن يكون الله أعطاها هرون فإن موسى كان يدعو
وهرون يؤمن ، ولفظ الحكيم : إن الله أعطى أمتي ثلاثا لم يعطعها أحد قبلهم ، السلام
وهو تحية أهل الجنة وصفوف الملاءكة وآمين إلا ما كان من موسى وهرون.
وأخرج الطبراني في الدعاء ، وَابن عدي ، وَابن مردويه
بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمين خاتم رب
العالمين على لسان عباده المؤمنين.
وأخرج جوبير في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال قلت يا
رسول الله ما معنى آمين قال : رب افعل.
وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس ،
مثله
وأخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة في المصنف عن هلال بن يساف
ومجاهد قالا {آمين} اسم من أسماء الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حكيم بن جبير ، مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال : كان يستحب
إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} أن يقال : اللهم اغفر لي {آمين}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : إذا قال الإمام {غير
المغضوب عليهم ولا الضالين} فقل : اللهم إني أسالك الجنة وأعوذ بك من النار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الربيع بن خيثم قال : إذا قال
الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فاستعن من الدعاء ماشئت.
وأخرج ابن شاهين في السنة عن اسماعيل بن مسلم قال : في
حرف أبي
بن كعب / {غير المغضوب عليهم وغير الضالين آمين بسم الله
> / قال اسمعيل : وكان الحسن إذا سئل عن {آمين} ماتفسيرها : هو اللهم استجب.
وأخرج الديلمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قال آمين لم يبق في
السماء ملك مقرب إلا استغفر له.
2 -- سورة البقرة.
مدنية وآياتها ست وثمانون ومائتان إلا آية 281 فنزلت في
حجة الوداع.
- مقدمة سورة البقرة.
أخرج ابن الضريس في فضائله وأبو جعفر النحاس في الناسخ
والمنسوخ ، وَابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة من طرق عن ابن عباس قال : نزلت
بالمدينة سورة البقرة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزل بالمدينة
سورة البقرة.
وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ عن عكرمة قال : أول
سورة نزلت بالمدينة سورة البقرة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن جامع ابن شداد قال : كنا في غزاة فيها
عبد الرحمن بن يزيد ففشا في الناس أن ناسا يكرهون أن يقولوا سورة البقرة وآل عمران
حتى يقولوا : السورة التي يذكر فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها آل عمران ، فقال عبد
الرحمن : إني أسمع عبد الله بن مسعود إذا استبطن الوادي فجعل الجمرة على حاجبه
الأيمن ثم استقبل الكعبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، فلما فرغ قال : من
ههنا - والذي لا
إله غيره
- رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة ، وأخر ابن الضريس
والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب بسند ضعيف عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة
النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا : السورة التي يذكر فيها البقرة والسورة التي
يذكر فيها آل عمران وكذلك القرآن كله.
وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح عن ابن عمر قال :
لاتقولوا سورة البقرة ولكن قولوا : السورة التي يذكر فيها البقرة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن
حذيفة قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من رمضان فافتتح البقرة فقلت
: يصلي بها ركعة ، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح
آل عمران فقرأها مترسلا ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح
وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ.
وأخرج أحمد ، وَابن الضريس والبيهقي عن عائشة قال كنت
أقوم مع رسول الله في الليل فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء فإذا مر بآية فيها
استبشار دعا ورغب وإذا مر بآية فيها تخويف دعا واستعاذ.
وأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي
عن عوف بن مالك الأشجعي قال قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ
سورة البقرة لايمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ولايمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ، ثم
ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه : سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ، ثم
سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك ، ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة
وأخرج ابن شيبة في المصنف عن سعيد بن خالد قال صلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالسبع الطوال في ركعة.
وأخرج أبو عبيد وأحمد وحميد بن زنجويه في فضائل القرآن
ومسلم ، وَابن الضريس ، وَابن حبان والطبراني وأبو ذر الهروي في فضائله والحاكم
والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، اقرؤا
الزهراوين : سورة البقرة وسورة آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غبابتان
وكأنهما غمامتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما ، اقرؤوا سورة
البقرة ، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطعيها بطلة.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه ومسلم والترمذي ومحمد بن
نصر عن نواس بن سمعان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يؤتى بالقرآن
وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم سورة البقرة وآل عمران قال : وضرب
لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد ، قال : كأنهما
غمامتان أو كانهما غبابتان أو
كأنهما ظلتان سوداوان بينهما شرف أو كأنهما فرقان من طير
صواف يحاجان عن صاحبهما
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل ، وَابن أبي عمر
العربي في مسانيدهم والدارمي ومحمد بن نصر والحاكم وصححه عن بريدة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا
تستطعيها البطلة - ثم سكت ساعة - ثم قال : تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما
الزهروان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غبابتان أو فرقان من طير
صواف.
وأخرج الطبراني وأبو ذر الهروي في فضائله بسند ضعيف عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا الزهراوين ، البقرة وآل
عمران فإنهما يجيآن يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غبابتان أو كأنهما فرقان
من طير صواف تحاجان عن صاحبهما ، تعلموا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا
تستطيعها البطلة
وأخرج البزار بسند صحيح وأبو ذر الهروي ومحمد بن نصر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤا البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم
القيامة كأنهما غمامتان أو غبابتان أو فرقان من طير صواف.
وأخرج أبو عبيد والدارمي عن أبي أمامة قال : إن أخا لكم
رأى في المنام أن الناس يسلكون في صدر جبل وعر طويل وعلى رأس الجبل شجرتان خضراوان
تهتفان : هل فيكم من يقرأ سورة البقرة هل فيكم من يقرأ سورة آل عمران فإذا قال
الرجل : نعم ، دنتا منه بأعناقهما حتى يتعلق بهما فيخطرا به الجبل.
وأخرج الدارمي عن ابن مسعود أنه قرأ عنده رجل سورة
البقرة وآل عمران فقال : قرأت سورتين فيهما اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به
أجاب وإذا سئل به أعطى.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن الضريس عن أبي منيب عن عمه ، أن
رجلا قرأ البقر وآل عمران فلما قضى صلاته قال له كعب : أقرأت البقرة وآل عمران قال
: نعم ، قال - فوالذي نفسي بيده - إن فيهما اسم الله الذي إذا دعي به استجاب
قال : فأخبرني به قال : لا والله لا أخبرك ولو أخبرتك لأوشكت أن تدعو بدعوة أهلك
فيها أنا وأنت.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا ، يعني عظم.
وأخرج الدارمي عن كعب قال : من قرأ البقرة وآل عمران
جاءتا يوم القيامة يقولان : ربنا لاسبيل عليه
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عبد الواحد بن أيمن قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة
كان له الأجر كما بين لبيدا وعروبا ، فلبيدا : الأرض السابعة وعروبا : السماء
السابعة.
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن عبد الواحد بن
أيمن عن حميد الشامي قال : من قرأ في ليلة البقرة وآل عمران كان أجره ما بين لبيدا
وعروبا ، قال عروبا : السماء السابعة ، ولبيدا : الأرض السابعة.
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل القرآن من طريق محمد بن
أبي سعيد عن وهب بن منبه قال : من قرأ ليلة الجمعة سورة البقرة وسورة آل عمران كان
له نورا ما بين عريبا وعجيبا ، قال محمد : عريبا : العرش ، وعجيبا : أسفل الأرضين
وأخرج أبو عبيد عن أبي عمران ، أنه مع أبا الدرداء يقول
: إن رجلا ممن قد قرأ القرآن أغار على جار له فقتله وأنه أقيد منه فقتل ، فما زال
القرآن ينسل منه سورة سورة حتى بقيت البقرة وآل عمران جمعة ثم إن آل عمران انسلت
منه فأقامت البقرة جمعة ، فقيل لها (مايبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) (ق
الآية 29) قال : فخرجت كأنها السحابة العظيمة قال : أبو عبيد : يعني أنهما كانتا
معه في قبره تدفعان عنه وتؤنسانه فكانتا من آخر ما بقي معه من القرآن.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد
والبيهقي في الشعب عن عمر ابن الخطاب قال : من قرأ البقرة وآل عمران والنساء في
ليلة كتب من القانتين.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما خيب الله إمرأ قام في جوف الليل فافتتح سورة البقرة
وآل عمران
وأخرج أبو عبيد عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أن يزيد
بن الأسود الجرشي كان يحدث : إنه من قرأ البقرة وآل عمران في يوم برى ء من النفاق
حتى
يمسي ومن قرأهما في ليلة برى ء من النفاق حتى يصبح ، قال
: فكان يقرؤهما كل يوم وكل ليلة سوى جزئه.
وأخرج أبو ذر في فضائله عن سعيد بن أبي هلال قال : بلغني
أنه ليس من عبد يقرأ البقرة وآل عمران في ركعة قبل أن يسجد ثم يسأل الله شيئا إلا
أعطاه.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : لا تجعلوا بيوتكم مقابر الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه
سورة البقرة ، ولفظ الترمذي : وإن البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله
الشيطان
وأخرج أبو عبيد والنسائي ، وَابن الضريس ومحمد بن نصر في
كتاب الصلاة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في بيوتكم
ولاتجعلوا قبورا وزينوا أصواتكم بالقرآن فإن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه
سورة البقرة.
وأخرج أبو عبيد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه.
وأخرج ابن عدي في الكامل ، وَابن عساكر في تاريخه عن أبي
الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تعلموا القرآن فوالذي نفسي بيده
- إن الشيطان ليخرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن عبد الله بن مغفل قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لايدخله الشيطان
تلك الليلة.
وأخرج ابن الضريس والنسائي ، وَابن الأنباري في المصاحف
والطبراني في الأوسط والصغير ، وَابن مردويه والبيهقي في
شعب الإيمان بسند ضعيف عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
ألقين أحدم يضع إحدى رجليه على الأخرى ثم يتعنى ويدع أن يقرأ سورة البقرة فإن
الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة.
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر ، وَابن الضريس والطبراني
والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن لكل شيء سناما وسنام
القرآن البقرة ، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة نفر من البيت الذي يقرأ فيه وله
ضريط.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني والبيهقي في
الشعب عن سهل بن سعد الساعدي قال قال رسول الله صلى الله عليهوسلم إن لكل شيء
سناما وسنام القرآن سورة البقرة من قرأها في بيته نهارا لم يدخله
الشيطان ثلاث ليال.
وأخرج وكيع والحرث بن أبي أسامة ومحمد بن نصر ، وَابن
الضريس بسند صحيح عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل القرآن
سورة البقرة وأعظم آية فيه آية الكرسي ، وإن الشيطان ليفر من ابيت الذي يقرأ فيه
سورة البقرة.
وأخرج سعيد بن منصور والترمذي ومحمد بن نصر ، وَابن
المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن البقرة وفيها آية هي سيدة أي
القرآن آية الكرسي لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه.
وأخرج البخاري في تاريخه عن السائب بن حباب ، ويقال له
صحبة قال : البقرة سنام القرآن.
وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم السورة التي يذكر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها فإن
تعلمها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة.
وأخرج الدارمي عن خال بن معدان موقوفا ، مثله.
وأخرج أحمد ومحمد بن نصر والطبراني بسند صحيح عن معقل بن
يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل
آية منها ثمانون ملكا استخرجت {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} من تحت العرش
فوصلت بها.
وأخرج البغوي في معجم الصحابة ، وَابن عساكر في تاريخه
عن ربيعة الحرشي قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي القرآن أفضل قال :
السورة التي يذكر فيها البقرة قيل : فأي البقرة أفضل قال : آية الكرسي
وخواتيم سورة البقرة نزلن من تحت العرش.
وأخرج أبوعبيد وأحمد والبخاري في صحيحه تعليقا ومسلم
والنسائي والحاكم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة من طرق عن أسيد بن
حضير قال : بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده ، إذا جالت
الفرس فسكت ، فسكنت ، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت ، فسكنت ، ثم قرأ فجالت فسكت ،
فسكنت ، ثم قرأ فجالت ، فانصرف إلى ابنه يحيى وكان قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما
أخذه رفع رأسه إلى السماء فإذا هو بمثل الظلة فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء
حتى ما يراها فلما أصبح حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم أتدري
ما ذاك قال : لا يا رسول الله قال : تلك الملائكة دنت
لصوتك ولو قرأت لأصبحت تنظر الناس إليها لا تتوارى منهم
وأخرج ابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن
أسيد بن حضير أنه قال يا رسول الله بينما أقرأ الليلة سورة البقرة إذا سمعت وجبة
من خلفي فظننت أن فرسي انطلق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ يا أبا
عبيد ، فالتفت فإذا مثل المصباح مدلى بين السماء والأرض فما استطعت أن أمضي فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الملائكة نزلت لقراءتك سورة البقرة أما إنك لو
مضيت لرأيت العجائب.
وأخرج الطبراني عن أسيد بن حضير قال : كنت أصلي في ليلة
مقمرة وقد أوثقت فرسي فجالت جولة ففزعت ثم جالت أخرى فرفعت رأسي وإذا ظلة قد
غشيتني وإذا هي قد حالت بيني وبين القمر ففزعت فدخلت البيت ، فلما أصبحت ذكرت ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال تلك الملائكة جاءت تسمع قراءتك من آخر الليل سورة
البقرة.
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن جرير بن يزيد أن أشياخ أهل
المدينة حدثوه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : ألم تر أن ثابت بن قيس
بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح قال فلعله قرأ سورة البقرة ، فسئل ثابت
فقال : قرأت سورة البقرة
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن مسعود قال
: خرج رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه الشيطان فاتخذا فاصطرعا
فصرعه الذي من أصحاب محمد فقال الشيطان : أرسلني أحدثك حديثا فأرسله قال : لا ،
فاتخذ الثانية فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمد فقال : أرسلني فلأحدثنك حديثا
يعجبك فأرسله فقال : حدثني قال : لا ، فاتخذ الثالثة فصرعه الذي من أصحاب محمد ثم
جلس على صدره وأخذ بإبهامه يلوكها فقال : أرسلني ، ، فقال : لا أرسلك حتى تحدثني
قال : سورة البقرة فإنه ليس من آية منها تقرأ في وسط الشياطين إلا تفرقوا أولا
تقرأ في بيت فيدخل ذلك البيت شيطان قالوا : يا أبا عبد الرحمن فمن ذلك الرجل قال :
فمن ترونه إلا عمر بن الخطاب.
أخرج أبوعبيد عن جرير بن زيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه
أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قيل له : ألم تر أن ثابت بن قيس
بن شماس لم تزل داره الباحة تزهر مصابيح قال : فلعله قرأ سورة البقرة فسئل ثابت
فقال :قرأت سورة البقرة".
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن ماجه ومحمد بن نصر
الموزي في كتاب الصلاة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذوو عدد فاستقرأهم فاستقرأ
كل رجل منهم يعني ما
معه من القرآن فآتى على رجل منهم من أحدثهم سنا فقال :
ما معك يا فلان قال : معي كذا وكذا ، وسورة البقرة قال : أمعك سورة البقرة قال : نعم
، قال : اذهب فأنت أميرهم فقال رجل من أشرافهم ، والله ما منعني أن أتعلم سورة
البقرة إلا خشية أن لا أقوم بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا القرآن
واقرؤه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه في
كل مكان ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه ، كمثل جراب أوكى على مسك
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عثمان ابن العاص قال
استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصغر السته الذين وفدوا عليه من ثقيف
وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة.
وَأخرَج البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن الصلصال
ابن الدلهمس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اقرؤا سورة البقرة في بيوتكم
ولاتجعلوها قبورا قال : ومن قرأ سورة البقرة تتوج بتاج في الجنة.
وأخرج وكيع والدارمي ومحمد بن نصر ، وَابن الضريس عن
محمد بن الأسود قال : من قرأ سورة البقرة في ليلة توج بها تاجا في الجنة.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : من قرأ سورة البقرة
فقد أكثر وأطاب.
وأخرج وكيع وأبو ذر الهروي في فضائله عن التميمي قال :
سألت ابن
عباس أي سورة في القرآن أفضل قال : البقرة قلت : فأي آية
قال : آية الكرسي.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال : أشرف سورة في القرآن البقرة وأشرف آية ، آية الكرسي.
وأخرج الحاكم وصححه وأبو ذر الهروي والبيهقي في شعب
الإيمان عن عمر قال : تعلموا سورة البقرة سورة النساء وسورة الحج وسورة وسورة
النور فإن فيهن الفرائض.
وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن عن ابن مسعود أن
امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله رأيي في رأيك فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي خطبها : هل تقرأ من القرآن شيئا فقال : نعم ،
سورة البقره وسورة من المفصل فقال : قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال للرجل : ما تحفظ من القرآن قال : سورة البقرة والتي تليها ،
قال : قم فعلمها عشرين آية وهي
إمراتك وكان مكحول يقول : ليس ذلك
لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمران بن أبان قال
: أتي عثمان بسارق فقال : أراك جميلا ما مثلك يسرق قال : هل تقرأ شيئا من القرآن قال :
نعم ، أقرأ سورة البقرة قال : اذهب فقد وهبت يدك بسورة البقرة.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن أبي جمرة قال :
قلت لإبن عباس : إني سريع القراءة فقال : لأن أقرأ سورة البقرة فأرتلها أحب إلي من
أن أقرأ القرآن كله.
وأخرج الخطيب في رواة مالك والبيهقي في شعب الإيمان عن
ابن عمر قال : تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا ، وذكر
مالك في الموطأ : أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة
البقرة ثماني سنين يتعلمها.
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن ميمون ، أن ابن عمر تعلم
سورة البقرة في أربع سنين.
وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبيهقي في
"سُنَنِه" عن عروة ، أن أبا بكر الصديق صلى الصبح فقرأ فيها بسورة
البقرة في الركعتين كلتيهما.
وأخرج الشافعي في الأم وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة
في المصنف والبيهقي عن أنس ، أن أبا بكر الصديق صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة
البقرة فقال عمر : كربت الشمس أن تطلع فقال : لو طلعت لم تجدنا غافلين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس ، أن أبا بكر قرأ في يوم عيد
البقرة حتى رأيت الشيخ يميد من طول القيام.
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في الجنائز وأبو ذر الهروي
في
فضلائله عن الشعبي قال : كانت الأنصار يقرؤون عن الميت
بسورة البقرة.
وأخرج أبو بكر بن الأنباري في المصاحف من طريق ابن وهب
عن سليمان قال : سئل ربيعة - وأنا حاضر - لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما
نيف وثمانون سورة بمكة فقال : يعلم من قدمهما بتقدمتهما فهذا ما ينتهى إليه ولا
يسأل عنه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة معا في المصنف عن
عروة قال : كان شعار أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم مسيلمة يا أصحاب سورة
البقرة.
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن
سليمان بن يسار
قال :
استيقظ أبو أسيد الأنصاري ليلة وهو يقول : إنا لله وإنا
إليه راجعون ، فاتني وردي الليلة - وكان وردي البقرة - فلقد رأيت قفي المنام كأن
بقرة تنطحني.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسدد عن ابن مسعود قال : من حلف
بسورة
البقرة وفي لفظ بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمين صبر فمن شاء بر
ومن شاء فجر.
وأخرج أحمد والحاكم في الكنى عن عائشة عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال من قرأ سورة البقرة وآل عمران جعل الله له جاحين منظومين بالدر
والياقوت قال أبو أحمد : هذا الحديث منكر.
1 - قوله تعالى : الم.
أخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي عبد الرحمن السلمي
أنه كان يعد {الم} آية (وحم) آية.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وصححه ، وَابن الضريس
ومحمد بن نصر ، وَابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وابو ذر
الهروي في فضائله والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشرة أمثالها ، لا تقول {الم}
حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والدارمي ، وَابن
الضريس والطبراني ومحمد بن نصر عن ابن مسعود موقوفا ، مثله.
وأخرج محمد بن نصر وأبو جعفر النحاس في كتاب الوقف
والابتداء والخطيب في تاريخه وأبو نصر السجزي في الإبانة عن عبد الله بن مسعود قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤا القرآن فإنكم تؤجرون عليه ، أما إني لا
أقول {الم} حرف ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر فتلك ثلاثون.
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار والمرهبي في فضل العلم وأبو
ذر الهروي وأبو نصر السجزي بسند ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة ، لا أقول {الم ذلك
الكتاب} حرف ولكن الألف حرف
والذال والألف والكاف.
وأخرج محمد بن نصر والبيهقي في شعب الإيمان والسجزي عن عوف
بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من القرآن كتب الله
له به حسنة ، لا أقول {بسم الله} ولكن باء وسين وميم ولا أقول {الم} ولكن الألف
واللام والميم.
وأخرج محمد بن نصر السلفي في كتاب الوجيز في ذكر المجاز
والمجيز عن أنس بن مالك عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من قرأ حرفا من
القرآن كتب الله له عشر حسنات ، بالباء والتاء والثاء.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف وأبو نصر السجزي عن ابن
عمر قال : إذا فرغ الرجل من حاجته ثم رجع إلى أهله ليأت المصحف فليفتحه فليقرأ فيه
فإن الله سيكتب له بكل حرف عشر حسنات ، أما أني لا أقول {الم} ولكن الألف عشر
واللام عشر والميم عشر.
وأخرج أبو جعفر النحاس في الوقف والابتداء وأبو نصر
السجزي عن
قيس بن سكن قال : قال ابن مسعود : تعلموا القرآن فإنه
يكتب بكل حرف منه عشر حسنات ويكفر به عشر يئات ، أما أني لا أقول {الم} حرف ولكن
أقول ألف عشر ولام عشر وميم عشر.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس من طرق عن ابن عباس في قوله {الم} قال : أنا الله
أعلم.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن
مسعود قال {الم} حروف اشتقت من حروف هجاء أسماء الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن
عباس في قوله {الم} وحم و(ن) قال : اسم مقطع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء عن ابن عباس في قوله ألم و(المص) و(الر) و(المر)
و (كهيعص) و(طه) و(طسم) و(طس) و(يس) و
و (حم) و(ق) و(ن) قال : هو قسم أقسمه الله وهو من أسماء
الله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال {الم} قسم.
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود في قوله {الم} قال : هو اسم
الله الأعظم.
وأخرج ابن جريج ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{الم} و(حم) و(طس) قال : هي اسم الله الأعظم.
وأخرج ابن أبي شيبة في تفسيره ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر عن عامر ، أنه سئل عن فواتح السور نحو {الم} و{الر} قال : هي أسماء من
أسماء الله مقطعة الهجاء فإذا وصلتها كانت أسماء من أسماء الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله {الم}
قال : ألف مفتاح اسمه الله ولام مفتا اسمه لطيف وميم مفتاح اسمه مجيد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : فواتح السور أسماء
من
أسماء الله.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن السدي
قال : فواتح السور كلها من أسماء الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الم} قال : اسم من أسماء ألقرآن.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {الم} قال : اسم من
أسماء القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ بن حبان عن مجاهد قال {الم} و(حم) و(المص) وفواتح افتتح الله بها القرآن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال {الم}
و (طسم) فواتح يفتتح الله بها السور.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : فواتح السور كلها {الم}
و(المر) و(حم) و(ق) وغير ذلك هجاء موضوع.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال {الم} ونحوها أسماء
السور.
وأخرج ابم إسحاق والبخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير بسند
ضعيف عن ابن عباس ، عَن جَابر بن عبد الله بن رباب قال : مر أبو ياسر بن أخطب في
رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة {الم ذلك
الكتاب} فأتاه أخوه حيي بن
أخطب في رجال من اليهود فقال : تعلمون - والله - لقد
سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه {الم ذلك الكتاب} فقالوا أنت سمعته قال : نعم ،
فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد جاءك بهذا
جبريل من عند الله
قال :
نعم ، قالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء مانعلمه بين
لنبي لهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب : وأقبل على من معه
الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه احدى وسبعون سنة ، أفتدخلون في دين
نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته احدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : يا محمد هل مع هذا غيره قال : نعم ، قال : وما ذاك قال (المص) قال : هذه
أثقل وأطول ، الأف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه مائة
واحدى وستون ، هل مع هذا يا محمد غيره قال : نعم ، قال : ماذا قال (الر) قال : هذه
أثقل وأطول ، الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه احدى وثلاثون ومائتا
سنة ، فهل مع هذا غيره قال : نعم ، (المر) قال : فهذه أثقل وأطول ، الألف واحدة واللام ثلاثون
والميم أربعون والراء مائتان فهذه احدى وسبعون سنة ومائتان ، ثم قال : لقد لبس
علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قاموا فقال أبو ياسر
لأخيه حيي ومن معه من الأحبار : ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله ، احدى
وسبعون واحدى وستون ومائة واحدى وثلاثون ومائتان
واحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة واربع وثلاثون ،
فقالوا : لقد تشابه علينا أمره ، فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم (هو الذي أنزل
عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) (آل عمران الآية 7).
وأخرج ابن المنذرعن ابن جريج قال : إن اليهود كانوا
يجدون محمدا وأمته (في كتابهم اصحفنا لمعرفة المعج) أن محمدا مبعوث ولا يدرون ما
مدة أمة محمد ، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل {الم} قالوا : قد
كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة وكنا لاندري كم مدتها فإن كان محمد
صادقا فهو نبي هذه الأمة قد بين لنا كم مدة محمد لأن
{الم} في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة فلما
نزلت (الر) وكانت في حسابهم مائتي سنة وواحدا وثلاثين سنة قالوا : هذا الآن مائتان
وواحدا وثلاثون سنة وواحدة وسبعون ، قيل ثم أنزل (المر) فكان في حساب حملهم مائتي
سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور
السور فقالوا : قد التبس علينا أمره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال :
هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها إلا
حرف وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آية وثلاثة وليس منها حرف
إلا وهو في مدة قوم وآجالهم ، فالألف مفتاح اسمه الله واللام مفتاح اسمه اللطيف
والميم مفتاح اسمه مجيد ، فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله ،
فالألف سنة واللام ثلاثون والميم أربعون.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن داود
بن أبي هند قال : كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور قال : يا داود إن لكل كتاب سرا
وإن سر هذا القرآن فواتح السور فدعها وسل عما بدا لك.
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن عباس قال : آخر
حرف عارض به جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى
للمتقين}.
2 - قوله تعالى : ذلك الكتاب لا ريب فيه (هدى للمتقين)
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس ، وَابن
جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين
وآيتان في نعت الكافرين وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين ومن أربعين آية إلى عشرين
ومائة في بني إسرائيل.
وأخرج وكيع عن مجاهد قال : هؤلاء الآيات الأربع في أول
سورة البقرة إلى {المفلحون} نزلت في نعت المؤمنين واثنتان من بعدها إلى {عظيم}
نزلت في نعت الكافرين وإلى العشر نزلت في المنافقين.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : أربع آيات من
فاتحة سورة البقرة في الذين آمنوا وآيتان في قادة الأحزاب.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود {الم} حرف
اسم الله و{الكتاب} القرآن {لا ريب} لا شك فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ذلك الكتاب} قال :
هذا الكتاب
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري في المصاحف عن عكرمة ،
مثله.
وأخرج ابن اسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {لا ريب فيه} قال : لا شك فيه.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال
ال {ريب} الشك من الكفر.
وأخرج الطستي في مسائل ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال
له : أخبرني عن قوله عز وجل {لا ريب فيه} قال : لا شك فيه قال : وهل تعرف العرب
ذلك قال : نعم ، أما سمعت ابن الزبعرى وهو يقول : ليس في الحق يا أمامة ريب * إنما
الريب ما يقول الكذوب.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {لا ريب فيه}
قال : لا شك فيه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله
2 - قوله تعالى : (ذلك الكتاب لا ريب فيه) هدى للمتقين.
أخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن الشعبي في قوله {هدى} قال :
من الضلالة.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {هدى} قال : نور
{للمتقين} قال : هم المؤمنون.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {هدى للمتقين} أي الذين يحذرون من أمر الله عقوبته في ترك ما يعرفون
من الهدى ويرجون رحمته في التصديق بما جاء منه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {هدى للمتقين} قال :
للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {هدى للمتقين}
قال : جعله الله هدى وضياء لمن صدق به ونور للمتقين.
وأخرج أبن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال : يحبس الناس يوم
القيامة بقيع واحد فينادي مناد : أين المتقون فيقومون في كنف الرحمن لا
يحتجب الله منهم ولا يستتر ، قيل : من المتقون قال : قوم
اتقوا الشرك عبادة الأوثان واخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه
والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن
عطية السعدي وكان من الصحابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغ
العبد المؤمن أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي هريرة ، أن
رجلا قال له : ما التقوى قال : هل أخذت طريقا ذا شوك قال : نعم ، قال : فكيف صنعت
قال : إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه قال : ذاك التقوى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن أبي حاتم
عن طلق بن حبيب أنه قيل له : ألا تجمع لنا التقوى في كلام يسير يرونه قال : التقوى
العمل
بطاعة الله على نور من الله رجاء رجمة الله والتقوى ترك
معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء
قال : تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما
يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما ، يكون حجابا بينه وبين الحرام.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : ما زالت التقوى
بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري قال : إنما سموا
المتقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك قال : لو
أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتق شيئا واحدا لم يكن من المتقين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا عن عون بن عبد
الله قال : تمام التقوى أن تبتغي علم ما لم تعلم منها إلى ما قد علمت منها
وأخرج ابن أبي الدنيا عن رجاء قال : من سره أن يكون
متقيا فليكن أذل من قعود أبل كل من أتى عليه أرغاه.
وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق مالك بن أنس عن وهب بن
كيسان قال : كتب رجل إلى عبد الله بن الزبير بموعظة ، أما بعد ، فإن لأهل التقوى
علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم ، من صبر على البلاء ورضى بالقضاء وشكر
النعماء وذل لحكم القرآن.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك قال : قال داود
لابنه سليمان عليه السلام : يا بني إنما تستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء ، لحسن
توكله على الله فيما نابه ولحسن رضاه فيما أتاه ولحسن زهده فيما فاته.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سهم بن سحاب قال : معدن من
التقوى لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي
سعيد المقبري قال : بلغنا أن رجلا جاء إلى عيسى فقال : يا معلم الخير كيف أكون
تقيا لله كما ينبغي له قال : بيسير من الأمر ، تحب الله بقلبك كله وتعمل
بكدحك وقوتك ما استطعت وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك ،
قال : من ابن جنسي يا معلم الخير قال : ولد آدم كلهم وما لا تحب أن يؤتى إليك فلا
تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن إياس بن معاوية قال : رأس
التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئا دون الله ثم تتفاض الناس بالتقى والنهى.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال : فواتح
التقوى حسن النية وخواتمها التوفيق والعبد فيما بين ذلك بين هلكات وشبهات ونفس
تحطب على سلوها وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال : كيف يرجو
مفاتيح التقوى من يؤثر على الآخرة الدنيا.
وَأخرَج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال : ليس
تقوى الله بصيام
النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى
الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال :
قلت لسفيان
أرى الناس يقولون سفيان الثوري وأنت تنام الليل فقال لي
: اسكت ، ملاك هذا الأمر التقوى.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب بن شبة قال : تكلم رجل من
الحكماء عند عبد الملك بن مروان فوصف المتقي فقال : رجل آثر الله على خلقه وآثر
الآخرة على الدنيا ولم تكربه المطالب ولم تمنعه المطامع نظر ببصر قلبه إلى معالي
إرادته فسما لها ملتمسا لها فزهده مخزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما
في الدنيا مسجون قد انقطعت من همته الراحة دون منيته فشفاؤه القرآن ودواؤه الكلمة
من الحكمة والموعظة الحسنة لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها ،
فقال عبد الملك : أشهد أن هذا أرجى ء بالا منا وأنعم عيشا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن
مهران قال : لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه حتى
تعلم من أين مطعمه ومن أين ملبسه ومن أين مشربه أمن حل ذلك أو
من حرام.
وَأخرَج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز ، أنه لما
ولي حمد الله وأثنى عليه ثم قال : أوصيكم بتقوى الله فإن تقوى الله خلف من كل شيء
وليس من تقوى الله خلف.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال : يا
أيها الناس اتقوا الله فإنه ليس من هالك إلا له خلف إلا التقوى.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال : لما خلق الله الجنة
قال لها تكلمي قالت : طوبى للمتقين.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : القيامة
عرس المتقين.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يزيد الرحبي قال : قيل
لأبي الدرداء : أنه ليس أحد له بيت في الأنصار إلا قال شعرا فما لك لا تقول قال :
وأنا قلت فاستمعوه : يريد المرء أن يعطى مناه وي * أبى [ ويأبى ] الله إلا ما
أرادا
يقول المرء فائدتي وذخري * وتقوى الله أفضل ما استفادا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العفيف وكان من أصحاب معاذ بن
جبل قال : يدخل أهل الجنة على أربعة أصناف ، المتقين ثم الشاكرين ثم الخائفين ثم
أصحاب اليمين.
3 - قوله تعالى : الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون.
أخرج جرير عن قتادة {هدى للمتقين} قال : نعتهم ووصفهم
بقوله {الذين يؤمنون بالغيب} الآية.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله
{الذين يؤمنون} قال : يصدقون {بالغيب} قال : بما جاء منه يعني من الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {الذين يؤمنون
بالغيب} قال : هم المؤمنون من العرب قال : و{الأيمان} التصديق و{الغيب} ما غاب عن
العباد من أمر الجنة والنار وما ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل
أصحاب الكتاب أو علم كان عندهم {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} هم المؤمنون من أهل
الكتاب ثم جمع الفريقين فقال {أولئك على هدى} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله
{الذين يؤمنون
بالغيب} قال : بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنته
وناره ولقائه والحياة بعد الموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن قتادة في قوله
{الذين يؤمنون بالغيب} قال : آمنوا بالبعث بعد الموت والحساب والجنة والنار وصدقوا بموعود
الله الذي وعد في هذا القرآن.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {الذين يؤمنون بالغيب} قال : ما غاب عنهم من أمر
الجنة والنار قال وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت أبا سفيان بن الحرث
يقول :
وبالغيب آمنا وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل محمد.
وَأخرَج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن منده وأبو نعيم
كلاهما في معرفة الصحابة عن تويلة بنت أسلم قال : صليت الظهر أو العصر في مسجد بني
حارثة فاستقبلنا مسجد إيلياء فصلينا سجدتين ثم جاءنا من يخبرنا أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام فتحول الرجال مكان
النساء والنساء مكان الرجال فصلينا السجدتين الباقيتين
ونحن مستقبلو البيت الحرام ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال أولئك
قوم آمنوا بالغيب.
وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في
مسنده ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه ، وَابن مردويه
عن الحرث بن قيس أنه قال لإبن مسعود : عند الله يحتسب ما سبقتمونا به يا أصحاب
محمد من رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ابن مسعود : عند الله يحتسب
إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم تروه إن أمر محمد كان بيننا لمن رآه ، والذي
لا إله غيره ، ما آمن أحد أفضل من إيمان بغيب ، ثم قرأ (ألم ذلك الكتاب لا ريب
فيه) (البقرة الآية 1 - 2) إلى قوله (المفلحون) (البقرة الآية 5).
وأخرج البزار وأبو يعلى والمرهبي في فضل العلم والحاكم
وصححه عن عمر بن الخطاب قال كنت جالسا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال
أنبئوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا قالوا : يا رسول الله الملائكة ، قال : هم كذلك
ويحق لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا : يا رسول
الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالاته والنبوة قال : هم كذلك ويحق لهم وما
يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا : يا رسول
الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء ، قال : هم
كذلك ويحق لهم وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة مع الأنبياء ، بل غيرهم قالوا
: فمن يا رسول الله قال : أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم
يروني ويصدقوني ولم يروني يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه فهؤلاء أفضل أهل
الإيمان إيمانا.
وأخرج الحسن بن عروة في حزبه المشهور والبيهقي في
الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أي
الخلق أعجب إليكم إيمانا قالوا : الملائكة ، قال : وما
لهم لايؤمنون وهم عند ربهم ، قالوا : فالأنبياء ، قال : فما لهم لا يؤمنون والوحي
ينزل عليهم ، قالوا : فنحن ، قال : وما لكم لاتؤمنون وأنا بين أظهركم ألا إن أعجب
الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : أصبح رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوما فقال
ما من ماء ما من ماء قالوا : لا ، قال : فهل من شن فجاؤا
بالشن فوضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده عليه ثم فرق أصابعه
فنبع الماء مثل عصا موسى من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا
بلال اهتف بالناس بالوضوء فأقبلوا يتوضؤن من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكانت همة ابن مسعود الشرب فلما توضؤا صلى بهم الصبح ثم قعد للناس فقال : يا أيها الناس
من أعجب الخلق إيمانا قالوا : الملائكة ، قال : كيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون
الأمر قالوا : فالنبيون يا رسول الله ، قال : كيف لا يؤمن النبيون والوحي ينزل
عليهم من السماء قالوا : فأصحابك يا رسول الله ، فقال : وكيف لا تؤمن أصحابي وهم
يرون ما يرون ولكن أعجب الناس إيمانا قوم يجيئون بعدي يؤمنون بي ولم يروني
ويصدقوني ولم يروني أولئك إخواني.
وأخرج الإسماعيلي في معجمه عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أي شيء أعجب إيمانا قيل : الملائكة ، فقال : كيف وهم في
السماء يرون من الله ما لا ترون قيل : فالأنبياء ، قال :
كيف وهم يأيتهم الوحي قالوا : فنحن ، قال : كيف وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم
رسوله ولكن قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني أولئك أعجب إيمانا وأولئك
إخواني وأنتم أصحابي.
وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أي الخلق أعجب إيمانا قالوا : الملائكة ، ، قال : الملائكة ، كيف لا يؤمنون قالوا :
النبيون ، قال : النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون ولكن أعجب الناس إيمانا قوم
يجيئون من بعدكم فيجدون كتابا من الوحي فيؤمنون به ويتبعونه ، فهؤلاء أعجب الناس
إيمانا.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده عن عوف بن مالك قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ليتني قد لقيت إخواني قالوا يا رسول الله ألسنا
إخوانك وأصحابك قال :
بلى ، ولكن قوما يجيئون من بعدكم يؤمنون بي إيمانكم
ويصدقوني تصديقكم وينصروني نصركم ، فيا ليتني قد لقيت إخواني.
وأخرج ابن عساكر في الأربعين السباعية من طريق أبي هدبة
وهو كذاب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتني قد لقيت إخواني فقال
له رجل من أصحابه : أولسنا إخوانك قال : بلى ، أنتم
أصحابي وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ثم قرأ {الذين يؤمنون
بالغيب ويقيمون الصلاة}.
وأخرج أحمد والدارمي والباوردي ، وَابن قانع معا في معجم
الصحابة والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي جمعة الأنصاري قال قلنا يار
سول الله هل من قوم أعظم منا آجرا آمنا بك واتبعناك ، قال : ما يمنعكم من ذلك
ورسول الله بين أظهركم يأتيكم الوحي من السماء بل قوم يأتون من بعدي يأتيهم كتاب
بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي عمر وأحمد والحاكم عن
أبي عبد الرحمن الجهني قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع
راكبان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنديان أو مذحجيان حتى أتيا فإذا رجلان
من
مذحج ، فدنا أحدهما ليبايعه فلما أخذ بيده قال : يا رسول
الله أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك فماذا له قال : طوبى له فمسح على يده وانصرف ،
ثم جاء الآخر ختى أخذ على يده ليبايعه فقال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك
واتبعك ولم يرك قال : طوبى له ، ثم طوبى له ، ثم مسح على يده وانصرف.
وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني
والحاكم عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوبى لمن
رآني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات.
وأخرج أحمد ، وَابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن رجلا قال : يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك ، قال :
طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد عن نافع قال : جاء رجل
إلى ابن عمر
فقال :
يا أبا عبد الرحمن رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأعينكم هذه قال : نعم ، قال : طوبى لكم ، فقال ابن عمر : ألا أخبرك بشيء سمعته
من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بلى ، قال : سمعته يقول قال طوبى لمن رأني
وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني ثلاث مرات.
وأخرج أحمد وأبو يعلى والطبراني عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع
مرات.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة مرفوعا إن ناسا من أمتي يأتون
بعدي يود أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن إسحاق عن ابن
عباس في قوله {ويقيمون الصلاة} قال : الصلوات الخمس {ومما رزقناهم
ينفقون} قال : زكاة أموالهم.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {ويقيمون الصلاة} قال : يقيمونها بفروضها {ومما رزقناهم ينفقون} قال
: يؤدون الزكاة احتسابا لها.
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس قال : إقامة الصلاة إتمام
الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {يقيمون الصلاة}
قال : إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضؤئها وركوعها وسجودها {ومما رزقناهم
ينفقون} قال : انفقوا في فرئض الله التي افترض الله عليهم في طاعته وسبيله.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {ومما رزقناهم
ينفقون} قال : إنما يعني الزكاة خاصة دون سائر النفقات ، لا يذكر الصلاة إلا ذكر
معها الزكاة فإذا لم يسم الزكاة قال في أثر ذكر الصلاة {ومما رزقناهم ينفقون}
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {ومما رزقناهم
ينفقون} قال : هي نفقة الرجل على أهله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ومما رزقناهم ينفقون}
قال : كانت النفقات قربانا يتقربون بها إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم حتى نزلت
فرائض الصدقات في سورة براءة ، هن الناسخات المبينات.
4 - 5 - قوله تعالى : والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما
أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} أي يصدقونك بما جئت
به من الله وما جاء به من قبلك المرسلين لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاؤوهم به
من ربهم {وبالآخرة هم يوقنون} أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان
أي لا هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان قبلك ويكفرون بما جاءك من ربك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {والذين يؤمنون بما أنزل
إليك}
قال : هو الفرقان الذي فرق الله به بين الحق والباطل
{وما أنزل من قبلك} أي الكتب التي خلت قبله {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم
المفلحون} قال : استحقوا الهدى والفلاح بحق فاحقه الله عليهم ، وهذا نعت أهل
الإيمان ثم نعت المشركين فقال {إن الذين كفروا سواء عليهم} البقرة الآية 6 الآيتين.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند والحاكم
والبيهقي في الدعوات عن أبي بن كعب قال كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجاء
أعرابي فقال : يا نبي الله إن لي أخا وبه وجع قال : وما وجعه قال : به لمم
قال : فائتني به ، فوضعه بين فعوذه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب
وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد} البقرة الآية 163 وآية الكرسي
وثلاث آيات من آخر سورة البقرة وآية من آل عمران (شهد الله أنه لا إله إلا هو) (آل
عمران 18) وآية من الأعراف (إن ربكم الله) (الأعراف الآية 54) وآخر سورة المؤمنين
(فتعالى الله الملك الحق) (المؤمنون الآية 116) وآية من سورة الجن (وأنه تعالى حد
ربنا) (الجن الآية 3) وعشر آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر و(قل
هو الله أحد) و(المعوذتين) فقام الرجل كأنه لم يشك قط
وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عبد
الرحمن بن أبي ليلى عن رجل عن أبيه ، مثله سواء.
وأخرج الدارمي ، وَابن الضريس عن ابن مسعود قال : من قرأ
أربع آيات من أول سورة البقرة وآية الكرسي وآيتين بعد آية الكرسي وثلاثا من آخر
سورة البقرة لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه في أهله ولا ماله ولا
يقرأن على مجنون إلا أفاق.
وأخرج الدارمي ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود
قال : من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة
حتى يصبح ، أربع من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث خواتيمها ، أولها (لله
ما في السموات) (البقرة الآية 284).
وأخرج سعيد بن منصور والدارمي والبيهقي في شعب الإيمان
عن المغيرة بين سبيع وكان من أصحاب عبد الله قال : من قرأ عشر آيات من
البقرة عند منامه لم ينس القرآن ، أربع آيات من أولها
وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث من آخرها.
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره
وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة في قبره.
وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج
قال : قال لي أبي : يا بني إذا وضعتني في لحدي فقل : بسم الله وعلى ملة رسول الله
، ثم سن علي التراب سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها ، فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
وأخرج ابن النجار في تاريخه من طريق محمد بن علي المطلبي
عن خطاب بن سنان عن قيس بن الربيع عن ثابت بن ميمون عن محمد بن سيرين قال : نزلنا
يسيرى فاتانا أهل ذلك المنزل فقالوا : ارحلوا فإنه لم
ينزل عندنا هذا المنزل أحد إلا اتخذ متاعه فرحل أصحابي
وتخلفت للحديث الذي حدثني ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ في
ليلة ثلاثا وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة سبع ضار ولا لص
طار وعوفي في نفسه وأهله وماله حتى يصبح ، فلما أمسينا
حتى رأيتهم قد جاءوا أكثر من ثلاثين مرة مخترطين سيوفهم فما يصلون إلي فلما أصبحت
رحلت فلقيني شيخ منهم فقال : يا هذا إنسي أم جني قلت : بل إنسي قال : فما بالك ،
لقد أتيناك أكثر من سبعين مرة كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد ، فذكرت له
الحديث والثلاث وثلاثون آية أربع آيات من أول البقرة إلى قوله {المفلحون} وآية الكرسي
وآيتان بعدها إلى قوله (خالدون) (البقرة الآية 257) والثلاث آيات من آخر البقرة
(لله ما في السموات وما في الأرض) (البقرة الآية 284) وثلاث آيات من الأعراف (إن ربكم الله)
إلى قوله (من المحسنين) (الأعراف الآية 54 - 57) وآخر بني إسرائيل (قل ادعوا الله
أو ادعوا الرحمن) (الإسراء الآية 110) إلى آخرها وعشر آيات من أول الصافات إلى
قوله (لا زب) وآيتان من الرحمن (يا معشر الجن والإنس) إلى قوله (فلا تنتصران)
(الرحمن الآية 33 - 34) ومن
آخر الحشر (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) (الحشر الآية
21) إلى آخر السورة وآيتان من (قل أوحي إلي) إلى (وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة) إلى
قوله (شططا) (الجن الآية 1 - 4)
، فذكرت هذا
الحديث لشعيب بن حرب فقال لي : كنا نسميها آيات الحرب ويقال : إن فيها شفاء من كل
داء ، فعد علي الجنون والجذام والبرص وغير ذلك ، قال محمد بن علي : فقرأتها على
شيخ لنا قد فلج حتى أذهب اللله عنه ذلك.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : من قرأ
عشر من سورة البقرة أول النهار لا يقربه شيطان حتى يمسي وإن قرأها حين يمسي لم
يقربه حتى يصبح ولا يرى شيئا يكرهه في أهله وماله وإن قرأها على مجنون أفاق ، أربع
آيات من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث آيات من آخرها.
قوله تعالى : إن الذين كفروا سوآء عليهم أأنذرتهم أم لم
تنذرهم لا يؤمنون * ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصرهم غشاوة ولهم عذاب
عظيم
أخرج ابن جريج ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الكبير في
السنة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {إن الذين
كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} ونحو هذا من القرآن قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى فأخبره
الله أنه لايؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق
له من الله الشقاء في الذكر الأول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال قيل يا رسول
الله أنا تقرأ من القرآن فنرجو ونقرأ فنكاد نيأس فقال : ألا أخبركم عن أهل الجنة
وأهل النار قالوا : بلى يا رسول اله (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) إلى
قوله (المفلحون) هؤلاء أهل الجنة قالوا : إنا نرجو أن نكون هؤلاء ، ثم قال : {إن الذين كفروا
سواء عليهم أأنذرتهم} إلى قوله {عظيم} هؤلاء أهل النار ، قلنا لسنا هم يا رسول
الله قال : أجل
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {إن الذين كفروا} أي بما أنزل إليك وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاء من
قبلك {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} أي أنهم قد كفروا بما عندهم من
ذكرك وجحدوا ما أخذ عليهم من الميثاق لك فقد كفروا بما جاءك وبما عندهم مما جاءهم
به غيرك فكيف يسمعون منك إنذارا وتخويفا وقد كفروا بما عندهم من نعتك {ختم الله
على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} أي عن الهدى أن يصيبوه أبدا بغير ما
كذبوا به من الحق الذي جاءك من ربك حتى يؤمنوا به وأن آمنوا بكل ما كان قبلك ولهم
بما هو عليه من خلافك {عذاب عظيم} فهذا في الأحبار من يهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي
العالية في قوله {إن الذين كفروا}
قال :
نزلت هاتان الآيتان في قادة الأحزاب وهم الذين ذكرهم في
هذه الآية (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) (إبراهيم الآيه 28) قال : فهم
الذين قتلوا يوم بدر ولم يدخل من القادة أحد في
الإسلام إلا رجلان ، أبو سفيان والحكم بن أبي العاص.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله {أأنذرتهم أم لم
تنذرهم} قال : وعظتهم أم لم تعظهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {إن الذين كفروا
سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال : أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم
فختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة فهم لا يبصرون هدى ولا يسمعون
ولا يفقهون ولا يعقلون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية
قال : الختم على قلوبهم وعلى سمعهم والغشاوة على أبصارهم.
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال {ختم الله على قلوبهم
وعلى سمعهم} فلا يعقلون ولا يسمعون وجعل على أبصارهم يقول : أعينهم {غشاوة} فلا
يبصرون.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأرزق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {ختم الله على قلوبهم} قال : طبع الله عليها قال :
وهل تعرف العرب ذلك قال : أما سمعت الأعشى وهو يقول :
وصهباء طاف يهود بها * فأبرزها وعليها ختم.
وَأخرَج سعيد بن منصورعن الحسن وأبي رجاء قرأ أحدهما
{غشاوة} والآخر / {غشوة > /.
قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم
الآخر وما هم بمؤمنين.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} يعني
المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس ، أن سورة
البقرة إلى المائة منها هي رجال سماهم بأعيانهم وأنسابهم من أحبار يهود ومن المنافقين
من الأوس والخزرج.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {ومن الناس من يقول
آمنا
بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} قال : المراد بهذه
الآية المنافقون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ومن
الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر} حتى بلغ {وما كانوا مهتدين} قال : هذه في
المنافقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ومن الناس من
يقول آمنا بالله} الآية ، قال : هذا نعت المنافق نعت عبدا خائن السريرة كثير
الإخلاف يعرف بلسانه وينكر بقلبه ويصدق بلسانه ويخالف بعمله ويصبح على حال ويمسي
على غيره ويتكفأ تكفؤ السفينة كلما هبت ريح هب فيها.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن سيرين قال : لم يكن عندهم
أخوف من هذه الآية {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين}
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن عتيق قال : كان محمد
يتلو هذه الآية عند ذكر الحجاج ويقول : أنا لغير ذلك أخوف {ومن الناس من يقول آمنا
بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين}.
وأخرج ابن سعد عن أبي يحيى قال سأل رجل حذيفة وأنا عنده
فقال : وما النفاق قال : أن تتكلم باللسان ولا تعمل به ، قوله تعالى : يخادعون
الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
أخرج أحمد بن منيع في مسنده بسند ضعيف عن رجل من الصحابة
، إن قائلا من السلمين قال : يا رسول الله ما النجاة غدا قال : لا تخدع الله قال
وكيف نخادع الله قال أن تعمل بما أمرك به تريد به غيره فاتقوا الرياء فإنه الشرك
بالله فإن المرائي ينادى به يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء ، يا كافر
يا فاجر يا خاسر يا غادر ، ضل عملك وبطل أجرك فلا خلاق لك اليوم عند الله فالتمس
أجرك
ممن كنت تعمل له يا مخادع وقرأ من القرآن (فمن كان يرجو
لقاء ربه فليعمل عملا صالحا)
(الكهف الآية 110) الآية (وإن المنافقين يخادعون الله)
(النساء الآية 142) الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {يخادعون الله}
قال : يظهرون لا إله إلا الله يريدون أن يحرزوا بذلك دمائهم وأموالهم وفي أنفسهم
غير ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قوله
{يخادعون الله والذين آمنوا} قال : هؤلاء المنافقون يخادعون الله ورسوله والذين
آمنوا أنهم يؤمنون بما أظهروه ، وعن قوله {وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} قال
: ما يشعرون بأنهم ضروا أنفسهم بما أسروا من الكفر والنفاق ثم قرأ (يوم يبعثهم
الله جميعا) قال هم المنافقون حتى بلغ قوله {ويحسبون أنهم على شيء} المجادلة الآية
18.
وأخرج البيهقي في الشعب عن قيس بن سعد قال : لولا أني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم المكر والخديعة في النار لكنت أمكر
هذه الأمة.
قوله تعالى : في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب
أليم بما كانوا يكذبون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {مرض} قال : شك {فزادهم الله مرضا} أي قال : شكا.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{في قلوبهم مرض} قال : النفاق {ولهم عذاب أليم} قال : نكال موجع {بما كانوا يكذبون}
قال : يبدلون ويحرفون.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له
أخبرني عن قوله تعالى {في قلوبهم مرض} قال : النفاق قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم.
أما سمعت قول الشاعر :
أجامل أقواما حياء وقد أرى * صدروهم تغلي علي مراضها قال
: فأخبرني عن قوله {ولهم عذاب أليم} قال {الأليم} الموجع قال : وهل تعرف العرب ذلك
قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : نام من كان خليا من ألم * وبقيت الليل طولا لم
أنم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل شيء في
القرآن {أليم} فهو الموجع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال {الأليم} الموجع
في القرآن كله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{مرض} قال : ريبة وشك في أمر الله {فزادهم الله مرضا} قال : ريبة وشكا {ولهم عذاب
أليم بما كانوا يكذبون} قال : إياكم والكذب فإنه من باب النفاق وإنا والله ما رأينا
عملا قط أسرع في فساد قلب عبد من كبر أو كذب
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {في قلوبهم مرض} قال
: هذا مرض في الدين وليس مرضا في الأجساد ، وهم المنافقون والمرض الشك الذي دخل في
الإسلام.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {في قلوبهم مرض} قال :
هؤلاء أهل النفاق ، والمرض في قلبوهم الشك في أمر الله عز وجل {فزادهم الله مرضا}
قال : شكا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : العذاب الأليم ، هم
الموجع وكل شيء في القرآن من {الأليم} فهو الموجع.
قوله تعالى : وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا
إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون.
أخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {وإذا قيل لهم لا
تفسدوا في الأرض} قال : الفساد هو الكفر والعمل بالمعصية
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {وإذا قيل لهم لا
تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} قال : إذا ركبوا معصية فقيل لهم
لا تفعلوا كذا قالوا إنما نحن على الهدى.
وأخرج ابن اسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {إنما نحن مصلحون} أي إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين
وأهل الكتاب.
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عباد بن
عبد الله الأسدي قال : قرأ سلمان هذه الآية {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا
إنما نحن مصلحون} قال : لم يجيء أهل هذه الآية بعد.
قوله تعالى : وإذا قيل لهم آمنوا كما أمن الناس قالوا
أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس} قال : صدقوا كما صدق أصحاب محمد أنه نبي ورسول
وأن ما أنزل عليه حق {قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء} يعنون أصحاب محمد {ألا إنهم هم
السفهاء} يقول : الجهال (ولكن لا يعلمون) يقول : لا يعقلون
وأخرج ابن عساكر في تاريخه بسند واه عن ابن عباس في قوله
آمنوا كما من الناس قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {كما آمن السفهاء}
قال : يعنون أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عن الربيع ، وَابن زيد مثله.
قوله تعالى : وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذا
خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون * الله يستهزى ء بهم ويمدهم
في طغيانهم يعمهون
أخرج الواحدي والثعلبي بسنده عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية
في عبد الله بن أبي وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول
الله فقال عبد الله بن أبي : انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم فذهب فأخذ بيد أبي
بكر فقال : مرحبا بالصديق سيد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار
الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذ بيد عمر فقال : مرحبا
بسيد عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ثم أخذ بيد علي وقال
:
مرحبا بابن عم رسول الله وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت
فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيرا ، فرجع المسلمون إلى النَّبِيّ
وأخبروه بذلك فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{وإذا لقوا الذين آمنوا} الآية ، قال
: كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النَّبِيّ أو بعضهم
قالوا : أنا على دينكم {وإذا خلوا إلى شياطينهم} وهم إخوانهم {قالوا إنا معكم} أي
على مثل ما أنتم عليه {إنما نحن مستهزؤون} قال : ساخرون بأصحاب محمد {الله يستهزئ
بهم} قال : يسخر بهم للنقمة منهم {ويمدهم في طغيانهم} قال : في كفرهم {يعمهون} قال
يترددون.
وأخرج البيهقي في الأسماء عن ابن عباس في قوله {وإذا
لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} وهم منافقو أهل الكتاب فذكرهم وذكر استهزاءهم وأنهم
{وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} على دينكم {إنما
نحن مستهزؤون} بأصحاب محمد ، يقول الله {الله يستهزئ
بهم} في الآخرة يفتح لهم بابا في جهنم من الجنة ثم يقال لهم : تعالوا فيقبلون
يسبحون في النار والمؤمنون على الأرائك وهي السرر في الحجال ينظرون إليهم فإذا
انتهوا إلى الباب سد عنهم فضحك المؤمنون منهم فذلك قول الله {الله يستهزئ بهم} في
الآخرة ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب ، فذلك قوله (فاليوم ذالذين
آمنوا من الكفار يضحكون) (المطففون الآية 34).
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} أي صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم
خاصة {وإذا خلوا إلى شياطينهم} من يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب {قالوا إنا معكم}
أي إنا على مثل ما أنتم عليه {إنما نحن مستهزؤون} أي إنما نحن مستهزئون بالقوم
ونلعب بهم
وأخرج ابن الأنباري عن اليماني أنه قرأ / {وإذا لاقوا
الذين آمنوا > /.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وإذا خلوا} قال
: مضوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {وإذا خلوا إلى
شياطينهم} قال : رؤوسهم في الكفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{وإذا خلوا إلى شياطينهم} قال : أصحابهم من المنافقين والمشركين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وإذا خلوا إلى شياطينهم} قال : إلى إخوانهم من المشركين ورؤوسهم وقادتهم في الشر {قالوا
إنا معكم إنما نحن مستهزؤون} يقولون : إنما نسخر من هؤلاء القوم ونستهزى ء بهم
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله {الله يستهزئ بهم}
قال : يقال : لأهل النار وهم في النار اخرجوا وتفتح لهم أبواب النار فإذا رأوها قد
فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك فإذا انتهوا
إلى أبوابها غلقت دونهم ، فذلك قوله {الله يستهزئ بهم} ويضحك عليهم المؤمنون حين
غلقت دونهم ، ذلك قوله فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون)
(المطففون الآية 34 - 35) الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود ي قوله {ويمدهم} قال : يملي
لهم {في طغيانهم يعمهون} قال : في كفرهم يتمادون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {يعمهون} قال : يتمادون.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له
أخبرني عن قوله عز وجل {يعمهون} قال : يلعبون ويترددون ، قال : وهل تعرف العرب ذلك
قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
أراني قد عمهت وشاب رأسي * وهذا اللعب شين بالكبير.
وَأخرَج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ويمدهم} قال : يزيدهم {في طغيانهم
يعمهون} قال : يلعبون ويترددون في الضلالة.
قوله تعالى : آولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما
ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال : الكفر بالإيمان.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {اشتروا الضلالة
بالهدى} قال : أخذوا الضلالة تركوا الهدى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال : آمنوا ثم كفروا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال :
استحبوا الضلال على الهدى {فما ربحت تجارتهم} قال : قد والله رأيتم
خرجوا من الهدى إلى الضلالة ومن الجماعة إلى الفرقة ومن
الأمن إلى الخوف ومن السنة إلى البدعة.
قوله تعالى : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما
حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون * صم بكم عمي فهم لا يرجعون * أو
كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر
الموت والله محيط بالكافرين * يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه
وإذا أظلم عليهم قاموا ولوشاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والصابوني في المائتين عن ابن عباس في قوله {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا} الآية ،
قال : هذا ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحم المسلمون ويوارثوهم
ويقاسمونهم الفيء ، فلما ماتوا سلبم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه {وتركهم في
ظلمات} يقول في عذاب {صم بكم عمي} لا يسمعون الهدى ولايبصرونه ولا يعقلونه {أو
كصيب} هو المطر ، ضرب مثله في القرآن {فيه ظلمات} يقول : ابتلاء {ورعد وبرق} تخويف
{يكاد البرق يخطف أبصارهم} يقول : يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين {كلما
أضاء لهم مشوا فيه} يقول : كلما أصاب المنافقون من الإسلام اطمأنوا فإن أصاب
الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله (ومن الناس من يعبد الله على حرف) (الحج الآية 11)
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{مثلهم كمثل الذي استوقد نارا} الآية ، قال : إن ناس دخلوا في الإسلام مقدم
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة ثم نافقوا فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة
فأوقدا نارا {أضاءت ما حوله} من قذى أو أذى فأبصره حتى عرف ما يتقى ، فبينا هو
كذلك إذ طفئت ناره فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك
فأسلم فعرف الحلال من الحرام والخير من الشر بينا هو كذلك إذ كفر فصار لايعرف
الحلال من الحرام ولا الخير من الشر فهم {صم بكم} فهم الخرس {فهم لا يرجعون} إلى
الإسلام ، وفي قوله {أو كصيب} الآية ، قال : كان رجلان من المنافقين من أهل
المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله ، فيه
رعد شديد وصواعق وبرق فجعلا كلما أصابتهما الصواعق يجعلان أصابعهما في آذانهما من
الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه وإذا لم
يلمع لم يبصرا ، قاما مكانهما لا يمشيان فجعلا يقولان ، ليتنا قد أصبحنا فنأتي
محمد فنضع أيدينا في يده
فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما
، فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة وكان
المنافقون إذا حضروا مجلس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم
فرقا من كلام
النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل فيهم شيء أو يذكر بشيء
فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما {كلما أضاء
لهم مشوا فيه} فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة وفتحا {مشوا فيه} وقالوا :
إن دين محمد حينئذ صدق : واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء
بهما البرق {وإذا أظلم عليهم قاموا}
فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا
هذا من أجل دين محمد وارتدوا كفارا كما كان ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {كمثل الذي استوقد}
قال :
ضربه الله مثلا للمنافق ، وقوله {ذهب الله بنورهم} أما
{النور} فهو إيمانهم الذي يتكلمون به وأما الظلمة فهي ضلالهم وكفرهم ، وفي قوله
{أو كصيب} الآية ، قال الصيب المطر ، وهو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من
كتاب الله وعمل مراءاة للناس فإذا خلا وحده عمل بغيره فهو في ظلمة ما أقام على ذلك
وأما {الظلمات} فالضلالة وأما {البرق} فالإيمان ، وهم أهل الكتاب {وإذا أظلم
عليهم} فهو رجل يأخذ بطرف الحق لا يستطيع أن يجاوزه.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {مثلهم} الآية ، قال : ضرب الله مثلا للمنافقين يبصرون الحق ويقولون به
حتى إذا خرجوا من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم ونفاقهم فتركهم في ظلمات الكفر لا
يبصرون هدى ولا يستقيمون على حق {صم بكم عمي} عن الخير {فهم لا يرجعون} إلى هدى
ولا إلى خير ، وفي قوله {أو كصيب} الآية ، يقول : هم من ظلمات ماهم فيه من الكفر
والحذر من القتل على الذي هم عليه من الخلاف والتخويف منكم على مثل ما وصف من
الذي هم في ظلمة الصيب فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق
{حذر الموت والله محيط بالكافرين} منزل ذلك بهم من النقمة {يكاد البرق يخطف
أبصارهم} أي لشدة ضوء الحق {كلما أضاء لهم مشوا فيه} أي يعرفون الحق ويتكلمون به
فهم من قولهم به على استقامة فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر {قاموا} أي متحيرين {ولو
شاء الله لذهب بسمعهم} أي لما سمعوا تركوا من الحق بعد معرفته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{مثلهم كمثل الذي استوقد نارا}
قال :
أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى وذهاب
نورهم إقبالهم إلى الكافرين والضلالة وإضاءة البرق على نحو المثل {والله محيط
بالكافرين} قال : جامعهم في جهنم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{مثلهم كمثل الذي استوقد نارا} قال : هذا مثل ضربه الله للمنافقين ، إن المنافق
تكلم بلا إله إلا الله فناكح بها المسلمين ووارث بها المسلمين وغازى بها
المسلمين وحقن بها دمه وماله ، فلما كان عند الموت لم
يكن لها أصل في قلبه ولا حقيقة في عمله فسلبها المنافق عند الموت فترك في ظلمات
وعمى يتسكع فيها ، كما كان أعمى في الدنيا عن حق الله وطاعته صم عن الحق فلا
يبصرونه {فهم لا يرجعون} عن ضلالتهم ولا يتوبون ولا يتذكرون {أو كصيب من السماء فيه
ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت} قال : هذا مثل
ضربه الله للمنافق لجنبه لا يسمع صوتا إلا ظن أنه قد أتي ولا يسمع صياحا إلا ظن
أنه قد أتي ولا يسمع صياحا إلا ظن أنه ميت ، أجبن قوم وأخذله للحق ، وقال الله في
آية أخرى (يحسبون كل صيحة عليهم) (المنافقون الآية 4) {يكاد البرق يخطف أبصارهم}
الآية ، قال {البرق} هو الإسلام والظلمة هو البلاء والفتنة ، فإذا رأى المنافق من
الإسلام طمأنينة وعافية ورخاء وسلوة من عيش {قالوا إنا معكم} ومنكم وإذا رأى من
الإسلام شدة وبلاء فقحقح عند الشدة
فلا يصبر لبلائها ولم يحتسب أجرها ولم يرج عاقبتها ،
إنما هو صاحب دنيا لها يغضب ولها يرضى وو كما هو نعته الله.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى في مسنده ،
وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة من طرق عن ابن
عباس في قوله {أو كصيب من السماء} قال : المطر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد والربيع وعطاء ، مثله.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال إنما الصيب من ههنا ، وأشار بيده إلى السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {يكاد البرق}
قال : يلتمع {يخطف أبصارهم} ولما يخطف ، وكل شيء في
القرآن يكاد وأكاد وكادوا فإنه لا يكون أبدا
وأخرج وكيع عن المبارك بن فضالة قال : سمعت الحسين
يقرؤها {يكاد البرق يخطف أبصارهم}.
قوله تعالى : يا آيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم
والذين من قبلكم لعلكم تتقون.
أخرج البزار والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن ابن مسعود قال : ما كان (يا آيها الذين آمنوا) أنزل بالمدينة وما كان {يا أيها
الناس} فبمكة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد
والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قرأنا المفصل ونحن بمكة
حجيجا ليس فيها (يا أيها الذين آمنوا).
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن الضريس ، وَابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن علقمة قال : كل شيء
في القرآن {يا أيها الناس} فهو مكي وكل شيء في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) فإنه
مدني
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن مردويه ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر عن الضحاك مثله.
وأخرج أبو عبيد عن ميمون بن مهران قال : ماكان في القرآن
{يا أيها الناس} ويابني آدم فإنه مكي وما كان (ياأيها الذين آمنوا) فإنه مدني.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن مردويه عن عروه قال : ماكان
(ياأيها الناس) بمكه وماكان (ياأيها الذين آمنوا) بالمدينه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن مردويه عن عروة قال : ما كان
من حج أو فريضة فإنه نزل بالمدينة أو حد أو جهاد فإنه نزل بالمدينة ، وما كان من
ذكر الأمم والقرون وضرب الأمثال فإنه نزل بمكة.
وأخرج ابن أي شيبة عن عكرمة قال : كل سورة فيها (يا أيها
الذين آمنوا) فهي مدنية
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس فيقوله {يا أيها الناس} فهي للفريقين جميعا من الكفار والمؤمنين {اعبدوا} قال
: وحدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {الذي خلقكم والذين
من قبلكم} يقول : خلقكم وخلق الذين من قبلكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قوله {لعلكم} يعني كي
غير آية في الشعراء (لعلكم تخلدون) (الشعراء 129) يعني كأنكم تخلدون.
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن عون بن عبد الله بن
غنية قال {لعل} من الله واجب.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ
عن مجاهد في قوله {لعلكم تتقون} قال : تطعيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لعلكم تتقون} قال
: تتقون النار.
قوله تعالى : الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء
وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم
تعلمون
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من
الصحابة في قوله {الذي جعل لكم الأرض فراشا} قال : هي فراش يمشي عليها وهي المهاد
والقرار {والسماء بناء} قال بنى السماء على الأرض كهيئة القبة وهي سقف على الأرض.
وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جبير بن مطعم قال جاء أعرابي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال
وهلكت المواشي ، استسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله ، فقال
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سبحان الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه
فقال : ويحك أتدري ما الله إن شأنه أعظم من ذاك وإنه لا يستشفع به على أحد وإنه
لفوق
سمواته على عرشه وعرشه على
سمواته وسمواته على أرضيه هكذا - وقال بأصابعه مثل القبة
- وإنه لئط به أطيط الرحل بالراكب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن إياس بن
معاوية قال : السماء مقببة على الأرض مثل القبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال :
شيء من أطراف السماء محدق بالأرضين والبحار كأطراف الفسطاط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي برة قال : ليست
السماء مربعة ولكنها مقببة يراها الناس خضراء
أما قوله تعالى {وأنزل من السماء ماء فأخرج به من
الثمرات رزقا لكم}.
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن ، أنه سئل المطر من
السماء أم من السحاب قال : من السماء إنما السحاب علم ينزل عليه الماء من السماء.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال : لا أدري المطر أنزل قطرة
من السماء في السحاب أم خلق في السحاب فأمطر.
وَأخرَج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال : السحاب
غربال المطر ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض
والبذر ينزل من السماء.
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال :
المطر ماء يخرج من تحت العرش فينزل من سماء إلى سماء حيث يجمع في السماء
الدنيا فيجتمع في موضع يقال له الإيرم فتجيء السحاب
السود فتدخله فتشربه مثل شرب الاسفنجة فيسوقها الله حيث يشاء.
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : ينزل
الماء من السماء السابعة فتقع القطرة منه على السحابة مثل البعير.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن يزيد قال :
المطر منه من السماء ومنه ماء يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرعد والبرق ، فأما ما
كان من البحر فلا يكون له نبات وأما النبات فما كان من السماء.
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : ما أنزل
الله من السماء قطرة إلا أنبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المطر عن ابن عباس قال :
إذا جاء القطر من السحاب تفتحت له الأصداف فكان لؤلؤا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : يخلق الله اللؤلؤ في
الأصداف من المطر تفتح الأصداف أفواهها عند المطر فاللؤلؤة العظيمة من القطرة
العظيمة واللؤلؤة الصغيرة من القطرة الصغيرة.
وأخرج الشافعي في الأم ، وَابن أبي الدنيا في كتاب المطر
عن المطلب بن حنطب ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من ساعة من ليل ولا
نهار إلا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : ما
نزل مطر من السماء إلا ومعه البذر ، أما أنكم لوبسطتم نطعا لرأيتموه.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال :
المطر مزاجه من الجنة فإذا عظم المزاج عظمت البركة وإن قل المطر وإذا قل المزاج
قلت البركة وإن كثر المطر
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : ما من عام بأمطر من عام
ولكن الله يصرفه حيث يشاء وينزل مع المطر كذا وكذا من الملائكة ويكتبون حيث يقع
ذلك المطر ومن يرزقه وما يخرج منه مع كل قطرة ، أما قوله تعالى : {فلا تجعلوا لله
أندادا وأنتم تعلمون}.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس {فلا تجعلوا لله أندادا} أي لا تشركوا به غيره من الأنداد التي لا تضر ولا
تنفع {وأنتم تعلمون} أنه لا رب لكم يرزقكم غيره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الأنداد هو الشرك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
الأنداد قال : أشباها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {فلا تجعلوا لله
أندادا} قال : أكفاء من الرجال تطعيونهم في معصية الله
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له :
أخبرني عن قول الله عز وجل {أندادا} قال : الأشباه والأمثال قال : وهل تعرف العرب
ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد
:
أحمد الله فلا ند له * بيديه الخير ما شاء فعل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أندادا} قال :
شركاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عوف بن عبد الله قال خرج
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المدينة فسمع مناديا ينادي للصلاة فقال :
الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على الفطرة فقال : أشهد
أن لا إله إلا الله فقال : خلع الأنداد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد
والنسائي ، وَابن ماجه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس
قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت فقال : جعلتني لله ندا
ما شاء الله وحده
وأخرج ابن سعد عن قتيلة بنت صيفي قال جاء حبر من الأحبار
إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون
قال : وكيف قال : يقول أحدكم : لا والكعبة ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
: إنه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة فقال : يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم {وتجعلون له
أندادا} قال : وكيف ذلك قال : يقول أحدكم ما شاء الله وشئت ، فقال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم للحبر : أنه قد قال فمن قال منكم فليقل ما شاء ثم شئت.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه والبيهقي عن طفيل بن سخبرة أنه
رأ ى فيما يرى النائم كأنه مر برط من اليهود فقال : أنتم نعم القوم لولا أنكم تزعمون أن
عزيرا ابن الله فقالوا : وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد ،
ثم مر برهط من النصارى فقال : أنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله
قالوا : وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد ، فلما أصبح أخبر
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخطب فقال : إن طفيلا رأى رؤيا وأنكم تقولون كلمة
كان يمنعني الحياء منكم فلا تقولوها ولكن قولوا : ما شاء الله وحده لا شريك له
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن
ماجه والبيهقي عن حذيفة ابن اليمان عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا
ما شاء الله وشاء فلان ، قولوا : ما شاء الله ثم شاء فلان.
وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله فلا تجعلوا لله
أندادا أي عدلاء {وأنتم تعلمون} قال : إن الله خلقكم
وخلق السموات والأرض.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد
في قوله {فلا تجعلوا لله أندادا} أي عدلاء {وأنتم تعلمون} قال تعلمون أنه إله واحد
في التوراة والانجيل لا ند له.
قوله تعالى : وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا
بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن
تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الدلائل
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا أعطي
ما مثله
آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله
إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وإن كنتم في ريب}
الآيه قال : هذا قول الله لمن شك من الكفار في ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإن كنتم في ريب} قال : في شك {مما نزلنا على
عبدنا فأتوا بسورة من مثله} قال : من مثل هذا القرآن حقا وصدقا لا باطل فيه ولا
كذب.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جريروابن أبي حاتم
عن ابن عباس في قوله {فأتوا بسورة من مثله} قال : مثل القرآن {وادعوا شهداءكم من دون
الله} قال : ناس يشهدون لكم إذا أتيتم بها أنه مثله
وأخرج ابن جرير ، وَابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {وادعوا شهداءكم} قال : أعوانكم على ما أنتم عليه {فإن لم تفعلوا ولن
تفعلوا} فقد بين لكم الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريج عن قتادة {فإن لم
تفعلوا ولن تفعلوا} يقول : لن تقدروا على ذلك ولن تطيقوه ، أما قوله تعالى :
{فاتقوا النار}.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مسعود قال : إذا مر
أحدكم في الصلاة بذكر النار فلسيتعذ بالله من النار وإذا مر أحدكم بذكر الجنة
فليسأل الله الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود ، وَابن ماجه عن أبي ليلى
قال صليت إلى جنب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فمر بآية فقال : أعوذ بالله من
النار ويل لأهل النار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال سمعت
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر
يقول : أنذركم النار أنذركم النار حتى سقط أحد عطفي
ردائه على منكبيه.
وَأَمَّا قوله تعالى {التي وقودها الناس والحجارة}.
أخرج عَبد بن حُمَيد من طريق طلحة عن مجاهد ، أنه كان
يقرأ كل شيء في القرآن {وقودها} برفع الواو الأولى إلا التي في والسماء ذات البروج
(النار ذات الوقود) (البروج الآية 5) بنصب الواو.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وهناد بن
السري في كتاب الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن
الحجارة التي ذكرها الله في القرآن في قوله {وقودها الناس والحجارة} حجارة من
كبريت خلقها الله عنده كيف شاء.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هي حجارة في
النار من
كبريت أسود يعذبون به مع النار.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون قال : هي حجارة من
كبريت خلقها الله يوم خلق السموات والأرض في السماء الدنيا فأعدها للكافرين.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال تلا
رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وقودها الناس والحجارة} فقال : أوقد
عليها ألف عام حتى احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة
لا يطفأ لهبها.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي في
الشعب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوقدت النار ألف سنة
حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها
ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة.
وأخرج أحمد ومالك والبخاري ومسلم والبيهقي في البعث عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نار بني آدم التي توقدون جزء من
سبعين جزء من نار جهنم
فقالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية قال : فإنها فضلت
عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها.
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في البعث عن أبي هريرة
قال : أترونها حمراء مثل ناركم هذه التي توقدون إنها لأشد سوادا من القار.
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي سعيد عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لكل جزء منها حرها.
وأخرج ابن ماجه والحاكم وصححه عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لولا أنها
أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم منها بشيء وإنها لتدعو
الله أن لا يعيدها فيها.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : إن ناركم هذه
جزء من سبعين جزءا من تلك النار ولولا أنها ضربت في البحر مرتين ما امنتفعتم منها
بشيء.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ضربت بماء البحر مرتين
ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : إن ناركم هذه تعوذ من
نار جهنم.
وَأَمَّا قوله تعالى : {أعدت للكافرين}
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {أعدت للكافرين} قال : أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر.
قوله تعالى : وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات أن لهم
جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من
قبل وأتوابه متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون.
أخرج ابن ماجه ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة ة البزار
، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان ، وَابن أبي داود والبيهقي كلاهما في البعث وأبو
الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن أسامة ابن زيد قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ألا هل مشمر للجنة فإن للجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ
وريحانة تزهر وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة
وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في فاكهة دار
سليمة وفاكهة خضرة وخيرة ونعمة في محلة عالية بهية قالوا : نعم يا رسول الله قال :
قولوا إن
شاء الله قال القوم : إن شاء الله.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والترمذي ، وَابن
حبان في صحيحه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قلنا يا رسول الله حدثنا عن
الجنة ما بناؤها قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة وحصاؤها الؤلؤ والياقوت وملاطها
المسك وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لا ييأس ويخلد لا يموت ، لا تبلى ثيابه ولا
يفنى شبابه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا والطبراني ،
وَابن مردويه عن ابن عمر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة كيف هي
قال من يدخل الجنة يحيا لا يموت وينعم لا ييأس ، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ،
قيل يا رسول الله كيف بناؤها قال : لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها مسك أذفر
وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران
أخرج البزار والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال إن حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ومجامرهم
الألوه وأمشاطهم الذهب ترابها زعفران وطيبها مسك.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن أبي الدنيا في صفة
الجنة عن أبي هريرة قال : حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ودرمها اللؤلؤ والياقوت
ورضاضها اللؤلؤ وترابها الزعفران.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال أرض الجنة بيضاء عرصتها صخور الكافور وقد أحاط به المسك مثل
كثبان الرمل
فيها أنهار مطردة ، فيجتمع أهل الجنة أولهم وآخرهم
يتعارفون فيبعث الله عليهم ريح الرحمة فتهيج عليهم المسك فيرجع الرجل إلى زوجه وقد
ازداد حسنا وطيبا فتقول : لقد خرجت من عندي وأنا بك معجبة وأنا بك الآن أشد إعجابا.
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير قال : أرض الجنة فضة.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في
البعث عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أحاط
حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من
فضة ثم شقق فيها الأنهار وغرس فيها الأشجار فلما نظرت
الملائكة إلى حسنها وزهرتها قالت : طوباك منازل الملوك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي سعيد ، أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سأله ابن صائد عن تربة الجنة فقال درمكة بيضاء مسك
خالص.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة
عن
أبي زميل ، أنه سأل ابن عباس ما أرض الجنة قال : مرمرة
بيضاء من فضة كانها مرآة قال : ما نورها قال : ما رأيت الساعة التي يكون فيها طلوع
الشمس فذلك نورها إلا أنه ليس فيها شمس ولا زمهرير قال : فما أنهارها أفي أخدود
قال : لا ولكنها نقيض على وجه الأرض لاتفيض ههنا ولا ههنا قال : فمن حللها قال : فيها الشجر
الثمر كأنه الرمان فإذا أراد ولي الله منها كسوة انحدرت إليه من أغصانها فانفلقت
له من سبعين حلة ألوانا بعد ألوان ثم لتطبق فترجع كما كانت.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم خلق الله جنة عدن بيده وذلل فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر
إليها فقال لها تكلمي فقالت (قد أفلح المؤمنون) (المؤمنون الآية 1) فقال وعزتي
وجلالي لا يجاورني فيك بخيل
وأخرج البزار عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال إن الله خلق جنة عدن بيضاء.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن ماجه عن سهل
بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع سوط في الجنة خير من
الدنيا وما فيها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول
صلى الله عليه وسلم الله لقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري في الزهد ، وَابن
ماجه عن أبي سعيد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الشبر في الجنة خير من
الدنيا وما فيها.
وأخرج الترمذي ، وَابن أبي الدنيا عن سعد بن أبي وقاص عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرفت له مابين
خوافق السموات والأرض ولو أن رجلا من أهل الجنه اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس
كما تطمس الشمس ضوء النجوم.
وأخرج البخاري عن أنس قال : أصيب حارثة يوم بدر فجاءت
أمه فقالت : يا رسول الله قد علمت منزلة حارثة مني فإن يكن في الجنة صبرت وإن يكن
غير ذلك ترى ما أصنع فقال إنها ليست بجنة واحدة إنها جنان كثيرة وإنه في الفردوس
الأعلى.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل إلا إن سلعة
الله غالية.
وأخرج الحاكم عن أبي كعب قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل ، إلا إن سلعة الله غالية إلا أن سلعة
الله الجنة
جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : والذي أنزل
الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم إن أهل الجنة ليزدادون حسنا وجمالا كما
يزدادون في الدنيا قباحة وهرما ، أما قوله تعالى : {تجري من تحتها الأنهار}.
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني والحاكم ، وَابن
مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنهار الجنة تفجر من تحت جبال مسك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان
في التفسير والبيهقي في البعث وصحه عن ابن مسعود قال : إن أنهار
الجنة تفجر من جبل مسك.
وأخرج أحمد مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال : إن
في الجنة نهرا يقال له البيدخ عليه قباب من ياقوت تحته جوار نابتات يقول : أهل
الجنة انطلقوا بنا إلى البيدخ فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري فإذا أعجب رجل منهم
بجارية مس معصمها فتبعته وتنبت مكانها أخرى.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والنسائي وأبو
يعلى والبيهقي في الدلائل والضياء المقدسي في صفة الجنة وصححه عن أنس قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم تعجبه
الرؤيا الحسنة فجاءت إمراءة فقالت : يا رسول الله رأيت
في المنام كأني أخرجت فأدخلت الجنة فسمعت وجبة التجت لها الجنة فإذا أنا بفلان
وفلان حتى عدت اثني عشر
رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك
فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ فغمسوا
فيه فخرجوا وحوهم كالقمر ليلة البدر وأتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها وجيء بصحفة
من ذهب فيها بسرة فأكلوا من بسره ما شاؤا فما يقبلونها لوجهة إلا أكلوا من فاكهة
ما شاؤا فجاء البشير فقال : يا رسول الله كان كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان حتى عد
اثني عشر رجلا فقال : علي بالمرأة فجاءت فقال : قصي رؤياك على هذا فقال الرجل : هو
كما قالت أصيب فلان وفلان.
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : إن في الجنة
نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق
حتى ما يرون أن في الجنة لذة مثلها ، قلنا : يا أبا هريرة
وما ذاك الغناء قال : إن شاء الله التسبيح والتحميد
والتقديس وثناء على الرب.
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والدارقطني في المديح عن
المعتمر بن سليمان قال : إن في الجنة نهرا ينبت الحواري الأبكار.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس مرفوعا في الجنة نهر
يقال له الريان عليه مدينة من مرجان لها سبعون ألف باب من ذهب وفضة لحامل القرآن.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة وهناد ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن مسروق قال : أنهار الجنة
تجري في غير أخدود ونخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها أمثال القلال كلما
نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى والعنقود اثنا عشر ذراعا.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والضياء المقدسي كلاهما في
صفة الجنة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلكم تظنون أن أنهار الجنة
أخدود في الأرض لا ، والله إنها لسائحة على وجه الأرض افتاه خيام
اللؤلؤ وطينها المسك الأذفر ، قلت : يا رسول الله ما
الأذفر قال : الذي لا خلط معه.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن مردويه والضياء عن أبي
موسى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن أنهار الجنة تشخب من جنة عدن في حوبة
ثم تصدع بعد أنهارا.
وأما قوله تعالى {كلما رزقوا منها} الآية.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا} قال : أتوا بالثمره في الجنة فينظروا إليها فقالوا
{هذا الذي رزقنا من قبل} في الدنيا وأتوا به متشابها اللون والمرأى وليس يشبه
الطعم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علي بن زيد {كلما رزقوا منها من
ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل} يعني به ما رزقوا به من فاكهة
الدنيا قبل الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن جَرِير ،
وَابن الأنباري في كتاب الأضداد عن قتادة في قوله {هذا الذي رزقنا من قبل} أي في
الدنيا {وأتوا به متشابها} قال : يشبه ثمار الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب.
وأخرج مسدد وهناد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال : ليس في الدنيا مما
في الجنة شيءإلا الأسماء.
وأخرج الديلمي عن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : في طعام العرس مثقال من ريح الجنة
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في قوله {هذا الذي رزقنا
من قبل} قال : قولهم من قبل معناه ، مثل الذي كان بالأمس.
وأخرج ابن جرير عن يحيى بن كثير قال : يؤتى أحدهم
بالصحفة فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول : هذا الذي أتينا به من قبل فيقول الملك :
كل اللون واحد والطعم مختلف.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير عن مجاهد في قوله {وأتوا به متشابها} قال : متشابها في اللون مختلفا في
الطعم ، مثل الخيار من القثاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وأتوا به متشابها} قال : خيارا كله لا رذل فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله
{وأتوا به متشابها} قال : خيار كله يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه
ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه.
وأخرج البزار والطبراني عن ثوبان ، أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لاينزع رجل من أهل الجنة من ثمره إلا أعيد في مكانها
مثلاها.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن حيوة عن خالد بن
يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان قال : بينا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان
وقسيسين وأساقفة فسلمت فردوا السلام فقلت : أين تريدون فقالوا : نريد راهبا في هذا
الدير نأتيه في كل عام فيخبرنا بما يكون في ذلك العام لمثله من قابل فقلت : لآتين
هذا الراهب فلأنظرن ما عنده - وكنت معنيا بالكتب - فأتيته وهوعلى باب ديره فسلمت
فرد السلام ثم قال : ممن أنت فقلت : من المسلمين قال : أمن أمة محمد فقلت : نعم ،
فقال : من علمائهم أنت أم من جهالهم قلت : ما أنا من علمائهم ولا من
جهالهم قال : فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من
طعامها وتشربون من شرابها ولا تبولوا ولا تتغوطون قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك قال
: فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني ماهو قلت : مثله كمثل الجنين في بطن أمه إنه يأتيه
رزق الله ولا يبول ولا يتغوط ، قال : فتربد وجهه ثم قال لي : أما أخبرتني أنك لست
من علمائهم قلت : ما كذبتك قال : فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من
طعامها وتشربون من شرابها ولا ينقص ذلك منها شيئا قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك قال
: فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو قلت : مثله في الدنيا كمثل الحكمة لو تعلم
منها الخلق أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئا فتربد وجهه ثم قال : أما أخبرتني أنك لست
من علمائهم قلت : وما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم.
وأخرج الحاكم ، وَابن مردويه وصححه عن أبي سعيد الخدري
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال : من الحيض
والغائط والنخامة والبزاق
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن ابن
عباس في قوله {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال : من القذر والأذى.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {ولهم فيها أزواج
مطهرة} قال : لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخمن.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد في الزهد ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال : من الحيض
والغائط والبول والمخاط والنخامة والبزاق والمني والولد.
وأخرج وكيع وهناد عن عطاء في قوله {ولهم فيها أزواج
مطهرة} قال : لا يحضن ولايمنين ولايلدن ولايتغوطن ولايبلن ولايبزقن.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة في قوله {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال : طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر
ومآثم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجه
والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة
تلج الجنة
صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لايبصقون فيها
ولايتمخطون ولايتغوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم من الألوة ورضخهم
المسك ولكل واحد مهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لااختلاف بينهم
ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة وعشيا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والبيهقي في
البعث عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة تدخل
الجنة وجوههم كالقمر ليلة البدر ، والزمرة الثانية أحسن كوكب دري في السماء لكل
إمرى ء زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقهن من وراء الحلل.
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم
واثنتان وسبعون زوجة ومنصب له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد كما بين الجابية وصنعاء.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيقهي في النعت عن أبي
هريرة أنهم تذاكروا الرجال أكثر في الجنة أم النساء فقال : ألم يقل رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما في الجنة أحد إلا له زوجتان ، إنه ليرى مخ ساقهما من وراء سبعين
حلة ما فيها عزب.
وأخرج الترمذي وصححه والبزار عن أنس عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال يزوج العبد في الجنة سبعين زوجة فقيل : يارسول الله يطيقها قال : يعطى قوة
مائة.
وأخرج ابن السكن في المعرفة ، وَابن عساكر في تاريخه عن
حاطب بن أبي بلتعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول يزوج المؤمن في الجنة اثنتين وسبعين زوجة من نساء الآخرة واثنتين من نساء
الدنيا.
وأخرج ابن ماجه ، وَابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث
عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يدخله
الله الجنة إلا زوجه اثنتين وسبعين زوجة ، اثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه
من أهل الجنة ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي وله ذكر لا ينثني.
وأخرج أحمد عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إن أدنى أهل الجنة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة
وإن له لثلثمائة خادم ويغدى عليه كل يوم ويراح بثلثمائة صحفة من ذهب في كل صحفة
لون ليس في الأخرى وأنه ليلذ أوله كما يلذ آخره وأنه ليقول : يا رب لو أذنت لي
لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء وإن له من الحور العين لاثنتين
وسبعين زوجة وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدتها قدر ميل
من الأرض.
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي عبد الله بن أبي أوفى قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوج كل رجل من أهل الجنة بأربعة آلاف بكر
وثمانية آلاف أيم ومائة حوراء ، فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات حسان لم
يسمع الخلائق بمثلهن : نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلانبأس ونحن الراضيات
فلا نسخط ونحن المقيمات فلا نظعن طوبى لمن كان لنا وكنا له.
وأخرج أحمد والبخاري عن أنس ، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس
أحدكم في
الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من نساء أهل
الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها على رأسها
- يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس ، لو أن
امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر كانت تلك الأبحر أحلى من العسل.
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب ، سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت الأرض
ريح مسك.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري عن كعب قال : لو أن
امرأة من أهل
الجنة اطلعت كفها لأضاء ما بين السماء والأرض
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري في الزهد
والنسائي ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم قال : جاء
رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا القاسم تزعم أن
أهل الجنة يأكلون ويشربون فقال : والذي نفسي بيده إن الرجل ليؤتى قوة مائة رجل
منكم ، في الأكل والشرب والجماع والشهوة قال : فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة
والجنة طاهرة ليس فيها قذر ولا أذى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حاجتهم عرق يفيض
مثل ريح مسك فإذا كان ذلك ضمر له بطنه.
وأخرج أبو يعلى والطبراني ، وَابن عدي في الكامل
والبيهقي في البعث عن أبي أمامة إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل
تتناكح أهل الجنة فقال : دحاما دحاما ، لا مني ولا منية
وأخرج البزار والطبراني والخطيب والبغدادي في تاريخه عن
أبي هريرة قال قيل يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة فقال : إن الرجل ليصل
في اليوم إلى مائة عذراء.
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال قيل
يا رسول الله أنفضي إلى نسائنا في الجنة كما نفضي إليهن في الدنيا قال : والذي نفس
محمد بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال سئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم تتناك أهل الجنة فقال : نعم ، بفرج لا يمل وذكر لا ينثني
وشهوة لا تنقطع دحما دحما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا والبزار عن أبي
هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تمس أهل الجنة أزواجهم قال : نعم ،
بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع
وأخرج الحرث بن أبي أسامة ، وَابن أبي حاتم عن سليم بن
عامر والهيثم الطائي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن البضع في الجنة قال :
نعم بقبل شهي وذكر لا يمل وإن الرجل ليتكى ء فيها المتكأ مقدار أربعين سنة لا
يتحول عنه ولا يمله يأتيه فيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه.
وأخرج البيهقي في البعث ، وَابن عساكر في تاريخه عن
خارجة العذري قال : سمعت رجلا بتبوك قال يا رسول الله أيباضع أهل الجنة قال : يعطى
الرجل منهم من القوة في اليوم الواحد أفضل من سبعين منكم.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم ، أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال إن البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والأصبهاني في
الترغيب عن أبي الدرداء قال : ليس في الجنة مني ولا منية إنما يدحمونهن دحما.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، عَن طاووس قال :
أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن ليس فيها مني ولا منية
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء الخراساني ،
مثله.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد
بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي قال : في الجنة جماع ما شئت ولا ولد قال : فيلتفت
فينظر النظرة فتنشأ له الشهوة ثم ينظر النظرة فتنشأ له شهوة أخرى.
وأخرج الضياء المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أنطأ في الجنة قال : نعم ، والذي نفسي بيده دحما
دحما ، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا.
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجنة إذا جامعوا
نساءهم عادوا أبكارا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأحمد بن حنبل في زوائد الزهد ،
وَابن المنذر عن عبد الله ابن عمرو قال : إن المؤمن كلما أراد زوجته وجدها بكرا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : طول الرجل من
أهل الجنة
تسعون ميلا ، وطول المرأة ثلاثون ميلا ، ومقعدتها جريب
وإن شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما تجد اللذة.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجه ، وَابن أبي
داود في البعث عن معاذ ابن جبل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذي امرأة
زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين : قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل
يوشك أن يفارقك إلينا ، أما قوله تعالى : {وهم فيها خالدون}
أخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{وهم فيها خالدون} أي خالدون أبدا ، يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله
لا انقطاع له.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله
{وهم فيها
خالدون} يعني لا يموتون.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل وهم فيها خالدون قال : ماكثون لا يخرجون منها أبدا
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عدي بن زيد : فهل من خالد إما
هلكنا * وهل بالموت يا للناس عار.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه
عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار
النار ، ثم يقول مؤذن بينهم : يا أهل النار لا موت ويا أهل الجنة لا موت كل خالد
فيما هو فيه.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقال لأهل الجنة خلود ولا موت ولأهل النار خلود ولا موت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجه والحاكم وصححه ،
وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالموت في
هيئة كبش أملح
فيوقف على الصراط فيقال : يا أهل الجنة ، فيطلعون خائفين
وجلين مخافة أن يخرجوا مما هم فيه فيقال : تعرفون هذا فيقولون : نعم هذا الموت
فيقال : يا أهل النار ، فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا مما هم فيه ، فيقال :
أتعرفون هذا فيقولون : نعم ، هذا الموت ، فيؤمر به فيذبح على الصراط فيقال
للفريقين : خلود فيما تجدون لا موت فيها أبدا.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فلما قدم عليهم قال : يا أيها الناس إني
رسول رسول الله إليكم إن المرد إلى الله إلى جنة أو نار خلود بلا موت وإقامة بلا
ظعن وأجساد لا تموت.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم عن ابن مسعود
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قيل لأهل النار ماكثون في النار عدد كل
حصاة في الدنيا لفرحوا بها ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا
ولكن جعل لهم الأبد.
قوله تعالى : إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة
فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعرفون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون
ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به من كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين
* الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في
الأرض أولئك هم الخاسرون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من
الصحابة قالوا : لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين قوله {كمثل الذي استوقد
نارا} وقوله {أو كصيب من السماء} قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه
الأمثال ، فأنزل الله {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا} إلى قوله {أولئك هم
الخاسرون}.
وأخرج عبد الغني الثقفي في تفسيره والواحدي عن الن عباس
قال : إن الله ذكر آلهة المشركين فقال (وإن يسلبهم الذباب شيئا) وذكر كيد الآلهة
كبيت العنكبوت فقالوا : أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن
على محمد ، أي شيء كان يصنع بهذا فأنزل الله {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال
المشركون : ما بال العتكبوت والذباب يذكران فأنزل الله {إن الله لا يستحيي أن يضرب
مثلا ما بعوضة فما فوقها}
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لما أنزلت (يا أيها
الناس ضرب مثل) قال المشركون : ما هذا من الأمثال فيضرب أو ما يشبه هذا الأمثال ،
فأنزل الله {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} لم يرد البعوضة إنما
أراد المثل.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : البعوضة أضعف ما خلق الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والديلمي عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس لا تغتروا بالله
فإن الله لو كان مغفلا شيئا لأغفل البعوضة والذرة والخردلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله
{فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق} قال : يؤمن به المؤمنون ويعلمون
أنه الحق من ربهم ويهديهم الله به ويعرفه الفاسون
فيكفرون به.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{يضل به كثيرا} يعني المنافقين {ويهدي به كثيرا} يعني المؤمنين {وما يضل به إلا
الفاسقين} قال : هم المنافقون ، وفي قوله {الذين ينقضون عهد الله} فأقروا به ثم
كفروا فنقضوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وما يضل به إلا
الفاسقين} يقول : يعرفه الكافرون فيكفرون به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وما يضل به إلا
الفاسقين} يقول : فسقوا فأضلم الله بفسقهم.
وأخرج البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص قال : الحرورية هم {الذين ينقضون عهد الله من بعد
ميثاقه} قال : إياكم ونقض هذا الميثاق ، وكان
يسميهم الفاسقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} قال : إياكم
ونقض هذا الميثاق فإن الله قد كره نقضه وأوعد فيه وقدم فيه في آي من القرآن تقدمة
ونصيحة وموعظة وحجة ، ما نعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق ، فمن
أعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليوف به.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط
والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا
لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له.
وأخرج الطبراني في الكبير من حديث عبادة بن الصامت وأبي
أمامة ، مثله.
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر ، مثله
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن عائشة قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن العهد من الإيمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} قال : الرحم والقرابة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ويفسدون في الأرض}
قال : يعملون فيها بالمعصية.
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل في قوله تعالى {أولئك هم
الخاسرون} يقول هم أهل النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل
شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم ، مثل خاسر ومسرف وظالم وفاسق فإنما
يعني به الكفر وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذنب.
قوله تعالى : كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم
يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون.
أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم} قال : لم تكونوا شيئا فخلفكم {ثم يميتكم ثم
يحييكم} يوم القيامه
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله
{وكنتم أمواتا} في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق ثم
يحييكم حياة الحق حين يبعثكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية
قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله فأخرجهم ثم أماتهم الموتة التي
لابد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما حياتان وموتتان.
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن أبي صالح في الآية قال
{يميتكم ثم يحييكم} في القبر ثم يميتكم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : لم تكونوا شيئا
حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق ثم يحييكم وقوله (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا
اثنتين) مثلها
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية يقول : لم
يكونوا شيئا ثم أماتهم ثم أحياهم ثم يوم القيامة يرجعون إليه بعد الحياة.
قوله تعالى : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم
استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} قال : سخر لكم ما في الأرض جميعا كرامة من
الله ونعمة لإبن آدم ، متاعا وبلغة ومنفعة إلى أجل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله {هو الذي خلق لكم ما في
الأرض جميعا} قال : سخر لكم ما في الأرض جميعا {ثم استوى إلى السماء} قال : خلق
الله الأرض قبل السماء فلما خلق الأرض ثار منها دخان فذلك قوله {ثم استوى إلى
السماء فسواهن سبع سماوات} يقول : خلق سبع سموات بعضهن فوق بعض وسبع أرضين بعضهن
تحت بعض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس
وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله قوله تعالى : {هو
الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات} قال : إن
الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء فلما أراد أن يخلق أخرج من الماء
دخانا فارتفع فوق الماء فسما سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا فتقها واحدة ثم فتقها
فجعلها سبع أرضين في يومين ، في الأحد والاثنين فخلق الأرض على حوت وهو الذي ذكره
في قوله (ن والقلم) والحوت في الماء والماء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك
والملك على صخرة والصخرة في الريح وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ، ليست في السماء
ولا في الأرض فتحرك الحوت فاضطرب
فتزلزلت الأرض فأرسى عليها الجبال فالجبال تفخر على
الأرض ، فذلك قوله (وجعل لها رواسي أن تميد بكم) وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها
وشجرها وما ينبغي لها في يومين : في الثلاثاء والأربعاء وذلك قوله (إنكم لتكفرون
بالذي خلق الأرض) إلى قوله (وبارك فيها) يقول : أنبت شجرها وقدر فيها أقواتها
يقول لأهلها (في أربعة أيام سواء للسائلين) يقول : من سأل فهكذا الأمر {ثم استوى إلى
السماء وهي دخان} وكان ذلك الدخان من
تنفس الماء حين تتنفس ثم جعلها سماء واحدة ثم فتقها
فجعلها سبع سموات في يومين : في الخميس والجمعة وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق
السموات والأرض (وأوحى في كل سماء أمرها) قال : خلق في كل سماء خلقها ، من
الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد ومما لا يعلم ، ثم زين السماء
بالكواكب فجعلها زينة وحفظا من الشياطين فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله
{ثم استوى إلى السماء} يعني خلق سبع سموات قال : أجرى النار على الماء فبخر البحر
فصعد في الهواء فجعل السموات منها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي
العالية في قوله {ثم استوى إلى السماء} قال : ارتفع ، وفي قوله {فسواهن} قال : سوى
خلقهن
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية
عن عبد الله بن عمرو قال : لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذا كان عرشه على الماء وإذ لا
أرض ولا سماء ، خلق الريح فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه وأثار ركامه فأخرج
من الماء دخانا وطينا وزبدا فأمر الدخان فعلا وسمل ونما فخلق منه السموات وخلق من
الطين الأرضين وخلق من الزبد الجبال.
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ ومسلم والنسائي ، وَابن
المنذر وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن
أبي هريرة قال أخذ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم
السبت وخلق الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء
وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم يوم الجمعة بعد
العصر.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه
، وَابن ماجه وعثمان بن
سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ، وَابن أبي الدنيا في
كتاب المطر ، وَابن أبي عاصم في السنة وأبو يعلى ، وَابن
خزيمة في التوحيد ، وَابن أبي حاتم وأبو أحمد والحاكم في الكنى والطبراني في
الكبير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه واللالكائي في السنة والبيهقي في
الأسماء والصفات عن العباس بن عبد المطلب قال كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم فقال : هل تدرون كم بين السماء والأرض قلنا : الله ورسوله أعلم قال : بينهما
مسيرة خمسمائة عام ومن مسيرة سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام وكثف كل سماء
خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر ، بين أعلاه وأسفله كما بين السماء وأرض ثم
فوق ذلك ثمانية أوعال بين وركهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك العرش
بين أسفله وأعلاه ما بين السماء والأرض والله سبحانه وتعالى علمه فوق ذلك وليس
يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء
وأخرج إسحاق بن راهويه فس مسنده والبزار وأبو الشيخ في
العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام كذلك إلى السماء السابعة ، والأرضون مثل
ذلك وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك ولو حفرتم لصاحبكم ثم دليتموه
لوجد الله ثمة يعني علمه.
وأخرج الترمذي وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أبي هريرة
قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فقال : أتدرون ما هذه
قالوا : الله ورسوله أعلم فقال
: هذه الغبابة هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى بلد لا
يعبدونه ولا يشكرونه ، هل تدرون ما فوق ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن
فوق ذلك سماء ، هل تدرون ما فوق ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن فوق ذلك
موجا مكفوفا وسقفا
محفوظا ، هل تدروت ما فوق ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : فإن فوق ذلك سماء ، هل تدرون ما فوق ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن
فوق ذلك سماء أخرى ، هل تدرون كم ما بينهما قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن
بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام ثم
قال : هل تدرون ما فوق ذلك قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن فوق ذلك العرش ،
فهل تدرون كم بينهما قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن بين ذلك كما بين السمائين
ثم قال : هل تدرون ما هذه هذه أرض ، هل تدرون ماتحتها
قالوا : الله ورسوله أعلم قال : أرض أخرى وبينهما مسيرة
خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام.
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ،
وَابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن
مسعود قال : بين السماء والأرض خمسمائة عام وما بين كل سماءين خمسمائة عام ومصير
كل سماء - يعني غلظ ذلك - مسيرة خمسمائة
عام وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام وما
بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام ، والعرش على الماء والله فوق العرش وهو يعلم
ما أنتم عليه.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه نظر إلى
السماء فقال : تبارك الله ما أشد بياضها والثانية أشد بياضها منها ثم كذلك حتى بلغ
سبع سموات ، وخلق فوق السابعة الماء وجعل فوق الماء العرش وجعل فوق السماء الدنيا
الشمس والقمر والنجوم والرجوم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن
عباس قال قال رجل : يا رسول الله ما هذه السماء قال : هذه موج مكفوف عنكم.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال : السماء
الدنيا موج مكفوف والثانية مرمرة بيضاء والثالثة حديد
والرابعة نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوتة حمراء وما فوق ذلك صحارى
من نور ولا يعلم ما فوق ذلك إلا الله وملك موكل بالحجب يقال له ميطاطروش.
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان الفارسي قال : السماء الدنيا
من زمردة خضراء واسمها رقيعاء والثانية من فضة بيضاء واسمها أزقلون والثالثة من ياقوتة
حمراء واسمها قيدوم والرابعة من درة بيضاء واسمها ماعونا والخامسة من ذهبة حمراء
واسمها ريقا والسادسة من ياقوتة صفراء واسمها دقناء والسابعة من نور واسمها عريبا.
وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : اسم السماء
الدنيا رقيع واسم السابعة الصراخ
وأخرج عثمان ابن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية
، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : سيد السموات السماء التي فيها العرش وسيد
الأرضين الأرض التي أنتم عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كتب ابن عباس إلى
أبي الجلد يسأله عن السماء من أي شيء هي فكتب إليه : إن السماء من موج مكفوف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حبة العوفي قال : سمعت عليا ذات
يوم يحلف والذي خلق السماء من دخان وماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال : السماء أشد
بياضا من اللبن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال
: تحت الأرضين صخرة بلغنا أن تلك الصخرة منها خضرة السماء.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات
عن ابن عباس قال : تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله فإن بين السماء
السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور ، وهو فوق ذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{فسواهن سبع سماوات} قال : بعضهن فوق بعض بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام ، أما قوله
تعالى : {وهو بكل شيء عليم}.
أخرج ابن الضريس عن ابن مسعود قال : أن أعدل آية في
القرآن آخرها اسم من أسماء الله تعالى.
قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض
خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال
إني أعلم ما لا تعلمون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : ما كان في القرآن
{إذ} فقد كان.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {إني جاعل} قال : فاعل.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : كل شيء في القران {جعل}
فهو
خلق.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : إن الله أخرج آدم من الجنه قبل أن يخلقه
ثم قرأ {إني جاعل في الأرض خليفة}.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لقد أخرج الله آدم
من الجنة قبل أن يدخلها قال الله {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام
الجن بنو الجان ففسدوا في الأرض وسفكوا الدماء ، فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم
جنودا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور فلما قال الله {وإذ قال ربك
للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}
كما فعل أولئك الجان فقال الله {إني أعلم ما لا تعلمون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان إبليس من حي من
أحياء الملائكة
يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وكان
اسمه الحارث فكان خازنا من خزان الجنة وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي
وخلقت الجن من مارج من نار ، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت فأول
من سكن الأرض الجن فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتلوا بعضهم بعضا فبعث الله إليهم
إبليس في جند من الملائكة فقتلهم حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال فلما فعل
إبليس ذلك اغتر بنفسه وقال : قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد فاطلع الله على ذلك من
قلبه ولم يطلع عليه الملائكة ، فقال الله للملائكة {إني جاعل في الأرض خليفة} فقالت
الملائكه {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} كما أفسدت الجن قال {إني أعلم ما
لا تعلمون} يقول : إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره
واغتراره ، ثم أمر بتربة آدم فرفعت فخلق الله آدم عليه السلام من طين (لازب)
واللازب اللزج الطيب من (حمأ مسنون) منتن وإنما كان حمأمسنون بعد التراب فخلق منه آدم
بيده فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى فكان إبليس يأتيه يضربه برجله فيصلصل فيصوت ثم
يدخل
من فيه ويخرج من دبره ويدخل من دبره ويخرج من فيه ثم
يقول : لست شيئا ، ولشيء ما خلقت ولئن سلطت عليك لأهلنك ولئن سلطت على لأعصينك ،
فلما نفخ الله فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه فجعل لا يجري شيء منها في جسده
إلا صار لحما ودما فلما انتهت النفخة
إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من جسده فذهب لينهض
فلم يقدر ، فهو قول الله (خلق الإنسان من عجل) ، فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال
(الحمد لله رب العالمين) بإلهام من الله فقال الله له يرحمك الله يا آدم ثم قال
للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات : (اسجدوا لآدم
فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر) لما حدث في نفسه من الكبر فقال : لا أسجد له وأنا
خير منه وأكبر سنا وأقوى خلقا فأبلسه الله وآيسه من الخير كله وجعله شيطانا رجيما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
عن أبي العالية قال : إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء وخلق الجن يوم الخميس
وخلق آدم يون الجمعة فكفر قوم من الجن ، فكانت الملائكة تهبط إليهم
في الأرض فتقاتلهم فكانت الدماء وكان الفساد في الأرض ،
فمن ثم قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : لما خلق الله النار
ذعرت منها الملائكة ذعرا شديدا وقالوا : ربنا لم خلقت هذه قال : لمن عصاني من خلقي
- ولم يكن لله خلق يمئذ إلا الملائكة - قالوا : يا رب ويأتي دهر نعصيك فيه قال :
لا ، إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا وأجعل فيها خليفة يسفكون الدماء ويفسدون في
الأرض قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها} فاجعلنا نحن فيها {ونحن نسبح بحمدك ونقدس
لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن عساكر عن ابن مسعود وناس من
الصحابة ، لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك سماء
الدنيا ، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لأنهم خزائن
الجنه وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره كبر وقال : ما
أعطاني الله هذا إلا لمزيد أو لمزية لي فاطلع الله على
ذلك منه فقال للملائكو {إني جاعل في الأرض خليفة} قالوا ربنا {أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء} ، قال {إني أعلم ما لا تعلمون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في
قوله {وإذ قال ربك للملائكة} الآية ، قال : إن الله قال للملائكة : إني خالق بشرا
وإنهم
متحاسدون فيقتل بعضهم بعضا ويفسدون في الأرض ، فلذلك
قالوا {أتجعل فيها من يفسد} قال : وكان إبليس أميرا على ملائكة سماء الدنيا فاستكبر وهم
بالمعصية وطغى فعلم الله ذلك منه ، فذلك قوله {إني أعلم ما لا تعلمون} وإن في نفس
إبليس بغيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} قال : قد علمت الملائكة وعلم الله أنه
لاشيء أكره عند الله من سفك الدماء والفساد في الأرض.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن بطة في أماليه عن ابن عباس قال
: إياكم والرأي فإن الله تعالى رد الرأي على الملائكة وذلك إن الله قال {إني جاعل
في الأرض خليفة} قالت الملائكة {أتجعل فيها من يفسد فيها} ، {قال إني أعلم ما لا
تعلمون}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن أنس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول من لبى الملائكة قال الله {إني جاعل في
الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} قال : فزادوه فأعرض عنهم
فطافوا بالعرش ست سنين يقولون : لبيك لبيك اعتذارا إليك لبيك لبيك نستغفرك ونتوب
إليك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن
سابط أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : دحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة
تطوف بالبيت فهي أول من طاف به وهي الأرض التي قال الله {إني جاعل في الأرض خليفة}
وكان النَّبِيّ إذا هلك قومه نجا هو والصالحون أتاها هو ومن معه
فيعبدون الله بها حتى يموتوا فيها وإن قبر نوح وهود
وشعيب وصالح بين زمزم وبين الركن والمقام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة في قوله {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} قال التسبيح التسبيح والتقديس الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن
أبي ذر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أحب الكلام إلى الله ما اصطفاه الله
لملائكته ، سبحان ربي وبحمده - وفي لفظ - سبحان الله وبحمده.
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير أن
عمر بن الخطاب سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن صلاة الملائكة فلم يرد عليه
شيئا ، فأتاه جبريل فقال : إن
أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون : سبحان
ذي الملك والملكوت وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي
العزة والجبروت وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة يقولون : سبحان الحي
الذي
لا يموت.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{ونقدس لك} قال : نصلي لك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال التقديس التطهير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{ونقدس لك} قال : نعظمك ونكبرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي صالح في
قوله {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} قال : نعظمك ونمجدك.
وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور
، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير في قوله {إني أعلم ما
لا تعلمون} قال ، علم من ابليس وخلقه لها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {إني أعلم
ما لا تعلمون} قال : كان في علم الله أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم
صالحون وساكنو الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد ، وَابن
أبي الدنيا في الأمل عن الحسن قال : لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة : ربنا
إن الأرض لم تسعهم قال : إني جاعل موتا قالوا : إذا لا يهنأ لهم العيش قال : إني
جاعل أملا.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده ، وَابن أبي
الدنيا في كتاب العقوبات ، وَابن حبان في صحيحه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن
عمر أنه سمع رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول : إن آدم لما أهبطه إلى الأرض قالت
الملائكة : أي رب {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}
قالوا : ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله للملائكة : هلموا ملكين من الملائكة
حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان فقالوا : ربنا هاروت وماروت ، قال فاهبطا
إلى الأرض فتمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها
فقالت :
لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك قالا :
والله لا نشرك بالله أبدا ، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت :
لا والله حتى تقتلا هذا الصبي قالا : لا والله لا نقتله أبدا ، فذهبت ثم رجعت بقدح
من خمر فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا
عليها وقتلا الصبي ، فلما أفاقا قالت المرأة : والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي
قد فعلتماه حين سكرتما ، فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب
الدنيا
وأخرج ابن سعد في طبقاته وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو
داود والترمذي وصححه والحكيم في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو
الشيخ في العظمة والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق آدم من قبضة
قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأحمر والأبيض
والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
أبي هريرة قال : خلقت الكعبة قبل الأرض بألفي سنة قالوا كيف خلقت قبل وهي من الأرض
قال : كانت حشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الليل والنهار
ألفي سنة فلما أراد الله أن يخلق الأرض دحاها منها فجعلها
في وسط الأرض فلما أراد الله أن يخلق آدم بعث ملكا من حملة العرش يأتي بتراب من
الأرض فلما هوى ليأخذ قالت الأرض : أسألك بالذي أرسلك أن لا تأخذ مني اليوم شيئا
يكون منه للنار نصيب غدا فتركها فلما رجع إلى ربه قال : ما منعك أن تأتي بما أمرتك
قال : سألتني بك فعظمت أن أرد شيئا سألني بك فأرسل ملكا آخر فقال : مثل ذلك حتى
أرسلهم كلهم فأرسل ملك الموت فقالت له : مثل ذلك قال : إن الذي أرسلني أحق بالطاعة
منك ، فأخذ من وجه الأرض كلها ، من طيبها وخبيثها حتى كانت قبضة عند موضع الكعبة
فجاء به إلى ربه فصب عليه من ماء الجنة فجاءحمأ مسنونا فخلق منه آدم بيده ثم مسح
على ظهره فقال : تبارك الله أحسن الخالقين فتركه أربعين ليلة لا ينفخ فيه الروح ثم
نفخ فيه الروح فجرى فيه الروح من رأسه إلى صدره فأراد أن يثب ، فتلا أبو هريرة
(خلق الإنسان من عجل) ، فلما جرى فيه الروح قعد جالسا فعطس فقال الله : قل الحمد
لله
فقال
:
الحمد لله فقال : رحمك ربك ثم قال : انطلق إلى هؤلاء
الملائكة فسلم عليهم فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقالوا : وعليك السلام ورحمة
الله وبركاته فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك ، يا آدم ، أي مكان أحب إليك أن أريك
ذريتك فيه فقال : بيمين ربي وكلتا يدي ربي يمين ، فبسط يمينه فأراه فيها ذريته
كلهم وما هو خالق إلى يوم القيامة ، الصحيح على هيئته والمبتلى على هيئته
والأنبياء على هيئتهم ، فقال : أي رب ألا عافيهتم كلهم فقال : إني أحببت أن أشكر
فرأى فيها رجلا ساطعا نوره فقال : أي رب من هذا فقال : هذا ابنك داود فقال : كم
عمره قال : ستون سنة قال : كم عمري قال : ألف سنة قال : انقص من عمري أربعين سنة فزدها في
عمره ثم رأى آخر ساطعا نوره ليس مع أحد من الأنبياء مثل ما معه فقال : أي رب من
هذا قال : هذا ابنك محمد وهو أول من يدخل الجنة فقال آدم : الحمد لله الذي جعل من
ذريتي من يسبقني إلى الجنة ولا أحسده ، فلما مضى لآدم ألف سنة إلا أربعين جاءته
الملائكة تتوفاه
عيانا قال : ما تريدون قالوا : أردنا أن نتوفاك قال :
بقي من أجلي أربعون قالوا : أليس قد أعطيتها ابنك داود قال : ما أعطيت أحدا شيئا ، قال أبو
هريرة : جحد آدم وجحدت ذريته ونسي ونسيت ذريته.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن
عساكر عن ابن مسعود ونا س من الصحابة قالوا : بعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه
بطين منها فقالت الأرض : أعوذ منك أن تنقص مني فرجع ولم يأخذ شيئا وقال : يا رب إنها أعاذت
بك فأعذتها ، فبعث الله ميكائيل كذلك ، فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال : وأنا أعوذ
بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد وأخذ
من تربة حمراء وبيضاء وسوداء - فذلك خرج بنو آدم مختلفين - فصعد به فبل التراب حتى
صار طينا (لا زبا) واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة : إني خالق
بشرا من طين فخلقه الله بيده لئلا يتكبر عليه إبليس فخلقه بشرا سويا فكان جسدا من
طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة
فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه وكان أشدهم منه
فزعا إبليس فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له
صلصلة فيقول : لأمر ما خلقت ويدخل من فيه ويخرج من دبره
ويقول للملائكة : لا ترهبوا منه فإن ربكم صمد وهذا أجوف لئن سلطت عليه لأهلكنه ،
فلما بلغ الحين الذي يريد الله أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة : إذا نفخت فيه من
روحي فاسجدوا له فلما نفخ فيه الروح فدخل في رأسه عطس فقالت الملائكة : الحمد لله
فقال : الحمد لله فقال الله له : يرحمك ربك ، فلما دخلت الروح في عنقه نظر إلى
ثمار الجنة فلما دخلت إلى جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ إلى رجليه عجلا إلى
ثمار الجنة ، وذلك قوله تعالى (خلق الإنسان من عجل).
وأخرج ابن سعد في طبقاته ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم ، وَابن عساكر
في تاريخه عن ابن عباس قال : بعث رب العزة إبليس فأخذ من
أديم الأرض : من عذبها ومالحها فخلق منها آدم ، فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر
إلى السعادة وإن كان ابن كافرين وكل شيء خلقه من مالحها فهو صائر إلى الشقاء وإن
كان أبن نبيين ، قال : ومن ثم قال إبليس : (أأسجد لمن خلقت طينا) إن هذه الطينة
أنا جئت بها ، ومن ثم سمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض.
وأخرج ابن جرير ، عَن عَلِي ، قال : إن آدم خلق من أديم
الأرض ، فيه الطيب والصالح والرديء فكل ذلك أنت راء في ولده.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن أبي ذر سمعت النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم يقول : إن آدم خلق من ثلاث تربات : سوداء وبيضاء وحمراء.
وأخرج ابن سعد في الطبقات ، وعَبد بن حُمَيد وأبو بكر
الشافعي في الغيلانيات ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير قال : خلق الله آدم من أرض
يقال لها دحناء.
وأخرج الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا الهوى والبلاء
والشهوة معجونة بطينة آدم عليه السلام.
وأخرج الطيالسي ، وَابن سعد وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد
ومسلم وأبو يعلى ، وَابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات
عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما صور الله تعالى آدم في الجنة
تركه ما شاء أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف علم أنه خلق لا
يتمالك ، ولفظ أبي الشيخ قال : خلق لا يتمالك ظفرت به.
وأخرج ابن حبان عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : لما نفخ الله في آدم
الروح فبلغ الروح رأسه عطس فقال (الحمد لله رب العالمين)
فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله.
وأخرج ابن حبان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : لما خلق الله آدم عطس فألهمه الله ربه أن قال : الحمد لله قال له ربه
: يرحمك الله ، فلذلك سبقت رحمته غضبه.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما فرغ الله من
خلق آدم وجرى فيه الروح عطس فقال : الحمد لله فقال له ربه : يرحمك الله.
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى ، وَابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق
آدم من تراب ثم جعله طينا ثم تركه حتى إذا كا حمأ مسنونا خلقه وصوره ثم تركه حتى
إذا كان صلصالا كالفخار وجعل إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ثم نفخ الله
فيه من روحه فكأن أول شيء جرى فيه الروح بصره وخياشيمه فعطس فلقنه الله حمد ربه
فقال الرب : يرحمك ربك ، ثم قال : يا آدم اذهب إلى أولئك النفر فقل لهم وانظر ماذا
يقولون فجاء فسلم عليهم فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله فجاء إلى ربه فقال :
ماذا قالوا لك وهو أعلم بما قالوا له قال : يا رب سلمت عليهم فقالوا وعليك السلام
ورحمة الله قال : يا آدم هذه تحيتك وتحية ذريتك قال :
يا رب وما ذريتي قال : اختر يدي قال
: أختار يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين ، فبسط الله كفه
فإذا كل ماهو كائن من ذريته في كف الرحمن عز وجل.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا قال : اذهب فسلم على أولئك
النفر من الملائكة فاسمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فذهب فقال : السلام
عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة
على صورة آدم طوله ستون ذراعا فلم تزل الخلق تنقص حتى الآن.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن أبي الدنيا في صفة
الجنة والطبراني في الكبير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يدخل أهل
الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث
وثلاثين وهم عبى خلق آدم طوله ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع.
وأخرج مسلم وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ،
وَابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير يوم طلعت
عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق الله آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها وفيه
مات وفيه تيب عليه وفيه تقوم الساعة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي نضرة قال : لما خلق
الله آدم ألقى جسده في السماء لا روح فيه فلما رأته الملائكة راعهم ما رأوه من
خلقه فأتاه إبليس فلما رأى خلقه منتصبا راعه فدنا منه فنكته برجله فصل آدم فقال :
هذا أجوف لا شيء عنده.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : خلق الله آدم في سماء
الدنيا
وإنما أسجد له ملائكة سماء الدنيا ولم يسجد له ملائكة
السموات.
وأخرج أبو الشيخ بسند صحيح عن ابن زيد يرفعه إلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله لما أراد أن يخلق آدم بعث ملكا والأرض
يومئذ وافرة فقال : اقبض لي منها قبضة آتني بها أخلق منها خلقا قالت : فإني أعوذ
بأسماء الله أن تقبض اليوم مني قبضة يخلق خلقا يكون لجهنم منه نصيب فعرج الملك ولم
يقبض شيئا فقال له : مالك ، ، قال : عاذت بأسمائك أن أقبض منها خلقا يكون لحهنم
منه نصيب فلم أجد عليها نجازا فبعث ملكا خر فلما أتاها قالت له مثل ما قالت للأول
ثم بعث الثالث فقالت له مثل قالت لهما فعرج ولم يقبض منها شيئا فقال له الرب تعالى
مثل ما قال للذين قبله ، ثم دعا إبليس - واسمه يومئذ في الملائكة حباب - فقال له :
اذهب فاقبض لي من الأرض قبضة فذهب حتى أتاها فقالت له مثل ما قالت للذين من قبله
من الملائكة فقبض منها قبضة ولم يسمع لحرجها فلما أتاه قال الله تعالى : ما أعاذت
بأسمائي منك قال : بلى ، قال : فما كان من أسمائي ما يعيذها منك قال : بلى ، ولكن أمرتني
فأطعتك فقال الله : لأخلقن منها خلقا يسوء وجهك فألقى
الله تلك القبضة في نهر من أنهر الجنة حتى صارت طينا فكان أول طين ثم تركها حتى
صارت حمأ مسنونا منتن الريح ثم خلق منها آدم ثم تركه في الجنة أربعين سنة حتى صار
صلصللا كالفخار يبس حتى كان كالفخار ، ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك وأوحى الله إلى
ملائكته : إذا نفخت فيه من الروح فقعوا له ساجدين وكان
آدم مستلقيا في الجنة فجلس حين وجد مس الروح فعطس فقال
الله له : أحمد ربك فقال : يرحمك ربك ، فمن هنالك يقال : سبقت رحمته غضبه ، وسجدت
الملائكة إلا هو قام فقال (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك أستكبرت أم كنت من العالين) فأخبر الله أنه
لا يستطيع أن يعلن على الله ما له يكيد على صاحبه فقال (أنا خير منه خلقتني من نار
وخلقته من طين قال : فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها) إلى قوله (ولاتجد
أكثرهم شاكرين) وقال الله (إن إبليس قد صدق عليهم ظنه) وإنما كان ظنه أن لا يجد
أكثرهم شاكرين.
قوله تعالى : وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على
الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا
ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم
بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ماتبدون وما كنتم تكتمون
أخرج الفريابي ، وَابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : إنما سمي آدم
لأنه خلق من أديم الأرض الحمرة والبياض والسواد وكذلك ألوان الناس مختلفة فيها
الأحمر والأبيض والأسود والطيب والخبيث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : خلق الله آدم من
أديم الأرض ، من طينة حمراء وبيضاء وسوداء.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد
بن جبير قال : أتدرون لم سمي آدم لأنه خلق من آديم الأرض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال : علمه اسم الصحفة والقدر وكل شيء حتى
الفسوة والفسية
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله {وعلم
آدم الأسماء كلها} قال : علمه اسم كل شيء ، حتى علمه القصعة والقصيعة والفسوة والفسية.
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في قوله
{وعلم آدم الأسماء كلها} قال : علمه اسم كل شيء ، حتى البعير والبقرة والشاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في
قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال : ما خلق الله
وأخرج الديلمي عن أبي رافع قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : مثلت لي أمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كما علم آدم الأسماء كلها.
وأخرج وكيع في تاريخه ، وَابن عساكر والديلمي عن عطية بن
يسر مرفوعا ، في قوله {وعلم آدم الأسماء كلها} قال علم الله في تلك الأسماء ألف حرفة
من الحرف وقال له : قل لولدك وذريتك يا آدم إن لم تصبروا عن الدنيا فاطلبوا الدنيا
بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين فإن الدين لي وحدي خالصا ، ويل لمن طلب الدنيا
بالدين ويل له.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وعلم آدم الأسماء
كلها} قال : أسماء ذريته أجمعين {ثم عرضهم} قال : أخذهم من ظهره.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله {وعلم آدم
الأسماء كلها} قال : أسماء الملائكة
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وعلم آدم الأسماء كلها}
قال : علم آدم من الأسماء أسماء خلقه ثم قال ما لم تعلم الملائكة فسمى كل شيء
باسمه وألجأ كل شيء إلى جنسه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وعلم آدم الأسماء
كلها} قال : علم الله آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس ،
إنسان دابة وأرض وبحر وسهل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها {ثم عرضهم على
الملائكة} يعني عرض أسماء جميع الأشياء التي علمها آدم من أصناف الخلق {فقال أنبئوني}
يقول : أخبروني {بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في
الأرض خليفة {قالوا سبحانك} تنزيها لله من أن يكون يعلم الغيب أحد غيره تبنا إليك
{لا علم لنا} تبريا منهم من علم الغيب {إلا ما علمتنا} كما علمت آدم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ثم عرضهم} قال : عرض
أصحاب
الأسماء على الملائكة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد عن ابن عباس قال : إن الله لما
أخذ في خلق آدم قالت الملائكة : ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا ،
فابتلوا بخلق آدم
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن قالا : لما أخذ الله في
خلق آدم همست الملائكة فيما بينها فقالوا : لن يخلق الله خلقا إلا كنا أعلم منه
وأكرم عليه منه ، فلما خلقه أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا ، ففضله عليهم فعلموا
أنهم ليسوا بخير منه فقالوا : إن لم نكن خيرا منه فنحن أعلم منه لانا كنا قبله
{وعلم آدم الأسماء كلها} فعلم اسم كل شيء ، جعل يسمي كل شيء باسمه وعرضوا عليه أمة
{ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} ففزعوا إلى
التوبة فقالوا {سبحانك لا علم لنا} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إنك أنت العليم
الحكيم} قال : العليم الذي قد كمل في علمه {الحكيم} الذي قد كمل في حكمه.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{إن كنتم صادقين} قال : إن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء ، وفي قوله
{وأعلم ما تبدون} قال : قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها} ، ، {وما كنتم تكتمون} يعني
ما أسر إبليس في نفسه من الكبر
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وأعلم ما تبدون
وما كنتم تكتمون} قال : ما أسر إبليس من الكفر في السجود.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأعلم ما تبدون}
قال : ما تظهرون {وما كنتم تكتمون} يقول : أعلم السر كما أعلم العلانية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن في قوله {ما تبدون} يعني
قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها} {وما كنتم تكتمون} يعني قول بعضهم لبعض : نحن خير
منه وأعلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مهدي بن ميمون
قال : سمعت الحسن وسأله الحسن بن دينار فقال : يا أبا سعيد أرأيت قول الله
للملائكة {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} ما الذي كتمت الملائكة قال : إن الله
لما خلق آدم رأت الملائكة خلقا عجبا فكأنهم دخلهم من ذلك شيء قال : ثم أقبل بعضهم
على بعض
فأسروا ذلك بينهم فقال بعضه لبعض : ما الذي يهمكم من هذا
الخلق إن الله لا يخلق خلقا إلا كنا أكرم عليه منه ، فذلك الذي كتمت.
قوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا
إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اسجدوا لآدم}
قال : كانت السجدة لآدم والطاعة لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : أمرهم أن
يسجدوا فسجدوا له كرامة من الله أكرم بها آدم.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إبراهيم المزني أنه سئل عن سجود
الملائكة لآدم فقال : إن الله جعل آدم كالكعبة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن عباد بن حعفر
المخزومي قال : كان سجود الملائكة لآدم إيماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة قال : سمعت من
يذكر أن أول الملائكة خر ساجدا لله حين أمرت الملائكة بالسجود لآدم إسرافيل فأثابه
الله بذلك أن كتب القرآن في جبهته.
وأخرج ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز قال : لما أمر
الله الملائكة بالسجود لآدم كان أول من سجد إسرافيل فأثابه الله أن كتب القرآن في
جبهته
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} قال : كانت
السجدة لآدم والطاعة لله وحسد عدو الله إبليس آدم على ما أعطاه من الكرامة فقال :
أنا ناري وهذا طيني ، فكان بدء الذنوب الكبر ، استكبر عدو الله أن يسجد لآدم.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، وَابن أبي حاتم
، وَابن الأنباري في كتاب الأضداد والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : كان إبليس
اسمه عزازيل وكان من أشرف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن
الأنباري عن ابن عباس قال : إنما سمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله آيسه منه.
وأخرج ابن اسحاق في المبتدأ ، وَابن جَرِير ، وَابن
الأنباري عن ابن عباس قال : كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل وكان
من سكان الأرض وكان أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما ، فذلك دعاه إلى الكبر وكان
من حي يسمون جنا
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان اسم إبليس الحرث.
وأخرج وكيع ، وَابن المنذر والبيهقي في الشعب عن ابن عباس
قال : كان إبليس من خزان الجنة وكان يدبر أمر السماء الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال
: كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : كان إبليس من أشرف
الملائكة من أكبرهم قبيلة وكان خازن الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا سلطان الأرض
، فرأى أن لذلك عظمة وسلطانا على أهل السموات فأضمر في قلبه من ذلك كبرا لم يعلمه
إلا الله فلما أمر الله الملائكه بالسجود لآدم خرج كبره الذي كان يسر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري عن ابن عباس قال : إن
الله خلق خلقا فقال {اسجدوا لآدم} فقالوا : لا نفعل فبعث نارا
فأحرقهم ثم خلق هؤلاء فقال {اسجدوا لآدم} فقالوا : نعم ،
وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال :
لما خلق الله الملائكة قال (إني خالق بشرا من طين) فإذا أنا خلقته فاسجدوا له
فقالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم ، وخلق ملائكة أخرى فقال (إني خالق
بشرا من طين) فإذا أنا خلقته فاسجدوا له ، فأبوا فأرسل عليه نارا فأحرقتهم ثم خلق
ملائكة أخرى فقال (إني خالق بشرا من طين) فإذا أنا خلقته فاسجدوا له ، فقالوا :
سمعنا وأطعنا إلا إبليس كان من الكافرين الأولين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عامر المكي قال : خلق
الله الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق البهائم من ماء وخلق آدم من طين فجعل
الطاعة في الملائكة وجعل المعصية في الجن والأنس
وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن الله أمر آدم بالسجود فسجد فقال : لك الجنة ولمن سجد من ذريتك وأمر
إبليس بالسجود فأبى أن يسجد فقال : لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال :
لقي إبليس موسى فقال : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليما إذ تبت
وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي قال موسى : نعم ، فدعا موسى ربه
فقيل يا موسى قد قضيت حاجتك فلقي موسى إبليس قال : قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب
عليك ، فاستكبر وغضب وقال : لم أسجد حياء أسجد به ميتا ثم قال إبليس : يا موسى إن
لك علي حقا بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن ، أذكرني حين تغضب
فإني أجري منك مجرى الدم وأذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف
، فاذكره ولده وزوجته حتى يولي وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها
إليك ورسولك إليها.
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : إن نوحا لما ركب السفينة
أتاه إبليس
فقال له نوح : من أنت قال : أنا إبليس قال : فما جاء بك
قال : جئت تسأل لي ربي هل لي من توبة فأوحى الله إليه : إن توبته أن يأتي قبر آدم
فيسجد له قال : أما أنا لم أسجد له حيا أسجد له ميتا قال : فاستكبر وكان من
الكافرين.
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن جنادة بن أبي أمية
قال : كان أول خطيئة كانت الحسد ، حسد إبليس آدم أن يسجد له حين أمر فحمله الحسد
على المعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : ابتدأ
الله خلق إبليس على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره إلى ما بدى ء إليه
خلقه من الكفر قال الله {وكان من الكافرين}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وكان من
الكافرين} قال : جعله الله كافرا لا يستطيع أن يؤمن.
قوله تعالى : وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا
منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين
أخرج الطبراني وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن
أبي ذر
قال قلت يا رسول الله أرأيت آدم نبيا كان قال : نعم ،
كان نبيا رسولا كلمه الله قبلا قال له {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أبي ذر قلت يا رسول
الله من أول الأنبياء قال : آدم ، قلت : نبي كان قال : نعم مكلم ، قلت : ثم من قال : نوح
وبينهما عشرة آباء.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في
الشعب عن أبي ذر قال قلت : يا رسول الله أي الأنبياء كان أول قال : آدم قلت : يا
رسول الله ونبي كان قال : نعم ، نبي مكلم ، قلت : كم كان المرسلون يا رسول الله
قال : ثلثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والآجري في الأربعين عن أبي ذر قال
قلت
يا رسول من كان أولهم - يعني الرسل - قال : آدم قلت : يا
رسول الله أنبي مرسل قال : نعم ، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قبلا.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني والحاكم
وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي أمامة الباهلي أن رجلا قال : يا رسول
الله أنبي كان آدم قال : نعم ، مكلم ، قال : كم بينه وبين نوح قال : عشرة قرون قال : كم
بين نوح وبين إبراهيم قال : عشرة قرون قال : يا رسول الله كم الأنبياء قال : مائة
ألف وأربعة وعشرون ألفا ، قال : يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك قال : ثلثمائة وخمسة
عشر ، جما غفيرا.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن
أبي أمامة أن أبا ذر قال : يا نبي الله أي الأنبياء كان أول قال : آدم ، قال :
أونبي كان آدم قال : نعم ، نبي مكلم خلقه اله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم قال له
يا آدم قبلا ، قلت : يا رسول الله كم وفى عدة الأنبياء قال : مائة ألف وأربعة
وعشرون ألفا ، الرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والحكيم الترمذي في
نوادر الأصول والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر في تاريخه عن الحسن قال : قال موسى
يا رب كيف يستطيع آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك
وأسكنته جنتك وأمرت الملائكة فسجدوا له فقال : يا موسى
علم أن ذلك مني فحمدني عليه فكان ذلك شكرا لما صنعت إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : خلق الله آدم
يوم الجمعة وأدخله الجنة يوم الجمعة فجعله في جنات الفردوس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : ما
سكن آدم الجنة إلا مابين صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : خلق الله آدم من
أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم ثم عهد إليه فنسي فسماه الإنسان ، قال
ابن عباس : فتالله ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة إلى الأرض
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن المنذر عن الحسن قال : لبث آدم في الجنة ساعة من نهار ، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة
من أيام الدنيا.
وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : ما كان آدم
عليه السلام في الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر.
وأخرج عبد الله في زوائده عن موسى بن عقبة قال : مكث آدم
في الجنة ربع النهار وذلك ساعتان ونصف وذلك مائتان سنة وخمسون سنة فبكى على الجنة
مائة سنة ، أما قوله تعالى : {وزوجك}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات ، وَابن عساكر من طريق السدي بن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن
ابن مسعو وناس من الصحابة قالوا : لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له
زوج يسكن إليها فنام نومة
فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه
فسألها ما أنت قالت : امرأة قال : ولم خلقت قالت : لتسكن إلي قالت له الملائكة
ينظرون ما يبلغ علمه : ما اسمها يا آدم قال : حواء ، قالوا : لم سميت حواء قال :
لأنها خلقت من حي فقال الله {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}.
وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد قال : نام آدم فخلقت حواء
من قصيراه فاستيقظ فرآها فقال : من أنت فقالت : أنا أسا ، يعني امرأة بالسريانية.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء من
الضلع رأسه وإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته تركته وفيه عوج ، فاستوصوا بالنساء
خيرا.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : إنما
سميت حواء
لأنها أم كل حي.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن عساكر من وجه آخر عن ابن عباس
قال : إنما سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء وسميت حواء لأنها أم كل حي.
وأخرج اسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن عطاء قال : لما
سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس نفرة ثم ولى هاربا وهو يلتفت أحيانا ينظر هل عصى ربه
أحد غيره ، فعصمهم الله ثم قال الله لآدم : قم يا آدم فسلم عليهم ، فقام فسلم
عليهم وردوا عليه ثم عرض الأسماء على الملائكة فقال الله لملائكته : زعتم أنكم
أعلم منه (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك) إن العلم منك ولك
ولا علم لنا إلا ما علمتنا فلما أقروا بذلك (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم) فقال آدم
: هذه ناقة جمل بقرة نعجة شاة فرس وهو من خلق ربي ، فكل شيء سمى آدم فهو اسمه إلى
يوم القيامة وجعل يدهو كل شيء باسمه حين يمر بين يديه حتى بقي الحمار وهو آخر شيء
مر عليه ، فجاء الحمار من وراء ظهره فدعا آدم : أقبل
يا حمار ، فعلمت الملائكة أنه أكرم على الله وأعلم منهم
ثم قال له ربه : يا آدم ادخل الجنة تحيا وتكرم فدخل الجنة فنهاه عن الشجرة قبل أن
يخلق حواء ، فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة ولا يسكن إليه ولم يكن في الجنة
شيء يشبهه فألقى الله عليه النوم وهو أول نوم كان فانتزعت من ضلعه الصغرى من جانبه
الأيسر فخلقت حواء منه فلما استيقظ آدم جلس فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر
ولكل امرأة فضل على الرجل بضلع وكان الله علم آدم اسم كل شيء فجاءته الملائكة
فهنوه وسلموا عليه فقالوا : يا آدم ما هذه قال : هذه مرأة قيل له : فما اسمها قال
: حواء فقيل له : لم سميتها حواء قال : لأنها خلقت من حي ، فنفخ بينهما من روح
الله فما كان من شيء يتراحم الناس به فهو من فضل رحمتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشعث الحداني قال : كانت حواء من
نساء الجنة وكان الولد يرى في بطنها إذا حملت ذكر أم أنثى من صفاتها
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر عن إبراهيم النخعي قال :
لما خلق الله آدم وخلق له زوجته بعث إليه ملكا وأمره بالجماع ففعل فلما فرغ قالت
له حواء : يا آدم هذه طيب زدنا منه ، أما قوله تعالى {وكلا منها رغدا}.
أخرج ابن جرير ، وَابن عساكر عن ابن مسعود وناس من
الصحابة قال الرغد الهني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الرغد
سعة العيشة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكلا
منها رغدا حيث شئتما} قال : لا حساب عليكم ، أما قوله تعالى : {ولا تقربا هذه الشجرة}.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو
الشيخ ، وَابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال : الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة
، وفي
لفظ البر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال :
الشجرة التي نهى الله عنها آدم البر ولكن الحبة منها في الجنة كمكلي البقر ألين من
الزبد وأحلى من العسل.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ
عن أبي مالك الغفاري في قوله {ولا تقربا هذه الشجرة} قال : هي السنبلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : الشجرة التي نهى عنها آدم ، الكرم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود ، مثله.
وأخرج وكيع ، وَابن سعد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن
جعدة بن هبيرة قال : الشجرة التي افتتن بها آدم الكرم وجعلت فتنة لولده من بعده
والتي أكل منها آدم العنب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : هي اللوز ، قلت : كذا
في النسخة وهي قديمة وعندي إنها تصحفت من الكرم.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولا تقربا هذه
الشجرة} قال : بلغني أنها التينة.
وأخرج ابن جرير عن بعض الصحابة قال : هي تينة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي التين.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك في قوله {ولا
تقربا هذه الشجرة} قال : هي النخلة.
وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال : هي
الأترج.
وأخرج أحمد في الزهد عن شعيب الحيائي قال : كانت الشجرة
التي
نهى الله عنها آدم وزوجته شبه البر ، تسمى الرعة وكان
لباسهم النور.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال :
كانت الشجرة من أكل منها أحدث ولاينبغي أن يكون في الجنة حدث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولا تقربا هذه
الشجرة} قال : ابتلى الله آدم كما ابتلى الملائكة قبله وكل شيء خلق مبتلى ولم يدع
الله شيئا من خلقه إلا ابتلاه بالطاعة فما زال البلاء بآدم حتى وقع فيما نهي عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : ابتلى الله آدم
فاسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء ونهاه عن شجرة واحدة أن يأكل منها وقدم إليه
فيها ، فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه فبدت له سوءته عند ذلك وكان لا
يراها فاهبط من الجنة.
قوله تعالى : فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا
فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {فأزلهما} قال : فأغواهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن بهدلة {فأزلهما} فنحاهما.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في
قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما} فوسوس.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من
الصحابة قالوا : لما قال الله لآدم {اسكن أنت وزوجك الجنة} أراد إبليس أن يدخل
عليهما الجنة
فأتى الحية هي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير وهي
كأحسن الدواب فكلمها إن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم فأدخلته في فمها فمرت
الحية على الخزنة فدخلت ولا
يعلمون لما أراد الله من الأمر فكلمه من فمها فلم يبال
بكلامه فخرج إليه فقال (يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) وحلف لهما
بالله (إني لكما لمن الناصحين) فأبى آدم أن يأكل منها فقعدت حواء فأكلت ثم قالت :
يا آدم كل فإني قد أكلت فلم يضر بي ، فلما أكل (بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان
عليهما من ورق الجنة).
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : إن
عدو الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم
، فكل الدواب أبى ذلك عليه حتى كلم الحية فقال لها : أمنعك من ابن آدم فإنك في
ذمتي إن أدخلتني الجنة فحملته بين نابين حتى دخلت به فكلمه من فيها وكانت كاسية
تمشي على أربع قوائم فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها ، يقول ابن عباس : فاقتلوها حيث
وجدتموها اخفروا ذمة عدو الله فيها.
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد الرزاق ، وَابن المنذر ،
وَابن عساكر في
تاريخه عن ابن عباس قال : كانت الشجرة التي نهى الله
عنها آدم وزوجته السنبلة فلما (أكلا منها بدت لهما سوآتهما) وكان الذي دارى عنهما
من سوآتهما أظفارهما (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) ورق التين يلزقان بعضه
إلى بعض فانطلق آدم موليا في الجنة فأخذت برأسه شجرة من شجر الجنة فناداه به : يا آدم أمني تفر
قال : لا ولكني استحيتك يا رب قال : أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها
مندوحة عما حرمت عليك قال : بلى يا رب ولك - وعزتك - ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا قال :
فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كدا ، فاهبطا من الجنة وكانا
يأكلان منها رغدا فاهبط إلى غير رغد من طعام ولا شراب فعلم صنعة الحديد وأمر
بالحرث فحرث فزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد درسه ثم ذراه ثم طحنه عجنه ثم خبزه ثم
أكله فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ وكان آدم حين أهبط من الجنة بكى
بكاء لم يبكه أحد فلو وضع بكاء داود على خطيئته وبكاء يعقوب على ابنه وبكاء ابن
آدم على أخيه حين قتله ثم بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط
وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عميرة قال قال الله
لآدم اخرج من جواري وعزتي لا يجاورني في داري من عصاني يا جبريل أخرجه إخراجا غير
عنيف فأخذ بيده يخرجه.
وأخرج ابن اسحاق في المبتدأ ، وَابن سعد وأحمد ، وعَبد
بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في التوبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم
وصححه ابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي بن كعب عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال إن آدم كان رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق ستين ذراعا كثير شعر الرأس ،
فلما ركب الخطيئة بدت له عورته وكان لا يراها قبل ذلك فانطلق هاربا في الجنة
فتعلقت به شجرة فأخذت بناصيته فقال لها : أرسليني قال : لست بمرسلتك وناداه ربه :
يا آدم أمني تفر قال : يا رب إني استحييتك قال : يا آدم اخرج من جواري فبعزتي لا
أساكن من عصاني ولو خلقت ملء الأرض مثلك خلقا ثم عصوني لأسكنتهم دار العاصين ، قال
: أرأيت إن أنا تبت ورجعت أتتوب علي قال : نعم ، يا آدم
وأخرج ابن عساكر من حديث أنس ، مثله.
وأخرج ابن منيع ، وَابن أبي الدنيا في كتاب البكاء ،
وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب ، وَابن عساكر
عن ابن عباس قال قال الله لآدم : يا آدم ما حملك على أن أكلت من الشجرة التي نهيتك
عنها قال : يا رب زينته لي حواء قال : فإني عاقبتها بأن لا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا
كرها ودميتها في كل شهر مرتين قال : فرنت حواء عند ذلك فقيل لها : عليك الرنة وعلى
بناتك.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن عساكر عن عمر بن
الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله بعث جبريل إلى حواء حين دميت
فنادت ربها جاء مني دم لا أعرفه ، فناداها لأدمينك وذريتك ولأجعنله لك كفارة
وطهورا.
وأخرج البخاري والحاكم عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها.
وأخرج البيهقي في الدلائل والخطيب في التاريخ والديلمي
في
مسند الفردوس ، وَابن عساكر بسند واه عن ابن عمر مرفوعا
فضلت على آدم بخصلتين ، كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم وكان أزواجي
عونا لي ، وكان شيطان آدم كافرا وزوجته عونا له على خطيئته.
وأخرج ابن عساكر في حديث أبي هريرة مرفوعا ، مثله.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن زيد ، أن آدم ذكر محمد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أفضل ما فضل به علي ابني صاحب البعير إن
زوجته كانت عونا له على دينه وكانت زوجتي عونا لي على الخطيئة.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ،
وَابن ماجه ، وَابن أبي حاتم والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى
فقال موسى : أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة فقال له آدم : أنت موسى الذي
أعطاه الله كل شيء واصطفاه برسالته قال : نعم ، قال : فتلومني على أمر قدر علي قبل
أن أخلق
وأخرج عَبد بن حُمَيد في مسنده ، وَابن مردويه عن أبي
سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتج آدم وموسى ، فقال موسى :
أنت خلقك الله بيده أسكنك جنته وأسند لك ملائكته فأخرجت ذريتك من الجنة وأشقيتهم
فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ورسالاته تلومني في شيء وجدته قد قدر
علي قبل أن أخلق فحج آدم موسى.
وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء
والصفات عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى قال يا
رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة فأراه الله آدم فقال : أنت أبونا آدم فقال
له آدم : نعم ، قال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وعلمك الأسماء كلها وأمر
الملائكة فسجدوا لك قال : نعم ، فقال : ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة فقال له
آدم : ومن أنت قال : موسى قال : أنت نبي بني إسرائي الذي كلمك الله من وراء
الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه قال : نعم ،
قال : فما وجدت إن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق قال : نعم ، قال : فلم تلومني
في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عند ذلك
فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى.
وأخرج النسائي وأبو يعلى والطبراني والآجري عن جندب
البجلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتج آدم وموسى فقال موسى : يا آدم
أنت الذي خلقك الله بيده
ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك جنته وفعلت ما
فعلت فأخرجت ولدك من الجنة فقال آدم : أنت موسى الذي بعثك الله رسالته وكلمك وآتاك
التوراة وقربك نجيا أنا أقدم أم الذكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحج
آدم موسى.
وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي موسى قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتج آدم وموسى فقال موسى : أنت آدم الذي
خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة قال
آدم :أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وأنزل عليك
التوراة وكلمك تكليما فبكم خطيئتي سبقت خلقي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فحج آدم موسى.
وأخرج ابن النجار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : التقى آدم وموسى عليهما السلام فقال له موسى : أنت آدم الذي خلقك الله
بيده وأسجد لك ملائكته وأدخلك جنته ثم أخرجتنا منها فقال له آدم : أنت موسى الذي
اصطفاك الله برسالته وقربك نجيا وأنزل عليك التوراة فأسألك بالذي أعطاك ذلك بكم
تجده كتب علي قبل أن أخلق قال : أجده كتب عليك بالتوراة بألفي عام فحج آدم موسى ،
أما قوله تعالى {وقلنا اهبطوا} الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} قال : آدم
وحواء وإبليس والحية {ولكم في الأرض مستقر} قال : القبور {ومتاع إلى حين} قال :
الحياة
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {اهبطوا بعضكم لبعض
عدو} قال : آدم والحية والشيطان.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة عن أبي صالح قال {اهبطوا} قال
: آدم وحواء والحية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال {اهبطوا} يعني آدم
وحواء وإبليس.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن قتل الحيات فقال : خلقت هي والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه ، إن
رآها أفزعته وإن لدغته أوجعته ، فاقتلها حيث وجدتها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله {ولكم في الأرض
مستقر} فوق الأرض ومستقر تحت الأرض ، قال {ومتاع إلى حين} حتى يصير إلى الجنة أو
إلى النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أهبط آدم إلى أرض
يقال لها دجنا بين مكة والطائف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : اهبط آدم بالصفا
وحواء بالمروة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن
عباس ، أن أول ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند ، وفي لفظ بدجناء أرض الهند.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث ، وَابن
عساكر عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب : أطيب ريح الأرض الهند ، أهبط بها آدم
فعلق ريحها من شجر الجنة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : أهبط آدم
بالهند وحواء بجدة فجاء في طلبها حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء ، فلذلك
سميت المزدلفة واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال : أهبط آدم
يديه على ركبتيه مطأطئا رأسه وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى السماء.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن هلال قال :
إنما كره التخصر في الصلاة لأن إبليس أهبط متخصرا.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل آدم عليه السلام بالهند
فاستوحش فنزل جبريل بالأذان : الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن
محمد رسول الله مرتين ، فقال : ومن محمد هذا قال : هذا آخر ولدك من الأنبياء.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، وَابن المنذر ،
وَابن عساكر ، عَن جَابر بن عبد الله قال : إن آدم لما أهبط إلى الأرض هبط بالهند
وإن رأسه كان ينال السماء وإن الأرض شكت إلى ربها ثقل آدم فوضع الجبار تعالى يده
على راسه فانحط منه سبعون ذراعا وهبط معه بالعجوة
والأترنج والموز ، فلما أهبط قال : رب هذا العبد الذي
جعلت بيني وبينه عداوة إن لم تعني عليه لا أقوى عليه قال : لا
يولد لك ولد إلا وكلت به ملكا قال : رب زدني قال : أجازي
السيئة بالسيئة وبالحسنة عشرة أمثالها إلى ما أزيد قال : رب زدني قال : باب التوبة
له مفتوح ما دام الروح في الجسد قال إبليس : يا رب هذا العبد الذي أكرمته إن لم
تعني عليه لا أقوى عليه قال : لا يولد له ولد إلا ولد لك ولد قال : يا رب زدني قال
: تجري منه مجرى الدم وتتخذ في صدروهم بيوتا قال : رب زدني قال (اجلب عليهم بخيلك
ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد) (الإسراء آية 64).
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : لما خلق الله آدم كان
رأسه يمس السماء فوطاه الله إلى الأرض حتى صار ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمر قال : لما اهبط الله
آدم أهبطه بأرض الهند ومعه غرس من شجر الجنة فغرسه بها وكان رأسه في السماء ورجلاه
في الأرض وكان يسمع كلام الملائكة فكان ذلك يهون عليه
وحدته فغمز غمزة فتطأطأ إلى سبعين ذراعا فأنزل الله أني
منزل عليك بيتا يطاف حوله كما تطوف الملائكة حول عرشي ويصلى عنده كما تصلي
الملائكة حول عرشي ، فأقبل نحو البيت فكان موضع كل قدم قرية وما بين قدميه مفازة
حتى قدم مكة فدخل من باب الصفا وطاف بالبيت وصلى عنده ثم خرج إلى الشام فمات بها.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد قال : لما أهبط آدم
إلى الأرض فزعت الوحوش ومن في الأرض من طوله فأطر منه سبعون ذراعا.
وأخرج ابن جرير في تاريخه والبيهقي في شعب الإيمان ،
وَابن عساكر عن ابن عباس قال : إن آدم حين خرج من الجنة كان لا يمر بشيء إلا عنت
به فقيل للملائكة : دعوه فليتزود منها ما شاء ، فنزل حين نزل بالهند ولقد حج منها
أربعين حجة على رجليه
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رياح قال : هبط آدم
بأرض الهند ومعه أعواد أربعة من أعواد الجنة وهي هذه التب تتطيب بها الناس وأنه حج
هذا البيت على بقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : أخرج آدم من
الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة فأخرج معه غصنا من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر
الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن الحسن قال : أهبط
آدم بالهند وهبطت حواء بجدة وهبط إبليس بدست بيسان البصرة على أميال وهبطت الحية
بأصبهان.
وأخرج ابن جرير في تاريخه عن ابن عمر قال : إن الله أوحى
إلى آدم وهو ببلاد الهند إن حج هذا البيت فحج فكلما وضع قدميه صار
قرية ومابين خطوتيه مفازة حتى انتهى إلى البيت فطاف به
وقضى المناسك كلها ثم أراد الرجوع فمضى حتى إذا كان بالمازمين تلقته الملائكة
فقالت : بر حجك يا آدم فدخله من ذلك ، فلما رأت ذلك الملائكة منه قالت : يا آدم
إنا قد حججنا هذا قبلك قبل أن تخلق بألفي عام ، فتقاصرت إليه نفسه.
وأخرج الشافعي في الأم والبيهقي في الدلائل والأصبهاني
في الترغيب عن محمد بن كعب القرظي قال : حج آدم عليه السلام فلقيته الملائكة
فقالوا : بر نسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام.
وأخرج الخطيب في التاريخ بسند فيه من لا يعرف عن يحيى بن
أكثم أنه قال في مجلس الواثق : من حلق رأس آدم حين حج فتعايا الفقهاء
عن الجواب فقال الواثق : أنا أحضر من ينبئكم بالخبر ،
فبعث إلى علي بن محمد بن جعفر بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحين بن
علي بن أبي طالب فسأله ، فقال : حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن جده قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة فهبط بها فمسح بها
رأس آدم فتناثر الشعر منه فحيث بلغ نورها صار حرما.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن أبي موسى الأشعري
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار
الجنة وعلمه صنعة كل شيء ، فثماركم من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصحه والبيهقي
في البعث عن أبي موسى الأشعري ، موقوفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أهبط آدم بثلاثين
صنفا من فاكهة الجنة منها ما يؤكل داخله وخارجه ومنها ما يؤكل داخله ويطرح خارجه
ومنها ما يؤكل خارجه ويطرح داخله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء عن علي بن أبي طلحة
قال : أول شيء أكله آدم حين أهبط إلى الأرض الكمثرى وأنه لما أراد أن يتغوط أخذه
من ذلك كما يأخذ المرأة عند الولادة فذهب شرقا وغربا لا يدري كيف يصنع حتى نزل
إليه جبريل فأقعى آدم فخرج ذلك منه فلما وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
ثلاثة أشياء أنزلت مع آدم ، السندان والكلبتان والمطرقة.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر في التاريخ بسند ضعيف عن
سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن آدم أهبط إلى الأرض ومعه السندان
والكلبتان والمطرقة واهبطت حواء بجدة
وأخرج ابن عساكر من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
قال قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :
إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبا ولا فضة فلما
أن أهبط آدم وحواء أنزل معهما ذهبا وفضة فسلكه ينابيع الأرض منفعة لأولادهما من
بعدهما وجعل ذلك صداق آدم لحواء ، فلا ينبغي لأحد أن يتزوج إلا بصداق.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما أهبط الله آدم
أهبطه بأشياء ثمانية : أزواج من الأبل والبقر والضأن والمعز وأهبطه بباسنة فيها بذر
وتعريشة عنبة وريحانة والباسنة : قيل : آلات الصناع وقيل هي سكة الحرث وليس بعربي
محض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن السري بن يحيى
قال : اهبط آدم من الجنة ومعه البذور فوضع إبليس عليها يده فما أصاب يده ذهيت
منفعته
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أنس قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : هبط آدم وحواء عريانيين جميعا عليهما ورق الجنة فأصابه الحر حتى
قعد يبكي ويقول لها : يا حواء قد آذاني الحر فجاءه جبريل بقطن وأمرها أن تغزل
وعلمها وعلم آدم وأمر آدم بالحياكة وعلمه وكان لم يجامع إمرائته في الجنة حتى هبط
منها وكان كل منهما ينام على حدة حتى جاءه جبريل فأمره أن يأتي أهله وعلمه كيف
يأيتها فلما أتاها جاءه جبريل فقال : كيف وجدت إمرأتك قال : صالحة.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعا أول من حاك
آدم عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان آدم عليه السلام
حراثا وكان إدريس خياطا وكان نوح نجارا وكان هود تاجرا وكان إبراهيم راعيا وكان
داود زرادا وكان سليمان خواصا وكان موسى أجيرا وكان عيسى سياحا وكان محمد صلى الله
عليه وسلم شجاعا جعل رزقه تحت رمحه.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل عنده : إدن مني
أحدثك عن
الأنبياء المذكورين في كتاب الله ، أحدثك عن آدم كان
حراثا وعن نوح كان نجارا وعن إدريس كان خياطا وعن داود كان زرادا وعن موسى كان
راعيا وعن إبراهيم كان زراعا عظيم الضيافة وعن شعيب كان راعيا وعن لوط كان زراعا
وعن صالح كان تاجرا وعن سليمان كان ولي الملك ، ويصوم من الشهر ستة أيام في أوله
وثلاثة في وسطه وثلاثة في آخره وكان له تسعمائة سرية وثلاثمائة مهرية وأحدثك عن
ابن العذراء البتول عيسى ، أنه كان لا يخبى ء شيئا لغد ويقول : الذي غداني سوف
يعشيني والذي عشاني سوف يغديني ويعبد الله ليلته كلها وهو بالنهار يسبح ويصوم
الدهر ويقوم الليل كله.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال
: نزل آدم بالحجر الأسود من الجنة يمسح به دموعه ولم ترق دموع آدم حين خرج من
الجنة حتى رجع إليها
وأخرج أبو الشيخ ، عَن جَابر بن عبد الله قال : إن آدم
لما أهبط إلى الأرض شكا إلى ربه الوحشة فأوحى الله إليه : أن أنظر بحيال بيتي الذي
رأيت ملائكتي يطوفون به فاتخذ بيتا فطف به كما رأيت ملائكتي يطوفون به ، فكان ما
بين يديه مفاوز وما بين قدميه الأنهار والعيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : نزل آدم بالهند فنبتت
شجرة الطيب.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : خرج آدم من الجنة بين
الصلاتين ، صلاة الظهر وصلاة العصر فأنزل إلى الأرض ، وكان مكثه في الجنة نصف يوم
من أيام الآخرة وهو خمسمائة سنة من يوم كان مقداره اثنتي عشرة ساعة واليوم ألف سنة
مما يعد أهل الدنيا ، فأهبط آدم على جبل بالهند يقال له نود وأهبطت حواء بجدة فنزل
آدم معه ريح الجنة فعلق بشجرها وأوديتها فامتلأ ما هنالك
طيبا ثم يؤتى بالطيب من ريح آدم وقالوا : أنزل عليه من
طيب
الجنة أيضا وأنزل معه الحجر الأسود وكان أشد بياضا من
الثلج وعصا موسى وكانت من آس الجنة ، طولها عشرة أذرع على طول موسى ، ومر ولبان ،
ثم أنزل عليه بعد السندان والكلبة والمطرقتان فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى
قضيب من حديد نابت على الجبل فقال : هذا من هذا فجعل يكسر أشجارا قد عتقت ويبست
بالمطرقة ثم أوقد على ذلك القضيب حتى ذاب فكان أول شيء ضرب منه مدية فكان يعمل بها
ثم ضرب التنور وهو الذي ورثه نوح وهو الذي فار بالهند بالعذاب ، فلما حج آدم عليه
السلام وضع الحجر الأسود على أبي قبيس فكان يضيء لأهل مكة في ليالي الظلم كما يضيء
القمر فلما كان قبيل الإسلام بأربع سنين وقد كان الحيض والجنب يعمدون إليه يمسحونه
فاسود فأنزلته قريش من أبي قبيس وحج آدم من الهند أربعين حجة إلى مكة على رجليه ،
وكان آدم حين أهبط يمسح رأسه السماء فمن ثم صلع وأورث ولده الصلع ونفرت من طوله دواب
البر فصارت وحشا يومئذ وكان آدم وهو على ذلك الجبل قائما يسمع أصوات الملائكة ويجد
ريح الجنة ، فهبط من طوله ذلك إلى ستين ذراعا فكان ذلك طوله حتى مات ، ولم يجمع
حسن آدم لأحد من ولده إلا ليوسف عليه السلام وأنشأ آدم يقول : رب كنت جارك في دارك
ليس لي رب غيرك
ولا رقيب دونك آكل فيها رغدا واسكن حيث أحببت فأهبطتني
إلى هذا الجبل المقدس فكنت أسمع أصوات الملائكة وأراهم كيف يحفون بعرشك وأجد ريح
الجنة وطيبها ، ثم أهبطتني إلى الأرض وحططتني إلى ستين ذراعا فقد انقطع عني الصوت
والنظر وذهب عني ريح الجنة فأجابه الله تبارك وتعالى : لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك
، فلما رأى الله عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشا من الضأن من الثمانية الأزواج
التي أنزل الله من الجنة فأخذ آدم كبشا وذبحه ثم أخذ صوفه فغزلته حواء ونسجته هو
فنسج آدم جبة لنفسه وجعل لحواء درعا وخمارا فلبساه وقد كانا اجتمعا بجمع فسميت
(جمعا وتعارفا بعرفة فسميت عرفة وبكيا عاى ما فاتهما مائة سنة ولم يأكلا ولم يشربا
أربعين يوما ثم أكلا وشربا وهما يومئذ على نود الجبل الذي أهبط عليه آدم ولم يقرب
حواء مائة سنة.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس ، أن آدم كان لغته في الجنة
العربية فلما عصى سلبه الله العربية فتكلم بالسريانية فلما تاب رد عليه العربية
وأخرج أبو نعيم ، وَابن عساكر عن مجاهد قال : أوحى الله
إلى الملكين : أخرجا آدم وحواء من جواري فإنهما عصياني فالتفت آدم إلى حواء باكيا
وقال : استعدي للخروج من جوار الله هذا أول شؤم المعصية فنزع جبريل التاج عن رأسه
وحل ميكائيل الأكليل عن جبينه وتعلق به غصن فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة فنكس
رأسه يقول : العفو العفو فقال الله : فرار مني فقال : بل حياء منك يا سيدي.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن عطاء ، أن آدم لما
أهبط من الجنة خر في موضع البيت ساجدا فمكث أربعين سنة لا يرفع رأسه.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال : لما أهبط الله آدم إلى
الأرض قيل له : لن تأكل الخبز بالزيت حتى تعمل عملا مثل الموت.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الملك بن عمير قال : لما أهبط
آدم وإبليس ناح إبليس حتى بكى آدم ثم حدا ثم ضحك.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال بلغني أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : إن
آدم قبل أن يصيب الذنب كان أجله بين عينيه وأمله خلفه
فلما أصاب الذنب جعل الله أمله بين عينيه وأجله خلفه فلا يزال يؤمل حتى يموت.
وأخرج وكيع وأحمد في الزهد عن الحسن قال : كان آدم قبل
أن يصيب الخطيئة أجله بين عينيه وأمله وراء ظهره فلما أصاب الخطيئة حول أمله بين
عينيه وأجله وراء ظهره.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل
جميع ولده.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن ، أن آدم لما أهبط إلى الأرض
تحرك بطنه فأخذ لذلك غم فجعل لا يدري كيف يصنع فأوحى الله إليه : أن أقعد فقعد
فلما قضى حاجته فوجد الريح جزع وبكى وعض على إصبعه فلم يزل يعض عليها ألف عام.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : بكى آدم حين أهبط من
الجنة بكاء لم يبكه أحد فلو أن بكاء جميع بني آدم مع بكاء داود على خطيئته ما
عدل بكاء
آدم حين أخرج من الجنة ومكث أربعين سنة لا يرفع رأسه إلى
السماء.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن عدي في الكامل
والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب ، وَابن عساكر معا في التاريخ عن بريدة يرفعه قال
: لو أن بكاء داود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل بكاء آدم ما عدله ، ولفظ البيهقي :
لو وزن دموع آدم بجميع دموع ولده لرجحت دموعه على جميع دموع ولده.
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال : بكى آدم على الجنة ثلثمائة
سنة.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : إن الله لما أهبط آدم
وحواء قال : اهبطوا إلى الأرض فلدوا للموت وابنوا للخراب.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن مجاهد قال : لما أهبط آدم
إلى الأرض قال له ربه عز وجل : ابن للخراب ولد للفناء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال : لما
أهبط آدم إلى الأرض كان فيها نسر وحوت في البحر ولم يكن في الأرض غيرهما فلما رأى
النسر آدم وكان يأوي إلى الحوت ويبيت عنده كل ليلة قال : يا حوت
لقد أهبط ايوم إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيده
فقال له الحوت : لئن كنت صادقا مالي في البحر منه منجى ولا لك في البر.
قوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو
التواب الرحيم.
أخرج الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم
والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : لما أذنب آدم بالذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال : أسألك بحق
محمد إلا غفرت لي فأوحى الله إليه : ومن محمد فقال : تبارك اسمك ، لما خلقتني رفعت
رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد
أعظم عندك قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك ، فأوحى الله إليه : يا آدم إنه آخر النبيين
من ذريتك ولولا هو ما خلقتك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في
التوبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن
مردويه عن ابن عباس في قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات}
قال : أي رب ألم تخلقني
بيدك قال : بلى ، قال : أي رب ألم تنفخ في من روحك قال :
بلى ، قال أي رب ألم تسبق إلي رحمتك قبل غضبك قال : بلى ، قال : أي رب أرأيت إن
تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة قال : نعم.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن
عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاء
الكعبة فصلى ركعتين فألهمه الله هذا الدعاء : اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل
معذرتي وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي ، اللهم إني أسألك
إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي وأرضني بما
قسمت لي ، فأوحى الله إليه : يا آدم قد قبلت توبتك وغفرت ذنك ولن يدعوني أحد بهذا
الدعاء إلا غفرت له ذنبه وكفيته المهم من أمره وزجرت عنه الشيطان واتجرت له من
وراء
كل تاجر وأقبلت إليه الدنيا راغمة وإن لم يردها.
وأخرج الجندي والطبراني ، وَابن عساكر في فضائل مكة عن
عائشة قالت : لما أراد الله أن يتوب على آدم أذن له فطاف بالبيت سبعا - والبيت
يومئذ ربوة حمراء - فلما صلى ركعتين قام استقبل البيت وقال : اللهم إنك تعلم
سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي فأعطني سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي ،
اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما
كتبت لي والرضا بما قسمت لي ، فأوحى الله إليه : إني قد غفرت ذنبك ولن يأتي أحد من
ذريتك يدعوني بمثل ما دعوتني إلا غفرت ذنوبه وكشفت غمومه وهمومه ونزعت الفقر من
بين عينيه واتجرت له من وراء كل تاجر وجاءته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط
والبيهقي
في الدعوات ، وَابن عساكر بسند لابأس به عن بريدة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت
أسبوعا وصلى حذاء البيت ركعتين ثم قال : اللهم أنت تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي
وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي ، أسألك إيمانا يباهي قلبي
ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتيت لي ورضني بقضائك ، فأوحى الله
إليه : يا آدم إنك دعوتني بدعاء فاستجبت
لك فيه ولن يدعوني به أحد من ذريتك إلا استجبت له وغفرت
له ذنبه وفرجت همه وغمه واتجرت له من وراء كل تاجر وأتته الدنيا راغمة وإن كان لا
يريدها.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة وأبو
نعيم عن عبيد ان عمير اللثي قال : قال آدم : يا رب أرأيت ما أتيت أشيء كتبته علي
قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته علي نفسي قال : بل
شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك قال : يا رب فكما كتبته علي
فاغفره لي ، فذلك قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والن المنذر والبيهقي في شعب
الإيمان عن قتادة في قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال : ذكر لنا أنه قال : يا رب أرأيت
إن تبت وأصلحت قال : فإني إذن أرجعك إلى الجنة (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم
تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) فاستغفر آدم ربه وتاب إليه فتاب عليه.
وَأَمَّا عدو الله إبليس فوالله ما تنصل من ذنبه ولا سأل
التوبة حين وقع بما وقع به ولكنه سأل النظرة إلى يوم الدين فأعطى الله كل واحد
مهما ما سأل.
وأخرج الثعلبي من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {فتلقى
آدم من ربه كلمات} قال : قوله (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله
{فتلقى آدم من ربه كلمات} قال هو قوله (ربنا ظلمنا أنفسنا) الآية
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي عن محمد بن كعب القرظي في قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات}
قال : هو قوله (ربنا ظلمنا أنفسنا) الآيه ، ولو سكت الله عنها لتفحص رجال حتى
يعلموا ما هي.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال : هو قوله (ربنا ظلمنا
أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وعن الضحاك ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
من طريق ابن إسحاق التميمي قال : قلت لإبن عباس ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه
قال : علم شأن الحج ، فهي الكلمات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن زيد ي قوله {فتلقى
آدم من ربه كلمات} قال : لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب عملت سوءا
وظلمت نفسي فإغفر لي إنك أنت خير الغافرين ، لا إله إلا
أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين ، لا
إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنت أنت التواب
الرحيم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر عن أنس في
قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال : سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي
فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين ، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت
نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين ، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا
وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم ، وذكر أنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم ولكن شك فيه.
وأخرج هناد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : لما أصاب آدم
الخطيئة فزع إلى كلمة الإخلاص فقال : لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب عملت سوءا
وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ،
إن آدم عليه السلام طلب التوبة مائتي سنة حتى آتاه الله الكلمات ولقنه إياها قال :
بينا آدم عليه السلام جالس يبكي واضع راحته على جبينه إذا أتاه جبريل فسلم عليه
فبكى آدم وبكى جبريل لبكائه فقال له
: يا آدم ما هذه البلية التي أجحف بك بلاؤها وشقاؤها وما
هذا البكاء قال : يا جبريل وكيف لا أبكي وقد حولني ربي من ملكوت السموات إلى
هوان الأرض ومن دار المقام إلى دار الظعن والزوال ومن دار النعمة إلى دار البؤس
والشقاء ومن دار الخلد إلى دار الفناء كيف أحصي يا جبريل هذه المصيبة فانطلق جبريل
إلى ربه فأخبره بقالة آدم فقال الله عز وجل : انطلق يا جبريل إلى آدم فقل : يا آدم ألم
أخلقك بيدي قال : بلى يا رب قال : ألم أنفخ فيك من روحي قال : بلى يا رب قال : ألم أسجد لك ملائكتي
قال : بلى يا رب قال ألم أسكنك جنتي قال : بلى يا رب قال
: ألم آمرك فعصيتني قال : بلى يا رب قال : وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لو
أن ملء الأرض رجالا مثلك ثم عصوني لأنزلتهم منازل
العاصين غير أنه يا آدم قد سبقت رحمتي غضبي قد سمعت صوتك وتضرعك ورحمت بكاءك وأقلت
عثرتك فقل : لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت
خير الراحمين ، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي ، فتب علي إنك
أنت التواب الرحيم ، فذلك قوله {فتلقى آدم من ربه كلمات} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب
قال : لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه ، فجاءه جبريل فقال : يا آدم هل
أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه قال : بلى يا جبريل قال : قم في مقامك
الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدح فليس شيء أحب إلى الله من المدح قال : فأقول ماذا
يا جبريل قال : فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده
الخير كله وهو على كل شيء قدير ، ثم تبوء بخطيئتك فتقول : سبحانك اللهم وبحمدك لا
إله إلا أنت ، رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
، الله إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي ، قال : ففعل آدم
فقال الله : يا آدم من علمك هذا فقال : يا رب إنك لما نفخت في الروح فقمت بشرا
سويا أسمع وأبصر وأعقل وأنظر رأيت على ساق عرشك مكتوبا بسم الله الرحمن الرحيم لا
إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله فلما لم أر أثر اسمك اسم ملك مقرب
ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك ، قال : صدقت ، وقد تبت عليك وغفرت
لك خطيئتك قال : فحمد آدم ربه وشكره وانصرف بأعظم سرور ولم
ينصرف به عبد من عند ربه ، وكان لباس آدم النور قال الله
(ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما)
ثياب النور قال : فجاءته الملائكة أفواجا تهنئه يقولون :
لتهنك توبة الله يا أبا محمد.
وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال : اليوم الذي تاب الله
فيه على آدم يوم عاشوراء.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس بسند واه ، عَن عَلِي ،
قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قول الله {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب
عليه} فقال : إن الله أهبط آدم بالهند وحواء بجدة وإبليس ببيسان والحية بأصبهان ،
وكان للحية قوائم كقوائم البعير ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته حتى
بعث الله إليه جبريل وقال : يا آدم ألم أخلقك بيدي ألم أنفخ فيك من روحي ألم أسجد
لك ملائكتي ألم أزوجك حواء أمتي قال : بلى ، قال : فما هذا البكاء قال : وما
يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن قال : فعليك بهؤلاء الكلمات ، فإن الله
قابل توبتك وغافر ذنبك ، قل : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله
إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم إني أسألك
بحق
محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت
نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم ، فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم.
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال : سأل بحق محمد
وعلي وفاطمة والحسن والحسين ألا تبت علي فتاب عليه.
وأخرج الخطيب في أماليه ، وَابن عساكر بسند فيه مجاهيل
عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن آدم لما أكل من والشجرة أوحى
الله إليه : اهبط من جواري ، وعزتي لا يجاورني من عصاني ، فهبط إلى الأرض مسودا
فبكت الأرض وضجت ، فأوحى الله : يا آدم صم لي اليوم يوم ثلاثة عشر ، فصامه فأصبح
ثلثه أبيض ثم أوحى الله إليه : صم لي هذا اليوم يوم أربعة عشر ، فصامه فأصبح ثلثاه
أبيض ثم أوحى الله إليه صم لي هذا اليوم يوم خمسة عشر ، فصامه فأصبح كله أبيض ،
فسميت أيام البيض
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : لما أهبط الله آدم من
الجنة إلى الأرض قال له : يا آدم أربع احفظهن ، واحدة لي عندك وأخرى لك عندي وأخرى
بيني وبينك وأخرى بينك وبين الناس ، فأما التي لي عندك فتعبدني لا تشرك بي شيئا
وأما التي لك عندي فأوفيك عملك لا أظلمك شيئا وأما التي بيني وبينك فتدعوني
فاستجيب لك وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس أن تأتي إليهم بما ترضى أن
يؤتوا إليك بمثله.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الأسماء والصفات عن
سلمان قال : لما خلق الله آدم قال : يا آدم واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك
، فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من شيء جزيتك به
وأن أغفر فأنا غفور رحيم وأما التي بيني وبينك فمنك المسألة والدعاء وعلي الإجابة
والعطاء ، وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن سلمان رفعه.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : لما أهبط الله آدم إلى الأرض مكث فيها ما شاء الله أن يمكث
ثم قال له بنوه :
يا أبانا تكلم ، فقام خطيبا في أربعين ألفا من ولده وولد
ولده فقال : إن الله أمرني فقال : يا آدم أقلل كلامك ترجع إلى جواري.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : لما أهبط
الله آدم إلى الأرض أكثر ذريته فنمت فاجتمع إليه ذات يوم ولده وولد ولده فجعلوا
يتحدثون حوله وآدم ساكت لا يتكلم فقالوا : يا أبانا ما لنا نحن نتكلم وأنت ساكت لا
تتكلم فقال : يا بني إن الله لما أهبكني من جواره إلى الأرض عهد إلي فقال : يا آدم أقل
الكلام حتى ترجع إلى جواري.
وأخرج ابن عساكر عن فضالة بن عبيد قال : إن آدم كبر حتى
تلعب به بنو بنيه فقيل له : إلا تنهى بني بنيك أن يلعبوا بك قال : إني رأيت ما لم
يروا وسمعت ما لم يسمعوا وكنت في الجنة وسمعت الكلام إن ربي وعدني إن أنا أسكت فمي
أن يدخلني الجنة.
وأخرج ابن الصلاح في أماليه عن محمد بن النضر قال : قال
آدم : يا رب شغلتني بكسب يدي فعلمني شيئا فيه مجامع الحمد والتسبيح ، فأوحى الله
إليه : يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثا وإذا أمسيت فقل ثلاثا ، الحمد لله رب العالمين
حمدا يوافي نعمه ويكافى ء مزيده ، فذلك مجامع الحمد والتسبيح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة قال : كان آدم عليه
السلام يشرب من السحاب.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن كعب قال : أول من ضرب
الدينار والدرهم
آدم عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن يحيى قال : أول من ضرب
الدينار والدرهم آدم ولا تصلح المعيشة إلا بهما.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : أول من مات آدم عليه
السلام.
وأخرج ابن سعد والحاكم ، وَابن مردويه عن عن أبي بن كعب
عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما حضر آدم قال لبنيه : انطلقوا فاجنوا لي
من ثمار الجنة فخرجوا
فاستقبلتهم الملائكة فقالوا : أين تريدون قالوا : بعثنا
أبونا لنجني له من ثمار الجنة فقالوا : ارجعوا فقد كفيتم ، فرجعوا معهم حتى دخلوا
على آدم فلما رأتهم حواء ذعرت منهم وجعلت تدنو إلى آدم وتلصق به فقال : إليك عني ،
إليك عني فمن قبلك أتيت ، خلي بيني وبين ملائكة ربي قال : فقبضوا روحه ثم غسلوه
وحنطوه وكفنوه ثم صلوا عليه ثم حفروا له ودفنوه ثم قالوا : يا بني آدم هذه سنتكم
في موتاكم فكذلكم فافعلوا ، وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي ، موقوفا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : إن آدم لما حضرته الوفاة أرسل الله إليه بكفن وحنوط من الجنة فلما رأت حواء
الملائكة جزعت فقال : خلي بيني وبين رسل ربي ، فما لقيت الذي لقيت إلا منك ولا
أصابني الذي أصابني إلا منك.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان لآدم بنون ، ود
سواع ويغوث ويعوق ونسر ، فكان أكبرهم يغوث فقال له : يا بني انطلق ، فإن لقيت أحدا
من الملائكة فأمره يجيئني بطعام من الجنة وشراب من
شرابها ، فانطلق فلقي جبريل بالكعبة فسأله عن ذلك قال : ارجع فإن أباك يموت ، فرجع
فوجداه يجود بنفسه فوليه جبريل فجاءه بكفن وحنوط وسدر ثم قال : يا بني آدم أترون
ما أصنع بأبيكم فاصنعوه بموتاكم فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم حملوه إلى الكعبة فكبر
عليه أربعا ووضعوه مما يلي القبلة عند القبور ودفنوه في مسجد الخيف.
وأخرج الدارقطني في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال
: صلى جبريل على آدم وكبر عليه أربعا ، صلى جبريل بالملائكة يومئذ في مسجد الخيف
وأخذ من قبل القبلة ولحد له وسنم قبره
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم أتي بجنازة فصلى عليها وكبر أربعا وقال : كبرت الملائكة على آدم
أربع تكبيرات.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : ألحد آدم وغسل بالماء وترا ، فقالت الملائكة : هذه سنة ولد آدم من بعده.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن أبي فراس قال : قبر آدم
في مغارة فيما بين بيت المقدس ومسجد إبراهيم ورجلاه عند الصخرة ورأسه عند مسجد
إبراهيم ، وبينهما ثمانية عشر ميلا.
وأخرج ابن عساكر عن عطاء الخراساني قال : بكت الخلائق
على آدم حين توفي سبعة أيام.
وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن
عساكر ، عَن جَابر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ليس أحد من أهل الجنة
إلا يدعى باسمه إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد وليس أحد من أهل الجنة إلا وهم جرد مرد
إلا ما كان من موسى بن عمران فإن لحيته تبلغ سرته.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر ، عَن
عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل الجنة ليست لهم كنى إلا آدم
فإنه يكنى أبا محمد تعظيما وتوقيرا.
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم عليه
السلام له لحية سوداء إلى سرته
: وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية وإنما كانت اللحى
بعد آدم وليس أحد يكنى في الجنة غير آدم ، يكنى فيها أبا محمد.
وأخرج أبو الشيخ عن بكر بن عبد الله المزني قال : ليس
أحد في الجنة له كنية إلا آدم يكنى أبا محمد ، أكرم الله بذلك محمدا صلى الله عليه
وسلم.
وأخرج ابن عساكر عن غالب بن عبد الله العقيلي قال : كنية
آدم في الدنيا أبو البشر وفي الجنة أبو محمد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان قال : أهبط
آدم
بالهند وأنه لما توفي حمله خمسون ومائة رجل من بنيه إلى
بيت المقدس وكان طوله ثلاثين ميلا ودفنوه بها وجعلوا رأسه عند الصخرة ورجليه خارجا
من بيت المقدس ثلاثين ميلا.
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال : إن آدم لما
طؤطى ء منع كلام الملائكة - وكان يستأنس بكلامهم - بكى على الجنة مائة سنة فقال الله عز
وجل له : يا آدم ما يحزنك قال : كيف لا أحزن وقد أهبطتني من الجنة ولا أدري أعود
إليها أم لا فقال الله تعالى : يا آدم قل : اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
سبحانك وبحمدك ، رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي
إنك أنت خير الغافرين ، والثانية : اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك
وبحمدك ، رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت أرحم الراحمين ، والثالثة
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك لا شريك لك رب عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي
إنك أنت التواب الرحيم ، فهي الكلمات التي أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم
{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} قال : وهي لولده من
بعده وقال آدم لابن له
يقال هبة الله ، ويسميه أهل التوراة وأهل الإنجيل شيث :
تعبد لربك وأسأله أيردني إلى الجنة أم لا فتعبد الله وسأل ، فأوحى الله إليه : إني
راده إلى الجنة فقال : أي رب إني لست آمن إن أبي سيسألني العلامة فألقى الله سوارا
من أسورة الحورفلما أتاه قال : ما وراءك قال : أبشر قال : أخبرني أنه رادك إلى
الجنه قال : فما سألته العلامة ، فأخرج السوار فرآه فعرفه فخر ساجدا فبكى حتى سال
من عينيه نهر من دموع ، وآثاره تعرف بالهند ، وذكر أن كنز الذهب بالهند مما ينبت
من ذلك السوار ثم قال : استطعم لي ربك من ثمر الجنة ، فلما خرج من عنده مات آدم
فجاءه جبريل فقال : إلى أين قال : إن أبي أرسلني أن أطلب إلى ربي أن يطعمه من ثمر
الجنة قال : فإن ربه قضى أن لا يأكل منها شيئا حتى يعود إليها وأنه قد مات فأرجع
فواره فأخذ جبريل عليه السلام فغسله وكفنه وحنطه وصلى عليه ثم قال جبريل : هكذا
فاصنعوا بموتاكم.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : قبر آدم عليه السلام بني
في مسجد
الخيف وقبر حواء بجدة.
وأخرج ابن أبي حنيفة في تاريخه ، وَابن عساكر عن الزهري
والشعبي قالا : لما هبط آدم من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم فكان ذلك
التاريخ حتى بعث الله نوحا فأرخوا ببعث نوح حتى كان الغرق فكان التاريخ من الطوفان
إلى نار إبراهيم فأرخ بنو إسحاق من نار إبراهيم إلى بعث يوسف ومن بعث يوسف إلى
مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى ملك عيسى ومن مبعث
عيسى إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرخ بنو اسماعيل من نار إبراهيم إلى
بناء البيت حين بناه إبراهيم واسماعيل ، فكان التاريخ من بناء البيت حتى تفرقت معد
فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا مخرجهم حتى مات كعب بن لؤي
فأرخوا من موته إلى الفيل فكان التاريخ من الفيل حتى أرخ
عمر بن الخطاب من الهجرة ، وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة.
وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عمران قال : لم يزل
للناس تاريخ كانوا يؤرخون في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة فلم يزل ذلك حتى
بعث الله نوحا فأرخوا من دعاء نوح على قومه ثم أرخوا من الطوفان ثم أرخوا من
نار إبراهيم ثم أرخ بنو اسماعيل من بنيان الكعبة ثم
أرخوا من موت كعب بن لؤي ثم أرخوا من عام الفيل ثم أرخ المسلمون بعد من هجرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى : قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني
هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا
أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله
{قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى} قال : الهدى الأنبياء والرسل
والبيان.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله {فمن اتبع هداي}
الآية ، قال : ما زال لله في الأرض أولياء منذ هبط آدم ما أخلى الأرض لإبليس إلا
وفيها أولياء له يعملون لله بطاعته.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي الطفيل قال : قرأ
رسول الله صلى الله عليه وسلم {فمن اتبع هداي} بتثقيل الياء وفتحها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {فلا خوف
عليهم} يعني في الآخرة {ولا هم يحزنون} يعني لا يحزنون للموت
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان عن
قتادة قال : لما هبط إبليس قال : أي رب قد لعنته فما علمه قال : السحر ، قال : فما
قراءته قال : الشعر ، قال : فما كتابه قال : الوشم ، قال : فما طعامه قال : كل ميتة وما
لم يذكر اسم الله عليه ، قال : فما شرابه قال : كل مسكر ، قال : فأين مسكنه قال :
الحمام ، قال : فأين مجلسه قال : الأسواق ، قال : فما صوته قال : المزمار ، قال :
فما مصائده : قال : النساء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول
صلى الله عليه وسلم قال إبليس لربه تعالى : يا رب قد أهبط آدم وقد علمت أنه سيكون
كتاب ورسل فما كتابهم ورسلهم قال : رسلهم الملائكة والنبيون وكتبهم التوراة
والإنجيل والزبور والفرقان ، قال : فما كتابي قال : كتابك الوشم وقراءتك الشعر
ورسلك الكهنة وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه وشرابك كل مسكر وصدقك الكذب وبيتك
الحمام ومصائدك النساء ومؤذنك المزمار ومسجدك الأسواق
قوله تعالى : يا بني إسرائيل اذكروا نعمي التي أنعمت
عليكم وأوفوا بعهدي أوفي بعهدكم وإيي فارهبون * وأمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم
ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآيتي ثمنا قليلا وإيي فاتقون * ولا تلبسوا
الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون * وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع
الراكعين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال :
إسرائيل يعقوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إسرائيل هو يعقوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي مجلز قال :
كان يعقوب رجلا بطيشا فلقي ملكا فعالجه فصرعه الملك فضربه على فخذيه فلما رأى
يعقوب ما صنع به بطش به فقال : ما أنا بتاركك حتى تسميني اسما ، فسماه إسرائيل ،
قال أبو مجلز : ألا ترى أنه من أسماء الملائكة إسرائيل وجبريل وميكائيل وإسرافيل.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانت الأنبياء من
بني إسرائيل إلا عشرة ، نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ومحمد
عليه السلام ولم من الأنبياء من له اسمان إلا إسرائيل وعيسى فإسرائيل يعقوب وعيسى
المسيح.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس : إن إسرائيل وميكائيل
وجبريل وإسرافيل كقولك عبد الله
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن الحرث البصري قال ايل
الله بالعبرانية.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {يا بني إسرائيل} قال : للأحبار من اليهود {اذكروا نعمتي التي أنعمت
عليكم} أي آلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه {وأوفوا بعهدي} الذي أخذت
بأعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءكم {أوف بعهدكم} أنجز لكم ما وعدتكم عليه
بتصديقكم معه وأتباعه بوضع ما كان عليهم من الإصر والأغلال {وإياي فارهبون} أن
أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات {وآمنوا بما أنزلت مصدقا
لما معكم ولا تكونوا أول كافر به} وعندكم به من العلم ما ليس عند غيركم {وتكتموا
الحق وأنتم تعلمون} أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم
تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{وأوفوا بعهدي} يقول : ما أمرتكم به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم وغيره {أوف بعهدكم} يقول : أرض عنكم وأدخلكم الجنة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {وأوفوا بعهدي أوف
بعهدكم} قال : هو الميثاق الذي أخذ عليهم في سورة (لقد أخذ الله ميثاق بني
إسرائيل) (المائدة الآية 12) الآية.
وأخرج عبد بن حميدعن قتادة في قوله !
{وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قال : العهد الذي أخذ الله
عليهم وأعطاهم الآية التي في سورة المائدة (لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل)
(المائدة الآية 12) إلى قوله (ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن في قوله {وأوفوا بعهدي
أوف بعهدكم} قال : أوفوا بما افترضت عليكم أوف لكم بما رايت الوعد لكم به على نفسي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك في
قوله {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قال : أوفوا بطاعتي أوف لكم بالجنة.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {وآمنوا بما
أنزلت} قال : القرآن {مصدقا لما معكم} قال : التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {ولا تكونوا أول
كافر به} قال : بالقرآن.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال : يقول يا
معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت على محمد مصدقا لما معكم لأنكم تجدونه مكتوبا
عندكم في التوراة والإنجيل {ولا تكونوا أول كافر به} يقول : لا تكونوا أول من كفر
بمحمد {ولا تشتروا بآياتي ثمنا} يقول : لا تأخذوا عليه أجرا ، قال : وهو مكتوب
عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {ولا تشتروا
بآياتي ثمنا قليلا} قال : لا تأخذ على ما علمت أجرا فإنما أجر العلماء والحكماء على الله
وهم يجدونه عندهم يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ولا تلبسوا الحق
بالباطل} قال : لا تخلطوا الصدق بالكذب {وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} قال : لا
تكتموا الحق وأنتم قد علمتم أن محمدا رسول الله.
وأخرج عبد بن حميدعن قتادة في قوله {ولا تلبسوا الحق
بالباطل} قال : لا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله
الإسلام وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله {وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}
قال : كتموا محمدا وهم يعلمون أنه رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة
والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله {ولا تلبسوا الحق
بالباطل} قال : الحق التوراة التي أنزل الله والباطل الذي كتبوه بأيديهم
وأخرج ابن جرير عن السدي عن مجاهد في قوله {وتكتموا
الحق} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {واركعوا} قال :
صلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {واركعوا مع
الراكعين} قال : أمرهم أن يركعوا مع أمة محمد يقول : كونوا منهم ومعهم.
قوله تعالى : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم
تتلون الكتاب أفلا تعقلون.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أتأمرون الناس
بالبر وتنسون أنفسكم} قال : أولئك أهل الكتاب كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم
يتلون الكتاب ولا ينتفعون بما فيه.
وأخرج الثعلبي والواحدي عن ابن عباس قال : نزلت هذه
الآية في يهود أهل المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينه
وبينهم رضاع من المسلمين : اثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل -
يعنون به محمدا - فإن أمره حق وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {أتأمرون الناس
بالبر} قال :
بالدخول في دين محمد {وأنتم تتلون} يقولون : تدرسون
الكتاب بذلك {أفلا تعقلون} تفهمون ينهاهم عن هذا الخلق القبيح.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في الآية قال : تنهون الناس عن الكفر لما عندكم من النبوة والعهد من التوراة
وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي قلابة في الآية قال : قال أبو الدرداء : لا
يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد
مقتا.
وأخرج وكيع ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد
والبزار وأبن أبي داود في البعث ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان
وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار
كلما قرضت رجعت فقلت لجبريل : من هؤلاء قال : هؤلاء خطباء من أمتك كانوا يأمرون
الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا
يعقلون.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق
به أقتابه فيدور بها كما يدور
الحمار برحاه فيطف به أهل النار فيقولون : يا فلان مالك
ما أصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ، فيقول : كنت آمركم بالمعروف
ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه.
وأخرج الخطيب في اقتضاء العلم بالعمل ، وَابن النجار في
تاريخ بغداد ، عَن جَابر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اطلع قوم من أهل
الجنة على قوم من أهل النار فقالوا : بم دخلتم النار وإنما دخلنا الجنة بتعليمكم
قالوا : إنا كنا نأمركم ولا نفعل
وأخرج الطبراني والخطيب في اقتضاء العلم بالعمل ، وَابن
عساكر بسند ضعيف عن الوليد بن عقبة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أناسا من أهل
الجنة يتطلعون إلى أناس من أهل النار فيقولون : بم دخلتم النار فوالله ما دخلنا
الجنة إلا بتعليمكم فيقولون : إنا كنا نقول ولا نفعل.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الوليد بن
عقبة أنه خطب الناس فقال في خطبته : ليدخلن أمراء النار ويدخلن من أطاعهم الجنة
فيقولون لهم وهم في النار : كيف دخلتم النار وإنما دخلنا الجنة بطاعتكم فيقولون
لهم : إنا كنا نأمركم بأشياء نخالف إلى غيرها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : يشرف قوم في الجنة
على قوم في النار فيقولون : ما لكم في النار وإنما كنا نعمل بما تعلمون ، قالوا :
كنا نعلمكم ولا نعمل به.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن الشعبي قال : يطلع قوم من
أهل الجنة
إلى قوم من النار فيقولون : ما أدخلكم النار وإنما دخلنا
الجنة بفضل تأدبيكم وتعليمكم قالوا : إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله.
وأخرج الطبراني والخطيب في الإقتضاء والأصبهاني في
الترغيب بسند جيد عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل
العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن
جندب البجلي قال : إن مثل الذي يعظ الناس وينسى نفسه كمثل المصباح يضيء لغيره
ويحرق نفسه.
وأخرج الطبراني والخطيب في الإقتضاء عن أبي بزرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثل الذي يعلم الناس وينسى نفسه كمثل الفتيلة تضيء للناس
وتحرق نفسها.
وأخرج ابن قانع في معجمه والخطيب في الإقتضاء عن سليك
قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول إذا علم
العالم ولم يعمل كان كالمصباح يضيء للناس ويحرق نفسه.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب بسند ضعيف عن أبي أمامة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاء بالعالم السوء يوم القيامة فيقذف في جهنم
فيدور بقصبه - قلت : ما قصبه قال : أمعاؤه - كما يدور الحمار بالرحى فيقال :
يا ويله بم لقيت هذا وإنما اهتدينا بك قال : كنت أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من دعا الناس إلى قول أو عمل ولم يعمل هو به لم يزل في ظل
سخط الله حتى يكف أو يعمل ما قال ودعا إليه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر
عن ابن عباس ، أنه جاءه رجل فقال
: يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر
، قال : أو بلغت ذلك قال : أرجو ، قال : فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب
الله فافعل ، قال : وما هن قال : قوله عز وجل {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} أحكمت هذه الآية
قال : لا ، قال : فالحرف الثاني قال قوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا
عند الله
أن تقولوا مالا تفعلون) (الصف الآية 3) أحكمت هذه الآية
قال : لا ، قال : فالحرف الثالث قال قول العبد الصالح شعيب (ما أريد أن أخالفكم
إلى ما أنهاكم عنه) (هود الآية 88) أحكمت هذه الآية قال : لا ، قال : فابدأ بنفسك.
وأخرج ابن المبارك في الزهد والبيهقي في شعب الإيمان عن
الشعبي قال : ما خطب خطيب في الدنيا إلا سيعرض الله عليه خطبته ما أراد بها.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي
الدرداء قال : ويل للذي لا يعلم مرة ولو شاء الله لعلمه وويل للذي يعلم ولا يعمل
سبع مرات.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن مسعود قال : ويل
للذي لا يعلم ولو شاء الله لعلمه وويل لمن يعلم ثم لايعمل سبع مرات.
قوله تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا
على الخاشعين.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {واستعينوا بالصبر
والصلاة} قال : إنهما معونتان من الله فاستعينوا بهما.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العزاء ، وَابن أبي حاتم
عن سعيد بن جبير قال : الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب منه واحتسابه عند الله رجاء
ثوابه وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال : الصبر صبران
: صبر عند المصيبة حسن وأحسن منه الصبر عن محارم الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الصبر بابين الصبر
لله فيما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان والصبر عما كره وإن نازعت إليه الأهواء
فمن كان هكذا فهو من الصابرين الذين يسلم عليهم إن شاء الله تعالى.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر وأبو الشيخ في
الثواب والديلمي في مسند الفردوس ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم الصبر ثلاثة فصبر على المصيبة وصبر على الطاعة وصبر على المعصية
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والترمذي وحسنه ،
وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وفي الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : كنت
رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن
قلت : بلى ، قال : احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء
يعرفك في الشدة وأعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وإن
الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئا لم يرد الله أن يعطيكه لم يقدروا على ذلك أو
أن يصرفوا عنك شيئا أراد اله أن يعطيكه لم يقدروا على ذلك وأن قد جف القلم بما هو
كائن إلى يوم القيامة فإذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا اعتصمت
فاعتصم بالله واعمل لله بالشكر في اليقين وأعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير وإن
النصر مع الصبر وإن الفرج مع الكرب إن مع العسر يسرا.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه والبيهقي
والأصبهاني في الترغيب عن سهل بن سعد الساعدي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لعبد الله بن عباس ألا أعلمك كلمات تنتفع بهن قال : بلى يا رسول
الله ، قال : احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف
إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة فإذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله
جف القلم بما هو كائن فلو جهد العباد أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا
عليه ولو جهد العباد أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه فإن استطعت
أن تعمل لله بالصدق في اليقين فافعل فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا
وأعلم أن النصر مع الصبر وإن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا.
وأخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس قال
: كنت ذات يوم رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أعلمك خصالا ينفعك اله
بهن قلت : بلى ، قال : عليك بالعلم فإن العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل
دليله والعمل قيمه والرفق أبوه واللين أخوه والصبر أمير جنوده.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والخرائطي في كتاب الشكر
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان نصفان ، فنصف في الصبر
ونصف في الشكر
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني
والبيهقي عن ابن مسعود موقوفا مثله ، وقال البيهقي : إنه المحفوظ.
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال : الإيمان على
أربع دعائم ، على الصبر والعدل واليقين والجهاد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله
قال : قيل يا رسول الله أي الإيمان أفضل قال : الصبر والسماحة ، قيل : فأي
المؤمنين أكمل إيمانا قال : أحسنهم خلقا.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن
أبيه عن جده قال : بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل فقال :
يا رسول الله ما الإيمان قال : الصبر والسماحة ، قال : فأي الإسلام أفضل قال : من
سلم المسلمون من لسانه ويده ، قال : فأي الهجرة أفضل قال : من هجر السوء ، قال :
فأي الجهاد أفضل
قال : من أهرق دمه وعقر جواده ، قال :
فأي الصدقة أحسن أفضل قال : جهد المقل ، قال : فأي
الصلاة أفضل قال : طول القنوت.
وأخرج أحمد والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال : قال رجل
يا رسول الله أي العمل أفضل قال : الصبر والسماحة ، قال : أريد أفضل من ذلك ، قال
: لا تتهم الله في شيء من قضائه.
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : الإيمان الصبر والسماحة
الصبر عن محارم الله وأداء فرائض الله.
وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان والبيهقي ، عَن
عَلِي ، قال : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد إذا قطع الرأس نتن باقي
الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال ادخل نفسك في هموم الدنيا واخرج منها بالصب وليردك عن
الناس ما تعلم من نفسك.
وأخرج البيهقي عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من قضى
نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ومن مد
عينيه إلى زينة المترفين كان مهينا في ملكوت السماء ومن صبر على القوت الشديد
أسكنه الله الفردوس حيث شاء.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي ، وَابن ماجه والبيهقي واللفظ
له عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال قد أفلح من أسلم وكان رزقه
كفافا وصبر على ذلك.
وأخرج البيهقي عن أبي الحويرث أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال طوبى لمن رزقه الله الكفاف وصبر عليه.
وأخرج البيهقي عن عسعس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد رجلا فسأل عنه فجاء فقال : يا رسول الله إني أردت أن آتي هذا الجبل فأخلو فيه
وأتعبد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لصبر أحدكم ساعة على ما يكره في بعض
مواطن الإسلام خير من عبادته خاليا أربعين سنة.
وأخرج البيهقي من طريق عسعس بن سلامة عن أبي حاضر الأسدي
أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رجلا فسأل عنه فقيل :
إنه قد تفرد يتعبد ، فبعث إليه فأتى إليه فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا
إن موطنا من مواطن المسلمين أفضل من عبادة الرجل وحده ستين سنة ، قالها ثلاثا.
وأخرج البخاري في الأدب والترمذي ، وَابن ماجه عن ابن
عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من
المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم أيكم يسره أن يقيه الله من فيح حهنم ثم قال : ألا إن عمل الجنة خزن
بربوة ثلاثا ألا إن عمل النهار سهل لشهوة ثلاثا والسعيد من وقي الفتن ومن ابتلي
فصبر فيا لها ثم يا لها ،.
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثا إلا أتاهم الله برزق.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من حديث ابن
عمر ، مثله.
وأخرج البيهقي من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاع أو احتاج فكتمه الناس كان حقا على الله أن
يرزقه رزق سنة من حلال.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : ما من مؤمن تقي يحبس
الله عنه الدنيا ثلاثة أيام وهو في ذلك راض عن الله من غير جزع إلا وجبت له الجنة.
وأخرج البيهقي عن شريح قال : إني لأصاب بالمصيبة فأحمد
الله عليها أربع مرات : أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي وأحمده إذ رزقني الصبر عليها
وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب وأحمده إذ لم يجعلها في ديني.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن قال : خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل منكم من يريد أن يؤتيه الله علما بغير
تعلم وهديا بغير هداية هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا ألا
إنه من زهد الدنيا وقصر أمله فيها أعطاه الله علما بغير تعلم
وهدى بغير هداية ألا إنه سيكون بعدكم قوم لايستقيم لهم
الملك إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالبخل والفخر ولا المحبة إلا باللاستجرام
في الدين واتباع الهوى ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر للفقر وهو يقدر على
الغنى وصبر للبغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد
بذلك إلا وجه الله أعطاه ثواب خمسين صديقا.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أفضل الإيمان الصبر والسماحة.
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه
من يستعف يعفه الله ومن يستغن
يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله ولم تعطوا عطاءا خيرا
وأوسع من الصبر
=======
ج2. كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي
بكر السيوطير
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب قال : وجدنا خير
عيشنا الصبر.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال : ما
نال رجلا من جسيم الخير شيء إلا بالصبر.
وَأَمَّا قوله تعالى : {والصلاة}.
أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {واستعينوا بالصبر
والصلاة} قال : على مرضاة الله واعلموا أنهما من طاعة الله.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن جَرِير عن حذيفة قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن عساكر عن أبي الدرداء قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة ريح كان مفزعه إلى المسجد حتى
يسكن وإذا حدث في السماء حدث من كسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى الصلاة
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن حبان عن صهيب عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال كانوا - يعني الأنبياء - يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في
شعب الإيمان عن ابن عباس ، أنه كان في مسير له فنعي إليه ابن له فنزل فصلى ركعتين
ثم استرجع وقال : فعلنا كما أمرنا الله فقال {واستعينوا بالصبر والصلاة}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
والبيهقي في الشعب عن ابن عباس ، أنه نعي إليه أخوه قثم وهو في مسير فاسترجع ثم
تنحى عن الطريق فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول
{واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن محمد بن عبادة
بن الصامت قال : لما حضرت عبادة الوفاة قال : أحرج على إنسان منكم يبكي فإذا
خرجت نفسي فتوضؤوا وأحسنوا الوضوء ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجدا فيصلي ثم يستغفر
لعباده ولنفسه فإن الله تبارك وتعالى قال !
{واستعينوا بالصبر والصلاة} ثم أسرعوا بي إلى حفرتي.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي من طريق معمر عن
الزهري عن حميد
ابن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة وكانت
من المهاجرات الأول في قوله {واستعينوا بالصبر والصلاة} قالت : غشي على الرحمن بن
عبد الرحمن غشية فظنوا أنه أفاض نفسه فيها فخرجت امرأته أم كلثوم إلى المسجد
تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة فلما أفاق قال : أغشي علي آنفا قالوا : نعم ،
قال : صدقتم إنه جاءني ملكان فقالا لي : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين ، فقال
ملك أخر : ارجعا فإن هذا ممن كتبت له السعادة وهم في بطون أمهاتهم ويستمع به بنوه
ما شاء الله فعاش بعد ذلك شهرا ثم مات.
وأخرج البيهقي في الشعب عن مقاتل بن حبان في قوله
{واستعينوا بالصبر والصلاة} يقول : استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض
والصلاة فحافظوا عليها وعلى مواقيتها وتلاوة القرآن فيها وركوعها وسجودها وتكبيرها
والتشهد فيها والصلاة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وإكمال ظهورها فذلك إقامتها
وإتمامها قوله {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} يقول :
صرفك عن بيت المقدس إلى الكعبة كبر ذلك على المنافقين
واليهود {إلا على الخاشعين} يعني المتواضعين.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وإنها لكبيرة} قال :
لثقيلة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وإنها لكبيرة} قال :
قال المشركون واله يا محمد إنك لتدعونا إلى أمر كبير ، قال : إن الصلاة والإيمان
بالله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{إلا على الخاشعين} قال : المصدقين بما أنزل الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {إلا على الخاشعين}
قال : المؤمنين حقا.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {إلا على
الخاشعين} قال : الخائفين.
قوله تعالى : الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه
راجعون.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد
قال : كل ظن في
القرآن فهو يقين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ما كان من ظن الآخرة فهو
علم.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {وأنهم إليه
راجعون} قال : يسيقنون أنهم راجعون إليه يوم القيامة.
قوله تعالى : يا بني إسرائيل اذكروا نعمني التي أنعمت
عليكم وإني فضلتكم على العالمين.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب أنه
كان إذا تلا {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} قال : مضى القوم وإنما يعني به أنتم.
وأخرج ابن جرير عن سفيان بن عينية في قوله {اذكروا
نعمتي} قال : إيادي الله عليكم وأيامه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {يا بني إسرائيل
اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} قال : نعمة الله التي أنعم على بني إسرائيل فيما
سمي وفيما سوى ذلك فجر لهم الحجر وأنزل عليهم المن والسلوى وأنجاهم من عبودية آل
فرعون.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله
{وأني فضلتكم
على العالمين} قال : فضلوا على العالم الذي كانوا فيه
ولكل زمان عالم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وأني فضلتكم على
العالمين} قال : على من هم بين ظهريه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله
{وأني فضلتكم على العالمين} قال : بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على من كان في
ذلك الزمان فإن لكل زمان عالما.
قوله تعالى : واتقوا يوما لاتجزى نفس عن نفس شيئا ولا
يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون.
أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قرأت على أبي بن
كعب
{واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس} بالتاء {ولا يقبل منها
شفاعة} بالتاء {ولا يؤخذ منها عدل} بالياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لا تجزي نفس عن
نفس
شيئا} قال : لا تغني نفس مؤمنة عن نفس كافرة من المنفعة
شيئا.
وأخرج ابن جرير عن عمر بن قيس الملائي عن رجل من بني
أمية من أهل الشام أحسن الثناء عليه قال : قيل : يا رسول الله ما العدل قال :
العدل الفدية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ولا
يؤخذ منها عدل} قال : بدل البدل الفدية.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في
قراءتنا قبل الخمسين من البقرة مكان / {لا تقبل منها شفاعة > / لا يؤخذ.
قوله تعالى : وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء
العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساؤكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قالت الكهنة لفرعون :
أنه يولد في هذا العام مولود يذهب بملكك ، فجعل فرعون على كل ألف امرأة مائة رجل
وعلى كل مائة عشرة وعلى كل عشر رجلا فقال : أنظروا كل امرأة حامل في المدينة فإذا
وضعت حملها ذكرا فاذبحوه وإن أتت أنثى فخلوا
عنها وذلك قوله {يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {يسومونكم
سوء العذاب} الآية ، قال : إن فرعون ملكهم أربعمائة سنة فقال له الكهنة : سيولد
العام بمصر غلام يكون هلاكك على يديه ، فبعث في أهل مصر للنساء قوابل فإذا ولدت
أمرأة غلاما أتى به فرعون فقتله ويستحي الجواري.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{بلاء من ربكم عظيم} يقول : نعمة.
وأخرج وكيع عن مجاهد في قوله {وفي ذلكم بلاء من ربكم
عظيم} قال : نعمة من ربكم عظيمة.
قوله تعالى : وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل
فرعون وأنتم تنظرون
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وإذ فرقنا بكم
البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} قال : أي والله لفرق بهم البحر
حتى صار طريقا يبسا يمشون فيه (فأنجاهم وأغرق آل فرعون) عدوهم نعم من عند الله
يعرفهم لكيما
يشكروا ويعرفوا حقه.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن ابن
عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم
عاشوراء فقال : ما هذا اليوم الذي تصومون قالوا : هذا يوم صالح نجى الله فيه بني
إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن أحق بموسى
منكم فصامه وأمر بصومه.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير ،
إن هرقل كتب إلى معاوية وقال : إن كان بقي فيهم شيء من النبوة فسيخبرني عما اسالهم
عنه ، قال : وكتب إليه يسأله عن المجرة وعن القوس وعن البقعة التي لم تصبها الشمس
إلا ساعة واحدة قال : فلما أتى معاوية الكتاب والرسول قال : إن هذا شيء مل كنت آبه
له أن أسال عنه إلى يومي هذا من لهذا قالوا : ابن عباس ، وطوى معاوية كتاب هرقل
وبعثه إلى ابن عباس فكتب إليه : إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق والمجرة باب
السماء الذي تشق منه وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من نهار فالبحر
الذي أفرج عن بني إسرائيل
وأخرج أبو يعلى ، وَابن مردويه عن أنس عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال فلق البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء.
قوله تعالى : وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم
العجل من بعده وأنتم ظالمون.
أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {وإذ واعدنا موسى
أربعين ليلة} قال : ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة وذلك حين خلف موسى أصحابه
واستخلف عليهم هارون فمكث على الطور أربعين ليلة وأنزل
عليهم التوراة في اللوح فقربه الرب نجيا وكلمه وسمع صرير القلم وبلغنا أنه لم يحدث
حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط الطور ، أما قوله {ثم اتخذتم}.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم عجل بني سرائيل
الذي عبدوه يهبوب.
قوله تعالى : ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون
أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {ثم عفونا عنكم من
بعد ذلك} يعني من بعد ما اتخذتم العجل.
قوله تعالى : وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم
تهتدون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان} قال : الكتاب هو الفرقان فرق بين الحق والباطل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال :
الفرقان جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم
أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلك خير لكم عند بارئكم
فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أمر موسى قومه عن أمر
ربه أن يقتلوا أنفسهم واحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا
على العجل فأخذوا الخناجر بأيديهم وأصابتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضا
فانجلت الظلمة عنهم وقد أجلوا عن سبعين
ألف قتيل كل من قتل منهم كانت له توبة وكل من وبقي كانت
له توبة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : قالوا لموسى :
ما توبتنا قال : يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه
وابنه - والله لا يبالي من قتل - حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى :
مرهم فليرفعوا أيديهم وقد غفر لمن قتل وتيب على من بقي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {إنكم ظلمتم
أنفسكم} الآية ، قال : أمر القوم بشديدة من البلاء فقاموا يتناحرون بالشفار ويقتل
بعضهم بعضا حتى بلغ الله نقمته فيهم وعقوبته فلما بلغ ذلك سقطت الشفار من أيديهم
وأمسك عنهم القتل فجعله الله للحي منهم توبة وللمقتول شهادة.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير عن الزهري قال : لما
أمرت بنو إسرائي بقتل أنفسها برزوا ومعهم موسى فاضطربوا بالسيوف وتطاعنوا
بالخناجر وموسى رافع يديه حتى إذا أفنوا بعضهم قالوا :
يا نبي الله ادع لنا وأخذوا بعضديه فلم يزل أمرهم على ذلك حتى إذا قبل الله توبتهم
قبض أيديهم بعضهم عن بعض فألقوا السلاح وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل
فيهم فأوحى الله إلى موسى : ما يحزنك ، أما من قتل منكم فحي عندي يرزق وأما من بقي
فقد قبلت توبته ، فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له :
أخبرني عن قوله عز وجل {إلى بارئكم} قال : خالقكم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال
: نعم ، أما سمعت قول تبع : شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {إلى
بارئكم} قال : خالقكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : كان أمر موسى قومه
عن أمر ربه أن يقتل بعضهم بعض بالخناجر ففعلوا فتاب الله عليهم.
قوله تعالى : وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله
جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله !
{حتى نرى الله جهرة} قال : علانية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في
قوله {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} قال : هم السبعون الذي
اختارهم موسى {فأخذتكم الصاعقة} قال : ماتوا {ثم بعثناكم من بعد موتكم}
فبعثوا من بعد الموت ليستوفوا آجالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية
قال : عوقب القوم فأماتهم الله عقوبة ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليتوفوها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له :
أخبرني عن قوله عز وجل {فأخذتكم الصاعقة} قال : العذاب وأصله الموت ، قال : وهل
تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت ربيعة وهو يقول : وقد كنت أخشى عليك الحتوف *
وقد كنت آمنك الصاعقة.
قوله تعالى : وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن
والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وظللنا عليكم الغمام}
قال : غمام أبرد من هذا وأطيب وهو الذي يأتي فيه يوم
القيامة وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر وكان معهم في التيه.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وظللنا عليكم الغمام} قال : ليس بالسحاب هو الغمام
الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ولم يكن إلا لهم.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {وظللنا عليكم الغمام} قال :
هو السحاب الأبيض الذي لا ماء فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز في قوله {وظللنا عليكم
الغمام} قال : ظلل عليهم في التيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتاد في قوله
{وظللنا عليكم الغمام} الآية ، قال : كان هذا في البرية ظلل عليهم الغمام من الشمس
وأطعمهم المن والسلوى حين برزوا إلى البرية فكان المن يسقط عليهم في محلتهم سقوط
الثلج أشد بياضا من الثلج يسقط
عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فيأخذ الرجل قدر ما
يكفيه يومه ذلك فإن تعدى فسد وما يبقى عنده حتى إذا كان يوم سادسه جمعة أخذ ما
يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه فيبقي عنده لأن إذا كان يوم عيد لا يشخص فيه لأمر
معيشة ولا لطلب شيء وهذا كله في البرية.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال
{المن} شيء أنزله الله عليهم مثل الطل شبه الرب الغليظ {والسلوى} طير أكبر من
العصفور.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن
أبي حاتم عن مجاهد قال : {المن} صمغة {والسلوى} طائر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : قالوا
يا موسى كيف لنا بماء ههنا أين الطعام فأنزل الله عليهم المن فكان يسقط
على شجرة الترنجبين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن وهب بن منبه ، أنه سئل ما المن قال : خبز الرقاق مثل الذرة أو مثل النقي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال
{المن} شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
كان المن ينزل عليهم بالليل على الأشجار فيغذون إليه فيأكلون منه ما شاؤوا
{والسلوى} طائر شبيه بالسماني كانوا يأكلون منه ما شاؤوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : {المن} الذي يسقط من
السماء على الشجر فتأكله الناس {والسلوى} هو السماني
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن
ماجه ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن زيد قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين.
وأخرج أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة ، مثله.
وأخرج النسائي من حديث جابر بن عبد الله وأبي سعيد
الخدري ، وَابن عباس ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة {والسلوى}
طائر يشبه السماني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن الضحاك أنه كان يقول
: السماني هي السلوى
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت السلوى طيرا إلى الحمرة تحشرها عليهم الريح
الجنوب فكان الرجل منهم يذبح منها قدر ما يكفيه يومه ذلك فإذا تعدى فسد ولم يبق
عنده حتى إذا كان يوم سادسه يوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه.
وأخرج سفيان بن عينية ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه
قال : سألت بنو إسرائيل موسى اللحم فقال الله : لأطعمنهم من أقل لحم يعلم في الأرض
، فأرسل عليهم ريحا فاذرت عند مساكنهم السلوى - وهو السماني - ميلا في ميل قيد رمح
في السماء فجنوا للغد فنتن اللحم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن وهب بن منبه أنه سئل عن السلوى فقال : طير سمين مثل الحمام وكان يأيتهم فيأخذون
منه سبت إلى سبت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وما ظلمونا}
قال : نحن أعز من أن نظلم
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس
في قوله {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} قال : يضرون.
قوله تعالى : وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث
شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطياكم وسنزيد المحسنين.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله {ادخلوا هذه القرية} قال : بيت المقدس.
وأخرج وكيع والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {وادخلوا
الباب} قال : باب ضيق
{سجدا} قال : ركعا {وقولوا حطة} قال : مغفرة قال :
فدخلوا من قبل استاههم وقالوا : حنطة استهزاء قال : فذلك قوله عز وجل (فبدل الذين
ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) (البقرة الآية 59).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وادخلوا الباب
سجدا} قال : هو أحد أبواب بيت المقدس وهو يدعى باب حطة
وأخرج وكيع والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الكبير وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال
: قيل لهم {ادخلوا الباب سجدا} فدخلوا مقنعي رؤوسهم {وقولوا حطة} فقالوا : حنطة حبة
حمراء فيها شعيرة فذلك قوله {فبدل الذين ظلموا} البقرة الآية 59.
وَأخرَج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ والحاكم عن ابن
مسعود أنهم قالوا : هطى سمقاثا أزبة مزبا ، فهي بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة
فيها شعيرة سوداء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله
{وقولوا حطة} أي احطط عنا خطايانا
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن عكرمة في قوله {وادخلوا الباب سجدا} قال : طأطئوا رؤوسكم {وقولوا حطة} قال :
قولوا لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن
عباس في قوله {وقولوا حطة} قال : لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الباب قبل
القبلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن مجاهد قال : باب حطة من أبواب بيت المقدس أمر موسى قومه أن يدخلوا ويقولوا حطة
وطؤطى ء لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلما سجدوا قالوا حنطة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وادخلوا الباب
سجدا} قال : كنا نتحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس {وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم
وسنزيد المحسنين} قال : من كان خاطئا غفرت له خطيئته ومن كان محسنا زاده الله
إحسانا (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم)
(البقرة الآية 59) قال : بين لهم أمرا علموه فخالفوه إلى غيره جرأة على الله وعتوا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وسنزيد المحسنين}
قال : من كان قبلكم محسنا زيد في إحسانه ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم ، وعَبد بن
حُمَيد والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي
هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا
وقولوا حطة فبدلوا فدخلوا يزحفون على استاههم وقالوا حبة في شعرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس وأبي هريرة
قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه
سجدا يزحفون على استاههم وهم يقولون : حنطة في شعيرة.
وأخرج أبو داود والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد
الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال الله لبني إسرائيل {وادخلوا الباب
سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم}
واخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : سرنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل اجتزنا في برية يقال لها ذات الحنظل
فقال : ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل
{وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : إنما مثلنا
في هذه الأمة كسفينة نوح وكتاب حطة في بني إسرائيل.
قوله تعالى : فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم
فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل
شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والنسائي ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت قالوا :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الطاعون رجز وبقية عذاب عذب به أناس من
قبلكم فإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها وإذا بلغكم أن بأرض فلا تدخلوها
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال : الرجز
الغضب.
قوله تعالى : وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا يا موسى اضرب
بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشاربهم كلوا واشربوا من
رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وإذ استسقى موسى
لقومه} الآية ، قال : ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار فيه اثنتا عشرة عينا
من ماء لكل سبط منهم عين يشربون منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وإذ استسقى موسى
لقومه} الآية ، قال : كان هذا في البرية حيث خشوا الظمأ استسقى موسى فأمر بحجر أن
يضربه وكان حجرا طورانيا من الطور يحملونه معهم حتى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه
{فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم} قال : لكل سبط مهم عين
معلومة يستفيد ماءها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال :
انفجر لهم الحجر
بضربة موسى اثنتي عشرة عينا كل ذلك كان في تيههم حين
تاهوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جوبير أنه سئل في قوله {قد علم كل
أناس مشربهم} قال : كان موسى يضع الحجر ويقوم من كل سبط رجل ويضرب موسى الحجر
فينفجر منه اثنتا عشرة عينا فينتضح من كل عين على رجل فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى
تلك العين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{ولا تعثوا في الأرض} قال : لا تسعوا.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {ولا تعثوا في
الأرض مفسدين} قال : لا تسعوا في الأرض فسادا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {ولا تعثوا} قال
: يعني ولا تمشوا بالمعاصي
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة في قوله {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} قال : لا تسيروا في الأرض مفسدين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : استسقى موسى لقومه
فقال : اشربوا يا حمير : فقال الله تعالى له : لاتسم عبادي حميرا.
قوله تعالى : وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد
فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال
أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم
الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون
النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد} قال : المن والسلوى استبدلوا به البقل
وما ذكر معه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قالوا :
ملوا طعامهم في البرية وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه قبل ذلك فقالوا {ادع لنا ربك}
الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {وفومها} قال : الخبز ، وفي لفظ : البر
، وفي لفظ : الحنطة بلسان بني هاشم
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الكبير من
طرق عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {وفومها} قال :
الحنطة.
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أحيحة بن
الجلاح وهو يقول : قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا * ورد المدينة عن زراعة فوم.
وَأخرَج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد
وعطاء في قوله {وفومها} قالا : الخبز.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن وأبي مالك
في قوله {وفومها} قالا : الخبز.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن وأبي مالك
في قوله {وفومها} قالا : الحنظة.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : الفوم
الثوم.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : الفوم الثوم -
وفي بعض القراءة وثومها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي داود في المصاحف ،
وَابن المنذر
عن ابن مسعود : أنه قرأ وثومها.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن عباس قال : قرائتي قراءة زيد
وأنا آخذ ببضعة عشر حرفا من قراءة ابن مسعود هذا أحدها {من بقلها وقثائها وفومها}.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {وفومها} قال : الفوم الحنطة ، قال : وهل تعرف
العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أبا محجن الثقفي وهو يقول : قد كنت أحسبني كأغنى
واحد * قدم المدينة عن زراعة فوم قال : يا ابن الأزرق ومن قرأها على قراءة ابن
مسعود فهو المنتن قال أمية ابن أبي الصلت : كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة * فيها
الفراديس والفومات والبصل وقال أمية ابن الصلت أيضا : أنفي الدياس من الفوم الصحيح
كما * أنفي من الأرض صوب الوابل البرد.
وَأخرَج ابن جرير عن مجاهد في قوله {أتستبدلون الذي هو
أدنى}
قال : أردأ.
وأخرج سفيان بن عينية ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
عن ابن عباس في قوله {اهبطوا مصرا} قال : مصرا من الأمصار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {اهبطوا مصرا}
يقول : مصرا من الأمصار.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {اهبطوا مصرا}
قال : يعني به مصر فرعون.
وأخرج ابن أبي داود ، وَابن الأنباري في المصاحف عن
الأعمش أنه كان يقرأ {اهبطوا مصرا} بلا تنوين ويقول : هي مصر التي عليها صالح بن علي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وضربت عليهم
الذلة والمسكنة} قال : هم أصحاب الجزية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة والحسن {وضربت
عليهم الذلة والمسكنة} قال : يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {والمسكنة} قال :
الفاقة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وباؤوا بغضب من الله}
قال : استحقوا الغضب من الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وباؤوا} قال :
انقلبوا.
وَأَمَّا قوله تعالى : {ويقتلون النبيين}.
أخرج أبو داود والطاليسي ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود
قال : كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر
النهار.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي وإمام ضلالة وممثل
من الممثلين.
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي ذر قال جاء
إعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبيء الله ، قال : لست بنبيء
الله ولكنني نبي الله قال الذهبي : منكر لم يصح.
وأخرج ابن عدي عن حمران بن أعين أن رجلا من أهل البادية
أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا نبيء الله ،
فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لست
بنبيء الله ولكنني نبي الله.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال ما همز رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة من بعدهم.
قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى
والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف
عليهم ولا هم يحزنون.
أخرج ابن أبي عمر العدني في سنده ، وَابن أبي حاتم عن
سلمان قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم فذكر من
صلاتهم وعبادتهم فنزلت {إن الذين آمنوا والذين هادوا} الآية.
وأخرج الواحدي عن مجاهد قال : لما قص سلمان على رسول
الله صلى الله عليه وسلم قصة أصحابه قال : هم في النار ، قال سلمان : فأظلمت علي
الأرض فنزلت {إن الذين آمنوا والذين هادوا} إلى قوله {يحزنون} قال : فكأنما كشف
عني جبل.
وأخرج ابن جرير واللفظ له ، وَابن أبي حاتم عن السدي في
قوله {إن الذين آمنوا والذين هادوا} الآية ، قال : نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان
الفارسي وكان رجلا من جند نيسابور وكان من أشرافهم وكان ابن
الملك صديقا له مؤاخيا لا يقضي واحد منهما أمر دون صاحبه
وكانا يركبان إلى الصيد جميعا فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيت من عباءة
فأتياه فإذا هما فيه برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه وهو يبكي فسألاه ما هذا فقال :
الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما فإن كنتما تريدان أن تعلما ما فيه فانزلا
حتى أعلمكما فنزلا إليه فقال لهما : هذا كتاب جاء من عند الله أمر فيه بطاعته ونهى
عن معصيته فيه أن لا تسرق ولا تزني ولا تأخذ أموال الناس بالباطل فقص عليهما ما
فيه وهو الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى فوقع في قلوبهما وتابا فأسلما وقال لهما
: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام فلم يزالا معه كذلك يتعلمان منه حتى كان عيد للملك
فجمع طعاما ثم جمع
الناس والأشراف وأرسل إلى ابن الملك رسولا فدعاه إلى
ضيعته ليأكل مع الناس فأبى الفتى وقال : إني عنك مشغول فكل أنت وأصحابك فلما أكثر
عليه من الرسل أخبرهم أنه لا يأكل من طعامهم فبعث الملك إلى ابنه ودعاه وقال : ما
أمرك هذا قال : إنا لا نأكل من ذبائحكم إنكم كفار ليس تحل ذبائحكم ، فقال له الملك
: من أمرك هذا فأخبره أن الراهب أمره بذلك فدعا الراهب فقال : ماذا يقول ابني قال
: صدق ابنك ، قال له : لولا الدم فينا عظيم لقتلتك ولكن اخرج من أرضنا فأجله أجلا
فقال سلمان : فقمنا نبكي عليه ، فقال لهما : إن كنتما
صادقين فإنا في بيعة في الموصل ستين رجلا نعبد الله
فأتونا فيها فخرج الراهب وبقي سلمان ، وَابن الملك فجعل سلمان يقول لابن الملك :
انطلق بنا ، ، وَابن الملك يقول : نعم ، وجعل ابن الملك يبيع متاعه يريد الجهاز
فلما أبطأ على سلمان خرج سلمان حتى أتاهم فنزل على صاحبه وهو رب البيعة فكان أهل تلك
البيعة أفضل مرتبة من الرهبان فكان سلمان معه يجتهد في العبادة ويتعب نفسه فقال له
سلمان : أرأيت الذي تأمرني به هو أفضل أو الذي أصنع قال : بل الذي تصنع ، قال :
فخل عني ، ثم إن صاحب البيعة دعاه فقال أتعلم أن هذه البيعة لي وأنا أحق الناس بها
ولو شئت أن أخرج منها هؤلاء لفعلت ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء وأنا أريد أن
أتحول من هذه البيعة إلى بيعة أخرى هم أهون عبادة من ههنا فإن شئت أن تقيم هنا
فاقم وإن شئت أن تنطلق معي فانطلق ، فقال له سلمان : أي البيعتين أفضل أهلا قال :
هذه ، قال سلمان : فأنا اكون في هذه فأقام
سلمان بها وأوصى صاحب البيعة بسلمان يتعبد معهم ، ثم إن
الشيخ أراد أن يأتي بيت المقدس فدعا سلمان فقال : إني أريد أن آتي بيت المقدس فإن
شئت أن تنطلق معي فانطلق وإن شئت أن تقيم فأقم ، قال له سلمان : أيهما أفضل أنطلق
معك أو أقيم قال : لا بل تنطلق ، فانطلق معه فمروا بمقعد على ظهر الطريق ملقى فلما
رآهما نادى يا سيد الرهبان ارحمني رحمك الله فلم يكلمه ولم ينظر إليه وانطلقا حتى
أتيا بيت المقدس وقال الشيخ لسلمان : أخرج فاطلب العلم فإنه يحضر هذا المسجد علماء
الأرض ، فخرج سلمان يسمع منهم فرجع يوما حزينا فقال له الشيخ مالك يا سلمان قال :
إن الخير كله قد
ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء والأتباع ، فقال له
الشيخ : لا تحزن فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعا منه وهذا الزمان الذي يخرج
فيه ولا أراني أدركه وأما أنت فشاب فلعلك أن تدركه وهو يخرج في أرض العرب فإن
أدركته فآمن به واتبعه ، قال له سلمان : فأخبرني عن علامته بشيء ، قال : نعم وهو
مختوم في ظهره بخاتم النبوة وهو يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ثم رجعا حتى بلغا
مكان المقعد فناداهما فقال : يا سيد الرهبان ارحمني رحمك الله فعطف إليه
حماره فأخذ بيده فرفعه فضرب به الأرض ودعا له وقال : قم
بإذن الله ، فقام صحيحا يشتد ، فجعل سلمان يتعجب وهو ينظر إليه وسار الراهب فغيب
عن سلمان ولا يعلم سلمان ، ثم إن سلمان فزع بطلب الراهب فلقيه رجلان من العرب من
كلب فسألهما هل رأيتما الراهب فأناخ أحدهما راحلته قال : نعم راعي الصرمة هذا
فحمله فانطلق به إلى المدينة قال سلمان : فأصابني من الحزن شيء لم يصبني مثله قط
فاشترته امرأة من جهينة فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم هذا يوما
وهذا يوما وكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد صلى الله عليه وسلم ، فبينما
هو يوما يرعى إذ أتاه صاحبه بعقبة فقال له : أشعرت أنه قد قدم المدينة اليوم رجل
يزعم أنه نبي فقال له سلمان : أقم في الغنم حتى آتيك ، فهبط سلمان إلى المدينة
فنظر إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ودار حوله فلما رآه النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم عرف ما يريد فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمة فلما رآه أتاه وكلمه ثم انطلق
فاشترى بدينار ببعضه شاة فشواها وببعضه خبزا ثم أتاه به فقال : ماهذه قال سلمان :
هذه صدقة ، قال : لا حاجة لي بها فأخرجها فليأكلها المسلمون ، ثم انطلق فاشترى
بدينار آخر خبزا ولحما ثم أتى به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا قال
: هذه هدية ، قال :
فاقعد فكل ، فقعد فأكلا منها جميعا ، فبينما هو يحدثه إذ
ذكر أصحابه فأخبره خبرهم فقال : كانوا ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك ستبعث نبيا
فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم يا سلمان هم من
أهل النار فاشتد ذلك على سلمان وقد كان قال له سلمان : لو أدركوك صدقوك واتبعوك ،
فأنزل الله هذه الآية {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن
بالله واليوم الآخر}.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال سأل سلمان الفارسي
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن أولئك النصارى وما رأى أعمالهم قال : لم يموتوا
على الإسلام ، قال سلمان : فأظلمت علي الأرض وذكرت اجتهادهم فنزلت هذه الآية {إن الذين
آمنوا والذين هادوا} فدعا سلمان فقال : نزلت هذه الآية في أصحابك ثم قال : من مات
على دين عيسى قبل أن يسمع بي فهو على خير ومن سمع بي ولم يؤمن فقد هلك.
وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الذين آمنوا والذين هادوا} الآية ، قال :
فأنزل الله بعد هذا (ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من
الخاسرين)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن
نجى ، عَن عَلِي ، قال : إنما سميت اليهود لأنهم قالوا : إنا هدنا إليك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : نحن أعلم
الناس من أين تسمت اليهود باليهودية بكلمة موسى عليه السلام إنا هدنا إليك ولم
تسمت النصارى بالنصرانية من كلمة عيسى عليه السلام كونوا أنصار الله.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال : نحن أعلم الناس من
أين تسمت اليهود باليهودية ولم تسمت النصارى بالنصرانية إنما تسمت اليهود
باليهودية بكلمة قالها موسى إنا هنا إليك فلما مات قالوا هذه الكلمة كانت تعجبه
فتسموا اليهود وإنما تسمت النصارى بالنصرانية لكلمة قالها عيسى من أنصاري إلى الله
قال الحواريون : نحن أنصار الله فتسموا بالنصرانية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : إنما سموا نصارى بقرية
يقال لها ناصرة
ينزلها عيسى بن مريم فهو اسم تسموا به ولم يؤمروا به.
وأخرج ابن سعد في طبقاته ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال
: إنما سميت النصارى لأن قرية عيسى كانت تسمى ناصرة.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الصابئون قوم بين اليهود والمجوس والنصارى
ليس لهم دين.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : الصابئون ليسوا بيهود ولا
نصارى هم قوم من المشركين لا كتاب لهم.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : سئل ابن عباس عن
الصابئين فقال : هم قوم بين اليهود والنصارى والمجوس لا تحل ذبائحهم ولا مناكحهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
قال : الصابئون منزله بين النصرانية والمجوسية ، لفظ ابن أبي حاتم : منزلة بين
اليهود والنصارى
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : ذهبت
الصابئون إلى اليهود فقالوا : ما أمركم قالوا : نبينا موسى جاءنا بكذا وكذا ونهانا
عن كذا وكذا وهذه التوراة فمن تابعنا دخل الجنة ثم أتوا النصارى فقالوا في عيسى ما
قالت اليهود في موسى وقالوا هذا الإنجيل فمن تابعنا دخل الجنة فقالت الصابئون
هؤلاء يقولون نحن ومن اتبعنا في الجنة واليهود يقولون نحن ومن اتبعنا في الجنة
فنحن به لاندين فسماهم الله الصابئين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال :
الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور.
وأخرج وكيع عن السدي قال الصابئون من أهل الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن
قتادة قال : الصابئون قوم يعبدون الملائكة ويصلون إلى غير القبلة ويقرؤون الزبور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : الصابى ء :
الذي يعرف الله وحده وليست له شريعة يعمل بها ولم يحدث كفرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الزناد قال : الصابئون قال :
الصابئون مما يلي العراق وهم
بكوثى يؤمنون بالنبيين كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : يقولون الصابئون
: وما الصابئون الصابئون ويقولون : الخاطئون وما الخاطئون الخاطئون.
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا
ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون * ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل
الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور}
فقال : جبل نزلوا بأصله فرفع فوقهم فقال : لتأخذن أمري
أو لأرمينكم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الطور الذي أنزلت عليه
التوراة وكان بنو إسرائيل أسفل منه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن
عباس قال : الطور ما أنبت من الجبال وما لم ينبت فليس بطور.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي
حاتم عن مجاهد قال : الطور الجبل بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : النبط يسمون الجبل
الطور.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {خذوا ما آتيناكم
بقوة} قال : بجد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية
{واذكروا ما فيه} يقول : اقرؤوا ما في التوراة واعلموا به.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله
{لعلكم تتقون} قال : لعلكم تنزعون عما أنتم عليه.
قوله تعالى : ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين * فجعلنها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة
للمتقين.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {ولقد علمتم} قال : عرفتم
وهذا تحذير لهم من المعصية يقول : احذورا أن يصيبكم ما أصاب أصحاب السبت إذ عصوني
اعتدوا يقول : اجترؤوا في السبت بصيد السمك فقلنا لهم {كونوا قردة خاسئين}
فمسخهم الله قردة بمعصيتهم ولم يعش مسخ فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما كان الذين
اعتدوا في السبت فجعلوا قردة فواقا ثم هلكوا ما كان للمسخ نسل.
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس قال : القردة
والخنازير من نسل الذين مسخوا.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : انقطع ذلك النسل.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله {فقلنا لهم
كونوا قردة خاسئين} قال : مسخت قلوبهم ولم يمخوا قردة وإنما هو مثل ضربه الله لهم
مثل الحمار يحمل أسفارا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية
قال : أحلت لهم الحيتان وحرمت عليهم يوم السبت ليعلم من يطيعه ممن يعصيه فكان
القوم فيهم ثلاثة أصناف وأما صنف فأمسك ونهى عن المعصية وأما صنف فأمسك عن حرمة
الله وأما صنف فانتهك المعصية ومرن على المعصية فلما أبوا إلا عتوا عما نهاهم الله
عنه {قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} وصار القوم قردوا تعاوى لها الذئاب بعد ما كانوا
رجالا ونساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {خاسئين} قال :
ذليلين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {خاسئين} قال :
صاغرين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {فجعلناها
نكالا لما بين يديها} من الذنوب {وما خلفها} من القرى {وموعظة للمتقين} الذين من
بعدهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فجعلناها} يعني الحيتان
{نكالا لما بين يديها وما خلفها} من الذنوب التي عملوا قبل وبعد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فجعلناها} قال : فجعلنا تلك
العقوبة وهي المسخة {نكالا} عقوبة {لما بين يديها} يقول : ليحذر من بعدهم عقوبتي
{وما خلفها} يقول : للذين بقوا معهم
!
{وموعظة} تذكرة وعبرة للمتقين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سفيان في قوله {نكالا لما بين
يديها وما خلفها} قال : من الذنوب {وموعظة للمتقين} قال : لأمة محمد عليه السلام.
قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن
تذبجوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
أخرج ابن ابي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن ابن
عباس قال : كانت مدينتان في بني إسرائيل ، وأحداها حصينة ولها أبواب والآخرى خربة
، فكان أهل المدينة الحصينة إذا أمسوا أغلقوا أبوابها فإذا أصبحوا قاموا على سور
المدينة فنظروا هل حدث فيما حولها حادث فأصبحوا يوما فإذا شيخ قتيل مطروح بأصل
مدينتهم فأقبل أهل المدينة الخربة فقالوا : قتلتم صاحبنا ، وَابن أخ له شاب يبكي
عليه ويقول : قتلتم عمي ، قالوا : والله ما فتحنا مدينتنا منذ أغلقناها وما لدينا
من دم صاحبكم هذا فأتوا موسى فأوحى الله إلى موسى {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}
إلى قوله {فذبحوها وما كادوا يفعلون} ، قال : وكان في بني إسرائيل غلام شاب يبيع في
حانوت له وكان له أب شيخ كبير فأقبل رجل من بلد آخر يطلب سلعة له عنده فأعطاه بها
ثمنا فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه الذي طلب والمفتاح
مع أبيه فإذا أبوه نائم في ظل الحانوت فقال : أيقظه ، قال ابنه : إنه نائم وأنا
أكره أن أروعه من نومته ، فانصرفا فأعطاه ضعف ما أعطاه على أن يوقظه فأبى فذهب
طالب السلعة ، فاستيقظ الشيخ فقال له ابنه : يا أبت والله لقد جاء ههنا رجل يطلب
سلعة كذا فأعطى بها من الثمن كذا وكذا فكرهت أن أروعك من نومك فلامه الشيخ فعوضه
الله من بره بوالده أن نتجت من بقر تلك البقرة التي يطلبها بنو إسرائيل فأتوه
فقالوا له : بعناها فقال : لا ، قالوا : إذن نأخذ منك ، فأتوا موسى فقال : اذهبوا
فأرضوه من سلعته ، قالوا : حكمك قال : حكمي أن تضعوا البقرة في كفة الميزان ذهبا
صامتا في الكفة الآخرى فإذا مال الذهب أخذته ففعلوا وأقبلوا بالبقرة حتى انتهوا
بها إلى قبر الشيخ واجتمع أهل المدينتين فذبحوها فضرب ببضعة من لحمها القبر فقام
الشيخ ينفض رأسه يقول : قتلني ابن أخي طال عليه عمري
وأراد أخذ مالي ومات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبيدة السلماني قال : كان رجل
من بني اسرائيل عقيما لا يولد له وكان له مال
كثير وكان ابن أخيه وارثه فقتله ثم احتمله ليلا فوضعه
على باب رجل منهم ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم إلى بعض فقال ذوو
الرأي منهم : علا م يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول الله فيكم فأتوا موسى فذكروا ذلك له
فقال {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون
من الجاهلين} قال : فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنهم شددوا فشدد عليهم
حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال
: والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا فذبحوها فضربوه ببعضها فقام فقالوا : من قتلك
فقال : هذا لإبن أخيه ثم مال ميتا فلم يعط من ماله شيئا ولم يورث قاتل بعد.
وأخرج عبد الرزاق عن عبيدة قال : أول ما قضي أنه لا يرث
القاتل في
صاحب بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : أول ما منع
القاتل الميراث لكان صاحب البقرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن شيخا من بني
إسرائيل على عهد موسى كان مكثرا من المال وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم وكان
الشيخ لا ولد له وكان بنو أخيه ورثته فقالوا : ليت عمنا قد مات فورثنا ماله وأنه
لما تطاول عليهم أن لا يموت أتاهم الشيطان فقال : هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم
وتغرموا أهل المدينة التي لستم بها ديته وذلك أنهما كانتا مدينتين كانوا في
أحداهما وكان القتيل إذ قتل فطرح بين المدينتين قيس ما بين القتيل والقريتين
فأيهما كانت أقرب إليه غرمت الدية وأنهم لما سول لهم الشيطان ذلك عمدوا إليه
فقتلوه ثم طرحوه على باب المدينة التي ليسوا بها فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو
أخي الشيخ فقالوا : عمنا قتل على باب مدينتكم فوالله
لتغرمن لنا ديته ، قال : أهل المدينة نقسم بالله ما
قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا فعمدوا إلى موسى
فجاءه جبريل فقال : قل لهم {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} فتضربوه ببعضها.
وأخرج سفيان بن عينية عن عكرمة قال : كان لبني إسرائيل
مسجد له اثنا عشر بابا لكل سبط منهم باب يدخلون منه ويخرجون فوجد قتيل على باب سبط
من
الأسباط قتل على باب سبط وجر إلى باب سبط آخر فاختصم فيه
أهل السبطين ، فقال هؤلاء : أنتم قتلتم هذا وقال الآخرون : بل أنتم قتلتموه ثم
جررتموه إلينا ، فاختصموا إلى موسى فقال {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} الآية ، {قالوا ادع لنا ربك
يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك} قال :
فذهبوا يطلبونها فكأنها تعذرت عليهم فرجعوا إلى موسى فقالوا {قالوا ادع لنا ربك
يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون} ولولا أنهم قالوا
إن شاء الله ما وجدوها {قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول} ألا وإنما كانت البقرة
يومئذ بثلاثة دنانير ولو
أنهم أخذوا أدنى بقرهم فذبحوها كفتهم ولكنهم شددوا فشدد
الله عليهم ، فذهبوا يطلبونها فيجدون هذه الصفة عند رجل فقالوا : تبيعنا هذه
البقرة قال : أبيعها ، قالوا : بكم تبيعها قال : بمائة دينار ، فقالوا : إنها بقرة
بثلاثة دنانير فأبوا أن يأخذوها فرجعوا إلى موسى فقالوا : وجدناها عند رجل فقال لا
أنقطكم من مائة دينار وإنها بقرة بثلاثة دنانير قال : هو أعلم هو صاحبها إن شاء
باع وإن لم شاء لم يبع فرجعوا إلى الرجل فقالوا : قد أخذناها بمائة دينار ، فقال :
لا أنقصها عن مائتي دينار ، فقالوا سبحان الله ، قد بعتنا بمائة دينار ورضيت فقد
أخذناها ، قال : ليس أنقصها من مائتي دينار ، فتركوها ورجعوا إلى موسى فقالوا له :
قد أعطاناها بمائة دينار فلما رجعنا إليه قال : لا أنقصها من مائتي دينار ، قال :
هو أعلم إن شاء باعها وإن شاء لم يبعها فعادوا إليه فقالوا : قد أخذناها بمائتي
دينار ، فقال : لا أنقصها من أربعمائة دينار ، قالوا : قد كنت أعطيتناها بمائتي
دينار فقد أخذناها فقال : ليس أنقصها من أربعمائة دينار فتركوها وعادوا إلى موسى
فقالوا : قد أعطيناه
مائتي دينار فأبى أن يأخذها وقال : لا أنقصها من
أربعمائة دينار ، فقال : هو أعلم هو صاحبها إن شاء باع وإن شاء لم يبع فرجعوا إليه
فقالوا : قد أخذناها بأربعمائة دينار فقال : لا أنقصها من ثمانمائة دينار ، فلم
يزالوا يعودون إلى موسى ويعودون عليه فكلما عادوا إليه أضعف عليه الثمن حتى قال :
ليس أبيعها إلا بملء مسكها فأخذوها فذبحوها فقال : اضربوه ببعضها فضربوه بفخذها
فعاش ، فقال : قتلني فلان ، فإذا هو رجل كان له عم وكان لعمه مال كثير وكان
له ابنة فقال : أقتل
عمي هذا وأرث ماله وأتزوج ابنته فقتل عمه فلم يرث شيئا
ولم يورث قاتل منذ ذلك شيئا قال موسى : إن لهذه البقرة لشأنا ادعوا إلي صاحبها
فدعوه فقال : أخبرني عن هذه البقرة وعن شأنها قال : نعم ، كنت رجلا أبيع في السوق
وأشتري فسامني رجل بضاعة عندي فبعته إياها وكنت قد أشرفت منها على فضل كبير فذهبت
لآتيه بما قد بعته فوجدت المفتاح تحت رأس والدتي فكرهت أن أوقظها من نومها ورجعت
إلى الرجل فقلت : ليس بيني وبينك بيع
فذهب ثم رجعت فنتجت لي هذه البقرة فألقى الله عليها مني
محبة فلم يكن عندي شيء أحب إلي منها فقيل له إنما أصبت هذا ببر والدتك.
قوله تعالى : قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه
يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تأمرون * قالوا ادع لنا
ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول أنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين * قالوا ادع لنا
ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول
أنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث مسلمة لاشية قالوا ألن جئت بالحق
فذبحوها وما كادوا يفعلون.
أخرج البزار عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : إن بني إسرائيل لو أخذوا أدنى بقرة لأجزاهم ذلك أو لأجزأت عنهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن بني إسرائيل قالوا {وإنا إن شاء الله
لمهتدون} ما أعطوا أبدا ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم
ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن عكرمة
يبلغ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال لو أن بني إسرائيل أخذوا أدنى بقرة
فذبحوها أجزأت عنهم ولكنهم شددوا ولولا أنهم قالوا {وإنا إن شاء الله لمهتدون} ما
وجدوها
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إنما أمروا بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم
ولو لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى
الله عليه وسلم كان يقول إنما أمر القوم بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا على أنفسهم
شدد عليهم والذي نفس محمد بيده لو لم يستثنوا ما بينت لهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال
: لو أخذوا أدنى بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا وتعنتوا موسى فشدد الله
عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق
عن ابن عباس في قوله {لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك} قال : الفارض الهرمة والبكر
الصغيرة والعوان النصف.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {لا فارض} قال : الكبيرة الهرمة
قال :
وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول
: لعمري لقد أعطيت ضيفك فارضا * تساق إليه ما تقوم على رجل قال : أخبرني عن قوله
{صفراء فاقع لونها} الفاقع الصافي اللون من الصفرة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت
لبيد بن ربيعة وهو يقول : سدما قليلا عهده بأنيسه * من بين أصفر فاقع ودفان.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير ، أنه كان يستحب
أن يسكت على بكر ثم يقول : عوان بين ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{عوان بين
ذلك} قال : بين الصغيرة والكبيرة وهي أقوى ما يكون
وأحسنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{صفراء فاقع لونها} قال : شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عمر في قوله {صفراء} قال :
صفراء الظلف {فاقع لونها} قال : صافي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة {فاقع لونها} قال : صاف لونها {تسر الناظرين} قال : تعجب الناظرين.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والخطيب والديلمي عن ابن
عباس قال : من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها وذلك قوله {صفراء فاقع
لونها تسر الناظرين}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير
عن الحسن في قوله {صفراء فاقع لونها} قال : سوداء شديدة السواد
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ، أنه قرأ / {إن الباقر
تشابه علينا > /.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى عن يعمر ، أنه قرأ / {إن
الباقر تشابه علينا > / ، وقال : الباقر
أكثر من البقر.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في
قراءتنا {إن البقر تشابه علينا} ، واخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {إنها
بقرة لا ذلول} أي لم يذله العمل {تثير الأرض} يعني ليست بذلول فتثير الأرض
{ولا تسقي الحرث} يقول : ولا تعمل في الحرث {مسلمة} قال : من العيوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{بقرة لا ذلول تثير} يقول : ليست بذلول فتفعل ذلك {مسلمة} قال : من الشبه قال {لا
شية فيها} قال : لا بياض ولا سواد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {مسلمة} قال : لا عوار فيها.
وأخرج ابن جرير عن عطية {لا شية فيها} قال : لونها واحد
ليس فيها لون سوى لونها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{لا ذلول} يعني صنفة يقول : لم يذلها العمل {مسلمة} قال : من العيوب {لا شية فيها}
قال : لا بياض فيها {قالوا الآن جئت بالحق} قالوا : الآن بينت لنا {فذبحوها وما
كادوا يفعلون}.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب في قوله {فذبحوها وما
كادوا يفعلون} لغلاء ثمنها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ، أن أصحاب البقرة بني
إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له وكانت بقرة تعجبه
فجعلوا يعطونه بها فيأبى حتى أعطوه ملء مسكها دنانير
فذبحوها فضربوه بعضو منها فقام تشخب أوداجه دما فقالوا له : من قتلك قال : قتلني
فلان.
وأخرج وكيع ، وَابن أبي حاتم عن عطاء قال : الذبح والنحر
في البقر سواء لأن الله يقول {فذبحوها}.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان لبني إسرائيل الذبح وأنتم لكم النحر
ثم قرأ {فذبحوها} {فصل لربك وانحر} سورة الكوثر الآية 2.
قوله تعالى : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج
ما كنتم تكتمون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن مجاهد في قوله {وإذ
قتلتم نفسا فادارأتم فيها} قال : اختلفتم فيها {والله مخرج ما كنتم تكتمون} قال : ماتغيبون.
وَأَمَّا قوله تعالى : {والله مخرج ما كنتم تكتمون}.
أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن المسيب بن
رافع
قال :
ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل
رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك كتاب الله {والله مخرج ما كنتم
تكتمون}.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن رجلا عمل في صخرة صماء لا باب فيها
ولا كوة خرج عمله إلى الناس كائنا ما كان.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن عثمان بن عفان قال
: من عمل عملا كساه الله رداءه وإن خيرا فخير وإن شرا فشر.
وأخرج البيهقي من وجه آخر عن عثمان قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من كانت له
سريرة صالحة أو سيئة أظهر الله عليه منها رداء يعرف به ،
قال البيهقي : الموقوف أصح.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي وضعفه عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه من المؤمن قالوا الله رسوله أعلم ، قال : المؤمن
الذي لا يموت حتى يملاء الله مسامعه مما يحب ولو أن عبدا اتقى الله في جوف بيت إلى
سبعين بيتا على كل بيت باب من حديد لألبسه الله رداء عمله حتى يتحدث به الناس
ويزيدون ، قالوا : وكيف يزيدون يا رسول الله قال : لأن التقي لو يستطيع أن يزيد في
بره لزاد ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من الكافر قالوا : الله ورسوله أعلم
، قال : الكافر الذي لا يموت حتى يملاء الله مسامعه مما يكره ولو أن فاجرا فجر في
جوف بيت إلى سبعين بيتا على كل بيت باب من حديد لألبسه الله رداء عمله حتى يتحدث
به الناس ويزيدون ، قالوا : وكيف يزيدون يا رسول الله قال : لأن الفاجر لو يستطيع
أن يزيد في فجوره لزاد.
وأخرج ابن عدي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن الله مرد كل إمرى ء رداء عمله.
وأخرج البيهقي عن ثابت قال : كان يقال لو أن ابن آدم عمل
بالخير في سبعين بيتا لكساه الله تعالى رداء عمله حتى يعرف به
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال :
الناس يعرف أعمالهم من تحت كنف الله فإذا أراد الله بعبد فضيحة أخرجه من تحت كنفه
فبدت عورته.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي ادريس الخولاني
رفعه قال : لا يهتك الله عبدا وفيه مثقال حبة من خير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : لو أن عبدا اكتتم
بالعبادة كما يكتتم بالفجور لأظهر الله ذلك منه.
قوله تعالى : فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى
ويريكم آياته لعلكم تعقلون
أخرج وكيع والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فقلنا اضربوه ببعضها} قال : ضرب بالعظم الذي
يلي الغضروف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : ذكر لنا أنهم ضربوه
بفخذها فلما فعلوا أحياه الله حتى أنبأهم بقاتله الذي قتله وتكلم ثم مات
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن عكرمة في الآية قال :
ضربوه بفخذها فحي فما زاد على أن قال : قتلني فلان ثم عاد فمات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية
قال : ضرب بفخذ البقرة فقام حيا فقال : قتلني فلان ثم عاد في ميتته.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : ضرب بالبضعة التي بين
الكتفين.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : أمرهم أن يأخذوا
عظما فيضربوا به القتيل ففعلوا فرجع الله روحه فسمى قاتله ثم عاد ميتا كما كان.
وَأَمَّا قوله تعالى : {كذلك يحيي الله الموتى} الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن
منبه قال : إن فتى من بني إسرائيل كان برا بوالدته وكان يقوم ثلث الليل يصلي
ويجلس عند رأس والدته ثلث الليل فيذكرها بالتسبيح
والتهليل والتكبير والتحميد ويقول : يا أمه إن كنت ضعفت عن قيام الليل فكبري الله
وسبيحه وهلليه فكان ذلك عملهما الدهر كله فإذا أصبح أتى الجبل فاحتطب على ظهره
فيأتي به السوق فيبيعه بما شاء الله أن يبيعه فيتصدق بثلثه ويبقي لعبادتع ثلثا
ويعطي الثلث أمه وكانت أمه تأكل النصف وتتصدق بالنصف وكان ذلك عملهما الدهر كله ،
فلما طال عليها قالت : يابني أعلم أني قد ورثت من أبيك بقرة وختمت عنقها وتركتها
في البقر على اسم إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب قالت وسأبين لك ما لونها
وهيئتها فإذا أتيت البقر فادعها باسم إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب فإنها
تفعل كما وعدتني وقالت : إن علامتها ليست بهرمة ولا فتية غير أنها بينهما وهي
صفراء فاقع لونها تسر الناظرين إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من
جلدها وليست بالذلول ولا
صعبة تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها ولونها
واحد فإذا رأيتها فخذ بعنقها فإنها تتبعك بإذن إله إسرائيل.
فانطلق الفتى وحفظ وصية والدته وسار في البرية يومين أو
ثلاثا حتى إذا كان صبيحة ذلك اليوم انصرف فصاح بها فقال : بإله إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب ألا ما أتيتني فأقبلت البقرة عليه وتركت الرعي فقامت بين يدي الفتى
فأخذ بعنقها فتكلمت البقرة وقالت : يا أيها الفتى البر بوالدته اركبني فإنه أهون
عليك ، قال الفتى : لم تأمرني والدتي أن أركب عليك ولكنها أمرتني أن أسوقك سوقا
فأحب أن أبلغ قولها ، فقالت : بإله إسرائيل لو ركبتني ما كنت لتقدر علي فانطلق يا
أيها الفتى البر بوالدته لو أنك أمرت هذا الجبل أن ينقلع لك من أصله لأنقلع لبرك
بوالدتك ولطاعتك إلهك ، فانطلق حتى إذا كان من مسيرة يوم من منزله استقبله عدو
الله إبليس فتمثل له على صورة راع من رعاة البقر فقال : يا أيها الفتى من أين جئت
بهذه البقرة ألا تركبها فإني أراك قد أعييت أظنك لا تملك من الدنيا مالا غير هذه
البقرة فإني أعطيك الأجر ينفعك ولا يضرها
فإني رجل من رعاة البقر اشتقت إلى أهلي فأخذت ثورا من
ثيراني فحملت عليه طعامي وزادي حتى غذا بلغت شطر الطريق أخذني وجع بطني فذهبت
لأقضي حاجتي فعدا وسط الجبل وتركني وأنا أطلبه ولست أقدر عليه فأنا أخشى على نفسي
الهلاك وليس معي زاد ولا ماء فإن رأيت أن تحملني على بقرتك فتبلغني مراعي وتنجيني
من الموت وأعطيك أجرها بقرتين ، قال الفتى : إن بني آدم ليس بالذي يقتلهم اليقين
وتهلكهم أنفسهم فلو علم الله منك اليقين لبلغك بغير زاد ولا ماء ولست براكب أمرا
لم أومر به إنما أنا عبد مأمور ولو علم سيدي أني عصيته في هذه البقرة لأهلكني
وعاقبني عقوبة شديدة وما أنا بمؤثر هواك على هوى سيدي فانطلق يا أيها الرجل بسلام فقال
له إبليس : أعطيك بكل خطوة تخطوها إلى منزلي درهما فذلك مال عظيم وتفدي نفسي من
الموت في هذه البقرة ، قال الفتى : إن سيدي له ذهب الأرض وفضتها فإن أعطيتني شيئا
منها علم أنه من ماله ولكن أعطني من ذهب السماء وفضتها فأقول أنه ليس هذا من مالك
فقال إبليس : وهل في السماء ذهب وفضة أو هي يقدر أحد على
هذا قال الفتى : أو هل يستطيع العبد بما لم يأمر به سيده كما لا تستطيع أنت ذهب
السماء وفضتها ، قال له إبليس : أراك أعجز العبيد في أمرك ، قال له الفتى : إن
العاجز من
عصى ربه ، قال له إبليس : ما لي لا أرى معك زادا ولاماء قال
الفتى : زادي التقوى وطعامي الحشيش وشرابي من عيون الجبال قال إبليس : ألا آمرك
بأمر يرشدك قال : مر به نفسك فإني على رشاد إن شاء الله ، قال له إبليس : ما أراك
تقبل نصيحة قال له الفتى : الناصح لنفسه من أطاع سيده وأدى الحق الذي عليه فإن كنت
شيطانا فأعوذ بالله منك وإن كنت آدميا فأخرج فلا حاجة لي في صحابتك ، فجمد إبليس
عند ذلك ثلاث ساعات مكانه ولو ركبها له إبليس ما كان الفتى يقدر عليها ولكن الله
حبسه عنها ، فبينما الفتى يمشي إذ طار طائر من بين يديه فاختلس البقرة ودعاها
الفتى وقال : بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ألا ما آتيتني فأتت البقرة إليه
وقامت بين يديه فقالت : يا أيها الفتى ألم تر إلى ذلك الطائر الذي طار من بين يديك
فإنه إبليس عدو الله اختلسني فلما ناديتني بإله اسرائيل جاء ملك من الملائكة
فانتزعني منه فردني إليك لبرك
بوالدتك وطاعتك إلهك فانطلق فلست ببارحتك حتى تأتي أهلك
إن شاء الله ، قال : فدخل الفتى إلى أمه يخبرها الخبر فقالت : يا بني إني أراك
تحتطب على ظهرك الليل والنهار فتشخص فاذهب بهذه البقرة فبعها وخذ ثمنها فتقو به
وودع به نفسك ، قال الفتى : بكم أبيعها قالت : بثلاثة دنانير على رضا مني ، فانطلق
الفتى إلى السوق فبعث الله إليه ملكا من الملائكة ليري خلقه قدرته فقال للفتى :
بكم تبيع هذه البقرة أيها الفتى فقال : أبيعها بثلاثة دنانير على رضا من والدتي ،
قال : لك ستة دنانير ولا تستأمر والدتك ، فقال : لو أعطيتني زنتها لم أبعها حتى
أستأمرها فخرج الفتى فأخبر والدته الخبر فقالت : بعها بستة دنانير على رضا مني ،
فانطلق الفتى وأتاه الملك فقال : ما فعلت فقال : أبيعها بستة دنانير على رضا من
والدتي ، قال : فخذ اثني عشر دينارا ولا تستأمرها ، قال : لا
فانطلق الفتى إلى أمه فقالت : يا بني إن الذي يأتيك ملك
من الملائكة في صورة آدمي فإذا أتاك فقل له : إن والدتي تقرأ عليك السلام وتقول :
بكم تأمرني أن أبيع هذه البقرة قال له الملك : يا أيها الفتى يشتري بقرتك هذه موسى
بن عمران لقتيل يقتل من بني إسرائيل وله مال كثير ولم يترك أبوه ولدا غيره وله أخ
له بنون كثيرون فيقولون كيف لنا أن نقتل هذا الغلام ونأخذ ماله فدعوا الغلام إلى
منزلهم
فقتلوه فطرحوه إلى جانب دارهم فأصبح أهل الدار فأخرجوا
الغلام إلى باب الدار وجاء بنو عم الغلام فأخذوا أهل الدار فانطلقوا بهم إلى موسى
فلم يدر موسى كيف يحكم بينهم من أجل أن أهل الدار برآء من الغلام ، فشق ذلك على
موسى فدعا ربه فأوحى الله إليه
: أن خذ بقرة صفراء فاقعا لوناه فاذبحها ثم اضرب الغلام
ببعضها ، فعمدوا إلى بقرة الفتى فاشتروها على أن يملؤوا جلدها دنانير ثم ذبحوها ثم
ضربوا الغلام ببعضها فقام يخبرهم فقال : إن بني عمي قتلوني وأهل الدار مني برآء
فأخذهم موسى فقالوا : يا موسى أتتخذنا هزوا قد قتلنا ابن عمنا مظلوما وقد علموا أن
سيفضحوا فعمدوا إلى جلد البقرة فملؤوه دنانير ثم دفعوه إلى الفتى فعمد الفتى فتصدق
بالثلثين على
فقراء بني إسرائيل وتقوى بالثلث {كذلك يحيي الله الموتى
ويريكم آياته لعلكم تعقلون}.
قوله تعالى : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو
أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأتهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء
وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{ثم قست قلوبكم من بعد ذلك} قال : من بعد ما أراهم الله من إحياء الموتى ومن بعد
ما أراهم من أمر القتيل {فهي كالحجارة أو أشد قسوة} ثم عذر الله الحجارة ولم يعذر
شقي ابن آدم فقال {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج
منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {وإن من الحجارة} الآية ، أي أن من الحجارة لألين من قلوبكم لما
تدعون إليه من الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : كل
حجر يتفجر منه
الماء أو يشقق عن ماء أو يتردى من رأس جبل فمن خشية الله
، نزل بذلك القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
عن ابن عباس في قوله {وإن منها لما يهبط من خشية الله} قال : إن الحجر ليقع على
ألرض ولو اجتمع عليه كثير من الناس ما استطاعوه وإنه ليهبط من خشية الله.
قوله تعالى : أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم
يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ثم
قال الله لنبيه ومن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان
فريق منهم يسمعون كلام الله} وليس قوله التوراة كلها وقد سمعها ولكنهم الذين سألوا
موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} الآية ، قال : فالذين يحرفونه والذين يكتبونه م العلماء منهم
والذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم هؤلاء كلهم يهود.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يسمعون كلام الله} قال
: هي التوراة حرفوها.
قوله تعالى : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا
بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا
تعقلون * أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله
{وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} أي بصاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا
خلا بعضهم إلى بعض قالوا : لا تحدثوا العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليكم
فكان منهم {ليحاجوكم به عند ربكم} أي يقرون أنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ عليكم
الميثاق بإتباعه وهو يخبرهم أنه النَّبِيّ الذي كان ينتظر ونجده في كتابنا اجحدوه
ولا تقروا به.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وإذا لقوا الذين
آمنوا} الآية
قال : هذه الآية في المنافقين من اليهود ، وقوله {بما
فتح الله عليكم} يعني بما أكرمكم به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت
حصونهم فقال يا إخوان القردة والخنازير ويا عبدة الطاغوت ، فقالوا : من أخبر هذا
الأمر محمد ما خرج هذا الأمر إلا منكم {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} بما حكم
الله ليكون لهم حجة عليكم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن ، فقال : رؤساء اليهود : اذهبوا
فقولوا آمنا واكفروا إذا رجعتم إلينا فكانوا يأتون المدينة بالبكر ويرجعون إليهم
بعد العصر وهو قوله (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا
وجه النهار وأكفروا آخره) (آل عمران الآية 72) وكانوا يقولون : إذا دخلوا المدينة
نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره فكان المؤمنون يظنون
أنهم مؤمنون فيقولون لهم : أليس قد قال لكم في التوراة كذا وكذا فيقولون : بلى ،
فإذا رجعوا إلى قومهم قالوا {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} الآية
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : نزلت
هذه الآية في ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما
عذبوا به فقال بعضهم لبعض {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} من العذاب ليقولوا نحن
أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن امرأة من اليهود أصابت
فاحشة فجاؤوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبتغون منه الحكم رجاء الرخصة فدعا
رسول الله صلى الله عليه وسلم عالمهم وهو ابن صوريا فقال له : احكم ، قال : فجبؤة
، والتجبئة يحملونه على حمار ويجعلون على وجهه إلى ذنب الحمار ، فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أبحكم الله حكمت قال : لا ، ولكن نساءنا كن حسانا فأسرع فيهن
رجالنا فغيرنا الحكم وفيه أنزلت {وإذا خلا بعضهم إلى بعض} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وإذا لقوا الذين
آمنوا قالوا آمنا} قالوا : هم اليهود وكانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا
فصانعوهم بذلك ليرضوا عنهم وإذا خلا بعضهم إلى بعض نهى بعضهم بعضا أن يحدثوا بما
فتح الله عليهم وبين لهم في كتابه من أمر محمد عليه
السلام رفعته ونبوته وقالوا : إنكم إذا فعلتم ذلك احتجوا
عليكم بذلك عند ربكم {أفلا تعقلون أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون}
قال : ما يعلنون من أمرهم وكلامهم إذا لقوا الذين آمنوا وما يسرون إذا خلا بعضهم
إلى بعض من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوبا عندهم.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {أو لا يعلمون أن
الله يعلم ما يسرون} يعني من كفرهم بمحمد وتكذيبهم به {وما يعلنون} حين قالوا للمؤمنين : آمنا.
قوله تعالى : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني
وإن هم إلا يظنون.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الأميون قوم لم يصدقوا
رسولا أرسله الله ولا كتابا أنزله فكتبوا كتابا بأيديهم ثم قالوا لقوم سفلة جهال :
هذا من عند الله ، وقال : قد أخبرهم أنهم يكتبون بأيديهم ثم سماهم أميين لجحودهم
كتب الله ورسله
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي في قوله {ومنهم أميون
لا يعلمون الكتاب} قال : منهم من لا يحسن أن يكتب.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله
{ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب} قال : لا يدرون ما فيه {وإن هم إلا يظنون} وهم
يجحدون نبؤتك بالظن.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ومنهم أميون لا يعلمون
الكتاب} قال : ناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا وكانوا يتكلمون بالظن
بغير ما في كتاب الله ويقولن هو من الكتاب أماني تمنونها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {إلا أماني} قال : إلا أحاديث.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إلا أماني} قال :
إلا قولا يقولون بأفواههم كذبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{إلا أماني}
قال : إلا كذبا {وإن هم إلا يظنون} قال : إلا يكذبون.
قوله تعالى : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم
يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم
مما يكسبون.
أخرج وكيع ، وَابن المنذر والنسائي عن ابن عباس في قوله
{فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم} قال : نزلت في أهل الكتاب.
وأخرج أحمد وهناد بن السري بن الزهد ، وعَبد بن حُمَيد
والترمذي ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم والطبراني ، وَابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه ، وَابن مردويه
والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ويل
واد في حهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره.
وأخرج ابن جرير عن عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في قوله {فويل لهم مما كتبت أيديهم} قال : الويل جبل في النار وهو الذي
أنزل في اليهود لأنهم حرفوا التوراة زادوا فيها ما أحبوا ومحوا منها ما كانوا
يكرهون ومحوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة
وأخرج البزار ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في النار حجرا يقال لها ويل يصعد عليه
العرفاء وينزلون فيه.
وأخرج الحربي في فوائده عن عائشة قالت : قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ويحك يا عائشة ، فجزعت منها ، فقال لي : يا حميراء إت
ويحك أو ويك رحمة فلا تحجزعي منها ولكن اجزعي من الويل.
وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن علي بن أبي طالب قال
: الويح والويل بابان ، فأما الويح فباب رحمة وأما الويل فباب عذاب.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي
في البعث عن ابن مسعود قال : ويل واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن النعمان بن
بشير قال : الويل واد من فيح في جهنم
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي
حاتم والبيهقي في البعث عن عطاء بن يسار قال : ويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال
لماعت من شدة حره.
وأخرج هناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ويل سيل من صديد في أصل جهنم وفي لفظ ويل واد في
جهنم يسيل فيه صديده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى عفرة قال : إذا سمعت
الله يقول : ويل هي النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فويل للذين
يكتبون الكتاب} الآية ، قال : هم أحبار اليهود وجدوا صفة النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم مكتوبة في التوراة أكحل أعين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فلما وجدوه في التوراة
محوه حسدا وبغيا فأتاهم نفر من قريش فقالوا : تجدون في التوراة
نبيا أميا فقالوا : نعم نجده طويلا أزرق سبط الشعر
فأنكرت قريش وقالوا : ليس هذا منا.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : وصف الله
محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حسده
أحبار اليهود فغيروا صفته في كتابهم وقالوا : لا نجد نعته عندنا وقالوا للسفلة :
ليس هذا نعت النَّبِيّ الذي يحرم كذا وكذا كما كتبوه وغيروا نعت هذا كذا كما وصف
فلبسوا على الناس وإنما فعلوا ذلك لأن الأحبار كانت لهم مأكلة يطعمهم إياها السفلة
لقيامهم على التوراة فخافوا أن تؤمن السفلة فتنقطع تلك المأكلة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل
الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيه أحدث أخبارا لله تعرفونه غضا محضا
لم يشب
وقد حدثكم الله ان أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه
وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا : هو من عند الله ليشتروا به
ثمنا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلهم ولا
والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل إليكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال كان ناس من
اليهود يكتبون كتابا من عندهم ويبيعونه من العرب ويحدثونهم أنه من عند الله
فيأخذون ثمنا قليلا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر واين أبي حاتم عن قتادة
في الآية قال : كان ناس من بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم ليتأكلوا الناس فقالوا
: هذه من عند الله وما هي من عند الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ليشتروا به ثمنا
قليلا} قال : عرضا من عرض الدنيا
قال فالعذاب عليهم من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك
الكذب{وويل لهم مما يكسبون} يقول : مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن
أبي حاتم عن إبراهيم النخعي ، أنه كره كتابة المصاحف بالأجر وتلا هذه الآية {فويل
للذين يكتبون الكتاب بأيديهم} الآية.
وأخرج وكيع عن الأعمش ، أنه كره أن يكتب المصاحف بالأجر
وتأول هذه الآية {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله}.
وأخرج وكيع ، وَابن أبي داود عن محمد بن سيرين أنه يكره
شراء المصاحف وبيعها.
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد ، وَابن أبي داود عن أبي
الضحى قال :
سألت ثلاثة من أهل الكوفة عن شراء المصاحف ، عبد الله بن
يزيد الخطمي ومسروق بن الأجدع وشريحا فكلهم قال : لا نأخذ لكتاب الله ثمنا.
وأخرج ابن أبي داود من طريق قتادة عن زرارة عن مطرف قال
: شهدت فتح تستر مع الأشعري فأصبنا دانيال بالسوس وأصبنا معه ربطتين من كتان
وأصبنا معه ربعة فيها كتاب الله وكان أول من وقع عليه رجل من بلعنبر يقال له حرقوص
فأعطاه الأشعري الربطتين وأعطاه مائتي درهم وكان معنا أجير نصراني يسمى نعيما فقال
: بيعوني هذه الربعة بما فيها فقالوا : إن يكن فيها ذهب أو فضة أو كتاب الله
قال : فإن الذي فيها كتاب الله فكرهوا أن يبيعوه الكتاب
فبعناه الربعة
بدرهمين ووهبنا له الكتاب ، قال قتادة : فمن ثم كره بيع
المصاحف لأن الأشعري وأصحابه كرهوا بيع ذلك الكتاب.
وأخرج ابن أبي داود من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب
والحسن : أنهما كرها بيع المصاحف.
وأخرج ابن أبي داود عن حماد بن أبي سليمان أنه سئل عن
بيع المصاحف فقال : إن إبراهيم يكره بيعها وشراءها.
وأخرج ابن أبي داود عن سالم قال : كان ابن عمر إذا أتى
على الذي يبيع المصاحف قال : بئس التجارة.
وأخرج ابن أبي داود عن عبادة بن نسي ، أن عمر كان يقول :
لا تبيعوا المصاحف ولا تشتروها.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن سيرين وإبراهيم ، أن عمر كان
يكره بيع المصاحف وشراءها.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن مسعود : أنه كره بيع المصاحف
وشراءها
وأخرج ابن أبي داود من طريق نافع عن ابن عمر قال : وددت
أن الأيدي تقطع على بيع المصاحف.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير
قال : وددت أن الأيدي قطعت على بيع المصاحف وشرائها.
وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : سمعت سالم بن عبد
الله يقول : بئس التجارة المصاحف.
وأخرج ابن أبي داود ، عَن جَابر بن عبد الله : أنه كره
بيع المصاحف وشراءها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي داود عن عبد الله بن شقيق
العقيلي : أنه
كان يكره بيع المصاحف قال : وكان أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم يشددون في بيع المصاحف ويرونه عظيما.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب : أنه
كره بيع المصاحف كراهية شديدة وكان يقول : أعن أخاك بالكتاب أو هب له.
وأخرج ابن أبي داود عن علي بن حسين قال : كانت المصاحف
لا تباع وكان
الرجل يأتي بورقة عند المنبر فيقول من الرجل يحتسب فيكتب
لي ثم يأتي الآخر فيكتب حتى يتم المصحف.
وأخرج ابن أبي داود عن مسروق وعلقمة وعبد الله بن يزيد
الأنصاري وشريح وعبادة ، أنهم كرهوا بيع المصاحف وشراءها وقالوا : لا نأخذ لكتاب
الله ثمنا
وأخرج ابن أبي داود عن إبراهيم عن أصحابه قال : كانوا
يكرهون بيع المصاحف وشراءها.
وأخرج ابن أبي داود عن أبي العالية ، أنه كان يكره بيع
المصاحف وقال : وددت أن الذين يبيعون المصاحف ضربوا.
وأخرج ابن ابي داود عن ابن سيرين قال : كانوا يكرهون بيع
المصاحف وكتابتها بالأجر.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن جريج قال : قال عطاء : لم يكن
من مضى يبيعون المصاحف إنما حدث ذلك الآن وإنما يجلسون بمصاحفهم في الحجر فيقول
أحدهم للرجل إذا كان كاتبا وهو يطوف : يا فلان إذا فرغت تعال فاكتب لي ، قال : فيكتب المصحف
وما كان من ذلك حتى يفرغ من مصحفه.
وأخرج ابن أبي داود عن عمرو بن مرة قال : كان في أول
الزمان يجتمعون فيكتبون المصاحف ثم إنهم استأجروا العباد فكتبوها لهم ثم إن العباد
بعد أن كتبوها باعوها وأول من باعها هم العباد (العباد : جمع عبد وهم قبائل شتى من
العرب اجتمعوا بالحيرة على المسيحية قبل الإسلام والنسبة عبادي)
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي داود عن عمران بن جرير قال :
سألت أبا مجلز عن بيع المصاحف قال : إنما بيعت في زمن معاوية فلا تبعها.
وأخرج ابن أبي داود عن محمد بن سيرين قال : كتاب الله
أعز من أن يباع.
وأخرج ابن سعيد عن حنظلة قال : كنت أمشي مع طاووس فمر
بقوم يبيعون المصاحف فاسترجع ، ذكر من رخص في بيعها وشراءها.
أخرج ابن أبي داود عن ابن عباس أنه سئل عن بيع المصاحف
فقال : لا بأس إنما يأخذون أجور أيديهم.
وأخرج ابن أبي داود عن ابن الحنفية أنه سئل عن بيع
المصاحف قال : لا بأس إنما يبيع الورق.
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد ، وَابن أبي داود عن الشعبي
قال : لا بأس ببيع المصاحف إنهم لا يبيعون كتاب الله إنما يبيعون الورق وعمل
أيديهم.
وأخرج ابن أبي داود عن جعفر عن أبيه قال : لا بأس بشراء
المصاحف وأن يعطى الأجر على كتابتها.
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد ، وَابن أبي داود عن مطر
الوراق ، أنه سئل عن بيع المصاحف فقال : كان خيرا أو حبرا هذا الأمة لا يريان
يبيعها بأسا الحسن والشعبي.
وأخرج ابن أبي داود عن حميد ، أن الحسن كان يكره بيع
المصاحف فلم يزل به مطر الوراق حتى رخص فيه.
وأخرج ابن أبي داود من طرق عن الحسن قال : لا بأس ببيع
المصاحف ونقطها بالأجر.
وأخرج ابن أبي داود عن الحكم : أنه كان لا يرى بأسا
بشراء المصاحف وبيعها
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي داود عن أبي شهاب موسى بن
نافع قال : قال لي سعيد بن جبير : هل لك في مصحف عندي قد كفيتك عرضه فتشتريه.
وَأخرَج عبد الرزاق وأبو عبيد ، وَابن أبي داود من طرق
عن ابن عباس قال : اشتر المصاحف ولا تبعها.
وأخرج ابن ابي داود عن ابن عباس قال : رخص في شراء
المصاحف وكره في بيعها ، قال ابن أبي داود : كذا قال رخص كأنه صار مسندا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن أبي داود ، عَن جَابر بن عبد
الله في بيع المصاحف قال : ابتعها ولا تبعها.
وأخرج ابن أبي داود عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ،
مثله.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر ، مثله ، $
قوله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل
أتخذتم عند الله لن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم والطبراني والواحدي عن ابن عباس أن يهود كانوا يقولون : مدة الدنيا سبعة
آلاف سنة وإنما نعذب لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار وإنما هي
سبعة أيام معدودات ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في ذلك {وقالوا لن تمسنا النار} إلى قوله {هم
فيها خالدون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والواحدي عن ابن عباس قال : وجد أهل الكتاب مسيرة ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين فقالوا :
لن يعذب أهل النار إلا قدر أربعين فإذا كان يوم القيامة ألجموا في النار فساروا
فيها حتى انتهوا إلى سقر وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعهودة فقال
له خزنة النار : يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياما معدودة
فقد انقضى العدد وبقي الأبد فيأخذون في الصعود يرهقون على
وجوههم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ، أن اليهود قالوا : لن
تمسنا النار إلا أربعين يوما مدة عبادة العجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن ابي حاتم عن عكرمة قال : اجتمعت يهود يوما فخاصموا النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم فقالوا : لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وسموا أربعين يوما ثم يخلفنا
فيها ناس وأشاروا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ورد يده على رؤوسهم كذبتم بل أنتم خالدون مخلدون فيها لا نخلفكم
فيها إن شاء الله تعالى أبدا ففيهم أنزلت هذه الآية {وقالوا لن تمسنا النار إلا
أياما معدودة} يعنون أربعين ليلة.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لليهود أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزل الله على موسى يوم طور
سيناء من أهل
النار الذين أنزلهم الله في التوراة قالوا : إن ربهم غضب
عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة ثم نخرج فتخلفوننا فيها فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : كذبتم والله لا نخلفكم فيها أبدا فنزل القرآن تصديقا لقول
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتكذيبا لهم {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما
معدودة} إلى قوله {وهم فيها خالدون}.
وأخرج أحمد والبخاري والدارمي والنسائي والبيهقي في
الدلائل عن أبي هريرة
قال لما افتتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه
وسلم شاة فيها سم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجمعوا لي من كان ههنا من
اليهود فقال لهم : من أبوكم قال : فلان ، قال : كذبتم بل أبوكم فلان ، قالوا :
صدقت وبررت ، ثم قال لهم : هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه قالوا : نعم يا أبا
القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا ، فقال لهم : من أهل النار قالوا
: نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اخسئوا - والله -
لا نخلفكم فيها أبدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{قل أتخذتم عند الله عهدا} أي موثقا من الله بذلك أنه كما تقولون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لما قالت اليهود ما
قالت قال الله لمحمد {قل أتخذتم عند الله عهدا} يقول : ادخرتم عند الله عهدا ، يقول
: أقلتم لا إله إلا الله لم تشركوا ولم تكفروا به فإن كنتم قلتموها فأرجوا بها وإن
كنتم لم تقولوها فلم تقولون على الله ما لا تعلمون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {قل أتخذتم عند
الله} قال : بفراكم وبزعمكم أن النار ليس تمسكم إلا أياما معدودة يقول : إن كنتم
اتخذتم عند الله عهدا بذلك فلن يخلف الله عهده {أم تقولون على الله ما لا تعلمون}
قال : قال القوم : الكذب والباطل وقالوا عليه مالا يعلمون
قوله تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون * والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم
فيها خالدون.
أخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في
قوله {بلى من كسب} قال : الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد وعكرمة وقتادة ، مثله.
وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي هريرة في قوله {وأحاطت به
خطيئته} قال : أحاط به شركه.
وأخرج ابن اسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {بلى من كسب سيئة} أي من عمل مثل أعمالكم وكفر بما كفرتم به حتى
يحيط كفره بما له من حسنة {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا
الصالحات} أي من آمن بما كفرتم به وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها
يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له أبدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وأحاطت به خطيئته} قال : هي الكبيرة الموجبة لأهلها النار
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن الحسن أنه سئل عن قوله
{وأحاطت به خطيئته} ما الخطيئة قال : اقرؤوا القرآن فكل آية وعد الله عليها النار
فهي الخطيئة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{وأحاطت به خطيئته} قال : الذنوب تحيط بالقلوب فكلما عمل ذنبا ارتفعت حتى تغشى
القلب حتى يكون هكذا وقبض كفه ثم قال : والخطيئة كل ذنب وعد الله عليه النار.
وأخرج ابن ابي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
الربيع بن خيثم في قوله {وأحاطت به خطيئته} قال : هو الذي يموت على خطيئته قبل أن
يتوب.
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن الأعمش في قوله {وأحاطت به
خطيئته} قال : مات بذنبه.
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا
الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا
الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل} أي ميثاقكم.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {وإذ أخذنا ميثاق
بني إسرائيل} الآية ، قال : أخذ مواثيقهم أن يخلصوا له وأن لا يعبدوا غيره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وإذ أخذنا ميثاق
بني إسرائيل} قال : ميثاق أخذه الله على بني إسرائيل فاسمعوا على ما أخذ ميثاق
القوم {لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا} الآية.
وأخرج عبد بن حمي عن عيسى بن عمر قال : قال الأعمش : نحن
نقرأ / {لا يعبدون إلا الله >
/ بالياء لأنا نقرأ آخر الآية {ثم تولوا} عنه وأنتم
تقرؤون {ثم توليتم} فاقرؤوها لا تعبدون.
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله
{وقولوا للناس حسنا} قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرهم أن يأمروا بلا
إله إلا الله من لم يقلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقولوا للناس
حسنا} قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب في
قوله {وقولوا للناس حسنا} قال : يعني الناس كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء وأبي جعفر
في قوله {وقولوا للناس حسنا} قالا : للناس كلهم.
وأخرج أبو عبيد سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن عبد
الملك بن سليمان أن زيد ابن ثابت كان يقرأ {وقولوا للناس حسنا} وكان ابن مسعود
يقرأ {وقولوا للناس حسنا}.
وأخرج ابن اسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {ثم توليتم} أي تركتم ذلك كله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ثم توليتم} قال :
أعرضتم عن طاعتي {إلا قليلا منكم} وهم الذين اخترتهم لطاعتي.
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا
تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون * ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم
وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم
بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسرى تفادوهم وهو محرم عليكم
إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في
الحياة الدنيا ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعقلون *
أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالأخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون
أخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم ، أنه قرأ {لا تسفكون
دماءكم} بنصب التاء وكسر الفاء ورفع الكاف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن طلحة بن مصرف أنه قرأها
{تسفكون} برفع الفاء.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {وإذ أخذنا
ميثاقكم لا تسفكون دماءكم} يقول : لا يقتل بعضكم بعضا {ولا تخرجون أنفسكم من
دياركم} يقول : لا يخرج بعضكم بعضا من الديار ثم أقررتم بهذا الميثاق وأنتم
تشهدون ، يقول : وأنتم شهود.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {ثم أقررتم وأنتم تشهدون} إن هذا حق من ميثاقي عليكم {ثم أنتم هؤلاء
تقتلون أنفسكم} أي أهل الشرك ختى تسفكوا دماءكم معهم {وتخرجون فريقا منكم من
ديارهم} قال : تخرجونهم من ديارهم معهم {تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان} فكانوا
إذا كان بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة من
الأوس وظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه حتى
تسافكوا دماءهم فإذا وضعت أوزارها افتدوا أسراهم تصديقا لما في التوراة {وإن
يأتوكم أسارى تفادوهم} وقد عرفتم أن ذلك عليكم في دينكم {وهو محرم عليكم} في
كتابكم {إخراجهم} {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} أتفادونهم مؤمنين بذلك
وتخرجونهم كفرا بذلك.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية أن عبد الله بن سلام مر
على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادي من النساء من لم يقع عليه العرب ولا يفادي من
وقع عليه العرب فقال له عبد الله بن سلام : أما مكتوب عندك في كتابك أن فادوهن
كلهن.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه قرأ {وإن
يأتوكم أسارى تفادوهم}
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه قرأ {أسارى تفادوهم}.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا
/ {وإن يؤخذوا تفدوهم > /.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : يكون أول الآية عاما وآخرها خاصا
وقرأ هذه الآية (ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون).
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {أولئك الذين اشتروا
الحياة الدنيا بالآخرة} قال : استحبوا قليل الدنيا على كثير الآخرة.
قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده
بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا
تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وقفينا} اتبعنا
وأخرج ابن عساكر من طريق جوبير عن الضحاك عن ابن عباس في
قوله {ولقد آتينا موسى الكتاب} يعني التوراة جملة واحدة مفصلة محكمة {وقفينا من
بعده بالرسل} يعني رسولا يدعى اشمويل بن بابل ورسولا يدعى مشتانيل ورسولا يدعى
شعيا بن أمصيا ورسولا يدعى حزقيل ورسولا يدعى أرميا بن حلقيا وهو الخضر ورسولا
يدعى داود بن ايشا وهو أبو سليمان ورسولا يدعى المسيح عيسى بن مريم فهؤلاء الرسل
ابتعثهم الله وانتخبهم للأمة بعد موسى بن
عمران وأخذ عليهم ميثاقا غليظا أن يؤدوا إلى أممهم صفة
محمد صلى الله عليه وسلم وصفة أمته.
وَأَمَّا قوله تعالى {وآتينا عيسى ابن مريم البينات}.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم قال :
هي الآيات التي وضعت على يده من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير وإبراء
الأسقام والخبر
بكثير من الغيوب وما رد عليهم من التوراة مع الإنجيل
الذي أحدث الله إليه.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وأيدناه بروح القدس}.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وأيدناه} قال :
قويناه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال : روح القدس ، الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القدس الله تعالى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : القدس هو
الرب تعالى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القدس الطهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : القدس
البركة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن اسماعيل بن أبي خالد في قوله
{وأيدناه
بروح القدس} قال : أعانه جبريل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : روح القدس جبريل.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، عَن جَابر عن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : روح القدس جبريل.
وأخرج ابن سعيد وأحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرا في المسجد فكان ينافح عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم أيد حسان
بروح القدس كما نافح عن نبيه.
وأخرج ابن حبان عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : إن روح القدس نفث في روعي
: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا
في الطلب.
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن الحسن قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلمه روح القدس لن يؤذن للأرض أن تأكل من
لحمه.
وَأَمَّا قوله تعالى : {ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون}
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله تعالى :
{فريقا} يعني طائفة.
قوله تعالى : وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم
فقليلا ما يؤمنون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما سمي القلب
لتقلبه.
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أنه كان يقرأ
{قلوبنا غلف} مثقلة كيف تتعلم وإنما قلوبنا غلف للحكمه أي أوعية للحكمة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{قلوبنا غلف} مملوءة علما لا تحتاج إلى علم محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطية في قوله
{وقالوا قلوبنا غلف} قال : أوعية للعلم
.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله: (قلوبنا غلف) قال :في غطاء..
وَأخرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله :
(قلوبنا غلف). أي: في أكنة..
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :(قلوبنا غلف)
قال: هي القلوب المطبوع عليها.
وأخرج وكيع عن عكرمة في قوله {قلوبنا غلف} قال : عليها
طابع.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {وقالوا قلوبنا غلف} عليها
غشاوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وقالوا قلوبنا غلف} قال : قالوا لا تفقه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص
، وَابن جَرِير عن حذيفة قال : القلوب أربعة ، قلب أغلف فذلك قلب الكافر وقلب
مصفح فذلك قلب المنافق وقلب أجرد فيه مثل السراج فذلك
قلب المؤمن وقلب فيه إيمان ونفاق فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب ومثل
النفاق كمثل قرحة يمدها القيح والدم فأي المادتين غلبت صاحبتها أهلكته.
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : تعرض فتنة على القلوب
فأي قلب أنكرها نكتت في قلبه نكتة بيضاء وأي قلب لم ينكرها نكتت في قلبه نكتة سوداء
ثم تعرض فتنة أخرى على القلوب فإن أنكرها القلب الذي أنكرها نكتت في قلبه نكتة
بيضاء وإن لم ينكرها نكتت نكتة سوداء ثم تعرض فتنة أخرى فإن أنكرها ذلك القلب الذي
اشتد وابيض وصفا ولم تضره فتنة أبدا وإن لم ينكرها في المرتين الأوليتين اسود
وارتد ونكس فلا يعرف حقا ولا ينكر منكرا.
وأخرج ابن ابي شيبة في كتاب الإيمان والبيهقي في شعب
الإيمان
عن علي رضي الله عنه قال : إن الإيمان يبدو لحظة بيضاء
في القلب فكلما ازداد الإيمان عظما ازداد ذلك البياض فإذا استكمل الإيمان ابيض
القلب كله وإن النفاق لحظة سوداء في القلب فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك
السواد فإذا استكمل النفاق اسود القلب كله وأيم الله لو شققتم على قلب مؤمن
لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود.
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي سعيد قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم القلوب أربعة ، قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط
على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح وأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره
وأما القلب الأغلف فقلب الكافر وأما القلب المنكوس فقلب المنافق الكافر عرف ثم
أنكر وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ومثل
الإيمان كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق كمثل
القرحة يمدها القيح والدم فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي موقوفا مثله سواء.
وَأَمَّا قوله تعالى : {فقليلا ما يؤمنون}.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{فقليلا ما يؤمنون} قال : لا يؤمن منهم إلا قليل.
قوله تعالى : ولما جاءكم كتاب من عند الله مصدق لما معهم
وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله
على الكافرين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{ولما جاءهم كتاب من عند الله} قال : هو القرآن {مصدق لما معهم} قال : من التوراة
والإنجيل.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وكانوا من قبل يستفتحون} الآية.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نعيم
والبيهقي كلاهما في الدلائل من
طريق عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري حدثني
أشياخ منا قالوا : لم يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول
الله صلى الله عليه وسلم منا كان معنا يهود وكانوا أهل كتاب وكنا أصحاب وثن وكنا
إذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا : إن نبيا يبعث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم
معه قتل عاد وارم فلما بعث الله رسوله اتبعناه وكفروه به ففينا - والله - وفيهم
أنزل الله {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} الآية كلها.
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي عن أبي مالك وعن
أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في الآية قال : كانت
العرب تمر باليهود فيؤذونهم وكانوا يجدون محمدا في التوراة فيسألون الله أن يبعثه
نبيا فيقاتلون معه العرب فلما جاءهم محمد كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن
عباس قال : كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم
يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا ويقولون : اللهم إنا نستنصرك بحق النَّبِيّ الأمي
إلا نصرتنا عليهم فينصرون {فلما جاءهم ما عرفوا} يريد محمدا ولم يشكوا فيه {كفروا
به}
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح
عن ابن عباس قال : كان يهود أهل المدينة قبل قدوم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
إذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب من أسد وغطفان وجهينة وعذرة يستفتحون عليهم
ويستنصرون يدعون عليهم باسم نبي الله فيقولون : اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك
وبكتابك الذي تنزل عليه الذي وعدتنا إنك باعثه في آخر الزمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم عن قتادة
قال : كانت اليهود تستفتح بمحمد على كفار العرب يقولون : اللهم ابعث النَّبِيّ
الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم فلما بعث الله محمد كفروا به حين رأوه بعث من
غيرهم حسدا للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس
قال : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعاذت بهذا الدعاء :
اللهم إنا نسألك بحق محمد النَّبِيّ الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان
إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فهزموا غطفان فلما بعث النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم كفروا به
فأنزل الله {وكانوا من قبل يستفتحون
على الذين كفروا} يعني وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد
إلى قوله {فلعنة الله على الكافرين}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس ، أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس
والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا
به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ ابن جبل وبشر بن البراء ودادو بن
سلمة : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل
شرك وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته ، فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما
جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله {ولما جاءهم كتاب من عند الله} الآية.
وأخرج أحمد ، وَابن قانع والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم
كلاهما في الدلائل عن سلمة بن سلامة وقش وكان من أهل بدر قال : كان لنا جار يهودي
في بني عبد الأشهل فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيسير حتى وقف على مجلس بني الأشهل
قال سلمة :
وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا علي بردة مضطجعا فيها بفناء
أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار قال : ذلك لأهل شرك
أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت ، فقالوا له : ويحك يا فلان ، ترى هذا
كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزنون فيها بأعمالهم فقال
: نعم والذي يحلف به يود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم
يدخلونه إياه فيطيونه عليه وإن ينجو من تلك النار غدا ، قالوا له : ويحك وما آية
ذلك قال : نبي يبعث من نحو هذه البلاد وأشار بيده نحو مكة واليمن ، فقالوا : ومتى
نراه قال : فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا أن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه قال سلمة
: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وهو بين
أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا فقلنا ويلك يا فلان ألست بالذي قلت لنا قال :
بلى وليس به.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وكانوا من قبل يستفتحون على
الذين كفروا} يقول يستنصرون بخروج محمد على مشركي العرب يعني
بذلك أهل الكتاب فلما بعث الله محمدا ورأوه من غيرهم
كفروا به وحسدوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في
قوله {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال : نزلت في اليهود عرفوا محمدا أنه نبي
وكفروا به.
قوله تعالى : بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل
الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباوءوا بغضب على غضب
وللكافرين عذاب مهين.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{بئسما اشتروا به أنفسهم} الآية ، قال : هم اليهود كفروا بما أنزل الله وبمحمد صلى
الله عليه وسلم بغيا وحسدا للعرب {فباؤوا بغضب على غضب} قال : غضب الله عليهم
مرتين بكفرهم بالإنجيل وبعيسى وبكفرهم بالقرآن وبمحمد.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {بئسما اشتروا به أنفسهم} قال : بئس ما باعوا به
أنفسهم حيث باعوا نصيبهم من الآخرة بطمع يسير من الدنيا ، قال : وهل تعرف ذلك قال
: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول
:
يعطى بها ثمنا فيمنعها * ويقول صاحبها ألا تشرى.
وَأخرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن
ابن عباس في قوله {بغيا أن ينزل الله} أي أن الله جعله من غيرهم {فباؤوا بغضب}
بكفرهم بهذا النَّبِيّ {على غضب} كان عليهم فيما ضيعوه من التوراة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {فباؤوا بغضب على غضب} قال :
كفرهم بعيسى وكفرهم بمحمد.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فباؤوا بغضب} اليهود غضب بما
كان من تبديلهم التوراة قبل خروج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {على غضب} جحودهم
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكفرهم بما جاء به.
قوله تعالى : وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا
نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون
أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين * ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من
بعده وأنتم ظالمون.
أخرج ابن جرير عن ابي العالية في قوله {ويكفرون بما
وراءه} قال : بما بعده.
وأخرج ابن جرير عن الدي في قوله {ويكفرون بما وراءه} قال
: القرآن
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا
ما آتيناكم بقوة قالوا سمعنا وعصينا واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما
يأمركم به آيمانكم إن كنتم مؤمنين.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وأشربوا في قلوبهم العجل} قال : اشربوا حبه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم.
قوله تعالى : قل إن كانت لكم الدار
الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن
كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين.
أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال (قالوا لن يدخل الجنة
إلا من كان هود أو نصارى) (البقرة الآية 111) وقالوا (نحن أبناء الله وأحباؤه)
(المائدة الآية 18) فأنزل الله {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من
دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} فلم يفعلوا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة ، مثله.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في هذه الآية قال
: قل لهم يا محمد {إن كانت لكم الدار الآخرة} يعني الجنة كما زعتم {خالصة من دون
الناس} يعني المؤمنين {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} إنها لكم خالصة من دون
المؤنين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنتم في مقالتكم صادقين قولوا
اللهم أمتنا فو الذي نفسي بيده لا
يقولها رجل منكم إلا غص بريقه فمات مكانه فأبوا أن
يفعلوا وكرهوا ما قال لهم فنزل {ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم} يعني عملته أيديهم {والله
عليم بالظالمين} أنهم لن يتمنوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه
الآية : والله لا يتمنونه أبدا.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {فتمنوا الموت} أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب فأبوا ذلك ولو تمنوه يوم
قال ذلك ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (قل إن لكم الدار
الآخرة) يعني الجنة {خالصة} خاصة {فتمنوا الموت} فاسألوا الموت {ولن يتمنوه أبدا} لأنعم
يعلمون أنهم كاذبون {بما قدمت} قال : أسلفت.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو
نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : لو تمنى اليهود الموت لماتوا
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو
تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن
مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن اليهود
تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار.
قوله تعالى
: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود
أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله
{ولتجدنهم أحرص الناس على حياة} قال : اليهود {ومن الذين أشركوا} قال : الأعاجم.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة} يعني اليهود {ومن الذين أشركوا}
وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو يحب طول الحياة وإن اليهودي قد عرف ما
له في الآخرة من الخزي بما صنع بما عنده من
العلم {وما هو بمزحزحه} قال : بمنجية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر والحاكم عن ابن عباس في قوله {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} قال : هو
قول الأعاجم إذا عطس أحدهم زه هزا رسال يعني ألف سنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما هو بمزحزحه}
قال : هم الذين عادوا جبريل.
قوله تعالى : قل من كان عدو لجبريل فإنه نزله على قلبك
بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين * من كان عدوا لله وملائكته
ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو الكافرين.
أخرج الطيالسي والفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن
ابن عباس قال : حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا
القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي ، قال سلوني عما شئتم ولكن اجعلوا
لي ذمة الله وما أخذ يعقوب على نبيه لئن أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه للتتابعني قالوا
: فذلك لك ، قالوا : أربع خلال نسألك عنها ، أخبرنا أي
طعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة
وأخبرنا كيف ماء الرجل من ماء المرأة وكيف الأنثى منه والذكر وأخبرنا كيف هذا
النَّبِيّ الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة فأخذ عليهم عهد الله لئن
أخبرتكم لتتابعني فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق ، قال :
فأنشدكم بالذي أنزل التوراة هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا طال سقمه فنذر نذرا لئن
عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب الطعام إليه
لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فقالوا : اللهم نعم ، فقال : اللهم اشهد ،
قال : أنشدكم بالذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ وأن ماء
المرأة أصفر رقيق فأيهما علا كان له الواد والشبه بإذن الله إن علا ماء الرجل كان
ذكرا بإذن الله وإن علا ماء المرأة كان أنثى بإذن الله قالوا : اللهم نعم ، قال :
اللهم اشهد قال : فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن النَّبِيّ
الأمي هذا تنام عيناه ولا ينام قلبه قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد عليهم ، قالوا
: أنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نتابعك أو نفارقك قال : وليي جبريل
ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه ، قالوا : فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من
الملائكة لأتبعناك وصدقناك ، قال : فما يمنعكم أن تصدقوه
قالوا : هو عدونا ، فأنزل الله تعالى {من كان عدوا لجبريل} إلى قوله {كأنهم لا
يعلمون} فعند ذلك باؤوا بغضب على غضب.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف واسحاق بن راهويه في مسنده
، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي قال نزل عمر رضي الله عنه بالروحاء
فرأى ناسا يبتدرون أحجارا فقال
: ما هذا فقالوا : يقولون أن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم صلى إلى هذه الأحجار فقال : سبحان الله ، ما كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلا راكبا مر بواد فحضرت الصلاة فصلى ثم حدث فقال : إني كنت أغشى اليهود يوم
دراستهم فقالوا : ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك لأنك تأتينا ، قلت : وما ذاك
إلا أني أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضا كيف تصدق التوراة والفرقان التوراة
فمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوما وأنا أكلمهم
فقلت :
أنشدكم بالله وما تقرؤون من كتابه أتعلمون أنه رسول الله
قالوا : نعم ، فقلت : هلكتم والله تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه فقالوا : لم
نهلك ولكن سألناه من يأتيه بنبوته فقال : عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلظة والشدة
والحرب والهلاك ونحو هذا فقلت فمن سلمكم من الملائكة فقالوا : ميكائيل ينزل بالقطر
والرحمة وكذا ، قلت : وكيف منزلتهما من ربهما فقالوا : أحدهما عن يمينه والآخر من
الجانب الآخر ، قلت : فإنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل
لميكائيل أن يسالم عدو جبريل وإني أشهد أنهما وربهما سلم
لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن
أخبره فلما لقيته قال : ألا أخبرك بآيات أنزلت علي قلت : بلى يا رسول الله فقرأ
{من كان عدوا لجبريل} حتى بلغ {الكافرين} قلت : والله يا رسول الله ما قمت من عند
اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا إلي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني ، صحيح
الإسناد ولكن الشعبي لم يدرك عمر.
وأخرج سفيان بن عينية عن عكرمة قال كان عمر يأتي يهود
يكلمهم فقالوا : إنه ليس من أصحابك أحد أكثر إتيانا إلينا منك فأخبرنا من صاحب
صاحبك الذي يأتيه بالوحي فقال : جبريل ، قالوا : ذاك عدونا من الملائكة ولو أن
صاحبه صاحب صاحبنا لأتبعناه فقال عمر : ومن صاحب صاحبكم
قالوا :
ميكائيل ، قال : وما هما قالوا : أما جبريل فينزل بالعذاب
والنقمة وأما ميكائيل فينزل بالغيث والرحمة وأحدهما عدو لصاحبه ، فقال عمر ، وما
منزلتهما قالوا : إنهما من أقرب الملائكة منه أحدهما عن يمينه وكلتا يديه يمين
والآخر على الشق الآخر ، فقال عمر : لئن كانا كما تقولون ما هما بعدوين ثم خرج من
عندهم فمر بالنبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقرأ عليه {من كان عدوا لجبريل} الآية
، فقال عمر : والذي بعثك بالحق إنه الذي خاصمتهم به آنفا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا عمر بن الخطاب
انطلق ذات يوم إلى اليهود فلما أبصروه رحبوا به فقال عمر : والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم
ولكني جئت لأسمع منكم وسألوه فقالوا
: من صاحب صاحبكم فقال لهم : جبريل قالوا : ذاك عدونا من
الملائكة يطلع محمد على سرنا وإذا جاء جاء بالحرب والسنة ولكن صاحبنا ميكائيل وإذا
جاء جاء بالخصب والسلم ، فتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثه حديثهم فوجده
قد أنزل هذه الآية {قل من كان عدوا لجبريل} الآية
وأخرج ابن جرير عن السدي قال لما كان لعمر أرض بأعلى
المدينة يأتيها وكان ممره على مدارس اليهود وكان كلما مر دخل عليهم فسمع منهم وإنه
دخل عليهم ذات يوم فقال لهم : أنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور
سيناء أتجدون محمدا عندكم قالوا : نعم إنا نجده مكتوبا عندنا ولكن صاحبه
من الملائكة الذي يأتيه بالوحي جبريل وجبريل عدونا وهو
صاحب كل عذاب وقتال وخسف ولو كان وليه ميكائيل لآمنا به فإن ميكائيل صاحب كل رحمة
وكل غيث ، قال عمر : فأين مكان جبريل من الله قالوا : جبريل عن يمينه وميكائيل عن
يساره ، قال عمر : فأشهدكم أن الذي عدو للذي عن يمينه عدو للذي هو عن يساره والذي
عدو للذي عن يساره عدو للذي هو عن يمينه وأنه من كان عدوهما فإنه عدو لله ثم رجع
عمر ليخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فدعاه
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقرأ {قل من كان عدوا لجبريل} الآية ، فقال عمر :
والذي بعثك بالحق لقد جئت وما أريد إلا أن أخبرك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى ، أن يهوديا لقي عمر فقال : إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا
، فقال عمر {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو
للكافرين} قال : فنزلت على لسان عمر وقد نقل ابن جرير
الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري
والنسائي وأبو يعلى ، وَابن حبان والبيهقي في الدلائل عن أنس قال سمع عبد الله بن
سلام بمقدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو بأرض يخترف فأتى النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ، ما أول أشراط الساعة وما
أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو أمه قال : أخبرني جبريل بهن آنفا ،
قال : جبريل قال : نعم ، قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة ، فقرأ هذه الآية {من
كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك} قال : أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من
المشرق فتحشر الناس إلى المغرب وأما أول ما يأكل أهل الجنة فزيادة كبد حوت وأما ما
ينزع الولد إلى أبيه وأمه فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع إليه الولد وإذا سبق
ماء المرأة ماء الرجل نزع إليها ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{فإنه نزله
على قلبك بإذن الله} يقول : جبريل نزل بالقرآن بإذن الله
يشدد به فؤادك ويربط به على قلبك {مصدقا لما بين يديه} يقول : لما قبله من الكتب
التي أنزلها والآيات والرسل الذين بعثهم الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{مصدقا لما بين يديه}
قال : من التوراة والإنجيل {وهدى وبشرى للمؤمنين} قال :
جعل الله هذا القرآن هدى وبشرى للمؤمنين لأن المؤمن إذا سمع القرآن حفظه ووعاه
وانتفع به وإطمأن إلبه وصدق بموعود الله الذي وعده فيه وكان على يقين من ذلك.
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد الله العكي عن رجل من قريش
قال : سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اليهود فقال أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون
هل تجدونه قد بشر بي عيسى أن يأيتكم رسول اسمه أحمد فقالوا : اللهم وجدناك في
كتابنا ولكنا كرهنا لأنك تستحل الأموال وتهرق الدماء فأنزل الله {من كان عدوا لله
وملائكته ورسله} الآية.
وَأَمَّا قوله تعالى {وجبريل وميكال}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : جبريل كقولك عبد
الله جبر عبد وإيل الله.
وأخرج ابن ابي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في
المتفق والمفترق عن ابن عباس قال : جبريل عبد الله وميكائيل عبيد الله وكل اسم فيه
إيل فهو معبد لله.
وأخرج الديلمي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم اسم جبريل عبد الله واسم اسرافيل عبد الرحمن.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن علي بن حسين قال
: اسم جبريل عبد الله واسم ميكائيل عبيد الله واسم إسرافيل عبد الرحمن وكل شيء
راجع إلى ايل فهو معبد لله عز وجل.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : جبريل اسمه عبد الله
وميكائيل اسمه
عبيد الله قال : والإل الله وذلك قوله (لا يرقبون في
مؤمن إلا ولاذمة) (التوبة الآية 10) قال : لا يرقبون الله.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن يحيى بن يعمر أنه كان
يقرأها جبرال ويقول جبر هو عبد وال هو الله.
وأخرج وكيع عن علقمة أنه كان يقرأ مثقلة {وجبريل وميكال}.
وأخرج وكيع ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : جبر عبد وايل
الله وميك عبد وايل الله واسراف عبد وايل الله.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب
الإيمان بسند حسن عن ابن عباس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل
يناجيه إذ انشق أفق السماء فأقبل جبريل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ويدنو من الأرض
فإذا ملك قد مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن ربك
يقرئك السلام ويخيرك بين أن تكون نبيا ملكا وبين أن تكون نبيا عبدا ، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار جبريل إلي بيده أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح فقلت
: عبد نبي ، فعرج ذلك الملك إلى السماء فقلت : يا جبريل قد كنت أردت أن أسألك عن
هذا فرأيت من حالك ماشغلني عن المسألة فمن هذا يا جبريل قال : هذا اسرافيل خلقه
الله يوم خلقه بين يديه
صافا قدميه لايرفع طرفه بينه وبين الرب سبعون نورا ما
منها نور يدنو منه إلا احترق بين يديه اللوح المحفوظ فإذا أذن الله في شيء في
السماء أو في الأرض ارتفع ذلك اللوح فضرب جبهته فينظر فيه فإذا كان من عملي أمرني
به وإن كان من عمل ميكائيل أمره به وإن كان من عمل ملك الموت أمره به ، قلت : يا
جبريل على أي شيء أنت قال : على الرياح والجنود ، قلت : على أي شيء ميكائيل قال : على النبات
والقطر ، قلت : على أي شيء ملك الموت قال : على قبض الأنفس وما ظننت أنه هبط إلا
بقيام الساعة وما ذاك الذي رأيته مني إلا خوفا من قيلم الساعة.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل وأفضل النبيين آدم وأفضل
الأيام يوم الجمعة وأفضل الشهور رمضان وأفضل الليالي ليلة القدر وأفضل النساء مريم
بنت عمران.
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد العزيز
بن عمير قال : اسم جبريل في الملائكة خادم الله عز وجل.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عكرمة قال : قال جبريل عليه
السلام : إن
ربي عز وجل ليبعثني على الشيء لأمضيه فأجد الكون قد
سبقني إليه.
وأخرج أبو الشيخ عن موسى بن عائشة قال : بلغني أن جبريل
إمام أهل السماء.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة قال : جبريل على ريح
الجنوب.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال : بلغنا أن
الله تعالى وكل جبريل بحوائج الناس فإذا دعا المؤمن قال يا جبريل احبس حاجته فإني
أحب دعاءه وإذا دعا الكافر قال : يا جبريل اقض حاجته فإني أبغض دعاءه.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن عبيد قال إن
جبريل موكل بالحوائج فإذا سأل المؤمن ربه قال : احبس احبس حبا لدعائه أن يزداد
وإذا سأل الكافر قال : أعطه أعطه بغضا لدعائه.
وأخرج البيهقي والصابوني في المائتين ، عَن جَابر بن عبد
الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل موكل بحاجات العباد فإذا دعا
المؤمن قال :
يا جبريل احبس حاجة عبدي فإني أحبه وأحب صوته وإذا دعا
الكافر قال : يا جبريل اقض حاجة عبدي فإني أبغضه وأبغض صوته.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عائشة قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : وددت أني رأيتك في صورتك قال : وتحب ذلك قال :
نعم ، قال : موعدك كذا وكذا من الليل بقيع الغرقد فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
موعده فنشر جناحا من أجنحته فسد أفق السماء حتى ما يرى من السماء شيء.
وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن عائشة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال رأيت جبريل مهبطا قد ملأ ما بين الخافقين عليه ثياب سندس معلق بها
اللؤلؤ والياقوت.
وأخرج أبو الشيخ عن شريح بن عبيد أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم لما صعد إلى السماء رأى جبريل في خلقته منظومة أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ
والياقوت قال : فخيل إلي أن ما بين عينيه قد سد الأفق وكنا أراه قبل ذلك على صور
مختلفة وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي وكنت أحيانا أراه كما يرى الرجل صاحبه
من وراء الغربال
وأخرج ابن جرير عن حذيفة وقتادة ، دخل حديث بعضهم لبعض
لجبريل جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا أجلى الجبينين ورأسه حبك
حبكا مثل المرجان وهو اللؤلؤ كأنه الثلج وقدماه إلى الخضرة.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال ما بين منكبي جبريل مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع الطيران.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه ، أنه سئل عن خلق جبريل
فذكر أن ما بين منكبيه من ذي إلى ذي خفق الطير سبعمائة عام.
وأخرج ابن سعد والبيهقي في الدلائل عن عمار بن أبي عمار
، أن حمزة بن عبد المطلب قال : يا رسول الله أرني جبريل على صورته ، قال إنك لا
تستطيع أن تراه ، قال : بلى فأرنيه ، قال : فاقعد ، فقعد فنزل جبريل على خشبة كانت
الكعبة يلقي المشركون عليها ثيابهم إذا طافوا فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :
ارفع طرفك ، فانظر فرفع طرفه فرأى قدميه مثل الزبرجد
الأخضر فخر مغشيا عليه.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن ابن شهاب أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم سأل جبريل أن يترأى له في صورته فقال جبريل : إنك لن تطيق ذلك
، قال : إني أحب أن تفعل ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في ليلة مقمرة
فأتاه جبريل في صورته فغشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه ثم أفاق
وجبريل مسنده وواضع إحدى يديه على صدره والآخرى بين كتفيه فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ما كنت أرى إن شيئا من الخلق هكذا فقال جبريل : فكيف لو رأيت اسرافيل إن له لأثني عشر
جناحا منها جناح في المشرق وجناح في المغرب وإن العرش على كاهله وإنه ليتضاءل
أحيانا لعظمة الله عز وجل حتى يصير مثل الوصع حتى ما يحمل عرشته إلا عظمته.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أبي جعفر قال : كان
أبو بكر يسمع مناجاة جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يراه.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : قال لي النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم لما رأيت جبريل لم يره خلق إلا عمي إلا أن يكون نبيا ولكن أن جعل
ذلك في آخر عمرك
وأخرج أبو الشيخ عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال إن في الجنة لنهرا ما يدخله جبريل من دخلة فيخرج فينتفض إلا خلق الله من
كل قطرة تقطر ملكا.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العلاء بن هارون قال : لجبريل في
كل يوم انغماسة في نهر الكوثر ثم ينتفض فكل قطرة يخلق منها ملك.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال : إن جبريل ليأتيني كما يأتي الرجل صاحبه في ثياب بيض مكفوفة
باللؤلؤ والياقوت رأسه كالحبك وشعره كالمرجان ولونه كالثلح أجلى الجبين براق
الثنايا عليه وشاحان من در
منظوم وجناحاه أخضران ورجلاه مغموستان في الخضرة وصورته
التي صور عليها تملأ ما بين الأفقين وقد قال صلى الله عليه وسلم : أشتهي أن أراك
في صورتك يا روح الله ، فتحول له فيها فسد ما بين الأفقين.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لجبريل هل ترى ربك قال : إن بيني وبينه لسبعين حجابا من
نار أو نور
لو رأيت أدناه لاحترقت.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية بسند
واه عن أبي هرير ، أن رجلا من اليهود أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا
رسول الله هل احتجب الله بشيء عن خلقه غير السموات قال : نعم بينه وبين الملائكة
الذين حول العرش سبعون حجابا من نور وسبعون حجابا من نار وسبعون حجابا من ظلمه
وسبعون حجابا من رفارف الاستبرق وسبعون حجابا من ظلمة وسبعون حجابا من رفاف السندس
وسبعون حجابا من در أبيض وسبعون حجابا من در أخضر وسبعون حجابا من در أحمر وسبعون
حجابا من در أصفر وسبعون حجابا من در أخضر وسبعون حجابا من ضياء وسبعون حجابا من ثلج
وسبعون حجابا من برد وسبعون حجابا من عظمة الله التي لا توصف قال : فأخبرني عن ملك
الله الذي يليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الملك الذي يليه اسرافيل
ثم جبريل ثم ميكائيل ثم ملك الموت عليهم السلام.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني أنه بلغه أن
جبريل أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم : وما يبكيك قال : ومالي لا أبكي ، فوالله ما جفت لي عين منذ خلق الله النار
مخافة أن أعصيه
فيقذفني فيها.
وأخرج أحمد في الزهد عن رباح قال حدثت أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال لجبريل : لم تأتني إلا وأنت صار بين عينيك قال : إني لم أضحك
منذ خلقت النار.
وأخرج أحمد في مسنده وأبو الشيخ عن أنس أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال لجبريل : مالي لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال : ما ضحك ميكائيل
منذ خلقت النار.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد العزيز بن أبي رواد قال نظر الله
إلى جبريل وميكائيل وهما يبكيان فقال الله : ما يبكيكما وقد علمتما أني لا أجور ،
فقالا : يا رب إنا لا نأمن مكرك ، قال : هكذا فافعلا فإنه لا يأمن مكري إلا كل
خاسر.
وأخرج أبو الشيخ من طريق الليث عن خالد بن سعيد قال :
بلغنا أن اسرافيل
يؤذن لأهل السماء فيؤذن لاثنتي عشرة ساعة من النهار
ولاثنتي
عشرة ساعة من الليل لكل ساعة تأذين يسمع تأذينه من في
السموات السبع ومن في الأرضين السبع إلا الجن والإنس ثم يتقدم بهم عظيم الملائكة
فيصلي بهم ، قال : وبلغنا أن ميكائيل يؤم الملائكة في البيت المعمور.
وأخرج الحكيم الترمذي عن زيد بن رفيع قال دخل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم جبريل وميكائيل وهو يستاك فناول رسول الله صلى الله عليه
وسلم جبريل السواك فقال جبريل : كبر ، قال جبريل : ناول ميكائيل فإنه أكبر.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة بن خالد أن رجلا قال : يا رسول
الله أي الخلق أكرم على الله عز وجل قال : لا أدري ، فجاءه جبريل عليه السلام فقال
: يا جبريل أي الخلق أكرم على الله قال : لا أدري ، فعرج جبريل ثم هبط فقال : أكرم الخلق على
الله جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فأما جبريل فصاحب الحرب وصاحب المرسلين
وأما ميكائيل فصاحب كل قطرة تسقط وكل ورقة تنيت وكل ورقة تسقط وأما ملك الموت فهو
موكل بقبض كل روح عبد في بر أو بحر وأما إسرافيل فأمين الله بينه وبينهم.
وأخرج أبو الشيخ ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أقرب الخلق إلى الله جبريل وميكائيل واسرافيل وهم منه
مسيرة خمسين ألف سنة
جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره واسرافيل بينهما.
وأخرج أبو الشيخ عن خالد بن أبي عمران قال : جبريل أمين
الله إلى رسله وميكائيل يتلقى الكتب التي تلقى من أعمال الناس واسرافيل كمنزلة
الحاجب.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وَابن أبي داود في المصاحف
وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد
الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسرافيل صاحب الصور وجبريل عن
يمينه وميكائيل عن يساره وهو بينهما.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال : إن أدنى الملائكة من الله
جبريل ثم ميكائيل فإذا ذكر عبدا بأحسن عمله قال : فلان بن فلان عمل كذا وكذا من
طاعتي صلوات الله عليه ثم سأل
ميكائيل جبريل ما أحدث ربنا فيقول :
فلان بن فلان ذكر بأحسن عمله فصلى عليه صلوات الله عليه
ثم سأل ميكائيل من يراه من أهل السماء فيقول : ماذا أحدث ربنا فيقول : ذكر فلان بن
فلان بأحسن عمله فصلى عليه صلوات الله عليه فلا يزال يقع إلى الأرض ، وإذا ذكر
عبدا بأسوأ عمله قال : عبدي فلان بن فلان عمل كذا وكذا من معصيتي فلعنتي عليه ثم
سأل ميكائيل جبريل ماذا أحث ربنا فيقول : ذكر فلان بن فلان بأسوأ عمله فعليه لعنة
الله فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض.
وأخرج الحاكم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم وزيراي من السماء جبريل وميكائيل ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر.
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن الله أيدني بأربعة وزراء اثنين من أهل السماء جبريل
وميكائيل واثنين من أهل الأرض أبي بكر وعمر.
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أم سلمة ، أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال إن في السماء ملكين أحدهما يأمر بالشدة والآخر يأمر باللين وكل
مصيب جبريل وميكائيل ، ونبيان أحدهما يأمر باللين والآخر يأمر بالشده وكل مصيب
وذكر
إبراهيم ونوحا ولي صاحبان أحدهما يأمر باللين والآخر
يأمر بالشده وكل مصيب وذكر أبا بكر وعمر.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في الأسماء
والصفات عن عبد الله بن عمرو قال جاء فئام الناس إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فقالوا : يا رسول الله زعم أبو بكر أن الحسنات من الله والسيئات من العباد وقال عمر
: الحسنات
والسيئات من الله فتابع هذا قوم وهذا قوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لأقضين بينكما بقضاء اسرافيل بين جبريل وميكائيل إن ميكائيل قال بقول أبي بكر وقال
جبريل بقول عمر ، فقال جبريل لميكائيل : إنا متى تختلف أهل السماء تختلف أهل الأرض
فلنتحاكم إلى اسرافيل فتحاكما إليه فقضى بينهما بحقيقة القدر خيره وشره وحلوه ومره
كله من الله ثم قال : يا أبا بكر إن الله لو أراد أن لا يعصى لم يخلق إبليس ، فقال
أبو بكر : صدق الله ورسوله
وأخرج الحاكم عن أبي المليح عن أبيه أنه صلى مع
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركعتي
الفجر فصلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين
قال : فسمعته يقول : اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل ومحمد أعوذ بك من النار
ثلاث مرات.
وأخرج أحمد في الزهد عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم أغمي عليه وراسه في حجرها فجعلت تمسح وجهه وتدعو له بالشفاء فلما أفاق
قال : لا بل أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام.
قوله تعالى
: ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا
الفاسقون * أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون * ولما جاءهم
رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء
ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال قال ابن صوريا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه ما أنزل
الله عليك من آية بينة فأنزل الله في ذلك {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر
بها إلا الفاسقون} وقال مالك بن الضيف : حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وذكر ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد والله ما عهد إلينا في محمد
ولا أخذ علينا ميثاقا فأنزل الله تعالى {أو كلما عاهدوا عهدا} الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله
{ولقد
أنزلنا إليك آيات بينات} يقول : فأنت تتلوه عليهم
وتخبرهم به غدوة وعشية وبين ذلك ، وأنت عندهم أمي لم تقرأ كتابا وأنت تخبرهم بما
في أيديهم على وجهه ففي ذلك عبرة لهم وبيان وحجة عليهم لو كانوا يعلمون.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {نبذه} قال : نقضه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {نبذه فريق منهم}
قال : لم يكن في الأرض عهد يعاهدون إليه إلا نقضوه ويعاهدون اليوم وينقضون غدا قال
: وفي قراءة عبد الله : نقضه فريق منهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ولما جاءهم رسول من
عند الله مصدق لما معهم} الآية ، قال : ولما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه
بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت
وماروت كأنهم لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم
وتصديقه.
قوله تعالى : واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان
وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين
ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون
منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله
ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس
ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون
أخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصحه عن ابن عباس قال : إن الشياطين كانوا
يسترقون السمع من السماء فإذا سمع أحدهم بكلمة حق كذب عليها ألف كذبة فاشربتها
قلوب الناس واتخذوها دواوين فاطلع الله على ذلك سليمان بن داود فأخذها فقذفها تحت
الكرسي فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الذي
لا كنز لأحد مثل كنزه الممنع قالوا : نعم ، فأخرجوه فإذا هو سحر فتناسخها الأمم
وأنزل الله عذر سليمان فيما قالوا من السحر فقال {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على
ملك سليمان} الآية.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان
آصف كاتب سليمان وكان يعلم الاسم الأعظم وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت
كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا وقالوا : هذا
الذي كان سليمان يعمل به فاكفره جهال الناس وسبوه ووقف
علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله على محمد {واتبعوا ما تتلوا الشياطين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما ذهب ملك
سليمان ارتد فئام من
الجن والإنس واتبعوا الشهوات فلما رجع إلى سليمان ملكه
وقام الناس على الدين ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه وتوفي حدثان ذلك فظهر الجن
والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا : هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه
عنا فأخذوه فجعلوه دينا فأنزل الله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} أي الشهوات التي
كانت الشياطين تتلو وهي المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان سليمان إذا أراد
أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من شأنه أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه فلما أراد
الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه فجاء الشيطان
في صورة سليمان فقال لها : هاتي خاتمي ، فأخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الشياطين
والجن والإنس فجاءها سليمان فقال : هاتي خاتمي ، فقالت : كذبت لست سليمان ، فعرف
أنه بلاء ابتلي به فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر ثم
دفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها فقرؤوها على الناس وقالوا : إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه
الكتب فبرى ء الناس من سليمان وأكفروه حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم
وأنزل عليه {وما كفر
سليمان ولكن الشياطين كفروا}.
وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : قال اليهود :
انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء إنما كان ساحرا يركب
الريح فأنزل الله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم عن أبي العالية قال :
إن اليهود سألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة لا
يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك
قالوا هذا أعلم بما أنزل علينا منا وأنهم سألوه عن السحر وخاصموه به فأنزل الله
{واتبعوا ما تتلوا الشياطين} الآية ، وأن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه
السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت مجلس سليمان وكان سليمان لا يعلم
الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس وقالوا : هذا علم كان
سليمان يكتمه
ويحسد الناس عليه فأخبرهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد حزنوا وأدحض الله حجتهم
وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كان لسليمان إذا نبتت
الشجرة قال : لأي داء أنت فتقول : لكذا وكذا ، فلما نبتت الشجرة الخرنوبة قال :
لأي شيء أنت قالت : لمسجدك أخربه ، فلم يلبث أن توفي فكتب الشياطين كتابا فجعلومه
في مصلى سليمان فقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا
ذلك الكتاب فغذا فيه سحر ورقى فأنزل الله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} إلى قوله
{وما أنزل على الملكين} وذكر أنها في قراءة أبي (وما يتلى على الملكين ببابل هاروت
وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر) سبع مرار فإن أبى إلا أن يكفر علماه
فيخرج منه نور حتى يسطع في السماء قال
: المعرفة التي كان يعرف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي مجلز قال : أخذ
سليمان من كل دابة عهدا فإذا أصيب رجل فيسأل بذلك العهد خلي عنه فرأى الناس بذلك
السجع والسحر وقالوا : هذا كان يعمل به سليمان ، فقال الله {وما كفر سليمان} الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما تتلو} قال : ما
تتبع.
وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله {ما تتلوا الشياطين} قال
: يراد ما تحدث.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {على ملك سليمان}
يقول : في ملك سليمان.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وما كفر سليمان} يقول
: ما كان عن مشورته ولا رضا منه ولكنه شيء افتعلته الشياطين دونه {يعلمون الناس
السحر وما أنزل على الملكين} فالسحر سحران سحر تعلمه الشياطين وسحر يعلمه هاروت
وماروت.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وما أنزل على الملكين}
قال : هذا سحر خاصموه به فإن كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الإنس فصنع وعمل
به كان سحرا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : أما السحر فإنما يعلمه
الشياطين وأما الذي يعلمه الملكان فالتفريق بين المرء وزوجه
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {وما أنزل على الملكين} قال : التفرقة بين المرء وزوجه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{وما أنزل على الملكين} قال : لم ينزل الله السحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي في الآية قال : هما ملكان من
ملائكة السماء.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عنه مرفوعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبزى ، أنه كان
يقرؤها (وما أنزل على الملكين داود وسليمان).
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ، أنه قرأ {وما أنزل على
الملكين} وقال : هما علجان من أهل بابل.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن المنذر عن ابن عباس
{وما أنزل
على الملكين} يعني جبريل وميكائيل {ببابل هاروت وماروت}
يعلمان الناس السحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية {وما أنزل على الملكين} قال
: ما أنزل على جبريل وميكائيل السحر.
وَأَمَّا قوله تعالى : {ببابل}.
أخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في
"سُنَنِه" ، عَن عَلِي ، قال
: إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي بأرض بابل
فإنها ملعونه.
وأخرج الدينوري في المجالسة ، وَابن عساكر من طريق نعيم
بن سالم - وهو متهم - عن أنس بن مالك قال : لما حشر الله الخلائق إلى بابل بعث
إليهم ريحا شرقية وغربية وقبلية وبحرية فجمعتهم إلى بابل فاجتمعوا يومئذ ينظرون
لما حشروا له إذ نادى مناد : من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره واقتصد إلى
البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء ، فقام يعرب بن قحطان فقيل له : يا يعرب بن
قحطان بن هود أنت هو فكان أول من تكلم بالعربية فلم يزل المنادي ينادي : من فعل
كذا وكذا فله كذا وكذا حتى افترقوا على اثنين وسبعين لسانا وانقطع الصوت وتبلبلت
الألسن فسميت بابل وكان اللسان يومئذ بابليا وهبطت ملائكة الخير والشر وملائكة
الحياء والإيمان
وملائكة الصحة والشفاء وملائكة الغنى وملائكة الشرف
وملائكة المروءة وملائكة الجفاء وملائكة الجهل
وملائكة السيف وملائكة البأس حتى انتهوا إلى العراق فقال
بعضهم لبعض : افترقوا ، فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكة ، فقال ملك الحياء : أنا أسكن معك ،
وقال ملك الشفاء : أسكن البادية ، فقال ملك الصحة : وأنا معك ، وقال ملك الجفاء :
وأنا أسكن المغرب ، فقال ملك الجهل ، وأنا معك ، وقال ملك السيف : أنا أسكن الشام
، فقال ملك البأس : وأنا معك ، وقال ملك الغنى : أنا أقيم ههنا ، فقال ملك المروءة
: أنا معك ، فقال ملك الشرف : وأنا معكما ، فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق.
وأخرج ابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن عائشة رضي الله عنها
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل خلق أربعة أشياء وأردفها
أربعة اشياء خلق الجدب وأردفه الزهد وأسكنه الحجاز وخلق العفة وأردفها الغفلة
وأسكنها اليمن وخلق الرزق وأردفه الطاعون وأسكنه الشام وخلق الفجور وأردفه الدرهم
وأسكنه العراق.
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن يسار قال : كتب عمر بن
الخطاب إلى كعب الأحبار أن اختر لي المنازل ، فكتب إليه يا أمير المؤمنين أنه
بلغنا أن
الأشياء اجتمعت فقال السخاء : أريد اليمن ، فقال حسن
الخلق : أنا معك ، وقال الجفاء : أريد الحجاز ، فقال الفقر : أنا معك ، قال البأس
: أريد الشام ، فقال السيف : أنا معك ، وقال العلم : أريد العراق ، فقال العقل :
أنا معك ، وقال الغنى : أريد مصر ، فقال الذل : أنا معك ، فاختر لنفسك يا أمير
المؤمنين فلما ورد الكتاب على عمر قال : العراق إذن فالعراق إذن.
وأخرج ابن عساكر عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الإسلام
قال : أنا لاحق بأرض الشام ، قال الموت : وأنا معك ، قال الملك : وأنا لاحق بأرض
العراق ، قال القتل : وأنا معك ، قال الجوع : وأنا لاحق بأرض العرب ، قالت الصحة : وأنا معك.
وأخرج ابن عساكر عن دغفل قال : قال المال : أنا أسكن
العراق ، فقال الغدر : أنا أسكن معك ، وقالت الطاعة : أنا أسكن الشام ، فقال الجفاء
: أنا أسكن معك ، وقالت المروءة : أنا أسكن الحجاز ، فقال : وأنا أسكن معك.
وأما قوله تعالى : {هاروت وماروت} قد تقدم حديث ابن عمر
في قصة آدم وبقيت آثار أخر
أخرج سعيد ، وَابن جَرِير والخطيب في تاريخه عن نافع قال
: سافرت مع ابن عمر فلما كان من آخر الليل قال : يا نافع انظر هل طلعت الحمراء قلت
: لا مرتين أو ثلاثا ثم قلت : قد طلعت ، قال : لا مرحبا بها ولا أهلا ، قلت :
سبحان الله ، نجم مسخر سامع مطيع قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال إن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا
والذنوب قال : إني ابتليتهم وعافيتكم ، قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك ، قال :
فاختاروا ملكين منكم فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت فنزلا فالقى
الله عليهم الشبق ، قلت : وما الشبق قال : الشهوة ، فجاءت امرأة يقال لها الزهرة
فوقعت في قلوبهما فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ثم قال أحدهما
للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي قال : نعم فطلباها لأنفسهما فقالت : لا
أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان به فأبيا ثم سألاها
أيضا فأبت ففعلا فلما استطيرت طمسها الله كوكبا وقطع أجنحتهما ثم سألا التوبة من
ربهما فخيرهما فقال : إن شئتما رددتكما إلى ما
كنتما عليه فإذا كان يوم القيامة عذبتكما وإن شئتما
عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه ، فقال أحدهما
لصاحبه : إن عذاب الدنيا ينقطع ويزول فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة ، فأوحى
الله إليهما : أن ائتيا بابل ، فانطلقا إلى بابل فخسف بهما فهما منكوسان بين
السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة.
وأخرج سعيد بن منصور عنمجاهد قال : كنت مع ابن عمر في
سفر فقال لي : ارمق الكوكب فإذا طلعت أيقظني فلما طلعت أيقظته فاستوى جالسا فجعل
ينظر إليها ويسبها سبا شديدا فقلت : يرحمك الله أبا عبد الرحمن نجم ساطع مطيع ماله
تسبه فقال : أما إن هذه كانت بغيا في بني إسرائيل فلقي الملكان منها ما لقيا.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق موسى بن جبير عن
موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرفت
الملائكة
على الدنيا فرأت بني آدم يعصون فقالت : يا رب ما أجهل
هؤلاء ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك
فقال الله : لو كنتم في مسالخهم لعصيتموني ، قالوا : كيف
يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال : فاختاروا منكم ملكين فاختاروا هاروت
وماروت ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات مثل بني آدم ومثلت لهما امرأة فما
عصما حتى واقعا المعصية فقال الله : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة فنظر
أحدهما إلى صاحبه قال : ما تقول فاختر قال : أقول أن عذاب الدنيا ينقطع وأن عذاب
الآخرة لا ينقطع فاختارا عذاب الدنيا فهما اللذان ذكر الله في كتابه {وما أنزل على
الملكين} الآية.
وأخرج إسحاق بن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
الدنيا في العقوبات ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن علي بن
أبي طالب قال : إن هذه الزهرة تسميها العرب الزهرة والعجم أناهيذ وكان الملكان
يحكمان بين الناس فأتتهما فأرادها كل واحد عن غير علم صاحبه فقال أحدهما : يا أخي
إن في نفسي بعض الأمر أريد أن أذكره لك ، قال : اذكره لعل الذي في نفسي مثل الذي
في نفسك فاتفقا على أمر في ذلك ، فقالت المرأة : ألا تخبراني بما تصعدان به إلى
السماء وبما تهبطان به إلى الأرض فقالا : باسم الله الأعظم ، قالت : ما أنا
بمؤاتيتكما حتى تعلمانيه ، فقال أحدهما لصاحبه : علمها إياه ، فقال : كيف لنا بشدة
عذاب الله قال الآخر : إنا نرجو سعة رحمة الله فعلمها إياه فتكلمت به فطارت إلى السماء
ففزع ملك في السماء لصعودها فطأطأ رأسه فلم يجلس بعد ومسخها الله كوكبا.
وأخرج ابن راهويه ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين
هاروت وماروت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه عن أبي العباس قال :
كانت الزهرة امرأة في قومها يقال لها في قومها بيذخت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال :
إن المرأة التي فتن بها الملكان مسخت فهي هذه الكوكبة الحمراء يعني الزهرة.
وأخرج موحد بن عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن
حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم
عن ابن عمر عن كعب قال : ذكرت
الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل : لو
كنتم مكانهم لأتيتم مثل الذي يأتون فاختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت
فقيل لهما : أني أرسل إلى بني آدم رسلا فليس بيني وبينكما رسول أنزلكما لا تشركا
بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال
كعب : فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى
استكملا جميع ما نهيا عنه.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر ،
أنه كان يقول : أطلعت الحمراء بعد فإذا رآها قال : لا مرحبا ، ثم قال : إن
ملكين من الملائكة هاروت وماروت سألا الله أن يهبطا إلى الأرض فأهبطا إلى الأرض
فكانا يقضيان بين الناس فإذا أمسيا تكلما بكلمات فعرجا بها إلى السماء فقيض الله
لهما امرأة من أحسن الناس وألقيت عليهما الشهوة فجعلا يؤخرانها وألقيت في نفسيهما
فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعادا فأتتهما للميعاد فقالت : كلماني الكلمة التي
تعرجان بها فعلماها الكلمة فتكلمت بها فعرجت إلى السماء فمسخت فجعلت كما ترون فلما
أمسيا تكلما بالكلمة فلم يعرجا فبعث إليهما إن شئتما فعذاب الآخرة وإن شئتما فعذاب
الدنيا إلى أن تقوم الساعة ، فقال أحدهما لصاحبه : بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف
ضعف فهما يعذبان إلى يوم القيامة
.
وأخرج إسحاق بن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي
الدنيا في العقوبات ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن علي بن
أبي طالب قال :إن هذه الزهرة تسميها العرب الزهرة والعجم أناهيد وكان الملكان
يحكمات بين الناس فأتتهما فأرادها كل واحد منهما عن غير علم صاحبه فقال أحدهما:
ياأخي إن في نفسي بعض الأمر أريد أن أذكره لك قال: اذكره لعل الذي في نفسي مثل
الذي في نفسك فاتفقا على أمر في ذلك فقالت لهما المرأة: ألا تخبراني بما تصعدان به
إلى السماء وبما تهبطان به إلى الأرض فقالا : باسم الله الأعظم قالت : ما أنا
بمؤاتيتكما حتى تعلمانيه فقال أحدهما لصاحبه علمها إياه فقال كيف لنا بشدة عذاب
الله قال الآخر: إنا نرجو سعة رحمة الله فعلمها إياه فتكلمت به فطارت إلى السماء
ففزع ملك في السماء لصعودها فطأطأ رأسه فلم يجلس بع ومسحها الله فكانت كوكبا .
وأخرج ابن رهويه ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين
هاروت وماروت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال :
كانت الزهرة امرأة يقال لها في قومها : بيذخت ..
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال :
إن المرأة التي فتن بها الملكان مسخت فهي هذه الكواكب الحمراء . يعني الزهرة ..
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كنت نازلا عند عبد
الله بن عمر في سفر فلما كان ذات ليلة قال لغلامه : انظر طلعت الحمراء لا مرحبا
بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين قالت الملائكة : كيف تدع عصاة بني
آدم وهم يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض قال : إني قد
ابتليتهم فلعل أن أبتليكم بمثل الذي ابتليتهم به
فعلتم كالذي يفعلون ، قالوا : لا ، قال : فاختاروا من
خياركم اثنين ، فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما : إني مهبطكما إلى الأرض ومعاهد
إليكما أن لا تشركا ولا تزنيا ولا تخونا ، فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشبق
وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة فتعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت : إني
على دين لا يصلح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله ، قالا : وما دينك قالت : المجوسية ، قالا
: أنشرك هذا شيء لا نقر به ، فمكثت عنهما ما شاء الله ثم تعرضت لهما فأراداها عن
نفسها فقالت : ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فافتضح وإن
أقررتما لي بديني
وشرطتما أن تصعدا بي إلى السماء فعلت ، فأقرا لها بدينها
وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء فلما انتهيا إلى السماء اختطفت منهما
وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان ، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين
فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا : لو أتينا فلانا فسألناه يطلب لنا التوبة ،
فأتياه فقال : رحمكما الله كيف تطلب أهل الأرض لأهل السماء قالا : إما ابتلينا ،
قال : ائتياني يوم الجمعة فأتياه فقال : ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة
الثانية فأتياه فقال : اختارا فقد خيرتما إن أحببتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة
وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله ، فقال أحدهما : الدنيا
لم يمض منها إلا القليل
وقال الآخر : ويحك ، إني قد أطعتك في الأول فأطعني الآن
وأن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى ، قال : إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف أن
يعذبنا ، قال : لا إني أرجو أن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب
الآخرة لا يجمعهما الله علينا ، قال فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد
في قليب مملوءة من نار أعاليهما أسافلهما قال ابن كثير : إسناده يد وهو أثبت وأصح
إسنادا من رواية معاوية بن صالح عن نافع.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا
فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء : رب هذا العالم الذي إنما
خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد وقعوا فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل مال
الحرام والزنا والسرقة وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرنهم ، فقيل : إنهم في غيب فلم
يعذروهم ، فقيل لهم : اختاروا منكم من أفضلكم ملكي آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت
وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما أن يعبداه
ولا يشركا به شيئا ونهاهما عن قتل النفس الحرام وأكل مال
الحرام وعن الزنا وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في
زمان إدريس وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب ،
وأنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على
أمرها ودينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت : هذا أعبده ، فقالا : لا
حاجة لنا في عبادة هذا.
فذهبا فغبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فأراداها عن
نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا فأراداها عن نفسها فلما رأت أنهما أبيا أن
يعبدا الصنم قال لهما : اختارا أحد الخلال الثلاث ، إما أن تعبدا هذا الصنم أو أن
تقتلا هذا النفس ووإما أن تشربا هذا الخمر فقالا : كل هذا لا ينبغي وأهون الثلاثة
شرب الخمر ، فأخذت منهما فواقعا المرأة فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه فلما
ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أراد أن يصعد إلى السماء فلم
يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت
الملائكة إلى ما وقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية
فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فنزل في ذلك
(والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض)
(الشورى الآية 5) ، فقيل لهما :
اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة فقالا : أما عذاب
الدنيا فإنه ينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا
فجعلا ببابل فهما يعذبان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أهل سماء
الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي فقالوا : يا رب أهل الأرض
يعملون بالمعاصي فقال الله : أنتم معي وهم غيب عني ، فقيل لهم : اختاروا منكم
ثلاثة : فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض يحكمون بين أهل الأرض وجعل
فيهم شهوة الآدميين - فأمروا أن لا يشربوا خمرا ولا يقتلون نفسا ولا يزنوا ولا
يسجدوا لوثن ، فاستقال منهم واحد فأقيل فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من
أحسن الناس يقال لها أناهيلة فهوياها جميعا ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها
فقالت لهما : لا حتى تشربا خمري وتقتلا ابن جاري وتسجدوا لوثني ، فقالا : لا نسجد ، ثم
شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا فأشرف أهل السماء عليهما وقالت لهما : أخبراني بالكلمة
التي إذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه
الزهرة وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما
بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض.
وأخرج ابن جرير من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود ،
وَابن عباس قالا : لما كثر بنو آدم وعصوا دعت الملائكة عليهم والأرض والجبال :
ربنا لا تمهلهم ، فأوحى الله إلى الملائكة : أني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم
ولو تركتكم لفعلتم أيضا ، قال : فحدثوا أنفسهم أن لو ابتلوا لعصموا فأوحى اله
إليهم : أن اختاروا ملكين من أفضلكم ، فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض
وأنزلت الزهرة إليهما في صورة امرأة من أهل فارس يمونها بيدخت ، قال : فواقعاها
بالخطيئة فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا فلما وقعا بالخطيئة استغفروا لمن في
الأرض فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله في هذه الآية ، كانا ملكين
من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم
فحاكمت إليهما امرأة فخافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين
ذلك وخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب
الدنيا.
وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كنت مع مجاهد فمر بنا
رجل من قريش فقال له مجاهد : حدثنا ما سمعت من أبيك قال : حدثني أبي : أن الملائكة
حين جعلوا ينظرون إلى أعمال بني آدم وما يركبون من المعاصي الخبيثة وليس يستر
الناس من الملائكة شيء فجعل بعضهم يقول لبعض : انظروا إلى بني آدم كيف يعملون كذا
وكذا ما أجرأهم على الله يعيبونهم بذلك فقال الله لهم : لقد سمعت الذي تقولون في
بني آدم فاختاروا منكم ملكين أهبطهما إلى الأرض وأجعل فيهما شهوة بني آدم فاختاروا
هاروت وماروت فقالوا : يا رب ليس فينا مثلهما ، فأهبطا إلى الأرض وجعلت فيهما شهوة
بني آدم ومثلت لهما الزهرة في صورة امرأة فلما نظرا إليها لم يتمالكا أن تناولا ما
الله أعلم به وأخذت الشهوة بأسماعهما وأبصارهما فلما أرادا أن يطيرا إلى السماء لم
يستطيعا فأتاهما ملك فقال : إنكما قد فعلتما ما فعلتما فاختاراعذاب الدنيا أو عذاب
الآخرة ، فقال أحدهما للآخر : ماذا ترى قال : أرى أن أعذب في الدنيا ثم أعذب أحب
إلي من أن أعذب ساعة واحدة في الآخرة فهما معلقان منكسان في السلاسل وجعلا فتنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن الله أفرج السماء
إلى ملائكته ينظرون إلى أعمال بني آدم فلما أبصروهم يعملون بالخطايا قالوا : يا رب
هؤلاء بنو
آدم الذي خلقت بيدك وأسجدت له ملائكتك وعلمته أسماء كل
شيء يعملون بالخطايا ، قال : أما أنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم ، قالوا : سبحانك
ما كان ينبغي لنا فأمروا أن يختاروا من يهبط إلى الأرض فاختاروا هاروت وماروت
وأهبطا إلى الأرض وأحل لهما ما فيها من شيء غير أنهما لا يشركا بالله شيئا ولا
يسرقا ولا يزنيا ولا يشربا الخمر ولا يقتلا النفس التي حرم الله إلا بالحق فعرض
لهما امرأة قد قسم لها نصف الحسن يقال لها بيذخت فلما أبصراها أراداها قالت : لا
إلا أن تشركا بالله وتشربا الخمر وتقتلا النفس وتسجدا لهذا الصنم ، فقالا : ما كنا
نشرك بالله شيئا فقال أحدهما للآخر : أرجع إليها ، فقالت : لا إلا أن تشربا الخمر
فشربا حتى ثملا ودخل عليهما سائل فقتلاه فلما وقعا فيما وقعا فيه أفرج الله السماء
لملائكته فقالوا : سبحانك ، أنت أعلم ، فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهما
بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فكبلا من أكعبهما إلى أعناقهما
بمثل أعناق البخت وجعلا ببابل.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا والبيهقي في شعب
الإيمان عن
أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت.
وأخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال أخي عيسى : معاشر الحواريين احذروا الدنيا لا تسحركم
لهي والله أشد سحرا من هاروت وماروت واعلموا أن الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة وإن
لكل واحدة منهما بنين فكونوا من أبناء الآخرة دون بني الدنيا فاليوم عمل ولا حساب
وغدا الحساب ولا عمل.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الله بن
بسر المازني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الدنيا فو الذي نفسي
بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : لما وقع الناس من بني
آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء : أي رب هذا
العالم إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد ركبوا الكفر وقتل النفس الحرام وأكل المال
الحرام
والسرقة والزنا وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا
يعذرونهم ، فقيل لهم : إنهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما
بأمري وأنهاهما عن معصيتي ، فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل بهما
شهوات بني إسرائيل وأمرا أن يعبدا الله ولا يشركا به شيئا ونهيا عن قتل النفس
الحرام وأكل المال الحرام والسرقة والزنا وشرب الخمر فلبثا على ذلك في الأرض زمانا
يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمان إدريس ، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في سائر
الناس كحسن الزهرة في سائر الكواكب وأنها أبت عليهما فخضعا لها بالقول وأراداها
على نفسها وأنها أبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها وأنهما سألاها عن دينها الذي
هي عليه فأخرجت لهما صنما فقالت
: هذا أعبده ، فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا
فصبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فخضعا لها ما شاء الله بالقول وأراداها على نفسها
فقالت : لا إلا أن تكونا على ما أنا عليه ، فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا ،
فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما : اختارا أحدى الخلال الثلاث ، إما
أن تعبدا الصنم أو تقتلا النفس أو تشربا الخمر فقالا : كل هذا لا ينبغي وأهون
الثلاثه
شرب الخمر ، وسقتهما الخمر حتى إذا أخذت الخمرة فيهما
وقعا بها فمر إنسان وهما في ذلك فخشيا أن يفشي عليهما فقتلاه ، فلما أن ذهب عنهما
السكر عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئه وأرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا
وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما قد وقعا فيه من
الذنوب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في
الأرض فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب
اللآخرة فقالا : أما عذاب الدنيا فينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له
فاختارا عذاب الآخرة فجعلا ببابل فهما يعذبان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن هاروت وماروت
أهبطا إلى الأرض فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي وقالا له : إنما
نحن فتنة فلا تكفر ، وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر والإيمان فعرفا أن السحر
من الكفر فإذا ابى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا فإذا أتاه عاين الشيطان
فعلمه فإن تعلمه خرج منه النور فينظر إليه ساطعا في
السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي
في "سُنَنِه" عن عائشة أنا قالت : قدمت على امرأة من أهل دومة الجندل
تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من
أمر السحر ولم تعمل به ، قالت : كان لي زوج غاب عني فدخلت على عجوز فشكوت إليها
فقالت : إن فعلت ما آمرك فأجعله يأتيك فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت
أحدهما وركبت الآخر فلم يكن كشيء حتى وقفنا ببابل فإذا أنا برجلين معلقين بأرجلهما
فقالا : ما جاء بك فقلت : أتعلم السحر ، فقالا : إنما نحن فتنة فلا تكفري وارجعي ،
فأبيت وقلت : لا ، قالا : فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي به ثم ائتي فذهبت فاقشعر
جلدي وخفت ثم رجعت إليهما فقلت : قد فعلت ، فقالا : ما
رأيت فقلت : لم أر شيئا ، فقالا : كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك
على رأس أمرك فأبيت ، فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي به وذهبت فبلت فيه فرأيت
فارسا مقنعا بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء وغاب عني حتى ما أراه وجئتهما فقلت :
قد فعلت ، فقالا : فما رأيت فقلت : رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء حتى
ما أراه ، قالا : صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي ، فقلت للمرأة : والله ما أعلم
شيئا ولا قالا لي شيئا ، فقالت : لا لم تريدي شيئا إلا كان خذي هذا القمح فابذري
فبذرت وقلت اطلعي فاطلعت قلت احقلي فاحقلت ثم قلت افركي فأفركت ثم قلت ايبسي
فأيبست ثم قلت اطحني فأطحنت ثم قلت اخبزي فأخبزت فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا
كان سقط في يدي وندمت والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا فسألت
رسول أصحاب الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون فما دروا ما يقولون لها
وكلهم خاف أن يفتيها بما لا يعلمه إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده
لو كان أبواك حيين أو أحدهما لكانا يكفيانك
وأخرج ابن المنذر من طريق الأوزاعي عن هارون بن رباب قال
: دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة وهو متكى ء عليها
فقالوا هذا قد لقي هاروت وماروت ، فقلت : هذا ، قالوا : نعم ، فقلت حدثنا رحمك
الله ، فأنشلأ يحدث فلم يتمالك من الدموع فقال : كنت غلاما حدثا ولم أدرك أبي
وكانت
أمي تعطيني من المال حاجتي فأنفقه وأفسده وأبذره ولا
تسألني أمي عنه فلما طال ذلك وكبرت أحببت أن أعلم من أين لأمي هذه الأموال فقلت
لها يوما : من أين لك هذه الأموال فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك
فأححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا فلم أزل اسألها وألح فأدخلتني بيتا فيه
أموال كثيرة فقالت : يا بني هذا كله لك فكل وتنعم ولا تسأل عنه ، فقلت : لا بد من
أن أعلم من أين هذا ، قال : فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك ، قال :
فألححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا وجمع هذه الأموال من السحر ، قال : فأكلت
ما أكلت
ومضى ما مضى ثم تفكرت قلت : يوشك أن يذهب هذا المال
ويفنى فينبغي أن أتعلم السحر فأجمع كما جمع أبي فقلت لأمي : من كان خاصة أبي
وصديقه من أهل الأرض قالت : فلان لرجل في مكان ما ، فتجهزت فأتيته فسلمت عليه فقال
: من الرجل قلت : فلان بن فلان صديقك ، قال : نعم مرحبا ما جاء بك فقد ترك أبوك من
المال ما لا يحتاج إلى أحد قال : فقلت : جئت لأتعلم السحر ، قال : يا بني لا تريده
لا خير فيه ، قلت : لابد من أن أتعلمه ، قال : فناشدني وألح علي أن لا أطلبه ولا
أريده ، فقلت : لا بد من أن أتعلمه ، قال : أما إذا أبيت فاذهب فإذا كان يوم كذا
وكذا فوافن ههنا ، قال : ففعلت فوافيته قال : فأخذ يناشدني أيضا وينهاني ويقول :
لا تريد السحر لا خير فيه ، فأبيت عليه فلما رآني قد أبيت قال : فإني أدخلك موضعا
فإياك أن تذكر الله فيه ، قال :
فأدخلني في سرب تحت الأرض ، قال : فجعلت أدخل ثلثمائة
وكذا مرقاة ولا أنكر من ضوء النهار شيئا قال : فلما بلغت أسفله إذا أنا بهاروت
وماروت معلقان بالسلاسل في الهواء قال : فإذا أعينهما كالترسة ورؤوسهما ذكر شيئا
لا أحفظه ولهما أجنحة فلما نظرت إليهما قلت : لا إله إلا الله قال : فضربا
بأجنحتهما ضربا شديدا وصاحا صياحا شديدا ساعة ثم سكتا ثم قلت : أيضا لا إله إلا
الله ففعلا مثل ذلك ثم قلت الثالثة ففعلا مثل ذلك أيضا ثم سكتا وسكت فنظرا إلي
فقالا لي : آدمي ، فقلت : نعم ، قال : قلت ما بالكما حين ذكرت الله فعلتما ما
فعلتما ، قالا : إن ذلك اسم لم نسمعه من حين خرجنا من تحت العرش.
قالا : من أمة من قلت : من أمة محمد ، قالا : أو قد بعث
قلت : نعم ، قالا : اجتمع الناس على رجل واحد أو هم مختلفون قلت : قد اجتمعوا على
رجل واحد ، قال : فساءهما ذلك فقالا : كيف ذات بينهم قلت
سيى ء ، فسرهما ذلك فقالا : هل بلغ البنيان بحيرة الطبرية قلت : لا ، فساءهما ذلك
فسكتا ، فقلت لهما : ما بالكما حين أخبرتكما باجتماع الناس على رجل واحد ساءكما
ذلك فقالا : إن الساعة لم تقرب ما دام الناس على رجل واحد ، قلت : فما بالكما
سركما حين أخبرتكما بفساد ذات البين قالا : لأنا رجونا اقتراب الساعة ، قال : قلت : فما بالكما
ساء كما أن البنيان لم يبلغ بحيرة الطبرية قالا : لأن الساعة لا تقوم أبدا حتى
يبلغ البنيان بحيرة الطبرية ، قال : قلت لهما : أوصياني ، قالا : إن قدرت أن لا تنام
فافعل فإن الأمر جد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : وأما شأن
هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والبينات فقال
لهم ربهم : اختاروا منكم ملكين أنزلهما في الأرض بين بني آدم فاختاروا فلم يألوا
بهاروت وماروت فقال لهما حين أنزلهما : أعجبتما من بني آدم ومن ظلمهم ومعصيتهم
وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء وأنتما ليس بيني وبينكما رسول فافعلا كذا
وكذا
ودعا كذا وكذا فأمرهما بأمر ونهاهما ثم نزلا على ذلك ليس
أحد لله أطوع منهما فحكما فعدلا فكانا يحكمان النهار بين بني آدم فإذا أمسيا عرجا
وكانا مع الملائكة وينزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان حتى أنزلت عليهما الزهرة في
أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها ، فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه فقال
أحدهما لصاحبه : وجدت مثل ما وجدت قال : نعم ، فبعثا إليها أن ائتينا نقض لك ،
فلما رجعت قضيا لهاوقالا لها : ائتينا فأتتهما فكشفا لها عن عورتها وإنما كانت
شهوتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذتها فلما بلغا ذلك
واستحلاه وافتتنا طارت الزهرة فرجعت حيث كانت فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما
ولم تحملهما أجنحتهما فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا : ادع لنا ربك ،
فقال : كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء قالا : سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء ،
فوعدهما يوما وعدا
يدعو لهما
فدعا لهما فاستجيب له فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب
الآخرة فنظر أحدهما إلى صاحبه فقالا : نعلم أن أفواج عذاب الله في االآخرة كذا
وكذا في الخلد نعم ومع الدنيا سبع مرات مثلها فأمرا أن ينزلا ببابل فثم عذابهما
وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصطفقان بأجنحتهما.
وأخرج الزبير بن البكار في الموفقيات ، وَابن مردويه
والديلمي عن علي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن المسوخ فقال : هم ثلاثة
عشر ، الفيل والدب والخنزير والقرد والجريث والضب والوطواط والعقرب والدعموص
والعنكبوت والأرنب وسهيل والزهرة فقيل : يا رسول الله وما سبب مسخهن فقال : أما
الفيل فكان رجلا جبارا
لوطيا لا يدع رطبا ولا يابسا وأما الدب فكان مؤنثا يدعو
الناس إلى نفسه وأما الخنزير فكان من النصارى الذين سألوا المائدة فلما نزلت كفروا
وأما القردة فيهود اعتدوا في السبت وأما الجريث فكان ديوثا الرجال إلى حليلته وأما
الضب فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه وأما الوطواط فكان رجلا يسرق الثمار من رؤوس
النخل وأما العقرب فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه وأما الدعموص فكان نماما يفرق
بين الأحبة وأما العنكبوت فامرأة سحرت زوجها وأما الأرنب فامرأة كانت لا تطهر من
حيض وأما سهيل فكان عشارا باليمن وأما الزهرة فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل
افتتن بها هاروت وماروت.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال : جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه
الذي كان يأتيه فيه فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جبريل مالي
أراك متغير اللون فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : يا جبريل صف لي النار وانعت لي جهنم ، فقال جبريل : إن الله
تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها
ألف عام حتى ابيضت ثم امر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت
ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ
لهبها والذي بعثك بالحق لو أن ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من في الأرض كلهم جميعا
من حره والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب الكفار علق بين السماء والأرض لمات من
في الأرض جميعا من حره والذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل
الدنيا فنظروا إليه
لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه والذي
بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على
جبال الدنيا لأرفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم حسبي يا جبريل فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو
يبكي فال : تبكي يا جبريل وأنت من الله
بالمكان الذي أنت فيه فقال : وما لي لا أبكي أنا أحق
بالبكاء لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها وما أدري لعلي ابتلى
بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به هاروت
وماروت فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل فما زالا يبكيان حتى نوديا :
أن يا جبريل ويا محمد إن الله قد أمنكما أن تعصياه.
وَأَمَّا قوله تعالى : {وما يعلمان من أحد حتى يقولا
إنما نحن فتنة}.
أخرج ابن جرير عن الحسين وقتادة قالا : كانا يعلمان
السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {إنما نحن فتنة} قال :
بلاء.
وَأَمَّا قوله تعالى : {فلا تكفر}.
أخرج البزار والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود قال :
من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد
وأخرج البزار عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له
ومن عقد عقدة ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.
وأخرج عبد الرزاق عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا كان آخر عهده من الله.
وَأَمَّا قوله تعالى : {فيتعلمون منهما} الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} قال : يؤخرون أحدهما عن صاحبه
ويبغضون أحدهما إلى صاحبه.
وأخرج ابن جرير عن سفيان في قوله {إلا بإذن الله} قال :
بقضاء الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ولقد علموا} قال
: لقد علم أهل
الكتاب فيما يقرؤون من كتاب الله وفيما عهد
لهم أن الساحر لا خلاق له عند الله يوم القيامة.
وأخرج مسلم ، عَن جَابر بن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم
عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة فيقول : ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا ،
فيقول إبليس : لا والله ما صنعت شيئا ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه
وبين أهله فيقربه ويدنيه ويلتزمه ويقول : نعم أنت.
وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني عن عمرو بن دينار
قال : قال الحسن بن علي بن أبي طالب لذريح أبي قيس : أحل لك إن فرقت بين نفسي
وبيني وأما سمعت عمر بن الخطاب يقول : ما أبالي أفرقت بين الرجل وامرأته أو مشيت
إليهما بالسيف.
وأخرج ابن ماجة عن أبي رهم قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من أفضل الشفاعة أن يشفع بين اثنين في النكاح
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ما له في الآخرة من
خلاق} قال : قوام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما له في
الآخرة من خلاق} قال : من نصيب.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق
قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {ما له في الآخرة من خلاق} قال : من نصيب ، قال :
وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : يدعون بالويل
فيها لا خلاق لهم إلا سرابيل من قطر وأغلال.
وَأخرَج ابن جرير عن مجاهد {ما له في الآخرة من خلاق}
قال : من نصيب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن الحسن {ما له في
الآخرة من خلاق} قال : ليس له دين.
وَأَمَّا قوله تعالى : {ولبئس ما شروا} الآية
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولبئس
ما شروا} قال : باعوا.
قوله تعالى : ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله
خير لو كانوا يعلمون.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل
شيء في القرآن لو فإنه لا يكون أبدا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{لمثوبة} قال : ثواب.
قوله تعالى : يا آيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا
وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم.
أخرج ابن المبارك في الزهد وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن
منصور في "سُنَنِه" وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في
الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس ، أن رجلا أتاه فقال : اعهد إلي ،
فقال : إذا سمعت الله يقول {يا أيها الذين آمنوا} فأوعها سمعك فإنه خير يأمر به أو
شر ينهى عنه
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وعبد ين حميد ، وَابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن خيثمة قال : ما تقرؤون في القرآن {يا
أيها الذين آمنوا} فإنه في التوراة يا أيها المساكين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن خيثمة قال : ما كان
في القرآن {يا أيها الذين آمنوا} فهو في التوراة والإنجيل يا أيها المساكين.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال {راعنا}
بلسان اليهود السب القبيح فكان اليهود يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرا
فلما سمعوا أصحابه يقولون أعلنوا بها فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم فأنزل
الله الآية.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال {لا تقولوا
راعنا} وذلك أنها سبة بلغة اليهود ، فقال تعالى {وقولوا انظرنا} يريد اسمعنا فقال
المؤمنون بعدها : من سمعتموه يقولها فاضربوا عنقه فانتهت اليهود بعد ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس
في قوله !
{لا تقولوا راعنا} قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله
عليه وسلم أرعنا سمعك وإنما راعنا كقولك أعطنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي قال : كان رجلان
من اليهود مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد إذا لقيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قالا له وهما يكلمانه : راعنا سمعك واسمع غير مسمع فظن المسلمون أن هذا شيء كان
أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأنزل الله
{يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صخر قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين فقالوا
: أرعنا سمعك فأعظم الله رسوله أن يقال له ذلك وأمرهم أن يقولوا انظرنا ليعززوا
رسوله ويوقروه.
وأخرج عبد ين حميد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الدلائل
عن قتادة في قوله {لا تقولوا راعنا} قال : قولا كانت اليهود تقوله استهزاء فكرهه
الله للمؤمنين أن يقولوا كقولهم
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتاده في قوله
{لا تقولوا راعنا} قال : كان أناس من اليهود يقولون : راعنا سمعك حتى قالها أناس من
المسلمين فكره الله لهم ما قالت اليهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن اسحاق عن ابن عباس في قوله {لا
تقولوا راعنا} أي ارعنا سمعك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ماهد في قوله
{لا تقولوا راعنا} قال : خلافا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {لا تقولوا راعنا} لا
تقولوا اسمع منا ونسمع منك {وقولوا انظرنا} أفهمنا بين لنا.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : إن مشركي العرب
كانوا إذا حدث بعضهم بعضا يقول أحدهم لصاحبه : أرعني سمعك ، فنهوا عن ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس في ناسخه
عن عطاء في قوله {لا تقولوا راعنا} قال : كانت لغة في الأنصار في الجاهلية
ونهاهم الله أن يقولوها وقال {وقولوا انظرنا واسمعوا}.
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن أنه قرأ : راعنا وقال :
الراعن من يقول السخري منه.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {واسمعوا} قال : اسمعوا
ما يقال لكم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله آية فيها {يا أيها الذين آمنوا} إلا وعلي
رأسها وأميرها ، قال أبو نعيم : لم نكتبه مرفوعا إلا من حديث ابن أبي خيثمة والناس
رأوه موقوفا.
قوله تعالى : ما يودالذين كفروا من أهل الكتاب ولا
المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل
العظيم.
أخرج ابن ابي حاتم عن مجاهد {والله يختص برحمته من يشاء}
قال : القرآن والسلام.
قوله تعالى : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير * ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض
وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير.
أخرج ابن ابي حاتم والحاكم في الكنى ، وَابن عدي ، وَابن
عساكر
عن ابن عباس قال كان مما ينزل على النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار فأنزل الله {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت
بخير منها أو مثلها}.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قرأ رجلان من الأنصار
سورة أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانا يقرآن بها فقاما يقرآن ذات ليلة
يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : إنها مما نسخ أو نسي فالهوا عنه فكان الزهري يقرؤها {ما ننسخ من آية أو
ننسها} بضم النون خفيفة.
وأخرج البخاري والنسائي ، وَابن الأنباري في المصاحف
والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : قال عمر : اقرؤنا أبي واقضانا علي
وإنا لندع شيئا
من قراءة أبي وذلك أن أبيا يقول : لا ادع شيئا سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله (ما ننسخ من آية أو ننساها).
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه ، وَابن
في المصاحف والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن سعد بن أبي وقاص أنه قرأ (ما ننسخ من آية أو
ننساها) فقيل له : إن سعيد بن المسيب يقرأ {ننسها} قال سعد : إن القرآن لم ينزل
على المسيب ولا آل المسيب قال الله (سنقرئك فلا تنسى) (الأعلى الآية 6) ، (واذكر
ربك إذا نسيت) (الكهف الآية 24).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله (ما ننسخ من آية أو ننساها) يقول : ما
نبدا من آية أو نتركها لا نبدلها {نأت بخير منها أو مثلها} يقول : خير لكم في المنفعة وأرفق بكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : خطبنا عمر فقال :
يقول الله تعالى (ماننسخ من آية أو ننساها) أي نؤخرها.
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد أنه قرأ (أو ننساها)
وأخرج أبو داود في ناسخه عن مجاهد قال في قراءة أبي
((ماننسخ من آية أو ننسك)).
وَأخرَج آدم بن إياس ولأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير
، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد عن اصحاب ابن مسعود في
قوله {ما ننسخ من آية} قال : نثبت خطها ونبدل حكمها (أو ننساها) قال : نؤخرها
عندنا.
وأخرج آدم ، وَابن جَرِير والبيهقي عن عبيد بن عمير
الليثي في قوله {ما ننسخ من آية أو ننسها} يقول : أو نتركها نرفعها من عندهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك قال : في
قراءة ابن مسعود ((ما ننسك من آية أو ننسخها)).
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير
عن قتادة قال : كانت الآية تنسخ الآية وكان نبي الله يقرأ الآية والسورة وما
شاء الله من السورة ثم ترفع فينسيها الله نبيه فقال الله يقص على نبيه {ما ننسخ من
آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} يقول : فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر فيها
نهي
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال {ما ننسخ من
آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير} ثم قال
(وإذا بدلنا آية مكان آية) (النحل الآية 101) وقال (يمحو الله ما يشاء ويثبت) (الرعد
الآية 39).
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير عن ابي العالية قال :
يقولون (ماننسخ من آية أو ننساها) كان الله أنزل أمورا من القرآن ثم رفعها ، فقال
{نأت بخير منها أو مثلها}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {أو ننسها} قال : إن
نبيكم صلى الله عليه وسلم أقرى ء قرآنا ثم أنسيه فلم يكن شيئا ومن القرآن ما قد
نسخ وأنتم تقرءونه.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن
الأنباري في المصاحف وأبو ذر الهروي في فضائله عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن
رجلا كانت معه سورة فقام من الليل فقام بها فلم يقدر عليها وقام آخر بها فلم يقدر
عليها وقام آخر بها فلم يقدر عليها فأصبحوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاجتمعوا عنده فأخبروه فقال : إنها نسخت البارحة.
وأخرج أبو داود في ناسخه والبيهقي في الدلائل
من وجه آخر عن أبي أمامة أن رهطا من الأنصار من أصحاب
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أخبروه أن رجلا قام من جوف الليل يريد أن يفتتح سورة
كان قد وعاها فلم يقدر منها على شيء إلا بسم الله الرحمن الرحيم ووقع ذلك لناس من
أصحابه فأصبحوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السورة فسكت ساعة لم يرجع
إليهم شيئا ثم قال : نسخت البارحة فنسخت من صدورهم ومن كل شيء كانت فيه.
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه
، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والبيهقي في الدلائل
عن أنس قال : أنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد أن
بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا.
وأخرج مسلم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي
في الدلائل عن أبي موسى الأشعري قال : كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة
ببراءة فأنسيتها غير أني
حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لأبتغى واديا
ثالثا ولا يملأ جوفه إلا التراب ، وكنا نقرأ سورة نشبهها
بإحدى المسبحات أولها سبح لله ما في السموات فأنسيناها
غير أني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، فتكتب شهادة في
أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة.
وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وَابن الضريس عن أبي موسى
الأشعري قال : نزلت سورة شديدة نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها : إن الله
سيؤيد الدين بأقوام لا خلاق لهم.
وأخرج ابن الضريس : ليؤيدن الله هذا الدين برجال ما لهم
في الآخرة من خلاق ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يملأ جوف
ابن آدم إلا التراب إلا من تاب فيتوب الله عليه والله غفور رحيم.
وأخرج أبو عبيد وأحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي في
شعب الإيمان عن أبي واقد الليثي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوحي
إليه أتيناه فعلمنا ما أوحي إليه قال : فجئته ذات يوم فقال إن الله يقول : إنا
أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو أن لابن آدم واديا لأحب أن يكون إليه
الثاني ولو كان له الثاني لأحب أن يكون إليهما ثالثهما
ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
وأخرج أبو داود وأحمد وأبو يعلى والطبراني عن زيد بن
أرقم قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان لابن آدم واديان
من ذهب وفضة لأبتغى الثالث ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
وأخرج أبو عبيد وأحمد ، عَن جَابر بن عبد الله قال : كنا
نقرأ : لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب إليه مثله ولا يملأ جوف ابن آدم إلا
التراب ويتوب الله على من تاب.
وأخرج أبو عبيد والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب أن له إليه
مثله ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب ، قال ابن عباس : فلا
أدري أمن القرآن هو أم لا.
وأخرج البزار ، وَابن الضريس عن بريدة سمعت النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة : لو
أن لابن آدم واديا من ذهب لأبتغى إليه ثانيا ولو أعطي
ثانيا لأبتغى ثالثا لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي ذر قال : في قراءة أبي بن كعب
: ابن آدم لو أعطي واديا من مال لأبتغى ثانيا ولألتمس ثالثا ولو أعطي واديين من
مال لألتمس ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال : كنا نقرأ : لا
ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم وإن كفر بكم أن ترغيوا عن آبائكم.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وَابن حبان عن عمر بن الخطاب
قال إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل معه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فرجم
ورجمنا بعده ثم قال : قد كنا نقرأ : ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا
عن آبائكم
وأخرج الطيالسي وأبو عبيد والطبراني عن عمر بن الخطاب
قال : كنا نقرأ فيما نقرأ : لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم قال لزيد بن ثابت
: أكذلك يا زيد قال : نعم.
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق عدي بن عدي بن
عمير بن قزوة عن أبيه عن جده عمير بن قزوة ، أن عمر بن الخطاب قال لأبي : أوليس
كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم فقال : بلى ، ثم
قال : أوليس كنا نقرأ : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فيما فقدنا من كتاب الله
فقال أبي : بلى.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن الضريس ، وَابن الأنباري عن
المسور بن مخرمة قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا : إن
جاهدوا كما جاهدتم أول مرة ، فإنا لا نجدها قال : أسقطت من القرآن.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن الضريس ، وَابن الأنباري في
المصاحف عن ابن عمر قال : لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله ما يدريه ما كله قد
ذهب
منه قرآن كثير ولكن ليقل : قد أخذت ما ظهر منه.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن الأنباري والبيهقي
في الدلائل عن عبيدة السلماني قال : القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله
عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هذه القراءة التي يقرؤها الناس التي جمع عثمان
الناس عليها.
وأخرج ابن الأنباري ، وَابن اشتة في المصاحف عن ابن
سيرين قال : كان جبريل يعارض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كل سنة في شهر رمضان
فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه مرتين فيرون أن تكون قراءتنا هذه على العرضة
الأخيرة.
وأخرج ابن الأنباري عن أبي ظبيان قال : قال لنا ابن عباس
: أي القراءتين تعدون أول قلنا : قراءة عبد الله وقراءتنا هي الأخيرة ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه جبريل القرآن كل سنة مرة في شهر رمضان وأنه
عرضه عليه في آخر سنة مرتين فشهد منه عبد الله ما نسخ وما بدل.
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد قال : قال لنا ابن عباس :
أي القراءتين
تعدون أول قلنا : قراءة عبد الله وقراءتنا هي الأخيرة ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه جبريل القرآن كل سنة مرة في شهر
رمضان وأنه عرضه عليه في آخر سنة مرتين فقراءة عبد الله آخرهن.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال : كان جبريل يعارض
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل سنة مرة وأنه عارضه بالقرآن في آخر
سنة مرتين فأخذته من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذلك العام.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال : لو أعلم أحدا
أحدث بالعرضة الأخيرة مني لرحلت إليه.
وأخرج الحاكم وصححه عن سمرة قال : عرض القرآن على رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عرضات فيقولون : إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة.
وأخرج أبو جعفر النحاس في ناسخه عن أبي البختري قال :
دخل علي بن أبي طالب المسجد فإذا رجل يخوف فقال : ما هذا فقالوا : رجل يذكر الناس
، فقال : ليس برجل يذكر الناس ولكنه يقول أنا فلان بن فلان فاعرفوني فأرسل إليه
فقال : أتعرف الناسخ من المنسوخ فقال : لا ، قال : فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه
وأخرج ابو داود والنحاس كلاهما في الناسخ والمنسوخ
والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : مر علي بن أبي
طالب برجل يقص فقال : أعرفت الناسخ والمنسوخ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت.
وأخرج النحاس والطبراني عن الضحاك بن مزاحم قال : مر ابن
عباس بقاص يقص فركله برجله وقال : أتدري الناسخ والمنسوخ قال : لا ، قال : هلكت
وأهلكت.
وأخرج الدارمي في مسنده والنحاس عن حذيفة قال : إنما
يفتي الناس أحد ثلاثة رجل يعلم ناسخ القرآن من منسوخه وذلك عمر ورجل قاض لايجد من
القضاء بدا ورجل أحمق متكلف فلست بالرجلين الماضيين فأكره أن أكون الثالث.
قوله تعالى : أم تريدون أن تسألوا كما سئل موسى من قبل
ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل * ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم
من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا
حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير * وأقيموا الصلوة وآتوا الزكاة وما
تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد
ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه أو فجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل
الله في ذلك {أم
تريدون أن تسألوا رسولكم} إلى قوله {سواء السبيل} وكان حيي بن
أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد اليهود حسدا للعرب إذ خصهم الله برسوله وكانا
جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا فأنزل الله فيهما {ود كثير من أهل
الكتاب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم عن أبي العالية قال :
قال رجل يا رسول الله لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ما أعطيتم خير كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها
مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له
خزيا في الآخرة وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك قال (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه)
(النساء الآية 110) الآية والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ،
فأنزل الله {أم تريدون أن تسألوا رسولكم} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
السدي قال : سألت العرب محمدا صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالله فيروه جهرة
فنزلت هذه الآية
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال سألت قريش محمد صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا
ذهبا ، فقال : نعم وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم فأبوا ورجعوا ، فأنزل الله
{أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} أن يريهم الله جهرة.
وأخرج ابن جرير عن ابي العالية في قوله {ومن يتبدل الكفر
بالإيمان} يقول : يتبدل الشدة بالرخاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فقد ضل سواء
السبيل} قال : عدل عن السبيل.
وأخرج أبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والبيهقي في الدلائل عن كعب بن مالك قال كان المشركون واليهود من أهل المدينة حين
قدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذون رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى فأمر الله رسوله والمسلمين بالصبر على ذلك والعفو
عنهم ففيهم أنزل الله (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا
أذى كثيرا) (آل عمران الآية 186) الآية ، وفيهم أنزل الله {ود كثير من أهل الكتاب لو
يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا} الآيه.
وَأخرَج البخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم
والطبراني والبيهقي في الدلائل عن أسامه بن زيد قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال
الله (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) (آل
عمران الآيه 186) وقال {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا
حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله
فيهم بقتل فقتل الله به من قتل من صناديد قريش.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن الزهري وقتادة في
قوله {ود كثير من أهل الكتاب} قالا : كعب بن الأشرف
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله {حسدا من عند
أنفسهم} قال : من قبل أنفسهم {من بعد ما تبين لهم الحق} يقول : يتبين لهم أن محمدا
رسول الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{من بعد ما تبين لهم الحق} قال : من بعد ما تبين لهم أن محمد رسول الله يجدونه
مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل نعته وأمره ونبوته ومن بعد ما تبين لهم أن
الإسلام دين الله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {فاعفوا واصفحوا} قال : أمر
الله نبيه أن يعفو عنهم ويصفح حتى يأتي الله بأمره فأنزل الله في براءة وأمره فقال
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) (التوبة الآية 29) الآية ، فنسختها هذه الآية
وأمره الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقروا بالجزية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله {فاعفوا واصفحوا} وقوله {وأعرض عن المشركين} الأنعام
الآية 106 ونحو هذا في العفو عن المشركين قال : نسخ ذلك كله بقوله (قاتلوا الذين
لا يؤمنون بالله) (التوبة الآية 29) وقوله (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة
الآية 5).
وأخرج ابن جرير والنحاس في تاريخه عن السدي في قوله !
{فاعفوا واصفحوا} قال : هي منسوخه نسختها (قاتلوا الذين
لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) (التوبه الآيه 29).
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وما
تقدموا لأنفسكم من خير} يعني من الأعمال من الخير في الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله
{تجدوه عند الله} قال : تجدوا ثوابه.
قوله تعالى : وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هود أو
نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو
محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وقالوا لن
يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى} قال : قالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من
كان يهوديا ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا {تلك أمانيهم} قال
: أماني يتمنونها على الله بغير الحق {قل هاتوا برهانكم} يعني حجتكم {إن كنتم
صادقين} بما تقولون أنها كما تقولون {بلى من أسلم وجهه لله} يقول : أخلص لله
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {من أسلم وجهه لله} قال : أخلص
دينه.
قوله تعالى : وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت
النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم
فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم
أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حريملة : ما
أنتم على شيء وكفر بعيسى والإنجيل ، فقال رجل من أهل نجران لليهود : ما أنتم على
شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله في ذلك {وقالت اليهود ليست النصارى
على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب} أي كل يتلو في كتابه تصديق من كفر به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وقالت
اليهود ليست النصارى على شيء} الآية ، قال : هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{وقالت اليهود ليست النصارى على شيء} قال : بلى قد كانت أوائل النصارى على شيء
ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا ، واخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : من هؤلاء
الذين لا يعلمون قال : أمم كانت قبل اليهود والنصارى.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {كذلك قال الذين لا
يعلمون} قال : هم العرب قالوا : ليس محمد على شيء.
قوله تعالى : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها
اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي
ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس ، أن قريشا
منعوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام فأنزل
الله {ومن أظلم ممن منع مساجد الله}
الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{ومن أظلم
ممن منع مساجد الله} قال : هم النصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{ومن أظلم ممن منع مساجد الله} قال : هم النصارى وكانوا يطرحون في بيت المقدس
الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ومن أظلم ممن منع
مساجد الله} الآية ، قال : هم الروم كانوا ظاهروا بختنصر على بيت المقدس ، وفي
قوله {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين} قال : فليس في الأرض رومي يدخله
اليوم إلا وهو خائف أن تضرب عنقه وقد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها ، وفي قوله
{لهم في الدنيا خزي} قال : أما خزيهم في الدنيا فإنه إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية
قتلهم فذلك الخزي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية
قال : أولئك أعداء الله الروم حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي
المجوسي على تخريب بيت المقدس
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : إن النصارى لما ظهروا
على بيت المقدس حرقوه فلما بعث الله محمد أنزل عليه {ومن أظلم ممن منع مساجد الله
أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها} الآية ، فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس
إلا خائفا.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء
المشركون حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت يوم الحديبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : ليس للمشركين أن
يدخلوا المسجد إلا وهم خائفون.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {لهم
في الدنيا خزي} قال : يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه عن بسر بن أرطاة قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من
خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة
قوله تعالى : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه
الله إن الله واسع عليم.
أخرج أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال
أول ما نسخ لنا من القرآن فيما ذكر والله أعلم شأن القبلة ، قال الله تعالى {ولله
المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق
ونسخها ، فقال (ومن حيث خرجت فول وجهك) (البقرة الآية 149) الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله
{ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}
قال كان الناس يصلون قبل بيت المقدس فلما قدم النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم المدينة على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره وكان إذا صلى رفع
رأسه إلى السماء ينظر كا يؤمر به فنسختها قبل الكعبة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي
والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في
"سُنَنِه" عن ابن عمر قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي على
راحلته تطوعا أينما توجهت به ثم قرأ ابن عمر هذه الآية {فأينما تولوا فثم وجه
الله} وقال ابن عمر : في هذا نزلت هذه الآية
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم
وصححه عن ابن عمر قال : أنزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله} أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في
التطوع.
وأخرج البخاري والبيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق
تطوعا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والبيهقي ، عَن جَابر بن
عبد الله أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته قبل المشرق - فإذا
أراد أن يصلي المكتوبة نزل واستقبل القبلة وصلى.
وَأخرَج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي عن أنس أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر وأراد أن يتطوع بالصلاة استقبل بناقته
القبلة وكبر ثم صلى حيث توجهت الناقة.
وأخرج أبو داود والطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي
وضعفه ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والعقيلي وضعفه والدارقطني
وأبو نعيم
في الحلية والبيهقي في "سُنَنِه" عن عامر بن
ربيعة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة فنزلنا منزلا
فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا فيصلي فيه فلما أن أصبحنا إذا نحن قد صلينا
على غير القبلة فقلنا : يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة فأنزل الله
{ولله المشرق والمغرب} الآية ، فقال مضت صلاتكم.
وأخرج الدارقطني ، وَابن مردويه والبيهقي ، عَن جَابر بن
عبد الله قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم
نعرف القبلة فقالت طائفة منا : القبلة ههنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطا ، وقال
بعضنا : القبلة ههنا قبل الجنوب فصلوا وخطوا خطا ، فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت
تلك الخطوط لغير
القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم فسكت فأنزل الله {ولله المشرق والمغرب} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن عطاء أن قوما
عميت عليهم القبلة فصلى كل إنسان منهم إلى ناحية ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه
وسلم فذكروا ذلك له فأنزل الله {فأينما تولوا فثم وجه الله}
وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعث سريه فأصابتهم ضبابه فلم يهتدوا إلى القبله فصلوا لغير
القبله ثم استبان لهم بعدما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبله فلما جاؤوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم حدثوه فأنزل الله {ولله المشرق والمغرب} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة أن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال : إن أخا لكم قد مات - يعني النجاشي - فصلوا عليه ، قالوا
: نصلي على رجل ليس بمسلم ، فأنزل الله (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله) (آل
عمران الآية 199) ، قالوا : فإنه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله {ولله المشرق
والمغرب} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : لما نزلت
(ادعوني أستجب لكم) (غافر الآية 60) قالوا : إلى أين فأنزلت {فأينما تولوا فثم وجه
الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فأينما تولوا فثم وجه
الله} قال : قبلة الله أينما توجهت شرقا أو غربا.
وأخرج ابن ابي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والبيهقي
في "سُنَنِه" عن مجاهد {فثم وجه الله} قال : قبلة الله فأينما كنتم في
شرق أو غرب
فاستقبلوها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي عن قتادة في هذه الآية
قال : هي منسوخة نسخها قوله تعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) (البقرة الآية
149) أي تلقاءه.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه ، وَابن ماجه عن أبي
هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : مابين المشرق والمغرب قبلة.
وأخرج ابن ابي شيبة والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر ،
مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر قال : ما بين المشرق
والمغرب قبلة إذا توجهت قبل البيت.
قوله تعالى : وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في
السموات والأرض كل له قانتون.
أخرج البخاري عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال قال الله تعالى : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن
له ذلك فأما تكذيبه إياي فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان وأما شتمه إياي فقوله
لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله :
كذبني ابن آدم ولم ينبغ له أن يكذبني وشتمني ابن آدم ولم
ينبغ له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق
بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن مردويه
ولبيهقي عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أحد أصبر على
أذى يسمعه من الله ، أنهم يجلعون له ولدا ويشركون به وهو يرزقهم ويعافيهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن
غالب بن عجرد قال : حدثني رجل من أهل الشام قال : بلغني أن الله لما خلق الأرض
وخلق ما فيها من الشجر لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها
ثمرة حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة قولهم
{اتخذ الله ولدا} فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض وشاك الشجر.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {وقالوا اتخذ الله
ولدا سبحانه} قال : إذا قالوا عليه البهتان سبح نفسه ، أما قوله تعالى {سبحانه}.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والمحاملي في
أماليه عن ابن عباس في قوله {سبحان الله} قال : تنزيه الله نفسه عن السوء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن موسى بن طلحة عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم أنه سئل عن التسبيح أن يقول الإنسان سبحان الله قال : براءة الله من
السوء ، وفي لفظ : إنزاهه عن السوء مرسل ، وأخرجه ابن جرير والديلمي والخطيب في
الكفايه من طرق
أخرى موصولا عن موسى بن طلحه بن عبيد الله عن أبيه عن
جده طلحه بن عبيد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير {سبحان
الله} قال : هو تنزيه الله من كل سوء.
وَأخرَج ابن مردويه من طريق سفيان الثوري عن عبد الله بن
عبيد الله بن موهب أنه سمع طلحة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {سبحان
الله} قال : تنزيه الله عن كل سوء.
وأخرج ابن ابي حاتم عن ميمون بن مهران ، أنه سئل عن
{سبحان الله} فقال : اسم يعظم الله به ويحاشى عن السوء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن ابن
الكواء سأل عليا
عن قوله {سبحان الله} فقال علي : كلمة رضيها الله لنفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال {سبحان الله} اسم لا
يستطيع الناس أن ينتحلوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يزيد بن الأصم قال : جاء رجل
إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال : لا إله إلا الله نعرفها أنه لا إله غيره والحمد
لله نعرفها أن النعم كلها منه وهو المحمود عليها والله أكبر نعرفها أنه لا شيء
أكبر منه فما سبحان الله فقال ابن عباس : وما تنكر منها ، هي كلمة رضيها الله
لنفسه وأمر بها ملائكته وفرغ إليها الأخيار من خلقه ، أما قوله تعالى : {كل له
قانتون}.
أخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط
وأبو نصر السجزي في الإبانة وأبو نعيم في الحلية والضياء في المختارة عن أبي سعيد
الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو
الطاعة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طرق عن ابن عباس في
قوله !
{قانتون} قال : مطيعون.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ، أن نافع ابن
الأزرق سأله عن قوله عز وجل {كل له قانتون} قال : مقرون ، قال : وهل تعرف العرب
ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عدي بن زيد : قانتا لله يرجو عفوه * يوم لا يكفر عبد
ما ادخر.
وَأخرَج ابن جرير عن عكرمة {كل له قانتون} قال : مقرون
بالعبودية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {كل له قانتون} اي مطيع مقر بأن
الله ربه وخالقه.
قوله تعالى : بديع السموات والأرض وإذ قضى أمرا فإنما
يقول له كن فيكون
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم عن أبي العالية {بديع
السماوات والأرض} يقول : ابتدع خلقهما ولم يشركه في خلقهما أحد.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : ابتدعهما
فخلقهما ولم يخلق قبلهما شيء فتمثل به
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط أن داعيا دعا في عهد النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم إني أسألك باسمك الذي لا إله إلا أنت الرحمن
الرحيم بديع السموات والأرض وإذا أردت أمرا فإنما تقول له كن فيكون فقال النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم : لقد كدت أن تدعو باسمه العظيم.
قوله تعالى : وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو
تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم
يوقنون.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس قال قال نافع بن حريلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد إن كنت
رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله في ذلك {وقال
الذين لا يعلمون} قال : هم كفار العرب {لولا يكلمنا الله} قالا : هلا يكلمنا {كذلك قال الذين من
قبلهم} يعني اليهود والنصارى وغيرهم {تشابهت قلوبهم} يعني العرب اليهود والنصارى وغيرهم
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله} قال : النصارى يقوله والذين من قبلهم
يهود.
قوله تعالى : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل
عن أصحاب الجحيم.
أخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق ، وعَبد بن
حُمَيد والن جرير والن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليت شعري ما فعل أبواي فنزل {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل
عن أصحاب الجحيم} فما ذكرها حتى توفاه الله قلت : هذا مرسل ضعيف الإسناد.
وأخرج ابن جرير عن داود بن أبي عاصم أن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم قال ذات يوم : أين أبواي فنزلت قلت : والآخر معضل الإسناد ضعيف لا يقوم
به ولا بالذي قبله حجة.
وأخرج ابن المنذر عن الأعرج أنه قرأ {ولا تسأل عن أصحاب
الجحيم} أي أنت يا محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : الجحيم ما عظم من
النار.
قوله تعالى : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع
ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من
الله من ولي ولا نصير
أخرج الثعلبي عن ابن عباس أن يهود المدينة ونصارى نجران
كانوا يرجون أن يصلي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم فلما صرف الله
القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم وأيسوا منه أن يوافقهم على دينه فأنزل الله {ولن
ترضى عنك اليهود ولا النصارى} الآية.
قوله تعالى : الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته
أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون * يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي
الت أنعمت عليكم وإني فضلتكم على العالمين * واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا
ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون.
أخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {الذين آتيناهم
الكتاب} قال : هم اليهود والنصارى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن ابن عباس في قوله {حق تلاوته} قال : يحلون حلاله ويحرمون حرامه ولا
يحرفونه عن مواضعه
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والهروي
في فضائله ن ابن عباس في قوله {يتلونه حق تلاوته} قال : يتبعونه حق اتباعه ثم قرأ
(والقمر إذا تلاها) (الشمس الآية 2) يقول : اتبعها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب في قوله {يتلونه حق
تلاوته} قال : إذا مر بذكر الجنة سأل الله الجنة وإذا مر بذكر النار تعوذ بالله من
النار.
وأخرج الخطيب في كتاب الرواة عن مالك بسند فيه مجاهيل عن
ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {يتلونه حق تلاوته} قال :
يتبعونه حق اتباعه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير من طرق عن ابن مسعود
قال : في قوله {يتلونه حق تلاوته} قال : أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما
أنزل الله
ولا يحرف الكلم عن مواضعه ولا يتأول منه شيئا غير تأويله
، وفي لفظ : يتبعونه حق اتباعه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {يتلونه حق
تلاوته} قال : يتكلمونه كما أنزل الله ولا يكتمونه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} قال : منهم أصحاب محمد
الذين آمنوا بآيات الله وصدقوا بها ، قال : وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول : والله إن حق
تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ولا يحرف عن مواضعه ، قال
: وحدثنا عمر بن الخطاب قال : لقد مضى بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم.
وَأخرَج وكيع ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله {يتلونه
حق تلاوته} قال : يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى
عالمه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {يتلونه حق تلاوته} قال :
يتبعونه حق اتباعه.
قوله تعالى : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال
إني جاعك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن
ابن عباس في قوله {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} قال : ابتلاه الله بالطهارة خمس
في الراس وخمس في الجسد في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق
الرأس ، وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل مكان الغائط
والبول بالماء.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن فراق قومه في الله حين أمر بمفارقتهم
ومحاجته نمرود في الله حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه
خلافهم وصبره على قذفهم إياه في النار ليحرقوه في الله
والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده حين أمره بالخروج عنهم وما أمره به من الضيافة
والصبر عليها وما بتلي به من ذبح ولده ، فلما مضى على ذلك كله وأخلصه البلاء قال
الله له أسلم (قال أسلمت لرب العالمين) (البقرة الآية 131).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن ابن
عباس قال : الكلمات التي ابتلى بها عشر ست في الإنسان وأربع في المشاعر ، فأما
التي في الإنسان فحلق العانة ونتف الإبط والختان وتقليم الأظفار وقص الشارب
والسواك وغسل يوم الجمعة ، والأربعة التي في المشاعر الطواف بالبيت والسعي بين
الصفا والمروة ورمي الجمار والإفاضة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم
والحاكم وابن
مردويه ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : ما ابتلي أحد
بهذا الدين فقام به كله إلا إبراهيم قال {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن}
قيل ما الكلمات قال : سهام الإسلام ثلاثون سهما ، عشر في براءة التائبون العابدون
إلى آخر الآية وعشر في أول سورة قد أفلح وسأل سائل والذين يصدقون بيوم الدين
الآيات وعشر في الأحزاب إن المسلمين والمسلمات إلى آخر الآية فأتمهن كلهن فكتب له
براءة قال تعالى (وإبراهيم الذي وفى) (النجم الاية 37).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ،
وَابن المنذر والحاكم من طرق عن ابن عباس {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن}
قال : منهن مناسك الحج.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكلمات (إني جاعلك
للناس إماما) (البقرة الآية 124) ، (وإذ يرفع إبراهيم القوعد) (البقرة الآية 127)
والآيات في شأن المناسك والمقام الذي جعل لإبراهيم والرزق الذي رزق ساكنو البيت
وبعث
محمد في ذريتهما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} قال : ابتلى بالآيات التي بعدها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن قال :
ابتلاه بالكوكب فرضي عنه وابتلاه بالقمر فرضي عنه وابتلاه بالشمس فرضي عنه وابتلاه
بالهجرة فرضي عنه وابتلاه بالختان فرضي عنه وابتلاه بابنه فرضي عنه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فأتمهن} قال :
فأداهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من فطرة إبراهيم السواك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : من فطرة إبراهيم غسل
الذكر
والبراجم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد قال : ست من فطرة
إبراهيم قص الشارب والسواك والفرق وقص الأظفار والاستنجاء وحلق العانة قال : ثلاثة
في الرأس وثلاثة في الجسد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : الفطرة خمس أو خمس من الفطرة ، الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم
الأظفار ونتف الآباط.
وأخرج البخاري والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ،
وَابن ماجه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص
الشارب وإعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الأظفار وغسل
البراجم ونتف الآباط وحلق العانة وانتفاض الماء يعني
الاستنجاء بالماء ، قال مصعب : نسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود ، وَابن ماجه عن
عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الفطرة المضمضة والاستنشاق
والسواك وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الابط والاستنجاء وغسل البراجم والانتضاح
والاختتان.
وأخرج البزار والطبراني عن أبي الدرداء قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم الطهارات أربع قص الشارب وحلق العانة وتقليم الأظفار
والسواك.
وأخرج ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه
عن أنس بن مالك قال وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم
الأظفار وحلق
العانة ونتف الابط أن لا تترك أكثر من أربعين يوما.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال قيل
للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد أبطأ عنك جبريل ، فقال : ولم لا يبطى ء عني وأنتم
حولي لا تستنون لا تقلمون أظفاركم ولا تقصون شواربكم ولا تنقون براجمكم.
وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال كان النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقص أو يأخذ من شاربه قال : لأن خليل الرحمن إبراهيم يفعله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي عن
زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من لم يأخذ من شاربه فليس منا
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن ابن
عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا
الشوارب.
وأخرج البزار عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : خالفوا المجوس جزوا الشوارب وأعفوا اللحى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد
الله قال جاء رجل من المجوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلق لحيته وأطال
شاربه فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما هذا قال : هذا في ديننا ، قال :
ولكن في ديننا أن تجز الشارب وأن تعفي اللحية.
وأخرج البزار عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبصر رجلا وشاربه طويل فقال : ائتوني بمقص وسواك فجعل السواك على طرفه ثم أخذ ما
جاوز
وأخرج البزرا والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان
بسند حسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلم أظفاره ويقص
شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة.
وأخرج ابن عدي بسند ضعيف عن أنس قال وقت لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يوما وأن ينتف ابطه كلما طلع
ولا يدع شاربيه يطولان وأن يقلم أظفاره من الجمعة إلى الجمعة.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف ، عَن جَابر بن عبد الله قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قصوا أظافيركم فإن الشيطان يجري ما بين اللحم
والظفر.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن وابصة بن معبد قال سألت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن الوسخ الذي يكون في الأظفار
فقال : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
وأخرج البزار عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما لي لا أهم ورفع أحدكم بين أنملته وظفره.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن قيس بن حازم قال صلى
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها فسأل فقال : ما لي لا أهم ورفع
أحدكم بين ظفره وأنملته.
وأخرج ابن ماجه والبيهقي بسند ضعيف عن أبي أمامة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم
قال : تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ما جاءني
جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي ولولا أني أخاف أن أشق
على أمتي لفرضته لهم وأني لأستاك حتى أني
خشيت أن أحفي مقادم في.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ومجلاة للبصر.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن ابن
عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم مرضاة
للرب مفرحة للملائكة يزيد في الحسنات وهو من السنة يجلو البصر ويذهب الحفر ويشد
اللثة ويذهب البلغم ويطيب الفم.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم
بالسواك عند كل صلاة.
وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء وعند كل وضوء
بسواك.
وأخرج البزار وأبويعلى والطبراني بسند ضعيف عن عائشة
قالت ما زال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يذكر بالسواك حتى خشينا أن ينزل فيه
قرآن.
وأخرج أحمد والحرث بن أبي أسامة والبزار وأبو يعلى ،
وَابن خزيمة والدارقطني والحاكم وصححه وأبو نعيم في كتاب السواك والبيهقي في شعب
الإيمان عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال فضل الصلاة بسواك على
الصلاة بغير سواك سبعون ضعفا.
وأخرج البزار والبيهقي بسند جيد عن عائشة عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك.
وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس عن النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قال لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل علي به قرآن أو وحي
وأخرج أحمد وأبو يعلى والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا السواك عنده فإذا استيقظ بدأ
بالسواك.
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أم سلمة قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم مازال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي.
وأخرج البزار والترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن كليح
بن عبد الله الخطمي
عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خمس من سنن المرسلين الحياء والحلم والحجامة والسواك والتعطر.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا ينام ليلة ولا ينتبه إلا استن.
وأخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن خالد الجهني قال ما
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود بسند ضعيف عن عائشة أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستقيظ تسوك قبل أن
يتوضأ.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن
ماجه عن عائشة أنها سئلت بأي شيء كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يبدأ إذا دخل
بيته قالت : كان إذا دخل يبدأ بالسواك.
وأخرج ابن ماجه عن علي بن أبي طالب قال : إن أفواهكم طرق
للقرآن فطيبوها بالسواك ، وأخرجه أبو نعيم في كتاب السواك عن علي مرفوعا.
وأخرج ابن السني وأبو نعيم معا في الطب النبوي عن أبي هريره
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن السواك ليزيد الرجل فصاحة.
وأخرج ابن السني عن علي بن أبي طالب قال : قراءة القرآن
والسواك يذهب البلغم.
وأخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة عن سمويه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما نام ليلة حتى استن.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو نعيم في كتاب السواك
بسند ضعيف من طريق أبي عتيق ، عَن جَابر ، أنه كان ليستاك إذا أخذ مضجعه وإذا قام
من الليل وإذا خرج إلى الصلاة ، فقلت له : لقد شققت على نفسك ، فقال : إن أسامة
أخبرني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يستاك هذا السواك.
وأخرج أبو نعيم بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن ، عَن عَلِي ، قال :
رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء.
وأخرج الشافعي ، وَابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وأبو
يعلى وابن
خزيمة ، وَابن حبان والحاكم والبيهقي عن عائشة قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السواك مطهرة للفم مرضاة للرب.
وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن ابن عمر ان
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم مرضاة للرب
تبارك وتعالى.
وأخرج أحمد بسند ضعيف عن قثم أو تمام بن عباس قال :
أتينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال ما لكم تأتوني قلحا لا تسوكون لولا أن
أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء.
وأخرج الطبراني ، عَن جَابر قال : كان السواك من أذن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب.
وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في السواك بسند ضعيف
عن عائشة قالت كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا سافر حمل السواك والمشط
والمكحلة والقارورة والمرآة.
وأخرج أبو نعيم بسند واه عن رافع بن خديج مرفوعا السواك
واجب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : لقد كنا نؤمر
بالسواك حتى ظننا أنه سينزل به.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حسان بن عطية مرفوعا الوضوء شطر
الإيمان والسواك شطر الوضوء ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة
ركعتان يستاك بهما العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن سعد قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم استاكوا وتنظفوا وأوتروا فإن الله وتر يحب الوتر.
وأخرج ابن عدي عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
أمر بتعاهد البراجم عند الوضوء
لأن الوسخ إليها سريع.
وأخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول بسند فيه مجهول عن
عبد الله بن بسر رفعه قصوا أظفاركم وادفنوا قلاماتكم ونقوا براجمكم.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل
والنسائي ، وَابن ماجه عن ابن عباس قال كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان
المشركون يفرقون رؤوسهم وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعجبه موافقة أهل
الكتاب فيما لم يؤمر به فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد.
وأخرج ابن ماجه والبيهقي بسند جيد عن أم سلمة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أطلى ولى (تابع) عانته بيده.
وأخرج البيهقي بسند ضعيف جدا عن أنس أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم كان لا يتنور وكان إذا كثر شعره حلقه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن شداد بن أوس رفعه الختان سنة
للرجال مكرمة
للنساء.
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين وأبو الشيخ في كتاب
العقيقة والبيهقي من حديث ابن عباس ، مثله.
وأخرج أبو داود عن عيثم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء
إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : فقد أسلمت - فقال له : ألق عنك شعر الكفر
- يقول : احلق قال : وأخبرني آخر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لآخر معه ألق
عنك شعر الكفر واختتن.
وأخرج البيهقي عن الزهري عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال من أسلم فليختتن.
وأخرج أحمد والطبراني عن عثمان بن أبي العاص أنه دعي إلى
ختان فقال : ما كنا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى له.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : سبع من
السنة في الصبي يوم السابع يسمى ويختن ويماط عنه الأذى ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ
من عقيقته ويتصدق بوزن شعر رأسه ذهبا أو فضة
وأخرج أبو الشيخ في كتاب العقيقة والبيهقي ، عَن جَابر
أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام.
وأخرج البيهقي عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه ، إن
إبراهيم عليه السلام ختن إسحاق لسبعة أيام وختن اسماعيل عند بلوغه.
وأخرج ابن سعد عن حي بن عبد الله قال : بلغني أن اسماعيل
عليه السلام اختتن وهو ابن ثلاث عشر سنة.
وأخرج أبو الشيخ في العقيقة من طريق موسى بن علي بن رباح
عن أبيه ، أن إبراهيم عليه السلام أمر أن يختتن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة فعجل
واختتن بالقدوم فاشتد عليه الوجع فدعا ربه فأوحى إليه إنك عجلت قبل أن نأمرك بآلته
قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثلاثين سنة بالقدوم.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال كان إبراهيم أول من اختتن
وهو ابن عشرين ومائة سنة واختتن بالقدوم ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي وصححاه
من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : اختتن إبراهيم خليل الله وهو ابن عشرين
ومائة سنة بالقدوم ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة ، قال سعيد : وكان إبراهيم أول من
اختتن وأول من رأى الشيب فقال : يا رب ما هذا قال : وقار يا إبراهيم ، قال : رب زدني وقارا ،
وأول من أضاف الضيف وأول من جز شاربه وأول من قص أظافيره وأول من استحد.
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم قال : إن إبراهيم أول من اضاف الضيف وأول من قص الشارب وأول من رأى
الشيب وأول من قص الأظافير وأول من اختتن بقدومه.
وأخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه قال : كانت هاجر لسارة
فأعطت هاجر إبراهيم فاستبق اسماعيل واسحاق لنفسه فسبقه اسماعيل فقعد في حجر
إبراهيم ، قالت : سارة : والله لأغيرن منها ثلاثة أشراف فخشي إبراهيم أن تجدعها
أو تخرم أذنيها فقال لها : هل لك أن تفعلي شيئا وتبري
يمينك تثقبين أذنيها وتخفضينها فكان أول الخفاض هذا.
وأخرج البهقي عن سفيان بن عينية قال : شكا إبراهيم عليه
السلام إلى ربه ما يلقى من رداءة خلق سارة فأوحى الله إليه يا إبراهيم أول من
تسرول وأول من فرق وأول من استحد وأول من اختتن وأول من قرى الضيف وأول من شاب.
وأخرج وكيع عن واصل مولى ابن عينية قال : أوحى الله إلى
إبراهيم يا إبراهيم إنك أكرم أهل الأرض إلي فإذا سجدت فلا تر الأرض عورتك ، قال : فاتخذ سراويل.
وأخرج الحاكم عن أبي أمامة قال : طلعت كف من السماء بين أصبعين من
أصابعها شعرة بيضاء فجعلت تدنو من رأس إبراهيم ثم تدنو فألقتها في راسه
وقالت : أشعل وقارا ثم أوحى الله إليها أن تظهر وكان أول
من شاب واختتن
وأنزل الله على إبراهيم مما أنزل على محمد (التائبون
العابدون الحامدون) (التوبة الاية 112) إلى قوله (وبشر المؤمنين) و(قد أفلح
المؤمنون) (المؤمنون الآيات 1 - 11) إلى قوله (هم فيها خالدون) و(إن المسلمين
والمسلمات) (الأحزاب الاية 35) الآية ، والتي في سأل و(الذين هم على صلاتهم
دائمون) (المعارج الآيات 23 - 33) إلى قوله (قائمون) فلم يف بهذه السهام إلا
إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سلمان قال : سأل إبراهيم
ربه خيرا فأصبح ثلثا رأسه أبيض فقال : ما هذا فقيل له : عبرة في الدنيا ونور في
الآخرة.
وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : أوى إبراهيم
إلى فراشه فسأل الله أن يؤتيه خيرا فأصبح وقد شاب ثلثا رأسه فساءه ذلك فقيل : لا
يسوءنك فإنه عبرة في الدنيا ونور لك في الآخرة وكان أول شيب كان.
وأخرج الديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أول من خضب
بالحناء والكتم إبراهيم عليه السلام.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه عن
إبراهيم قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إن اليهود والنصارى لا
يصبغون فخالفوهم.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه النسائي ، وَابن ماجه عن
أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء
والكتم.
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود.
وأخرج البزار عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال لا تشبهوا بالأعاجم غيروا اللحى.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والبزار عن سعد عن إبراهيم
عن أبيه قال : أول من خطب على المنبر إبراهيم عليه السلام حين أسر لوط
واستأسرته الروم فعزا إبراهيم حتى اسنقذه من الروم .
وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف عن معاذ بن جبل قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أتخذ المنبر فقد اتخذه أبي إبراهيم وإن
أتخذ العصا فقد اتخذها إبراهيم.
وَأخرَج ابن عساكر ، عَن جَابر قال : أول من قاتل في
سبيل الله إبراهيم عليه السلام حين أسر لوط واستأسرته الروم فغزا إبراهيم حتى
استنقذه من الروم.
وأخرج ابن عساكر عن حسان بن عطية قال : أول من رتب
العسكر في الحرب ميمنة وميسرة وقلبا إبراهيم عليه السلام لما سار لقتال الذين
أسروا لوطا عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي يزيد عن رجل قد سماه
قال : أول من عقد الألوية إبراهيم عليه السلام بلغه أن قوما أغاروا على لوط فسبوه
فعقد لواء وسار إليهم بعبيده ومواليه حتى أدركهم فاستقذه وأهله
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الرومي عن ابن عباس قال :
أول من عمل القسي إبراهيم عليه السلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول من ضيف الضيف إبراهيم عليه
السلام.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية
والبيهقي في شعب الإيمان عن عكرمة قال : كان إبراهيم خليل الرحمن يكنى أبا الضيفان
وكان لقصره أربعة أبواب لكي لا يفوته أحد.
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : كان إبراهيم خليل الله عليه
السلام إذا أراد أن يتغدى طلب من يتغدى معه إلى ميل.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان والخطيب في تاريخه
والديلمي في مسند الفردوس والغسولي في جزئه المشهور واللفظ له عن تميم الداري أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن معانقة الرجل الرجل إذا لقيه قال : كانت تحية
الأمم وفي لفظ كانت تحية أهل الإيمان وخالص
ودهم وأول من عانق خليل الرحمن فإنه خرج يوما يرتاد
لماشيته في جبال من جبال بيت المقدس إذ سمع صوت مقدس يقدس الله تعالى فذهل عما كان
يطلب فقصد قصد الصوت فإذا هو بشيخ طوله ثمانية عشر ذراعا أهلب يوحد الله عز وجل
فقال له إبراهيم : يا شيخ من ربك قال : الذي في السماء ، قال : من رب الأرض قال : الذي في السماء
، قال : فيها رب غيره قال : ما فيها رب غيره لا إله إلا هو وحده ، قال إبراهيم :
فأين قبلتك قال : إلى الكعبة ، فسأله عن طعامه فقال : أجمع من هذه الثمرة في الصيف فآكله في
الشتاء ، قال : هل بقي معك أحد من قومك قال : لا ، قال : أين منزلك قال : تلك
المغارة ، قال : اعبر بنا إلى بيتك ، قال : بيني وبينها واد لا يخاض ، قال : فكيف
تعبره فقال : أمشي عليه ذاهبا وأمشي عليه عائدا ، قال : فانطلق بنا فافعل الذي
ذلله لك يذلله لي.
فانطلقا حتى انتهيا فمشيا جميعا عليه كل واحد منهما يعجب
من صاحبه فلما دخلا المغارة فإذا بقبلته قبلة إبراهيم قال له إبراهيم : أي يوم خلق
الله أشد قال الشيخ : ذلك اليوم الذي يضع كرسيه للحساب يوم تسعر جهنم لا يبقى ملك
مقرب ولانبي مرسل إلا خر يهمه نفسه ، قال له إبراهيم : ادع الله يا شيخ أن يؤمني
وإياك من هول ذلك اليوم ، قال الشيخ : وما
تصنع بدعائي ولي في السماء دعوة محبوسة منذ ثلاث سنين
قال إبراهيم : ألا أخبرك ما حبس دعاءك قال : بلى ، قال : إن الله عز وجل إذا أحب
عبدا احتبس مسألته يحب صوته ثم جعل له على كل مسألة ذخرا لا يخطر على قلب بشر وإذا
أبغض الله عبدا عجل له حاجته أو ألقى الأياس في صدره ليقبض صوته فما دعوتك التي هي
في السماء محبوسة قال : مر بي ههنا شاب في راسه ذؤابة منذ ثلاث سنين ومعه غنم قلت
: لمن هذه قال : لخليل الله إبراهيم ، قلت : اللهم إن كان لك في الأرض خليل فأرنيه
قبل خروجي من الدنيا ، قال له إبراهيم عليه السلام : قد أجيبت دعوتك ثم اعتنقا
فيومئذ كان أصل المعانقة وكان قبل ذلك السجود هذا لهذا وهذا لهذا ثم جاء الصفاح مع
الإسلام فلم يسجد ولم يعانق ولن تفترق الأصابع حتى يغفر لكل مصافح.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد أبو نعيم في الحلية
عن كعب قال : قال إبراهيم عليه السلام : إنني ليحزنني أن لا أرى أحدا في الأرض
يعبدك غيري فأنزل الله إليه ملائكته يصلون معه ويكونون
معه.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن نوف البكالي قال : قال إبراهيم
عليه السلام : يا رب إنه ليس في الأرض أحد يعبدك غيري فأنزل الله عز وجل ثلاثة
آلاف ملك فأمهم ثلاثة أيام.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : إبراهيم عليه السلام أول من اضاف
الضيف وأول من ثرد الثريد وأول من رأى الشيب وكان قد وسع عليه في المال والخدم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السدي قال : أول من ثرد الثريد
إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الديلمي عن نبيط بن شريط قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم أول من اتخذ الخبز المبلقس إبراهيم عليه السلام.
وأخرج أحمد في الزهد عن مطرف قال : أول من راغم إبراهيم
عليه السلام حين راغم قومه إلى الله بالدعاء.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف واللفظ له والبخاري ومسلم
والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال قام فينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : أول الخلائق يلقى بثوب - يعني يوم القيامة - إبراهيم عليه
السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : يحشر الناس
عراة حفاة فأول من يلقى بثوب إبراهيم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبيد بن عمير قال : يحشر
الناس عراة حفاة فيقول الله : ألا أرى خليلي عريانا فيكسى يحشر الناس عراة حفاة
ثوبا ابيض فهو أول من يكسى.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن عبد الله بن الحرث
قال : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام قبطيتين ثم يكسى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم حلة الحيرة وهو على يمين العرش
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس
قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا خير البرية ، قال : ذاك
إبراهيم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : انطلق إبراهيم
عليه السلام يمتار فلم يقدر على الطعام فمر بسهلة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله
فقالوا : ما هذا قال : حنطه حمراء ففتحوها فوجدها حنطة حمراء فكان إذا زرع منها
شيئا نبتت سنبلة من أصلها إلى فرعها حبا متراكبا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية
عن سلمان قال : أرسل على إبراهيم عليه السلام أسدان مجوعان فلحساه وسجدا له.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أرسل إلي ربي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت
عليه يا رب هون على أمتي فرد على الثانية أن أقرأ على
حرفين قلت : يا رب هون على أمتي فرد على الثالثة أن أقرأ
على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتها مسألة فسلنيها ، فقلت : اللهم اغفر لأمتي اللهم
اغفر لأمتي وأخرت الثالثة إلى يوم يرغب إلي فيه الخلائق حتى إبراهيم.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن كعب قال :
كان إبراهيم عليه السلام يقري الضيف ويرحم المسكين ، وَابن السبيل فابطأت عليه
الأضياف حتى أشرأب بذلك فخرج إلى الطريق يطلب فجلس ملك الموت عليه السلام في صورة
رجل فسلم عليه فرد السلام ثم سأله من أنت قال : أنا ابن السبيل قال : إنما قعدت
ههنا لمثلك فأخذ بيده فقال له : انطلق ، فذهب إلى منزله فلما رآه إسحاق عرفه فبكى
إسحاق فلما رأت سارة إسحاق يبكي بكت لبكائه فلما رأى إبراهيم ساره تبكي فبكى
لبكائها فلما رأى ملك الموت إبراهيم يبكي بكى لبكائه ثم
صعد ملك الموت فلما ارتقى غضب إبراهيم فقال : بكيتم في
وجه ضيفي حتى ذهب فقال إسحاق : لا تلمني يا أبت فإني رأيت ملك الموت معك لا أرى
أجلك إلا قد حضر فارث في أهلك أي أوصه وكان لأبراهيم بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه
لا يدخله غيره فجاء إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبد فيه فإذا هو برجل جالس فقال إبراهيم
: من أدخلك بإذن من دخلت قال : بإذن رب البيت ، قال : رب البيت أحق به ثم تنحى في
ناحية البيت فصلى ودعا كما كان يصنع وصعد ملك الموت فقيل له : ما رأيت قال : يا رب جئتك من عند عبدك
ليس بعده في الأرض خير ، قيل له
: ما رأيت منه قال : ما ترك خلقا من خلقك إلا قد دعا له
بخير في دينه وفي معيشته ، ثم مكث إبراهيم عليه السلام ما شاء الله ثم جاء ففتح
بابه فإذا هو برجل جالس قال له : من أنت قال : إنما أنا ملك الموت ، قال إبراهيم :
إن كنت صادقا فأرني آية أعرف أنك ملك الموت ، قال : اعرض بوجهك يا إبراهيم
قال :
ثم أقبل فأراه الصورة التي يقبض بها المؤمنين فرأى شيئا
من النور والبهاء لا يعلمه إلا الله ثم قال : انظر فأراه الصورة التي يقبض بها
الكفار والفجار فرعب إبراهيم عليه السلام رعبا حتى ألصق بطنه بالأرض كادت نفس
إبراهيم تخرج فقال : أعرف الذين أمرت به فامض له ، فصعد ملك الموت فقيل له : تلطف
بإبراهيم فأتاه وهو في عنب له وهو في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء فلما رآه
إبراهيم رحمه فأخذ مكتلا ثم دخل عنبه فقطف من العنب في مكتله ثم جاء فوضعه بين
يديه فقال : كل ، فجعل يضع ويريه أن يأكل ويمجه على لحيته وعلى صدره فعجب إبراهيم
فقال : ما أبقت
السن منك شيئا كم أتى لك فحسب مدة إبراهيم فقال : أمالي
كذا وكذا ، فقال إبراهيم : قد أتي لي هذا إنما أنتظر أن أكون مثلك اللهم اقبضني إليك
فطابت نفس إبراهيم على نفسه وقبض ملك الموت نفسه تلك الحال
وأخرج الحاكم عن الواقدي قال : ولد إبراهيم بغوطة دمشق
في قرية يقال لها برزة ومن جبل يقال له قاسيون.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي السكن الهجري قال :
مات خليل الله فجأة ومات داود فجأة ومات سليمان بن داود فجأة والصالحون وهو تخفيف
على المؤمن وتشديد على الكافر.
وأخرج أن ملك الموت جاء إلى إبراهيم عليه السلام ليقبض
روحه فقال إبراهيم : يا ملك الموت هل رأيت خليلا يقبض روح
خليله فعرج ملك الموت إلى ربه فقال : قله له : هل رأيت
خليلا يكره لقاء خليله فرجع قال : فاقبض روحي الساعة.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال كان الله
يبعث ملك الموت إلى الأنبياء عيانا فبعثه إلى إبراهيم عليه السلام ليقبضه فدخل دار
إبراهيم في صورة رجل شاب جميل وكان إبراهيم غيورا فلما دخل عليه حملته الغيرة على
أن قال له : يا عبد الله ما أدخلك داري قال : أدخلنيها ربها ، فعرف إبراهيم أن هذا
الأمر حدث قال يا إبراهيم : إني أمرت بقبض روحك ، قال : أمهلني يا ملك الموت حتى
يدخل إسحاق فأمهله فلما دخل إسحاق قام إليه فاعتنقه كل واحد منهما صاحبه فرق لهما
ملك الموت فرجع إلى ربه فقال : يا رب رأيت خليلك جزع من الموت ، قال : يا ملك
الموت فائت خليلي في منامه فاقبضه فأتاه في منامه فقبضه.
وأخرج أحمد في الزهد والمروزي في الجنائز عن أبي مليكة
أن إبراهيم لما لقي ربه قيل له : كيف وجدت الموت قال : وجدت نفسي
كأنما تنزع بالسلي ، قيل له : قد يسرنا عليك الموت.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدنيا في العزاء ، وَابن أبي
داود في البعث ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم
وسارة عليهما السلام حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة.
وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : إن ذراري المسلمين في عصافير خضر في شجر في الجنة يكفلهم إبراهيم
عليه السلام ، أما قوله تعالى : {قال إني جاعلك للناس إماما} الآية.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس {قال إني جاعلك للناس
إماما} يقتدى بدينك وهديك وسنتك {قال ومن ذريتي} إماما لغير ذريتي !
{قال لا ينال عهدي الظالمين} أن يقتدى بدينهم وهديهم
وسنتهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن
قتادة قال : هذا عند الله يوم القيامة لا ينال عهده ظالما فأما في الدنيا نالوا
عهده فوارثوا به المسلمين وغازوهم وناكحوهم فلما كان يوم القيامة قصر الله عهده
وكرامته على أوليائه.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله {إني جاعلك للناس
إماما} يؤتم به ويقتدى قال إبراهيم {ومن ذريتي} فاجعل من يؤتم به ويقتدى به.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال
الله لإبراهيم {إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي} فأبى أن يفعل ثم {قال لا
ينال عهدي الظالمين}.
وأخرج وكيع ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد
في قوله {لا ينال عهدي الظالمين} قال : لا أجعل إماما ظالما يقتدى به
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في الآية قال : يخبره أنه كائن في ذريته ظالم لا ينال عهده ولا ينبغي له أن
يوليه شيئا من أمره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لا ينال عهدي الظالمين} قال : ليس بظالم عليك
عهد في معصية الله أن تطيعه.
وأخرج وكيع ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب عن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {لا ينال عهدي الظالمين} قال : لا طاعة إلا
في المعروف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمران بن حصين سمعت النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم يقول : لا طاعة لمخلوق في معصية الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم قال : لا طاعة مفترضة
إلا لنبي.
قوله تعالى : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا
من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرنا بيتي للطائفين
والعاكفين والركع السجود.
أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {وإذ جعلنا
البيت} قال : الكعبة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله {مثابة للناس} قال : يثوبون إليه ثم يرجعون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {مثابة للناس} قال
لا يقضون منه وطرا يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء في
قوله {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس} قال : يأتون إليه من
كل مكان.
وأخرج سفيان بن عينية وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ،
وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {مثابة للناس} قال : يأتون
إليه لا يقضون منه وطرا أبدا يحجون ثم يعودون {وأمنا} قال : تحريمه لا يخاف من
دخله
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
{وأمنا} قال : أمنا للناس.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {وأمنا} قال :
أمنا من العدوان يحمل فيه السلاح وقد كانوا في الجاهلية يتخطف الناس من حولهم وهم
آمنون ، أما قوله تعالى : {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي إسحاق أن أصحاب عبد الله
كانوا يقرؤون {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال : أمرهم أن يتخذوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الملك بن أبي سليمان قال :
سمعت سعيد بن جبير قرأها {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} بخفض الخاء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والعدني والدارمي والبخاري
والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن المنذر ،
وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية
والطحاوي ، وَابن حبان والدارقطني في الأفراد والبيهقي
في "سُنَنِه" عن أنس بن مالك قال :
قال عمر بن الخطاب : وافقت ربي في ثلاث أو واقفني ربي في
ثلاث ، قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت {واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى} وقلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهم البر والفاجر فلو
أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب ، واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم
نساؤه في الغيرة فقلت لهن (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) (التحريم
الآية 5) فنزلت كذلك.
وأخرج مسلم ، وَابن أبي داود وأبو نعيم في الحلية
والبيهقي في "سُنَنِه" ، عَن جَابر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رمل
ثلاثة أشواط ومشى أربعا حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ
{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
وأخرج ابن ماجه ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه ، عَن
جَابر قال لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة عند مقام إبراهيم قال
له عمر : يا رسول الله هذا مقام إبراهيم الذي قال الله {واتخذوا من مقام إبراهيم
مصلى} قال : نعم.
وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن ابن عمر أن عمر قال
: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي عن أنس أن عمر قال : يا
رسول الله لوصلينا خلف المقام فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد قال : كان المقام إلى لزق
البيت فقال
عمر بن الخطاب يا رسول الله لو نحيته إلى البيت ليصلي
إليه الناس ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى}.
وأخرج ابن أبي داود ، وَابن مردويه عن مجاهد قال : قال
عمر يا رسول الله صلينا خلف المقام فأنزل الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
فكان المقام عند البيت فحوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضعه هذا ، قال
مجاهد : وقد كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن.
وأخرج ابن مردويه من طريق عمر بن ميمون عن عمر أنه مر
بمقام إبراهيم فقال : يا رسول الله أليس نقوم مقام إبراهيم خليل ربنا قال : بلى ،
قال : أفلا
نتخذه مصلى فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت {واتخذوا من
مقام إبراهيم مصلى}.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والدارقطني في الأفراد عن
أبي ميسرة قال : قال عمر يا رسول الله هذا مقام خليل ربنا أفلا نتخذه مصلى
فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أما مقام إبراهيم
الذي ذكر ههنا فمقام إبراهيم هذا الذي في المسجد ومقام إبراهيم بعد كثير مقام
إبراهيم الحج كله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال
: مقام إبراهيم الحرم كله ، واخرج ابن سعد ، وَابن المنذر عن عائشة قالت : ألقي
المقام من السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم والأزرقي عن ابن عمر قال : إن المقام
ياقوتة من ياقوت الجنة محي نوره ولولا ذلك لأضاء ما بين السماء والأرض والركن مثل
ذلك.
وأخرج الترمذي ، وَابن حبان والحاكم والبيهقي في الدلائل
عن ابن عمرو قال : قال رسول الله الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت
الجنة طمس الله نورهما ولولا ذلك لأضاءتا ما بين المشرق
والمغرب.
وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن ابي حاتم
عن سعيد بن جبير قال : الحجر مقام إبراهيم لينه الله فجعله رحمة وكان يقوم عليه
ويناوله اسماعيل الحجارة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن الركن والمقام من ياقوت الجنة ولولا ما مسهما من خطايا
بني آدم لأضاءا ما بين المشرق والمغرب ومل مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رفعه ولولا ما مسه من أنجاس
الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي وما على وجه الأرض شيء من الجنة غيره.
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن سعيد بن المسيب قال :
الركن والمقام حجران من حجارة الجنة.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن مجاهد قال : يأتي
الحجر والمقام يوم القيامة كل واحد منهما مثل أحد لهما عينان وشفتان يناديان بأعلى
أصواتهما يشهدان لمن وافاهما بالوفاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الزبير أنه رأى قوما يمسحون
المقام فقال : لم تؤمروا بهذا إنما أمرتم بالصلاة عنده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
والأزرقي عن قتادة {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال : إنما أمروا أن يصلوا عنده
ولم يؤمروا بمسحه ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم
قبلها وقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبه وأصابعه فما زالت
هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق وانماح.
وأخرج الأزرقي عن نوفل بن معاوية الديلمي قال رأيت في
المنام في عهد عبد المطلب مثل المهاة قال أبو محمد الخزاعي : المهاة خرزة بيضاء.
وأخرج الأزرقي عن ابي سعيد الخدري قال : سألت عبد الله
بن سلام عن الأثر الذي في المقام فقال : كانت الحجارة على ما هي عليه اليوم إلا أن
الله أراد أن يجعل المقام آية من آياته فلما أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في
الناس بالحج قام على المقام وارتفع المقام حتى صار أطول الجبال وأشرف على ما تحته
فقال : يا ايها الناس أجيبوا ربكم فأجابه الناس فقالوا : لبيك اللهم لبيك فكان
أثره فيه لما أراد الله فكان ينظر عن يمينه وعن شماله أجيبوا ربكم فلما فرغ أمر
بالمقام فوضعه قبله فكان يصلي إليه مستقبل الباب فهو قبلته إلى ما شاء الله ثم كان
إسماعيل بعد يصلي إليه إلى باب الكعبة ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر
أن يصلي إلى بيت المقدس فصلى إليه قبل أن
يهاجر وبعدما هاجر ثم أحب الله أن يصرفه إلى قبلته التي
رضي لنفسه ولأنبيائه فصلى إلى الميزاب وهو بالمدينة ثم قدم مكة فكان يصلي إلى
المقام ما كان بمكة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله
{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال : مدعى.
وأخرج الأزرقي عن كثير بن ابي كثير بن المطلب بن أبي
وداعة السهمي عن أبيه عن جده قال : كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني
شيبة الكبير قبل أن يردم عمر الردم الأعلى فكانت السيول ربما رفعت المقام عن موضعه
وربما نحته إلى وجه الكعبة حتى جاء سيل أم نهشل في خلافة عمر بن الخطاب فاحتمل
المقام من موضعه هذا فذهب به حتى وجد بأسفل مكة فأتي به فربط إلى أستار الكعبة
وكتب في ذلك إلى عمر فأقبل فزعا في شهر رمضان وقد عفى موضعه وعفاه
السيل فدعا عمر بالناس فقال : أنشد الله عبدا علم في هذا
المقام ، فقال المطلب بن أبي وداعة : أنا يا أمير المؤمنين
عندي ذلك قد كنت أخشى عليه هذا فأخذت قدره من موضعه إلى
الركن ومن موضعه إلى باب الحجر ومن موضعه إلى زمزم بمقاط وهو عندي في البيت ، فقال
له عمر : فاجلس عندي وأرسل إليه ، فجلس عنده وأرسل فأتي بها فمدها فوجدها مستوية
إلى موضعه هذا فسأل الناس وشاورهم فقالوا : نعم هذا موضعه ، فلما استثبت ذلك عمر
وحق عنده أمر به فأعلم ببناء ربضه تحت المقام ثم حوله فهو في مكانه هذا إلى اليوم.
وأخرج الأزرقي من طريق سفيان بن عينية عن حبيب بن الأشرس
قال : كان سيل أم نهشل قبل أن يعمل عمر الردم بأعلى مكة فاحتمل المقام من مكانه
فلم يدر أين موضعه فلما قدم عمر بن الخطاب سأل من يعلم موضعه فقال عبد المطلب بن
أبي وداعة : أنا يا أمير المؤمنين قد كنت قدرته وذرعته بمقاط وتخوفت عليه هذا من
الحجر إليه ومن الركن إليه ومن وجه الكعبة ، فقال : ائت به ، فجاء به فوضعه في
موضعه هذا وعمل عمر الردم
عند ذلك قال سفيان : فذلك الذي حدثنا هشام ابن عروة عن
ابيه أن المقام كان عند سقع البيت فأما موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن وأما ما
يقول الناس : أنه كان هنالك موضعه فلا.
وأخرج الأزرقي عن ابن أبي مليكة قال : موضع المقام هذا
هو الذي به اليوم هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النَّبِيّ وأبي بكر وعمر إلا أن
السيل ذهب به في خلافة عمر فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده بمحضر الناس.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن عائشه ، إن
المقام كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم
أخره عمر بن الخطاب.
وأخرج ابن سعد عن مجاهد ، قال عمر بن الخطاب : من له علم
بموضع المقام حيث كان فقال أبو وداعة بن صبيرة السهمي : عندي يا أمير المؤمنين
قدرته إلى الباب وقدرته إلى ركن الحجر وقدرته إلى الركن الأسود
وقدرته إلى زمزم فقال عمر : هاته ، فأخذه عمر فرده إلى
موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة.
وأخرج الحميدي ، وَابن النجار ، عَن جَابر بن عبد الله
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام
ركعتين وشرب من ماء زمزم غفرت له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت.
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض الرحمة فإذا
دخلته غمرته ثم لا يرفع قدما ولا يضع قدما إلا كتب الله له بكل قدم خمسمائة حسنة
وحط عنه خمسمائة سيئة ورفعت له خمسمائة درجة فإذا فرغ من طوافه فأتى مقام إبراهيم
فصلى ركعتين دبر المقام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وكتب له أحر عتق عشر رقاب من
ولد اسماعيل واستقبله ملك على الركن فقال له : استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما
مضى وشفع في سبعين من أهل بيته
وأخرج أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما دخل مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام يعني يوم الفتح.
وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه عن عبد
الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف
المقام ركعتين.
وأخرج الأزرقي عن طلق بن حبيب قال : كنا جلوسا مع عبد
الله بن عمرو بن العاص في الحجر إذ قلص الظل وقامت المجالس إذا نحن ببريق أيم طلع
من هذا الباب - يعني من باب بني شيبة والأيم الحية الذكر - فاشرأبت له أعين الناس
فطاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين وراء المقام فقمنا إليه فقلنا : أيها المعتمر قد قضى
الله نسكك وإن بأرضنا عبيدا وسفهاء وإنما نخشى عليك منهم فكوم برأسه كومة بطحاء
فوضع ذنبه عليها فسما بالسماء حتى ما نراه.
وأخرج الأزرقي عن أبي الطفيل قال : كانت امرأة من الجن
في الجاهلية تسكن ذا طوى وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره فكانت تحبه حبا
شديدا وكان شريفا في قومه فتزوج وأتى زوجته فلما كان يوم
سابعه قال لأمه : يا أماه إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعا نهارا ، قالت له أمه : أي
بني إني أخاف عليك سفهاء قريش فقال : أرجو السلامة ، فأذنت له فولى في صورة جان
فمضى نحو الطواف فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم أقبل منقلبا فعرض له
شاب من بني سهم فقتله فثارت بمكة غبرة حتى لم يبصر لها الجبال ، قال أبو الطفيل :
بلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت عظيم من الجن ، قال : فأصبح من بني سهم على فرشهم موتى كثير
من قتل الجن فكان فيهم سبعون شيخا أصلع سوى الشاب.
وأخرج الأزرقي عن الحسن البصري قال : ما أعلم بلدا يصلى
فيه حيث أمر
الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلا بمكة ، قال
الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال : ويقال : يستجاب الدعاء بمكة في خمسة
عشر
موضعا عند الملتزم وتحت الميزاب وعند الركن اليماني وعلى
الصفا وعلى المروة وبين الصفا والمروة وبين الركن والمقام وفي جوف الكعبة وبمنى
وبجمع وبعرفات وعند الجمرات الثلاث.
وَأَمَّا قواه تعالى : {وعهدنا إلى إبراهيم} الآية.
أَخرَج ابن جرير عن عطاء وعهدنا إلى إبراهيم قال :
أمرناه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن طهرا بيتي}
قال : من الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله {أن
طهرا بيتي} قالا : من الأوثان والريب وقول الزور والرجس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله
{أن طهرا بيتي} قال : من عبادة الأوثان والشرك وقول الزور ، وفي قوله {والركع
السجود} قال : هم من أهل الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا كان قائما فهو
من الطائفبن
وإذا كان جالسا فهو من العاكفين وإذا كان مصليا فهو من
الركع السجود.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سويد بن غفلة قال : من قعد في
المسجد وهو طاهر فهو عاكف حتى يخرج منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ثابت قال :
قلت لعبد الله بن عبيد الله بن عمير : ما أراني إلا مكلم الأمير أن أمنع الذين
ينامون في المسجد الحرام فإنهم يجنبون ويحدثون ، قال : لا تفعل فإن ابن عمر سئل
عنهم فقال : هم العاكفون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابي بكر بن أبي موسى قال : سئل ابن
عباس عن الطواف أفضل أم الصلاة فقال : أما أهل مكة فالصلاة وأما أهل الأمصار
فالطواف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : الطواف
للغرباء أحب إلي من الصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصلاة لأهل مكة أفضل
والطواف لأهل العراق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حجاج قال : سألت عطاء فقال : أما
أنتم فالطواف وأما أهل مكة فالصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الطواف أفضل من عمرة
بعد الحج ، وفي لفظ طوافك بالبيت أحب إلي من الخروج إلى العمرة.
قوله تعالى : وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا
وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فامتعه قليلا
ثم أضطره إلى عذاب النار ولبئس المصير.
أخرج أحمد ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، عَن جَابر بن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت
المدينة ما بين لابيتها فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير عن رافع بن خديج قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها.
وأخرج أحمد عن ابي قتادة إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم توضأ ثم صلى بأرض سعد بأرض الحرة عند بيوت السقيا ثم قال : اللهم إن إبراهيم
خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكة وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما
دعاك إبراهيم بمكة أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم اللهم حبب إلينا
المدينة كما حببت إلينا مكة واجعل ما بها من وراء خم اللهم إني حرمت ما بين لا
بتيها كما حرمت على لسان إبراهيم الحرم.
وأخرج البخاري ومسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أشرف على المدينة فقال : اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما أحرم به
إبراهيم مكة اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : اللهم إن إبراهيم
عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وأنه دعاك لمكة وإني
أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة
وأنا محمد عبدك ورسولك وإني أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم مثل
ما باركت لأهل مكة واجعل مع البركة بركتين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم
المازني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وحرمت
المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم مكة.
وأخرج البخاري والجندي في فضائل مكة عن عائشة أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إن إبراهيم عبدك ونبيك دعاك لأهل مكة
وأنا أدعوك لأهل المدينة بمثل ما دعاك إبراهيم لأهل مكة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن محمد بن الأسود ،
أن إبراهيم عليه السلام هو أول من نصب أنصاب الحرم أشار له جبريل إلى مواضعها.
وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : إن في السماء لحرما على
قدر حرم مكة.
وأخرج الأزرقي والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن
عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة لعنتهم وكل نبي مجاب ، الزائد
في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من اذل
الله والتارك لسنتي والمستحل من عترتي ما حرم الله عليه والمستحل لحرم الله.
وأخرج البخاري تعليقا ، وَابن ماجه عن صيفة بنت شيبة
قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح فقال : يا أيها الناس إن
الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة ولا يعضد
شجرها ولا
ينفر صيدها ولا يأخذ لقطتها إلا منشد فقال العباس : إلا
الاذخر فإنه للبيوت والقبور ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الاذخر.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي والأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح
مكة إنهذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض والشمس والقمر ووضع هذين
الأخشبين فهو حرام بحرمة
الله إلى يوم القيامة وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي
ولا يحل لأحد بعدي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم
القيامة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا من
عرفها ، قال العباس إلا إلا ذخر فإنه لقينهم وبيوتهم ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إلا الأذخر.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
، وَابن ماجه عن أبي هريرة قال لما فتح الله مكة على رسوله مكة قام فيهم فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال : إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه رسوله والمؤمنين وإنما
أحلت لي ساعة من النهار ثم هي حرام إلى يوم
القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقمتها
إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين أما أن يفدى وأما أن يقتل ، فقام رجل
من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال له : يا رسول الله اكتب لي ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لأبي شاه ، فقال العباس : يا رسول الله إلا الاذخر
فإنه لقبورنا وبيوتا : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الاذخر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم مكة حرم حرمها الله لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن الزهري في قوله {رب اجعل
هذا البلد آمنا} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس لم يحرموا
مكة ولكن الله حرمها فهي حرام إلى يوم القيامة وإن من أعتى الناس على الله رجل قتل
في الحرم ورجل قتل غير قاتله ورجل أخذ بذحول الجاهلية.
وأخرج الأزرقي عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم
بحياله إلى العرش.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : إن هذا الحرم حرم مناه من
السموات
السبع والأرضين السبع وإن هذا رابع أربعة عشر بيتا في كل
سماء بيت وفي كل أرض بيت ولو وقعن وقعن بعضهن على بعض.
وأخرج الأزرقي عن الحسن قال : البيت بحذاء البيت المعمور
وما بينهما بحذائه إلى السماء السابعة وما أسفل منه بحذائه إلى الأرض السابعة حرام
كله.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم قال : البيت المعمور الذي في السماء يقال له الصراخ وهو على بناء الكعبة
يعمره كل يوم سبعون ألف ملك لم تزره قط وأن للسماء السابعة لحرما على منى حرم مكة.
وأخرج ابن سعد والأزرقي عن ابن عباس قال : أول من نصب
أنصاب الحرم إبراهيم عليه السلام يريه ذلك جبريل عليه السلام فلما كان يوم الفتح
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد الخزاعي فجدد ما رث منها.
وأخرج الأزرقي عن حسين بن القاسم قال : سمعت بعض أهل العلم
يقول : إنه لما خاف آدم على نفسه من الشيطان استعاذ بالله فأرسل الله ملائكته حفوا
بمكة من كل جانب ووقفوا حواليها قال : فحرم الله الحرم من حيث
كانت الملائكة وقفت ، قال : ولما قال إبراهيم عليه
السلام : ربنا أرنا مناسكنا نزل إليه جبريل فذهب به فأراه المناسك ووقفه على حدود
الحرم فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب الأعلام ويحثي عليها التراب فكان جبريل
يقفه على الحدود ، قال : وسمعت أن غنم اسماعيل كانت ترعى في الحرم ولا تجاوزه ولا
تخرج فإذا بلغت منتهاه من ناحية رجعت صابة في الحرم.
وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال إن
إبراهيم عليه السلام نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام ثم لم تحرك حتى كان
قصي فجددها ثم لم تحرك حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث عام الفتح تميم
بن أسد الخزاعي فجددها.
وأخرج البزار والطبراني عن محمد بن الأسود بن خلف عن
أبيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يجدد أنصاب الحرم ،.
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال :
أيها الناس إن هذا البيت لاق ربه فسائله عنكم ألا فانظروا فيما هو سائلكم عنه من
أمره
ألا واذكروا الله إذ كان أحدكم ساكنه لا تسفكون فيه دماء
ولا تمشون فيه بالنميمة.
وأخرج البزار عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم مر بنفر من قريش وهم جلوس بفناء الكعبة فقال : انظروا ما تعملون فيها
فإنها مسئولة عنكم فتخبر عن أعمالكم واذكروا إذ ساكنها من لا يأكل الربا ولا يمشي
بالنميمة.
وأخرج الأزرقي عن أبي نجيح قال : لم يكن كبار الحيتان
تأكل صغارها في الحرم زمن الغرق.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جويرية بن أسماء
عن عمه قال : حججت مع قوم فنزلنا منزلا ومعنا امرأة فانتبهت وحية منطوية عليها
جمعت رأسها مع ذنبها بين ثدييها فهالنا ذلك وارتحلنا فلم
تزل منطوية عليها لا تضرها شيئا حتى
دخلنا أنصاب الحرم فانسابت فدخلنا مكة فقضينا نسكنا
وانصرفنا حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوقت عليها فيه الحية وهو المنزل الذي نزلنا
فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيات
فنهشنها حتى بقيت عظاما فقلت لجارية كانت معها : ويحك أخبرينا عن هذه المرأة قال : بغت ثلاث مرات
كل مرة تلد ولدا فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته فيه.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : من أخرج مسلما من ظله في
حرم الله من غير ضرورة أخرجه الله من ظل عرشه يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن عبد الله بن الزبير قال
: إن كانت الأمة من بني إسرائيل لتقدم مكة فإذا بلغت ذا طوى خلعت نعليها تعظيما
للحرم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان يحج من بني
إسرائيل مائة ألف فإذا بلغوا أنصاب الحرم خلعوا نعالهم ثم دخلوا الحرم
حفاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : كانت الأنبياء إذا
أتت علم الحرم نزعوا نعالهم.
وأخرج الأزرقي ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : حج
الحواريون فلما دخلوا الحرم مشوا تعظيما للحرم.
وأخرج الأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط قال لما أراد رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن ينطلق إلى المدينة استلم الحجر وقام وسط المسجد والتفت
إلى البيت فقال : إني لأعلم ما وضع الله في الأرض بيتا أحب إليه منك وما في الأرض
بلد أحب إليه منك وما خرجت عنك رغبة ولكن الذين كفروا هم أخرجوني.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما خرج من مكة أما والله إني لأخرج وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله
وأكرمها على الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن
عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة ما أطيبك وأحبك إلي ولولا أن
قومك أخرجوني ما سكنت غيرك.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن
ماجه والأزرقي والجندي عن عبد الله بن عدي بن الحمراء قال رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو على ناقته واقف بالحزورة يقول لمكة : والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله
إلى الله
ولولا أخرجت ما خرجت.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : كان بمكة حي يقال لهم
العماليق فكلنوا في عز وثروة وكثرة فكانت أموالهم كثيرة من خيل وإبل وماشية فكانت
ترعى مكة وما حواليها من مر ونعمان وما حول ذلك فكانت
الحرف عليهم مظلة والأربعة مغدقة والأودية بحال والغضاه
ملتفه والأرض مبقلة فكانوا في عيش رخى فلم يزل بهم البغي والإسراف على أنفسهم
بالظلم والجهار بالمعاصي والاضطهاد لمن قاربهم حتى سلبهم الله ذلك فنقصهم بحبس
المطر وتسليط الجدب عليهم وكانوا يكرون بمكة الظل ويبيعون الماء فأخرجهم الله من
مكة بالذي سلطه عليهم حتى خرجوا من الحرم فكانوا حوله ثم ساقهم الله بالجدب يضع
الغيث أمامهم ويسوقهم بالجدب حتى ألحقهم بمساقط رؤوس آبائهم وكانوا قوما غرباء من
حمير فلما دخلوا بلاد اليمن تفرقوا وهلكوا فأبدل الله الحرم بعدهم جرهم فكانوا
سكانه حتى بغوا فيه واستخفوا بحقه فأهلكهم الله جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال : كان إذا كان
الموسم بالجاهلية خرجوا فلم يبق أحد بمكة وأنه تخلف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب
ثم دخل ليأخذ أيضا فلما أدخل رأسه سرة البيت
فوجدوا رأسه في البيت واسته خارجه فألقوه للكلاب واصلحوا
البيت.
وأخرج الأزرقي والطبراني عن حويطب بن عبد العزى قال :
كنا جلوسا بفناء الكعبة في الجاهلية فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها فجاء
زوجها فمد يده إليها فيبست يده فلقد رأيته في الإسلام وإنه لأشل.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : الحطيم ما بين الركن
والمقام وزمزم والحجر وكان أساف ونائلة رجلا وامرأة دخلا الكعبة فقبلها فيها فمسخا
حجرين فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما في مكان زمزم ونصب الآخر في وجه الكعبة ليعتبر
بهما الناس ويزدجروا عن مثل ما ارتكبا فسمي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا
يحطمون هنالك بالإيمان ويستجاب فيه الدعاء على الظالم للمظلوم فقل من دعا هنالك
على ظالم إلا هلك وقل من حلف هنالك آثما إلا عجلت عليه العقوبة وكان ذلك يحجز بين
الناس عن الظلم ويتهيب الناس الإيمان هنالك فلم يزل ذلك كذلك حتى جاؤ الله
بالإسلام فأخر الله ذلك لما أراد إلى يوم القيامة.
وأخرج الأزرقي عن أيوب بن موسى ، أن امرأة كانت في
الجاهلية معها ابن عم لها صغير تسب عليه فقالت له : يا بني إني أغيب عنك وإني أخاف
عليك أن ظلمك ظالم فإن جاءك ظالم بعدي فإن لله بيتا لا يشبهه شيء من البيوت ولا
يقاربه مفاسد وعليه ثياب فإن ظلمك ظالم يوما فعذ به فإن له ربا يسمعك ، قال : فجاءه رجل فذهب
به فاسترقه فلما رأى الغلام البيت عرف الصفة فنزل يشتد حتى تعلق بالبيت وجاءه سيده
فمد يده إليه ليأخذه فيبست يده فمد الأخرى فيبست فاستفتى في الجاهلية فافتي ينحر
عن كل واحدة من يديه بدنة ففعل فانطلقت له يداه وترك الغلام وخلى سبيله.
وأخرج الأزرقي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال :
غدا رجل من بني كنانة من هذيل في الجاهلية على ابن عم له يظلمه واضطهده فناشده
بالله والرحم فابى إلا ظلمه فلحق بالحرم فقال : اللهم إني أدعوك دعاء جاهد مضطر
على فلان ابن عمي لترمينه بداء لا دواء له ، قال : ثم انصرف فوجد ابن عمه قد
رمي في بطنه فصار مثل الزق فمازالت تنتفخ حتى اشتق قال
عبد المطلب : فحدثت هذا الحديث ابن عباس فقال : رأيت رجلا دعا على ابن عم له
بالعمى فرأيته يقاد أعمى.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن
الخطاب أنه قال : يا أهل مكة اتقوا الله في حرمكم هذا أتدرون من كان ساكن حرمكم
هذا من قبلكم كان فيه بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا وبنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا
حتى عد ما شاء ثم قال : والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة
بمكة.
وأخرج الجندي ، عَن طاووس قال : إن أهل الجاهلية لم
يكونوا يصيبون في الحرم شيئا إلا عجل لهم ويوشك أن يرجع الأمر إلى ذلك.
وأخرج الأزرقي والجندي ، وَابن خزيمة عن عمر بن الخطاب
أنه قال لقريش : إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم فاستخفوا بحقه واستحلوا
حرمته فأهلكهم الله ثم ولى بعدهم جرهم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله
فلا تهاونوا به وعظموا حرمته
وأخرج الأزرقي والجندي عن عمر بن الخطاب قال : لأن أخطى
ء سبعين خطيئة مزكية أحب إلي من أن أخطى ء خطيئة واحدة بمكة.
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : تضعف بمكة السيئات كما تضعف
الحسنات.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : بلغني أن الخطيئة بمكة
مائة خطيئة والحسنة على نحو ذلك.
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن عائشة أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن مكة بلد عظمه الله وعظم حرمته خلق مكة وحفها
بالملائكة قبل أن يخلق شيئا من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصل المدينة ببيت
المقدس ثم خلق الأرض كلها بعد ألف عام خلقا واحدا ، أما قوله تعالى : {وارزق أهله من
الثمرات}
أخرج الأرزرقي عن محمد بن المنكدر عن النَّبِيّ صلى الله
عليه وسلم لما وضع الله الحرم نقل له الطائف من فلسطين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم
الطائفي قال : بلغني أنه لما دعا إبراهيم للحرم {وارزق أهله من الثمرات} نقل الله
الطائف من فلسطين.
وأخرج الن أبي حاتم والأزرقي عن الزهري قال : إن الله
نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأزرقي عن سعيد بن المسيب بن يسار قال : سمعت بعض
ولد نافع بن جبير بن مطعم وغيره ، يذكرون أنهم سمعوا : أنه لما دعا إبراهيم بمكة
أن يرزق أهله من الثمرات نقل الله أرض الطائف من الشام فوضعها هنالك رزقا للحرم.
وأخرج الأزرقي عن محمد بن كعب القرظي قال : دعا إبراهيم
للمؤمنين وترك الكفرا لم يدع لهم بشيء فقال {ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى
عذاب النار وبئس المصير}.
وأخرج سفيان بن عينية عن مجاهد في قوله {وارزق أهله من
الثمرات من
آمن} قال : استرزق إبراهيم لمن آمن بالله وباليوم الآخر
قال الله : ومن كفر فأنا أرزقه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن
عباس في قوله {من آمن منهم بالله} قال : كان إبراهيم احتجرها على المؤمنين دون
الناس فأنزل في قوله {ومن كفر} أيضا فأنا أرزقهم كما أرزق المؤمنين أخلق خلقا
لأرزقهم {فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار} ثم قرأ ابن عباس (كلا نمد هؤلاء) (الإسراء الآية
20) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن ابي حاتم عن أبي العالية قال أبي
بن كعب في قوله {ومن كفر} : إن هذا من قول الرب قال {ومن كفر فأمتعه قليلا} وقال
ابن عباس : هذا من قول إبراهيم يسأل ربه إن من كفر فأمتعه قليلا ، قلت : كان ابن
عباس يقرأ {فأمتعه} بلفظ الأمر فلذلك قال هو من قول إبراهيم.
قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت
واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القواعد اساس البيت
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ،
وَابن أبي حاتم والجندي ، وَابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن
جبير أنه قال : سلوني يا معشر الشباب فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم
فأكثر الناس مسألته فقال له رجل : أصلحك الله أرأيت المقام أهو كما نتحدث قال :
وماذا كنت تتحدث قال : كنا نقول أن غبراهيم حين جاء عرضت عليه امرأة اسماعيل
النزول فأبى أن ينزل فجاءت بهذا الحجر فقال : ليس كذلك فقال سعيد بن جبير : قال ابن عباس :
إن أول من اتخذ المناطق من النساء أم اسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ثم
جاء بها إبراهيم وبابنها اسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق
زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما
جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم اسماعيل فقالت : يا
إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنس ولا شيء قالت له ذلك مرارا
وجعل لا يلتفت إليهما ، قالت له : آلله أمرك بهذا قال : نعم ، قالت : إذا لا
يضيعنا ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى
إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم
دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه قال (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند
بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من
الثمرات لعلهم يشكرون) (إبراهيم الآية 37) وجعلت أم اسماعيل ترضع اسماعيل وتشرب من
ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء
عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال : يتلبط ،
فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم
استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي
رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت
عليها ونظرت هل ترى أحدا ففعلت ذلك سبع مرات ، قال ابن عباس : قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما ، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت :
صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت صوتا أيضا فقالت : قد اسمعت إن كان عندك غواث - فإذا
هي بالملك موضع زمزم فنجت بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه
بيدها وتغرف من الماء في سقائها وهي
تفور بعدما تغرف ، قال ابن عباس : قال النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم - أو قال - لو لم تغرف من الماء
لكانت زمزم عينا معينا فشربت وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لاتخافي الضيعة فإن
ههنا بيتا لله عز وجل يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله وكان البيت
مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله فكانت كذلك حتى
مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة
فرأوا طائرا عائفا فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على الماء لعهدنا بهذا الوادي وما
فيه ماء ، فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا
قال : وأم اسماعيل عند الماء فقالوا به : أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت : نعم
ولكن لا حق لكم في الماء قالوا
: نعم ، قال ابن عباس قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فألفى ذلك أم اسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معه حتى
إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب
فلما أدرك زوجوه امرأة
منهم وماتت أم اسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج اسماعيل
يطالع تركته فلم يجد اسماعيل فسأل زوجته عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها
عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بشر في ضيق وشدة وشكت إليه قال : إذا جاء زوجك فاقرئي عليه
السلام وقولي له يغير عتبة بابه.
فلما جاء اسماعيل كأنه آنس شيئا فقال : هل جاءكم من أحد
قالت : نعم ، جاءنا شيخ كذا وكذا فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته إنا
في جهد وشدة ، قال : فهل أوصاك بشيء قالت : نعم أمرني أن أقرى ء عليك السلام ويقول
: غير عتبة بابك ، قال : ذاك أبي وأمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى
فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد ذلك فلم يجده فدخل على امرأته فسألها
عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، قال : كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بخير وسعة
وأثنت على الله ، فقال : ما طعامكم قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم فقالت : الماء
، فقال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم
يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم حب لدعا لهم فيه ، قال : فهما لا يخلو عليهما أحد
بغير مكة إلا لم يوافقاه قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما
جاء اسماعيل قال :
هل أتاكم من أحد قالت : نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت
عليه فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته إنا بخير ، قال : أما أوصاك
بشيء قالت : نعم وهو يقرأ السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال : ذاك ابي وأنت
العتبة فأمرني أن أمسكك ، ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك واسماعيل يبري
نبلا تحت دوحة قريبا من زمزم فما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الولد بالوالد
والوالد بالولد ثم قال : يا اسماعيل إن الله أمرني بأمر ، قال : فاصنع ما أمرك ،
قال : وتعينني ، قال : وأعينك ، قال : فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا وأشار إلى
أكمة مرتفعة على ما حولها قال : فعند ذلك رفع القواعد من البيت فجعل اسماعيل يأتي
بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه
وهو يبني واسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
، قال معمر : وسمعت رجلا يقول : كان إبراهيم يأتيهم على البراق قال معمر : وسمعت
رجلا يذكر أنهما حين التقيا بكيا حتى أجابتهما الطير.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي جهم بن حذيفة بن غانم
قال : أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم يأمره بالمسير إلى بلده الحرام فركب إبراهيم
البراق وجعل اسماعيل أمامه وهو ابن ستين وهاجر خلفه ومعه
جبريل عليه السلام يدله على موضع
@ 307 البيت حتى قدم به مكة فأنزل اسماعيل وأمه إلى جانب
البيت ثم انصرف إبراهيم إلى الشام ثم أوحى الله إلى إبراهيم أن يبني البيت وهو
يومئذ ابن مائة سنة واسماعيل يومئذ ابن ثلاثين فبناه معه وتوفي اسماعيل بعد أبيه
فدفن داخل الحجر مما يلي الكعبة مع أمه هاجر وولي ثابت بن اسماعيل البيت بعد أبيه
مع أخواله جرهم.
وأخرج الديلمي عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
في قوله {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} الآية ، قال جاءت سحابة على تربيع
البيت لها رأس تتكلم ارتفاع البيت على تربيعي فرفعاه على تربيعها.
وأخرج ابن أبي شيبة وايحق بن راهويه في مسنده ، وعَبد بن
حُمَيد والحرث بن أبي أسامة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والأزرقي والحاكم
وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق خالد بن عرعرة عن علي بن
أبي طالب ، أن رجلا قال له : ألا تخبرني عن البيت أهو
أول بيت وضع في الأرض قال : لا ولكنه أول بيت وضع للناس فيه البركة والهدى ومقلم
إبراهيم ومن دخله كان آمنا ثم حدث أن إبراهيم لما أمر ببناء البيت ضاق به ذرعا فلم
يدر كيف يبنيه فأرسل الله إليه السكينة - وهي ريح خجوج ولها رأسان - فتطوقت له على
موضع البيت وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة فبنى إبراهيم فلما بلغ موضع
الحجر قال لاسماعيل : اذهب فالتمس لي حجرا أضعه ههنا ، فذهب اسماعيل يطوف في
الجبال فنزل جبريل بالحجر فوضعه فجاء اسماعيل فقال : من أين هذا الحجر قال : جاء
به من لم يتكل على بنائي ولا بنائك فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم انهدم فبنته
العمالقة ثم انهدم فبنته جرهم ثم انهدم فبنته قريش فلما أرادوا أن يضعوا الحجر
تشاحنوا في وضعه فقالوا : أول من يخرج من هذا الباب فهو يضعه فخرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم من قبل باب بني شيبة فأمر بثوب فبسط فأخذ الحجر فوضعه في وسطه وأمر
من كل فخذ من أفخاذ قريش رجلا يأخذ بناية الثوب فرفعوه فأخذه رسول الله صلى الله
عليه وسلم بيده فوضعه في موضعه
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ،
وَابن أبي حاتم والأزرقي والحاكم من طريق سعيد بن المسيب ، عَن عَلِي ، قال : أقبل
إبراهيم على أرمينية ومعه السكينة تدله على موضع البيت كما تبني العنكبوت بيتها
فحفر من تحت السكينة فأبدى عن قواعد البيت ما يحرك القاعدة منها دون ثلاثين رجلا ،
قلت : يا أبا محمد فإن الله يقول {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} قال : كان
ذلك بعد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن
أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في وقله {يرفع إبراهيم القواعد} قال :
القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والجندي
عن عطاء قال : قال آدم : أي رب ما لي لا أسمع أصوات الملائكة قال : لخطيئتك ولكن
اهبط إلى الأرض فابن لي بيتا ثن احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في
السماء فزعم الناس أنه بناه من خمسة جبال ، من حراء ولبنان وطورزيتا
وطورسينا والجودي فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم
بعده.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله
بن عمرو بن العاص قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك بيتا يطاف
حوله كما يكاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فلما كان زمن الطوفان رفعه
الله إليه فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله بعد لإبراهيم
وأعلمه مكانه فبناه من خمسة جبال : حراء ولبنان وثيبر وجبل الطور وجبل الحمر وهو
جبل ببيت المقدس.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال :
وضع البيت على أركان الماء على أربعة قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ثم دحيت الأرض
من تحت البيت.
وأخرج عبد الرزاق والأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن
مجاهد قال : خلق الله موضع البيت الحرام من قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة
وأركانه في الأرض السابعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علياء بن أحمر أن ذا القرنين قدم
مكة فوجد إبراهيم واسماعيل يبنيان قواعد البيت من خمسة جبال فقال : ما لكما
ولأرضي فقالا : نحن عبدان مأموران أمرنا ببناء هذه
الكعبة ، قال : فهاتا بالبينة على ما تدعيان ، فقام خمسة أكباش فقلن : نحن نشهد أن
اسماعيل وابراهيم عبدان مأموران أمرا ببناء هذه الكعبة فقال : قد رضيت وسلمت ثم
مضى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم
بحياله إلى العرش وذكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط قال الله له : اهبط معك
بيتي يطاف
حوله كما يطاف حول عرشي فطاف آدم حوله ومن كان بعده من
المؤمنين حتى إذا كان زمن الطوفان حين أغرق الله قوم نوح رفعه وطهره فلم تصبه
عقوبة أهل الأرض فتتبع منه آدم أثرا فبناه على أساس قديم كان قبله.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : بني البيت من أربعة جبال
، من حراء وطورزيتا وطورسينا ولبنان.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن السدي قال : خرج آدم من
الجنة ومعه حجر في يده وورق في الكف الآخر فبث الورق في الهند فمنه ما ترون من
الطيب وأما الحجر فكان ياقوتة بيضاء يستضاء بها فلما بنى إبراهيم البيت فبلغ موضع
الحجر قال لاسماعيل : ائتني بحجر أضعه ههنا فأتاه بحجر من الجبل فقال : غير هذا ،
فرده مرارا لا يرضى ما ياتيه به فذهب مرة وجاء جبريل عليه
السلام بحجر من الهند الذي خرج به آدم من الجنة فوضعه
فلما جاء اسماعيل قال : من جاءك بهذا قال : من هو أنشط منك.
وأخرج الثعلبي قال : سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد بن
حبيب يقول : سمعت أبا بكر محمد بن محمد بن أحمد القطان البلخي وكان عالما بالقرآن
يقول : كان إبراهيم عليه السلام يتكلم بالسريانية واسماعيل عليه السلام يتكلم
بالعربية وكل واحد منهما يعرف ما يقول صاحبه ولا يمكنه التفوه به فكان إبراهيم
يقول لاسماعيل : هل لي كثيبا - يعني ناولني حجرا - ويقول له اسماعيل : هاك الحجر
فخذه ، قال : فبقي موضع حجر فذهب اسماعيل يبغيه فجاء جبريل عليه السلام بحجر من
السماء فأتى اسماعيل وقد ركب إبراهيم الحجر في موضعه فقال : يا أبت من أتاك بهذا
قال : أتاني من لم يتكل على بنائك فأتما البيت ، فذلك قوله عز وجل {وإذ يرفع
إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل}.
وأخرج البيهقي عن ابن شهاب قال لما بلغ رسول الله صلى
الله عليه وسلم الحلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرتها في ثياب الكعبة
فاحترقت فهدموها حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل
تلي رفعه فقالوا : تعالوا نحكم أول من يطلع علينا ، فطلع رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم
أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو
فرفعوا إليه الركن فكان هو يضعه ثم طفق لا يزداد على
الألسن إلا رضى حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي
فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا التمسوه فيدعو لهم فيها.
وأخرج أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة عن سعيد بن
المسيب قال : قال كعب الأحبار : كانت الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله
السموات والأرض بأربعين سنة ومنها دحيت الأرض.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : خلق الله هذا البيت قبل أن
يخلق شيئا من الأرضين.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما كان العرش على
الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض بعث الله تعالى ريحا هفافة فصفقت الريح
الماء فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الله تعالى الأرض من تحتها -
فمادت ثم مادت فأوتدها الله بالجبال فكان أول جبل وضع فيه أبو قبيس فلذلك سميت أم
القرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : كان البيت على
أربعة أركان في
الماء قبل أن يخلق السموات والأرض فدحيت الأرض من تحته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : دحيت الأرض من تحت
الكعبة.
وأخرج الأزرقي عن علي بن الحسين ، أن رجلا سأله ما بدء
هذا الطواف بهذا البيت لم كان وأنى كان وحيث كان فقال : أما بدء هذا الطواف بهذا
البيت فإن الله تعالى قال للملائكة (إني جاهل في الأرض خليفة) (البقرة الآية 30) فقالت : رب أي
خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون أي رب اجعل ذلك
الخليفه منا فنحن لا نفسد فيها ولا نسفك الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد ولا نتباغى
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ونطيعك ولا نعصيك ، قال الله تعالى (إني أعلم ما لا
تعلمون) (البقرة الآية 30) قال
: فظننت الملائكة أن ما قالوا رد على ربهم عز وجل وأنه
قد غضب عليهم من قولهم فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤوسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون
ويبكون إشفاقا لغضبه فطافوا بالعرش ثلاث ساعات فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم
فوضع الله سبحانه تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء
وسمى البيت الضراح ثم قال الله
للملائكة : طوفوا بهذا البيت ودعو العرش فطافت
الملائكة بالبيت وتركوا العرش فصار أهون عليهم وهو البيت
المعمور الذي ذكره الله يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا ثم
إن الله تعالى بعث ملائكته فقال : ابنوا لي بيتا في الأرض بمثاله وقدره فأمر الله
سبحانه من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما تطوف أهل السماء بالبيت
المعمور.
وأخرج الأزرقي عن ليث بن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا
البيت خامس خمسة عشر بيتا سبعة منها في السماء وسبعة منها إلى تخوم الأرض السفلى
وأعلاها الذي يلي العرش البيت المعمور لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط
منها بيت لسقط بعضها على بعض إلى تخوم الأرض السفلى ولكل بيت من أهل السماء ومن
أهل الأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت.
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن يسار المكي قال : بلغني أن
الله إذا أراد أن يبعث ملكا من الملائكة لبعض أموره في الأرض استأذنه ذلك الملك في
الطواف ببيته فهبط الملك مهلا.
وأخرج ابن المنذر والأزرقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب
الله على
آدم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له المفاوز والأرض فصار
كل مفاوزة يمر بها خطوة وقبض له ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة فلم يضع
قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة فكان قبل ذلك قد
اشتد بكاؤه وحزنه لما كان به من عظم المصيبة حتى أن كانت الملائكة لتبكي لبكائه
وتحزن لحزنه فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة وضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن
تكون الكعبة ، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة فيها ثلاث قناديل من ذهب
فيها نور يلتهب من نور الجنة ونزل معها يومئذ الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض
الجنة وكان كرسيا لآدم يجلس عليه فلما صار آدم بمكة حرسه الله وحرس له تلك الخيمة
بالملائكة كانوا يحرسونها ويذودون عنها سكان الأرض وساكنها يومئذ الجن والشياطين
ولا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له
والأرض يومئذ طاهرة نقية طيبة لم تنجس ولم يسفك فيها الدم ولم يعمل فيها بالخطايا
فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل
والنهار لا يفترون.
وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفا واحدا مستدبرين بالحرم
كله من خلفهم والحرم كله أمامهم
ولا يجوزهم جني ولا شيطان من أجل مقام الملائكة حرم
الحرم حتى اليوم ووضعت أعلامه حيث كان مقام الملائكة وحرم الله على حواء دخول
الحرم والنظر إلى خيمة آدم من أجل خطيئتها التي أخطأت في الجنة فلم تنظر إلى شيء
من ذلك حتى قبضت وإن آدم إذا أراد لقاءها ليلة ليلم بها للولد خرج من الحرم كله
حتى يلقاها فلم تزل خيمة آدم مكانها حتى قبض الله آدم ورفعها إليه وبنى بنو آدم من
بعدها مكانها بيتا بالطين والحجارة فلم يزل معمورا يعمرونه ومن بعدهم حتى كان زمن
نوح فنسفه الغرق وخفي مكانه فلما بعث الله إبراهيم خليله طلب الأساس الأول الذي
وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلم يزل يحفر حتى وصل إلى القواعد التي وضع بنو آدم في
موضع الخيمة فلما وصل إليها ظلل الله له مكان البيت بغمامة فكانت حفاف البيت الأول
فلم تزل راكدة على حفافه تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد حتى رفع القواعد قامة ثم
انكشفت الغمامة فذلك قوله عز وجا (وإذ بؤانا لإبراهيم مكان البيت) (الحج الآية 26)
للغمامة التي ركدت على الحفاف لتهديه مكان القواعد فلم يزل يحمد الله مذ رفعه الله
معمورا ، قال وهب بن منبه : وقرأت في كتاب من كتب الأول ذكر فيه أمر الكعبة فوجد
فيه أن
ليس من ملك بعثه الله إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت
فينقض من عند العرش محرما ملبيا حتى يستلم الحجر ثم يطوف سبعا بالبيت ويصلي في
جوفه ركعتين ثم يصعد.
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن وهب بن منبه قال : ما بعث
الله ملكا قط ولا سحابة فيمر حيث بعث حتى يطوف بالبيت ثم يمضي حيث أمر.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عمرو قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما : ابنيا بيتا ،
فخط لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء نودي من تحته : حسبك يا
آدم ، فلما بنياه أوحى الله إليه : أن يطوف به وقيل له : أنت أول الناس وهذا أول
بيت ثم تناسخت القرون حتى حجة نوح ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه.
وأخرج ابن اسحاق والأزرقي والبيهقي في الدلائل عن عروة
قال : ما من نبي إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح ولقد حجه نوح فلما كان
في الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض وكان البيت ربوة حمراء فبعث
الله عز وجل هودا فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله
إليه فلم يحجه حتى مات فلما بؤاه الله لإبراهيم عليه
السلام حجه ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه.
وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد قال : حج البيت سبعون نبيا
منهم موسى ابن عمران عليه عباءتان قطوانتيان ومنهم يونس يقول : لبيك كاشف الكرب.
وأخرج الأزرقي وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن عساكر عن
ابن عباس قال : لما أهبط الله آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه
في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته فطأطأ الله منه لإلى ستين ذراعا فقال : يا رب
مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا حسهم قال : خطيئتك يا آدم ولكن اذهب فابن لي بيتا
فطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي فأقبل آدم يتخطى فطويت
له الأرض وقبض الله له المفاوز فصارت كل مفاوزة يمر بها خطوة وقبض الله ما كان
فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا
وبركة حتى
انتهى إلى مكة فبنى البيت الحرام وأن جبريل عليه السلام
ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت على الأرض السابعة فقذفت فيه الملائكة الصخر ما
يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا وأنه بناه من خمسة أجبل ، من لبنان وطورزيتا
وطورسينا والجودي وحراء حتى استوى على وجه الأرض فكان أول من أسس البيت وصلى فيه
وطاف آدم عليه السلام حتى بعث الله الطوفان فكان غضبا ورجسا فحيثما انتهى الطوفان
ذهب ريح آدم عليه السلام ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند فدرس موضعه الطوفان
حتى بعث الله إبراهيم واسماعيل عليهما السلام فرفعا قواعده وأعلامه ثم بنته قريش
بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور لو سقط ما سقط إلا عليه.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما أهبط آدم إلى الأرض
أهبطه إلى موضع البيت الحرام وهو مثل الفلك من رعدته ثم نزل عليه الحجر الأسود وهو
يتلألأ من شدة بياضه فأخذه آدم فضمه إليه آنسا به ثم نزل عليه القضاء فقيل له : تخط يا آدم
فتخطى فإذا هو بأرض الهند أو السند فمكث بذلك ما شاء الله
ثم استوحش إلى الركن فقيل له : احجج
فحج فلقيته الملائكة فقالوا : بر حجك يا آدم ولقد حججنا
هذا البيت قبلك بألفي عام.
وأخرج الأزرقي عن أبان ، أن البيت أهبط باقوتة واحدة أو
ذرة واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان البيت من
ياقوتة حمراء ويقولون : من زمردة خضراء.
وأخرج الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح قال : لما بنى ابن
الزبير الكعبة أمر العمال أن يبلغوا في الأرض فبلغوا صخرا أمثال الإبل الخلف قال
زيد : فاحفروا فلما زادوا بلغوا هواء من نار فقال : مالكم قالوا : لسنا نستطيع
أن نزيد رأينا أمرا عظيما فقال لهم : ابنوا عليه ، قال عطاء : يروون أن ذلك الصخر
مما بنى آدم عليه السلام.
وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن أبي زياد قال : لما أهبط
الله آدم من الجنة قال : يا آدم ابن لي بيتا بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبد فيه
أنت وولدك كما يتعبد ملائكتي حول عرشي فهبطت عليه الملائكة فحفر حتى بلغ الأرض
السابعة فقذف فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض
وهبط آدم بياقوتة حمراء مجوفة لها أربعة أركان بيض
فوضعها على الأساس فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله.
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني سعيد أن آدم
عليه السلام حج على رجليه سبعين حجة ماشيا وأن الملائكة لقيته بالمأزمين فقالوا :
بر حجك يا آدم أما إنا قد حججنا قبلك بألفي عام
وأخرج الأزرقي عن مقاتل يرفع الحديث إلى النَّبِيّ صلى
الله عليه وسلم ، أن آدم عليه السلام قال : أي رب إني أعرف شقوتي لا أرى شيئا من
نورك بعد فأنزل الله عليه البيت الحرام على عرض البيت الذي في السماء وموضعه من
ياقوت الجنة ولكن طوله ما بين السماء والأرض وأمره أن يطوف به فاذهب عنه الهم الذي
كان قبل ذلك ثم رفع على عهد نوح عليه السلام.
وأخرج الأزرقي من طريق ابن جريج عن مجاهد قال : بلغني
أنه لما خلق الله السموات والأرض كان أول شيء وضعه فيها البيت الحرام وهو يومئذ
ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان أحدهما شرقي والأخر غربي فجعله مستقبل البيت المعمور
فلما كان زمن الغرق رفع في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة واستودع الله الركن
أبا قبيس قال : وقال ابن عباس : كان ذهبا فرفع زمان الغرق قال ابن جريج :قاب جويبر
: كان بمكة البيت المعمور فرفع زمن الغرق فهو في السماء.
وأخرج الأزرقي عن عروة بن الزبير قال :بلغني أن أن البيت
وضع لآدم عليه السلام يطوف به ويعبد الله عنده وأن نوحا قد حجه وجاءه وعظمه قبل
الغرق فلما أصاب الأرض من الغرق حين أهلك الله قوم نوح أصاب البيت ماأصاب الأرض من
الغرق فكان ربوة حمراء معروف مكانها فبعث الله هودا إلى عاد فتشاغل بأمرر قومه حتى
هلك ولم يحجه ثم بعث الله صالحا إلى ثمود فتشاغل حتى هلك ولم يحجه ثم بؤاه الله
لإبراهيم عليه السلام فحجه وعلم مناسكه ودعا إلى زيارته ثم لم يبعث الله نبيا بع
إبرهيم إلا حجه.الآية.
أَخرَج الأزرقي عن أبي قلابة قال: قال الله لآدم : إني
مهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فلم يزل
حتى كان زمن الطوفان فرفع حتى بوىء لإبراهيم مكان فبناه من خمسة اجبل من حراء
وثبير ولبنان والطور والجبل الأحمر.
وَأخرَج الجندي عن معمر قال: إن سفينة نوح طافت بالبيت
سبعا حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد
ذلك وذلك قوله تعالى):وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) واستودع الركن
أبا قبيس حتى إذا كان بناء إبراهيم نادى أبو قبيس إبراهيم فقال : ياإبراهيم هذا
الركن فحفر عنه فجعله في البيت حين بناه إبراهيم عليه السلام .
وأخرج الأصبهاني في "ترغيبه" ، وَابن عساكر عن
أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أوحى الله إلى أدم أن يا آدم حج هذا
البيت قبل أن يحدث بك حدث قال: وما يحدث علي يارب قال: ما لاتدري وهو الموت قال
وما الموت؟ قال: سوف تذوق قال :ومن استخلف في أهلي قالاعرض ذلك على السموات والأرض
والجبال فعرض على السموات فأبت وعرض على الأرض فأبت وعرض على الجبال فأبت وقبله
ابنه قاتل أخيه فخرج أدم من أرض الهند حاجا فما نزل منزلا أكل فيه وشرب إلا صار
عمرانا بعده وقرى حتى قدم مكة فاستقبلته الملائكة بالبطحاء فقالوا: السلام عليك يا
آدم بر حجك أما إنا قد حججنا هذا البيت
قبلك بألفي عام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
والبيت يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان من يطوف يرى من جوف البيت ومن في جوف
البيت يرى من يطوف فقضى آدم نسكه فأوحى الله إليه : يا آدم قضيت نسكك قال : نعم يا
رب قال : فسل حاجتك تعط ، قال : حاجتي أن تغفر لي ذنبي وذنب ولدي ، قال : أما ذنبك
يا آدم فقد غفرناه حين وقعت بذنبك وأما ذنب ولدك فمن عرفني وآمن بي وصدق رسلي
وكتابي غفرنا له ذنبه.
وأخرج ابن خزيمة وأبو الشيخ في العظمة والديلمي
عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن آدم
أتى هذا البي ألف أتية لم يركب قط فيهن من الهند على رجليه من ذلك ثلثمائة حجة
وسبعمائة عمرة وأول حجة حجها آدم وهو واقف بعرفات أتاه جبريل فقال : يا آدم بر
نسكك أما إنا قد طفنا بهذا البيت قبل أن تخلق بخمسين ألف سنة.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : أول من طاف بالبيت
الملائكة وإن ما بين الحجر إلى الركن اليماني لقبور من قبور الأنبياء كان
النَّبِيّ منهم عليهم السلام إذا آذاه قومه خرج من بين أظهرهم فعبد الله فيها حتى
يموت.
وأخرج الأزرقي والبيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه
أن آدم لما أهبط إلى الأرض استوحش فيها لما رأى من سعتها ولم يرى فيها أحد غيره
فقال : يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبحك فيها ويقدس لك غيري قال الله : إني سأجعل
فيها من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري فيسبح فيها
خلقي سأبوئك فيها بيتا أختاره لنفسي وأخصه بكرامتي وأوثره على بيوت الأرض كلها
باسمي واسمه بيتي أنطقه بعظمتي وأحوزه بحرمتي وأجعله أحق البيوت كلها وأولاها
بذكري وأضعه في البقعة المباركة التي اخترت لنفسي فإني
اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض وقبل ذلك قد كان بغيتي فهو صفوتي من البيوت
ولست أسكنه وليس ينبغي أن أسكن البيوت ولا ينبغي لها أن تحملني أجعل ذلك البيت لك
ومن بعدك حرما وأمنا أحرم بحرمته ما فوقه وما تحته وما حوله حرمته بحرمتي فقد عظم
حرمتي ومن أحله فقد أباح حرمتي من أمن أهله استوجب بذلك أماني ومن أخافهم فقد
أخفرني في ذمتي ومن عظم شأنه فقد عظم في عيني ومن تهاون به صغر عندي.
زمن الغرق رفع في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة
واستودع الله الركن أبا قبيس قال ابن عباس كان ذهبا فرفع في زمان الغرق قال ابن
جريج قال جوبير كان بمكة البيت المعمور فرفع زمن الغرق فهو في السماء.
وأخرج الأزرقي عن عروة بن الزبير قال بلغني أن البيت وضع
لآدم عليه السلام يطوف به ويعبد الله عنده وأن نوحا قد حجه وجاءه وعظمه قبل الغرق
فلما أصاب الأرض من الغرق حين أهلك الله قوم نوح أصاب البيت ما أصاب الأرض فكان
ربوة حمراء معروف مكانه فبعث الله هودا إلى عاد فتشاغل حتى هلك ولم يحجه ثم بوأهع
الله لإبراهيم عليه السلام فحجه وعلم مناسكه ودعا إلى زيارته ثم لم يبعث الله نبيا
بعد إبراهيم إلا حجه.
وأخرج الأزرقي عن أبي قلابة قال قال الله لآدم أني مهبط
معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي ويصلي عنده كما يصلي عند عرشي فلم يزل حتى
كان زمن الطوفان فرفع حتى بوى ء لابراهيم مكانه فبناه من خمسة جبال من حراء وثبير
ولبنان والطور والجبل الأحمر.
وأخرج الجندي عن معمر قال أن سفنية نوح طافت بالبيت سبعا
حتى إذا غرق قوم نوح رفعه وبقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك وذلك قوله
تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} واستودع الركن أبا قبيس حتى
إذا كان بناء إبراهيم نادى أبو قبيس إبراهيم فقال يا إبراهيم هذا الركن فجاء فحفر
عنه فجعله في البيت حين بناه إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه ، وَابن عساكر عن أنس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال أوحى الله إلى آدم أن يا آدم حج هذا البيت قبل أن
يحدث بك حدث قال وما يحدث علي يا رب قال ما لا تدري وهو الموت قال وما الموت قال
سوف تذوق قال ومن استخلف في أهلي قال اعرض ذلك على السموات والأرض والجبال فعرض
على السموات فأبت وعرض على الأرض فأبت وعرض على الجبال فأبت وقبله ابنه قاتل أخيه
فخرج آدم من أرض الهند حاجا فما نزل منزلا أكل فيه وشرب إلا صار عمرانا بعده وقرى
حتى قدم مكة فاستقبلته الملائكة بالبطحاء فقالوا السلام عليك يا آدم بر حجك أما
أنا قد حججنا هذا البيت
ولكل ملك حيازة وبطن مكة حوزتي التي اخترت لنفسي دون
خلقي فأنا الله ذو بكة أهلها خفرتي وجيران بيتي وعمارها وزوارها وفدي وأضيافي
وضماني وذمتي وجواري أجعله أول بيت وضع للناس وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض
يأتونه أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق يعجون بالتكبير عجيجا
يرجون بالتلبية رجيجا فمن اعتمره وحق الكريم أن يكرم وفده وأضيافه وزواره وأن يسعف
كل واحد منهم بحاجته تعمره يا آدم ما كنت حيا ثم يعمره من بعدك الأمم والقرون
والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ونبيا بعد نبي حتى ينتهي ذلك إلى نبي
من ولدك يقال له محمد وهو ===التالي بميئة الله ج3.وج4.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق