مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط

مصاحف م الكتاب الاسلامي روابط
/ / / / / / /

Translate

السبت، 11 فبراير 2023

ج9.و10.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثورعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

ج9.و10.كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثورعبد الرحمن

 بن أبي بكر السيوطي

وأخرج عبد الرزاق عن خالد بن المهاجر قال : أرخص ابن عباس للناس في المتعة فقال له ابن عمرة الأنصاري : ما هذا يا ابن عباس ، فقال ابن عباس : فعلت مع إمام المتقين فقال ابن أبي عمرة : اللهم غفرا ، إنما كانت المتعة رخصة كالضرورة إلى الميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : والله ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما كانت قبل ذلك ولا بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : نهى عمر عن متعتين : متعة النساء ومتعة الحج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع أن عمر سئل عن المتعة فقال : حرام ، فقيل له : إن ابن عباس يفتي بها قال : فهلا ترمرم بها في زمان عمر.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : لا يحل لرجل أن ينكح امرأة إلا نكاح الإسلام بمهرها ويرثها وترثه ولا يقاضيها على أجل إنها امرأته فإن مات أحدهما لم يتوارثا

وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : ماذا صنعت ذهب الركاب بفتياك وقالت فيه الشعراء قال : وما قالوا قلت : قالوا : أقول للشيخ لما طال مجلسه * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك رخصة الأطراف آنسة * تكون مثواك حتى مصدر الناس ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون لا والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللتها إلا للمضطر ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال : يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي قال : وهي التي في سورة النساء {فما استمتعتم به منهن} إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا ، قال : وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم وإن تفرقا فنعم ، وليس بينهما نكاح ، وأخبر أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا.
وأخرج ابن المنذر من طريق عمار مولى الشريد قال : سألت ابن عباس عن المتعة
أسفاح هي أم نكاح فقال : لا سفاح ولا نكاح ، قلت : فما هي قال :

هي المتعة كما قال الله ، قلت هل لها من عدة قال : نعم ، عدتها حيضة ، قلت : هل يتوارثان قال : لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فآتوهن أجورهن فريضة} قال : ما تراضوا عليه من قليل أو كثير.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن رجالا كانوا يفرضون المهر ثم عسى أن يدرك أحدهم العسرة فقال الله {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} قال : التراضي أن يوفي لها صداقها ثم يخيرها.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن شهاب في الآية قال : نزل ذلك في النكاح فإذا فرض الصداق فلا جناح عليهما فيما تراضيا به من بعد الفريضة من إنجاز صداقها قليل أو كثير.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم عن ربيعة في الآية قال : إن

أعطت زوجها من بعد الفريضة أو وضعت إليه فذلك الذي قال.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : إن وضعت لك منه شيئا فهو سائغ.
وأخرج عن السدي في الآية قال : إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى التي تمتع بها فقال : أتمتع منك أيضا بكذا وكذا ، قبل أن يستبرى ء رحمها والله أعلم.
الآية 25
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {ومن لم يستطع منكم طولا} يقول : من لم يكن له سعة أن ينكح المحصنات يقول : الحرائر {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} فلينكح من إماء المؤمنين {محصنات غير مسافحات} يعني عفائف غير زوان في سر ولا علانية {ولا متخذات أخدان} يعني أخلاء {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة} يعني إذا تزوجت حرا ثم زنت {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال : من

الجلد {ذلك لمن خشي العنت} هو الزنا فليس لأحد من الأحرار أن ينكح أمة إلا أن لا يقدر على حرة وهو يخشى العنت {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء {فهو خير لكم}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة ومن وجد طولا لحرة فلا ينكح أمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {ومن لم يستطع منكم طولا} يعني من لم يجد منكم غنى {أن ينكح المحصنات} يعني الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء {خير لكم} وهو حلال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن عبد الله أنه سئل عن الحر يتزوج الأمة فقال إذا كان ذا طول فلا ، قيل إن وقع حب الأمة في نفسه قال : إن خشي العنت فليتزوجها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : إنما أحل الله نكاح الإماء إن لم

يستطع طولا وخشي العنت على نفسه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : مما وسع الله به على هذه الأمة نكاح اليهودية والنصرانية وإن كان موسرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي {من فتياتكم} قال : من إمائكم.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال : لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب إن الله يقول {من فتياتكم المؤمنات}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن الحسن قال : إنما رخص في الأمة المسلمة لمن لم يجد طولا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إنما رخص لهذه الأمة في نكاح نساء أهل الكتاب ولم يرخص لهم في الإماء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال : لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة

وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة قال : إنما أحل الله واحدة لمن خشي العنت على نفسه ولا يجد طولا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ثم قال في التقديم : {والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي {فانكحوهن بإذن أهلهن} قال : بإذن مواليهن {وآتوهن أجورهن} قال : مهورهن.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : المسافحات : المعلنات بالزنا والمتخذات أخدان ذات الخليل الواحد قال : كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي يقولون : أما ما ظهر منه فهو لؤم وأما ما خفي فلا بأس بذلك ، فأنزل الله (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (الأنعام الآية 151).
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإذا

أحصن} قال : إحصانها إسلامها ، وقال علي : اجلدوهن ، قال ابن أبي حاتم حديث منكر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن أمة زنت وليس لها زوج فقال : اجلدوها خمسين جلدة قال : إنها لم تحصن ، قال : إسلامها إحصانها.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر قال : في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج فزنت جلدت {نصف ما على المحصنات من العذاب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود قرأ {فإذا أحصن} بفتح الألف وقال : إحصانها إسلامها.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم {فإذا أحصن} قال : إذا أسلمن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن إبراهيم أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} قال : إذا أسلمن وكان مجاهد يقرأ {فإذا أحصن} يقول : إذا تزوجن ما لم تزوج فلا حد عليها.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس

أنه قرأها {فإذا أحصن} يعني برفع الألف يقول : أحصن بالازواج ، يقول : لا تجلد أمة حتى تزوج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : إنما قال الله {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن} فليس يكون عليها حد حتى تحصن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن خزيمة والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس على الأمة حد حتى تحصن بزوج فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات ، قال ابن خزيمة والبيهقي : رفعه خطأ ، والصواب وقفه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} يقول : فإذا تزوجن.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان لا يرى على الأمة حدا حتى تزوج زوجا حرا.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني أن

النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال اجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كان يضرب إماءه الحد إذا زنين تزوجن أو لم يتزوجن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : في بعض القراءة فإن أتوا أو أتين بفاحشة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال : خمسون جلدة ولا نفي ولا رجم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : حد العبد يفتري على الحر أربعون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : العنت الزنا.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن العنت قال : الإثم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :

رأيتك تبتغي عنتي وتسعى * على الساعي علي بغير دخل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {وأن تصبروا خير لكم} قال : عن نكاح الإماء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود {وأن تصبروا خير لكم} قال : عن نكاح الإماء.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {وإن تصبروا} عن نكاح الأمة خير وهو حل لكم إسترقاق أولادهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : إن تصبر ولا تنكح الأمة فيكون أولادك مملوكين فهو خير لك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : ما تزحف ناكح الإماء عن الزنا إلا قليلا.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة وعن سعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : إذا نكح

العبد الحرة فقد أعتق نصفه وإذا نكح الحر الأمة فقد أرق نصفه ، وأخرد ابن أبي شيبة عن مجاهد قال نكاح الأمة كالميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل إلا للمضطر.
الآيات 26 - 28
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : ثماني آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت أولهن {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم} والثانية {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما} والثالثة {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} والرابعة (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) (النساء الآية 31) والخامسة (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) (النساء الآية 40) الآية ، والسادسة (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله) (النساء الآية 110) الآية ، والسابعة (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر) (النساء الآية 48) الآية ، والثامنة (والذين آمنوا بالله

ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤيتهم أجورهم وكان الله) للذين عملوا من الذنوب (غفورا رحيما) (النساء الآية 152).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم} من تحريم الأمهات والبنات كذلك كان سنة الذين من قبلكم وفي قوله {أن تميلوا ميلا عظيما} قال : الميل العظيم أن اليهود يزعمون أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {ويريد الذين يتبعون الشهوات} قال : هم اليهود والنصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ويريد الذين يتبعون الشهوات} قال : الزنا {أن تميلوا ميلا عظيما} قال : يريدون أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون.
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس {ويريد الذين يتبعون الشهوات} قال : الزنا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {يريد الله أن يخفف عنكم} يقول : في نكاح الأمة وفي كل شيء فيه يسر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس {وخلق الإنسان ضعيفا} قال : في أمر النساء ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في النساء ، قال وكيع : يذهب عقله عندهن.
وأخرج الخرائطي في اعتلال القلوب ، عَن طاووس في قوله {وخلق الإنسان ضعيفا} قال : إذا نظر إلى النساء لم يصبر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {يريد الله أن يخفف عنكم} قال : رخص لكم في نكاح الإماء حين تضطرون إليهن {وخلق الإنسان ضعيفا} قال : لو لم يرخص له فيها لم يكن إلا الأمر الأول إذا لم يجد حرة.
الآيتان 29 - 30

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قال : إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما أكلهم أموالهم بينهم بالباطل فالزنا والقمار والبخس والظلم {إلا أن تكون تجارة} فليرب الدرهم ألفا إن استطاع.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن في الآية قال : كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية فنسخ ذلك بالآية التي في النور (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم) (النورالآية 61) الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) قال : عن تراض في تجارة بيع أو عطاء يعطيه أحد أحدا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن قتادة في الآية قال : التجارة رزق من رزق الله وحلال من حلال الله لمن طلبها بصدقها وبرها وقد كنا نحدث أن التاجر الأمين الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة.
وأخرج الترمذي وحسنه الحاكم عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء.
وأخرج ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا قال : التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة.
وأخرج الحاكم عن رافع بن خديج قال : قيل : يا رسول الله أي الكسب أطيب قال : كسب الرجل بيده وكل بيع مبرور.
وأخرج الحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي بردة قال : سئل رسول الله

صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب أوأفضل قال : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور.
وأخرج سعيد بن منصور عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن صفوان بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعلم أن عون الله مع صالحي التجار.
وأخرج الأصبهاني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التاجر الصدوق في ظل العرش يوم القيامة.
وأخرج الأصبهاني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا اشتروا لم يذموا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا كان

عليهم لم يمطلوا وإذا كان لهم لم يعسروا.
وأخرج الأصبهاني عن أبي أمامة مرفوعا أن التاجر إذا كان فيه أربع خصال طاب كسبه : إذا اشترى لم يذم وإذا باع لم يمدح ولم يدلس في البيع ولم يحلف فيما بين ذلك.
وأخرج الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن
التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن شبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن التجار هم الفجار ، قالوا : يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال : بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون.
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن تغلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يفيض المال ويكثر الجهل وتظهر كان

الفتن وتفشو التجارة.
أخرج ابن ماجه ، وَابن المنذر عن ابن سعيد في قوله تعالى {عن تراض منكم} قال : قال رسول الله : إنما البيع عن تراض.
وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البيع عن تراض والخيار بعد الصفقة ولا يحل لمسلم أن يغش مسلما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي زرعة أنه باع فرسا له فقال لصاحبه : اختر فخيره ثلاثا ثم قال له : خيرني ، فخيره ثلاثا ثم قال : سمعت أبا هريرة يقول : هذا البيع عن تراض.
وأخرج ابن ماجه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب حمل خبط فلما وجب البيع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اختر ، فقال الأعرابي : عمرك الله بيعا كان

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم باع رجلا ثم قال له : اختر ، فقال : قد اخترت ، فقال : هكذا البيع.
وأخرج ابن جرير عن أبي زرعة أنه كان إذا بايع رجلا يقول له : خيرني ، ثم يقول : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يفترق اثنان إلا عن رضا.
وأخرج ابن جرير عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أهل البقيع لا يتفرقن بيعان إلا عن رضا.
وأخرج البخاري والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر : اختر ،.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح وعكرمة {ولا تقتلوا أنفسكم} قالا : نهاهم عن قتل بعضهم بعضا كان

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {ولا تقتلوا أنفسكم} لا يقتل بعضكم قال : بعضا.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي {ولا تقتلوا أنفسكم} قال : أهل دينكم.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عمرو بن العاص قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت به ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب قلت : نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغستلت أن أهلك وذكرت قول الله {ولا تقتلوا أنفسكم} فتيممت ثم صليت ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا كان

وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فدعاه فسأله عن ذلك فقال : يا رسول الله خشيت أن يقتلني البرد وقد قال الله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن المنذر عن عاصم بن بهدلة أن مسروقا أتى صفين فقام بين الصفين فقال : يا أيها الناس أنصتوا أرأيتم لو أن مناديا ناداكم من السماء فرأيتموه وسمعتم كلامه فقال : إن الله ينهاكم عما أنتم فيه أكنتم منتهين قالوا : سبحان الله ، ، قال : فوالله لقد نزل بذلك جبريل على محمد وما ذاك بأبين عندي منه إن الله قال {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} ثم رجع إلى الكوفة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ومن يفعل ذلك} يعني الأموال والدماء جميعا {عدوانا وظلما} يعني متعمدا إعتداء بغير حق {وكان ذلك على الله يسيرا} يقول : كان عذابه على الله هينا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أرأيت كان

قوله تعالى {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا} في كل ذلك أم في قوله تعالى.
الآية 31
{ولا تقتلوا أنفسكم} قال : بل في قوله {ولا تقتلوا أنفسكم}.
أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور في فضائله ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن في سورة النساء خمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها ولقد علمت أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها قوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية ، وقوله (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) (النساء الآية 40) الآية ، وقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (النساء الآية 48) الآية ، وقوله (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك) (النساء الآية 64) الآية ، وقوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) (النساء الآية 110) الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أنس بن مالك قال : لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا عز وجل ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر فما لنا ولها ، يقول الله {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كان

كريما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس بن مالك قال : هان ما سألكم ربكم {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أنس سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : ألا إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ثم تلا هذه الآية {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} الآية.
وأخرج النسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة وأبي سعيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال : والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدي الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصطفق ثم تلا {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : ما لكم والكبائر وقد وعدتم المغفرة فيما دون الكبائر.
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن الحسن أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر
فقالوا : نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها فأردنا أن كان

نلقى أمير المؤمنين في ذلك فقدم وقدموا معه فلقي عمر فقال : يا أمير المؤمنين إن ناسا لقوني بمصر فقالوا : إنا نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها فأحبوا أن يلقوك في ذلك فقال : اجمعهم لي ، فجمعهم له فأخذ أدناهم رجلا فقال : أنشدك بالله وبحق الإسلام عليك أقرأت القرآن كله قال : نعم ، قال : فهل أحصيته في نفسك قال : لا ، قال : فهل أحصيته في بصرك هل أحصيته في لفظك هل أحصيته في أثرك ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم قال : فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أن يقيم الناس على كتاب الله قد علم ربنا أنه ستكون لنا سيئات وتلا {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} هل علم أهل المدينة فيما قدمتم قال : لا ، قال : لو علموا لوعظت بكم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر وذكر لنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا الكبائر وسددوا وأبشروا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس قال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة وقد ذكرت الطرفة يعني النظرة.
وأخرج ابن جرير عن أبي الوليد قال : سألت ابن عباس عن الكبائر فقال : كان

كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل ما وعد الله عليه النار كبيرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار فهو من الكبائر.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الكبائر كل موجبة أوجب الله لأهلها النار وكل عمل يقام به الحد فهو من الكبائر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن الكبائر أسبع هي قال : هي إلى السبعين أقرب كان

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير أن رجلا سأل ابن عباس كم الكبائر سبع هي قال إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد قال : قال ابن عباس : كل ذنب أصر عليه العبد كبير وليس بكبير ما تاب منه العبد.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : وما هن يا رسول الله قال : الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والسحر وأكل الربا ومال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
وأخرج البزار ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الكبائر سبع : أولها الإشراك بالله ثم قتل النفس بغير حقها وأكل الربا وأكل مال اليتيم إلى أن يكبر والفرار من الزحف ورمي المحصنات كان

والإنقلاب على الأعراب بعد الهجرة.
وأخرج علي بن الجعد في الجعديات عن طيسلة قال : سألت ابن عمر عن الكبائر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هن تسع : الإشراك بالله وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا.
وأخرج ابن راهويه والبخاري في الأدب المفرد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والقاضي إسماعيل في أحكام القرآن ، وَابن المنذر بسند حسن من طريق طيسلة عن ابن عمر قال : الكبائر تسع : الإشراك بالله وقتل النسمة يعني بغير حق وقذف المحصنة والفرار من الزحف وأكل الربا وأكل مال اليتيم والذي يستسحر والحاد في المسجد الحرام وإنكاء الوالدين من العقوق

وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن عمير الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولياء الله المصلون ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبها الله على عباده ومن يؤدي زكاة ماله طيبة بها نفسه ومن يصوم رمضان يحتسب صومه ويجتنب الكبائر ، فقال رجل من الصحابة : يا رسول الله وكم الكبائر قال : هن تسع : أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير
الحق والفرار يوم الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا.
وأخرج ابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من صلى الصلوات الخمس واجتنب الكبائر السبع نودي من أبواب الجنة ادخل بسلام ، قيل أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهن قال : نعم عقوق الوالدين والإشراك بالله وقتل النفس وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف وأكل الربا.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والحاكم

وصححه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عبد الله لا يشرك به شيئا وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان واجتنب الكبائر فله الجنة ، فسأله رجل ما الكبائر قال : الشرك بالله وقتل نفس مسلمة والفرار يوم الزحف.
وأخرج ابن حبان ، وَابن مردويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم قال : وكان في الكتاب : إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار يوم الزحف وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أنس قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال : الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقال : ألا أنبئكم بأكبرالكبائر قول الزور أو شهادة الزور

وأخرج الشيخان والترمذي ، وَابن المنذر عن أبي بكرة قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو أنه سئل عن الخمر فقال : سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هي أكبر الكبائر وأم الفواحش من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يعد الخمر أكبر الكبائر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في كتاب الإيمان عن شعبة مولى ابن عباس قال : قلت لابن عباس : إن الحسن بن علي سئل عن الخمر أمن الكبائر هي فقال : لا ، فقال ابن عباس : قد قالها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إذا شرب سكر وزنى وترك الصلاة فهي من الكبائر.
وأخرج أحمد والبخاري الترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الكبائر : الإشراك بالله وعقوق الوالدين أو قتل

النفس - شك شعبة - واليمين الغموس.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عبد الله بن أنيس الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ، قالوا : وكيف يلعن الرجل والديه قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه.
وأخرج أو داود ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي

صلى الله عليه وسلم قال : من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ومن الكبائر السبتان بالسبة.
وأخرج الترمذي والحاكم ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة العدوي قال : قرى ء علينا كتاب عمر من الكبائر جمع بين الصلاتين ، يعني بغير عذر والفرار من الزحف والنميمة

وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن أبي حاتم بسند حسن
عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الكبائر فقال : الشرك بالله واليأس من روح الله والآمن من مكر الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن أبي الدنيا في التوبة عن ابن مسعود قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله.
وأخرج ابن المنذر عن علي أنه سئل ما أكبر الكبائر فقال : الأمن لمكر الله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله.
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن أبي أمامة أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر وهو متكى ء فقالوا : الشرك بالله وأكل مال اليتيم وفرار يوم الزحف وقذف المحصنة وعقوق الوالدين وقول الزور والغلول

والسحر وأكل الربا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين تجعلون (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) (آل عمران الآية 77) إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعا الضرار في الوصية من الكبائر.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : الكبائر : الشرك بالله وقتل النفس وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة والسحر وعقوق الوالدين وأكل الربا وفراق الجماعة ونكث الصفقة.
وأخرج البزار ، وَابن المنذر بسند ضعيف عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين ومنع فضل الماء ومنع الفحل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة قال : إن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين ومنع فضول الماء بعد الري ومنع طروق الفحل إلا بجعل

وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة قالت : ما أخذ على النساء فمن الكبائر ، يعني قوله (أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين) (المتحنة الآية 12) الآية.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيتم الزاني والسارق وشارب الخمر ما تقولون فيهم قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هن فواحش وفيهن عقوبة ألا أنبئكم
بأكبر الكبائر الإشراك بالله ثم قرأ (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (النساء الآية 48) وعقوق الوالدين ثم قرأ (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) (لقمان الآية 14) وكان متكئا فاحتفز فقال : ألا وقول الزور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود قال : إن من أكبر الذنب عند الله أن يقول لصاحبه اتق الله فيقول : عليك نفسك من أنت تأمرني.
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله التمار عن أبيه أن أبا بكر وعمر وأناسا من الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا أعظم الكبائر فلم يكن

عندهم فيها علم ينتهون إليه فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أسأله عن ذلك فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك وتواثبوا إليه جميعا حتى أتوه في داره فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره أن يشرب الخمر أو يقتل نفسا أو يزني أو يأكل لحم خنزير أو يقتله إن أبى ، فاختار شرب الخمر وإنه لما شربها لم يمتنع من شيء أراده منه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما أحد يشربها فيقبل الله له صلاة أربعين ليلة ولا يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة وإن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : الكبائر الإشراك بالله لأن الله يقول (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (يوسف الآية 87) والأمن لمكر الله لأن الله يقول (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) (الأعراف الآية 99) وعقوق الوالدين لأن الله جعل العاق جبارا عصيا وقتل النفس التي حرم الله لأن الله يقول (فجزاؤه جهنم) (النساء الآية 93) إلى آخر الآية وقذف المحصنات لأن الله يقول (لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم) (النور الآية 23) وأكل
مال اليتيم لأن الله يقول (إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) (النساء الآية 10) والفرار من الزحف لأن الله يقول (ومن يولهم يومئذ دبره) إلى قوله (وبئس

المصير) (الأنفال الآية 16) وأكل الربا لأن الله يقول (الذين يأكلون الربا لا يقومون) (البقرة الآية 275) الآية والسحر لأن الله يقول (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) (البقرة الآية 102) والزنا لأن الله يقول (يلق أثاما) (الفرقان الآية 68) الآية واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم) (آل عمران الآية 77) الآية والغلول لأن الله يقول (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) (آل عمران الآية 161) ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول (فتكوى بها جباههم) (التوبة الآية 35) الآية وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (البقرة الآية 283) وشرب الخمر لأن الله عدل بها الأوثان وترك الصلاة متعمدا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ترك الصلاة متعمدا فقد برى ء من ذمة الله ورسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول (لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (الرعد الآية 25) ، وأخرد عَبد بن حُمَيد والبزار والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر قال : ما بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الكبائر من أول سورة النساء إلى قوله {إن تجتنبوا

كبائر ما تنهون عنه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر فقال : افتتحوا سورة النساء فكل شيء نهى الله عنه حتى تأتوا ثلاثين آية فهو كبيرة ثم قرأ مصداق ذلك {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس انه قرأ من النساء حتى بلغ ثلاثين آية منها ثم قرأ {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} مما في أول السورة إلى حيث بلغ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة سورة النساء إلى هذه الموضع {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه}.
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن الكبائر فقال : الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها وفرار يوم الزحف وأكل مال اليتيم بغير حقه وأكل الربا والبهتان ويقولون اعرابية بعد الهجرة ، قيل لابن سيرين : فالسحر ، قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا

وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيرة قال : كان يقال : شتم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر.
وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن الأوزاعي قال : كان يقال : من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس ، أنه قرأ تكفر بالتاء ونصب الفاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {نكفر عنكم سيئاتكم} قال : الصغار {وندخلكم مدخلا كريما} قال : الكريم : هو الحسن في الجنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة أنه كان يقول : المدخل الكريم ، هو الجنة

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه قرأ {مدخلا} بضم الميم.
الآية 32
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والحاكم وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن أم سلمة أنها قالت : يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو ولا نقاتل فنستشهد وإنما لنا نصف الميراث ، فأنزل الله {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} وأنزل فيها (إن المسلمين والمسلمات) (الأحزاب الآية 35).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتت امرأة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين برجل أفنحن في العمل هكذا إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة فأنزل الله {ولا تتمنوا} فإنه عدل مني وإن صنعته.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : إن النساء سألن الجهاد فقلن وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب ا

لرجال ، فأنزل الله {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعكرمة في الآية قالا : نزلت في أم سلمة بنت أبي أمية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي أن الرجال قالوا : نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء كما لنا في السهام سهمان فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران ، وقالت النساء : نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال الشهداء فإنا لا نستطيع أن نقاتل ولو كتب علينا القتال لقاتلنا ، فأنزل الله الآية وقال لهم سلوا الله من فضله يرزقكم الأعمال وهو خير لكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} يقول : لا يتمن الرجل فيقول ليت لي مال فلان وأهله ، فنهى الله سبحانه عن ذلك ولكن ليسأل الله من فضله {للرجال نصيب مما اكتسبوا} يعني مما ترك الوالدان والأقربون للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لا تتمن مال فلان ولا مال فلان وما

يدريك لعل هلاكه في ذلك المال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا الصبي شيئا وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع ، فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال ، وقال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسنات في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث ، فأنزل الله {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} يقول : المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل.
وأخرج ابن جرير عن أبي حريز قال : لما نزل (للذكر مثل حظ الأنثيين) (النساء الآية 11) قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب كما لهم نصيبان من الميراث ، فأنزل الله {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} يعني الذنوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {للرجال نصيب مما اكتسبوا}

قال : من الإثم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سمع الرجل يتمنى في الدنيا قال : قد نهاكم الله عن هذا {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} ودلكم على خير منه {واسألوا الله من فضله}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واسألوا الله من فضله} قال : ليس بعرض الدنيا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {واسألوا الله من فضله} قال : العبادة ليس من أمر الدنيا.
وأخرج الترمذي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل.
وأخرج ابن جرير من طريق حكيم بن جبير عن رجل لم يسمه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج

وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما سأل رجل مسلم الله
الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة : اللهم أدخله ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثا إلا قالت النار : اللهم أجره.
الآية 33.
أخرج البخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {ولكل جعلنا موالي} قال : ورثة {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهم فلما نزلت {ولكل جعلنا موالي} نسخت ثم قال {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصي له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن مردويه عن ابن عباس {ولكل جعلنا موالي} قال : عصبة {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه

الآخر فأنزل الله (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) (الأحزاب الآية 6) يقول : إلا أن يوصوا إلى أوليائهم الذين عقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت وهو المعروف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ولكل جعلنا موالي} قال : الموالي ، العصبة هم كانوا في الجاهلية الموالي فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسما ، فقال الله (فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) (الأحزاب الآية 5) فسموا الموالي.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل يقول : ترثني وأرثك
وكان الأحياء يتحالفون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل حلف كان في الجاهلية أو عقد أدركه الإسلام فلا يزيده الإسلام إلا شدة ولا عقد ولا حلف في الإسلام نسختها هذه الآية (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) (الأحزاب الآية 6).
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان الرجل يعاقد الرجل فيرث كل واحد منهما صاحبه

وكان أبو يكر عاقد رجلا فورثه.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس في قوله {والذين عقدت أيمانكم} قال : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ في ذلك في الأنفال فقال : (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (الأحزاب الآية 6).
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك ، فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم ، فنسخ ذلك بعد في سورة الأنفال فقال : (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) فقذف ما كان من عهد يتوارث به وصارت المواريث لذوي الأرحام.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه فإذا مات الرجل صار

لأهله وأقاربه الميراث وبقي تابعا ليس له شيء ، فأنزل الله {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} فكان يعطي من ميراثه فأنزل الله بعد ذلك (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله).
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {والذين عقدت أيمانكم} الذين عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم {فآتوهم نصيبهم} إذا لم يأت رحم يحول بينهم ، قال : وهو لا يكون
اليوم إنما كان نفر آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وانقطع ذلك وهذا لا يكون لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بين المهاجرين والأنصار واليوم لا يؤاخى بين أحد ، واخرج ابن جرير والنحاس عن سعيد بن المسيب قال : إنما أنزلت هذه الآية في الحلفاء والذين كانوا يتبنون رجالا غير أبنائهم ويورثونهم ، فأنزل الله فيهم فجعل لهم نصيبا في الوصية ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس عن مجاهد {ولكل جعلنا موالي} قال : العصبة {والذين عقدت أيمانكم} قال : الحلفاء {فآتوهم نصيبهم} قال : من العقل والنصر والرفادة

واخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم عن داود بن الحصين قال : كنت أقرأ على أم سعد ابنة الربيع وكانت يتيمة في حجر أبي فقرأت عليها {والذين عقدت أيمانكم} فقالت : لا ولكن {والذين عقدت أيمانكم} إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن حين أبى أن يسلم فحلف أبو بكر أن لا يورثه فلما أسلم أمره الله أن يورثه نصيبه.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ عقدت أيمانكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم ، أنه قرأ {والذين عقدت} خفيفة بغير ألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كان الرجل في الجاهلية يأتي القوم فيعقدون له أنه منهم إن كان ضرا أو نفعا أو دما فإنه فيهم مثلهم ويأخذون له من أنفسهم مثل الذي يأخذون منه فكانوا إذا كان قتال قالوا : يا فلان أنت منا فانصرنا وإن كانت منفعة قالوا : أعطنا أنت منا ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضا إن اسنتصر وإن نزل به أمر أعطاه بعضهم ومنعه بعضهم ولم يعطوه مثل الذين يأخذون منه ، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسألوه وتحرجوا من ذلك وقالوا : قد عاقدناهم في الجاهلية ، فأنزل الله {والذين

عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} قال : أعطوهم مثل الذي تأخذون منهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي مالك {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} قال : هو حليف القوم يقول : أشهدوه أمركم ومشورتكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد الفتح : فوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ولا تحدثوا حلفا في الإسلام.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن جَرِير والنحاس عن جبير بن مطعم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن الزهري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حلف في الإسلام وتمسكوا بحلف الجاهلية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رفعه كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا جدة وشدة.
الآية 34.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال : جاءت امرأة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تستعدي على زوجها أنه لطمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القصاص ، فأنزل الله {الرجال قوامون على النساء} الآية ، فرجعت بغير قصاص.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق قتادة عن الحسن أن رجلا لطم امرأته فأتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأراد أن يقصها منه ، فنزلت {الرجال قوامون على النساء} فدعاه فتلاها عليه وقال أردت أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وابن
مردويه من طريق جرير بن حازم عن الحسن أن رجلا من الأنصار لطم امرأته فجاءت تلتمس القصاص فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص ، فنزلت (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) (طه الآية 114) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن {الرجال قوامون على النساء} إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أردنا أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار بامرأة

له فقالت : يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وأنه ضربها فأثر في وجهها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ذلك له ، فأنزل الله {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} أي قوامون على النساء في الأدب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أردت أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : لطم رجل امرأته فأراد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم القصاص فبينما هم كذلك نزلت الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، نحوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {الرجال قوامون على النساء} قال : بالتأديب والتعليم {وبما أنفقوا من أموالهم} قال : بالمهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الزهري قال : لا تقص المرأة من زوجها إلا في النفس.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال : نحن نقص منه إلا في الأدب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {الرجال قوامون على النساء} يعني أمراء عليهن أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله {بما فضل الله} وفضله عليها

بنفقته وسعيه {فالصالحات قانتات} قال : مطعيات {حافظات للغيب} يعني إذا كن كذا فأحسنوا إليهن.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله فإن أبت فله أن يضربها ضربا غير مبرح وله عليها الفضل بنفقته وسعيه.
وأخرج عن السدي {الرجال قوامون على النساء} يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن.
وأخرج عن سفيان {بما فضل الله بعضهم على بعض} قال : بتفضيل الله الرجال على النساء {وبما أنفقوا من أموالهم} بما ساقوا من المهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي {وبما أنفقوا من أموالهم} قال : الصداق الذي أعطاها ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها ولو قذفته جلدت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {فالصالحات قانتات} أي مطيعات لله ولأزواجهن {حافظات للغيب} قال : حافظات لما استودعهن الله من حقه وحافظات لغيب أزواجهن

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {حافظات للغيب} للأزواج ، وأخرح ابن جرير عن السدي {حافظات للغيب بما حفظ الله} يقول تحفظ على زوجها ماله وفرجها حتى يرجع كما أمرها الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حافظات لأزواجهن في أنفسهن بما استحفظهن الله.
وأخرج عن مقاتل قال : حافظات لفروجهن لغيب أزواجهن حافظات بحفظ الله لا يخن أزواجهن بالغيب.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : حافظات للأزواج بما حفظ الله يقول : حفظهن الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {حافظات للغيب} قال : يحفظن على أزواجهن ما غابوا عنهن من شأنهن {بما حفظ الله} قال : بحفظ الله إياها أن يجعلها كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك

ونفسها ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {الرجال قوامون على النساء} إلى قوله {قانتات حافظات للغيب}.
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن مصرف قال : في قراءة عبد الله فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون.
وأخرج عن السدي {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} فأحسنوا إليهن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : خير فائدة أفادها المسلم بعد الإسلام امرأة جميلة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب في ماله ونفسها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : ما استفاد رجل بعد إيمان بالله خيرا من امرأة حسنة الخلق ودود ولود وما استفاد رجل بعد الكفر بالله شرا من امرأة سيئة الخلق حديدة السان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبزي قال : مثل المراة الصالحة عند الرجل الصالح مثل التاج المخوص بالذهب على رأس الملك ومثل المرأة السوء عند الرجل الصالح مثل الحمل الثقيل على الرجل الكبير

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : ألا أخبركم بالثلاث الفواقر قيل : وما هن قال : إمام جائر إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر وجار سوء إن رأى حسنة غطاها وإن رأى سيئة أفشاها وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك وإن غبت عنها خانتك.
وأخرج الحاكم عن سعد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من السعادة : المرأة تراها فتعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون وطيئة فلتحقك بأصحابك والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، وثلاث من الشقاء : المرأة تراها فتسوءك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك والدار تكون ضيقة قليلة المرافق.
وَأخرَج البزار والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال :جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة ؟ قال : من حق الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ماأدت حقه لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها .

وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي من طريق حصين بن محصن قال : حدثتني عمتي قالت : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال : أي هذه أذات بعل أنت قلت : نعم ، قال : كيف أنت له قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه ، قال : انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك.
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة قال : من
حق الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ما أدت حقه لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر أمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ولا تخرج وهو كاره ولا تطيع فيه أحدا ولا تخشن بصدره ولا تعتزل فراشه ولا تضر به فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل الله عذرها وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن شبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الفساق أهل النار ، قيل : يا رسول الله ومن الفساق قال : النساء ، قال رجل : يا رسول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا قال : بلى ، ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه.
وأخرج عبد الرزاق والبزار والطبراني عن ابن عباس قال : جاءت امرأة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافها بحقه تعدل ذلك وقليل منكن من يفعله.
وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة

وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن ابن عباس أن امرأة من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأة أيم فإن استطعت وإلا جلست أيما قال : فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر بعير أن لا تمنعه نفسها ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعا إلا
بإذنه فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة قال : زوجها ، قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل قال : أمه.
وأخرج البزار عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر النساء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فإن المرأة لو تعلم ما حق زوجها لم تزل قائمة ما حضر غداؤه وعشاؤه.
وأخرج البزار عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تعلم المرأة حق لزوج ما قعدت ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تقبل لهم صلاة ولا تصعد لهم حسنة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه والمرأة الساخط عليها زوجها والسكران حتى يصحو.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة ، النَّبِيّ في الجنة والصديق في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة ورجل زار أخاه في ناحية المصر يزوره الله في الجنة ونساؤكم من أهل الجنة الودود العدود على زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يده ثم تقول : لا أذوق غمضا حتى ترضى.
وأخرج البيهقي عن زيد بن ثابت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لابنته : إني أبغض أن تكون المرأة تشكو زوجها.
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة عثمان : أي بنية إنه لا امرأة لرجل لم تأت ما يهوى وذمته في وجهه وإن أمرها أن تنتقل من

جبل أسود إلى جبل أحمر أو من جبل أحمر إلى جبل أسود فاستصلحي زوجك.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : النساء على ثلاثة
أصناف : صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالبعير الجرب وصنف ودود ولود تعين زوجها على إيمانه خير له من الكنز.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : النساء ثلاث : امرأة عفيفة مسلمة هينة لينة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقليل ما تجدها وامرأة وعاء لم تزد على أن تلد الولد وثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء وإذا أراد أن ينزعه نزعه.
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت : بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وأعلم نفسي - لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء

فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أموالكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله فالتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسساءلتها في أمر دينها من هذه فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا فالتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها : انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله ، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا.
وأخرج البيهقي عن أنس قال : جاء النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهنة إحداكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أم سلمة قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة باتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة.
وأخرج أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت : مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة
فسلم علينا فقال : إياكن وكفران المنعمين ، قلنا يا رسول الله وما كفران المنعمين قال : لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فتقول : ما رأيت منه خيرا قط.
وأخرج البيهقي بسند منقطع عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أف للحمام حجاب لا يستر وماء لا يطهر ولا يحل لرجل أن يدخله إلا بمنديل مر المسلمين لا يفتنوا نساءهم {الرجال قوامون على النساء} علموهن ومروهن بالتسبيح.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجه والبيهقي عن أبي أمامة قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابن لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حاملات والدات رحيمات لولا ما يأتين إلى أزواجهن لدخل مصلياتهن الجنة.

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قالت امرأة : يا رسول الله ما جزاء غزوة المرأة قال : طاعة الزوج واعتراف بحقه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي النساء خير قال : التي تسره إذا نظر ولا تعصيه إذا أمر ولا تخالفه بما يكره في نفسها وماله.
وأخرج الحاكم وصححه عن معاذ أنه أتى الشام فرأى النصارى يسجدون لأساقفتهم ورهبانهم ورأى اليهود يسجدون لأحبارهم وربانهم فقال : لأي شيء تفعلون هذا قالوا : هذا تحية الأنبياء ، قلت : فنحن أحق أن نصنع بنبينا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : إنهم كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب

وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة أن رجلا قال : يا رسول الله علمني شيئا أزداد به يقينا فقال : ادع تلك الشجرة فدعا بها فجاءت حتى سلمت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال لها : ارجعي فرجعت ، قال : ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه وقال : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما : عبد آبق من مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه عن أبي أمامة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل أنه قدم اليمن فسألته امرأة ما حق المرء على زوجته فإني تركته في البيت شيخا كبيرا فقال : والذي نفس معاذ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه فوجدت الجذام قد خرق لحمه وخرق منخريه فوجدت منخريه يسيلان قيحا ودما ثم ألقمتيهما فاك لكيما تبلغي

حقه ما بلغت ذاك أبدا.
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس أن رجلا انطلق غازيا وأوصى امرأته لا تنزل من فوق البيت فكان والدها في أسفل البيت فاشتكى أبوها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبره وتستأمره فأرسل إليها إتقي الله وأطيعي زوجك ، ثم إن والدها توفي فأرسل إليه تستأمره فأرسل إليها مثل ذلك ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه فأرسل إليها أن الله قد غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : كان يقال أشد الناس عذابا اثنان : امرأة تعصي زوجها وإمام قوم وهم له

كارهون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى بابنته إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج فقال لها : أطيعي أباك ، فقالت : لا ، حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته ، فقال : حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدا ودما ثم لحسته ما أدت حقه ، فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا ، فقال : لا تنكحوهن إلا بإذنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ولو كان ذلك لكان النساء يسجدن لأزواجهن ، واخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجه عن عائشة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت آمرا أحدا لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر
امرأته أن تنتقل من جبل أحمر إلى جبل أسود أو من جبل أسود إلى جبل أحمر كان نولها أن تفعل.
وأخرج ابن شيبة عن عائشة قالت : يا معشر النساء لو تعلمن حق

أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن وجهه بحر وجهها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : لو أن امرأة مصت أنف زوجها من الجذام حتى تموت ما أدت حقه.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {واللاتي تخافون نشوزهن} قال : تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره فأمره الله أن يعظها ويذكرها بالله ويعظم حقه عليها فإن قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها وذلك عليها شديد ، فإن رجعت وإلا ضربها ضربا غير مبرح ولا يكسر لها عظما ولا يجرح بها جرحا {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} يقول : إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل.
وأخرج ابن جرير عن السدي نشوزهم قال : بغضهن.
وأخرج عن ابن زيد قال : النشوز : معصيته وخلافه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {واللاتي

تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن} قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : اتقي الله وارجعي إلى فراشك فإن أطاعته فلا سبيل له عليها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {واللاتي تخافون نشوزهن} قال : العصيان {فعظوهن} قال : باللسان {واهجروهن في المضاجع} قال : لا يكلمها {واضربوهن} ضربا غير مبرح {فإن أطعنكم} قال : إن جاءت إلى الفراش {فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال : لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها ، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فعظوهن} قال : باللسان.
وأخرج البيهقي عن لقيط بن صبرة قال : قلت يا رسول الله إن لي امرأة في لسانها شيء - يعني البذاء - قال طلقها ، قلت : إن لي منها ولدا ولها صحبة ، قال : فمرها - يقول عظها - فإن يك فيها خير فستقبل ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك.
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أبي حرة الرقاشي عن عمه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
قال : فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع - قال حماد : يعني النكاح

واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال : لا يجامعها.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} يعني بالهجران أن يكون الرجل والمرأة على فراش واحد لا يجامعها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {واهجروهن في المضاجع} قال : لا يقربها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال : لا تضاجعها في فراشك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير من طريق أبي صالح عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال : يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة {واهجروهن في المضاجع} قال : الكلام والحديث وليس بالجماع

وأخرج ابن جرير عن السدي قال : يرقد عندها ويوليها ظهره ويطؤها ولا يكلمها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير من طريق أبي الضحى عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع واضربوهن} قال : يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع فإن أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : الهجران حتى تضاجعه فإذا فعلت فلا يكلفها أن تحبه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قوله {واضربوهن} قال : ضربا غير مبرح.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح.
وأخرج ابن جرير عن حجاج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تهجروا النساء إلا في المضاجع واضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح ، يقول : غير مؤثر

وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح قال : بالسواك ونحوه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي عن إياس بن عبد الله ابن أبي ذئاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تضربوا إماء الله ، فقال عمر : ذئر النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكين أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس أولئك خياركم.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت : كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلى بينهم وبين ضربهن ثم قال : ولن يضرب خياركم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن زمعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم

وأخرج عبد الرزاق عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يضاجعها آخره.
وأخرج الترمذي وصححه النسائي ، وَابن ماجه عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : أي يوم أحرم أي يوم أحرم أي يوم أحرم ، فقال الناس : يوم الحج الأكبر يا رسول الله ، قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا لا يجني جان إلا على نفسه ألا ولا يجني والد على ولده ولا ولد على والده إلا ان المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله وإن كل دم في الجاهلية موضوع وأول دم أضع من دم الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا ، فأما حقكم على
نسائكم فلا

يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون وإن من حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال : لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن سفيان {فإن أطعنكم} قال : إن أتت الفراش وهي تبغضه {فلا تبغوا عليهن سبيلا} لا يكلفها أن تحبه لأن قلبها ليس في يديها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه النسائي والبيهقي عن طلق بن علي سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتجبه وإن كانت على التنور

وأخرج ابن سعد عن طلق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمنع امرأة زوجها ولو كانت على ظهر قتب.
الآية 35.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس {وإن خفتم شقاق بينهما} هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما أمر الله أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ثم مات أحدهما فإن الذي رضي يرث الذي كره ولا يرث الكاره الراضي
{إن يريدا إصلاحا} قال : هما الحكمان {يوفق الله بينهما} وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب

وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبيدة السلماني في هذه الآية قال : جاء رجل وامرأة إلى علي ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم علي فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين : تدريان ما عليكما عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا ، قالت المرأة : رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي ، وقال الرجل : أما الفرقة فلا ، فقال علي : كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : يعظها فإن انتهت وإلا هجرها فإن انتهت وإلا ضربها فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلى السلطان فيبعث حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم الذي من أهلها : تفعل بها كذا ، ويقول الحكم الذي من أهله : تفعل به كذا ، فأيهما كان الظالم رده السلطان وأخذ فوق يديه وإن كانت المرأة أمره أن يخلع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمرو بن مرة قال : سألت سعيد بن جبير عن الحكمين اللذين في القرآن فقال : يبعث حكما من أهله وحكما من أهلها

يكلمون أحدهما ويعظونه فإن رجع وإلا كلموا الآخر ووعظوه فإن رجع وإلا حكما فما حكما من شيء فهو جائز.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : بعثت أنا ومعاوية حكمين فقيل لنا : إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما ، والذي بعثهما عثمان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن الحسن قال : إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه وأما الفرقة فليست بأيديهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة ، نحوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {واللاتي تخافون نشوزهن} قال : هي المرأة التي تنشز على زوجها فلزوجها أن يخلعها حين
يأمر الحكمان بذلك وهو بعدما تقول لزوجها : والله لا أبر لك قسما ولا أدبر في بيتك بغير أمرك ، ويقول السلطان : لا نجيز لك خلعا حتى تقول المرأة لزوجها : والله لا أغتسل لك من جنابة ولا أقيم لله صلاة فعند ذلك

يجيز السلطان خلع المرأة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : كان علي بن أبي طالب يبعث الحكمين حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم من أهلها : يا فلان ما تنقم من زوجتك فيقول أنقم منها كذا وكذا ، فيقول أرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب هل أنت متقي الله فيها ومعاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها وكسوتها فإذا قال : نعم ، قال الحكم من أهله : يا فلانة ما تنقمين من زوجك فتقول مثل ذلك ، فإن قالت : نعم ، جمع بينهما ، وقال علي : الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق.
وأخرج البيهقي ، عَن عَلِي ، قال : إذا حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فليس حكمه بشيء حتى يجتمعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} قال : هما الحكمان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {إن يريدا إصلاحا} قال : أما أنه ليس بالرجل والمرأة ولكنه الحكمان {يوفق الله بينهما} قال : بين الحكمين

وأخرج ابن جرير عن الضحاك {إن يريدا إصلاحا} قال : هما الحكمان إذا نصحا المرأة والرجل جميعا ، واخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {إن الله كان عليما خبيرا} قال : بمكانهما.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن امرأة أتته فقالت : ما حق الزوج على امرأته فقال : لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ولا تعطي من بيته شيئا إلا بإذنه فإن فعلت ذلك كان له الأجر وعليها الوزر ، ولا تصوم يوما تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت أثمت ولم تؤجر ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى تتوب أو تراجع ، قيل فإن كان ظالما قال : وإن كان ظالما.
وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن عباس قال : لما اعتزلت الحرورية فكانوا في واد على حدتهم قلت

لعلي : يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من الحلل فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة قال : ما تعيبون علي ، لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الحلل ونزل (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (الأعراف الآية 32) قالوا فما جاء بك قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالوا : ننقم عليه ثلاثا : قلت ما هن قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى (إن الحكم إلا لله) (الأنعام الآية 57) قلت : وماذا قالوا : وقاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم ، قلت : وماذا قالوا : ومحا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تشكون أترجعون قالوا : نعم ، قلت : أما قولكم أنه حكم للرجال في دين الله فإن الله تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) إلى قوله (يحكم به ذوا عدل منكم) (المائدة الآية 95) وقال في المرأة وزوجها {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم

وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب فيها ربع درهم قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم ، قال : أخرجت من هذه قالوا : اللهم
نعم.
وَأَمَّا قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله تعالى يقول (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الأحزاب الآية 6) وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم أخرجت من هذه قالوا : اللهم نعم.
وَأَمَّا قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال : اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد بن عبد الله ورسول الله كان أفضل من علي أخرجت من هذه قالوا : اللهم نعم ، فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا.
الآية 36.
أخرج أحمد والبخاري عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى

وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ، وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن عمرو بن مالك القشيري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار مكان كل عظم محرره بعظم من عظامه ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله ومن ضم يتيما من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ، وقرن بين أصبعيه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أم سعد بنت مرة الفهرية عن أبيها قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنا وكافل اليتيم له أو لغيره إذا اتقى الله في الجنة كهاتين أو كهذه من هذه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب

الإيمان من طرق عن ابن عباس في قوله {والجار ذي القربى} يعني الذي بينك وبينه قرابة {والجار الجنب} يعني الذي ليس بينك وبينه قرابة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن نوف الشامي في قوله {والجار ذي القربى} قال : المسلم {والجار الجنب} قال : اليهودي والنصراني.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي شريح الخزاعي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة واحمد والبخاري ومسلم عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وَأخرَج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد" عن عبدالله بن عمرو أنه ذبحت له شاة يقول : أهديت لجارنا اليهودي؟

أهديت لجارنا اليهودي ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج البخاري في الأدب" وأبو يعلى والحاكم وصححه عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع " ..
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عمر : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول : يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خير

فيها هي من أهل النار ، قالوا : وفلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي من أهل الجنة.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال : إلى أقربهما منك بابا.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : لا يبدأ بجاره الأقصى قبل الأدنى ولكن يبدأ بالأدنى قبل الأقصى.
وأخرج البخاري في الأدب عن الحسن أنه سئل عن الجار فقال : أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني ، فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق ، فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا : ما شأنك قال : لي
جار يؤذيني ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون : اللهم العنه اللهم اخزه فبلغه فأتاه

فقال : ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك أبدا.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن أبي جحيفة قال : شكا رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جاره فقال : احمل متاعك فضعه على الطريق فمن مر به يلعنه ، فجعل كل من يمر به يلعنه فجاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما لقيت من لعنة الناس فقال : إن لعنة الله فوق لعنتهم وقال للذي شكا : كفيت أو نحوه.
وأخرج البخاري في الأدب عن ثوبان قال : ما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا هلك.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قالوا : وما ذاك يا رسول الله قال : جار لا يأمن جاره بوائقه ، قالوا فما بوائقه قال : شره.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس بؤمن من لا يأمن جاره غوائله

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود مرفوعا إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب فمن أعطاه الإيمان فقد أحبه والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه.
وأخرج أحمد والحاكم عن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يشبع الرجل دون جاره.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج أحمد من طريق أبي العالية عن رجل من الأنصار قال : خرجت من أهلي أريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا به قائم ورجل معه مقبل عليه فظننت أن لهما حاجة ، فلما انصرف قلت : يا رسول الله لقد قام بك هذه الرجل حتى جعلت

أرثي لك من طول القيام ، قال : أوقد رأيته قلت : نعم ، قال : أتدري من هو قلت : لا ، قال :
ذاك جبريل ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ثم قال : أما إنك لو سلمت رد عليك السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أوصاني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك من جار سوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي لبابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا قليل من أذى جاره

وأخرج أحمد والبخاري في الأدب والبيهقي عن المقداد بن الأسود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ما تقولون في الزنا قالوا : حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره وقال ما تقولون في السرقة قالوا : حرمها الله ورسوله فهي حرام ، قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله {والصاحب بالجنب} قال : الرفيق في السفر.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ومجاهد ، مثله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {والصاحب بالجنب} قال : هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر وامرأتك التي تضاجعك.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله عن الثقة عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين

فدخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غيضة طرفاء فقطع نصلين أحدهما معوج والآخر معتدل فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج فقال الرجل : يا رسول الله أنت
أحق بالمعتدل مني فقال : كلا يا فلان إن كل صاحب يصحب صاحبا مسؤول عن صحابته ولو ساعة من نهار.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والترمذي ، وَابن جَرِير والحاكم عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : خير الأصحاب عند الله خير هم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي في قوله {والصاحب بالجنب} قال : المرأة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود ، مثله

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما ملكت أيمانكم} قال : مما خولك الله فأحسن صحبته كل هذا أوصى الله به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {وما ملكت أيمانكم} يعني من عبيدكم وإمائكم يوصي الله بهم خيرا أن تؤدوا إليهم حقوقهم التي جعل الله لهم.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ، واخرج البخاري في الأدب ، عَن جَابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالمملوكين خيرا ويقول : أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم من لبوسكم ولا

تعذبوا خلق الله.
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء أنه رؤي عليه برد وثوب أبيض وعلى غلامه برد وثوب أبيض ، فقيل له ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون ، واخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والبيهقي في الشعب ، عَن عَلِي ، قال : كان آخر كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم.
وأخرج البزار عن أبي رافع قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الله الله وما
ملكت أيمانكم والصلاة ، فكان ذلك آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أم سلمة قالت : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه

وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت : الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغرها في صدره وما يفيض بها لسانه.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق.
وأخرج البيهقي عن أبي ذر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الفقير عند الغني فتنة وإن الضعيف عند القوي فتنة وإن المملوك عند المليك فتنة فليتق الله وليكلفه ما يستطيع فإن أمره أن يعمل بما لا يستطيع فليعنه عليه فإن لم يفعل فلا يعذبه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لاءمكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ومن لا يلائمكم منهم فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله

وأخرج الطبراني والبيهقي عن رافع بن مكيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سوء الخلق شؤم وحسن الملكة نماء والبر زيادة في العمر والصدقة تدفع ميتة السوء.
وأخرج البيهقي عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة سيء الملكة.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه البيهقي عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كم نعفو عن العبد في اليوم قال : سبعين مرة.
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فليمسك.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تضربوا الرقيق فإنكم لا تدرون ما توافقون

وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما حق
امرأتي علي قال : تطعمها مما تأكل وتكسوها مما تكتسي قال : فما حق جاري علي قال : تنوسه معروفك وتكف عنه أذاك ، قال : فما حق خادمي علي قال : هو أشد الثلاثة عليك يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم كذا قال ابن سعد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وقال عبد الرزاق وأحمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن أبي عاصم قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : صه أطت السماء وحق لها أن تئط ما في السماء موضع كف - أو

قال شبر - إلا عليه ملك ساجد فاتقوا الله وأحسنوا إلى ما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن جاؤوا بشيء من أخلاقهم يخالف شيئا من أخلاقكم فولوا شرهم غيركم ولا تعذبوا عباد الله.
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال : مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأبي مسعود الأنصاري وهو يضرب خادمه فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والله لله أقدر عليك منك على هذا ، قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمثل الرجل بعبده فيعور أو يجدع ، قال : أشبعوهم ولا تجيعوهم واكسوهم ولا تعروهم ، ولا ولا تكثروا ضربهم فإنكم مسؤولون عنهم ولا تعذبوهم بالعمل فمن كره عبده فليبعه ولا يجعل رزق الله عليه عناء.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم عن زاذان قال : كنت جالسا عند ابن عمر فدعا بعبد له فأعتقه ثم قال : ما لي من أجره ما يزن هذا - وأخذ شيئا بيده - إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من ضرب عبدا له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن سويد بن مقرن قال : كنا بني مقرن سبعة على عهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا خادمة ليس لنا غيرها فلطمها أحدنا فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أعتقوها ، فقلنا : ليس لنا خادم غيرها يا رسول الله ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : تخدمكم حتى تستغنواعنها ثم خلوا سبيلها.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن عمار بن ياسر قال : لا يضرب أحد عبدا له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال : أشد الناس على الرجل يوم القيامة مملوكه.
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وصححه عن أبي مسعود الأنصاري قال : بينا أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من ورائي فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : والله لله أقدر عليك منك على هذا ، فحلفت أن لا أضرب مملوكا لي أبدا.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : بينا رجل يضرب غلاما له وهو

يقول : أعوذ بالله وهو يضرب إذ بصر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعوذ برسول الله ، فألقى ما كان في يده وخلى عن العبد ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أما والله لله أحق أن يعاذ من استعاذ به مني فقال الرجل : يا رسول الله فهو لوجه الله ، قال : والذي نفسي بيده لو لم تفعل لدافع وجهك سفع النار.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن التيمي قال : حلفت أن أضرب مملوكة لي فقال لي أبي : إنه قد بلغني أن النفس تدور في البدن فربما كان قرارها الرأس وربما كان قرارها في موضع كذا وكذا - حتى عدد مواضع - فتقع الضربة عليها فتتلف فلا تفعل.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي المتوكل الناجي أن أبا الدرداء كانت لهم وليدة فلطمها ابنه يوما لطمة فأقعده لها وقال : اقتصي ، فقالت : قد عفوت ، فقال : إن كنت عفوت فاذهبي فادعي من هناك من حرام

فأشهديهم أنك قد عفوت ، فذهبت فدعتهم فأشهدتهم أنها قد عفت ، فقال : اذهبي فأنت لله وليت آل أبي الدرداء ينقلبون كفافا.
وأخرج أحمد عن أبي قلابة قال : دخلنا على سلمان وهو يعجن قلنا : ما هذا قال : بعثنا الخادم في عمل فكرهنا أن نجمع عليها عملين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {إن الله لا يحب من كان مختالا} قال : متكبرا {فخورا} قال : بعدما أعطي وهو لا يشكر الله.
وأخرج أبو يعلى والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جمع الله الناس في صعيد واحد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول : وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا ، فيقولون :

ومن أزواجك
فتقول كل متكبر جبار فتخرج لسانها فتلقطهم به من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ثم تقبل يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول : وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا ، فيقولون ومن أزواجك فتقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ويقضي الله بين العباد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان ، عَن جَابر بن عتيك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله وإن من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله ، فأما الغيرة التي يجب الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير ريبة.
وَأَمَّا الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل بنفسه في

الفخر والبغي.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن سليم الهجيمي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة قلت : عليك السلام يا رسول الله فقال : عليك السلام تحية الميت سلام عليكم سلام عليكم سلام عليكم أي هكذا فقل ، قال فسألته عن الإزار فأقنع ظهره وأخذ بمعظم ساقه فقال : ههنا ائتزر فإن أبيت فههنا أسفل من ذلك فإن أبيت فههنا فوق الكعبين فإن أبيت فإن الله لا يحب كل مختال فخور ، فسألته عن المعروف فقال : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض وإن سبك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه فلا تسبه فيكون أجره لك ووزره عليه وما سر أذنك أن تسمعه فاعمل به وما ساء أذنك أن تسمعه فاجتنبه

وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن مطرف بن عبد الله قال : قلت لأبي ذر : بلغني أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة ، قال : أجل ، قلت : من الثلاثة الذين يحبهم الله قال : رجل غزا في سبيل الله صابرا محتسبا مجاهدا فلقي العدو فقاتل حتى
قتل وأنتم تجدونه عندكم في كتاب الله المنزل ، ثم قرأ هذه الآية (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص) (الصف الآية 4) ورجل له جار سوء يؤذيه فصبر على آذاه حتى يكفيه الله إما بحياة وإما بموت ورجل سافر مع قوم فأدلجوا حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى فضربوا رؤوسهم ثم قام فتطهر رهبة لله ورغبة فيما عنده ، قلت : فمن الثلاثة الذين يبغضهم الله قال : المختال الفخور وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل ثم تلا {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} قلت : ومن قال : البخيل المنان ، قلت : ومن قال : البائع الحلاف.
وأخرج ابن جرير عن أبي رجاء الهروي قال : لا تجد سيء الملكة إلا

وجدته مختالا فخورا وتلا {وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا وتلا (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) (مريم الآية 32).
وأخرج ابن ابي حاتم عن العوام بن حوشب ، مثله.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والبغوي والباوردي والطبراني ، وَابن أبي حاتم عن رجل من بلجيم قال : قلت : يا رسول الله أوصني ، قال : إياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة.
وأخرج البغوي ، وَابن قانع في معجم الصحابة والطبراني ، وَابن مردويه عن ثابت بن قيس بن شماس قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} فذكر الكبر فعظمه فبكى ثابت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك فقال : يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى إنه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي ، قال : فأنت من أهل الجنة إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ولكن الكبر من سفه

الحق وغمص الناس.
وأخرج أحمد عن سمرة بن فاتك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : نعم الفتى سمرة لو أخذ من لمنة وشمر من مئزره.
الآيات 37 - 39
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان كردم بن يزيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون ، فأنزل الله فيهم {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} إلى قوله {وكان الله بهم عليما}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {الذين يبخلون} قال : هي في

أهل الكتاب يقول : يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي في الآية قال : هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم وكتموا ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {الذين يبخلون} الآية ، قال : نزلت في يهود.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {الذين يبخلون} الآية ، قال هؤلاء يهود يبخلون بما آتاهم الله من الرزق ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب إذا سئلوا عن الشيء.
وأخرج ابن أبي سعيد بن جبير قال : كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئا فعيرهم الله بذلك فأنزل الله {الذين يبخلون} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} قال : هذا في العلم ليس للدنيا منه شيء

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية
قال : هم أعداء الله أهل الكتاب بخلوا بحق الله عليهم وكتموا الإسلام ومحمدا وهم (يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) (الأعراف الآية 157) ، واخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس قال : البخل ، أن يبخل الإنسان بما في يديه والشح ، أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا يقنع.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن عبيد أنه قرأ {ويأمرون الناس بالبخل}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عمرو بن دينار أن ابن الزبير كان يقرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {والذين ينفقون أموالهم

رئاء الناس} قال : نزلت في اليهود.
الآية 40.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في قوله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} قال : رأس نملة خضراء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {مثقال ذرة} قال : نملة.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق عطاء عن عبد الله أنه قرأ إن الله لا يظلم مثقال نملة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} قال : وزن ذرة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في الأعراب من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، فقال
رجل : وما للمهاجرين قال {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة أنه تلا هذه الآية فقال : لأن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إلي من الدنيا وما فيها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ومسلم ، وَابن جَرِير عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ، قال أبو سعيد : فمن شك فليقرأ {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : يؤتى بالعبد يوم القيامة فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان بن فلان من كان له حق فليأت إلى حقه ، فيفرح والله المرء أن يدور له الحق على والده أو ولده أو زوجته فيأخذه منه وإن كان صغيرا ومصداق ذلك في

كتاب الله (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسألون) (المؤمنون الآية 101) فيقال له : ائت هؤلاء حقوقهم فيقول : أي رب ومن أين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله لملائكته : انظروا أعماله الصالحة وأعطوهم منها ، فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرة من حسنة ، فيقول للملائكة : ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة ومصداق ذلك في كتاب الله {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} أي الجنة يعطيها ، وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون كثير ، فيقول الله : ضعوا عليه من أوزارهم واكتبوا له كتابا إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وإن تك حسنة} وزن ذرة زادت على سيئاته {يضاعفها} فأما المشرك فيخفف به عنه العذاب ولا يخرج من النار أبدا.
واخرج ابن المنذر عن أبي رجاء أنه قرأ : وإن تك حسنة يضاعفها بتثقيل العين

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : بلغني عن أبي هريرة أنه قال : إن الله يجزي المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة ، فأتيته فسألته ، قال : نعم ، وألفي ألف حسنة وفي القرآن من ذلك {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} فمن يدري ما ذلك الإضعاف.
وأخرج ابن جرير عن أبي عثمان النهدي قال : لقيت أبا هريرة فقلت له : بلغني أنك تقول أن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة قال : وما أعجبك من ذلك فوالله لقد سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة {ويؤت من لدنه أجرا عظيما} قال : الجنة.
الآية 41.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طرق ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي قلت : يا رسول الله أقرأ

عليك وعليك أنزل قال : نعم ، إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فقال : حسبك الآن ، فإذا عيناه تذرفان.
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن حريث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود : اقرأ ، قال : أقرأ وعليك أنزل قال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فافتتح سورة النساء حتى بلغ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} الآية ، فاستعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكف عبد الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والبغوي في معجمه والطبراني بسند حسن عن محمد بن فضالة الأنصاري - وكان ممن صحب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في نبي ظفر ومعه ابن مسعود ومعاذ بن جبل وناس من أصحابه فأمر قارئا فقرأ
فأتى على هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه وقال : يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره

وأخرج الطبراني عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} قال : رسولها يشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شهيدا عليهم ما دمت فيهم فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم والله تعالى أعلم.
الآية 42.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {لو تسوى بهم الأرض} يعني أن تستوي الأرض

الجبال عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية يقول : ودوا لو انخرقت بهم الأرض فساخوا فيها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {لو تسوى بهم الأرض} تنشق لهم فيدخلون فيها فتسوي عليهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : أرأيت أشياء تختلف على من في القرآن فقال ابن عباس : ما هو أشك في القرآن قال : ليس شك ولكنه
اختلاف ، قال : هات ما اختلف عليك من ذلك ، قال : أسمع الله يقول (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) وقال {ولا يكتمون الله حديثا} فقد كتموا وأسمعه يقول (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) (المؤمنون الآية 101) ثم قال (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الآية 27) وقال (أئنكم لتكفرون

بالذي خلق الأرض في يومين) (فصلت الآية 9) حتى بلغ (طائعين) فبدأ بخلق الأرض في هذه الآية قبل خلق السماء ثم قال في الآية الأخرى (أم السماء بناها) (النازعات الآية 27) ثم قال (والأرض بعد ذلك دحاها) (النازعات الآية 30) فبدأ بخلق السماء في هذه الآية قبل خلق الأرض وأسمعه يقول (وكان الله عزيزا حكيما) (وكان الله غفورا رحيما) (وكان الله سميعا بصيرا) فكأنه كان ثم مضى ، وفي لفظ ما شأنه يقول (وكان الله) ، فقال ابن عباس : أما قوله (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن الله يغفر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم فقالوا : والله ربنا ما كنا مشركين فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا.
وَأَمَّا قوله (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) (المؤمنون الآية 101) فهذا في النفخة الأولى (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله) (الزمر الآية 68) فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) (الزمر الآية 68) (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الآية 27).
وَأَمَّا قوله (خلق الأرض في يومين) (فصلت الآية 9) فإن الأرض خلقت قبل
السماء وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض.
وَأَمَّا قوله (والأرض بعد ذلك دحاها) (النازعات الآية 6) يقول : جعل فيها جبلا جعل فيها نهرا جعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا.
وَأَمَّا قوله (وكان الله) فإن الله كان ولم يزل كذلك وهو كذلك (عزيز حكيم) (عليم قدير) ثم لم يزل كذلك فما

اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك وإن الله لم ينزل شيئا إلا وقد أصاب به الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال : يا ابن عباس قول الله {يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا} وقوله (والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) فقال له ابن عباس : إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت : ألقي على ابن عباس متشابه القرآن فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد ، فيقول المشركون : إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده ، فيقولون : تعالوا نقل ، فيسألهم فيقولون (والله ربنا ما كنا مشركين) (الأنعام الآية 23) فيختم على أفواههم وتستنطق به جوارحهم فتشهد عليهم أنهم كانوا مشركين فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم ولا يكتمون الله حدثيا.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن حذيفة قال : أتي بعبد آتاه الله مالا فقال له : ماذا عملت في الدنيا - ولا يكتمون الله حديثا - فقال : ما عملت من شيء يا رب إلا أنك آتيتني مالا فكنت أبايع الناس وكان من خلقي أن أنظر

المعسر قال الله : أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي ، فقال أبو مسعود الأنصاري : هكذا سمعت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا يكتمون الله حديثا} قال : بجوارحهم.
الآية 43.
أخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن علي أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل

آخر شربوا الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون الآية 1) فخلط فيها فنزلت {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد صنع علي لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا ثم صلى علي بهم المغرب فقرأ (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون الآية 1) حتى خاتمتها فقال : ليس لي دين وليس لكم دين ، فنزلت {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي والنحاس والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نسخها (إنما الخمر والميسر) (المائدة الآية 90) الآية.
واخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان قبل أن تحرم الخمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : نهوا أن

يصلوا وهم سكارى ثم نسخها تحريم الخمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والنحاس عن ابن عباس في قوله {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نسختها (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) (المائة الآية 6).
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نسخها (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) (المائدة الآية 6).
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} قال : نشاوى من الشراب {حتى تعلموا ما تقولون} يعني ما تقرؤون في صلاتكم.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : لم يعن بها الخمر إنما عني بها سكر النوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {وأنتم سكارى} قال : النعاس.
وأخرج البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف فلينم حتى يعلم ما يقول

وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن علي في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : نزلت هذه الآية في المسافر تصيبه الجنابة فيتيمم ويصلي ، وفي لفظ قال : لا يقرب الصلاة إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة فلا يجد الماء فيتيمم ويصلي حتى يجد الماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طرق عن ابن عباس في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} يقول : لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إذا وجدتم الماء فإن لم تجدوا الماء فقد أحللت لكم أن تمسحوا بالأرض.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني عن ابن عباس {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : هو المسافر الذي لا يجد ماء فيتيمم ويصلي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : لا يمر الجنب ولا الحائض في المسجد إنما نزلت {ولا جنبا إلا عابري سبيل} للمسافر يتيمم ثم يصلي ، واخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : مسافرين لا تجدون ماء

وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والقاضي إسماعيل في الأحكام والطحاوي في مشكل الآثار والباوردي في الصحابة والدارقطني والطبراني وأبو نعيم في المعرفة ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" والضياء المقدسي في المختارة عن الأسلع بن شريك قال : كنت أرحل ناقة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ثم رضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به ، فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل} إلى {إن الله كان عفوا غفورا}.
وأخرج ابن سعد وعبد بن جبير ، وَابن جَرِير والطبراني

في سننه من وجه آخر عن الأسلع قال : كنت أخدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأرحل له فقال لي ذات ليلة : يا أسلع قم فارحل لي ، قلت : يا رسول الله أصابتني جنابة ، فسكت عني ساعة حتى جاء جبريل بآية الصعيد فقال : قم يا أسلع فتيمم ثم أراني الأسلع كيف علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التيمم قال : ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض فمسح وجهه ثم ثم ضرب فدلك إحداهما بالأخرى ثم نفضهما ثم مسح بهما ذراعيه ظاهرهما وباطنهما.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس {لا تقربوا الصلاة} قال : المساجد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عطاء بن يسار عن ابن عباس {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل ، قال : تمر به مرا ولا تجلس.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : إن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممرا إلا في المسجد

فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : هو الممر في المسجد.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لا بأس للحائض والجنب أن يمرا في المسجد ما لم يجلسا فيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة قال : الجنب يمر في المسجد ولا يجلس فيه ثم قرأ {ولا جنبا إلا عابري سبيل}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : الجنب يمر في المسجد.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود أنه كان يرخص للجنب أن يمر في المسجد مجتازا وقال {ولا جنبا إلا عابري سبيل}.
وأخرج البيهقي عن أنس في قوله {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال : يجتاز ولا يجلس

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والبيهقي ، عَن جَابر قال : كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : نزلت في رجل من الأنصار كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم فينا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله هذه الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : هو الرجل المجدور أو به الجراح أو القرح يجنب فيخاف إن اغتسل أن يموت فيتيمم.
وأخرج الحاكم والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس رفعه في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أوالجدري فيجنب فيخاف إن اغتسل أن يموت فليتيمم.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : هي للمريض تصيبه الجنابة إذا خاف على نفسه الرخصة في التيمم مثل المسافر إذا لم يجد الماء

وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه قال : للمريض المجدور وشبهه رخصة في أن لا يتوضأ وتلا {وإن كنتم مرضى أو على سفر} ثم يقول : هي مما خفي من تأويل القرآن.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : نال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت {وإن كنتم مرضى} الآية كلها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {وإن كنتم مرضى} قال : المريض الذي قد أرخص له في التيمم هو الكسير والجريح فإذا أصابت الجنابة لا يحل جراحته إلا جراحة لا يخشى عليها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ومجاهد قالا في المريض تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه : هو بمنزلة المسافر الذي لا يجد الماء يتيمم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : المريض الذي لا يجد أحدا يأتيه بالماء ولا يقدر عليه وليس له خادم ولا عون يتيمم ويصلي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أو جاء أحد

منكم من الغائط} قال : الغائط الوادي.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد ، وَابن أبي شيبة في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي من طرق عن ابن مسعود في قوله {أو لامستم النساء} قال : اللمس ، ما دون الجماع والقبلة منه وفيها الوضوء.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود ، أنه كان يقول في هذه الآية {أو لامستم النساء} هو الغمز.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عمر أنه كان يتوضأ من قبلة المرأة ويقول : هي اللماس.
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق ، وَابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر قال : قبلة
الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء

وأخرج الحاكم والبيهقي عن عمر قال : إن القبلة من اللمس فتوضأ منها.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : اللمس هو الجماع ولكن الله كنى عنه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {أو لامستم النساء} قال : هو الجماع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كنا في حجرة ابن عباس ومعنا عطاء بن أبي رباح ونفر من الموالي وعبيد بن عمير ونفر من العرب فتذاكرنا اللماس فقلت أنا وعطاء والموالي : اللمس باليد ، وقال عبيد بن عمير والعرب : هو الجماع ، فدخلت على ابن عباس فأخبرته فقال : غلبت الموالي وأصابت العرب ، ثم قال : إن اللمس والمس والمباشرة إلى الجماع ما هو ولكن الله يكني بما شاء

واخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {أو لامستم النساء} قال : أو جامعتم النساء وهذيل تقول : اللمس باليد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، قال أما سمعت لبيد بن ربيعة حيث يقول : يلمس الاحلاس في منزله * بيديه كاليهودي المصل ، وقال الأعشى : ورادعة صفراء بالطيب عندنا * للمس الندامى من يد الدرع مفتق.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ ((أو لمستم النساء)) قال : يعني ما دون الجماع ، واخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة عن قوله {أو لامستم النساء} فأشار بيده وضم أصابعه كأنه يتناول شيئا يقبض عليه ، قال محمد : ونبئت عن ابن عمر أنه كان إذا مس مخرجه توضأ فظننت أن قول ابن عمر وعبيدة شيئا واحدا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : اللمس باليد

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة قال : ما دون الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : الملامسة دون الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : الملامسة الجماع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {فتيمموا صعيدا طيبا} قال : تحروا تعمدوا صعيدا طيبا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {صعيدا طيبا} قال : التي ليس فيها شجر ولا نبات.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس الملائي قال : الصعيد التراب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن بشير في الآية قال : الطيب : ما أتت عليه الأمطار وطهرته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {صعيدا طيبا} قال : حلالا لكم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : إن أطيب الصعيد أرض الحرث.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حماد قال : كل شيء وضعت يدك عليه فهو صعيد حتى غبار لبدك فتيمم به.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل أي الصعيد أطيب قال : أرض الحرث.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي هريرة قال : لما نزلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم أجده فانطلقت أطلبه فاستقبلته فلما رآني عرف الذي جئت له فبال ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه.
وأخرج ابن عدي عن عائشة قالت : لما نزلت آية التيمم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على الأرض فمسح بهما وجهه وضرب بيده الأخرى ضربة فمسح بهما كفيه

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن عمار بن ياسر قال : كنت في سفر فأجنبت فتمعكت فصليت ثم ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنما كان يكفيك أن تقول هكذا ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بها وجهه وكفيه
وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : التيمم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب ثم نفضنا أيدينا فمحسنا بها وجوهنا ثم ضربنا ضربة أخرى ثم نفضنا أيدينا فمحسنا بأيدينا من المرافق إلى الأكف على منابت الشعر من ظاهر وباطن.
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك قال : تيمم عمار فمسح وجهه ويديه ولم يمسح الذراع.
وأخرج عن مكحول قال : التيمم ضربة للوجه والكفين إلى الكوع فإن الله قال في الوضوء (وأيديكم إلى المرافق) (المائدة الآية 6) وقال في التيمم {وأيديكم} ولم يستثن فيه كما استثنى في الوضوء إلى المرافق وقال الله (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) (المائدة الآية 38) فإنما تقطع يد السارق من مفصل الكوع.
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال : التيمم إلى الآباط.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمار بن ياسر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلك عقد لعائشة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضاء الصبح فتغيظ أبو بكر على عائشة فنزلت عليه رخصة المسح بالصعيد فدخل أبو بكر فقال لها : إنك لمباركة نزل فيك رخصة ، فضربنا بأيدينا ضربة لوجهنا وضربة بأيدينا إلى المناكب والآباط ، قال الشافعي : هذا منسوخ لأنه أول تيمم كان حين نزلت آية التيمم فكل تيمم جاء بعده يخالفه فهو له ناسخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والبيهقي عن أبي ذر قال : اجتمعت غنيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا ذر ابد فيها فبدوت فيها إلى الربذة وكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمسة والستة فأتيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال : الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء ، واخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان الهندي قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تمسحوا بها فإنها بكم برة يعني الأرض.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال : من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : يتيمم لكل صلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن العاص قال : يتيمم لكل صلاة.
الآيات 44 - 46.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء

اليهود إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال : ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام وعابه ، فأنزل الله فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة} إلى قوله {فلا يؤمنون إلا قليلا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} إلى قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال : نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي والله أعلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وهيب بن الورد قال : قال الله يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك فيمن أمحق وإذا ظلمت فاصبر وارض بنصرتي فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} يعني يحرفون حدود الله في التوراة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

مجاهد في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال : تبديل اليهود التوراة {ويقولون سمعنا وعصينا} قالوا : سمعنا ما تقول ولا نطعيك {واسمع غير مسمع} قال : غير مقبول ما تقول {ليا بألسنتهم} قال : خلافا يلوون به ألسنتهم {واسمع وانظرنا} قال : أفهمنا لا تعجل علينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال : لا يضعونه على ما أنزله الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {واسمع غير مسمع} يقولون : اسمع لا سمعت ، وفي قوله {وراعنا} قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا سمعك وإنما راعنا كقولك عاطنا ، وفي قوله {ليا بألسنتهم} قال : تحريفا بالكذب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : كان ناس منهم يقولون : اسمع غير مسمع كقولك : اسمع غير صاغر ، وفي قوله {ليا بألسنتهم} قال : بالكلام شبه الاستهزاء {وطعنا في الدين}

قال : في دين محمد عليه السلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك.
الآية 47
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جريروابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد فقال لهم : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق ، فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ، فأنزل الله فيهم {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا أيها الذين أوتوا الكتاب} الآية ، قال : نزلت في مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {من قبل أن نطمس وجوها} قال : طمسها أن تعمى {فنردها على

أدبارها} يقول : نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم فيمشون القهقرى ويجعل لأحدهم عينين في قفاه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله عز وجل {من قبل أن نطمس وجوها} قال : من قبل أن نمسخها على غير خلقها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول : من يطمس الله عينيه فليس له * نور يبين به شمسا ولا قمرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي إدريس الخولاني قال : كان أبو مسلم الخليلي معلم كعب وكان يلومه في إبطائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثه لينظر أهو هو قال كعب : حتى أتيت المدينة فإذا تال يقرأ القرآن {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها} فبادرت الماء أغتسل وإني لأمس وجهي مخافة أن أطمس ثم أسلمت.
وأخرج ابن جرير عن عيسى بن المغيرة قال : تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب فقال : أسلم كعب في زمان عمر أقبل وهو يريد بيت المقدس فمر على المدينة فخرج إليه عمر فقال : يا كعب أسلم ، قال : ألستم تقرأون في كتابكم (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل

أسفارا) (الجمعة الآية 5) وأنا قد حملت التوراة.
فتركه ثم خرج حتى انتهى إلى حمص فسمع رجلا من أهلها يقرأ هذه الآية {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها} قال كعب : يا رب آمنت يا رب أسلمت مخافة أن تصيبه هذه الآية ، ثم رجع فأتى أهله باليمن ثم جاء بهم مسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من قبل أن نطمس وجوها} يقول : عن صراط الحق {فنردها على أدبارها} قال : في الضلالة.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : الطمس : أن يرتدوا كفارا فلا يهتدوا أبدا {أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت} أن نجعلهم قردة وخنازير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد {فنردها على أدبارها} قال : كان أبي يقول إلى الشام أي رجعت إلى الشام من حيث جاءت ردوا إليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : نطمسها عن الحق {فنردها على أدبارها} على ضلالتها {أو نلعنهم}

يقول سبحانه وتعالى : أو نجعلهم قردة.
الآية 48.
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أيوب الأنصاري قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام قال : وما دينه قال : يصلي ويوحد الله ، قال : استوهب منه دينه فإن أبى فابتعه منه ، فطلب الرجل ذلك منه فأبى عليه فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : وجدته شحيحا على دينه ، فنزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والبزار من طرق عن ابن عمر قال : كنا معشر أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل النفس وآكل مال اليتيم وشاهد الزور وقاطع الرحم حتى نزلت هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأمسكنا عن الشهادة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعنا هذا كففنا عن الشهادة وأرجأنا

الأمور إلى الله.
وأخرج ابن الضريس وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن عدي بسند صحيح عن ابن عمر قال : كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا صلى الله عليه وسلم {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقال : إني ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا ثم نطقنا بعد ورجونا.
وأخرج ابن المنذر من طريق المعتمر بن سليمان عن سليمان بن عتبة البارقي قال : حدثنا إسماعيل بن ثوبان قال : شهدت في المسجد قبل الداء الأعظم فسمعتهم يقولون (من قتل مؤمنا) (المائدة الآية 32) إلى آخر الآية فقال المهاجرون والأنصار : قد أوجب له النار ، فلما نزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قالوا : ما شاء الله يصنع الله ما يشاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : لما نزلت (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ، الزمر الآية 53 الآية ، فقام رجل فقال : والشرك يا نبي الله فكره ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال {إن الله لا يغفر أن يشرك به} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن أبي مجلز قال : لما نزلت هذه الآية (يا عبادي الذين أسرفوا على) (الزمر الآية 53) الآية ، قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على المنبر فتلاها على الناس فقام إليه رجل

قال : والشرك بالله فسكت مرتين أو ثلاثا فنزلت هذه الآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأثبتت هذه في الزمر وأثبتت هذه في النساء.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال في هذه الآية : إن الله حرم المغفرة على من مات وهو كافر وأرجأ أهل التوحيد إلى مشئيته فلم يؤيسهم من المغفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن عبد الله المزني {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قال : ثنيا من ربنا على جميع القرآن.
وأخرج الفريابي والترمذي وحسنه ، عَن عَلِي ، قال : أحب آية إلي في القرآن {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وأخرج ابن جرير عن أبي الجوزاء قال : اختلفت إلى ابن عباس ثلاث عشرة سنة فما من شيء من القرآن إلا سألته عنه ورسولي يختلف إلى عائشة فما سمعته ولا سمعت أحدا من العلماء يقول : إن الله يقول لذنب لا أغفره.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلا حلت له المغفرة إن شاء غفر له وإن شاء عذبه إن الله استثنى فقال {إن الله لا يغفر أن يشرك به

ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن وعده على عمل عقابا فهو بالخيار.
وأخرج الطبراني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذنب لا يغفر وذنب لا يترك وذنب يغفر ، فأما الذي لا يغفر فالشرك بالله وأما الذي يغفر فذنب بينه وبين الله عز وجل وأما الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا.
وأخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدواوين عند الله ثلاثة : ديوان لا يعبأ الله به شيئا وديوان لا يترك الله منه شيئا وديوان لا يغفره الله ، فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك قال الله (ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة) (المائدة الآية 72) وقال الله {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به

فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم تركه أو صلاة تركها فإن الله يغفر ذلك ويتجاوز عنه إن شاء وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فظلم العباد بعضهم بعضا القصاص لا محالة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي ذر قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك
إلا دخل الجنة ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ثلاثا ثم قال في الرابعة : على رغم أنف أبي ذر.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يقول : يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ويا عبدي لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ما لم تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مات لا يعدل بالله شيئا ثم كانت عليه من الذنوب مثل الرمال غفر له.
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات

لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
وأخرج الطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئا.
وأخرج أحمد عن سلمة بن نعيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق قال : وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء ، قال فخرجت لأنادي بها في الناس فلقيني عمر فقال : ارجع فإن الناس إن علموا بهذه اتكلوا عليها ، فرجعت فأخبرته صلى الله عليه وسلم فقال : صدق عمر.
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : أربع آيات في كتاب الله عز وجل أحب إلي من حمر النعم وسودها في سورة النساء قوله (إن الله لا يظلم مثقال

ذرة) (النساء الآية 40) الآية ، وقوله {إن الله لا يغفر أن يشرك به} الآية ، وقوله (ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاؤوك) (النساء الآية 64) الآية وقوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) (النساء الآية 110) الآية.
الآيتان 49 - 50.
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : إن اليهود قالوا : إن أبناءنا قد توفوا وهم لنا قربة عند الله وسيشفعون لنا ويزكوننا فقال الله لمحمد {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب وكذبوا قال الله : إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له ثم أنزل الله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : يعني يهود كانوا يقدمون صبيانا لهم أمامهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم قال :

فتلك التزكية.
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : نزلت في اليهود كانوا يقدمون صبيانهم يقولون : ليست لهم ذنوب.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا الحنث يصلون بهم يقولون : ليس لهم ذنوب ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : هم اليهود والنصارى (قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه) (المائدة الآية 18) ، (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) (البقرة الآية 111).
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال : نزلت في اليهود قالوا : إنا نعلم أبناءنا التوراة صغارا فلا يكون لهم ذنوب وذنوبنا مثل ذنوب أبناءنا ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إن الرجل ليغدر بدينه ثم يرجع وما

معه منه شيء يلقى الرجل ليس يملك له نفعا ولا ضرا فيقول : والله إنك لذيت وذيت ولعله أن يرجع ولم يجد من حاجته بشيء وقد أسخط الله عليه ثم قرأ {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {ولا يظلمون فتيلا} قال : الفتيل : ما خرج من بين الأصبعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طرق عن ابن عباس قال : الفتيل ، هم أن تدلك بين أصبعيك فما خرج منهما فهو ذلك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : النقير : النقرة تكون في النواة التي تنبت منها النخلة والفتيل : الذي يكون على شق النواة والقطمير : القشر الذي يكون على النواة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الفتيل : الذي في

الشق الذي في بطن النواة.
وأخرج الطستي ، وَابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {ولا يظلمون فتيلا} قال : لا ينقصون من الخير والشر مثل الفتيل هو الذي يكون في شق النواة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول : يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو * ثم لا يرزأ الأعادي فتيلا وقال الأول أيضا : أعاذل بعض لومك لا تلحي * فإن اللوم لا يغني فتيلا.
وَأخرَج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير : الذي يكون في وسط النواة في ظهرها والفتيل : الذي يكون في جوف النواة ويقولون : ما يدلك فيخرج من وسخها والقطمير : لفافة النواة أو سحاة البيضة أو سحاة القصبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية الجدلي : هي ثلاث في النواة : القطمير وهي قشرة النواة والنقير الذي غابت في وسطها والفتيل الذي

رأيت في وسطها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك قال : قالت يهود : ليس لنا ذنوب إلا كذنوب أولادنا يوم يولدون فإن كانت لهم ذنوب فإن لنا ذنوبا فإنما نحن مثلهم ، قال الله {انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا}.
الآيات 51 - 53.
أخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قدم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم : أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب فأخبرونا عنا وعن محمد قالوا : ما أنتم وما محمد قالوا : ننحر الكوماء ونسقس اللبن على الماء ونفك العناة ونسقي الحجيج ونصل الأرحام ، قالوا : فما محمد قالوا صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار ، قالوا : لا بل أنتم خير منهم وأهدى سبيلا ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} إلى آخر الآية

وأخرجه سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة مرسلا.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش : أنت خير أهل المدينة وسيدهم قال : نعم ، قالوا : ألا ترى إلى هذا المنصبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية قال : أنتم خير منه ، فأنزلت (إن شائنك هو الأبتر) (الكوثر الآية 3) وأنزلت {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} إلى قوله {نصيرا}.
واخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عكرمة أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش فاستجاشهم على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يغزوه وقال : إنا معكم نقاتله ، فقالوا : إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم فإن أردت أن تخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل ، ثم قالوا : نحن أهدى أم محمد فنحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونصل الرحم ونقري الضيف ونطوف بهذا البيت ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده ، قال : بل أنتم خير

وأهدى ، فنزلت فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : أنزلت في كعب بن الأشرف قال : كفار قريش أهدى من محمد عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن السدي عن أبي مالك قال : لما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود من النضير ما كان حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وبأصحابه فاطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم على محمد فقال له أبو سفيان : يا أبا سعيد إنكم قوم تقرأون الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم فأخبرنا ديننا خير أم دين محمد قال كعب : اعرضوا علي دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن قوم ننحر الكوماء ونسقي الحجيج الماء ونقري الضيف ونحمي بيت ربنا ونعبد آلهتنا التي كان يعبد أباؤنا ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه ، قال : دينكم خير من دين محمد فاثبتوا عليه ألا ترون أن محمدا يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء ، فذلك حين يقول {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا} الآية

وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وأبو رافع والربيع بن أبي الحقيق وعمارة ووحوح بن عارم وهودة بن قيس ، فأما وحوح بن عامر وهودة فمن بني وائل وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا على قريش قالوا : هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد فسألوهم فقالوا : بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه ومن
اتبعه ، فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} إلى قوله {ملكا عظيما}.
وأخرج البيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر في تاريخه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لما كان من أن أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما كان اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها وقال : لا أعين عليه ولا أقاتله ، فقيل له بمكة : يا كعب أديننا خير أم دين محمد وأصحابه قال : دينكم خير وأقدم ودين محمد حديث ، فنزلت فيه {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف وحيي بن

أخطب رجلين من اليهود من بني النضير أتيا قريشا بالموسم فقال لهم المشركون : أنحن أهدى أم محمد وأصحابه فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم فقالا : بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه وهما يعلمان أنهما كاذبان إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : الجبت والطاغوت : صنمان.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ورستة في الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : الجبت الساحر والطاغوت الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طرق عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت حيي بن أخطب والطاغوت كعب بن الأشرف

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت الأصنام والطاغوت الذي يكون بين يدي الأصنام يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت اسم الشيطان بالحبشية والطاغوت كهان العرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : الجبت الشيطان بلسان الحبش والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : الجبت الساحر بلسان الحبشة والطاغوت الكاهن ، واخرج عن أبي العالية قال : الطاغوت الساحر والجبت الكاهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : كنا نحدث أن الجبت شيطان والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق ليث عن مجاهد قال :

الجبت كعب بن الأشرف والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان ، واخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي ، وَابن أبي حاتم عن قبيصة بن مخارق أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت.
وأخرج رستة في الإيمان عن مجاهد في قوله {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا} قال : اليهود تقول ذاك يقولون : قريش أهدى من محمد وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أم لهم نصيب من الملك} قال : فليس لهم نصيب ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : لو كان

لهم نصيب من ملك إذن لم يؤتوا محمدا نقيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال : النقير : النقطة التي في ظهر النواة.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير قال : ما في شق ظهر النواة ومنه تنبت النخلة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : وليس الناس بعدك في نقير * وليسوا غير أصداء وهام.
وَأخرَج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله {فإذا لا يؤتون الناس نقيرا} ما النقير قال : ما في ظهر النواة قال فيه الشاعر : لقد رزحت كلاب بني زبير * فما يعطون سائلهم نقيرا
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال : هذا النقير ووضع طرف الإبهام على باطن السبابة ثم نقرها.
الآيتان 54 - 55.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد

في قوله {أم يحسدون الناس} قال : هم يهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل الكتاب : زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من هذا ، فأنزل الله هذه الآية {أم يحسدون الناس} إلى قوله {ملكا عظيما} يعني ملك سليمان.
وأخرج ابن المنذر عن عطية قال : قالت اليهود للمسلمين : تزعمون أن محمدا أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة أي ملك أعظم من هذا فأنزل الله {أم يحسدون الناس} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، نحوه.
وأخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله {أم يحسدون الناس} قال : نحن الناس دون الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {أم يحسدون الناس} قال : الناس في هذا الموضع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خاصة ، واخرج ابن جرير عن مجاهد {أم يحسدون الناس} قال :

محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أعطى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بضع وسبعين شابا فحسدته اليهود فقال الله {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال : يحسدون محمدا حين لم يكن منهم وكفروا به.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية {أم يحسدون الناس} قال : أولئك اليهود حسدوا هذا الحي من العرب {على ما آتاهم الله من فضله} بعث الله منهم نبيا فحسدوهم على ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {على ما آتاهم الله من فضله} قال : النبوة.
وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فقد آتينا آل إبراهيم} سليمان وداود {الكتاب والحكمة} يعني النبوة {وآتيناهم ملكا عظيما} في النساء فما باله حل لأولئك الأنبياء وهم أنبياء أن ينكح داود تسعا وتسعين امرأة وينكح سليمان مائة امرأة لا يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان في ظهر سليمان مئة رجل وكان له ثلثمائة امرأة وثلثمائة سرية.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن كعب قال : بلغني أنه كان لسيلمان ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن همام بن الحارث {وآتيناهم ملكا عظيما} قال : أيدوا بالملائكة والجنود.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {وآتيناهم ملكا

عظيما} قال : النبوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {وآتيناهم ملكا عظيما} قال : النبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد فمنهم من آمن به قال بما أنزل على محمد من يهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فمنهم من آمن به} اتبعه {ومنهم من صد عنه} يقول : تركه فلم يتبعه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع الناس في تلك السنة فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم واحتاج الناس
إليه فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم : من آمن أعطيته ومن أبى منعته ، فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه ، فذلك قوله {فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة} ومحمد من آل إبراهيم.
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال :

يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة ولا يجتمعان لأحد وتزعمون أن لكم ملكا ، فقال له ابن عباس : أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوة فإن لم نستحقها بالنبوة فبم نستحقها وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما} فالكتاب النبوة والحكمة السنة والملك الخلافة نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد والسنة لنا ولهم جارية وأما قولك زعمنا أن لنا ملكا فالزعم في كتاب الله شك وكل يشهد أن لنا ملكا لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ولا حولا إلا ملكنا حولين ، والله أعلم.
الآيتان 56 - 57.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق ثوبر عن ابن عمر في قوله {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} قال : إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضاء أمثال القراطيس.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر قال : قرى ء عند عمر {كلما نضجت

جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب}
فقال معاذ : عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة ، فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال : تلا رجل عند عمر {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} فقال كعب عندي تفسير هذه الآية قرأتها قبل الإسلام ، فقال : هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقناك ، قال : إني قرأتها قبل الإسلام {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة ، فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة {كلما نضجت} وأكلت لحومهم قيل لهم عودوا فعادوا

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم حتى تفضي النار إلى العظام ويبدلون جلودا غيرها يذيقهم الله شديد العذاب فذلك دائم لهم أبدا بتكذيبهم رسول الله وكفرهم بآيات الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يزيد الحضرمي أنه بلغه في قول الله {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} قال : يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأول : أن جلد أحدهم أربعون ذراعا وسنه سبعون ذراعا وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودا غيرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة بن اليمان قال : أسر إلي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا حذيفة إن في جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار وكلاليب من نار وسيوفا من نار وأنه تبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك

الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب كلما قطعوا عضوا عاد مكانه غضا جديدا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : قال أبو مسعود لأبي هريرة : أتدري كم غلظ جلد الكافر قال : لا ، قال : غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : غلظ جلد الكافر أربعون ذراعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن أهل النار يعظمون في النار حتى يصير أحدهم مسيرة كذا وكذا ، وإن ضرس أحدهم لمثل أحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {وندخلهم ظلا ظليلا} قال : هو ظل العرش الذي لا يزول.
الآية 58.
أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : لما فتح رسول الله

صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن أبي طلحة فلما أتاه قال : أرني المفتاح ، فأتاه به فلما بسط يده إليه قدم العباس فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجعله لي مع السقاية ، فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرني المفتاح يا عثمان ، فبسط يده يعطيه فقال العباس مثل كلمته الأولى ، فكف عثمان يده ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح ، فقال : هناك بأمانة الله ، فقام ففتح باب الكعبة فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما للمشركين - قاتلهم الله - وما شأن إبراهيم وشأن القداح ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه ثم غمس بها تلك التماثيل.
وَأخرَج مقام إبراهيم وكان في الكعبة ثم قال : يا أيها الناس هذه القبلة ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} النساء الآية 58 حتى فرغ من الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع
إليه المفتاح قال : وقال عمر بن الخطاب : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الآية - فداؤه

أبي وأمي - ما سمعته يتلوها قبل ذلك.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ، يعني حجابة الكعبة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية ، قال : أنزلت هذه الآية في ولاة الأمر وفيمن ولي من أمور الناس شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : نزلت في الأمراء خاصة {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن

يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : يعني السلطان يعطون الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : هي مسجلة للبر والفاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : هذه الأمانات فيما بينك وبين الناس في المال وغيره.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : إن القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة يجاء بالرجل يوم القيامة وإن كان قتل في سبيل الله فيقال له : أد أمانتك ، فيقول : من أين وقد ذهبت الدينا فيقال : انطلقوا به إلى الهاوية فينطلق فتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه في

قعر جهنم فيحملها فيصعد بها حتى إذا ظن أنه خارج بها فهزلت من عاتقه فهوت وهوى معها أبد الآبدين ، قال زاذان : فأتيت البراء بن عازب فقلت : أما سمعت ما قال أخوك ابن مسعود قال : صدق إن الله يقول {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} والأمانة في
الصلاة والأمانة في الغسل من الجنابة والأمانة في الحديث والأمانة في الكيل والوزن والأمانة في الدين وأشد ذلك في الودائع.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال : إنه لم يرخص لموسر ولا لمعسر.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية عن الحسن أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.
وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي صالح عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك

وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اتئمن خان.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا وضوء له.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة طعمة.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما الله عز وجل.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمر قال : لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا صيامه وانظروا إلى صدق حديثه إذا حدث وإلى أمانته إذا ائتمن وإلى

ورعه إذا أشفى.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب ، مثله.
وأخرج عن ميمون بن مهران قال : ثلاثة تؤدين إلى البر والفاجر : الرحم توصل كانت برة أو فاجرة والأمانى تؤدى إلى البر والفاجر والعهد يوفى به للبر والفاجر.
وأخرج عن سفيان بن عيينة قال : من لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمانة رأس ماله.
وأخرج عن أنس قال : البيت الذي تكون فيه خيانة لا تكون فيه البركة.
وأخرج أبو داود ، وَابن حبان ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن أبي يونس قال : سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات} إلى قوله {كان سميعا بصيرا} ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينه ويقول : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها ويضع أصبعيه

وأخرج ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقترى ء هذه الآية {سميعا بصيرا} يقول : بكل شيء بصير.
الآية 59.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} قال : طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة {وأولي الأمر منكم} قال : أولي الفقه والعلم.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} قال : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في سرية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم الذين يريدون فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا وأتاهم ذو العبينتين فأخبرهم فأصبحوا قد

هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال : يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت فقال عمار : بل هو ينفعك فأقم ، فأقام فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل فأخذه وأخذ ماله فبلغ عمارا الخبر فأتى خالدا فقال : خل عن الرجل فإنه قد أسلم وهو في أمان مني ، قال : خالد وفيم أنت تجير فاستبا وارتفعا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير ، فاستبا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال خالد : يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا خالد لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا سبه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله ومن لعن عمارا لعنه الله ، فغضب عمار فقام فتبعه خالد ختى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي ، فأنزل الله الآية وأخرجه ابن عساكر من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس.
وأخرج ابن جرير عن ابن ميمون بن مهران في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : أصحاب السرايا على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : هم الأمراء منكم ، وفي لفظ : هم أمراء السرايا.
وأخرج ابن جرير عن مكحول في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : هم أهل الآية التي قبلها {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : قال أبي : هم السلاطين قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطاعة الطاعة وفي الطاعة بلاء ، وقال : لو شاء الله لجعل الأمر في الأنبياء ، يعني لقد جعل إليهم والأنبياء معهم ألا ترى حين حكموا في قتل يحيى بن زكريا.
وأخرج البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسمعوا وأطيعوا وإن

استعمل عليكم حبشي كان رأسه زبيبة.
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال : اعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله {وأولي الأمر منكم} يعني أهل الفقه والدين وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فأوجب الله طاعتهم على العباد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، عَن جَابر بن عبد الله في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : أولي الفقه وأولي الخير.
وأخرج ابن عدي في الكامل عن ابن عباس في قوله {وأولي الأمر منكم} قال : أهل العلم

وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {وأولي الأمر} قال : هم الفقهاء والعلماء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وأولي الأمر} قال : أصحاب محمد أهل العلم والفقه والدين.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن أبي العالية في قوله {وأولي الأمر} قال : هم أهل العلم ألا ترى أنه يقول (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلم الذين يستنبطونه منهم) (النساء الآية 83).
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأولي الأمر} قال : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الدعاة الرواة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن عكرمة في قوله {وأولي الأمر} قال : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي {وأولي الأمر} قال : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وَابن مسعود

وأخرج سعيد بن منصور عن عكرمة أنه سئل عن أمهات الأولاد فقال : هن أحرار ، فقيل له بأي شيء تقوله قال : بالقرآن ، قالوا بماذا من القرآن قال : قول الله {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وكان عمر من أولي الأمر قال : أعتقت كانت مسقطا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببره والفاجر بفجره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلهم ولكم وإن أساءوا فلكم وعليهم.
وأخرج أحمد عن أنس أن معاذا قال : يا رسول الله أرأيت إن كانت علينا

أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمر في أمرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمن لم يطع الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو يعلى ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن بجزر على بعث أنا فيهم فلما كنا ببعض الطرق أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي - وكان من أصحاب بدر وكان به دعابة - فنزلنا ببعض الطريق وأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم فقال لهم : أليس لي عليكم السمع والطاعة قالوا : بلى ، قال : فما أنا آمركم بشيء إلا صنعتموه قالوا : بلى ، قال : أعزم بحقي وطاعتي لما تواثبتم في هذه النار ، فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون قال : احبسوا أنفسكم إنما كنت أضحك معهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أمركم بمعصية فلا تطيعوه.
وأخرج ابن الضريس عن الربيع بن أنس قال : مكتوب في الكتاب

الأول : من رأى لأحد عليه طاعة في معصية الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك ومن رضي أن يعصي الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا طاعة في معصية الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : كان عمر إذا استعمل رجلا كتب في عهده : اسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : اسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع ، إن ضرك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن أراد أمرا ينتقص

دينك فقل : دمي دون ديني.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سفيان قال : خطبنا ابن الزبير فقال : إنا قد ابتلينا بما قد ترون فما أمرناكم بأمر لله فيه طاعة فلنا عليكم فيه السمع والطاعة وما أمرناكم من أمر ليس لله فيه طاعة فليس لنا عليكم فيه طاعة ولا نعمة عين.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن أم الحصين الأحمسية قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يخطب وعليه برد متلفعا به وهو يقول : إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : حق على المسلمين أن يسمعوا ويطيعوا ويجيبوا إذا دعوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال : لا طاعة لبشر في معصية الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لبشر

في معصية الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، قال : فأغضبوه في شيء فقال : اجمعوا لي حطبا ، فجمعوا له حطبا ، قال : أوقدوا نارا ، فأوقدوا نارا ، قال : ألم يأمركم أن تسمعوا له وتطيعوا قالوا : بلى ، قال : فادخلوها ، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف.
وأخرج الطبراني عن الحسن أن زياد استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على جيش فلقيه عمران بن الحصين فقال : هل تدري فيم جئتك أما تذكر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لما بلغه الذي قال له أميره : قم فقع في النار فقام الرجل ليقع فيها فادلك فأمسك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لو وقع فيها لدخل النار لا طاعة في معصية الله قال : بلى ، قال : فإنما أردت أن أذكرك هذا الحديث

وأخرج البخاري في تاريخه والنسائي والبيهقي في الشعب عن الحارث الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله ، فمن فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع.
وأخرج البيهقي عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أطيعوا أمراءكم فإن أمروكم بما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم وإن أمروكم بما لم آتكم به فهو عليهم وأنتم برآء من ذلك إذا لقيتم الله قلتم : ربنا لا ظلم ، فيقول : لا ظلم ، فتقولون : ربنا أرسلت إلينا رسولا فأطعناه بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك فيقول : صدقتم هو عليهم وأنتم منه برآء.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود ، فقال رجل : أنقاتلهم يا رسول الله قال : لا ، ما أقاموا الصلاة

وأخرج البيهقي عن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها ، قلنا : فما تأمرنا يا رسول الله قال : أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم.
وأخرج أحمد عن أبي ذر قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وليس بمقبول منه حتى يسد ثلمته التي ثلم : وليس بفاعل ثم يعود فيكون فيمن يعزه ، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تغلب على ثلاث : أن نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر ونعلم الناس السنن.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله ولا وجه له عنده.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي عبيدة بن الجراح قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تسبوا السطان فإنهم فيء الله في أرضه.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أنس بن مالك قال : أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نسب أمراءنا ولا نغشهم ولا نعصيهم وأن نتقي الله ونصبر فإن الأمر قريب

وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال : لا يصلح اللناس إلا أمير بر أو فاجر ، قالوا : هذا البر فكيف بالفاجر قال : إن الفاجر يؤمن الله به السبل ويجاهد به العدو ويجيء به الفيء ويقام به الحدود ويحج به البيت ويعبد الله فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد فيقوله {فإن تنازعتم في شيء} قال : فإن تنازع العلماء {فردوه إلى الله والرسول} قال : يقول : فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله ، ثم قرأ (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء الآية 82).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ميمون بن مهران في الآية قال : الرد إلى الله الرد إلى كتابه ، والرد إلى رسوله ما دام حيا فإذا قبض فإلى سنته.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والسدي ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ذلك خير وأحسن تأويلا} يقول : ذلك أحسن ثوابا وخير عاقبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن

مجاهد في قوله {وأحسن تأويلا} قال : أحسن جزاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وأحسن تأويلا} قال : عاقبة.
الآيات 60 – 63
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} إلى قوله {إحسانا وتوفيقا}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية ، فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة - وفي لفظ : ورجل ممن زعم أنه مسلم - فجعل

اليهودي يدعوه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم ثم اتفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة ، فنزلت {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية ، إلى قوله {ويسلموا تسليما}.
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال : زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق ، فقال اليهودي له : انطلق إلى نبي الله ، فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار ورجل من اليهود في مدارأة كانت بينهما في حق تدارآ فيه فتحاكما إلى كاهن كان بالمدينة وتركا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب الله ذلك عليهما وقد حدثنا أن اليهودي كان يدعوه إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يعلم أنه لا يجوز عليه وكان يأبى عليه الأنصاري الذي زعم أنه مسلم ، فأنزل الله فيهما ما تسمعون عاب ذلك على الذي زعم أنه مسلم وعلى صاحب الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل رجل من بني

قريظة قتلته النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم أناس من قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النضيري : يا رسول الله إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم الدية فقالت قريظة : لا ولكنا إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبونا في الجاهلية فقد جاء الإسلام فأنزل الله تعالى يعيرهم بما فعلوا فقال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) يعيرهم ثم ذكر قول النضيري : كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقا ونقتل منهم ولا يقتلون منا فقال (أفحكم الجاهلية يبغون) (المائدة الآية 50) فأخذ النضيري فقتله بصاحبه ، فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير : نحن أقرب منكم ، وقالت قريظة : نحن أكرم منكم ، فدخلوا المدينة إلى أبي برزة الكاهن الأسلمي فقال المنافقون من قريظة والنضير : انطلقوا بنا إلى أبي برزة ينفر بيننا فتعالوا إليه فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي برزة وسألوه فقال : أعظموا اللقمة ، يقول : أعظموا الخطر ، فقالوا لك عشرة أوساق قال : لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير ، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى قوله {ويسلموا تسليما}

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال : الطاغوت ، رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا : بل نحاكمهم إلى كعب ، فذلك قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق : اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف وقال اليهودي : اذهب بنا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية ، واخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : كان رجلان من أصاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهما خصومة أحدهما مؤمن والآخر منافق فدعاه المؤمن إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ، فأنزل الله {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا}.
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية قال : نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف

ثم إنهما احتكما إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق ، وقال : تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب ، فقال اليهودي لعمر : قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه ، فقال للمنافق : أكذلك قال : نعم ، فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما ، فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله : فنزلت.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال : هو كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : الطاغوت والشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي كانوا يتحاكون إليها قال : إن في جهينة واحدا وفي أسلم
واحدا وفي هلال واحدا وفي كل حي واحدا وهم كهان تنزل عليهم الشياطين ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول} قال : دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم

وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله {يصدون عنك صدودا} قال : الصدود : الإعراض.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {فكيف إذا أصابتهم مصيبة} في أنفسهم وبين ذلك ما بينهما من القرآن هذا من تقديم القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {أصابتهم مصيبة} يقول : بما قدمت أيديهم في أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك قل لهم قولا بليغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم} قال : عقوبة لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فأعرض عنهم} ذلك لقوله {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا}.
الآية 64.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} قال : واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله لا يطيعهم أحد إلا بإذن الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله !

{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم} الآية قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الاستغفار على نحوين : أحدهما في القول والآخر في العمل ، فأما استغفار القول فإن الله يقول {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول} وأما
استغفار العمل فإن الله يقول (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (الأنفال الآية 33) فعنى بذلك أن يعملوا عمل الغفران ولقد علمت أن أناسا سيدخلون النار وهم يستغفرون الله بألسنتهم ممن يدعي بالإسلام ومن سائر الملل.
الآية 65.
أخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن حبان والبيهقي من طريق الزهري أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوام : أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة كانا

يسقيان به كلاهما النخل ، فقال الأنصاري : سرح الماء يمر ، فأبى عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله إن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك ، واسترعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري فلما أحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير : ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} الآية.
وأخرج الحميدي في مسنده وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت : خاصم الزبير رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى للزبير ، فقال الرجل : إنما قضى له لأنه ابن عمته ، فأنزل الله {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} الآية

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {فلا وربك لا يؤمنون} الآية ، قال : أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء فقضى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {فلا وربك لا يؤمنون} قال : نزلت في اليهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {فلا وربك} الآية ، قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي مثله إلا أنه قال : إلى الكاهن.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال : اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما فقال الذي قضي عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم انطلقا إلى عمر ، فلما أتيا عمر قال الرجل : يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فقال : ردنا إلى عمر فردنا إليك ، فقال : أكذلك قال : نعم ، فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال : ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فارا إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قتل عمر - والله - صاحبي ولولا أني أعجزته لقتلني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كنت اظن أن يجترى ء عمر على قتل مؤمنين فأنزل الله {فلا وربك لا يؤمنون} الآية ، فهدر دم ذلك الرجل وبرأ عمر من قتله فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم) (النساء الآية 66) إلى قوله (وأشد تثبيتا).
وأخرج الحافظ دحيم في تفسيره عن عتبة بن ضمرة عن أبيه أن رجلين اختصما إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقضى للمحق على المبطل ، فقال المقضي عليه : لا أرضى ، فقال صاحبه : فما تريد قال : أن تذهب إلى أبي بكر الصديق ، فذهبا إليه فقال : أنتما على ما قضى به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأبى أن يرضى قال : نأتي عمر ، فأتياه فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله وأنزل الله {فلا وربك} الآية.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن مكحول قال : كان بين رجل من المنافقين ورجل من المسلمين منازعة في شيء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى على المنافق فانطلقا إلى أبي بكر فقال : ما كنت لأقضي بين من

يرغب عن قضاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقا إلى عمر فقصا عليه فقال عمر : لا تعجلا حتى أخرج إليكما فدخل فاشتمل على السيف وخرج فقتل المنافق ثم قال : هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله ، فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر ، فسمي الفاروق.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {فيما شجر بينهم} قال : فيما أشكل عليهم ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت زهيرا وهو يقول : متى تشتجر قوم تقل سراتهم * هم بيننا فهم رضا وهو عدل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حرجا} قال : شكا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر في قوله {حرجا} قال : إثما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية قال الرجل الذي خاصم الزبير وكان من الأنصار : سلمت

وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد الخدري أنه نازع الأنصار في الماء من الماء فقال لهم : أرأيت لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون وأغتسل أنا فقالوا له : لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم.
الآيات 66 - 68.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} هم يهود يعني والعرب كما أمر أصحاب موسى عليه السلام أن يقتل بعضهم بعضا بالخناجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في قوله {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم}
قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وفيه أيضا {وآتوا حقه يوم حصاده}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من اليهود فقال اليهودي : والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا فقال ثابت : والله لو كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا

فأنزل الله في هذا {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن إسحاق السبيعي قال : لما نزلت {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} الآية ، قال رجل : لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي.
وأخرج ابن المنذر من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن الحسن قال لما نزلت هذه الآية {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} قال ناس من الأنصار : والله لو كتبه الله علينا لقبلنا الحمد لله الذي عافانا ثم الحمد لله الذي عافانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإيمان أثبت في قلوب رجال من الأنصار من الجبال الرواسي.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} قال أناس من الصحابة : لو فعل ربنا ، فبلغ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : للإيمان أثبت في قلوب أهله من الجبال الرواسي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : نزلت {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} قال أبو بكر : يا رسول الله - والله - لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت ، قال : صدقت يا أبا بكر

وأخرج ابن أبي حاتم عن شريح بن عبيد قال لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم} أشار بيده إلى عبد الله بن رواحة فقال : لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في الآية قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لو نزلت كان ابن أم عبد منهم.
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان في الآية قال : كان عبد الله بن مسعود من القليل الذي يقتل نفسه.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر : يعني من أولئك القليل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وأشد تثبيتا} قال : تصديقا.
الآيتان 69 - 70.
أخرج الطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة وحسنه عن عائشة قالت : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال :

يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وإنك لأحب إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت انك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ، فلم يرد عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} الآية.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه من طريق الشعبي عن ابن عباس أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أحبك حتى أذكرك فلولا أني أجيء فأنظر إليك ظننت أن نفسي تخرج وأذكر أني إن دخلت الجنة صرت دونك في المنزلة فيشق علي وأحب أن أكون معك في الدرجة ، فلم يرد عليه شيئا فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} الآية ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الشعبي أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من نفسي وولدي وأهلي ومالي ولولا أني آتيك فأراك لظننت أني سأموت ، وبكى الأنصاري فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : ما أبكاك فقال : ذكرت أنك ستموت ونموت فترفع مع النبيين ونحن إذا دخلنا الجنة كنا دونك ، فلم يخبره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بشيء فأنزل الله على رسوله {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} إلى قوله {عليما} فقال : أبشر يا أبا فلان.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من الأنصار إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو محزون فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يا فلان ما لي أراك محزونا قال : يا نبي الله شيء فكرت فيه فقال : ما هو قال : نحن نغدو عليك ونروح ننظر في وجهك ونجالسك غدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك ، فلم يرد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيئا فأتاه جبريل بهذه الآية {ومن يطع الله والرسول} إلى قوله {رفيقا} قال : فبعث إليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فبشره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدينا فإنك لو قدمت رفعت فوقنا فلم نرك ، فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : أتى فتى

النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله : إن لنا فيك نظرة في الدينا ويوم القيامة لا نراك لأنك في الجنة في الدرجات العلى ، فأنزل الله {ومن يطع الله} الآية ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت معي في الجنة إن شاء الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا قالوا : هذا نبي الله نراه في الدينا فأما في الآخرة فيرفع بفضله فلا نراه ، فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} إلى قوله {رفيقا}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : قال ناس من الأنصار : يا رسول الله إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع فأنزل الله {ومن يطع الله والرسول} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الربيع أن أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالوا : قد علمنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن تبعه وصدقه فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا فأنزل الله هذه الآية في ذلك فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم : إن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه

وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي : سل ، فقلت : يا رسول الله أسالك مرافقتك في الجنة ، قال : أو غير ذلك قلت : هو ذاك ، قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود.
وأخرج أحمد عن عمرو بن مرة الجهني قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ ألف آية في سبيل الله كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا إن شاء الله.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن ماجه عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي يمرض إلا خير بين الدينا والآخرة وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول {مع الذين أنعم الله عليهم من

النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} فعلمت أنه خير.
وأخرج ابن جرير عن المقداد قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم قلت في أزواجك : إني لأرجو لهن من بعدي الصديقين ، قال : من تعنون الصديقين قلت : أولادنا الذين هلكوا صغارا ، قال : لا ولكن الصديقين هم المصدقون.
الآيات 71 – 76
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {خذوا حذركم} قال : عدتكم من السلاح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {فانفروا ثبات} قال : عصبا يعني سرايا متفرقين {أو انفروا جميعا} يعني كلكم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {فانفروا ثبات} قال : عشرة فما فوق ذلك ، قال وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت عمرو بن كلثوم التغلبي وهو يقول :

فأما يوم خشيتنا عليهم * فتصبح خلينا عصبا ثباتا.
وَأخرَج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عطاء عن ابن عباس قي سورة النساء {خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا} عصبا وفرقا ، قال : نسخها (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) (الأنعام الآية 141) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ثبات} قال : فرقا قليلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {فانفروا ثبات} قال : هي العصبة وهي الثبة {أو انفروا جميعا} مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {أو انفروا جميعا} أي إذا نفر نبي الله صلى الله عليه وسلم فليس لأحد أن يتخلف عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإن منكم لمن ليبطئن} إلى قوله {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} ما بين ذلك في المنافق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن منكم لمن

ليبطئن} قال : هو فيما بلغنا عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين {ليبطئن} قال : ليتخلفن عن الجهاد {فإن أصابتكم مصيبة} من العدو وجهد من العيش {قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} فيصيبني مثل الذي أصابهم من البلاء والشدة {ولئن أصابكم فضل من الله} يعني فتحا وغنيمة وسعة في الرزق {ليقولن} المنافق وهو نادم في التخلف {كأن لم تكن بينكم وبينه مودة} يقول : كأنه ليس من أهل دينكم في المودة فهذا من التقديم {يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما} يعني آخذ من الغنيمة نصيبا وافرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وإن منكم لمن ليبطئن} عن الجهاد وعن الغزو في سبيل الله {فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} قال : هذا قول مكذب {ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن} الآية ، قال : هذا قول حاسد ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {وإن منكم لمن ليبطئن} قال : المنافق يبطى ء المسلمين عن الجهاد في سبيل الله {فإن أصابتكم مصيبة} قال : بقتل العدو من المسلمين {قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا} قال : هذا قول الشامت {ولئن أصابكم فضل من

الله} ظهر المسلمون على عدوهم وأصابوا منهم غنيمة {ليقولن} الآية ، قال : قول الحاسد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة} يقول : يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فليقاتل} يعني يقاتل المشركين {في سبيل الله} قال : في طاعة الله {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل}
يعني يقتله العدو {أو يغلب} يعني يغلب العدو من المشركين {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} يعني جزاءا وافرا في الجنة فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين في الأجر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين} قال : وسبيل المستضعفين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : المستضعفون : أناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : أمر المؤمنون أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله {ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} قال : مكة ، واخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة {واجعل لنا من لدنك نصيرا} قالا : حجة ثابتة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة {والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} يقول في سبيل الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} قال مجاهد : كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة ، فكنت أذكر قول ابن عباس فأحمل عليه فيذهب عني.
الآية 77

أخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عكرمة عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة ، فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم ، فلما حوله الله إلى المدينة أمره الله بالقتال فكفوا ، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : كان أناس من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة - يسارعون إلى القتال فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ذرنا نتخذ معاول نقاتل بها المشركين ، وذكر لنا أن عبد الرحمن بن عوف كان فيمن قال ذلك فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال : لم أومر بذلك ، فلما كانت الهجرة وأمروا بالقتال كره القوم ذلك وصنعوا فيه ما تسمعون قال الله تعالى {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم} إلى قوله {لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} ما بين ذلك في يهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم} الآية ، قال : نهى الله هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إلى أجل قريب} قال : هو الموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج {إلى أجل قريب} أي إلى أن يموت موتا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هشام قال : قرأ الحسن {قل متاع الدنيا قليل} قال : رحم الله عبدا صحبها على ذلك ما الدينا كلها من أولها إلى آخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه فلم ير شيئا

وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : الدنيا قليل وقد مضى أكثر القليل وبقي قليل من قليل.
الآيتان 78 - 79.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أينما تكونوا} قال : من الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {ولو كنتم في بروج مشيدة} يقول في قصور محصنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة {في بروج مشيدة} قال : المجصصة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {في بروج مشيدة} قال : هي قصور بيض في سماء الدنيا مبينة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية {في بروج مشيدة} قال : قصور في السماء ، واخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان في الآية قال : يرون أن

هذه البروج في السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان قبل أن يبعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم امرأة وكان لها أجير فولدت المرأة فقالت لأجيرها : انطلق فاقتبس لي نارا فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين على الباب فقال أحدهما لصاحبه : وما ولدت فقال : ولدت جارية ، فقال أحدهما لصاحبه لا تموت هذه الجارية حتى تزني بمائة ويتزوجها الأجير ويكون موتها بعنكبوت ، فقال الأجير : أما والله لأكذبن حديثهما فرمى بما في يده وأخذ السكين فشحذها وقال :
ألا تراني أتزوجها بعدما تزني بمائة ففرى كبدها ورمى بالسكين وظن أنه قد قتلها فصاحت الصبية فقامت أمها فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت ، وركب الأجير رأسه فلبث ما شاء الله أن يلبث وأصاب الأجير مالا فأراد أن يطلع أرضه فينظر من مات منهم ومن بقي فأقبل حتى نزل على عجوز وقال للعجوز : أبغي لي أحسن امرأة في البلد أصيب منها وأعطيها فانطلقت العجوز إلى تلك المرأة وهي أحسن جارية في البلد فدعتها إلى الرجل وقالت : تصيبين منه معروفا فأبت عليها وقالت : إنه قد كان ذاك مني فيما مضى فأما اليوم فقد بدا لي أن لا أفعل ، فرجعت إلى الرجل فأخبرته فقال : فاخطيبها لي ، فخطبها وتزوجهت فأعجب بها ، فلما أنس إليها حدثها حديثه فقالت : والله لئن كنت صادقا لقد حدثتني أمي حديثك وإني لتلك الجارية ، قال : أنت قالت : أنا ، قال :

والله لئن كنت أنت إن بك لعلامة لا تخفى ، فكشف بطنها فإذا هو بأثر السكين فقال : صدقني والله الرجلان والله لقد زنيت بمائة وإني أنا الأجير وقد تزوجتك ولتكونن الثالثة وليكونن موتك بعنكبوت ، فقالت : والله لقد كان ذاك مني ولكن لا أدري مائة أو أقل أو أكثر ، فقال : والله ما نقص واحدا ولا زاد واحدا ثم انطلق إلى ناحية القرية فبنى فيه مخافة العنكبوت فلبث ما شاء الله أن يلبث حتى إذا جاء الأجل ذهب ينظر فإذا هو بعنكبوت في سقف البيت وهي إلى جانبه فقال : والله إني لأرى العنكبوت في سقف البيت ، فقالت : هذه التي تزعمون أنها تقتلني والله لأقتلنها قبل أن تقتلني ، فقام الرجل فزاولها وألقاها فقالت : والله لا يقتلها أحد غيري فوضعت أصبعها عليها فشدختها فطار السم حتى وقع بين الظفر واللحم فاسودت رجلها فماتت وأنزل الله على نبيه حين بعث {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وإن تصبهم حسنة} يقول : نعمة {وإن تصبهم سيئة} قال : مصيبة {قل كل من عند الله} قال : النعم والمصائب ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك} قال : هذه

في السراء والضراء ، وفي قوله {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : هذه في الحسنات والسيئات.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وإن تصبهم حسنة} الآية ، قال : إن هذه الآيات نزلت في شأن الحرب {قل كل من عند الله} قال : النصر والهزيمة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {قل كل من عند الله} يقول : الحسنة والسيئة من عند الله أما الحسنة فأنعم بها عليك وأما السيئة فابتلاك الله بها ، وفي قوله {ما أصابك من حسنة فمن الله} قال : ما فتح الله عليه يوم بدر وما أصاب من الغنيمة والفتح {وما أصابك من سيئة} قال : ما أصابه يوم أحد أن شج في وجهه وكسرت رباعيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله قال : ما تريدون من القدر ما يكفيكم الآية التي في سورة النساء {وإن تصبهم حسنة} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : هذا يوم أحد يقول : ما كانت من

نكبة فبذنبك وأنا قدرت ذلك عليك.
وأخرج سعيد ين منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} وأنا قدرتها عليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : عقوبة بذنبك يا ابن آدم ، قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : لا يصيب رجلا خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} قال : بذنبك كما قال لأهل أحد (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) (التوبة الآية 122) بذنوبكم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد قال : هي في قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك

واخرج ابن المنذر من طريق مجاهد أن ابن عباس كان يقرأ وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك قال مجاهد : وكذلك في قراءة أبي ، وَابن مسعود.
الآية 80.
أخرج ابن المنذر والخطيب عن ابن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال : يا هؤلاء ألستم تعلمون أني رسول الله إليكم قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن الله أنزل في كتابه أنه من أطاعني فقد أطاع الله قالوا : بلى نشهد أنه من أطاعك فقد أطاع الله وإن من طاعته طاعتك ، قال : فإن من طاعة الله أن تطيعوني وإن من طاعتي أن تطيعوا أئمتكم وإن صلوا قعودا فصلوا قعودا أجمعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن المنذر عن ربيع بن خثيم قال : حرف وأيما حرف {من يطع الرسول فقد أطاع الله} فوض إليه فلا يأمر إلا بخير.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن قوله {فما أرسلناك عليهم حفيظا} قال : هذا أول ما بعثه قال : إن عليك إلا البلاغ ثم جاء بعد هذا يأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى يسلموا.
الآية 81

أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {ويقولون طاعة} الآية ، قال : هم أناس كانوا يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم :
آمنا بالله ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم {فإذا برزوا} من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم {بيت طائفة منهم} يقول : خالفوهم إلى غير ما قالوا عنك فعابهم الله فقال {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال : يغيرون ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ويقولون طاعة} قال : هؤلاء المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأمر قالوا : طاعة فإذا خرجوا غيرت طائفة منهم ما يقول النَّبِيّ {والله يكتب ما يبيتون} يقول : ما يقولون.
وأخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال : غير أولئك ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} يغيرون ما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {والله

يكتب ما يبيتون} يغيرون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {بيت طائفة منهم} قال : هم أهل النفاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال : يغيرون ما عهدوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه {والله يكتب ما يبيتون} قال : يغيرون ما يقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
الآية 82.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك {أفلا يتدبرون القرآن} قال : يتدبرون النظر فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} يقول : إن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل وإن قول الناس يختلف.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : سمعت

ابن
المنكدر يقول وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فقال : إنما يأتي الاختلاف من قلوب العباد فأما من جاء من عند الله فليس فيه اختلاف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : إن القرآن لا يكذب بعضه بعضا ولا ينقض بعضه بعضا ما جهل الناس من أمره فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} قال : فحق على المؤمن أن يقول : كل من عند الله يؤمن بالمتشابه ولا يضرب بعضه ببعض إذا جهل أمرا ولم يعرفه أن يقول : الذي قال الله حق ويعرف أن الله لم يقل قولا وينقص ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من عند الله.
الآية 83.
أخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق نساءه ، ونزلت هذه الآية في {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي

الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر ، وأحرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} يقول : أفشوه وسعوا به {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} يقول : لعلمه الذين يتجسسونه منهم.
وأخرج ابن جريج ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} قال : هذا في الإخبار إذا غزت سرية من المسلمين خبر الناس عنها فقالوا : أصاب المسلمين من عدوهم كذا
وكذا وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا فأفشوه بينهم من غير أن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هو يخبرهم به ، قال ابن جريج : قال ابن عباس : {أذاعوا به} أعلنوه وأفشوه {ولو ردوه إلى الرسول} حتى يكون هو الذي يخبرهم به {وإلى أولي الأمر منهم} أولي الفقه في الدين والعقل.
وأخرج ابن جريج ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وإذا جاءهم أمر من

الأمن أو الخوف} يقول : إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم أو أنهم خائفون منه أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم {ولو ردوه إلى الرسول} يقول : ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وإلى أولي الأمر منهم} يقول : إلى أميرهم حتى يتكلم به {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} يعني عن الأخبار وهم الذين ينقرون عن الأخبار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وإذا جاءهم أمر} قال : هم أهل النفاق.
وأخرج ابن جرير عن أبي معاذ مثله.
وأخرج عن ابن زيد في قوله {أذاعوا به} قال : نشروه ، قال : والذين أذاعوا به قوم إما منافقون وإما آخرون ضعفاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم} يقول : إلى علمائهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : الولاة الذين يكونون في

الحرب عليهم يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر أصدق أم كذب.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال : الذين يتبعونه ويتجسسونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال : الذين يسألون عنه ويتجسسونه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال : قولهم ماذا كان وما سمعتم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق سعيد عن قتادة قال : إنما هو {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك إلا قليلا منهم {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان}

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة في قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} يقول : لاتبعتم الشيطان كلكم.
وَأَمَّا قوله {إلا قليلا} فهو لقوله {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} إلا قليلا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان} قال : فانقطع الكلام ، وقوله {إلا قليلا} فهو في أول الآية يخبر عن المنافقين قال {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} إلا قليلا ، يعني بالقليل المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هذه الآية مقدمة ومؤخرة إنما هي ? {أذاعوا به إلا قليلا منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير > ?.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} قال : هم أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانوا حدثوا أنفسهم بأمر من أمور الشيطان إلا طائقة منهم.
الآية 84

أخرج ابن سعد عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثت إلى الناس كافة فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم فإن لم يستجيبوا لي فإلي وحدي.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم عن أبي إسحاق قال : قلت للبراء : الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة قال : لا إن الله بعث رسوله وقال {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} إنما ذلك في النفقة.
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال : لما نزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين}
قال لأصحابه : قد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي سنان في قوله {وحرض المؤمنين} قال : عظهم.
وأخرج ابن المنذر عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات

يوم : ألا هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور تلألأ وريحانه تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة في مقام أبدا في خير ونضرة ونعمة في دار عالية سليمة بهية ، قالوا : يا رسول الله نحن المشمرون لها ، قال : قولوا : إن شاء الله ثم ذكر الجهاد وحض عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عبد البر في التمهيد عن سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة سمعته يقرؤها {عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا} قال سفيان : وهي قراءة ابن مسعود هكذا {عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والله أشد بأسا وأشد تنكيلا} يقول : عقوبة.
الآية 85.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من يشفع شفاعة حسنة} الآية ، قالشفاعة بعض الناس لبعض

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كان له أجرها وإن لم يشفع لأن الله يقول {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} ولم يقل يشفع.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كتب له أجره ما جرت منفعتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{يكن له نصيب منها} قال : حظا منها ، وفي قوله {كفل منها} قال : الكفل هو الإثم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي والربيع في قوله {كفل منها} قالا : الحظ.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : الكفل والنصيب واحد وقرأ {يؤتكم كفلين من رحمته}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {وكان الله على كل شيء مقيتا} قال :

حفيظا.
وأخرج أبو بكر ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني في الكبير والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق ساله عن قوله {مقيتا} قال : قادرا مقتدرا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول أحيحة بن ألأنصاري : وذي ضغن كففت النفس عنه * وكنت على مساءته مقيتا.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل عن عبد الله بن رواحة أنه سأله رجل عن قول الله {وكان الله على كل شيء مقيتا} قال : يقيت كل إنسان بقدر عمله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مقيتا} قال : شهيدا .

وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد : (مقيتا) . قال : شهيدا، حسيبا ، حفيظا . حسيبا حفيظا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {مقيتا} قال : قادرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : المقيت القدير.
وأخرج عن ابن زيد مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : المقيت الرزاق.
الآيتان 86 – 87
أخرج أحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند حسن عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله فقال : وعليك ورحمة الله ثم أتى آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، فقال : وعليك ورحمة الله وبركاته ثم جاء آخر فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فقال له : وعليك ، فقال له الرجل : يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - أتاك فلان

وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال : إنك لم تدع لنا شيئا قال الله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} فرددناها عليك.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال : سلام عليكم ، فقال : عشر حسنات ، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال : عشرون حسنة ، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : ثلاثون حسنة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : جاء رجل فسلم فقال : السلام عليكم ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : عشر ، فجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : عشرون ، فجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : ثلاثون.
وأخرج البيهقي عن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال : السلام عليكم كتب الله له عشر حسنات فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله

كتب الله له عشرين حسنة فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثين حسنة.
وأخرج أحمد والدرامي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن عمران بن حصين أن رجلا جاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم ، فرد عليه وقال : عشر ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فرد عليه ثم جلس فقال : عشرون ، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه ثم جلس فقال : ثلاثون.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني قال : جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم بمعناه زاد ثم أتى آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ورحمته وبركاته ومغفرته ، فقال : أربعون ، قال : هكذا تكون الفضائل.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} يقول : إذا سلم عليك أحد فقل أنت : وعليك السلام ورحمة الله أو تقطع إلى السلام عليك كما قال لك

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطاء في قوله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} قال : ذلك كله في أهل الإسلام.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان إذا سلم عليه إنسان رد كما يسلم عليه يقول : السلام عليكم ، فيقول عبد الله : السلام عليكم.
وأخرج البيهقي أيضا عن عروة بن الزبير أن رجلا سلم عليه فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال عروة ما ترك لنا فضل إن السلام انتهى إلى وبركاته.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن سالم مولى عبد الله بن عمر قال : كان ابن عمر إذا سلم عليه فرد زاد فأتيته فقلت : السلام عليكم ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته

وأخرج البيهقي من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله {فحيوا بأحسن منها} قال : تقول إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال : السلام عليك ، فقل : السلام عليكم ورحمة الله {أو ردوها} يقول : إن لم تقل له السلام عليك ورحمة الله فرد عليه كما قال : السلام عليكم كما سلم ولا تقل وعليك.
وأخرج ابن المنذر من طريق يونس بن عبيد عن الحسن في الآية قال {بأحسن منها} للمسلمين {أو ردوها} على أهل الكتاب قال : وقال الحسن : كل ذلك للمسلم ، وأخرح ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله يقول {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}

وأخرج البخاري في الأدب ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : لو أن فرعون قال لي : بارك الله فيك ، لقلت : وفيك بارك الله.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد ، وَابن جَرِير عن الحسن قال : السلام تطوع والرد فريضة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض : فأفشوه بينكم وإذا مر رجل بالقوم فسلم عليهم فردوا كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأفضل.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن مسعود ، موقوفا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أنس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوا السلام بينكم.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السلام اسم

من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : السلام اسم من أسماء الله فإذا أنت أكثرت منه أكثرت من ذكر الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السلام اسم من أسماء الله جعله بين خلقه فإذا سلم المسلم على المسلم قفد حرم عليه أن يذكره إلا بخير.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفشوا السلام بينكم فإنها تحية أهل الجنة فإذا مر رجل على ملأ فسلم عليهم كان له عليهم درجة وإن ردوا عليه فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم الملائكة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي بكر الصديق قال : السلام أمان الله في الأرض.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدأ بالسلام فهو أولى بالله ورسوله

وأخرج البخاري في الأدب ، وَابن مردويه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين ، ولفظ ابن مردويه قال : إن اليهود قوم حسد وإنهم لن يحسدوا أهل الإسلام على أفضل من السلام أعطانا الله في الدينا وهو تحية أهل الجنة يوم القيامة وقولنا وراء الإمام آمين.
وأخرج البيهقي عن الحارث بن شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المسلم أخو المسلم إذا لقيه رد عليه من السلام بمثل ما حياه به أو أحسن من ذلك وإذا استأمره نصح له وإذا استنصره على الأعداء نصره وإذا استنعته قصد السبيل يسره ونعت له وإذا استغاره أحد على العدو أغاره وإذا استعاره الحد على المسلم لم يعره وإذا استعاره الجنة أعاره لا يمنعه الماعون ، قالوا : يا رسول الله وما الماعون قال : الماعون في الحجر والماء والحديد ، قالوا : وأي الحديد قال : قدر النحاس وحديد الفاس الذي تمتهنون به ، قالوا : فما هذا الحجر قال : القدر من الحجارة.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا التقى المؤمنان فسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا كان أحبهما إلى

الله أحسنهما بشرا لصاحبه ونزلت بينهما مائة رحمة للبادي تسعون وللمصافح عشر.
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت منطلق الوجه.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا.
وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير وإذا مر بالقوم فسلم منهم واحدا أجزأ عنهم وإذا رد من الآخرين واحد أجزأ عنهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمرو قال : مر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي عن سعيد بن أبي هلال الليثي قال : سلام الرجل يجزي عن القوم ورد السلام يجزي عن القوم

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : إني لأرى جواب الكتاب حقا كما أرى حق السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها} قال : ترون هذا في السلام وحده هذا في كل شيء من أحسن إليك فأحسن إليه وكافئه فإن لم تجد فادع له أو أثن عليه عند إخوانه.
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله {إن الله كان على كل شيء} يعني من التحية وغيرها {حسيبا} يعني شهيدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {حسيبا} قال : حفيظا.
الآيتان 88 - 89.
أخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين : فرقة تقول : نقتلهم ، وفرقة تقول : لا ، فأنزل الله {فما لكم في

المنافقين فئتين} الآية كلها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن ابن سعد بن معاذ الأنصاري أن هذه الآية أنزلت فينا {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : من لي بمن يؤذيني ويجمع لي في بيته من يؤذيني فقام سعد بن معاذ فقال : إن كان منا يا رسول الله قتلناه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فأطعناك ، فقام سعد بن عبادة فقال : ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عرفت ما هو منك ، فقام أسيد بن حضير فقال : إنك يا ابن عبادة منافق تحب المنافقين ، فقام محمد بن مسلمة فقال : استكوا أيها الناس فإن فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأمرنا فننفذ لأمره ، فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال :

إن قوما كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام وكانوا يظاهرون المشركين فخرجوا من مكة يطلبون
حاجة لهم فقالوا : إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا فيهم بأس وإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة قالت فئة من المؤمنين : اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم وقالت فئة أخرى من المؤمينن : سبحان الله ، تقتلون قوما قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحل دماؤهم وأموالهم فكانوا كذلك فئتين والرسول عندهم لا ينهى واحد من الفريقين عن شيء ، فنزلت {فما لكم في المنافقين فئتين} إلى قوله {حتى يهاجروا في سبيل الله} يقول : حتى يصنعوا كما صنعتم {فإن تولوا} قال : عن الهجرة.
وأخرج أحمد بسند فيه انقطاع عن عبد الرحمن بن عوف أن قوما من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة حماها فأركسوا خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا لهم : ما لكم رجعتم قالوا : أصابنا وباء المدينة فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة حسنة ، فقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : لم ينافقوا إنهم مسلمون ، فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سلمة عن عبد الرحمن أن نفرا

من طوائف العرب هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا ثم ارتكسوا فرجعوا إلى قومهم فلقوا سرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفوهم فسألوهم : ما ردكم فاعتلوا لهم فقال بعض القوم لهم : نافقتم فلم يزل بعض ذلك حتى فشا فيهم القول فنزلت هذه الآية {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فما لكم في المنافقين فئتين} قال : قوم خرجوا من مكة حتى جاؤوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ثم ارتدوا بعد ذلك فاستأذنوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون فبين الله نفاقهم فأمر بقتلهم فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين محمد عليه السلام حلف وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين أو يقاتل قومه فدفع عنهم بأنهم يؤمون هلالا وبينه وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عهد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فما لكم في المنافقين فئتين}
قال : ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة وكانا قد تكلما بالإسلام ولم يهاجرا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقيهما ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما مقبلان إلى مكة فقال بعضهم : إن دماءهما وأموالهما حلال ، وقال بعضهم : لا يحل ذلك لكم ، فتشاجروا فيهما

فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} حتى بلغ {ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم}.
وأخرج ابن جرير عن معمر بن راشد قال : بلغني أن ناسا من أهل مكة كتبوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنهم قد أسلموا أو كان ذلك منهم كذبا فلقوهم فاختلف فيهم المسلمون فقالت طائفة : دماءهم حلال ، وطائفة قالت : دماءهم حرام ، فأنزل اله {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : هم ناس تخلفوا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأقاموا بمكة وأعلنوا الإيمان ولم يهاجروا فاختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ من ولايتهم آخرون وقالوا : تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يهاجروا فسماهم الله منافقين وبرأ المؤمنين من ولايتهم وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة فقالوا للمؤمنين : إنا قد أصابنا أوجاع في المدينة واتخمناها فلعلنا أن نخرج إلى الظهر حتى نتماثل ثم نرجع فإنا كنا أصحاب برية ، فانطلقوا واختلف فيهم أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت طائفة : أعداء الله منافقون وددنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا فقاتلناهم ، وقالت طائفة : لا بل إخواننا تخمتهم المدينة

فاتخموها فخرجوا إلى الظهر يتنزهون فإذا برئوا رجعوا ، فأنزل الله في ذلك {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : أخذ ناس من المسلمين أموالا من المشركين فانطلقوا بها تجارا إلى اليمامة فاختلف المسلمون فيهم فقالت طائفة : لو لقيناهم قتلناهم وأخذنا ما في أيديهم ، وقال بعضهم : لا يصلح لكم ذلك إخوانكم انطلقوا تجارا ، فنزلت هذه الآية {فما لكم في المنافقين فئتين}.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد في قوله {فما لكم في المنافقين فئتين}
قال : هذا في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة ما تكلم فنزلت إلى قوله {فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله} فقال سعد بن معاذ : فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله منه ، يريد عبد الله بن أبي بن سلول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال : كيف ترون في الرجل يخاذل

بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسيء القول لأهل رسول الله وقد برأها الله ثم قرأ ما أنزل الله في براءة عائشة فنزل القرآن في ذلك {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية ، فلم يكن بعد هذه الآية ينطق ولا يتكلم فيه أحد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {والله أركسهم} يقول : أوقعهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس {أركسهم} قال : ردهم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قول {أركسهم} قال : حبسهم في جهنم بما عملوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول أمية بن الصلت في شعره : أركسوا في جهنم أنهم كانوا عتاة * يقولوا مينا وكذبا وزورا [ البيت مكسور وفيه خطأ ]

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {أركسهم بما كسبوا} قال : أهلكهم بما عملوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أركسهم} قال : أضلهم.
الآية 90
أخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال : لما ظهر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج فأتيته فقلت : أنشدك النعمة ، فقالوا : مه ، فقال : دعوه ما تريد قلت : بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام وإن لم يسلموا لم تخشن لقلوب قومك عليهم ، فأخذ

رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد فقال : اذهب معه فافعل ما يريد فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم ، فأنزل الله {ودوا لو تكفرون} حتى بلغ {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} يقول : إذا أظهروا كفرهم فاقتلوهم حيث وجدتموهم فإن أحد منهم دخل في قوم بينكم وبينهم ميثاق فأجروا عليه مثل ما تجرون على أهل الذمة.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس

والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {إلا الذين يصلون إلى قوم} الآية ، قال : نسختها براءة (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {حصرت صدورهم} قال : عن هؤلاء وعن هؤلاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي {أو جاؤوكم} يقول : رجعوا فدخلوا فيكم {حصرت صدورهم} يقول : ضاقت صدورهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ {حصرت صدورهم} أي كارهة صدورهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الربيع {وألقوا إليكم السلم} قال : الصلح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس

عن قتادة في
قوله {فإن اعتزلوكم} الآية ، قال : نسختها (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5).
وأخرج ابن جرير عن الحسن وعكرمة في هذه الآية قالا : نسخها في براءة.
الآية 91.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ستجدون آخرين} الآية ، قال : ناس من أهل مكة كانوا يأتون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصالحوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} يقول : كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنة أركسوا فيها وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإسلام فيتقرب إلى العود والحجر وإلى العقرب والخنفساء فيقول المشركون لذلك المتكلم بالإسلام : قل هذا ربي

للخنفساء والعقرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ستجدون آخرين} الآية ، قال : حي كانوا بتهامة قالوا : يا نبي الله لا نقاتلك ولا نقاتل قومنا وأرادوا أن يأمنوا نبي الله ويأمنوا قومهم فأبى الله ذلك عليهم فقال {كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} يقول : كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمن في المسلمين والمشركين بنقل الحديث بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
والمشركين فقال {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة} يقول : إلى الشرك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} قال : كلما ابتلوا بها عموا فيها.
الآية 92.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} يقول : ما كان له ذلك فيما آتاه

من ربه من عهد الله الذي عهد إليه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} قال : المؤمن لا يقتل مؤمنا.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان الحرث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج مهاجرا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} الآية ، فقرأها عليه ثم قال له قم فحرر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} قال : عياش بن أبي ربيعة : قتل رجلا
مؤمنا كان يعذبه هو وأبو جهل وهو أخوه لأمه في اتباع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعياش يحسب أن ذلك الرجل كافر كما هو وكان عياش هاجر إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مؤمنا فجاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه

فقال : إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها - وهي أميمة بنت مخرمة - فأقبل معه فربطه أبو جهل حتى قدم به مكة فلما رآه الكفار زادهم كفرا وافتتانا فقالوا : إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ أصحابه فيربطهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي في قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} الآية ، قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان قد أسلم وهاجر إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكان عياش أخا أبي جهل والحارث بن هشام لأمهما وكان أحب ولدها إليها فلما لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم شق ذلك عليها فحلفت أن لا يظلها سقف بيت حتى تراه فأقبل أبو جهل والحارث حتى قدما المدينة فأخبرا عياشا بما لقيت أمه وسألاه أن يرجع معهما فتنظر إليه ولا يمنعاه أن يرجع وأعطياه موثقا أن يخليا سبيله بعد أن تراه أمه ، فانطلق معهما حتى إذا خرجا من المدينة عمدا إليه فشداه وثاقا وجلداه نحو من مائة جلدة وأعانهما على ذلك رجل من بني كنانة فحلف عياش ليقتلن الكناني إن قدر عليه فقدما به مكة فلم يزل محبوسا حتى فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فخرج عياش فلقي الكناني وقد أسلم وعياش لا يعلم بإسلام الكناني فضربه عياش حتى قتله ، فأنزل الله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ}

يقول : وهو لا يعلم أنه مؤمن {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} فيتركوا الدية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه وكان الحارث يومئذ مشركا وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش فلقيه بالمدينة فقتله وكان قتله ذلك خطأ.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن الحارث بن زيد كان شديدا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجاء وهو يريد الإسلام وعياش لا يشعر فلقيه عياش بن أبي ربيعة فحمل عليه فقتله فأنزل الله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ}.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : نزلت في رجل قتله أبو الدرادء كانوا في سرية فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له فوجد رجلا من القوم في غنم له فحمل عليه السيف فقال : لا إله إلا الله ، فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم ثم وجد في نفسه شيئا فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا شققت عن قلبه فقال : ما عسيت أجد ، هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء فقال : فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه ، قال : كيف

بي يا رسول الله قال : فكيف بلا إله إلا الله قال : فكيف بي يا رسول الله قال : فكيف بلا إله إلا الله حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي ، قال : ونزل القرآن {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} حتى بلغ {إلا أن يصدقوا} قال : إلا أن يضعوها.
وأخرج الروياني ، وَابن منده وأبو نعيم معا في المعرفة عن بكر بن حارثة الجهني قال : كنت في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتتلنا نحن والمشركون وحملت على رجل من المشركين فتعوذ مني بالإسلام فقتلته فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فغضب وأقصاني فأوحى الله إليه {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} الآية ، فرضي عني وأدناني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {فتحرير رقبة مؤمنة} قال : يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصام وصلى وكل رقبة في القرآن لم تسم مؤمنة فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة وفي قوله {ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} قال : عليه الدية مسلمة إلا أن يتصدق بها عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : في حرف أبي !

{فتحرير رقبة مؤمنة} لا يجري فيها صبي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة أن رجلا أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال : يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة ، فقال لها : أين الله فأشارت إلى السماء بأصبعها فقال لها : من أنا فأشارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء أي أنت رسول الله فقال : اعتقها فإنها مؤمنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إن
علي رقبة مؤمنة وعندي أمة سوداء ، فقال : ائتني بها فقال : أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قالت : نعم ، قال : أعتقها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له سوداء فقال : يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت : نعم ، قال : أتشهدين أني رسول الله قالت : نعم ، قال : تؤمنين بالبعث بعد الموت قالت : نعم ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة.
وأخرج الطيالسي ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء

والصفات عن معاوية بت الحكم الأسلمي أنه لطم جارية له فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك قال : فقلت : يا رسول الله أفلا أعتقها قال : بلى ائتني بها ، قال : فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : أين الله قالت : في السماء ، قال : فمن أنا قالت : أنت رسول الله ، قال : إنها مؤمنة فأعتقها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله {ودية مسلمة} قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها مائة من الإبل.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر عن ابن مسعود قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بني مخاض ذكورا وعشرين بنت لبون وعشرين جذعة وعشرين حقة.
وأخرج أبو داود ، وَابن المنذر عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثني عشر ألفا.
وأخرج ابن المنذر عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به

مع عمرو بن حزم وفيه وعلى أهل الذهب ألف دينار يعني في الدية.
وأخرج أبو داود ، عَن جَابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وعلى أهل القمح شيئا لم يحفظه محمد بن إسحاق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {ودية مسلمة} قال : موفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {مسلمة إلى أهله} قال : المسلمة التامة.
وأخرج ابن المنذر عن السدي {مسلمة إلى أهله} قال : تدفع {إلا أن يصدقوا} إلا أن يدعوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {مسلمة إلى أهله} أي إلى أهل القتيل {إلا أن يصدقوا} إلا أن يصدق أهل القتيل فيعفوا ويتجاوزوا عن الدية

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ودية مسلمة} يعني يسلمها عاقلة القاتل إلى أهله إلى أولياء المقتول {إلا أن يصدقوا} يعني إلا أن يصدق أولياء المقتول بالدية على القاتل فهو خير لهم فأما عتق رقبة فإنه واجب على القاتل في ماله.
وأخرج ابن جرير عن بكر بن الشرود قال : في حرف أبي إلا أن يتصدقوا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله {ودية مسلمة إلى أهله} قال : هذا المسلم الذي ورثته مسلمون {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد فيقتل فيكون ميراثه للمسلمين وتكون ديته لقومهم لأنهم يعقلون عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله !

{فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} يقول : فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن فقتله خطأ فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة أو صيام شهرين متتابعين ولا دية عليه وفي قوله {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} يقول : إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : هو المؤمن يكون في العدو من المشركين يسمعون بالسرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفرون ويثبت المؤمن فيقتل ففيه تحرير رقبة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عكرمة عن ابن عباس {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن}
قال : يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار فلا دية له ولكن تحرير رقبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر من طريق عطاء بن السائب عن أبي عياض قال : كان الرجل يجيء فيسلم ثم يأتي قومه وهم مشركون فيقيم فيهم فتغزوهم جيوش النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيقتل الرجل فيمن يقتل ، فأنزلت هذه الآية {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير

رقبة مؤمنة} وليست له دية ، واخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس في قوله {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : كان الرجل يأتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يرجع إلى قومه فيكون فيهم وهم مشركون فيصيبه المسلمون خطأ في سرية أو غارة فيعتق الذي يصيبه رقبة وفي قوله {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : كان الرجل يكون معاهدا وقومه أهل عهد فيسلم إليهم ديته ويعتق الذي أصابه رقبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن} قال : نزلت في مرداس بن عمرو وكان أسلم وقومه كفار من أهل الحرب فقتله أسامة بن زيد خطأ {فتحرير رقبة مؤمنة} ولا دية لهم لأنهم أهل الحرب.
وأخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الشعبي في قوله {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : من أهل العهد وليس بمؤمن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : وهو مؤمن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : هو كافر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق} قال : عهد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله} قال : بلغنا أن دية المعاهد

كانت كدية المسلم ثم نقصت بعد في آخر الزمان فجعلت مثل نصف دية المسلم وإن الله أمر بتسليم دية المعاهد إلى أهله وجعل معها تحرير رقبة مؤمنة.
وأخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال : إن الإبل قد غلت ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام وما من عبد يقتل نفسا معاهدة إلا حرم الله عليه الجنة ورائحتها أن يجدها

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن ماجه والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ألا من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد خفر ذمة الله ولا يرح ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : دية أهل الكتاب أربعة آلاف درهم ودية المجوس ثمانمائة.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال : الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} قال : من لم يجد عتقا في

قتل مؤمن خطأ ، قال : وأنزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل مؤمنا خطأ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فمن لم يجد} قال : فمن لم يجد رقبة فصيام شهرين.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {فمن لم يجد فصيام شهرين} قال : الصيام لمن لا يجد رقبة وأما الدية فواجبة لا يبطلها شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق أنه سئل عن الآية التي في سورة النساء {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} صيام الشهرين عن الرقبة وحدها أو عن الدية والرقبة قال : من لم يجد فهو عن الدية والرقبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه سئل عن صيام شهرين متتابعين قال : لا يفطر فيها ولا يقطع صيامها فإن فعل من غير مرض ولا عذر استقبل صيامها جميعا فإن عرض له مرض أو عذر صام ما بقي

منهما فإن مات ولم يصم أطعم عنه ستون مسكينا لكل مسكين مد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فصيام شهرين متتابعين} تغليظا وتشديدا من الله قال : هذا في الخطأ تشديد من الله.
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله {توبة من الله} يعني تجاوزا من الله لهذه الأمة حين جعل في قتل الخطأ كفارة ودية {وكان الله عليما حكيما} يعني حكم الكفارة لمن قتل خطأ ثم صارت دية العهد والموادعة لمشركي العرب منسوخة نسختها الآية التي في براءة (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5) وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا يتوراث أهل ملتين.
الآية 93.
أخرج ابن جريج ، وَابن المنذرمن طريق ابن جريج عن عكرمة أن رجلا من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة فأعطاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها ثم وثب

على قاتل أخيه فقتله ، قال ابن جريج وقال غيره : ضرب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار ثم بعث مقيسا وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم فاحتمل مقيس الفهري - وكان رجلا شديدا - فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين ثم ألقى يتغنى :
قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب قارع فأخبر به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أظنه قد أحدث حدثا أما والله لئن كان فعل لا أومنه في حل ولا حرم ولا سلم ولا حرب فقتل يوم الفتح ، قال ابن جريج : وفيه نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} قال : نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة وكانا بالمدينة فوجد مقيس أخاه هشاما ذات يوم قتيلا في الأنصار في بني النجار فانطلق إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار - ومنازلهم يومئذ بقباء - أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك وإلا فادفعوا إليه الدية ، فلما جاءهم الرسول قالوا : السمع والطاعة لله وللرسول والله ما نعلم له قاتلا ولكن نؤدي إليه الدية فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه فلما انصرف مقيس والفهري راجعين من

قباء إلى المدينة وبينهما ساعة عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله وارتد عن الإسلام وركب جملا منها وساق معه البقية ولحق بمكة وهو يقول في شعر له : قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب قارع وأدركت ثأري واضطجعت موسدا * وكنت إلى الأوثان أول راجع فنزلت فيه بعد قتل النفس وأخذ الدية وارتد عن الإسلام ولحق بمكة كافرا {ومن يقتل مؤمنا متعمدا}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، مثله سواء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال : نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل وما نسخها شيء.
وأخرج أحمد وسعيد بن منصور

والنسائي ، وَابن ماجه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني من طريق سالم بن أبي
الجعد عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا قال {فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} قال : لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى قال : وأنى له بالتوبة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ثكلته أمه رجل قتل رجلا متعمدا يجيء يوم القيامة آخذا قاتله بيمينه أو بيساره وآخذا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في قبل العرش يقول : يا رب سل عبدك فيم قتلني.
وأخرج الترمذي وحسنه من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما يقول : يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش قال : فذكروا لابن عباس التوبة فتلا هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} قال : ما نسخت هذه الآية ولا بدلت وأنى له التوبة

وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جري عن سعيد بن جبير قال : قال لي عبد الرحمن بن أبزي : سل ابن عباس عن قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} فقال : لم ينسخها شيء وقال في هذه الآية (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) الآية ، قال : نزلت في أهل الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير والحاكم ، وَابن مردويه عن سعيد بن جبير أن عبد الرحمن بن أبزي سأله : أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في النساء {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} إلى آخر الآية والتي في الفرقان (ومن يفعل ذلك يلق أثاما) (الفرقان الآية 68) الآية ، قال : فسألته فقال : إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم لا توبة له وأما التي في الفرقان فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدلنا بالله وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق وأتينا الفواحش فما نفعنا الإسلام فنزلت (إلا من تاب) (الفرقان الآية 70) الآية ، فهي لأولئك

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : سمعت ابن عباس يقول : نزلت هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} بعد قوله (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا) (الفرقان الآية 70) بسنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزلت هذه الاية {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} بعد التي في سورة الفرقان بثماني سنين وهي قوله (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) إلى قوله (غفورا رحيما) (الفرقان الآية 70).
وأخرج ابن جرير والنحاس والطبراني عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة قال : لا ، فقرأت عليه الآية التي في الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) فقال هذه الآية مكية نسختها آية مدينة {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن زيد بن ثابت قال : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر يعني {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} بعد

(إن الله لا يغفر أن يشرك به) (النساء الآية 48).
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} بعد قوله (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 68) إلى آخر الآية.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير والنحاس والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي عن زيد بن ثابت قال : نزلت الآية التي في سورة النساء بعد الآيات التي في سورة الفرقان بستة أشهر.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : لما نزلت هذه الآية في الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) (الفرقان الآية 78) الآية ، عجبنا للينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت التي في النساء {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك قال : بينهما ثماني سنين التي في النساء بعد التي في الفرقان

وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن ثابت قال : نزلت هذه التي في النساء بعد قوله (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء الآية 48) بأربعة أشهر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله لأن الله يقول {فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : هما المبهمتان : الشرك والقتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود في قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} قال : هي محكمة ولا تزداد إلا شدة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن كردم أن أبا هريرة ، وَابن عباس ، وَابن عمر سئلوا عن الرجل يقتل مؤمنا متعمدا فقالوا : هل تستطيع أن لا تموت هل تستطيع أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء أو تحييه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن ميناء

قال : كنت جالسا بجنب أبي هريرة إذ أتاه رجل فسأله عن قاتل المؤمن هل له من توبة فقال : والذي لا إله إلا هو لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي رزين عن ابن عباس قال : هي مبهمة لا يعلم له توبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك قال : ليس لمن قتل مؤمنا توبة لم ينسخها شيء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن ميناء قال : كان بين صاحب لي وبين رجل من أهل السوق لجاجة فأخذ صاحبي كرسيا فضرب به رأس الرجل فقتله وندم وقال : إني سأخرج من مالي ثم أنطلق فأجعل نفسي حبيسا في سبيل الله ، قلت : انطلق بنا إلى ابن عمر نسأله هل لك من توبة فانطلقا حتى دخلنا عليه فقصصت عليه القصة على ما كانت قلت : هل ترى له من توبة قال : كل
واشرب أف قم عني ، قلت : يزعم أنه لم يرد قتله قال : كذب يعمد أحدكم إلى الخشبة فيضرب بها رأس الرجل المسلم ثم يقول : لم أرد قتله كذب كل واشرب ما استطعت أف قم عني ، فلم يزدنا

على ذلك حتى قمنا.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال : قتل المؤمن معقلة.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما.
وأخرج أحمد والنسائي ، وَابن المنذر عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا.
وأخرج ابن المنذر عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو من قتل مؤمنا متعمدا.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعان في قتل مسلم بشطر كلمة يلقى الله يوم يلقاه مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في البعث عن ابن عمر قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعان على دم امرى ء مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة : آيس من رحمة الله.
وأخرج ابن المنذر عن أبي عون قال : إذا سمعت في القرآن خلودا فلا توبة له ، واخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نازلت ربي في قاتل المؤمن في أن يجعل له توبة فأبى علي.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو القاسم بن بشران في أماليه بسند ضعيف عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} قال : هو جزاؤه إن جازاه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقول : جزاؤه جهنم إن جازاه يعني للمؤمن وليس للكافر فإن شاء عفا عن المؤمن وإن شاء عاقب.
وأخرج ابن المنذر من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس في قوله {فجزاؤه جهنم} قال : هي جزاؤه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر

والبيهقي في البعث عن أبي مجلز في قوله {فجزاؤه جهنم} قال : هي جزاؤه فإن شاء الله أن يتجاوز عن جزائه فعل.
وأخرج ابن المنذر عن عون بن عبد الله في قوله {فجزاؤه جهنم} قال : إن هو جازاه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي صالح ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل بن ثوبان قال : جالست الناس قبل الداء الأعظم في المسجد الأكبر فسمعتهم يقولون {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} إلى {عذابا عظيما} قال المهاجرون والأنصار : وجبت لمن فعل هذا النار حتى نزلت (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء الآية 48) فقال المهاجرون والأنصار : ما شاء يصنع الله ما شاء فسكت عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن هشام بن حسان قال : كنا عند محمد بن سيرين فقال له رجل (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) حتى ختم الآية فغضب محمد وقال : أين أنت عن هذه الآية (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) قم عني اخرج عني قال : فأخرج

وأخرج القتبي والبيهقي في البعث عن قريش بن أنس قال : سمعت عمرو بن عبيد يقول : يؤتى بي يوم القيامة فأقام بين يدي الله قيقول لي لم قلت إن القاتل في النار فأقول أنت قلته ثم تلا هذه الآية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) قلت له : وما في البيت أصغر مني أرأيت إن قال لك فإني قد قلت (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر قال : فما استطاع أن يرد علي شيئا ، واخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي إسحاق قال أتى رجل عمر فقال لقاتل المؤمن توبة قال : نعم ثم قرأ (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قاتل المؤمن قال : كان يقال : له توبة إذا ندم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن كردم عن ابن عباس قال : أتاه رجل فقال : ملأت حوضي أنتطر طميتي ترد علي فلم أستيقظ إلا ورجل أشرع ناقته فتلم الحوض وسال الماء

فقمت فزعا فضربته بالسيف فقتلته فقال : ليس هذا مثل الذي قال فأمره بالتوبة ، قال سفيان : كان أهل العلم إذا سئلوا قالوا : لا توبة له ، فإذا ابتلى به رجل قالوا : كذبت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن جعفر قال : كفارة القتل القتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنحاس عن سعد بن عبيدة أن ابن عباس كان يقول : لمن قتل مؤمنا توبة ، قال : فجاءه رجل فسأله ألمن قتل مؤمنا توبة قال : لا إلا النار ، فلما قام الرجل قال له جلساؤه : ما كنت هكذا تفتينا كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمنا توبة مقبولة فما شأن هذا اليوم قال : إني أظنه رجل يغضب يريد أن يقتل مؤمنا فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك.
وأخرج النحاس عن نافع وسالم أن رجلا سأل عبد الله بن عمر كيف ترى في رجل قتل قتل رجلا عمدا قال : أنت قتلته قال : نعم ، قال : تب إلى الله يتب عليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم قال : ليس للقاتل توبة إلا أن يقاد منه أو يعفى عنه أو تؤخذ منه الدية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سفيان قال : بلغنا أن الذي يقتل متعمدا فكفارته أن يقيد من نفسه أو أن يعفى عنه أو تؤخذ منه الدية فإن فعل به ذلك رجونا أن تكون كفارته ويستغفر ربه فإن لم يفعل من ذلك شيئا فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء لم يغفر له فقال سفيان : فإذا جاءك من لم يقتل فشدد عليه ولا ترخص له لكي يفرض وإن كان ممن قتل فسألك فأخبره لعله يتوب ولا تؤيسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك قال : لأن أتوب من الشرك أحب إلي من أتوب من قتل المؤمن.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لقي الله لا يشرك به شيئا وأدى زكاة ماله طيبة بها نفسه محتبسا وسمع وأطاع فله الجنة ، وخمس ليس لهن كفارة : الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار من الزحف ويمين صابرة تقتطع بها مالا بغير حق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : إن الرجل ليقتل يوم القيامة ألف قتلة ، قال أبو زرعة : بضروب ما قتل.
وأخرج ابن شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " :أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" .

وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله للدينا وما فيها أهون على الله من قتل مسلم بغير حق.
وأخرج النسائي والنحاس عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لزوال الدينا أهون على الله من قتل رجل مسلم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدينا.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدينا.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن بريدة عن النَّبِيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال : لا يزل الرجل في فسحة من دينه ما نقيت كفه من الدم فإذا أغمس يده في الدم الحرام نزع حياؤه

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب هذا قتلني ، قال : لم قتلته فيقول لتكون العزة لك ، فيقول : فإنها لي ، ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب قتلني هذا ، فيقول الله : لم قتلت هذا فيقول : قتلته لتكون العزة لفلان ، فيقول : إنها ليست له بؤ بإثمه ، وأخرجه ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل ، موقوفا.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : يجلس المقتول يوم القيامة فإذا مر الذي قتله قام فأخذه فينطلق فيقول : يا رب سله لم قتلني فيقول : فيم قتلته فيقول : أمرني فلان فيعذب القاتل والآمر.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله جميعا في النار.
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن البراء ابن
عازب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لزوال الدينا وما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في

دم مؤمن لأدخلهم الله النار.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قتل بالمدينة قتيل على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يعلم من قتله فصعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : أيها الناس قتل قتيل وأنا فيكم ولا نعلم من قتله ولو اجتمع أهل السماء والأرض على قتل امرى ء لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن جندب البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرى ء مسلم أن يهرقه كلما تعرض لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه.
وأخرج الأصبهاني عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما فإذا أصاب دما حراما بلح.
وأخرج الأصبهاني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن الثقلين

اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبهم الله على مناخرهم في النار وإن الله حرم الجنة على القاتل والآمر.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رجل من الصحابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قسمت النار سبعين جزءا ، للآمر تسعة وستين وللقاتل جزءا.
وأخرج البيهقي عن محمد بن عجلان قال : كنت بالإسكندرية فحضرت رجلا الوفاة لم نر من خلق الله أحدا كان أخشى لله منه فكنا نلقنه فيقبل كلما لقناه من سبحان الله والحمد لله فإذا جاءت لا إله إلا الله أبى فقلنا له : ما رأينا من خلق الله أحدا كان أخشى لله منك فنلقنك فتلقن حتى إذا جاءت لا إله إلا الله أبيت قال : إنه حيل بيني وبينها وذلك أني قتلت نفسا في شبيبتي.
وأخرج ابن ماحه ، وَابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يلقى الله لا يشرك به شيئا لم يتند بدم حرام إلا أدخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري قال : كنت جالسا عند سالم بن عبد الله في نفر من أهل المدينة فقال رجل : ضرب الأمير آنفا رجلا

أسواطا فمات ، فقال سالم : عاب الله على موسى عليه السلام في نفس كافر قتلها.
وأخرج البيهقي عن شهر بن حوشب أن أعرابيا أتى أبا ذر فقال : إنه قتل حاج بيت الله ظالما فهل له من مخرج فقال له أبو ذر : ويحك ، أحي والداك قال : لا ، قال : فأحدهما قال : لا ، قال : لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك وما أجد لك مخرجا إلا في إحدى ثلاث قال : وما هن قال : هل تستطيع أن تحييه كما قتلته قال : لا والله قال : فهل تستطيع أن لا تموت قال : لا والله ما من الموت بد فما الثالثة قال : هل تستطيع أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فقام الرجل وله صراخ فلقيه أبو هريرة فسأله فقال : ويحك ، حيان والداك قال : لا ، قال : لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك ولكن اغز في سبيل الله وتعرض للشهادة فعسى.
الآية 94.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لحق ناس من المسلمين رجلا معه غنيمة له فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله

فتبينوا} إلى قوله {عرض الحياة الدنيا} قال : تلك الغنيمة ، قال : قرأ ابن عباس {السلام}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والترمذي وحسنه ، وعَبد بن حُمَيد وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يسوق غنما له فسلم عليهم فقالوا : ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا له فقتلوه وأتوا بغنمه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم} الآية.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم

الحرث بن ربعي أبو قتادة ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي فخرجنا حتى إذا كنا ببطن أضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع له وقطب من لبن فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه فقتله وأخذ بعيره ومتاعه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} الآية.
وأخرج ابن إسحاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبغوي في معجمه من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي حدرد الأسلمي عن أبيه نحوه وفيه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أقتلته بعدما قال : آمنت بالله فنزل القرآن.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة

مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام وكانت بينهم إحنة في الجاهلية فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال : لا غفر الله لك ، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه فما مضت به ساعة حتى مات ودفنوه فلفظته الأرض فجاؤوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال : إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم ثم طرحوه في جبل وألقوا عليه الحجارة فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم} الآية ، واخرج البزار والدارقطني في الإفراد والطبراني عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فأهوى إليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله والله لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد ، فقال : ادعوا إلي المقداد فقال : يا مقداد أقتلت
رجلا يقول لا إله إلا الله فكيف لك بلا إله إلا الله غدا فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله} إلى قوله {كذلك كنتم من قبل} قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد : كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته

وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن جَابر قال : أنزلت هذه الآية {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} في مرداس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الرجل يتكلم بالإسلام ويؤمن بالله والرسول ويكون في قومه فإذا جاءت سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها حيه - يعني قومه - وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم حتى يلقاهم فيلقي إليهم السلام فيقولون : لست مؤمنا وقد ألقى السلم فيقتلونه فقال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} إلى {تبتغون عرض الحياة الدنيا} يعني تقتلونه إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه وذلك عرض الحياة الدينا فإن عندي مغانم كثيرة والتمسوا من فضل الله ، وهو رجل اسمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها رجل من بني ليث اسمه قليب حتى إذا وصلت الخيل سلم عليهم فقتلوه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله بديته ورد إليهم ماله ونهى المؤمنين عن مثل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {يا أيها الذين

آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} قال : هذا الحديث في شأن مرداس رجل من غطفان ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك وبه ناس من غطفان وكان مرداس منهم ، ففر أصحابه فقال مرداس : إني مؤمن وعلى متبعكم ، فصبحته الخيل غدوة فلما لقوه سلم عليهم مرداس فتلقاه أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقتلوه وأخذوا ما كان معه من متاع فأنزل الله في شأنه {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} لأن تحية المسلمين السلام بها يتعارفون وبها يحيي بعضهم بعضا.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله} الآية ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني ضمرة فلقوا رجلا منهم يدعى مرداس بن نهيك معه غنم له وجمل أحمر فلما
رآهم أوى إلى كهف جبل واتبعه أسامة فلما بلغ مرداس الكهف وضع فيه غنمه ثم أقبل إليهم فقال : السلام عليكم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فشد عليه أسامة فقتله من أجل جمله وغنيمته وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا بعث أسامة أحب أن يثني عليه خير ويسأل عنه أصحابه فلما رجعوا لم يسألهم عنه فجعل القوم يحدثون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويقولون : يا رسول الله لو رأيت أسامة ولقيه رجل فقال الرجل : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشد عليه فقتله وهو معرض عنهم فلما أكثروا عليه رفع رأسه إلى أسامة فقال :

كيف أنت ولا إله إلا الله فقال : يا رسول الله إنما قالها متعوذا تعوذ بها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلا شققت عن قلبه فنظرت إليه ، فأنزل الله خبر هذا وأخبر إنما قتله من أجل جمله وغنمه فذلك حين يقول {تبتغون عرض الحياة الدنيا} فلما بلغ {فمن الله عليكم} يقول : فتاب الله عليكم فحلف أسامة أن لا يقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن الحسن أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا يتطرقون فلقوا أناسا من العدو فحملوا عليهم فهزموهم فشد رجل منهم فتبعه رجل يريد متاعه فلما غشيه بالسنان قال : إني مسلم إني مسلم ، فأوجره السنان فقتله وأخذ متيعه فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاتل : أقتلته بعد أن قال إني مسلم قال : يا رسول الله إنما قالها متعوذا ، قال : أفلا شققت عن قلبه قال : لم يا رسول الله قال : لتعلم أصادق هو أو كاذب قال : وكنت عالم ذلك يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما كان يعبر عنه لسانه إنما كان يعبر عنه لسانه ، قال : فما لبث القاتل أن مات فحفر له أصحابه

فأصبح وقد وضعته الأرض ثم عادوا فحفروا له فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره ، قال الحسن : فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كم دفناه مرتين أو ثلاثة كل ذلك لا تقبله الأرض فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} أهل الإسلام إلى آخر الآية ، قال الحسن : أما والله ما ذاك أن تكون الأرض تجن من هو شر منه ولكن وعظ الله القوم أن لا يعودوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير من طريق معمر عن قتادة في قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}
قال : بلغني أن رجلا من المسلمين أغار على رجل من المشركين فحمل عليه فقال له المشرك : إني مسلم أشهد أن لا إله إلا الله فقتله المسلم بعد أن قالها فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال للذي قتله : أقتلته وقد قال لا إله إلا الله فقال وهو يعتذر : يا نبي الله إنما قال متعوذا وليس كذلك ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فهلا شققت عن قلبه ثم مات قاتل الرجل فقبر فلفظته الأرض فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يقبروه ثم لفظته حتى فعل ذلك به ثلاث مرات فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الأرض أبت أن تقبله فألقوه في غار من الغيران ، قال معمر : وقال بعضهم : إن الأرض تقبل من هو شر منه ولكن الله جعله لكم عبرة

وأخرج ابن جرير من طريق أبي الضحى عن مسروق أن قوما من المسلمين لقوا رجلا من المشركين ومعه غنيمة له فقال : السلام عليكم إني مؤمن ، فظنواأنه يتعوذ بذلك فقتلوه وأخذوا عنيمته فأنزل الله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} تلك الغنيمة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمروا برجل فيه غنيمة له فقال : إني مسالم ، فقتله ابن الأسود فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} قال : الغنيمة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : نزل ذلك في رجل قتله أبو الدرداء فذكر من قصة أبي الدرداء نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد ونزل القرآن {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} فقرأ ، حتى بلغ إلى قوله {إن الله كان بما تعملون خبيرا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} قال : راعي غنم لقيه نفر من المؤمنين فقتلوه وأخذوا ما معه ولم يقبلوا منه السلام عليكم إني مؤمن

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} قال : حرم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد
أن لا إله إلا الله لست مؤمنا كما حرم عليهم الميتة فهو آمن على ماله ودمه فلا تردوا عليه قوله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي رجاء والحسن أنهما كانا يقرآن ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم بكسر السين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد وأبي عبد الرحمن السلمي أنهما كانا يقرآن {لمن ألقى إليكم السلام}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {كذلك كنتم من قبل} قال : تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الراعي بإيمانه ، وفي لفظ : تكتمون إيمانكم من المشركين {فمن الله عليكم} فأظهر الإسلام فأعلنتم إيمانكم {فتبينوا} قال : وعيد من الله مرتين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {كذلك كنتم من قبل} قال :

كنتم كفارا حتى من الله عليكم بالإسلام وهداكم له.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق {كذلك كنتم من قبل} لم تكونوا مؤمنين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن النعمان بن سالم أنه كان يقول : نزلت في رجل من هذيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {فتبينوا} بالياء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أسامة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال : لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا إله إلا الله وقتلته قلت : يا رسول الله إنما قالها فرقا من السلاح ، قال : ألا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا ، فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يؤمئذ.
وأخرج ابن سعد عن جعفر بن برقان قال : حدثنا الحضرمي رجل من أهل

اليمامة قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أسامة بن زيد على جيش ، قال أسامة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أحدثه فقلت : فلما انهزم القوم أدركت رجلا
فأهويت إليه بالرمح فقال : لا إله إلا الله فطعنته فقتلته ، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ويحك يا أسامة ، فكيف لك بلا إله إلا الله ويحك يا أسامة ، فكيف لك بلا إله إلا الله فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الإسلام يومئذ جديدا فلا والله أقاتل أحدا قال لا إله إلا الله بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال أسامة بن زيد : لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا ، فقال سعد بن مالك : وأنا - والله - لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا ، فقال لهما رجل : ألم يقل الله (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (البقرة الآية 193) فقالا : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن عقبة بن مالك الليثي قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغارت على وقم فأتبعه رجل من السرية شاهرا فقال الشاذ من القوم : إني مسلم فلم ينظر فيما قال فضربه فقتله فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال فيه قولا شديدا فبلغ القاتل ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القاتل : والله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم قال أيضا : يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأعرض عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر فقال الثالثة : والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه فقال : إن الله أبى علي لمن قتل مؤمنا ثلاث مرارا.
وأخرج الشافعي ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن المقداد بن الأسود قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين بضربتين فقطع يدي فلما علوته بالسيف قال : لا إله إلا الله أضربه أم أدعه قال : بل دعه ، قلت : قطع يدي قال : إن ضربته بعد أن قالها فهو مثلك قبل أن تقتله وأنت مثله قبل أن يقولها.
وأخرج الطبراني عن جندب البجلي قال : إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه بشير من سريته فأخبره بالنصر الذي نصر الله سريته وبفتح الله الذي فتح

لهم ، قال : يا رسول الله بينا نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى إذ لحقت رجلا بالسيف فلما خشي أن السيف واقعه وهو يسعى ويقول : إني مسلم إني مسلم ، قال : فقتلته ، فقال : يا رسول الله إنما تعوذ ، فقال : فهلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب فقال : لو شققت عن قلبه ما كان علمي هل قلبه إلا مضغة من لحم قال : لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقت قال : يا رسول الله استغفر لي ، قال : لا أستغفر لك ، فمات ذلك الرجل فدفنوه فأصبح على وجه الأرض ثم دفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث مرات فلما رأوا ذلك استحيوا وخزوا مما لقي فاحتملوه فألقوه في شعب من تلك الشعاب.
وأخرج أبو نعيم في المعرفة عن جزء بن الحدرجان قال : وفد أخي قداد بن الحدرجان بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بإيمانه وإيمان من أعطى الطاعة من أهل بيته فخرج مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه في بعض الطريق سرية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال قداد : أنا مؤمن فلم يقبلوه وقتلوه في جوف الليل فبلغنا ذلك فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته وطلبت ثأري فنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ياأيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) الآية فأعطاني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دية أخي ..
الآيتان 95 - 96

أخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه والبيهقي في "سُنَنِه" عن البراء بن عازب قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ادع فلانا ، وفي لفظ : ادع زيدا فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف فقال : اكتب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} وخلف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله إني ضرير فنزلت مكانها {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله}.
وأخرج ابن سعد وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي من طريق ابن شهاب قال : حدثني سهل بن سعد الساعدي أن مروان بن الحكم أخبره : أن زيد بن ثابت أخبره : أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها علي فقال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى - فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه فأنزل الله {غير أولي الضرر}

قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح قال : وفي هذا الحديث رواية رجل من الصحابة وهو سهل بن سعد عن رجل من التابعين وهو مروان بن الحكم لم يسمع من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد وأحمد وأبو داوود ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري والطبراني والحاكم وصححه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت قال : كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه : فقال : اكتب ، فكتبت في كتف {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} إلى آخر الآية ، فقال ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضل المجاهدين : يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اقرأ يا زيد ، فقرأت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب {غير أولي الضرر} الآية ، قال زيد : أنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف

وأخرج ابن فهر في كتاب الفضائل مالك ، وَابن عساكر من طريق عبد الله بن رافع قال : قدم هارون الرشيد المدينة فوجه البرمكي إلى مالك وقال له : احمل إلي الكتاب الذي صنفته حتى أسمعه منك ، فقال للبرمكي : أقرئه السلام وقل له : إن العلم يزار ولا يزور وإن العلم يؤتى ولا يأتي ، فرجع البرمكي إلى هارون فقال له : يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك فخالفك اعزم عليه حتى يأتيك فإذا بمالك قد دخل وليس معه كتاب وأتاه مسلما فقال : يا أمير المؤمنين إن الله جعلك في هذا الموضع لعلمك فلا تكن أنت أول من يضع العلم فيضعك الله ولقد رأيت من ليس في حسبك ولا بيتك يعز هذا العلم ويجله فأنت أحرى أن تعز وتجل علم ابن عمك ولم يزل يعدد عليه من ذلك حتى بكى هارون ثم قال أخبرني الزهري عن خارجة بن زيد قال : قال زيد بن ثابت : كنت أكتب بيد يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في كتف {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير} ، وَابن أم مكتوم عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قد أنزل الله في فضل الجهاد ما أنزل وأنا رجل ضرير فهل لي من رخصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أدري ، قال زيد بن ثابت : وقلمي رطب ما جف حتى غشي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الوحي ووقع فخذه على فخذي حتى كادت تدق من ثقل الوحي ثم جلى عنه فقال لي : اكتب يا زيد {غير أولي الضرر} فيا أمير المؤمنين حرف واحد بعث به جبريل والملائكة عليهم السلام من مسيرة خمسين ألف عام حتى أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي لي أن أعزه وأجله ،.
وأخرج الترمذي وحسنه النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي

في سننه من طريق مقسم عن ابن عباس أنه قال {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} عن بدر والخارجين إلى بدر لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش ، وَابن أم مكتوم : إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة فنزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهولاء القاعدون غير أولي الضرر {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين} درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس أنه قال {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر والخارجين إليها.
وأخرج ابن جرير والطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات عن زيد بن أرقم قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في

سبيل الله} جاء ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله أما لي من رخصة قال : لا ، قال : اللهم إني ضرير فرخص لي ، فأنزل الله {غير أولي الضرر} فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابتها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبزار وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني عن الفلتان ابن عاصم قال : كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه وكان إذا أنزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله قال : فكنا نعرف ذلك منه.
فقال للكاتب : اكتب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فقام الأعمى فقال : يا رسول الله ما ذنبنا فأنزل الله فقلنا للأعمى : إنه ينزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخاف أن يكون ينزل عليه شيء في أمره فبقي قائما يقول : أعوذ بغضب رسول الله فقال للكاتب : اكتب {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فسمع بذلك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قد أنزل الله في الجهاد ما قد

علمت وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أمرت في شأنك بشيء وما أدري هل يكون لك ولأصحابك من رخصة ، فقال ابن أم مكتوم : اللهم إني أنشدك بصري ، فأنزل الله {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني والبيهقي من طريق أبي نضرة عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض وأوجاع فأنزل الله عذرهم من السماء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أنس بن مالك قال : نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم {غير أولي الضرر} لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عبد الله بن شداد قال : لما نزلت هذه الآية {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قام ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله إني ضرير كما ترى فأنزل الله {غير أولي الضرر}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية قال عبد الله

بن أم مكتوم : يا نبي الله عذري فأنزل الله {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} فقال رجل أعمى : يا نبي الله فإني أحب الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد ، فنزلت {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما نزلت هذه الآية قال ابن أم مكتوم : يا رسول الله إني أعمى ولا أطيق الجهاد ، فأنزل الله فيه {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون} قال عمرو بن أم مكتوم : يا رب ابتليتني فكيف أصنع فنزلت {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن سعد ، وَابن المنذر من طريق ثابت عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال : لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} قال ابن أم مكتوم : أي رب أين عذري أي رب أين عذري فنزلت {غير أولي الضرر} فوضعت بينها وبين الأخرى فكان بعد ذلك يغزو ويقول : ادفعوا إلي اللواء وأقيموني بين الصفين فإني لن أفر.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزلت في ابن أم مكتوم أربع آيات {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} ونزل فيه (ليس على الأعمى

حرج) (النور الآية 61) ونزل فيه (فإنها لا تعمى الأبصار) (الحج الآية 16) الآية ، ونزل فيه (عبس وتولى) (عبس الآية 1) فدعا به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأدناه وقربه وقال : أنت الذي عاتبني فيك ربي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : لا يستوي في الفضل القاعد عن العدو والمجاهد درجة يعني فضيلة {وكلا} يعني المجاهد والقاعد المعذور {وفضل الله المجاهدين على القاعدين} الذين لا عذر لهم {أجرا عظيما درجات} يعني فضائل {وكان الله غفورا رحيما} بفضل سبعين درجة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {غير أولي الضرر} قال : أهل العذر ، واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} قال : على أهل الضرر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {وكلا وعد الله الحسنى} أي الجنة والله يؤتي كل ذي فضل فضله.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا

عظيما درجات منه ومغفرة} قال على القاعدين من المؤمنين {غير أولي الضرر}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {درجات منه ومغفرة ورحمة} قال : كان يقال : الإسلام درجة والهجرة درجة في الإسلام والجهاد في الهجرة درجة والقتل في الجهاد درجة.
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله تعالى {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه} الدرجات هي السبع لتي ذكرها في سورة براءة (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب) فقرأ حتى بلغ (أحسن ما كانوا يعملون) (التوبة الآية 120 - 121) قال : هذه السبع درجات قال : كان أول شيء فكانت درجة الجهاد مجملة فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل أخرج منها ولم يكن له منها إلا النفقة فقرأ (لا يصيبهم ظمأ ولا نصب) (التوبة الآية 120) وقال : ليس هذا لصاحب النفقة ثم قرأ (ولا ينفقون نفقة) قال : وهذه نفقة القاعد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن محيريز في قوله {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما

درجات} قال : الدرجات سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الجواد المضمر سبعون سنة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي محلز في قوله {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات} قال : بلغني أنها سبعون درجة بين كل درجتين سبعون عاما للجواد المضمر.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله {درجات منه ومغفرة ورحمة} قال : ذكر لنا أن معاذ بن جبل كان يقول : إن للقتيل في سبيل الله ست خصال من خير : أول دفعة من دمه يكفر بها عنه ذنوبه ويحلى عليه حلة الإيمان ثم يفوز من العذاب ثم يأمن من الفزع الأكبر ثم يسكن الجنة ويزوج من الحور العين.
وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين
الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل

=============

ج10. كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير


درجتين بينهما كما بين السماء والأرض.
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة ، عجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي يا رسول الله ، فأعادها عليه ثم قال : وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، قال : وما هي يا رسول الله قال : الجهاد في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة ، فقال رجل : يا رسول الله وما الدرجة قال : أما أنها ليست بعتبة أمك ما بين الدرجتين مائة عام.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال : كان يقال : الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء إلى الأرض فيهن الياقوت

والخيل في كل درجة أمير يرون له الفضل والسؤدد.
الآيات 97 - 99
أخرج البخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل ، فأنزل الله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم وقتل بعض فقال المسلمون : قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت هذه الآية {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى آخر الآية ، قال فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة فأنزلت فيهم هذه الآية (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله) (العنكبوت الآية 10) إلى آخر الآية ، فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا وأيسوا من كل خير فنزلت فيهم (ثم

إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) (النحل الآية 110) فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن جَرِير عن عكرمة في قوله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم} إلى قوله {وساءت مصيرا} قال : نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي العاص بن منية بن الحجاج وعلي بن أمية بن خلف ، قال : لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد فقتلوا ببدر كفار ورجعوا عن الإسلام وهم هؤلاء الذين سميناهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق في قوله {إن الذين توفاهم الملائكة} قال : هم خمسة فتية من قريش : علي

بن أمية وأبو قيس بن الفاكه وزمعة بن الأسود وأبو العاصي بن منية بن الحجاج ، قال : ونسيت الخامس.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم قوم تخلفوا بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتركوا أن يخرجوا معه فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ضربت الملائكة وجهه ودبره.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان قوم بمكة قد أسلموا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا فأنزل الله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى قوله {إلا المستضعفين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فلم يخرجوا معه إلى المدينة وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب ، فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افد نفسك ، وَابن أخيك ، قال : يا رسول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك قال : يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم ثم تلا عليه هذه الآية {ألم تكن أرض الله

واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر {إلا المستضعفين} الذين {لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا} حيلة في المال والسبيل الطريق ، قال ابن عباس : كنت أنا منهم من الولدان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : حدثت أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة فخرجوا مع عدو الله أبي جهل فقتلوا يوم بدر فاعتذروا بغير عذر فأبى الله أن يقبل منهم وقوله {إلا المستضعفين} قال : أناس من أهل مكة عذرهم الله فاستثناهم ، قال : وكان ابن عباس يقول : كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية : نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء في كفار قريش.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : لما بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال فقالوا : يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا ويفعلون ويفعلون لأسلمنا ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فكانوا يقولون ذلك له فلما كان يوم بدر قام

المشركون فقالوا : لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله ، فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} الآية كلها {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم {فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} ثم عذر الله أهل الصدق فقال {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا} يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم} إقامتهم بين ظهري المشركين ، وقال الذين أسروا : يا رسول الله إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا فقال الله (يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم) (الأنفال الآية 70) صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل) (الأنفال الآية 71) خرجوا مع المشركين فأمكن منهم ، واخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين ، أنا من الولدان وأمي من النساء

وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه تلا {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} قال : كنت أنا وأمي ممن عذر الله ، واخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانو يدعو في دبر كل صلاة : اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة
وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : بينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قال قبل أن يسجد : اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج الوليد بن الوليد اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها سنين كسني يوسف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {إلا المستضعفين} يعني الشيخ الكبير والعجوز والجواري الصغار والغلمان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى قال : مكث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع وكان يقول في قنوته :

اللهم أنج الوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة والعاصي بن هشام والمستضعفين من المؤمنين بمكة الذين {لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى قوله {وساءت مصيرا} قال : كانوا قوما من المسلمين بمكة فخرجوا مع قومهم من المشركين في قتال فقتلوا معهم فنزلت هذه الآية {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} فعذر الله أهل العذر منهم وهلك من لا عذر له قال ابن عباس : وكنت أنا وأمي ممن كان له عذر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {لا يستطيعون حيلة} قوة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {لا يستطيعون حيلة} قال : نهوضا إلى المدينة {ولا يهتدون سبيلا} طريقا إلى المدينة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ولا يهتدون سبيلا} طريقا إلى المدينة ، والله تعالى أعلم.
الآية 100

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {مراغما كثيرا وسعة} قال : المراغم التحول من أرض إلى أرض ، والسعة الرزق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مراغما} قال : متزحزحا عما يكره.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {مراغما} قال : منفسحا بلغة هذيل ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : واترك أرض جهرة إن عندي * رجاء في المراغم والتعادي.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن زيد قال : المراغم المهاجر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي مراغما قال : مبتغى للمعيشة

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر مراغما قال منفسحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة} قال : متحولا من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وسعة} قال : ورخاء.
وأخرج عن ابن القاسم قال : سئل مالك عن قول الله {وسعة} قال : سعة البلاء.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم والطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن عباس قال : خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله : احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن

ابن عباس قال : كان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر وكان مريضا فقال لأهله : أخرجوني من مكة فإني أجد الحر ، فقالوا أين نخرجك فأشار بيده نحو طريق المدينة فخرجوا به فمات على ميلين من مكة فنزلت هذه الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت}.
واخرج أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عامر الشعبي قال : سألت ابن عباس عن قوله تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجرا} الآية ، قال : نزلت في أكثم بن صيفي قلت : فأين الليثي قال : هذا قبل الليثي بزمان وهي خاصة عامة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن سعيد بن جبير أن رجلا من خزاعة كان بمكة فمرض وهو ضمرة بن العيص أو العيص بن ضمرة بن زنباع فلما أمروا بالهجرة كان مريضا فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره ففرشوا له وحملوه وانطلقوا به متوجها إلى المدينة فلما كان بالتنعيم مات فنزل {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة فلما نزلت (إلا

المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة) (النساء الآية 97) فقال : إني لغني وإني لذو حيلة ، فتجهز يريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتنعيم فنزلت هذه الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله}.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) (النساء الآية 96) رخص فيها لقوم من المسلمين ممن بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين ورخص لأهل الضرر حتى نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) إلى قوله (وساءت مصيرا) (النساء الآية 96) قالوا : هذه موجبة حتى نزلت (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) (النساء الآية 98) فقال ضمرة بن العيص أحد بني ليث وكان مصاب البصر : إني لذو حيلة لي مال فاحملوني فخرج وهو مريض فأدركه الموت عند التنعيم فدفن عند مسجد التنعيم فنزلت فيه هذه الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين يقال له ضمرة ولفظ عبد سبرة بمكة قال : والله إن لي من المال ما يبلغني إلى المدينة وأبعد منها وإني لاهتدي إلى المدينة

فقال لأهله : أخرجوني - وهو مريض يومئذ - فلما جاوز الحرم قبضه الله فمات فأنزل الله {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من وجه آخر عن قتادة قال : لما نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) قال رجل من المسلمين يومئذ وهومريض : والله ما لي من عذر إني لدليل بالطريق وإني لموسر فاحملوني فحملوه فأدركه الموت بالطريق فنزل فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : لما أنزل الله (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) الآيتين ، قال رجل من بني ضمرة - وكان مريضا - أخرجوني إلى الروح فأخرجوه حتى إذا كان بالحصحاص مات فنزل فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر قوله {ومن يخرج من بيته} الآية ، قال : نزلت في رجل من خزاعة

وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما سمع - هذه يعني (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) الآية - ضمرة بن جندب الضمري قال لأهله - وكان وجعا - : أرحلوا راحلتي فإن الأخشبين قد غماني - يعني جبلي مكة - لعلي أن أخرج فيصيبني روح فقعد على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات في الطريق فأنزل الله {ومن يخرج من بيته مهاجرا} الآية.
وَأَمَّا حين توجه إلى المدينة فإنه قال : اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك.
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : لما نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة) (النساء الآية 97) الآية ، قال ضمرة بن جندب الجندعي : اللهم أبلغت المعذرة والحجة ولا معذرة لي ولا حجة ، ثم خرج وهو شيخ كبير فمات ببعض الطريق فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مات قبل أن يهاجر فلا ندري أعلى ولاية أم لا فنزلت {ومن يخرج من بيته} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك قال : لما أنزل الله في الذين قتلوا مع مشركي قريش ببدر (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) الآية ، سمع بما أنزل الله فيهم رجل من بني ليث كان على دين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مقيما بمكة وكان ممن عذر الله كان شيخا كبيرا فقال لأهله : ما أنا ببائت الليلة بمكة ، فخرجوا به حتى إذا بلغ التنعيم من طريق المدينة أدركه الموت فنزل فيه {ومن يخرج من بيته} الآية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال : نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع.
وأخرج ابن سعد ، وَابن المنذر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن جندع بن ضمرة الجندعي كان بمكة فمرض فقال لبنيه : أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها ، فقالوا إلى أين فأومأ بيده نحو المدينة يريد الهجرة فخرجوا به فلما بلغوا اضاة بني غفار مات فأنزل الله فيه {ومن يخرج من بيته} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هاجر رجل من بني كنانة يريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق فسخر به قوم واستهزؤوا به وقال : لا هو بلغ الذي يريد ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن ، فنزل القرآن {ومن يخرج من بيته} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النَّبِيّ وأصحابه فأدركه الموت في الطريق فمات فقالوا : ما أدرك هذا من شيء ، فأنزل الله {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال : هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت
فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما} ، قال

الزبير : وكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة فما أحزنني شيء حزني لوفاته حين بلغني لأنه قل أن هاجر أحد من قريش إلا ومعه بعض أهله أو ذي رحمه ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى ولا أرجو غيره.
وأخرج ابن سعد عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن أبيه قال : خرج خالد بن حزام مهاجرا إلى أرض الحبشة في المرة الثانية فنهش في الطريق فمات قبل أن يدخل أرض الحبشة فنزلت فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أهل المدينة يقولون : من خرج فاصلا وجب سهمه وتاولوا قوله تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} يعني من مات ممن خرج إلى الغزو بعد انفصاله من منزله قبل أن يشهد الوقعة فله سهمه من المغنم.
وأخرج ابن سعد وأحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عتيك سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله - وأين المجاهدون في سبيل الله - فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله أو

لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله - يعني بحتف أنفه على فراشه والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومن قتل قعصا فقد استوجب الجنة.
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في سبيل الله كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة.
الآية 101
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن الجارود ، وَابن خزيمة والطحاوي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن حبان عن يعلى بن أمية قال : سألت عمر بن الخطاب قلت : !

{فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} وقد أمن الناس فقال لي عمر : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي حنظلة قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان ، فقلت : فأين قوله تعالى {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ونحن آمنون فقال : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسد أنه سأل ابن عمر أرأيت قصر الصلاة في السفر إنا لا نجدها في كتاب الله إنما نجد ذكر صلاة الخوف فقال ابن عمر : يا ابن أخي إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا فإنما نفعل كما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل وقصر الصلاة في السفر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : صليت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بمنى أكثر ما كان الناس وآمنه ركعتين.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : سافرت إلى مكة فكنت أصلي ركعتين فلقيني قراء من أهل هذه الناحية فقالوا : كيف تصلي قلت ركعتين قالوا أسنة وقرآن قلت : كل سنة وقرآن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، قالوا إنه كان في حرب قلت : قال الله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون) (الفتح الآية 27) وقال {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة}
فقرأ حتى بلغ (فإذا اطمأننتم) (النساء الآية 102).
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين.
وأخرج ابن جرير ، عَن عَلِي ، قال : سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي فأنزل الله {وإذا ضربتم في

الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} ثم انقطع الوحي فلما كان بعد ذلك بحول غزا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم فقال قائل منهم : إن لهم مثلها أخرى في أثرها فأنزل الله بين الصلاتين {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} إلى قوله {إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا} فنزلت صلاة الخوف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : قال رجل : يا رسول الله إني رجل تاجر أختلف إلى البحرين فأمره أن يصلي ركعتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ولا يقرأ {إن خفتم} وهي في مصحف عثمان {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا}.
وأخرج ابن جرير من طريق عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قال : سمعت أبي يقول : سمعت عائشة تقول : في السفر أتموا صلاتكم ، فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر ركعتين فقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حرب وكان يخاف هل تخافون أنتم

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتم الصلاة في السفر قال : عائشة وسعد بن أبي وقاص.
وأخرج ابن جرير عن أمية بن عبد الله أنه قال لعبد الله بن عمر : إنا نجد في كتاب الله قصر الصلاة في الخوف ولا نجد قصر صلاة المسافر فقال عبد الله : إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} قال : أنزلت يوم كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعسفان والمشركون بضجنان فتوافقوا فصلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر أربعا ركوعهم وسجودهم وقيامهم معا جمعا فهم به المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم فأنزل الله (فلتقم طائفة منهم معك) (النساء الآية 102) فصلى العصر فصف أصحابه صفين ثم كبر بهم جميعا ثم

سجد الأولون لسجوده والآخرون قيام لم يسجدوا حتى قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم كبر بهم وركعوا جميعا فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف المقدم فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة وقصر العصر إلى ركعتين.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس في قوله {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} قال : قصرها من الخوف والقتال الصلاة في كل وجه راكبا وماشيا قال : فأما صلاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الركعتان وصلاة الناس في السفر ركعتين فليس بقصر هو وفاؤها.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن دينار في قوله {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} قال : إنما ذلك إذا خافوا الذين كفروا وسن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد ركعتين وليس بقصر ولكنها وفاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} إذا صليت ركعتين في السفر فهي تمام والتقصير لا يحل إلا أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة والتقصير ركعة يقوم الإمام ويقوم معه طائفتان

طائفة خلفه وطائفة يوازون العدو فيصلي بمن معه ركعة ويمشون إليهم على أدبارهم حتى يقوموا في مقام أصحابهم وتلك المشية القهقرى ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام ركعة ثم يجلس الإمام فيسلم فيقومون فيصلون لأنفسهم ركعة ثم يرجعون إلى صفهم ويقوم الآخرون فيضيفون إلى ركعته شيئا تجزئه ركعة الإمام فيكون للإمام ركعتان ولهم ركعة فذلك قول الله (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) إلى قوله (وخذوا حذركم) (النساء الآية 102).
وأخرج الطستي في مسائله عن اين عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {أن يفتنكم الذين كفروا} قال : بالعذاب والجهل بلغة هوزان ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : كل امرى ء من عباد الله مضطهد * ببطن مكة مقهور ومفتون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سماك الحنفي قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان تمام غير قصر إنما القصر صلاة المخافة ، قلت : وما صلاة المخافة قال : يصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء وهؤلاء إلى مكان هؤلاء فيصلي بهم ركعة فيكون للإمام ركعتان

ولكل طائفة ركعة ركعة.
وأخرج مالك ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عائشة قالت : فرضت الصلاة على النَّبِيّ بمكة ركعتين ركعتين فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا وأقرت صلاة السفر ركعتين.
وأخرج أحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين إلا المغرب فرضت ثلاثا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر صلى الصلاة الأولى وإذا أقام زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا المغرب لأنها وتر والصبح لأنها تطول فيها القراءة.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان.
وأخرج الشافعي والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عمر

وعبد الله بن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل أتقصر إلى عرفة فقال : لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والنحاس عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وإذا ضربتم في الأرض} الآية ، قال :
قصر الصلاة - إن لقيت العدو وقد حانت الصلاة - أن تكبر الله وتخفض رأسك إيماء راكبا كنت أو ماشيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} قال : ذاك عند القتال يصلي الرجل الراكب تكبيرة من حيث كان وجهه.
الآيتان 102 - 103.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن

حميد وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والدارقطني والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي عياش الزرقي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى بنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا : قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم ثم قالوا : يأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} فحضرت فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح وصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا جميعا ثم سجد بالصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وهؤلاء إلى مصاف هؤلاء
ثم ركع فركعوا جميعا ثم رفع فرفعوا جميعا ثم سجد الصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلسوا جلس الآخرون فسجدوا ثم سلم عليهم ثم انصرف ، قال : فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين : مرة بعسفان ومرة بأرض بني سليم ، واخرج الترمذي وصححه ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون : إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم

من آبائهم وأبنائهم وهي العصر فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة وأن جبريل أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي بهم وتقوم طائفة أخرى وراءهم {وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} ثم يأتي الآخرون ويصلون معه ركعة واحدة ثم يأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم فيكون لهم ركعة ركعة ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن يزيد الفقير قال : سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين في السفر أقصرهما قال الركعتان في السفر تمام إنما القصر واحدة عند القتال بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال إذ أقيمت الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفت طائفة وطائفة وجوهها قبل العدو فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم الذين خلفوا انطلقوا إلى أولئك فقاموا مقامهم وجاء أولئك فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس فسلم وسلم الذين خلفه وسلم أولئك فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان وللقوم ركعة ثم قرأ {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سليمان اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن أقصار الصلاة أي يوم أنزل فقال جابر بن عبد الله : وعير

قريش آتية من الشام حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، قال : نعم ، قال : هل تخافني قال : لا ، قال : فمن يمنعك مني قال : الله يمنعني منك ، قال : فسل السيف ثم تهدده وأوعده ثم نادى بالرحيل وأخذ السلاح ثم نودي بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى تحرسهم فصلى بالذين يلونه ركعتين ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم ثم سلم ، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان يومئذ فأنزل الله في أقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي حاتم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه في قوله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} قال : هي صلاة الخوف صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مقبلة على العدو ثم انصرفت الطائفة التي صلت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقاموا مقام أولئك مقبلين على العدو وأقبلت الطائفة الأخرى التي كانت مقبلة على العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى ثم سلم بهم ثم قامت طائفة فصلوا ركعة ركعة

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} فهذا في الصلاة عند الخوف يقوم الإمام ويقوم معه طائفة منهم وطائفة يأخذون أسلحتهم ويقفون بإزاء العدو فيصلي الإمام بمن معه ركعة ثم يجلس على هيئته فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية والإمام جالس ثم ينصرفون فيقفون موقفهم ثم يقبل الآخرون فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية ثم يسلم فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية فهكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بطن نخلة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بذي قرد فصف الناس صفين صفا خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف قال سفيان : فذكر مثل حديث ابن عباس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي ، وَابن جرير

وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن ثعلبة بن زهدم قال : كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقال حذيفة : أنا ، فقام حذيفة فصف الناس خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.
وأخرج أبو داود ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بذات الرقاع فصدع الناس صدعتين ، فصفت
طائفة وراءه وقامت طائفة وجاه العدو فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفة خلفه ثم ركع وركعوا وسجد وسجدوا ثم رفع رأسه فرفعوا ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وسجدوا لأنفسهم سجدة ثانية ثم قاموا ثم نكصوا على أعقابهم يمشون القهقرى حتى قاموا من ورائهم وأقبلت الطائفة الأخرى فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا ثم ركعوا لأنفسهم ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدته الثانية فسجدوا معه ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعته وسجدوا لأنفسهم السجدة الثانية ثم قامت الطائفتان جميعا فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع بهم ركعة فركعوا جميعا ثم سجد فسجدوا جميعا ثم رفع رأسه ورفعوا معه كل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا جدا لا يألو أن يخفف ما استطاع ثم سلم فسلموا ثم قام وقد شركه الناس في

صلاته كلها.
وأخرج الحاكم ، عَن جَابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف أنه قال : وطائفة من خلفه وطائفة من وراء الطائفة التي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قعود وجوههم كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرت الطائفتان فركع فركعت الطائفة التي خلفه والآخرون قعود ثم سجد فسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قاموا ونكصوا خلفه حتى كانوا مكان أصحابهم قعودا وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم والآخرون قعود ثم سلم فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ركعة وسجدتين.
وأخرج مالك والشافعي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والدارقطني والبيهقي من طريق صالح بن خوات عمن صلى مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة تجاه العدو فصلة بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصلوا تجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم

وأخرج عَبد بن حُمَيد والدارقطني عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الحوف فصلى ببعض أصحابه ركعتين ثم سلم فتأخروا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللمسلمين ركعتان ركعتان.
وأخرج الدارقطني والحاكم عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى بالقوم في الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات ثم انصرف وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاثا فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ست ركعات وللقوم ثلاث ثلاث.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والدارقطني عن ابن مسعود قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقاموا صفين صفين صف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف مستقبل العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وجاء الآخرون فقاموا مقامهم واستقبلوا هؤلاء العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم فقام هؤلاء إلى مقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه من طريق عروة من مروان

أنه سأل أبا هريرة هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف قال أبو هريرة : نعم ، قال مروان : متى قال : عام غزوة نجد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة صلاة العصر فقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر الكل ثم ركع ركعة واحدة وركعت الطائفة التي خلفه ثم سجد فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابل العدو ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفة التي معه وذهبوا إلى العدو فقابلوهم وأقبلت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه ثم كان السلام فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعا فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل واحدة من الطائفتين ركعة ركعة.
وأخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الخوف فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا خلفه صفين فكبر وركع وركعنا جميعا الصفان كلاهما ثم رفع رأسه ثم خر ساجدا وسجد الصف الذي يليه وثبت الآخرون قياما يحرسون إخوانهم فلما فرغ من سجوده وقام خر الصف المؤخر سجودا فسجدوا سجدتين ثم قاموا فتأخر الصف المقدم الذي يليه وتقدم الصف المؤخر فركع وركعوا جميعا وسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف

الذي يليه وثبت الآخرون قياما يحرسون إخوانهم فلما قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خر الصف المؤخر سجودا ثم سلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الدارقطني ، عَن جَابر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان محاصرا بني محارب بنخل
ثم نودي في الناس أن الصلاة جامعة فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفتين طائفة مقبلة على العدو يتحدثون وصلى بطائفة ركعتين ثم سلم فانصرفوا فكانوا مكان إخوانهم وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات ولكل طائفة ركعتان.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له فلقي المشركين بعسفان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه قال بعضهم لبعض : لو حملتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم ، فقال قائل منهم : إن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاصبروا حتى تحضر فنحمل عليهم جملة ، فأنزل الله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} إلى آخر الآية ، وأعلمه بما ائتمر به المشركون فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر وكانوا قبالته في القبلة جعل المسلمين خلفه صفين فكبر فكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا فلما سجد سجد معه الصف الذين يلونه ثم قام الذين خلفهم مقبلون على العدو فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سجوده وقام سجد الصف الثاني ثم

قاموا وتأخر الصف الذين يلونه وتقدم الآخرون فكانوا يلون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ركع ركعوا معه جميعا ثم رفع فرفعوا معه ثم سجد فسجد معه الذين يلونه وقام الصف الثاني مقبلين على العدو فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سجوده وقعد قعد الذين يلونه وسجد الصف المؤخر ثو قعدوا فسجدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم عليهم جميعا فلما نظر إليهم المشركون يسجد بعضهم ويقوم بعض قالوا : لقد أخبروا بما أردنا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية الرياحي أن أبا موسى الأشعري كان بالدار من أصبهان وما بهم يومئذ كبير خوف ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فجعلهم صفين ، طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها وطائفة وراءها فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين وجاء الآخرون يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة فسلم بعضهم على بعض فتمت للإمام ركعتان في جماعة وللناس ركعة ركعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان
والمشركون بضجنان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ورآه المشركون يركع ويسجد ائتمروا أن يغيروا عليه فلما حضرت العصر صف الناس خلفه صفين فكبر وكبروا جميعا وركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف

الذين يلونه وقام الصف الثاني الذين بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأسه سجد الصف الثاني فلما رفعوا رؤوسهم ركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الصف الثاني بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأسه سجد الصف الثاني قال مجاهد : فكان تكبيرهم وركوعهم وتسليمه عليهم سواء وتصافوا في السجود قال مجاهد : فلم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف قبل يومه ولا بعده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : صليت صلاة الخوف مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركعتين ركعتين إلا المغرب فإنه صلاها ثلاثا.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : صلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر قبل أن تنزل صلاة الخوف فتلهف المشركون أن لا يكونوا حملوا عليه فقال لهم رجل : فإن لهم صلاة قبل مغيربان الشمس هي أحب إليهم من أنفسهم فقالوا : لو قد صلوا بعد لحملنا عليهم فأرصدوا ذلك فنزلت صلاة الخوف فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بصلاة العصر

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقينا المشركين بنخل فكانوا بيننا وبين القبلة فلما حضرت صلاة الظهر صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جميع فلما فرغنا تآمر المشركون فقالوا لو كنا حملنا عليهم وهم يصلون فقال بعضهم : فإن لهم صلاة ينتظرونها تأتي الآن وهي أحب إليهم من أبناءهم فإذا صلوا فميلوا عليهم ، فجاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر وعلمه كيف يصلي فلما حضرت العصر قام نبي الله صلى الله عليه وسلم مما يلي العدو وقمنا خلفه صفين وكبر نبي الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعا ثم ذكر نحوه.
وأخرج البزار عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف أمر الناس فأخذوا السلاح عليهم فقامت طائفة من ورائه مستقبلي العدو وجاءت طائفة فصلوا معه فصلى بهم ركعة ثم قاموا إلى الطائفة التي لم تصل وأقبلت الطائفة التي لم
تصل معه فقاموا خلفه فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم عليهم فلما سلم قام الذين قبل العدو فكبروا جميعا وركعوا ركعة وسجدتين بعدما سلم.
وأخرج أحمد ، عَن جَابر قال : غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات قبل صلاة الخوف وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} إلى قوله {فليصلوا معك} فإنه كانت تأخذ طائفة منهم السلاح فيقبلون على العدو والطائفة الأخرى يصلون مع الإمام ركعة ثم يأخذون أسلحتهم فيستقبلون العدو ويرجع أصحابهم فيصلون مع الإمام ركعة فيكون للإمام ركعتان ولسائر الناس ركعة واحدة ثم يقضون ركعة أخرى وهذا تمام من الصلاة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فإذا سجدوا} يقول : فإذا سجدت الطائفة التي قامت معك في صلاتك تصلي بصلاتك ففرغت من سجودها {فليكونوا من ورائكم} يقول : فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم خلفكم مصافي العدو المكان الذي فيه سائر الطوائف التي لم تصل معك ولم تدخل معك في صلاتك.
وأخرج البخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى} قال : نزلت في عبد الرحمن بن عوف كان جريحا

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في الآية قال : رخص في وضع السلاح عند ذلك وأمرهم أن يأخذوا حذرهم ، وفي قوله {عذابا مهينا} قال : يعني بالمهين الهوان ، وفي قوله {فإذا قضيتم الصلاة} قال : صلاة الخوف {فاذكروا الله} قال : باللسان {فإذا اطمأننتم} يقول : إذا استقررتم وأمنتم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} قال : بالليل والنهار في البر والبحر في السفر والحضر والغنى والفقر والسقم والصحة والسر والعلانية وعلى كل حال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه بلغه : أن قوما يذكرون الله قياما فأتاهم فقال : ما هذا قالوا : سمعنا الله يقول {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم}
فقال : إنما هذه إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما صلى قاعدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فإذا اطمأننتم} قال : إذا خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة {فأقيموا الصلاة} قال : أتموها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {فإذا اطمأننتم} يقول : إذا اطمأننتم في أمصاركم فأتموا الصلاة

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {فإذا اطمأننتم} يقول : فإذا أمنتم {فأقيموا الصلاة} يقول : أتموها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فإذا اطمأننتم} يقول : فإذا أمنتم {فأقيموا الصلاة} يقول : أتموها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فإذا اطمأننتم} أقمتم في أمصاركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية {فإذا اطمأننتم} يعني إذا نزل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {فإذا اطمأننتم} قال : بعد الخوف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} قال : إذا اطمأننتم فصلوا الصلاة لا تصلها راكبا ولا ماشيا ولا قاعدا ، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} يعني مفروضا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : الموقوت : الواجب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {كتابا موقوتا} قال : مفروضا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {كتابا موقوتا} قال : فرضا واجبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن {كتابا موقوتا} قال : كتابا واجبا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} قال : قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتا كوقت الحج.
واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} قال : منجما كلما مضى نجم جاء نجم آخر ، يقول : كلما مضى وقت جاء وقت آخر ، واخرج عبد الرزاق وأحمد ، وَابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن خزيمة والحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك وصلى بي العصر حين كان ظل كل

شيء مثله وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم وصلى بي من الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله وصلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء ثلث الليل وصلى بي الفجر فأسفر ثم التفت إلي فقال : يا محمد هذا الوقت وقت النبيين قبلك الوقت ما بين هذين الوقتين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر وإن أول وقت العصر حين يدخل وقت العصر وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الشفق وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس.
الآية 104.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تهنوا} قال : ولا تضعفوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {ولا تهنوا في ابتغاء القوم} قال : لا

تضعفوا في طلب القوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق على عن ابن عباس {إن تكونوا تألمون}
قال : توجعون {وترجون من الله ما لا يرجون} قال : ترجون الخير.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية يقول : لا تضعفوا في طلب القوم فإنكم إن تكونوا تتوجعون فإنهم يتوجعون كما تتوجعون ويرجعون من الأجر والثواب ما لا يرجون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : لا تضعفوا في طلب القوم إن تكونوا تتوجعون من الجراحات فإنهم يتوجعون كما تتوجعون {وترجون من الله} يعني الحياة والرزق والشهادة والظفر في الدينا.
الآيات 105 - 113
أخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ

والحاكم وصححه عن قتادة بن النعمان قال : كان أهل بيت منا يقال لهم : بنو أبيرق : بشر وبشير ومبشر وكان بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينحله بعض العرب ثم يقول : قال فلان كذا وكذا قال فلان كذا وكذا وإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث فقال : أو كلما قال الرجال قصيدة أضحوا فقالوا : ابن الأبيرق قالها ، وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الرزمك ابتاع الرجل منها فخص بها بنفسه وأما العيال فإنما طعامهم الشعير فقدمت ضافطة الشام فابتاع عمي رفاعة بن زر جملا من الرزمك فجعله في مشربة له وفي المشربة سلاح له درعان وسيفاهما وما يصلحهما فعدا عدي من تحت الليل فنقب المشربة وأخذ الطعام والسلاح فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي تعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا فذهب بطعامنا وسلاحنا قال :

فتجسسنا في الدار وسألنا فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق قد استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم ، قال : وقد كان بنو أبيرق قالوا - ونحن نسأل في الدار - والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلا منا له صلاح وإسلام فلما سمع ذلك لبيد اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق وقال : أنا أسرق فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتتبين هذه السرقة ، قالوا : إليك عنا أيها الرجل - فوالله - ما أنت بصاحبها فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها ، فقال لي عمي : يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأنظر في ذلك فلما سمع ذلك بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له أسير بن عروة فكلموه في ذلك واجتمع إليه ناس من أهل الدار فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير
بينة ولا ثبت ، قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته ، فقال : عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت قال قتادة : فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فأتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي ما صنعت فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : الله المستعان ، فلم نلبث أن نزل القرآن {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} لبني أبيرق !

{واستغفر الله} أي مما قلت لقتادة {إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} إلى قوله {ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} أي أنهم لو استغفروا الله لغفر لهم {ومن يكسب إثما} إلى قوله {فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا} قولهم للبيد {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك} يعني أسير بن عروة وأصحابه إلى قوله {فسيؤتيه أجرا عظيما} ، فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة ، قال قتادة : فلما أتيت عمي بالسلاح - وكان شيخا قد عسا في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولا - فلما أتيته بالسلاح قال : يا ابن أخي هو في سبيل الله فعرفت أن إسلامه كان صحيحا فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعد فأنزل الله (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) (النساء الآية 115) إلى قوله (ضلالا بعيد) فلما نزل على سلافة رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت فرمت به في الأبطح ثم قالت أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير.
وأخرج ابن سعد عن محمود بن لبيد قال : عدا بشير بن الحارث على علية

رفاعة بن زيد عم قتادة بن النعمان الظفري فنقبها من ظهرها وأخذ طعاما له ودرعين بأداتهما فأتى قتادة بن النعمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فدعا بشيرا فسأله فأنكر ورمى بذلك لبيد بن سهل رجلا من أهل الدار ذا حسب ونسب فنزل القرآن بتكذيب بشير وبراءة لبيد بن سهل قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إلى قوله {ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} يعني بشير بن
أبيرق {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا} يعني لبيد بن سهل حين رماه بنو أبيرق بالسرقة فلما نزل القرآن في بشير وعثر عليه هرب إلى مكة مرتدا كافر فنزل على سلافة بنت سعد بن الشهيد فجعل يقع في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي المسلمين فنزل القرآن فيه وهجاه حسان بن ثابت حتى رجع وكان ذلك في شهر ربيع سنة أربع من الهجرة.
وأخرج ابن سعد من وجه آخر عن محمود بن لبيد قال : كان أسير بن عروة رجلا منطيقا ظريفا بليغا حلوا فسمع بما قال قتادة بن النعمان في بني أبيرق للنبي صلى الله عليه وسلم حين اتهمهم بنقب علية عمه وأخذ طعامه والدرعين فأتى أسير رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة جمعهم من قومه فقال : إن قتادة وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل حسب ونسب وصلاح يؤنبونهم بالقبيح ويقولون لهم ما لا ينبغي بغير ثبت ولا بينة فوضع لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء ثم انصرف فأقبل بعد ذلك قتادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه

فجبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبها شديدا منكرا وقال : بئسما صنعت وبئسما مشيت فيه ، فقام قتادة وهو يقول : لوددت أني خرجت من أهلي ومالي وأني لم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من أمرهم وما أنا بعائد في شيء من ذلك ، فأنزل الله على نبيه في شأنهم {إنا أنزلنا إليك الكتاب} إلى قوله {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} يعني أسير بن عروة وأصحابه {إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إلى قوله {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله} فيما بين ذلك في طعمة بن أبيرق درعه من حديد التي سرق وقال أصحابه من المؤمنين للنبي صلى الله عليه وسلم : اعذره في الناس بلسانك ورموا بالدرع رجلا من يهود بريئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق وفيما هم به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من عذره فبين الله شأن طعمة بن أبيرق ووعظ نبيه صلى الله عليه وسلم وحذره أن يكون للخائنين خصيما وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار ثم أحد بني ظفر سرق

درعا لعمه كانت وديعة عندهم ثم قدمها على يهودي كان يغشاهم يقال له زيد بن
السمين فجاء اليهودي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يهتف فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر جاءوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد هم بعذره حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل فقال {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} إلى قوله {يرم به بريئا} وكان طعمة قذف بها برئيا فلما بين الله شأن طعمة نافق ولحق بالمشركين فأنزل الله في شأنه (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين) (النساء الآية 114) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : إن نفرا من الأنصار غزوا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فسرقت درع لأحدهم فأظن بها رجلا من الأنصار فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن طعمة بن أبيرق سرق درعي ، فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء وقال لنفر من عشيرته : إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده فانطلقوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن سارق الدرع فلان وقد أحطنا بذلك علما فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه فإنه إن لا يعصمه الله بك يهلك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأه وعذره على رؤوس الناس فأنزل الله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} يقول : بما أنزل الله إليك

إلى قوله {خوانا أثيما} ثم قال للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا {يستخفون من الناس} إلى قوله {وكيلا} يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين ثم قال {ومن يكسب خطيئة} الآية ، يعني السارق والذين جادلوا عن السارق.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طرحه على يهودي فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ولكن طرحت علي ، وكان الرجل الذي سرق له جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون : يا رسول الله إن هذا اليهودي خبيث يكفر بالله وبما جئت به حتى مال عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ببعض القول فعاتبه الله في ذلك فقال {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله} بما قلت لهذا اليهودي {إن الله كان غفورا رحيما} ثم أقبل على جيرانه فقال
{ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم} إلى قوله {وكيلا} ثم عرض التوبة فقال {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه} فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا} وإن كان مشركا {فقد احتمل بهتانا} إلى قوله {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى} قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله

له وخرج إلى المشركين بمكة فنقب بيتا يسرقه فهدمه الله عليه فقتله.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختان درعا من حديد فلما خشي أن توجد عنده ألقاها في بيت جار له من اليهود وقال : تزعمون إني اختنت الدرع - فوالله - لقد انبئت أنها عند اليهودي فرفع ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجاء أصحابه يعذرونه فكأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عذره حين لم يجد عليه بينة ووجدوا الدرع في بيت اليهودي وأبى الله إلا العدل فأنزل الله على نبيه {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} إلى قوله {أم من يكون عليهم وكيلا} فعرض الله بالتوبة لو قبلها إلى قوله {ثم يرم به بريئا} اليهودي ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {ولولا فضل الله عليك ورحمته} إلى قوله {وكان فضل الله عليك عظيما} فأبرى ء اليهودي وأخبر بصاحب الدرع قال : قد افتضحت الآن في المسلمين وعلموا أني صاحب الدرع ما لي إقامة ببلد فتراغم فلحق بالمشركين فأنزل الله (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) (النساء الآية 114) إلى قوله (ضلالا بعيد).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : بما أوحى الله إليك نزلت في طعمة بن أبيرق استودعه رجل من اليهود درعا فانطلق بها إلى داره فحفر لها اليهودي ثم دفنها فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته

فقال : انطلقوا معي فإني أعرف موضع الدرع فلما علم به طعمة أخذ الدرع فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه
قال : أتخونوني ، فانطلقوا يطلبونها في داره فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع وقال طعمة : أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي فأتاه أناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل فأنزل الله عليه {ولا تكن للخائنين خصيما} إلى قوله {أثيما} ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله} إلى قوله {وكيلا} ثم دعا إلى التوبة فقال {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} إلى قوله {رحيما} ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليك فقال {ومن يكسب إثما} إلى قوله {مبينا} ثم ذكر الأنصار وأتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقال : {لهمت طائفة منهم أن يضلوك} ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة فقال : (لا خير في كثير من نجواهم) (النساء الآية 115) فلما فضح الله طعمة بالقرآن بالمدينة هرب حتى أتى مكة فكفر بعد إسلامه ونزل على الحجاج بن علاط السلمي فنقب بيت الحجاج فأراد أن يسرقه فسمع الحجاج خشخشته في بيته وقعقعة جلود كانت

عنده فنظر فإذا هو بطعمة فقال : ضيفي ، وَابن عمي فأردت أن تسرقني فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا وأنزل الله فيه (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 115) إلى (وساءت مصيرا).
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع فغاب فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه فلما رأى ذلك قومه أتو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكلموه ليدرأ عنه فهم بذلك فأنزل الله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس} إلى قوله {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} يعني طعمة بن أبيرق وقومه {ها أنتم هؤلاء جادلتم} إلى قوله {يكون عليهم وكيلا} محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة {ثم يرم به بريئا} يعني زيد بن السمين {فقد احتمل بهتانا}
طعمة بن أبيرق {ولولا فضل الله عليك ورحمته} لمحمد صلى الله عليه وسلم {لهمت طائفة} قوم طعمة (لا خير في كثير) (النساء الآية 114) الآية للناس عامة (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 115) قال : لما أنزل القرآن في طعمة بن أبيرق لحق بقريش ورجع في دينه ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهري فنقبها فسقط عليه حجر فلحج فلما أصبح أخرجوه من مكة فخرج فلقي ركبا من قضاعة فعرض لهم فقال : ابن سبيل منقطع به ، فحملوه حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ثم انطلق

فرجعوا في طلبه فأدركوه فقذفوه بالحجارة حتى مات ، فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (النساء الآية 115).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعا فجحدها صاحبها فلحق به رجال من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فغضب له قومه وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : خونوا صاحبنا وهو أمين مسلم فأعذره يا نبي الله وازجر عنه فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعذره وكذب عنه وهو يرى أنه بريء وأنه مكذوب عليه فأنزل الله بيان ذلك فقال {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إلى قوله {أم من يكون عليهم وكيلا} فبين خيانته فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإسلام فنزل فيه (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 115) إلى قوله (وساءت مصيرا) ، واخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي أن رجلا يقال له طعمة بن أبيرق سرق درعا على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرفع ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فألقاها في بيت رجل ثم قال لأصحاب له : انطلقوا فاعذروني عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإن الدرع قد وجد في بيت فلان ، فانطلقوا يعذرونه عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا} قال : بهتانه قذفه الرجل

واخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} قال : اختان رجل من الأنصار عما له درعا فقذف بها يهوديا كان يغشاهم فجادل الرجل قومه فكأن
النبي صلى الله عليه وسلم عذره ثم لحق بدار الشرك فنزلت فيه (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 114) الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إياكم والرأي فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {لتحكم بين الناس بما أراك الله} ولم يقل بما رأيت.
وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار أن رجلا قال لعمر {بما أراك الله} قال : مه إنما هذه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية العوفي {لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : الذي أراه في كتابه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أنس عن ربيعة قال : إن الله أنزل القرآن وترك فيه موضعا للسنة وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة وترك فيها موضعا للرأي

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن وهب قال : قال لي مالك : الحكم الذي يحكم به بين الناس على وجهين فالذي يحكم بالقرآن والسنة الماضية فذلك الحكم الواجب والصواب والحكم يجتهد فيه العالم نفسه فيما لم يأت فيه شيء فلعله أن يوفق ، قال : وثالث التكلف لما لا يعلم فما أشبه ذلك أن لا يوفق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : بما بين الله لك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر {لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : بالبينات والشهود.
وأخرج عبد ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعا قال : من صلى صلاة عند الناس لا يصلي مثلها إذا خلا فهي استهانة استهان بها ربه ثم تلا هذه الآية {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن حذيفة مثله وزاد : ولا يستحيي أن يكون الناس أعظم عنده من الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وابن

أبي حاتم عن أبي رزين {إذ يبيتون} قال : إذ يؤلفون ما لا يرضى من القول.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله}
قال : أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته فمن أذنب ذنبا صغير كان أو كبيرا ثم استغفر الله يجد الله غفورا رحيما ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال.
وأخرج ابن جرير ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض فقال رجل : لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا فقال ابن مسعود : ما آتاكم الله خير مما آتاهم جعل لكم الماء طهورا وقال {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود قال : من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم استغفر غفر له {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} ، (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك

فتستغفروا الله واستغفر لهم الرسول) (النساء الآية 48) الآية.
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ولما ولدت قتلت ولدها فقال : ما لها إلا النار ، فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} فمسحت عينها ثم مضت.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن السني في عمل اليوم والليلة ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : سمعت أبا بكر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له لأن الله يقول {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
وأخرج أبو يعلى والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس وجلسنا حوله وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما يكون عليه وأنه قام فترك نعليه فأخذت ركوة من ماء فاتبعته
فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته

فقال : إنه أتاني آت من ربي فقال : إنه {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} فأردت أن أبشر أصحابي ، قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس التي قبلها (من يعمل سوءا يجز به) (النساء الآية 123) فقلت : يا رسول الله وإن زنى وإن سرق ثم استغفر ربه غفر الله له قال : نعم ، قلت : الثانية ، قال نعم ، قلت : الثالثة ، قال : نعم ، على رغم أنف عويمر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن سيرين {ثم يرم به بريئا} قال : يهوديا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وعلمك ما لم تكن تعلم} قال : علمه الله بيان الدينا والآخرة ، بين حلاله وحرامه ليحتج بذلك على خلقه.
وأخرج عن الضحاك قال : علمه الخير والشر ، والله أعلم
المجلد الخامسالآية 114.
أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد أسلم في قوله {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} من جاءك يناجيك في هذا فاقبل مناجاته ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت عنه ذاك لا تناجيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {إلا من أمر بصدقة أو معروف} قال : المعروف القرض.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي الدنيا في الصمت ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد بن حنيش قال : دخلنا على سفيان الثوري نعوده ومعنا سعيد بن حسان
المخزومي فقال له سفيان : أعد علي الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح ، قال : حدثتني أم صالح بنت صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكر الله عز وجل ، فقال محمد بن يزيد : ما أشد هذا الحديث فقال سفيان : وما شدة هذا الحديث إنما جاءت به امرأة عن امرأة هذا في كتاب اللله الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم أما سمعت الله يقول {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} فهذا هو بعينه أوما سمعت الله يقول (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) (النبأ الآية 38) فهو هذا بعينه أوما سمعت الله يقول (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) (العصر : السورة كلها) فهو هذا بعينه.
وأخرج مسلم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.
وأخرج البخاري والبيهقي عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن سهل بن سعد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان : الفم والفرج.
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله مرني بأمر أعتصم به في الإسلام قال : قل آمنت بالله ثم استقم ، قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي قال : هذا وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرف لسان نفسه.
وأخرج البيهقي عن أبي عمر والشيباني قال : حدثني صاحب هذه الدار - يعني عبد الله بن مسعود - قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال : الصلاة على ميقاتها ، قلت : ثم ماذا يا
رسول الله قال : بر

الوالدين ، قلت : ثم ماذا يا رسول الله قال : أن يسلم الناس من لسانك ، قال : ثم سكت ولو استزدته لزادني.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قلت يا نبي الله ما النجاة قال : أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن أبي الدينا في الصمت والبيهقي عن أسود بن أبي أصرم المحاربي قال : قلت يا رسول الله أوصني ، قال : هل تملك لسانك قلت : فما أملك إذا لم أملك لساني ، قال : فهل تملك يدك قلت : فما أملك إذا لم أملك يدي قال : فلا تقل بلسانك إلا معروفا ولا تبسط يدك إلا إلى خير.
وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار : رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم.
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله عبدا تكلم فغنم أو سكت فسلم

وأخرج البيهقي عن ابن مسعود أنه أتى على الصفا فقال : يا لسان قل خيرا تغنم أو اصمت تسلم من قبل أن تندم قالوا : يا أبا عبد الرحمن هذا شيء تقوله أو سمعته قال : لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن سعيد بن جبير قال : رأيت ابن عباس آخذا بثمرة لسانه وهو يقول : يا لساناه قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم قبل أن تندم ، فقال له رجل : ما لي أراك آخذا بثمرة لسانك تقول كذا وكذا قال : إنه بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو عن شيء أحنق منه على لسانه.
وأخرج أبو يعلى والبيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يسلم فليلزم الصمت.
وأخرج البيهقي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي أبا ذر فقال ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما قال : بلى يا رسول الله ، قال : عليك بحسن الخلق وطول الصمت والذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما

وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله أوصني ، قال : أوصيك
بتقوى الله فإنه أزين لأمرك كله ، قلت : زدني ، قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض ، قلت : زدني ، قال : عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك ، قلت : زدني ، قال : إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه ، قلت : زدني ، قال : قل الحق ولو كان مرا ، قلت : زدني ، قال : لا تخف في الله لومة لائم ، قلت : زدني ، قال : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك.
وأخرج البيهقي عن ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله.
وأخرج الترمذي والبيقهي عن أبي سعيد الخدري رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا أصبح ابن آدم فإن كل شيء من الجسد يكفر اللسان يقول : ننشدك الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا.
وأخرج أحمد في الزهد والنسائي والبيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن

عمر بن الخطاب اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه قال : ما تصنع يا خليفة رسول الله قال : إن هذا الذي أوردني الموارد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس شيء من الجسد إلا يشكو ذرب اللسان على حدته.
وأخرج البيهقي عن أبي جحيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله قال : فسكتوا فلم يجبه أحد ، قال : هو حفظ اللسان.
وأخرج البيهقي عن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مقام الرجل بالصمت أفضل من عبادة ستين سنة.
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل قال : كنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأصاب الناس ريح فتقطعوا فضربت ببصري فإذا أنا أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : لأغتنمن خلوته اليوم فدنوت منه فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يقربني - أو قال - يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال : لقد سألت عن عظيم وأنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتحج البيت وتصوم رمضان وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير ، قلت : أجل يا رسول الله ، قال :

الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة وقيام العبد في جوف الليل يبتغي به وجه الله ثم قرأ الآية
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع) (ألم السجدة الآية 16) ثم قال : إن شئت أنبأتك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ، قلت أجل يا رسول الله ، قال : أما رأس الأمر فالإسلام وأما عموده فالصلاة وأما ذروة سنامه فالجهاد وإن شئت أنبأتك بأملك الناس من ذلك كله ، قلت : ما هو يا رسول الله فأشار بإصبعه إلى فيه ، فقلت : وإنا لنؤاخذ بكل ما نتكلم به فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم وهل تتكلم إلا ما عليك أو لك.
وأخرج البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال : إن من قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن

منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها أتذكرون أن عليكم حافظين (كراما كاتبين) (الإنفطار الآية 11) (عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (ق الآية 18) أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته.
وأخرج ابن سعد عن أنس بن مالك قال : لا يتقي الله عبد حتى يخزن من لسانه.
وأخرج أحمد عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي الدرداء قال : ما في المؤمن بضعة أحب إلى الله من لسانه به يدخله الجنة وما في الكافر بضعة أبغض إلى الله من لسانه به يدخله النار.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تنطق فيما لا يعنيك واخزن لسانك كما تخزن درهمك

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاما في معصية الله.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال : أكثر الناس خطايا أكثرهم خوضا في الباطل.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال : والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
وأخرج ابن عدي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يرضي امرأته وفي الحرب وفي صلح بين الناس.
وأخرج البيهقي عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الكذب لا يصلح إلا في ثلاث : الحرب فإنها خدعة والرجل يرضي امرأته والرجل يصلح بين اثنين.
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا

يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يكذب لامرأته لترضى عنه أو إصلاح بين الناس أو يكذب في الحرب.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما عمل ابن آدم شيء أفضل من الصدقة وصلاح ذات البين وخلق حسن.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصدقة صلاح ذات البين.
وأخرج البيهقي عن أبي أيوب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا أيوب ألا أخبرك بما يعظم الله به الأجر ويمحو به الذنوب تمشي في إصلاح الناس إذا تباغضوا وتفاسدوا فإنها صدقة يحب الله موضعها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا وقالت : لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث : في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بأفضل من درجات الصيام والصلاة والصدقة قالوا : بلى ، قال : إصلاح ذات البين ، قال : وفساد ذات البين هي الحالقة.
وأخرج البيهقي عن أبي أيوب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له : يا أبا أيوب ألا أدلك على صدقة يرضى الله ورسوله موضعها قال : بلى ، قال : أن تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا.
وأخرج البزار عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب : ألا أدلك على تجارة قال : بلى ، قال : تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال : كنت جالسا مع محمد بن كعب القرظي فأتاه رجل فقال له القوم : أين كنت فقال : أصلحت بين القوم فقال محمد بن كعب : أصبت لك مثل أجر المجاهدين ثم قرأ {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر

بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} ، واخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {ومن يفعل ذلك} تصدق أو أقرض أو أصلح بين الناس.
وأخرج أبو نصر السجري في الإبانة عن أنس قال : جاء أعرابي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل علي في القرآن يا أعرابي {لا خير في كثير من نجواهم} إلى قوله {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} يا أعرابي الأجر العظيم : الجنة ، قال الأعرابي : الحمد لله الذي هدانا للإسلام.
الآيتان 115 - 116.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : دعاني معاوية فقال : بايع لابن أخيك ، فقلت : يا معاوية {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} فأسكته عني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {نوله ما تولى} من آلهة الباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك قال : كان عمر بن عبد العزيز يقول : سن

رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر فيما خالفها من اقتدى بها مهتد ومن استنصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وصلاه جهنم وساءت مصيرا.
وأخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة فمن شذ شذ في النار.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يجمع الله أمتي ، أو قال : هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة.
الآيات 118 - 122.
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : مع كل صنم جنية

وأخرج عبد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : اللات والعزى ومنات كلها مؤنث.
وأخرج ابن جرير عن السدي {إن يدعون من دونه إلا إناثا} يقول : يسمونهم إناثا لات ومناة وعزى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : موتى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح مثل الخشبة اليابسة ومثل الحجر اليابس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال {إلا إناثا} قال : ميتا لا روح فيه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن قال : كان لكل حي من أحياء العرب صنم يعبدونها اثنى بني فلان فأنزل الله {إن يدعون من دونه إلا إناثا}

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال المشركون : إن الملائكة بنات الله وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ، قال اتخذوا أربابا وصوروهن صور الجواري فحلوا وقلدوا وقالوا : هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده يعنون الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف إن يدعون من دونه إلا أنثى وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قال مع كل صنم شيطانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إلا إناثا} قال : إلا أوثانا.
وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن عائشة أنها كانت تقرأ ((إن يدعون من دونه إلا أوثانا)) ولفظ ابن جرير كان في مصحف عائشة {إن يدعون من دونه إلا إناثا}

وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن يدعون من دونه إلا أنثى)).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن يدعون إلا شيطانا} يعني إبليس.
وأخرج عن سفيان {وإن يدعون إلا شيطانا} قال : ليس من صنم إلا فيه شيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {مريدا} قال : تمرد على معاصي الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وقال لأتخذن من عبادك} قال : هذا قول إبليس {نصيبا مفروضا} يقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال : يتخذونها من دونه ويكونون من حزبي

وأخرج ابن جرير عن الضحاك {نصيبا مفروضا} قال : معلوما.
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} قال : دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فليبتكن آذان الأنعام} قال : التبتك في البحيرة والسائبة كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فليبتكن آذان الأنعام} قال : ليقطعن آذان الأنعام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما

(فليبتكن آذان الأنعام) فيشقونها فيجعلونها بحيرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ولفظ عبد الرزاق قال : من تغيير خلق الله الإخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : إخصاء البهائم مثله ثم قرأ {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن خصاء الخيل والبهائم قال ابن عمر : فيه نماء الخلق.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم ويقول : هل النماء إلا في الذكور.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن شبيل أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية {فليغيرن خلق الله} قال : الخصاء منه ، فأمرت أبا التياج فسأل الحسن عن خصاء الغنم قال : لا بأس به.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يكره الخصاء ويقول : هو نماء خلق الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة أنه كره الخصاء قال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عروة أنه خصى بغلا له.
وأخرج ابن المنذر ، عَن طاووس أنه خصى جملا له.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه سئل عن خصاء الفحول فقال : لا بأس لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن قال : لا بأس بإخصاء الدواب.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال : أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل ونهانا عنه عبد الملك بن مروان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عطاء أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضه وسوء خلقه بأسا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : دين لله

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله ، وهو قوله (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) (الروم الآية 30) يقول : لدين الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله.
وأخرج عبد الرزاق وآدم ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله ثم قرأ {لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : الوشم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات

والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله.
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة : عن الوشر والوشم والنتف وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم وعن النهبى وعن ركوب النمور ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمستوشمة والواصلة والمتصلة.
وأخرج أحمد ومسلم ، عَن جَابر قال : زجر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة

برأسها شيئا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرداوا أن يصلوها فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت : أتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عروسا وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها أفأصله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : ما بال أقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن أصدق الحديث كلام الله.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كل ما هو آت قريب إلا أن البعيد ما ليس بآت ألا لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يجد لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا ما شاء الله كان ولو كره الناس لا مقرب لما باعد الله ولا مباعد لما قرب الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وخير ما ألقي في القلب اليقين وخير الغنى غنى النفس وخير العلم ما نفع وخير الهدي ما اتبع وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم فإن لكا نفس نشاطا وإقبالا وإن لها سآمة وإدبارا ألا وشر الروايا روايا الكذب والكذب يقود إلى الفجور وإن الفجور يقود إلى النار ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر يقود إلى الجنة واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقا يقال للصادق صدق وبر ويقال للكاذب كذب وفجر وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم

يقول : لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا.
ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له ألا ولا تسالوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في دينهم فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه واستكوا ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : ألم اقل لك يا بلال أكلئنا الليلة فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك فحمد الله وأثنى

عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العرا كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم وأشرف الحديث ذكر الله وأحسن القصص هذا القرآن وخير الأمور عوازمها وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الأنبياء وأشرف الموت قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي وخير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا وأعظم الخطايا اللسان الكذوب وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل وخير ما وقر في القلوب اليقين والإرتياب من الكفر والنياحة من عمل الجاهلية والغلول من جثاء جهنم والكنز كي من النار والشعر من مزامير إبليس والخمر جماع الإثم والنساء حبالة الشيطان والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن أمه وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع والأمر بآخره وملاك العمل خواتمه وشر الروايا روايا الكذب وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن فسوق وقتال المؤمن كفر وأكل
لحمه من

معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يتأول على الله يكذبه ومن يغفر يغفر له ومن يغضب يغضب الله عنه ومن يكظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ومن يتبع السمعة يسمع الله به ومن يصبر يضعف الله له ومن يعص الله يعذبه الله اللهم اغفر لي ولأمتي قالها ثلاثا : استغفر الله لي ولكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله فذكر مثله سواء.
الآية 123.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قالت العرب : لا نبعث ولا نحاسب وقالت اليهود والنصارى (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) (البقرة الآية 111) ، وقالوا (لن تمسنا النار إلا أياما معدوة) (البقرة الآية 80) فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مسروق قال : احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال المسلمون : نحن أهدى منكم ، وقال أهل الكتاب نحن أهدى منكم ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآية (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (النساء الآية 124) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، وقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} إلى قوله {ومن أحسن دينا} الآية ، فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى فقالت اليهود للمسلمين : نحن خير منكم ديننا قبل دينكم وكتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن على دين إبراهيم ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وقالت النصارى مثل ذلك ، فقال المسلمون : كتابنا بعد كتابكم ونبينا بعد نبيكم وديننا بعد دينكم وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا ، فرد الله عليهم قولهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا) (النساء الآية 125).
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال : تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة : كتابنا أول كتاب وخيرها ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل نحوا من ذلك وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام وكتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم فقضى الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) (النساء الآية 125) الآية

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك قال : افتخر أهل الأديان فقالت اليهود : كتابنا خير الكتب وأكرمها على الله ونبينا أكرم الأنبياء على الله موسى خلا به وكلمه نجيا وديننا خير الأديان ، وقالت النصارى : عيسى
خاتم النبيين آتاه الله التوراة والإنجيل ولو أدركه محمد تبعه وديننا خير الدين ، وقالت المجوس وكفار العرب : ديننا أقدم الأديان وخيرها ، وقال المسلمون : محمد رسول الله وخاتم الأنبياء وسيد الرسل والقرآن آخر ما نزل من عند الله من الكتب وهو أمير على كل كتاب والإسلام خير الأديان فخير الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} يعني بذلك اليهود والنصارى والمجوس وكفار العرب ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ثم فضل الإسلام على كل دين فقال : (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله) (النساء الآية 125) الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب أنزل قبل كتابكم ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك وقال أهل الإسلام : كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} وخير بين

أهل الأديان فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه) (النساء الآية 125) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : جلس أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، وقال هؤلاء : نحن أفضل ، فقال الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خص الله أهل الأديان فقال (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى) (النساء الآية 124).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} قال : قريش وكعب بن الأشرف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني إن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت اليهود والنصارى : لا يدخل الجنة غيرنا ، وقالت قريش : لا نبعث ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}
والسوء : الشرك

وأخرج أحمد وهناد ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن حبان ، وَابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق أنه قال : يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فكل سوء جزينا به فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : غفر الله لك يا أبا بكر ألست تنصب ألست تمرض ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء قال : بلى ، قال : فهو ما تجزون به.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر قال : سمعت أبا بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يعمل سوءا يجز به في الدينا

وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار ، وَابن المنذر والحاكم عن ابن عمر أنه مر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب فقال : رحمك الله يا أبا خبيب سمعت أباك الزبير يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من يعمل سوءا يجز به في الدينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن المنذر عن أبي بكر الصديق قال : كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت علي قلت : بلى يا رسول الله فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاما في ظهري حتى تمطيت لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالك يا أبا بكر قلت : بأبي وأمي يا رسول الله وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدينا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة

وأخرج ابن جرير عن عائشة عن أبي بكر قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر : يا رسول الله كل ما نعمل نؤاخذ به فقال : يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا ، فهو كفارة.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن مسروق قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال : إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم يجزى به المؤمن في الدينا في نفسه في جسده فيما يؤذيه.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن

عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال : ما هي يا عائشة قلت : {من يعمل سوءا يجز به} فقال : هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها يا عائشة من نوقش هلك ومن حوسب عذب ، فقلت : يا رسول الله أليس الله يقول (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) قال : ذاك العرض يا عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال : إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الغط عند الموت.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها.
وأخرج ابن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم

وصححه عن أبي المهلب قال : رحلت إلى عائشة في هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قالت : هو ما يصيبكم في الدينا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} شق ذلك على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سددوا وقاربوا فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها ، وفي لفظ عند ابن مردويه : بكينا وحزنا وقلنا : يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شيء قال : أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا إنه لا يصيب أحد منكم من مصيبة في الدينا إلا كفر الله بها خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما
سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته

وأخرج أحمد ومسدد ، وَابن أبي الدينا في الكفارات وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رجل : يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها قال : كفارات ، قال أبي : وإن قلت قال : وإن شوكة فما فوقها.
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال : قال رجل لعمر ابن الخطاب : إني لا أعرف أشد آية في كتاب الله ، فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال : مالك نقبت عنها فانصرف حتى كان الغد قال له عمر : الآية التي ذكرت بالأمس فقال {من يعمل سوءا يجز به} فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به ، فقال عمر : لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص وقال : (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) (النساء الآية 110).
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن أمية بنت عبد الله قالت : سألت عائشة عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به}

فقالت : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدينا ، وَابن جَرِير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال : قلت لأبي بن كعب : آية في كتاب الله قد أحزنتني قال : ما هي قلت {من يعمل سوءا يجز به} قال : ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى إن المؤمن لا تصيبه مصيبة عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب وما يعفوه الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة.
وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال : جاء رجل

إلى أبي فقال :
يا أبا المنذر آية في كتاب الله قد غمتني قال : أي آية قال {من يعمل سوءا يجز به} قال : ذاك العبد المؤمن ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر فليقى الله عز وجل ولا ذنب له.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر : جاءت قاصمة الظهر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هي المصيبات في الدينا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه حزينا فساله عن هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فقال : ما لكم ولهذه إنما هذه للمشركين قريش وأهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {من يعمل سوءا يجز به} يقول من يشرك يجز به وهو السوء {ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} إلا أن يتوب قبل موته فيتوب الله عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : إنما ذاك لمن أراد الله هوانه فأما من أراد الله كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون

وأخرج البيهقي عن أنس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة فهزها حتى تساقط من ورقها ما شاء الله أن يتساقط ثم قال : الأوجاع والمصيبات أسرع في ذنوب بني آدم مني في هذه الشجرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ولده وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وأخرج أحمد عن السائب بن خلاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والحكيم الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة.
وأخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي

ويتقلب على فراشه فقالت عائشة : لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه.
وأخرج أحمد وهناد في الزهد معا عن أبي بكر الصديق قال : إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شسعه والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : النبيون ثم الأمثل من الناس فما يزال بالعبد البلاء حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن معاوية : سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول : ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من سيئاته.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صداع المؤمن أو شوكة يشاكها أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ويكفر عنه بها ذنوبه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الأسلمي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها - حتى ذكر الشوكة - إلا لإحدى خصلتين : إلا ليغفر الله من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر الله له إلا بمثل ذلك أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال : إن الوجع لا يكتب به الأجر إنما الأجر في العمل ولكن يكفر الله به الخطايا.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عبد الله بن أياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيكم يحب أن يصح فلا يسقم

قالوا : كلنا يا رسول الله قال : أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة ، وفي لفظ : الصيالة ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء وأصحاب كفارات والذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه وإن العبد لتكون له الدرجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله حتى يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدينا والبيهقي عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده وكانت له صحبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك.
وأخرج البيهقي من طريق أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان يقول : مر موسى عليه السلام على رجل في متعبد له ثم مر به بعد ذلك وقد مزقت السباع لحمه فرأس ملقى وفخذ ملقى وكبد ملقى فقال موسى : يا رب عبدك كان يطيعك فابتليه بهذا فأوحى الله إليه : يا موسى إنه

سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليه بهذا لأبلغه بذلك الدرجة.
وأخرج البيهقي عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ضرب من مؤمن عرق إلا حط الله به عنه خطيئة وكتب له به حسنة ورفع له به درجة.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر كل ذنب.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صدع في سبيل الله ثم احستب غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال الصداع والمليلة بالمرء المسلم حتى يدعه مثل الفضة البيضاء.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن عامر أخي الخضر قال : إني لبأرض محارب إذا رايات وألوية فقلت : ما هذا قالوا :

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست إليه وهو في ظل شجرة قد بسط له كساء وحوله أصحابه فذكروا الأسقام فقال : إن العبد
المؤمن إذا أصابه سقم ثم عافاه الله كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل من عمره وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله ثم أطلقوه لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أطلقوه ، فقال رجل : يا رسول الله ما الأسقام قال : أو ما سقمت قط قال : لا ، قال : فقم عنا فلست منا.
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه منه طاهرا.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته : يا ملائكتي إذا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له وإن أعافه فجسده مغفور لا ذنب له ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء - وهو أعلم - كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من السيئات ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك فذلك الذي يشك بعض

الشك ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي قد افتتن.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي من طريق بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري عن أبيه عن جده قال : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فأكب عليه فسأله فقال : يا نبي الله ما غمضت منذ سبع ليال ولا أحد يحضرني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي أخي اصبر أي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كما دخلت فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا.
وأخرج البيهقي عن الحكم بن عتبة رفعه قال : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفر ذنوبه ابتلاه الله بالهم يكفر به ذنوبه.
وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة

وأخرج البيهقي عن المسيب بن رافع أن أبا بكر الصديق قال : إن المرء المسلم يمشي في الناس وما عليه خطيئة ، قيل : ولم ذلك يا أبا بكر قال : بالمصائب والحجر والشوكة والسشع ينقطع.
وأخرج أحمد عن ابي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الصداع والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل.
وأخرج أحمد عن خالد بن عبد الله القسري عن جده يزيد بن أسد أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن غضيف قال : دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده فإذا وجهه مما يلي الجدار وامرأته قاعدة عند رأسه قلت : كيف بات أبو عبيدة قالت : بات بأجر ، فأقبل علينا بوجهه فقال : إني لم أبت بأجر

ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ومستعتبا فيما بقي وإن الفاجر يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله لا يدري لم عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار أنه كان عنده أعرابي فذكروا الوجع فقال عمار : ما اشتكيت قط قال : لا ، فقال عمار : لست منا ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها وإن الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عقل فلم يدر لم عقل وأطلق فلم يدر لم أطلق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : الشرك.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ، مثله

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : الكافر ثم قرأ (وهل يجازى إلا الكفور) (سبأ الآية 17).
الآية 124
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مسروق قال : لما نزلت (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) (النساء الآية 123) الآية ، قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء ، فنزلت هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} ففجلوا عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات} قال : الفرائض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : قد

يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير فلا ينفعهم في الدينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : إنما يتقبل الله من العمل ما كان في الإيمان.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي قال : القطمير القشرة التي تكون على النواة والفتيل الذي يكون في بطنها والنقير النقطة البيضاء التي في وسط النواة.
الآيتان 125 - 126.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وديننا خير الأديان ، فقال الله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة.
وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمدا بالرؤية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن الضريس عن معاذ بن جبل أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ {واتخذ الله إبراهيم خليلا} فقال رجل من القوم : لقد قرت عين أم إبراهيم.
وأخرج الحاكم وصححه عن جندب : أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى : إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وإن صاحبكم خليل الله وإن محمدا سيد بني آدم يوم القيامة ، ثم قرأ (عسى أن يبعثك ربك مقاما

محمودا) (الإسراء الآية 79).
وأخرج الطبراني عن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم ، قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم.
وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة قصرا من درة لا صدع فيه ولا وهن أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلا.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : جلس ناس من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول : إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله ، وقال آخر : ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما ، وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته ، وقال آخر آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم فسلم فقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك وموسى كليمه وعيسى روحه

وكلمته وآدم اصطفاه الله ربه كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال : أوحى الله إلى إبراهيم : أتدري لم اتخذتك خليلا قال : لا يارب ، قال : لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال : دخل إبراهيم عليه السلام منزله فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه فقال له إبراهيم : بإذن من دخلت قال : بإذن رب المنزل ، فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت : إن ربك اتخذ من عباده خليلا ، قال إبراهيم : ونحن ذلك قال : وما تصنع به قال : أكون خادما له حتى أموت ، قال : فإنه أنت ، وبأي شيء اتخذني خليلا قال : بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا قال : لإطعامه الطعام يا محمد.
وأخرج الديلمي بسند واه عن أبي هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس : يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلا هبط إليه جبريل فقال : أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة فقال : لا أدري يا جبريل قال : لأنك تعطي ولا تأخذ.
وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلا واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا ثم اصطفى من ولد نزار مضر ثم اصطفى من مضر كنانة ثم اصطفى من كنانة قريشا ثم اصطفى من قريش بني هاشم ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبد المطلب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه ، وَابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال : وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش ، والله أعلم.
الآية 127.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {ويستفتونك في النساء} الآية ، قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ولا يورثون المرأة ، فلما كان الإسلام قال {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة في الفرائض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا قلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا : أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال والمرأة التي هي كذلك فيرثان كما يرث

الرجل فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا : لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد ثم قالوا : سلوا ، فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ، قال سعيد ابن جبير : وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئا كانوا يقولون : لا يغزون ولا يغنمون خيرا ففرض الله لهن الميراث حقا واجبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم في الآية قال : كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها فأنزل الله هذا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكجها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها وإن

مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئا وكان ذلك في الجاهلية فبين الله لهم ذلك وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئا فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كان جابر بن عبد الله له ابنة عم عمياء وكانت دميمة وكانت قد ورثت من أبيها مالا فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها فسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكان ناس في حجورهم جوار أيضا مثل ذلك فأنزل الله فيهم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} قال : كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوجها ولم يترك أحدا يتزوجها {والمستضعفين من الولدان} قال : كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قال : ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث وكانوا لا يورثون امرأة ولا صبيا حتى يحتلم

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة في قوله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} إلى قوله {وترغبون أن تنكحوهن} قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها فنزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن فأنزل الله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قالت : والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) قالت : وقول الله {وترغبون أن تنكحوهن} رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون
قليلة المال والجمال فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا فإن كانت جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله {لا تؤتونهن ما كتب لهن} فنهى الله عنه وبين لكل ذي سهم سهمه صغيرا كان أو كبيرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة فيرغب عنها أن ينكحها ولا ينكحها رغبة في مالها.
وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد وكان له منها ابنة فأتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها ففيها نزلت {ويستفتونك في النساء} الآية.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن ، وَابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما : ترغبون فيهن وقال الآخر : ترغبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله !

{وترغبون أن تنكحوهن} قال : ترعبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيدة {وترغبون أن تنكحوهن} قال : ترغبون عنهن.
الآيات 128 - 134
أخرج الطيالسي والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} الآية ، قال ابن عباس : فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا وكان يطوف علينا يوميا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله يومي هو لعائشة ، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : فأنزل الله في ذلك {وإن امرأة خافت من بعلها

نشوزا أو إعراضا} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عائشة {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} الآية ، قالت : الرجل تكون عنده المرأة ليس مستكثرا منها يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك من شأني في حل ، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية {والصلح خير} في رجل كانت تحته امرأة قد طالت صحبتها وولدت منه أولادا فأراد أن يستبدل بها فراضته على أن يقيم عندها ولا يقيم لها.
وأخرج مالك وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن رافع بن خديج أنه كانت تحته امرأة قد خلا من سنها فتزوج عليها شابة فآثرها عليها فأبت الأولى أن تقر فطلقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال : إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة وإن شئت تركتك قالت : بل راجعني ، فراجعها فلم تصبر على الأثرة فطلقها أخرى وآثر عليها الشابة فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه {وإن

امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} الآية.
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبيهقي عن سعيد ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك فاصطلحا على صلح فجرت السنة بذلك ونزل القرآن {وإن امرأة خافت من بعلها} الآية.
وأخرج ابن جرير عن عمر أن رجلا سأله عن آية فكره ذلك وضربه بالدرة فسأله آخر عن هذه الآية {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} فقال : عن مثل هذا فسلوا ثم قال : هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها فيتزوج المرأة الثانية يلتمس ولدها فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية فقال : هو الرجل عنده امرأتان فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا

يفارقها فما طابت به نفسه فلا بأس به فإن رجعت سوى بينهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : هي المرأة تكون عند الرجل حتى تكبر فيريد أن يتزوج عليها فيتصالحان بينهما صلحا على أن لها يوما ولهذه يومان أو ثلاثة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : تلك المرأة تكون عند الرجل لا يرى منها كثيرا مما يحب وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها فأمر الله إذا كان ذلك أن يقول لها : يا هذه إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي وإن كرهت خليت سبيلك فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخبرها فلا جناح عليه وهو قوله {والصلح خير} يعني أن تخيير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة فينكح عليها المرأة الشابة ويكره أن يفارق أم ولده فيصالحها على عطية من ماله ونفسه فيطيب له ذلك الصلح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في أبي السنابل بن

بعكك.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سودة بنت زمعة.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبغض الحلال إلى الله الطلاق.
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصلح حائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وأحضرت الأنفس الشح} قال : تشح عند الصلح على نصيبها من زوجها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {وأحضرت الأنفس الشح} قال : هواه في الشيء يحرص عليه ، وفي قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال : في الحب

والجماع ، وفي قوله {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} قال : لا هي أيم ولا هي ذات زوج.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} في عائشة يعني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر
عن عائشة قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد قال :

كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد قال : كانت لي امرأتان فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال : في الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال في الحب والجماع.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله : (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء . قال : في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال : في

الغشيان {فتذروها كالمعلقة} لا أيم ولا ذات زوج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} يعني في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال : لا تتعمدوا الإساءة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : لا تمل عليها فلا تنفق عليها ولا تقسم لها يوما.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول : إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فتذروها كالمعلقة} قال : لا مطلقة ولا ذات بعل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {كالمعلقة} قال : كالمسجونة

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وإن يتفرقا} قال : الطلاق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان الله غنيا} قال : غنيا عن خلقه {حميدا} قال : مستحمدا إليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علي ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وكفى بالله وكيلا} قال : حفيظا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين} قال : قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت بآخرين من بعدهم.
الآية 135.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين} الآية ، قال : أمر الله المؤمنين أن يقولوا بالحق ولو على أنفسهم أو آبائهم أو أبنائهم لا يحابوا غنيا لغناه ولا يرحموا مسكينا لمسكنته وفي قوله {فلا تتبعوا الهوى} فتذروا الحق

فتجوروا {وإن تلووا} يعني ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} الآية ، قال : الرجلان يقعدان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مولى لابن عباس قال : لما قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة كانت البقرة أول سورة نزلت ثم أردفها النساء قال :
فكان الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه فيلوي بها لسانه أو يكتمها مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي فنزلت {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} يعني إن يكن غنيا أو فقيرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اختصم إليه رجلان غني وفقير فكان حلفه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم

الغني فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هذا في الشهادة فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين أو على ذي قرابتك وأشراف قومك فإنما الشهادة لله وليست للناس وإن الله تعالى رضي بالعدل لنفسه والإقساط والعدل ميزان الله في الأرض به يرد الله من الشديد على الضعيف ومن الصادق على الكاذب ومن المبطل على المحق وبالعدل يصدق الصادق ويكذب الكاذب ويرد المعتدي ويوبخه تعالى ربنا وتبارك وبالعدل يصلح الناس يا ابن آدم إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما يقول الله أولى بغنيكم وفقيركم ولا يمنعك عنى غني ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم فإن ذلك من الحق قال : وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام قال : يا رب أي شيء وضعت في الأرض أقل قال : العدل أقل ما وضعت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وإن تلووا أو تعرضوا} يقول : تلوي لسانك بغير الحق وهي اللجلجة فلا يقيم الشهادة على وجهها ، والإعراض الترك

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال {تلووا} تحرفوا و{تعرضوا} تتركوا.
وأخرج آدم والبيهقي فب سننه عن مجاهد في قوله {وإن تلووا} يقول : تبدلوا الشهادة {أو تعرضوا} يقول : تكتموها.
الآية 136
أخرج الثعلبي عن ابن عباس أن عبد الله بن سلام وأسدا وأسيدا ابني كعب وثعلبة بن قيس وسلاما ابن أخت عبد الله بن سلام وسلمة ابن أخيه ويامين بن يامين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا نؤمن بكتابك وموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا : لا نفعل ، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل} قال : فآمنوا كلهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله} الآية ، قال : يعني بذلك أهل الكتاب كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل وأقروا على أنفسهم بأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث الله رسوله دعاهم إلى أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وذكرهم الذي أخذ عليهم من الميثاق فمنهم من صدق النَّبِيّ واتبعه ومنهم من كفر

الآيات 137 - 139.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إن الذين آمنوا ثم كفروا} قال : هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ثم كفروا ثم ذكر النصارى فقال {ثم آمنوا ثم كفروا} يقول : آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به {ثم ازدادوا كفرا} بمحمد صلى الله عليه وسلم {ولا ليهديهم سبيلا} قال : طريق هدى وقد كفروا بآيات الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين وكفروا مرتين {ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : هم المنافقون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علي أنه قال في المرتد : إن كنت لمستتيبه ثلاثا ثم قرأ هذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن فضالة بن عبيد أنه أتي

برجل من المسلمين قد فر إلى العدو فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثانية فأتي به فأقاله الإسلام ثم فر الثالثة فأتي به فنزع بهذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا} إلى {سبيلا} ثم ضرب عنقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ازدادوا كفرا} قال : تموا على كفرهم حتى ماتوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد ، مثله.
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي ، وَابن عساكر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول كل يوم : أنا ربكم العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز.
الآيتان 140 - 141
أخرج ابن المنذر ، وَابن جَرِير عن أبي وائل قال : إن الرجل ليتكلم في المجلس بالكلمة الكذب يضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعا

فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال : صدق أبو وائل أو ليس ذلك في كتاب الله {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : أنزل في سورة الأنعام (حتى يخوضوا في حديث غيره) (الأنعام الآية 68) ثم نزل التشديد في سورة النساء {إنكم إذا مثلهم}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في الآية قال : كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله والقرآن فشتموه واستهزؤوا به فأمر الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
وأخرج عن سعيد بن جبير أن الله جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل مكة الذين خاضوا واستهزؤوا بالقرآن في جهنم جميعا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد {الذين يتربصون بكم} قال : هم المنافقون يتربصون بالمؤمنين {فإن كان لكم فتح من الله} إن أصاب المسلمون من عدوهم غنيمة قال المنافقون {ألم نكن معكم} قد كنا معكم فأعطونا من الغنيمة مثل ما تأخذون {وإن كان للكافرين نصيب} يصيبونه من المسلمين قال المنافقون للكفار {ألم نستحوذ عليكم} ألم نبين لكم أنا على ما أنتم عليه قد نثبطهم عنكم

وأخرج ابن جرير عن السدي {ألم نستحوذ عليكم} قال : نغلب عليكم.
أخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن علي أنه قيل له : أرأيت هذه الآية {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} وهم يقاتلونا فيظهرون ويقتلون فقال : ادنه ادنه ثم قال : فالله يحكم بينكم يوم القيامة {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} ، واخرج ابن جرير عن علي {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال في الآخرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك ، مثله

وأخرج ابن جرير عن السدي {سبيلا} قال : حجة.
الآية 142.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به يوم القيامة حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفى ء نور المنافقين ومضى المؤمنون بنورهم فتلك خديعة الله إياهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وهو خادعهم} قال : يعطيهم يوم القيامة نورا يمشون فيه مع المسلمين كما كانوا معه في الدينا ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه فيقومون في ظلمتهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير ، نحوه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : نزلت في عبد الله بن أبي وأبي عامر بن النعمان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدينا في الصمت

عن ابن عباس أنه كان يكره أن يقول الرجل إني كسلان ويتأول هذه الآية.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن المنذر عن قتادة {يراؤون الناس} قال : والله لولا الناس ما صلى المنافق ولا يصلي إلا رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {ولا يذكرون الله إلا قليلا} قال : إنما لأنه كان لغير الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {ولا يذكرون الله إلا قليلا}
قال : إنما قل ذكر المنافق لأن الله لم يقبله وكل ما

رد الله قليل وكل ما قبل الله كثير.
وأخرج ابن المنذر ، عَن عَلِي ، قال : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.
وَأخرَج مسلم وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا.
الآية 143.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد فوقع أحدهم فعبر حتى أتى ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب إلى الهلكة ارجع عودك على بدئك وناداه الذي عبر : هلم النجاة ، فجعل ينتظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة قال : فجاءه سيل فأغرقه فالذي عبر المؤمن والذي غرق المنافق مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء والذي مكث الكافر

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك ، قال : وذكر لنا : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلا للمؤمن والكافر والمنافق كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع ثم وقع المنافق حتى كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي فإني أخشى عليك وناداه المؤمن أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحصي له ما عنده فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء فغرقه وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {مذبذبين بين ذلك} قال : هم المنافقون {لا إلى هؤلاء} يقول : لا إلى أصحاب محمد ولا إلى هؤلاء اليهود.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {مذبذبين بين ذلك} قال : بين الإسلام والكفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المنافق مثل الشاة

العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدري أيها تتبع.
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين إن أتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء نطحتها.
الآية 144.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا} قال : إن لله السلطان على خلقه ولكنه يقول : عذرا مبينا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كل سلطان في القرآن فهو حجة.
الآيات 145 - 147

أخرج الفريابي ، وَابن ابي شيبة وهناد ، وَابن أبي الدينا ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في صفة النار عن ابن مسعود {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال : في توابيت من حديد مقفلة عليهم وفي لفظ : مبهمة عليهم أي مقفلة لا يهتدون لمكان فتحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال : الدرك الأسفل : بيوت من حديد لها أبواب تطبق عليها فيوقد من تحتهم ومن فوقهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك} قال : في توابيت ترتج عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {في الدرك

الأسفل} يعني في أسفل النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن كثير قال : سمعت أن جهنم أدراك منازل بعضها فوق بعض.
وأخرج ابن أبي الدينا في صفة النار عن أبي الأحوص قال : قال ابن مسعود : أي أهل النار أشد عذابا قال رجل : المنافقون ، قال : صدقت فهل تدري كيف يعذبون قال : لا ، قال : يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم ثم يجعلون في الدرك الأسفل في تنانير أضيق من زج يقال له : جب الحزن يطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد.
وأخرج ابن أبي الدينا في كتاب الإخلاص ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن : أوصني ، قال : أخلص دينك يكفك القليل من العمل

وأخرج ابن أبي الدينا في الإخلاص والبيهقي في الشعب عن ثوبان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء.
وأخرج البيهقي عن أبي فراس رجل من أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوني عما شئتم ، فنادى رجل : يا رسول الله ما الإسلام قال : إقام الصلاة وإتياء الزكاة قال : فما الإيمان قال : الإخلاص ، قال : فما اليقين قال : التصديق بالقيامة.
وأخرج البزار بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : نصر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها فرب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب امرى ء مؤمن ، إخلاص العمل لله والمناصحة لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم يحيط من ورائهم.
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلابتهم إخلاصهم .

وأخرج ابن أبي شيبة في زوائد "الزهد" وأبو الشيخ بن حيان عن مكحول قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أخلص عبدالله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ".
وَأخرَج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله وما إخلاصها قال : أن تحجزه عن المحارم ".
وَأخرَج ابن أبي شيبة أحمد في الزهد " والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله من

المخلص لله ؟ قال : الذي يعمل لله لايحب أن يحمده الناس عليه.
وَأخرَج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : ما يبلغ عبد حقيقة الاخلاص حتى لايحب أن يحمده أحد على شىء من عمل الله عز وجل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم) الآية . قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا . قوله تعالى : (لايحب الله الجهر بالسوء) الآية.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لايحب الله الجهر بالسوء من القول) ، قال : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه وأن يصبر فهو خير له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هو الرجل يظلم فلا يدع عليه ولكن ليقل : اللهم أعني عليه اللهم استخرج لي حقي حل بينه وبين ما يريد ونحو هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : عذر الله

المظلوم كما تسمعون أن يدعو.
وأخرج أبو داود عن عائشة أنه سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبخي عنه بدعائك.
وأخرج الترمذي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه فنزلت {إلا من ظلم} ذكر أنه لم يضفه لا يزيد على ذلك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج من عنده فيقول : أساء ضيافتي ولم يحسن.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : إن الله لا يحب الجهر بالسوء

من القول من أحد من الخلق ولكن يقول : من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان أبي يقرأ {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال ابن زيد : يقول : من قام على ذلك النفاق فجهر له بالسوء حتى نزع.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال : كان الضحاك بن مزاحم يقول : هذا في التقديم والتأخير يقول الله (ما
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم

وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أخلص عبد لله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعي القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل : يا رسول الله وما إخلاصها قال : أن تحجزه عن المحارم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيس عليه السلام : يا روح الله من

المخلص لله قال : الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ما يفعل الله بعذابكم} الآية ، قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا.
الآيتان 148 - 149.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}) (النساء الآية 147) {إلا من ظلم}
وكان يقرأها كذلك ثم قال {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} أي على كل حال.
الآيات 150 - 152.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : أولئك أعداء الله اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن ومحمد فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، وَابن جريج ، نحوه.
الآيات 153 – 156

أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن موسى جاءنا بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} إلى {وقولهم على مريم بهتانا عظيما}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله من الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب} الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : قالت اليهود : إن كنت صادقا أنك رسول الله فآتنا كتابا مكتوبا من السماء كما جاء به موسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أن

تنزل عليهم كتابا من السماء} أي كتابا خاصة ، وفي قوله {جهرة} أي عيانا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {فقالوا أرنا الله جهرة} قال : إنهم إذا رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله قال : هو مقدم ومؤخر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن عمر بن الخطاب أنه قرأ فأخذتهم الصعقة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فأخذتهم الصاعقة} قال : الموت أماتهم الله قبل آجالهم عقوبة بقولهم ما شاء الله أن يميتهم ثم بعثهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {ورفعنا فوقهم الطور} قال : جبل كانوا في أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة فقال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فقالوا : نأخذه وأمسكه الله عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله !

{وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} قال : كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} قال : أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا
لها وأحلت لهم ما خلا ذلك وفي قوله {فبما نقضهم} يقول : فبنقضهم ميثاقهم {وقولهم قلوبنا غلف} أي لا نفقه {بل طبع الله عليها} يقول : لما ترك القوم أمر الله وقتلوا رسوله وكفروا بآياته ونقضوا الميثاق الذي عليهم طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك.
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتكهت الحرمة وعمل بالمعاصي واجترى ء على الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فلا يقبل بعد ذلك شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقولهم على مريم بهتانا عظيما} قال : رموها بالزنا

وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه ، عَن عَلِي ، قال : قال لي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن لك من عيسى مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له ، والله تعالى أعلم.
الآيتان 157 - 158.
أخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت إثنا عشر رجلا من الحواريين فخرج عليهم من غير البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثني عشر مرة بعد أن آمن بي ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له : اجلس ، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : اجلس ، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا ، فقال : أنت ذاك فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء ، قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم
صلبوه وكفر به بعضهم اثني عشر مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق وقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء فهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه

وهؤلاء النسطورية وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {فآمنت طائفة من بني إسرائيل} يعني الطائفة التي آمنت في زمن عيسى وكفرت الطائفة التي كفرت في زمن عيسى {فأيدنا الذين آمنوا} في زمن عيسى بإظهار محمد دينهم على دين الكافرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {وقولهم إنا قتلنا المسيح} الآية ، قال : أولئك أعداء الله اليهود افتخروا بقتل عيسى وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه وذكر لنا أنه قال لأصحابه : أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول قال رجل من أصحابه : أنا يا نبي الله فقتل ذلك الرجل ومنع الله نبيه ورفعه إليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {شبه لهم} قال : صلبوا رجلا غير عيسى شبه بعيسى يحسبونه إياه ورفع الله إليه عيسى حيا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وما قتلوه يقينا} قال : يعني لم

يقتلوا ظنهم يقينا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : ما قتلوا ظنهم يقينا.
وأخرج ابن جرير مثله عن جويبر والسدي.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وَابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي رافع قال : رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راع وحذافة يخذف بها الطير.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم ، وَابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي العالية قال : ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف وخفي راع وقذافة يقذف بها الطير.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الجبار بن عبد الله بن سليمان قال : أقبل عيسى ابن مريم على أصحابه ليلة رفع فقال لهم : لا تأكلوا بكتاب الله أجرا

فإنكم إن لم تفعلوا
أقعدكم الله على منابر الحجر منها خير من الدينا وما فيها ، قال عبد الجبار : وهي المقاعد التي ذكر الله في القرآن (في مقعد صدق عند مليك مقتد) (القمر الآية 55) ورفع عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن وهب بن منبه قال : إن عيسى لما أعلمه الله أنه خارج من الدينا جزع من الموت وشق عليه فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما فقال : احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليلة عشاهم وقام يحدثهم فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضيهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه فتعاظموا ذلك وتكارموه فقال : ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه فأقروه حتى فرغ من ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم فلا يتعظم بعضكم على بعض وليبذل بعضكم نفسه لبعض كما بذلت نفسي لكم وأما حاجتي التي استعنتكم عليها فتدعون لي الله وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله ، ما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها قالوا : والله ما ندري ما كنا لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال : يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل

يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه ثم قال : الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات وليبيعنني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا : هذا من أصحابه ، فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه ، ثم أخذه آخرون كذلك ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل فجعلوا يقودنه ويقولون : أنت كنت تحيي الميت وتبرى ء المجنون أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا.
ثم إن أمه والمرأة التي كان يدوايها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث المصلوب فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان قالتا عليك ، قال : إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير وإن هذا شيء شبه

لهم فأمروا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا فألقوه إلى ذلك المكان أحد عشر وقعد الذي كان باعه ودل عليه اليهود فسأل عنه أصحابه فقالوا : إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل قال : لو تاب تاب الله عليه ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحنا فقال : هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة فليتدبرهم وليدعهم.
وأخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه قال : إن عيسى عليه السلام كان سياحا فمر على امرأة تستقي فقال : اسقيني من مائك الذي من شرب منه مات وأسقيك من مائي الذي من شرب منه حيي قال : وصادف امرأة حكيمة فقالت له : أما تكتفي بمائك الذي من شرب منه حيي عن مائي الذي من شرب منه مات قال : إن ماءك عاجل ومائي آجل ، قالت : لعلك هذا الرجل الذي يقال له عيسى بن مريم قال : فإني أنا هو وأنا أدعوك إلى عبادة الله وترك ما تعبدين من دون الله عز وجل ، قالت : فأتني على ما تقول ببرهان قال : برهان ذلك أن ترجعي إلى زوجك فيطلقك ، قالت : إن في هذا لآية بينة ما في بني إسرائيل امرأة أكرم على زوجها مني

ولئن كان كما تقول إني لأعرف أنك صادق ، قال : فرجعت إلى زوجها وزوجها شاب غيور فقال : ما بطؤ بك قالت : مر علي رجل فأرادت أن تخبره عن عيسى فاحتملته الغيرة فطلقها فقالت : لقد صدقني صاحبي ، فخرجت تتبع عيسى وقد آمنت به فأتى عيسى ومعه سبعة وعشرون من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم فدخلوا عليهم وقد صورهم الله على صورة عيسى فقالوا : قد سحرتمونا لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلكم جميعا فقال عيسى لأصحابه : من يشتري منكم نفسه بالجنة فقال رجل من القوم : أنا ، فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وصلبوه فظنت النصارى مثل ذلك ورفع الله عيسى من يومه ذلك ، فبلغ المرأة أن عيسى قد قتل وصلب فجاءت حتى بنت مسجدا إلى أصل شجرته فجعلت تصلي وتبكي على عيسى فسمعت صوتا من فوقها صوت عيسى لا تنكره : أي فلانة إنهم والله ما قتلوني وما صلبوني ولكن شبه لهم وآية ذلك أن الحواريين يجتمعون الليلة في بيتك فيفترقون اثنتي عشرة فرقة كل فرقة منهم تدعو قوما إلى دين الله فلما أمسوا اجتمعوا في بيتها فقالت لهم : إني سمعت الليلة شيئا أحدثكم به وعسى أن تكذبوني وهو الحق سمعت صوت عيسى وهو يقول : يا فلانة إني والله ما قتلت ولا صلبت وآية ذلك أنكم تجتمعون الليلة في بيتي فتفترقون اثنتي عشرة فرقة فقالوا : إن الذي سمعت كما سمعت فإن عيسى لم يقتل ولم يصلب إنما قتل فلان وصلب

وما اجتمعنا في بيتك إلا لما قال نريد أن نخرج دعاة في الأرض فكان ممن توجه إلى الروم نسطور وصاحبان له فأما صاحباه فخرجا وأما نسطور فحسبته حاجة له فقال لهما : ارفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شيء فلما قدما الكورة التي أرادا قدما في يوم عيدهم وقد برز ملكهم وبرز وبرز معه أهل مملكته فأتاه الرجلان فقاما بين يديه فقالا له : اتق الله فإنكم تعملون بمعاصي الله وتنتهكون حرم الله مع ما شاء الله أن يقولا ، قال : فأسف الملك وهم بقتلهما فقام إليه نفر من أهل مملكته فقالوا : إن هذا يوم لا تهرق فيه دما وقد ظفرت بصاحبيك فإن أحببت أن تحبسهما حتى يمضي عيدنا ثم ترى فيهما رأيك فعلت فأمر بحبسهما ثم ضرب على أذنه بالنسيان لهما حتى قدم نسطور فسأل عنهما فأخبر بشأنهما وأنهما محبوسان في السجن فدخل عليهما فقال : ألم أقل لكما ارفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شيء هل تدريان ما مثلكما مثلكما مثل امرأة لم تصب ولدا حتى دخلت في السن فأصابت بعدما دخلت في السن ولدا فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به فحملت على معدته ما لا تطيق فقتلته ثم قال لهما : والآن فلا تستبطئاني في شيء ثم خرج فانطلق حتى أتى باب الملك وكان إذا جلس الناس وضع سريره وجلس الناس سمطا بين يديه وكانوا إذا

ابتلوا بحلال أو حرام رفعوا له فنظر فيه ثم سأل عنه من يليه في مجلسه وسأل الناس بعضهم بعضا حتى تنتهي المسألة إلى أقصى المجلس وجاء نسطور حتى جلس في أقصى القوم فلما ردوا على الملك جواب من أجابه وردوا عليه جواب نسطور فسمع بشيء عليه نور وحلا في مسامعه فقال : من صاحب هذا القول فقيل : الرجل الذي في أقصى القوم ، فقال : علي به ، فقال : أنت القائل كذا وكذا قال : نعم ، قال : فما تقول في كذا وكذا قال : كذا وكذا ، فجعل لا يسأله عن شيء إلا فسره له ، فقال : عندك هذا العلم وأنت تجلس في آخر القوم ضعوا له عند
سريري مجلسا ثم قال : إن أتاك ابني فلا تقم له عنه ثم أقبل على نسطور وترك الناس فلما عرف أن منزلته قد تثبتت قال : لأزورنه ، فقال : أيها الملك رجل بعيد الدار بعيد الضيعة فإن أحببت أن تقضي حاجتك مني وتأذن لي فأنصرف إلى أهلي ، فقال : يا نسطور ليس إلى ذلك سبيل فإن أحببت أن تحمل أهلك إلينا فلك المواساة وإن أحببت أن تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إلى أهلك فعلت فسكت نسطور ، ثم تحين يوما فمات لهم فيه ميت فقال : أيها الملك بلغني أن رجلين أتياك يعيبان دينك قال : فذكرهما فأرسل إليهما فقال : يا نسطور أنت حكم بيني وبينهما ما قلت من شيء رضيت ، قال : نعم

أيها الملك هذا ميت قد مات في بني إسرائيل فمرهما حتى يدعوا ربهما فيحييه لهما ففي ذلك آية بينة قال : فأتي بالميت فوضع عنده فقاما وتوضآ ودعوا ربهما فرد عليه روحه وتكلم فقال : أيها الملك إن في هذه لآية بينة ولكن مرهما بغير ما أجمع أهل مملكتك ثم قل لآلهتك فإن كانت تقدر أن تضر هذين فليس أمرهما بشيء وإن كان هذان يقدران أن يضرا آلهتك فأمرهما قوي فجمع الملك أهل مملكته ودخل البيت الذي فيه الآلهة فخر ساجدا هو ومن معه من أهل مملكته وخر نسطور ساجدا وقال : اللهم إني أسجد لك وأكيد هذه الآلهة أن تعبد من دونك ثم رفع الملك رأسه فقال : إن هذين يريدان أن يبدلا دينكم ويدعوا إلى إله غيركم فافقأوا أعينهما أو اجذموهما أو شلوهما فلم ترد عليه الآلهة شيئا وقد كان نسطور أمر صاحبيه أن يحملا معهما فأسا فقال : أيها الملك قل لهذين أيقدران أن يضرا آلهتك قال : أتقدران على أن تضرا آلهتنا قالا : خل بيننا وبينها فأقبلا عليها فكسراها فقال نسطور : أما أنا فآمنت برب هذين وقال الملك : وأنا آمنت برب هذين وقال جميع الناس : آمنا برب هذين فقال نسطور لصاحبيه : هكذا الرفق

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وكان الله عزيزا حكيما} قال : معنى ذلك أنه كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن يهوديا قال له : إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا حكيما فكيف هو اليوم قال ابن عباس : إنه كان من نفسه عزيزا حكيما.
الآية 159.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : خروج عيسى بن مريم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت عيسى.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : يعني أنه سيدرك أناس من أهل الكتاب حين يبعث عيسى سيؤمنون به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل

الكتاب} قال : اليهود خاصة {إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت اليهودي.
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : هي في قراءة أبي قبل موتهم ، قال : ليس يهودي أبدا حتى يؤمن بعيسى ، قيل لابن عباس : أرأيت إن خر من فوق بيت قال : يتكلم به في الهواء ، فقيل : أرأيت إن ضرب عنق أحدهم قال : يتلجلج بها لسانه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : لا

يموت يهودي حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله ولو عجل عليه بالسلاح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : لو أن يهوديا ألقي من فوق قصر ما خلص إلى الأرض حتى يؤمن أن عيسى عبد الله ورسوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في الآية قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ، قيل : وإن ضرب بالسيف قال : يتكلم به ، قيل : وإن هوى قال : يتكلم به وهو يهوي.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هاشم وعروة قالا : في مصحف أبي بن كعب : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن شهر بن حوشب في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} عن محمد بن علي بن أبي طالب هو ابن الحنيفة قال : ليس من أهل الكتاب أحد إلا أتته الملائكة يضربون وجهه ودبره ثم يقال : يا عدو الله إن عيسى روح الله وكلمته كذبت على الله وزعمت أنه الله إن عيسى لم يمت وإنه رفع إلى السماء وهو نازل قبل أن تقوم الساعة فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا آمن به.
وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجاج : يا شهر آية

من كتاب الله ما قرأتها إلا اعترض في نفسي منها شيء قال الله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} وإني أوتى بالأسارى فأضرب أعناقهم ولا أسمعهم يقولون شيئا فقلت : رفعت إليك على غير وجهها وإن النصراني إذا خرجت روحه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره وقالوا : أي خبيث إن المسيح الذي زعمت أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة عبد الله وروحه وكلمته فيؤمن حين لا ينفعه إيمانه وإن اليهودي إذا خرجت نفسه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره وقالوا : أي خبيث إن المسيح الذي زعمت أنك قتلته عبد الله وروحه فيؤمن به حين لا ينفعه الإيمان فإذا كان عند نزول عيسى آمنت به أحياؤهم كما آمنت به موتاهم ، فقال : من أين أخذتها فقلت : من محمد بن علي ، قال : لقد أخذتها من معدنها ، قال شهر : وأيم الله ما حدثنيه إلا أم سلمة ولكني أحببت أن أغيظه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : إذا نزل آمنت به الأديان كلها {ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} أنه قد بلغ رسالة ربه وأقر على نفسه بالعبودية.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : إذا نزل عيسى عليه السلام فقتل الدجال لم يبق يهودي في الأرض إلا آمن به فذلك حين لا ينفعهم الإيمان

وأخرج ابن جرير عن أبي مالك {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته}
قال : ذلك عند نزول عيسى ابن مريم لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت عيسى والله إنه الآن حي عند الله ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أن رجلا سأله عن قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت عيسى وإن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة خيرا من الدينا وما فيها ، ثم يقول أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك أن

ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يقتل الدجال ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية ويفيض المال وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين واقرأوا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} موت عيسى بن مريم ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما ، قال : وتلا أبو هريرة {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} قال أبو هريرة : يؤمن به قبل موت عيسى.
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليهلن عيسى بن مريم بفج الروحاء بالحج أو بالعمرة أو ليثنينهما

جميعا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الأنبياء أخوات لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه خليفتي على أمتي وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم وتلعب الصيبان بالحيات لا تضرهم فيمكث أربعين

سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى بن مريم فإن عجل بي موت فمن لقية منكم فليقرئه مني السلام.
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن عيسى بن مريم ليس بينه وبيني نبي ولا رسول إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي إلا أنه يقتل الدجال ويكسر الصليب ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها ألا من أدركه منكم فليقرأ عليه السلام.
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل عيسى بن مريم فيمكث في الناس أربعين سنة.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرجع السلم وتتخذ السيوف مناجل وتذهب حمة

كل ذات حمة وتنزل السماء رزقها وتخرج الأرض بركتها حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره ويراعي الغنم الذئب ولا يضرها ويراعي الأسد البقر ولا يضرها.
وأخرج أحمد والطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها طفرة غليظة وأنه يبرى ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول : أنا ربكم ، فمن قال : أنت ربي فقد فتن
ومن قال ربي الله حي لا يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة عليه ولا عذاب فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيء عيسى بن مريم من المغرب ، ولفظ الطبراني : من المشرق مصدقا بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال : ما يبكيك قلت :

يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يخرج في يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة فينزل ناحيتها ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان فيخرج إليها شرار أهلها حتى يأتي الشام مدينة بفلسطين باب لد فينزل عيسى بن مريم فيقتله ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا.
وأخرج أحمد ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه وله حمار يركبه عرض ما يبن أذنيه أربعون ذراعا فيقول للناس : أنا ربكم ، وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه ك ف ر مهجاة يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب يرد كل ماء منهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه وقامت الملائكة بأبوابها ومعه جبال من خبز والناس في جهد إلا من اتبعه ومعه نهران أنا أعلم بهما منه نهر يقول الجنة ونهر يقول النار فمن دخل الذي يسميه الجنة فهي النار ومن دخل الذي يسميه

النار فهي الجنة وتبعث معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ويقتل نفسا ثم يحييه لا يسلط على غيرها من الناس فيما يرى الناس فيقول للناس : أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ثم ينزل عيسى فينادي من السحر فيقول : يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث فيقولون : هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى فتقام الصلاة فيقال له : تقدم يا روح الله فيقول : ليتقدم إمامكم فليصل بكم فإذا صلوا الصبح خرجوا إليه فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء فيمشي إليه فيقتله حتى إن الشجرة تنادي : يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله.
وأخرج معمر في جامعه عن الزهري أخبرني عمرو بن سفيان الثقفي أخبرني رجل من الأنصار عن بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال : يأتي سباخ المدينة وهو محرم عليه أن يدخلها فتنتفض بأهلها نفضة أو نفضتين وهي الزلزلة فيخرج إليه منها كل منافق ومنافقة ثم يأتي الدجال قبل الشام حتى يأتي بعض جبال الشام فيحاصرهم وبقية المسلمون يومئذ معتصمون بذروة جبل فيحاصرهم نازلا بأصله حتى إذا

طال عليهم الحصار قال رجل : حتى متى أنتم هكذا وعدوكم نازل بأصل جبلكم هل أنتم إلا بين إحدى الحسنيين بين أن تستشهدوا أو يظهركم فيتبايعون على القتال بيعة يعلم الله أنها الصدق من أنفسهم ثم تأخذهم ظلمة لا يبصر أحدهم كفه فينزل ابن مريم فيحسر عن أبصارهم وبين أظهرهم رجل عليه لأمة فيقول : من أنت فيقول : أنا عبد الله وروحه وكلمته عيسى إختاروا إحدى ثلاث : بين أن يبعث الله على الدجال وجنوده عذابا جسيما أو يخسف بهم الأرض أو يرسل عليهم سلاحكم ويكف سلاحهم فيقولون : هذه يا رسول الله أشفى لصدرونا فيومئذ ترى اليهودي العظيم الطويل الأكول الشروب لا تقل يده سيفه من الرعب فينزلون إليهم فيسلطون عليهم ويذرب الدجال حتى يدركه عيسى فيقتله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عثمان بن أبي العاصي سمعت رسلو الله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ومصر بالجزيرة ومصر بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في عراض جيش فيهزم من قبل المشرق فأول

مصر يرده المصر الذي بلمتقى البحرين فيصير أهلها ثلاث فرق : فرقة تقيم وتقول نشامه ننظر ما هو وفرقة تلحق الأعراب وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ومع الدجال سبعون ألفا عليهم التيجان وأكثر من معه اليهود والنساء ثم يأتي المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق : فرقة تقول نشامه وننظر ما هو وفرقة تلحق بالأعراب وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ثم يأتي الشام فينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق فيبعثون بسرح لهم فيصاب سرحهم فيشتد ذلك عليهم وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله فبينما هم كذلك إذ ناداهم مناد : من السحر أتاكم الغوث أيها الناس ثلاثا فيقول بعضهم لبعض : إن هذا لصوت رجل
شبعان فينزل عيسى عند صلاة الفجر فيقول له أمير الناس تقدم يا روح الله فصل بنا فيقول : إنكم معشر هذه الأمة أمراء بعضكم على بعض تقدم أنت فصل بنا فيتقدم فيصلي بهم فإذا انصرف أخذ عيسى حربته نحو الدجال فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص فتقع حربته بين تندوته فيقتله ثم ينهزم

أصحابه فليس شيء يومئذ يجن أحدا منهم حتى إن الحجر ليقول : يا مؤمن هذا كافر فاقتله والشجر يقول : يا مؤمن هذا كافر فاقتله.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الطفيل قال : كنت بالكوفة فقيل : قد خرج الدجال فأتينا حذيفة بن أسيد فقلت : هذا الدجال قد خرج فقال اجلس فجلست فنودي أنها كذبة صباغ فقال حذيفة : إن الدجال لو خرج زمانكم لرمته الصبيان بالخزف ولكنه يخرج في نقص من الناس وخفة من الدين وسوء ذات بين فيرد كل منهل وتطوى له الأرض طي فروة الكبش حتى يأتي المدينة فيغلب على خارجها ويمنع داخلها ثم جبل إيليا فيحاصر عصابة من المسلمين فيقول لهم الذي عليهم : ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا فيصبحون ومعهم عيسى بن مريم فيقتل الدجال ويهزم أصحابه.
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال فليبث في أمتي ما شاء الله يلبث أربعين ولا أدري ليلة أو شهرا أو سنة ، قال : ثم يبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن

مسعود الثقفي فيطلبه حتى يهلكه ثم يبقى الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يبعث الله ريحا باردة تجيء من قبل الشام فلا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضت روحه حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه سمعت هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كبد جبل ثم يبقى شرار الناس من لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا في خفة الطير وأحلام السباع فيجيئهم الشيطان فيقول : ألا تستحيون فيقولون ما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه فكان من قوله أن قال : إنه
لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر من الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا ويعيث شمالا يا عباد الله فاثبتوا وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي ، إنه يبدأ فيقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فيقول : أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا وإنه

أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستعن بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم وإن من فتنته أن يقول لأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول له : نعم ، فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني اتبعه فإنه ربك ، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار حتى يلقى شقتين ثم يقول : انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله فيقول له الخبيث : من ربك فيقول : ربي الله وأنت عدو الله الدجال والله ما كنت أشد بصيرة بك مني اليوم ، وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا وأنه لا يبقى من الأرض شيء إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة فإنه لا يأتيها من نقب من نقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته حتى ينزل عند الظريب الأحمر عند منقطع السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنقي

الخبث منها كما ينقي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص ، فقالت أم شريك بنت أبي العسكر : يا رسول الله فأين العرب يومئذ قال :
هم قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى : أقيموا الباب فيفتح ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربا ويقول عيسى : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء ما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله الشيء لا حجر ولا شجر ولا دابة ولا حائط إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق إلا قالت : يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإن أيامه أربعون سنة السنة كنصف السنة والسنة كالشهر والشهر كالجمعة وآخر أيامه كالشررة يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بها الآخر حتى يمسي فقيل له : يا رسول الله كيف نصلي في تلك الأيام القصار قال : تقدرون فيها للصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال ثم صلوا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليكونن عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره وينفر الوليد الأسد فلا يضره ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من المسلم كما يملأ الإناء من الإناء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها وتكون الأرض كثاثور الفضة تنبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب يشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ويكون الثور بكذا وكذا من المال ويكون الفرس بالدريهمات ، قيل : يا رسول الله وما يرخص الفرس قال : لا يركب لحرب أبدا ، قيل له : فما يغلي الثور قال : لحرث الأرض كلها ، وإن قبل خرج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي
مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا تبقي ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله ، قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان قال : التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام

وأخرج أحمد ومسلم ، عَن جَابر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمير تكرمه الله هذه الأمة.
وأخرج الطبراني عن أوس بن أوس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء في دمشق.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن سمرة قال : بعثني خالد بن الوليد بشيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة فلما دخلت عليه قلت : يا رسول الله فقال : على رسلك يا عبد الرحمن أخذ اللواء زيد ابن حارثة فقاتل حتى قتل رحم الله زيدا ثم أخذ اللواء جعفر فقاتل فقتل رحم الله جعفرا ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل فقتل رحم الله عبد الله ثم أخذ اللواء خالد ففتح الله لخالد فخالد سيف من سيوف الله فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم حوله فقال : ما يبكيكم قالوا : وما لنا لا نبكي وقد قتل خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا فقال : لا تبكوا فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها فاجتث زواكيها وهيأ مساكنها وحلق سعفها فأطعمت عاما فوجا ثم عاما فوجا ثم عاما فوجا فلعل آخرها طعما يكون أجودها قنوانا وأطولها شمراخا والذي بعثني بالحق ليجدن ابن مريم في أمتي

خلفا من حواريه.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه قال : لما اشتد جزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من قتل يوم مؤتة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليدركن الدجال من هذه الأمة قوما مثلكم أو خيرا منكم ثلاث مرات ولن يخزي الله أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها قال الذهبي : مرسل وهو خبر منكر.
وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدرك رجال من أمتي عيسى بن مريم ويشهدون قتال الدجال.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليهبطن ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا وليسلكن فجا حاجا أو معتمرا وليأتين قبري حتى يسلم علي ولأردن عليه ، يقول أبو هريرة : أي بني أخي إن رأيتموه فقولوا : أبو هريرة يقرئك السلام.
وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أدرك منكم

عيسى بن مريم فليقرئه مني السلام.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي هريرة قال : يلبث عيسى بن مريم في الأرض أربعين سنة لو يقول للبطحاء سيلي عسلا لسالت.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه عن مجمع بن جارية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليقتلن ابن مريم الدجال بباب لد.
وأخرج أحمد عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عصابتان من أمتي أحرزهم الله من النار : عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى بن مريم.
وأخرج الترمذي وحسنه عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال : مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني عن عبد الله بن سلام قال : يدفن عيسى بن مريم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فيكون قبره رابعا.
الآيتان 160 - 161.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه

قرأ طيبات كانت أحل لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم}
قال : عوقب القوم بظلم ظلموه وبغي بغوه فحرمت عليهم أشياء ببغيهم وظلمهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {وبصدهم عن سبيل الله كثيرا} قال : أنفسهم وغيرهم عن الحق.
الآية 162.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {لكن الراسخون في العلم منهم} قال : استثنى الله منهم فكان منهم من يؤمن بالله وما أنزل عليهم وما أنزل على نبي الله يؤمنون به ويصدقون به ويعلمون أنه الحق من ربهم.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله {لكن الراسخون في العلم منهم} الآية ، قال : نزلت في عبد الله بن سلام وأسيد بن سعية وثعلبة بن سعية حين فارقوا يهود وأسلموا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن المنذر عن الزبير بن خالد قال : قلت لأبان بن عثمان بن عفان : ما شأنها كتبت {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} ما بين يديها وما خلفها رفع وهي نصب قال : إن الكاتب لما كتب {لكن الراسخون} حتى إذا بلغ قال : ما أكتب قيل له : اكتب {والمقيمين الصلاة} فكتب ما قيل له.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود ، وَابن المنذر عن عروة قال : سألت عائشة عن لحن القرآن (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصائبون) (المائدة الآية 69) {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} وإن هذان
لساحران) (طه الآية 63) فقالت : يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطأوا في الكتاب

وأخرج ابن أبي داود عن سعيد بن جبير قال : في القرآن أربعة أحرف ، الصائبون والمقيمين (فأصدق وأكن من الصالحين) (المنافقون الآية 10) (وإن هذان لساحران) (طه الآية 63).
وأخرج ابن أبي داود عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال : لما فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها قال ابن أبي داود : هذا عندي يعني بلغتها فينا وإلا فلو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعا لما استجاز أن يبعث إلى قوم يقرأونه.
وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : لما أتى عثمان بالمصحف رأى فيه شيئا من لحن فقال : لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا.
وأخرج ابن أبي داود عن قتادة أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال : إن فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.
وأخرج ابن أبي داود عن يحيى بن يعمر قال : قال عثمان : إن في القرآن

لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.
الآية 163.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : قال سكين وعدي بن زيد : يا محمد ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ، فأنزل الله في ذلك {إنا أوحينا إليك} إلى آخر الآيات.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن خيثم في قوله {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} قال : أوحى إليه كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله.
الآية 164

أخرج عَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن حبان في صحيحه والحاكم ، وَابن عساكر عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله كم الأنبياء قال : مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألفا ، قلت : يا رسول الله كم الرسل منهم قال : ثلثمائة وثلاثة عشر جم غفير ، قال : يا أبا ذر أربعة سريانيون : آدم وشيث ونوح وخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بقلم وأربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وأول النبيين آدم وآخرهم نبيك أخرجه ابن حبان في صحيحه ، وَابن الجوزي في الموضوعات وهما في طرفي نقيض والصواب أنه ضعيف لا صحيح ولا موضوع كما بينته في مختصر الموضوعات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : قلت : يا نبي الله كم الأنبياء قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الحلية بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعث الله ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف إلى بني إسرائيل وأربعة آلاف إلى سائر الناس ".

وأخرج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي ثم كان عيسى بن مريم ثم كنت أنا بعده.
وأخرج الحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم :.
وَأخرَج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعد ثمانية آلاف من الأنبياء منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي في قوله {ورسلا لم نقصصهم عليك} قال : بعث الله نبيا عبدا حبشيا فهو مما ما لم يقصصه على محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ : بعث نبي من الحبش.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : إن الله أنزل على آدم عليه السلام عصيا بعدد الأنبياء المرسلين ثم أقبل على ابنه شيث فقال : أي بني أنت خليفتي من بعدي فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى وكلما ذكرت اسم الله تعالى فاذكر
إلى جنبه اسم محمد فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش وأنا بين الروح والطين ثم إني طفت السموات فلم أر في السموات موضعا إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على

نحور الحور العين وعلى ورق قصب آجام الجنة وعلى ورق شجرة طوبى وعلى ورق سدرة المنتهى وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة فأكثر ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه من طريق أبي يونس عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني أطفى ء عنكم نار الحدثان ، فقال له عمارة بن زياد رجل من قومه : والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال : فانطلق وانطلق معه عمارة في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شن جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصاه وهو يقول : بدا بدا بدا كل هدي زعم ابن راعية المعزى إني لا أخرج منها وثيابي تندى حتى دخل معها الشق فأبطأ عليهم فقال عمارة : والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم ، فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه قال : فقال : فادعوه باسمه - فو الله - لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم فدعوه باسمه فخرج إليهم برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي - قد والله - قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار

أبتر فانبشوني فإنكم ستجدوني حيا ، فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقالوا : انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه ، فقال لهم عمارة : لا تحدث مضر أننا ننبش موتانا والله لا تنبشوه أبدا وقد كان خالد أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تساءلون عنه وقال : لا تمسها حائض فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض فذهب ما كان فيهما من علم وقال أبو يونس : قال سماك بن حرب : سئل عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك نبي أضاعه قومه وإن ابنه أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : مرحبا بابن أخي قال
الحاكم : صحيح على شرط البخاري فإن أبا يونس هو حاتم بن أبي صغيرة وقال الذهبي منكر.
وأخرج ابن سعد والزبير بن بكار في الموفقيات ، وَابن عساكر عن الكلبي قال : أول نبي بعثه الله في الأرض إدريس وهو أخنوخ بن يرد وهو يارد ابن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم ثم انقطعت الرسل حتى بعث نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يارد وقد كان سام بن نوح نبيا ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبيا وهو إبراهيم بن تارح وتارح هو آزر

بن ناحور بن شاروخ بن ارغو بن فالغ وفالغ هو فالخ وهو الذي قسم الأرض ابن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ثم إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة ودفن بها ثم إسحاق بن إبراهيم مات بالشام ولوط بن هاران بن تارح وإبراهيم عمه هو ابن أخي إبراهيم ثم إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن بوبب ابن عنقاء بن مدين بن إبراهيم ثم هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح ثم صالح بن آسف بن كماشج بن اروم بن ثمود بن جابر بن ارم بن سام بن نوح ثم موسى وهارون ابنا عمران بن فاهت ابن لاوي بن يعقوب ثم أيوب بن رازخ

بن أمور بن ليغزر بن العيص ثم داود بن ايشا بن عويد بن ناخر بن سلمون بن بخشون بن عنادب بن رام ابن خصرون بن يهود بن يعقوب ثم سليمان بن داود ثم يونس بن متى من سبط بنيامين بن يعقوب ثم اليسع من سبط روبيل بن يعقوب والياس بن بشير بن العاذر بن هارون بن عمران وذا الكفل اسمه عويديا من سبط يهود بن يعقوب وبين موسى بن عمران وبين مريم بنت عمران أم عيسى ألف سنة وسبعمائة سنة وليسا من سبط ثم محمد صلى الله عليه وسلم وكل نبي ذكر في القرآن من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وهود وصالح ولم يكن من العرب أنبياء إلا خمسة : هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد وإنما سموا عربا لأنه لم يتكلم أحد من الأنبياء بالعربية غيرهم فلذلك سموا عربا

وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة : نوح وهود وصالح ولوط وإبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن نبي له اسمان إلا عيسى ويعقوب فيعقوب إسرائيل وعيسى المسيح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان بين آدم ونوح ألف سنة وبين نوح وإبراهيم ألف سنة وبين إبراهيم وموسى ألف سنة وبين موسى وعيسى أربعمائة سنة وبين عيسى ومحمد ستمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش قال : كان بين موسى وعيسى ألف نبي.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : كان عمر آدم ألف سنة ، قال ابن عباس : وبين آدم وبين نوح ألف سنة وبين نوح وإبراهيم ألف سنة وبين إبراهيم وبين موسى سبعمائة سنة وبين موسى وعيسى ألف وخمسمائة سنة وبين عيسى ونبينا ستمائة سنة.
وأخرج ابن المنذر عن وائل بن داود في قوله {وكلم الله موسى

تكليما} قال : مرارا.
وأخرج ابن مردويه والطبراني عن عبد الجبار بن عبد الله قال : جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال : سمعت رجلا يقرأ {وكلم الله موسى تكليما} فقال : ما قال هذا إلا كافر قرأت على الأعمش وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي وقرأ أبو عبد الرحمن على علي بن أبي طالب وقرأ علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكلم الله موسى تكليما} قال الهيثمي : ورجاله ثقات غير أن عبد الجبار لم أعرفه والذي روى عن ابن عباس أحمد بن عبد الجبار بن ميمون وهو ضعيف.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ثابت قال : لما مات موسى بن عمران جالت الملائكة في السموات بعضها إلى بعض واضعي أيديهم على خدودهم ينادون مات موسى كليم الله فأي الخلق لا يموت.
الآية 165.
أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح

من الله من أجل ذلك مدح
نفسه ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والحكيم الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شخص أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه المدح من الله ولذلك وعد الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} فيقولوا : ما أرسلت إلينا رسولا.
الآيات 166 - 170.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : دخل جماعة من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله فقالوا : ما نعلم ذلك ، فأنزل الله {لكن الله يشهد} الآية

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {لكن الله يشهد} الآية ، قال : شهود والله غير متهمة.
الآية 171.
أخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله {لا تغلوا} قال : لا تبتدعوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وكلمته ألقاها إلى مريم} قال : كلمته إن قال : كن فكان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابي موسى ، أن النجاشي قال لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم قال : يقول فيه قول الله : روح الله وكلمته أخرجه من البتول العذراء لم يقربها بشر فتناول عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن ثمانون رجلا ومعنا جعفر بن أبي طالب وبعثت قريش عمارة وعمرو بن العاص ومعهما هدية إلى النجاشي فلما دخلا عليه سجدا له وبعثا إليه بالهدية وقالا : إن ناسا من قومنا رغبوا عن ديننا وقد نزلوا أرضك فبعث إليهم حتى دخلوا عليه فلم

يسجدوا له فقالوا : ما لكم لم تسجدوا للملك فقال جعفر : إن الله بعث إلينا نبيه فأمرنا أن لا نسجد إلا لله ، فقال عمرو بن العاص : إنهم يخالفونك في عيسى وأمه ، قال : فما يقولون في عيسى وأمه قالوا : نقول كما قال الله : هو روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسسها بشر فتناول النجاشي عودا فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما تزيدون على ما يقول هؤلاء ما يزن هذه مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده فأنا أشهد أنه نبي ولوددت أني عنده فأحتمل نعليه فانزلوا حيث شئتم من أرضي.
وأخرج البخاري عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله.
وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء على ما كان من العمل.
الآيتان 172 - 173.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لن يستنكف} قال : لن

يستكبر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والإسماعيلي في معجمه بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} قال {أجورهم} يدخلهم الجنة {ويزيدهم من فضله} الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ممن صنع إليهم المعروف في الدينا والله سبحانه أعلم.
الآيتان 174 - 175
أخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا تحرك من الليل قال {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا}.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن رجل لا يحفظ اسمه في قوله {قد جاءكم برهان من ربكم} قال : محمد صلى الله عليه وسلم {وأنزلنا إليكم نورا مبينا} قال : الكتاب

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {برهان من ربكم} قال : حجة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {قد جاءكم برهان من ربكم} قال : بينة {وأنزلنا إليكم نورا مبينا} قال : هذا القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {واعتصموا به} قال : القرآن.
الآية 176.
أخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل فتوضأ ثم صب علي فعقلت فقلت إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث فنزلت آية الفرائض.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم ، عَن جَابر قال : أنزلت في {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج ابن راهويه ، وَابن مردويه عن عمر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم

كيف تورث الكلالة فأنزل الله {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها ، فكأن عمر لم يفهم فقال لحفصة : إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس فسليه عنها
فرأت منه طيب نفس فسألته فقال : أبوك ذكر لك هذا ما أرى أباك يعلمها فكان عمر يقول ما أراني أعلمها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن مردويه ، عَن طاووس أن عمر أمر حفصة أن تسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فسألته فأملاها عليها في كتف وقال : من أمرك بهذا أعمر ، ما أراه يقيمها أو ما تكفيه آية الصيف قال سفيان : وآية الصيف التي في النساء (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) (النساء الآية 12) فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت الآية التي في خاتمة النساء.
وأخرج مالك ومسلم ، وَابن جَرِير والبيهقي عن عمر قال : ما سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر ما سألته عن الكلالة حتى طعن بأصبعه في صدري وقال : تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي عن البراء بن عازب

قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال : تكفيك آية الصيف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال : أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} فمن لم يترك ولدا ولا والدا فورثته كلالة ، وأخرجه الحاكم موصولا عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمر قال : ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه : الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا.
وأخرج أحمد عن عمر قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال : تكفيك آية الصيف فلأن أكون سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي

من أن يكون لي حمر النعم.
وأخرج عبد الرزاق والعدني ، وَابن المنذر والحاكم عن عمر قال : لأن أكون سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ثلاث أحب إلي من حمر النعم : عن الخليفة بعده وعن قوم قالوا : نقر بالزكاة من أموالنا ولا نؤديها إليك أيحل قتالهم وعن الكلالة.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والعدني ، وَابن ماجه والساجي ، وَابن جَرِير والحاكم
والبيهقي عن عمر قال : ثلاث لأن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهن لنا أحب إلي من الدينا وما فيها : الخلافة والكلالة والربا.
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل يستفتيه في الكلالة أنبئني يا رسول الله أكلالة الرجل يريد إخوته من أبيه وأمه فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا غير أنه قرأ عليه آية الكلالة التي في سورة النساء ثم عاد الرجل يسأله فكلما سأله قرأها حتى أكثر وصخب الرجل واشتد صخبه من حرصه على أن يبين له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه الآية ثم

قال له : إني والله لا أزيدك على ما أعطيت.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كنت آخر الناس عهدا بعمر فسمعته يقول : القول ما قلت ، قلت : وما قلت قال : قلت : الكلالة من لا ولد له.
وأخرج ابن جرير عن طارق بن شهاب قال : أخذ عمر كتفا وجمع أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال : لأقضين في الكلالة قضاء تحدث به النساء في خدورهن فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرقوا فقال : لو أراد الله أن يتم هذا الأمر لأتمه.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب أن عمر كتب في الجد والكلالة كتابا فمكث يستخير الله يقول : اللهم إن علمت أن فيه خيرا فامضه حتى إذا طعن دعا بالكتاب فمحا ولم يدر أحد ما كتب فيه فقال : إني كنت كتبت في الجد والكلالة كتابا وكنت أستخير الله فيه فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد عن ابن عباس قال : أنا أول من أتى عمر حين طعن فقال : احفظ عني ثلاثا فإني أخاف أن لا يدركني الناس : أما أنا فلم أقض في الكلالة ولم أستخلف على الناس خليفة وكل مملوك له عتيق.
وأخرج أحمد عن عمرو القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد وهو وجع مغلوب فقال : يا رسول الله إن لي مالا وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي أو أتصدق به قال : لا ، قال : أفأوصي بثلثيه قال : لا ، قال : أفأوصي بشطره قال : لا ، قال : أفأوصي بثلثه قال : نعم وذاك كثير.
وأخرج ابن سعد والنسائي ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" ، عَن جَابر قال :
اشتكيت فدخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علي فقلت : يا رسول الله أوصي لأخواني بالثلث قال : أحسن ، قلت : بالشطر قال : أحسن ثم خرج ثم دخل علي فقال : لا أراك تموت في وجعك هذا إن الله أنزل وبين ما لأخواتك وهو الثلثان فكان جابر يقول : نزلت هذه الآية في {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج العدني والبزار في مسنديهما وأبو الشيخ في الفرائض بسند صحيح عن حذيفة قال : نزلت آية الكلالة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في مسير له فوقف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا هو بحذيفة فلقاه إياه فنظر حذيفة فإذا عمر فلقاه إياه فلما كان في خلافة عمر نظر عمر في الكلالة فدعا حذيفة فسأله عنها فقال حذيفة : لقد لقانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيتك كما لقاني - والله - لا أزيدك على ذلك شيئا أبدا

وأخرج أبو الشيخ في الفرائض عن البراء قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال : ما خلا الولد والوالد.
وأخرج ابن أبي شيبة والدرامي ، وَابن جَرِير عن أبي الخير أن رجلا سأل عقبة بن عامر عن الكلالة فقال : ألا تعجبون من هذا يسألني عن الكلالة وما أعضل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ما أعضلت بهم الكلالة.
وَأخرَج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والدرامي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن الشعبي قال : سئل أبو بكر عن الكلالة فقال : إني سأقول فيها برأيي فإذا كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء أراه ما خلا الولد والوالد فلما استخلف عمر قال : الكلالة ما عدا الولد فلما طعن عمر قال : إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر رضي الله عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي بكر الصديق أنه قال : من مات ليس له ولد ولا والد فورثته كلالة فضج منه علي ثم رجع إلى قوله.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شرحبيل قال : ما رأيتهم إلا قد تواطأوا إن الكلالة من لا ولد له ولا والد

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والدرامي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق الحسن بن محمد بن الحنفية قال : سألت ابن عباس عن الكلالة قال : هو ما عدا الوالد والولد ، فقلت له {إن امرؤ هلك ليس له ولد} فغضب وانتهرني.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس قال : الكلالة : من لم يترك ولدا ولا والدا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السميط قال : كان عمر يقول : الكلالة : ما خلا الولد والوالد.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : الكلالة ما كان سوى الوالد والولد من الورثة إخوة أو غيرهم من العصبة ، كذلك قال : علي ، وَابن مسعود وزيد ابن ثابت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : الكلالة : الميت نفسه.
وأخرج ابن جرير عن معدان بن أبي طالحة اليعمري قال : قال عمر بن الخطاب : ما أغلظ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما نازعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء

ما نازعته في آية الكلالة حتى ضرب صدري فقال : يكفيك منها آية الصيف {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وسأقضي فيها بقضاء يعلمه من يقرأ ومن لا يقرأ هو ما خلا الرب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن سيرين قال : نزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} والنبي صلى الله عليه وسلم في مسير له وإلى جنبه حذيفة بن اليمان فبلغها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حذيفة وبلغها حذيفة عمر بن الخطاب وهو يسير خلفه فلما استخلف عمر سأل عنها حذيفة ورجا أن يكون عنده تفسيرها فقال له حذيفة : والله إنك لعاجز إن ظننت أن إمارتك تحملني أن أحدثك ما لم أحدثك يومئذ فقال عمر : لم أرد هذا رحمك الله.
وأخرج ابن جرير عن عمر قال : لأن أكون أعلم الكلالة أحب إلي من أن يكون لي جزية قصور الشام.
وأخرج ابن جرير عن الحسن بن مسروق عن أبيه قال : سألت عمر وهو يخطب الناس عن ذي قرابة لي ورث كلالة فقال : الكلالة الكلالة الكلالة وأخذ بلحيته ثم قال : والله لأن أعلمها أحب إلي من أن يكون لي ما على الأرض من شيء سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف فأعادها ثلاث مرات

وأخرج ابن جرير عن أبي سلمة قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال : ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف (وإن كان رجل يورث كلالة) (النساء الآية 12) إلى آخر الآية.
وأخرج أحمد بسند جيد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن زوج وأخت لأب وأم فأعطى الزوج النصف والأخت النصف فكلم في ذلك فقال : حضرت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قضى بذلك.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والحاكم عن الأسود قال : قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنة وأخت للإبنة النصف وللأخت النصف.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والحاكم والبيهقي عن هزيل بن شرحبيل أن أبا موسى الأشعري سئل عن ابنة وابنة ابن وأخت لأبوين فقال : للبنت النصف وللأخت النصف وائت ابن مسعود فيتابعني ، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين

اقض فيها بما قضى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للإبنة النصف ولإبنة الإبن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل توفي وترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال : البنت النصف وليس للأخت شيء وما بقي فلعصبته فقيل : إن عمر جعل للأخت النصف ، فقال ابن عباس : أأنتم أعلم أم الله قال الله {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك} فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد.
وأخرج ابن المنذر والحاكم عن ابن عباس قال : شيء لا تجدونه في كتاب الله ولا في قضاء رسول الله وتجدونه في الناس كلهم للإبنة النصف وللأخت النصف وقد قال الله {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك}.
وأخرج الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأول رجل ذكر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يستفتونك} قال : سألوا نبي الله عن

الكلالة {يبين الله لكم أن تضلوا} قال في شأن المواريث.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن البراء قال : آخر سورة نزلت كاملة (براءة) وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج ابن جرير ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي في "سُنَنِه" عن قتادة قال : ذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته : ألا إن الآية التي أنزلت في سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والأخوة من الأم والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الأخوة والأخوات من الأب والأم والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله مما جرت به الرحم من العصبة.
وأخرج الطبراني في الصغير عن أبي سعيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركب حمارا إلى قباء يستخير في العمة والخالة فأنزل الله لا ميراث لهما

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن سيرين قال : كان عمر بن الخطاب إذا قرأ {يبين الله لكم أن تضلوا} قال : اللهم من بينت له الكلالة فلم تتبين لي.
وأخرج أحمد عن عمرو القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد وهو وجع وغلوب فقال : يا رسول الله إن لي مالا وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي أو أتصدق به قال : لا ، قال : أفأوصي بثلثيه قال : لا ، قال : أفأوصي بشطره قال : لا ، قال : أفاوصي بثلثه قال : نعم وذاك كثير.
وأخرج الطبراني عن خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت كتب لمعاوية رسالة : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زيد بن ثابت سلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنك كتبت تسألني عن ميراث الجد والإخوة وإن الكلالة وكثيرا مما قضي به في هذه المواريث لا يعلم مبلغها إلا الله وقد كنا نحضر من ذلك أمورا عند الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعينا منها ما شئنا أن نعي فنحن نفتي بعد من استفتانا في المواريث ، والله أعلم ، | 3

* بسم الله الرحمن الرحيم * مقدمة سورة المائدة.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : المائدة مدنيه.
وأخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن جبير بن نفير قال : حججت فدخلت على عائشة فقالت لي : يا جبير تقرأ المائدة فقلت : نعم ، فقالت : اما انها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن عمرو قال : آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر في الصلاة والطبراني وأبو نعيم في الدلائل والبيهيقي في شعب الايمان عن أسماء بنت يزيد قالت : اني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله

صلى الله عليه وسلم إذ نزلت المائدة كلها فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والبغوي في معجمه ، وَابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة عن أم عمرو بنت عبس عن عمها أنه كان في مسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه سورة المائدة فاندق كتف راحلته العضباء من ثقل السورة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في مسنده عن ابن عباس ان النَّبِيّ صلى الله غليه وسلم قرأ في خطبته سورة المائدة والتوبة.
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال نزلت سورة المائدة على رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته فانصدعت كتفها فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : نزلت سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسير في حجة الوداع وهو راكب راحلته فبركت به راحلته من ثقلها.
وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم المائدة من آخر القرآن تنزيلا فاحلوا حلالها وحرموا حرامها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أبي ميسرة قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة وان فيها لسبع عشرة فريضة.
وأخرج الفريابي وأبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي ميسرة قال : في المائدة ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها وليس فيها منسوخ ، المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وماأكل السبع ألا ما ذكتيم وما ذبح على النصب وان تستقيموا بالازلام والجوارح مكلبين وطعام الذين أوتوا الكتاب والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب وتمام الطهور واذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا والسارق والسارقة وما جعل الله من بحيرة الآية.
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال : لم ينسخ من المائدة شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر عن ابن عون قال : قلت للحسن : نسخ من المائدة شيء فقال : لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وابو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والنحاس عن الشعبي قال : لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية {يا أيها الذين

آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد} المائدة الآية 2.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : نسخ من هذه السورة آيتان آية ، القلائد وقوله {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} المائدة الآية 42.
وأخرج البغوي في معجمه من طريق عبدة بن أبي لبابة قال : بلغني عن سالم
مولي أبي حذيفة قال كانت لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فأتيت المسجد فوجدته قد كبر فتقدمت قريبا منه فقرأ بسورة البقرة وسورة النساء وبسورة المائدة وبسورة الأنعام ثم ركع فسمعته يقول سبحان ربي العظيم ثم قام فسجد فسمعته يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا في كل ركعة.
(5)- سورة المائدة.
مدنية وآياتها عشرون ومائة.
- يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {أوفوا بالعقود} يعني بالعهود ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله لاتغدروا ولا

تنكثوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أوفوا بالعقود} أي بعقد الجاهلية ذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول أوفوا بعقد الجاهلية ولاتحدثوا عقدا في الإسلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أوفوا بالعقود} قال : بالعهود وهي عقود الجاهلية الحلف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن عبيدة قال : العقود خمس : عقدة الايمان وعقدة النكاح وعقدة البيع وعقدة العهد وعقدة الحلف.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال : العقود خمس : عقدة الايمان وعقدة النكاح وعقدة البيع وعقدة العهد وعقدة الحلف.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة ويأخذ صدقاتهم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله ورسوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أمره بتقوى الله في أمره

كله {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}
(النحل الآية 128) وأمره أن يأخذ الحق كما أمره وان يبشر بالخير الناس ويأمرهم به الحديث بطوله.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا للحلفاء عقودهم التي عاقدت ايمانكم ، قالوا : وما عقدهم يا رسول الله قال : العقل عنهم والنصرلهم.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا في قوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} يقول : أوفوا بالعهود يعني العهد الذي كان عهد اليهم في القرآن فيما أمرهم من طاعته أن يعملوا بها ونهيه الذي نهاهم عنه وبالعهد الذي بينهم وبين المشركين وفيما يكون من العهود بين الناس.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : يعني الإبل والبقر والغنم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : أهل القباب الحمر والن * عم [ والنعم ] المؤثل والقبائل

وأخرج عَبد بن حُمَيد ابن جرير ابن المنذر عن الحسن في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : الإبل والبقر والغنم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس ، أنه أخذ بذنب الجنين فقال : هذا من بهيمة الأنعام التي أحلت لكم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : ما في بطونها ، قلت : ان خرج ميتا آكله قال : نعم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : الأنعام كلها {إلا ما يتلى عليكم} قال : إلا الميتة ومالم يذكر اسم الله عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} قال {الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به}
المائدة الآية 3 إلى آخر الآية فهذا ما حرم الله من بهيمة الانعام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله !

{إلا ما يتلى عليكم} قال : إلا الميتة وماذكر معها {غير محلي الصيد وأنتم حرم} قال : غير أن يحل الصيد أحد وهو محرم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن أيوب قال : سئل مجاهد عن القرد أيؤكل لحمه فقال : ليس من بهيمة الانعام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الربيع بن أنس في الآية قال : الانعام كلها حل الاما كان منها وحشيا فانه صيد فلايحل إذا كان محرما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {إن الله يحكم ما يريد} قال : ان الله يحكم ماأراد في خلقه وبين مااراد في عباده وفرض فرائضه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته.
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : كان المشركون يحجون البيت الحرام ويهدون الهدايا ويعظمون حرمة المشاعر وينحرون

في حجهم فاراد المسلمون أن يغيروا عليهم فقال الله {لا تحلوا شعائر الله} وفي قوله {ولا الشهر الحرام} يعني لاتستحلوا قتالا فيه {ولا آمين البيت الحرام} يعني من توجه قبل البيت فكان
المؤمنون والمشركون يحجون البيت جميعا فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدا يحج البيت أو يتعرضوا له من مؤمن أو كافر ثم أنزل الله بعد هذا {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} التوبة الآية 28 وفي قوله {يبتغون فضلا} يعني انهم يترضون الله بحجهم {ولا يجرمنكم} يقول : لايحملنكم {شنآن قوم} يقول : عداوة قوم {وتعاونوا على البر والتقوى} قال : البر ، ماأمرت به {والتقوى} مانهيت عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : شعائر الله ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت محرم والهدى مالم يقلدوا القلائد مقلدات الهدي {ولا آمين البيت الحرام} يقول : من توجه حاجا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : مناسك الحج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : معالم الله في الحج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذرعن عطاء انه سئل عن شعائر الحج فقال :

حرمات الله اجتناب سخط الله واتباع طاعته فذلك شعائر الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس في ناسخه عن قتادة في قوله {أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام} قال : منسوخ كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من السمر فلم يعرض له أحد واذا تقلد بقلادة شعر لم يعرض له أحد وكان المشرك يومئذ لايصد عن البيت فأمر الله أن لايقاتل المشركون في الشهر الحرام ولاعند البيت ثم نسخها قوله {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} التوبة الآية 5.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : نسخ منها {آمين البيت الحرام} نسختها الآية التي في براءة {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقال {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر}
التوبة الآية 17 وقال {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} التوبة الآية 28 وهو العام الذي حج فيه أبو بكر بالاذان.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {لا تحلوا شعائر الله} الآية

قال : نسختها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} التوبة الآية 5.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم يأمنون بذلك إذا خرجوا من الحرم فنزلت {لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : القلائد ، اللحاء في رقاب الناس والبهائم أمانا لهم والصفا والمروة والهدي والبدن كل هذا من شعائر الله قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم هذا كله عمل أهل الجاهلية فعله واقامته فحرم الله ذلك كله بالاسلام إلا اللحاء القلائد ترك ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء في الآية قال : اما القلائد ، فان أهل الجاهلية كانوا ينزعون من لحاء السمر فيتخذون منها قلائد يأمنون بها في الناس فنهى الله عن ذلك ان ينزع من شجر الحرم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ولا الشهر الحرام} قال : هو ذو القعدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية

وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركون من أهل المشرق يريدون العمرة فقال أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا فانزل الله {ولا يجرمنكم} الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أقبل الحطم بن هند البكري حتى أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال : إلام تدعو فأخبره وقد كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان فلما أخبره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : انظروا لعلي أسلم ولي من أشاوره فخرج من عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر فمر بسرح من سرح المدينة فساقه ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد وأهدى فاراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبعث إليه فنزلت هذه الآية حتى بلغ {ولا آمين البيت الحرام} فقال الناس من أصحابه : يا رسول الله خل بيننا وبينه فانه صاحبنا ، قال : انه قد قلد قالوا : انما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية فأبى عليهم فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له تحمل طعاما فباعه ثم دخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فبايعه وأسلم فلما ولى خارجا نظر اليه فقال لمن عنده لقد دخل علي بوجه فاجر وولى بقفا غادر فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام وخرج في عير له تحمل الطعام

في ذي القعدة يريد مكة فلما سمع به أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تهيأ للخروج اليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عيره فانزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله} الآية ، فانتهى القوم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ولا آمين البيت الحرام} قال : هذا يوم الفتح جاء الناس يؤمون البيت من المشركين يهلون بعمرة فقال المسلمون : يا رسول الله انما هؤلاء مشركون فمثل هؤلاء فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم فنزل القرآن {ولا آمين البيت الحرام}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} قال : يبتغون الاجر والتجارة حرم الله على كل أحد اخافتهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} قال : هي للمشركين يلتمسون فضل الله ورضوانا نماء يصلح لهم دنياهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : خمس آيات في كتاب الله رخصة وليست بعزمة {وإذا حللتم فاصطادوا} ان شاء

اصطاد وان شاء لم يصطد {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا} الجمعة الآية 10 ، {أو على سفر فعدة من أيام أخر} البقرة الآية 184 {فكلوا منها وأطعموا} الحج الآية 28.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : خمس آيات من كتاب الله رخصة وليست بعزيمة {فكلوا منها وأطعموا} الحج الآية 28 فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل {وإذا حللتم فاصطادوا} فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل {ومن كان مريضا أو على سفر} البقرة الآية 184 فمن شاء صام ومن شاء افطر {فكاتبوهم إن علمتم} النور الآية 33 ان شاء كاتب وإن شاء لم يفعل {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا} الجمعة الآية 10 إن شاء انتشر وإن شاء لم ينتشر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم} قال : لا يحملنكم بغض قوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله {ولا آمين البيت الحرام} قال : الذين يريدون الحج {يبتغون فضلا من ربهم} قال : التجارة في الحج {ورضوانا} قال : الحج {ولا يجرمنكم شنآن قوم} قال : عداوة قوم {وتعاونوا على البر والتقوى} قال : البر ، ماأمرت به والتقوى ، مانهيت عنه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في هذه الآية والبخاري في تاريخه عن وابصه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أريد أن أدع شيئا من البر والاثم إلا

سألته عنه فقال لي ياوابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه أم تسأل قلت : يا رسول الله أخبرني قال : جئت لتسأل عن البر والاثم ثم جمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري ويقول : يا وابصة استفت قلبك استفت نفسك البر : مااطمأن اليه القلب واطمأنت اليه النفس والاثم : ماحاك في القلب وتردد في الصدر وان أفتاك الناس وأفتوك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب عن النواس بن سمعان قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال ماحاك في نفسك فدعه قال : فما الايمان قال : من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن مسعود قال : الاثم حواز القلوب.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : الاثم حواز القلوب فاذا حز في قلب أحدكم شيء فليدعه.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاثم حواز القلوب وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن رجل ينعش لسانه حقا يعمل به إلا أجرى عليه أجره إلى يوم القيامة ثم بوأه الله ثوابه يوم القيامة.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ان داود عليه السلام قال فيما يخاطب ربه عز وجل : يا رب أي عبادك أحب اليك أحبه

بحبك قال : يا داود أحب عبادي الي نقي القلب نقي الكفين لا يأتي إلى أحد سوءا ولا يمشي بالنميمة تزول الجبال ولا يزول أحبني وأحب من يحبني وحببني إلى عبادي قال : يا رب إنك لتعلم إني أحبك وأحب من يجبك فكيف أحببك إلى عبادك قال : ذكرهم بآلائي وبلائي ونعمائي يا داود إنه ليس من عبد يعين مظلوما أو يمشي معه في مظلمته إلا أثبت قدميه يوم تزل الاقدام.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة.
وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقى الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله.
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أعان ظالما بباطل ليدحض به حقا فقد برى ء من ذمة الله ورسوله.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

أعان على خصومة بغير حق كان في سخط الله حتى ينزع.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن أوس ابن شرحبيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى مع ظالم ليعينه وهويعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من
حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم ولكنها الحسنات والسيئات ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ماليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال.
وأخرج البيهقي من طريق فسيلة ، أنها سمعت أباها وهو واثلة بن الاسقع يقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن المعصية أن يحب الرجل قومه قال لا ولكن من المعصية أن يعين الرجل قومه على الظلم

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد فهو شاهد زور ومن اعان على خصومة بغير علم كان في سخط الله حتى ينزع وقتال المسلم كفر وسبابه فسوق.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعان قوما على ظلم فهو كالبعير المتردي فهو ينزع بذنبه ، ولفظ الحاكم : مثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل البعير يتردى فهو يمد بذنبه.
- قوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردوية والحاكم وصححه عن ابي أمامة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله ورسوله وأعرض عليهم شعائر الإسلام فأتيتهم فبينما نحن كذلك إذ جاؤوا بقصعة دم واجتمعوا عليها يأكلونها
قالوا : هلم يا صدي فكل ، قلت : ويحكم ، إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم وأنزل الله عليه ، قالوا : وماذاك قال : فتلوت عليهم هذه الآية {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} الآية

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة قال : إذا أكل لحم الخنزير عرضت عليه التوبة فان تاب والا قتل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {وما أهل لغير الله به} قال : ماأهل للطواغيت به {والمنخنقة} قال : التي تخنق فتموت {والموقوذة} التي تضرب بالخشبة فتموت {والمتردية} قال : التي تتردى من الجبل فتموت {والنطيحة} قال : الشاة التي تنطح الشاة {وما أكل السبع} يقول : ماأخذ السبع {إلا ما ذكيتم} يقول : ماذبحتم من ذلك وبه روح فكلوه {وما ذبح على النصب} قال : النصب ، انصاب كانوا يذبحون ويهلون عليها {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : هي القداح كانوا يستقسون بها في الامور {ذلكم فسق} يعني من أكل من ذلك كله فهو فسق.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {والمنخنقة} قال : كانت العرب تخنق الشاة فاذا ماتت اكلوا لحمها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت امرى ء القيس وهو يقول : يغط غطيط البكر شد خناقه * ليقتلني والمرء ليس بقتال

قال : أخبرني عن قوله {والموقوذة} قال : التي تضرب بالخشب حتى تموت ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر يقول : يلوينني دين النهار واقتضي * ديني اذا وقذ النعاس الرقدا قال : أخبرني عن قوله {والأنصاب} قال : الانصاب ، الحجارة التي كانت العرب تعبدها من دون الله وتذبح لها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول : فلا لعمر الذي مسحت كعبته * وما هريق على الانصاب من جسد قال : أخبرني عن قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : الأزلام ، القداح كانوا يستقسمون الامور بها مكتوب على أحدهما أمرني ربي وعلى الآخر نهاني ربي
فإذا أرادوا أمرا أتوا بيت أصنامهم ثم غطوا على القداح بثوب فايهما خرج عملوا به ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الحطيئة وهو يقول : لايزجر الطير ان مرت به سنحا * ولايفاض على قدح بأزلام واخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : قلت يا رسول الله اني أرمي بالمعراض الصيد فاصيب فقال : اذا رميت بالمعراض فخزق

فكله وان أصابه بعرضه فانما هو وقيذ فلاتأكله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الرادة التي تتردى في البئر والمتردية التي تتردى من الجبل.
وأخرج عن أبي ميسرة أنه كان يقرأ (والمنطوحة).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قرأ (وأكيل السبع).
وأخرج ابن جرير ، عَن عَلِي ، قال : اذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة وهي تحرك يدا أو رجلا فكلها.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لاتأكل الشريطة فانها ذبيحة الشيطان قال ابن المبارك : هي ان تخرج الروح منه بشرط من غير قطع حلقوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما ذبح على النصب} قال : كانت حجارة حول الكعبة يذبح عليها أهل

الجاهلية ويبدلونها بحجارة : اذا شاؤوا أعجب اليهم منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : سهام العرب وكعاب فارس التي يتقامرون بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال {والأزلام} القداح يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : القداح كانوا اذا أرادوا أن يخرجوا في سفر جعلوا قداحا للخروج وللجلوس فان وقع الخروج خرجوا وان وقع الجلوس جلسوا.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : حصى بيض كانوا يضربون بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن في الآية قال : كانوا اذا أرادوا أمرا أو سفرا يعمدون إلى قداح ثلاثة على واحد منها مكتوب أمرني وعلى الآخر انهني ويتركون الآخر محللا بينهما عليه

شيء ثم يجيلونها فإن خرج الذي عليه مرني مضوا لامرهم وان خرج الذي عليه انهني كفوا وان خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يلج الدرجات العلى من تكهن أو استقسم أو رجع من سفر تطيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} قال : يئسوا أن ترجعوا إلى دينهم أبدا.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} يقول : يئس أهل مكة ان ترجعوا إلى دينهم عبادة الاوثان أبدا {فلا تخشوهم} في اتباع محمد {واخشوني} في عبادة الاوثان وتكذيب محمد فلما كان واقفا بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله {اليوم أكملت لكم دينكم} يقول : حلالكم وحرامكم فلم ينزل بعد هذا حلال ولاحرام {وأتممت عليكم نعمتي} قال : منتي فلم يحج معكم مشرك {ورضيت} يقول : واخترت {لكم

الإسلام دينا} مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية احدى وثمانين يوما ثم قبضه الله اليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم} قال : هذا حين فعلت.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {فلا تخشوهم واخشون} قال : فلا تخشوهم ان يظهروا عليكم.
وأخرج مسلم ، عَن جَابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ان الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة وأبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد أيس ان يعبد بارضكم هذه ولكنه راض منكم بما تحقرون.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد يئس ان تعبد الاصنام بأرض العرب ولكن سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات وهي
الموبقات يوم القيامة فاتقوا المظالم مااستطعتم

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الايمان فلا تحتاجون إلى زيادة أبدا وقد أتمه فلا ينقص أبدا وقد رضيه فلايسخطه.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : أخلص الله لهم دينهم ونفى المشركين عن البيت قال : وبلغنا أنها انزلت يوم عرفة ووافقت يوم جمعة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة يوم جمعة حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام واخلص للمسلمين حجهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا فلما نزلت براءة فنفي المشركون عن البيت الحرام وحج المسلمون لايشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة وهو قوله {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : تمام الحج ونفي المشركين عن البيت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات وقد أطاف به الناس وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم واضمحل الشرك ولم يطف بالبيت عريان ولم يحج معه في ذلك العام مشرك فانزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي قال : نزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية وهو بعرفة {اليوم أكملت لكم دينكم} وكان اذا أعجبته آيات جعلهن صدر السورة قال : وكان جبريل يعلم كيف ينسك.
وأخرج الحميدي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن طارق بن شهاب قال قالت اليهود لعمر : انكم تقرأون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : وأي آية قالوا {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}
قال عمر : والله اني

لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه والساعة التي نزلت فيها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي العالية قال : كانوا عند عمر فذكروا هذه الآية فقال رجل من أهل الكتاب : لو علمنا أي يوم نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا ، فقال عمر : الحمد لله الذي جعله لنا عيدا واليوم الثاني نزلت يوم عرفة واليوم الثاني يوم النحر فاكمل لنا الامر فعلمنا ان الامر بعد ذلك في انتقاص.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عنترة قال : لما نزلت {اليوم أكملت لكم دينكم} وذلك يوم الحج الاكبر بكى عمر فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مايبكيك قال : أبكاني انا كنا في زيادة من ديننا فاما اذ كمل فانه يكمل شيء قط إلا نقص ، فقال : صدقت

وأخرج ابن جرير عن قبيصة بن أبي ذؤيب قال : قال كعب : لو ان غير هذه الامة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه فقال عمر : وأي آية ياكعب فقال {اليوم أكملت لكم دينكم} فقال عمر : لقد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي نزلت فيه نزلت في يوم جمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس انه قرأ هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} فقال يهودي : لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيدا ، فقال ابن عباس : فانها نزلت في يوم عيدين اثنين : في يوم جمعة يوم عرفة.
وأخرج ابن جرير عن عيسى بن حارثة الأنصاري قال : كنا جلوسا في الديوان فقال لنا نصراني : ياأهل الإسلام لقد أنزلت عليكم آية لو أنزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيدا مابقى منا اثنان {اليوم أكملت لكم دينكم} فلم يجبه أحد منا فلقيت محمد بن كعب القرظي فسألته عن ذلك

فقال : ألارددتم عليه فقال : قال عمر بن الخطاب : أنزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الجبل يوم عرفة فلايزال ذلك اليوم عيد للمسلمين مابقي منهم أحد.
وأخرج ابن جرير عن داود قال : قلت لعامر الشعبي ان اليهود تقول كيف لم
تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه فقال عامر : أو ما حفظته ، قلت له : فأي يوم هو قال : يوم عرفة أنزل الله في يوم عرفة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم عشية عرفة {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج ابن جرير والطبراني عن عمرو بن قيس السكوني ، انه سمع معاوية ابن أبي سفيان على المنبر ينزع بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} حتى ختمها ، فقال : نزلت في يوم عرفة في يوم جمعة.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه عن سمرة قال : نزلت هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة واقف يوم الجمعة

وأخرج البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس قال : ولد نبيكم يوم الاثنين ونبأ يوم الإثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وفتح مكة يوم الاثنين وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين {اليوم أكملت لكم دينكم} وتوفي يوم الاثنين.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا يوم غدير خم فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم}

وأخرج ابن مردويه والخطيب ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : لما كان يوم غدير خم وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فانزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : هذا نزل يوم عرفة فلم ينزل بعدها حرام ولاحلال ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات فقالت أسماء بنت عميس : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة فبينما نحن نسير اذ تجلى له جبريل على الراحلة فلم تطق الراحلة من ثقل ماعليها من القرآن فبركت فأتيته فسجيت عليه بردا كان علي.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال مكث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد مانزلت هذه الآية احدى وثمانين ليلة قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} ، أما قوله تعالى : {ورضيت لكم الإسلام دينا}.
أخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا انه يمثل لاهل كل دين دينهم يوم القيامة فاما الايمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم إلى الخير حتى يجيء الإسلام فيقول : رب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول : اياك اليوم أقبل

وبك اليوم أجزي.
وأخرج أحمد عن علقمة بن عبد الله المزني قال : حدثني رجل قال : كنت في مجلس عمر بن الخطاب فقال عمر لرجل من القوم : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإسلام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الإسلام بدأ جذعا ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سدسيا ثم بازلا ، قال عمر : فما بعد البزول إلا النقصان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن اضطر} يعني إلى ماحرم مما سمي في صدر هذه السورة {في مخمصة} يعني مجاعة {غير متجانف لإثم} يقول : غير معتد لإثم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {في مخمصة} قال : في مجاعة وحهد ، قال : وهل تعرف

العرب ذلك قال : نعم اما سمعت الاعشى وهو يقول : تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غرتي يبتن خمائصا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم} قال : في مجاعة غير متعرض لاثم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : رخص للمضطر اذا كان غير متعمد لاثم ان يأكله من جهد فمن بغى أو عدا أو خرج في معصية الله فانه محرم عليه ان يأكله.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي واقد الليثي انهم قالوا يارسول الله انا بأرض تصيبنا بها المخمصة فمتى تحل لنا الميتة قال : اذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها

وأخرج ابن سعد وأبو داود عن الفجيع العامري ، انه قال يارسول الله مايحل لنا من الميتة فقال : ماطعامكم قلنا : نغتبق ونصطبح ، قال عقبة : قدح غدوة وقدح عشية ، قال : ذاك ، وأبى الجوع وأحل لهم الميتة على هذه الحال.
وَأخرَج الحاكم وصححه عن سمرة بن جندب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اذا رويت أهلك من اللبن غبوقا فاجتنب مانهى الله عنه من ميتة.
- قوله تعالى : يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب.
أَخْرَج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابي رافع قال : جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فاخذ رداءه فخرج فقال : قد أذنا لك قال : أجل ولكنا لاندخل بيتا فيه كلب ولاصورة فنظروا فاذا في بعض بيوتهم جرو ، قال أبو رافع : فامرني أن أقتل كل كلب بالمدينة ففعلت وجاءالناس فقالوا : يارسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فانزل الله {يسألونك ماذا أحل

لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا أرسل الرجل كلبه وذكر اسم الله فامسك عليه فليأكل مالم يأكل.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب فقتل حتى بلغ العوالي فدخل عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة فقالوا : ماذا أحل لنا يارسول الله فنزلت {يسألونك ماذا أحل لهم} الآية.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال لما أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب قالوا : يارسول الله ماذا أحل لنا من هذه الأمة فنزلت {يسألونك ماذا أحل لهم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ان عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل
الطائيين سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا : يارسول الله

إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة وإن كلاب آل ذريح تصيد البقر والحمير والظباء قد حرم الله الميتة ، فماذا يحل لنا فنزلت {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عامر ، ان عدي بن حاتم الطائي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن صيد الكلاب فلم يدر مايقول له حتى أنزل الله عليه هذه الآية في المائدة {تعلمونهن مما علمكم الله}.
وأخرج ابن جرير عن رعوة بن الزبير عمن حدثه ان رجلا من الاعراب أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستفتيه في الذي حرم الله عليه والذي أحل له فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يحل لك الطيبات ويحرم عليك الخبائث إلا ان تفتقرالى طعام لك فتأكل منه حتى تستغني عنه ، فقال الرجل : ومافقري الذي يحل لي وما غناي الذي يغنيني عن ذلك قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ من لحوم ماشيتك إلى نتاجك أو كنت ترجو غنى تطلبه فتبلغ من ذلك شيئا فاطعم أهلك مابدا لك حتى تستغني عنه ، فقال الاعرابي : ماغناي الذي أدعه اذا وجدته فقال

النبي صلى الله عليه وسلم : اذا أرويت أهلك غبوقا من الليل فاجتنب ماحرم الله عليك من طعام واما مالك فانه ميسور كله ليس فيه حرام.
وأخرج الطبراني عن صفوان بن أمية ان عرفطة بن نهيك التميمي قال : يارسول الله اني وأهل بيتي يرزقون من هذا الصيد ولنا فيه قسم وبركة وهو مشغلة عن ذكر الله وعن الصلاة في جماعة وبنا اليه حاجة أفتحله أم أحرمه قال : أحله لان الله قد أحله نعم العمل والله أولى بالعذر قد كانت قبلي لله رسل كلهم يصطادون ويطلبون الصيد ويكفيك من الصلاة في جماعة اذا غبت غبت عنها في طلب الرزق حبك الجماعة وأهلها وحبك ذكر الله وأهله وابتغ على نفسك وعيالك حلالا فان في ذلك جهاد في سبيل الله وأعلم ان عون الله في صالح التجار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {وما علمتم من الجوارح مكلبين} قال : هي الكلاب المعلمة والبازي يعلم الصيد والجوارح يعني : الكلاب والفهود والصقور وأشباهها والمكلبين الضوراي {فكلوا مما أمسكن عليكم} يقول : كلوا

مما قتلن فان قتل وأكل فلا تأكل {واذكروا اسم الله عليه} يقول : اذا أرسلت جوارحك فقل بسم الله وان نسيت فلا حرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {من الجوارح مكلبين} قال : الطير والكلاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {من الجوارح مكلبين} قال : يكالبن الصيد {فكلوا مما أمسكن عليكم} قال : إذا أرسلت كلبك أو طائرك أو سهمك فذكرت اسم الله فأمسك أو قتل فكل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : في المسلم يأخذ كلب المجوسي المعلم أو بازه أو صقره مما علمه المجوسي فيرسله فيأخذه ، قال : لايأكله وان سميت لانه من تعليم المجوسي وانما قال {تعلمونهن مما علمكم الله}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وما علمتم من الجوارح} قال : كل ما {تعلمونهن مما علمكم الله} قال : تعلمونهن من الطلب كما علمكم الله

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : انما المعلم من الكلاب ان يمسك صيده فلايأكل كل منه حتى ياتيه صاحبه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : اذا أكل الكلب فلاتأكل فانما أمسك على نفسه ، واخرج ابن جرير عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي ، قال : ماأمسك عليك فكل.
وأخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال قلت : يارسول الله اني أرسل الكلاب المعلمة واذكر اسم الله فقال : اذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ماأمسكن عليك ، قلت : وان قتلن قال : وان قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها فانك انما سميت على كلبك ولم تسم على غيره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم قال : قلت يارسول الله انا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فما يحل لنا منها قال : يحل لكم {وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} ثم قال : ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله فكل ما

أمسك عليك ، قلت : وان قتل قال : وان قتل مالم يأكل هو الذي أمسك ، قلت : انا قوم نرمي فما يحل لنا قال : ماذكرت اسم الله وخزقت فكل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علي بن الحكم ان نافع بن الازرق سأل ابن عباس
فقال : أرأيت اذا أرسلت كلبي وسميت فقتل الصيد آكله قال : نعم ، قال نافع : يقول الله {إلا ما ذكيتم} تقول أنت : وان قتل قال : ويحك ياابن الأزرق ، أرأيت لو أمسك على سنور فادركت ذكاته أكان يكون على يأس والله اني لأعلم في أي كلاب نزلت : في كلاب نبهان من طي ويحك ياابن الازرق ، ليكونن لك نبأ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماأمسك عليك الذي ليس بمكلب فادركت ذكاته فكل وان لم تدرك ذكاته فلا تأكل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : اذا أكل الكلب فلا

تأكل واذا أكل الصقر فكل لأن الكلب تستطيع ان تضربه والصقر لاتستطيع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عروة أنه سئل عن الغراب امن الطيبات هو قال : من أين يكون من الطيبات وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسقا.
- قوله تعالى : اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سنه عن ابن عباس في قوله {وطعام الذين أوتوا الكتاب} قال : ذبائحهم ، وفي قوله {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : حل لكم {إذا آتيتموهن أجورهن} يعني مهورهن {محصنين} يعني تنكحوهن بالمهر والبينة {غير مسافحين} غير معلنين بالزنا {ولا متخذات أخدان} يعني يسررن بالزنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} قال : ذبيحتهم.
وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي في قوله !

{وطعام الذين أوتوا الكتاب} قال : ذبائحهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : أحل الله لنا محصنتين : محصنة مؤمنة ومحصنة من أهل الكتاب نساؤنا عليهم حرام ونساؤهم لنا حلال.
وأخرج ابن جرير ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نتزوج نساء اهل الكتاب ولايتزوجون نساءنا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عمر بن الخطاب قال : المسلم يتزوج النصرانية ولايتزوج النصراني المسلمة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : أحل لنا طعامهم ونساؤهم.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : انما أحلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والانجيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله !

{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : من الحرائر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : من العفائف.
وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي في قوله {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : التي أحصنت فرجها واغتسلت من الجنابة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن عبد الله ، انه سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال : تزوجناهن زمن الفتح ونحن لانكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن ، قال : ونساؤهن لنا حل ونساؤنا عليهم حرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميمون بن مهران قال : سألت ابن عمر عن نساء اهل الكتاب فتلا علي هذه الآية {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} ، {ولا تنكحوا المشركات} البقرة الآية 221.
وأخرج ابن جرير عن الحسن ، انه سئل : أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب قال : ماله ولأهل الكتاب وقد أكثر الله المسلمات فان كان لابد فاعلا فليعهد اليها حصانا غير مسافحة ، قال الرجل : وما المسافحة قال :

هي التي اذا المح اليها الرجل بعينه تبعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ولا متخذي أخدان} قال : ذو الخدن والخلية الواحدة ، قال : ذكر لنا ان رجالا قالوا : كيف نتزوج نساءهم وهم على دين ونحن على دين فانزل الله {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} قال : لاوالله لايقبل الله عملا إلا بالايمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} قال : أخبرالله ان الايمان هو العروة الوثقى وانه لايقبل عملا إلا به ولايحرم الجنة إلا على من تركه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء الاماكان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام

قال الله تعالى {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله}.
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه مايريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني بسند ضعيف عن علقمة بن صفوان قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراق البول نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي أهله فيتوضأ كوضوئه للصلاة فقلنا : يارسول الله نكلمك فلا تكلمنا ونسلم عليك فلا ترد علينا حتى نزلت آية الرخصة {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن بريدة قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه وصلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر : يارسول الله انك فعلت شيئا لم تكن تفعله قال : اني عمدا فعلت ياعمر.
وأخرج أبو داود والترمذي ، وَابن عباس ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الخلاء فقدم اليه طعام فقالوا : ألا نأتيك بوضوء فقال : إنما أمرت

بالوضوء اذا قمت إلى الصلاة.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أوغير طاهر فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث.
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن علي أنه كان يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن رفاعة بن رافع ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته : انها لاتتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما امره الله يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين.
وأخرج مالك والشافعي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن زيد بن أسلم والنحاس ان معنى هذه الآية {إذا قمتم إلى

الصلاة} الآية ، ان ذلك اذا قمتم من المضاجع يعني النوم.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} يقول : قمتم وأنتم على غير طهر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم} قال : ذلك الغسل الدلك.
وأخرج الدار قطني والبيهقي في سننهما ، عَن جَابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طلحة عن أبيه عن جده قال رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح رأسه هكذا وأمر حفص بيديه على رأسه حتى مسح قفاه

وأخرج ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
وابن أبي حاتم والنحاس عن ابن عباس انه قرأها (وأرجلكم) بالنصب يقول رجعت إلى الغسل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي أنه قرأ (وأرجلكم) قال : عاد إلى الغسل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والنحاس عن ابن مسعود ، انه قرأ (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بالنصب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة ، انه كان يقرأ (وأرجلكم) يقول : رجع الأمر إلى الغسل.
وأخرج عبد الرزاق والطبراني عن قتادة ان ابن مسعود قال : رجع قوله إلى غسل القدمين في قوله {وأرجلكم إلى الكعبين}

وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن قال : قرأ الحسن والحسين {وأرجلكم إلى الكعبين} فسمع علي ذلك وكان يقضي بين الناس فقال : أرجلكم هذا من المقدم والمؤخر في الكلام.
وأخرج سعيد بن منصور عن أنس أنه قرأ (وأرجلكم).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قال : هو المسح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن ابن عباس قال : أبى الناس إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : الوضوء غسلتان ومسحتان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة ، مثله

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : افترض الله غسلتين ومسحتين ألاترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن أنس ، انه قيل له : ان الحجاج خطبنا فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وانه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى الخبث من قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما
وعراقيبهما ، فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج ، قال الله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} وكان أنس اذا مسح قدميه بلهما.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : نزل جبريل بالمسح على القدمين ألا ترى أن التيمم ان يمسح ماكان غسلا ويلقى ماكان مسحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش والنحاس عن الشعبي قال : نزل القرآن بالمسح

وجرت السنة بالغسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش قال : كانوا يقرؤونها {برؤوسكم وأرجلكم} بالخفض وكانوا يغسلون.
وأخرج سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين بغسل القدمين.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : لم أر أحدا يمسح القدمين.
وأخرج ابن جرير عن أنس قال : نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يمسح على الخفين قبل نزول المائدة وبعدها حتى قبضه الله عزوجل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنه قال : ذكر المسح على القدمين عند عمر وسعد وعبد الله بن عمر فقال : عمر : سعد أفقه منك ، فقال عمر ياسعد انا لاننكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم

مسح ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة فانها أحكمت كل شيء وكانت آخر سورة نزلت من القرآن إلا براءة قال : فلم يتكلم أحد.
وأخرج أبو الحسن بن صخر في الهاشميات بسند ضعيف عن ابن عباس قال نزل بها جبريل على ابن عمي صلى الله عليه وسلم {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قال له : اجعلها بينهما.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي واللفظ له عن جرير أنه بال ثم توضأ ومسح على
الخفين قال : مايمنعني ان امسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح قالوا : إنما كان ذلك قبل نزول المائدة ، قال : ماأسلمت إلابعد نزول المائدة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن جرير بن عبد الله قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة فرأيته يمسح على الخفين.
وأخرج ابن عدي عن بلال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : امسحوا على الخفين

وأخرج ابن جرير عن القاسم بن الفضل الحداني قال : قال أبو جعفر : من الكعبين فقال القوم : ههنا فقال : هذا رأس الساق ولكن الكعبين هما عند المفصل.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وإن كنتم جنبا فاطهروا} يقول : فاغتسلوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل جيد الثياب طيب الريح حسن الوجه فقال : السلام عليك يارسول الله ، فقال : وعليك السلام ، قال أدنو منك قال : نعم ، فدنا حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يارسول الله ماالاسلام قال : تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج إلى بيت الله الحرام وتغتسل من الجنابة قال : صدقت ، فقلنا : مارأينا كاليوم قط رجلا - والله - لكأنه يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب الذماري قال : مكتوب في الزبور من اغتسل من الجنابة فانه عبدي حقا ومن لم يغتسل من الجنابة فانه عدوي حقا

أما قوله تعالى : {وإن كنتم مرضى} الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء قال : احتلم رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجذوم فغسلوه فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلوه قتلهم الله ضيعوه ضيعهم الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس ، انه كان يطوف بالبيت بعدما ذهب بصره وسمع قوما يذكرون المجامعة والملامسة والرفث ولايدرون معناه واحد أم شتى فقال : الله أنزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب فما كان منه
لايستحي الناس من ذكره فقد عناه وما كان منه يستحي الناس فقد كناه والعرب يعرفون معناه لأن المجامعة والملامسة والرفث ووضع أصبعيه في أذنيه ثم قال : ألا هو النيك.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ، ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {أو لامستم النساء} قال : أو جامعتم النساء وهذيل تقول اللمس باليد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : يلمس الاحلاس في منزله * بيديه كاليهودي المصل وقال الأعشى :

ودارعة صفراء بالطيب عندنا * للمس الندى ما في يد الدرع منتق.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} قال : ان اعياك الماء فلايعييك الصعيد ان تضع فيه كفيك ثم تنفضهما فتمسح بهما يديك ووجهك لاتعدو ذلك لغسل جنابة ولا لوضوء صلاة ومن تيمم بالصعيد فصلى ثم قدر على الماء فعليه الغسل وقد مضت صلاته التي كان صلاها ومن كان معه ماء قليل وخشي على نفسه الظمأ فليتيمم الصعيد ويتبلغ بمائه فانه كان يؤمر بذلك والله أعذر بالعذر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فاناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنى رأسه في حجري راقدا وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال : حبست الناس في قلادة فبي الموت لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوجعني ثم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية ، فقال أسيد بن الحضير : لقد بارك الله فيكم ياآل أبي بكر

وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس باولات الجيش ومعه عائشة فانقطع عقد لها من جزع ظفار فجلس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء فانزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة الطهر بالصعيد الطيب فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إلى المناكب من بطون أيديهم إلى الابط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {من حرج} قال : من ضيق

وأخرج مالك ومسلم ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن دارة عن حمران مولى عثمان عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ماتوضأ عبد فأسبغ وضوءه ثم قام إلى الصلاة إلا غفر له مابينه وبين الصلاة الأخرى ، قال محمد بن كعب القرظي : وكنت اذا سمعت الحديث عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن فالتمست هذا فوجدته {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك} البقرة الآية 221 فعرفت ان الله لم يتم عليه النعمة حتى غفر له ذنوبه ثم قرأت الآية التي في سورة المائدة {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا

وجوهكم} حتى بلغ {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} فعرفت ان الله لم يتم النعمة عليهم حتى غفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة من أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه فان جاس جلس مغفورا له.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تمضمض أحدكم حط ماأصاب بفيه وإذا غسل وجهه حط ماأصاب بوجهه وإذا غسل يديه حط ماأصاب بيديه واذا مسح راسه تناثرت خطاياه من أصول الشعر واذا غسل قدميه حط ماأصاب برجليه.
وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة فغسل كفيه نزلت كل خطيئة من كفيه فاذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته

من لسانه وشفتيه مع اول قطرة فاذ غسل
وجهه نزلت كل خطيئة من سمعه وبصره مع أول قطرة واذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه فاذا قام إلى الصلاة رفع الله درجته وان قعد قعد سالما.
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من توضأ فأسبغ الوضوء غسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى الصلاة المفروضة غفر له ذلك اليوم مامشت رجله وقبضت عليه يداه وسمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يتوضأ فيغسل يديه ويمضمض فاه ويتوضأ كما أمر الاحط عنه ماأصاب يومئذ مانطق به فمه وما مس بيديه وما مشى اليه حتى ان الخطايا لتتحادر من أطرافه ثم هو اذا مشى إلى

المسجد فرجل تكتب حسنة وأخرى تمحو سيئة.
وأخرج الطبراني عن ثعلبة بن عباد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن عبد يتوضأ فيحسن الوضوء فيغسل وجهه حتى يسيل الماء على ذقنه ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ثم يغسل رجليه حتى يسيل الماء من كعبيه ثم يقوم فيصلي الاغفر الله ماسلف من ذنبه.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يتوضأ للصلاة فيمضمض إلاخرج مع قطر الماء كل سيئة تكلم بها لسانه ولايستنشق الاخرج مع قطر الماء كل سيئة نظر اليها بهما ولايغسل شيئا من يديه إلا خرج مع قطر الماء كل سيئة مشى بهما إليها فاذا خرج إلى المسجد كتب له بكل خطوة خطاها حسنة ومحا بها عنه

سيئة حتى يأتي مقامه.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة عن عمرو بن عبسة قال : قلت يارسول الله اخبرني عن الوضوء فقال : مامنكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويمج ثم يستنشق وينثر إلا جرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء ثم يغسل وجهه كما أمره الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا جرت خطايا يديه بين أطراف أنامله ثم يمسح رأسه كما أمره الله الاجرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما امره الله إلا جرت
خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل ثم يركع ركعتين إلا انصرف من ذنوبه كهيئته يوم ولدته امه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {ويتم نعمته عليك} قال : تمام النعمة ، دخول الجنة لم تتم نعمته على عبد لم يدخل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في

الأدب والترمذي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب عن معاذ بن جبل قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يقول : اللهم إني أسألك الصبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت البلاء فاسأله المعافاة ، ومر على رجل وهو يقول : اللهم إني أسألك تمام النعمة ، قال : ياابن آدم هل تدري ماتمام النعمة قال : يارسول الله دعوة دعوت بها رجاء الخير قال : تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار ، ومر على رجل وهو يقول : ياذا الجلال والاكرام ، فقال : قد استجيب لك فسل.
وأخرج ابن عدي عن أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتتم على عبد نعمة إلا بالجنة.
- قوله تعالى : واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور.
أَخْرَج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا} حتى ختم بعث الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب قالوا : آمنا بالنبي والكتاب واقررنا بما في التوراة فأذكرهم الله ميثاقه الذي أقروا به على أنفسهم وأمرهم بالوفاء به

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {واذكروا نعمة الله عليكم} قال : النعم ، آلاء الله وميثاقه الذي واثقكم به ، قال : الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم عليه السلام.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم.
أَخْرَج ابن جرير من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط} الآية نزلت في يهود خيبر ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعينهم في دية فهموا ليقتلوه فذلك قوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا} الآية ، والله أعلم.
- قوله يعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
أَخْرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر بن عبد الله ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فتفرق الناس في العضاه

يستظلون تحتها فعلق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة فجاء أعرابي إلى سيفه فأخذه فسله ثم أقبل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك مني قال : الله ، قال الاعرابي : مرتين أو ثلاثة من يمنعك مني والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : الله ، فشام الاعرابي السيف فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم بصنيع الاعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه ، قال معمر : وكان قتادة يذكر نحو هذا ويذكر ان قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوا هذا الاعرابي ويتألوا {اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} الآية.
وأخرج الحاكم وصححه ، عَن جَابر قال : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : من يمنعك قال : الله فوقع السيف من يده فأخذه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال :

من يمنعك قال : كن خيرا آخذ ، قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قال : أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله فجاء إلى قومه فقال : جئتكم من عند خير الناس فلما حضرت الصلاة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فكان الناس طائفتين : طائفة بازاء العدو وطائفة تصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرفوا فكانوا موضع الذين بازاء عدوهم وجاء أولئك فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين فكان للناس ركعتين ركعتين وللنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات.
وأخرج ابن إسحاق وأبو نعيم في الدلائل من طريق الحسن ، أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحارث قال لقومه : أقتل لكم محمدا قالوا له : كيف تقتله فقال : أفتك به فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره فقال : يا محمد انظر إلى سيفك هذا قال : نعم فأخذه فاستله وجعل يهزه ويهم فيكبته الله فقال : يا محمد ما

تخافني وفي يدي السيف ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم} الآية.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس قال ان عمرو بن أمية الضمري حين انصرف من بئر معونة لقى رجلين كلابيين معهما أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلهما ولم يعلم أم معهما أمانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير ومعه أبو بكر وعمر وعلي فتلقاه بنو النضير فقالوا : مرحبا ، يا أبا القاسم لماذا جئت قال : رجل من أصحابي قتل رجلين من بني كلاب معهما أمان مني طلب مني ديتهما فأريد أن تعينوني ، قالوا : نعم أقعد حتى نجمع لك ، فقعد تحت الحصن وأبو بكر وعمر وعلي وقد تآمر بنو النضير أن يطرحوا عليه حجرا فجاء جبريل فاخبره بما هموا به فقام بمن معه وأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم} الآية

وأخرج أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، نحوه.
وأخرج أيضا عن عروة وزاد بعد نزول الآية وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باجلائهم لما أرادوا فأمرهم ان يخرجوا من ديارهم ، قالوا : إلى أين قال : إلى الحشر.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر قالا : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم على دية العامريين
اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمروا رجلا يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه ، فقال عمر بن جحاش بن كعب : أنا فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الخبر فانصرف فأنزل الله فيهم وفيما اراد هو وقومه {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} قال : هم يهود ، دخل عليهم النبي

صلى الله عليه وسلم حائطا لهم وأصحابه من وراء جداره فاستعانهم في مغرم في دية غرمها ثم قام من عندهم فائتمروا بينهم بقتله فخرج يمشي القهقرى معترضا ينظر إليهم ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تقاوموا اليه.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن زياد قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير يستعينهم في عقل أصابه ومعه أبو بكر وعمر وعلي فقال أعينوني في عقل أصابني ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم قد آن لك تأتينا وتسألنا حاجة اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ينتظرونه وجاء حيي بن أخطب فقال حيي لأصحابه : لا ترونه أقرب منه الآن اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه ولا ترون شرا أبدا فجاؤوا إلى رحى لهم عظيمة ليطرحوها عليه فامسك الله عنها أيديهم حتى جاءه جبريل فاقامه من بينهم فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم} الآية ، فأخبر الله نبيه ما أرادوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق السدي عن أبي مالك

في الآية قال : نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه حين أرادوا أن يغروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أحد النقباء ليلة العقبة في ثلاثين راكبا من المهاجرين والأنصار إلى غطفان فالتقوا على ماء من مياه عامر فاقتتلوا فقتل المنذر ابن عمرو وأصحابه إلا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم فلم يرعهم إلا والطير تجول في جو السماء يسقط من خراطيمها علق الدم فقالوا قتل أصحابنا والرحمن ، فانطلق رجل منهم فلقي رجلا فاختلفا ضربتين فلما خالطه الضربة رفع طرفه إلى السماء ثم رفع عينيه فقال : الله
أكبر ، الجنة ورب العالمين وكان يرعى اعنق ليموت فانطلق صاحباه فلقيا رجلين من بني سليم فانتسبا لهما إلى بني عامر فقتلاهما وكان بينهما وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم موادعة فقدم قومهما على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يطلبون عقلهما فانطلق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف حتى دخلوا على بني النضير يستعينونهم في عقلهما فقالوا : نعم

فاجتمعت يهود على ان يقتلوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاعتلوا له بصنعة الطعام فلما أتاه جبريل بالذي أجمع له يهود من الغدر خرج ثم أعاد عليا فقال : لاتبرح من مكانك هذا فمن مر بك من أصحابي فسألك عني فقل : وجه إلى المدينة فأدركوه فجعلو يمرون على علي فيقول لهم الذي أمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى اتى عليه آخرهم ثم تبعهم ففي ذلك أنزلت {إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} حتى {ولا تزال تطلع على خائنة منهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه الآية قال ان قوما من اليهود صنعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه طعاما ليقتلوه فأوحى الله إليه بشأنهم فلم يأت الطعام وأمر أصحابه فلم يأتوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال ذكر لنا انها أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببطن نخل في الغزوة الثانية فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب ان يفتكوا به فأطلعه الله على ذلك ذكر لنا أن رجلا انتدب لقتله فأتى نبي الله صلى الله عليه وسلم وسيفه موضوع فقال : آخذه يارسول الله قال :

خذه ، قال : استله قال : نعم ، فاستله فقال : من يمنعك مني قال : الله يمنعني منك فهدده أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأغلظوا له القول فشام السيف فأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بالرحيل فأنزلت عليه صلاة الخوف عند ذلك.
- قوله تعالى : ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل
أَخْرَج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل} قال : أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} يعني بذلك وبعثنا منهم اثني عشر كفيلا فكفلوا عليهم بالوفاء لله بما وثقوا عليه من العهود فيما أمرهم عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {اثني عشر نقيبا} قال : من كل سبط من بني إسرائيل رجال أرسلهم موسى إلى الجبارين فوجدوهم يدخل في كم أحدهم اثنان ولايحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بينهم في خشبة ويدخل في شطر

الرمانة اذا نزع حبها خمسة أنفس وأربعة فرجع النقباء كل منهم ينهى سبطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وكالب بن باقية ، أمرا الاسباط بقتال الجبارين ومجاهدتهم فعصوهما وأطاعوا الآخرين فهما الرجلان اللذان انعم الله عليهما فتاهت بنو إسرائيل أربعين سنة يصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا في تيههم ذلك فضرب موسى الحجر لكل سبط عينا حجر لهم يحملونه معهم فقال لهم موسى : اشربوا ياحمير ، فنهاه الله عن سبهم وقال : هم خلقي فلا تجعلهم حميرا ، والسبط كل بطن بني فلان.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أمر الله بني إسرائيل بالسير إلى أريحاء - وهي أرض بيت المقدس - فساروا حتى إذا كانوا قريبا منه أرسل موسى اثني عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل فساروا يريدون أن ياتوه بخبر الجبابرة فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عاج فأخذ اثني عشر فجعلهم في حجزته وعلى راسه حزمة حطب فانطلق بهم إلى امرأته فقال : انظري إلى هؤلاء

القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا فطرحهم بين يديها فقال : إلا أطحنهم برجلي فقالت امرأته : بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك فلما خرج القوم قال بعضهم لبعض : ياقوم إنكم ان أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدوا عن نبي الله ولكن اكتموه ثم رجعوا فانطلق عشرة منهم فنكثوا العهد فجعل كل منهم يخبرأخاه وأباه بما رأى من عاج وكتم رجلان منهم فأتوا موسى وهاورن فأخبروهما فذلك حين يقول الله {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} قال : شهيدا من كل سبط رجل شاهد على قومه

وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : النقباء الأمناء.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : اخبرني عن قوله عز وجل {اثني عشر نقيبا} ، قال : اثني عشر وزيرا وصاروا انبياء بعد ذلك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر يقول : واني بحق قائل لسراتها * مقالة نصح لايضيع نقيبها.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله عز وجل {اثني عشر نقيبا} قال : هم من بني إسرائيل بعثهم موسى لينظروا إلى المدينة فجاؤوا بحبة من فاكهتهم فعند ذلك فتنوا فقالوا : لانستطيع القتال فاذهب أنت وربك فقاتلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو صدقني وآمن بي واتبعني عشرة من اليهود لأسلم كل يهودي كان قال كعب اثني عشر وتصديق ذلك في المائدة {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا}

وأخرج أحمد والحاكم عن ابن مسعود ، أنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة فقال : سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اثنا عشر كعدة بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن انس ، أن موسى عليه السلام قال للنقباء الاثني عشر : سيروا اليوم فحدثوني حديثهم وما امرهم ولاتخافوا ان الله {معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعزرتموهم} قال : أعنتموهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وعزرتموهم} قال : نصرتموهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : التعزيز والتوقير ، النصرة والطاعة.
- قوله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعفوا عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فبما نقضهم ميثاقهم} قال :

هو ميثاق أخذه الله على اهل التوراة فنقضوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {فبما نقضهم} يقول : فبنقضهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} قال : اجتنبوا نقض الميثاق فان الله قدم فيه وأوعد فيه وذكره في آي من القرآن تقدمة ونصيحة وحجة وإنما بعظم عظمها الله به عند أولي الفهم والعقل وأهل العلم بالله وانا مانعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض الميثاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} يعني حدود الله في التوراة يقول : ان أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه وان خالفكم فاحذروا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} قال : نسوا الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} قال : نسوا الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ونسوا حظا

مما ذكروا به} قال : كتاب الله اذا نزل عليهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ونسوا حظا} تركوا نصيبا.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} قال : عرى دينهم ولطائف الله التي لايقبل الأعمال إلا بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : نسوا كتاب الله بين أظهرهم وعهده الذي عهده إليهم وأمره الذي أمرهم به وضيعوا فرائضه وعطلوا حدوده وقتلوا رسله ونبذوا كتابه.
وأخرج ابن المبارك وأحمد في الزهد عن ابن مسعود قال : أني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم} قال : هم يهود مثل الذي هموا به من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم دخل عليهم حائطهم

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم} يقول : على خيانة وكذب وفجور ، وفي قوله {فاعف عنهم واصفح} قال : لم يؤمر يومئذ بقتالهم فأمرهم الله ان يعفو عنهم ويصفح ثم نسخ ذلك في براءة فقال {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} التوبة الآية 29 الآية.
- قوله تعالى : ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون.
أَخْرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ومن الذين قالوا إنا نصارى} قال : كانوا بقرية يقال لها ناصرة كان عيسى بن مريم ينزلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ومن الذين قالوا إنا نصارى} قال : كانوا بقرية يقال لها ناصرة نزلها عيسى وهو اسم تسموا به ولم يؤمروا به ، وفي قوله: (أخذنا

{ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به} قال : نسوا كتاب الله بين أظهرهم وعهد الله الذي عهد لهم وامر الله الذي أمر به وضيعوا فرائضه {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} قال : باعمالهم أعمال السوء ولو أخذ القوم بكتاب الله وأمره ماتفرقوا وماتباغضوا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن إبراهيم في قوله {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} قال : أغرى بعضهم بعضا بالخصومات والجدال في الدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم في الآية قال : ما أرى الإغراء في هذه الآية إلا الأهواء المختلفة.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : ان الله تقدم إلى بني إسرائيل ان لايشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ويعلموا الحكمة ولايأخذوا عليها أجرا فلم يفعل ذلك إلا قليل
منهم فأخذوا الرشوة في الحكم وجاوزوا الحدود فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} المائدة الآية 64

وقال في النصارى {فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}.
- قوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم * لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق مايشاء والله على كل شى ء قدير.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما أخبر الاعور سمويل بن صوريا الذي صدق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على الرجم أنه في كتابهم وقال : لكنا نخفيه فنزلت {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} وهو شاب أبيض طويل من اهل فدك.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {يبين لكم كثيرا} يقول : يبين لكم محمد رسولنا كثيرا مما كنتم تكتمونه الناس : ولاتبينونه لهم مما في كتابكم وكان مما يخفونه من كتابهم فبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : رجم الزانيين المحصنين.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : ان نبي الله صلى الله عليه وسلم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال : أيكم أعلم فأشاروا إلى ابن صوريا فناشده بالذي أنزل

التوراة على موسى والذي رفع الطور بالمواثيق التي أخذت عليهم هل تجدون الرجم في كتابكم فقال : إنه لما كثر فينا جلدنا مائة وحلقنا الرؤوس فحكم عليهم بالرجم فانزل الله {يا أهل الكتاب} إلى قوله {صراط مستقيم}.
وأخرج ابن الضريس والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لايحتسب ، قال تعالى {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} قال : فكان الرجم مما أخفوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ويعفو عن كثير} من ذنوب القوم جاء محمد باقالة منها وتجاوز ان اتبعوه.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} قال : سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه

وابتعث به رسله وهو الإسلام الذي لايقبل من أحد عمل إلا به لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ، والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير.
أَخْرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبي وبحري بن عمرو وشاس بن عدي فكلمهم وكلموه ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا : ماتخوفنا يامحمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله فيهم {وقالت اليهود والنصارى} إلى آخر الآية والله تعالى أعلم ، قوله تعالى : {قل فلم يعذبكم} الآية
أخرج أحمد عن أنس قال مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول : ابني ابني ، فأخذته فقال القوم : يارسول الله ماكانت هذه لتلقي ابنها في النار فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لاوالله ولايلقى حبيبه في النار

وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال والله لايعذب الله حبيبه ولكن يبتليه في الدنيا.
أخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} يقول : يهدي منكم من يشاء في الدنيا فيغفر له ويميت من يشاء منكم على كفره فيعذبه.
- قوله يعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شى ء قدير.
أَخْرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود إلى الإسلام فرغبهم فيه وحذرهم فأبوا عليه فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يامعشر يهود اتقوا الله فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهودا : ماقلنا لكم هذا وما أنزل الله من كتاب من بعد موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة} الآية
==*

 

ج10.

كتاب : الدر المنثور في التفسير بالماثور=
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطير

درجتين بينهما كما بين السماء والأرض.
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة ، عجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي يا رسول الله ، فأعادها عليه ثم قال : وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، قال : وما هي يا رسول الله قال : الجهاد في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة ، فقال رجل : يا رسول الله وما الدرجة قال : أما أنها ليست بعتبة أمك ما بين الدرجتين مائة عام.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال : كان يقال : الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء إلى الأرض فيهن الياقوت

والخيل في كل درجة أمير يرون له الفضل والسؤدد.
الآيات 97 - 99
أخرج البخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل ، فأنزل الله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم وقتل بعض فقال المسلمون : قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت هذه الآية {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى آخر الآية ، قال فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة فأنزلت فيهم هذه الآية (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله) (العنكبوت الآية 10) إلى آخر الآية ، فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا وأيسوا من كل خير فنزلت فيهم (ثم

إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) (النحل الآية 110) فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن جَرِير عن عكرمة في قوله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم} إلى قوله {وساءت مصيرا} قال : نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي العاص بن منية بن الحجاج وعلي بن أمية بن خلف ، قال : لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد فقتلوا ببدر كفار ورجعوا عن الإسلام وهم هؤلاء الذين سميناهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق في قوله {إن الذين توفاهم الملائكة} قال : هم خمسة فتية من قريش : علي

بن أمية وأبو قيس بن الفاكه وزمعة بن الأسود وأبو العاصي بن منية بن الحجاج ، قال : ونسيت الخامس.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم قوم تخلفوا بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتركوا أن يخرجوا معه فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ضربت الملائكة وجهه ودبره.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان قوم بمكة قد أسلموا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا فأنزل الله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى قوله {إلا المستضعفين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فلم يخرجوا معه إلى المدينة وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب ، فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افد نفسك ، وَابن أخيك ، قال : يا رسول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك قال : يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم ثم تلا عليه هذه الآية {ألم تكن أرض الله

واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر {إلا المستضعفين} الذين {لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا} حيلة في المال والسبيل الطريق ، قال ابن عباس : كنت أنا منهم من الولدان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : حدثت أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة فخرجوا مع عدو الله أبي جهل فقتلوا يوم بدر فاعتذروا بغير عذر فأبى الله أن يقبل منهم وقوله {إلا المستضعفين} قال : أناس من أهل مكة عذرهم الله فاستثناهم ، قال : وكان ابن عباس يقول : كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية : نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء في كفار قريش.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : لما بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال فقالوا : يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا ويفعلون ويفعلون لأسلمنا ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فكانوا يقولون ذلك له فلما كان يوم بدر قام

المشركون فقالوا : لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله ، فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} الآية كلها {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم {فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} ثم عذر الله أهل الصدق فقال {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا} يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم} إقامتهم بين ظهري المشركين ، وقال الذين أسروا : يا رسول الله إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا فقال الله (يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم) (الأنفال الآية 70) صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل) (الأنفال الآية 71) خرجوا مع المشركين فأمكن منهم ، واخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين ، أنا من الولدان وأمي من النساء

وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه تلا {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} قال : كنت أنا وأمي ممن عذر الله ، واخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانو يدعو في دبر كل صلاة : اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة
وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : بينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قال قبل أن يسجد : اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج الوليد بن الوليد اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها سنين كسني يوسف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {إلا المستضعفين} يعني الشيخ الكبير والعجوز والجواري الصغار والغلمان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى قال : مكث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع وكان يقول في قنوته :

اللهم أنج الوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة والعاصي بن هشام والمستضعفين من المؤمنين بمكة الذين {لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى قوله {وساءت مصيرا} قال : كانوا قوما من المسلمين بمكة فخرجوا مع قومهم من المشركين في قتال فقتلوا معهم فنزلت هذه الآية {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} فعذر الله أهل العذر منهم وهلك من لا عذر له قال ابن عباس : وكنت أنا وأمي ممن كان له عذر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {لا يستطيعون حيلة} قوة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {لا يستطيعون حيلة} قال : نهوضا إلى المدينة {ولا يهتدون سبيلا} طريقا إلى المدينة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {ولا يهتدون سبيلا} طريقا إلى المدينة ، والله تعالى أعلم.
الآية 100

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {مراغما كثيرا وسعة} قال : المراغم التحول من أرض إلى أرض ، والسعة الرزق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {مراغما} قال : متزحزحا عما يكره.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {مراغما} قال : منفسحا بلغة هذيل ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : واترك أرض جهرة إن عندي * رجاء في المراغم والتعادي.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن زيد قال : المراغم المهاجر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي مراغما قال : مبتغى للمعيشة

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر مراغما قال منفسحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة} قال : متحولا من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وسعة} قال : ورخاء.
وأخرج عن ابن القاسم قال : سئل مالك عن قول الله {وسعة} قال : سعة البلاء.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم والطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن عباس قال : خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله : احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من وجه آخر عن

ابن عباس قال : كان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر وكان مريضا فقال لأهله : أخرجوني من مكة فإني أجد الحر ، فقالوا أين نخرجك فأشار بيده نحو طريق المدينة فخرجوا به فمات على ميلين من مكة فنزلت هذه الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت}.
واخرج أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عامر الشعبي قال : سألت ابن عباس عن قوله تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجرا} الآية ، قال : نزلت في أكثم بن صيفي قلت : فأين الليثي قال : هذا قبل الليثي بزمان وهي خاصة عامة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" عن سعيد بن جبير أن رجلا من خزاعة كان بمكة فمرض وهو ضمرة بن العيص أو العيص بن ضمرة بن زنباع فلما أمروا بالهجرة كان مريضا فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره ففرشوا له وحملوه وانطلقوا به متوجها إلى المدينة فلما كان بالتنعيم مات فنزل {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة فلما نزلت (إلا

المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة) (النساء الآية 97) فقال : إني لغني وإني لذو حيلة ، فتجهز يريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأدركه الموت بالتنعيم فنزلت هذه الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله}.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) (النساء الآية 96) رخص فيها لقوم من المسلمين ممن بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين ورخص لأهل الضرر حتى نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) إلى قوله (وساءت مصيرا) (النساء الآية 96) قالوا : هذه موجبة حتى نزلت (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) (النساء الآية 98) فقال ضمرة بن العيص أحد بني ليث وكان مصاب البصر : إني لذو حيلة لي مال فاحملوني فخرج وهو مريض فأدركه الموت عند التنعيم فدفن عند مسجد التنعيم فنزلت فيه هذه الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين يقال له ضمرة ولفظ عبد سبرة بمكة قال : والله إن لي من المال ما يبلغني إلى المدينة وأبعد منها وإني لاهتدي إلى المدينة

فقال لأهله : أخرجوني - وهو مريض يومئذ - فلما جاوز الحرم قبضه الله فمات فأنزل الله {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله} الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من وجه آخر عن قتادة قال : لما نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) قال رجل من المسلمين يومئذ وهومريض : والله ما لي من عذر إني لدليل بالطريق وإني لموسر فاحملوني فحملوه فأدركه الموت بالطريق فنزل فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : لما أنزل الله (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) الآيتين ، قال رجل من بني ضمرة - وكان مريضا - أخرجوني إلى الروح فأخرجوه حتى إذا كان بالحصحاص مات فنزل فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر قوله {ومن يخرج من بيته} الآية ، قال : نزلت في رجل من خزاعة

وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما سمع - هذه يعني (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) الآية - ضمرة بن جندب الضمري قال لأهله - وكان وجعا - : أرحلوا راحلتي فإن الأخشبين قد غماني - يعني جبلي مكة - لعلي أن أخرج فيصيبني روح فقعد على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات في الطريق فأنزل الله {ومن يخرج من بيته مهاجرا} الآية.
وَأَمَّا حين توجه إلى المدينة فإنه قال : اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك.
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة قال : لما نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة) (النساء الآية 97) الآية ، قال ضمرة بن جندب الجندعي : اللهم أبلغت المعذرة والحجة ولا معذرة لي ولا حجة ، ثم خرج وهو شيخ كبير فمات ببعض الطريق فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مات قبل أن يهاجر فلا ندري أعلى ولاية أم لا فنزلت {ومن يخرج من بيته} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك قال : لما أنزل الله في الذين قتلوا مع مشركي قريش ببدر (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) (النساء الآية 97) الآية ، سمع بما أنزل الله فيهم رجل من بني ليث كان على دين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مقيما بمكة وكان ممن عذر الله كان شيخا كبيرا فقال لأهله : ما أنا ببائت الليلة بمكة ، فخرجوا به حتى إذا بلغ التنعيم من طريق المدينة أدركه الموت فنزل فيه {ومن يخرج من بيته} الآية

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال : نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع.
وأخرج ابن سعد ، وَابن المنذر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن جندع بن ضمرة الجندعي كان بمكة فمرض فقال لبنيه : أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها ، فقالوا إلى أين فأومأ بيده نحو المدينة يريد الهجرة فخرجوا به فلما بلغوا اضاة بني غفار مات فأنزل الله فيه {ومن يخرج من بيته} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هاجر رجل من بني كنانة يريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق فسخر به قوم واستهزؤوا به وقال : لا هو بلغ الذي يريد ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن ، فنزل القرآن {ومن يخرج من بيته} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النَّبِيّ وأصحابه فأدركه الموت في الطريق فمات فقالوا : ما أدرك هذا من شيء ، فأنزل الله {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال : هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت
فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما} ، قال

الزبير : وكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة فما أحزنني شيء حزني لوفاته حين بلغني لأنه قل أن هاجر أحد من قريش إلا ومعه بعض أهله أو ذي رحمه ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى ولا أرجو غيره.
وأخرج ابن سعد عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن أبيه قال : خرج خالد بن حزام مهاجرا إلى أرض الحبشة في المرة الثانية فنهش في الطريق فمات قبل أن يدخل أرض الحبشة فنزلت فيه {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أهل المدينة يقولون : من خرج فاصلا وجب سهمه وتاولوا قوله تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} يعني من مات ممن خرج إلى الغزو بعد انفصاله من منزله قبل أن يشهد الوقعة فله سهمه من المغنم.
وأخرج ابن سعد وأحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عتيك سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله - وأين المجاهدون في سبيل الله - فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله أو

لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله - يعني بحتف أنفه على فراشه والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومن قتل قعصا فقد استوجب الجنة.
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في سبيل الله كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة.
الآية 101
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن الجارود ، وَابن خزيمة والطحاوي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه ، وَابن حبان عن يعلى بن أمية قال : سألت عمر بن الخطاب قلت : !

{فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} وقد أمن الناس فقال لي عمر : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي حنظلة قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان ، فقلت : فأين قوله تعالى {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ونحن آمنون فقال : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسد أنه سأل ابن عمر أرأيت قصر الصلاة في السفر إنا لا نجدها في كتاب الله إنما نجد ذكر صلاة الخوف فقال ابن عمر : يا ابن أخي إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا فإنما نفعل كما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل وقصر الصلاة في السفر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : صليت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بمنى أكثر ما كان الناس وآمنه ركعتين.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : سافرت إلى مكة فكنت أصلي ركعتين فلقيني قراء من أهل هذه الناحية فقالوا : كيف تصلي قلت ركعتين قالوا أسنة وقرآن قلت : كل سنة وقرآن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، قالوا إنه كان في حرب قلت : قال الله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون) (الفتح الآية 27) وقال {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة}
فقرأ حتى بلغ (فإذا اطمأننتم) (النساء الآية 102).
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين.
وأخرج ابن جرير ، عَن عَلِي ، قال : سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي فأنزل الله {وإذا ضربتم في

الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} ثم انقطع الوحي فلما كان بعد ذلك بحول غزا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم فقال قائل منهم : إن لهم مثلها أخرى في أثرها فأنزل الله بين الصلاتين {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} إلى قوله {إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا} فنزلت صلاة الخوف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : قال رجل : يا رسول الله إني رجل تاجر أختلف إلى البحرين فأمره أن يصلي ركعتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ولا يقرأ {إن خفتم} وهي في مصحف عثمان {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا}.
وأخرج ابن جرير من طريق عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قال : سمعت أبي يقول : سمعت عائشة تقول : في السفر أتموا صلاتكم ، فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر ركعتين فقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حرب وكان يخاف هل تخافون أنتم

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتم الصلاة في السفر قال : عائشة وسعد بن أبي وقاص.
وأخرج ابن جرير عن أمية بن عبد الله أنه قال لعبد الله بن عمر : إنا نجد في كتاب الله قصر الصلاة في الخوف ولا نجد قصر صلاة المسافر فقال عبد الله : إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} قال : أنزلت يوم كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعسفان والمشركون بضجنان فتوافقوا فصلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر أربعا ركوعهم وسجودهم وقيامهم معا جمعا فهم به المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم فأنزل الله (فلتقم طائفة منهم معك) (النساء الآية 102) فصلى العصر فصف أصحابه صفين ثم كبر بهم جميعا ثم

سجد الأولون لسجوده والآخرون قيام لم يسجدوا حتى قام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم كبر بهم وركعوا جميعا فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف المقدم فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة وقصر العصر إلى ركعتين.
وأخرج عبد الرزاق ، عَن طاووس في قوله {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} قال : قصرها من الخوف والقتال الصلاة في كل وجه راكبا وماشيا قال : فأما صلاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الركعتان وصلاة الناس في السفر ركعتين فليس بقصر هو وفاؤها.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن دينار في قوله {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} قال : إنما ذلك إذا خافوا الذين كفروا وسن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد ركعتين وليس بقصر ولكنها وفاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} إذا صليت ركعتين في السفر فهي تمام والتقصير لا يحل إلا أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة والتقصير ركعة يقوم الإمام ويقوم معه طائفتان

طائفة خلفه وطائفة يوازون العدو فيصلي بمن معه ركعة ويمشون إليهم على أدبارهم حتى يقوموا في مقام أصحابهم وتلك المشية القهقرى ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام ركعة ثم يجلس الإمام فيسلم فيقومون فيصلون لأنفسهم ركعة ثم يرجعون إلى صفهم ويقوم الآخرون فيضيفون إلى ركعته شيئا تجزئه ركعة الإمام فيكون للإمام ركعتان ولهم ركعة فذلك قول الله (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) إلى قوله (وخذوا حذركم) (النساء الآية 102).
وأخرج الطستي في مسائله عن اين عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {أن يفتنكم الذين كفروا} قال : بالعذاب والجهل بلغة هوزان ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : كل امرى ء من عباد الله مضطهد * ببطن مكة مقهور ومفتون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سماك الحنفي قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان تمام غير قصر إنما القصر صلاة المخافة ، قلت : وما صلاة المخافة قال : يصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء وهؤلاء إلى مكان هؤلاء فيصلي بهم ركعة فيكون للإمام ركعتان

ولكل طائفة ركعة ركعة.
وأخرج مالك ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عائشة قالت : فرضت الصلاة على النَّبِيّ بمكة ركعتين ركعتين فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا وأقرت صلاة السفر ركعتين.
وأخرج أحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين إلا المغرب فرضت ثلاثا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر صلى الصلاة الأولى وإذا أقام زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا المغرب لأنها وتر والصبح لأنها تطول فيها القراءة.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان.
وأخرج الشافعي والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عمر

وعبد الله بن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل أتقصر إلى عرفة فقال : لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير والنحاس عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وإذا ضربتم في الأرض} الآية ، قال :
قصر الصلاة - إن لقيت العدو وقد حانت الصلاة - أن تكبر الله وتخفض رأسك إيماء راكبا كنت أو ماشيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} قال : ذاك عند القتال يصلي الرجل الراكب تكبيرة من حيث كان وجهه.
الآيتان 102 - 103.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن

حميد وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والدارقطني والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي عياش الزرقي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى بنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا : قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم ثم قالوا : يأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} فحضرت فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح وصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا جميعا ثم سجد بالصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وهؤلاء إلى مصاف هؤلاء
ثم ركع فركعوا جميعا ثم رفع فرفعوا جميعا ثم سجد الصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلسوا جلس الآخرون فسجدوا ثم سلم عليهم ثم انصرف ، قال : فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين : مرة بعسفان ومرة بأرض بني سليم ، واخرج الترمذي وصححه ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون : إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم

من آبائهم وأبنائهم وهي العصر فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة وأن جبريل أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي بهم وتقوم طائفة أخرى وراءهم {وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} ثم يأتي الآخرون ويصلون معه ركعة واحدة ثم يأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم فيكون لهم ركعة ركعة ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن يزيد الفقير قال : سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين في السفر أقصرهما قال الركعتان في السفر تمام إنما القصر واحدة عند القتال بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال إذ أقيمت الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفت طائفة وطائفة وجوهها قبل العدو فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم الذين خلفوا انطلقوا إلى أولئك فقاموا مقامهم وجاء أولئك فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس فسلم وسلم الذين خلفه وسلم أولئك فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان وللقوم ركعة ثم قرأ {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سليمان اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن أقصار الصلاة أي يوم أنزل فقال جابر بن عبد الله : وعير

قريش آتية من الشام حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، قال : نعم ، قال : هل تخافني قال : لا ، قال : فمن يمنعك مني قال : الله يمنعني منك ، قال : فسل السيف ثم تهدده وأوعده ثم نادى بالرحيل وأخذ السلاح ثم نودي بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى تحرسهم فصلى بالذين يلونه ركعتين ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم ثم سلم ، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان يومئذ فأنزل الله في أقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن أبي حاتم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه في قوله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} قال : هي صلاة الخوف صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مقبلة على العدو ثم انصرفت الطائفة التي صلت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقاموا مقام أولئك مقبلين على العدو وأقبلت الطائفة الأخرى التي كانت مقبلة على العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى ثم سلم بهم ثم قامت طائفة فصلوا ركعة ركعة

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} فهذا في الصلاة عند الخوف يقوم الإمام ويقوم معه طائفة منهم وطائفة يأخذون أسلحتهم ويقفون بإزاء العدو فيصلي الإمام بمن معه ركعة ثم يجلس على هيئته فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية والإمام جالس ثم ينصرفون فيقفون موقفهم ثم يقبل الآخرون فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية ثم يسلم فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية فهكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بطن نخلة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بذي قرد فصف الناس صفين صفا خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف قال سفيان : فذكر مثل حديث ابن عباس.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والنسائي ، وَابن جرير

وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن ثعلبة بن زهدم قال : كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقال حذيفة : أنا ، فقام حذيفة فصف الناس خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.
وأخرج أبو داود ، وَابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بذات الرقاع فصدع الناس صدعتين ، فصفت
طائفة وراءه وقامت طائفة وجاه العدو فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفة خلفه ثم ركع وركعوا وسجد وسجدوا ثم رفع رأسه فرفعوا ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وسجدوا لأنفسهم سجدة ثانية ثم قاموا ثم نكصوا على أعقابهم يمشون القهقرى حتى قاموا من ورائهم وأقبلت الطائفة الأخرى فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا ثم ركعوا لأنفسهم ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدته الثانية فسجدوا معه ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعته وسجدوا لأنفسهم السجدة الثانية ثم قامت الطائفتان جميعا فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع بهم ركعة فركعوا جميعا ثم سجد فسجدوا جميعا ثم رفع رأسه ورفعوا معه كل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا جدا لا يألو أن يخفف ما استطاع ثم سلم فسلموا ثم قام وقد شركه الناس في

صلاته كلها.
وأخرج الحاكم ، عَن جَابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف أنه قال : وطائفة من خلفه وطائفة من وراء الطائفة التي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قعود وجوههم كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرت الطائفتان فركع فركعت الطائفة التي خلفه والآخرون قعود ثم سجد فسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قاموا ونكصوا خلفه حتى كانوا مكان أصحابهم قعودا وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم والآخرون قعود ثم سلم فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ركعة وسجدتين.
وأخرج مالك والشافعي ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والدارقطني والبيهقي من طريق صالح بن خوات عمن صلى مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة تجاه العدو فصلة بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصلوا تجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم

وأخرج عَبد بن حُمَيد والدارقطني عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الحوف فصلى ببعض أصحابه ركعتين ثم سلم فتأخروا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللمسلمين ركعتان ركعتان.
وأخرج الدارقطني والحاكم عن أبي بكرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى بالقوم في الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات ثم انصرف وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاثا فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ست ركعات وللقوم ثلاث ثلاث.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والدارقطني عن ابن مسعود قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقاموا صفين صفين صف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف مستقبل العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وجاء الآخرون فقاموا مقامهم واستقبلوا هؤلاء العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم فقام هؤلاء إلى مقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه من طريق عروة من مروان

أنه سأل أبا هريرة هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف قال أبو هريرة : نعم ، قال مروان : متى قال : عام غزوة نجد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة صلاة العصر فقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر الكل ثم ركع ركعة واحدة وركعت الطائفة التي خلفه ثم سجد فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابل العدو ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفة التي معه وذهبوا إلى العدو فقابلوهم وأقبلت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه ثم كان السلام فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعا فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل واحدة من الطائفتين ركعة ركعة.
وأخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الخوف فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا خلفه صفين فكبر وركع وركعنا جميعا الصفان كلاهما ثم رفع رأسه ثم خر ساجدا وسجد الصف الذي يليه وثبت الآخرون قياما يحرسون إخوانهم فلما فرغ من سجوده وقام خر الصف المؤخر سجودا فسجدوا سجدتين ثم قاموا فتأخر الصف المقدم الذي يليه وتقدم الصف المؤخر فركع وركعوا جميعا وسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف

الذي يليه وثبت الآخرون قياما يحرسون إخوانهم فلما قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خر الصف المؤخر سجودا ثم سلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الدارقطني ، عَن جَابر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان محاصرا بني محارب بنخل
ثم نودي في الناس أن الصلاة جامعة فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفتين طائفة مقبلة على العدو يتحدثون وصلى بطائفة ركعتين ثم سلم فانصرفوا فكانوا مكان إخوانهم وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات ولكل طائفة ركعتان.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له فلقي المشركين بعسفان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه قال بعضهم لبعض : لو حملتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم ، فقال قائل منهم : إن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاصبروا حتى تحضر فنحمل عليهم جملة ، فأنزل الله {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} إلى آخر الآية ، وأعلمه بما ائتمر به المشركون فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر وكانوا قبالته في القبلة جعل المسلمين خلفه صفين فكبر فكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا فلما سجد سجد معه الصف الذين يلونه ثم قام الذين خلفهم مقبلون على العدو فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سجوده وقام سجد الصف الثاني ثم

قاموا وتأخر الصف الذين يلونه وتقدم الآخرون فكانوا يلون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ركع ركعوا معه جميعا ثم رفع فرفعوا معه ثم سجد فسجد معه الذين يلونه وقام الصف الثاني مقبلين على العدو فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سجوده وقعد قعد الذين يلونه وسجد الصف المؤخر ثو قعدوا فسجدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم عليهم جميعا فلما نظر إليهم المشركون يسجد بعضهم ويقوم بعض قالوا : لقد أخبروا بما أردنا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية الرياحي أن أبا موسى الأشعري كان بالدار من أصبهان وما بهم يومئذ كبير خوف ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فجعلهم صفين ، طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها وطائفة وراءها فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين وجاء الآخرون يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة فسلم بعضهم على بعض فتمت للإمام ركعتان في جماعة وللناس ركعة ركعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان
والمشركون بضجنان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ورآه المشركون يركع ويسجد ائتمروا أن يغيروا عليه فلما حضرت العصر صف الناس خلفه صفين فكبر وكبروا جميعا وركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف

الذين يلونه وقام الصف الثاني الذين بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأسه سجد الصف الثاني فلما رفعوا رؤوسهم ركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الصف الثاني بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأسه سجد الصف الثاني قال مجاهد : فكان تكبيرهم وركوعهم وتسليمه عليهم سواء وتصافوا في السجود قال مجاهد : فلم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف قبل يومه ولا بعده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، عَن عَلِي ، قال : صليت صلاة الخوف مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركعتين ركعتين إلا المغرب فإنه صلاها ثلاثا.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : صلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر قبل أن تنزل صلاة الخوف فتلهف المشركون أن لا يكونوا حملوا عليه فقال لهم رجل : فإن لهم صلاة قبل مغيربان الشمس هي أحب إليهم من أنفسهم فقالوا : لو قد صلوا بعد لحملنا عليهم فأرصدوا ذلك فنزلت صلاة الخوف فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بصلاة العصر

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير من طريق أبي الزبير ، عَن جَابر قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلقينا المشركين بنخل فكانوا بيننا وبين القبلة فلما حضرت صلاة الظهر صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جميع فلما فرغنا تآمر المشركون فقالوا لو كنا حملنا عليهم وهم يصلون فقال بعضهم : فإن لهم صلاة ينتظرونها تأتي الآن وهي أحب إليهم من أبناءهم فإذا صلوا فميلوا عليهم ، فجاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر وعلمه كيف يصلي فلما حضرت العصر قام نبي الله صلى الله عليه وسلم مما يلي العدو وقمنا خلفه صفين وكبر نبي الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعا ثم ذكر نحوه.
وأخرج البزار عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف أمر الناس فأخذوا السلاح عليهم فقامت طائفة من ورائه مستقبلي العدو وجاءت طائفة فصلوا معه فصلى بهم ركعة ثم قاموا إلى الطائفة التي لم تصل وأقبلت الطائفة التي لم
تصل معه فقاموا خلفه فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم عليهم فلما سلم قام الذين قبل العدو فكبروا جميعا وركعوا ركعة وسجدتين بعدما سلم.
وأخرج أحمد ، عَن جَابر قال : غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات قبل صلاة الخوف وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} إلى قوله {فليصلوا معك} فإنه كانت تأخذ طائفة منهم السلاح فيقبلون على العدو والطائفة الأخرى يصلون مع الإمام ركعة ثم يأخذون أسلحتهم فيستقبلون العدو ويرجع أصحابهم فيصلون مع الإمام ركعة فيكون للإمام ركعتان ولسائر الناس ركعة واحدة ثم يقضون ركعة أخرى وهذا تمام من الصلاة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فإذا سجدوا} يقول : فإذا سجدت الطائفة التي قامت معك في صلاتك تصلي بصلاتك ففرغت من سجودها {فليكونوا من ورائكم} يقول : فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم خلفكم مصافي العدو المكان الذي فيه سائر الطوائف التي لم تصل معك ولم تدخل معك في صلاتك.
وأخرج البخاري والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى} قال : نزلت في عبد الرحمن بن عوف كان جريحا

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في الآية قال : رخص في وضع السلاح عند ذلك وأمرهم أن يأخذوا حذرهم ، وفي قوله {عذابا مهينا} قال : يعني بالمهين الهوان ، وفي قوله {فإذا قضيتم الصلاة} قال : صلاة الخوف {فاذكروا الله} قال : باللسان {فإذا اطمأننتم} يقول : إذا استقررتم وأمنتم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} قال : بالليل والنهار في البر والبحر في السفر والحضر والغنى والفقر والسقم والصحة والسر والعلانية وعلى كل حال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه بلغه : أن قوما يذكرون الله قياما فأتاهم فقال : ما هذا قالوا : سمعنا الله يقول {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم}
فقال : إنما هذه إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما صلى قاعدا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فإذا اطمأننتم} قال : إذا خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة {فأقيموا الصلاة} قال : أتموها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {فإذا اطمأننتم} يقول : إذا اطمأننتم في أمصاركم فأتموا الصلاة

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {فإذا اطمأننتم} يقول : فإذا أمنتم {فأقيموا الصلاة} يقول : أتموها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فإذا اطمأننتم} يقول : فإذا أمنتم {فأقيموا الصلاة} يقول : أتموها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فإذا اطمأننتم} أقمتم في أمصاركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية {فإذا اطمأننتم} يعني إذا نزل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي {فإذا اطمأننتم} قال : بعد الخوف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} قال : إذا اطمأننتم فصلوا الصلاة لا تصلها راكبا ولا ماشيا ولا قاعدا ، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} يعني مفروضا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : الموقوت : الواجب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {كتابا موقوتا} قال : مفروضا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {كتابا موقوتا} قال : فرضا واجبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن {كتابا موقوتا} قال : كتابا واجبا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} قال : قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتا كوقت الحج.
واخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} قال : منجما كلما مضى نجم جاء نجم آخر ، يقول : كلما مضى وقت جاء وقت آخر ، واخرج عبد الرزاق وأحمد ، وَابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن خزيمة والحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك وصلى بي العصر حين كان ظل كل

شيء مثله وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم وصلى بي من الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله وصلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء ثلث الليل وصلى بي الفجر فأسفر ثم التفت إلي فقال : يا محمد هذا الوقت وقت النبيين قبلك الوقت ما بين هذين الوقتين.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر وإن أول وقت العصر حين يدخل وقت العصر وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الشفق وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس.
الآية 104.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تهنوا} قال : ولا تضعفوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {ولا تهنوا في ابتغاء القوم} قال : لا

تضعفوا في طلب القوم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق على عن ابن عباس {إن تكونوا تألمون}
قال : توجعون {وترجون من الله ما لا يرجون} قال : ترجون الخير.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية يقول : لا تضعفوا في طلب القوم فإنكم إن تكونوا تتوجعون فإنهم يتوجعون كما تتوجعون ويرجعون من الأجر والثواب ما لا يرجون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : لا تضعفوا في طلب القوم إن تكونوا تتوجعون من الجراحات فإنهم يتوجعون كما تتوجعون {وترجون من الله} يعني الحياة والرزق والشهادة والظفر في الدينا.
الآيات 105 - 113
أخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ

والحاكم وصححه عن قتادة بن النعمان قال : كان أهل بيت منا يقال لهم : بنو أبيرق : بشر وبشير ومبشر وكان بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينحله بعض العرب ثم يقول : قال فلان كذا وكذا قال فلان كذا وكذا وإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث فقال : أو كلما قال الرجال قصيدة أضحوا فقالوا : ابن الأبيرق قالها ، وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الرزمك ابتاع الرجل منها فخص بها بنفسه وأما العيال فإنما طعامهم الشعير فقدمت ضافطة الشام فابتاع عمي رفاعة بن زر جملا من الرزمك فجعله في مشربة له وفي المشربة سلاح له درعان وسيفاهما وما يصلحهما فعدا عدي من تحت الليل فنقب المشربة وأخذ الطعام والسلاح فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي تعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا فذهب بطعامنا وسلاحنا قال :

فتجسسنا في الدار وسألنا فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق قد استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم ، قال : وقد كان بنو أبيرق قالوا - ونحن نسأل في الدار - والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلا منا له صلاح وإسلام فلما سمع ذلك لبيد اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق وقال : أنا أسرق فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتتبين هذه السرقة ، قالوا : إليك عنا أيها الرجل - فوالله - ما أنت بصاحبها فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها ، فقال لي عمي : يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأنظر في ذلك فلما سمع ذلك بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له أسير بن عروة فكلموه في ذلك واجتمع إليه ناس من أهل الدار فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير
بينة ولا ثبت ، قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته ، فقال : عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت قال قتادة : فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فأتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي ما صنعت فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : الله المستعان ، فلم نلبث أن نزل القرآن {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} لبني أبيرق !

{واستغفر الله} أي مما قلت لقتادة {إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} إلى قوله {ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} أي أنهم لو استغفروا الله لغفر لهم {ومن يكسب إثما} إلى قوله {فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا} قولهم للبيد {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك} يعني أسير بن عروة وأصحابه إلى قوله {فسيؤتيه أجرا عظيما} ، فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة ، قال قتادة : فلما أتيت عمي بالسلاح - وكان شيخا قد عسا في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولا - فلما أتيته بالسلاح قال : يا ابن أخي هو في سبيل الله فعرفت أن إسلامه كان صحيحا فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعد فأنزل الله (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) (النساء الآية 115) إلى قوله (ضلالا بعيد) فلما نزل على سلافة رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت فرمت به في الأبطح ثم قالت أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير.
وأخرج ابن سعد عن محمود بن لبيد قال : عدا بشير بن الحارث على علية

رفاعة بن زيد عم قتادة بن النعمان الظفري فنقبها من ظهرها وأخذ طعاما له ودرعين بأداتهما فأتى قتادة بن النعمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فدعا بشيرا فسأله فأنكر ورمى بذلك لبيد بن سهل رجلا من أهل الدار ذا حسب ونسب فنزل القرآن بتكذيب بشير وبراءة لبيد بن سهل قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إلى قوله {ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} يعني بشير بن
أبيرق {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا} يعني لبيد بن سهل حين رماه بنو أبيرق بالسرقة فلما نزل القرآن في بشير وعثر عليه هرب إلى مكة مرتدا كافر فنزل على سلافة بنت سعد بن الشهيد فجعل يقع في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي المسلمين فنزل القرآن فيه وهجاه حسان بن ثابت حتى رجع وكان ذلك في شهر ربيع سنة أربع من الهجرة.
وأخرج ابن سعد من وجه آخر عن محمود بن لبيد قال : كان أسير بن عروة رجلا منطيقا ظريفا بليغا حلوا فسمع بما قال قتادة بن النعمان في بني أبيرق للنبي صلى الله عليه وسلم حين اتهمهم بنقب علية عمه وأخذ طعامه والدرعين فأتى أسير رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة جمعهم من قومه فقال : إن قتادة وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل حسب ونسب وصلاح يؤنبونهم بالقبيح ويقولون لهم ما لا ينبغي بغير ثبت ولا بينة فوضع لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء ثم انصرف فأقبل بعد ذلك قتادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه

فجبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبها شديدا منكرا وقال : بئسما صنعت وبئسما مشيت فيه ، فقام قتادة وهو يقول : لوددت أني خرجت من أهلي ومالي وأني لم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من أمرهم وما أنا بعائد في شيء من ذلك ، فأنزل الله على نبيه في شأنهم {إنا أنزلنا إليك الكتاب} إلى قوله {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} يعني أسير بن عروة وأصحابه {إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إلى قوله {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله} فيما بين ذلك في طعمة بن أبيرق درعه من حديد التي سرق وقال أصحابه من المؤمنين للنبي صلى الله عليه وسلم : اعذره في الناس بلسانك ورموا بالدرع رجلا من يهود بريئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق وفيما هم به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من عذره فبين الله شأن طعمة بن أبيرق ووعظ نبيه صلى الله عليه وسلم وحذره أن يكون للخائنين خصيما وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار ثم أحد بني ظفر سرق

درعا لعمه كانت وديعة عندهم ثم قدمها على يهودي كان يغشاهم يقال له زيد بن
السمين فجاء اليهودي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يهتف فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر جاءوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد هم بعذره حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل فقال {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} إلى قوله {يرم به بريئا} وكان طعمة قذف بها برئيا فلما بين الله شأن طعمة نافق ولحق بالمشركين فأنزل الله في شأنه (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين) (النساء الآية 114) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : إن نفرا من الأنصار غزوا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فسرقت درع لأحدهم فأظن بها رجلا من الأنصار فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن طعمة بن أبيرق سرق درعي ، فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء وقال لنفر من عشيرته : إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده فانطلقوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن سارق الدرع فلان وقد أحطنا بذلك علما فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه فإنه إن لا يعصمه الله بك يهلك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأه وعذره على رؤوس الناس فأنزل الله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} يقول : بما أنزل الله إليك

إلى قوله {خوانا أثيما} ثم قال للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا {يستخفون من الناس} إلى قوله {وكيلا} يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين ثم قال {ومن يكسب خطيئة} الآية ، يعني السارق والذين جادلوا عن السارق.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طرحه على يهودي فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ولكن طرحت علي ، وكان الرجل الذي سرق له جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون : يا رسول الله إن هذا اليهودي خبيث يكفر بالله وبما جئت به حتى مال عليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ببعض القول فعاتبه الله في ذلك فقال {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله} بما قلت لهذا اليهودي {إن الله كان غفورا رحيما} ثم أقبل على جيرانه فقال
{ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم} إلى قوله {وكيلا} ثم عرض التوبة فقال {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه} فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا} وإن كان مشركا {فقد احتمل بهتانا} إلى قوله {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى} قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله

له وخرج إلى المشركين بمكة فنقب بيتا يسرقه فهدمه الله عليه فقتله.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختان درعا من حديد فلما خشي أن توجد عنده ألقاها في بيت جار له من اليهود وقال : تزعمون إني اختنت الدرع - فوالله - لقد انبئت أنها عند اليهودي فرفع ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجاء أصحابه يعذرونه فكأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عذره حين لم يجد عليه بينة ووجدوا الدرع في بيت اليهودي وأبى الله إلا العدل فأنزل الله على نبيه {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} إلى قوله {أم من يكون عليهم وكيلا} فعرض الله بالتوبة لو قبلها إلى قوله {ثم يرم به بريئا} اليهودي ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {ولولا فضل الله عليك ورحمته} إلى قوله {وكان فضل الله عليك عظيما} فأبرى ء اليهودي وأخبر بصاحب الدرع قال : قد افتضحت الآن في المسلمين وعلموا أني صاحب الدرع ما لي إقامة ببلد فتراغم فلحق بالمشركين فأنزل الله (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) (النساء الآية 114) إلى قوله (ضلالا بعيد).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : بما أوحى الله إليك نزلت في طعمة بن أبيرق استودعه رجل من اليهود درعا فانطلق بها إلى داره فحفر لها اليهودي ثم دفنها فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته

فقال : انطلقوا معي فإني أعرف موضع الدرع فلما علم به طعمة أخذ الدرع فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه
قال : أتخونوني ، فانطلقوا يطلبونها في داره فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع وقال طعمة : أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي فأتاه أناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل فأنزل الله عليه {ولا تكن للخائنين خصيما} إلى قوله {أثيما} ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله} إلى قوله {وكيلا} ثم دعا إلى التوبة فقال {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} إلى قوله {رحيما} ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليك فقال {ومن يكسب إثما} إلى قوله {مبينا} ثم ذكر الأنصار وأتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقال : {لهمت طائفة منهم أن يضلوك} ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة فقال : (لا خير في كثير من نجواهم) (النساء الآية 115) فلما فضح الله طعمة بالقرآن بالمدينة هرب حتى أتى مكة فكفر بعد إسلامه ونزل على الحجاج بن علاط السلمي فنقب بيت الحجاج فأراد أن يسرقه فسمع الحجاج خشخشته في بيته وقعقعة جلود كانت

عنده فنظر فإذا هو بطعمة فقال : ضيفي ، وَابن عمي فأردت أن تسرقني فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا وأنزل الله فيه (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 115) إلى (وساءت مصيرا).
وأخرج سنيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع فغاب فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه فلما رأى ذلك قومه أتو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكلموه ليدرأ عنه فهم بذلك فأنزل الله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس} إلى قوله {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} يعني طعمة بن أبيرق وقومه {ها أنتم هؤلاء جادلتم} إلى قوله {يكون عليهم وكيلا} محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة {ثم يرم به بريئا} يعني زيد بن السمين {فقد احتمل بهتانا}
طعمة بن أبيرق {ولولا فضل الله عليك ورحمته} لمحمد صلى الله عليه وسلم {لهمت طائفة} قوم طعمة (لا خير في كثير) (النساء الآية 114) الآية للناس عامة (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 115) قال : لما أنزل القرآن في طعمة بن أبيرق لحق بقريش ورجع في دينه ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهري فنقبها فسقط عليه حجر فلحج فلما أصبح أخرجوه من مكة فخرج فلقي ركبا من قضاعة فعرض لهم فقال : ابن سبيل منقطع به ، فحملوه حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ثم انطلق

فرجعوا في طلبه فأدركوه فقذفوه بالحجارة حتى مات ، فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (النساء الآية 115).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعا فجحدها صاحبها فلحق به رجال من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فغضب له قومه وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : خونوا صاحبنا وهو أمين مسلم فأعذره يا نبي الله وازجر عنه فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعذره وكذب عنه وهو يرى أنه بريء وأنه مكذوب عليه فأنزل الله بيان ذلك فقال {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} إلى قوله {أم من يكون عليهم وكيلا} فبين خيانته فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإسلام فنزل فيه (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 115) إلى قوله (وساءت مصيرا) ، واخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي أن رجلا يقال له طعمة بن أبيرق سرق درعا على عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرفع ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فألقاها في بيت رجل ثم قال لأصحاب له : انطلقوا فاعذروني عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإن الدرع قد وجد في بيت فلان ، فانطلقوا يعذرونه عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا} قال : بهتانه قذفه الرجل

واخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} قال : اختان رجل من الأنصار عما له درعا فقذف بها يهوديا كان يغشاهم فجادل الرجل قومه فكأن
النبي صلى الله عليه وسلم عذره ثم لحق بدار الشرك فنزلت فيه (ومن يشاقق الرسول) (النساء الآية 114) الآية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إياكم والرأي فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {لتحكم بين الناس بما أراك الله} ولم يقل بما رأيت.
وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار أن رجلا قال لعمر {بما أراك الله} قال : مه إنما هذه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطية العوفي {لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : الذي أراه في كتابه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أنس عن ربيعة قال : إن الله أنزل القرآن وترك فيه موضعا للسنة وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة وترك فيها موضعا للرأي

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن وهب قال : قال لي مالك : الحكم الذي يحكم به بين الناس على وجهين فالذي يحكم بالقرآن والسنة الماضية فذلك الحكم الواجب والصواب والحكم يجتهد فيه العالم نفسه فيما لم يأت فيه شيء فلعله أن يوفق ، قال : وثالث التكلف لما لا يعلم فما أشبه ذلك أن لا يوفق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : بما بين الله لك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر {لتحكم بين الناس بما أراك الله} قال : بالبينات والشهود.
وأخرج عبد ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعا قال : من صلى صلاة عند الناس لا يصلي مثلها إذا خلا فهي استهانة استهان بها ربه ثم تلا هذه الآية {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن حذيفة مثله وزاد : ولا يستحيي أن يكون الناس أعظم عنده من الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وابن

أبي حاتم عن أبي رزين {إذ يبيتون} قال : إذ يؤلفون ما لا يرضى من القول.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله}
قال : أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته فمن أذنب ذنبا صغير كان أو كبيرا ثم استغفر الله يجد الله غفورا رحيما ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال.
وأخرج ابن جرير ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض فقال رجل : لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا فقال ابن مسعود : ما آتاكم الله خير مما آتاهم جعل لكم الماء طهورا وقال {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود قال : من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم استغفر غفر له {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} ، (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك

فتستغفروا الله واستغفر لهم الرسول) (النساء الآية 48) الآية.
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ولما ولدت قتلت ولدها فقال : ما لها إلا النار ، فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} فمسحت عينها ثم مضت.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن السني في عمل اليوم والليلة ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : سمعت أبا بكر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له لأن الله يقول {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
وأخرج أبو يعلى والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس وجلسنا حوله وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما يكون عليه وأنه قام فترك نعليه فأخذت ركوة من ماء فاتبعته
فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته

فقال : إنه أتاني آت من ربي فقال : إنه {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} فأردت أن أبشر أصحابي ، قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس التي قبلها (من يعمل سوءا يجز به) (النساء الآية 123) فقلت : يا رسول الله وإن زنى وإن سرق ثم استغفر ربه غفر الله له قال : نعم ، قلت : الثانية ، قال نعم ، قلت : الثالثة ، قال : نعم ، على رغم أنف عويمر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن سيرين {ثم يرم به بريئا} قال : يهوديا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وعلمك ما لم تكن تعلم} قال : علمه الله بيان الدينا والآخرة ، بين حلاله وحرامه ليحتج بذلك على خلقه.
وأخرج عن الضحاك قال : علمه الخير والشر ، والله أعلم

المجلد الخامس

الآية 114.
أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد أسلم في قوله {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} من جاءك يناجيك في هذا فاقبل مناجاته ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت عنه ذاك لا تناجيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {إلا من أمر بصدقة أو معروف} قال : المعروف القرض.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي الدنيا في الصمت ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد بن حنيش قال : دخلنا على سفيان الثوري نعوده ومعنا سعيد بن حسان
المخزومي فقال له سفيان : أعد علي الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح ، قال : حدثتني أم صالح بنت صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكر الله عز وجل ، فقال محمد بن يزيد : ما أشد هذا الحديث فقال سفيان : وما شدة هذا الحديث إنما جاءت به امرأة عن امرأة هذا في كتاب اللله الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم أما سمعت الله يقول {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} فهذا هو بعينه أوما سمعت الله يقول (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) (النبأ الآية 38) فهو هذا بعينه أوما سمعت الله يقول (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) (العصر : السورة كلها) فهو هذا بعينه.
وأخرج مسلم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.
وأخرج البخاري والبيهقي عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن سهل بن سعد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان : الفم والفرج.
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه والبيهقي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله مرني بأمر أعتصم به في الإسلام قال : قل آمنت بالله ثم استقم ، قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي قال : هذا وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرف لسان نفسه.
وأخرج البيهقي عن أبي عمر والشيباني قال : حدثني صاحب هذه الدار - يعني عبد الله بن مسعود - قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال : الصلاة على ميقاتها ، قلت : ثم ماذا يا
رسول الله قال : بر

الوالدين ، قلت : ثم ماذا يا رسول الله قال : أن يسلم الناس من لسانك ، قال : ثم سكت ولو استزدته لزادني.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قلت يا نبي الله ما النجاة قال : أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.
وأخرج البخاري في تاريخه ، وَابن أبي الدينا في الصمت والبيهقي عن أسود بن أبي أصرم المحاربي قال : قلت يا رسول الله أوصني ، قال : هل تملك لسانك قلت : فما أملك إذا لم أملك لساني ، قال : فهل تملك يدك قلت : فما أملك إذا لم أملك يدي قال : فلا تقل بلسانك إلا معروفا ولا تبسط يدك إلا إلى خير.
وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار : رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم.
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله عبدا تكلم فغنم أو سكت فسلم

وأخرج البيهقي عن ابن مسعود أنه أتى على الصفا فقال : يا لسان قل خيرا تغنم أو اصمت تسلم من قبل أن تندم قالوا : يا أبا عبد الرحمن هذا شيء تقوله أو سمعته قال : لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن سعيد بن جبير قال : رأيت ابن عباس آخذا بثمرة لسانه وهو يقول : يا لساناه قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم قبل أن تندم ، فقال له رجل : ما لي أراك آخذا بثمرة لسانك تقول كذا وكذا قال : إنه بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو عن شيء أحنق منه على لسانه.
وأخرج أبو يعلى والبيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يسلم فليلزم الصمت.
وأخرج البيهقي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي أبا ذر فقال ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما قال : بلى يا رسول الله ، قال : عليك بحسن الخلق وطول الصمت والذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما

وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله أوصني ، قال : أوصيك
بتقوى الله فإنه أزين لأمرك كله ، قلت : زدني ، قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض ، قلت : زدني ، قال : عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك ، قلت : زدني ، قال : إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه ، قلت : زدني ، قال : قل الحق ولو كان مرا ، قلت : زدني ، قال : لا تخف في الله لومة لائم ، قلت : زدني ، قال : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك.
وأخرج البيهقي عن ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله.
وأخرج الترمذي والبيقهي عن أبي سعيد الخدري رفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا أصبح ابن آدم فإن كل شيء من الجسد يكفر اللسان يقول : ننشدك الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا.
وأخرج أحمد في الزهد والنسائي والبيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن

عمر بن الخطاب اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه قال : ما تصنع يا خليفة رسول الله قال : إن هذا الذي أوردني الموارد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس شيء من الجسد إلا يشكو ذرب اللسان على حدته.
وأخرج البيهقي عن أبي جحيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله قال : فسكتوا فلم يجبه أحد ، قال : هو حفظ اللسان.
وأخرج البيهقي عن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مقام الرجل بالصمت أفضل من عبادة ستين سنة.
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل قال : كنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأصاب الناس ريح فتقطعوا فضربت ببصري فإذا أنا أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : لأغتنمن خلوته اليوم فدنوت منه فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يقربني - أو قال - يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال : لقد سألت عن عظيم وأنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتحج البيت وتصوم رمضان وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير ، قلت : أجل يا رسول الله ، قال :

الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة وقيام العبد في جوف الليل يبتغي به وجه الله ثم قرأ الآية
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع) (ألم السجدة الآية 16) ثم قال : إن شئت أنبأتك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ، قلت أجل يا رسول الله ، قال : أما رأس الأمر فالإسلام وأما عموده فالصلاة وأما ذروة سنامه فالجهاد وإن شئت أنبأتك بأملك الناس من ذلك كله ، قلت : ما هو يا رسول الله فأشار بإصبعه إلى فيه ، فقلت : وإنا لنؤاخذ بكل ما نتكلم به فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم وهل تتكلم إلا ما عليك أو لك.
وأخرج البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال : إن من قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن

منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها أتذكرون أن عليكم حافظين (كراما كاتبين) (الإنفطار الآية 11) (عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (ق الآية 18) أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته.
وأخرج ابن سعد عن أنس بن مالك قال : لا يتقي الله عبد حتى يخزن من لسانه.
وأخرج أحمد عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي الدرداء قال : ما في المؤمن بضعة أحب إلى الله من لسانه به يدخله الجنة وما في الكافر بضعة أبغض إلى الله من لسانه به يدخله النار.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تنطق فيما لا يعنيك واخزن لسانك كما تخزن درهمك

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاما في معصية الله.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال : أكثر الناس خطايا أكثرهم خوضا في الباطل.
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال : والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
وأخرج ابن عدي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يرضي امرأته وفي الحرب وفي صلح بين الناس.
وأخرج البيهقي عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الكذب لا يصلح إلا في ثلاث : الحرب فإنها خدعة والرجل يرضي امرأته والرجل يصلح بين اثنين.
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا

يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يكذب لامرأته لترضى عنه أو إصلاح بين الناس أو يكذب في الحرب.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما عمل ابن آدم شيء أفضل من الصدقة وصلاح ذات البين وخلق حسن.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصدقة صلاح ذات البين.
وأخرج البيهقي عن أبي أيوب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا أيوب ألا أخبرك بما يعظم الله به الأجر ويمحو به الذنوب تمشي في إصلاح الناس إذا تباغضوا وتفاسدوا فإنها صدقة يحب الله موضعها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا وقالت : لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث : في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بأفضل من درجات الصيام والصلاة والصدقة قالوا : بلى ، قال : إصلاح ذات البين ، قال : وفساد ذات البين هي الحالقة.
وأخرج البيهقي عن أبي أيوب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له : يا أبا أيوب ألا أدلك على صدقة يرضى الله ورسوله موضعها قال : بلى ، قال : أن تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا.
وأخرج البزار عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب : ألا أدلك على تجارة قال : بلى ، قال : تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال : كنت جالسا مع محمد بن كعب القرظي فأتاه رجل فقال له القوم : أين كنت فقال : أصلحت بين القوم فقال محمد بن كعب : أصبت لك مثل أجر المجاهدين ثم قرأ {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر

بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} ، واخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {ومن يفعل ذلك} تصدق أو أقرض أو أصلح بين الناس.
وأخرج أبو نصر السجري في الإبانة عن أنس قال : جاء أعرابي إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل علي في القرآن يا أعرابي {لا خير في كثير من نجواهم} إلى قوله {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} يا أعرابي الأجر العظيم : الجنة ، قال الأعرابي : الحمد لله الذي هدانا للإسلام.
الآيتان 115 - 116.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : دعاني معاوية فقال : بايع لابن أخيك ، فقلت : يا معاوية {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} فأسكته عني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {نوله ما تولى} من آلهة الباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك قال : كان عمر بن عبد العزيز يقول : سن

رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر فيما خالفها من اقتدى بها مهتد ومن استنصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وصلاه جهنم وساءت مصيرا.
وأخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة فمن شذ شذ في النار.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يجمع الله أمتي ، أو قال : هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة.
الآيات 118 - 122.
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : مع كل صنم جنية

وأخرج عبد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : اللات والعزى ومنات كلها مؤنث.
وأخرج ابن جرير عن السدي {إن يدعون من دونه إلا إناثا} يقول : يسمونهم إناثا لات ومناة وعزى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال : موتى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح مثل الخشبة اليابسة ومثل الحجر اليابس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال {إلا إناثا} قال : ميتا لا روح فيه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن قال : كان لكل حي من أحياء العرب صنم يعبدونها اثنى بني فلان فأنزل الله {إن يدعون من دونه إلا إناثا}

وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال المشركون : إن الملائكة بنات الله وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ، قال اتخذوا أربابا وصوروهن صور الجواري فحلوا وقلدوا وقالوا : هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده يعنون الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف إن يدعون من دونه إلا أنثى وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قال مع كل صنم شيطانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إلا إناثا} قال : إلا أوثانا.
وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن عائشة أنها كانت تقرأ ((إن يدعون من دونه إلا أوثانا)) ولفظ ابن جرير كان في مصحف عائشة {إن يدعون من دونه إلا إناثا}

وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن يدعون من دونه إلا أنثى)).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن يدعون إلا شيطانا} يعني إبليس.
وأخرج عن سفيان {وإن يدعون إلا شيطانا} قال : ليس من صنم إلا فيه شيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {مريدا} قال : تمرد على معاصي الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وقال لأتخذن من عبادك} قال : هذا قول إبليس {نصيبا مفروضا} يقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال : يتخذونها من دونه ويكونون من حزبي

وأخرج ابن جرير عن الضحاك {نصيبا مفروضا} قال : معلوما.
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} قال : دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فليبتكن آذان الأنعام} قال : التبتك في البحيرة والسائبة كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فليبتكن آذان الأنعام} قال : ليقطعن آذان الأنعام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما

(فليبتكن آذان الأنعام) فيشقونها فيجعلونها بحيرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ولفظ عبد الرزاق قال : من تغيير خلق الله الإخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : إخصاء البهائم مثله ثم قرأ {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن خصاء الخيل والبهائم قال ابن عمر : فيه نماء الخلق.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم ويقول : هل النماء إلا في الذكور.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن شبيل أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية {فليغيرن خلق الله} قال : الخصاء منه ، فأمرت أبا التياج فسأل الحسن عن خصاء الغنم قال : لا بأس به.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يكره الخصاء ويقول : هو نماء خلق الله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عكرمة أنه كره الخصاء قال : فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}

وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عروة أنه خصى بغلا له.
وأخرج ابن المنذر ، عَن طاووس أنه خصى جملا له.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه سئل عن خصاء الفحول فقال : لا بأس لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الحسن قال : لا بأس بإخصاء الدواب.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال : أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل ونهانا عنه عبد الملك بن مروان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عطاء أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضه وسوء خلقه بأسا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : دين لله

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله ، وهو قوله (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) (الروم الآية 30) يقول : لدين الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله.
وأخرج عبد الرزاق وآدم ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {فليغيرن خلق الله} قال : دين الله ثم قرأ {لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فليغيرن خلق الله} قال : الوشم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات

والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله.
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة : عن الوشر والوشم والنتف وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم وعن النهبى وعن ركوب النمور ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمستوشمة والواصلة والمتصلة.
وأخرج أحمد ومسلم ، عَن جَابر قال : زجر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة

برأسها شيئا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرداوا أن يصلوها فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت : أتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عروسا وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها أفأصله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال : ما بال أقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن أصدق الحديث كلام الله.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كل ما هو آت قريب إلا أن البعيد ما ليس بآت ألا لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يجد لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا ما شاء الله كان ولو كره الناس لا مقرب لما باعد الله ولا مباعد لما قرب الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وخير ما ألقي في القلب اليقين وخير الغنى غنى النفس وخير العلم ما نفع وخير الهدي ما اتبع وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم فإن لكا نفس نشاطا وإقبالا وإن لها سآمة وإدبارا ألا وشر الروايا روايا الكذب والكذب يقود إلى الفجور وإن الفجور يقود إلى النار ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر يقود إلى الجنة واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقا يقال للصادق صدق وبر ويقال للكاذب كذب وفجر وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم

يقول : لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا.
ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له ألا ولا تسالوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في دينهم فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه واستكوا ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : ألم اقل لك يا بلال أكلئنا الليلة فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك فحمد الله وأثنى

عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العرا كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم وأشرف الحديث ذكر الله وأحسن القصص هذا القرآن وخير الأمور عوازمها وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الأنبياء وأشرف الموت قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي وخير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا وأعظم الخطايا اللسان الكذوب وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل وخير ما وقر في القلوب اليقين والإرتياب من الكفر والنياحة من عمل الجاهلية والغلول من جثاء جهنم والكنز كي من النار والشعر من مزامير إبليس والخمر جماع الإثم والنساء حبالة الشيطان والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن أمه وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع والأمر بآخره وملاك العمل خواتمه وشر الروايا روايا الكذب وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن فسوق وقتال المؤمن كفر وأكل
لحمه من

معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يتأول على الله يكذبه ومن يغفر يغفر له ومن يغضب يغضب الله عنه ومن يكظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ومن يتبع السمعة يسمع الله به ومن يصبر يضعف الله له ومن يعص الله يعذبه الله اللهم اغفر لي ولأمتي قالها ثلاثا : استغفر الله لي ولكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله فذكر مثله سواء.
الآية 123.
أخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قالت العرب : لا نبعث ولا نحاسب وقالت اليهود والنصارى (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) (البقرة الآية 111) ، وقالوا (لن تمسنا النار إلا أياما معدوة) (البقرة الآية 80) فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}

وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مسروق قال : احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال المسلمون : نحن أهدى منكم ، وقال أهل الكتاب نحن أهدى منكم ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآية (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (النساء الآية 124) الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مسروق قال : تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، وقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} إلى قوله {ومن أحسن دينا} الآية ، فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي قال : التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى فقالت اليهود للمسلمين : نحن خير منكم ديننا قبل دينكم وكتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن على دين إبراهيم ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وقالت النصارى مثل ذلك ، فقال المسلمون : كتابنا بعد كتابكم ونبينا بعد نبيكم وديننا بعد دينكم وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا ، فرد الله عليهم قولهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا) (النساء الآية 125).
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال : تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة : كتابنا أول كتاب وخيرها ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل نحوا من ذلك وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام وكتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم فقضى الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) (النساء الآية 125) الآية

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك قال : افتخر أهل الأديان فقالت اليهود : كتابنا خير الكتب وأكرمها على الله ونبينا أكرم الأنبياء على الله موسى خلا به وكلمه نجيا وديننا خير الأديان ، وقالت النصارى : عيسى
خاتم النبيين آتاه الله التوراة والإنجيل ولو أدركه محمد تبعه وديننا خير الدين ، وقالت المجوس وكفار العرب : ديننا أقدم الأديان وخيرها ، وقال المسلمون : محمد رسول الله وخاتم الأنبياء وسيد الرسل والقرآن آخر ما نزل من عند الله من الكتب وهو أمير على كل كتاب والإسلام خير الأديان فخير الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} يعني بذلك اليهود والنصارى والمجوس وكفار العرب ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ثم فضل الإسلام على كل دين فقال : (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله) (النساء الآية 125) الآية.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب أنزل قبل كتابكم ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك وقال أهل الإسلام : كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} وخير بين

أهل الأديان فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه) (النساء الآية 125) الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : جلس أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم ، وقال هؤلاء : نحن أفضل ، فقال الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خص الله أهل الأديان فقال (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى) (النساء الآية 124).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} قال : قريش وكعب بن الأشرف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني إن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت اليهود والنصارى : لا يدخل الجنة غيرنا ، وقالت قريش : لا نبعث ، فأنزل الله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}
والسوء : الشرك

وأخرج أحمد وهناد ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن حبان ، وَابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق أنه قال : يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فكل سوء جزينا به فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : غفر الله لك يا أبا بكر ألست تنصب ألست تمرض ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء قال : بلى ، قال : فهو ما تجزون به.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر قال : سمعت أبا بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يعمل سوءا يجز به في الدينا

وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار ، وَابن المنذر والحاكم عن ابن عمر أنه مر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب فقال : رحمك الله يا أبا خبيب سمعت أباك الزبير يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من يعمل سوءا يجز به في الدينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن المنذر عن أبي بكر الصديق قال : كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت علي قلت : بلى يا رسول الله فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاما في ظهري حتى تمطيت لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالك يا أبا بكر قلت : بأبي وأمي يا رسول الله وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدينا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة

وأخرج ابن جرير عن عائشة عن أبي بكر قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر : يا رسول الله كل ما نعمل نؤاخذ به فقال : يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا ، فهو كفارة.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الحلية ، وَابن مردويه عن مسروق قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال : إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم يجزى به المؤمن في الدينا في نفسه في جسده فيما يؤذيه.
وأخرج أبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن

عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال : ما هي يا عائشة قلت : {من يعمل سوءا يجز به} فقال : هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها يا عائشة من نوقش هلك ومن حوسب عذب ، فقلت : يا رسول الله أليس الله يقول (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) قال : ذاك العرض يا عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال : إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الغط عند الموت.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها.
وأخرج ابن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم

وصححه عن أبي المهلب قال : رحلت إلى عائشة في هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قالت : هو ما يصيبكم في الدينا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} شق ذلك على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سددوا وقاربوا فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها ، وفي لفظ عند ابن مردويه : بكينا وحزنا وقلنا : يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شيء قال : أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا إنه لا يصيب أحد منكم من مصيبة في الدينا إلا كفر الله بها خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما
سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته

وأخرج أحمد ومسدد ، وَابن أبي الدينا في الكفارات وأبو يعلى ، وَابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رجل : يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها قال : كفارات ، قال أبي : وإن قلت قال : وإن شوكة فما فوقها.
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال : قال رجل لعمر ابن الخطاب : إني لا أعرف أشد آية في كتاب الله ، فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال : مالك نقبت عنها فانصرف حتى كان الغد قال له عمر : الآية التي ذكرت بالأمس فقال {من يعمل سوءا يجز به} فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به ، فقال عمر : لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص وقال : (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) (النساء الآية 110).
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن أمية بنت عبد الله قالت : سألت عائشة عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به}

فقالت : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدينا ، وَابن جَرِير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال : قلت لأبي بن كعب : آية في كتاب الله قد أحزنتني قال : ما هي قلت {من يعمل سوءا يجز به} قال : ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى إن المؤمن لا تصيبه مصيبة عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب وما يعفوه الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة.
وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال : جاء رجل

إلى أبي فقال :
يا أبا المنذر آية في كتاب الله قد غمتني قال : أي آية قال {من يعمل سوءا يجز به} قال : ذاك العبد المؤمن ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر فليقى الله عز وجل ولا ذنب له.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال : لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر : جاءت قاصمة الظهر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هي المصيبات في الدينا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه حزينا فساله عن هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فقال : ما لكم ولهذه إنما هذه للمشركين قريش وأهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {من يعمل سوءا يجز به} يقول من يشرك يجز به وهو السوء {ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} إلا أن يتوب قبل موته فيتوب الله عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : إنما ذاك لمن أراد الله هوانه فأما من أراد الله كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون

وأخرج البيهقي عن أنس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة فهزها حتى تساقط من ورقها ما شاء الله أن يتساقط ثم قال : الأوجاع والمصيبات أسرع في ذنوب بني آدم مني في هذه الشجرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ولده وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وأخرج أحمد عن السائب بن خلاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والحكيم الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة.
وأخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي

ويتقلب على فراشه فقالت عائشة : لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه.
وأخرج أحمد وهناد في الزهد معا عن أبي بكر الصديق قال : إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة وانقطاع شسعه والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : النبيون ثم الأمثل من الناس فما يزال بالعبد البلاء حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن معاوية : سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول : ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من سيئاته.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صداع المؤمن أو شوكة يشاكها أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ويكفر عنه بها ذنوبه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الأسلمي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها - حتى ذكر الشوكة - إلا لإحدى خصلتين : إلا ليغفر الله من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر الله له إلا بمثل ذلك أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال : إن الوجع لا يكتب به الأجر إنما الأجر في العمل ولكن يكفر الله به الخطايا.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عبد الله بن أياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيكم يحب أن يصح فلا يسقم

قالوا : كلنا يا رسول الله قال : أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة ، وفي لفظ : الصيالة ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء وأصحاب كفارات والذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه وإن العبد لتكون له الدرجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله حتى يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي الدينا والبيهقي عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده وكانت له صحبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك.
وأخرج البيهقي من طريق أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان يقول : مر موسى عليه السلام على رجل في متعبد له ثم مر به بعد ذلك وقد مزقت السباع لحمه فرأس ملقى وفخذ ملقى وكبد ملقى فقال موسى : يا رب عبدك كان يطيعك فابتليه بهذا فأوحى الله إليه : يا موسى إنه

سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليه بهذا لأبلغه بذلك الدرجة.
وأخرج البيهقي عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ضرب من مؤمن عرق إلا حط الله به عنه خطيئة وكتب له به حسنة ورفع له به درجة.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر كل ذنب.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صدع في سبيل الله ثم احستب غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال الصداع والمليلة بالمرء المسلم حتى يدعه مثل الفضة البيضاء.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن عامر أخي الخضر قال : إني لبأرض محارب إذا رايات وألوية فقلت : ما هذا قالوا :

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست إليه وهو في ظل شجرة قد بسط له كساء وحوله أصحابه فذكروا الأسقام فقال : إن العبد
المؤمن إذا أصابه سقم ثم عافاه الله كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل من عمره وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله ثم أطلقوه لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أطلقوه ، فقال رجل : يا رسول الله ما الأسقام قال : أو ما سقمت قط قال : لا ، قال : فقم عنا فلست منا.
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه منه طاهرا.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته : يا ملائكتي إذا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له وإن أعافه فجسده مغفور لا ذنب له ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء - وهو أعلم - كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من السيئات ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك فذلك الذي يشك بعض

الشك ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي قد افتتن.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي من طريق بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري عن أبيه عن جده قال : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فأكب عليه فسأله فقال : يا نبي الله ما غمضت منذ سبع ليال ولا أحد يحضرني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي أخي اصبر أي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كما دخلت فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا.
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا.
وأخرج البيهقي عن الحكم بن عتبة رفعه قال : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفر ذنوبه ابتلاه الله بالهم يكفر به ذنوبه.
وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة

وأخرج البيهقي عن المسيب بن رافع أن أبا بكر الصديق قال : إن المرء المسلم يمشي في الناس وما عليه خطيئة ، قيل : ولم ذلك يا أبا بكر قال : بالمصائب والحجر والشوكة والسشع ينقطع.
وأخرج أحمد عن ابي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الصداع والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل.
وأخرج أحمد عن خالد بن عبد الله القسري عن جده يزيد بن أسد أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن غضيف قال : دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده فإذا وجهه مما يلي الجدار وامرأته قاعدة عند رأسه قلت : كيف بات أبو عبيدة قالت : بات بأجر ، فأقبل علينا بوجهه فقال : إني لم أبت بأجر

ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ومستعتبا فيما بقي وإن الفاجر يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله لا يدري لم عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار أنه كان عنده أعرابي فذكروا الوجع فقال عمار : ما اشتكيت قط قال : لا ، فقال عمار : لست منا ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها وإن الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عقل فلم يدر لم عقل وأطلق فلم يدر لم أطلق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : الشرك.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ، مثله

وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال : الكافر ثم قرأ (وهل يجازى إلا الكفور) (سبأ الآية 17).
الآية 124
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مسروق قال : لما نزلت (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) (النساء الآية 123) الآية ، قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء ، فنزلت هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} ففجلوا عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن السدي في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات} قال : الفرائض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : قد

يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير فلا ينفعهم في الدينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال : إنما يتقبل الله من العمل ما كان في الإيمان.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي قال : القطمير القشرة التي تكون على النواة والفتيل الذي يكون في بطنها والنقير النقطة البيضاء التي في وسط النواة.
الآيتان 125 - 126.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وديننا خير الأديان ، فقال الله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة.
وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمدا بالرؤية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن الضريس عن معاذ بن جبل أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ {واتخذ الله إبراهيم خليلا} فقال رجل من القوم : لقد قرت عين أم إبراهيم.
وأخرج الحاكم وصححه عن جندب : أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى : إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وإن صاحبكم خليل الله وإن محمدا سيد بني آدم يوم القيامة ، ثم قرأ (عسى أن يبعثك ربك مقاما

محمودا) (الإسراء الآية 79).
وأخرج الطبراني عن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم ، قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم.
وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة قصرا من درة لا صدع فيه ولا وهن أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلا.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : جلس ناس من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول : إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله ، وقال آخر : ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما ، وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته ، وقال آخر آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم فسلم فقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك وموسى كليمه وعيسى روحه

وكلمته وآدم اصطفاه الله ربه كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال : أوحى الله إلى إبراهيم : أتدري لم اتخذتك خليلا قال : لا يارب ، قال : لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال : دخل إبراهيم عليه السلام منزله فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه فقال له إبراهيم : بإذن من دخلت قال : بإذن رب المنزل ، فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت : إن ربك اتخذ من عباده خليلا ، قال إبراهيم : ونحن ذلك قال : وما تصنع به قال : أكون خادما له حتى أموت ، قال : فإنه أنت ، وبأي شيء اتخذني خليلا قال : بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا قال : لإطعامه الطعام يا محمد.
وأخرج الديلمي بسند واه عن أبي هريرة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس : يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلا هبط إليه جبريل فقال : أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة فقال : لا أدري يا جبريل قال : لأنك تعطي ولا تأخذ.
وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلا واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا ثم اصطفى من ولد نزار مضر ثم اصطفى من مضر كنانة ثم اصطفى من كنانة قريشا ثم اصطفى من قريش بني هاشم ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبد المطلب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه ، وَابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال : وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش ، والله أعلم.
الآية 127.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {ويستفتونك في النساء} الآية ، قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ولا يورثون المرأة ، فلما كان الإسلام قال {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة في الفرائض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا قلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا : أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال والمرأة التي هي كذلك فيرثان كما يرث

الرجل فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا : لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد ثم قالوا : سلوا ، فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} في أول السورة في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ، قال سعيد ابن جبير : وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئا كانوا يقولون : لا يغزون ولا يغنمون خيرا ففرض الله لهن الميراث حقا واجبا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم في الآية قال : كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها فأنزل الله هذا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكجها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها وإن

مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئا وكان ذلك في الجاهلية فبين الله لهم ذلك وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئا فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كان جابر بن عبد الله له ابنة عم عمياء وكانت دميمة وكانت قد ورثت من أبيها مالا فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها فسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكان ناس في حجورهم جوار أيضا مثل ذلك فأنزل الله فيهم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} قال : كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوجها ولم يترك أحدا يتزوجها {والمستضعفين من الولدان} قال : كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله {وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قال : ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث وكانوا لا يورثون امرأة ولا صبيا حتى يحتلم

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة في قوله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} إلى قوله {وترغبون أن تنكحوهن} قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها فنزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن فأنزل الله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} قالت : والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) قالت : وقول الله {وترغبون أن تنكحوهن} رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون
قليلة المال والجمال فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا فإن كانت جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله {لا تؤتونهن ما كتب لهن} فنهى الله عنه وبين لكل ذي سهم سهمه صغيرا كان أو كبيرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة فيرغب عنها أن ينكحها ولا ينكحها رغبة في مالها.
وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد وكان له منها ابنة فأتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها ففيها نزلت {ويستفتونك في النساء} الآية.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن ، وَابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما : ترغبون فيهن وقال الآخر : ترغبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن الحسن في قوله !

{وترغبون أن تنكحوهن} قال : ترعبون عنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيدة {وترغبون أن تنكحوهن} قال : ترغبون عنهن.
الآيات 128 - 134
أخرج الطيالسي والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} الآية ، قال ابن عباس : فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا وكان يطوف علينا يوميا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله يومي هو لعائشة ، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : فأنزل الله في ذلك {وإن امرأة خافت من بعلها

نشوزا أو إعراضا} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عائشة {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} الآية ، قالت : الرجل تكون عنده المرأة ليس مستكثرا منها يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك من شأني في حل ، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية {والصلح خير} في رجل كانت تحته امرأة قد طالت صحبتها وولدت منه أولادا فأراد أن يستبدل بها فراضته على أن يقيم عندها ولا يقيم لها.
وأخرج مالك وعبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن رافع بن خديج أنه كانت تحته امرأة قد خلا من سنها فتزوج عليها شابة فآثرها عليها فأبت الأولى أن تقر فطلقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال : إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة وإن شئت تركتك قالت : بل راجعني ، فراجعها فلم تصبر على الأثرة فطلقها أخرى وآثر عليها الشابة فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه {وإن

امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} الآية.
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والبيهقي عن سعيد ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك فاصطلحا على صلح فجرت السنة بذلك ونزل القرآن {وإن امرأة خافت من بعلها} الآية.
وأخرج ابن جرير عن عمر أن رجلا سأله عن آية فكره ذلك وضربه بالدرة فسأله آخر عن هذه الآية {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} فقال : عن مثل هذا فسلوا ثم قال : هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها فيتزوج المرأة الثانية يلتمس ولدها فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
وأخرج الطيالسي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية فقال : هو الرجل عنده امرأتان فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا

يفارقها فما طابت به نفسه فلا بأس به فإن رجعت سوى بينهما.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : هي المرأة تكون عند الرجل حتى تكبر فيريد أن يتزوج عليها فيتصالحان بينهما صلحا على أن لها يوما ولهذه يومان أو ثلاثة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : تلك المرأة تكون عند الرجل لا يرى منها كثيرا مما يحب وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها فأمر الله إذا كان ذلك أن يقول لها : يا هذه إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي وإن كرهت خليت سبيلك فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخبرها فلا جناح عليه وهو قوله {والصلح خير} يعني أن تخيير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة فينكح عليها المرأة الشابة ويكره أن يفارق أم ولده فيصالحها على عطية من ماله ونفسه فيطيب له ذلك الصلح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في أبي السنابل بن

بعكك.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سودة بنت زمعة.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبغض الحلال إلى الله الطلاق.
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصلح حائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وأحضرت الأنفس الشح} قال : تشح عند الصلح على نصيبها من زوجها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {وأحضرت الأنفس الشح} قال : هواه في الشيء يحرص عليه ، وفي قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال : في الحب

والجماع ، وفي قوله {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} قال : لا هي أيم ولا هي ذات زوج.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} في عائشة يعني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن المنذر
عن عائشة قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد قال :

كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن زيد قال : كانت لي امرأتان فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال : في الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} قال في الحب والجماع.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله : (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء . قال : في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال : في

الغشيان {فتذروها كالمعلقة} لا أيم ولا ذات زوج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} يعني في الحب {فلا تميلوا كل الميل} قال : لا تتعمدوا الإساءة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : لا تمل عليها فلا تنفق عليها ولا تقسم لها يوما.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول : إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فتذروها كالمعلقة} قال : لا مطلقة ولا ذات بعل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {كالمعلقة} قال : كالمسجونة

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وإن يتفرقا} قال : الطلاق.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان الله غنيا} قال : غنيا عن خلقه {حميدا} قال : مستحمدا إليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علي ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وكفى بالله وكيلا} قال : حفيظا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين} قال : قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت بآخرين من بعدهم.
الآية 135.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين} الآية ، قال : أمر الله المؤمنين أن يقولوا بالحق ولو على أنفسهم أو آبائهم أو أبنائهم لا يحابوا غنيا لغناه ولا يرحموا مسكينا لمسكنته وفي قوله {فلا تتبعوا الهوى} فتذروا الحق

فتجوروا {وإن تلووا} يعني ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} الآية ، قال : الرجلان يقعدان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مولى لابن عباس قال : لما قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة كانت البقرة أول سورة نزلت ثم أردفها النساء قال :
فكان الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه فيلوي بها لسانه أو يكتمها مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي فنزلت {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} يعني إن يكن غنيا أو فقيرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اختصم إليه رجلان غني وفقير فكان حلفه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم

الغني فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هذا في الشهادة فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين أو على ذي قرابتك وأشراف قومك فإنما الشهادة لله وليست للناس وإن الله تعالى رضي بالعدل لنفسه والإقساط والعدل ميزان الله في الأرض به يرد الله من الشديد على الضعيف ومن الصادق على الكاذب ومن المبطل على المحق وبالعدل يصدق الصادق ويكذب الكاذب ويرد المعتدي ويوبخه تعالى ربنا وتبارك وبالعدل يصلح الناس يا ابن آدم إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما يقول الله أولى بغنيكم وفقيركم ولا يمنعك عنى غني ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم فإن ذلك من الحق قال : وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام قال : يا رب أي شيء وضعت في الأرض أقل قال : العدل أقل ما وضعت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وإن تلووا أو تعرضوا} يقول : تلوي لسانك بغير الحق وهي اللجلجة فلا يقيم الشهادة على وجهها ، والإعراض الترك

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد قال {تلووا} تحرفوا و{تعرضوا} تتركوا.
وأخرج آدم والبيهقي فب سننه عن مجاهد في قوله {وإن تلووا} يقول : تبدلوا الشهادة {أو تعرضوا} يقول : تكتموها.
الآية 136
أخرج الثعلبي عن ابن عباس أن عبد الله بن سلام وأسدا وأسيدا ابني كعب وثعلبة بن قيس وسلاما ابن أخت عبد الله بن سلام وسلمة ابن أخيه ويامين بن يامين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا نؤمن بكتابك وموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا : لا نفعل ، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل} قال : فآمنوا كلهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله} الآية ، قال : يعني بذلك أهل الكتاب كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل وأقروا على أنفسهم بأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث الله رسوله دعاهم إلى أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وذكرهم الذي أخذ عليهم من الميثاق فمنهم من صدق النَّبِيّ واتبعه ومنهم من كفر

الآيات 137 - 139.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إن الذين آمنوا ثم كفروا} قال : هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ثم كفروا ثم ذكر النصارى فقال {ثم آمنوا ثم كفروا} يقول : آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به {ثم ازدادوا كفرا} بمحمد صلى الله عليه وسلم {ولا ليهديهم سبيلا} قال : طريق هدى وقد كفروا بآيات الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين وكفروا مرتين {ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : هم المنافقون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن علي أنه قال في المرتد : إن كنت لمستتيبه ثلاثا ثم قرأ هذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن فضالة بن عبيد أنه أتي

برجل من المسلمين قد فر إلى العدو فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثانية فأتي به فأقاله الإسلام ثم فر الثالثة فأتي به فنزع بهذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا} إلى {سبيلا} ثم ضرب عنقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ازدادوا كفرا} قال : تموا على كفرهم حتى ماتوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد ، مثله.
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي ، وَابن عساكر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول كل يوم : أنا ربكم العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز.
الآيتان 140 - 141
أخرج ابن المنذر ، وَابن جَرِير عن أبي وائل قال : إن الرجل ليتكلم في المجلس بالكلمة الكذب يضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعا

فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال : صدق أبو وائل أو ليس ذلك في كتاب الله {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : أنزل في سورة الأنعام (حتى يخوضوا في حديث غيره) (الأنعام الآية 68) ثم نزل التشديد في سورة النساء {إنكم إذا مثلهم}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في الآية قال : كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله والقرآن فشتموه واستهزؤوا به فأمر الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
وأخرج عن سعيد بن جبير أن الله جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل مكة الذين خاضوا واستهزؤوا بالقرآن في جهنم جميعا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد {الذين يتربصون بكم} قال : هم المنافقون يتربصون بالمؤمنين {فإن كان لكم فتح من الله} إن أصاب المسلمون من عدوهم غنيمة قال المنافقون {ألم نكن معكم} قد كنا معكم فأعطونا من الغنيمة مثل ما تأخذون {وإن كان للكافرين نصيب} يصيبونه من المسلمين قال المنافقون للكفار {ألم نستحوذ عليكم} ألم نبين لكم أنا على ما أنتم عليه قد نثبطهم عنكم

وأخرج ابن جرير عن السدي {ألم نستحوذ عليكم} قال : نغلب عليكم.
أخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن علي أنه قيل له : أرأيت هذه الآية {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} وهم يقاتلونا فيظهرون ويقتلون فقال : ادنه ادنه ثم قال : فالله يحكم بينكم يوم القيامة {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} ، واخرج ابن جرير عن علي {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال في الآخرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مالك ، مثله

وأخرج ابن جرير عن السدي {سبيلا} قال : حجة.
الآية 142.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به يوم القيامة حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفى ء نور المنافقين ومضى المؤمنون بنورهم فتلك خديعة الله إياهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {وهو خادعهم} قال : يعطيهم يوم القيامة نورا يمشون فيه مع المسلمين كما كانوا معه في الدينا ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه فيقومون في ظلمتهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير ، نحوه.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : نزلت في عبد الله بن أبي وأبي عامر بن النعمان.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن أبي الدينا في الصمت

عن ابن عباس أنه كان يكره أن يقول الرجل إني كسلان ويتأول هذه الآية.
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن المنذر عن قتادة {يراؤون الناس} قال : والله لولا الناس ما صلى المنافق ولا يصلي إلا رياء وسمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {ولا يذكرون الله إلا قليلا} قال : إنما لأنه كان لغير الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {ولا يذكرون الله إلا قليلا}
قال : إنما قل ذكر المنافق لأن الله لم يقبله وكل ما

رد الله قليل وكل ما قبل الله كثير.
وأخرج ابن المنذر ، عَن عَلِي ، قال : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.
وَأخرَج مسلم وأبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا.
الآية 143.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد فوقع أحدهم فعبر حتى أتى ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب إلى الهلكة ارجع عودك على بدئك وناداه الذي عبر : هلم النجاة ، فجعل ينتظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة قال : فجاءه سيل فأغرقه فالذي عبر المؤمن والذي غرق المنافق مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء والذي مكث الكافر

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك ، قال : وذكر لنا : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلا للمؤمن والكافر والمنافق كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع ثم وقع المنافق حتى كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي فإني أخشى عليك وناداه المؤمن أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحصي له ما عنده فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء فغرقه وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {مذبذبين بين ذلك} قال : هم المنافقون {لا إلى هؤلاء} يقول : لا إلى أصحاب محمد ولا إلى هؤلاء اليهود.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {مذبذبين بين ذلك} قال : بين الإسلام والكفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المنافق مثل الشاة

العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدري أيها تتبع.
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين إن أتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء نطحتها.
الآية 144.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا} قال : إن لله السلطان على خلقه ولكنه يقول : عذرا مبينا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : كل سلطان في القرآن فهو حجة.
الآيات 145 - 147

أخرج الفريابي ، وَابن ابي شيبة وهناد ، وَابن أبي الدينا ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في صفة النار عن ابن مسعود {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال : في توابيت من حديد مقفلة عليهم وفي لفظ : مبهمة عليهم أي مقفلة لا يهتدون لمكان فتحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك الأسفل} قال : الدرك الأسفل : بيوت من حديد لها أبواب تطبق عليها فيوقد من تحتهم ومن فوقهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك} قال : في توابيت ترتج عليهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {في الدرك

الأسفل} يعني في أسفل النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن كثير قال : سمعت أن جهنم أدراك منازل بعضها فوق بعض.
وأخرج ابن أبي الدينا في صفة النار عن أبي الأحوص قال : قال ابن مسعود : أي أهل النار أشد عذابا قال رجل : المنافقون ، قال : صدقت فهل تدري كيف يعذبون قال : لا ، قال : يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم ثم يجعلون في الدرك الأسفل في تنانير أضيق من زج يقال له : جب الحزن يطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد.
وأخرج ابن أبي الدينا في كتاب الإخلاص ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن : أوصني ، قال : أخلص دينك يكفك القليل من العمل

وأخرج ابن أبي الدينا في الإخلاص والبيهقي في الشعب عن ثوبان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء.
وأخرج البيهقي عن أبي فراس رجل من أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلوني عما شئتم ، فنادى رجل : يا رسول الله ما الإسلام قال : إقام الصلاة وإتياء الزكاة قال : فما الإيمان قال : الإخلاص ، قال : فما اليقين قال : التصديق بالقيامة.
وأخرج البزار بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : نصر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها فرب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب امرى ء مؤمن ، إخلاص العمل لله والمناصحة لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم يحيط من ورائهم.
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلابتهم إخلاصهم .

وأخرج ابن أبي شيبة في زوائد "الزهد" وأبو الشيخ بن حيان عن مكحول قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أخلص عبدالله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ".
وَأخرَج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله وما إخلاصها قال : أن تحجزه عن المحارم ".
وَأخرَج ابن أبي شيبة أحمد في الزهد " والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله من

المخلص لله ؟ قال : الذي يعمل لله لايحب أن يحمده الناس عليه.
وَأخرَج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : ما يبلغ عبد حقيقة الاخلاص حتى لايحب أن يحمده أحد على شىء من عمل الله عز وجل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم) الآية . قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا . قوله تعالى : (لايحب الله الجهر بالسوء) الآية.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لايحب الله الجهر بالسوء من القول) ، قال : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه وأن يصبر فهو خير له.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هو الرجل يظلم فلا يدع عليه ولكن ليقل : اللهم أعني عليه اللهم استخرج لي حقي حل بينه وبين ما يريد ونحو هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : عذر الله

المظلوم كما تسمعون أن يدعو.
وأخرج أبو داود عن عائشة أنه سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبخي عنه بدعائك.
وأخرج الترمذي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه فنزلت {إلا من ظلم} ذكر أنه لم يضفه لا يزيد على ذلك.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج من عنده فيقول : أساء ضيافتي ولم يحسن.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : إن الله لا يحب الجهر بالسوء

من القول من أحد من الخلق ولكن يقول : من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان أبي يقرأ {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال ابن زيد : يقول : من قام على ذلك النفاق فجهر له بالسوء حتى نزع.
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال : كان الضحاك بن مزاحم يقول : هذا في التقديم والتأخير يقول الله (ما
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم

وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال : بلغني أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أخلص عبد لله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعي القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل : يا رسول الله وما إخلاصها قال : أن تحجزه عن المحارم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي ، وَابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيس عليه السلام : يا روح الله من

المخلص لله قال : الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ما يفعل الله بعذابكم} الآية ، قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا.
الآيتان 148 - 149.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}) (النساء الآية 147) {إلا من ظلم}
وكان يقرأها كذلك ثم قال {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} أي على كل حال.
الآيات 150 - 152.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال : أولئك أعداء الله اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن ومحمد فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، وَابن جريج ، نحوه.
الآيات 153 – 156

أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن موسى جاءنا بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} إلى {وقولهم على مريم بهتانا عظيما}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله من الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله فأنزل الله {يسألك أهل الكتاب} الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : قالت اليهود : إن كنت صادقا أنك رسول الله فآتنا كتابا مكتوبا من السماء كما جاء به موسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أن

تنزل عليهم كتابا من السماء} أي كتابا خاصة ، وفي قوله {جهرة} أي عيانا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {فقالوا أرنا الله جهرة} قال : إنهم إذا رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله قال : هو مقدم ومؤخر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن عمر بن الخطاب أنه قرأ فأخذتهم الصعقة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فأخذتهم الصاعقة} قال : الموت أماتهم الله قبل آجالهم عقوبة بقولهم ما شاء الله أن يميتهم ثم بعثهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {ورفعنا فوقهم الطور} قال : جبل كانوا في أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة فقال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فقالوا : نأخذه وأمسكه الله عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله !

{وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} قال : كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} قال : أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا
لها وأحلت لهم ما خلا ذلك وفي قوله {فبما نقضهم} يقول : فبنقضهم ميثاقهم {وقولهم قلوبنا غلف} أي لا نفقه {بل طبع الله عليها} يقول : لما ترك القوم أمر الله وقتلوا رسوله وكفروا بآياته ونقضوا الميثاق الذي عليهم طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك.
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتكهت الحرمة وعمل بالمعاصي واجترى ء على الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فلا يقبل بعد ذلك شيئا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقولهم على مريم بهتانا عظيما} قال : رموها بالزنا

وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه ، عَن عَلِي ، قال : قال لي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن لك من عيسى مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له ، والله تعالى أعلم.
الآيتان 157 - 158.
أخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت إثنا عشر رجلا من الحواريين فخرج عليهم من غير البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثني عشر مرة بعد أن آمن بي ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له : اجلس ، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : اجلس ، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا ، فقال : أنت ذاك فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء ، قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم
صلبوه وكفر به بعضهم اثني عشر مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق وقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء فهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه

وهؤلاء النسطورية وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {فآمنت طائفة من بني إسرائيل} يعني الطائفة التي آمنت في زمن عيسى وكفرت الطائفة التي كفرت في زمن عيسى {فأيدنا الذين آمنوا} في زمن عيسى بإظهار محمد دينهم على دين الكافرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {وقولهم إنا قتلنا المسيح} الآية ، قال : أولئك أعداء الله اليهود افتخروا بقتل عيسى وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه وذكر لنا أنه قال لأصحابه : أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول قال رجل من أصحابه : أنا يا نبي الله فقتل ذلك الرجل ومنع الله نبيه ورفعه إليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {شبه لهم} قال : صلبوا رجلا غير عيسى شبه بعيسى يحسبونه إياه ورفع الله إليه عيسى حيا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وما قتلوه يقينا} قال : يعني لم

يقتلوا ظنهم يقينا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : ما قتلوا ظنهم يقينا.
وأخرج ابن جرير مثله عن جويبر والسدي.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وَابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي رافع قال : رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راع وحذافة يخذف بها الطير.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم ، وَابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي العالية قال : ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف وخفي راع وقذافة يقذف بها الطير.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الجبار بن عبد الله بن سليمان قال : أقبل عيسى ابن مريم على أصحابه ليلة رفع فقال لهم : لا تأكلوا بكتاب الله أجرا

فإنكم إن لم تفعلوا
أقعدكم الله على منابر الحجر منها خير من الدينا وما فيها ، قال عبد الجبار : وهي المقاعد التي ذكر الله في القرآن (في مقعد صدق عند مليك مقتد) (القمر الآية 55) ورفع عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن وهب بن منبه قال : إن عيسى لما أعلمه الله أنه خارج من الدينا جزع من الموت وشق عليه فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما فقال : احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليلة عشاهم وقام يحدثهم فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضيهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه فتعاظموا ذلك وتكارموه فقال : ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه فأقروه حتى فرغ من ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم فلا يتعظم بعضكم على بعض وليبذل بعضكم نفسه لبعض كما بذلت نفسي لكم وأما حاجتي التي استعنتكم عليها فتدعون لي الله وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله ، ما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها قالوا : والله ما ندري ما كنا لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال : يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل

يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه ثم قال : الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات وليبيعنني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا : هذا من أصحابه ، فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه ، ثم أخذه آخرون كذلك ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل فجعلوا يقودنه ويقولون : أنت كنت تحيي الميت وتبرى ء المجنون أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا.
ثم إن أمه والمرأة التي كان يدوايها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث المصلوب فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان قالتا عليك ، قال : إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير وإن هذا شيء شبه

لهم فأمروا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا فألقوه إلى ذلك المكان أحد عشر وقعد الذي كان باعه ودل عليه اليهود فسأل عنه أصحابه فقالوا : إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل قال : لو تاب تاب الله عليه ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحنا فقال : هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة فليتدبرهم وليدعهم.
وأخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه قال : إن عيسى عليه السلام كان سياحا فمر على امرأة تستقي فقال : اسقيني من مائك الذي من شرب منه مات وأسقيك من مائي الذي من شرب منه حيي قال : وصادف امرأة حكيمة فقالت له : أما تكتفي بمائك الذي من شرب منه حيي عن مائي الذي من شرب منه مات قال : إن ماءك عاجل ومائي آجل ، قالت : لعلك هذا الرجل الذي يقال له عيسى بن مريم قال : فإني أنا هو وأنا أدعوك إلى عبادة الله وترك ما تعبدين من دون الله عز وجل ، قالت : فأتني على ما تقول ببرهان قال : برهان ذلك أن ترجعي إلى زوجك فيطلقك ، قالت : إن في هذا لآية بينة ما في بني إسرائيل امرأة أكرم على زوجها مني

ولئن كان كما تقول إني لأعرف أنك صادق ، قال : فرجعت إلى زوجها وزوجها شاب غيور فقال : ما بطؤ بك قالت : مر علي رجل فأرادت أن تخبره عن عيسى فاحتملته الغيرة فطلقها فقالت : لقد صدقني صاحبي ، فخرجت تتبع عيسى وقد آمنت به فأتى عيسى ومعه سبعة وعشرون من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم فدخلوا عليهم وقد صورهم الله على صورة عيسى فقالوا : قد سحرتمونا لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلكم جميعا فقال عيسى لأصحابه : من يشتري منكم نفسه بالجنة فقال رجل من القوم : أنا ، فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وصلبوه فظنت النصارى مثل ذلك ورفع الله عيسى من يومه ذلك ، فبلغ المرأة أن عيسى قد قتل وصلب فجاءت حتى بنت مسجدا إلى أصل شجرته فجعلت تصلي وتبكي على عيسى فسمعت صوتا من فوقها صوت عيسى لا تنكره : أي فلانة إنهم والله ما قتلوني وما صلبوني ولكن شبه لهم وآية ذلك أن الحواريين يجتمعون الليلة في بيتك فيفترقون اثنتي عشرة فرقة كل فرقة منهم تدعو قوما إلى دين الله فلما أمسوا اجتمعوا في بيتها فقالت لهم : إني سمعت الليلة شيئا أحدثكم به وعسى أن تكذبوني وهو الحق سمعت صوت عيسى وهو يقول : يا فلانة إني والله ما قتلت ولا صلبت وآية ذلك أنكم تجتمعون الليلة في بيتي فتفترقون اثنتي عشرة فرقة فقالوا : إن الذي سمعت كما سمعت فإن عيسى لم يقتل ولم يصلب إنما قتل فلان وصلب

وما اجتمعنا في بيتك إلا لما قال نريد أن نخرج دعاة في الأرض فكان ممن توجه إلى الروم نسطور وصاحبان له فأما صاحباه فخرجا وأما نسطور فحسبته حاجة له فقال لهما : ارفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شيء فلما قدما الكورة التي أرادا قدما في يوم عيدهم وقد برز ملكهم وبرز وبرز معه أهل مملكته فأتاه الرجلان فقاما بين يديه فقالا له : اتق الله فإنكم تعملون بمعاصي الله وتنتهكون حرم الله مع ما شاء الله أن يقولا ، قال : فأسف الملك وهم بقتلهما فقام إليه نفر من أهل مملكته فقالوا : إن هذا يوم لا تهرق فيه دما وقد ظفرت بصاحبيك فإن أحببت أن تحبسهما حتى يمضي عيدنا ثم ترى فيهما رأيك فعلت فأمر بحبسهما ثم ضرب على أذنه بالنسيان لهما حتى قدم نسطور فسأل عنهما فأخبر بشأنهما وأنهما محبوسان في السجن فدخل عليهما فقال : ألم أقل لكما ارفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شيء هل تدريان ما مثلكما مثلكما مثل امرأة لم تصب ولدا حتى دخلت في السن فأصابت بعدما دخلت في السن ولدا فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به فحملت على معدته ما لا تطيق فقتلته ثم قال لهما : والآن فلا تستبطئاني في شيء ثم خرج فانطلق حتى أتى باب الملك وكان إذا جلس الناس وضع سريره وجلس الناس سمطا بين يديه وكانوا إذا

ابتلوا بحلال أو حرام رفعوا له فنظر فيه ثم سأل عنه من يليه في مجلسه وسأل الناس بعضهم بعضا حتى تنتهي المسألة إلى أقصى المجلس وجاء نسطور حتى جلس في أقصى القوم فلما ردوا على الملك جواب من أجابه وردوا عليه جواب نسطور فسمع بشيء عليه نور وحلا في مسامعه فقال : من صاحب هذا القول فقيل : الرجل الذي في أقصى القوم ، فقال : علي به ، فقال : أنت القائل كذا وكذا قال : نعم ، قال : فما تقول في كذا وكذا قال : كذا وكذا ، فجعل لا يسأله عن شيء إلا فسره له ، فقال : عندك هذا العلم وأنت تجلس في آخر القوم ضعوا له عند
سريري مجلسا ثم قال : إن أتاك ابني فلا تقم له عنه ثم أقبل على نسطور وترك الناس فلما عرف أن منزلته قد تثبتت قال : لأزورنه ، فقال : أيها الملك رجل بعيد الدار بعيد الضيعة فإن أحببت أن تقضي حاجتك مني وتأذن لي فأنصرف إلى أهلي ، فقال : يا نسطور ليس إلى ذلك سبيل فإن أحببت أن تحمل أهلك إلينا فلك المواساة وإن أحببت أن تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إلى أهلك فعلت فسكت نسطور ، ثم تحين يوما فمات لهم فيه ميت فقال : أيها الملك بلغني أن رجلين أتياك يعيبان دينك قال : فذكرهما فأرسل إليهما فقال : يا نسطور أنت حكم بيني وبينهما ما قلت من شيء رضيت ، قال : نعم

أيها الملك هذا ميت قد مات في بني إسرائيل فمرهما حتى يدعوا ربهما فيحييه لهما ففي ذلك آية بينة قال : فأتي بالميت فوضع عنده فقاما وتوضآ ودعوا ربهما فرد عليه روحه وتكلم فقال : أيها الملك إن في هذه لآية بينة ولكن مرهما بغير ما أجمع أهل مملكتك ثم قل لآلهتك فإن كانت تقدر أن تضر هذين فليس أمرهما بشيء وإن كان هذان يقدران أن يضرا آلهتك فأمرهما قوي فجمع الملك أهل مملكته ودخل البيت الذي فيه الآلهة فخر ساجدا هو ومن معه من أهل مملكته وخر نسطور ساجدا وقال : اللهم إني أسجد لك وأكيد هذه الآلهة أن تعبد من دونك ثم رفع الملك رأسه فقال : إن هذين يريدان أن يبدلا دينكم ويدعوا إلى إله غيركم فافقأوا أعينهما أو اجذموهما أو شلوهما فلم ترد عليه الآلهة شيئا وقد كان نسطور أمر صاحبيه أن يحملا معهما فأسا فقال : أيها الملك قل لهذين أيقدران أن يضرا آلهتك قال : أتقدران على أن تضرا آلهتنا قالا : خل بيننا وبينها فأقبلا عليها فكسراها فقال نسطور : أما أنا فآمنت برب هذين وقال الملك : وأنا آمنت برب هذين وقال جميع الناس : آمنا برب هذين فقال نسطور لصاحبيه : هكذا الرفق

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وكان الله عزيزا حكيما} قال : معنى ذلك أنه كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن يهوديا قال له : إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا حكيما فكيف هو اليوم قال ابن عباس : إنه كان من نفسه عزيزا حكيما.
الآية 159.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : خروج عيسى بن مريم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت عيسى.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : يعني أنه سيدرك أناس من أهل الكتاب حين يبعث عيسى سيؤمنون به.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل

الكتاب} قال : اليهود خاصة {إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت اليهودي.
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : هي في قراءة أبي قبل موتهم ، قال : ليس يهودي أبدا حتى يؤمن بعيسى ، قيل لابن عباس : أرأيت إن خر من فوق بيت قال : يتكلم به في الهواء ، فقيل : أرأيت إن ضرب عنق أحدهم قال : يتلجلج بها لسانه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : لا

يموت يهودي حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله ولو عجل عليه بالسلاح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : لو أن يهوديا ألقي من فوق قصر ما خلص إلى الأرض حتى يؤمن أن عيسى عبد الله ورسوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس في الآية قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ، قيل : وإن ضرب بالسيف قال : يتكلم به ، قيل : وإن هوى قال : يتكلم به وهو يهوي.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هاشم وعروة قالا : في مصحف أبي بن كعب : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن شهر بن حوشب في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} عن محمد بن علي بن أبي طالب هو ابن الحنيفة قال : ليس من أهل الكتاب أحد إلا أتته الملائكة يضربون وجهه ودبره ثم يقال : يا عدو الله إن عيسى روح الله وكلمته كذبت على الله وزعمت أنه الله إن عيسى لم يمت وإنه رفع إلى السماء وهو نازل قبل أن تقوم الساعة فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا آمن به.
وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجاج : يا شهر آية

من كتاب الله ما قرأتها إلا اعترض في نفسي منها شيء قال الله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} وإني أوتى بالأسارى فأضرب أعناقهم ولا أسمعهم يقولون شيئا فقلت : رفعت إليك على غير وجهها وإن النصراني إذا خرجت روحه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره وقالوا : أي خبيث إن المسيح الذي زعمت أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة عبد الله وروحه وكلمته فيؤمن حين لا ينفعه إيمانه وإن اليهودي إذا خرجت نفسه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره وقالوا : أي خبيث إن المسيح الذي زعمت أنك قتلته عبد الله وروحه فيؤمن به حين لا ينفعه الإيمان فإذا كان عند نزول عيسى آمنت به أحياؤهم كما آمنت به موتاهم ، فقال : من أين أخذتها فقلت : من محمد بن علي ، قال : لقد أخذتها من معدنها ، قال شهر : وأيم الله ما حدثنيه إلا أم سلمة ولكني أحببت أن أغيظه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : إذا نزل آمنت به الأديان كلها {ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} أنه قد بلغ رسالة ربه وأقر على نفسه بالعبودية.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : إذا نزل عيسى عليه السلام فقتل الدجال لم يبق يهودي في الأرض إلا آمن به فذلك حين لا ينفعهم الإيمان

وأخرج ابن جرير عن أبي مالك {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته}
قال : ذلك عند نزول عيسى ابن مريم لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت عيسى والله إنه الآن حي عند الله ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أن رجلا سأله عن قوله {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال : قبل موت عيسى وإن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة خيرا من الدينا وما فيها ، ثم يقول أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك أن

ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يقتل الدجال ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية ويفيض المال وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين واقرأوا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} موت عيسى بن مريم ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما ، قال : وتلا أبو هريرة {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} قال أبو هريرة : يؤمن به قبل موت عيسى.
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليهلن عيسى بن مريم بفج الروحاء بالحج أو بالعمرة أو ليثنينهما

جميعا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الأنبياء أخوات لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه خليفتي على أمتي وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم وتلعب الصيبان بالحيات لا تضرهم فيمكث أربعين

سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى بن مريم فإن عجل بي موت فمن لقية منكم فليقرئه مني السلام.
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن عيسى بن مريم ليس بينه وبيني نبي ولا رسول إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي إلا أنه يقتل الدجال ويكسر الصليب ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها ألا من أدركه منكم فليقرأ عليه السلام.
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل عيسى بن مريم فيمكث في الناس أربعين سنة.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرجع السلم وتتخذ السيوف مناجل وتذهب حمة

كل ذات حمة وتنزل السماء رزقها وتخرج الأرض بركتها حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره ويراعي الغنم الذئب ولا يضرها ويراعي الأسد البقر ولا يضرها.
وأخرج أحمد والطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها طفرة غليظة وأنه يبرى ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول : أنا ربكم ، فمن قال : أنت ربي فقد فتن
ومن قال ربي الله حي لا يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة عليه ولا عذاب فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيء عيسى بن مريم من المغرب ، ولفظ الطبراني : من المشرق مصدقا بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال : ما يبكيك قلت :

يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يخرج في يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة فينزل ناحيتها ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان فيخرج إليها شرار أهلها حتى يأتي الشام مدينة بفلسطين باب لد فينزل عيسى بن مريم فيقتله ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا.
وأخرج أحمد ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه وله حمار يركبه عرض ما يبن أذنيه أربعون ذراعا فيقول للناس : أنا ربكم ، وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه ك ف ر مهجاة يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب يرد كل ماء منهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه وقامت الملائكة بأبوابها ومعه جبال من خبز والناس في جهد إلا من اتبعه ومعه نهران أنا أعلم بهما منه نهر يقول الجنة ونهر يقول النار فمن دخل الذي يسميه الجنة فهي النار ومن دخل الذي يسميه

النار فهي الجنة وتبعث معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ويقتل نفسا ثم يحييه لا يسلط على غيرها من الناس فيما يرى الناس فيقول للناس : أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ثم ينزل عيسى فينادي من السحر فيقول : يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث فيقولون : هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى فتقام الصلاة فيقال له : تقدم يا روح الله فيقول : ليتقدم إمامكم فليصل بكم فإذا صلوا الصبح خرجوا إليه فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء فيمشي إليه فيقتله حتى إن الشجرة تنادي : يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله.
وأخرج معمر في جامعه عن الزهري أخبرني عمرو بن سفيان الثقفي أخبرني رجل من الأنصار عن بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال : يأتي سباخ المدينة وهو محرم عليه أن يدخلها فتنتفض بأهلها نفضة أو نفضتين وهي الزلزلة فيخرج إليه منها كل منافق ومنافقة ثم يأتي الدجال قبل الشام حتى يأتي بعض جبال الشام فيحاصرهم وبقية المسلمون يومئذ معتصمون بذروة جبل فيحاصرهم نازلا بأصله حتى إذا

طال عليهم الحصار قال رجل : حتى متى أنتم هكذا وعدوكم نازل بأصل جبلكم هل أنتم إلا بين إحدى الحسنيين بين أن تستشهدوا أو يظهركم فيتبايعون على القتال بيعة يعلم الله أنها الصدق من أنفسهم ثم تأخذهم ظلمة لا يبصر أحدهم كفه فينزل ابن مريم فيحسر عن أبصارهم وبين أظهرهم رجل عليه لأمة فيقول : من أنت فيقول : أنا عبد الله وروحه وكلمته عيسى إختاروا إحدى ثلاث : بين أن يبعث الله على الدجال وجنوده عذابا جسيما أو يخسف بهم الأرض أو يرسل عليهم سلاحكم ويكف سلاحهم فيقولون : هذه يا رسول الله أشفى لصدرونا فيومئذ ترى اليهودي العظيم الطويل الأكول الشروب لا تقل يده سيفه من الرعب فينزلون إليهم فيسلطون عليهم ويذرب الدجال حتى يدركه عيسى فيقتله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عثمان بن أبي العاصي سمعت رسلو الله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ومصر بالجزيرة ومصر بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في عراض جيش فيهزم من قبل المشرق فأول

مصر يرده المصر الذي بلمتقى البحرين فيصير أهلها ثلاث فرق : فرقة تقيم وتقول نشامه ننظر ما هو وفرقة تلحق الأعراب وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ومع الدجال سبعون ألفا عليهم التيجان وأكثر من معه اليهود والنساء ثم يأتي المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق : فرقة تقول نشامه وننظر ما هو وفرقة تلحق بالأعراب وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ثم يأتي الشام فينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق فيبعثون بسرح لهم فيصاب سرحهم فيشتد ذلك عليهم وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله فبينما هم كذلك إذ ناداهم مناد : من السحر أتاكم الغوث أيها الناس ثلاثا فيقول بعضهم لبعض : إن هذا لصوت رجل
شبعان فينزل عيسى عند صلاة الفجر فيقول له أمير الناس تقدم يا روح الله فصل بنا فيقول : إنكم معشر هذه الأمة أمراء بعضكم على بعض تقدم أنت فصل بنا فيتقدم فيصلي بهم فإذا انصرف أخذ عيسى حربته نحو الدجال فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص فتقع حربته بين تندوته فيقتله ثم ينهزم

أصحابه فليس شيء يومئذ يجن أحدا منهم حتى إن الحجر ليقول : يا مؤمن هذا كافر فاقتله والشجر يقول : يا مؤمن هذا كافر فاقتله.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الطفيل قال : كنت بالكوفة فقيل : قد خرج الدجال فأتينا حذيفة بن أسيد فقلت : هذا الدجال قد خرج فقال اجلس فجلست فنودي أنها كذبة صباغ فقال حذيفة : إن الدجال لو خرج زمانكم لرمته الصبيان بالخزف ولكنه يخرج في نقص من الناس وخفة من الدين وسوء ذات بين فيرد كل منهل وتطوى له الأرض طي فروة الكبش حتى يأتي المدينة فيغلب على خارجها ويمنع داخلها ثم جبل إيليا فيحاصر عصابة من المسلمين فيقول لهم الذي عليهم : ما تنتظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا فيصبحون ومعهم عيسى بن مريم فيقتل الدجال ويهزم أصحابه.
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال فليبث في أمتي ما شاء الله يلبث أربعين ولا أدري ليلة أو شهرا أو سنة ، قال : ثم يبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن

مسعود الثقفي فيطلبه حتى يهلكه ثم يبقى الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يبعث الله ريحا باردة تجيء من قبل الشام فلا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضت روحه حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه سمعت هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كبد جبل ثم يبقى شرار الناس من لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا في خفة الطير وأحلام السباع فيجيئهم الشيطان فيقول : ألا تستحيون فيقولون ما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور.
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه فكان من قوله أن قال : إنه
لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر من الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا ويعيث شمالا يا عباد الله فاثبتوا وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي ، إنه يبدأ فيقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فيقول : أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا وإنه

أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستعن بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم وإن من فتنته أن يقول لأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول له : نعم ، فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني اتبعه فإنه ربك ، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار حتى يلقى شقتين ثم يقول : انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله فيقول له الخبيث : من ربك فيقول : ربي الله وأنت عدو الله الدجال والله ما كنت أشد بصيرة بك مني اليوم ، وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا وأنه لا يبقى من الأرض شيء إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة فإنه لا يأتيها من نقب من نقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته حتى ينزل عند الظريب الأحمر عند منقطع السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنقي

الخبث منها كما ينقي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص ، فقالت أم شريك بنت أبي العسكر : يا رسول الله فأين العرب يومئذ قال :
هم قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى : أقيموا الباب فيفتح ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربا ويقول عيسى : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء ما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله الشيء لا حجر ولا شجر ولا دابة ولا حائط إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق إلا قالت : يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإن أيامه أربعون سنة السنة كنصف السنة والسنة كالشهر والشهر كالجمعة وآخر أيامه كالشررة يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بها الآخر حتى يمسي فقيل له : يا رسول الله كيف نصلي في تلك الأيام القصار قال : تقدرون فيها للصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال ثم صلوا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليكونن عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره وينفر الوليد الأسد فلا يضره ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من المسلم كما يملأ الإناء من الإناء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها وتكون الأرض كثاثور الفضة تنبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب يشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ويكون الثور بكذا وكذا من المال ويكون الفرس بالدريهمات ، قيل : يا رسول الله وما يرخص الفرس قال : لا يركب لحرب أبدا ، قيل له : فما يغلي الثور قال : لحرث الأرض كلها ، وإن قبل خرج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي
مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا تبقي ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله ، قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان قال : التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام

وأخرج أحمد ومسلم ، عَن جَابر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمير تكرمه الله هذه الأمة.
وأخرج الطبراني عن أوس بن أوس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء في دمشق.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن سمرة قال : بعثني خالد بن الوليد بشيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة فلما دخلت عليه قلت : يا رسول الله فقال : على رسلك يا عبد الرحمن أخذ اللواء زيد ابن حارثة فقاتل حتى قتل رحم الله زيدا ثم أخذ اللواء جعفر فقاتل فقتل رحم الله جعفرا ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل فقتل رحم الله عبد الله ثم أخذ اللواء خالد ففتح الله لخالد فخالد سيف من سيوف الله فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم حوله فقال : ما يبكيكم قالوا : وما لنا لا نبكي وقد قتل خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا فقال : لا تبكوا فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها فاجتث زواكيها وهيأ مساكنها وحلق سعفها فأطعمت عاما فوجا ثم عاما فوجا ثم عاما فوجا فلعل آخرها طعما يكون أجودها قنوانا وأطولها شمراخا والذي بعثني بالحق ليجدن ابن مريم في أمتي

خلفا من حواريه.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه قال : لما اشتد جزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من قتل يوم مؤتة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليدركن الدجال من هذه الأمة قوما مثلكم أو خيرا منكم ثلاث مرات ولن يخزي الله أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها قال الذهبي : مرسل وهو خبر منكر.
وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدرك رجال من أمتي عيسى بن مريم ويشهدون قتال الدجال.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليهبطن ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا وليسلكن فجا حاجا أو معتمرا وليأتين قبري حتى يسلم علي ولأردن عليه ، يقول أبو هريرة : أي بني أخي إن رأيتموه فقولوا : أبو هريرة يقرئك السلام.
وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أدرك منكم

عيسى بن مريم فليقرئه مني السلام.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي هريرة قال : يلبث عيسى بن مريم في الأرض أربعين سنة لو يقول للبطحاء سيلي عسلا لسالت.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه عن مجمع بن جارية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليقتلن ابن مريم الدجال بباب لد.
وأخرج أحمد عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عصابتان من أمتي أحرزهم الله من النار : عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى بن مريم.
وأخرج الترمذي وحسنه عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال : مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني عن عبد الله بن سلام قال : يدفن عيسى بن مريم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فيكون قبره رابعا.
الآيتان 160 - 161.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه

قرأ طيبات كانت أحل لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم}
قال : عوقب القوم بظلم ظلموه وبغي بغوه فحرمت عليهم أشياء ببغيهم وظلمهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {وبصدهم عن سبيل الله كثيرا} قال : أنفسهم وغيرهم عن الحق.
الآية 162.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {لكن الراسخون في العلم منهم} قال : استثنى الله منهم فكان منهم من يؤمن بالله وما أنزل عليهم وما أنزل على نبي الله يؤمنون به ويصدقون به ويعلمون أنه الحق من ربهم.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله {لكن الراسخون في العلم منهم} الآية ، قال : نزلت في عبد الله بن سلام وأسيد بن سعية وثعلبة بن سعية حين فارقوا يهود وأسلموا

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود في المصاحف ، وَابن المنذر عن الزبير بن خالد قال : قلت لأبان بن عثمان بن عفان : ما شأنها كتبت {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} ما بين يديها وما خلفها رفع وهي نصب قال : إن الكاتب لما كتب {لكن الراسخون} حتى إذا بلغ قال : ما أكتب قيل له : اكتب {والمقيمين الصلاة} فكتب ما قيل له.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي داود ، وَابن المنذر عن عروة قال : سألت عائشة عن لحن القرآن (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصائبون) (المائدة الآية 69) {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} وإن هذان
لساحران) (طه الآية 63) فقالت : يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطأوا في الكتاب

وأخرج ابن أبي داود عن سعيد بن جبير قال : في القرآن أربعة أحرف ، الصائبون والمقيمين (فأصدق وأكن من الصالحين) (المنافقون الآية 10) (وإن هذان لساحران) (طه الآية 63).
وأخرج ابن أبي داود عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال : لما فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها قال ابن أبي داود : هذا عندي يعني بلغتها فينا وإلا فلو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعا لما استجاز أن يبعث إلى قوم يقرأونه.
وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : لما أتى عثمان بالمصحف رأى فيه شيئا من لحن فقال : لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا.
وأخرج ابن أبي داود عن قتادة أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال : إن فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.
وأخرج ابن أبي داود عن يحيى بن يعمر قال : قال عثمان : إن في القرآن

لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.
الآية 163.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : قال سكين وعدي بن زيد : يا محمد ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ، فأنزل الله في ذلك {إنا أوحينا إليك} إلى آخر الآيات.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن خيثم في قوله {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} قال : أوحى إليه كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله.
الآية 164

أخرج عَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن حبان في صحيحه والحاكم ، وَابن عساكر عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله كم الأنبياء قال : مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألفا ، قلت : يا رسول الله كم الرسل منهم قال : ثلثمائة وثلاثة عشر جم غفير ، قال : يا أبا ذر أربعة سريانيون : آدم وشيث ونوح وخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بقلم وأربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وأول النبيين آدم وآخرهم نبيك أخرجه ابن حبان في صحيحه ، وَابن الجوزي في الموضوعات وهما في طرفي نقيض والصواب أنه ضعيف لا صحيح ولا موضوع كما بينته في مختصر الموضوعات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : قلت : يا نبي الله كم الأنبياء قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الحلية بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعث الله ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف إلى بني إسرائيل وأربعة آلاف إلى سائر الناس ".

وأخرج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي ثم كان عيسى بن مريم ثم كنت أنا بعده.
وأخرج الحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم :.
وَأخرَج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعد ثمانية آلاف من الأنبياء منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي في قوله {ورسلا لم نقصصهم عليك} قال : بعث الله نبيا عبدا حبشيا فهو مما ما لم يقصصه على محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ : بعث نبي من الحبش.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : إن الله أنزل على آدم عليه السلام عصيا بعدد الأنبياء المرسلين ثم أقبل على ابنه شيث فقال : أي بني أنت خليفتي من بعدي فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى وكلما ذكرت اسم الله تعالى فاذكر
إلى جنبه اسم محمد فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش وأنا بين الروح والطين ثم إني طفت السموات فلم أر في السموات موضعا إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على

نحور الحور العين وعلى ورق قصب آجام الجنة وعلى ورق شجرة طوبى وعلى ورق سدرة المنتهى وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة فأكثر ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه من طريق أبي يونس عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني أطفى ء عنكم نار الحدثان ، فقال له عمارة بن زياد رجل من قومه : والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال : فانطلق وانطلق معه عمارة في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شن جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصاه وهو يقول : بدا بدا بدا كل هدي زعم ابن راعية المعزى إني لا أخرج منها وثيابي تندى حتى دخل معها الشق فأبطأ عليهم فقال عمارة : والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم ، فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه قال : فقال : فادعوه باسمه - فو الله - لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم فدعوه باسمه فخرج إليهم برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي - قد والله - قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار

أبتر فانبشوني فإنكم ستجدوني حيا ، فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقالوا : انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه ، فقال لهم عمارة : لا تحدث مضر أننا ننبش موتانا والله لا تنبشوه أبدا وقد كان خالد أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تساءلون عنه وقال : لا تمسها حائض فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض فذهب ما كان فيهما من علم وقال أبو يونس : قال سماك بن حرب : سئل عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك نبي أضاعه قومه وإن ابنه أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : مرحبا بابن أخي قال
الحاكم : صحيح على شرط البخاري فإن أبا يونس هو حاتم بن أبي صغيرة وقال الذهبي منكر.
وأخرج ابن سعد والزبير بن بكار في الموفقيات ، وَابن عساكر عن الكلبي قال : أول نبي بعثه الله في الأرض إدريس وهو أخنوخ بن يرد وهو يارد ابن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم ثم انقطعت الرسل حتى بعث نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يارد وقد كان سام بن نوح نبيا ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبيا وهو إبراهيم بن تارح وتارح هو آزر

بن ناحور بن شاروخ بن ارغو بن فالغ وفالغ هو فالخ وهو الذي قسم الأرض ابن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ثم إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة ودفن بها ثم إسحاق بن إبراهيم مات بالشام ولوط بن هاران بن تارح وإبراهيم عمه هو ابن أخي إبراهيم ثم إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن بوبب ابن عنقاء بن مدين بن إبراهيم ثم هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح ثم صالح بن آسف بن كماشج بن اروم بن ثمود بن جابر بن ارم بن سام بن نوح ثم موسى وهارون ابنا عمران بن فاهت ابن لاوي بن يعقوب ثم أيوب بن رازخ

بن أمور بن ليغزر بن العيص ثم داود بن ايشا بن عويد بن ناخر بن سلمون بن بخشون بن عنادب بن رام ابن خصرون بن يهود بن يعقوب ثم سليمان بن داود ثم يونس بن متى من سبط بنيامين بن يعقوب ثم اليسع من سبط روبيل بن يعقوب والياس بن بشير بن العاذر بن هارون بن عمران وذا الكفل اسمه عويديا من سبط يهود بن يعقوب وبين موسى بن عمران وبين مريم بنت عمران أم عيسى ألف سنة وسبعمائة سنة وليسا من سبط ثم محمد صلى الله عليه وسلم وكل نبي ذكر في القرآن من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وهود وصالح ولم يكن من العرب أنبياء إلا خمسة : هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد وإنما سموا عربا لأنه لم يتكلم أحد من الأنبياء بالعربية غيرهم فلذلك سموا عربا

وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة : نوح وهود وصالح ولوط وإبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن نبي له اسمان إلا عيسى ويعقوب فيعقوب إسرائيل وعيسى المسيح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان بين آدم ونوح ألف سنة وبين نوح وإبراهيم ألف سنة وبين إبراهيم وموسى ألف سنة وبين موسى وعيسى أربعمائة سنة وبين عيسى ومحمد ستمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش قال : كان بين موسى وعيسى ألف نبي.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : كان عمر آدم ألف سنة ، قال ابن عباس : وبين آدم وبين نوح ألف سنة وبين نوح وإبراهيم ألف سنة وبين إبراهيم وبين موسى سبعمائة سنة وبين موسى وعيسى ألف وخمسمائة سنة وبين عيسى ونبينا ستمائة سنة.
وأخرج ابن المنذر عن وائل بن داود في قوله {وكلم الله موسى

تكليما} قال : مرارا.
وأخرج ابن مردويه والطبراني عن عبد الجبار بن عبد الله قال : جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال : سمعت رجلا يقرأ {وكلم الله موسى تكليما} فقال : ما قال هذا إلا كافر قرأت على الأعمش وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي وقرأ أبو عبد الرحمن على علي بن أبي طالب وقرأ علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكلم الله موسى تكليما} قال الهيثمي : ورجاله ثقات غير أن عبد الجبار لم أعرفه والذي روى عن ابن عباس أحمد بن عبد الجبار بن ميمون وهو ضعيف.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ثابت قال : لما مات موسى بن عمران جالت الملائكة في السموات بعضها إلى بعض واضعي أيديهم على خدودهم ينادون مات موسى كليم الله فأي الخلق لا يموت.
الآية 165.
أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح

من الله من أجل ذلك مدح
نفسه ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والحكيم الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شخص أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه المدح من الله ولذلك وعد الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} فيقولوا : ما أرسلت إلينا رسولا.
الآيات 166 - 170.
أخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : دخل جماعة من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله فقالوا : ما نعلم ذلك ، فأنزل الله {لكن الله يشهد} الآية

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {لكن الله يشهد} الآية ، قال : شهود والله غير متهمة.
الآية 171.
أخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله {لا تغلوا} قال : لا تبتدعوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وكلمته ألقاها إلى مريم} قال : كلمته إن قال : كن فكان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابي موسى ، أن النجاشي قال لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم قال : يقول فيه قول الله : روح الله وكلمته أخرجه من البتول العذراء لم يقربها بشر فتناول عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن ثمانون رجلا ومعنا جعفر بن أبي طالب وبعثت قريش عمارة وعمرو بن العاص ومعهما هدية إلى النجاشي فلما دخلا عليه سجدا له وبعثا إليه بالهدية وقالا : إن ناسا من قومنا رغبوا عن ديننا وقد نزلوا أرضك فبعث إليهم حتى دخلوا عليه فلم

يسجدوا له فقالوا : ما لكم لم تسجدوا للملك فقال جعفر : إن الله بعث إلينا نبيه فأمرنا أن لا نسجد إلا لله ، فقال عمرو بن العاص : إنهم يخالفونك في عيسى وأمه ، قال : فما يقولون في عيسى وأمه قالوا : نقول كما قال الله : هو روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسسها بشر فتناول النجاشي عودا فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما تزيدون على ما يقول هؤلاء ما يزن هذه مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده فأنا أشهد أنه نبي ولوددت أني عنده فأحتمل نعليه فانزلوا حيث شئتم من أرضي.
وأخرج البخاري عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله.
وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء على ما كان من العمل.
الآيتان 172 - 173.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لن يستنكف} قال : لن

يستكبر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والإسماعيلي في معجمه بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} قال {أجورهم} يدخلهم الجنة {ويزيدهم من فضله} الشفاعة فيمن وجبت لهم النار ممن صنع إليهم المعروف في الدينا والله سبحانه أعلم.
الآيتان 174 - 175
أخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا تحرك من الليل قال {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا}.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن رجل لا يحفظ اسمه في قوله {قد جاءكم برهان من ربكم} قال : محمد صلى الله عليه وسلم {وأنزلنا إليكم نورا مبينا} قال : الكتاب

وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {برهان من ربكم} قال : حجة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {قد جاءكم برهان من ربكم} قال : بينة {وأنزلنا إليكم نورا مبينا} قال : هذا القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن جريج في قوله {واعتصموا به} قال : القرآن.
الآية 176.
أخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله قال : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل فتوضأ ثم صب علي فعقلت فقلت إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث فنزلت آية الفرائض.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم ، عَن جَابر قال : أنزلت في {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج ابن راهويه ، وَابن مردويه عن عمر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم

كيف تورث الكلالة فأنزل الله {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها ، فكأن عمر لم يفهم فقال لحفصة : إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس فسليه عنها
فرأت منه طيب نفس فسألته فقال : أبوك ذكر لك هذا ما أرى أباك يعلمها فكان عمر يقول ما أراني أعلمها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن مردويه ، عَن طاووس أن عمر أمر حفصة أن تسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فسألته فأملاها عليها في كتف وقال : من أمرك بهذا أعمر ، ما أراه يقيمها أو ما تكفيه آية الصيف قال سفيان : وآية الصيف التي في النساء (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) (النساء الآية 12) فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت الآية التي في خاتمة النساء.
وأخرج مالك ومسلم ، وَابن جَرِير والبيهقي عن عمر قال : ما سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر ما سألته عن الكلالة حتى طعن بأصبعه في صدري وقال : تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي عن البراء بن عازب

قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال : تكفيك آية الصيف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال : أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} فمن لم يترك ولدا ولا والدا فورثته كلالة ، وأخرجه الحاكم موصولا عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمر قال : ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه : الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا.
وأخرج أحمد عن عمر قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال : تكفيك آية الصيف فلأن أكون سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي

من أن يكون لي حمر النعم.
وأخرج عبد الرزاق والعدني ، وَابن المنذر والحاكم عن عمر قال : لأن أكون سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ثلاث أحب إلي من حمر النعم : عن الخليفة بعده وعن قوم قالوا : نقر بالزكاة من أموالنا ولا نؤديها إليك أيحل قتالهم وعن الكلالة.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والعدني ، وَابن ماجه والساجي ، وَابن جَرِير والحاكم
والبيهقي عن عمر قال : ثلاث لأن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بينهن لنا أحب إلي من الدينا وما فيها : الخلافة والكلالة والربا.
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل يستفتيه في الكلالة أنبئني يا رسول الله أكلالة الرجل يريد إخوته من أبيه وأمه فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا غير أنه قرأ عليه آية الكلالة التي في سورة النساء ثم عاد الرجل يسأله فكلما سأله قرأها حتى أكثر وصخب الرجل واشتد صخبه من حرصه على أن يبين له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه الآية ثم

قال له : إني والله لا أزيدك على ما أعطيت.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : كنت آخر الناس عهدا بعمر فسمعته يقول : القول ما قلت ، قلت : وما قلت قال : قلت : الكلالة من لا ولد له.
وأخرج ابن جرير عن طارق بن شهاب قال : أخذ عمر كتفا وجمع أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال : لأقضين في الكلالة قضاء تحدث به النساء في خدورهن فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرقوا فقال : لو أراد الله أن يتم هذا الأمر لأتمه.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب أن عمر كتب في الجد والكلالة كتابا فمكث يستخير الله يقول : اللهم إن علمت أن فيه خيرا فامضه حتى إذا طعن دعا بالكتاب فمحا ولم يدر أحد ما كتب فيه فقال : إني كنت كتبت في الجد والكلالة كتابا وكنت أستخير الله فيه فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن سعد عن ابن عباس قال : أنا أول من أتى عمر حين طعن فقال : احفظ عني ثلاثا فإني أخاف أن لا يدركني الناس : أما أنا فلم أقض في الكلالة ولم أستخلف على الناس خليفة وكل مملوك له عتيق.
وأخرج أحمد عن عمرو القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد وهو وجع مغلوب فقال : يا رسول الله إن لي مالا وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي أو أتصدق به قال : لا ، قال : أفأوصي بثلثيه قال : لا ، قال : أفأوصي بشطره قال : لا ، قال : أفأوصي بثلثه قال : نعم وذاك كثير.
وأخرج ابن سعد والنسائي ، وَابن جَرِير والبيهقي في "سُنَنِه" ، عَن جَابر قال :
اشتكيت فدخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علي فقلت : يا رسول الله أوصي لأخواني بالثلث قال : أحسن ، قلت : بالشطر قال : أحسن ثم خرج ثم دخل علي فقال : لا أراك تموت في وجعك هذا إن الله أنزل وبين ما لأخواتك وهو الثلثان فكان جابر يقول : نزلت هذه الآية في {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج العدني والبزار في مسنديهما وأبو الشيخ في الفرائض بسند صحيح عن حذيفة قال : نزلت آية الكلالة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في مسير له فوقف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا هو بحذيفة فلقاه إياه فنظر حذيفة فإذا عمر فلقاه إياه فلما كان في خلافة عمر نظر عمر في الكلالة فدعا حذيفة فسأله عنها فقال حذيفة : لقد لقانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيتك كما لقاني - والله - لا أزيدك على ذلك شيئا أبدا

وأخرج أبو الشيخ في الفرائض عن البراء قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال : ما خلا الولد والوالد.
وأخرج ابن أبي شيبة والدرامي ، وَابن جَرِير عن أبي الخير أن رجلا سأل عقبة بن عامر عن الكلالة فقال : ألا تعجبون من هذا يسألني عن الكلالة وما أعضل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ما أعضلت بهم الكلالة.
وَأخرَج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والدرامي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن الشعبي قال : سئل أبو بكر عن الكلالة فقال : إني سأقول فيها برأيي فإذا كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء أراه ما خلا الولد والوالد فلما استخلف عمر قال : الكلالة ما عدا الولد فلما طعن عمر قال : إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر رضي الله عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي بكر الصديق أنه قال : من مات ليس له ولد ولا والد فورثته كلالة فضج منه علي ثم رجع إلى قوله.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شرحبيل قال : ما رأيتهم إلا قد تواطأوا إن الكلالة من لا ولد له ولا والد

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة والدرامي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق الحسن بن محمد بن الحنفية قال : سألت ابن عباس عن الكلالة قال : هو ما عدا الوالد والولد ، فقلت له {إن امرؤ هلك ليس له ولد} فغضب وانتهرني.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس قال : الكلالة : من لم يترك ولدا ولا والدا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السميط قال : كان عمر يقول : الكلالة : ما خلا الولد والوالد.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : الكلالة ما كان سوى الوالد والولد من الورثة إخوة أو غيرهم من العصبة ، كذلك قال : علي ، وَابن مسعود وزيد ابن ثابت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : الكلالة : الميت نفسه.
وأخرج ابن جرير عن معدان بن أبي طالحة اليعمري قال : قال عمر بن الخطاب : ما أغلظ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما نازعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء

ما نازعته في آية الكلالة حتى ضرب صدري فقال : يكفيك منها آية الصيف {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وسأقضي فيها بقضاء يعلمه من يقرأ ومن لا يقرأ هو ما خلا الرب.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن سيرين قال : نزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} والنبي صلى الله عليه وسلم في مسير له وإلى جنبه حذيفة بن اليمان فبلغها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حذيفة وبلغها حذيفة عمر بن الخطاب وهو يسير خلفه فلما استخلف عمر سأل عنها حذيفة ورجا أن يكون عنده تفسيرها فقال له حذيفة : والله إنك لعاجز إن ظننت أن إمارتك تحملني أن أحدثك ما لم أحدثك يومئذ فقال عمر : لم أرد هذا رحمك الله.
وأخرج ابن جرير عن عمر قال : لأن أكون أعلم الكلالة أحب إلي من أن يكون لي جزية قصور الشام.
وأخرج ابن جرير عن الحسن بن مسروق عن أبيه قال : سألت عمر وهو يخطب الناس عن ذي قرابة لي ورث كلالة فقال : الكلالة الكلالة الكلالة وأخذ بلحيته ثم قال : والله لأن أعلمها أحب إلي من أن يكون لي ما على الأرض من شيء سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف فأعادها ثلاث مرات

وأخرج ابن جرير عن أبي سلمة قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال : ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف (وإن كان رجل يورث كلالة) (النساء الآية 12) إلى آخر الآية.
وأخرج أحمد بسند جيد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن زوج وأخت لأب وأم فأعطى الزوج النصف والأخت النصف فكلم في ذلك فقال : حضرت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قضى بذلك.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والحاكم عن الأسود قال : قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنة وأخت للإبنة النصف وللأخت النصف.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والحاكم والبيهقي عن هزيل بن شرحبيل أن أبا موسى الأشعري سئل عن ابنة وابنة ابن وأخت لأبوين فقال : للبنت النصف وللأخت النصف وائت ابن مسعود فيتابعني ، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين

اقض فيها بما قضى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للإبنة النصف ولإبنة الإبن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل توفي وترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال : البنت النصف وليس للأخت شيء وما بقي فلعصبته فقيل : إن عمر جعل للأخت النصف ، فقال ابن عباس : أأنتم أعلم أم الله قال الله {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك} فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد.
وأخرج ابن المنذر والحاكم عن ابن عباس قال : شيء لا تجدونه في كتاب الله ولا في قضاء رسول الله وتجدونه في الناس كلهم للإبنة النصف وللأخت النصف وقد قال الله {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك}.
وأخرج الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأول رجل ذكر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يستفتونك} قال : سألوا نبي الله عن

الكلالة {يبين الله لكم أن تضلوا} قال في شأن المواريث.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن البراء قال : آخر سورة نزلت كاملة (براءة) وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأخرج ابن جرير ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي في "سُنَنِه" عن قتادة قال : ذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته : ألا إن الآية التي أنزلت في سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والأخوة من الأم والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الأخوة والأخوات من الأب والأم والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله مما جرت به الرحم من العصبة.
وأخرج الطبراني في الصغير عن أبي سعيد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ركب حمارا إلى قباء يستخير في العمة والخالة فأنزل الله لا ميراث لهما

وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن سيرين قال : كان عمر بن الخطاب إذا قرأ {يبين الله لكم أن تضلوا} قال : اللهم من بينت له الكلالة فلم تتبين لي.
وأخرج أحمد عن عمرو القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد وهو وجع وغلوب فقال : يا رسول الله إن لي مالا وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي أو أتصدق به قال : لا ، قال : أفأوصي بثلثيه قال : لا ، قال : أفأوصي بشطره قال : لا ، قال : أفاوصي بثلثه قال : نعم وذاك كثير.
وأخرج الطبراني عن خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت كتب لمعاوية رسالة : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زيد بن ثابت سلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنك كتبت تسألني عن ميراث الجد والإخوة وإن الكلالة وكثيرا مما قضي به في هذه المواريث لا يعلم مبلغها إلا الله وقد كنا نحضر من ذلك أمورا عند الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعينا منها ما شئنا أن نعي فنحن نفتي بعد من استفتانا في المواريث ، والله أعلم ، | 3

* بسم الله الرحمن الرحيم * مقدمة سورة المائدة.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : المائدة مدنيه.
وأخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن جبير بن نفير قال : حججت فدخلت على عائشة فقالت لي : يا جبير تقرأ المائدة فقلت : نعم ، فقالت : اما انها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن عمرو قال : آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر في الصلاة والطبراني وأبو نعيم في الدلائل والبيهيقي في شعب الايمان عن أسماء بنت يزيد قالت : اني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله

صلى الله عليه وسلم إذ نزلت المائدة كلها فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والبغوي في معجمه ، وَابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة عن أم عمرو بنت عبس عن عمها أنه كان في مسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه سورة المائدة فاندق كتف راحلته العضباء من ثقل السورة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في مسنده عن ابن عباس ان النَّبِيّ صلى الله غليه وسلم قرأ في خطبته سورة المائدة والتوبة.
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال نزلت سورة المائدة على رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته فانصدعت كتفها فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : نزلت سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسير في حجة الوداع وهو راكب راحلته فبركت به راحلته من ثقلها.
وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم المائدة من آخر القرآن تنزيلا فاحلوا حلالها وحرموا حرامها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن أبي ميسرة قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة وان فيها لسبع عشرة فريضة.
وأخرج الفريابي وأبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي ميسرة قال : في المائدة ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها وليس فيها منسوخ ، المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وماأكل السبع ألا ما ذكتيم وما ذبح على النصب وان تستقيموا بالازلام والجوارح مكلبين وطعام الذين أوتوا الكتاب والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب وتمام الطهور واذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا والسارق والسارقة وما جعل الله من بحيرة الآية.
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال : لم ينسخ من المائدة شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن المنذر عن ابن عون قال : قلت للحسن : نسخ من المائدة شيء فقال : لا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وابو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والنحاس عن الشعبي قال : لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية {يا أيها الذين

آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد} المائدة الآية 2.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : نسخ من هذه السورة آيتان آية ، القلائد وقوله {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} المائدة الآية 42.
وأخرج البغوي في معجمه من طريق عبدة بن أبي لبابة قال : بلغني عن سالم
مولي أبي حذيفة قال كانت لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فأتيت المسجد فوجدته قد كبر فتقدمت قريبا منه فقرأ بسورة البقرة وسورة النساء وبسورة المائدة وبسورة الأنعام ثم ركع فسمعته يقول سبحان ربي العظيم ثم قام فسجد فسمعته يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا في كل ركعة.
(5)- سورة المائدة.
مدنية وآياتها عشرون ومائة.
- يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {أوفوا بالعقود} يعني بالعهود ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله لاتغدروا ولا

تنكثوا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {أوفوا بالعقود} أي بعقد الجاهلية ذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول أوفوا بعقد الجاهلية ولاتحدثوا عقدا في الإسلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أوفوا بالعقود} قال : بالعهود وهي عقود الجاهلية الحلف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن عبيدة قال : العقود خمس : عقدة الايمان وعقدة النكاح وعقدة البيع وعقدة العهد وعقدة الحلف.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال : العقود خمس : عقدة الايمان وعقدة النكاح وعقدة البيع وعقدة العهد وعقدة الحلف.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة ويأخذ صدقاتهم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله ورسوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أمره بتقوى الله في أمره

كله {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}
(النحل الآية 128) وأمره أن يأخذ الحق كما أمره وان يبشر بالخير الناس ويأمرهم به الحديث بطوله.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا للحلفاء عقودهم التي عاقدت ايمانكم ، قالوا : وما عقدهم يا رسول الله قال : العقل عنهم والنصرلهم.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا في قوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} يقول : أوفوا بالعهود يعني العهد الذي كان عهد اليهم في القرآن فيما أمرهم من طاعته أن يعملوا بها ونهيه الذي نهاهم عنه وبالعهد الذي بينهم وبين المشركين وفيما يكون من العهود بين الناس.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : يعني الإبل والبقر والغنم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : أهل القباب الحمر والن * عم [ والنعم ] المؤثل والقبائل

وأخرج عَبد بن حُمَيد ابن جرير ابن المنذر عن الحسن في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : الإبل والبقر والغنم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس ، أنه أخذ بذنب الجنين فقال : هذا من بهيمة الأنعام التي أحلت لكم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : ما في بطونها ، قلت : ان خرج ميتا آكله قال : نعم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال : الأنعام كلها {إلا ما يتلى عليكم} قال : إلا الميتة ومالم يذكر اسم الله عليه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} قال {الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به}
المائدة الآية 3 إلى آخر الآية فهذا ما حرم الله من بهيمة الانعام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله !

{إلا ما يتلى عليكم} قال : إلا الميتة وماذكر معها {غير محلي الصيد وأنتم حرم} قال : غير أن يحل الصيد أحد وهو محرم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن أيوب قال : سئل مجاهد عن القرد أيؤكل لحمه فقال : ليس من بهيمة الانعام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الربيع بن أنس في الآية قال : الانعام كلها حل الاما كان منها وحشيا فانه صيد فلايحل إذا كان محرما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {إن الله يحكم ما يريد} قال : ان الله يحكم ماأراد في خلقه وبين مااراد في عباده وفرض فرائضه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته.
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : كان المشركون يحجون البيت الحرام ويهدون الهدايا ويعظمون حرمة المشاعر وينحرون

في حجهم فاراد المسلمون أن يغيروا عليهم فقال الله {لا تحلوا شعائر الله} وفي قوله {ولا الشهر الحرام} يعني لاتستحلوا قتالا فيه {ولا آمين البيت الحرام} يعني من توجه قبل البيت فكان
المؤمنون والمشركون يحجون البيت جميعا فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدا يحج البيت أو يتعرضوا له من مؤمن أو كافر ثم أنزل الله بعد هذا {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} التوبة الآية 28 وفي قوله {يبتغون فضلا} يعني انهم يترضون الله بحجهم {ولا يجرمنكم} يقول : لايحملنكم {شنآن قوم} يقول : عداوة قوم {وتعاونوا على البر والتقوى} قال : البر ، ماأمرت به {والتقوى} مانهيت عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : شعائر الله ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت محرم والهدى مالم يقلدوا القلائد مقلدات الهدي {ولا آمين البيت الحرام} يقول : من توجه حاجا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : مناسك الحج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : معالم الله في الحج.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذرعن عطاء انه سئل عن شعائر الحج فقال :

حرمات الله اجتناب سخط الله واتباع طاعته فذلك شعائر الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والنحاس في ناسخه عن قتادة في قوله {أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام} قال : منسوخ كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من السمر فلم يعرض له أحد واذا تقلد بقلادة شعر لم يعرض له أحد وكان المشرك يومئذ لايصد عن البيت فأمر الله أن لايقاتل المشركون في الشهر الحرام ولاعند البيت ثم نسخها قوله {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} التوبة الآية 5.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : نسخ منها {آمين البيت الحرام} نسختها الآية التي في براءة {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقال {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر}
التوبة الآية 17 وقال {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} التوبة الآية 28 وهو العام الذي حج فيه أبو بكر بالاذان.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {لا تحلوا شعائر الله} الآية

قال : نسختها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} التوبة الآية 5.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم يأمنون بذلك إذا خرجوا من الحرم فنزلت {لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {لا تحلوا شعائر الله} قال : القلائد ، اللحاء في رقاب الناس والبهائم أمانا لهم والصفا والمروة والهدي والبدن كل هذا من شعائر الله قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم هذا كله عمل أهل الجاهلية فعله واقامته فحرم الله ذلك كله بالاسلام إلا اللحاء القلائد ترك ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء في الآية قال : اما القلائد ، فان أهل الجاهلية كانوا ينزعون من لحاء السمر فيتخذون منها قلائد يأمنون بها في الناس فنهى الله عن ذلك ان ينزع من شجر الحرم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ولا الشهر الحرام} قال : هو ذو القعدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية

وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركون من أهل المشرق يريدون العمرة فقال أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا فانزل الله {ولا يجرمنكم} الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أقبل الحطم بن هند البكري حتى أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال : إلام تدعو فأخبره وقد كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة يتكلم بلسان شيطان فلما أخبره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : انظروا لعلي أسلم ولي من أشاوره فخرج من عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر فمر بسرح من سرح المدينة فساقه ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد وأهدى فاراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبعث إليه فنزلت هذه الآية حتى بلغ {ولا آمين البيت الحرام} فقال الناس من أصحابه : يا رسول الله خل بيننا وبينه فانه صاحبنا ، قال : انه قد قلد قالوا : انما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية فأبى عليهم فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له تحمل طعاما فباعه ثم دخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فبايعه وأسلم فلما ولى خارجا نظر اليه فقال لمن عنده لقد دخل علي بوجه فاجر وولى بقفا غادر فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام وخرج في عير له تحمل الطعام

في ذي القعدة يريد مكة فلما سمع به أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تهيأ للخروج اليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عيره فانزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله} الآية ، فانتهى القوم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ولا آمين البيت الحرام} قال : هذا يوم الفتح جاء الناس يؤمون البيت من المشركين يهلون بعمرة فقال المسلمون : يا رسول الله انما هؤلاء مشركون فمثل هؤلاء فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم فنزل القرآن {ولا آمين البيت الحرام}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} قال : يبتغون الاجر والتجارة حرم الله على كل أحد اخافتهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} قال : هي للمشركين يلتمسون فضل الله ورضوانا نماء يصلح لهم دنياهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد قال : خمس آيات في كتاب الله رخصة وليست بعزمة {وإذا حللتم فاصطادوا} ان شاء

اصطاد وان شاء لم يصطد {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا} الجمعة الآية 10 ، {أو على سفر فعدة من أيام أخر} البقرة الآية 184 {فكلوا منها وأطعموا} الحج الآية 28.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : خمس آيات من كتاب الله رخصة وليست بعزيمة {فكلوا منها وأطعموا} الحج الآية 28 فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل {وإذا حللتم فاصطادوا} فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل {ومن كان مريضا أو على سفر} البقرة الآية 184 فمن شاء صام ومن شاء افطر {فكاتبوهم إن علمتم} النور الآية 33 ان شاء كاتب وإن شاء لم يفعل {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا} الجمعة الآية 10 إن شاء انتشر وإن شاء لم ينتشر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم} قال : لا يحملنكم بغض قوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس في قوله {ولا آمين البيت الحرام} قال : الذين يريدون الحج {يبتغون فضلا من ربهم} قال : التجارة في الحج {ورضوانا} قال : الحج {ولا يجرمنكم شنآن قوم} قال : عداوة قوم {وتعاونوا على البر والتقوى} قال : البر ، ماأمرت به والتقوى ، مانهيت عنه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد في هذه الآية والبخاري في تاريخه عن وابصه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أريد أن أدع شيئا من البر والاثم إلا

سألته عنه فقال لي ياوابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه أم تسأل قلت : يا رسول الله أخبرني قال : جئت لتسأل عن البر والاثم ثم جمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري ويقول : يا وابصة استفت قلبك استفت نفسك البر : مااطمأن اليه القلب واطمأنت اليه النفس والاثم : ماحاك في القلب وتردد في الصدر وان أفتاك الناس وأفتوك.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب عن النواس بن سمعان قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال ماحاك في نفسك فدعه قال : فما الايمان قال : من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن

وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن مسعود قال : الاثم حواز القلوب.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : الاثم حواز القلوب فاذا حز في قلب أحدكم شيء فليدعه.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاثم حواز القلوب وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن رجل ينعش لسانه حقا يعمل به إلا أجرى عليه أجره إلى يوم القيامة ثم بوأه الله ثوابه يوم القيامة.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ان داود عليه السلام قال فيما يخاطب ربه عز وجل : يا رب أي عبادك أحب اليك أحبه

بحبك قال : يا داود أحب عبادي الي نقي القلب نقي الكفين لا يأتي إلى أحد سوءا ولا يمشي بالنميمة تزول الجبال ولا يزول أحبني وأحب من يحبني وحببني إلى عبادي قال : يا رب إنك لتعلم إني أحبك وأحب من يجبك فكيف أحببك إلى عبادك قال : ذكرهم بآلائي وبلائي ونعمائي يا داود إنه ليس من عبد يعين مظلوما أو يمشي معه في مظلمته إلا أثبت قدميه يوم تزل الاقدام.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة.
وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقى الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله.
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أعان ظالما بباطل ليدحض به حقا فقد برى ء من ذمة الله ورسوله.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

أعان على خصومة بغير حق كان في سخط الله حتى ينزع.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن أوس ابن شرحبيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى مع ظالم ليعينه وهويعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من
حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم ولكنها الحسنات والسيئات ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ماليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال.
وأخرج البيهقي من طريق فسيلة ، أنها سمعت أباها وهو واثلة بن الاسقع يقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن المعصية أن يحب الرجل قومه قال لا ولكن من المعصية أن يعين الرجل قومه على الظلم

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد فهو شاهد زور ومن اعان على خصومة بغير علم كان في سخط الله حتى ينزع وقتال المسلم كفر وسبابه فسوق.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعان قوما على ظلم فهو كالبعير المتردي فهو ينزع بذنبه ، ولفظ الحاكم : مثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل البعير يتردى فهو يمد بذنبه.
- قوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردوية والحاكم وصححه عن ابي أمامة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله ورسوله وأعرض عليهم شعائر الإسلام فأتيتهم فبينما نحن كذلك إذ جاؤوا بقصعة دم واجتمعوا عليها يأكلونها
قالوا : هلم يا صدي فكل ، قلت : ويحكم ، إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم وأنزل الله عليه ، قالوا : وماذاك قال : فتلوت عليهم هذه الآية {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} الآية

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة قال : إذا أكل لحم الخنزير عرضت عليه التوبة فان تاب والا قتل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {وما أهل لغير الله به} قال : ماأهل للطواغيت به {والمنخنقة} قال : التي تخنق فتموت {والموقوذة} التي تضرب بالخشبة فتموت {والمتردية} قال : التي تتردى من الجبل فتموت {والنطيحة} قال : الشاة التي تنطح الشاة {وما أكل السبع} يقول : ماأخذ السبع {إلا ما ذكيتم} يقول : ماذبحتم من ذلك وبه روح فكلوه {وما ذبح على النصب} قال : النصب ، انصاب كانوا يذبحون ويهلون عليها {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : هي القداح كانوا يستقسون بها في الامور {ذلكم فسق} يعني من أكل من ذلك كله فهو فسق.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {والمنخنقة} قال : كانت العرب تخنق الشاة فاذا ماتت اكلوا لحمها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت امرى ء القيس وهو يقول : يغط غطيط البكر شد خناقه * ليقتلني والمرء ليس بقتال

قال : أخبرني عن قوله {والموقوذة} قال : التي تضرب بالخشب حتى تموت ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر يقول : يلوينني دين النهار واقتضي * ديني اذا وقذ النعاس الرقدا قال : أخبرني عن قوله {والأنصاب} قال : الانصاب ، الحجارة التي كانت العرب تعبدها من دون الله وتذبح لها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول : فلا لعمر الذي مسحت كعبته * وما هريق على الانصاب من جسد قال : أخبرني عن قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : الأزلام ، القداح كانوا يستقسمون الامور بها مكتوب على أحدهما أمرني ربي وعلى الآخر نهاني ربي
فإذا أرادوا أمرا أتوا بيت أصنامهم ثم غطوا على القداح بثوب فايهما خرج عملوا به ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الحطيئة وهو يقول : لايزجر الطير ان مرت به سنحا * ولايفاض على قدح بأزلام واخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : قلت يا رسول الله اني أرمي بالمعراض الصيد فاصيب فقال : اذا رميت بالمعراض فخزق

فكله وان أصابه بعرضه فانما هو وقيذ فلاتأكله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الرادة التي تتردى في البئر والمتردية التي تتردى من الجبل.
وأخرج عن أبي ميسرة أنه كان يقرأ (والمنطوحة).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قرأ (وأكيل السبع).
وأخرج ابن جرير ، عَن عَلِي ، قال : اذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة وهي تحرك يدا أو رجلا فكلها.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لاتأكل الشريطة فانها ذبيحة الشيطان قال ابن المبارك : هي ان تخرج الروح منه بشرط من غير قطع حلقوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما ذبح على النصب} قال : كانت حجارة حول الكعبة يذبح عليها أهل

الجاهلية ويبدلونها بحجارة : اذا شاؤوا أعجب اليهم منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : سهام العرب وكعاب فارس التي يتقامرون بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال {والأزلام} القداح يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : القداح كانوا اذا أرادوا أن يخرجوا في سفر جعلوا قداحا للخروج وللجلوس فان وقع الخروج خرجوا وان وقع الجلوس جلسوا.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {وأن تستقسموا بالأزلام} قال : حصى بيض كانوا يضربون بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن في الآية قال : كانوا اذا أرادوا أمرا أو سفرا يعمدون إلى قداح ثلاثة على واحد منها مكتوب أمرني وعلى الآخر انهني ويتركون الآخر محللا بينهما عليه

شيء ثم يجيلونها فإن خرج الذي عليه مرني مضوا لامرهم وان خرج الذي عليه انهني كفوا وان خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يلج الدرجات العلى من تكهن أو استقسم أو رجع من سفر تطيرا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} قال : يئسوا أن ترجعوا إلى دينهم أبدا.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} يقول : يئس أهل مكة ان ترجعوا إلى دينهم عبادة الاوثان أبدا {فلا تخشوهم} في اتباع محمد {واخشوني} في عبادة الاوثان وتكذيب محمد فلما كان واقفا بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله {اليوم أكملت لكم دينكم} يقول : حلالكم وحرامكم فلم ينزل بعد هذا حلال ولاحرام {وأتممت عليكم نعمتي} قال : منتي فلم يحج معكم مشرك {ورضيت} يقول : واخترت {لكم

الإسلام دينا} مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية احدى وثمانين يوما ثم قبضه الله اليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم} قال : هذا حين فعلت.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {فلا تخشوهم واخشون} قال : فلا تخشوهم ان يظهروا عليكم.
وأخرج مسلم ، عَن جَابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ان الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة وأبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد أيس ان يعبد بارضكم هذه ولكنه راض منكم بما تحقرون.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد يئس ان تعبد الاصنام بأرض العرب ولكن سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات وهي
الموبقات يوم القيامة فاتقوا المظالم مااستطعتم

أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الايمان فلا تحتاجون إلى زيادة أبدا وقد أتمه فلا ينقص أبدا وقد رضيه فلايسخطه.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : أخلص الله لهم دينهم ونفى المشركين عن البيت قال : وبلغنا أنها انزلت يوم عرفة ووافقت يوم جمعة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة يوم جمعة حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام واخلص للمسلمين حجهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس قال : كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا فلما نزلت براءة فنفي المشركون عن البيت الحرام وحج المسلمون لايشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة وهو قوله {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : تمام الحج ونفي المشركين عن البيت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات وقد أطاف به الناس وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم واضمحل الشرك ولم يطف بالبيت عريان ولم يحج معه في ذلك العام مشرك فانزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي قال : نزل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية وهو بعرفة {اليوم أكملت لكم دينكم} وكان اذا أعجبته آيات جعلهن صدر السورة قال : وكان جبريل يعلم كيف ينسك.
وأخرج الحميدي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والبيهقي في "سُنَنِه" عن طارق بن شهاب قال قالت اليهود لعمر : انكم تقرأون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : وأي آية قالوا {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}
قال عمر : والله اني

لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه والساعة التي نزلت فيها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي العالية قال : كانوا عند عمر فذكروا هذه الآية فقال رجل من أهل الكتاب : لو علمنا أي يوم نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا ، فقال عمر : الحمد لله الذي جعله لنا عيدا واليوم الثاني نزلت يوم عرفة واليوم الثاني يوم النحر فاكمل لنا الامر فعلمنا ان الامر بعد ذلك في انتقاص.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عنترة قال : لما نزلت {اليوم أكملت لكم دينكم} وذلك يوم الحج الاكبر بكى عمر فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مايبكيك قال : أبكاني انا كنا في زيادة من ديننا فاما اذ كمل فانه يكمل شيء قط إلا نقص ، فقال : صدقت

وأخرج ابن جرير عن قبيصة بن أبي ذؤيب قال : قال كعب : لو ان غير هذه الامة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه فقال عمر : وأي آية ياكعب فقال {اليوم أكملت لكم دينكم} فقال عمر : لقد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي نزلت فيه نزلت في يوم جمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير والطبراني والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس انه قرأ هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} فقال يهودي : لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيدا ، فقال ابن عباس : فانها نزلت في يوم عيدين اثنين : في يوم جمعة يوم عرفة.
وأخرج ابن جرير عن عيسى بن حارثة الأنصاري قال : كنا جلوسا في الديوان فقال لنا نصراني : ياأهل الإسلام لقد أنزلت عليكم آية لو أنزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيدا مابقى منا اثنان {اليوم أكملت لكم دينكم} فلم يجبه أحد منا فلقيت محمد بن كعب القرظي فسألته عن ذلك

فقال : ألارددتم عليه فقال : قال عمر بن الخطاب : أنزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الجبل يوم عرفة فلايزال ذلك اليوم عيد للمسلمين مابقي منهم أحد.
وأخرج ابن جرير عن داود قال : قلت لعامر الشعبي ان اليهود تقول كيف لم
تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه فقال عامر : أو ما حفظته ، قلت له : فأي يوم هو قال : يوم عرفة أنزل الله في يوم عرفة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم عشية عرفة {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج ابن جرير والطبراني عن عمرو بن قيس السكوني ، انه سمع معاوية ابن أبي سفيان على المنبر ينزع بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} حتى ختمها ، فقال : نزلت في يوم عرفة في يوم جمعة.
وأخرج البزار والطبراني ، وَابن مردويه عن سمرة قال : نزلت هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم} على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة واقف يوم الجمعة

وأخرج البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس قال : ولد نبيكم يوم الاثنين ونبأ يوم الإثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وفتح مكة يوم الاثنين وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين {اليوم أكملت لكم دينكم} وتوفي يوم الاثنين.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا يوم غدير خم فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم}

وأخرج ابن مردويه والخطيب ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : لما كان يوم غدير خم وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فانزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} قال : هذا نزل يوم عرفة فلم ينزل بعدها حرام ولاحلال ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات فقالت أسماء بنت عميس : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة فبينما نحن نسير اذ تجلى له جبريل على الراحلة فلم تطق الراحلة من ثقل ماعليها من القرآن فبركت فأتيته فسجيت عليه بردا كان علي.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال مكث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد مانزلت هذه الآية احدى وثمانين ليلة قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} ، أما قوله تعالى : {ورضيت لكم الإسلام دينا}.
أخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا انه يمثل لاهل كل دين دينهم يوم القيامة فاما الايمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم إلى الخير حتى يجيء الإسلام فيقول : رب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول : اياك اليوم أقبل

وبك اليوم أجزي.
وأخرج أحمد عن علقمة بن عبد الله المزني قال : حدثني رجل قال : كنت في مجلس عمر بن الخطاب فقال عمر لرجل من القوم : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإسلام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الإسلام بدأ جذعا ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سدسيا ثم بازلا ، قال عمر : فما بعد البزول إلا النقصان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن اضطر} يعني إلى ماحرم مما سمي في صدر هذه السورة {في مخمصة} يعني مجاعة {غير متجانف لإثم} يقول : غير معتد لإثم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {في مخمصة} قال : في مجاعة وحهد ، قال : وهل تعرف

العرب ذلك قال : نعم اما سمعت الاعشى وهو يقول : تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غرتي يبتن خمائصا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم} قال : في مجاعة غير متعرض لاثم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : رخص للمضطر اذا كان غير متعمد لاثم ان يأكله من جهد فمن بغى أو عدا أو خرج في معصية الله فانه محرم عليه ان يأكله.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي واقد الليثي انهم قالوا يارسول الله انا بأرض تصيبنا بها المخمصة فمتى تحل لنا الميتة قال : اذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها

وأخرج ابن سعد وأبو داود عن الفجيع العامري ، انه قال يارسول الله مايحل لنا من الميتة فقال : ماطعامكم قلنا : نغتبق ونصطبح ، قال عقبة : قدح غدوة وقدح عشية ، قال : ذاك ، وأبى الجوع وأحل لهم الميتة على هذه الحال.
وَأخرَج الحاكم وصححه عن سمرة بن جندب أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال اذا رويت أهلك من اللبن غبوقا فاجتنب مانهى الله عنه من ميتة.
- قوله تعالى : يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب.
أَخْرَج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابي رافع قال : جاء جبريل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فاخذ رداءه فخرج فقال : قد أذنا لك قال : أجل ولكنا لاندخل بيتا فيه كلب ولاصورة فنظروا فاذا في بعض بيوتهم جرو ، قال أبو رافع : فامرني أن أقتل كل كلب بالمدينة ففعلت وجاءالناس فقالوا : يارسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فانزل الله {يسألونك ماذا أحل

لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا أرسل الرجل كلبه وذكر اسم الله فامسك عليه فليأكل مالم يأكل.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب فقتل حتى بلغ العوالي فدخل عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة فقالوا : ماذا أحل لنا يارسول الله فنزلت {يسألونك ماذا أحل لهم} الآية.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال لما أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب قالوا : يارسول الله ماذا أحل لنا من هذه الأمة فنزلت {يسألونك ماذا أحل لهم} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ان عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل
الطائيين سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا : يارسول الله

إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة وإن كلاب آل ذريح تصيد البقر والحمير والظباء قد حرم الله الميتة ، فماذا يحل لنا فنزلت {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عامر ، ان عدي بن حاتم الطائي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن صيد الكلاب فلم يدر مايقول له حتى أنزل الله عليه هذه الآية في المائدة {تعلمونهن مما علمكم الله}.
وأخرج ابن جرير عن رعوة بن الزبير عمن حدثه ان رجلا من الاعراب أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستفتيه في الذي حرم الله عليه والذي أحل له فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : يحل لك الطيبات ويحرم عليك الخبائث إلا ان تفتقرالى طعام لك فتأكل منه حتى تستغني عنه ، فقال الرجل : ومافقري الذي يحل لي وما غناي الذي يغنيني عن ذلك قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ من لحوم ماشيتك إلى نتاجك أو كنت ترجو غنى تطلبه فتبلغ من ذلك شيئا فاطعم أهلك مابدا لك حتى تستغني عنه ، فقال الاعرابي : ماغناي الذي أدعه اذا وجدته فقال

النبي صلى الله عليه وسلم : اذا أرويت أهلك غبوقا من الليل فاجتنب ماحرم الله عليك من طعام واما مالك فانه ميسور كله ليس فيه حرام.
وأخرج الطبراني عن صفوان بن أمية ان عرفطة بن نهيك التميمي قال : يارسول الله اني وأهل بيتي يرزقون من هذا الصيد ولنا فيه قسم وبركة وهو مشغلة عن ذكر الله وعن الصلاة في جماعة وبنا اليه حاجة أفتحله أم أحرمه قال : أحله لان الله قد أحله نعم العمل والله أولى بالعذر قد كانت قبلي لله رسل كلهم يصطادون ويطلبون الصيد ويكفيك من الصلاة في جماعة اذا غبت غبت عنها في طلب الرزق حبك الجماعة وأهلها وحبك ذكر الله وأهله وابتغ على نفسك وعيالك حلالا فان في ذلك جهاد في سبيل الله وأعلم ان عون الله في صالح التجار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس في قوله {وما علمتم من الجوارح مكلبين} قال : هي الكلاب المعلمة والبازي يعلم الصيد والجوارح يعني : الكلاب والفهود والصقور وأشباهها والمكلبين الضوراي {فكلوا مما أمسكن عليكم} يقول : كلوا

مما قتلن فان قتل وأكل فلا تأكل {واذكروا اسم الله عليه} يقول : اذا أرسلت جوارحك فقل بسم الله وان نسيت فلا حرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {من الجوارح مكلبين} قال : الطير والكلاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {من الجوارح مكلبين} قال : يكالبن الصيد {فكلوا مما أمسكن عليكم} قال : إذا أرسلت كلبك أو طائرك أو سهمك فذكرت اسم الله فأمسك أو قتل فكل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : في المسلم يأخذ كلب المجوسي المعلم أو بازه أو صقره مما علمه المجوسي فيرسله فيأخذه ، قال : لايأكله وان سميت لانه من تعليم المجوسي وانما قال {تعلمونهن مما علمكم الله}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وما علمتم من الجوارح} قال : كل ما {تعلمونهن مما علمكم الله} قال : تعلمونهن من الطلب كما علمكم الله

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : انما المعلم من الكلاب ان يمسك صيده فلايأكل كل منه حتى ياتيه صاحبه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : اذا أكل الكلب فلاتأكل فانما أمسك على نفسه ، واخرج ابن جرير عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي ، قال : ماأمسك عليك فكل.
وأخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال قلت : يارسول الله اني أرسل الكلاب المعلمة واذكر اسم الله فقال : اذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ماأمسكن عليك ، قلت : وان قتلن قال : وان قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها فانك انما سميت على كلبك ولم تسم على غيره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم قال : قلت يارسول الله انا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فما يحل لنا منها قال : يحل لكم {وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} ثم قال : ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله فكل ما

أمسك عليك ، قلت : وان قتل قال : وان قتل مالم يأكل هو الذي أمسك ، قلت : انا قوم نرمي فما يحل لنا قال : ماذكرت اسم الله وخزقت فكل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علي بن الحكم ان نافع بن الازرق سأل ابن عباس
فقال : أرأيت اذا أرسلت كلبي وسميت فقتل الصيد آكله قال : نعم ، قال نافع : يقول الله {إلا ما ذكيتم} تقول أنت : وان قتل قال : ويحك ياابن الأزرق ، أرأيت لو أمسك على سنور فادركت ذكاته أكان يكون على يأس والله اني لأعلم في أي كلاب نزلت : في كلاب نبهان من طي ويحك ياابن الازرق ، ليكونن لك نبأ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماأمسك عليك الذي ليس بمكلب فادركت ذكاته فكل وان لم تدرك ذكاته فلا تأكل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : اذا أكل الكلب فلا

تأكل واذا أكل الصقر فكل لأن الكلب تستطيع ان تضربه والصقر لاتستطيع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عروة أنه سئل عن الغراب امن الطيبات هو قال : من أين يكون من الطيبات وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسقا.
- قوله تعالى : اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سنه عن ابن عباس في قوله {وطعام الذين أوتوا الكتاب} قال : ذبائحهم ، وفي قوله {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : حل لكم {إذا آتيتموهن أجورهن} يعني مهورهن {محصنين} يعني تنكحوهن بالمهر والبينة {غير مسافحين} غير معلنين بالزنا {ولا متخذات أخدان} يعني يسررن بالزنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} قال : ذبيحتهم.
وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي في قوله !

{وطعام الذين أوتوا الكتاب} قال : ذبائحهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : أحل الله لنا محصنتين : محصنة مؤمنة ومحصنة من أهل الكتاب نساؤنا عليهم حرام ونساؤهم لنا حلال.
وأخرج ابن جرير ، عَن جَابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نتزوج نساء اهل الكتاب ولايتزوجون نساءنا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن عمر بن الخطاب قال : المسلم يتزوج النصرانية ولايتزوج النصراني المسلمة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : أحل لنا طعامهم ونساؤهم.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : انما أحلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والانجيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله !

{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : من الحرائر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : من العفائف.
وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي في قوله {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} قال : التي أحصنت فرجها واغتسلت من الجنابة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، عَن جَابر بن عبد الله ، انه سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال : تزوجناهن زمن الفتح ونحن لانكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن ، قال : ونساؤهن لنا حل ونساؤنا عليهم حرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميمون بن مهران قال : سألت ابن عمر عن نساء اهل الكتاب فتلا علي هذه الآية {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} ، {ولا تنكحوا المشركات} البقرة الآية 221.
وأخرج ابن جرير عن الحسن ، انه سئل : أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب قال : ماله ولأهل الكتاب وقد أكثر الله المسلمات فان كان لابد فاعلا فليعهد اليها حصانا غير مسافحة ، قال الرجل : وما المسافحة قال :

هي التي اذا المح اليها الرجل بعينه تبعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ولا متخذي أخدان} قال : ذو الخدن والخلية الواحدة ، قال : ذكر لنا ان رجالا قالوا : كيف نتزوج نساءهم وهم على دين ونحن على دين فانزل الله {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} قال : لاوالله لايقبل الله عملا إلا بالايمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} قال : أخبرالله ان الايمان هو العروة الوثقى وانه لايقبل عملا إلا به ولايحرم الجنة إلا على من تركه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء الاماكان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام

قال الله تعالى {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله}.
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه مايريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني بسند ضعيف عن علقمة بن صفوان قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراق البول نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي أهله فيتوضأ كوضوئه للصلاة فقلنا : يارسول الله نكلمك فلا تكلمنا ونسلم عليك فلا ترد علينا حتى نزلت آية الرخصة {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن بريدة قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه وصلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر : يارسول الله انك فعلت شيئا لم تكن تفعله قال : اني عمدا فعلت ياعمر.
وأخرج أبو داود والترمذي ، وَابن عباس ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الخلاء فقدم اليه طعام فقالوا : ألا نأتيك بوضوء فقال : إنما أمرت

بالوضوء اذا قمت إلى الصلاة.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن جَرِير ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أوغير طاهر فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث.
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن علي أنه كان يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" عن رفاعة بن رافع ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته : انها لاتتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما امره الله يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين.
وأخرج مالك والشافعي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن زيد بن أسلم والنحاس ان معنى هذه الآية {إذا قمتم إلى

الصلاة} الآية ، ان ذلك اذا قمتم من المضاجع يعني النوم.
وأخرج ابن جرير عن السدي ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} يقول : قمتم وأنتم على غير طهر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم} قال : ذلك الغسل الدلك.
وأخرج الدار قطني والبيهقي في سننهما ، عَن جَابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طلحة عن أبيه عن جده قال رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح رأسه هكذا وأمر حفص بيديه على رأسه حتى مسح قفاه

وأخرج ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
وابن أبي حاتم والنحاس عن ابن عباس انه قرأها (وأرجلكم) بالنصب يقول رجعت إلى الغسل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي أنه قرأ (وأرجلكم) قال : عاد إلى الغسل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والنحاس عن ابن مسعود ، انه قرأ (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بالنصب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة ، انه كان يقرأ (وأرجلكم) يقول : رجع الأمر إلى الغسل.
وأخرج عبد الرزاق والطبراني عن قتادة ان ابن مسعود قال : رجع قوله إلى غسل القدمين في قوله {وأرجلكم إلى الكعبين}

وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن قال : قرأ الحسن والحسين {وأرجلكم إلى الكعبين} فسمع علي ذلك وكان يقضي بين الناس فقال : أرجلكم هذا من المقدم والمؤخر في الكلام.
وأخرج سعيد بن منصور عن أنس أنه قرأ (وأرجلكم).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قال : هو المسح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن ابن عباس قال : أبى الناس إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن ابن عباس قال : الوضوء غسلتان ومسحتان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة ، مثله

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : افترض الله غسلتين ومسحتين ألاترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن قتادة ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن أنس ، انه قيل له : ان الحجاج خطبنا فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وانه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى الخبث من قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما
وعراقيبهما ، فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج ، قال الله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} وكان أنس اذا مسح قدميه بلهما.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الشعبي قال : نزل جبريل بالمسح على القدمين ألا ترى أن التيمم ان يمسح ماكان غسلا ويلقى ماكان مسحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش والنحاس عن الشعبي قال : نزل القرآن بالمسح

وجرت السنة بالغسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش قال : كانوا يقرؤونها {برؤوسكم وأرجلكم} بالخفض وكانوا يغسلون.
وأخرج سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين بغسل القدمين.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : لم أر أحدا يمسح القدمين.
وأخرج ابن جرير عن أنس قال : نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يمسح على الخفين قبل نزول المائدة وبعدها حتى قبضه الله عزوجل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنه قال : ذكر المسح على القدمين عند عمر وسعد وعبد الله بن عمر فقال : عمر : سعد أفقه منك ، فقال عمر ياسعد انا لاننكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم

مسح ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة فانها أحكمت كل شيء وكانت آخر سورة نزلت من القرآن إلا براءة قال : فلم يتكلم أحد.
وأخرج أبو الحسن بن صخر في الهاشميات بسند ضعيف عن ابن عباس قال نزل بها جبريل على ابن عمي صلى الله عليه وسلم {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قال له : اجعلها بينهما.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي واللفظ له عن جرير أنه بال ثم توضأ ومسح على
الخفين قال : مايمنعني ان امسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح قالوا : إنما كان ذلك قبل نزول المائدة ، قال : ماأسلمت إلابعد نزول المائدة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة عن جرير بن عبد الله قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة فرأيته يمسح على الخفين.
وأخرج ابن عدي عن بلال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : امسحوا على الخفين

وأخرج ابن جرير عن القاسم بن الفضل الحداني قال : قال أبو جعفر : من الكعبين فقال القوم : ههنا فقال : هذا رأس الساق ولكن الكعبين هما عند المفصل.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {وإن كنتم جنبا فاطهروا} يقول : فاغتسلوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل جيد الثياب طيب الريح حسن الوجه فقال : السلام عليك يارسول الله ، فقال : وعليك السلام ، قال أدنو منك قال : نعم ، فدنا حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يارسول الله ماالاسلام قال : تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج إلى بيت الله الحرام وتغتسل من الجنابة قال : صدقت ، فقلنا : مارأينا كاليوم قط رجلا - والله - لكأنه يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب الذماري قال : مكتوب في الزبور من اغتسل من الجنابة فانه عبدي حقا ومن لم يغتسل من الجنابة فانه عدوي حقا

أما قوله تعالى : {وإن كنتم مرضى} الآية.
أخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء قال : احتلم رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجذوم فغسلوه فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلوه قتلهم الله ضيعوه ضيعهم الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس ، انه كان يطوف بالبيت بعدما ذهب بصره وسمع قوما يذكرون المجامعة والملامسة والرفث ولايدرون معناه واحد أم شتى فقال : الله أنزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب فما كان منه
لايستحي الناس من ذكره فقد عناه وما كان منه يستحي الناس فقد كناه والعرب يعرفون معناه لأن المجامعة والملامسة والرفث ووضع أصبعيه في أذنيه ثم قال : ألا هو النيك.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ، ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى {أو لامستم النساء} قال : أو جامعتم النساء وهذيل تقول اللمس باليد ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : يلمس الاحلاس في منزله * بيديه كاليهودي المصل وقال الأعشى :

ودارعة صفراء بالطيب عندنا * للمس الندى ما في يد الدرع منتق.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} قال : ان اعياك الماء فلايعييك الصعيد ان تضع فيه كفيك ثم تنفضهما فتمسح بهما يديك ووجهك لاتعدو ذلك لغسل جنابة ولا لوضوء صلاة ومن تيمم بالصعيد فصلى ثم قدر على الماء فعليه الغسل وقد مضت صلاته التي كان صلاها ومن كان معه ماء قليل وخشي على نفسه الظمأ فليتيمم الصعيد ويتبلغ بمائه فانه كان يؤمر بذلك والله أعذر بالعذر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فاناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنى رأسه في حجري راقدا وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال : حبست الناس في قلادة فبي الموت لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوجعني ثم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية ، فقال أسيد بن الحضير : لقد بارك الله فيكم ياآل أبي بكر

وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس باولات الجيش ومعه عائشة فانقطع عقد لها من جزع ظفار فجلس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء فانزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة الطهر بالصعيد الطيب فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إلى المناكب من بطون أيديهم إلى الابط.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {من حرج} قال : من ضيق

وأخرج مالك ومسلم ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن دارة عن حمران مولى عثمان عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ماتوضأ عبد فأسبغ وضوءه ثم قام إلى الصلاة إلا غفر له مابينه وبين الصلاة الأخرى ، قال محمد بن كعب القرظي : وكنت اذا سمعت الحديث عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن فالتمست هذا فوجدته {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك} البقرة الآية 221 فعرفت ان الله لم يتم عليه النعمة حتى غفر له ذنوبه ثم قرأت الآية التي في سورة المائدة {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا

وجوهكم} حتى بلغ {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} فعرفت ان الله لم يتم النعمة عليهم حتى غفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة من أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه فان جاس جلس مغفورا له.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تمضمض أحدكم حط ماأصاب بفيه وإذا غسل وجهه حط ماأصاب بوجهه وإذا غسل يديه حط ماأصاب بيديه واذا مسح راسه تناثرت خطاياه من أصول الشعر واذا غسل قدميه حط ماأصاب برجليه.
وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة فغسل كفيه نزلت كل خطيئة من كفيه فاذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته

من لسانه وشفتيه مع اول قطرة فاذ غسل
وجهه نزلت كل خطيئة من سمعه وبصره مع أول قطرة واذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه فاذا قام إلى الصلاة رفع الله درجته وان قعد قعد سالما.
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من توضأ فأسبغ الوضوء غسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى الصلاة المفروضة غفر له ذلك اليوم مامشت رجله وقبضت عليه يداه وسمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يتوضأ فيغسل يديه ويمضمض فاه ويتوضأ كما أمر الاحط عنه ماأصاب يومئذ مانطق به فمه وما مس بيديه وما مشى اليه حتى ان الخطايا لتتحادر من أطرافه ثم هو اذا مشى إلى

المسجد فرجل تكتب حسنة وأخرى تمحو سيئة.
وأخرج الطبراني عن ثعلبة بن عباد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن عبد يتوضأ فيحسن الوضوء فيغسل وجهه حتى يسيل الماء على ذقنه ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ثم يغسل رجليه حتى يسيل الماء من كعبيه ثم يقوم فيصلي الاغفر الله ماسلف من ذنبه.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يتوضأ للصلاة فيمضمض إلاخرج مع قطر الماء كل سيئة تكلم بها لسانه ولايستنشق الاخرج مع قطر الماء كل سيئة نظر اليها بهما ولايغسل شيئا من يديه إلا خرج مع قطر الماء كل سيئة مشى بهما إليها فاذا خرج إلى المسجد كتب له بكل خطوة خطاها حسنة ومحا بها عنه

سيئة حتى يأتي مقامه.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة عن عمرو بن عبسة قال : قلت يارسول الله اخبرني عن الوضوء فقال : مامنكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويمج ثم يستنشق وينثر إلا جرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء ثم يغسل وجهه كما أمره الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا جرت خطايا يديه بين أطراف أنامله ثم يمسح رأسه كما أمره الله الاجرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما امره الله إلا جرت
خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل ثم يركع ركعتين إلا انصرف من ذنوبه كهيئته يوم ولدته امه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {ويتم نعمته عليك} قال : تمام النعمة ، دخول الجنة لم تتم نعمته على عبد لم يدخل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في

الأدب والترمذي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب عن معاذ بن جبل قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يقول : اللهم إني أسألك الصبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت البلاء فاسأله المعافاة ، ومر على رجل وهو يقول : اللهم إني أسألك تمام النعمة ، قال : ياابن آدم هل تدري ماتمام النعمة قال : يارسول الله دعوة دعوت بها رجاء الخير قال : تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار ، ومر على رجل وهو يقول : ياذا الجلال والاكرام ، فقال : قد استجيب لك فسل.
وأخرج ابن عدي عن أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتتم على عبد نعمة إلا بالجنة.
- قوله تعالى : واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور.
أَخْرَج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا} حتى ختم بعث الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب قالوا : آمنا بالنبي والكتاب واقررنا بما في التوراة فأذكرهم الله ميثاقه الذي أقروا به على أنفسهم وأمرهم بالوفاء به

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {واذكروا نعمة الله عليكم} قال : النعم ، آلاء الله وميثاقه الذي واثقكم به ، قال : الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم عليه السلام.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم.
أَخْرَج ابن جرير من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير في قوله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط} الآية نزلت في يهود خيبر ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعينهم في دية فهموا ليقتلوه فذلك قوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا} الآية ، والله أعلم.
- قوله يعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
أَخْرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر بن عبد الله ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فتفرق الناس في العضاه

يستظلون تحتها فعلق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة فجاء أعرابي إلى سيفه فأخذه فسله ثم أقبل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك مني قال : الله ، قال الاعرابي : مرتين أو ثلاثة من يمنعك مني والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : الله ، فشام الاعرابي السيف فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم بصنيع الاعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه ، قال معمر : وكان قتادة يذكر نحو هذا ويذكر ان قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوا هذا الاعرابي ويتألوا {اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} الآية.
وأخرج الحاكم وصححه ، عَن جَابر قال : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : من يمنعك قال : الله فوقع السيف من يده فأخذه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال :

من يمنعك قال : كن خيرا آخذ ، قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قال : أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله فجاء إلى قومه فقال : جئتكم من عند خير الناس فلما حضرت الصلاة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فكان الناس طائفتين : طائفة بازاء العدو وطائفة تصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرفوا فكانوا موضع الذين بازاء عدوهم وجاء أولئك فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين فكان للناس ركعتين ركعتين وللنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات.
وأخرج ابن إسحاق وأبو نعيم في الدلائل من طريق الحسن ، أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحارث قال لقومه : أقتل لكم محمدا قالوا له : كيف تقتله فقال : أفتك به فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره فقال : يا محمد انظر إلى سيفك هذا قال : نعم فأخذه فاستله وجعل يهزه ويهم فيكبته الله فقال : يا محمد ما

تخافني وفي يدي السيف ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم} الآية.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس قال ان عمرو بن أمية الضمري حين انصرف من بئر معونة لقى رجلين كلابيين معهما أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلهما ولم يعلم أم معهما أمانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير ومعه أبو بكر وعمر وعلي فتلقاه بنو النضير فقالوا : مرحبا ، يا أبا القاسم لماذا جئت قال : رجل من أصحابي قتل رجلين من بني كلاب معهما أمان مني طلب مني ديتهما فأريد أن تعينوني ، قالوا : نعم أقعد حتى نجمع لك ، فقعد تحت الحصن وأبو بكر وعمر وعلي وقد تآمر بنو النضير أن يطرحوا عليه حجرا فجاء جبريل فاخبره بما هموا به فقام بمن معه وأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم} الآية

وأخرج أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، نحوه.
وأخرج أيضا عن عروة وزاد بعد نزول الآية وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باجلائهم لما أرادوا فأمرهم ان يخرجوا من ديارهم ، قالوا : إلى أين قال : إلى الحشر.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر قالا : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم على دية العامريين
اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمروا رجلا يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه ، فقال عمر بن جحاش بن كعب : أنا فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الخبر فانصرف فأنزل الله فيهم وفيما اراد هو وقومه {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} قال : هم يهود ، دخل عليهم النبي

صلى الله عليه وسلم حائطا لهم وأصحابه من وراء جداره فاستعانهم في مغرم في دية غرمها ثم قام من عندهم فائتمروا بينهم بقتله فخرج يمشي القهقرى معترضا ينظر إليهم ثم دعا أصحابه رجلا رجلا حتى تقاوموا اليه.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن زياد قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير يستعينهم في عقل أصابه ومعه أبو بكر وعمر وعلي فقال أعينوني في عقل أصابني ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم قد آن لك تأتينا وتسألنا حاجة اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ينتظرونه وجاء حيي بن أخطب فقال حيي لأصحابه : لا ترونه أقرب منه الآن اطرحوا عليه حجارة فاقتلوه ولا ترون شرا أبدا فجاؤوا إلى رحى لهم عظيمة ليطرحوها عليه فامسك الله عنها أيديهم حتى جاءه جبريل فاقامه من بينهم فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم} الآية ، فأخبر الله نبيه ما أرادوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق السدي عن أبي مالك

في الآية قال : نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه حين أرادوا أن يغروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة قال بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أحد النقباء ليلة العقبة في ثلاثين راكبا من المهاجرين والأنصار إلى غطفان فالتقوا على ماء من مياه عامر فاقتتلوا فقتل المنذر ابن عمرو وأصحابه إلا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم فلم يرعهم إلا والطير تجول في جو السماء يسقط من خراطيمها علق الدم فقالوا قتل أصحابنا والرحمن ، فانطلق رجل منهم فلقي رجلا فاختلفا ضربتين فلما خالطه الضربة رفع طرفه إلى السماء ثم رفع عينيه فقال : الله
أكبر ، الجنة ورب العالمين وكان يرعى اعنق ليموت فانطلق صاحباه فلقيا رجلين من بني سليم فانتسبا لهما إلى بني عامر فقتلاهما وكان بينهما وبين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم موادعة فقدم قومهما على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يطلبون عقلهما فانطلق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف حتى دخلوا على بني النضير يستعينونهم في عقلهما فقالوا : نعم

فاجتمعت يهود على ان يقتلوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاعتلوا له بصنعة الطعام فلما أتاه جبريل بالذي أجمع له يهود من الغدر خرج ثم أعاد عليا فقال : لاتبرح من مكانك هذا فمن مر بك من أصحابي فسألك عني فقل : وجه إلى المدينة فأدركوه فجعلو يمرون على علي فيقول لهم الذي أمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى اتى عليه آخرهم ثم تبعهم ففي ذلك أنزلت {إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} حتى {ولا تزال تطلع على خائنة منهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه الآية قال ان قوما من اليهود صنعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه طعاما ليقتلوه فأوحى الله إليه بشأنهم فلم يأت الطعام وأمر أصحابه فلم يأتوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في الآية قال ذكر لنا انها أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببطن نخل في الغزوة الثانية فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب ان يفتكوا به فأطلعه الله على ذلك ذكر لنا أن رجلا انتدب لقتله فأتى نبي الله صلى الله عليه وسلم وسيفه موضوع فقال : آخذه يارسول الله قال :

خذه ، قال : استله قال : نعم ، فاستله فقال : من يمنعك مني قال : الله يمنعني منك فهدده أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأغلظوا له القول فشام السيف فأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بالرحيل فأنزلت عليه صلاة الخوف عند ذلك.
- قوله تعالى : ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل
أَخْرَج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل} قال : أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} يعني بذلك وبعثنا منهم اثني عشر كفيلا فكفلوا عليهم بالوفاء لله بما وثقوا عليه من العهود فيما أمرهم عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {اثني عشر نقيبا} قال : من كل سبط من بني إسرائيل رجال أرسلهم موسى إلى الجبارين فوجدوهم يدخل في كم أحدهم اثنان ولايحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بينهم في خشبة ويدخل في شطر

الرمانة اذا نزع حبها خمسة أنفس وأربعة فرجع النقباء كل منهم ينهى سبطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وكالب بن باقية ، أمرا الاسباط بقتال الجبارين ومجاهدتهم فعصوهما وأطاعوا الآخرين فهما الرجلان اللذان انعم الله عليهما فتاهت بنو إسرائيل أربعين سنة يصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا في تيههم ذلك فضرب موسى الحجر لكل سبط عينا حجر لهم يحملونه معهم فقال لهم موسى : اشربوا ياحمير ، فنهاه الله عن سبهم وقال : هم خلقي فلا تجعلهم حميرا ، والسبط كل بطن بني فلان.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أمر الله بني إسرائيل بالسير إلى أريحاء - وهي أرض بيت المقدس - فساروا حتى إذا كانوا قريبا منه أرسل موسى اثني عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل فساروا يريدون أن ياتوه بخبر الجبابرة فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عاج فأخذ اثني عشر فجعلهم في حجزته وعلى راسه حزمة حطب فانطلق بهم إلى امرأته فقال : انظري إلى هؤلاء

القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا فطرحهم بين يديها فقال : إلا أطحنهم برجلي فقالت امرأته : بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك فلما خرج القوم قال بعضهم لبعض : ياقوم إنكم ان أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدوا عن نبي الله ولكن اكتموه ثم رجعوا فانطلق عشرة منهم فنكثوا العهد فجعل كل منهم يخبرأخاه وأباه بما رأى من عاج وكتم رجلان منهم فأتوا موسى وهاورن فأخبروهما فذلك حين يقول الله {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} قال : شهيدا من كل سبط رجل شاهد على قومه

وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : النقباء الأمناء.
وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : اخبرني عن قوله عز وجل {اثني عشر نقيبا} ، قال : اثني عشر وزيرا وصاروا انبياء بعد ذلك ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر يقول : واني بحق قائل لسراتها * مقالة نصح لايضيع نقيبها.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله عز وجل {اثني عشر نقيبا} قال : هم من بني إسرائيل بعثهم موسى لينظروا إلى المدينة فجاؤوا بحبة من فاكهتهم فعند ذلك فتنوا فقالوا : لانستطيع القتال فاذهب أنت وربك فقاتلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو صدقني وآمن بي واتبعني عشرة من اليهود لأسلم كل يهودي كان قال كعب اثني عشر وتصديق ذلك في المائدة {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا}

وأخرج أحمد والحاكم عن ابن مسعود ، أنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة فقال : سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اثنا عشر كعدة بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن انس ، أن موسى عليه السلام قال للنقباء الاثني عشر : سيروا اليوم فحدثوني حديثهم وما امرهم ولاتخافوا ان الله {معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعزرتموهم} قال : أعنتموهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وعزرتموهم} قال : نصرتموهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : التعزيز والتوقير ، النصرة والطاعة.
- قوله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعفوا عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فبما نقضهم ميثاقهم} قال :

هو ميثاق أخذه الله على اهل التوراة فنقضوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {فبما نقضهم} يقول : فبنقضهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} قال : اجتنبوا نقض الميثاق فان الله قدم فيه وأوعد فيه وذكره في آي من القرآن تقدمة ونصيحة وحجة وإنما بعظم عظمها الله به عند أولي الفهم والعقل وأهل العلم بالله وانا مانعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض الميثاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {يحرفون الكلم عن مواضعه} يعني حدود الله في التوراة يقول : ان أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه وان خالفكم فاحذروا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} قال : نسوا الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} قال : نسوا الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ونسوا حظا

مما ذكروا به} قال : كتاب الله اذا نزل عليهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ونسوا حظا} تركوا نصيبا.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {ونسوا حظا مما ذكروا به} قال : عرى دينهم ولطائف الله التي لايقبل الأعمال إلا بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في الآية قال : نسوا كتاب الله بين أظهرهم وعهده الذي عهده إليهم وأمره الذي أمرهم به وضيعوا فرائضه وعطلوا حدوده وقتلوا رسله ونبذوا كتابه.
وأخرج ابن المبارك وأحمد في الزهد عن ابن مسعود قال : أني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم} قال : هم يهود مثل الذي هموا به من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم دخل عليهم حائطهم

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم} يقول : على خيانة وكذب وفجور ، وفي قوله {فاعف عنهم واصفح} قال : لم يؤمر يومئذ بقتالهم فأمرهم الله ان يعفو عنهم ويصفح ثم نسخ ذلك في براءة فقال {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} التوبة الآية 29 الآية.
- قوله تعالى : ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون.
أَخْرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ومن الذين قالوا إنا نصارى} قال : كانوا بقرية يقال لها ناصرة كان عيسى بن مريم ينزلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {ومن الذين قالوا إنا نصارى} قال : كانوا بقرية يقال لها ناصرة نزلها عيسى وهو اسم تسموا به ولم يؤمروا به ، وفي قوله: (أخذنا

{ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به} قال : نسوا كتاب الله بين أظهرهم وعهد الله الذي عهد لهم وامر الله الذي أمر به وضيعوا فرائضه {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} قال : باعمالهم أعمال السوء ولو أخذ القوم بكتاب الله وأمره ماتفرقوا وماتباغضوا.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن إبراهيم في قوله {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} قال : أغرى بعضهم بعضا بالخصومات والجدال في الدين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن إبراهيم في الآية قال : ما أرى الإغراء في هذه الآية إلا الأهواء المختلفة.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : ان الله تقدم إلى بني إسرائيل ان لايشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ويعلموا الحكمة ولايأخذوا عليها أجرا فلم يفعل ذلك إلا قليل
منهم فأخذوا الرشوة في الحكم وجاوزوا الحدود فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} المائدة الآية 64

وقال في النصارى {فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}.
- قوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم * لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق مايشاء والله على كل شى ء قدير.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما أخبر الاعور سمويل بن صوريا الذي صدق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على الرجم أنه في كتابهم وقال : لكنا نخفيه فنزلت {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} وهو شاب أبيض طويل من اهل فدك.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {يبين لكم كثيرا} يقول : يبين لكم محمد رسولنا كثيرا مما كنتم تكتمونه الناس : ولاتبينونه لهم مما في كتابكم وكان مما يخفونه من كتابهم فبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : رجم الزانيين المحصنين.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : ان نبي الله صلى الله عليه وسلم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال : أيكم أعلم فأشاروا إلى ابن صوريا فناشده بالذي أنزل

التوراة على موسى والذي رفع الطور بالمواثيق التي أخذت عليهم هل تجدون الرجم في كتابكم فقال : إنه لما كثر فينا جلدنا مائة وحلقنا الرؤوس فحكم عليهم بالرجم فانزل الله {يا أهل الكتاب} إلى قوله {صراط مستقيم}.
وأخرج ابن الضريس والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لايحتسب ، قال تعالى {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} قال : فكان الرجم مما أخفوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ويعفو عن كثير} من ذنوب القوم جاء محمد باقالة منها وتجاوز ان اتبعوه.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} قال : سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه

وابتعث به رسله وهو الإسلام الذي لايقبل من أحد عمل إلا به لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ، والله تعالى أعلم.
- قوله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير.
أَخْرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبي وبحري بن عمرو وشاس بن عدي فكلمهم وكلموه ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا : ماتخوفنا يامحمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله فيهم {وقالت اليهود والنصارى} إلى آخر الآية والله تعالى أعلم ، قوله تعالى : {قل فلم يعذبكم} الآية
أخرج أحمد عن أنس قال مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول : ابني ابني ، فأخذته فقال القوم : يارسول الله ماكانت هذه لتلقي ابنها في النار فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لاوالله ولايلقى حبيبه في النار

وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال والله لايعذب الله حبيبه ولكن يبتليه في الدنيا.
أخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} يقول : يهدي منكم من يشاء في الدنيا فيغفر له ويميت من يشاء منكم على كفره فيعذبه.
- قوله يعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شى ء قدير.
أَخْرَج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود إلى الإسلام فرغبهم فيه وحذرهم فأبوا عليه فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يامعشر يهود اتقوا الله فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهودا : ماقلنا لكم هذا وما أنزل الله من كتاب من بعد موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة} الآية ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي{ار الكتاب والحمد لله رب العالمين}

ج35.الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ج35. كتاب الدر المنثور في التفسير بالماثور عبد الرحمن بن أبي بكر ال...